كتاب الصيام (33 - باب علامة أول يوم من شهر رمضان)

(199) 1 أخبرني الشيخ (رض) والحسين بن عبيد الله جميعا عن ابي غالب أحمد بن محمد الزراري (قال: أخبرنا أحمد بن محمد عن أحمد بن الحسن بن أبان عن عبدالله بن جبلة عن علا عن محمد بن مسلم عن أحدهما يعني أبا جعفر وأبا عبدالله عليهما السلام قال: شهر رمضان يصيبه مثل ما يصيب الشهور من النقصان، فإذا صمت تسعة وعشرين يوما ثم تغيمت السماء فأتم العدة ثلاثين.

(200) 2 علي بن مهزيار عن عمرو بن عثمان عن المفضل عن زيد الشحام عن أبي عبدالله عليه السلام أنه سئل عن الاهلة قال: هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم وإذا

___________________________________
- 199 - 200 - التهذيب ج 1 ص 395.

[63]

رأيته فافطر قلت أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟ فقال: لا إلا أن تشهد لك بينة عدول فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم.

(201) 3 عنه عن الحسن بن علي عن القاسم بن عروة عن أبي العباس عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الصوم للرؤية والفطرة للرؤية وليس الرؤية أن يراه واحد ولا اثنان ولا خمسون.

(202) 4 عنه عن عثمان بن عيسى عن رفاعة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: صيام شهر رمضان بالرؤية وليس بالظن وقد يكون شهر رمضان تسعة وعشرين ويكون ثلاثين يصيبه ما يصيب الشهور من التمام والنقصان.

(203) 5 عنه عن محمد بن أبي عمير عن أيوب وحماد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا رأيتم الهلال فصوموا فاذا رأيتموه فافطروا وليس هو بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية قال: والرؤية ليس أن يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد هو ذا وينظر تسعة فلا يرونه، إذا رآه واحد رآه عشرة والف، وإذا كان علة فأتم شعبان ثلاثين (204) 6 الحسين بن سعيد عن محمد بن فضيل عن أبي الصباح وصفوان عن ابن مسكان عن الحلبي جميعا عن أبي عبدالله عليه السلام أنه سئل عن الاهلة فقال: هي أهلة الشهور فاذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فافطر قلت أرأيت ان كان الشهر تسعة وعشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟ فقال: لا إلا أن يشهد لك بينة عدول فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم.

(205) 7 عنه عن صفوان عن منصور بن حازم عن أبى عبدالله عليه السلام أنه قال:

___________________________________
- 201 - التهذيب ج 1 ص 395 الفقيه ص 137.

- 202 - 203 - التهذيب ج 1 ص 395 واخرج الاخير الكلينى في الكافى ج 1 ص 184 الفقيه ص 137.

204 - 205 - التهذيب ج 1 ص 395.

[64]

صم لرؤية الهلال وافطر لرؤيته فإن شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه (206) 8 عنه عن القاسم عن أبان عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن هلال رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شعبان فقال: لا تصم الا أن تراه فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه.

(207) 9 عنه عن يونس بن عقيل عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: أمير المؤمنين عليه السلام إذا رأيتم الهلال فافطروا أو تشهد عليه بينة عدول من المسلمين فان لم تروا الهلال إلا من وسط النهار او آخره فاتموا الصيام إلى الليل، وإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم افطروا.

(208) 10 - عنه عن فضالة عن سيف بن عميرة عن إسحاق بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: في كتاب علي عليه السلام صم لرؤيته وافطر لرؤيته، وإياك والشك والظن فإن خفي عليكم فأتموا الشهر الاول ثلاثين.

(209) 11 عنه عن فضالة عن سيف عن الفضيل بن عثمان عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: ليس على أهل القبلة إلا الرؤية وليس على المسلمين إلا الرؤية.

(210) 12 محمد بن الحسن الصفار عن علي بن محمد القاشاني قال: كتبت اليه وأنا بالمدينة أسأله عن اليوم الذي يشك فيه من شهر رمضان هل يصام أم لا؟ فكتب: اليقين لا يدخل فيه الشك، صم للرؤية وافطر للرؤية.

قال محمد بن الحسن بن علي الطوسي والاخبار في هذا الباب أكثر من أن تحصى وقد أوردنا طرفا كثيرا في كتابنا الكبير واقتصرنا ههنا على القدر الذى ذكرنا لئلا يطول الكتاب.

