[ 277 ]

 

الباب العاشر باب الامام علي الرضا (عليه السلام)


 

[ 279 ]

مضى علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (عليهم السلام) وله تسع واربعون سنة واستشهد في عام ثلاث ومائتين من الهجرة وكان مولده سنة ثلاث وخمسين ومائة وأام مع أبيه تسعا وعشرين سنة وستة أشهر وأقام بعد أبيه عشرين سنة الا شهرا، واسمه علي وكناه أبو الحسن والخاص أبو محمد ولقبه الرضا والصابر والوفي ونور الهدى وسراج الله والفاضل وقرة اعين المؤمنين ومكيد الملحدين واسم امه ام البنين وأم ولد ومشهده بطوس بخراسان ومات بالسم (عليه السلام). وكان من دلائله (عليه السلام). قال الحسين بن حمدان قدس الله روحه: حدثني محمد بن زيد القمي، عن محمد بن بشر، قال: حدثني الحسين ولقيت بشر، وحدثني بهذا الحديث عن عبد الله بن جعفر اللافي قال: خرجت مع هرثمة بن اعين الى خراسان وكان مع المأمون وكان سبب سم المأمون حمله من المدينة في طريق الاهواز يريد خرسان فلما صار بالسوس لقيه الشيعة بها وكان علي بن اسباط الفارسي قد سار من فارس بهدايا والطاف ليلقاه بها فقطعت اللصوص واخذوا كلما كان فيها واخذوا الهدايا والالطاف التي كانت مع


 

[ 280 ]

علي بن اسباط وكان ذا مال ودنيا عريضة فطالبه القفص بان يشتري نفسه منهم بمال عظيم وعذبوه الى أن قال قائل منهم احشوا فاه جمرا حتى يشتري نفسه منا ففعلوا ذلك فانتثرت نواجذه وانيابه واضراسه وتركته القفص وجميع سائر من في القافلة وساروا بالغنيمة فبكي علي بن اسباط وقال والله ما مصيبتي بغمي باعظم من مصيبتي بما حملته الى سيدي الرضا (عليه السلام) ورقد من شدة وجعه فرأى في منامه سيدنا الرضا (عليه السلام) وهو يقول له: لا تحزن فان هداياك والطافك عندنا بالسوس إذا وردناها ووردتها واما فوك فاول مدينة تدخلها فاطلب السعد المسحوق فاحش به فاك فان الله يرد عليك نواجذك وانيابك واضراسك فانتبه مسرورا، فقال: الحمدلله حق حمده على ما رأيت وحقا ما رأيت وحمل نفسه حتى دخل أول مدينة والتمس السعد بها فاخذه وحشى فاه فرد الله عليه جميع نواجذه وسار حتى لقي سيدنا الرضا (عليه السلام) بالسوس فلما دخل عليه قال له: يا علي قد وجدت جميع ما قلنا لك في السعد حقا فادخل الى تلك الخزانة فانظر هداياك والطافك وجميع ما كان مما اهديته الينا تراه بحاله وما كان لك فخذه فدخل علي بن اسباط اخزانة فوجد جميع ما كان معه لم يفقد منه شيئا فاخذ ما كان له وترك الهدايا والالطاف وسار الرضا (عليه السلام) الى المأمون فزوجه اخته وجعله ولي عهده وضرب اسمه على الدراهم وهي الدارهم الرضوية وجمع بني العباس وناظرهم في فضل علي بن موسى حتى الزمهم الحجة ورد فدكا على ولد فاطمة (عليها السلام) ثم سمه بعد كيد طويل نشرح منه بعضه في كتابنا هذا ان شاء الله تعالى. حدثني محمد بن زيد وحدثه محمد بن منبر، بعد ان حدثني محمد بن زيد، قال: حدثني محمد بن خلف الطاطري، قال: حدثني هرثمة بن اعين قال: دخلت على سيدي الرضا علي بن موسى (عليه السلام) فدخلت اريد الاذن على سيدي الرضا (عليه السلام) وكان يتوالى سيدنا


 

[ 281 ]

