[215 باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها]

قد بينا فيما تقدم أنه إنما تفوت المتعة إذا غلب على ظن الانسان إن أخر الخروج عن الوقت الذي هو فيه فاته الموقف وذلك عام في النساء والرجال وأنه متى غلب على ظنه أنه يلحق الناس بعرفات إذا قضى ما عليه من مناسك العمرة فقد تمت عمرته وشرحنا ذلك شرحا كافيا، ويؤكد ذلك ههنا في أمر الحائض:

[1108]

1 ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن

الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن محمد بن أبي حمزة عن بعض أصحابه عن

أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله(ع) تجئ متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفة فقال: إن كانت تعلم أنها تطهر وتطوف بالبيت وتحل من إحرامها وتلحق الناس فلتفعل.

___________________________________
- 1107 - 1108 - التهذيب ج 1 ص 558 واخرج الاخير الكليني في الكافى ج 1 ص 288.

[312]

[1109]

2 فأما ما رواه محمد بن يعقوب عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن درست الواسطي عن عجلان أبي صالح قال: سألت أبا عبدالله (ع) قلت امرأة متمتعة قدمت مكة فرأت الدم؟ قال: تطوف بين الصفا والمروة ثم تجلس في بيتها فإن طهرت طافت بالبيت وإن لم تطهر فإذا كان يوم التروية أفاضت عليها الماء وأهلت بالحج من بيتها وخرجت إلى منى فقضت المناسك كلها، فإذا قدمت مكة طافت

بالبيت طوافين وسعت بين الصفا والمروة، فإذا فعلت ذلك فقد حل لها كل شئ

ما عدا فراش زوجها.

[1110]

3 عنه عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن درست بن أبي منصور عن

عجلان قال: قلت لابي عبدالله (ع) متمتعة قدمت مكة فرأت الدم كيف تصنع؟ قال: تسعى بين الصفا والمروة وتجلس في بيتها فإذا طهرت طافت بالبيت وإن لم تطهر فإذا كان يوم التروية أفاضت عليها الماء وأهلت بالحج وخرجت إلى

منى فقضت المناسك كلها فإذا فعلت ذلك فقد حل لها كل شئ ما عدا فراش زوجها قال: وكنت أنا وعبدالله بن صالح سمعنا هذا الحديث في المسجد فدخل عبدالله

على أبي الحسن(ع) فخرج إلي فقال: قد سألت أبا الحسن (ع) عن رواية عجلان فحدثني بنحو ما سمعنا من عجلان.

فالوجه في هذين الخبرين أحد شيئين، أحدهما: أنه ليس فيهما أنه قد تم متعتها ويجوز أن يكون من هذه حاله ينبغي أن يعمل ما تضمنه الخبران وتكون حجته مفردة دون أن تكون متمتعة (1) ألا ترى إلى الخبر الاول من قوله فإذا قدمت مكة طافت

طوافين فلو كان المراد تمام المتعة لكان عليها ثلاثة أطواف، وإنما ألزمها طوافان وسعي واحد لان حجتها صارت مفردة، ويكون قوله في الخبرين وتسعى بين الصفا والمروة

___________________________________
(1) كذا في نسخ الاستبصار، وفى التهذيب (متعة).

* - 1109 - 1110 - التهذيب ج 1 ص 559 الكافى ج 1 ص 288.

[313]

إما أن يكون محمولا على الاستحباب، أو محمولا على من يريد أن يرجع إلى صفة المحلين، لانا قد بينا في كتابنا الكبير أن من سعى بين الصفا والمروة فقد أحل إلا أن

يكون سائق هدي أو يكون أمره لها بالاهلال بعد ذلك بالحج صحيحا لان بالسعي

قد دخلت في كونها محلة فتحتاج إلى استيناف الاحرام للحج، والوجه الآخر: ان نحملهما على من كان طاف أكثر من النصف ثم رأت الدم فإنه إذا كان كذلك يكون بمنزلة من قضى متعته وتم له ذلك، يدل على ذلك:

[1111]

4 ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن أبي

إسحاق صاحب اللؤلؤ قال: حدثني من سمع أبا عبدالله (ع) يقول: في المرأة

المتمتعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثم حاضت فمتعتها تامة وتقضي ما فاتها من الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة وتخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف الاخير.

