[ 245 ]

 

البا الثامن باب الامام جعفر الصادق (عليه السلام)


 

[ 247 ]

مضى مولانا جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) وله خمس وستون سنة في ثمانية واربعين ومائة من الهجرة. من الهجرة. وكان مقامه مع جده (عليه السلام) تسعة عشر سنة واقام مع ابيه اثني عشر سنة، واقام بعد أبيه اربعا وثلاثين سنة. وكانت كنيته أبا عبد الله وابا اسماعيل والخاص: أبو موسى. ولقبه الصادق، والفاضل، والقاهر، والتام، والكامل، والمنجي. وامه ام فروة وكانت تكنى ام القاسم وهي بنت القاسم بن محمد بن ابي بكر بن ابي قحافة. ومشهده بالبقيع إلى جانب مشهد أبيه محمد بن علي وجده علي بن الحسين (صلوات الله عليهما). وكان له من الولد موسى الامام الكاظم، واسماعيل، ومحمد، وعلي، وعبد الله، واسحاق، وام فروة، وهي التي زوجها ابن عمها الخارج مع زيد.


 

[ 248 ]

وكان من دلائله (عليه السلام). قال الحسين بن حمدان حدثني علي بن بشر عن جعفر بن يزيد الرهاوي عن محمد بن المفضل عن الحسن بن مسكان عن داود الرقي عن ابي حمزة الثمالي عن ميثم التمار عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا ولد جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (صلوات الله عليه) فسموه جعفر الصادق فانه يولد من ولده ولد يقال له جعفر الكذاب ويل له من جرأته علي وبغيه على اخيه صاحب الحق وإمام الخلق ومهدي اهل بيتي فلاجل ذلك سمي جعفر الصادق وجعفر الكذاب هو جعفر بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق وهو المعروف بزق خمر وهو الذي سعى بجارية اخيه الحسن بن علي الى السلطان وقال له: ان اخي توفي ولم يكن له ولد وإنما خلف حملا في بطن جاريته نرجس وأخذت هي وورداس الكتابية جاريتا الحسن بن علي من داره في سوق العطش وحبستا سنتين فلم يصح على نرجس ما ادعى عليها ولا غيرها فاطلقتا. قال الحسين بن حمدان قال حدثني أبو الحسين بن يحيى الخرقي وابو محمد جعفر بن اسماعيل الحسني، والعباس بن احمد واحمد بن سندولا، واحمد بن صالح، ومحمد بن منصور الخراساني، والحسن بن مسعود الفزاري، وعيسى بن مهدي الجوهري الجنبلاني، والحسين بن غياث الجنبلاني، واحمد بن حسان العجلي الفزاري، وعبد الحميد بن محمد السراج جميعا في مجالس شتى انهم حضروا وقت وفاة ابي الحسن بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق (صلوات الله عليهم والصلاة) بسر من رأى، فان السلطان لما عرف خبر وفاته أمر سائر أهل المدينة بالركوب إلى جنازته وأن يحمل الى دار السلطان حتى صلى عليه، وحضرت الشيعة وتكلموا، وقال علماؤهم: اليوم يبين فضل سيدنا ابي محمد الحسن بن عي على اخيه جعفر، ونرى خروجهما مع النعش قالوا جميعا فلما خرج


 

[ 249 ]

