بسمه تعالى



-اسم موضوع: بحار73

............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 1 سطر 1 إلى صفحه 6 سطر 14

[ 1 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا إلى الصلاة لتنهانا عن الفحشاء والمنكر ،
وإلى ذكره الذي هو أكبر ، والصلاة على خير من صلى وكبر ،
وتنظف وتطهر ، وبشر وأنذر ، محمد وآله النجوم الانثي عشر ،
شفعاء المحشر ، وأفضل من مضى ومن غبر .
أما بعد ، فيقول الخاطئ العاثر محمد بن محمد المدعو بباقر
رزقهما الله شفاعة مواليهما في اليوم الاخر ، هذا هو الجزء الثامن عشر
من كتاب بحار الانوار ، وهو يشتمل على كتابين : كتاب الطهارة
وكتاب الصلاة ، وقد عدلنا عن رموز الكتب إلى التصريح بها لشدة
الحاجة إلى تلك المطالب ، واحتمال التصحيف والاشتباه فيها وعلى
الله توكلنا في جميع امورنا وإليه المصير .
[ 2 ]
* ( كتاب الطهارة ) *
* ( أبواب المياه وأحكامها ) *
* ( باب 1 ) *
* ( طهورية الماء ) *
الايات : البقرة : إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ( 1 ) .
[ الانفال : وينزل عليكم من لسماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم
رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام ( 2 ) .
التوبة : فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين ( 3 ) . ]
الفرقان : وأنزلنا من السماء مآء طهورا ( 4 ) .
تفسير : الاية الاولى تدل على رجحان التطهر ، وأظهر أفراده التطهر
بالماء ، ويؤيده ما رواه الصدوق رضي الله عنه في الفقيه ( 5 ) قال : كان الناس
يستنجون بالاحجار فأكل رجل من الانصار طعاما فلان بطنه فاستنجى بالمآء فأنزل
* ( هامش ص 2 ) * ( 1 ) البقرة : 222 .
( 2 ) الانفال : 11 .
( 3 ) براءة : 108 والايتان ساقطتان عن المطبوعة .
( 4 ) الفرقان : 48 .
( 5 ) الفقيه ج 1 ص 20 طبعة النجف في أربع مجلدات ، وطبع ايران ج 1 ص 11 .
[ 3 ]
الله سبحانه " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله
فخشي أن يكون قد نزل فيه أمر يسوؤه ، فلما دخل قال له رسول الله صلى الله عليه وآله :
هل عملت في يومك هذا شيئا ؟ قال : نعم يا رسول الله أكلت طعاما فلان بطني
فاستنجيت بالماء ، فقال له : أبشر ، فان الله تعالى قدأنزل فيك الاية .
والمشهور بين المفسرين أن المراد التواب من الذنوب ؟ والمتطهر
منها مطلقا أو التواب من الكبائر والمتطهر من الصغاير ، أو التواب من الذنوب
والمتطهر من الاقذار ( 1 ) وسيأتي بعض القول فيها .
وأما الاية الثانية فالمراد من السماء إما السحاب ، فان كل ما علا يطلق
عليه السماء لغة ، ولذا يسمون سقف البيت سماء ، وإما الفلك بمعنى أن ابتداء
نزول المطر منه إلى السحاب ، ومن السحاب إلى الارض ولا التفات إلى ما
زعمه الطبيعيون في سبب حدوث المطر ، فانه مما لم يقم عليه دليل قاطع ، وربما
يقال : إن المراد بانزاله من السماء أنه حصل من أسباب سماوية وتصعد أجزاء
رطبة من أعماق الارض إلى الجو فينعقد سحابا ماطرا وقد مر القول فيه في كتاب
السماء والعالم .
ثم المشهور في سبب نزولها أنها نزلت في بدر بسبب أن الكفار سبقوا
المسلمين إلى الماء فاضطر المسلمون ونزلوا إلى تل من رمل سيال لا تثبت
فيه أقدامهم ، وأكثرهم خائفون لقلتهم وكثرة الكفار ، فباتوا تلك الليلة على
* ( هامش ص 3 ) * ( 1 ) ظاهر التطهير والتطهر هو ازالة القذارات عن النفس والبدن ، وكل قذارة لها
طهارة مزيلة والطهارة من القذارات المعنوية بالتوبة والتخلق بضدها ، والطهارة من القذارات
المادية بازالتها بالتراب أو الماء ، والسنة في الاستنجاء هى الاحجار الثلاثة الترابية .
والافضل التطهير بالماء ، لانه اطهر من التراب ، وانما كان أفضل لان السنة انما اتخذت
في مكة والمدينة ، حيث لم يكن مصانع للماء ولا بيت الخلاء للبراز ، وهذاكما قال الصادق
عليه السلام أن نتف الابط والعانة سنة لرسول الله ، والافضل الطلى ، حيث لم يكن في زمن
الرسول صلى الله عليه وآله داوء يطلى به .
[ 4 ]
غيرماء فاحتلم أكثرهم ، فتمثل لهم إبليس وقال : تزعمون أنكم على الحق
وأنتم تصلون بالجنابة وعلى غير وضوء ، وقد اشتد عطشكم ، ولو كنتم على الحق
ما سقبوكم إلى الماء ، وإذا أضعفكم العطش قتلوكم كيف شاؤا ، فأنزل الله عليهم
المطر وزالت تلك العلل ، وقويت قلوبهم ، ونزلت الاية .
فتدل ظاهرا على تطهيرماء المطر للحدث والخبث ( 1 ) ولعل المراد بتطهير
الله إياهم توفيقهم للطهارة ، وقيل : الحكم به بعد استعمال الماء على الوجه المعتبر
والمراد بقوله : " وليطهركم به " الطهارة من النجاسة الحكمية أعني الجنابة و
الحدث الاصغر أو منها ومن العينية أيضا كالمنى .
ويراد برجز الشيطان ( 2 ) إما الجنابة فانها من فعله ، وإما وسوسته لهم ،
والربط على القلوب يراد به تشجيعها وتقويتها ووثوقها بلطف الله بهم ، وقيل : إن
هذا المعنى هو المراد أيضا بتثبيت أقدامهم .
وبالجملة الاية تدل على تطهير ماء المطر للحدث والخبث في الجملة
وأما الاستدلال بها على مطهرية الماء مطلقا فلا يخلو من إشكال ( 3 ) .
وأما الاية الثالثة فتدل في الجملة على مدح التطهر من الاقذار لاسيما
بالماء ، وقد روي عن الباقر والصادق عليهما السلام أنها نزلت في أهل قبا لجمعهم في
الاستنجاء عن الغائط بين الاحجار والماء ، وروي لاستنجائهم بالماء ، وقيل : ربما
* ( هامش ص 4 ) * ( 1 ) ليس يمن الله عزوجل بأنه نزل المطر ليطهرهم بماء المطر لمزيته على سائر
المياه ، بل المنة لاجل أنهم جيئوا بالماء من فوق رأسهم من دون أن يشقوا أنفسهم بحفر
القليب وتهيئة الدلاء والرشا وغير ذلك ، والمطر من منن الله العظام ، فانه يرفع بقدرته
ومشيئته المياه من البحار ويركمها سحابا يسوقه إلى حيث يشاء ، فيعصره وينزل بالمطر
فيتلبد الارض وينبت العشب والكلاء والحبوب والاثمار ، ثم تسيل من الوادى إلى القرار
فيأخذه الناس لحاجاتهم .
( 2 ) ولعل المراد برجز الشيطان هو الذى أمر بهجره في قوله تعالى : " والرجز
فاهجر " ، فيناسب كون المراد به المنى وآثار الجنابة .
( 3 ) قد عرفت أنه لا اشكال في الاستدلال بها .
[ 5 ]
دلت على استحباب المبالغة في الاجتناب من النجاسات ، ولا يبعد فهم استحباب النورة
وأمثالها ، بل استحباب الكون على الطهارة وتأييد لدلايل الاغسال المستحبة ، و
استحباب المبالغة في الاجتناب عن المحرمات والمكروهات ، والاجتناب عن
محال الشبهات ، وكل ما فيه نوع خسة ودناءة ، والحرص على الطاعات
والحسنات ، فانهن يذهبن السيئات ، فان الطهارة إن كان لها شرعا حقيقة
فهي رافع الحدث أو المبيح للصلاة ، وهنا ليست مستعملة فيه اتفاقا فلم يبق إلا
معناها اللغوي العرفي أي النزاهة والنظافة ، وهي يعم الكل انتهى .
وأكثر ما ذكر لا يخلو من مناقشة كما لا يخفي .
وأما الاية الرابعة فاستدل بها على طهارة مطلق الماء ومطهريته ، و
اورد على بأنه ليس في الكلام ما يدل على العموم ، وإنما يدل على أن الماء
من السماء مطهر ، وبأن الطهور مبالغة في الطاهر ، ولا يدل على كونه
مطهرا بوجه .
واجيب عن الاول بأن ذكره تعالى ماء مبهما غير معين ووصفه بالطهورية
والامتنان على العباد به ، لا يناسب حكمته تعالى ولا فائدة في هذاالاخبار ولا
امتنان فيه ، فالمراد كل ماء يكون من السماء ، وقددلت آيات اخر على أن
كل المياه من السماء نحو قوله تعالى : " وأنزلنا من السمآء مآء بقدر فأسكناه
في الارض وإنا على ذهاب به لقادرون " ( 1 ) .
وقوله سبحانه : " ألم تر أن الله أنزل من السمآء ماء فسلكه ينابيع
في الارض ( 2 ) .
* ( هامش ص 5 ) * ( 1 ) المؤمنون : 18 .
( 2 ) الزمر : 21 . ولكن الايتين وأمثالهما لم تتضمن أن كل ماء انزلناه من السماء
بل نكر الماء فقال " من السماء ماء " والمراد به أن مياه الانهار والعيون ليس من نفس
الارض تجرى وتنبع ، وانما هى ماء المطر تنزل على رؤس الوادى والجبال فيسيل في
[ 6 ]
وعن الثاني بأن كثيرا من أهل اللغة فسر الطهور بالطاهرفي نفسه المطهر
لغيره ، والشيخ في التهذيب أسنده إلى لغة العرب ، ويؤيده شيوع استعماله في
هذا المعنى في كثير من الاخبار الخاصية والعامية ، كقول النبي صلى الله عليه وآله : " جعلت
لي الارض مسجدا وترابها طهورا " ( 1 ) ولو أراد الطاهر لم يثبت المزية وقوله
صلى الله عليه وآله وقد سئل عن الوضوء بماء البحر " هو الطهور ماؤه الحل
ميتته " ( 2 ) ولو لم يرد كونه مطهرا لم يستتم الجواب ، وقوله صلى الله عليه وآله : طهور إناء
أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعا ( 3 ) .
وقال بعضهم : الطهور بالفتح من الاسماء المتعدية ، وهو المطهر غيره ،
وأيده بعضهم بأنه يقال : ماء طهور ولا يقال : ثوب طهور ، ويؤيد كون الطهور
في الاية بمعنى المطهر موافقتها للاية الثانية .
واحتج عليه الشيخ بأنه لاخلاف بين أهل النحو في أن اسم فعول موضوع
للمبالغة وتكرر الصفة ، ألا ترى أنهم يقولون : فلان ضارب ، ثم يقولون ضروب
إذا تكرر ذلك منه وكثر ، قال : وإذا كان كون الماء طاهرا ليس مما يتكرر
ويتزايد فينبغي في إطلاق الطهور عليه غير ذلك ، وليس بعد ذلك إلا أنه مطهر


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 6 سطر 15 إلى صفحه 14 سطر 2

* ( هامش ص 6 ) * الانهار أو ينضب في خلال الجبال والرمال فيسلك إلى ينابيع الارض ، وهذا من عظيم المنن
حيث حمل المياه من البحار إلى السماء ثم أمطرها على الارض فسلكها في الانهار والعيون
لينتفع به الناس ، ولولم يكن مطر لغار العيون والابار وخلت الانهار " قل ان أصبح ماؤكم
غورا فمن يأتيكم بماء معير " ؟ .
( 1 ) تراه في أمالى الصدوق ص 130 الخصال ج 1 ص 140 المحاسن ص 365 ، ورواه
في المعتبر ص 158 وتراه في سنن أبى داود ج 1 ص 114 .
( 2 ) تراه في المعتبرص 7 ، وبمضمونه أحايث اخر راجع الكافى ج 3 ص 1 ،
قرب الاسناد ص 84 ط حجر وفى كتبهم سنن أبى داود ج 1 ص 19 .
( 3 ) الحديث متفق عليه بمضمونه عندنا ، وعندهم كما في مشكاة المصابيح ص 52
ولفظ الحديث رواه مسلم .
[ 7 ]
وفيه ما لا يخفى ، وقيل : الطهور هنا اسم آلة بمعنى مايتطهر به كالوضوء لما
يتوضؤ به ، والوقود لما يتوقد به ، بقرينة أن الامتنان بها أتم حينئذ .
قال في الكشاف : " طهورا " بليغا في طهارته ، وعن أحمد بن يحيى هو ما
كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره ، فان كان ما قاله شرحا لبلاغة في الطهارة كان
سديدا ، ويعضده قوله تعالى : " وينزل عليكم من السمآء مآء ليطهركم به " ( 1 )
وإلا فليس فعول من التفعيل في شئ ، والطهور في العربية على وجهين : صفة و
اسم غير صفة : فالصفة ماء طهور ، كقولك طاهر ، والاسم كقولك لما يتطهربه
طهور كالوضوء والوقود لما يتوضأ به ويتوقد به النار ، وقولهم تطهرت طهورا
حسنا كقولك وضوء حسنا ذكره سيبويه ، ومنه قوله صلى الله عليه وآله : " لا صلاة إلا بطهور "
أي بطهارة انتهى .
واعترضه النيشابوري بأنه حيث سلم أن الطهور في العربية على وجهين
اندفع النزاع ، لان كون المآء مما يتطهر به هو كونه مطهرا لغيره ، فكأنه
سبحانه قال : وأنزلنا من السماء ماء هو آلة الطهارة ، ويلزمه أن يكون طاهرا
في نفسه ، قال : ومما يؤكد هذا التقسير أنه تعالى ذكره في معرض الانعام ،
فوجب حمله على الوصف الاكمل ، وظاهر أن المطهر أكمل من الطهارة
انتهى ( 2 ) .
والحق أن المناقشة في كون الطهور بمعنى المطهر ، وإن صحت نظرا
إلى قياس اللغة ، لكن تتبع الروايات واستعمالات البلغاء يورث ظنا قويا بأن
الطهور في إطلاقاتهم المراد به المطهر ، إما لكونه صفة بهذا المعنى أو اسما لما
يتطهر به ، ، وعلى التقديرين يثبت المرام ، وسيأتي من الاخبار في هذا الكتاب
ما ينبهك عليه .
* ( هامش ص 7 ) * ( 1 ) الانفال : 11 .
( 2 ) راجع مسالك الافهام للفاضل الجواد ج 1 ص 90 .
[ 8 ]
الاخبار :
1 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن العلوي ، عن جده علي بن
جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته عن ماء البحر أيتوضأمنه ؟ قال :
لا بأس ( 1 ) .
2 - محاسن البرقى : عن بعض أصحابه رفعه عن ابن اخت الاوزاعي عن
مسعدة بن اليسع ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال علي عليه السلام : الماء يطهر و
لا يطهر .
ورواه عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام
عن النبي صلى الله عليه وآله ( 2 ) :
3 - نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام
عن النبي صلى الله عليه وآله مثله ( 3 ) .
بيان : الماء يطهرأي كل شئ حتى نفسه ، إذ حذف المفعول يدل على
العموم ، ولا يطهر من شئ إلا من نفسه لان التعميم بالاول أنسب .
ومن المعاصرين من ذهب إلى ظاهر العموم ( في ظاهر ) الثاني وقال : لا
يطهر نفسه أيضا ، وقال : إن الماء لا يتنجس من شئ حتى يطهره الماء أو شئ
آخر ، بل عند التغيير ، النجس هو ذلك الجسم الذي ظهر في المآء ، فاذا استهلك عاد
الماء إلى طهارته ، وفي القول به إشكال ، وإن لم يبعد من ظواهر بعض الاخبار .
وقال شيخنا البهائي قدس الله روحه : ربمايشكل حكمه عليه السلام بأن الماء
لا يطهر [ فان القليل يطهر ] ( 4 ) بالجاري وبالكثير من الراكد فلعله عليه السلام أراد أن
الماء يطهرغيره [ ولا يطهره غيره ] .
* ( هامش ص 8 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 84 ط حجر .
( 2 ) المحاسن ص 570 .
( 3 ) نوادر الراوندى ص 39 .
( 4 ) زيادة من الكمبانى .
[ 9 ]
فان قلت : هذا أيضا على إطلاقه غير مستقيم ، فان البئر يطهر بالنزح وهو
غيرالماء ؟
قلت : مطهر ماء البئر في الحقيقة ليس هو النزح ، وإنما هو الماء النابع
شيئا فشيئا وقت إخراج الماء المنزوح ، فالاطلاق مستقيم .
فان قلت : الماء النجس يطهر بالاستحالة ملحا إذ ليس أدون من الكلب إذا
استحال ملحا ، فقد طهر الماء غيره .
قلت : فقد عدم فلم يبق هناك ماء مطهر بغيره .
فان قلت : الماء النجس إذا شربه حيوان مأكول اللحم وصار بولا فقد طهر
الماء غير من الاجسام ، من دون انعدام .
قلت : كون المطهر له جوف الحيوان ممنوع ، وإنما مطهره استحالته بولا
على وتيرة ما تلوناه عليك في استحالته ملحا .
فان قلت : الماء القليل النجس لو كمل كرا بمضاف لم يسلبه الاطلاق طهر
عند جمع من الاصحاب ، فقد طهر الماء جسم مغاير له .
قلت : يمكن أن يقال بعد مماشاتهم في طهارته بالاتمام أن المطهر هنا هو
مجموع الماء لا المضاف .
4 - المعتبر : قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ
ما إلا غير لونه أو طعمه أو ريحه ( 1 ) .
السرائر : مثله ونقل أنه متفق على روايته ( 2 ) .
5 - دعائم الاسلام : عن علي عليه السلام قال : من لم يطهره البحر فلا
طهر له ( 3 ) .
6 - الهداية : للصدوق : الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر .
* ( هامش ص 9 ) * ( 1 ) المعتبر : ص 9 .
( 2 ) السرائر ص 7 و 8 .
( 3 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 111 .
[ 10 ]
7 - المقنعة : عن الباقر عليه السلام قال : أفطر على الحلوفان لم تجده فأفطرعلى
الماء فان الماء طهور .
بيان : لعل المراد هناالطهور من الذنوب كما سيأتي ( 1 ) .
8 - المعتبر : قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وقدسئل عن ماء البحر فقال : هو الطهور
ماؤه الحل ميتته ( 2 ) .
بيان : لعل المراد بالميتة مالم ينحر ولم يذبح ، فان السمك يحل بخروجه
عن الماء من غير ذبح ونحر .
9 - ارشاد القلوب : للديلمي عن موسى بن جعفر ، عن آبائه ، عن علي
أمير المؤمنين عليهم السلام أنه عليه السلام قال : في ذكر فضايل نبينا صلى الله عليه وآله وامته على الانبياء
واممهم : إن الله سبحانه رفع نبينا صلى الله عليه وآله إلى ساق العرش فأوحى إليه فيما أوحى :
كانت الامم السالفة إذاأصابهم أذى نجس قرضوه من أجسادهم ، وقد جعلت الماء
طهورا لامتك من جميع الانجاس والصعيد في الاوقات ( 3 ) .
بيان : لعله لم يكن الدم نجسا في شرعهم ، أوكان هذامعفوا ( 4 ) .
* ( هامش ص 10 ) * ( 1 ) بل هو طهور للرجز - رجز الشيطان - من باطن الامعاء ، فيزيد في صحة البدن .
( 2 ) المعتبر : 7 .
( 3 ) ارشاد القلوب ج 2 ص 222 .
( 4 ) لايستلزم ذلك طهارة الدم في شرعهم أو كونه معفوا عفه ، فان المراد بالقرض
تمسح خزف أو حجر أو تراب على الموضع النجس لتزول به النجاسة ويزول وينقرض الجلد
الذى نجس ، وما كان يكفى لهم الغسل بالماء ، وأما قرض الموضع النجس من اللباس وغير ذلك
كما وقع في سائر الاخبار ، فهو خال عن الاشكال بالمرة .
[ 11 ]
* ( باب 2 ) *
* ( ماء المطر وطينه ) *
1 - قرب الاسناد : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه
عليه السلام قال : سألته عن البيت يبال على ظهره ويغتسل من الجنابة ، ثم يصيبه
المطر ، أيؤخذ من مائه فيتوضأ للصلاة ؟ قال : إذا جرى فلا بأس ( 1 ) .
وعنه عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن رجل مر في ماء مطر قدصبت فيه خمر
فأصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل أن يغسله ؟ قال : لا يغسل ثوبه ولا رجيله ويصلي
ولابأس ( 2 ) .
وعنه عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن الكنيف يكون فوق البيت ، فيصيبه
المطر فكيف فيصيب الثياب أيصلي فيها قبل أن تغسل ؟ قال : إذا جرى من ماء المطر
فلا بأس [ يصلي فيها خ ] ( 3 ) .
كتاب المسائل : عن أحمد بن موسى بن جعفر بن أبي العباس ، عن أبي
جعفر بن يزيد بن النضر الخراساني ، عن علي بن الحسن العلوي ، عن علي بن
جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام مثله ( 4 ) .
بيان : قوله عليه السلام : " إذ جرى " استدل به على ما ذهب إليه الشيخ من
اشتراط الجريان ( 5 ) ولم يشترطه الاكثر ، ويمكن أن يكون الاشتراط هنا لنفوذ
* ( هامش ص 11 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 83 ، ط حجر .
( 2 ) قرب الاسناد ص 83 وص 116 ط نجف .
( 3 ) قرب الاسناد ص 116 ط نجف ص 89 ط حجر .
( 4 ) راجع بحار الانوار ج 4 ص 158 ط ك وج 10 ص 288 طبعتنا هذه .
( 5 ) والمراد بالجريان جرى ماء المطر بحيث يذهب بعين النجاسة وأثرها إلى
الميزاب ثم إلى صحن الدار ، ان كان السطح متحجرا ، والى باطن السطح ان كان مطينا ،
[ 12 ]
النجاسة في السطح حتى يستولي على النجاسة ، كما يدل عليه قوله : " يبال على
ظهره " والظاهر أن السؤال عن الاغتسال لنجاسة المني .
والجواب عن السؤال الثاني إما مبني على عدم نجاسة الخمر كما نسب
إلى الصدوق ، أو على كون المرور حال نزول المطر مع عدم التغير أو بعده مع
الاستهلاك حالته ، أو مع كرية غير المتغير ، وبالجملة الاستدلال به على كل
من المطلبين مشكل .
والجواب عن الثالث يدل على أن ماء المطر مع الجريان مطهر ، وفي
اشتراط الجريان مامر من الكلام ، إذ الكنيف بدون الجريان يتغير منه ماء المطر
ويقال : وكف البيت بالفتح وكفا ووكيفا إذا تقاطر الماء من سقفه فيه .
2 - فقه الرضا : إذا بقي ماء المطر في الطرقات ثلاثة أيام نجس ، واحتيج
إلى غسل الثوب منه ، وماء المطر في الصحاري يجوز الصلاة فيه طول الشتو .
3 - السرائر : من كتاب محمد بن على بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن
محمد بن إسماعيل ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن عليه السلام في طين المطر أنه لا
بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلا أن يعلم أنه قد نجسه شئ بعد المطر ( 1 ) .
بيان : لهذه الرواية في ساير الكتب تتمة فان أصابه بعد ثلاثة أيام غسله ،
وإن كان طريقا نظيفا لم يغسله ( 2 ) واستدل به على عدم انفعال ماء المطر حال
* ( هامش ص 12 ) * فيطهر ظاهر السطح ، في أول الجريان كما هو قضية الحديث الاول ، ثم بعد الجريان وذهاب
الماء بالنجاسة من الميزاب لا بأس بالماء المأخوذ من الميزاب فانه طاهر مطهر .
واما الحديث الثالث فالمراد أن الوكوف اذا كان من ماء المطر فلابأس ، وأما اذا
كان من محل الكنيف ومخلوطا بالنجاسة ، فلا يكون طاهرا لنجاسة باطن السطح من دون
أن يرى المطر ، نعم اذا جرى ماء المطر من ظاهر السطح إلى الباطن ، ثم جرى في
الباطن ووكف إلى الارض بحيث ذهب بجريانه وغوره بنجاسة باطن السطح طهر بعد ذلك
كله كما هو ظاهر .
( 1 ) السرائر ص 478 .
( 2 ) راجع الكافى ج 3 ص 13 .
[ 13 ]
التقاطر بالملاقات لحصر البأس في طين المطر فيما إذا نجسه شئ بعد المطر ، ففيما
عداه لا بأس ، وهو شامل لما إذا كانت الارض نجسة قبل المطر فيستفاد منه تطهير
المطر الارض وفيه كلام .
وقال في المعالم : اشتهر في كلام الاصحاب الحكم باستحباب إزالة طين المطر
بعد ثلاثة أيام من وقت انقطاعه ، وأنه لا بأس به في الثلاثة مالم يعلم فيه نجاسة ،
والاصل فيه رواية محمد بن إسماعيل ، انتهى ، ويظهر من الخبر أن مع علم عدم النجاسة
بل مع ظنه لا يحسن الاجتناب قبل الثلاثة وبعدها .
وقال العلامة في التحرير : لو وقع عليه في الطريق ماء ولا يعلم نجاسته لم
يجب عليه السؤال إجماعا وبنى على الطهارة .
4 - كتاب المسائل : بالاسناد ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام
قال : سألته عن المطر يجري في المكان فيه العذرة فيصيب الثوب أيصلي فيه قبل أن
يغسل ؟ قال : إذا جرى به المطر فلا بأس ( 1 ) .
بيان : يشمل القليل والكثير ، فيدل على عدم انفعال القليل في حال نزول
المطر ولا بد من حمله عليه وعلى عدم التغير .
ثم اعلم أن ظاهر أكثر الاخبار عدم انفعال الماء المجتمع من المطر لا مطلق
القليل فتأمل .
* ( هامش ص 13 ) * ( 1 ) قد طبع كتاب المسائل في البحار ج 10 من هذه الطبعة ترى نص الحديث
ص 260 وفى قوله " اذا جرى به " تأييد لما قلناه ص 11 و 12 .
[ 14 ]
* ( باب 3 ) *
* ( حكم الما القليل وحد الكثير وأحكامه ) *


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 14 سطر 3 إلى صفحه 22 سطر 3

* ( وحكم الجارى ) *
1 - قرب الاسناد وكتاب المسائل بالاسنادين المتقدمين ، عن علي بن
جعفر ، عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن الدجاجة والحمامة وأشباههن تطأ
العذرة ثم تدخل في الماه أيتوضأ منه ؟ قال : لا إلا أن يكون الماء كثيرا قدر كر
[ من ماء خ ] ( 1 ) .
قال : وسألته عن الرجل يتوضأ في الكنيف بالماء يدخل يده فيه أيتوضأ
من فضله للصلاة ؟ قال : إذا أدخل يده وهي نظيفة فلا بأس ، ولست أحب أن يتعود
ذلك إلا أن يغسل يده قبل ذلك ( 2 ) .
وسألته عن جنب أصابت يده من جنابته فمسحه بخرقة ثم أدخل يده في غسله
قبل أن يغسلها هل يجزيه أن يغتسل من ذلك الماء ؟ قال : إن وجد ماء غيره فلا
يجزيه أن يغتسل به ، وإن لم يجد غيره أجزأه ( 3 ) .
بيان : الجواب الاول يدل على انفعال القليل ، واشتراط الكرية في عدمه
رداعلى ابن أبي عقيل ومن تبعه ، قوله : " يتوضأ في الكنيف " أي يستنجى ويدل
على انفعال القليل وإن كان البأس أعم من النجاسة ، ويدل على استحباب غسل
اليدمع النظافة أيضا .
* ( هامش ص 14 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 84 ط حجر وص 109 ط نجف وكتاب المسائل ج 10 ص
288 من بحار الانوار .
( 2 ) قرب الاسناد ص 109 ط نجف .
( 3 ) قرب الاسناد ص 110 ط نجف كتاب المسائل ج 10 ص 287 من البحار
بلفظ غير هذا .
[ 15 ]
والجواب الاخير يدل على عدم انفعال القليل ، وأن رعاية الكرية
للاسحباب ، وحمله على الكر بعيد جدا ، ويمكن حمله على التقية أو على أن
المراد بقوله من جنابة ما يتبع الجنابة من العرق وشبهه ، لا المنى .
2 - علل الصدوق : عن أبيه ، عن سعد ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن يزيع
عن يونس ، عن رجل من أهل المشرق ، عن العيزار ، عن الاحول قال : دخلت على
أبي عبدالله عليه السلام فقال : سل عما شئت فارتجت علي المسائل ، فقال لي : سل ما
بدالك ، فقلت : جعلت فداك الرجل يستنجي فيقع ثوبه في الماء الذي استنجى ، به فقال :
لا بأس به ، فسكت فقال : أو تدري لم صار لا بأس به ؟ قلت : لا والله جعلت فداك
فقال عليه السلام : إن الماء أكثر من القذر ( 1 ) .
توضيح : قال الجوهري ارتج على القاري ء - على مالم يسم فاعله - إذا لم
يقدر على القراءة كأنه اطبق عليه ، كما يرتج الباب ، ولا تقل ارتج عليه
بالتشديد انتهى ، ويدل على طهارة غسالة الاستنجاء مع عدم التغيير ، بل يفهم من
التعليل عدم نجاسة غسالة الخبث مطلقا مع عدم التغيير .
واختلف الاصحاب في غسالة الخبث ، فذهب جماعة من القدماء إلى الطهارة
والاشهر النجاسة ، واستثني منهاغسالة استنجاء الحدثين ، فان المشهور فيها الطهارة
وقيل : إنه نجس لكنه معفو وهو ضعيف ، واشترط فيه عدم التغير وعدم وقوعه على
نجاسة خارجة وبعض عدم تميز أجزاء النجاسة في الماء وبعض عدم تقدم اليد
على الماء في الورود على النجاسة ، وبعض عدم زيادة الوزن . واشترط أيضا عدم
كون الخارج غير الحدثين ، وأن لا يخالط نجاسة الحدثين نجاسة اخرى ، وأن
لاتكون متعدية ، وإطلاق النص يدفع الجميع سوى الاولين والاخير مع التفاحش
بحيث لا يعد استنجاء .
3 - البصاير للصفار : عن إبراهيم بن هاشم ، عن أبي عبدالله البرقي ،
عن إبراهيم بن محمد ، عن شهاب بن عبد ربه قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام
* ( هامش ص 15 ) * ( 1 ) علل الشرائع ج 1 ص 271 .
[ 16 ]
وأنا اريد أن أسأله من الجنب يغرف الماء من الحب ؟ فلما صرت عنده أنسبت
المسألة ، فنظر إلى أبوعبدالله عليه السلام فقال : يا شهاب لابأس أن يغرف الجنب
من الحب ( 1 ) .
4 - ومنه : عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن شهاب بن عبد
ربه قال : أتيت أبا عبدالله عليه السلام أسأله فابتدأني فقال : إن شئت فاسأل يا شهاب ، و
إن شئت أخبرناك بماء جئت له ، قلت : أخبرني جعلت فداك ، قال : جئت لتسأل
عن الجنب يغرف الماء من الحب بالكوز فيصيب يده الماء ؟ قال : نعم ، قال :
ليس به بأس .
قال : وإن شئت سل وإن شئت أخبرتك ، قال : قلت له : أخبرني جعلت
فداك ، قال : جئت لتسأل عن الجنب يسهو ويغمر يده في الماء قبل أن يغسلها ؟
قلت : وذاك جعلت فداك : قال : إذا لم يكن أصاب يده شئ فلا بأس بذاك .
فسل وإن شئت أخبرتك قلت : أخبرني قال : جئت لتسألني عن الغدير يكون
في جانبه الجيفة أتوضأ أولا ؟ قال : نعم ، قال : فتوضأ من الجانب الاخرإلا أن
يغلب على الماء الريح فينتن .
وجئت لتسأل عن الماء الراكد من البئر ( 2 ) قال : فما لم يكن فيه تغيير
أو ريح غالبة - قلت : فما التغيير ؟ قال : الصفرة - فتوضأ منه وكلما غلب عليه كثرة
الماء فهو طاهر ( 3 ) .
بيان : قوله : " من البئر " كذا في أكثر النسخ فيدل على عدم انفعال
البئر بدون التغيير إلا أن يحمل على غير النابع مجازا ، وفي بعضها " من الكر "
فيوافق المشهور ، وذكر الصفرة على المثال .
5 - فقه الرضا : إن اغتسلت من ماء الحمام ولم يكن معك ما تغرف به
* ( هامش ص 16 ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ص 236 .
( 2 ) من الكر خ ل .
( 3 ) بصائر الدرجارت ص 238 .
[ 17 ]
ويداك قذرتان فاضرب يدك في الماء وقل : بسم الله ، هذا مما قال الله تبارك و
تعالى : " ما جعل عليكم في الدين من حرج " ( 1 ) .
وقال عليه السلام : كل غدير فيه من الماء أكثر من كر لا ينجسه ما يقع فيه من
النجاسات إلا أن يكون فيه الجيف فتغير لونه وطعمه ورائحته ، فاذا غيرته
لم تشرب منه ، ولم تطهر منه ، واعلموا رحمكم الله أن كل ماء جار لا
ينجسه شئ .
بيان : المراد بالقذر الدنس غير النجس والتسمية لجبر النجاسة الوهمية
وتدارك ترك المستحب من غسل اليد قبل إدخال القليل اضطرارا ، أو هي كناية عن
الشروع بلا توقف كما هو الشايع ، أو المراد الاتيان بالتسمية التي هي أول
الافعال المستحبة في الوضوء والغسل ، أو المراد بالقذر النجس فيحمل الماء
على الكر .
6 - السراير : من كتاب البزنطي ، عن عبدالكريم ، عن أبي بصيرقال : سألت
أبا عبدالله عليه السلام عن الجنب يجعل الركوة أو التور فيدخل أصبعه فيها ، فقال : إن
كانت يده قذرة فليهرقه ، وإن كان لم يصبها قذر فليغتسل به ، هذا مما قال الله
عزوجل " ما جعل عليكم في الدين من حرج " ( 2 ) .
بيان : قال : في النهاية الركوة إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء ، وقال :
التور إناء من صفر أوحجارة كالاجانة ، وقد يتوضأ منه .
7 - كشف الغمة : من كتاب الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري ، عن
أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : لما كان في الليلة التي وعد فيها علي بن الحسين عليه السلام
قال لمحمد : يا بني أبغني وضوء قال : فقمت فجئته بماء فقال : لا تبغ هذا ،
فان فيه شيئا ميتا ، قال : فخرجت فجئت بالمصباح فاذا فيه فارة ميتة ، فجئته
* ( هامش ص 17 ) * ( 1 ) الحج : 78 .
( 2 ) السرائر : 465 .
[ 18 ]
بوضوء غيره ( 1 ) .
البصاير : لسعد بن عبدالله ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن سعد بن مسلم
عن أبي عمران ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله ( 2 ) .
بيان : قال في النهاية : يقال : ابغني كذا بهمزة الوصل أي اطلب لي ، و
أبغني بهمزة القطع أي أعني على الطلب ، ومنه الحديث أبغوني حديدة أستطيب
بها بهمزة الوصل والقطع .
8 - كتاب المسائل بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى
عليه السلام قال : سألته عن جرة ماء فيه ألف رطل وقع فيه أوقية بول ، هل يصلح
شربه أو الوضوء منه ؟ قال : لا يصلح ( 3 ) .
9 - مجالس الصدوق : قال : روي أن الكرهو ما يكون ثلاثة أشبار طولا
في ثلاثة أشبار [ عرضا في ثلاثة أشبار عمقا ( 4 ) .
10 - المقنع : الكر : ما يكون ثلاثة أشبار طولا في عرض ثلاثة أشبار ]
في عمق ثلاثة أشبار .
وروي أن الكر ذراعان وشبرفي ذراعين وشبر .
وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن الماء الذي لا ينجسه شئ قال : ذراعان عمقه في
ذراع وشبر سعته .
وروي أن الكر ألف ومائتا رطل ( 5 ) .
تحقيق وتفصيل :
اعلم أن للاصحاب في معرفة الكر طرقين المقدار والاشبار ، والاول ألف
* ( هامش ص 18 ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 2 ص 308 ط اسلامية وص 208 ط حجر .
( 2 ) البصائر ص 483 .
( 3 ) كتاب المسائل ج 10 من البحار ص 290 .
( 4 ) أمالى الصدوق ص 383 .
( 5 ) المقنع ص 4 .
[ 19 ]
ومائتا رطل ، وظاهر المعتبر اتفاق الاصحاب عليه ، لكن اختلفوا في تعيين الارطال
فذهب الاكثر إلى أنه العراقي ، وذهب علم الهدى والصدوق إلى أنه المدني
وهو رطل ونصف بالعراقي والاول أظهر ، وأما الثاني فالمشهور أنه ثلاثة
أشبار ونصف في ثلاثة أشبار ونصف في ثلاثة أشبار ونصف .
وذهب الصدوق وجماعة من القميين إلى أنه ثلاثة في ثلاثة في ثلاثة يرتقي إلى
سبعة وعشرين وهذا لا يخلو من قوة ، وحكي عن ابن الجنيد تحديده بما بلغ
تكسيره نحوا من مائة شبر ، وعن القطب الراوندي بما بلغت أبعاده الثلاثة عشرة
أشبار ونصفا ولم يعتبر التكسير ، وقال المتأخرون من أصحابنا : ولم نقف لهما
على دليل .
وأماخبر الذراعين في ذراع وشبر فهو أصح الاخبار الواردة في هذا الباب
رواه الشيخ بسند صحيح عن إسماعيل بن جابر ( 1 ) فلو حملنا السعة على الطول و
العرض يصبر ستة وثلاثين شبرا ، وهذا وإن لم يعمل به أحد من حيث الاشبار
لكنه أقرب التحديدات من التحديد بحسب المقدار كما حققته في رسالة الاوزان
ولم أرمن تفطن به ، وترك العمل به حينئذ أغرب ولو حملناه على الحوض المدور
يصير مضروبه ثمانية وعشرين شبرا وسبعي شبر ، فيقرب من مذهب القميين ، و
ربما كان الشبران زائدين على الذراع بقليل ، ويؤيده أن راوي الخبرين واحد
وهو إسماعيل بن جابر والحوض المدور في المصانع والغدران التي بين الحرمين
شايع ، ولعل القطر بالسعة أقرب وأنسب .
وأما ذراعان وشبر في ذراعين وشبر فلم أره رواية ومذهبا إلا في هذا
الكتاب وهو أيضا إذا حملناه على الطول والعرض بأن حملنا الثاني على السعة التي
تشمل الطول والعرض أو يقال : اكتفى بذكر الجهتين عن الثالثة يصير مائة
وخمسة وعشرين ، ولم يقل به أحد ، ولو حملناه على الحوض المدور يصير مضروبه
ثمانية وتسعين وسبعا ونصف سبع ، ويقرب من مذهب ابن الجنيد مع أنه بني الكلام
على التقريب فهو يصلح أن يكون دليلا على مااختاره ، والاصوب حمله على
* ( هامش ص 19 ) * ( 1 ) راجع التهذيب ج 1 ص 12 ط حجر .
[ 20 ]
الاستحباب أو التقية .
11 - كتاب المسائل : بالاسناد المتقدم عن علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام قال : سألته عن الرجل يرعف وهو يتوضأ فيقطر قطرة في إنائه هل
يصلح له الوضوء منه ؟ قال : لا
وسألته عن رجل رعف فامتخط فطار بعض ذلك الدم قطرا قطرا صغارا فأصاب
إناءه هل يصلح الوضوء منه ؟ قال : إن لم يكن شئ يستبين في الماء فلابأس ، و
إن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه ( 1 ) .
بيان : استدل به على ما نسب إلى الشيخ من عدم انفعال القليل بما لا يدركه
الطرف من الدم ، ويمكن حمل السؤال على أن مراده أن إصابة الدم الاناء
معلوم ، ولكنه لايرى في الماء شيئا ، والظاهر وصوله إلى الماء أيضا والاصل
عدمه ، فهل يحكم هنا بالظاهر أوبالاصل ، وهو محمل قريب .
12 - نوادر الراوندى : باسناده إلى موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال :
قال علي عليه السلام : الماء الجاري لا ينجسه شئ .
وبهذا الاسناد قال : قال علي عليه السلام : الماء يمر بالجيف والعذرة والدم يتوضأ
منه ويشرب ليس ينجسه شئ ( 2 ) .
بيان : حمل على الجاري أو الكثير مع عدم التغيير والاول أظهر .
13 - دعائم الاسلام : عن أمير المؤمنين عليه السلام قال في الماء الجاري يمر
بالجيف والعذرة والدم : يتوضأ منه ويشرب ، وليس ينجسه شئ مالم يتغير أوصافه
طعمه ولونه وريحه .
وعنه صلوات الله عليه أنه قال : ليس ينجس الماء شئ .
وعن أبي عبدالله عليه السلام أنه سئل عن ميضاة كانت بقرب مسجد تدخل الحائض
فيها يدها أو الغلام فيها يده قال : توضأ منها فان الماء لاينجسه شئ .
* ( هامش ص 20 ) * ( 1 ) كتاب المسائل ج 10 ص 256 من البحار .
( 2 ) نوادر الراوندى ص 39 .
[ 21 ]
وعنه عليه السلام أنه سئل عن الغدير يكون بجانب القرية يكون فيه العذرة ،
ويبول فيه الصبي ، وتبول فيه الدابة وتروث ، قال : إن عرض بقلبك شئ
منه فقل هكذا ( 1 ) وتوضأ - وأشار بيده أي حركه وأفرج بعضه عن بعض
- وقال : إن الدين ليس بضيق قال الله عزوجل : " ماجعل عليكم في الدين
من حرج " .
وسئل عليه السلام عن غدير فيه جيفة فقال : إن كان الماء قاهرا لا يوجد فيه
ريحها فتوضأ ( 2 ) .
وسئل أيضا عن الغدير تبول فيه الدواب ، وتلغ منه الكلاب ، ويغتسل منه
الجنب والحائض ، فقال : إن كان قدر كر لم ينجسه شئ .
وسئل عن الغدير يبول فيه الدواب وتروث ، ويغتسل فيه الجنب ، فقال :
لا باس إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزل بأصحابه في سفر لهم على غدير ، وكانت دوابهم
تبول فيه وتروث ، فيغتسلون فيه ويتوضؤون منه ويشربون .
وعنه عليه السلام أنه قال : إذا مر الجنب بالماء وفيه الجيفة أو الميتة
فان كان قد تغير لذلك طعمه أو ريحه أو لونه فلا يشرب منه ، ولا يتوضأ
* ( هامش ص 21 ) * ( 1 ) في المصدر المطبوع فافعل هكذا ، وهو تصحيف من المصحح ، فان لفظ الحديث
في سائر المجاميع أيضا كما نقله في المتن ( راجع التهذيب ج 1 ص 118 ط حجر ، وج 1
ص 417 ط نجف ) وقوله " فقل هكذا " " قل " فعل أمر يعبر به عن التهيؤ للافعال والاستعداد
لها كما يقال : " قال فأكل " و " قال فضرب " و " قال فتكلم " واما " هكذا " فقيل انه اسم سمى
به الفعل ، فقد وقع في الحديث ( سيرة ابن هشام ج 2 ص 414 ) : " اذ أقبل خراش بن
امية مشتملا على السيف فقال هكذا عن الرجل ، ووالله ما نظن الا أنه يريد أن يفرج الناس
عنه ، فلما انفرجنا عنه حمل عليه فطعنه بالسيف في بطنه " وحكى عن أبى ذر أن هكذا اسم
سمى به الفعل ومعناه تنحوا عن الرجل ، وعن متعلقة بما في هكذا من معنى الفعل ، لكن
الظاهر أن القائل " هكذا " يشير بيديه ما يؤدى معنى الانفراج كما فهمه الراوى .
( 2 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 111 .
[ 22 ]
ولا يتطهر منه .
وعنه عن آبائه عليهم السلام قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الماء ترده السباع
والكلاب والبهائم فقال : لما ما أخذت بأفواهها ولكم ما بقي ( 1 ) .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 22 سطر 4 إلى صفحه 30 سطر 4