[1112]

5 الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن إبراهيم بن أبي إسحاق عمن سأل أبا عبدالله (ع) عن امرأة طافت بالبيت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت؟ قال: تتم طوافها وليس عليها عمرة ومتعتها تامة، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة وذلك لانها زادت على النصف وقد مضت متعتها ولتستأنف بعد الحج.

ويؤكد الاخير ما تضمن الخبران من الامر لها بالسعي، فلو لا أن المراد ما ذكرناه من الزيادة على النصف لم يجز ذلك لان السعي لا يكون إلا بعد الطواف على ما بيناه، والذي يدل على ذلك:

[1113]

6 ما رواه الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان قال: حدثني

___________________________________
- 1111 - التهذيب ج 1 ص 559 الكافى ج 1 ص 289 إلى قوله ومتعتها تامة.

- 1112 - التهذيب ج 1 ص 559 الفقيه ص 188 بزيادة في آخره.

- 1113 - التهذيب ج 1 ص 559.

[314]

إسحاق بن عمار عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن الطامث قال: تقضي المناسك كلها غير أنها لا تطوف بين الصفا والمروة، قال: قلت فإن بعض ما تقضي من المناسك أعظم من الصفا والمروة والموقف فما بالها تقضي المناسك ولا تطوف بين الصفا والمروة؟ قال: لان الصفا والمروة تطوف بهما إذا شاء‌ت وإن هذه المواقف لا تقدر أن تقضيها إذا فاتتها.

[ 1114]

7 موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال: سألت أبا

عبدالله (ع) عن امرأة تطوف بين الصفا والمروة وهي حائض، قال: لا لان

الله تعالى يقول: (إن الصفا والمروة من شعائر الله).

ووجه الاستدلال من هذين الخبرين أنه إنما منعناها من السعي بين الصفا والمروة لانها لم تكن طافت بعد، ومن شأن السعي أن يكون بعد الطواف ولم يمنعاها من

السعي لاجل كونها حايضا، لانا قد بينا أنه ليس من شرط صحة السعي الطهارة

وإن كان الافضل ذلك

[1115]

8 فأما ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبدالله عن علي بن أسباط عن درست عن عجلان أبي صالح أنه سمع أبا عبدالله (ع) يقول: إذا اعتمرت المرأة ثم اعتلت قبل أن تطوف قدمت السعي وشهدت المناسك فإذا طهرت وانصرفت من الحج قضت طواف العمرة وطواف الحج وطواف النساء ثم أحلت من كل شئ.

فالوجه في هذا الخبر ما قلناه في الخبرين المتقدمين وهو أن نحمله على من طاف أكثر من النصف حل له السعي وتعتد بذلك، ويكون قوله في الخبر تطوف طواف العمرة المراد به تمام طواف العمرة دون الابتداء به، والذي يدل على ذلك:

___________________________________
- 1114 - التهذيب ج 1 ص 559.

- 1115 - التهذيب ج 1 ص 559 الكافى ج 1 ص 288.

[315]

[1116]

9 ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن

أبي عمير عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: في المرأة المتمتعة إذا أحرمت وهي طاهرة ثم حاضت قبل أن تقضي متعتها سعت ولم تطف حتى تطهر ثم تقضي طوافها وقد تمت متعتها، وإن هي أحرمت وهي حائض لم تسع ولم تطف حتى تطهر.