النعش وعليه أبو الحسن خرج أبو محمد حافي القدم مكشوف الرأس محلل الازرار خلف النعش مشقوق الجيب مخضل اللحية بدموع على عينيه يمشي راجلا خلف النعش، مرة عن يمين النعش، ومرة عن شمال النعش ولا يتقدم النعش إليه، وخرج جعر أخوه خلف النعش بدراريع يسحب ذيولها معتم محبتك الازرار طلق الوجه على حمار يماني يتقدم النعش فلما نظر إليه اهل الدولة وكبراء الناس والشيعة ورأوا زي ابي محمد وفعله ترجل الناس وخلعوا اخفافهم وكشفوا عمائمهم ومنهم من شق جيبه وحلل ازراره ولم يمش بالخفاف ولا الامراء واولياء السلطان احد فاكثروا اللعن والسب لجعفر الكذاب وركوبه وخلافه على أخيه لما تلا النعش الى دار السلطان سبق بالخبر إليه فامر بان يوضع على ساحة الدار على مصطبة عالية كانت على باب الديوان وأمر أحمد بن فتيان وهو المعتمد بالخروج إليه والصلاة عليه واقام السلطان في داره للصلاة عليه الى صلاة العامة وامر السلطان بالاعلان والتكبير وخرج المعتمد بخف وعمامة ودراريع فصلى عليه خمس تكبيرات وصلى السلطان بصلاتهم والسلطان في ذلك الوقت المعتز وكان اسم المعتز الزبير والموفق طلحة وكانت أم المعتز تتوالى أهل البيت فقال المعتز وكل وقد ولد المعتز وقد سميته الزبير قالت: وكيف اخترت له هذا الاسم. فقال هذا اسم عم النبي (صلى الله عليه وآله). قال الحسين بن حمدان: انما ذكرت هذا ليعلم من لا يعلم ما كان المعتز هو الزبير وجعفر المتوكل على الله المعتضد احمد بن طلحة. وجع الحديث الى الجماعة الذين شهدوا الوفاة والصلاة قال: اجعلوا النعش الى الدار، فدفن في داره، وبقي الامام أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) ثلاثة أيام مردود الابواب يسمع من داره القراءة والتسبيح والبكاء ولا يؤكل في الدار الا خبز الخشكار والملح ويشرب الشربات وجعفر بغير هذه الصفة ويفعل ما يقبح ذكره من الافعال قالوا جميعا: وسمعنا الناس يقولون هكذا كنا نحن جميعا نعلم ما عند سيدنا ابي محمد


 

[ 250 ]

الحسن من شق جيبه، قالوا جميعا: فخرج توقيع منه (عليه السلام) في اليوم الرابع من المصيبة. بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد من شق جيبه على الذرية يعقوب على يوسف، حزنا قال: يا اسفي على يوسف فانه قد جيبه فشقه. قال الحسين بن حمدان: حدثنى الحسن بن محمد بن جمهور عن محمد بن علي، عن علي بن محمد عن أبي المعز عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله الصادق بعد مضي والده الباقر (صلوات الله عليه) وقد جامعت اهلي فاتيت الى عند سيدي الصادق من قبل ان اغتسل لامتحنه وارى دلالته مثل ما اراني ابوه فلما دخلت عليه بمجلسه وانا على هذه الحال فقال لي: يا محمد ما كان فيما كنت فيه حاجة ان تدخل على امامك وانت جنب فقلت له: جعلت فداك اعتمدت ذلك لارى دلالتك فقال اولم تؤمن قلت: بلى، ولكن ليطمئن قلبي قال: قم اغتسل من جنابتك ففعلت وعدت الى مجلسه وعلمت بهذه الدلالة انه الامام حقا. وعنه عن احمد بن صالح عن جرير بن يزيد الشاري عن محمد بن علي، عن الحسن بن علي، عن محمد غلام سعد الاسكاف قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ دخل عليه رجل من أهل الجبل بهدايا والطاف فكان مما كان أهدى إليه جراب فيه قديد وحيش فنثر أبو عبد الله (عليه السلام) القديد من الجراب، قال الرجل: انا ما أتيتك الا ناصحنا، قال: هذا القديد ليس مزكى فرده بين يديه أبو عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) في الجراب ثم تكلم عليه بكلام لم افهمه وقال للرجل: قم بهذا الجراب فادخل في ذلك البيت وضعه في الزاوية فسمع الرجل القديد من داخل الجراب وهو يقول ليس مثلي ياكله الامام لاني غير مزكى فحمل الرجل الجراب وخرج الى أبي عبد الله (صلوات الله عليه)، فقال الصادق: ان القديد اخبرني بما اخبرني بما اخبرتني به قال: انه غير مزكى فقال