14 - الهداية : لا يفسد الماءإلا ما كانت له نفس سائلة ، وإذا كان الماء
كرا لم ينجسه شئ ، والكر ثلاثة أشبار طول ، في عرض ثلاثة أشبار ، في عمق
ثلثة أشبار ، وإن أهل البادية سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا : يا رسول الله إن حياضنا
هذه تردها السباع والكلاب والبهائم ، فقال صلى الله عليه وآله : لها ما أخذت أفواهها ولكم
سائر ذلك .
بيان : حمل على الكثير أو على عدم ملاقات الكلاب وأشباهها ، بل الظن
الغالب وهو غير معتبر في هذا الباب ، وظاهره عدم انفعال القليل ( 2 ) .
* ( هامش ص 22 ) * ( 1 ) المصدر : ج 1 ص 112 .
( 2 ) عندى أن المراد بالورود : الشرب والكروع ، والسباع والكلاب وسائر البهائم ليس
يلغون في الماء عند كروعها ، والملاقات المسرية انما تكون اذا سرى من الكلب شئ من
أجزائه إلى الماء كلعاب فمه وهو الولوغ ، وليس مفروضا في الحديث ، فطهارة الماء وان
كان قليلا ( كما هو الظاهر من حياضهم فانهم كانوا يبنون على الابار حياضا ثم يستقون من
البئر دلاء بقدر ما يحتاج دوابهم ويصبونها في الحوض ) مطابق للاصل .
[ 23 ]
* ( باب 4 ) *
* ( حكم البئر وما يقع فيها ) *
1 - قرب الاسناد : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه
عليه السلام قال : سألته عن رجل يذبح شاة فاضطربت فوقعت في بئر ماء وأوداجها
تشخب دما ، هل يتوضأ من تلك البئر ؟ قال : ينزح منها ما بين الثلاثين إلى
الاربعين دلواثم يتوضأ منها ولا بأس به ( 1 ) .
وسألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت من يده في بئر ماء وأوداجها
تشخب دما ، هل يتوضأ من تلك البئر ؟ قال : ينزح منها ما بين الثلاثين إلى
الاربعين ( 2 ) .
وسألته عن رجل يستقي من بئر ماء فرعف فيها هل يتوضأ منها ؟ قال : ينزح
منها دلاء يسيرة ويتوضأ منها ( 3 ) .
وسألته عن بئر وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زنبيل من سرقين هل
يصلح الوضوء منها ؟ قال : لا بأس ( 4 ) .
بيان : يدل ما سوى الجواب الاخير على وجوب النزح إن قلنا بكون الامر
وما في حكمه للوجوب ، وإلا فعلى الرجحان في الجملة .
واعلم أنه لاخلاف في نجاسته بالتغيير واختلف في حكمه مع مجرد الملاقات
والاشهر أنه ينجس بالملاقات مطلقا ، وذهب جماعة من الاصحاب كالعلامة وولده
إلى عدم نجاسته مطلقا ، وذهب محمد بن محمد البصروي من المتقدمين إلى التفصيل
والقول بعدم النجاسة إن كان كرا ، وبهاإن لم يكن كرا ، والزم على العلامة القول به
حيث اشترط في الجاري الكرية وفيه نظر .
* ( هامش ص 23 ) * ( 1 - 3 ) قرب الاسناد ص 84 ط حجر .
( 4 ) قرب الاسناد ص 110 ط نجف .
[ 24 ]
ثم القائلون بالطهارة اختلفوا في وجوب النزح بوقوع النجاسات المخصوصة
والمشهور بينهم الاستحباب ، وذهب العلامة في المنتهي إلى الوجوب تعبدا لا للنجاسة
ولم يصرح بأنه يحرم استعماله قبل النزح حتى يتفرع عليه بطلان الوضوء
والصلاة ، بناء على أن النهي في العبادة مستلزم للفساد أم لا .
ثم إنهم اختلفوا في حكم الدم فالمفيد في المقنعة حكم بوجوب خمسة دلاء
للقليل ، وعشرة للكثير ، وقال الشيخ في النهاية والمبسوط : للقليل عشرة وللكثير
خمسون ، والصدوق قال بوجوب ثلاثين إلى أربعين في الكثير ، ودلاء يسيرة في
القليل ، وإليه ميل المعتبر والذكرى ، وهو أقوى ، وقال المرتضى في المصباح في
الدم مابين الدلو الواحد إلى عشرين ، وفي ساير كتب الحديث في جواب السؤال
عن الدجاجة والحمامة ينزح منها دلاء يسيرة وهو أظهر .
وفي المغرب أوداج الدابة هي عروق الحلق من المذبح ، الواحد ودج
وفي الصحاح انشخب عروقه دما انفجر ، وقال : الزبيل معروف فاذا كسرت شددت
فقلت زبيل أو زنبيل لانه ليس في كلامهم فعليل بالفتح انتهى ، والسرقين بكسر
السين معرب سركين بفتحها .
قال الصدوق في الفقيه بعد إيراد مضمون الرواية : هذاإذا كانت في زبيل
ولم ينزل منه شئ في البئر ، وربماتحمل العذرة والسرقين على ما إذا كانا من
مأكول اللحم أو غير ذي النفس ، ولا يخفى بعد الوجهين ، وبعد مثل هذا السؤال
عن مثل علي بن جعفر رضي الله عنه ، بل ظاهر الخبر عدم انفعال البئر بمجرد
الملاقات كما هو الظاهر من النصوص القوية والله يعلم .
2 - بصائر الصفار : عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن
شهاب بن عبد ربه قال : أتيت أبا عبدالله عليه السلام فقال : جئت لتسأل عن الماء الراكد
من البئر قال : فما لم يكن فيه تغيير أو ريح غالبة ، قلت : فما التغيير ؟ قال :
الصفرة فتوضأ منه وكلما غلب عليه كثرة الماء فهو طاهر ( 1 ) .
* ( هامش ص 24 ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ص 238 ذيل حديث ، وقد مرتحت الرقم 3 في الباب 3 ، و
[ 25 ]
3 - فقه الرضا : ماء الئبر طهور مالم ينجسه شئ يقع فيه وأكبر ما يقع
فيه إنسان فيموت ، فانزح منها سبعين منها سبعين دلوا وأصغر مايقع فيها الصعوة فانزح منها
دلوا واحدا ، وفيما بين الصعوة والانسان على قدر مايقع فيها ، فان وقع فيها حمار
فانزح منها كرا من الماء ، فان وقع فيها كلب أو سنور فانزح منها ثلاثين دلوا إلى
أربعين ، والكر ستون دلوا ، وقد روي سبعة أدل .
وهذا الذي وصفناه في ماء البئر مالم يتغير الماء فان تغيرالماء وجب أن
ينزح الماء كله ، فان كان كثيرا وصعب نزحه فالواجب عليه أن يكتري عليه
أربعة رجال يستقون منها على التراوح من الغدوة إلى الليل ، فان توضأت منه أو
اغتسلت أو غسلت ثوبا بعد ماتبين وكل آنية صب فيه ذلك الماء غسل ، وإن
وقعت فيها حية أو عقرب أو خنافس أو بنات وردان فاستق للحية أدل ، وليس لسواها
شئ ، وإن مات فيها بعير أوصب فيها خمر فانزح منها الماء كله ، وإن قطر فيها
قطرات من دم فاستق منها دلاء ، وإن بال فيها رجل فاستق منها أربعين دلوا ، وإن
بال صبي وقد أكل الطعام استق منها ثلاثة أدل ، وإن كان رضيعا استق منها
دلوا واحدا .
وكل بئر عمق مائها ثلاثة أشبار ونصف في مثلها فسبيلها سبيل الماء الجاري
إلا أن يتغير لونها وطعمها ورائحتها ، فان تغيرت نزحت حتى تطيب ، وإذا سقط
في البئر فارة أو طائر أو سنور وما أشبه ذلك ، فمات فيها ولم يتفسخ ، نزح منه
سبعة أدل من دلاء هجر ، والدلو أربعون رطلا ، وإن تفسخ نزح منها عشرون دلوا
وروى أربعون دلوا .
اللهم إلا أن يتغير اللون والطعم والرائحة ، فينزح حتى تطيب .
بيان : لعل المراد بالاكبر الاكبر بحسب النزح بالنسبة إلى ما ينزح بالدلاء
أو بالاضافة إلى ما يقع فيها غالباوفي أكثر نسخ التهذيب بالثاء المثلثة ( 1 ) ولا خلاف
بين القائلين بوجوب النزح أنه يجب نزح سبعين بموت الانسان والمشهور بينهم
* ( هامش ص 25 ) * عرفت هناك أن قوله " من الكر " خ ل . ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 235 ط نجف
[ 26 ]
شموله للكافر أيضا ، وذهب ابن إدريس إلى نزح الجميع لموت الكافر .
قوله : " على قدر ما يقع فيها " قال الوالد العلامة - رحمه الله - : يمكن
أن يكون بتخمين المكلف أو بنصهم عليهم السلام والغرض من ذكره أنه لا ينقص من
واحد ولا يزيد على السبعين ، فان سئلوا عليهم السلام عنه بينوا وإلا احتاطوا بنزح
السبعين وهو أحسن من نزح الكل ، ويمكن أن يكون المراد الاكبر باعتبار
النزح لا الجثة ويكون عاما في المية إلا ما أخرجه الدليل من الكل والكر و
نحوهما انتهى كلامه رفع مقامه .
والكر للحمار هو المشهور ، بل لم يظهر مخالف ، أما تحديد الكر بما
ذكر فغير معروف ولم أر به قولا ولا رواية غير هذا ( 3 ) وما ذكر في الكب و
السنور اختاره الصدوق في المقنع ، وقال بعد ذلك : وروي سبعة دلاء والمشهور
أربعون فيهما ، وفي ما أشبههما ، وأما حكم التغير فعلى القول بعدم نجاسة البئر
وعدم وجوب النزح فاكتفوا بالنزح حتى يزول التغير كمايدل عليه الخبر مع
كرية البئر .
وعلى القول بوجوب النزح وانفعال البئر ففيه أقوال : الاول وجوب نزح
الجميع ، فان تعذر فالتراوح كما دلت عليه هذه الرواية مع عدم الكرية ، الثاني
نزح الجميع فان تعذر فالى أن يزول التغير ، الثالث النزح حتى يزول التغير ،
الرابع نزح أكثر الامرين من استيفاء المقدر وزوال التغير ، الخامس نزح أكثر
* ( هامش ص 26 ) * ( 1 ) وبعد قوله " والدلو أربعون رطلا " يصير الكر ألفين وأربعمائة رطل وفى الكتاب
أعنى المصدر المعروف بفقه الرضا - تحديد الكر هكذا : والعلامة في ذلك أن تأخذ الحجر
فترمى به في وسطه ، فان بلغت أمواجه من الحجر جنبى الغدير فهو دون الكر ، وان لم
يبلغ فهو كر لا ينجسه شئ ، وقد ذكرنا مرارا أن المصدر هو كتاب التكليف لابن أبى العزاقر
الشلمغانى ، ولذا لم ينقل هذا النحو من التحديد - وان كان فسره بذلك اللغوى الكبير
أبومنصور الثعالبى في كتابه : فقه اللغة - لا من الشلمغانى ، راجع في ذلك البحارج 51
ص 375 من طبعتنا هذه .
[ 27 ]
الامرين إن كان للنجاسة مقدر ، وإلا فالجميع ، فان تعذر فالتراوح ، السادس
نزح الجميع فان غلب الماء اعتبر أكثر الامرين من زوال التغير والمقدر ،
السابع نزح ما يزيل التغير أولا ثم استيفاء المقدر بعده إن كان لتلك النجاسة
مقدر ، وإلا فالجميع فان تعذر فالتراوح ، الثامن اكثر الامرين إن كان لها مقدر
وإلا فزوال التغير .
وأما الحية فذهب كثير من الاصحاب إلى أن فيها ثلاث دلاء ، والعلامة في
المختلف أسند إلى علي بن بابويه في بحث الحية القول بنزح سبع دلاءلها .
وقال في مسألة العقرب :
وقال علي بن بابويه في رسالته : إذا وقعت فيها حية أو عقرب أو خنافس أو
بنات وردان ، فاستق منها للحية سبع دلاء ، وليس عليك فيما سواها شئ ، لكن
نقل المحقق في المعتبر عبارة الرسالة بنحو آخر ، وفيها موضع سبع دلاء دلوا
واحدا ، وقال صاحب المعالم : وفيما عندنا من نسخة الرسالة القديمة التي عليها
آثار الصحة دلاء بدون السبع .
وأما البعير فلا خلاف بين القائلين بوجوب النزح في وجوب نزح الجميع
وكذا أكثر القائلين بنجاسة البئر بالملاقات أوجبوا نزح الجميع بوقوع الخمر
مطلقا ، سواء كان قليلا أم كثيرا ، والصدوق في المقنع فرق بين قليله وكثيره
فحكم بوجوب عشرين دلوا لوقوع قطرة منه ، ويفهم من ظاهر المعتبر الميل
إليه .
وأما الاربعون لبول الرجل فهو المشهور وأما الثلاثة للصبي ، فهو مختار
الصدوق والمرتضى في المصباح ، وذهب الشيخان وأتباعهما إلى السبع وفي
الرضيع المشهور الدلو الواحد ، وقال أبوالصلاح وابن زهرة ينزح له ثلاث
دلاء ، ويدل على أن مع الكرية لا ينفعل ماء البئر بالنجاسة ، وعلى أن الكر ثلاثة
أشبار ونصف كما هو المشهور .
وأما الفأرة فالمشهور أنه مع عدم التفسخ أو الانتفاخ ثلاث دلاء ومع
[ 28 ]
أحدهما السبع ، وقال المرتضى في المصباح : في الفارة سبع وقد روي ثلاث ، وقال
الصدوق في الفقيه فان وقع فيها فارة ولم تنفسخ ينزح منها دلو واحد ، وإذا تفسخت
فسبع دلاء ، ولعل رواية الاربعين إشارة إلى ما رواه الشيخ عن أبي خديجة ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : سئل عن الفارة تقع في البئر قال : إذا ماتت ولم تنتن فأربعين
دلوا ، وإذا تفسخت فيه ونتنت نزح الماء كله .
والمعروف بين الاصحاب في الطير السبع ويفهم من الاستبصار جواز الاكتفاء
بالثلاث . وأما السنور فلعله وقع في أحد الموضعين اشتباه من السناخ أو السبع على
الوجوب والزائد على الاستحباب .
وفي الفقيه قال : في الكلب ثلاثون إلى أربعين ، وفي السنور سبع دلاء ،
وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى : المراد بالدلو حيث تذكر ما كانت عادية
وقيل : هجرية ثلاثون رطلا ، وقال الجعفي أربعون رطلا .
4 - المعتبر : عن علي بن حديد ، عن بعض أصحابنا قال : كنت مع أبي
عبدالله عليه السلام في طريق مكة فصرنا إلى بئر فاستقى غلام أبي عبدالله عليه السلام دلوا فخرج
فيه فارتان ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : أرقه قال : فاستقى آخر فخرج فيه فارة ، فقال
أبوعبدالله عليه السلام : أرقه ، قال : فاستقى الثالث فلم يخرج فيه شئ فقال صبه في الاناء
فصبه فتوضأ منه وشرب ( 1 ) .
بيان : هذا الخبر مما يدل على عدم انفعال البئر بالملاقات ، والشيخ في
التهذيب ( 2 ) أوردهذا الخبر إلى قوله صبه في الاناء ، وبعد الطعن في السند قال :
يحتمل أن يكون أراد بالبئر المصنع ألذي فيه الماء ما يزيد مقداره على الكر فلا
يجب نزح شئ منه ، ثم إنه لم يقل إنه توضأمنه بل قال : صبه في الاناء وليس
في قوله صبه في الاناء دلالة على جواز استعماله في الوضوء ، ويجوز أن يكون إنما
أمره بالصب في الاناء لاحتياجهم إليه في الشرب ، وهذا يجوز عندنا عند
* ( هامش ص 28 ) * ( 1 ) المتعبر : 11 .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 240 وفى ط حجر ج 1 ص 68 .
[ 29 ]
الضرورة انتهى .
ولا يخفى أن هذا الوجه الاخير لا يستقيم مع التتمة التي رواها في المعتبر
وربما يحمل على أنه كانت الفارة حية .
5 - السرائر : قال : الاخبار المتواترة عن الائمة الطاهرين سلام الله عليهم
بأن ينزح لبول الانسان أربعون دلوا ( 1 ) .
بيان : إن كان النقل بتلك العبارة كما ادعاه - رحمه الله - فهو شامل لبول
المرأة فيدل على ما اختاره من مساواة بولها لبوله في الحكم ، وألحقه جماعة بما
لانص فيه ، والمحقق أوجب في المعتبر فيه ثلاثين دلوا .
6 - المعتبر : روى الحسين بن سعيد ، في كتابه عن القاسم بن محمد ، عن
علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن السنور فقال : أربعون
دلوا وللكلب وشبهه ( 2 ) .
بيان : أي شبهه في الجثة أو في الاوصاف أيضا كالخنزير .
7 - كتاب المسائل : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام قال : سألته عن فارة وقعت في بئر فاخرجت وقد تقطعت هل
يصلح الوضوء من مائها ؟ قال : ينزح منهاعشرون دلوا إذا تقطعت ثم تتوضأ
ولا باس .
وسألته عن صبى بال في بئرهل يصلح الوضوء منها ؟ فقال : ينزح الماء كله ( 3 ) .
بيان : لعل نزح العشرين في الفارة موافقا لما مر في الفقه الرضوى ، و
نزح كل الماء لبول الصبي محمولان على الاستحباب ، أو في الاخير على التغير
وقال سيد المحققين في المدارك : الاظهر نزح دلاء للقطرات من البول مطلقا
* ( هامش ص 29 ) * ( 1 ) السرائر ص 13 .
( 2 ) المعتبر ص 16 .
( 3 ) كتاب المسائل المطبوع في البحار ج 10 ص 290 .
[ 30 ]
لصحيحة ابن بزيع ( 1 ) ونزح الجميع لانصبابه فيها كذلك لصحيحة ( 2 ) معاوية بن
عمار عن الصادق عليه السلام في البئر يبول فيها الصبي أو يصب فيها خمر أو بول فقال :
ينزح الماء كله .
8 - الهداية : ماء البئر واسع لا يفسده شئ وأكبر ما يقع في البئر الانسان


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 30 سطر 5 إلى صفحه 38 سطر 5

فيموت فيها ، ينزح منها سبعون دلوا ، وأصغر ما يقع فيها الصعوة ينزح منها دلوا واحد ،
وفيما بين الانسان والصعوة على قدر ما يقع فيها ، وإن وقع فيها ثور أو بعير أو صب
فيها خمر نزح الماء كله ، وإن وقع فيها حمارنزح منها كرمن ماء ، وإن وقع
فيها كلب أو سنور نزح منها ثلاثون دلوا إلى أربعين دلوا ، وان وقعت فيها دجاجة
أو طير نزح منها سبع دلاء ، وإن وقعت فيها فارة نزح منها دلو واحد ، وإن تفسخت
فسبع دلاء ، وإن بال فيها رجل نزح منها أربعون دلوا وإن بال فيهاصبي قد
أكل الطعام نزح منها ثلاث دلاء ، فإن كان رضيعا نزح منها دلو واحد ، وإن
وقعت فيها عذرة استقى منها عشرة دلاء ، فان ذابت فيها فأربعون دلوا إلى
خمسين دلوا .
* ( هامش ص 30 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 244 وج 1 ص 69 ط حجر .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 241 وج 1 ص 68 .
[ 31 ]
* ( باب 5 ) *
* ( البعد بين البئر والبالوعة ) *
1 - قرب الاسناد : عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن العلاء ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : سألته عن البئر يتوضأ منها القوم وإلى جانبها بالوعة ؟ قال :
إن كان بينهما عشرة أذرع ، وكانت البئر التي يستقون منها يلي الوادى فلا
بأس ( 1 ) .
توضيح وتنقيح : اعلم أن المشهور أن البئر لا تنجس بالبالوعة ، وإن
تقاربنا ، إلا أن يعلم وصول نجاستها إلى الماء بناء على القول بالانفعال أو بتغيره
بناء على عدمه ، ثم المشهور استحباب التباعد بينهما بمقدار خمس أذرع إن كانت
البئر فوق البالوعة ، أو كانت الارض صلبة ، وإلافسبع ، ومنهم من اعتبر الفوقية
بحسب الجهة - على أن جهة الشمال أعلى - فحصلت الفوقية والتحية والتساوي
بحسب الجهة ، ومنهم من قسم التساوي إلى الشرقية والغربية فتصير أقسام المسألة
باعتبار صلابة الارض ورخاوتها ، وكون البئر أعلا بسب القرار أو أسفل أو
مساويا ، وكونها في جهة المشرق أو المغرب أو الجنوب أو الشمال أربعا
وعشرين :
فمنهم من قال : إذا كانت البئر فوق البالوعة جهة أو قرارا أو كانت الارض
صلبة فخمس وإلا فسبع ومنهم من عكس وقال : إذا كانت البئر تحت البالوعة
جهة أو قرارا أو كانت الارض رخوة فسبع وإلا فخمس ، والفرق بين التعبيرين
ظاهر ، إذ التساوي في أحدهما ملحق بالخمس ، وفي الاخر بالسبع .
وخالف ابن الجنيد المشهور واختلف النقل عنه فالمشهور أنه يقول : إن
* ( هامش ص 31 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 16 ط حجر وص 24 ط نجف .
[ 32 ]
كانت الارض رخوة والبئر تحت البالوعة ، فليكن بينهما اثنتا عشرة ذراعا ، وإن
كانت صلبة أو كانت البئر فوق البالوعة فليكن بينهما سبع أذرع ، وحكى صاحب
المعالم عنه أنه قال في المختصر : لا أستحب الطهارة من بئر تلي بئر النجاسة
التي تستقر فيها من أعلاها في مجري الوادي إلا إذا كان بينهما في الارض الرخوة
اثنتا عشرة ذراعا ، وفي الارض الصلبة سبعة أذرع ، فان كانت تحتها والنظيفة
أعلاعا فلا بأس ، وإن كانت محاذيتها في سمت القبلة فاذا كان بينهما سبعة أذرع
فلا بأس .
فاذا عرفت هذا فالخبر المتقدم لا يوافق شيئا من المذاهب ، ويمكن حمله
على المشهور ، على مرتبة من مراتب الاستحباب والفضل ، ولعل المراد
بكون البئر يلى الوادي كونها في جهة الشمال لان مجري العيون منها ، فالمراد
الوادي تحت الارض ، ولا يبعد أن يكون في الاصل أعلى الوادي ، وفقا لما
رواه الكليني ( 1 ) عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة
ومحمد بن مسلم وأبي بصير قالوا : قلنا له عليه السلام : بئريتوضأ منها يجري البول قريبا
منها أينجسها ؟ قال : فقال : إن كانت البئر في أعلى الوادي يجري فيه البول من
تحتها ، وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجس ذلك شئ ، وإن
كان أقل من ذلك نجسها ، وإن كانت البئر في أسفل الوادي ويمر الماء عليها
وكان بين البئر وبينه تسعة أذرع لم ينجسها ، وما كان أقل من ذلك فلا
يتوضأ منه .
قال زرارة : فقلت له : فان كان مجرى البول بلزقها ، وكان لا يلبث
على الارض ؟ فقال : مالم يكن له قرار فليس به بأس ، وإن استقر منه قليل ، فانه
لا يثقب الارض ولا قعر له حتى يبلغ البئر وليس على البئر منه بأس فيتوضأ منه
إنما ذلك إذا استنقع كله .
* ( هامش ص 32 ) * ( 1 ) الكافى ج 3 ص 7 و 8 ومن ط حجر الفروع ج 1 ص 3 ، ورواه في التهذيب
ط حجر ج 1 ص 116 .
[ 33 ]
قوله عليه السلام : " في أعلى الوادي " ظاهره الفوقية بحسب القرار ، ويحتمل
الجهة أيضا ، والمعنى أن البئرأعلى من الوادي الي يجري فيه البول ، وكذا قوله
" في أسفل الوادي " أن أسفل من الوادي " ويمرالماء " أي البول " عليها " أي
مشرفا عليها بعكس السابق ، والتعبير عن وادي البول بالماء للاشعار بأن الوادي
قد وصل إلى الماء .
قوله : " فان كان مجرى البول بلزقها " الظاهر أن السابق كان حكم ما
إذا وصلت بالوعة البول الماء ، وهذا الذي سأله زرارة حكم ما إذا لم يصل إلى
الماء ففصل عليه السلام فيه بأنه إذا كان كل البول أو أكثره يستقر في مكان قريب
من البئر ، يلزم التباعد بالقدرين المذكورين أيضا ، وإن كان لا يستقر منه شئ
أصلا أو يستقر منه شئ قليل ، فانه لا يثقب الارض بكثرة المكث " ولا قعر له "
أي لم يصل إلى الماء حتى يتصل إلى الماء بمجاريه فلا يضر قربهما .
وهذا التفصيل لم أر قائلا به ، ومن استدل به من الاصحاب على مقدار البعد
لم يتفطن لذلك ولم يتعرض له والمشهور بينهم أن مع عدم بلوغ البالوعة الماء لا
يستحب التباعد مطلقا ويمكن تأويله على ما يوافق المشهور بأن يكون المراد بعدم
القرار وعدم القعر عدم الوصول إلى الماء .
وقوله عليه السلام : " إنما ذلك إذا استنقع كله " أي إذا كان له منافذ ومجاري
إلى البئر فانه حينئذ يستنقع كله ، ولا يخفى بعده ، والتفصيل الذي يستفاد منه
قريب من التجربة والاعتبار ، فان التجربة شاهدة بأنه إذا استقر بول كثير في
مكان قريب من البئر زمانا طويلا فلا محالة يصل أثره إلى البئر ، وإن لم يصل إلى
الماء ، والله تعالى يعلم بحقايق الاحكام وحججه الكرام عليهم السلام .
[ 34 ]
* ( باب 6 ) *
* ( حكم ماء الحمام ) *
1 - قرب الاسناد : للحميري ، عن محمد بن عبدالحميد وعبدالصمد بن
محمد ، عن حنان قال : سمعت رجلا يقول لابي عبدالله عليه السلام : إني أدخل الحمام في
السحر ، وفيه الجنب وغير ذلك ، فأقوم فأغتسل فينتضح على بعد ما أفرغ من مائهم
قال : أليس هو جار ؟ قلت : بلى ، قال لا بأس به ( 1 ) .
بيان : قوله عليه السلام : " أليس هو جار " أي أليس الماء جاريا من المادة إلى
الحياض الصغار التي يغتسلون منها ؟ إذ الماء يمكن أن يكون انتضح من أبدانهم
إذا كانوا خارج الحوض أو من الماء المتصل بالمادة إذا كانوا داخل الحوض ، أو
المعنى أليس الماء جاريا من أطراف الحوض إلى سطح الحمام ، فلا يضر وثوب الماء
من سطح الحمام لا تصاله بالمادة .
وفيل : المعنى أن سمعت أن حكم ماء الحمام حكم الماء الجاري ، أو أليس
يجري الماء الجاري في سطح الحمام كما هو الشايع في بعض البلاد ، وقيل : يعني
أن ماءهم جار على أبدانهم ، فلا بأس أن ينتضح منه عليك ، فلا يخفى بعد ما
سوى الاولين .
2 - قرب الاسناد ، عن أيوب بن نوح ، عن صالح بن عبدالله ، عن
إسماعيل بن جابر ، عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال : ابتدأني فقال : ماء الحمام
لا ينجسه شئ ( 2 ) .
بيان : فسر الاصحاب ماء الحمام بالحياض الصغار التي تكون في
* ( هامش ص 34 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 78 ط نجف .
( 2 ) قرب الاسناد ص 128 ط حجر وص 173 ط نجف .
[ 35 ]
الحمامات ، واختلف في أنه هل يشترط كرية المادة أم لا ؟ فقيل لا تشترط الكرية
أصلا ، وقيل [ تشترط ] كرية الاعلى والاسفل معا ، وقيل تشترط كرية الاعلى
فقط وقيل : يشترط كونه أزيد من الكر .
واختلف في أنه لو تنجس الحياض الصغار هل تطهر بمجرد الاتصال
أم يعتبر فيه الامتزاج ؟ وليس في هذا الخبر ذكر المادة ، وحمل عليها
جمعا ( 1 ) .
* ( هامش ص 35 ) * ( 1 ) قد مر في الحديث السابق " فأقوم فأغتسل فينتضح على بعد ما أفرغ من مائهم "
والحديث رواه الكلينى أيضا في الفروع ج 1 ص 5 ط حجر وج 3 ص 14 ط الاخوندى
وهكذا رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 107 ط حجر ، فيظهر من لفظ الحديث مضافا إلى
سائر ماورد في المقام أن الحمامات كانت وقتئذ ذات مخزن كبير من الماء المستحم ، ينشعب
منه جداول صغار إلى الحياض التى بنيت كالاجانة يغترف الناس منها للاغتسال فكلما اغترف
الناس من حوض من تلك الحياض كاسأ انجر الماء من المخزن اليه حتى يستوعبه فالمخزن
هو المادة وهو ماء كثير لا ينجسه شى ء .
وأما الغسالة فما كانت تجرى اليها ، بل تجرى إلى بئر معدة هناك كماتراها منصوصا
علهيا في الروايات ، فليس لماء الحمام بنفسه حكم يختص به ، بل ماء الحمام كماء الطشت
والاجانة اذا قطر من ماء الغسالة في الطشت ، اللهم الا ماعند المتأخرين من الحكم بكرية
الماء المتصل بالكر من دون امتزاج ووحدة ، فتكون تلك الحياض الصغار أيضا ماؤها
محكوما بالطهارة والكرية ، وأنها لا ينجسها شئ .
ففى التهذيب ج 1 ص 37 باسناده عن سماعة عن أبى عبدالله ( ع ) قال : اذا أصاب
الرجل جنابة فأراد الغسل فليفرغ على كفيه فليغسلهما دون المرفق ثم يدخل يده في انائه
ثم يغسل فرجه ثم ثم ليصب على رأسه ثلاث مرات مل ء كفيه ثم يضرب بكف من ماء على صدره
وكف بين كتفيه ثم يفيض الماء على جسده كله ، فما انتضح من مائه في انائه بعد ما صنع
ما وصفت لك فلا بأس . وبمعناه أحاديث اخر .
[ 36 ]
3 - فقه الرضا عليه السلام : إن اغتسلت من ماء الحمام ، ولم يكن معك ما
تغرف به ، ويداك قذرتان فاضرب يدك في الماء وقل : بسم الله وهذا مما قال الله
تبارك وتعالى : " وما جعل عليكم في الدين من حرج " .
وإن اجتمع مسلم مع ذمي في الحمام اغتسل المسلم من الحوض قبل الذمى
وماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري إذا كانت له مادة .
بيان : لعل تقديم المسلم في الغسل على الاستحباب لشرف الاسلام إذاكان
الماء كثيرا ، وإذا كان الماءقليلا فعلى الوجوب بمعنى عدم الاكتفاء به في رفع الحدث
والخبث .
4 - الهداية : وماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري إذا كانت له مادة ( 1 ) .
5 - المكارم : عن الباقر عليه السلام قال : ماء الحمام لا بأس به ، إذا كان
له مادة .
داود بن سرحان قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : ما تقول في ماء الحمام ؟ قال :
هو بمنزلة الماء الجاري .
محمد بن مسلم قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره
أغتسل من مائه ؟ قال : نعم ، لا بأس أن يغتسل منه الجنب ، ولقد اغتسلت فيه ثم
جئت فغسلت رجلي وما غسلتهما إلا مما لزق بهما من التراب .
وعن زرارة قال : رأيت الباقر عليه السلام يخرج من الحمام فيمضي كما هو
لا يغسل رجله حتى يصلي ( 2 ) .
6 - العلل : عن محمد بن الحسن ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن الحسن
ابن فضال ، عن الحسن بن علي ، عن عبدالله بن بكير ، عن عبدالله بن أبي يعفور
عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث قال : وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام ففيها
تجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو
* ( هامش ص 36 ) * ( 1 ) الهداية ص 14 .
( 2 ) مكارم الاخلاق ص 59 .
[ 37 ]
شرهم ، فان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب ، وإن الناصب لنا
أهل البيت لانجس منه ( 1 ) .
تبيين : اعلم أن الاصحاب اختلفوا في غسالة الحمام فقال الصدوق : لا يجوز
التطهر بغسالة الحمام ، لانه تجتمع فيه غسالة اليهودي والمجوسي والمبغض
لال محمد صلى الله عليه وآله وهو شرهم ، وقريب منه كلام أبيه ، وقال الشيخ في النهاية : غسالة
الحمام لا يجوز استعمالها على حال ، وقال ابن إدريس : غسالة الحمام لا يجوز
استعمالها على حال ، وهذاإجماع وقد وردت به عن الائمة عليهم السلام آثار معتمدة قد
أجمع الاصحاب عليها لا أحد خالف فيها .
وقال المحقق : لا يغتسل بغسالة الحمام إلا أن يعلم خلوها من النجاسة
ونحوه قال العلامة في بعض كتبه ، والشهيد في البيان ، وليس في تلك العبارات
تصريح بالنجاسة بل مقتضاها عدم جواز الاستعمال ، بل الظاهر أن الصدوق قائل
بطهارتها لانه نقل الرواية الدالة على نفي البأس إذاأصابت الثوب ( 2 ) والعلامة
في بعض كتبه صرح بالنجاسة ، واستقرب في المنتهى الطهارة ، وتبعه في ذلك بعض
الاصحاب والاخبار في ذلك مختلفة ، وأخبار طهارة الماء حتى يعلم نجاسته مؤيدة
للطهارة مع أصل البراءة .
ويمكن حمل الخبر على ما إذا علم دخول غسالة هؤلاء الانجاس فيها .
ثم إن أكثر الاخبار الواردة في نجاستها مختصة بالبئر التي يجتمع فيها
* ( هامش ص 37 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 276 في حديث .
( 2 ) ان كان المراد بالغسالة الغسالة من الغسلة المزيلة لعين النجاسة ، فلا ريب في
نجاستها لانها ماء قليل حامل للخبث ، وان لم تكن من الغسلة المزيلة فهى التى اختلفت
فيه كلمات الاصحاب ، والظاهر نجاستها اذا كانت من الغسلات الواجبة ، وطهارتها اذا
كانت من الغسلات المستحبة ، فانه لا معنى الحكم بنجاسة الموضع وطهارة غسالته ، ولا
للحكم بطهارة الموضع ونجاسة غسالته .
[ 38 ]
ماء الحمام كقول أبي عبدالله عليه السلام في خبر ابن أبي يعفور ( 1 ) لا تغتسل في البئر
التي تجتمع فيها غسالة الحمام فان فيها غسالة ولد الزنا وهو لا يطهر إلى ستة
آباء ، وفيها غسالة الناصب وهو شر هما وكقول أبي الحسن عليه السلام ( 2 ) لا تغتسل
من البئر التى تجتمع فيها ماء الحمام فانه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد
الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شر هم ، فالحاق المياه المنحدرة في سطح الحمام