___________________________________
- 206 - التهذيب ج 1 ص 395.

- 207 - 208 - التهذيب ج 1 ص 396 واخرج الاول الصدوق في الفقيه ص 137.

- 209 - 110 - التهذيب ج 1 ص 396.

[65]

(211) 13 فأما ما رواه ابن رباح (1) في كتاب الصيام من حديث حذيفة بن منصور عن معاذ بن كثير قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام إن الناس يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وآله صام تسعة وعشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين فقال: كذبوا ما صام رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قبض أقل من ثلاثين يوما ولا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السموات من ثلاثين يوما وليلة.

(212) 14 وروي من طريق آخر وهو الحسن بن حذيفة عن أبيه عن معاذ قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام إن الناس يروون إن رسول الله صلى الله عليه وآله صام تسعة وعشرين يوما قال: فقال لي أبو عبدالله عليه السلام لا والله ما نقص شهر رمضان منذ خلق الله السموات والارض من ثلاثين يوما وثلاثين ليلة، ورواه ايضا.

(213) 15 محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبدالله عليه السلام قال: شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا.

(214) 16 ورواه من طريق آخر بالفاظ تزيد وتنقص على ما تقدم رواه عن الحسن ابن حذيفة عن أبيه عن معاذ بن كثير قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام إن الناس يروون عندنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله صام هكذا وهكذا وهكذا، وحكى بيده يطبق احدى كفيه على الاخرى عشرا وعشرا وتسعا اكثر مما صام هكذا وهكذا وهكذا يعنى عشرا وعشرا وعشرا قال فقال أبوعبدالله عليه السلام ما صام رسول الله صلى الله عليه وآله أقل من ثلاثين يوما، وما نقص شهر رمضان من ثلاثين يوما منذ خلق الله السموات والارض.

(215) 17 ورواه من طريق آخر عن أبى عمران المنشد عن حذيفة بن منصور قال:

___________________________________
(1) في بعض النسخ رياح بالياء المثناة.

* - 211 - 212 - التهذيب ج 1 ص 399.

- 213 - 214 - 215 - التهذيب ج 1 ص 399 واخرج الاول الكلينى في الكافى ج 1 ص 184 والصدوق في الفقيه ص 147.

[66]

قال أبوعبدالله عليه السلام لا والله ما نقص شهر رمضان ولا ينقص أبدا من ثلاثين يوما وثلاثين ليلة، فقلت لحذيفة لعله قال لك ثلاثين ليلة وثلاثين يوما كما يقول الناس الليل قبل النهار فقال لي حذيفة هكذا سمعت.

وهذا الخبر لا يصح العمل به من وجوه أحدها أن متن هذا الخبر لا يوجد في شئ من الاصول المصنفة وإنما هو موجود في الشواذ من الاخبار، ومنها أن كتاب حذيفة بن منصور عري عن هذا الحديث، وهو كتاب معروف مشهور فلو كان هذا الخبر صحيحا عنه لضمنه كتابه، ومنها أن هذا الخبر مختلف الالفاظ مضطرب المعاني ألا ترى أن حذيفة تارة يرويه عن معاذ بن كثير عن أبي عبدالله عليه السلام وتارة يرويه عن أبي عبدالله عليه السلام بلا واسطة، وتارة يفتي به من قبل نفسه ولا يسنده إلى أحد، وهذا الضرب من الاختلاف مما يضعف الاعتراض به والتعلق بمثله، ومنها أنه لو سلم من جميع ما ذكرناه لكان خبرا واحدا لا يوجب علما ولا عملا وأخبار الاحاد لا يجوز الاعتراض بها على ظاهر القرآن والاخبار المتواترة التي ذكرناها، ولو سلم من ذلك أيضا كله لم يكن في مضمونه ما يوجب العمل به على العدد دون الاهلة وأنا أبين عن وجه ذلك إن شاء الله.

أما الحديث الذي رواه الحسن بن حذيفة عن أبيه عن معاذ بن كثير أنه قال لابي عبدالله عليه السلام إن الناس يقولون ان رسول الله صلى الله عليه وآله صام تسعة وعشرين اكثر مما صام ثلاثين قال: كذبوا ما صام رسول الله صلى الله عليه واله منذ بعثه الله إلى أن قبضه الله اقل من ثلاثين يوما، ولا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السموات والارض من ثلاثين يوما، فانه يفيد تكذيب الراوي من العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه صام شهر رمضان تسعة وعشرين يوما أكثر مما صامه ثلاثين، ولا يفيد أنه لايصح صيامه تسعة وعشرين، ولا يتفق أن يكون زمانه