الرضا (عليه السلام) فإذا أنا بصبيح قد خرج فلما رآني قال الست تعلم ثقة المأمون بي على سره وعلانيته قلت بلى قال اعلم ان المأمون دعاني في الثلث الاول من الليل فدخلنا عليه وقد صار ليله نهارا بالشمع وبين يديه سيوف مسللة مسحوبة ومسمومة ودعانا غلاما غلاما فاخذ علينا العهد والميثاق بلسانه ليس بحضرته احد من خلق الله غيرنا فقال لنا هذا الغلام لازم انكم تفعلون ما أمركم به ولا تخالفوا منه شيئا فحلفنا له فقال ياخذ كل واحد منكم سيفا من هذه الاسياف في يده وامضوا حيث تدخلوا على علي بن موسى في حجرته فان وجدتموه قائما أو قاعدا ضعوا اسيافكم هذه عليه ولا تكلموه ورضوه بها حتى تخلطوا لحمه ودمه وشعره وعظمه ومحه ثم اقلبوا عليه بساه وامسحوا اسيافكم وصيروا الي فقد جعلت لكل واحد منكم في هذا الفعل وكتمانه عشرة بدر دراهم وعشرة منتجبة والحظوة مني ما عشت وبقيت فاخذنا الاسياف بايدينا ودخلنا عليه في حجرته فوجدناه منضجعا طرفه وهو يتكلم بكلام لم نعلمه فبادروا الاسياف والغلمان إليه ووضعت سيفي وانا قائم حتى فعلنا به ما حدثنا به المأمون ثم طوي عليه البساط ومسحوا اسيافهم وخرجوا حتى دخلوا على المأمون فقال ما الذي صنعتموه فقالوا ما امرتنا يا أمير المؤمنين وانا اظن انهم يقولون اني ما ضربت معهم بسيف فلما تقدمت فقال ايكم المسرع إليه فقالوا صبيح الديلمي يا أمير المؤمنين ثم قال لا تعيدوا شيئا مما فعلتم فتخسوا وتعجلوا الفنا وتخسروا الآخرة والاولى فلما كان في تبلج الفجر خرج المأمون فجلس مجلسه مكشوف الرأس محلل الازرار واظهر وفاته وقعد للتعزية قبل ان يصل إليه الناس قام حافيا فمشى الى الدار لينظر إليه وانا بين يديه فلما دخل إليه في حجرته سمع همهمة فارتعد ثم قال من عنده فقلنا لا علم لنا يا أمير المؤمنين فقال اسرعوا فانظروا فاسرعنا الى البيت فإذا نحن بسيدنا الرضا (عليه السلام) جالسا في محرابه مواصل بتسبيحه قلنا يا امير المؤمنين هوذا نرى شخصا جالسا في محرابه يصلي ويسبح فانتفض المأمون وارتعد ثم


 

[ 282 ]

قال غررتموني لعنكم الله فقال يا صبيح أنت تعزيه فانظر من المصلي عنده قال صبيح: وتولى المأمون راجعا فلما صرت بعتبة الباب قال: يا صبيح قلت: لبيك يا مولاي وسقطت لوجهي قال: قم يرحمك الله فارجع إليه فقل له: (يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون) قال: فرجعت الى المأمون فوجدت وجهه كقطع الليل المظلم فقال يا صبيح: ما وراءك فقلت: يا امير المؤمنين جالس في محرابه وقد ناداني باسمي وقال: كيت وكيت فشد ازراره وامر برد اثوابه وقال: قولوا انه كان غشي عليه وقد افاق من غشوته فلما رآني قال: يا هرثمة لا تحدث بما حدثك به صبيح إلا من قد امتحن الله قلبه بمحبتنا وولايتنا فقلت نعم يا سيدي وقال: والله يا هرثمة فلا يضرنا كيدهم شيئا حتى يبلغ الكتاب اجله. وعنه عن محمد بن ميمون الخراساني عن أبيه ميمون بن احمد بن هرثمة بن اعين قال ميمون كنت مع هرثمة بطوس وحضرت وفاة علي بن موسى الرضا (عليه السلام) وحضرت غسله ودفنه وشاهدت ما كان ذلك كله وسالت هرثمة فقلت له: كيف كان خبر السم الذي سم به سيدنا الرضا فقمت من عنده فقال هرثمة كنت بين يدي المأمون الى ان مضى من الليل اربع ساعات ثم اذن لي بالانصراف فانصرفت فلما مضى من الليل ساعتين قرع قارع بابي فكلمه بعض غلماني فقال: قل لهرثمة اجب سيدنا الرضا فقمت مسرعا فاخذت علي اثوابي واسرعت الى سيدي فدخل الغلام بين يدي ودخلت داره فإذا انا بسيدي الرضا في صحن داره جالس قال هرثمة قلت: لبيك يا مولاي قال اجلس واسمع وعي هذا وان رحيلي الى الله عز وجل ولحوقي بابائي واجدادي (عليهم السلام) وقد بلغ الكتاب اجله وقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفروك فاما العنب ليحضى واما الرمان فانه ليطرح السم في كف بعض غلمانه ويفرك بيده ليلطخ حبه في ذلك السم وانه يستدعيني إليه في يومنا هذا المقبل ويقرب الي