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 38 سطر 6 إلى صفحه 46 سطر 6

بها مما لا دليل عليه ( 3 ) ومع ورد روايات اخر دالة على الطهارة كرواية
محمدبن مسلم وزرارة ( 4 ) .
* ( هامش ص 38 ) * ( 1 ) راجع فروع الكافى ج 1 ص 5 ط حجر وج 3 ص 14 ط الاخوندى .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 106 ط حجر .
( 3 ) المياه المنحدرة في سطح الحمام انما انحدر ليجتمع في البئر ، فاذا كان بعد
اجتماعها وكثرتها في البئر نجسا ، فكيف لا يحكم بنجاسة المياه المنحدرة اليه ؟
( 4 ) الروايتان سبقتا نقلا من المكارم ، وتراهما في التهذيب ج 1 ص 107
ط حجر .
[ 39 ]
* ( باب 7 ) *
* ( المضاف وأحكامه ) *
1 - فقه الرضا : كل ماء مضاف أو مضاف إليه فلا يجوز التطهير به
ويجوز شربه مثل ماء الورد ، وماء القرع ، ومياه الرياحين والعصير ، والخل ،
ومثل ماء الباقلى وماء الخلوق وغيره ، مما يشبهها ، وكل ذلك لا يجوز استعمالها
إلا الماء القراح أو التراب ( 1 ) .
بيان : جمهور الاصحاب على أن الماء المضاف لا يرفع الحدث ، بل ادعى
عليه الاجماع جماعة ، وخالف في ذلك الصدوق رحمه الله - فقال في الفقيه : ( 2 )
ولا بأس بالوضوء والغسل من الجنابة ، والاستياك بماء الورد ( 3 ) وحكى الشيخ
* ( هامش ص 39 ) * ( 1 ) فقه الرضا ص 5
( 2 ) الفقيه ج 1 ص 6 ط نجف .
( 3 ) روى الكلينى في الكافى ج 1 ص 73 وج 1 ص 22 ط حجر عن على بن محمد عن
سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبى الحسن عليه السلام قال : قلت
له : الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة ؟ قال : لا بأس بذلك ، ورواه الشيخ
في التهذيب ج 1 ص 62 ، ثم قال : ويحتمل أن يكون المراد بماء الورد الماء الذى
وقع فيه الورد ، فان ذلك يسمى ماء ورد ، وان لم يكن معتصرا منه .
أقول : ماء الوردانما يعمل من ماء كثيريلقى فيه ورق الاوارد ثم يغلى تحته فيعلو
البخار وبعد ما يصيرماء يجرى من الانبيق إلى الظروف ، فان كان الاعتبار بحقيقة المائية
فلا بأس به فانه ماء حقيقة قد اختلط به عناصر الورد ، فزاده بهاعا ، كما قد يختلط به
عناصر الجيفة فينتن ، ولا يخرجه عن كونه ماء ، أو يختلط به غير ذلك من العناصر و
الاملاح كماء البحر الاجاج المنتن أو ماء الكبريت ، وان كان الاعتبار بعنوان اللفظ واطلاق
[ 40 ]
في الخلاف عن قوم من أصحاب الحديث منا أنهم أجازوا الوضوء بماءالورد ، و
ماعليه الاكثر أقوى .
وللاصحاب في إزالة النجاسة بالمضاف قولان : أحدهما المنع وهو قول
المعظم ، والثاني الجواز وهو اختيار المفيد والمرتضى ، ويحكى عن ابن أبي
عقيل ما يشعر بالمصير إليه أيضا إلا أنه خص جواز الاستعمال بحال الضرورة ،
وعدم وجدان غيره ، وظاهر العبارة المحكية عنه أنه يرى جواز الاستعمال حينئذ
في رفع الحدث أيضاحيث أطلق تجويز الاستعمال مع الضرورة والمشهور أقوى
والعمل به أولى .
وقال ابن الجنيد في مخصتره : لا بأس بأن يزال بالبصاق عين الدم من
الثوب ( 1 ) وظاهر هذاالكلام كون ذلك على جهة التطهير له ، وجزم الشهيد
بنسبة القول بذلك إليه ، وقد روى الشيخ في الموثق ( 2 ) عن غياث بن إبراهيم
عن أبي عبدالله عليه السلام عن أبيه عليه السلام قال : لا يغسل بالبزاق شئ غير الدم ، وبسند آخر
عن غياث أيضا ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما السلام ، عن علي عليه السلام قال : لا بأس
بأن يغسل الدم بالبصاق .
* ( هامش ص 40 ) * العرف واللغة فهو مشكل ، الا أن يثبت صحة الخبر ، فيكون واردا وسائر الادلة
مورودا .
( 1 ) الظاهر من أخبار الباب بقرينة الحكم والموضوع مصر الدم من الجرح القليل
بالفم وما فيه من الماء ثم مجها خارجا ، لا غسل الثوب أو البدن بالبصاق ، فانه لا يسيل
لعاب الفم بحيث يصب على الثوب أو البدن الملطخ بالدم ، مع أن البصاق لكونه لعابا
لا يسيل لا ينفصل عن موضع النجس حتى يتطهر وهو ظاهر ، وانما جوز فعل ذلك - مع ما
يجب بعد ذلك من التطهير بالماء - لان الدم الخارج من البدن جزء من البدن لا يستقذر
مصها ولو بقى من أجزائها الصغار غير المرئية شئ في الفم لا بأس بها ، وأما البول و
الغائط والمنى وسائر النجاسات فليس بهذه المثابة .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 120 .
[ 41 ]
وقال : في المختلف بعد حكاية كلام ابن الجنيد : إن قصد بذلك الدم
النجس ، وأن تلك الازالة تطهره فهو ممنوع ، وإن قصد إزالة الدم الطاهر
كدم السمك وشبهه أو إزالة النجس مع بقآء المحل على نجاسته فهو
صحيح ، انتهى .
أقول : يحتمل أن يكون المراد زوال عين الدم باطن الفم ، فانه لا
يحتاج إلى الغسل على المشهور ، كما سيأتي ، ونسب التطهير إلى البصاق لانه
تصير سببا لزوال العين أو إزالة عين الدم المعفو عن الثوب والبدن قليلا للنجاسة
وهو قريب من الوجه الثاني من الوجهين المتقدمين ، لكن التعبير بهذا الوجه
أحسن كما لا يخفي .
[ 2 - الهداية ( 1 ) لا بأس أن يتوضأ بماء الورد للصلاة ويغتسل به من
الجنابة ] ( 2 ) .
* ( هامش ص 41 ) * ( 1 ) زيادة عن النسخة المخطوطة .
( 2 ) الهداية ص 13 .
[ 42 ]
* ( أبواب ) *
* ( الاسئار وبيان أقسام النجاسات وأحكامها ) *
* ( باب 1 ) *
* ( أسئار الكفار وبيان نجاستهم ) *
* ( وحكم مالاقوه ) *
الايات : المائدة ، والطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم ( 1 ) .
التوبة : إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم
هذا ( 2 ) .
وقال تعالى : فأعرضوا عنهم فانهم رجس ( 3 ) .
التفسير : ربما يستدل بالاية الاولى على طهارة أهل الكتاب وحل
ذبايحهم ( 4 ) .
* ( هامش ص 42 ) * ( 1 ) المائدة : 5 .
( 2 ) براءة : 28 .
( 3 ) براءة : 95 .
( 4 ) الاية هكذا : " اليوم أحل لكم الطيبات الدين أتوا الكتاب حل لكم
وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أتوا الكتاب " الخ
فالظاهر من الحلية جواز ابتغاء المذكورات بالبيع والشرى في الطعام وبالخطبة ثم
النكاح في المؤمنات والمحصنات ، والدليل على ذلك أنه قال : " وطعامكم حل لهم " و
هذاالحكم لو كان متعلقا بالاكل وحلية الذبائح لما كان لجعله معنى ، فان أهل الكتاب
[ 43 ]
وروي عن الصادق عليه السلام أنه مخصوص بالحبوب ومالا يحتاج فيه إلى
التذكية وقيل : المعنى إن طعامهم من حيث إنه طعامهم ليس حراما عليكم ، فلا
ينافي تحريمه من جهة كونه مغصوبا أو نجسا أو غير مذكي ، وسيأتي تمام
القول فيه .
وأما الاية الثانية فأكثر علمائنا على أن المراد بالمشركين ما يعم عباد
الاصنام وغيرهم من اليهود والنصارى ، فانهم مشركون أيضا لقوله تعالى : " و
قالت اليهود عزيرا ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله " إلى قوله : " سبحانه و
تعالى عما يشركون " ( 1 ) والنجس بالتحريك مصدر ووقوع المصدر خبرا عن ذي
* ( هامش ص 43 ) * لم يؤمنوا بعد بهذا الدين وهذا القرآن ليتبعوا حكمه بحلية طعامنا لهم ، مع أن اليهود لا
يأكلون الاذبيحة أنفسهم .
فالمراد أن ما يشرونه أهل الكتاب من الطعام ويبيعونه في الاسواق يحل لكم
اشتراؤها وابتياعها كما أن تشرونه وتبيعونه في الاسواق يحل لهم ابتياعها وشراؤها ،
والمقصود حلية التعامل بيننا وبينهم ، وأما أن ما يبيعونه نجس أو مغصوب أوميتة أو لحم
خنزير فالاية ليست بصدد بيانها ، وانما بحثت عنها آيات اخر ، مع أن المشهور عند
اللغويين أن الطعام بمعنى البرخاصة ، راجع في ذلك النهاية والمصباح والمقابيس وغير
ذلك
( 1 ) براءة : 30 و 31 ، ولايخفى أن الاستشهاد بها على غير محله ، فان قولهم في أوصاف
البارى وسائر صفاته من الابوة وبنوة المسيح وعزير وشركهم فيها غير كونهم مسمين
بالمشركين مع أن القرآن يعد المشركين صنفا عليحدة قبال أهل الكتاب في غير آية من
الايات كمافى البينة : " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين " الخ
وكما في سورة الحج : " ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس
والذين أشركوا " الخ .
مع أن الله عزوجل يقول في سورة ص : 159 " سبحان الله عما يصفون * الاعباد الله
[ 44 ]
جثة إما بتقدير مضاف أو بتأويله بالمشتق أو هو باق على المصدرية من غير إضمار
طلبا للمبالغة ، والحصر للمبالغة ، والقصر إضافي من قصر الموصوف على الصفة
نحو إنما زيد شاعر ، وهو قصر قلب أي ليس المشركون طاهرين كما يعتقدون
بل هم نجس .
واختلف المفسرون في المراد بالنجس هنا فالذي عليه علماؤنا هو أن المراد
به النجاسة الشرعية ، وأن أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير ، وهو المنقول عن
ابن عباس ، وقيل : المراد خبث باطنهم وسوء اعتقادهم ، وقيل : نجاستهم لانهم لا
يتطهرون من الجنابة ولا يجتنبون النجاسات ( 1 )
وقد أطبق علماؤنا على نجاسة من عدا اليهود والنصارى من أصناف الكفار
وقال أكثرهم بنجاسة هذين الصنفين أيضا ، والمخالف في ذلك ابن الجنيد وابن أبي
عقيل والمفيد في المسائل الغرية .
واختلف في المراد بقوله تعالى : " فلا يقربوا المسجد الحرام " فقيل : المراد
منعهم من الحج وقيل : منعهم من دخول الحرم ، وقيل : من دخول المسجد الحرام
خاصة ، وأصحابنا على منعهم من دخوله ودخول كل مسجد ، وإن لم تتعد نجاستهم
إليه ، والمراد بعامهم سنة تسع من الهجرة وهي السنة التي بعث النبي صلى الله عليه وآله فيها
أمير المؤمنين عليه السلام لاخذ سورة براءة من أبي بكر وقراءتها على أهل الموسم
فقرأها عليهم .
وفي الثالثة فسر الرجس أيضا بالنجس ( 2 ) ولعل النجاسة المعنوية هنا أظهر .
* ( هامش ص 44 ) * المخلصين " فقده نزه الله سبحانه عن وصف كل واصف مسلما كان أو كافرا الا أن يكون
من عبادالله المخلصين .
( 1 ) بعد ما يقول الله عزوجل " انهم نجس فلا يقربوا المسجد " فيفرع على كونهم
نجسا أن لا يقربوا المسجد الحرام ، لا ريب في نجاستهم أعيانا ، والحكم بابعادهم
من المسجد الحرام لما سبق من حكم الله عزوجل لابراهيم ( ع ) " أن طهر بيتى للطائفين
والقائمين والركع السجود " .
( 2 ) قال الله عزوجل : " انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل
[ 45 ]
[ الاخبار ]
1 - المحاسن : عن الوشاء ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام
يقول : لابأس بكواميخ المجوس ، ولابأس بصيدهم للسمك ( 1 ) .
بيان : الظاهر أن المراد بالكواميخ ما يعملونه من السمك ، ويمكن
حمله على ما إذاعلم إخراجهم له من الماء ولم يعلم ملاقاتهم ، وإن بعد .
2 - ومنه : عن أبيه وغيره ، عن محمد بن سنان ، عن أبى الجارود قال : سألت
أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم "
قال : الحبوب والبقول ( 2 ) .
3 - ومنه : عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن مروان ، عن سماعة قال : سألت
أبا عبدالله عليه السلام عن طعام أهل الكتاب مايحل منه ؟ قال : الحبوب ( 3 ) .
ومنه : عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله عليه السلام
مثله ( 4 ) .
4 - ومنه : عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبدالله بن
* ( هامش ص 45 ) * الشيطان فاجتنبوه " فبعد ما أثبت لها عنوان الرجس فرع عليه وجوب الاجتناب كما فرع
طرد المشركين من المسجد الحرام بعد ما أثبت لهم عنوان النجس ، فكل ما كان رجسا
بتسمية القرآن كان واجب الاجتناب ، وهو عبارة اخرى عن النجاسة ، فيثبت نجاسة
المنافقين اذا كانوا معلومين بالنفاق ، والنفاق ابطان الكفر ، فيكون الكافر نجسا ، وهكذا
يصح الاستدلال بقوله تعالى : " إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فانه رجس "
المائدة : 90 ، حيث علل الحرمة بكون المذكورات من الميتة والدم المسفوح ولحم
الخنزير رجسا .
( 1 ) المحاسن ص 454
( 2 ) المصدر نفسه ص 454 وص 584 .
( 3 - 4 ) المحاسن ص 455 .
[ 46 ]
طلحة قالا : قال أبوعبدالله عليه السلام لا تأكل من ذبيحة اليهودي ، ولاتأكل في
آنيتهم ( 1 ) .
5 - ومنه : عن اليقطيني ، عن صفوان ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة
عن أبي عبدالله عليه السلام في آنية المجوس قال : إذا اضطررتم إليها فاغسلوها بالماء ( 2 ) .
6 - قرب الاسناد : عن ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن الصادق ، عن
أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام كان لا يرى بالصلاة بأسا في الثوب الذي يشترى من


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 46 سطر 7 إلى صفحه 54 سطر 7

النصارى والمجوس واليهودي قبل أن يغسل يعني الثياب التي تكون في أيديهم
فيجتنبونها ( 3 ) وليست بثيابهم التي يلبسونها ( 4 ) .
ومنه : بهذا الاسناد ، عن علي عليه السلام قال : كلوا طعام المجوس كله ماخلا
ذبايحهم ، فانها لا تحل ، وإن ذكر اسم الله تعالى عليها ( 5 ) .
ومنه : عن عبدالله بن الحسن العلوي ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه
عليه السلام قال : سألته عن الرجل يشتري ثوبا من السوق ولبيسا لايدري لمن
كان ؟ يصلح له الصلاة فيه ؟ قال : إن كان اشتراه من مسلم فليصل فيه ، وإن كان
اشتراه من نصراني فلا يصلي فيه حتى يغسله ( 6 ) .
* ( هامش ص 46 ) * ( 1 ) المحاسن : ص 454 .
( 2 ) المصدر ص 584 .
( 3 ) في النسخة المخطوطة " فيحبسونها " خ ل . ولعل المراد بالاجتناب أخذها
بالجنب كما يقال اجتنب البعير أى قادها بجنبه .
( 4 ) قرب الاسناد ص 42 ط حجر وص 57 ط نجف وفيه " يعنى الثياب التى تكون
في أيديهم وليست ثيابهم التى يلبسونها فينجسونها " وفى نسخة الوسائل كالمتن الا أنه
قرء " فيجتنبونها " " فينجسونها " وأوله بتأويل .
( 5 ) قرب الاسناد : ص 59 ط نجف .
( 6 ) قرب الاسناد ص 126 ط نجف .
[ 47 ]
السرائر : من جامع البزنطي عن الرضا عليه السلام مثله ( 1 )
بيان : الظاهر أن " يعني " من كلام الحميري أول من به الخبر ، وتجويز
أكل طعام المجوس ظاهره يشتمل ما إذا علم ملاقاتهم له بالرطوبة [ كالاية ، وباب
التأويل واسع ، وأماالنهي عن لبس الثوب فمع علم ملاقاتهم بالرطوبة ] ( 2 ) فالنهي على
المشهور للحرمة وإلا فعلى الكراهة كما ذكره الشهيد في الذكرى وغيره لرواية
عبدالله بن سنان ( 3 ) عن الصادق عليه السلام أن سنانأ أتاه سأله في الذمي يعيره الثوب
وهو يعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ويرده عليه أيغسله ؟ قال : عليه السلام :
صل فيه ولاتغسله فانك أعرته وهو طاهر ولم تستيقن أنه تنجسه فلا بأس أن
تصلى فيه حتى تستيقن أنه نجسه وغيره من الاخبار .
7 - قرب الاسناد : بالاسناد المتقدمة ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه
عليه السلام قال : سألته عن المسلم له أن يأكل مع المجوس في قصعة واحدة أو
يقعد معه على فراش أو في المسجد أو يصاحبه ؟ قال : لا ( 4 ) .
قال : وسألته عن ثياب اليهود والنصارى ينام عليها المسلم قال : لا بأس ( 5 ) .
بيان : المناهي الاولة أكثرها محمولة على الكراهة ، ويشكل الاستدلال
بها على النجاسة كما أن عدم البأس في الاخير لا يدل على الطهارة .
8 - المحاسن : عن أبى القاسم عبدالرحمن بن حماد ، عن صفوان ، عن
عبدالله بن يحيى الكاهلي قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قوم مسلمين حضرهم
رجل مجوسي يدعونه إلى طعامهم قال : أما أنا فلا اواكل المجوسي ، وأكره أن
احرم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم ( 6 ) .
* ( هامش ص 47 ) * ( 1 ) السرائرص 465 .
( 2 ) مابين العلامتين ساقط من طعبة الكمبانى .
( 3 ) التهذيب ج 1 ص 239 ط حجر .
( 4 ) قرب الاسناد ص 156 ط نجف .
( 5 ) قرب الاسناد ص 118 ط حجر وص 159 ط نجف ،
( 6 ) المحاسن ص 452
[ 48 ]
بيان : أي لا اجوزلكم ترك التقية في شئ اتفق عليه أهل بلادكم من
معاشرة أهل الكتاب ، والحكم بطهارتهم ، ويظهر منه أن الاخبار الدالة على الطهارة
محمولة على التقية ، ويمكن أن يكون محمولا على الكراهة ، بأن تكون المؤاكلة
في شئ لا يتعدي نجاستهم إليه .
9 - المحاسن : عن محمد بن علي ، عن ابن أسباط ، عن علي بن جعفر ، عن
أبي إبراهيم عليه السلام قال : سألته عن مؤاكلة المجوسي في قصعة واحدة ، أوأرقد معه
على فراش واحد ، أو في مجلس واحد . أو اصافحه ؟ فقال : لا .
ورواه أبويوسف ، عن علي بن جعفر ( 1 ) .
بيان : قال الشيخ البهائي قدس سره : أرقد بالنصب باضمار " أن " لعطفه على
المصدر أعني المؤاكلة .
10 - المحاسن : عن إسماعيل بن مهران ، عن محمد بن زياد ، عن ابن
خارجة قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إني اخالط المجوس فآكل من طعامهم ؟
قال : لا ( 2 ) .
11 - ومنه : عن أبيه ، عن صفوان ، عن العيص قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام
عن مؤاكلة اليهود والنصارى والمجوس ، فقال : إذا أكلوا من طعامك وتوضؤا
فلا بأس ( 3 )
بيان : المراد بالوضوء هناغسل اليد ، وظاهره طهارة أهل الكتاب ( 4 )
وأن نجاستهم عارضية ، وهذا أيضا وجه جمع بين الاخبار ويمكن حمله على الاطعمة
* ( هامش ص 48 ) * ( 1 - 3 ) المحاسن ص 453 .
( 4 ) قد عرفت أن الكفار أهل الكتاب كلهم نجس أعيانهم وانما تسرى النجاسة اذا
كانت الرطوبة مسرية بالاجماع يعنى تسرى شيئا من أجزاء النجاسة إلى الملاقى ، وبعد
ماتوضأ الكافر لا تكون يده ذات عرق أو قراضة من جلده تسرى إلى الطعام حتى ينجسه ، وقد
كان المسلمون يستخدمون سبى الكفار ويأمرونهم بالتوضى ولا يجتنبون مما يلاقى أيديهم
فافهم ذلك .
[ 49 ]
الجامدة ، فيكون غسل اليد على الاستحباب .
قال في المختلف : قال الشيخ في النهاية : يكره أن يدعو الانسان أحدا من
الكفارإلى طعامه فيأكل معه ، فاذا دعاه فليأمره بغسل يديه ، ثم يأكل معه إن
شاء ، وقال المفيد : لا يجوز مؤاكلة المجوس ، وقال ابن البراج : لا يجوز الاكل
والشرب مع الكفار ، وقال ابن إدريس : قول شيخنا في النهاية رواية شاذة ( 1 )
أوردها شيخنا إيرادا لا اعتقادا ، وهذه الرواية مخالفة لاصول المذهب ، ثم قال :
والمعتمد مااختاره ابن إدريس ، ثم أجاب عن الرواية بالحمل على ماإذا كان
الطعام مما لا ينفعل بالملاقاة ، كالفواكه اليابسة والثمار والحبوب .
12 - المحاسن : عن علي بن الحكم ومعاوية بن وهب جميعا ، عن
زكريا بن إبراهيم قال : كنت نصرانيا فأسلمت فقلت لابي عبدالله عليه السلام : إن أهل بيتي
على النصرانية ، فأكون معهم في بيت واحد فآكل في آنيتهم ؟ فقال لي : يأكلون
لحم الخنزير ؟ قلت : لا ، قال : لابأس ( 2 ) .
13 - ومنه : عن أبيه ، عن صفوان ، عن العيص قال : سألت أبا عبدالله
عليه السلام عن مؤاكلة اليهودي والنصراني والمجوسي ، فآكل من طعامهم ؟
قال : لا ( 3 ) .
14 - ومنه : عن عدة من أصحابه ، عن العلاء ، عن محمد قال : سألت أبا
جعفر عليه السلام عن آنية أهل الذمة : فقال : لا تأكلوا فيها إذا كانوا يأكلون فيها
الميتة والدم ولحم الخنزير ( 4 ) .
15 - ومنه : عن ابن محبوب ، عن العلا ، عن محمد قال : سألت أبا جعفر عليه السلام
* ( هامش ص 49 ) * ( 1 ) كثيرا ما ينقد ابن ادريس فتاوى الشيخ - شيخ الطائفة - لما لا يعلم وجه الحق
في فتواه .
( 2 و 3 ) المحاسن ص 453 .
( 4 ) المحاسن ص 454 .
[ 50 ]
عن آنية أهل الذمة والمجوس ، فقال : لا تأكل في آنيتهم ، ولا من طعامهم الذي
يطبخون ، ولا من آنيتهم التي يشربون فيها الخمر ( 1 ) .
16 - ومنه : ( 2 ) عن أبيه ، عن صفوان ، عن إسماعيل بن جابر
قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام في طعام أهل الكتاب فقال : لا تأكله ثم سكت
هنيئة ثم قال : لا تأكله ثم سكت هنيئة ثم قال : لا تأكله ولا تتركة تقول :
إنه حرام ، ولكن تتركة تنزها عنه ، إن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير ( 3 ) .
بيان : قال في القاموس : " هنية " مصغر هنة أصلها هنوة أي شئ يسير ،
ويروى هنيهة بابدال الياء هاء .
وقال الشيخ البهائي قدس سره : ما تضمنه هذا الحديث من نهيه عليه السلام عن
أكل طعامهم أولا ثم سكوته ثم نهيه ثم سكوته ثم أمره أخيرا بالتنزه عنه ، يوجب
الطعن في متنه ، لا شعاره بترد ده عليه السلام فيه ، وحاشاهم عن ذلك ، ثم قال : لعل
نهيه عليه السلام عن أكل طعامهم محمول على الكراهة إن اريد به الحبوب ونحوها ،
ويمكن جعل قوله عليه السلام : لا تأكله مرتين للاشعار بالتحريم ، كما هو ظاهر
التأكيد ، ويكون قوله بعد ذلك : لا تأكله ولا تتركه ، محمولا على التقية بعد
حصول التنبيه والاشعار بالتحريم ، هذا إن اريد بطعامهم اللحوم والدسوم وما مسوه
برطوبة ، ويمكن تخصيص الطعام بماعدا اللحوم ونحوها ويؤيده تعليله عليه السلام باشتمال
آنيتهم على الخمر ولحم الخنزير .
وقال الشهيد الثاني - ره - تعليل النهي فيها بمباشرتهم للنجاسات يدل
على عدم نجاسة ذواتهم ، إذا لو كانت نجسة لم يحسن العليل بالنجاسة العرضية التي
قد تتفق ولا تتفق .
* ( هامش ص 50 ) * ( 1 ) المحاسن : ص 454 .
( 2 ) في طبعة الكمبانى وهكذا النسخة المخطوطة : قرب الاسناد ، وهو سهو .
( 3 ) المحاسن ص 454
[ 51 ]
17 - كتاب المسائل : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام قال : سألته عن أهل الذمة أنأكل في إنائهم إذا كانوا يأكلون الميتة
والخنزير ؟ قال : لا ، ولا في آنية الذهب والفضة ( 1 ) .
قال : وسألته عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أيتوضؤ منه للصلاة ؟
قال : لا ، إلا أن يضطر إليه ( 2 ) .
وسألته عن النصراني واليهودي : يغتسل مع المسلمين في الحمام ؟ قال :
إذا علم أنه نصراني اغتسل بغير ماء الحمام ، إلاأن يغتسل وحده على الحوض
فيغسله ثم يغتسل ( 3 ) .
وسألته عن اليهودي والنصراني يشرب مع الدورق ( 4 ) أيشرب منه المسلم ؟ قال :
لا بأس ( 5 ) .
وسألته عن الصلاة على بواري النصارى واليهود التي يقعدون عليها في بيوتهم
أيصلح ؟ قال : لا يصلى عليها ( 6 ) .
توضيح : الجواب الاول على الطهارة أدل منه على النجاسة ، وكذا
الجواب الثاني إلا أن يحمل الاضطرار على التقية أو لغيره الطهارة كالشرب ،
لكنه بعيد ، وربما يحمل الوضوء على إزالة الوسخ وهو أبعد .
وأما الثالث فقال الشيخ البهائي زاد الله في بهائه : كان الكلام إنما هو في
اغتسال النصراني مع المسلم من حوض الحمام الناقص من الكر المنسد المادة
لتنجسه بمباشرة النصراني له .
وقوله عليه السلام : " اغتسل بغير ماء الحمام " يراد به غير مائه الذي في ذلك
* ( هامش ص 51 ) * ( 1 ) البحارج 10 ص 268 .
( 2 و 3 ) كتاب المسائل البحار ج 10 ص 278 .
( 4 ) الدورق الابريق الكبير له عروتان بلا بلبلة .
( 5 ) المصدر ج 10 ص 278 .
( 6 ) المصدر ج 10 ص 288 .
[ 52 ]
الحوض ، والضمير في قوله عليه السلام : " إلا أن يغتسل وحده " يجوز عوده إلى النصراني
أي إلا أن يكون قد اغتسل من ذلك الحوض قبل المسلم فيغسله المسلم باجراء المادة
إليه حتى يطهر ، ثم يغتسل منه ، ويمكن عوده إلى المسلم أي إلا أن يغتسل المسلم
من ذلك الحوض بعد النصراني .
وبعض الاصحاب علل منعه عليه السلام من اغتسال المسلم مع النصراني في هذا
الحديث بأن الاغتسال معه يوجب وصول ما يتقاطر من بدنه إلى بدن المسلم ، وفيه
أن هذا وحده لا يقتضي تعين الغسل بغيرماء الحمام ، وإنما يوجب تباعد المسلم
عنه حال غسله ، انتهى .
والرابع ظاهره طهارتهم إلا أن يحمل على مابعد الغسل ، ولا استبعاد كثيرا
في مثل هذا السؤال إذ لا يبعد مرجوحية الشرب من إناء شربوا منه ، وإن كان
بعد الغسل ، والدورق الجرة ذات العروة ، ذكره الفيروز آبادي .
والخامس ظاهره نجاستهم ، ومع ذلك إما محمول على العلم بملاقاتهم
بالرطوبة مع السجود عليها ، أو بناء على تغليب الظاهر على الاصل ، ويمكن حمله
على الاستحباب ، فلا يدل على نجاستهم .
18 - دعائم الاسلام : سئل جعفر بن محمد عليه السلام عن ثياب المشركين يصلى
فيها ؟ قال : لا ( 1 ) .
ورخصوا عليهم السلام في الصلاة في الثياب التي تعملها المشركون مالم يلبسوها
أو تظهر فيها نجاسة ( 2 ) .
19 - الهداية : لا يجوز الوضوء بسؤر اليهودي والنصراني وولدا الزنا
والمشرك ، وكل من خالف الاسلام ( 3 ) .
* ( هامش ص 52 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 117 .
( 2 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 118 .
( 3 ) الهداية : 14 .
[ 53 ]
20 - الخرايج : روي أن يهوديا قال لعلي عليه السلام : إن محمدا صلى الله عليه وآله قال :
إن في كل رمانة حبة من الجنة ، وأنا كسرت واحدة وأكلتها كلها ، فقال عليه السلام :
صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وضرب يده على لحيته فوقعت حبة فتناولها عليه السلام وأكلها
وقال : لم يأكلها الكافر والحمد لله .
بيان : يدل بظاهره على طهارة أهل الكتاب أو طهارة مالا تحله الحياة من
الكفار ، ويمكن حمله على أنه عليه السلام أكلها بعد الغسل أو على أنها لم تلاق لحيته
بالاعجاز ، والحمل على عدم السراية بعيد .
[ 54 ]
( باب 2 )
* ( سؤر الكلب والخنزير والسنور والفارة ) *
* ( وأنواع السباع وحكم ما لاقته ) *
* ( رطبا أو يابسا ) *
1 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ،
عن أخيه عليه السلام : قال : سألته عن خنزير أصاب ثوبا وهو جاف أتصلح الصلاة فيه قبل
أن يغسل ؟ قال : نعم ينضحه بالماء ، ثم يصلي فيه ( 1 ) .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 54 سطر 8 إلى صفحه 62 سطر 8

