[ 311 ]

 

الباب الثاني عشر باب الامام علي الهادي (عليه السلام)


 

[ 313 ]

مضي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) يوم الاثنين لخمس ليال بقيت من جمادى الآخرة سنة اربعة وخمسين ومائتين من الهجرة وكان مولده في رجب سنة اربعة عشر ومائتين. وكان عمره اربعين سنة، اقام منها مع ابيه ست سنين وسبعة اشهر وبعد ابيه ثلاثا وثلاثين سنة وخمسة اشهر. وكان اسمه عليا. وكنيته: ابا الحسن لا غير. ولقبه: الهادي، والعسكري، والعالم، والدليل، والموضح، والراشد، والسديد. وامه سمانة ام ولد وقيل مهرسنة المغربية وليس مهرسنة صحيحا. وله من الولد: الحسن الامام، ومحمد، والحسين، وجعفر المدعي الامامة المعروف بالكذاب المذكور بحديث جعفر الصادق (عليه السلام)


 

[ 314 ]

ومشهد ابي الحسن بسر من رأى. قال الحسين بن حمدان، حدثني الحسن بن محمد بن جمهور عن محمد بن علي، عن الحسن بن علي الوشا عن خزمان الاسباطي قال: قدمت على أبي الحسن، علي بن محمد (عليه السلام) وهو بالمدينة فلما لقيته قال يا خزمان ما خبر الواثق عندك فقلت خلفته في عافية فقال لي: ان الناس يقولون انه مات فقلت له جعلت فداك عهدي به منذ بضعة ايام سالم قال: ها هنا من يقول انه مات فلما ذكر ذلك علمت ان الذي يقول له عنده فقال لي: ما فعل ابنه جعفر قلت خلفته محبوسا قال لي: ما فعل ابن الزيات قلت: الناس معه والامر امره قال: يا ويله مشؤوم على نفسه ثم سكت وقال قتل ابن الزيات فقلت متى فقال بعد خروجك بستة أيام فكان كما قال (عليه السلام). وعنه عن أبي الحسين بن علي البكا، عن زيد بن علي بن زيد، قال مرضت مرضا شديدا فدخل علي الطبيب وقد اشتدت بي العلة فاصلح لي دواء بالليل لم يعلم به احد وقال خذ تداو فيه مدة عشرة ايام فانك تتعافى ان شاء الله تعالى وخرج من عندي نصف الليل وترك الدواء فما بعد عني الا اتاني نصر غلام ابي الحسن علي (عليه السلام) فاستاذن علي ودخل معه هاون فيه مثل ذلك الدواء الذي اصلحه الطبيب بتلك الساعة وقال لي مولاي يقول لك الطبيب استعمل لك دواء مدة عشرة ايام نحن انما بعثنا لك هذا الدواء فخذ منه مرة واحدة تبرأ باذن الله تعالى من ساعتك قال زيد والله علمت ان قوله حق فاخذت ذلك الدواء من الهاون مرة واحدة فتعافيت من ساعتي ورددت دواء الطبيب عليه وكان نصرانيا فرآني في صبحة يومي وسالني مذ رآني معافى من علتي ما كان السبب في عافيتي ولم رددت عليه الدواء فحدثته عن دواء ابي الحسن ولم اكتم عنه شيئا فمضى الى ابي الحسن وأسلم على يده وقال: يا سيدي هذا علم المسيح وليس يعلمه احد الا من يكون مثله.