 

[ 251 ]

له: أبو عبد الله (عليه السلام) اما علمت يا هارون انا نعلم ما لا يعلم الناس قال: بلى، جعلت فداك فعلمت ان اسم الرجل هارون وخرج وخرجت اتبعه حتى مر على كلب فالقاه إليه فاكله الكلب حتى لم يبق منه شئ فكان هذا من دلائله (عليه السلام). وعنه عن أحمد بن محمد الحجالي الصيرفي، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسن، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله بن يحيى الكاهلي، قال: قال أبو أبو عبد الله (عليه السلام) يا عبد الله بن يحيى الكاهلي إذا لقيته فاقرأ آية الكرسي، ثم قل ه عزمت عليك بعزيمة أمير المؤمنين والائمة بعده (صلوات الله عليهم اجمعين) الا تنحيت عن طريقنا لا تؤذينا ولا نؤذيك قال عبد الله بن يحيى: فانا وابن عمي في الطريق إذ عرض لنا سبع فقلت له: ما امرني الصادق (عليه السلام) وكان السبع يزأر فانكف وطاطا رأسه وجمع نفسه واددخل ذنبه بين يديه ومشى على الطريق من حيث جاء فقال لي ابن عمي ما سمعت كلاما أحسن مما قلته للسبع فقلت هذا مما علمني أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: أشهد انه الامام الذي فرض الله طاعته ولولا ذلك ما اطاعه السبع وما كان ابن عمي يعرف قليلا ولا كثيرا من دينه فدخلت على الصادق (صلوات الله عليه) من قابل فاخبرني بما كان مني ومن ابن عمي والسبع وقال لا تكن ظننت ثم قال: ان لي مع كل ولي اذنا سامعة وعينا ناظرة ولسانا ناطقا، ثم قال لي: يا عبد الله ولقيك السبع ببيداء الكوفة على شاطئ النهر واسم ابن عمك حبيب وما كان الله ليميته حتى يعرف هذا الامر قال: فرجعت الى الكوفة فاخبرت ابن عمي بمقالة ابي عبد الله الصادق (عليه السلام) ففرح فرحا شديدا وما زال مستبصرا حتى مات على ذلك. وعنه عن جعفر بن احمد القصير عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبي العلاء، عن أبي بصير، قال:


 

[ 252 ]

دخلت على ابي عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) فكان ابنه اسماعيل موعوكا فقال: قم يا محمد فادخل على ابني اسماعيل فعده فدخلت معه، فإذا في جانب داره قصر فيه فاختة وهي تصيح فقال: يا بني تمسك هذه الفاختة أما علمت انها مشؤومة قليلة الذكر لله تدعو على اربابها وعلينا أهل البيت، قال أبو بصير: فقلت: وماذا دعاؤها يا سيدي، قال: تقول فقدتكم أهل البيت وفقدت اربابي، قال لاسماعيل: ان كان لا بد متخذا مثلها فاتخذ ورشانا فانه ما زال كثيرا يذكر الله تعالى ويتولانا ويحبنا، قال أبو بصير: فقلت يا سيدي: فهل في الطير مثله بهذه الصفة قال: نعم، الزاعبي والقنابر والديك الافرق والطيطوي والبنية قلت وما البنية قال الذي تسمونه البوم فانه من يوم قتل الحسين يسكن نهارا ويندبنا ليلا. وعنه عن محمد بن علي، عن شعيب العاقرقوني، قال: دخلت انا وحمزة وأبو بصير ومعي ثلاثمائة دينار على أبي عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) فصببتها بين يديه فقبض منها لنفسه وقال: يا شعيب خذ الباقي فانه مائة دينار وارددها الى موضعها الذي اخذتها منه فقد قبلنا منك ما هو لك ورددنا المائة على صاحبها، قال شعيب: فخرجنا من عنده جميعا، فقال لي أبو بصير: يا شعيب ما حال هذه الدنانير التي ردها أبو عبد الله (صلوات الله عليه) قلت له اخذتها من غرفة اخي سرا وهو لا يعلم فقال أبو بصير وأبو حمزة زن الدنانير وعدها لننظركم هي فزناها وعددناها فإذا هي مائة دينار لا تنقص ولا تزيد. وعنه عن محمد بن غالب، عن زيد بن رياح، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن الحسين بن علي، عن أبي حمزة، عن أبيه علي، عن أبي بصير: قال: كنت عند أبي عبد الله (صلوات الله عليه) يوما جالسا إذ قال يا محمد هل تعرف امامك قلت اي والله الذي لا اله الا هو، وانت هو ووضعت يدي على ركبتيه وفخذيه فقال يا محمد ليس هذا الامر معرفة ولا اقرار للامام بما جعله الله له وفيه ولكن نطالبه بعلامة