 

[ 283 ]

الرمان والعنب ويسالني اكله فاكله وينفذ الحكم ويحضر القضاء فإذا انا مت فيقول انا اغسله بيدي فإذا قال: ذلك فقل له لا يتعرض لغسلي ولا لكفني ولا لدفني فانه ان فعل ذلك عاجله الله من العذاب ما اخر عنه وحل به أليم ما يحذروا شيعتي قال: فقلت يا سيدي فإذا خلى بينك وبين غسلي فيجلس من ابنيته هذه مشرفا على موضع غسلي لنظر الي، قال فلا تعرض يا هرثمة لشئ من غسلي حتى ترى فسطاطا ابيضا قد ضرب في جانب الدار فإذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي انا فيها من وراء الفسطاط وقف وراءه ويكون معك دونك ولا تكشف عن الفسطاط فتراني فتهلك فانه سيشرف عليك ويقول لك يا هرثمة أليس زعمتم ان الامام لا يغسله الا الامام مثله فمن يغسله وابنه محمد بالكوفة أو في بلاد الحجاز ونحن بوسط بلاد خراسان فإذا قال لك ذلك فاجبه وقل له ما يغسله احد غير من ذكرته فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مندرجا في اكفاني محنطا فضعني على نعش واحملني وصل علي واعلم ان صاحب الصلاة علي محمد ابني فإذا ارادوا ان يحتفروا قبري فانه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري ولن يكون والله ذلك ابدا فإذا ضربوا بالمعاول فستنبوء عن الارض ولا ينحفر كقلامة الظفر فإذا اجتهدوا في ذلك وصعب عليهم فقل له: ان امرتك ان تضرب معولا واحدا في قبلة قبر هارون الرشيد فإذا ضربت نفذ في الارض قبرا محفورا وضريحا قائما فإذا انحفر ذلك القبر مع وجه الارض ثم يظهر فيه حيتان صغار فخذ لقمة من خبز ففتها فانهن ياكلنها ثم يظهر حوت ويطول فيأكل تلك الحيتان الصغار فيقول لك ما هذا فقل له ان مثل هذه الحيتان الصغار مثل بني العباس فانهم ياكلون مدتهم من الدنيا ومثل الحوت الذي اكلهم مثل القائم المهدي من ولدي فانه إذا ظهر افنى بني العباس فإذا كان ذلك فلا تنزلني في القبر حتى إذا غاب الحوت وغار الماء فيسجف على قبري سجفا ابيض فخلوا بيني وبين من ينزلني في قبري


 

[ 284 ]