 

[ 315 ]

وعنه عن ابي بكر الصفار عن أبي الحسن الوشا، عن محمد بن الله القمي، قال: حملت الطافا من قم الى سيدي ابي الحسن (عليه السلام) في وقت وروده من سر من رأى فوردتها واستاجرت لها منزلا ودخلت اروم الوصول إليه أو بوصول تلك الالطاف التي حملتها واعتذر بذلك وكلف عجوزا كانت معي في الدار تلتمس لي امرأة اتمتع بها فخرجت في طلب حاجتي فإذا انا بطارق يطرق الباب فخرجت إليه فإذا انا بغلام فقلت له: ما حاجتك فقال سيدي أبو الحسن قد شكر لك بالطافك التي حملتها تريدنا بها فاخرج الى بلدك واردد الطافك معك واحذر كل الحذر ان تقيم بسامرا اكثر من ساعة فان خالفت عوقبت فانظر لنفسك قلت: اي اخرج ولا أقيم فجاءت العجوز ومعها المتعة فاعجبتني فتمتعت وبت ليلتي وقلت في غد اخرج فلما تولى الليل طرق بابي طارق وقرعه قرعا شديدا فخرجت العجوز إليهم فإذا بالطائف والحارث وشرطة ومعهم شمع فقالوا لها: اخرجي إلينا الرجل والامرأة من دارك فجحدتنا فهجموا على الدار واخذوني والامرأة ونهبوا كلما كان معي من الالطاف وغيرها ورفعت فقمت بالحبس ستة اشهر فجاء بعض مواليه وقال: حلت بك العقوبة التي حذرتك منها واليوم تخرج من حبسك وتصير الى بلدك فاخرجت ذلك اليوم من الحبس هائما حتى وردت قم فعلمت ان بخلافي لسيدي الهادي التقيت تلك العقوبة. وعنه عن محمد بن موسى القمي عن الحسن بن علي الوشا، قال: دخلت يوما على علي الرضا بن موسى (عليه السلام) فرأيت عنده فوما لم ارهم ولم أعرفهم وهو يخاطبهم بالسندية مثل زقزقة الزرازير ثم لقيت بعده صاحبنا ابا الحسن محمدا (عليه السلام) بسامراء وعنده نجار يصلح عتبة بابه وهو يخاطبه بالسندية كخطاب الزرازير فقلت في نفسي لا اله الا الله هكذا كان جده الرضا يخاطب بهذا اللسان فقال أبو الحسن من فرق بيني وبين جدي انا هو وهو انا والينا فصل الخطاب فقلت جعلت فداءك وما


 

[ 316 ]

معنى فصل الخطاب قال اجابة كل عن لغته لغة مثلها وجميع ما خلق الله تعالى. وعنه عن أبي العباس بن عتاب بن يونس الديلمي، عن علي بن يونس وكان رجل من عباد الشيعة وصلحائهم زهدا وورعا قال علي بن يونس حملت الطافا وبزا من قوم من الشيعة وجعلوني رسولهم إلى أبي الحسن (عليه السلام) بعد وروده من سامراء فلما دخلت سالت عنه فقيل لي هو مع المتوكل في الحلة فاودعت ما كان معي وصرت الى الحلة طمعا اني اراهم فلم اصل إليه ورأيت الناس جلوسا يترقبونه فوقفت على الطريق مع ذلك الخلق فما لبث ان انصرف المتوكل ومن كان معه واقبل أبو الحسن (عليه السلام) ومعه غلامه نصر ومن اصحابه جماعة وبني عمه وانا في جملة الناس فلما صار بازائي نظر الي واشار بيده نحوي وقال كيف كنت في سفرك احمل الينا الالطاف البز الذي جئت به فقلت لا اله الا الله عرفني من كل هذا الخلق العظيم وعلم ما حملته إليه ففكرت فيمن يحمل الالطاف والبز إليه من حيث لا يعلم بي احد فاودعتها فصرت الى الموضع ودخلت البيت فلم اصادف البز ولا الالطاف فقلت وا أسفاه اي شئ اقول له وقد سرقت مني فلم اشعر الا وغلامه نصر يدعوني باسمي واسم ابي وهو يقول يا علي بن يونس علم سيدي ان البز والالطاف له فحملها ورفهك من حملها فسألته من كان اياها من داخل البيت فقال: سبحان الله تسألنا عما لم نره ما دخل علينا احد ولا دخل بيتك احد. وعنه عن محمد بن اسماعيل الحسني، عن يزيد بن الحسين بن موسى قال انفذني سيدي أبو الحسن ورجلين حسنين من بني عمه الى صاحب الدار قال: لست ابيعها فرجعنا إليه (عليه السلام) فاخبرناه فلما كان في غد أمرنا ان نعاوده فقال لنا: لست ابيعها فلما كان اليوم الثالث امرنا بمعاودته فعاودناه فقال كم تترددون وما اريد ابيع داري فقال احد اولاد عمه الحسني الى كم يرددنا الى صاحب الدار ويؤذينا ويتعبنا والرجل ليس