 

[ 253 ]

ودلالة قلت يا سيدي قولك الحق ولكي ازداد علما ويقينا وليطمئن قلبي قال يا محمد ترجع الى الكوفة ويولد لك ولد تسميه عيسى ويولد لك بعد سنتين ولد تسميه محمدا ويولد لك بعدهما ابنتان في ثلاث سنين واعلم ان اسماء ابنائك عندنا في الصحيفة الجامعة والوسطى مثبتان مسميان مع أسماء شيعتنا واسماء آبائئهم وامهاتهم وقبائلهم وعشائرهم مصوران مجليان واجدادهم واولادهم وما يلدون الى يوم القيامة رجلا رجلا وامرأة امرأة وهي صحيفة صفراء مدروجة مخطوطة بالنور لا بحبر ولا بمداد قال أبو بصير: فرجعت من المدينة ودخلت الكوفة فولد لي والله ولدان وابنتان في الاوقات التي قال عنها فكان هذا من دلائله (عليه السلام). وعنه بهذا الاسناد عن أبي بصير: قال دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال يا ابا محمد ما فعل أبو حمزة الثمالي فقلت له جعلت فداءك خلفت ابا حمزة صالحا فقال لي: إذا رجعت فاقرأه مني السلام وقل له: انك تموت يوم الجمعة من شهر رمضان من السنة الداخلة قلت جعلت فداك لقد كان للشيعة فيه انس وكان عليهم نعم الشيعة فقال: صدقت يا ابا محمد وما عندنا وعنه الله خير قلت: جعلت فداءك شيعتكم تعلم قال: نعم، إذا هم خافوا الله وراقبوه وخافونا وخافوا الذنوب فإذا هم فعلوا ذلك كانوا معنا في درجتنا قال أبو بصير: لما رجعت بلغت ابا حمزة كل ما قاله أبو عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) فلما كانت السنة الداخلة توفي أبو حمزة رحمة الله عليه يوم الجمعة في رمضان كما قال. وعنه عن محمد بن خالد عن جعفر بن احمد الصفار عن محمد بن علي، عن علي بن الحسين عن الحسن والحسين أبنا ابي العلاء، عن أبي العلاء، عن أبي المغيرة عن أبي بصير قال سمعت ابا عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) يقول وقد جرى ذكر الملى بن خنيس فقال رحم الله المعلى بن خنيس فقلت: يا سيدي وما حاله فقال لي اكتم علي يا ابا


 

[ 254 ]