ويلحدني فانه محمد ابني فإذا أرادوا ترابا يلقونه في قبري فامنعهم من ذلك فان القبر ينطبق من نفسه ويمتلئ ويتربع قال فقلت نعم يا سيدي، ثم قال: احفظ ما عهدت اليك واعمل به ولا تخالفه قلت اعوذ بالله يا سيدي ان اخالف امرك قال هرثمة: فخرجت باكيا حزينا فلم ازل على ما قال لي ولا يعلم ما في نفسي الا الله ثم دعاني المأمون إليه فدخلت فلم ازل قائما الى ضحى النهار ثم قال المأمون امض يا هرثمة الى ابي الحسن فاقرأه مني السلام وقل له: تصير إلينا أو نصير إليك فان قال بلى نصير إليه ونساله ان يقدم بمصيرنا قال: فجئته فلما طلعت على سيدي الرضا قال لي: يا هرثمة اليس قد حفظت ما وصيتك به قلت بلى فقال: قدموا نعلي فقد علمت ما سالك به فقدمت نعله ومشى إليه فلما دخل المجلس قام إليه المأمون قائما فعانقه وقبل بين عينيه واجلسه الى جانبه على سريره واقبل عليه يحادثه من النهار طويلا ثم قال لبعض غلمانه أتوني بعنب ورمان قال هرثمة قال سمعت لم استطع الصبر ورأيت النفضة قد عرضت في جسدي فكرهت ان يتبين ذلك فرجعت القهقري حتى رميت نفسي في موضع من الدار فلما قرب زوال الشمس احسست بسيدي الرضا (عليه السلام) قد خرج من عنده ورجع الى داره ثم رأيت الامر قد خرج من عند المأمون باحضار الاولياء والمتفرقين فقلت ما هذا فقال علة عرضت لابي الحسن علي الرضا (عليه السلام) فكان الناس في شك وكنت انا في يقين لما علمته منه فلما كان في بعض الليل وهو الثلث الثاني علا الصياح وعلت الوجبة من الدار فاسرعت فيمن اسرع فإذا نحن بالمامون مكشوف الرأس محلل الازرار قائما ينتحب ويتباكى فوقفت فيمن وقف وانا احس في نفسي اكاد اتميز من الغيظ فلما اصبحنا جلس المأمون للتعزية ثم قام يمشي الى الموضع الذي كان فيه سيدنا الرضا (عليه السلام) فقال: اصلحوا لنا موضعا اني اريد ان اغسله فدنوت منه فقلت خلوة يا امير المؤمنين فاخلى نفسه فاعدت عليه ما قاله لي سيدي بسبب الغسل والكفن والدفن فقال لي


 

[ 285 ]

لست اعرض في شئ من ذلك يا هرثمة قال: فلم ازل قائما حتى رأيت ذلك الفسطاط الابيض قد نصب الى جانب الدار فحملته فوضعته الى جانب الفسطاط فعبر الفسطاط وصار داخله وقعدت في ظاهره وكل من في الدار دوني وانا اسمع التكبير والتهليل والتسبيح وتردد الاواني وتضوع الطيب فإذا انا بالمامون قد اشرف على بعض داره فصاح يا هرثمة اليس زعمتم ان الامام لا يغسله الا امام مثله فاين محمد ابنه عنه وهو في مدينة الرسول وهذا بطوس بخراسان فقلت له والله يا امير المؤمنين ما يغسله غير من ذكرته فسكت عني ثم ارتفع الفسطاط فإذا انا به مدرج في اكفانه فوضعته على نعشه ثم حملناه فاشتال النعش من ايدينا وهو يسير الى موضع الصلاة علييه فصلى عليه المأمون وجميع الناس فجئنا الى موضع قبره فوجدتهم يضربون بالمعاول من فوق الرشيد ليجعلوه قبلة لقبر علي الرضا (عليه السلام) والمعاول تنبو حتى ما تقلب شيئا من تراب الارض فقال لي ويحك يا هرثمة اما ترى الارض كيف تمتنع من حفر قبر له فقلت يا امير المؤمنين إئذن لنا لاضرب معولا واحدا في قبلة قبر أبيك ولا أضرب غيره قال: فإذا ضربت يا هرثمة يكون ماذا قلت له اخبرني انه لا يجوز ان يكون قبر ابيك قبلة لقبره واني إذا ضربت هذا المعول نفذ القبر محفورا من غير يد تحفره وبان الضريح في وسطه قال المأمون سبحان الله ما اعجب هذا الكلام، فلا عجب من امر أبي الحسن فاضرب حتى نرى قال هرثمة فاخذت المعول في يدي فضربت في قبلة قبر هارون فنفذ القبر محفورا وبان الضريح في وسطه قال المأمون انزله يا هرثمة فقلت له يا سيدي لا انه امرني لا انزله حتى ينفجر من ارض هذا القبر ماء ابيض فيمتلئ به القبر مع وجه الارض ثم تظهر فيه حيتان صغار فانثر لها خبزا فتأكله ثم يظهر حوت بطول القبر فيضطرب وياكل الحيتان الصغار فإذا غاب الحوت وضعته على جانب القبر وخليت بينه وبين من ينزله في يلحده ثم غاب الحوت وغار الماء ثم جعلت النعش بجانب القبر مما يلي الرأس كما أمرني فتسجف على القبر


 

[ 286 ]