بيان : المشهور بين الاصحاب استحباب النضح مع ملاقات الكلب والخنزير
يابسا ، وقال في المعتبر : إنه مذهب علمائنا أجمع ، ونقل عن ابن حمزة أنه أوجب
الرش أخذا بظاهرالامر وهو ظاهر اختيار المفيد في المقنعة ، والصدوق في كتابه
وهو أحوط .
2 - الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمدبن عيسى اليقطيني ،
عن القاسم بن يحيى ، عن جده ، عن الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن
مسلم ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : تنزهوا
من قرب الكلاب ، فمن أصاب الكلب وهو رطب فليغسله ، وإن كان جافا فلينضح
ثوبه بالماء ( 2 ) .
3 - فقه الرضا : إن وقع كلب في الماء أو شرب منه اهريق الماء ، وغسل
الاناء ثلاث مرات ، مرة بالتراب ومرتين بالماء ثم يجفف .
بيان : اختلف الاصحاب في كيفية تطهير الاناء من ولوغ الكلب ، فذهب
* ( هامش ص 54 ) *
قرب الاسناد ص 117 ط نجف وص 89 ط حجر .
( 2 ) الخصال ج 2 ص 164 .
[ 55 ]
الاكثر إلى غسله ثلاثا اولاهن بالتراب ، وقال في المقنعة : يغسل ثلاثا وسطاهن
بالتراب ، ثم يجفف وقيل : إحداهن بالتراب ، وقال في الفقيه : يغسل مرة
بالتراب ومرتين بالماء كمافي الرواية ، وقال ابن الجنيد : يغسل سبعا إحداهن
بالتراب .
ثم المشهور أن هذا الحكم مخصوص بالولوغ ، وهو شربه مما في الاناء
بطرف لسانه ، قالوا : وفي معناه لطعه الاناء بلسانه ، فلو أصاب الاناء بيده أو برجله
كان كغيرة من النجاسات ، وألحق في الفقيه بالولوغ الوقوع ، وذكرواأن هذا
والتجفيف لا يعلم مستندهما وهما مصر حان في الفقه الرضوي إن أمكن الاستناد
إليه في مثل هذا .
4 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ،
عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : سألته عن الرجل وقع ثوبه على كلب ميت
قال : ينضحه بالماء ويصلي فيه ولا بأس ( 1 ) .
5 - كتاب المسائل : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام قال : سألته عن رجل أصاب ثوبه خنزير فذكر وهو في صلاته ، قال :
فليمض فلا بأس وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلا أن يكون
فيه أثر فيغسله ( 2 ) .
قال : وسألته عن الكلب والفأرة إذا أكلا من الجبن أوالسمن أيؤكل ؟ قال :
يطرح ما شماه ويؤكل ما بقي ( 3 )
بيان : قال في المعالم بعد إيراد الجزء الاول من هذه الرواية : الظاهر من
الرواية عدم استناد الحكم إلى النجاسة ، فبتقدير الوجوب يكون تعبدا ، وذلك
لانه أمر فيها بالمضى في الصلاة إذا كان قد دخل فيها وظاهره نفي التنجيس .
* ( هامش ص 55 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 94 ط حجر .
( 2 ) البحار ج 10 ص 256 .
( 3 ) كتاب المسائل البحار ج 10 ص 261 .
[ 56 ]
لا يقال : إن الامر بالغسل مع وجود الاثر ليس إلا للتنجيس ، والحكم
بالمضى في الصلاة إذا كان قد دخل فيها شامل له كما يشعر به ذكر الحكمين
على تقدير عدم الدخول ، فلا يصلح الاستناد في نفي التنجيس حينئذ إلى الامر
بالمضى ، وإن لم يعهد في غير هذا الموضع تفاوت الحال في وجوب إزالة النجاسة
مع الامكان بالدخول في الصلاة وعدمه ، فلعل ذلك من خصوصيات هذا
النوع منها .
لانا نقول : ليس في كلام السائل دلالة على علمه بحصول الاثر من الملاقات
يعنى وجدان الرطوبة المؤثرة قبل دخوله في الصلاة ، ومقتضى الاصل انتفاؤها ،
فلذلك أمر بالمضى حينئذ ، وهو يدل على وجوب التفحص ، وأنه يكفي البناء
على أصالة طهارة الثوب عند الشك ، وهذا الحكم مستفاد من بعض الاخبار في
غير هذه النجاسة أيضا .
وأما مع عدم الدخول فحيث إنه مأمور بالنضح وجوبا أو استحبابا يحتاج
إلى ملاحظة موضع الملاقاة ، فاذا تبين فيه الاثر وجب غسله ، وهذا التوجيه
لو لم يكن ظاهرا لكفى احتماله في المصير إليه ، لما في إثبات الخصوصية من
التعسف انتهى .
وربما يقال : الاستثناء قيد لمجموع الشرطيتين ، فالحكم بالمضى بعد
الدخول ليس شاملا لصورة وجود الاثر .
6 - قرب الاسناد : بالسند المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام قال : سألته عن الفأرة والكلب إذا أكلا من الخبز وشبهه ، أيحل
أكله ؟ قال : يطرح منه ما أكل ، ويؤكل الباقي ( 1 ) .
بيان : هذا الخبر في الكتب المشهورة ( 2 ) هكذا : سألته عن الفارة و
الكلب إذا أكلا من الخبز أو شماه أيؤكل ؟ قال : يطرح ما شماه ، ويوكل
* ( هامش ص 56 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 156 ط نجف .
( 2 ) راجع التهذيب ج 1 ص 65 و 81 .
[ 57 ]
مابقي ، وقيل : لعله عليه السلام ذكر حكم الشم مقتصرا عليه لانه يعلم منه حكم
الاكل بالاولوية .
ثم اعلم أن الاصحاب اختلفوا في سؤر الفارة ، والمشهور بين المتأخرين
الكراهة ، وقال الشيخ في النهاية : إذا أصاب ثوب الانسان كلب أو خنزير أو ثعلب
أو أرنب أو فارة أو وزغة وكان رطبا وجب غسل الموضع الذي أصابته من الرطوبة
وقال المفيد - رحمه الله - في المقنعة : وكذلك الحكم في الفارة والوزغة
يرش الموضع الذي مساه ، إن لم يؤثرا فيه ، وإن رطباه وأثرا فيه
غسل بالماء .
فاذا عرفت هذا فالامر بالطرح على المشهور أعم من الوجوب والاستحباب
إذ في الفارة الظاهر حمله على الاستحباب إلا أن يقال : في الاكل تبقى في المحل
رطوبة ، وهي من فضلات مالا يؤكل لحمه ، وفيه خباثة أيضاعلى طريقة القوم
وكذا في الشم لا ينفك غالبا أنفه من رطوبة والظاهر سرايتها إلى المحل ولا يخفى
ما فيها من التكلفات ، وأما الكلب ففي الاكل الظاهر أن الامر على الوجوب
لحصول العلم العادي بسراية النجاسة إلى المحل ، وإن احتمل تغليب الاصل في
مثله ، وفي الشم هذا الاحتمال أظهر وأقوى ، فيحمل على الاستحباب إلا أن يحمل
على العلم بوصول الرطوبة إلى المحل .
7 - دعائم الاسلام : عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الكلب والفأرة
يأكلان من الخبز أو يشمانه ؟ قال : ينزع ذلك الموضع الذي أكلا منه أو شماه
ويؤكل سايره ( 1 ) .
وعن أبي جعفر عليه الصلاة والسلام أنه رخص فيما أكل أو شرب منه
السنور ( 2 ) .
* ( هامش ص 57 ) * ( 1 - 2 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 122 .
[ 58 ]
[ 8 - الهداية ] : فأما الماء الاجن والذي قدولغ فيه الكلب والسنور
فانه لا بأس بأن يتوضأ منه ويغتسل ، إلا أن يوجد غيره فيتنزه عنه ( 1 )
بيان : لعل مراده من الذي ولغ فيه الكلب ما كان كرا .
9 - قرب الاسناد : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن الصادق
عن أبيه عليهما السلام ، عن على عليه السلام قال : لا بأس بسؤر الفار أن يشرب منه
ويتوضأ ( 2 ) .
10 - ومنه : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه السلام قال :
سألته عن الفارة وقعت في حب دهن فاخرجت قبل أن تموت ؟ أيبيعه من مسلم ؟ قال :
نعم ، ويدهن به ( 3 ) .
11 - ومنه ومن كتاب المسائل : باسنادهما عن علي ، عن أخيه عليه السلام
قال : سألته عن فارة أو كلب شربا من زيت أو سمن ، أو لبن ، قال : إن كان جرة
أو نحوها فلا يأكله ، ولكن ينتفع به بسراج أو نحوه ، وإن كان أكثرا من ذلك
فلا بأس بأكله ، إلا أن يكون صاحبه موسرا ، يحتمل أن يهريقه فلا ينتفع به
في شئ ( 4 ) .
قال : وسألته عن الفارة تصيب الثوب قال : إذا لم يكن الفارة رطبة فلا
بأس ، وإن كانت رطبة فاغسل ماأصاب من ثوبك والكلب بمثل ذلك ( 5 ) .
بيان : قوله عليه السلام : " ولكن ينتفع به " يدل على جواز الاستصباح بالدهن
المتنجس من غير تقييد بكونه تحت السماء ، وقد اعترف الاكثر بانتفاء المستند
فيه ، وأما تجويز الاكل مع كثرة الدهن فلم أرقائلا به في الكلب ، وحمله
* ( هامش ص 58 ) * ( 1 ) الهداية : 13 .
( 2 ) قرب الاسناد ص 70 ط حجر وص 92 ط نجف .
( 3 ) قرب الاسناد ص 84 ط حجر وص 150 ط نجف .
( 4 ) قرب الاسناد ص 156 ط نجف ، والبحار ج 10 ص 261 .
( 5 ) قرب الاسناد ص 117 ط نجف .
[ 59 ]
على الجامد بعيد جدا ، لا سيما في الاخير إلا أن يحمل اللبن على الماست ، ويمكن
تخصيصه بالفارة .
قوله عليه السلام : " فاغسل ماأصاب " حمل على الاستحباب على المشهور وظاهره
النجاسة .
12 - مجالس الصدوق : في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى عن أكل سؤر
الفأر ( 1 ) .
13 - قرب الاسناد وكتاب المسائل : بسنديهما عن علي بن جعفر ، عن
أخيه عليه السلام قال : سألته عن رجل مس ظهر سنور هل يصلح له أن يصلي قبل أن
يغسل يده ؟ قال : لا بأس ( 2 ) .
14 - كتاب المسائل : بسنده عن علي ، عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته
عن الفارة تموت في السمن والعسل الجامد أيصلح أكله ؟ قال : اطرح ما حول مكانها
الذي ماتت فيه ، وكل ما بقي ولا بأس ( 3 ) .
15 - نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام
قال : قال علي عليه السلام : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يتوضأ ، إذا لاذبه هر البيت ، وعرف
رسول الله صلى الله عليه وآله أنه عطشان فأصغى إليه الاناء حتى شرب منه الهر وتوضأ
بفضله ( 4 ) .
ايضاح : قال في النهاية : في حديث الهرة أنه كان يصغي لها الاناء أي يميله
ليسهل عليه الشرب منه .
16 - قرب الاسناد : بالسند المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام قال : سألته عن الفارة الرطبة ، قد وقعت في الماء تمشي على الثياب ،
* ( هامش ص 59 ) * ( 1 ) أمالى الصدوق ص 253
( 2 ) قرب الاسناد ص 122 ط نجف وص 93 ط حجر البحار ج 10 ص 285 .
( 3 ) كتاب المسائل ج 10 ص 264 من البحار .
( 4 ) نوادر الراوندى ص 39 .
[ 60 ]
أتصلح للصلاة قبل أن تغسل ؟ قال : اغسل ما رأيت من أثرها ، وما لم تره
فتنضحه بالماء ( 1 ) .
بيان : ظاهره نجاسة الفأرة وحمل الغسل والنضح في المشهور على الاستحباب .
فائدة
اعلم أن الاصحاب ذكروا في النضح مواضع : الاول بول الرضيع ، وهو
على الوجوب ، الثاني ملاقاة الكلب باليبوسة استحبابا على المشهور ووجوباعلى بعض
الاقوال كما عرفت ، الثالث ملاقاة الخنزير جافا استحبابا أو وجوبا كمامر ،
الرابع حكى العلامة في المختلف عن ابن حمزة إيجاب رش الثوب من ملاقات الكافر
باليبوسة ، ثم إنه استقرب الاستحباب .
وقال الشيخ في النهاية : إذا أصاب ثوب الانسان كلب أو خنزير أو ثعلب أو
أرنب أو فارة أو وزغة وكان يابسا وجب أن يرش الموضع بعينه وإن لم يتعين رش
الثوب كله ، وقال المفيد في المقنعة : وإذا مس ثوب الانسان كلب أو خنزير و
كانا يابسين ، فليرش موضع مسهمامنه بالماء وكذلك الحكم في الفأرة والوزغة
وصرح سلا رفي رسالته بوجوب الرش من مماسة الكلب والخنزير والفارة و
الوزغة وجسد الكافر باليبوسة ، وحكى المحقق في المعتبر : أن الشيخ قال في
المبسوط : كل نجاسة أصابت الثوب وكانت يابسة لا يجب غسلها ، وإنما يستحب
نضح الثوب .
قال في المعالم : ولا نعلم لاعتبار شئ من ذلك في غير الكلب والخنزير بالوجوب
أو الاستحباب حجة سوى مارواه الشيخ في الصحيح ، عن علي بن جعفر وذكر
هذه الرواية ( 2 ) وما رواه الشيخ أيضا في الصحيح ( 3 ) عن الحلبي قال : سألت
* ( هامش ص 60 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 116 ط نجف .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 74 .
( 3 ) التهذيب ج 1 ص 239 .
[ 61 ]
أبا عبدالله عليه السلام عن الصلاة في ثوب المجوسي فقال : يرش بالماء .
ثم قال : وهذا الخبر إنما يصلح دليلا على بعض وجوه ملاقاة الكافر باليبوسة
لا مطلقا كما هو مدعاهم ، ثم إن الامر بالرش فيه محمول على الاستحباب قطعا
لوجود المعارض الدال على نفي الوجوب ، كصحيح معاوية بن عمار ( 1 ) عنه
عليه السلام في الثياب السابرية يعملها المجوس ألبسها ولاأغسلها واصلي فيها ؟
قال : نعم .
الخامس ذكر الشيخان في المقنعة والنهاية رش الثوب إذا حصل في نجاسته
شك ، وعبارة النهاية صريحة في الاستحباب ، وأما عبارة المقنعة فمطلقة حيث قال
فيها : وإذا ظن الانسان أنه قد أصاب ثوبه نجاسة ولم يتيقن ذلك ، رشه
بالماء ، ونص العلامة في المنتهى والنهاية على الاستحباب ، لكنه عبر عن الحكم
بالنضح .
وأوجب سلار الرش إذا حصل الظن بنجاسة الثوب ولم يتيقن ، والذي ورد
في الاخبار النضح عند الشك في إصابة بعض أنواع النجاسة .
فروى الشيخ في الصحيح عن عبدالرحمن بن الحجاج ( 2 ) : قال : سألت
أباإبراهيم عليه السلام عن رجل يبول بالليل فيحسب أن البول أصابه فلا يستيقن ، فهل
يجزيه أن يصب على ذكره إذا بال ولا يتتشف ؟ قال : يغسل ما استبان أنه أصابه
وينضح ما يشك فيه من جسده أو ثيابه ، ويتنشف قبل أن يتوضأ .
وفي الحسن عن الحلبي ( 3 ) عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذااحتلم الرجل
فأصاب ثوبه مني فليغسل الذي أصابه ، فان ظن أنه أصابه مني ولم يستيقن ولم
يرمكانه فلينضحه بالماء .
* ( هامش ص 61 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 239 .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 119 والمراد بالتنشف الاستبراء وبالوضوء الاستنجاء .
( 3 ) التهذيب ج 1 ص 71 و 199 .
[ 62 ]
وفي الحسن ، عن عبدالله بن سنان ( 1 ) قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن
رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم ، قال : إن كان علم أنه أصاب ثوبه جنابة قبل أن
يصلي ثم صلى فيه ولم يغسله فعليه أن يعيد ما صلى وإن كان يرى أنه أصابه شئ فنظر
فلم يرشيئا أجزأه أن ينضحه بالماء .
السادس الفأرة الرطبة ذكرها العلامة في المنتهى والنهاية والشهيد في
الذكرى واستند إلى هذه الرواية .
وقال صاحب المعالم : مورد النضح في هذا الخبر كما ترى هو مالا يرى
من أثر الفأرة الرطبة في الثوب ، وأما ما يرى منه فالحكم فيه الغسل وجوبا أو


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 62 سطر 9 إلى صفحه 70 سطر 9

استحبابا على الخلاف السابق ، ووقع في كلام جماعة إطلاق القول بالنضح من
الفأرة الرطبة تبعا العلامة في النهاية وليس بجيد ، وقد صرح في المنتهى بما
قلناه ، فقال : ومنها الفأرة إذا لاقت الثوب وهي رطبة ولم ير الموضع .
السابع وقوع الثوب على الكلب الميت يابسا ذكره الشهيد في الذكرى
لمامر من رواية علي بن جعفر وهي في الكتب المشهورة صحيحة ( 2 ) .
الثامن المذي يصيب الثوب ذكره العلامة والشهيد قدس الله روحهما لصحيحة
محمدبن مسلم عن أحدهما عليهما السلام ( 3 ) قال : سألته عن المذي يصيب الثوب فقال :
ينضحه بالماء إن شاء ، وهي مصرحة بالاستحباب .
التاسع بول الدواب والبغال والحمير ذكره العلامة والشهيد لحسنة محمد
ابن مسلم ( 4 ) قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن أبوال الدواب والبغال والحمير
فقال : اغسله فان لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كله ، فان شككت فانضحه .
* ( هامش ص 62 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 239 .
( 2 ) راجع التهذيب ج 1 ص 78 .
( 3 ) المصدر ج 1 ص 76 وص 199 .
( 4 ) المصدر : ج 1 ص 195 .
[ 63 ]
اقول : الظاهر أنه مبني على نجاسة تلك الابوال ، والنضح لمكان الشك
كما مرفي الخامس .
العاشر بول البعير والشاة ذكرا في النهاية والذكرى لرواية عبدالرحمن
ابن أبي عبدالله ( 1 ) قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يصيبه أبوال البهايم
أيغسله أم لا ؟ قال : يغسل بول الفرس والبغل والحمار ، وينضح بول البعير
والشاة .
الحادي عشر الثوب يصيبه عرق الجنب ذكره في الكتابين وغير هما لرواية
أبي بصير ( 2 ) قال : سألت أباعبدالله عليه السلام عن القميص يعرق فيه الرجل
وهو جنب ، حتى يبتل القميص ، فقال : لا بأس وأن أحب أن يرشه بالماء
فليفعل .
ولرواية علي بن أبي حمزة ( 3 ) قال : سئل أبوعبدالله عليه السلام وأنا حاضر عن
رجل أجنب في ثوبه فيعرق فيه ، قال : لا أرى به بأسا ، قال : إنه يعرق حتى
لوشاء أن يعصره عصره ، قال : فقطب أبوعبدالله عليه السلام في وجه الرجل فقال : إن
أبيتم فشئ من ماء فانضحه به .
وهما يدلان على استحباب الرش وإن احتمل الاخير الاباحة مماشاة
للسائل ، حيث فهم عليه السلام عنه الميل إلى التنزه عن العرق ، وهذا الاحتمال
في الاول أبعد .
الثاني عشر ذوالجرح في المقعدة يجد الصفرة بعد الاستنجاء ، ذكره الشهيد
في الذكرى لما رواه الكليني في الصحيح عن البزنطي ( 4 ) قال : سأل الرضا عليه السلام
* ( هامش ص 63 ) * ( 1 ) المصدرج 1 ص 70 .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 76
( 3 ) الكافى ج 3 ص 52 التهذيب ج 1 ص 76
( 4 ) الكافى ج 3 ص 19 و 20 .
[ 64 ]
رجل وأنا حاضر فقال : إن لي جرحافي مقعدتي فأتوضأ وأستنجي ثم أجد بعد
ذلك الندى الصفرة من المقعدة ، أفاعيد الوضوء ؟ فقال : وقد أنقيت ؟ فقال :
نعم ، قال : لا ، ولكن رشه بالماء ولا تعد الوضوء .
ورواه بطريق آخر عن صفوان عن الرضا عليه السلام .
أقول : سيأتي النضح والرش في كثير من أمكنة الصلاة في مواضعها لم
نذكرها ههنا حذرا من التكرار .
تتميم
قال العلامة في النهاية : مراتب إيراد الماء ثلاثة : النضح المجرد ، ومع
الغلبة ، ومع الجريان ، قال : ولا حاجة في الرش إلى الدرجة الثالثة قطعا و
هل يحتاج إلى الثانية ؟ الاقرب ذلك ، ثم قال : ويفترق الرش والغسل بالسيلان
والتقاطر ، قال في المعالم : في جعله الرش مغائرا للنضع نظر ، إذ المستفاد من
كلام أهل اللغة ترادفهما والعرف إن لم يوافقهم فليس بمخالف لهم ، فلانعلم
الفرق الذي استقر به من أين أخذه ؟ مع أنه في غير النهاية كثيرا ما يستدل على
الرش بما ورد بلفظ النضح وبالعكس ، بل الظاهر من كلامهم وكلامه في غيره
ترادف الصب والرش والنضح .
تذنيب
عزى العلامة في المختلف إلى ابن حمزة إيجاب مسح البدن بالتراب إذا
أصابه الكلب والخنزير أو الكافر بغير رطوبة ، وقال الشيخ في النهاية : وإن
مس الانسان بيده كلبا أو خنزيرا أو ثعلبا أو أرنبا أو فارة أو وزغة أو صافح ذميا
أو ناصبا معلنا بعداوة آل محمد صلى الله عليه وآله وجب غسل يده إن كان رطبا ، وإن كان يابسا
مسحه بالتراب .
وقال المفيد : وإن مس جسد الانسان كلب أو خنزير أو فارة أو وزغة
وكان يابسا مسحه بالتراب ، ثم قال : وإذا صافح الكافر ولم يكن في يده رطوبة
[ 65 ]
مسحها ببعض الحيطان أو التراب .
وقال الشيخ في المبسوط : كل نجاسة أصابت الثوب أو البدن وكانت يابسة
لايجب غسلها ، وإنما يستحب مسح اليد بالتراب أو نضح الثوب ( 1 ) ولا نعرف للمسح
بالتراب وجوبا أو استحبابا وجها ، كمااعترف به كثير من المحققين ، وقد ذكر
العلامة في المنتهي استحبابه من ملاقاة البدن للكلب أو الخنزير باليبوسة ، بعد
حكمه ، بوجوب الغسل ، مع كون الملاقاة برطوبة ، ثم ذكر الحجة على إيجاب
الغسل ، وقال بعد ذلك : أما مسح الجسد فشئ ذكره بعض الاصحاب
ولم يثبت .
* ( هامش ص 65 ) * ( 1 ) المبسوط ج 1 ص 38 الطبعة الحديثة .
[ 66 ]
* ( باب 3 ) *
* ( سؤر المسوخ والجلال وآكل الجيف ) *
1 - العلل : عن علي بن أحمد بن محمد ، عن محمد الاسدي ، عن محمد بن أحمد
ابن إسماعيل العلوي ، عن علي بن الحسين العلوي ، عن علي بن جعفر ، عن
أخيه موسى ، عن أبيه جعفربن محمد عليهم السلام قال : المسوخ ثلاثة عشر : الفيل والدب
والارنب ، والعقرب ، والضب ، والعنكبوت ، والدعموص ، والجري ، والوطواط
والقرد ، والخنزير ، والزهرة ، وسهيل .
قيل : يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان سبب مسخ هؤلاء ؟ قال : أما الفيل
فكان رجلا جبارا لوطيا لا يدع رطبا ولا يابسا ، وأما الدب فكان رجلا مؤنثا
يدعو الرجال إلى نفسه ، وأما الارنب فكانت امرأة قذرة لا تغتسل من حيض ولا
غير ذلك ، وأما العقرب فكان رجلا همازا لا يسلم منه أحد ، وأما الضب فكان
رجلا أعرابيا يسرق الحاج بمحجنه ( 1 ) .
وأما العنكبوت فكانت امرأة سحرت زوجها ، وأما الدعموص فكان رجلا
نماما يقطع بين الاحبة ، وأما الجرى فكان رجلا ديوثا يجلب الرجال على
حلائله ، وأما الوطواط فكان رجلا سارقا يسرق الرطب من رؤوس النخل ، وأما
القردة فاليهود اعتدوا في السبت ، وأما الخنازير فالنصارى حين سألوا المائدة
فكانوا بعد نزولها أشد ما كانوا تكذيبا ، وأما سهيل فكان رجلا عشارا باليمن ،
وأما الزهرة فانها كانت امرأة تسمى ناهيد وهي التي تقول الناس أنه افتتن
بها هاروت وماروت ( 2 ) .
2 - وروى أيضا في العلل ، عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن
* ( هامش ص 66 ) * ( 1 ) المحجن : العصا المنعطفة الرأس كالصولجان .
( 2 ) علل الشرايع ج 2 ص 172 تحت الرقم 2 .
[ 67 ]
إسماعيل بن مهران ، عن محمد بن الحسن زعلان ، عن أبي الحسن عليه السلام قال :
المسوخ اثنى عشر صنفا وذكر فيه الزنبور ، وترك العنكبوت والد عموص ( 1 ) .
3 - وروى أيضا فيه ، عن علي بن عبدالله الوراق ، عن سعد بن عبدالله ، عن
عباد بن سليمان ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن الرضا عليه السلام وذكر فيه
الخفاش والفأرة والبعوض والقملة والوزغ والعنقاء ( 2 ) .
4 - وروى أيضا فيه وفي المجالس ( 3 ) عن ماجيلويه ، عن محمد العطار
عن محمدبن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن أسباط
عن علي بن جعفر ، عن مغيرة ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : المسوخ من
بني آدم ثلاثة عشر صنفا منهم القردة ، والخنازير ، والخفاش ، والضب والدب
والفيل ، والدعموص ، والجريث ، والعقرب ، وسهيل ، وقنفذ ، والزهرة ،
والعنكبوت ( 4 ) .
5 - وفي البصائر ( 5 ) والاختصاص عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد
عن الحسن بن علي ، عن كرام ، عن عبدالله بن طلحة قال : سألت أبا عبدالله
عليه السلام عن الوزغ فقال : هو رجس وهو مسخ ، فاذا قتلته فاغتسل ( 6 ) .
اقول : قدمرت أخبار المسوخ مفصلا مع أحكامها وأحوالها في كتاب
السماء والعالم .
واعلم أن الاصحاب اختلفوا في أسئار ما عدا الخنزير من أنواع المسوخ ،
* ( هامش ص 67 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 2 ص 171 تحت الرقم 1 .
( 2 ) المصدر ج 2 ص 172 تحت الرقم 3 .
( 3 ) لا يوجد في أمالى الصدوق وهو في الخصال ج 2 ص 88 .
( 4 ) علل الشرايع ج 2 ص 173 تحت الرقم 4 .
( 5 ) بصائر الدرجات ص 103 ط حجر وص 353 ط تبريز ، وتراه في الكافى
ج 8 ص 232 .
( 6 ) الاختصاص ص 301 .
[ 68 ]
فذهب الشيخ إلى نجاستها ، وهو المحكي عن ابن الجنيد وسلار وابن حمزة
والاشهر والاظهر الطهارة ، واستوجه المحقق فيها الكراهة ، خروجا من خلاف
من قال بالنجاسة .
وأما الجلال فهو المغتذي بعذرة الانسان محضا إلى أن نبت عليه لحمه
واشتد عظمه ، بحيث يسمى في العرف جلالا ، قبل أن يستبرى ء بمايزيل
الجلل وآكل الجيف من الطيور أي ما من شأنه ذلك فالمشهور كراهة سؤرهما مع
خلو موضع الملاقات من عين النجاسة ، والشيخ في المبسوط منع من سؤر آكل الجيف
وفي النهاية من سؤر الجلال ، وربما يناقش في الكراهة أيضا وهو في محله . و
أطلق العلامة وغيره كراهة سؤر الدجاج ، وعلل بعدم انفكاك منقارها غالبا من
النجاسة ، وحكي في المعتبر عن الشيخ في المبسوط أنه قال : يكره سور الدجاج على
كل حال .
فائدة مهمة
قال العلامة في النهاية : لو تنجس فم الهرة بسبب كأكل فأرة وشبهه ثم
ولغت في ماء قليل ونحن نتيقن نجاسة فمها فالاقوي النجاسة لانه ماء قليل لاقى
نجاسة ، والاحتراز يعسر عن مطلق الولوغ لا عن الولوغ بعد تيقن نجاسة الفم ،
ولو غابت عن العين واحتمل ولوغهافي ماء كثيرا أو جار لم ينجس ، لان الاناء
معلوم الطهارة ، فلا حكم بنجاسته بالشك .
قيل : وهذا الكلام مشكل ، لانا إما أن نكتفي في طهر فمها بمجردزوال
عين النجاسة ، أو نعتبر فيه ما يعتبر في تطهير المتنجسات من الطرق المعهودة شرعا
فعلى الاول لا حاجة إلى اشتراط غيبتها ، وعلى الثانى - وهوالذي يظهر من
كلامه الميل إليه - ينبغي أن لا يكتفي بمجرد الاحتمال ، لا سيما مع بعده ، بل
يتوقف الحكم بالطهارة على العلم بوجود سببها كغيره .
والظاهر أن الضرورة قاضية بعدم اعتبار ذلك شرعا ، وعموم الاخبار يدل
[ 69 ]
على خلافه ، فان إطلاق الحكم بطهارة سؤر الهر فيها من دون الاشتراط بشئ
مع كون الغالب فيه عدم الانفكاك من أمثال هذه الملاقاة ، دليل على عدم اعتبار
أمر آخر غير ذهاب العين ، ولو فرضنا عدم دلالة الاخبار على العموم فلا ريب أن
الحكم بتوقف الطهارة في مثلها على التطهير المعهود شرعا منفي قطعا ، والواسعة بين
ذلك وبين زوال العين يتوقف على الدليل ، ولا دليل .
وقداكتفى في المنتهى بزوال العين عن فمها فقال بعد أن ذكر كراهة سؤر
آكل الجيف ، وبين وجهه : وهكذا سؤر الهرة وإن أكلت الميتة وشربت ، قل
الماء أو كثر ، غابت عن العين أو لم تغب ، لعموم الاحاديث المبيحة ، وحكى ما
ذكره في النهاية عن بعض أهل الخلاف .
وقال الشيخ في الخلاف : إذاأكلت الهرة فأرة ثم شربت من الاناء فلا بأس
بالوضوء من سؤرها ، وحكى عن بغض العامة أنه قال : إن شربت قبل أن تغيب عن
العين لا يجوز الوضوء به ، ثم قال الشيخ : والذي يدل على ما قلناه إجماع الفرقة على
أن سؤر الهرة طاهر ولم يفصلوا انتهى .
وبالجملة مقتضى الاخبار المتضمنة لنفى البأس عن سؤر الهرة وغيرها من
السباع طهارتها بمجرد زوال العين ، لانها لا تكاد تنفك عن النجاسات خصوصا الهرة
فان العلم بمباشرتها للنجاسة متحقق في أكثر الاوقات ولولا ذلك للزم صرف اللفظ
الظاهر إلى الفرد النادر ، بل تأخير البيان عن وقت الحاجة كماذكره بعض المحققين .
وقد قطع جمع من المتأخرين بطهارة الحيوان غير الادمى بمجرد زوال العين
وهو حسن للاصل ، وعدم ثبوب التعبد بغسل النجاسة عنه ، ولا يعتبر فيه الغيبة ، وأما
الادمى فقد قيل إنه يحكم بطهارته بغيبة زمانا يمكن فيه إزالة النجاسة ، واستشكله
بعض المحققين وقال : الاصح عدم الحكم بطهارته بذلك إلا مع تلبسه بما يشترط
فيه الطهارة عنده ، على تردد في ذلك أيضا ، والله يعلم .
[ 70 ]
* ( باب 4 ) *
* ( سؤر العظاية والحية والوزغ واشباهها ) *
* ( مما ليست له نفس سائلة ) *
1 - قرب الاسناد ( 1 ) وكتاب المسائل بالاسنادين المتقدمين عن على بن جعفر
عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن العظاية والحية والوزغة تقع في الماء فلاتموت أيتوضأ
منه للصلاة ؟ قال : لا بأس .
قال : وسألته عن العقرب والخنفساء أشباههن تموت في الجرة أو الدن
أيتوضأ منه للصلاة ؟ قال : لا بأس ( 2 ) .
بيان : قال في القاموس : العظاية دويبة كسام أبرص انتهى ، ولعله نوع من


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 70 سطر 10 إلى صفحه 78 سطر 10

الوزغ والمشهور بين الاصحاب كراهة سؤر الوزغ والعقرب ، وماماتتا فيه : وربما قيل
بالمنع أيضا ، وقال في التذكرة : إن الكراهة من حيث الطب لا لنجاسة الماء وفيه
قوة ، وقال الشيخ في النهاية : لايجوز استعمال ما وقع فيه الوزغ وإن خرج حيا ، وكذا
قال الصدوق ره .
وأما الحية فقال الشيخ في النهاية وأتباعه بكراهة سؤرها ، وقيل : بعدم
الكراهة لهذه الرواية .
وأما عدم نجاسة الماء بموت الخنفساء وأشباهها مما لا نفس له أي الدم الذي
يسيل من العرق ، فقال في المعتبر : إنه لا ينجس بالموت عند علمائنا أجمع ، ونحوه
قال في المنتهي .
2 - فقه الرضا : إن وقع في الماء وزغ اهريق ذلك الماء ، وإن وقع فيه فارة
أو حية اهريق الماء ، وإن دخل فيه حية وخرجت منه صبت من ذلك الماء ثلاث أكف
* ( هامش ص 70 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 84 ط حجر وص 109 ط نجف .
( 2 ) كتاب المسائل ج 10 ص 288 من البحار .
[ 71 ]
واستعمل الباقي وقليله وكثيره بمنزلة واحدة .
وإن وقعت فيه عقرب أو شئ من الخنافس وبنات وردان والجراد كل ماليس
له دم فلا بأس باستعماله والوضوء منه ، مات أولم يمت ( 1 ) .
بيان : لعل صب الاكف محمول على الاستحباب لرفع استقذار النفس
وأما تقليل أثر السم فتأثير مثل ذلك فيه محل تأمل ، ويحتمل أن يكون لمحض
التعبد .
3 - وروى هذا المضمون الشيخ في التهذيب ( 2 ) عن ، هارون بن حمزة الغنوى
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن الفارة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء فيخرج
حيا هل يشرب من ذلك الماء ويتوضأ ؟ قال : يسكب منه ثلاث مرات ، وقليله
وكثيره بمنزلة واحدة ، ثم يشرب منه ويتوضأ منه ، غير الوزغ ، فانه لا ينتفع
بما يقع فيه .
وقال في حياة الحيوان : بنات وردان هي دويبة تتولد من الاماكن الندية
وأكثر ما تكون في الحمامات والسقايات ، ومنها الاسود والاحمر والابيض
والاصهب وإذا تكونت تسافدت وباضت بيضا مستطيلا .
4 - نوادر الراوندى : عن عبدالواحد بن إسماعيل الرويانى عن محمد بن الحسن
التيمى ، عن سهل بن أحمد الديباجى ، عن محمد بن محمدبن الاشعث ، عن موسى بن إسماعيل
بن موسى ، عن أبيه ، عن جده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال على
عليه السلام : مالا نفس له سائلة إذا مات في الادام فلا بأس بأكله ( 3 ) .
* ( هامش ص 71 ) * ( 1 ) فقه الرضا : 5 .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 68 ، الاستبصار ج 1 ص 13 .
( 3 ) نوادر الراوندى ص 50 .
[ 72 ]
* ( باب 5 ) *
* ( سؤر مالا يؤكل لحمه من الدواب وفضلات الانسان ) *
1 - قرب الاسناد : بالسند المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه السلام قال :
سألته عن فضل ماء البقرة والشاة والبعير أيشرب منه ويتوضأ ؟ قال : لا بأس به ( 1 ) .
2 - فقة الرضا : قال : إن شرب من الماء دابة أو حمار أو بغل أو شاة أو بقرة
فلا بأس باستعماله والوضوء منه ، مالم يقع فيه كلب أو وزغ أو فارة ( 2 ) .
وقال : سألت العالم عليه السلام عما يخرج من منخري الدابة إذا نخرت فأصاب
ثوب الرجل قال : لا بأس ، ليس عليك أن تغسل ( 3 ) .
بيان : في القاموس نخر ينخر وينخر نخيرا مد الصوت في خياشيمه ، والمنخر
بفتح الميم والخاء وبكسر هما وبضمهما ، وكمجلس وملمول الانف .
3 - كتاب المسائل بالاسناد المتقدم عن على بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام
قال : سألته عن فضل الفرس والبغل والحمار أيشرب منه ويتوضأ للصلاة ؟ قال :
لا بأس ( 4 ) .
نقل مذاهب لتوضيح المطالب
اعلم أن في تبعية السؤر للحيوان في الطهارة خلافا فذهب أكثر الاصحاب
كالفاضلين والشهيدين وجمهور المتأخرين إلى طهارة سؤر كل حيوان طاهر ، وحكاه
المحقق في المعتبر عن المرتضى في المصباح ، وهو اختيار الشيخ في الخلاف والنهاية
إلا أنه استثنى في النهاية سؤرما أكل الجيف من الطير ، وذكر المحقق أن
* ( هامش ص 72 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 84 ط حجر .
( 2 ) فقه الرضا ص 5 . . .
( 3 ) فقه الرضا ص 288 .
( 4 ) كتاب المسائل المطبوع في البحار ج 10 ص
[ 73 ]
المرتضى استثنى الجلال في المصباح .
وقال ابن الجنيد : لا ينجس الماء بشرب مااكل لحمه من الدواب والطيور
وكذلك السباع وإن ماسته بأبدانها ، مالم يعلم بما ماسه نجاسة ، ولم يكن جلالا
وهو الاكل للعذرة ، ولم يكن أيضا كلبا ولا خنزيرا ولا مسخا ، وظاهر الشيخ في
التهذيب المنع من سؤر مالا يؤكل لحمه ، وكذا في الاستبصار إلا أنه استثنى منه
الفأرة ، ونحو البازي والصقر من الطيور ، وذهب في المبسوط إلى نجاسة سؤر مالا
يؤكل لحمه من الحيوان الانسى عدا ما لا يمكن التحرزمنه كالفأرة والحية والهرة
وطهارة سؤر الطاهر من الحيوان الوحشي طيرا كان أو غيره .
وحكى العلامة عن ابن إدريس أنه حكم بنجاسة مايمكن التحرز عنه مما
لايؤكل لحمه من الحيوان الحضر غير الطير ، والاشهر أظهر .
4 - قرب الاسناد : عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن علوان عن جعفر
عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام سئل عن البزاق يصيب الثوب قال : لا بأس به ( 1 ) .
بيان : ظاهره جواز الصلاة في الفضلات الطاهرة من الانسان ، وإن كان من
غير المصلي ، وسيأتي تمام القول فيه في كتاب الصلاة إنشاء الله .
5 - الهداية : وكل مايؤكل لحمه فلا بأس بالوضوء مما شرب منه .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : كل شئ يجتر فسؤره حلال ولعابه حلال ( 2 ) .
* ( هامش ص 73 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 42 ط حجر .
( 2 ) الهداية ص 13 و 14 ، والاجترار : اعادة المأكول من الجوف إلى الفم
لاعادة مضغه .
[ 74 ]
[ أبواب
النجاسات والمطهرات وأحكامها ] ( 1 )
* ( باب 1 ) *
* ( نجاسة الميتة وأحكامها وحكم الجزء المبان من الحى والاجزاء ) *
* ( الصغار المنفصلة عن الانسان وما يجوز ) *
* ( استعماله من الجلود ) *
1 - قرب الاسناد : عن الطيالسى عن إسماعيل بن عبدالخالق قال : سأله سعيد
الاعرج وأنا حاضر عن الزيت والسمن والعسل تقع فيه الفأرة فتموت كيف يصنع
به ؟ قال : أما الزيت فلا تبعه إلا لمن تبين له ، فيبتاع للسراج ، فأما للاكل فلا
وأما السمن إن كان ذائبا فهوكذلك وإن كان جامدا والفارة في أعلاه ، فيؤخذ
ما تحتها وماحولها ، ثم لا بأس به ، والعسل كذلك إن كان جامدا ( 2 ) .
2 - ومنه باسناده عن على بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن حب
دهن ماتت فيه فارة ، قال : لا تدهن به ، ولا تبعه من مسلم ( 3 ) .
قال : وسألته عن الرجل يتحرك بعض أسنانه ، وهو في الصلاة ، هل يصلح له أن ينزعها
ويطرحها ؟ قال : إن كان لا يجددما فلينزعه وليرم به وإن كان دمى فلينصرف ( 4 ) .
قال : وسألته عن الرجل يكون به الثالول أو الجرح هل يصلح له وهو في
صلاته أن يقطع الرأس الثالول أوينتف بعض لحمه من ذلك الجرح ويطرحه ؟ قال :
إن لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس ، وإن تخوف أن يسيل الدم فلا يفعل ، وإن
فعل فقد نقض من ذلك الصلاة ، ولا ينقض الوضوء ( 5 ) .
* ( هامش ص 74 ) * ( 1 ) مابين العلامتين زيادة من المخطوطة .
( 2 ) قرب الاسناد ص 60
( 3 ) قرب الاسناد ص 112 ط حجر وص 150 ط نجف .
( 4 ) قرب الاسناد ص 114 ط نجف .
( 5 ) المصدر ص 115 ط نجف .
[ 75 ]
توضيح : الجواب الاول يدل على نجاسة الميتة في الجملة ، وعلى عدم
جواز بيع الدهن المتنجس إلا بعد البيان للاستصباح ، سواء كان تحت السماء أو تحت
السقف ( 1 ) كما هو الاظهر ، وستأتي تلك الاحكام مفصلة .
قوله " كذلك إن كان جامدا " يفهم منه عدم جواز بيع المايع ، وإن كان
فيه فائدة محللة ، وهو الظاهر من كلام الاصحاب : إذ لم يجوزوا بيع الدبس
النجس للنحل ونحوه ، وفي دليلهم نظر ، والتقييد في الجواب الثاني حيث قال
" لا تبعه من مسلم " يدل على جواز البيع من غير المسلم ، وقد ذلت عليه أخبار
تأتي في كتاب البيع .
والجواب الثالث يعطي باطلاقه على عدم نجاسة القطعة التي تنفصل غالبا
مع السن ، وأنه لا صدق عليهما القطعة ذات العظم ، إما لعدم صدق القطعة عرفا
عليهما ، أو عدم كون السن عظما .
والجواب الرابع يدل على عدم نجاسة الاجزاء الصغار المنفصلة من
الانسان .
قال العلامة في المنتهى : الاقرب طهارة ما ينفصل من بدن الانسان من الاجزاء
الصغيرة من البثور والثالول وغيرهما ، لعدم إمكان التحرز عنها ، فكان عفوا
دفعا للمشقة ، وأكثر المحققين من المتأخرين لم يستجودوا هذا التعليل ، و
قال بعضهم : والتحقيق أنه ليس لما يعتمد عليه من أدلة نجاسة الميتة وأبعاضها
وما في معناها من الاجزاء المبانة من الحي دلالة على نجاسة نحو هذه الاجزاء
التي تزول عنها أثر الحياة في حال اتصالها بالبدن ، فهي على أصل الطهارة وأومأ
- رحمه الله - في النهاية إلى هذه الرواية ، واستدل بها على الطهارة أيضا من حيث
إطلاق نفي الباس عن مس هذه الاجزاء في حال الصلاة ، فانه يدل على عدم الفرق
بين كون المس برطوبة ويبوسة ، إذ المقام تفصيل كما يدل عليه اشتراط
* ( هامش ص 75 ) * ( 1 ) انما نهى عن الاستصباح تحت السقف ، لانه يوجب نجاسة السقف ، فان دخان
الدهن له دسومة ، فاذا كان الدهن نجسا كان دخانه أيضا نجسا .
[ 76 ]
نفي البأس بانتفاء تخوف سيلان الدم ، فلو كان مس تلك الاجزاء مقتضيا للتنجيس
ولو على بعض الوجوه ، لم يحسن الاطلاق ، بل كان اللايق البيان كماوقع في
خوف السيلان .
3 - فقه الرضا : روي لا ينجس الماء إلا ذونفس سائلة أو حيوان
له دم ( 1 ) .
وقال : إن مس ثوبك ميتا فاغسل ما أصاب ، وإن مسست ميتة فاغسل يديك
وليس عليك غسل ، وإنما يجب عليك ذلك في الانسان وحده ( 2 ) .
بيان : قوله : " أوحيوان " الترديد باعتبار اختلاف لفظ الرواية ، و
قوله عليه السلام : " فاغسل ماأصاب " يحتمل أن يكون المعنى فاغسل ما أصاب ثوبك
من الميت من رطوبة أو نجاسة ، لكن قوله : " إن مسست ميتة " ظاهره وجوب غسل
اليد مع اليبوسة ، أيضا كما اختاره العلامة ، ويمكن حمله على الرطوبة أو على الاستحباب
مع اليبوسة .
4 - المحاسن : عن ابن أسباط ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه قال : سألته
عن ركوب جلود السباع قال : لابأس مالم يسجد عليها ( 3 ) .
ومنه : عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سئل أبوعبدالله عليه السلام عن
جلود السباع ، فقال : اركبوا ولا تلبسوا شيئا منها تصلون فيه ( 4 ) .
بيان : الخبران يدلان على كون السباع قابلة للتذكية ، بمعنى إفادتها
جواز الانتفاع بجلدها لطهارته ، كماهو المشهور بين الاصحاب ، بل قال الشهيد
- ره - أنه لا يعلم القائل بعدم وقوع الذكاة عليها ، سوى الكلب والخنزير
واستشكال الشهيد الثاني - رحمه الله - وبعض المتأخرين في الحكم بعد ورود
* ( هامش ص 76 ) * ( 1 ) فقه الرضا ص 5
( 2 ) فقه الرضا ص 18 س 3 و 36 متفرقا .
( 3 ) المحاسن ص 629 .
( 4 ) المصدر نفسه ص 629 .
[ 77 ]
النصوص المعتبرة ، وعمل القدمآء والمتأخرين بها لاوجه له ، وأما عدم جواز
السجود عليها ، والصلاة فيها فسيأتي في محله .
5 - السرائر : عن جامع البزنطي عن الرضا عليه السلام قال : سألته عن رجل يكون
له الغنم يقطع من ألياتها وهي أحياء أيصلح له أن ينتفع بما قطع ؟ قال : نعم يذيبها
ويسرج بها ، ولا يأكلها ولايبيعها .
قال محمد بن إدريس : لا يلتفت إلى هذا الحديث ، لانه من نوادر الاخبار
والاجماع منعقد على تحريم الميتة والتصرف فيها بكل حال إلا أكلها للمضطر
غيرالباغي والعادي ( 1 ) .
قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام مثله ( 2 ) .
بيان : ما ذكره ابن إدريس هو المشهور بين الفقهاء وقال الشهيد الثاني
- رحمه الله - في المسالك : الذي جوزوه من الاستصباح بالدهن النجس مختص
بما إذا كان الدهن متنجسا بالعرض ، فلو كان نفسه نجاسة كأليات الميتة والمبانة
من الحي لم يصح الانتفاع به مطلقا ، لا طلاق النهي عن استعمال المينة ، ونقل
الشهيد عن العلامة - رحمه الله - جواز الاستصباح به تحت السماء ، ثم قال : و
هوضعيف .
أقول : الجواز عندي أقوى ، لدلالة الخبر الصحيح المؤيد بالاصل على
الجواز ، وضعف حجة المنع إذ المتبادر من تحريم الميتة تحريم أكلها كما حقق في موضعه ، والاجماع ممنوع والله يعلم .
6 - كتاب المسائل ( 3 ) لعلى بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته
عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميت ، هل يصلح الصلاة فيه قبل أن يغسله ؟ قال :
* ( هامش ص 77 ) * ( 1 ) السرائر : 469 .
( 2 ) قرب الاسناد ص 115 ط حجر .
( 3 ) كتاب المسائل المطبوع في البحار ج 10 ص 255 .
[ 78 ]
ليس عليه غسله ، فليصل فيه فلا بأس .
قال : وسألته عن الماشية تكون لرجل فيموت بعضها أيصلح له بيع جلودها
ودباغها ويلبسها ؟ قال : لا ، وإن لبسها فلا يصلي فيها ( 1 ) .
بيان : الجواب الاول محمول على ما إذا كان الحمار والثوب يابسين ،
أو على ما إذا وقع الثوب على شعره ، وأما قوله " وإن لبسها " ففيه إيهام لجواز
اللبس في غير الصلاة ويمكن أن يجعل مؤيدا لمذهب ابن الجنيد ، حيث ذهب
إلى أن الدباغ مطهر لجلد الميتة ، ولكن لا يجوز الصلاة فيه ، ونسب إلى
الشلمغايي أيضا ( 2 ) بل ظاهر الصدوق في الفقيه أيضا ذلك ، لكن لم يصرح بالدباغ
ولايبعد حمل كلامه عليه ، والمشهور عدم جواز الاستعمال مطلقا وهو
أحوط .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 78 سطر 11 إلى صفحه 86 سطر 11