محمد ما اقول في المعلى بن خنيس فقلت افعل يا سيدي فقال: ان المعلى ما كان ينال درجتنا الا بما نال منه داود بن علي بن عبد الله بن عباس، قلت له: جعلت فداك وما الذي ينال داود بن علي، قال يدعو به إذا تقلد المدينة عليه لعنة الله وسوء الدار فيطالبه بان يثبت له اسماء شيعتنا واوليائنا ليقتلهم فلا يفعل فيضرب عنقه ويصلبه فقلت انا لله وإنا إليه راجعون ومتى يكون ذلك قال قابل فلما كان من قابل ولي المدينة داود بن علي لعنه الله فاحضر المعلى بن خنيس فسأله عن شيعة جعفر الصادق (صلوات الله عليه) واوليائه ان يكتبهم له، فقال له: المعلى ما اعرف من شيعته واوليائه احدا، وانما انا وكيله انفق له واتردد في حوائجه وما اعرف له شيعة ولا صاحبا، قال: لا تكتمني فاقتلك قال المعلى بن خنيس: أفبالقتل تهددني والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعتها عنهم ولئن قتلتني ليسعدني الله ويشقيك فامر به فضرب عنقه وصلب على باب دار الامارة فدخل عليه أبو عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) فقال له يا داود بن علي، قتلت مولاي ووكيلي وثقتي على عيالي، قال ما انا قتلته، قال فمن قتله، قال ما ادري قال الصادق (صلوات الله عليه): ما رضيت ان صلبته وقتلته حتى تجحد وتكذب والله ما رضيت ان قتلته ظلما وعدوانا ثم صلبته اردت ان تشهر به وان تنوه بقتله وانه مولاي والله انه لا وجه عند الله منك ومن امثالك منزلته عند الله رفيعة ولك منزلة وضيعة في النار فانظر كيف تخلص منها والله لادعون الله فيقتلك الله كما قتلته فقال له داود بن علي: تهددني بدعائك اصنع ما أنت صانع وادع لنفسك، فإذا استجيب لك فادع علي فخرج الصادق (صلوات الله عليه) من عنده مغضبا، فلما جن عليه الليل اغتسل ولبس ثياب الصلاة وابتهل الى الله عز وجل، وقال يا ذاي يا ذاي يا ذويه ارم سهما من سهامك على داود بن علي يفلق به قلبه ثم قال لغلامه: اخرج اسمع الصراخ على داود فخرج ورجع الغلام، وقال يا مولاي الصراخ عال عليه وقد مات فخر الصادق (عليه


 

[ 255 ]

السلام) ساجدا وهو يقول شكرا للكريم شكرا للقائم الدائم الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء واصبح داود بن علي ميتا لعنه الله والشيعة يهرعون الى أبي عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) ويهنئونه بموته فقال لهم: قد مات على دين أبي لهب ولقد دعوت الله عليه بثلاث كلمات لو دعوت الله بها على الارض لزالت ومن عليها فأجابني وعجل عليه الى إمه هاوية. وعنه عن محمد بن ابراهيم الخياط، عن بشار بن علي، عن زيد الشحام، عن أبي سمينة، عن محمد بن علي، عن يونس بن ظبيان، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن سيدنا ابي عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) وهو جالس على بساط احمر في وسط داره وانا اقول ان كان داود اوتي ملكا عظيما فالذي أئتيه محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) واهل بيته (عليهم السلام) اعظم واجل وقلت في نفسي اللهم إني ما اشك في حجتك على خلقك واما جعفر فبين لي فيه آية تزيدني ثباتا ويقينا فرفع رأسه الي وقال قد اوتيت سؤلك يا موسى يا مفضل ناولني النواة واشار بيده الى نواة في جانب الدار فاخذتها وناولته اياها فجمع سبابته عليها وغمرها في الارض فغيبها ودعا بدعوات سمعت يقول: اللهم فالق الحب والنوى، ولم اسمع الباقي، وإذا تلك النواة نبتت نخلة واخذت تعلو حتى صارت بازاء علو الدار ثم حملت حملا حسنا وتهدلت ونارت ورطبت وانا انظر إليها فقال لي يا مفضل اهززها فهززتها فنثرت علينا في الدار رطبا جنيا ليس مما رأى الناس ولا عرفوه ولا اكلوا اصفى منه وهو اصفى من الجوهر واعطر من روائح المسك والعنبر توري كالمرأة فقال لي: التقط وكل فالتقطت واكلت فقال ضم كلما سقط من هذا الرطب واهده الى مخلص شيعتنا الذين اوجب الله لهم الجنة، فلا يحل هذا الرطب الا لهم فاهد الى كل نفس منهم واحدة، قال المفضل: فضممت ذلك الرطب وظننت اني لا اطيق حمله فخف حتى حملته الى منزلي وفرقته فيمن أمرني به ممن هو بالكوفة