[67]

كذلك، ويكون معنى ما صام منذ بعث إلى أن قبض أقل من ثلاثين يوما الاخبار عما اتفق له من ذلك في مدة زمان فرض الله عليه ذلك، دون ما يستقبل في الاوقات بعد تلك الازمان، ويحتمل أن يكون لم يصم رسول الله صلى الله عليه وآله أقل من ثلاثين يوما على ما ادعاه المخالف من الكثرة دون القلة والتغليب دون التقليل، فكأنه قال لم يكن صام رسول الله صلى الله عليه وآله أقل من ثلاثين يوما على أغلب أحواله حسب ما ادعاه المخالفون، ويكون قوله: ولا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السموات والارضين من ثلاثين يوما وثلاثين ليلة على الوجه الذي زعم المخالفون أن نقصانه عن ذلك اكثر من تمامه، فاذا احتمل الكلام من المعنى في هذا الخبر ما ذكرناه حملناه عليه وجمعنا بينه وبين الاخبار المتواترة من جواز نقصان شهر رمضان عن ثلاثين يوما ليقع الاتفاق والالتيام بين الاخبار عن الصادقين عليهم السلام.

وأما حديث محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا، وفي الرواية الاخرى لا ينقص والله أبدا، غير موجب لما ذهب اليه أهل العدد وذلك أن قوله عليه السلام شهر رمضان لا ينقص أبدا انما أفاد أنه لا يكون أبدا ناقصا بل قد يكون حينا تاما وحينا ناقصا ولو نقص أبدا لما تم في حال من الاحوال، وهذا مما لم يذهب اليه أحد من العقلاء (216) 18 فأما ما رواه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن اسماعيل عن محمد ابن يعقوب بن شعيب عن أبيه قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام إن الناس يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وآله صام تسعة وعشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين يوما فقال: كذبوا ما صام رسول الله صلى الله عليه وآله إلا تماما، وذلك قول الله

___________________________________
- 216 - التهذيب ج 1 ص 400.

[68]

تعالى (ولتكملوا العدة) فشهر رمضان ثلاثون يوما وشوال تسعة وعشرون يوما وذو القعدة ثلاثون يوما لا ينقص أبدا لان الله تعالى يقول (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) وذو الحجة تسعة وعشرون يوما، ثم الشهور على مثل ذلك شهر تام وشهر ناقص وشعبان لا يتم أبدا.

(217) 19 وروى هذا الحديث محمد بن علي بن بابويه عن أبيه عن سعد بن عبدالله عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن اسماعيل عن محمد بن يعقوب بن شعيب عن أبيه عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له إن الناس يروون أن رسول الله صلى الله عليه وآله صام شهر رمضان تسعة وعشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين يوما فقال: كذبوا ما صام رسول الله صلى الله عليه وآله إلا تاما ولا تكون الفرائض ناقصة إن الله خلق السنة ثلاثمائة وستين يوما، وخلق السموات والارض في ستة أيام فحجزها من ثلاثمائة وستين يوما، فالسنة ثلاثمائة واربعة وخمسون يوما وشهر رمضان ثلاثون يوما وساق الحديث إلى آخره.

(218) 20 ورواه أيضا محمد بن يعقوب الكليني عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن اسماعيل عن بعض أصحابه عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله عزوجل خلق الدنيا في ستة أيام، ثم اختزلها (1) من أيام السنة والسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما، شعبان لا يتم أبدا وشهر رمضان لا ينقص والله أبدا، ولا تكون فريضة ناقصة إن الله تعالى يقول (ولتكملوا العدة) وشوال تسعة وعشرون يوما وذو القعدة ثلاثون يوما لقول الله عزوجل (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة) وذو الحجة تسعة وعشرون يوما والمحرم ثلاثون يوما ثم الشهور بعد ذلك شهر تام وشهر ناقص.

___________________________________
(1) الاختزال: الانفراد والحذف والاقتطاع.

* - 217 - التهذيب ج 1 ص 400 الفقيه ص 147.

- 218 - التهذيب ج 1 ص 400 الكافى ج 1 ص 184.