 

[ 317 ]

يبيع داره فقال يا هذا جرى مجرى آل فرعون فان يك كاذبا فعليه كذبه وان يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم فتبين صدقه فجئناه واخبرناه ان صاحب الدار قد تبرم وقال كم ترددون وما اريد البيع فقال لنا ارجعوا إليه فقال بعت الدار واسترحت منكم فعدنا إليه (عليه السلام) فقال قد كذب ما باعها ولا بد من بيعها وابنيها واسكنها ويولد لي غلاما اسميه حسنا وارى منه ما احب قال زيد، فلم نزل نتردد حتى باعنا الدار واشتراها أبو الحسن وسكنها وكان فيها مولد ابي محمد الحسن الامام (عليه السلام) والتحية. وعنه عن محمد بن ابراهيم الكوفي، قال حدثني احمد بن الخصيب بسامرا وقد سألته عن لعن ابي الحسن (عليه السلام) لفارس بن حاتم ابن ماهويه وكان السبب فيه ان المتوكل بعث في يوم دجن والسحاب يلقي رذاذا وكان في وقت الربيع من الزمان وقد امر المتوكل فزخرفت داره واظهر فيها من الجوهر والوان الطيب وافضل مما كان يظهر واظهر القينات والمغنين في الوان التزيين ووقفوا صفوفا والملاهي على صدورهم وجلس على السرير ولبس البردة وجعل التاج على رأسه وانفذ رسلا الى ابي الحسن (عليه السلام) ودخل معه فارس بن ماهويه وفي يد المتوكل كاس مملوء خمرا فلما انتهى أبو الحسن الى داره في المدينة فعلى له رتبة وتطاول إليه ودعا بسفرة فجعلت مع جانبه واقبل عليه وقال يا ابن العم ما ترى الى هذه الدنيا وحسن هذا اليوم واستشعارنا فيه والسرور بك فقال لله وهو غير باش به وقال ان سروري اتاني بما اطعتني فيه رفعت منزلتك واطعتك فيما تحب وافضلت على اهل بيتك ومواليك وكنت لك كنفسك وان خالفتني فيه حملتني على قطع الرحم بيني وبينك ومعصية الله فيك وقصد اهلك ومواليك بما لا تحبه فاختر أي الحالتين شئت وارجو ان لا تخالفني ثم خلف له بغليظ الايمان المؤكدة لينفي له ما سمعه منه فقال أبو الحسن (عليه السلام) هذه تباشر خير سنة شر لا خير فيه فقال الله الكافي فقال المتوكل: للمغنين غنوا


 

[ 318 ]