 

[ 256 ]

فخرج باعدادهم لا يزيد رطبة ولا ينقص رطبة فرجعت إليه فقال لي: اعلم يا مفضل ان هذه النخلة تطاولت وانبسطت في هذه الدنيا فلم يبق مؤمن ولا مؤمنة من شيعتنا بالكوفة وغيرها بمقدار مضيك الى منزلك ورجوعك إلينا الا وقد وصل إليهم منها فهذا فضل من الله اعظم الى جدنا محمد (عليه السلام) وان الكتب من شيعتنا سترد الينا واليك من طول الدنيا وعرضها بان النخلة وصلت إليهم جميعا وطرحت الى كل واحد منهم رطبة، قال المفضل: فلم تزل الكتب ترد عليه من سائر الشيعة من سائر الدنيا بذلك فعرفت عددهم من كتبهم. وعنه عن الحسين بن مسعود، عن عبد الله بن زيد التمار، عن هشام بن جعفر الوشا، عن الحسين بن مسكان، عن بشار الشعيري، عن المفضل بن عمر، قال: خرج أبو عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) وأنا معه إلى بعض قرى سواد الكوفة، فلما رجعنا رأينا على الطريق رجلا يلطم رأسه ويدعو بالويل والعويل وبين يديه حمار قد خنق، كان عليه رحله وزاده فنظرت إليه فرحمته فقلت: لو ادركت يا مولاي هذا البائس رحمتك ودعوت له ان يحيي حماره، قال يا مفضل: اني افعل هذا به فاسال الله تعالى فيحييه له فإذا احييناه سالنا من نحن فنعرفه انفسنا فيدخل الكوفة فينادي علينا فيها ويقول للناس هاهنا رجل يعرف بجعفر بن محمد وهو ساحر كذاب فيقولون له ما رأيت من سحره فيحدثهم بالذي كان، فإذا سمعوه فرحت شيعتنا واغتم اعداؤنا وينسبوننا الى السحر والكهانة وان الجن تحدثنا وتطيعنا ويكذبون علينا، فادن منه وخذ عليه العهد ان احيينا له حماره لا يشنع علينا فانه يعطيك ولا يفي وما تشنيعه علينا بضار بل يشنع علينا اكثر اهل الكوفة، من اعدائنا، قال المفضل: فدنوت منه فقلت له: ان احيى سيدنا لك حمارك تكتم عليه ولا تشنع به قال: نعم واعطى عهد الله وميثاقه على ذلك فحلف ودنا سيدنا أبو عبد الله الصادق (صلوات الله عليه) من حماره وتكلم بكلمات، وقال


 

[ 257 ]

لصاحب الحمار امدد برأسه فمده فنهض حيا وحمل عليه رحله ودخل الكوفة ونادى وشنع في الناس والطرق، وقال: ان ها هنا ساحر يعرف بجعفر بن محمد مر بحماري وهو ميت فتكلم عليه بسحره فاحياه فشنع اكثر الناس المخالفين من اجل ذلك وقال لي: من قابل اخرج يا مفضل: فانك تلقى صاحب الحمار سائل العينين اصم الاذنين مقطوع اليدين والرجلين اخرس اللسان على ظهر ذلك الحمار يطاف به فكان كما قال (صلوات الله عليه). وروي عن محمد بن زيد، عن ابراهيم بن اسحاق، عن محمد بن عبيد الله الجوهري، عن علي بن ابراهيم، عن حمران بن اعين، عن أبي هارون المكفوف، عن ابي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال أبو هارون: خرجت اريده فلقيني بعض اعدائه فقال اعمى يسعى الى عند اعمى فمصيركما الى النار يا سحرة يا كفرة فدخلت على مولاي الصادق (صلوات الله عليه) حزينا باكي العين، وعرفته ما جرى فاسترجع وقال: يا هارون لا يحزنك ما قاله عدونا فوالله ما اجترأ الا على الله وقد نزلت به في الوقت عقوبة اندرت ناظريه من عينيه وجعلت أنت من بعده بصيرا ومن علامة ذلك خذ هذا الكتاب فاقرأه قال أبو هارون: فاخذت الكتاب ففضضته وقرأته إلى آخر حرف منه ثم قال: لا تنظر في امر يهمك الا رأيته لا تحجب بعد يومك هذا الا عن ما لا يهمك، قال أبو هارون: فصرفت قائدي من الباب وجئت الى بيتي انظر الى طريقي وإلى ما يهمني وقرأت سكك الدراهم والدنانير ونقش الفصوص وتزويق السقوف ولم احجب الا عما لا يعنيني فاني لم أكن اراه وسالت عن الرجل فوجدته لم يبلغ بعض طريقه الى داره حتى فقد ناظريه من عينيه وافتقر وكان ذا مال فكان يسال الناس عن الطريق. وعنه عن محمد بن قاسم العطار، وعلي بن عاصم الكوفي، قالا جميعا: حدثنا علي بن عبد الله الحسني، عن أبي هاشم داود بن القاسم