سجاف ابيض لم يبيضه احد من الناس ممن حضر فاشار المأمون الى الناس ان هاتوا التراب فالقوه في القبر فقلت لا تفعل يا أمير المؤمنين قال: ويحك فمن يملاه قلت قد امرني لا يطرح التراب عليه وأن القبر سيمتلئ من نفسه وينطبق ويتربع على وجه الارض ويرش عليه ماء ليس من عند الناس فاشار المأمون الى الناس ان كفوا فرموا ما في ايديهم من التراب ثم امتلا القبر وانطبق وتربع على وجه الارض ورش عليه الماء لم يدر من رشه ازكى من المسك وابيض من اللجين ثم انصرف المأمون وانصرفنا ثم دعاني وأخذ مجلسه ثم قال: والله يا هرثمة لتصدقني عما سمعته من أبي محمد قلت قد أخبرتك يا أمير المؤمنين قال لي: لا والله أو تصدقني عما اخبرك من غير ما قلته لي فقلت: يا أمير المؤمنين نعم تسألني قال: بالله يا هرثمة هل أسر اليك شيئا غير هذا قلت نعم خبر العنب والرمان والسم فاقبل المأمون يتلون الوانا صفراء وحمراء وسوداء ثم مد نفسه كالمغشي عليه وسمعته يقول في غشيته وهو يجهر ويل المأمون من الله ويل المأمون من الحسن والحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى وويل لابيه هارون منهم جميعا وويله من موسى بن جعفر ان هذا لهو الخسران المبين يقول هذا القول ويكرره، قال هرثمة: فلما رأيته قد طال عليه الكلام وليت عنه فجلست في بعض الدار فجلس ودعاني إليه وهو كالسكران إذا ثمل فقال لي والله يا هرثمة ما انت اعز علي منه ولا جميع من في الارض والسماء والله لئن اعدت مما سمعت و رأيت شيئا ليكونن هلاكك اهون علي مما لم يكن قلت يا امير المؤمنين ان اظهرت على ذلك احدا فانت في حل من دمي قال لا والله أو تعطيني عهدا موثقا انك تكتم هذا الامر ولا تعيده فاخذ مني العهد والميثاق واكده فلما وليت عنه صفق بيديه ثم سمعته يقول يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا. وعنه عن الحسين بن محمد بن جمهور القمي، عن أبيه، عن محمد بن


 

[ 287 ]

عبد الله بن مهران عن أبي محمد الحسن بن نصير البصري قال أبو محمد الكوفي: دخلت على ابي الحسن الرضا (عليه السلام) بالمدائن فسلمت عليه فاقبل يحدثني باحاديث سألته عنها إذ قال ما ابتلى الله مؤمنا ببلية صبر عليها الا كان له اجر الف شهيد قال أبو محمد ولم يكن في حديثنا شئ من ذكر البلوى والعلل والامراض فانكرت ذلك من قوله فقلت في نفسي سبحان الله ما اجمل هذا الحديث رجل انا معه قد عنيت به إذ حدثني بالوجع في غير موضعه فسلمت عليه وودعته ثم خرجت فلحقت باصحابي وقد حلوا فاشتكت رجلي من ليلتي فقلت هذا من تعبي فلما كان من الغد تورمت رجلاي ثم اصبحت وقد اشتد الورم وضرب علي فذكرت قوله (عليه السلام) ووصلت الكوفة وخرج منها القيح وصار جرحا عظيما لا انام ولا انيم فعلمت انه ما حدثني هذا الحديث الا لهذه البلوى فبقيت معه تسعة عشر يوما فزالت ثم افقت فحدثت بحديثي هذا قال أبو محمد ابن مهران البصري ثم نكس فمات. وعنه عن محمد بن مهران عن علي بن اسباط القدسي، عن أحمد بن محمد بن أبي بصير الاسدي، قال: دخلت على سيدي الرضا (عليه السلام) انا وعبد الله بن المغيرة وعبد الله بن جندب، وصفوان ومحمد بن سنان، وهو بصاريا خارجا عن المدينة في القصر على الوادي فجلسنا عنده ساعة ثم قمنا فقال اثبت انت يا احمد فاجلس فجلست واقبل علي يحدثني واساله فيجيبني حتى ذهل عامة الليل فلما اردت الانصراف قال يا احمد تنصرف أو تثبت فقلت جعلت فداك ان امرت بالمبيت بت فقال: أقم بهذه الحجرة فقمت وقد هدأ الناس فقام (عليه السلام) فلما ظننت أنه قد دخل خررت ساجدا فقلت في نفسي الحمد لله ان حجة الله ووارث علم النبيين آثرني من بين اخواني واجلسني عنده فبينما انا في سجودي وشكري لله فما علمت الا وقد ركلني برجله فوثبت قائما فاخذ بيدي فغمزها