واضربوا بالملاهي وغنوا واشربوا وشرب المتوكل فقال للخادم هاته في كاس خمر وادفعه إليه واقبل المتوكل على ابي الحسن وقال قد سمعت مامون الايمان وأنابها اسالك ان تشرب هذا الكاس فقال له أبو الحسن استغفر الله من الشيطان الرجيم فاخاف الله واخشاه فاني لا ابدل طاعتك في معصية الله فغضب المتوكل غضبا شديدا ثم قال يا ابا الحسن اطلقت لك سفك دمك ودم اهلك ومواليك بالرامي حتى اجعلكم نسيا منسيا فقال له أبو الحسن لا غير ولم يجب بغيظ وأتى بالسيف فقال أبو الحسن: هات الكاس والسيف بيده ليعلوه به فطرح السيف من يده وناوله الكاس بيده الاخرى فاخذه أبو الحسن وهو يقول الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ثم شرب الكاس ونهض فضحك المتوكل وقال للخادم هلمه واسق فارس بن ماهويه فاخذ فارس الكاس فشربه وخرج مع ابي الحسن فقال المتوكل لا يسير ابن عمي في هذا المطر إلا راكبا فقدموا إليه الطيارة ليفعلوا ذلك فجلس (عليه السلام) ومعه فارس فلما سار الطيار كشف أبو الحسن استاره وأمر فارس فعل مثل ذلك فقال له يا فارس ورأسه مدلى على الماء فانظر الى الكاس الذي شربته انا ثم مجه من فيه في الماء فإذا هو يجري مع الطيار لا يختلط بالماء ولا ينقطع فقال له خذه يا فارس بيدك واشتمه وذقه فمد فارس يده واخذه من الماء واشتمه وذاقه فوجده عسلا ومسكا فقال له: خله من يدك فخلاه فقال له: مج مع الماء ما شربت انت فمج فارس في الماء فسار مع الطيار ولم ينقطع ولم يختلط بالماء فقال خذ بيدك وأشتمه فاخذه بيده واشتمه فقال له ما هو قال يا مولاي خمرا قال له ويحك يا فارس حين لم تستأذننا بسانك ولا بطرفك ما تناجينا بقلبك فيعصمه منه كما عصمت انا فكان هذا اول ما انكره على فارس. وعنه عن احمد بن مالك القمي، عن فارس بن ماهويه، قال: بعث المتوكل الى سيدنا ابي السحن (عليه السلام) ان اركب واخرج معنا الى الصيد لنشاركك فقال للرسول قل له اني راكب فلما خرج الرسول قال


 

[ 319 ]

كذب ما يدري غير ما قال قلنا يا مولانا فما الذي يريد قال فما يظهر ما يريده بما يعيده من الله وهو يركب في هذا اليوم ويخرج الى الصيد فيه همه جيشه على القنطرة في النهر فيعبر سائر العسكر ولا تعبر دابتي وارجع فيسقط المتوكل عن فرسه وتزيل رجله فتوهن يده ويمرض شهرا قال فارس فركب سيدنا على ركوبه مع المتوكل قال له يا ابن عمي فقال نعم وهو سائر معه في ورود النهر والقنطرة فعبر سائر الجيش وتشعثت القنطرة وانهدمت ونحن في اواخر القوم مع سيدنا وارسل الملك تحته فلما وردنا النهر والقنطرة فامتنعت دابته ان تعبر وعبر سائر الجيش ودوابنا واجتهدت رسل المتوكل في دابته ولم تعبر وبعد المتوكل فلحقوا به ورجع سيدنا فلم يمض من النهار ساعة حتى جاء الخبر ان المتوكل سقط عن دابته وزالت رجله وتوهنت يده وبقي عليلا شهرا وعتب على ابي الحسن فقال أبو الحسن: ما رجع الا فزع لا تصيبه هذه السقطة عليه وانما رجعنا غصب عنا لا تصيبنا هذه السقطة فقال أبو الحسن: صدق الملعون وابدى ما كان في نفسه. وعنه عن ابي الجواري، عن عبد الله بن محمد، قال: حدثني محمد بن احمد الخصيبي وهو غير احمد بن الخصيب قال ورد على المتوكل رجل من الهند شعبذي يلعب الحفة فلعب بين يدي المتوكل باشياء ظريفة فكثر تعجبه منها فقال للهندي يحضر عندنا الساعة رجل والعب بين يديه فكلما تحسن اقصده وخجله فحضر سيدنا أبو الحسن (عليه السلام) فلعب الهندي وهو ينظر إليه والمتوكل يعجب من لعبة حتى تعرض الهندي لسيدنا وقال مالك ايها الشريف لا تهش للعبي اظنك جائعا وصاح وضرب على صدره بالسبابة وقال ارتفع واراهم انها رغيف خبز وقال: امض الى هذا الجائع ياكك ويشبع ويفرح بلعبي فوضع سيدنا أبو الحسن اصبعه على صورة سبع في البساط وقال: خذه فوثب من الصورة سبع عظيم وابتلع الهندي ورجع الى صورته في البساط فسقط المتوكل لوجه وهرب كل من كان قائما وقد اثاب عقله وقال: يا ابا الحسن رد الرجل فقال له أبو الحسن