 

[ 258 ]

الجعفري، عن علي بن احمد البزاز صاحب جعفر (صلوات الله عليه)، قال هاشم: جلست بين يديه اسمع منه ولا أسال * وجلست عشرين سنة اساله ويحبيبني، فقلت له يوما: وقد دخل عليه عبد الله الديصاني وجماعة معه من اصحابه وقد ساله فقال له: يا ابا عبد الله يقدر ربك يجمع السماوات والارض في بيضة لا تكبر البضة ولا تضغر السماوات والارض، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) انظر بعينيك يا ديصاني ماذا ترى، فقال أرى سماء وارضا وجبالا وبحارا وانهارا وضروبا من الخلق في صور شتى فقال له: ويحك يا ديصاني انت ترى هذا كله في ناظريك الذي هو اقل من عدسة ولا يكبر ناظريك ولا يصغر ما تراه فالذي يجمع السماوات والارض في بيضة لا تكبر البيضة ولا تصغر السماوات والارض هو الذي جمع هذا كله في ناظريك ولم يصغر ما تراه فكان آخر كلامه أن قال له: ما اسمك فسك الديصاني فهزه اصحابه فقال لهم: اسمي عبد الله، فقال: ويحك كيف تجحد من انت عبده فانقطع عن الكلام وسكت فلما خلا المجلس قلت له: يا ابا عبد الله اما رحمتك وسعت كل شئ فقد حملتني منها عظيما فارني دلالة من دلائلك فقال: يا ديصاني حدث هاشم بقصتك فقلت في نفسي اوليس قد خرج الديصاني وخلا المجلس فإذا بالديصاني وحده واقف بين يديه ينتفض ويرتعد فقال حدثه لا أم لك فقال الديصاني: يا هاشم القدرة لله رب العالمين رب السماوات والارض وهي في هذا الرجل ولقد والله دعا علي سبع مرات وزجرني سبع زجرات يقول لي بعد كل زجرة إن لم تقر بالله فكن قردا فصرت قردا وخضعت وخشعت وبكيت بين يديه فردني بشرا سويا فلم اقر بالله فقال لي: كن خنزيرا وكن وزغا وكن جريا وكن حديدا فكلا اكون واستقيله فيردني ولا أقر بالله الى غايتي هذه ولا ادري ما يفعل فقلت لا اله الا الله ما اعظم جرمك واشد كفرك فقال له: الحق باصحابك فانهم منتظروك في الموضع الذي اخذناك منهم فقص عليهم قصتك فغاب الديصاني فقلت له يا


 

[ 259 ]

مولاي فإذا قال لهم يؤمنون فقال والله لا يزيدهم ذلك الا كفرا ولا يؤمنون الا على ذلك ويحشرون الى النار قال هاشم: وكنت اعرف القوم واسال عنهم واسالهم فما ماتوا الا على كفرهم.