7 - نوادر الراوندى : باسناده المتقدم عن موسى بن جعفر ، عن آبائه ،
عليهم السلام قال : سئل علي عليه السلام عن قدر طبخت فاذا فيها فارة ميتة ، فقال : يهراق
المرق ويغسل اللحم وينقى ويؤكل ( 3 ) .
وسئل عليه السلام عن سفرة وجدت في الطريق فيها لحم كثير وخبز كثير وبيض وفيها
سكين ، فقال : يقوم ما فيها ثم يؤكل ، لانه يفسد ، فاذاجاء طالبها غرم له ،
فقالوا له : يا أمير المؤمنين لا نعلم أسفرة ذمي هي أم سفرة مجوسي ، فقال : هم في
سعة من أكلها مالم يعلموا ( 4 ) .
* ( هامش ص 78 ) * ( 1 ) المصدر نفسه ج 10 ص 264 .
( 2 ) قال في الكتاب التكليف المشهور بفقة الرضا ( ع ) ( ص 41 ) كل شئ حل أكل
لحمه فلا بأس بلبس جده الذكى وصوفه وشعره ووبره وريشه وعظامه ، وان كان الصوف
والوبر والشعر والريش من الميتة وغير الميتة بعد ما يكون مما أحل الله أكله فلا بأس
به ، وكذلك الجلد فان دباغته طهارته ، إلى أن قال : وزكاة الحيوان ذبحه وزكاة الجلود
الميتة دباغته .
( 3 - 4 ) نوادر الراوندى ص 50 .
[ 79 ]
وسئل عن الزيت يقع فيه شئ له دم ، فيموت ، فقال : يبيعه لمن يعمله
صابونا ( 1 ) . بيان : السؤال الاول رواه الشيخ عن السكوني ( 2 ) عن أبي عبدالله عليه السلام
أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن قدر طبخت وإذا في القدر فارة ، قال : يهراق
مرقها ويغسل اللحم ويؤكل ، وعمل به الاصحاب . والسؤال الثانى أيضا ، رواه
الشيخ عن السكونى ( 3 ) عنهما عليهما السلام وفيه إشكال إذ على المشهور لا يجوز استعمال
ما يشترط فيه الذبح إلا إذا اخذمن سوق المسلمين أو علم بالتذكية ، والاصل
عندهم عدمها وظاهر هذاالخبر وكثير من الاخبار جواز أخذ اللحم المطروح ،
والجلد المطروح لا سيما إذا انضمت إليه قرينة تورث الظن بالتذكية ، وسيأتي
تمام القول فيه .
وأما السؤال الثالث فيدل على جواز استعمال الدهن المتنجس لغير
الاستصباح من المنافع المعتبرة شرعا ، قال في المسالك : وقد ألحق بعض الاصحاب
ببيعها للاستصباح بيعها ليعمل صابونا أو ليدهن بها الاجرب ونحو ذلك ، ويشكل
بأنه خروج عن مورد النص المخالف للاصل ، فان جاز لتحقق المنفعة فينبغي
مثله في المايعات النجسة التي ينتفع بها كالدبس للنحل ونحوه انتهى .
أقول : الجواز لا يخلو من قوة للاصل ، وعموم الادلة ، وذكر الاسراج
والاستصباح في الروايات لا يدل على الحصر ، بل يمكن أن يكون الغرض بيان
الفائدة والانتفاع بذكر أظهر فوائده وأشيعها ، كما أن تخصيص المنع بالاكل
فيها لا يدل على الحصر ، وما الزم علينا نلتزمه ، إذ لم يثبت الاجماع على
خلافه .
* ( هامش ص 79 ) * ( 1 ) نوادر الراوندى ص 51 .
( 2 ) التهذيب ج 9 ص 86 ط نجف ، وهكذا في الكافى ج 6 ص 261 .
( 3 ) التهذيب ج 2 ص 365 ط حجر ، الكافى ج 6 ص 297 وج 2 ص 164
ط حجر .
[ 80 ]
8 - دعائم الاسلام : سئل الصادق عليه السلام عن فارة وقعت في سمن ، قال :
إن كانت جامدا القيت وماحولها ، واكل الباقي ، وإن كان مايعا فسد كله ،
ويستصبح به .
قال : وسئل أمير المؤمنين عليه السلام عن الدواب تقع في السمن والعسل و
اللبن والزيت فتموت فيه ، قال : إن كان ذائبااريق اللبن والعسل واستسرج
بالزيت والسمن .
وقال في الخنفساء والعقرب والصرار وكل شئ لادم له يموت في طعام :
لا يفسده ، وقال في الزيت : يعمله الصابون إن شاء .
وقالوا : عليهم السلام إذا خرجت الدابة حية ولم تمت في الادام لم ينجس ويؤكل ،
وإذاوقعت فيه فماتت لم يؤكل ولم يبع ولم يشتر ( 1 ) .
وعنهم عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه اتي بجفنة فيها أدام فوجدوا فيها ذبابا
فأمر به فطرح ، وقال : سموا الله وكلوا ، فان هذا لا يحرم شيئا ( 2 ) .
وعن علي عليه السلام أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لا ينتفع من الميتة
باهاب ولا عظم ولا عصب ( 3 ) .
وعن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال : الميتة نجس و
إن دبغت ( 4 ) .
وعن جعفر بن محمد عليه السلام أن سئل عن جلود الغنم يختلط الذكي منها بالميتة
ويعمل منها الفراء قال : إن لبستها فلا تصل فيها ، وإن علمت أنها ميتة فلا تشترها
ولا تبعها ، وإن لم تعلم اشتروبع ( 5 ) .
* ( هامش ص 80 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 122 .
( 2 ) في المصدر : " بجفنة قدأدمت " وفيه : " سموا عليه الله " .
( 3 ) المصدرص 126 .
( 4 و 5 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 126 .
[ 81 ]
بيان : صرار الليل طويئره صغيرة تصيح بالليل ( 1 ) وقد أجمع علماؤنا على
طهارة ميتة غير ذي النفس كما حكاه جماعة ودلت عليه أخبار ، والاهاب الجلد
مالم يدبغ .
9 - الهداية : لا يفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة ( 2 ) .
* ( هامش ص 81 ) * ( 1 ) هو الجدجد ، واسمه شبيه بصوته أكبر من الجندب ، قيل وبعض العرب
يسميه الصدى .
( 2 ) الهداية ص 13 .
[ 82 ]
* ( باب 2 ) *
* ( حكم مايؤخذ من سوق المسلمين ) *
* ( ويوجد في أرضهم ) *
1 - قرب الاسناد : عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البزنطي ، عن الرضا
عليه السلام قال : سألته عن الخفاف يأتي الرجل السوق ليشتري الخف لا يدري
ذكي هو أم لا ما تقول في الصلاة فيه ، وهو لا يدري ؟ قال : نعم أناأشتري الخف
من السوق واصلي فيه ، وليس عليكم المسألة ( 1 ) .
2 - ومنه : بهذا الاسناد قال : سألته عن الجبة الفراء يأتي الرجل السوق
من أسواق المسلمين فيشتري الجبة لا يدري أهي ذكية أم لا يصلي فيها ؟ قال : نعم
إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول : إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ، إن
الدين أوسع من ذلك ، إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول : إن شيعتنا في أوسع
مما بين السمآء إلى الارض ، أنتم مغفور لكم ( 2 ) .
3 - السرائر : نقلا من كتاب البزنطي قال : سألته عن رجل يشتري ثوبا
من السوق لبيسا لايدري لمن كان ، يصلح له الصلاة فيه ؟ قال : إن كان اشتراه
من مسلم فليصل فيه ، وإن كان اشتراه من نصراني فلا يلبسه ولا يصلي فيه
حتى يغسله ( 3 ) .
قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام مثله ( 4 ) .
4 - ومنه : عن محمدبن عيسى والحسن بن ظريف وعلي بن إسماعيل كلهم
* ( هامش ص 82 ) *
( 1 و 2 ) قرب الاسناد ص 170 ط حجر وص 227 ط نجف .
( 3 ) السرائر ص 469 .
( 4 ) قرب الاسناد ص 96 ط حجر .
[ 83 ]
عن حماد بن عيسى قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : كان أبي يبعث بالدراهم
إلى السوق فيشترى بها جبنا فيسمي ويأكل ولا يسأل عنه ( 1 ) .
بيان : قد ظهر من تلك الاخبار وغيرها أن ما يباع في أسواق المسلمين
من الذبايح واللحوم والجلود والاطعمة حلال طاهر ، لا يجب الفحص عن حاله
ولا أعرف فيه خلافا بين الاصحاب ، ولا فرق في ذلك عندهم بين ما يوجد بيد
معلوم الاسلام أو مجهوله ، ولا في المسلم بين من يستحل ذبيحة الكتابي أم لا ،
عملا بعموم الادلة .
واعتبر العلامة في التحرير كون المسلم ممن لا يستحل ذبايح أهل الكتاب
والاول أظهر ، والظاهر أن المراد بسوق المسلمين ما كان المسلمون فيه أغلب
وأكثر ، كما روي في الموثق ( 2 ) عن إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السلام أنه قال :
إذا كان الغالب عليه المسلمين فلا بأس ، وربما يفسر بماكان حاكمهم مسلماوقد
يحال على العرف ، والظاهر أن العرف أيضا يشهد بما ذكرنا .
* ( هامش ص 83 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 11 ط حجر وص 15 ط نجف .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 241 ط حجر ، ولفظه قال : لا بأس بالصلاة في الفراء
اليمانى وفيما صنع في أرض الاسلام ، قلت : فان كان فيها غير أهل الاسلام ؟ قال : اذا كان
الغالب عليها المسلمين فلا بأس .
[ 84 ]
* ( باب 3 ) *
* ( نجاسة الدم وأقسامه وأحكامه ) *
1 - السراير : نقلا من كتاب البزنطي ، عن عبدالله بن عجلان ، عن أبي
جعفر عليه السلام قال : سألته عن الرجل به القرح لا يزال يدمي كيف يصنع ؟ قال : يصلي
وإن كانت الدماء تسيل ( 1 ) .
ومنه : عن البزنطي ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : قال : إن صاحب القرحة
التي لا يستطيع صاحبها ربطها ولا حبس دمها ، يصلي ولا يغسل ثوبه في اليوم أكثر
من مرة ( 2 ) .
بيان : لاخلاف في العفو عن دم القروح والجروح في الجملة ، واختلف في تعيين الحد الموجب للترخص ، فقيل بالعفو عنه مطلقا إلى أن يبرأ سواء شقت
إزالته أم لا ، وسواء كانت له فترة ينقطع فيها أم لا ، واختاره أكثر المحققين
من المتأخرين ، واعتبر بعضهم سيلان الدم دائما ، وبعضهم السيلان في جميع
الوقت ( 3 ) أو تعاقب الجريات على وجه لا تتسع فتراتها لاداء الفريضة ، ومنهم من ناط
العفو بحصول المشقة ، وأوجب في المنتهى إبدال الثوب مع الامكان والاول لا يخلو
من قوة .
وقوله عليه السلام : " وإن كانت الدماء تسيل " ظاهر الدلالة على أولوية الحكم
في صورة عدم السيلان ، وربما يتوهم من قوله : " فلا يزال يدمي " أن الحكم
مفروض فيما هو دائم السيلان ، ورد بأنه ليس معنى لا يزال يدمي أن جريانها متصل
دائما بل معناه أن الدم يتكرر خروجها منه ، ولوحينا بعد حين ، فاذا قيل فلان
* ( هامش ص 84 ) * ( 1 ) لم نجده في المطبوع من السرائر .
( 2 ) السرائر ص 469 . ( 3 ) اى وقت الصلاة .
[ 85 ]
لا يزال يتكلم بكذا فكان معناه عرفا أنه يصدر منه ذلك وقتا بعد وقت ، لا أنه
دائمي .
ويستفاد من بعض الروايات أنه لا يجب إبدال الثوب ، ولا تخفيف النجاسة
ولا عصب موضع الدم ، بحيث يمنعه من الخروج ، وظاهر الشيخ في الخلاف أنه
إجماعي بين الطائفة ، فما ورد في الخبر الثاني يمكن حمله على الاستحباب .
ثم إنه ذكر العلامة في عدة من كتبه أنه يستحب لصاحب القروح و
الجروح غسل ثوبه في كل يوم مرة كما يدل عليه هذا الخبر ، ويدل عليه أيضا
رواية سماعة قال : سألته عن الرجل به القروح أو الجروح فلا يستطيع أن يربطه
ولا يغسل دمه ، قال : يصلي ولايغسل ثوبه إلا كل يوم مرة فانه لا يستطيع
أن يغسل ثوبه كل ساعة ( 1 ) .
وعلل الاستحباب بضعف السند ، وغفلوا عن هذا الخبر الصحيح الذي نقله
ابن إدريس من كتاب البزنطي والاحوط العمل به .
2 - السراير : نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب ، عن إبراهيم بن
هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه السلام عن أبيه ، عن آبائه
عليهم السلام : كان لا يرى بأسا بدم ما لم يدك يكون في الثوب ، فيصلي فيه الرجل
يعني دم السمك ( 2 ) .
توضيح وتنقيح : اعلم أن الدم لا يخلو إما أن يكون دم ذي النفس أم لا
فان كان دم ذي النفس فلا يخلو إما أن يكون دما مسفوحا أي خارجا من
العرق بقوة أم لا ، وعلى الثاني فلا يخلو إما أن يكون دما متخلفا في الذبيحة
أم لا ، والاول ينقسم بحسب أحوال المذبوح إلى مأكول اللحم وغيره ، وإن لم
لم يكن دم ذي النفس ، فلا يخلو من أن يكون دم سمك أو غيره ، فههنا أقسام
ستة :
* ( هامش ص 85 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 73 ط حجر .
( 2 ) السرائر ص 477 .
[ 86 ]
الاول الدم المسفوح ، ولاريب في نجاسته .
الثاني الدم المتخلف بعد الذبح في حيوان مأكول اللحم والظاهر أنه حلال
طاهر بغير خلاف يعرف .
الثالث الدم المتخلف في حيوان غيرمأكول اللحم وظاهر الاصحاب الحكم
بنجاسته ، لعدم استثنائهم له عن الدم المحكوم بالنجاسة ، قال صاحب المعالم : و
تردد في حكمه بعض من عاصرناه من مشايخنا ، وينشأ التردد من إطلاق الاصحاب
الحكم بنجاسة الدم مما له نفس مدعين الاتفاق عليه ، وهذابعض أفراده ، ومن
ظاهر قوله تعالى " أو دما مسفوحا " حيث دل على حل غير المسفوح وهو يقتضي
طهارته ، ثم ضعف الثاني بوجوه لا تخلو من قوة ، وقال : عموم ما دل على
تحريم الحيوان الذي هو دمه يتناوله ، وحل الدم مع حرمة اللحم أمر مستبعد
جدا لا سيما مع ظهور الاتفاق بينهم على التحريم .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 86 سطر 12 إلى صفحه 94 سطر 12

الرابع ماعدا المذكورات من الدماء التي لا تخرج بقوة من عرق ، ولا
لها كثرة وانصباب ، لكنه له نفس ، فظاهر الاصحاب الاتفاق على نجاسته ، ويستفاد
ذلك أيضا من بعض الاخبار ، وظاهر المعتبر والتذكرة نقل الاجماع عليه ، و
يتوهم من عبارة بعض الاصحاب طهارته وهو ضعيف ، ولعل كلامهم مؤول .
الخامس دم السمك والظاهر أن طهارته إجماعي بين الاصحاب كما نقله
جماعة كثيرة منهم ، وربما فهم من كلام الشيخ في المبسوط نجاسته وعدم وجوب
إزالته ، ولعل كلامه مؤول كما يفهم من ساير كتبه ، وهذا الخبر من جملة
ما استدل به على طهارته ، وأما حل دم السمك فالمشهور حله ، ويظهر من عبارة
بعض الاصحاب التوقف فيه والحل أقوى .
السادس دم غير السمك مما لا نفس له ، وقد نقل جماعة من الاصحاب
الاجماع على طهارة دم كل حيوان لا نفس له ، وربما فهم من كلام الشيخ و
بعض الاصحاب النجاسة مع العفو عن إزالته ، وهو ضعيف ، وكلامهم قابل
للتأويل .
[ 87 ]
3 - الهداية : وأما الدم إذا أصاب الثوب فلا بأس بالصلاة فيه ، مالم يكن
مقداره مقدار درهم واف ، وهو ما يكون وزنه درهما وثلثا ، وما كان دون
الدرهم الوافي فقد يجب غسله ، ولا بأس بالصلاة فيه ، ودم الحيض إذا أصاب
الثوب فلا تجوز الصلاة فيه قليلا كان أو كثيرا [ ولا بأس بدم السمك في الثوب أن
يصلي فيه قليلا كان أو كثيرا ] ( 1 ) .
4 - فقه الرضا عليه السلام : إن أصاب ثوبك دم فلا بأس بالصلاة فيه ، ما لم
يكن مقداردرهم واف ، والوافي ما يكون وزنه درهما وثلثا ، وما كان دون
الدرهم الوافي فلا يجب عليك غسله ، ولا بأس بالصلاة فيه ، وإن كان الدم حمصة
فلا بأس بأن لا تغسله إلا أن يكون دم الحيض فاغسل ثوبك منه ، ومن البول
والمنى قل أم كثر ، وأعد منه صلاتك علمت به أم لم تعلم .
وقد روي في المنى إذا لم تعلم من قبل أن تصلي فلا إعادة عليك ، ولا بأس
بدم السمك في الثوب أن تصلي فيه قليلا كان أم كثيرا ( 2 ) .
5 - وأروي عن العالم عليه السلام أن قليل الدم وكثيره إذا كان مسفوحا سواء ، و
ما كان رشحا ، أقل من مقدار درهم ، جازت الصلاة فيه ، وما كان أكثر من
درهم غسل .
وروي في دم الدماميل يصيب الثوب والبدن أنه قال : يجوز فيه الصلاة
وأروي أنه لا يجوز .
6 - وأروي أنه لا بأس بدم البعوض والبراغيث ، وأروي ليس دمك مثل دم
غيرك ، ونروي قليل البول والغائط والجنابة وكثيرها سواء لابد من غسله إذا علم
به فاذا لم يعلم به أصابه أم لم يصبه رش على موضع الشك الماء ، فان تيقن أن
في ثوبه نجاسة ولم يعلم في أي موضع من الثوب غسله كله ( 3 ) .
تحقيق وتفصيل : اعلم أن العفو عما دون الدرهم ، نقل جماعة من
* ( هامش ص 87 ) * ( 1 ) الهداية ص 15 وما بين العلامتين زيادة من المخطوطة .
( 2 ) فقه الرضا ص 6 . ( 3 ) فقه الرضا ص 41 .
[ 88 ]
الاصحاب عليه الاجماع ، إلا أنه يلوح من كلام ابن أبي عقيل نوع مخالفة
فيه ، حيث حكى عنه في المختلف أنه قال : إذا أصاب ثوبه دم فلم يره حتى صلى
فيه ، ثم رآه بعد الصلاة وكان الدم على قدر الدينار غسل ثوبه ، ولم يعد الصلاة
وإن كان أكثر من ذلك أعاد الصلاة ، ولو رآه قبل صلاته أو علم أن في ثوبه
دما ولم يغسله حتى صلى غسل ثوبه قليلا كان الدم أو كثيرا وقد روي أنه لا
إعادة عليه ، إلا أن يكون أكثر من مقدار الدينار .
وكذا نقلوا الاجماع على عدم العفو عما زاد على الدرهم ، واختلفوا فيما
كان بقدر الدرهم ، فذهب الاكثر إلى وجوب إزالته ، ونقل عن المرتضى وسلار
القول بالعفو عنه ، والازالة أحوط ، مع أن إجمال معنى الدرهم وعدم انضباطه
مما ينفي فائدة هذاالخلاف ، إذ لم يثبت حقيقة شرعية فيه ، وكلام الاصحاب
مختلف في تفسيره وتحديده ، فالمشهور بينهم أن الدرهم الوافي المضروب من درهم
وثلث وبعضهم وصفه بالبغلي .
وقال المحقق : هو نسبة إلى قرية بالجامعين ، وضبطه جماعة بفتح العين
وتشديد اللام ، وقال ابن إدريس شاهدت درهما من تلك الدراهم تقرب سعته من سعة
أخمص الراحة ، وهو ما انخفض منها ، وقال في الذكرى : هو باسكان الغين منسوب إلى
رأس البغل ضربه الثاني في ولايته بسكة كسروية ، وزنه ثمانية دوانيق ، وعن ابن
الجنيد سعته كعقد الابهام الاعلى .
ثم إن المشهور بين الاصحاب عدم الفرق في العفو بين الثوب والبدن ، و
ربما يستشكل في البدن لورود أكثر الروايات في الثوب ، وقوله " والوافي - إلى
قوله : علمت به أم لم تعلم " ذكره الصدوق في الفقيه ، وفيه " وان كان الدم دون
حمصة " وهو أظهر ( 1 ) .
* ( هامش ص 88 ) * ( 1 ) أقول : الاصل في ذلك قوله تعالى " قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على
طاعم يطعمه الا يكون ميتة أودما مسفوحا أولحم خنزير " الانعام : 145 وقد نزل بمكة
المكرمة ، وما نزل بعدها في المدينة من قوله تعالى " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم
[ 89 ]
ويحتمل أن يكون المراد في الاول السعة وهنا الوزن ، أو المراد بالاول
ما إذا لطخ به الثوب أو البدن ، وبالثاني ما إذا اجتمع وارتفع وحصل له حجم ،
أو يراد بالاول الثوب وبالثاني الدم الخارج من البدن .
ويؤيد الاخير بل الثاني أيضا مارواه الشيخ عن مثنى بن عبدالسلام ( 1 ) عن
* ( هامش ص 89 ) * الخنزير " ونحوها يشير بالالف واللام إلى ما ذكر قبلا في سورة الانعام ، فالدم اذا كان
مسفوحا كان محرما واذا لم يكن مسفوحا لم يكن محرما .
والتحريم في اللغة هو المنع المطلق الشامل من جميع الجهات حتى مسه واصابته
كالحمى ، فيستفاد من هذا العموم وجوب الاجتناب من الدم المسفوح اذا أصاب الثوب و
الجسد ، وعدم الاجتناب منه اذا لم يكن مسفوحا .
والمسفوح هو المسفوك باندقاق ، فدم الشاة عند ذبحها مسفوح باندقاق وهو نجس
محرم غير معفو ولو قدر أبرة وما بقى في جوفها حلال طاهر ولو كان أكثر من حمصة و
دم الرعاف لا يكون الامندفقا ، فانه بانفجار العرق بامتلائه من الدم ، وأقله قطرة مسفوحة
يتلطخ به باطن الانف ويخرج منه قدر الابر ونحوه ، فهذا الدم قليله وكثيره سواء كدم
الحيض سواء ، وأما اذا لم يكن من انفجار العرق ، بل كان جرحا او قرحا في باطن
الانف ، فرش منه الدم فهو طاهر شرعا ، ومن تطهر منه تطهر لاجل استقذاره .
وهكذا الدم المسفوح من سائر العروق اذا اندفق وأقله قطرة مسفوحة ، مادام رطبا
تكون قدر حمصة ، وان وقعت على ثوب أو غيره صارت كالدرهم سعة .
فالاعتبار كما رواه الشلمغانى - وقد اجيز لناالعمل بمارواه - تحت الرقم 5 بالسفح
وعدمه ، فاذا كان الدم مسفوحا وأقله لا يكون الا قطرة فهو نجس سواء كان ما تلطخ به
الجسد أو الثوب أقل من درهم أو أكثر ، أصاب الرطب منه قدر حمصة أو أكثر ، وما لم
يكن مسفوحا بل كان رشا كان طاهرا سواء تلطخ به الثوب والجسد أقل من درهم أو أكثر
أصاب الرطب منه دون الحمصة أو أكثر ، فاعتبار الدرهم والحمصة في الروايات لاجل
تشخيص الدم الطاهر من غيره والفرق بين الرش والسفح فافهم ذلك .
( 1 ) التهذيب ج 1 ص 72 ط حجر .
[ 90 ]
أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : إني حككت جلدي فخرج منه دم فقال : إذا اجتمع
منه قدر حمصة فاغسله ، وإلا فلا
والوجه الاول ذكره السيد في المدارك وقال : الظاهر أن المراد بقدر
الحمصة قدرها وزنا لاسعة ، وهو يقرب من سعة الدرهم ، ولا يخفى ما فيه ، إذ يمكن
أن يلطخ بقدر الحمصة من الدم تمام الثوب ، ولاندري أي شي أراد بقربه من
سعة الدرهم .
وأما استثناء دم الحيض ، وأنه لا يعفى عن قليله وكثيره فهو مقطوع به ،
في كلام الاصحاب ، واستندوا إلى رواية أبي سعيد عن أبي بصير ( 1 ) قال : لا تعاد
الصلاة من دم لم تبصره إلا دم الحيض ، فان قليله وكثيره إن رآه وإن لم يره
سواء ، وقالوا ضعف سنده منجبر بعمل الاصحاب ، وألحق الشيخ به دم الاستحاضة
والنفاس ، والراوندي دم نجس العين ، وفي الجميع نظر .
وأما الاعادة مع العلم وعدمه ، فهو باطلاقه مخالف للمشهور ، ولساير
الاخبار ، وظاهر الخبر اختصاص الحكم بدم الحيض ، ولم أر ذلك في كلامهم
وسيأتي الكلام فيه ، والفرق بين المسفوخ والرشح غير معهود في الروايات ، و
لا يمكن إثباته بهذا الخبر .
وقوله : " وأروي أنه لا يجوز " لعله محمول على ما إذا لم تعسر إزالته .
والفرق بين دمه ودم غيره أيضا مخالف للمشهور ويمكن أن يكون مبنيا على أنه
جزء من حيوان لا يؤكل لحمه .
7 - كتاب المسائل : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام قال : سألته عن الدمل يسيل منه القيح كيف يصنع ؟ قال : إن كان
غليظا أو فيه خلط من دم فاغسله كل يوم مرتين غدوة وعشية ، ولا ينقض ذلك
الوضوء ، وإن أصاب ثوبك قدر دينار من الدم فاغسله ، ولا تصل فيه حتى
تغسله ( 2 ) .
* ( هامش ص 90 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 73 .
( 2 ) راجع البحار ج 10 ص 279 .
[ 91 ]
ايضاح : ماذكره من غسل القيح الغليظ ، لعله محمول على الاستحباب ، بل
ما فيه خلط من الدم أيضا كما عرفت ، وحكى المحقق عن الشيخ أنه حكم بطهارة
الصديد والقيح ، ثم قال : وعندي في الصديد تردد أشبهه النجاسة ، لانه ماء
الجرح يخالطه يسير دم ، ولو خلا من ذلك لم يكن نجسا ، وخلافنا مع الشيخ يؤل
إلى العبارة لانه يوافق على هذا التفصيل .
ثم قال : أما القيح فان مازجه دم ، نجس بالممازج ، وإن خلا من الدم
كان طاهرا ، لا يقال : هو مستحيل عن الدم ، لانا نقول : لا نسلم أن كل مستحيل
عن الدم لا يكون طاهرا كاللحم واللبن ، انتهى . وأما تقدير المعفو من الدم
بالدينار فهو موافق لما حكيناه سابقا عن ابن أبي عقيل والدرهم والدينار
متقاربان سعة .
8 - كتاب المسائل : بالاسناد ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام
قال : سألته عن قدر فيها ألف رطل ماء فطبخ فيها لحم ووقع فيها وقية دم ، هل
يصلح أكله ؟ قال : إذا طبخ فكل فلا بأس ( 1 ) .
بيان : ذهب الشيخ في النهاية إلى أنه إذا وقع قليل من دم كالا وقية فما
دون في القدر وهي تغلى على النار حل مرقها إذا ذهب الدم بالغليان ، ونحوه قال
المفيد إلا أنه لم يقيد الدم بالقليل ، واستند إلى صحيحة سعيد الاعرج عن
الصادق عليه السلام قال : سألته عن قدر فيها جزور وقع فيها قدر أوقية من دم
أيؤكل ؟ قال : نعم ، قال : النار تأكل الدم ( 2 ) ، ومثله روى زكريا بن آدم
عن الرضا عليه السلام ( 3 ) .
وذهب ابن إدريس والمتأخرون إلى بقاء المرق على نجاسته ، وفي المختلف
حمل الدم على ما ليس بنجس كدم السمك وشبهه ، واورد عليه أن العليل بأن
* ( هامش ص 91 ) * ( 1 ) المصدر ج 10 ص 290 .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 235 ط الاخوندى ، الفقيه ج 3 ص 216 ط نجف .
( 3 ) التهذيب ج 1 ص 79 .
[ 92 ]
الدم تأكله النار يأبى عن ذلك ، إذ لو كان طاهرا لعلل بطهارته ، ولو قيل بأن
الدم الطاهر يحرم أكله فتعليله بأكل النار ليذهب التحريم وإن لم يكن نجسا ، ففيه
أن استهلاكه في المرق إن كفى في حله لم يتوقف على النار ، وإلا لم تؤثر
النار في حله انتهى .
أقول : يمكن أن يحمل التقييد بالغليان على الاستحباب لرفع استقذار
النفس ، وإن كان القول بالحل مطلقا لا يخلو من قوة .
9 - دعائم الاسلام : عن الباقر عليه السلام والصادق عليه السلام أنهما قالا في الدم
يصيب الثوب : يغسل كما تغسل النجاسات ، ورخصا في النضح اليسير منه ، ومن
سائر النجاسات ، مثل دم البراغيث وأشباهه قالا : فاذا تفاحش غسل ( 1 ) .
ايضاح : اختلف الاصحاب في وجوب إزالة الدم المتفرق على الثوب أوالبدن
إذا كان بحيث لو جمع بلغ الدرهم فقال ابن إدريس الاحوط للعبادة وجوب إزالته و
الاقوى والاظهر في المذهب عدم الوجوب ، ونحوه قال في المبسوط والشرايع
والنافع ، وقال في النهاية : لا تجب إزالته ما لم يتفاحش وهو خيرة المعتبر ، و
قال سلار وابن حمزة : تجب إزالته ، واختاره العلامة في جملة من كتبه ، و
الاول أقوى .
وقال في المعتبر : ليس للتفاحش تقدير شرعي وقد اختلف أقوال الفقهاء
فيه ، فبعض قدره بالشبر وبعض بما يفحش في القلب ، وقدره أبوحنيفة بربع
الثوب ، والوجه أن المرجع فيه إلى العادة ، لانها كالامارة الدالة على المراد
باللفظ ، إذا لم يكن له تقدير انتهى .
ثم اعلم أن الرواية تدل على أن الرشح من غير الدم أيضا معفو ، كما
قال به بعض الاصحاب ، وهو خلاف المشهور والاحوط الازالة قال في المختلف :
قال ابن إدريس : قال بعض أصحابنا : إذا ترشش على الثوب أو البدن مثل رؤوس
الابر من النجاسات فلا بأس بذلك ، والصحيح وجوب إزالتها قليلة كانت أو كثيرة
* ( هامش ص 92 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج 2 ص 117 .
[ 93 ]
وهو الاقوى عندي :
ثم قال : وقال السيد المرتضى في جواب المسائل الناصرية : نجاسة الخمر
أغلظ من ساير النجاسات ، لان الدم وإن كان نجسا فقد ابيح لنا أن نصلي في ثوب
إذا كان فيه دون قدر الدرهم ، والبول قد عفى عنه فيما ترشش عند الاستنجاء
كرؤوس الابر ، والخمر لم يعف عنه في موضع أصلا .
* ( باب 4 ) *
* ( نجاسة الخمر وساير المسكرات ) *
* ( والصلاة في ثوب اصابته ) *
الايات : المائدة : يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب
والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ( 1 ) .
تفسير : المشهور أن الخمر موضوع للمسكر المأخوذ من عصير العنب
بحسب اللغة .
وروي عن ابن عباس المراد به جميع الاشربة المسكرة ، ويدل عليه كثير
من أخبار أهل البيت عليهم السلام .
والميسر القمار ، والانصاب أحجار أصنام كانوا ينصبونها للعبادة ، ويذبحون
عندها ، والازلام هي القداح التي كانوا يستقسمون بها وسيأتي تفاصيل تلك الامور
في محالها ، وقال في القاموس : الرجس بالكسر القذر والمأثم ، وكل ما استقذر
من العمل ، والعمل المؤدي إلى العذاب " من عمل الشيطان " لانه نشأ من تسويله
وتزيينه ، وهو صفة أو خبر آخر " فاجتنبوه " أي ما ذكر أو تعاطيها أو الرجس
* ( هامش ص 93 ) * ( 1 ) المائدة ، 90 .
[ 94 ]
أو عمل الشيطان أو كل واحد منها " لعلكم تفلحون " بسبب الاجتناب .
ثم اعلم أن المشهور بين الاصحاب نجاسة الخمر ، وساير المسكرات
المايعة ، بل نسب إلى أكثر أهل العلم حتى حكي عن المرتضي رضي الله عنه أنه
قال : لا خلاف بين المسلمين في نجاسة الخمر إلا ما يحكى عن شذاذ لا اعتبار
بقولهم ، وعن الشيخ - رحمه الله - أنه قال : الخمر نجسة بلا خلاف ، وقال في
المختلف : الخمر وكل مسكر والفقاع والعصير إذا غلاقبل ذهاب ثلثيه بالنار أو
من نفسه نجس ، ذهب إليه أكثر علمائنا كالشيخ المفيد ، والشيخ أبي جعفر ، والسيد
المرتضى وسلار وابن إدريس .
وقال ابن أبي عقيل : من أصابه ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه
غسلهما لان الله تعالى إنما حرمهما تعبدا لا لانهما نجسان وقال الصدوق في
المقنع والفقيه : لا بأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر لان الله تعالى حرم شربها
ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابته . وعزي في الذكرى إلى الجعفي وفاق ( 1 )