[69]

وهذا الخبر أيضا نظير ما تقدم في أنه لا يصح الاحتجاج به لمثل ما قدمناه من أنه خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا، وأنه لا يعترض بمثله ظاهر القرآن والاخبار المتواترة، وأيضا فإنه مختلف الالفاظ والمعاني والحديث واحد، ومع ذلك فإنه يتضمن من التعليل ما يكشف عن أنه لم يثبت عن امام هدى عليه السلام من ذلك أن قوله تعالى (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) لا يوجب استمرار امثال ذلك الشهر على الكمال في ذي القعدة وليس اتفاق تمام ذي القعدة في ايام موسى عليه السلام موجبا تمامه في مستقبل الاوقات ولا دالا على أنه لم يزل كذلك فيما مضى، وإذا كان كذلك بطل إضافة التعليل لتمام ذي القعدة ابدا بما تضمنه القرآن من تمامه حينا إلى صادق عن الله عزوجل لا سيما وهو تعليل أيضا لتمام شهر رمضان وليس بينهما نسبة بالذكر في التمام، واختزال ستة أيام من السنة لا يمنع من اتفاق النقصان في الشهرين والثلاثة على التوالي، وتمام ثلاثة اشهر وأربعة متواليات، فكيف يصح التعليل بأمر لا يوجبه عقل ولا عادة ولا لسان؟ وكذلك التعليل لكون شهر رمضان ثلاثين يوما لان الفرائض لا تكون ناقصة لان نقصان الشهر عن ثلاثين يوما لا يوجب النقصان في فرض العمل به وقد ثبت أن الله تعالى لم يتعبدنا بفعل الايام ولا يصح تكليفنا فعل الزمان وإنما تعبدنا بالعمل في الايام والفعل بالزمان، ولا يكون إذا نقصان الزمان عن غيره بالاضافة نقصانا في العمل، ألا ترى أن من وجب عليه عمل في شهر معين فأداه في ذلك الشهر حسب ما حد له من ابتدائه في أوله وختمه أياه في آخره أنه يكون قد أكمل ما وجب عليه وإن كان الشهر ناقصا عن الكمال، وأجمع المسلمون على أن المعتدة بالشهور إذا طلقها زوجها في أول شهر من الشهور فقضت ثلاثة اشهر فيها واحد على الكمال ثلاثون يوما واثنان منها كل واحد منهما تسعة وعشرون يوما أنها تكون مؤدية لفرض الله تعالى عليها من العدة على الكمال والفرض دون

[70]

النقصان، ولا يكون نقصان الشهرين متعديا إلى الفرض فيهما على المرأة من العدة على ما ذكرناه، ولو أن انسانا نذر أن يصوم لله تعالى شهرا يلى شهر قدومه من من سفره أو برء‌ه من مرضه فاتفق كون الشهر الذي يلى ذلك تسعة وعشرين يوما فصامها من أوله إلى آخره لكان مؤديا فرض الله تعالى فيه على الكمال، ولم يكن نقصان الشهر مفيدا لنقصان الفرض الذي أداه فيه، والاعتلال أيضا في أن شهر رمضان لا يكون إلا ثلاثين يوما بقوله تعالى (ولتكملوا العدة) يبطل ثبوته عن إمام هدى بما ذكرناه من كمال الفضل المؤدى فيما نقص من الشهور عن ثلاثين يوما، مع ان ظاهر القرآن يفيد بأن الامر بتكميل العدة إنما توجه إلى معنى القضاء لما فات من الصيام حيث قال الله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة) فاخبر الله تعالى انه فرض على المسافر والمريض عند افطارهما في السفر القضاء له في أيام أخر ليكملوا بذلك عدة ما فاتهم من صيام الشهر الذي مضى، وليس في ذلك.

تحديد لما يقع عليه القضاء وإنما هو أمر بما يجب من قضاء الفائت كائنا ما كان، وهذه الجملة التي ذكرناها تدل على أن التعليل المذكور لتمام شهر رمضان بثلاثين يوما موضوع لا يصح عن الائمة عليهم السلام، ولو سلم الحديث من جميع ما ذكرناه لم يكن ما تضمنه لفظ متنه محتملا لو فاق العمل على خلاف الاهلة وذلك أن تكذيب العامة فيما ادعوه من صيام رسول الله صلى الله عليه وآله شهر رمضان تسعة وعشرين يوما أكثر من صيامه إياه ثلاثين يوما لا يمتنع أن يكون قد صامه تسعة وعشرين يوما غير أن صيامه كذلك كان أقل من صيامه إياه ثلاثين يوما، ولو اقتضى صيامه صلى الله عليه وآله إياه في مدة فرضه عليه في حيوته صلى الله عليه وآله ثلاثين يوما لم يمنع من تغير الحال في ذلك، وكونه في بعض الازمان تسعة وعشرين يوما على ما اسلفناه من القول في ذلك، والقول بعده