 

[ 320 ]

(عليه السلام) ان ردت عصا موسى ارده ونهض. وعنه عن احمد بن سعد الكوفي واحمد بن محمد الحجلي قال دخلنا على سيدنا ابي الحسن (عليه السلام) في جماعة من اوليائه وقد اظهرنا مسالة عن الحق من بعده فان بعضهم ذكروا ابنه جعفر مع سيدنا ابي محمد الحسن (عليه السلام) قال: فاذن لنا فدخلنا وجلسنا فامهلنا قليلا ثم رمى الينا تفاحة وقال خذوها بايديكم فاخذناها فقال قولي لهم يا تفاحة بما دخلوا يسالونني عنه فنطقت التفاحة وقالت: اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله وان عليا امير المؤمنين وصيه وان الائمة منه الى سيدنا ابي الحسن علي تسعة وان الامام بعده سيدنا أبو محمد الحسن وان المهدي سمي جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكناه وصاح بنا فاكثروا من ذكر الله وحمده على ما هداكم إليه واياكم جعفر فانه عدو لي ولو كان ابني وهو عدو لاخيه الحسن وهو امامه وان جعفر يدل من بعده على امهات الاولاد فسلمهم الى الطاغية ويدعي انه الحق وهو المعتدي جهلا ويله من جرأته على الله فلا ينفعه نسبه مني قال فخرجنا جميعا وما عندنا شك بعد الذي سمعناه وسالتهم عن التفاحة ما فعلت بعد ذلك القول وقد اخذها سيدنا منا وخرجنا وهي في يده. وعنه عن عبد الله بن جعفر، عن المعلى بن محمد قال: قال الحسن علي بن محمد (عليه السلام) ان هذا الطاغية يبني مدينة يقال لها: سامرا يكون خلفه فيها ما يدانيه المسمى بالمنتصر واعوانه عليه الترك قال: وسمعت اسم الله على ثلاثة وسبعين حرفا وانما كان عند آصف بن برخيا حرف واحد فتكلم به فخرقت له الارض ما بينه وبين سبا فتناول عرش بلقيس فاحضره الى سليمان بن داود قبل ان يرتد إليه طرفه ثم سقط على الارض في اقل من طرفة عين وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا والحرف الذي كان عند آصف ابن برخيا اتى إليه رجل من شيعته من المدائن عن ثني المتوكل وكتب إليه: (بسم الله الرحمن الرحيم تزرعون سبع سنين دأبا فما


 

[ 321 ]