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 94 سطر 13 إلى صفحه 102 سطر 13

الصدوق وابن أبي عقيل .
واستدل القائلون بالنجاسة بعد الاجماع بالاية بوجهين : أحدهما أن
الوصف بالرجاسة وصف بالنجاسة ، لترادفهما في الدلالة ، والثاني أنه أمر
بالاجتناب ( 2 ) وهو موجب للتباعد المستلزم للمنع من الاقتراب بجميع الانواع
* ( هامش ص 94 ) * ( 1 ) في طبعة الكمبانى ( وقال ) وهو تصحيف .
( 2 ) أقول : الظاهر من قوله تعالى : " انما الخمر والميسر والانصاب والازلام
رجس " الخ أى كل واحد منها رجس من عمل الشيطان ، ثم قوله تعالى : بعدها " فاجتنبوه "
يرجع ضمير الفرد إلى كل واحد مما ذكر فالمعنى أن الخمر رجس من عمل الشيطان
فاجتنبوه ، الميسر رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ، وهكذا ، ويظهر من ترتيب وتفريع
قوله تعالى " فاجتنبوه " أن الخمر وسائر ما ذكر يجب الاجتناب منه لانه رجس من
عمل الشيطان
فكون الخمر نجسا بالمعنى الاصطلاحى ليس يستدل بلفظ الرجس من الاية حتى يقال
[ 95 ]
لان معنى اجتنابها كونه في جانب غير جانبها ، فيستلزم المنع من أكله و
ملاقاته ، وتطهير المحل بازالته ، ولا معنى للنجس إلا ذلك ، ذكرهما المحقق
والعلامة .
ورد الاول بأن الرجس لا نسلم أنه مرادف للنجس ، وقول الشيخ في
التهذيب : الرجس هو النجس بلا خلاف لا حجة فيه ، لان أهل اللغة لم يذكروا
النجس في معناه ، بل ذكروا له معاني اخرى لا تقرب منه أيضا ، سوى ما ذكروا
من القذر ، والظاهر أنه ليس النجس المصطلح بل هو ما يستقذره الطبع ، مع
أن في الاية الكريمة وقع خبرا عن الخمر والميسر والانصاب والازلام جميعا
في الظاهر .
فلا يخلو إما أن يقدر مضاف محذوف ليصح حمله على الجميع ، مثل التعاطي
ونحوه وعلى هذا ظاهر أنه لا يصح جعله بمعنى النجس ، بل لابد من حمله
على معنى آخر مثل المأثم ، لانه من بعض معانيه ، أو العمل المستقذر أو القذر
الذي يعاف منه العقول ، كما يوجد في كلام جماعة من المفسرين ، أو يقال : إن
المراد أن كل واحد رجس ، وحينئذ لا يصح الحمل على النجس ، وإلا يلزم
استعمال اللفظ في معنييه الحقيقيين ، بل الحقيقي والمجازي ، أو يجعل الرجس
المذكور خبرا عن الخمر فقط ، ويقدر لكل من الامور الاخر خبر آخر ، وعلى
هذا أيضا لا يصح حمل الرجس على النجس ، لان القرينة على التقدير دلالة
المذكور عليه ، ولو حمل الرجس على النجس يلزم أن يكون المقدر كذلك ولو
فرض جواز الاكتفاء في الدلالة بمجرد الاشتراك في اللفظ ، وإن لم يكن المعنى
في الجميع واحدا ، فلا ريب أنه المرجوح بالنسبة إلى الاحتمالات السابقة ، ولا أقل
من الستاوي ، وعلى هذا كيف يستقيم الاستدلال .
* ( هامش ص 95 ) * انه مشترك لفظى ، بل بما تفرع عليه من وجوب الاجتناب وقوله تعالى " فاجتنبوه " بالنسبة
إلى الخمر ، له اطلاق من حيث الشرب وغيره من أنواع الاقتراب كالبيع والشراء والاتخاذ
والاصابة فافهم ذلك .
[ 96 ]
والثاني بأن المتبادر من الاجتناب من كل شئ الاجتناب عما يتعارف
في الاقتراب منه ، مثلا المتعارف من اقتراب الخمر الشرب منه ، وفي اقتراب
الميسر اللعب به ، وفي اقتراب الانصاب عبادتها ، فعلى هذا يكون الامر بالاجتناب
عن الخمر المتبادر منه الاجتناب عن شربه ، لا الاجتناب من جميع الوجوه ،
كما يقولون : إن " حرمت عليكم الميتة " لا إجمال فيه ، إذ المتبادر تحريم
أكلها .
1 - قرب الاسناد : عن أحمد بن عبدالله ابني محمد بن عيسى ، عن ابن
محبوب عن ابن رئاب قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الخمر والنبيذ والمسكر
يصيب ثوبي أغسله أو اصلي فيه ؟ قال : صل فيه إلا أن تقذره فتغسل منه موضع
الاثر إن الله تبارك وتعالى إنما حرم شربها ( 1 ) .
2 - علل الصدوق : عن أبيه ، عن سعد ، عن محمد بن الحسين وعلي بن
إسماعيل ويعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز قال : قال بكير ، عن
أبي جعفر عليه السلام ، وأبوالصباح وأبوسعيد والحسن النبال ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قالوا : قلنا لهما : إنا نشتري ثيابا يصيبها الخمر وودك الخنزير عند حاكتها ، أنصلي
فيها قبل أن نغسلها ؟ قال : نعم لا بأس بها ، إنما حرم الله أكله وشربه ، ولم يحرم
لبسه ومسه والصلاة فيه ( 2 ) .
بيان : الودك بالتحريك دسم اللحم ، ودهنه الذي يستخرج منه .
3 - قرب الاسناد : عن محمد بن الوليد ، عن ابن بكير قال : سأل رجل
أبا عبدالله عليه السلام وأنا عنده عن المسكر والنبيذ يصيبان الثوب قال : لا بأس به ( 3 ) .
4 - ومنه : باسناده ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن
رجل مر في ماء مطر قد صب فيه خمر فأصاب ثوبه ، هل يصلي فيه قبل أن يغسله ؟
* ( هامش ص 96 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 76 ط حجر ص 100 ط نجف .
( 2 ) علل الشرايع ج 2 ص 46 .
( 3 ) قرب الاسناد ص 80 ط حجر ص 105 ط نجف .
[ 97 ]
قال : لا يغسل ثوبه ولا رجليه ، ويصلي ولا بأس ( 1 ) .
قال : وسألته عليه السلام عن رجل مر بمكان قد رش فيه خمر قد شربته الارض
وبقي نداه أيصلي فيه ؟ قال : إن أصاب مكانا غيره فليصل فيه ، وإن لم يصب
فليصل ولا بأس ( 2 ) .
5 - ومنه ومن كتاب المسائل : قال : سألته عن النضوح يجعل فيه
النبيذ أيصلح أن تصلي المرأة وهو في رأسها ؟ قال : لا حتى تغتسل منه ( 3 ) .
قال : وسألته عن الطعام يوضع على سفرة أو خوان قد أصابه الخمر أيؤكل
عليه ؟ قال : إذا كان الخوان يابسا فلا بأس ( 4 ) .
6 - فقه الرضا : لا بأس أن تصلي في ثوب أصابه خمر ، لان الله حرم
شربها ، ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابه ، وإن خاط خياط ثوبك بريقه وهوشارب
الخمر ، إن كان يشرب غبا فلا بأس ، وإن كان مدمنا للشرب كل يوم فلا تصل
في ذلك الثوب حتى يغسل ، ولا تصل في بيت فيه خمر محصور في آنية ( 5 ) .
7 - كتاب المسائل : بالاسناد المتقدم عن علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام قال : سألته عن الكحل يصلح أن يعجن بالنبيذ ؟ قال : لا ( 6 ) .
أقول : سيأتي بعض الاخبار المناسبة لهذا الباب في باب الاواني .
تبيين :
اعلم أن الخبر الاول يدل على جوازالصلاة في ثوب أصابته الخمر
وظاهره الطهارة ، وإن أمكن أن تكون نجسة معفوا عنها ، وحمله القائلون
بالنجاسة على التقية ، واورد عليه أنه لا تقية فيه إذ أكثر علماء العامة أيضا على
نجاسة الخمر ، واجيب بأن التقية لعلها من السلاطين ، إذ سلاطين ذلك الوقت
* ( هامش ص 97 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 83 ط حجر و 116 ط نجف .
( 2 ) قرب الاسناد ص 119 ط نجف .
( 3 ) قرب الاسناد ص 101 ط حجر ، المسائل في البحار ج 10 ص 269 .
( 4 ) قرب الاسناد ص 156 ط نجف .
( 5 ) فقه الرضا ص 38 .
( 6 ) البحار ج 10 ص 269 .
[ 98 ]
كانوا يزاولون الخمر ، ولا يجتنبون عنها ، فلعل الحكم بالنجاسة كان شاقا عليهم
لتضمنه شناعة لهم وإزراء بهم ، ورد بأنهم عليهم السلام لو كانوا يتقون في ذلك
لكانت تقيتهم في الحكم بالحرمة أوجب وأهم مع أنهم عليهم السلام كانوا يبالغون في
ذلك كل المبالغة حتى أنهم حكموا بأن مدمن الخمر كعابدوثن ، إلى غير ذلك
من التهديدات والتشديدات .
فان قلت : الحرمة لما كانت صريحة في القرآن المجيد ، وكانت من
ضروريات الدين ، فالحكم بها لا فساد فيه ، إذلا لاحد أن ينكر على من حكم
بها ، قلت : أصل حرمتها وإن كان كذلك لكن عظم حرمتها وكونها بالغة إلى
ما بلغت من المراتب التي في أحاديثنا ليس في صريح القرآن ، ولا من ضروريات
الدين ، فكان ينبغي أن يتقوا فيه ، فترك التقية في ذلك والتقية في الحكم بالنجاسة
بعيد جدا ، بل الاظهر حمل أخبار النجاسة على التقية أوعلى الاستحباب .
وبالجملة لولا الشهرة العظيمة والاجماع المنقول لكان القول بالجواز متجها
ولاريب أن الاحوط العمل بالمشهور .
والخبر الثاني أظهر في الدلالة على الطهارة ، لكنه يدل على طهارة ودك
الخنزير أيضا ، ولم يقل به أحد ، وإن كان ظاهر الصدوق - رحمه الله - القول
بجواز الصلاة فيه أيضا حيث قال في كتاب علل الشرايع : " باب علة الرخصة في
الصلاة في ثوب أصابه خمر وودك الخنزير " فانه وإن لم يكن صريحا في الطهارة
لكنه صريح في جواز الصلاة فيه ، ويمكن حمل الخبر على ما إذا ظن ملاقات
الحاكة لها بالخمر وودك الخنزير ، وإن لم يعلم ذلك ، فان تلك الظنون غير
معتبرة في النجاسة ، وإلا لزم الاجتناب من جميع الاشياء ، لا سيما ما يجلب من
بلاد الكفر من الثياب والادوية والاطعمة ، كما روى الشيخ في الصحيح ( 1 ) عن
معاوية بن عمار قال : " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الثياب السابرية يعملها المجوس
* ( هامش ص 98 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 139 ط حجر .
[ 99 ]
وهم أخباث ، وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال ألبسها ولا أغسلها و
اصلي فيها ؟ قال : نعم " فالمراد بقوله عليه السلام " ولم يحرم لبسه ومسه والصلاة
فيه " عدم التحريم إذا ظن ذلك ولم يعلم ولا يخفى بعده .
والخبر الثالث أيضا ظاهره الطهارة ويمكن حمله على عدم البأس بلبس الثوب
والتمتع به ، لا طهارته وجواز الصلاة فيه .
والخبر الرابع أيضا ظاهر الدلالة على الطهارة ، ويمكن حمله على أن صب
الخمر كان قبل وقوع المطر [ وبعده قد طهر المكان فلا بأس بأن يصيب ماء المطر ] ( 1 )
حينئذ أو على أن صب الخمر في الماء كان في أثناء التقاطر ، وكذا إصابة ماء المطر
الثوب أيضا كان في أثنائه ، أوعلى أن ماء المطر لعله كان كرا ، أو على أن القليل
لاينجس بملاقاة النجاسة .
وجواب السؤال الثاني من علي بن جعفر أظهر في الطهارة ، ويدل على
استحباب التنزه عنها مع الامكان ، ويمكن حمله على نفي البأس في الصلاة في ذلك
المكان ، مع عدم السجود عليها ، وعدم ملاقاته بالرطوبة ، بأن تكون النداوة
نداوة لا تسري .
لا يقال : لا حاجة إلى السؤال حينئذ ، لانه يجوز أن يتوهم أنه لا يصح
الصلاة في مكان أصابته الخمر ، وإن لم يلاق برطوبة ، كما ورد أنه لايصلي
في بيت فيه خمر ، لكنه بعيد ، وترك الاستفصال مع قيام الاحتمال دليل العموم .
وجوابا السؤال الثالث والرابع ظاهران في النجاسة ، وإن أمكن حملهما
على الاستحباب أوالتقية ، كما عرفت .
وأما ما في الفقه فالنهي مع الادمان ظاهره الكراهة بقرينة سابقه ، والنهي
عن الصلاة في بيت فيه خمر فالمشهور أنه على الكراهة ، وظاهر الصدوق الحرمة
وخبر التبيذ ظاهره الكراهة ، مع أنه على تقدير الحرمة أيضا لا يدل على
النجاسة .
* ( هامش ص 99 ) * ( 1 ) مابين العلامتين ساقط من المطبوعة الاولى .
[100]
8 - دعائم الاسلام : سئل الصادق عليه السلام عن الشراب الخبيث يصيب الثوب
قال : يغسل ( 1 ) .
وسئل عن السفرة والخوان يصيبه الخمر أيؤكل عليه ؟ قال : إن كان يابسا
قدجف فلا بأس به ( 2 ) .
* ( باب 5 ) *
* ( نجاسة البول والمنى وطريق تطهيرهما ) *
* ( وطهارة الوذى وأخواتها ) *
1 - قرب الاسناد : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه السلام
قال : سألته عن جنب أصابت يده من جنابته فمسحه بخرقة ، ثم أدخل يده في
غسله قبل أن يغسلها هل يجزيه أن يغتسل من ذلك الماء ؟ قال : أن وجد ماءغيره
فلا يجزيه أن يغتسل به ، وإن لم يجد غيره أجزأه ( 3 ) .
قال : وسألته عن الفراش يصيبه الاحتلام كيف يصنع به ؟ قال : اغسله !
فان لم تفعل فلا تنام عليه ، حتى ييبس ، فان نمت عليه وأنت رطب الجسد فاغسل
ما أصاب من جسدك ، فان جعلت بينك وبينه ثوبا فلا بأس ( 4 ) .
قال : وسألته عن أكسية المرعزى والخفاف ينقع في البول أيصلي فيها ؟
قال : إذا غسلت في الماء فلا بأس ( 5 ) .
* ( هامش ص 100 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 117 .
( 2 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 122 .
( 3 ) قرب الاسناد ص 110 ط حجر .
( 4 ) قرب الاسناد ص 118 ط حجر وص 158 ط نجف
( 5 ) قرب الاسناد ص 116 ط نجف .
[101]
بيان : قد مر الكلام في السؤال الاول ( 1 ) وقال في القاموس : المرعزى
ويمد إذا خفف ، وقد تفتح الميم في الكل : الزغب الذي تحت شعر العنز .
2 - علل الصدوق : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم
عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام قال :
لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب ، قبل أن تطعم ، لان لبنها يخرج من
مثانة امها ، ولبن الغلام لايغسل منه الثوب ولا بوله ، قبل أن يطعم ، لان لبن
الغلام يخرج من المنكبين والعضدين ( 2 ) .
المقنع [ والهداية ] : مرسلا مثله ( 3 ) .
بيان : قال العلامة - رحمه الله - في المختلف : المشهور أن بول الرضيع
قبل أن يأكل الطعام نجس ، لكن يكفي صب الماء عليه ، من غير عصر ، حتى
أن السيد المرتضى - رحمه الله - ادعى الاجماع للعلماء على نجاسته ، وقال ابن الجنيد :
بول البالغ وغير البالغ من الناس نجس ، إلا أن يكون غير البالغ صبيا ذكرا فان
بول ولبنه مالم يأكل اللحم ليس بنجس ، والمعتمد الاول .
لنا أنه بول آدمي فكان نجسا كالبالغ ، وما رواه الشيخ في الحسن عن
الحلبي ( 9 ) ، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن بول الصبي قال : تصب عليه الماء
فان كان قد أكل فاغسله غسلا .
احتج ابن الجنيد بما رواه السكوني وأورد هذه الرواية ، ثم أجاب بأن
انتفاء الغسل لايستلزم انتفاء الصب ، ثم قال : الظاهر من كلام ابن الجنيد غسل
الثوب من لبن الجارية وجوبا للرواية السابقة ، والحق عندي ماذهب إليه الاكثر
من طهارته ، وحمل الرواية على الاستحباب .
* ( هامش ص 101 ) * ( 1 ) راجع الباب 3 ص 14 فيما سبق .
( 2 ) علل الشرايع ج 1 ص 278 .
( 3 ) المقنع ص 3 ، الهداية : 15
( 4 ) التهذيب ج 1 ص 71
[102]
3 - علل الصدوق : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن
ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن عمربن حنظلة قال : سألت أباعبدالله عليه السلام عن
المذي قال : ما هو والنخامة إلا سواء ( 1 ) .
4 - ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ،
عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن بريد قال : سألت
أحدهما عليهما السلام عن المذي فقال : لا ينقض الوضوء ، ولايغسل منه ثوب ولا جسد
إنما هو بمنزلة البصاق والمخاط ( 2 ) .
بيان : يدل الخبران على طهارة المذي مطلقا وهو المشهور بين الاصحاب
وخالف ابن الجنيد فحكم بنجاسة ماخرج عقيب شهوة ، وقال : ولوغسل من
جميعه كان أحوط ، واستدل برواية حملت على الاستحباب جمعا .
5 - العلل : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن
حريز ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن سال من ذكرك شئ من مذي
أو وذي وأنت في الصلاة فلا تقطع الصلاة ، ولا تنقض له الوضوء ، وإن بلغ


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 102 سطر 14 إلى صفحه 110 سطر 14

عقبك ، إنما ذلك بمنزلة النخامة . وكل شئ خرج منك بعد الوضوء فانه من
الحبائل أو من البواسير ، فليس بشئ فلا تغسله من ثوبك ، إلا أن تقذره ( 3 ) .
6 - ومنه : بهذا الاسناد عن حريز قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن المذي
يسيل حتى يبلغ الفخذ ، قال : لا يقطع صلاته ، ولا يغسله من فخذه ، لانه لم
يخرج من مخرج المني إنما هو بمنزلة النخامة ( 4 )
7 - فقه الرضا عليه السلام : لا تغسل ثوبك ولا إحليلك من مذي ووذي ، فانهما
بمنزلة البصاق والمخاط ، فلا تغسل ثوبك إلا مما يجب عليك في خروجه إعادة
الوضوء ، وإن أصابك بول في ثوبك فاغسله من ماء جار مرة ، ومن ماء راكد
* ( هامش ص 102 ) * ( 1 ) علل الشرائع ج 1 ص 280 .
( 2 ) علل الشرائع ج 1 ص 279 .
( 3 - 4 ) المصدر ج 1 ص 279 .
[103]
مرتين ، ثم اعصره ، وإن كان بول الغلام الرضيع فتصب عليه الماء صبا ، وإن
كان قد أكل الطعام فاغسله ، والغلام والجارية سواء .
وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : لبن الجارية تغسل منه الثوب
قبل أن تطعم وبولها ، لان لبن الجارية يخرج من مثانة امها ولبن الغلام لا يغسل
منه الثوب ولا من بوله قبل أن يطعم ، لان لبن الغلام يخرج من المنكبين
والعضدين ( 1 ) .
بيان : قوله عليه السلام : من " ماء جار " لعل ذكر الجاري على المثال ، و
اريد به الاعم منه ومن الكر ، والمراد بالراكد القليل الراكد ، فيوافق المشهور
من عدم وجوب العدد في الكر والجاري ، ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح ( 2 )
عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الثوب يصيبه البول قال : اغسله
في المركن مرتين ، فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة .
والمركن - بكسر الميم وإسكان الراء وفتح الكاف - الاجانة التي يغسل فيها
الثياب ، وذهب الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد إلى اعتبار التعدد في الراكد دون
الجاري ، وهو موافق لرواية الفقه ، قوله " وبولها " الظاهر تقديم قوله " وبولها "
على قوله " قبل أن تطعم " لان أكلها الطعام إنما يؤثر في البول لا في اللبن ، و
هكذا روي فيما مر ، وربما يقال باعتبار العطف قبل القيد ليتعلق القيد بهما .
8 - السرائر : من كتاب البزنطي قال : سألته عن البول يصيب الجسد ، قال :
صب عليه الماء مرتين ، فانما هو ماء .
وسألته عن الثوب يصيبه البول ، قال : اغسله مرتين ( 3 ) .
بيان : الفرق بين الصب والغسل في البدن والثوب إما باعتبار العصر في
الثاني ، وعدمه في الاول كما فهمه الاكثر ، أو باعتبار إكثار الماء حتى ينفذ في
* ( هامش ص 103 ) * ( 1 ) فقه الرضا ص 6 .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 71 .
( 3 ) السرائر ص 465 .
[104]
أعماق الثوب ، وعدم اعتبار ذلك في البدن ، وعلى الاول يدل على تعدد العصر
كما سيأتي . قوله " فانما هو ماء " أي لا يبقي له أثر في البدن حتى يحتاج إلى دلك
لازالته .
9 - كتاب المسايل : بالسند المتقدم عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى
عليه السلام قال : سألته عن الرجل يكون له الثوب وقد أصابه الجنابة فلم يغسله
هل يصلح النوم فيه ؟ قال : يكره ( 1 ) .
قال : وسألته عن الرجل يعرق في الثوب يعلم أن فيه جنابة كيف يصنع ؟
هل يصلح له أن يصلي قبل أن يغسله ؟ قال : إذا علم أنه إذا عرق أصابه جسده
من تلك الجنابة التي في الثوب فليغسل ما أصاب من جسده من ذلك ، وإن علم أنه
قد أصاب جسده ولم يعرف مكانه فليغسل جسده كله ( 2 ) .
بيان : لعل كراهة النوم لاحتمال تلوث سائر الجسد .
10 - الملهوف : للسيد بن طاووس ، عن ام الفضل زوجة العباس أنها
جاءت بالحسين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فبال على ثوبه ، فقرصته فبكى ، فقال : مهلا يا
ام الفضل فهذا ثوبي يغسل ، وقد أوجعت ابني ( 3 ) .
بيان : في القاموس القرص أخذك لحم إنسان باصبعك حتى تؤلمه انتهى .
والمراد بالغسل هنا الصب ، مع أنه يحتمل أن يكون ذلك بعد أكل الطعام .
11 - نوادر الراوندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال علي عليه السلام : بال الحسن والحسين عليهما السلام على ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله قبل أن يطعما
فلم يغسل بولهما من ثوبه ( 4 ) .
بيان : عدم الغسل لا ينافي الصب وسيأتي تفصيل القول في ذلك في باب ما يلزم
في تطهير البدن وغيره .
* ( هامش ص 104 ) * ( 1 و 2 ) البحار ج 10 ص 272 .
( 3 ) الملهوف على قتلى الطفوف ص 12 .
( 4 ) نوادر الراوندى ص 39 .
[105]
12 - دعائم الاسلام : عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين
عليه السلام في البول يصيب الثوب ، قال : يغسل مرتين .
وقال الصادق عليه السلام في بول الصبي : يصب عليه الماء حتى يخرج من
الجانب الاخر .
وعن علي عليه السلام قال في المني يصيب الثوب : يغسل مكانه ، فان لم يعرف
مكانه وعلم يقينا أنه أصاب الثوب غسله كله ثلاث مرات ، يفرك في كل مرة
ويغسل ويعصر ( 1 ) .
بيان : لعل الثلاث مع حقية الرواية محمول على ما إذا لم يذهب بدونه كما
هو الغالب .
تذييل
قال الكراجكي في كنز الفوائد : إن قال قائل : ما الدليل على نجاسة المني ؟
قيل له : نقل الشيعة له بأسرهم على كثرتهم واستحالة التواطوء منهم ، والخبر يتواتر
بنقل بعضهم ، وقد روى جميعهم ما ذكرناه عن سلفهم عن أئمتهم صلوات الله عليهم
عن رسول الله صلى الله عليه وآله جدهم ، وفي هذا الدليل غنى عن غيره .
وبعد ذلك فقد استدل بما روي عن عمار بن ياسر - ره أنه قال : رآني
رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أغسل من ثوبي موضعا فقال لي : ما تصنع يا عمار ؟ فقلت :
يا رسول الله صلى الله عليه وآله تنخمت نخامة فكرهت أن تكون في ثوبي فغسلتها ، فقال لي :
ياعمار هل نخامتك ودموع عينيك وما في أدواتك إلا سواء ، إنما يغسل الثوب
من البول أو الغايط أو المني .
ووجوب غسل الثوب منه ، لان رسول الله صلى الله عليه وآله أضاف الطاهر إلى الطاهر ،
والنجس إلى النجس . فلو كان المني طاهرا لا يغسل الثوب منه لاضافه إلى ماميزه
بالطهارة ، ولم يخلطه بما قد علم منه النجاسة التي أوجب غسل الثوب منهافي الشريعة .
فان قال السائل : خبركم هذا الذي رويتموه عن عمار غير سالم لانه قد عارضه
* ( هامش ص 105 ) ( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 117 .
[106]
خبر عائشة وقولها إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلي وأنا أفرك الجنابة من ثوبه ، وفي
صلاة النبي صلى الله عليه وآله بها وهي في ثوبه دلالة على طهارتها .
قيل له : هذا خبر غير صحيح ، لما روي من أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان له بردان
معزولان للصلاة لايلبسهما إلا فيها ، وكان يحث امته على النظافة ويأمر هم بها ، وإن
من المحفوظ عنه في ذلك قوله " إن الله يبغض الرجل القاذورة " فقيل له : وما
القاذورة يا رسول الله ؟ قال : الذي يتأنف به جليسه .
ومن يكون هذا قوله وأمره ، لايجلس والمني في ثوبه فضلا عن أن يصلي
وهو فيه ، وليس يشك العاقل في أن المني لولم يكن من الانجاس والمفترض
إماطتها لكان من الاوساخ التي يجب التنزه عنها ، وفيما صح عندنا من اجتهاد
رسول الله صلى الله عليه وآله في النظافة وكثرة استعماله للطيب على ما أتت به الرواية دلالة على
بطلان خبر عائشة .
وشئ آخر وهو أن عمار رحمة الله عليه وقد أجمعت الامة على صحة إيمانه
واتفقت على تزكيته ، وعائشة قد اختلف فيها وفي إيمانها ، ولم يحصل الاتفاق على
تزكيتها ، فالاخذ بما رواه عمار - ره - أولى .
وشئ آخر ، وهو أن خبر عمار يحظر الصلاة في ثوب فيه مني أو يغسل ، وخبر
عائشة يبيح ذلك ، والمصير إلى الحاظر من الخبرين أولى وأحوط في الدين .
وشئ آخر وهو أن عمارا حفظ قولا عن رسول الله صلى الله عليه وآله رواه ، وعائشة
لم تحفظ في هذا قولا وإنما أخبرت عن فعلها ، وقد يجوز أن تكون توهمت
أن في ثوبه جنابة أو رأت شيئا شبهته بها ، هذا مع تسليمنا لخبرها فروت بحسب
ظنها .
ثم يقال للخصم : إذا كانت الجنابة عندك طاهرة تجوز الصلاة فيها ، فلم
فركتها عائشة ، واجتهدت في قلعها ؟ وألا تركتها كما تركها عندكم رسول الله
صلى الله عليه وآله وصلى فيها ؟
[107]
* ( باب 6 ) *
* ( أحكام ساير الابوال والارواث والعذرات ) *
* ( ورجيع الطيور ) *
1 - قرب الاسناد : عن سندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر ، عن
أبيه عليهما السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال : لا بأس ببول ما اكل لحمه ( 1 ) .
2 - ومنه عن أحمد وعبدالله ابني محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب
قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الروث يصيب ثوبي وهو رطب ، قال : إن لم تقذره
فصل فيه ( 2 ) .
3 - ومنه ومن كتاب المسائل بالسندين المتقدمين عن علي بن جعفر ، عن أخيه
عليه السلام قال : سألته عن الدابة تبول فيصيب بولها المسجد أو الحايط أيصلي فيه
قبل أن يغسل ؟ قال : إذا جف فلا بأس ( 3 ) .
4 - قرب الاسناد : عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن الثوب
يوضع في مربط الدابة على بولها أوروثها ؟ قال : إن علق به شئ فليغسله ، وإن
أصابه شئ من الروث والصفرة التي تكون معه فلا تغسله من صفرة ( 4 ) .
قال : وسألته عن الرجل يرى في ثوبه خرء الحمام أو غيره هل يصلح له
* ( هامش ص 107 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 72 ط حجر وص 95 ط نجف .
( 2 ) قرب الاسناد ص 100 ط نجف وص 76 ط حجر .
( 3 ) قرب الاسناد ص 94 ط حجر : بحار الانوار ج 10 ص 286 .
( 4 ) قرب الاسناد ص 118 ط حجر ، وص 158 ط نجف .
[108]
أن يحكه وهو في صلاته ؟ قال : لابأس ( 1 ) .
5 - ومنه ومن كتاب المسائل عنه عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن
الدقيق يقع فيه خرءالفار هل يصلح أكله إذاعجن مع الدقيق ؟ قال : إذا لم تعرفه
فلا بأس ، وان عرفته فلتطرحه من الدقيق ( 2 ) .
بيان : قوله : " إذا لم تعرفه " أي لم تعلم دخوله في الدقيق ، بل تظن
ذلك ، وظاهره الحل مع الاستهلاك ، وعدم تمييز العين ، ولم أربه قائلا .
6 - السراير : نقلا من كتاب البزنطي عن المفضل ، عن محمد الحلبي قال :
قلت للصادق عليه السلام : أطأ على الروث الرطب ، قال : لا بأس أنا والله ربما وطئت
عليه ثم اصلي ولا أغسله ( 3 ) .
7 - العياشى : عن زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام قال : سألته عن أبوال الخيل
والبغال والحمير ، قال : فكرهها ، فقلت : أليس لحمها حلالا ؟ قال : فقال :
أليس قد بين الله لكم " والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون " ( 4 ) و
قال في الخيل : " والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة " ( 5 ) فجعل للاكل
الانعام التي قص الله في الكتاب ، وجعل للركوب الخيل والبغال والحمير ، وليس
لحومها بحرام ولكن الناس عافوها ( 6 ) .
بيان : فيها " دفء " أي ما يدفا به فيقى البرد " ومنافع " أي نسلها ودرها
وظهورها " ومنها تأكلون " أي تأكلون مايؤكل منها كاللحوم والشحوم والالبان
وعاف والطعام أو الشراب يعافه ويعيفه عيافة وعيافا بكسرهما : كرهه فلم يشربه ،
* ( هامش ص 108 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 117 ط نجف وص 89 ط حجر .
( 2 ) قرب الاسناد ص 156 ط نجف ، البحارج 10 ص 276 .
( 3 ) السرائر ص 465 ذيل حديث .
( 4 ) النحل : 5 .
( 5 ) النحل : 7 .
( 6 ) تفسير العياشى ج 2 ص 255 .
[109]
ويظهر منه وجه جمع بين الاخبار ، بأن يكون المراد بالمأكول ما اعد للاكل و
ماشاع أكله .
8 - المختلف : نقلا من كتاب عمار بن موسى ، عن الصادق عليه السلام قال :
خرؤ الخطاف لا بأس به ، هو مما يؤكل لحمه ، ولكن كره أكله لانه استجار
بك وأوى إلى منزلك ، وكل طير يستجير بك فأجره ( 1 ) .
بيان : اختلف الاصحاب في حرمة الخطاف وكراهته ، وهذا الخبر مما
استدل به على عدم التحريم ، وفيه إشعار بنجاسة خرء مالا يؤكل لحمه من
الطيور .
9 - كتاب المسائل : عن علي بن جعفر قال : سألته عليه السلام عن الثوب يقع
في مربط الدابة على بولها وروثها كيف يصنع ؟ قال : إن علق به شئ فليغسله
وإن كان جافا فلا بأس ( 2 ) .
10 - السرائر : نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب ، عن موسى بن
عمر ، عن بعض أصحابه ، عن داود الرقي قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن بول
الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه فلا أجده ، قال : اغسل ثوبك ( 3 ) .
11 - العلل : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن
أحمد ، عن أحمد بن محمد السياري ، عن أبي يزيد القسمي - وقسم حي من اليمن
بالبصرة - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه سأله عن جلود الدارش التي يتخذ منها
الخفاف ، فقال : لاتصل فيها ، فانها تدبغ بخرء الكلاب ( 4 ) .
12 - كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال :
سألته عن الطين يطرح فيه السرقين يطين به المسجد والبيت ، أيصلى فيه ؟ قال :
* ( هامش ص 109 ) * ( 1 ) المختلف ص 172 .
( 2 ) البحارج 10 ص 260 .
( 3 ) السرائر ص 478 .
( 4 ) علل الشرائع ج 2 ص 33 .
[110]
لا بأس ( 1 ) .
13 - نوادر الراوندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :
سئل علي بن أبي طالب عليه السلام عن الصلاة في الثوب الذي فيه أبوال الخفافيش ودماء
البراغيث ، قال : لا بأس ( 2 ) .
[ 14 - كتاب عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم قال : كنت جالسا مع
أبي جعفر عليه السلام وناضح لهم في جانب الدار ، قد اعلف الخبط وهو هائج ، قال :
وهو يبول ويضرب بذنبه ، إذ مر جعفر عليه السلام وعليه ثوبان أبيضان ، قال : فنضح
عليه فملا ثيابه وجسده ، فاسترجع ، فضحك أبوجعفر عليه السلام ، وقال : يا بني
ليس به بأس .
بيان : الخبط - بالتحريك - من علف الابل ، والهائج : الفحل يشتهي
الضراب ] ( 3 ) .
وجدت بخط الشيخ محمدبن علي الجبعي نقلا من جامع البزنطي ، عن أبي
بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : خرؤ كل شئ يطير وبوله لا بأس به .
15 - دعائم الاسلام : سئل الصادق عليه السلام عن خرء الفار تكون في


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 110 سطر 15 إلى صفحه 118 سطر 15