[71]

بأن رسول الله صلى الله عليه وآله ما صام إلا تاما لا يفيد كون شهر الصيام ثلاثين يوما على كل حال، لان الصوم غير الشهر وهو فعل الصائم، والشهر حركات الفلك وهي فعل الله تعالى، والوصف بالتمام انما هو للصوم الذى هو فعل العبد دون الوصف للزمان الذى هو فعل الله تعالى، وقد بينا ذلك فيما مضى، والاحتجاج لذلك بقول الله تعالى (ولتكملوا العدة) غير موجب ما ظنه أصحاب العدد من أن شهر رمضان لا يكون تسعة وعشرين يوما لان إكمال عدة الشهر الناقص بالعمل في جميعه كاكمال عدة الشهر التام بالعمل في سائره لا يختلف في ذلك أحد من العقلاء، وفصل القول بأن شوالا تسعة وعشرين يوما غير مفيد لما قالوه، بل يحتمل الخبر بكونه كذلك أحيانا دون كونه كذلك بالوجوب على كل حال، والقول بأن ذا القعدة ثلاثون يوما لا ينقص ابدا، وجهه ما ذكرناه من أنه لا يكون ناقصا أبدا حتى لا يتم حينا، والاعتلال لذلك بقوله تعالى: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) يؤكد هذا التأويل لانه أفاد حصوله في زمن من الازمان جاء بذكره القرآن ثلاثون يوما فوجب بذلك أنه لا يكون ناقصا أبدا، بل قد يكون تاما وإن جاز عليه النقصان، والذى يدل على جواز النقصان على ذي القعدة في بعض الاوقات.

(219) 21 - ما رواه علي بن مهزيار عن الحسين بن يسار عن عبدالله بن جندب عن معاوية بن وهب قال قال: أبو عبدالله عليه السلام إن الشهر الذي يقال أنه لا ينقص ذو القعدة وليس في شهور السنة أكثر نقصانا منه.

وأما القول بأن السنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما من قبل ان السموات والارض خلقن في ستة أيام اختزلت من ثلاثمائة وستين يوما لا يفيد أن يكون شهرا منها بعينه ابدا ثلاثين يوما بل يقتضي بأن الستة الايام تتفرق في الشهور كلها على غير تفصيل

___________________________________
- 219 - التهذيب ج 1 ص 401.

[72]

وتعيين لما يكون ناقصا منها مما يتفق كونه على التمام بدلا من كونه على النقصان، فأما القول بأن شهور السنة تختلف في الكمال والنقصان فيكون منها شهر تام وشهر ناقص لا يوجب ايضا دعوى الخصم في شهر رمضان ما ادعاه ولا في شعبان ما حكم به من نقصانه على كل حال لانها قد تكون على ما تضمنه الوصف من الكمال والنقصان لكنها لا تكون كذلك على الترتيب والنظام، بل لا ينكر ان يتفق فيها شهران متصلان على التمام وشهران متواليان على النقصان وثلاثة اشهر ايضا كما وصفناه، ويكون مع ما ذكرناه على وفاق القول بأن فيها شهرا ناقصا وشهرا تاما إذ ليس في صريح ذلك الاتصال ولا الانفصال.

(220) 22 - فأما ما رواه ابن رباح عن سماعة عن الحسن بن حذيفة عن معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: (ولتكملوا العدة) قال: صوم ثلاثين يوما.

فهذا الخبر نظير ما تقدم من أنه خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا، والكلام عليه كالكلام عليه في أنه لا يجوز الاعتراض به على ظاهر القرآن والاخبار المتواترة ولو صح لم يكن فيه ضد لما قلناه من وجوب العمل على الاهلة، وذلك أن الحكم باكمال العدة للصيام ثلاثين يوما لا يمنع أن يكون إكمال ما في الشهر إذا نقص صيام تسعة وعشرين يوما، إذ المراد باكمال العدة الايام التي هي أيام الشهر على أي حال كان، ولا خلاف ان الشهر الذي هو تسعة وعشرون يوما شهر في الحقيقة دون المجاز ولسنا ننكر أن الواجب علينا عند الاغماء (1) في هلال شوال أن نكمل الشهر ثلاثين يوما وأن ذلك واجب أيضا مع العلم بكمال الشهر، وإذا كان الامر على ما وصفناه سقط التعلق به على خلاف المعلوم من الشرع.

___________________________________
(1) في المطبوعة (الاغمام).

* - 220 - التهذيب ج 1 ص 402 وفيه (هلال شهر رمضان)

[73]