حصدتم فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون ثم ياتي من بعد ذلك سبع شداد ياكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون ثم ياتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) فقتل في خمسة عشر سنة ثم أمر المتوكا، الجعفري وما امر به بني هاشم وغيرهم الانباء ما تحدث به وجه الى ابي الحسن بثلاثين الف درهم وامره يستعين بها على بناء داره فركب المتوكل يطوف على الابنيه فنظر الى دار ابي الحسن لم ترتفع الا قليلا فقال لعبد الله ابن خاقان علي يمينا ان ركبت ولم ترتفع دار ابي الحسن لاضربن عنقه فقال له عبد الله يا امير المؤمنين اسعى له في اضافة وامر له بعشرين الف درهم فوجهها إليه مع ابنه احمد الى ابيه عبد الله فعرفه ذلك فقال عبد الله فليس والله يركب فلما كان يوم الفطر من السنة التي امر بني هاشم بالترجل والمشي بين يديه وانما اراد بذلك ابا الحسن فرجل بني هاشم وترجل أبو الحسن (عليه السلام) فاتى على رجل من مواليه فاقبل عليه الهاشميون فقالوا: يا سيدنا ما في العالم يدعوا الله فيكفينا مؤونته فقال أبو الحسن: ما في هذا العالم قلامة ظفر اكرم على الله من خناقة ثمود لما عقرت وضج الفصيل الى الله فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب فقتل المتوكل في الثلاثة ايام وروي انه اجهدهم في المشي ثم انه قد قطع الرحم فقطع الله اجله ومضى المتوكل في ربع يوم من شوال سنة سبع واربعين ومائتين في سبعة وعشرين من امامة ابي الحسن وتولى الله محمد بن جعفر المنتصر فكان من حديثه مع ابي الحسن ومع جعفر بن محمد ما رواه الناس وكان ملكه ستة اشهر وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة ثمان واربعين ومائتين وتولى احمد ابن المستعين امامته فكانت ايامه اربع سنين وشهر ثم خلع وقبض المعتز وهو الزبير في سنة اثنين وخمسين ومائتين وذلك في سنة من امامة ابي الحسن (عليه السلام) واعتل أبو الحسن في سنة اربع وخمسين واحضر ابنه ابا محمد الحسن (عليه السلام) وسلم إليه النور والحكمة ومواريث الانبياء والاوصياء ومضى في تلك العلة ونبوته اربعون سنة وكان مولده في شهر رجب سنة اربع عشرة ومائتين من الهجرة واقام مع ابيه ست سنين ومنفردا


 

[ 322 ]

بالامامة ثلاثا وثلاثين سنة وستة أشهر. وعنه عن الحسن بن مسعود وعلي وعبيد لله الحسني قال دخلنا على سيدنا ابي الحسن (عليه السلام) بسامرا وبين يديه احمد بن الخصيب ومحمد وابراهيم الخياط وعيونهم تفيض من الدمع فاشار الينا (عليه السلام) بالجلوس فجلسنا وقال هل علمتم ما علمه اخوانكم فقلنا حدثنا منه يا سيدنا ذكرا قال: نعم، هذا الطاغي قال مسمعا لحفدته واهل مملكته تقول شيعتك الرافضة ان لك قدرة والقدرة لا تكون الا لله فهل تستطيع ان اردت سوءا تدفعه فقلت له (وان يمسك الله بسوء فلا كاشف له الا هو) فاطرق ثم قال انك لتروي لكم قدرة دوننا ونحن احق به منكم لاننا خلفاء وانتم رعيتنا فامسكت عن جوابه لانه اراد يبين جبره بي فنهضت فقال لتقعدن وهو مغضب فخالفت أمره وخرجت فاشار الى من حوله الآن خذوه فلم تصل ايديهم الي وامسكها الله عني فصاح الآن قد أريتنا قدرتك والان نريك قدرتنا فلم يستتم كلامه حتى زلزلت الارض ورجفت فسقط لوجهه وخرجت فقلت في غد الذي يكون له هنا قدرة يكون عليه الحكم لا له فبكينا على امهال الله عليه وتجبره علينا وطغيانه فلما كان من غد ذلك اليوم فاذن لنا فدخلنا فقال هذا ولينا زرافة يقول انه قد اخرج سيفا مسموما من الشفرتين وامره ان يرسل الي فإذا حضرت مجلسه اخلي زرافة لامته مني ودخل الي بالسيف ليقتلني به ولن يقدر على ذلك فقلنا يا مولانا اجعل لنا من الغم فرجا فقال انا راكب إليه فإذا رجعت فاسألوا زرافة عما يرى قال: وجاءته الرسل من دار المتوكل فركب وهو يقول ان كيد الشيطان كان ضعيفا ولم نزل نرقب رجوعه الى ان رجع ومضينا الى زرافة فدخلنا عليه في حجرة خلوته فوجدناه منفردا بها واضعا خده على الارض يبكي ويشكر الله مولاه ويستقيله فما جلس حتى اتينا إليه فقال لنا: اجلسوا يا اخواني حتى احدثكم بما كان من هذا الطاغي ومن مولاي ابي الحسن فقلنا: له: سرنا سرك الله فقال انه اخرج الي سيفا