 

[ 288 ]

ثم قال: يا احمد ان امير المؤمنين عاد صعصعة في مرضه فلما قام من عنده قال يا صعصعة لا تفتخر على اخوانك بعيادتي اياك فقد علمت ما في نفسك فاتق الله ربك فقد علمت يا احمد ما كان في نفسك في سجودك وما فخرت به على اخوانك من ان اسررتك من بينهم وحملتك من دونهم فقلت كذا كان واستغفر الله. وعنه عن جعفر بن احمد القصير عن ابي النضر عن ابي عبد الله عن جعفر بن محمد بن يونس قال: جاء قوم الى باب ابي الحسن الرضا (صلوات الله عليه) برقاع فيها مسائل وفي القوم رجل واقفي واقف على باب ابي الحسن بن موسى، فوصلت الرقاع إليه فخرجت الاجوبة في جميعها وخرجت رقعة الواقفي بلا جواب فسألته لم خرجت رقعته بلا جواب فقال لي الرجل ما عرفني الرضا ولا رآني فيعلم اني واقفي ولا في القوم الذين جئت معهم من يعرفني اللهم إني تائب من الوقف مقر بامامة الرضا فما استتم كلامه حتى خرج الخادم فاخذ رقعته من يده ودخل بها وعاد الجواب فيها الى الرجل فقال الحمد لله هذان برهانان في وقت واحد. وعنه بهذا الاسناد عن جعفر بن محمد بن يونس قال: جاء رجل من شيعة الرضا (عليه السلام) بكتاب منه إلى ابي الحسن الرضا (عليه السلام) فسألني ان انفذه إليه فلما انفذت الكتاب فقال جعلت فداك سهوت ان اذكر في الكتاب عن سلاح رسول الله اين هو وعن الاحرام هل يجوز في الثوب الملحم ام لا فقلت له قد أنفذ كتابك فتذكرني في كتاب آخر فورد جواب كتابه في آخره إن كنت نسيت ان تسألنا عن سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) واين هو فنحن لا ننسى وسلاح رسول الله فينا بمنزلة التابوت في بني اسرائيل والسلاح معنا حيث اردنا ولا باس في الاحرام في الثوب الملحم. وعنه عن محمد بن ميمون الخراساني، عن محمد بن اسحاق الكوفي، عن علي بن مهران، قال جاءني رجل من شيعة ابي الحسن الرضا


 

[ 289 ]

(عليه السلام)، فقلت جعلت فداك تكتب إليه فان لي بنتا قد طلب ابوابا ان يهب لها العافية أو يريحنا منها قال: جعفر بن محمد بن يونس فاردت الخروج إليه فحملت برسالة الرجل فلما عاد جعفر اخبرنا انه ابقى الرسالة واخذ بيده فغمزها ثم قال له: قد كفيت مؤونتها فحفظت منه (عليه السلام) فلما قدمت وجدتها قد ماتت قبل قدومي بيوم واحد. وعنه عن الحسن بن ابراهيم، عن جابر بن خالد البزاز الكوفي قال: سالت الحسين بن الحسن بن موسى هل تروي عن اخيك الرضا شيئا قال: احدثك عنه بثلاثة اشياء رأيتها منه: خرجنا معه في يوم صائف شديد الحر الى بعض الاماكن فقال لنا في الطريق حملتم مماطر فقلت جعلت فداك وما حاجتنا إليها في هذا القيظ الشديد والناس قد ماتوا بالحر فقال لكنني حملت ممطري فما سرنا الا يسيرا حتى نشات سحابة فجاء منها من المطر شئ عظيم فما بقي منا احد الا تبللت ثيابه غيره وأنا خلونا معه وعنده جماعة من سماتنا أهل البيت بالمدينة فمر علينا جعفر بن عمر الذي غلب على المدينة فرأيناه رث البزة جدا فضحكنا منه فقال أبو الحسن تضحكون من رثاثة بزة جعفر فقلنا نعم يا سيدنا فقال: عن قريب ترونه عظيم الموكب جليل البزة. قال الحسين فما مضى لذلك الا ايام يسيرة حتى غلب جعفر على المدينة فكان يمر بنا في موكب عظيم وبزة جليلة كما قال اخي وأتى اقوام من أهل مصر فاستاذنوه في الزراعة في عامهم ذلك فقال لا تزرعوا في عامكم هذا فتدمروا واخبروا اهل مصر فزرع قوم وامسك آخرون فاصابتهم الآفة فذهب زرعهم فقال لهم: ألم انهكم عن الزراعة في عامكم هذا فكان هذا مما رأيت وسمعت. وعنه عن محمد بن موسى القمي، عن ابراهيم بن زيد السامري عن