الدقيق ، قال : إن علم به اخرج منه ، وإن لم يعلم فلا بأس به ( 4 ) .
* ( هامش ص 110 ) * ( 1 ) البحار ج 10 ص 261 .
( 2 ) لم نجده في النوادر المطبوع ، وقد أخرجه العلامة النورى في المستدرك
ج 1 ص 160 ، أيضا ، فراجع .
( 3 ) ما بين العلامتين أضفناه من النسخة المخطوطة ، ومطبوعة الكمبانى
خالية عنه .
( 4 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 122 .
[111]
تنقيح وتوضيح :
أجمع علماء الاسلام على نجاسة البول والغايط مما لا يؤكل لحمه ، سواء
كان من الانسان أو غيره إذا كان ذا نفس سائلة ، قاله في المعتبر .
وقد وقع الخلاف في موضعين : أحدهما رجيع الطير ، فذهب الصدوق وابن
أبي عقيل والجفي إلى طهارته مطلقا وقال الشيخ في المبسوط : بول الطيور وذرقها كلها طاهر إلا الخشاف ، وقال في الخلاف : ما اكل فذرقه طاهر ، ومالم
يؤكل فذرقه نجس . وبه قال أكثر الاصحاب .
ومما استدل به على الطهارة ما مر من سؤال علي بن جعفر ، عن الرجل
يرى في ثوبه خرء الحمام أو غيره - وفي التهذيب خرء الطير أو غيره - هل يصلح له
أن يحكه وهو في صلاته ( 1 ) وقوله عليه السلام : " لابأس به " لان ترك الاستفصال مع
قيام الاحتمال يفيد العموم ، واورد عليه بأنه إنما تسلم دلالة ترك الاستفصال على
العموم فيما إذا كان الغرض متعلقا بهذا الحكم ، كما إذا قيل خرء الطير لابأس به
من غير تفصيل كان الظاهر العموم ، وأما إذا لم يكن الغرض متعلقا به كما فيما
نحن فيه ، فلا ، إذ ظاهر أن الغرض من السؤال أن حك شئ من الثوب ينافي
الصلاة أم لا ، وذكر خرء الطير من باب المثال ، وفي مثل هذا المقام إذا اجيب بأنه
لا بأس ، ولم يفصل الكلام في الطير بأنه مما يؤكل لحمه أو لا ، لا يدل على
أن خرء الطير مطلقا طاهر ، والاقوى عندي طهارة ذرق الطير مطلقا وفي البول
إشكال والاحتياط الاجتناب من الجميع .
وثانيهما بول الرضيع قبل أن يأكل الطعام والمشهور أنه نجس ، ونقل
فيه المرتضى الاجماع ، وقال ابن الجنيد : بول البالغ وغير البالغ نجس إلا أن
يكون غير البالغ صبيا ذكرا ، فان بوله ولبنه مالم يأكل اللحم ليس بنجس ،
واحتج بمامر من رواية السكوني وهي لا تقوم حجة له كما لا يخفي .
* ( هامش ص 111 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 244 ط حجر .
[112]
وأما البول والروث من كل حيوان يؤكل لحمه ، فهما طاهران لا
نعلم فيه خلافا إلى موضعين : الاول في أبوال الدواب الثلاث وأرواثها والمشهور
طهارتها على كراهة ، وعن ابن الجنيد القول بالنجاسة وإليه ذهب الشيخ في النهاية
وطهارة الارواث ظاهرة بحسب الاخبار ، وتعارضها في الابوال يقتضي التحرز عنها
رعاية للاحتياط .
وثانيهما ذرق الدجاج والاشهر الاقرب طهارته ، وأما الجلال من الحيوان
وهو ما اغتذى بعذرة الانسان محضا إلى أن يسمى في العرف جلالا فذرقه نجس
إجماعا ، قاله في المختلف .
أقول : سيأتي بعض الاخبار في باب حكم ما لاقى نجسا ( 1 ) .
* ( هامش ص 112 ) * ( 1 ) سيأتى تحت الرقم 20 ص 127 .
[113]
* ( باب 7 ) *
* ( مااختلف الاخبار والاقول في نجاسته ) *
الايات : الحديد : وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ( 1 ) .
تفسير : " وأنزلنا الحديد " قيل أي أنشأناه وأحدثناه ، وقيل أي هيانا
من النزل وهو ما يتهيا للضيف ، وعن ابن عباس أنه انزل مع آدم من الحديد
* ( هامش ص 113 ) * ( 1 ) الحديد : 25 ، وتمام الاية هكذا " ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم
الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم
الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوى عزيز .
قال الطبرسى : قوله : " وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب " معطوف على قوله
" ليقوم الناس بالقسط " أي ليعاملوا بالعدل وليعلم الله نصرة من ينصره موجودا وجهاد من
جاهد مع رسوله موجودا ، وقوله : " بالغيب " أى بالعلم الواقع بالاستدلال والنظر من غير
مشاهدة بالبصر .
أقول : لوكان قوله تعالى " وليعلم الله " معطوفا على قوله " ليقوم الناس بالقسط "
كان المعنى : وأنزلنا مع النبيين الكتاب والميزان ليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ،
وظاهر أن التعليل غير مناسب ، بل هو معطوف على مقدر كما في غير واحد من الايات
الكريمة منها قوله تعالى " وليكون من الموقنين " الانعام : 75 في قصة اراءة ابراهيم
ملكوت السموات والارض .
والمعنى أنا أنزلنا الحديد فيه بأس شديد أى صلابة تقاوم كل بأس فاذا اتخذ منه
الجنن والدروع دافع كل بأس في غيره من الالات الحجرية والخشبية ، واذا اتخذ
منه السيف والعمود والقناة لم يقم في مقابله غيره ، ومن ذلك يعرف أن الله عزوجل انما
[114]
العلاوة وهي السندان ، والكلبتان ، والمطرقة " فيه بأس شديد " أي يمتنع به ويحارب به
" ومنافع للناس " يعني ما ينتفعون به في معاشهم ، مثل السكين والفأس والابرة
وغيرها مما يتخذ من الحديد من الالات ، وفيه دلالة على طهارته إذ أكثر انتفاعاته
موقوفة عليها .
1 - قرب الاسناد : بالاسناد المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى
عليه السلام قال : سألته عن رجل أخذ من شعره ولم يمسحه بالماء ثم يقوم
فيصلي ؟ قال : ينصرف فيمسحه بالماء ولا يعيد صلاته تلك ( 1 ) .
* ( هامش ص 114 ) * ألهم البشر صنعة السلاح ليدفعوا بذلك عن مجتمعهم وحوزتهم ويذبوا من أنفسهم شركل
ذى شركما قال عزوجل في داود النبى ( ع ) وقد كان ملكا نبيا : " وألنا له الحديد أن اعمل
سابغات وقدر في السرد " ، " وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم "
وفيه أيضا منافع للناس في صلاح معايشهم كلما رقى المجتمع استفاد منه أكثر و
أكثر من السكين والفاس - إلى السكك الحديدية وغير ذلك .
فانما أنزلنا الحديد كذلك ( ذابأس شديد ) ليتخذ الناس منه آلات الحرب ويدافعوا
عن أنفسهم ويذبوا الاشرار والمفسدين عن حوزتهم " وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب "
بنصرة الدين والذب عن حرمات الله وقتل من سب الله ورسوله وأوصياه نصرة لهم
بالغيب " ان الله قوى عزيز " ينصر من نصره ويعز من عزه .
فهذا تجويز للحرب وقتل من عاند الله ورسوله ، والنصرة بالغيب أوضح مصاديقه
قتل من سب الله ورسوله وهجاه او أحدا من أوصيائه ، وليس في قوله تعالى " فيه بأس
شديد " معنى النجاسة ولاالكراهة ، ولم يستند الائمة الاطهار في الحكم بنجاسته إلى تلك الاية
الشريفة بل الوجه فيه أن له خبثا يجب الاجتناب عنه كسائر الاخباث ، ومن اختتم بخاتم
حديد يعرف وجه ذلك من سواد انملته ولذلك قال صلى الله عليه وآله " ما طهرت كف فيها خاتم حديد "
ولذلك كان لا يرى قطع البطيخ بالسكين بل كان يكسره ويأكله ، لان السكين اذا لم يلبس
عليه ما يمنع عن خباثته كما يعمل اليوم ويسمونه بالاستيل ، يتحلل الحديد في ماء البطيخ
ثم يؤل خبثا ، فافهم ذلك .
( 1 ) قرب الاسناد ص 91 ط حجر .
[115]
توضيح : ذكر جماعة من الاصحاب منهم الشيخ والعلامة أنه يستحب
لمن قص أظفاره بالحديد أو أخذ من شعره أوحلق أن يمسح الموضع بالماء ،
وأسندوا في ذلك إلى رواية عمار ( 1 ) عن أبي عبدالله عليه السلام في الرجل إذا قص أظفاره
بالحديد أو جز من شعره ، أو حلق فقاه ، فان عليه أن يمسحه بالماء قبل أن
يصلي ، سئل : فان صلى ولم يمسح من ذلك بالماء ؟ قال : يعيد الصلاة ، لان
الحديد نجس .
وقال الشيخ في الاستبصار ( 2 ) بعد إيراد هذه الرواية : أنه خير شاذ
مخالف للاخبار الكثيرة ، وما يجري هذا المجري لايعمل عليه ، وذكر قبل
ذلك أن الوجه حمله على ضرب من الاستحباب ، ويؤيد الاستحباب صحيحة ( 3 )
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام وصحيحة ( 4 ) سعيد الاعرج عن أبي عبدالله عليه السلام الدالتان
على عدم لزوم المسح بالماء .
2 - كتاب المسائل : بالاسناد عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام
قال : سألته عن الحايض قال : يشرب من سؤرها ولا يتوضأ منها ( 5 ) .
3 - السرائر : نقلا من كتاب محمدبن علي بن محبوب ، عن العباس ،
عن عبدالله بن المغيرة ، عن رفاعة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن سؤر الحائض
لا بأس به أن تتوضأ منه ، إذا كانت تغسل يديها ( 6 ) .
بيان : اختلف الاصحاب في سؤر الحايض فقال الشيخ في النهاية : يكره
استعمال سؤر الحايض إذا كانت متهمة ، فان كانت مأمونة فلا بأس ، وفي المبسوط
أطلق كراهة سؤرها ، وكذا المرتضى في المصباح وكذا ابن الجنيد ، واختار
* ( هامش ص 115 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 120 ط حجر .
( 2 ) الاستبصار ج 1 ص 48 .
( 3 - 4 ) التهذيب ج 1 ص 99
( 5 ) البحار ج 10 ص 265 .
( 6 ) السرائر ص 477 .
[116]
الفاضلان والشهيدان مختار النهاية وهو أظهر جمعا بين الاخبار .
ثم ماذكر في الرواية الاولى من الفرق بين الشرب والوضوء ، ورد في
كثير من الاخبار مثل ما رواه في التهذيب عن الحسين بن أبي العلا قال : سألت
أبا عبدالله عليه السلام عن الحايض يشرب من سؤرها ؟ قال : نعم ولا يتوضأ منه ( 1 ) .
وعن أبي هلال قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : المرأة الطامث اشرب من فضل
شرابها ولا احب أن تتوضأ منه ( 2 ) .
وعن عنبسة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : اشرب من سؤر الحايض ولا
تتوضأ منه ( 3 ) .
وأكثر الاصحاب أطلقوا كراهة سؤر الحائض ، وقد عرفت مما أوردنا من
الاخبار اختصاص الكراهة بالوضوء ، فالقول به لا يخلو من قوة كما اختاره بعض
المحققين من المتأخرين ، وألحق الشهيد في البيان بالحائض بناء على ما اختاره
من التقييد بالتهمة كل متهم واستحسنه بعض من تأخر عنه وفيه نظر .
4 - علل الصدوق : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم
عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام قال :
لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل أن تطعم ، لان لبنها يخرج من مثانة
امها ، ولبن الغلام لايغسل منه الثوب ولا بول ، قبل أن يطعم ، لان لبن الغلام
يخرج من المنكبين والعضدين ( 4 ) .
المقنع والهداية : مرسلا مثله ( 5 ) .
الراوندى في نوادره : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه ، عن
* ( هامش ص 116 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 63 .
( 2 ) الاستبصار ج 1 ص 10 .
( 3 ) الكافى ج 3 ص 10 .
( 4 ) علل الشرايع ج 1 ص 278 .
( 5 ) المقنع ص 3 ، الهداية ص 15 .
[117]
علي عليهم السلام مثله وزاد في آخره فيجوز فيه الرش ( 1 ) .
فقه الرضا : روي عن أمير المؤمنين عليه السلام وذكر مثله ( 2 ) .
وقال : إن عرقت في ثوبك وأنت جنب ، وكانت الجنابة من الحلال فتجوز
الصلاة فيه وإن كانت حراما فلا تجوز الصلاة فيه حتى تغسل ( 3 ) .
5 - المناقب : لابن شهر آشوب من كتاب المعتمد في الاصول للشيخ المفيد - ره -
قال علي بن مهزيار : وردت العسكر وأنا شاك في الامامة ، فرأيت السلطان قد
خرج إلى الصيد في يوم من الربيع إلا أنه صائف والناس عليهم ثياب الصيف و
على أبي الحسن لبادة وعلى فرسه تجفاف لبود ( 4 ) وقد عقد ذنب الفرسة ، والناس
يتعجبون منه ويقولون ألاترون إلى هذه المدنى ، وما قد فعل بنفسه ؟
فقلت في نفسي : لوكان إماما مافعل هذا ، فلما خرج الناس إلى الصحراء
لم يلبثوا أن ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد إلا ابتل حتى غرق بالمطر
وعاد عليه السلام وهو سالم من جميعه .
فقلت في نفسي : يوشك أن يكون هو الامام ، ثم قلت : اريد أن أسأله عن
الجنب إذا عرق في الثوب فقلت في نفسي إن كشف وجهه فهو الامام ، فلما قرب
مني كشف وجهه ، ثم قال : إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام
لا تجوز الصلاة فيه ، وإن كان جنابته من حلال فلابأس ، فلم يبق في نفسي بعد
ذلك شبهة ( 5 ) .
* ( هامش ص 117 ) * ( 1 ) نوادر الراوندى ص 62 .
( 2 ) فقه الرضا ص 6 .
( 3 ) فقه الرضا ص 4 .
( 4 ) اللبادة بالضم - ما يلبس من اللبود وقاية من المطر وفى عبارة اخرى قباء من
لبود ، والتجفاف من اللبود سترة تلبسه الفرس عند الحرب كأنه درع ، ومثله ما يلبسه
الادمى لذلك ، ويقال له بالفارسية " بركستوان " .
( 5 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 414 .
[118]
6 - ووجدت : في كتاب عقيق من مؤلفات قدماء أصحابنا أظنه مجموع
الدعوات لمحمد بن هارون بن موسى التلعكبري رواه عن أبي الفتح غازي بن محمد
الطرائفي ، عن علي بن عبدالله الميموني ، عن محمد بن علي بن معمر ، عن علي
ابن يقطين بن موسى الاهوازى عنه عليه السلام مثله .
وقال : إن كان من حلال فالصلاة في الثوب حلال ، وإن كان من حرام
فالصلاة في الثوب حرام .
بيان : قال الفيروزآبادي كل شعر أوصوف متلبد لبد ولبدة ولبدة والجمع
ألباد ولبود ، واللبادة كرمانة مايلبس من اللبود للمطر ، وقال : التجفاف بالكسر
آلة للحرب يلبسه الفرس والانسان ليقيه في الحرب ، ولعل المراد هنا ما يلقى
على السرج وقاية من المطر .
6 - الذكرى : روى محمد بن همام باسناده إلى إدريس بن يزدان الكفر توثى
أنه كان يقول بالوقف فدخل سر من رأى في عهد أبي الحسن عليه السلام فأراد أن يسأله
عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أيصلى فيه ؟ فبينما هو قائم في طاق باب لانتظاره
إذ حركه أبوالحسن عليه السلام بمقرعة وقال : إن كان من حلال فصل فيه وإن كان
من حرام فلاتصل فيه ( 1 ) .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 118 سطر 16 إلى صفحه 126 سطر 16

8 - دعائم الاسلام : رخصوا عليهم السلام في عرق الجنب والحائض
يصيب الثوب ، وكذلك رخصوا في الثوب المبلول يلصق بجسد الجنب
والحائض ( 2 ) .
9 - [ الهداية : لا بأس بالوضوء من فضل الحائض والجنب ] ( 3 ) .
10 - قرب الاسناد : عن السندى بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر
ابن محمد ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام قال : كان يغتسل من الجنابة ثم يستدفئ بامرأته
* ( هامش ص 118 ) * ( 1 ) الذكرى : 14 .
( 2 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 117 .
( 3 ) الهداية : 13 وقد كان ساقطا من طبعة الكمبانى .
[119]
وإنها لجنب ( 1 ) .
توضيح وتنقيح : قال الفيروزآبادى : الدفء بالكسر وقد يحرك نقيض
حدة البرد ، وظاهره طهارة عرق الجنب ، ولا خلاف في طهارة عرق الجنب من
الحلال وإنما الخلاف في الجنب من الحرام .
قال علي بن بابويه في رسالته : إن عرقت في ثوبك وأنت جنب ، وكانت
الجنابة من حلال فحلال الصلاة فيه ، وإن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه
ونحوه ذكره ولده في الفقيه ، وابن الجنيد في المختصر ، على ما نقل عنه ،
والشيخ في الخلاف . وقال في النهاية : لابأس بعرق الحايض والجنب في الثوب
واجتنابه أفضل ، إلا أن تكون الجنابة من حرام ، فانه يجب غسل الثوب إذا
عرق فيه .
وذهب ابن إدريس وأكثر المتأخرين إلى الطهارة مطلقا ، والشيخ في
التهذيب جمع بين الاخبار بحمل أخبار المنع على ما إذا كان من حرام ، ولم يذكر
له شاهدا فلذا بالغ في الطعن عليه من تأخر عنه ، وقد ظهر مما أسلفنا من
الاخبار عذرالشيخ في ذلك ، ومع ذلك فالمسألة لا تخلو من إشكال ، والاحتياط
في مثله مما لا يترك .
وقال في المنتهى : لا فرق يعني في الحكم بنجاسة العرق المذكور على القول
بها بين أن يكون الجنب رجلا أو امرأة ، ولا بين أن تكون الجنابة من زنا أو
لواط أو وطي بهيمة أو وطي ميتة ، وإن كانت زوجة ، وسواء كان مع الجماع
إنزال أم لا والاستمناء باليد كالزنا .
أما لو وطئ في الحيض أوالصوم فالاقرب طهارة العرق فيه ، وفي المظاهرة
إشكال ، قال : ولو وطئ الصغير أجنبية وألحقنا به حكم الجنابة بالوطي ، ففي نجاسة
عرقه إشكال ينشأ من عدم التحريم في حقه .
اقول : ما قر به في الوطي في الحيض والصوم لا يخلو من نظر لشمول الاخبار لهما .
* ( هامش ص 119 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 64 ط حجر وص 85 ط نجف وفيه يستدنى بدل يستدفئ .
[120]
تذنيب
نذكر فيه بعض مااختلف الاصحاب في نجاسته
الاول : قال في المعالم : قال ابن الجنيد في المختصر - بعد أن حكم
بوجوب غسل الثوب من عرق الجنب من حرام : وكذلك عندي الاحتياط إن
كان جنبا من حلم ، ثم عرق في ثوبه ، قال : ولا نعرف لهذا الكلام وجها ، ولا
رأينا له فيه رفيقا .
الثاني عزى الشيخ في المبسوط إلى بعض أصحابنا القول بنجاسة القئ و
المشهور بين علمائنا طهارته ، وورد في بعض الروايات الامر بغسله ، وحمل على
الاستحباب لورود الرواية بعدم البأس .
الثالث اختلف الاصحاب في عرق الابل الجلالة والمشهور الطهارة ، وذهب
المفيد في المقنعة والشيخ في النهاية ، وابن البراج وجماعة إلى أنه تجب إزالته و
قد ورد في الصحيح ( 1 ) والحسن ( 2 ) الامر بالغسل ، والاحوط عدم الترك وحملهما
أكثر الاصحاب على الاستحباب من غير معارض .
الرابع حكم السيد وابن إدريس بنجاسة ولد الزنا وسؤره ، والاشهر
الطهارة .
الخامس لبن الصبية ، وقد مر الكلام فيه .
السادس ما يتولد في النجاسات كدود الحش وصراصره ، واحتمل بعضهم
نجاسته والمشهور الطهارة .
السابع مالا تحله الحياة من نجس العين والمشهور النجاسة ، ويعزى إلى
السيد القول بالطهارة ، والاشهر أقوى .
* ( هامش ص 120 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 75 .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 250 و 251 .
[121]
الثامن نجاسة من عدا الشيعة الامامية من فرق أهل الخلاف ، فالمشهور
الطهارة ، ونسب إلى السيد القول بنجاسة غيرالمؤمن مطلقاوإلى ابن إدريس من
لم يعتقد الحق عد المستضعف .
التاسع ذهب جماعة إلى نجاسة كلب الماء ، وذهب الاكثر إلى الطهارة
ولعله أقوى ، ويتفرع عليه طهارة الدواء المشهور بجند بيدستر ( 1 ) ونجاسته
إذ الظاهر أنه خصية كلب الماء ، والاقوى عندي حرمته وطهارته ، والاجتناب
منه أحوط .
* ( هامش ص 121 ) * ( 1 ) جند معرب " كند " من الفارسية ومعناه الخصية " وبيدستر " حيوان ذوحياتين
في البحر والبر ، يسمونه الكلب .
[122]
* ( باب 8 ) * * ( حكم المشتبه بالنجس ، وبيان أن الاصل ) *
* ( الطهارة وغلبته على الظاهر ) *
1 - قرب الاسناد : بالسند المتقدم عن علي بن جعفر ، عن أخيه عليه السلام قال :
سألته عن الفأرة الرطبة وقد وقعت في الماء تمشي على الثياب أيصلح الصلاة
فيها قبل أن تغسل ؟ قال : اغسل ما رأيت من أثرها ، ومالم تره فتنضحه
بالماء ( 1 ) .
وسألته عليه السلام عن الفأرة والد جاجة والحمامة وأشباههن تطا العذرة ثم تطا
الثوب أيغسل ؟ قال : إن كان استبان من أثرهن شئ فاغسله ، وإلا
فلا بأس ( 2 ) .
قال : وسألته عن الكنيف يصب فيه الماء فينضح على الثياب ماحاله ؟ قال :
إذا كان جافا فلا بأس ( 3 ) .
بيان : قوله : " فاغسله " أي جميع الثوب أو ما اشتبه فيه ، أو ما استبان
من الاثر ، والاخير أظهر .
فان قيل : على الاخير ينافي ما سيأتي من وجوب غسل ما اشتبه فيه النجاسة
قلنا : ظاهر الاخبار وأقوال الاصحاب أن غسل ما اشتبه فيه ، إنما يجب إذاعلم
وصول النجاسة إلى المحل ، ولم يعلم محلها أصلا ، لا فيما إذا علم بعضه وشك
* ( هامش ص 122 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 116 ط نجف .
( 2 ) قرب الاسناد ص 117 .
( 3 ) قرب الاسناد ص 158 ط نجف .
[123]
في البقية فان ظاهر الاخبار الكثيرة ، وكلام الاصحاب الاكتفاء بغسل ما علم
وصول النجاسة إليه .
قوله : " إذا كان جافا " إنما قيد به لان مع الجفاف لا يعلم وصول
النجاسة إليه غالبا ، وإن حصل الظن القوي بالنجاسة ، وأما مع العلم بالنجاسة
فلا فرق بين الجفاف وغيره ، والظاهر أن هذا من المواضع التي غلب فيه الاصل
على الظاهر .
2 - فقه الرضا : وإن كان معه إناءان وقع في أحدهما ما ينجس الماء
ولم يعلم في أيهما ؟ يهرقهما جميعا ، وليتيمم ( 1 ) .
ونروي أن قليل البول والغائط والجنابة وكثيرها سواء ، لابد من
غسله إذا علم به ، فاذا لم يعلم به أصابه أم لم يصبه ، رش على موضع الشك الماء ،
فان تيقن أن في ثوبه نجاسة ولم يعلم في أي موضع على الثوب غسل كله .
ونروي أن بول مالا يجوز أكله في النجاسة ذلك حكمه ، وبول مايؤكل
لحمه فلا بأس به ( 2 ) .
بيان : يدل على وجوب الاجتناب من الاناءين المشتبه الطاهر منهما بالنجس
كما ذهب إليه الاصحاب ، ولا يعلم فيه خلاف ، وأوجب جماعة من الاصحاب
منهم الصدوقان والشيخان إهراقهما ، إلا أن كلام الصدوقين ربما أشعر باختصاص
الحكم بحال إرادة التيمم وظاهر النصوص الوجوب .
وقال المحقق : الامر بالاراقة محتمل لان يكون كناية عن الحكم بالنجاسة
وهو غير بعيد ، ولو أصاب أحد الاناءين جسم طاهر فهل يجب اجتنابه فيه أم لا ؟
فيه وجهان أظهرها الثاني ، ومقتضى النص وكلام الاصحاب وجوب التيمم
والحال هذه إذا لم يكن متمكنا من الماء الطاهر مطلقا وقد يخص ذلك بما إذا
لم يمكن الصلاة بطهارة متيقنة بهما ، كما إذا أمكن الطهارة بأحدهما والصلاة
* ( هامش ص 123 ) * ( 1 ) فقه الرضا : 5 .
( 2 ) فقه الرضا ص 41 .
[124]
ثم تطهير الاعضاء مما لاقاه ماء الوضوء والوضوء بالاخر ، وهو خروج عن
مقتضى النصوص .
3 - علل الصدوق : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد
عن حريز ، عن زرارة قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : إنه أصاب ثوبي دم من الرعاف
أو غيره أو شئ من مني ، فعلمت أثره إلى أن اصيب ماء فأصبت الماء وحضرت
الصلاة ونسبت أن بثوبي شيئا ، فصليت ، ثم إني ذكرت بعد ، قال : تعيد الصلاة
وتغسله ، قال : قلت : فان لم أكن رأيت موضعه وقدعلمت أنه قد أصابه فطلبته
ولم أقدر عليه ، فلما صليت وجدته ، قال : تغسله وتعيد .
[ قلت : فان ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك ، فنظرت فلم أرشيئاثم
طلبت فرأيته فيه بعد الصلاة ؟ قال : تغسله ولا تعيد الصلاة ] ( 1 ) .
قال : قلت : ولم ذاك ؟ قال : لانك كنت على يقين من نظافته ، ثم
شككت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا ، قلت : فاني قد علمت أنه
قد أصابه ولم أدرأين هو فأغسله ؟ قال : تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنه أصابها
حتى تكون على يقين من طهارته ، قال : قلت : هل علي إن شككت في أنه
أصابه شئ أن أنظر فيه فأقلبه ؟ قال : ولا ولكنك إنما تريد بذلك أنت تذهب الشك
الذي وقع في نفسك .
قال : قلت : فاني رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة ، قال : تنقض الصلاة و
تعيد إذا شككت في موضع منه ، ثم رأيته فيه ، وإن لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت
وغسلته ثم بنيت على الصلاة ، فانك لا تدري لعله شئ وقع عليك ، فليس لك أن
تنقض بالشك اليقين ( 2 ) .
بيان : قوله عليه السلام : " ولكنك " أي لا يلزمك النظر ، وإن فعلت فانما تفعل
لتذهب الشك عن نفسك ، لا لكونه واجبا .
قوله عليه السلام : " إذا شككت " أي إنما تعيد الصلاة إذا علمت قبل الصلاة
إصابة النجس وشككت في خصوص موضعه ، ثم رأيت في أثناء الصلاة ، فهو عامد
* ( هامش ص 124 ) * ( 1 ) مابين العلامتين ساقط من الكمبانى . ( 2 ) علل الشرايع ج 2 ص 49 .
[125]
يلزمه استيناف الصلاة قطعا أوناس يلزمه الاستيناف على المشهور ، أو المعنى أنه
شك قبل الصلاة في أنه هل أصابته نجاسة أم لا ، ثم قصر في الفحص ورآها
في أثناء الصلاة فتكون الاعادة للتقصير أو سواء قصر أولم يقصر ، ويكون ذكر
الشك لحصول العلم بأن النجاسة كانت قبل الصلاة بقرينة قوله " وإن لم تشك
ثم رأيته رطبا " فيدل على أن الجاهل إذ رأى النجاسة في أثناء الصلاة وعلم بتقدمها
يستأنف كما قيل ، والمشهور عدم الاعادة .
قوله عليه السلام : " لعله شئ اوقع عليك " أي الان ولم تتيقن سبقه حتى
يلزمك الاستيناف .
4 - السراير : نقلا من كتاب محمدبن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد
عن محمد بن إسماعيل ، عن بعض أصحابه ، عن أبي الحسن عليه السلام في طين المطر أنه لا
بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلا أن يعلم أنه قد نجسه شئ بعد المطر ، و
إن أصابه بعد ثلاثة أيام غسله ، وإن كان الطريق نظيفا لم يغسله ( 1 )
5 - كتاب المسائل : بالاسناد المتقدم عن علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام قال : سألته عن الدود يقع من الكنيف على الثوب أيصلي فيه ؟ قال :
لا بأس إلا أن ترى أثرا فتغسله ( 2 ) .
ومنه : قال : سألته عليه السلام عن الرجل يمر بالمكان فيه العذرة فتهب الريح
فتسفى عليه من العذرة فيصيب ثوبه ورأسه أيصلي قبل أن يغسله ؟ قال : نعم ينفضه
ويصلي فلا بأس ( 3 ) .
بيان : عدم البأس في الاول لغلبة الاصل على الظاهر ، وفي الثاني لذلك
أولان ما يبقى من ذلك في الثوب في حكم الاثر ولا تجب إزالته .
أقول : قد مر بعض الاخبار المناسبة في باب العذرات وغيره .
* ( هامش ص 125 ) * ( 1 ) السرائرص 478 .
( 2 ) البحار ج 10 ص 278 .
( 3 ) البحارج 10 ص 270 .
[126]
تتميم نفعه عميم
اعلم أنه إذا اشتبه موضع النجاسة فلا يخلوإما أن يكون في ثوب واحد أم
لا ، فان كان في ثوب واحد يجب غسل كل موضع يحتمل كونها فيه ، ولو
قام الاحتمال في الثوب كله وجب غسله كله ، ولا خلاف فيه كما عرفت .
وإن كان في ثياب متعددة أو غيرها فلا يخلو إما أن يكون محصورا أم لا
وعلى الثاني لاأثر للنجاسة ويبقى كل واحد من الاجزاء التي وقع الاشتباه
فيها باقياعلى أصل الطهارة ، وعلى الاول فالظاهر من كلام جماعة من الاصحاب
أنه لا خلاف في وجوب اجتناب ما حصل فيه الاشتباه ، ولم يذكروا عليه حجة ،
ولعل حجتهم الاجماع إن ثبت .
ثم على تقدير وجوب الاجتناب هل يكون بالنسبة إلى ما يشترط فيه الطهارة
حتى إذا كان ماء أو ترابا لم تجز الطهارة به ، ولو كان ثوبا لم تجز الصلاة فيه
أو يصير بمنزلة النجس في جميع الاحكام ، حتى لولاقاه جسم طاهر تعدى حكمه
إليه ؟ فيه قولان أولهما لا يخلو من قوة كما اختاره جماعة من المتأخرين .
وفي تحقيق معنى المحصور إشكال فجماعة منهم جعلوا المرجع فيه العرف و
مثلوا له بالبيت والبيتين ، ولغير المحصور بالصحراء ، وذكر بعضهم أنه يمكن
جعل المرجع في صدق الحصر وعدمه إلى حصول الحرج والضرر بالاجتناب عنه


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 126 سطر 17 إلى صفحه 134 سطر 17

وعدمه .
وربما يفسر غير المحصور بما يعسر حده وحصره ، ولا شاهد في المقام
من جهة النص ، ولا يظهر من اللغة والعرف ذلك ، وفي ألفاظ الفقهاء اختلاف
في التمثيل ، فبعضهم مثلوه بالبيت والبيتين ، وبعضهم بالبيتين والثلاثة وتحقيق
الحكم فيه لا يخلو من إشكال .
[127]
* ( باب 9 ) *
* ( حكم مالاقى نجسا رطبا أو يابسا ) *
1 - المحاسن : عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن حماد ، عن حريز ،
عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : المؤمن لا ينجسه
شئ ( 1 ) .
بيان : لعل المعنى أنه لا ينجسه شئ إذا كان يابساأو نجاسة لا تزول
بالماء كالكافر ، وهذا جزء خبر رواه في الكافي عن علي بن إسماعيل ، عن الفضل
ابن شاذان ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام
قال : إنما الوضوء حد من حدود الله ، ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه ؟ وإن
المؤمن لا ينجسه شئ إنما يكفيه مثل الدهن ( 2 ) .
فالمعنى أنه لا ينجسه شئ من الاحداث بحيث يحتاج في إزالته إلى صب
الماء الزايد على الدهن كمافي النجاسات الخبثية ، بل يكفي أدنى ما يحصل به
الجريان ، وهذه إحدى مفاسد تبعيض الحديث فانه تفوت به القراين ويصير سببا
لسوء الفهم فافهم .
2 - قرب الاسناد : باسناده عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال :
سألته عن الفأرة والدجاجة والحمامة وأشباههن تطا العذرة ، ثم تطا الثوب
أيغسل ؟ قال : إن كان استبان من أثرهن شئ فاغسله ، وإلا فلا بأس ( 3 ) .
* ( هامش ص 127 ) * ( 1 ) المحاسن ص 133 .
( 2 ) الكافى ج 3 ص 21 ، ورواه في التهذيب ج 1 ص 38 ط حجر ، وعلل الشرايع
ج 1 ص 264 .
( 3 ) قرب الاسناد ص 117 ط نجف .
[128]
قال : وسألته عن الرجل يمشي في العذرة وهي يابسة فتصيب ثوبه ورجيله
هل يصلح له أن يدخل المسجد فيصلي ولا يغسل ماأصابه ؟ قال : إذا كان يابسا
فلا بأس ( 1 ) .
3 - ومنه ومن كتاب المسائل : بسنديهما عن علي بن جعفر ، عن أخيه
موسى عليه السلام قال : سألته عن المكان يغتسل فيه من الجنابة أو يبال فيه أفيصلح أن
يفرش فيه ؟ قال : نعم ، يصلح ذلك إذا كان جافا ( 2 ) .
4 - دعائم الاسلام : رخصوا صلوات الله عليهم في مس النجاسة اليابسة
الثوب والجسد ، إذا لم يعلق بهما شئ منها كالعذرة اليابسة والكلب والخنزير
والميتة ( 3 ) .
5 - كتاب عاصم بن حميد : عن أبي اسامة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
قلت له : الرجل يجنب وعليه قميصه ، تصيبه السماء فتبل قميصه وهو جنب ، أيغسل
قميصه ؟ قال : لا .
بيان : محمول على عدم إصابة المني الثوب ، أو عدم نجاسة البدن .
أقول : أوردنا بعض الاخبار في باب الميتة وباب الكلب والخنزير
وغيرهما .
* ( هامش ص 128 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 94 ط حجر .
( 2 ) قرب الاسناد ص 121 ط حجر والبحار ج 10 ص 270 .
( 3 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 117 .
[129]
* ( باب 10 ) *
* ( ما يلزم في تطهير البدن والثياب وغيرها ) *
1 - قرب الاسناد وكتاب المسائل : بسنديهما عن علي بن جعفر ، عن
أخيه عليه السلام قال : سألته عن الفراش يكون كثير الصوف فيصيبه البول فكيف يغسل ؟
قال : يغسل الظاهر ثم يصب عليه الماء في المكان الذي أصابه البول حتى يخرج
من جانب الفراش الاخر ( 1 ) .
قال : وسألته عن رجل استاك أو تخلل فخرج من فمه الدم أينقض ذلك
الوضوء ؟ قال : لا ، ولكن يتمضمض ( 2 ) .
قال : وسألته عن الرجل يصب من فيه الماء يغسل به الشئ يكون في ثوبه
وهوصائم ؟ قال : لا بأس ( 3 ) .
بيان : تحقيق الكلام في هذا الخبر يتوقف على بيان امور :
الاول ما يعتبر في إزالة النجاسة عن الثوب وظاهر البدن ، فالمشهور بين
الاصحاب أنه يعتبر في إزالته نجاسة البول عن الثوب بالماء القليل غسله مرتين ، و
اكتفى بعضهم بالمرة ، والاول أقوى ، كمامر في خبر البزنطي في باب
البول ( 4 ) .
والاكثر على عدم الفرق بين الثوب والبدن في الحكم المذكور ، ومنهم
* ( هامش ص 129 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 158 ط نجف و 118 حجر .
( 2 ) قرب الاسناد ص 108 ط نجف وص 83 ط حجر .
( 3 ) قرب الاسناد ص 103 ط حجر .
( 4 ) رواه من السرائر ص 465 .
[130]
من فرق بينهما ، واكتفى في البدن بالمرة والاول لايخلو من رجحان ، وظاهر
جماعة من الاصحاب طرد التعدد المذكور في غير الثوب والبدن مما يشبههما ،
فيعتبر الغسلتان فيما يمكن إخراج الغسالة منه بالعصر من الاجسام المشبهة بالثوب
والصب مرتين فيما لا مسام له بحيث ينفذ فيه الماء ، كالخشب والحجر ، واستثنى
البعض من ذلك الاناء كما سيأتي ، والاقتصار في التعدد على مورد النص لعله أقوى
كماهو مذهب بعض الاصحاب ، ومنهم من اكتفى في التعدد بالانفصال التقديري
ومنهم من اعتبر الانفصال حقيقة وهو أحوط بل أقرب .
وهل يعتبر التعدد إذا وقع المغسول في الماء الجاري أوالراكد الكثير ؟ فيه
قولان : والاحوط اعتبار التعدد ، وإن كان ظاهر بعض الاخبار العدم والمشهور
بين الاصحاب توقف طهارة الثياب وغيرها مما يرسب فيه الماء على العصر إذا غسل
بالماء القليل ، وهو أحوط والظاهر من كلام بعضهم وجوب العصر مرتين فيما يجب
غسله كذلك .
واكتفى بعضهم بعصر بين الغسلتين ، وبعضهم بعصر واحد بعد الغسلتين ، و
الاول أحوط ، وأكثر المتأخرين على اختصاص وجوب العصر بالقليل وسقوطه في
الكثير ، وذهب بعضهم إلى عدم الفرق ، والاقرب عدم اشتراط الدلك ، وشرطه
بعضهم في إزالة النجاسة عن البدن .
ويكفي الصب في بول الرضيع ولا تعتبر انفصال الماء عن ذلك المحل ، و
الحكم معلق في الرواية على صبي لم يأكل ، وكذا في كلام الشيخ وغيره ، و
يحكى عن ابن إدريس تعليق الحكم بالحولين ، وذكر جماعة من المتأخرين أن
المراد بالرضيع من لم يغتذ بغير اللبن كثيرا بحيث يزيد على اللبن أو يساويه و
لم يتجاوز الحولين ، وقال المحقق : لا عبرة بما يلعق دواء أو في الغذاء في الندرة ،
والاشهر اختصاص الحكم المذكور بالصبي وأما نجاسة غير البول إذا وصلت إلى
غيرالاواني ، ففي وجوب تعدد الغسل خلاف ، والاحوط ذلك .
ثم اعلم أن أكثر الاصحاب اعتبروا الدق والتغميز فيما يعسر عصره ، قال
[131]
في المنتهي لوكان المنجس بساطا أوفراشا يعسر عصره غسل ماظهر في وجهه ، ولو سرت
النجاسة في أجزائه وجب غسل الجميع ، واكتفى بالتقليب والدق عن العصر .
ثم أورد مارواه إبراهيم بن أبي محمود في الصحيح قال : قلت للرضا عليه السلام
الطنفسة والفراش يصيبهما البول كيف يصنع به وهو ثخين كثير الحشو ؟ قال : يغسل ما ظهر
منه في وجهه ( 1 ) وحمله على ما إذا لم تسر النجاسة في أجزائه .
واستشهد بما روي عن إبراهيم بن عبدالحميد قال : سألت أبا الحسن عليه السلام
عن الثوب يصيبه البول فينفذ من الجانب الاخر ، وعن الفرو ومافيه من الحشو ،
قال : اغسل ماأصاب منه ، ومس الجانب الاخر ، فان أصبت مس شئ منه فاغسله
وإلا فانضحه بالماء ( 2 ) .
واستدل بعض المتأخرين بالرواية الثانية على وجوب الدق والتغميز ، وليس
من الدلالة في شئ ، بل يدل على خلافه ، وخبر علي بن جعفر ظاهر الدلالة على عدم
اعتبارهما ، فالقول بعدم الوجوب قوى ، وإن كان الاحوط رعايته .
ثم المشهور في كلام المتأخرين أن ما لا يمكن إخراج الغسالة منه كالتراب
لاسبيل إلى طهارته بالماء القليل ، وقال الشيخ في الخلاف : إذا بال على موضع من
الارض فتطهيرها أن يصب الماء عليه حتى يكاثره ويغمره ويقهره ، فيزيل لونه
وطعمه وريحه ، فاذا زال حكمنا بطهارة المحل ، وطهارة الماء الوارد عليه ولا يحتاج
إلى نقل التراب ، ولا قطع المكان ، واستدل عليه بنفي الحرج وبرواية الذنوب
ولايخلو من قوة كما سنثسير إليه في شرح الاخبار الدالة عليه .
الثاني المشهور بين الاصحاب أنه يكفي في طهر البواطن كالفم والانف زوال
عين النجاسة عنهابل لا يعلم في ذلك خلاف ، ويدل عليه رواية عمار ( 3 ) الساباطي
قال : سئل أبوعبدالله عليه السلام عن رجل يسيل من أنفه الدم هل عليه أن يغسل باطنه ؟
* ( هامش ص 131 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 71 ط حجر .
( 2 ) الكافى ج 3 ص 55 .
( 3 ) التهذيب ج 1 ص 119 .
[132]
يعني جوف الانف ، فقال : إنما عليه أن يغسل ما ظهر منه ، فالمضمضة في هذه
الرواية محمولة على الاستحباب ، والاحوط أن لا يتركها .
الثالث قوله " يصب من فيه الماء " ينبغي حمله على ماإذا لم يصر مضافا كما
هو الغالب ، وروى العلامة في المنتهى هذا الرواية ، ثم قال : إنها موافقة للمذهب
لان المطلوب للشارع هو الازالة بالماء ، وذلك حاصل في الصورة المذكورة و
خصوصية الوعاء الذي يحوي الماءغير منظور إليها .
2 - دعائم الاسلام : قالوا صلوات الله عليهم : كل ما يغسل منه الثوب
يغسل منه الجسد إذا أصابه ( 1 ) .
3 - الهداية : الثوب إذا أصابه البول غسل بما جار مرة ، وإن غسل بماء
راكد فمرتين ، ثم يعصر ، وبول الغلام الرضيع يصب عليه الماء صبا ، وإن
كان قد أكل الطعام غسل ، والغلام والجارية في هذا سواء ( 2 ) .
4 - معانى الاخبار : عن محمد بن هارون الزنجاني ، عن علي بن عبدالعزيز
عن أبي عبيد القاسم بن سلام ، عن هيثم ، عن يونس ، عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وآله
اتي بالحسن بن علي عليهما السلام فبال فاخذ ، فقال : لا تزرموا ابني ، ثم دعا بماء
فصبه عليه .
قال الصدوق - رحمه الله - قال الاصمعي : الازرام القطع ، يقال للرجل
إذا قطع بوله : قد أزرمت بولك ، وأزرمه غيره إذا قطعه ، وزرم البول نفسه
إذا انقطع ( 3 ) .
أقول : ويدل على الاكتفاء بالصب في بول الرضيع ، إذا ظاهر تلك
الاحوال يدل على كونه عليه السلام رضيعا .
5 - المقنع : روي في امرأة ليس لها إلا قميص واحد ، ولها مولود يبول
* ( هامش ص 132 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 118 .
( 2 ) الهداية : 14 .
( 3 ) معانى الاخبار : 211 .
[133]
عليها ، أنها تغسل القميص في اليوم مرة ( 1 ) .
بيان : ذكر الشيخ والمتأخرون عنه أن المرأة المربية للصبى إذا كان
لها ثوب واحد يكتفي بغسل ثوبها في اليوم مرة واحدة ، وأكثرهم عمموا الحكم
بالنسبة إلى الصبية أيضا كما هو ظاهر الخبر ، وبعضهم خصوا بالصبي نظرا إلى أن
المتبادر من المولود هو الصبي . وذهب جماعة من المتأخرين إلى أن نجاسة
البدن غير معفو عنها في الصورة المذكورة ، وإن قلنا بالعفو عن نجاسة الثوب .
وألحق العلامة بالمربية المربى ، وفيه نظر ، وفي إلحاق الغايط بالبول
أيضا إشكال ، والظاهر من كلام الشهيد عدم الفرق ، ووجه بأنه ربما كني عن
الغايط بالبول ، كما هو قاعدة لسان العرب في ارتكاب الكناية فيما يستهجن التصريح
به ، وليس بشئ ، فان التجربة شاهدة بعسر التحرز عن إصابة البول دون غيره ،
فلا بعد في كون الحكم مقصورا عليه ، ومجرد الاحتمال لا يكفي لاثبات
التسوية .
وقد ذكر الاصحاب أن المراد باليوم هنا ما يشمل الليلة ، وليس ببعيد
لدلالة فحوى الكلام ، وإن كان لفظ اليوم لا يتناوله حقيقة وفي الثياب المتعددة
المحتاج إليها لدفع البرد ونحوه إشكال والعلامة في النهاية قرب وجوب الغسل
هنا ، فلا يكفي الصب مرة واحدة ، وإن كفى في بوله قبل أن يطعم الطعام عند
كل نجاسة ، ولا يخلو من قوة لظاهر النص ، وذكر كثير من الاصحاب استحباب
جعل غسل الثوب آخر النهار ، لتوقع الصلوات الاربع في حال الطهارة ، واحتمل
بعضهم وجوبه .
* ( هامش ص 133 ) * ( 1 ) المقنع ص 3 .
[134]
* ( باب 11 ) *
* ( أحكام الغسالات ) *
1 - مجالس ابن الشيخ : عن محمد بن محمد بن مخلد ، عن محمد بن عمر والرزاز
عن حامد بن سهل ، عن أبي غسان ، عن شريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن
عباس ، عن ميمونة زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أجنبت أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله
فاغتسلت من جفنة ، وفضلت فيها فضلة - ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فاغتسل منها ،
فقلت : يا رسول الله صلى الله عليه وآله إنها فضلة مني أو قالت اغتسلت ، فقال : ليس الماء
جنابة ( 1 ) .
بيان : قد عرفت سابقا اختلاف الاصحاب في غسالة الخبث ، واستثنائهم ماء
الاستنجاء ، وأن المشهور في غيره النجاسة ، وادعى المحقق في المعتبر والعلامة
في المنتهى الاجماع على أن غساله الخبث ، وإن قيل بطهارتها لا يرتفع بها الحدث
وظاهر كلام الشهيد في الدروس أن بجواز رفع الحدث به قائلا .
والماء القليل المستعمل في رفع الحدث الاصغر طاهر مطهر بلا خلاف ،
والمستعمل في رفع الحدث الاكبر طاهر إجماعا ، وفي جواز رفع الحدث به ثانيا
خلاف فذهب الصدوقان والشيخان وجماعة إلى العدم ، وأكثر المتأخرين على
الجواز ، ونقلوا الاجماع على جواز إزالة الخبث به ، وربما يوهم كلام بعضهم
الخلاف فيه أيضا .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 134 سطر 18 إلى صفحه 142 سطر 18