 

[ 323 ]

مسموم الشفرتين وامرني ليرسلني الى مولاي ابي الحسن إذا خلا مجلسه فلا يكون فيه ثالث غيري واعلو مولاي بالسيف فاقتله فانتهيت الى ما خرج به امره الي فلما ورد مولاي للدار وقفت مشارفا فاعم ما يامر به وقد اخليت المجلس وابطات فبعث الي هذا الطاغي خادما يقول امض ويلك ما امرك به فاخذت السيف بيدي ودخلت فلما صرت في صحن الدار ورآني مولاي فركل برجله وسط المجلس فانفجرت الارض وظهر منها ثعبان عظيم فاتح فاه لو ابتلع سامرا ومن فيها لكان في فيه سعة لا ترى مثله فسقط المتوكل لوجهه وسقط السيف من يده وانا اسمعه يقول يا مولاي ويا ابن عمي اقلني اقالك الله وانا اشهد انك على كل شئ قدير فاشار مولاي بيده الى الثعبان فغاب ونهض وقال ويلك ذلك الله رب العالمين فحمدنا الله وشكرناه. وعنه قال: حدثني أبو جعفر محمد بن الحسن، قال: اجتمعت عند ابي شعيب محمد بن نصير البكري النميري وكان بابا لمولانا الحسن وبعده رأى مولانا محمدا (عليهما السلام) من بعد عمر بن الفرات وكان معنا محمد بن جندب وعلي بن ام الرقاد وفازويه الكردي ومحمد بن عمر الكاتب، وعلي بن عبد الله الحسني واحمد بن محمد الزيادي ووهب ابنا قارن فشكونا الى أبي شعيب وقلنا ما ترى الى ما قد نزل بنا من عدونا هذا الطاغي المتوكل على سيدنا ابي الحسن (عليه السلام) وعلينا وما نخافه من شره وانفاذه الى ابراهيم الديدج بحفر قبر ابي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) بكربلاء فقال أبو شعيب الساعة تجيئكم رسالة من مولاي ابي الحسن وترون فيها عجبا يفرح قلوبكم وتقر عيونكم وتعلمون انكم الفائزون فما لبثنا ان دخل علينا كافور الخادم من دار مولانا ابي الحسن (عليه السلام) وقال يا ابا شعيب مولاي يقول لك قد علمت اجتماع اخوانك عندك الساعة وعرفت شكواهم اليك فيكونوا عندك الى ان يقدم رسولي بما تعمل فقال أبو شعيب سمعا وطاعة لمولاي فاقمنا عنده نهارنا وصلينا العشائين وهدت الطرق فقال أبو شعيب: خذوا هبتكم فان


 

[ 324 ]

الرسول يجيئكم الساعة فما لبثنا ان وافى الخادم فقال: يا ابا شعيب خذ اخوانك وصربهم الى مولاك فصرنا إليه فإذا نحن بمولانا ابي الحسن (عليه السلام) قد اقبل ونور وجهه اضواء من نور الشمس فقال لنا نعمتم بياتا فقلنا يا مولانا لله الشكر ولك فقال: كم تشكون الي ما كان من تمرد هذا الطاغي علينا لولا لزوم الحجة وبلوغ الكتاب اجله ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ويحق كلمة العذاب على الكافرين لعجل الله ما بعد عنه ولو شئت لسالت الله الكنال الساعة ففعل وساريكم ذلك ودعا بدعوات فإذا بالمتوكل بينهم مسحوبا يستقيل الله ويستغفره مما بدا منه من الجرأة.