 

[ 290 ]

جعفر بن محمد بن يونس، قال دفع سيدنا أبو الحسن الرضا (عليه السلام) الى مولى له حمارا بالمدينة وقال تبيعه بعشر دنانير ولا تنقصه شيئا فعرفه المولى فاتاه رجل من اهل خراسان من الحاج فقال له معي ثمانية دنانير ما املك غيرها فقال له ارجع لمولاك ان شئت لعله ياذن لك في بيعه بهذه الثمانية دنانير فرجع المولى إليه فاخبره بخير الخراساني فقال له: قل له ان قبلت منا الدينارين صلة اخذنا منك الثمانية فقلت له: فقال قد قبلت فسلمت إليه وحج أبو الحسن معه فلما كنا في بعض المنازل في المنصرف وإذا انا بصاحب الحمار يبكي فقلت له ما لك قال سرق حماري وعليه الخرج وفيه نفقتي وثيابي وليس معي شئ الا ما ترى فاخبرت ابا الحسن ان هذا صاحب الحمار الذي اشتراه ذكر من قصته كذا وكذا، فقال أبو الحسن: اعطه عشرين درهما وقل له إذا قدمت المدينة فالقنا قال: فمضينا فلما كنا في اوائل المدينة بعد رجوعنا من مكة نظر أبو الحسن الى قوم متكئين على الطريق فاشار إليهم وقال سارق الحمار معهم: والحمار معه والرجل ما احدث فيه حدثا فامض إليه وقل له: يقول لك علي بن موسى إما ان ترد الحمار وما كان عليه والا رفعت امرك الى السلطان فاتيته فقلت له: ما قال، قال سارق الحمار يجعل عهدا وذمة ان لا يدل علي وارد الحمار وما عليه الخرج وقدم صاحب الحمار فقال: هذا حمارك وما عليه فانظر فانك لا تفقد منه شيئا من متاعك فنظر وقال جعلني الله فداك ما فقدت من متاعي قليلا ولا كثيرا. وعنه عن محمد بن يحيى الخرقي، عن أبي الحسن الخفاف عن النضر بن سويد، قال: كان أبي مريضا فدخلت المدينة على ابي الحسن الرضا (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك اني خلفت أبي بالكوفة مريضا فقال لي: اجرك الله فلما قدمت الكوفة وجدت ابي قد مات قبل مسالتي أياه عن الدعاء له بالعافية.


 

[ 291 ]

وعنه عن أحمد بن محمد الكوفي، عن رشيد بن محمد الحذاء، عن الحسين بن بنت الامين، قال: أتيت خراسان في تجارة ومذهبي الوقف على أبي الحسن موسى وكنت قد حملت بزا فيه ثوب وشئ في بعض الرزم ولم اشعر به ولم اعرف مكانه فلما قدمت سامراء نزلت في بعض منازلها ولم اشعر الا برجل مدني من مولدي المدينة قد اتان فقال لي مولاي الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) يقول لك ابعث بالثوب الوشي الذي معك فقلت له ومن اخبر ابا الحسن بقدومي وإنما قدمت آنفا وما عندي ثوب وشئ فرجع إليه وعاد إلي فقال: يقول لك الثوب معك في الرزمة الفلانية فوجدت الرزمة التي وصفها فحللتها فوجدت الثوب الوشي فبعثت به إليه وآمنت به وعلمت أنه الامام بعد ابيه (عليه السلام) والتحية والاكرام وعلى آبائه الغرر الكرام.