فبين (ع) في هذا الخبر صحة ما ذكرناه لانه قال: إن هي أحرمت

وهي طاهرة سعت وإن أحرمت وهي حائض لم تسع ولم تطف، فلولا أن المراد به ما ذكرناه لم يكن بين الحالين فرق، وإنما كان الفرق لانها إذا أحرمت وهي طاهرة جاز أن يكون حيضها بعد الفراغ من الطواف أو بعد مضيها في النصف

منه فحينئذ جاز لنا تقديم السعي وقضاء ما بقي عليها من الطواف، فإذا أحرمت وهي حائض لم يكن لها سبيل إلى شئ من الطواف فامتنع لاجل ذلك السعي أيضا وهذا بين والحمد لله، والذي يدل أيضا على أنه يجوز لها السعي إذا فرغت من الطواف أو طافت أكثر من النصف:

[1117]

10 ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين ابن سعيد عن فضالة عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تسعى قال: تسعى، قال: وسألته عن امرأة

طافت بين الصفا والمروة فحاضت بينهما قال: تتم سعيها، ولا ينافي ذلك:

[1118]

11 ما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن

علي بن الحسن عن علي بن أبي حمزة ومحمد بن زياد عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه

___________________________________
- 1116 - 1117 - التهذيب ج 1 ص 560 الكافى ج 1 ص 288 واخرج الاخير الصدوق في الفقيه ص 188.

- 1118 - التهذيب ج 1 ص 560 الكافي ج 1 ص 289.

[316]

السلام قال: إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بين الصفا والمروة فجازت النصف فعلمت ذلك الموضع فإذا طهرت رجعت فأتمت بقية طوافها من الموضع الذي علمت، وإن هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله.

لان ما تضمن هذا الخبر يختص الطواف دون السعي، لانا قد بينا أنه لا بأس بأن تسعى المرأة وهي حائض أو على غير وضوء، وهذا الخبر وإن ذكر فيه الطواف والسعي فلا يمتنع أن يكون ما تعقبه من الحكم يختص الطواف حسب ما قدمناه،

والذي يؤكد ما ذكرناه من جواز السعي للحائض:

[1119]

12 ما رواه الحسين بن سعيد عن صفوان عن إسحاق بن عمار قال: سألت

أبا عبدالله (ع) عن الحائض تسعى بين الصفا والمروة قال: إي لعمري قد

أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أسماء بنت عميس فاغتسلت واستثفرت وطافت بين الصفا والمروة.

[1120]

13 فأما ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان عن معاوية بن عمار عن أبي

عبدالله (ع) قال: سألته عن المرأة تطوف بالبيت ثم تحيض قبل أن تسعى بين الصفا والمروة قال: فإذا طهرت فلتسع بين الصفا والمروة.

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على من ترجو أن تطهر قبل أن يفوت وقت المتعة

وتتمكن من السعي في ذلك الوقت فإنه يستحب لها تأخير السعي إلى ذلك الوقت ليكون سعيها على طهر، فيجوز أن يكون هذا الحكم يختص من كان حجتها مفردة، فإنه يجوز لها تأخير السعي بل ذلك أفضل، وإنما وردت الرخصة للمفرد في تقديم الطواف والسعي على وجه رفع الحرج في ذلك وإن كان الافضل ما قلناه، وقد بينا أن المرأة

___________________________________
- 1119 - 1120 - التهذيب ج 1 ص 560.

[317]

إذا حاضت بعد الزيادة على النصف من الطواف فانها تبني عليه، ومتى كان أقل من ذلك تستأنف الطواف.

[1121]

14 وأما ما رواه موسى بن (القاسم) عن عبدالرحمن عن حماد بن عيسى عن

حريز عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن امرأة طافت ثلاثة

أشواط أو أقل من ذلك ثم رأت دما قال: تحفظ مكانها إذا طهرت طافت واعتدت

بما مضى.

فالوجه في هذا الخبر أن نحمله على طواف النافلة لانا قد بينا أنه يجوز البناء عليه وإن كان أقل من النصف، وكذلك في الرجل إذا أحدثفحكمه حكم الحائض.

على السواء.