وأما المستعمل في الاغسال المندوبة ، فادعوا الاجماع على أنه باق على
تطهيره ، ولو تقاطر الماء من رأسه أو جانبه الايمن فأصاب المأخوذ منه ، قال
* ( هامش ص 134 ) * ( 1 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 6 .
[135]
العلامة لم يجز استعماله في الباقي عند المانعين من المستعمل ، لانه يصير بذلك
مستعملا ، وقال في المعالم - ونعم ماقال : فيه نظر ، فان الصدوق - رحمه الله -
من جملة المانعين ، وقد قال في الفقيه : وإن اغتسل الجنب فنزى الماء من
الارض فوقع في الاناء أو سال من بدنه في الاناء فلا بأس به ، وما ذكره منصوص
في عدة أخبار وقد ذكر الشيخ في التهذيب جملة منها ، ولم يتعرض لهابتأويل
أورد أو بيان معارض مع تصريحه فيه بالمنع من المستعمل ، وفي ذلك إيذان بعدم
صدق الاستعمال به عنده أيضا .
ثم اعلم أن ما ذكر في هذا الخبر ليس من الغسالة في شئ بل هو فضلة
الغسل ، وقال المحقق في المعتبر ، لا بأس أن يستعمل الرجل فضل وضوء المرأة
إذا لم يلاق نجاسة عينية ، وكذاالرجل لما ثبت من بقائه على التطهير انتهى ،
وليس يعرف فيه بين الاصحاب خلاف ، بل ادعى الشيخ في الخلاف عليه إجماع الفرقة
وإنما خالف فيه بعض العامة فقال : بكراهة فضل المرأة إذا خلت به .
ثم قال الشيخ في الخلاف : وروي ابن مسكان ( 1 ) عن رجل عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : قلت له : أيتوضأ الرجل بفضل المرأة ؟ قال : نعم ، إذا كانت تعرف الوضوء
وتغسل يدها ، قبل أن تدخلها الاناء .
وكأن الشيخ أخذها من كتاب ابن مسكان ، لانها ليست في كتب الحديث
المشهورة ، والعلامة سوى في هذا الحكم بين فضل الوضوء والغسل ، ولم يتعرض
الشيخ ولا المحقق لفضل الغسل .
وقال الصدوق في المقنع والفقيه : ولا بأس أن تغتسل المرأة وزوجها
من إناء واحد ، ولكن تغتسل بفضله ، ولا يغتسل بفضلها ، وقد وردت أخبار كثيرة
في اشتراك الرجل والمرأة في الغسل ، وسيأتي بعضها ، وهذا الخبر يدل على جواز
اغتسال الرجل بفضل المرأة لكنه عامي .
2 - العلل : عن أبيه ، عن سعد ، عن محمدبن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل
* ( هامش ص 135 ) * ( 1 ) الخلاف ج 1 ص .
[136]
عن ابن بزيع ، عن يونس ، عن رجل من أهل المشرق ، عن العيزار ، عن الاحول
قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقال : سل عما شئت ، فارتجت علي المسائل
فقال لي : سل عما بدالك ، فقلت : جعلت فداك الرجل يستنجي فيقع ثوبه في
الماء الذي استنجي به ، فقال : لا بأس به ، فسكت ، فقال : أوتدري لم صار لا بأس
به ؟ قلت : لا والله جعلت فداك ، فقال عليه السلام : إن الماء أكثر من القذر ( 1 ) .
3 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ،
عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يغتسل فوق البيت فكيف فيصيب الثوب
مما يقطر ، هل تصلح الصلاة فيه قبل أن يغسل ؟ قال : لا يصلي فيه حتى
يغسله ( 2 ) .
بيان : لعله محمول على الاستحباب أو على إزالة المني مع الغسل .
4 - البصائر : للصفار ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن
شهاب بن عبد ربه قال : أتيت أبا عبدالله عليه السلام فقال : سل وإن شئت أخبرتك ، قلت :
أخبرني ! قال : جئت لتسألني عن الجنب ، يغتسل فيقطر الماء من جسمه في
الاناء أو ينضح الماء من الارض ، فيقع في الاناء ؟ قلت : نعم جعلت فداك قال :
ليس بهذا بأس كله ( 3 ) .
5 - فقه الرضا عليه السلام : إن اغتسلت من ماء في وهدة وخشيت أن يرجع
ما تصب عليك ، أخذت كفا فصببت على رأسك ، وعلى جانبيك كفا كفا ثم
امسح بيدك وتدلك بدنك ( 4 ) .
6 - محاسن البرقى : عن ابن العزرمى ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن أبي
عبدالله عليه السلام عن أبيه عليه السلام عن علي عليه السلام أنه كان يشرب وهو قائم ، ثم شرب
* ( هامش ص 136 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 271 ، وقد مر مع شرح ص 15 .
( 2 ) قرب الاسناد ص 116 ط نجف .
( 3 ) بصائر الدرجات ص 238 .
( 4 ) فقه الرضا ص 4 .
[137]
من فضل وضوئه وهو قائم ، ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله صنع هكذا ( 1 ) .
7 - الذكرى والمعتبر : عن العيص بن القاسم قال : سألته عن رجل
أصابته قطرة من طشت فيه وضوء ، فقال : إن كان من بول وقذر فليغسل ما
أصابه ( 2 ) .
8 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر
عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته عن الرجل يصيب الماء في الساقية مستنقعا فيتخوف
أن يكون السباع قد شربت منه ، يغتسل منه للجنابة ويتوضأ منه للصلاة إذا
كان لا يجد غيره ؟ والماء لا يبلغ صاعا للجنابة ، ولا مدا للوضوء ، وهو متفرق
وكيف يصنع ؟ قال : إذا كانت كفه نظيفة فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة ، و
لينضحه خلفه ، وكفا أمامه ، وكفا عن يمينه ، وكفا عن يساره ، فان خشي أن
لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده به ، فان ذلك يجزيه إنشاء الله و
إن كان للوضوء غسل وجهه ، ومسح يده على ذراعيه ، ورأسه ورجليه ، وإن
كان الماء متفرقا يقدر على أن يجمعه جمعه ، وإلا اغتسل من هذا وهذا ، وإن كان
في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله ، فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه
فان ذلك يجزيه إنشاء الله ( 3 ) .
بيان : أقول : روى الشيخ في التهذيب والاستبصار ( 4 ) هذا الخبر عن أحمد
ابن محمد ، عن موسى بن القاسم الجبلي وأبي قتادة ، عن علي بن جعفر ، عن أبي
الحسن الاول عليه السلام قال : سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقية أو مستنقع
أيغتسل من الجنابة أو يتوضأ منه للصلاة إذا كان لا يجد غيره ، والماء لا ييلغ
* ( هامش ص 137 ) * ( 1 ) المحاسن ص 580 . وفيه : فالتفت إلى الحسن عليه السلام وقال : بأبى أنت
وامى يا بنى انى رأيت جدك رسول الله صلى الله عليه وآله صنع هكذا .
( 2 ) الذكرى : 9 ، المعتبر : 22 .
( 3 ) قرب الاسناد ص 84 ط حجر ، و 110 ط نجف .
( 4 ) التهذيب ج 1 ص 104 الاستبصار ج 1 ص 15 .
[138]
صاعا للجنابة ولا مد ا للوضوء ، وهو متفرق فكيف يصنع ؟ وهو يتخوف أن تكون
السباع قد شربت منه ؟ فقال : إذا كانت يده نظيفة إلى آخر مامر
أقول : هذا الحديث من متشابهات الاخبار ، ومعضلات الاثار ، وهو
يتضمن أسؤلة أربعة : الاول الخوف من أن تكون السباع شربت منه ، الثاني أنه
لا يبلغ مدا للوضوء ، وصاعا للغسل ، وتفوت سنة الاسباغ ، الثالث أنه يخاف
أن ترجع الغسالة إلى الماء في أثناء الغسل فيفسد بقية الغسل صحة أو كمالا ،
الرابع أنه متفرق ولا يكفي كل واحد منها لغسله .
فظهر الجواب عن الاول ضمنا بعدم البأس وعن الثاني أيضا بعدم البأس
للضرورة ، وعن الرابع بأنه إن أمكن جمعها جمعهاوإلا غسل رأسه مثلا من
موضع ، ويمينه من موضع ، ويساره من موضع ، ولا بأس بهذه الفاصلة .
وأما الجواب عن الثالث فيمكن أن يوجه بوجوه : الاول أن يكون المراد
رش الارض التي يغتسل عليها ، ليكون تشر بها للماء أسرع ، فينفذ الماء
المنفصل عن أعضائه في أعماقها قبل وصوله إلى الماء الذي يغترف منه .
واورد عليه بأن رش الارض بالماء قبل الغسل يوجب سرعة جريان
غسالته عليها لقلة تشربها حينئذ للغسالة . فيحصل نقيض ما هو المطلوب .
واجيب بأن التجربة شاهدة بأنك إذا رششت أرضا منحدرة شديدة الجفاف
ذات غبار بقطرات من الماء ، فانك تجد كل قطرة تلبس غلافا ترابيا وتتحرك
على سطح تلك الارض على جهة انحدارها حركة ممتدة امتدادا يسيرا قبل أن
تنفذ في أعماقها ثم تغوض فيها ، بخلاف ما إذا كان في الارض نداوة قليلة ، فان
تلك القطرات تغوص في أعماقها ولا تتحرك على سطحها بقدر تحركها على سطح
الجافة ، فظهر أن الرش محصل للمطلوب لا مناقض له .
الثانى أن المراد ترطيب الجسد وبل جوانبه بالاكف الاربع قبل الغسل
ليجرئ ماء الغسل عليه بسرعة ، ويكمل الغسل قبل وصول الغسالة إلى ذلك الماء .
واعترض عليه بأن سرعة جريان ماءالغسل على البدن ، مقتض لسرعة
[139]
تلاحق أجزاء الغسالة وتواصلها ، وهو يعين على سرعة الوصول إلى الماء .
واجيب بأن انحدار الماء من أعالى البدن إلى أسافله أسرع من انحداره
على الارض المائلة إلى الانخفاض ، لانه طالب للمركز على أقرب الطرق ،
فيكون انفصاله عن البدن أسرع من اتصاله بالماء الذي يغترف منه ، هذا إذا لم
تكن المسافة بين مكان الغسل وبين الماء الذي يغترف منه قليلة جدا ، فلعله
كان في كلام السائل ما يدل على ذلك ، كذا ذكره الشيخ البهائي قدس
الله لطيفه .
والاظهر في جواب السؤال الاخير أن يقال : مع يبوسة البدن تنفصل
القطرات منه وتطفر ، وتصل إلى الماء مستقيم ، يتخيل وتر الزاوية قائمة
تحدث من قامة المغتسل وسطح الارض إلى الماء ، ومع الرطوبة يميل الماء إلى
جنسه ويجري على البدن حتى يصلى إلى الارض ثم يجري منه إلى أن يصل إلى الماء
وظاهر أن ضلعي المثلث أطول من ضلع واحد ، كما بين في العشرين من المقالة
الاولى من الاصول .
ويؤيد أحد هذين الوجهين ما رواه الشيخ في التهذيب ( 1 ) عن الحسين بن
سعيد عن ابن سنان ، عن ابن مسكان قال : حدثني صاحب لى ثقة أنه سأل أبا
عبدالله عليه السلام عن الرجل ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل وليس
معه إناء ، والماء في وهدة ، فان هو اغتسل رجل غسله في الماء ، كيف يصنع ؟ قال :
ينضح بكف بين يديه وكفا من خلفه وكفا عن يمينه وكفا عن شماله ، ثم يغتسل
والغسل بكسر العين وضمها الماء الذي يغتسل به .
الثالث أن يكون المنضوح أيضا البدن لكن لا لعدم عود الغسالة إلى الماء
بل لترطيب البدن قبل الغسل ، لئلا ينفصل عنه ماء الغسل كثيرا ، فلا يفي بغسله
لقلة الماء ، وهذا مجرب .
* ( هامش ص 139 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 118 ، الاستبصار ج 1 ص 15 ، ورواه في السرائر ص 465
عن نوادر البزنطى .
[140]
الرابع أن يكون المنضوح الارض ، أيضا لعدم عود ماء الغسل ، لكن لا لعدم
جواز استعمال الغسالة ، بل لتطهير الارض مما يتوهم فيه من النجاسة .
الخامس أن يكون المنضوح البدن للغسل ، لا لتمهيد الغسل ، فالمراد أنه
إذا كاء الماء قليلا يجوز أن يكتفى بأقل من صاع وبأربع أكف ، فاذا نضح
كل كف على جانب من الجوانب الاربع يمكن أن يحصل أقل الجريان ، فيكون
الاربع لغسل البدن فقط بدون الرأس ولا يخلو من بعد .
السادس أن يكون المنضوح الارض ، لكن لا لما ذكر سابقا ، بل لرفع ما
يستقذر منه الطبع ، من الكثافات المجتمعة على وجه الماء بأن يأخذ من وجه
الماء أربع أكف وينضح على الارض ، أو يأخذ مما يليه وينضح على
الجانب الاخر من الماء ، فيكون المنضوح الماء ، ويمكن أن يعدهذا وجها
سابعا .
ويؤيده على الوجهين ما رواه الشيخ والكليني في الحسن ( 1 ) عن الكاهلي
قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إذا أتيت ماء وفيه قلة فانضح عن يمينك و
عن يسارك وبين يديك وتوضأ . والشيخ في الموثق عن أبي بصير ( 2 ) قال : قلت
لابي عبدالله عليه السلام أنا نسافر فربما بلينا بالغدير من المطر يكون إلى جانب القرية
فيكون فيه العذرة ويبول فيه الصبي ، وتبول فيه الدابة وتروث ، فقال : إن
عرض في قلبك منه شئ فقل هكذا - يعني أفرج الماء بيدك - ثم توضأ فان الدين
ليس بمضيق ، فان الله عزوجل يقول : " ماجعل عليكم في الدين من حرج "
لكن حمل أكثر الاخبار على هذا المعنى لا يخلو من بعد .
قوله عليه السلام : " عسل رأسه " إنما حكم بغسل الرأس أي صب الماء عليه
ثلاث مرات لان ما يصب على الرأس يجري على البدن وينفعه ، وقوله عليه السلام :
" ثم مسح جلده " يدل على إجزاء المسح من الغسل عند قلة الماء ، وهو مخالف
* ( هامش ص 140 ) * ( 1 ) الكافى ج 3 ص 3 ، التهذيب ج ص 1 ص 116 .
( 2 ) راجع شرح الحديث ص 21 في الذيل .
[141]
للمشهور .
نعم ذهب ابن الجنيد إلى وجب غسل الرأس ثلاثا والاجتزاء بالدهن في
بقية البدن ، ويمكن حمله على حصول مسمى الجريان ، لكن في الوضوء هذا
الحمل أبعد ، وآخر الحديث يدل على أن الجنب إذا لم يجد من الماء إلا ما
يكفيه لبعض أعضائه غسل ذلك البعض به وغسل البعض الاخر بغسالته ، وأنه لا
يجوز له ذلك إلا مع قلة الماء كما يدل عليه مفهوم الشرط ، وإن أمكن حمله
على الفضل والكمال ، ولنذكر بعض ماذكره الاصحاب في هذاالخبر .
قال في المعالم : قال الصدوق في من لا يحضره الفقيه : فان اغتسل الرجل
في وهدة وخشي أن يرجع ما ينصب عنه إلى الماء الذي يغتسل منه أخذ كفا وصبه
أمامه ، وكفا عن يمينه ، وكفا عن يساره ، وكفا من خلفه واغتسل منه ، وذكر
نحو ذلك في المقنع ، وقال أبوه في رسالته : وإن اغتسلت من ماء في وهدة
وخشيت أن يرجع ماينصب عنك إلى المكان الذي تغتسل فيه ، أخذت له كفا
وصببته عن يمينك ، وكفا عن يسارك وكفا [ خلفك ، وكفا ] أمامك و
اغتسلت منه .
وقال الشيخ في النهاية : متى حصل الانسان غير غدير أو قليب : ولم يكن
معه ما يغترف به الماء لوضوئه ، فليدخل يده فيه ، ويأخذ منه ما يحتاج إليه ،
وليس عليه شئ ، وإن أراد الغسل للجنابة وخاف إن نزل إليها فساد الماء ( 1 )
فليرش عن يمينه ويساره وأمامه وخلفه ، ثم ليأخذ كفا كفا من الماء فليغتسل به .
والاصل فيما ذكروه روايات وردت بذلك ، منها صحيحة على بن جعفر ، ومنها
رواية ابن مسكان وذكر الروايتين المتقدمتين .
* ( هامش ص 141 ) *
( 1 ) الظاهرأن مراده رحمه الله أنه اذا خاف فساد الماء بالنزول اليها فاذا اغتسل
خارجا ورجع ماء الغسل إلى الماء يعود الفساد فليرش جوانبه لئلا يعود غسالة ازالة
المنى أو غسالة الغسل إلى الماء ، فينطبق على ماذكره غيره ، ولا يحتاج إلى ارتكاب سائر
التكلفات . منه عفى عنه . كذا وجدناه بخطه قدس سره في هامش المخطوطة .
[142]
ثم قال : ونقل الفاضلان ( 1 ) في المعتبر والمنتهى عن أحمد بن محمد بن
أبي نصر البزنطي أنه روى في جامعه عن عبدالكريم عن محمد بن ميسر ( 2 ) عن أبي
عبدالله عليه السلام قال سئل عن الجنب ينتهي إلى الماء القليل والماء في وهدة فان هو
اغتسل رجع غسلة في الماء كيف يصنع ؟ قال : ينضح بكف بين يديه ، وكف خلفه
وكف عن يمينه ، وكف عن شماله ويغتسل .
ولا يخفى أن متعلق النضح المذكور في الاخبار وكلام الاصحاب هنا لا
يخلو عن خفاء ، وكذا الحكمة فيه ، وقد حكى المحقق - رحمه الله - في ذلك
قولين أحدهما أن المتعلق الارض ، والحكمة اجتماع أجزائها فتمنع سرعة انحدار
ما ينفصل عن البدن إلى الماء ، والثاني أن متعلقه بدن المغتسل ، والغرض منه
بله ليتعجل الاغتسال قبل انحدار المنفصل عنه ، وعوده إلى الماء ، وعزى هذا
القول إلى الصهرشتى ، واختاره الشهيد في الذكرى إلا أنه جعل الحكمة فيه
الاكتفاء بترديده عن إكثار معاودة الماء ، ورجح في البيان القول الاول .
والعبارة المحكية عن رسالة ابن بابويه ظاهرة فيه أيضا حيث قال فيها " أخذت
له كفا " الخ والضمير في قوله " له " عائد إلى المكان الذي يغتسل فيه ، لانه المذكور
قبله في العبارة ، وليس المراد به محل الماء كما وقع في عبارة ابنه ، حيث صرح بالعود
إلى الماء الذي يغتسل منه ، وكان تركه للتصريح بذلك اتكال على دلالة لفظ
الرجوع إليه ، فالجار في قوله " إلى المكان " متعلق بينصب ، وصلة ترجع غير
مذكورة لدلالة المقام عليها .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 142 سطر 19 إلى صفحه 150 سطر 18

ويحكى عن ابن إدريس إنكار القول الاول مبالغا فيه ، ومحتجا بأن
اشتداد الارض برش الجهات المذكورة موجب لسرعة نزول ماء الغسل ، وله وجه
غير أنه ليس يمتنع في بعض الارضين أن يكون قبولها لابتلاع الماء مع الابتلال
* ( هامش ص 142 ) * ( 1 ) هماالعلامة الحلى والمحقق الحلى .
( 2 ) راجع المعتبر : 22 ، ومثله في السرائر ص 465 كما مر .
[143]
أكثر ، ثم إنه يرد على القول الثاني أن خشية العود إلى الماء مع تعجل
الاغتسال ، ربما كانت أكثر ، لان الاعجال موجب لتلاحق الاجزاء المنفصلة
عن البدن من الماء ، وذلك أقرب إلى الجريان والعود ، ومع الابطاء يكون
تساقطها على سبيل التدريج ، فربما بعدت بذلك من الجريان كما لا يخفى .
وأما ما ذكره الشهيد من أن الفائدة هي الاكتفاء بترديده عن إكثار معاودة
الماء ، ففيه إشعار بأنه جعل الغرض من ذلك التحرز من تقاطر ماء الغسل عن
بعض الاعضاء المغسولة في الماء الذي يغتسل منه عند المعاودة ، وقد عرفت تصريح
بعض المانعين من المستعمل بعدم تأثير مثله ، ودلالة الاخبار أيضا عليه ، فالظاهر
أن محل البحث هنا هو رجوع المنفصل عن بدن المغتسل بأجمعه إلى الماء ، أو
عن أكثره ، وعلى كل حال فالخطب في هذا عند من لا يرى المنع من المستعمل
سهل ، لان الاخبار الواردة بذلك محمولة على الاستحباب عنده ، كما ذكره
العلامة في المنتهى ، مقربا له بما رواه الشيخ في الحسن عن عبدالله بن يحيى الكاهلي
وذكر مامر .
ووجه التقريب على مايؤذن به سوق كلامه ، أن الاتفاق واقع على عدم
المنع من المستعمل في الوضوء ، فالامر بالنضح له في هذا الحديث محمول على
الاستحباب عند الكل ، فلا بعد في كون الاوامر الواردة في تلك الاخبار كذلك
ويمكن المناقشة فيه من حيث شيوع إطلاق الوضوء في الاخبار على الاستنجاء ( 1 )
فلا يبعد إرادته هنا من الرواية ، ومعه يفوت التقريب ، ولكن الحاجة ليست
داعية إليه ، فان حمل أخبار الباب على الاستحباب ، بعد القول بعدم المنع من
المستعمل ، متعين .
ويؤيده أن أصح مافي الاخبار رواية علي بن جعفر ، وآخرها صريح في
* ( هامش ص 143 ) * ( 1 ) لا يخفى أنه لا ينفع الحمل على الاستنجاء في ذلك ، اذ غسالته أيضا طاهرة .
الا أن يحمل الاستنجاء على ازالة المنى ، وفيه مافيه ، منه عفى عنه ، كذا وجدناه بخطه
قدس سره في هامش المخطوطة .
[144]
عدم تأثير عود ما ينفصل من ماء الغسل ، وأنه مع قلة الماء بحيث لا يكفي للغسل
يجزي ما يرجع منه إليه .
إذاعرفت هذا فاعلم أن كلام الشيخ هنا على ما حكيناه عن النهاية لا يخلو
عن إشكال ، فان ظاهره كون المحذور في الفرض المذكور هو فساد الماء بنزول
الجنب إليه ، واغتساله فيه ، ولاريب أن هذا يزول بالاخذ من الماء والاغتسال
خارجه ، وفرض إمكان الرش يقتضي إمكان الاخذ ، فلا يظهر لحكمه بالرش
حينئذ وجه .
وقد أوله المحقق في المعتبر فقال : اعلم أن عبارة الشيخ لا تنطبق على
الرش إلا أن يجعل في " نزل " ضمير ما الغسل ، ويكون التقدير وخشي إن نزل
ماء الغسل فساد الماء ، وإلا بتقدير أن يكون في ؟ ؟ ؟ ضمير المريد ، لا ينتظم
المعنى ، لانه إن أمكنه الرش لا مع النزول ؟ ؟ ؟ ؟ من غير نزول ، وهذا
الكلام حسن ، وإن اقتضى كون المرجع غير مذكور صريحا ، ؟ ؟ فان محذوره هين
بالنظر إلى مايلزم على التقدير الاخر ، خصوصا بعد ملاحظة كون الغرض بيان
الحكم الذي وردت به النصوص ، فانه لا ربط للعبارة به على ذلك التقدير .
هذا ، وفي بعض نسخ النهاية " وخاف أن ينزل إليها فساد الماء " على صيغة
المضارع ، فالاشكال حينئذ مرتفع ، لانه مبني على كون العبارة عن النزول
بصيغة الماضي ، وجعل إن مكسورة الهمزة شرطية ، وفساد الماء مفعول خشي ، و
فاعل نزل الضمير العائد إلى المريد ، وعلى النسخة التي ذكرناها يجعل أن
مفتوحة الهمزة مصدرية ، وفساد الماء فاعل ينزل ، والمصدر المأول من أن ينزل
مفعول خشي ، وفاعله ضمير المريد .
وحاصل المعنى أنه مع خشيته نزول فساد الماء المنفصل عن بدن المغتسل
إلى المياه التي يريد الاغتسال منها ، وذلك بعود الماء الذي اغتسل به إليها فان
المنع المتعلق به يتعدى إليها بعوده فيها ، وهو معنى نزول الفساد إليها : فيجب
الرش حينئذ حذرا من ذلك الفساد ، وهذا عين كلام باقي الجماعة ، ومدلول
[145]
الاخيار ، فلعل الوهم في النسخة التي وقع فيها لفظ الماضي ، فان حصول الاشتباه في
مثله وقت الكتابة ليس بمستبعد ( 1 ) .
* ( هامش ص 145 ) * ( 1 ) أقول : ولكن حق الكلام في غسالة الوضوء والغسل - بالضم - اعنى ما ينفصل
عن الاعضاء حين غسلها - بالفتح - أنه لا يجوز استعمالها ثانيا ، لا في الوضوء ولا في الغسل
الا غسالة الوضوء في رفع الحدث الاكبر عند الاضطرار ، والدليل على هذا حكم العقل
المتفرع على حكم الشرع جزما .
توضيحه أن الله عزوجل قال في الوضوء " اذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم
وأيديكم إلى المرافق " الاية ، ولا يصدق الغسل لغة وعرفا - كما يؤيده الاخبار - الا
بارسال الماء على العضو المغسول والدلك باليد ليزول ما على العضو المغسول من القذر
والوسخ أو أى شئ الشارع وجوده مانعا فأوجب ازالته بالماء
فلاجل اعتبار الدلك عرفا ولغة لا يجوز الوضوء ارتماسا ، ولا جل ايجاب الازاله
بانفصال الغسالة لا يجوز استعمالها مرة ثانية ، فانه عبارة اخرى عن التلطخ وتلوث الوجه
واليدين بما وجب ازالته قبلا ، واعادة اللوث القذر الذى كان مانعا من دخول الصلاة معه
ثانيا ، وهل هذا الانقض الوضوء ؟ .
وهكذا الكلام في غسالة الحدث الاكبر - الجنابة والحيض - بل الخطب فيهما أكثر
وأكثر حيث يقول الله عزوجل في الجنابة : " وإن كنتم جنبا فاطهروا " فعبر عن الغسل
بالتطيهر المؤذن بنوع نجاسة في بدن الجنب ، وقال عزوجل في الحائض " حتى يطهرن
فاذا تطهرن فآتوهن من حيث أمركم الله " فجعل الغسل بعد الطهارة عن الدم تطهيرا لبدن
الحائض ، والتطهير انما يؤذن عن وجود قذارة ولولم نشاهدها .
فكيف يعقل ويتصور أن يكون العبد ممتثلا لقوله تعالى " فاطهروا " وهويعيد القذارة
التى كانت على بدنه في المرة الاولى أو بدن رجل آخر سابقا ، بل هو لعب بكتاب الله وسنة
نبيه صلى الله عليه وآله ، حيث زاد اللوث على اللوث وجعل فعله ذلك دينا وامتثالا لا مره تعالى
بالتطهير والتطهر .
نعم - اذا لم يجد ماء غير غسالة الوضوء ، وكان جنبا أو حائضا جاز استعمالها
[146]
أقول : إنما أطنبت الكلام في شرح هذاالخبر ، لتكرره في الاصول ،
ودورانه على الالسن ، واشتباهه على المتقدمين والمتأخرين ، ولا تكاد تجد في
كتاب أجمع مما أوردنا إلا من أخذ منا والله الموفق .
* ( هامش ص 146 ) * في رفعهما ، فانه رفع للقذارة في الجملة بقدر الامكان .
ومن ذلك - أعنى حكم الفطرة - ايجاب الائمة الاطهار في فتاواهم القدسية أن
يغسل المتطهر يديه قبل الوضوء والغسل ، فان اليدين محكومتان بوجوب الغسل - بالفتح -
في ضمن الوضوء والغسل ، واليدان وسيلتان لامتثال الامر ، فان اغتراف الماء وارساله
إلى العضو المغسول ودلكه حتى يزيل القذر المانع ويحصل استباحة الدخول في الصلاة
لايكون الا باليدين - خصوصا في الوضوء .
فاذا لم يغسل المكلف يديه قبلا كان غسل وجهه باليدين أو باليد اليمنى مثلا لوثا
للوجه بقذارة اليدين ، ولوثا لليد اليمنى بقذارة اليسرى وبالعكس ، ومن اغترف لغسل الجنابة
باليدين ويداه غير مغسولتان بعد ، فقد صب على رأسه وبدنه ماء قد تلوث بما أوجب الشارع
ازالته بالماء ، لكن اذا لم يقدر على كأس يغترف به ويغسل يديه أولا ، فلا بأس ، فان
الدين ليس بمضيق كما هو مفاد الاخبار ، فان غسله هذا وان كان غير كامل ، لكنه رفع
للقذارة في الجملة .
ولايذهب عليك أن هذافى الغسل والوضوء بالماء القليل ، وأما اذا كان الماء كثيرا
جاريا سائلا من فوق وأراد الوضوء والغسل فله وجه آخر ، سنتكلم عليه انشاء الله تعالى
في موضعه .
[147]
* ( باب 12 ) *
* ( تطهير الارض والشمس وما تطهرانه ) *
* ( والاستحالة والقدر المطهر منها ) *
1 - مجالس الصدوق : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار
عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن
عثمان ، عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : جعلت
لي الارض مسجدا وطهورا الخبر ( 1 ) .
الخصال : عن ابن الوليد ، عن الصفار وسعد بن عبدالله معا ، عن أحمد
ابن محمد بن عيسى وأحمدبن محمد بن خالد البرقى معاعن محمد البرقي ، عن محمد بن
سنان ، عن أبي الجارود ، عن ابن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه
وآله مثله ( 2 ) .
2 - معانى ( 3 ) الاخبار والخصال : عن محمد بن علي بن الشاة ، عن محمد بن
جعفر البغدادى ، عن أبيه ، عن أحمد بن السخت ، عن محمد بن الاسود ، عن أيوب
ابن سليمان ، عن أبي البختري ، عن محمد بن حميد ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر
* ( هامش ص 147 ) * ( 1 ) أمالى الصدوق ص 130 .
( 2 ) الخصال ج 1 ص 140 والمراد بالطهور : ما يتطهر به من الاحداث بالتيمم
ومن الاخباث لبعض الاشياء كباطن القدم والخف ومخرج النجو في الاستنجاء بالاحجار
والمدر - منه قدس سره في كتاب النبوة الباب 11 باب فضائله وخصائصه وما امتن الله به
على عباده - .
( 3 ) معانى الاخبار ص 51 في حديث .
[148]
ابن عبدالله ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : قال الله تعالى : جعلت لك ولامتك الارض كلها
مسجدا وترابها طهورا . الخبر ( 1 ) .
أقول : قد مضى هذا المضمون بأسانيد أخري في كتاب النبوة ( 2 ) .
3 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن
أخيه عليه السلام قال : سألته عن البواري يبل قصبها بماء قذر ، أتصلح الصلاة عليها إذا
يبست ؟ قال : لا بأس ( 3 ) .
4 - ومنه عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن الصادق ، عن أبيه عليه السلام
عن علي عليهم السلام أنه كان لا يرى بأسا أن يطرح في المزارع العذرة ( 4 ) .
5 - المحاسن : عن أبي سعيدالادمي قال : حدثني من رأى أبا الحسن
عليه السلام يأكل الكرات من المشارة ، يعني الدبرة ، يغسله بالماء
ويأكله ( 4 ) .
بيان : في الصحاح المشارة الدبرة التي في المزرعة وهي بالفارسية كردو ( 6 ) .
8 - المحاسن : عن داود بن أبي داود ، عن رجل رأي أبا الحسن عليه السلام
بخراسان يأكل الكراث في البستان كما هو ، فقيل : إن فيه السماد ، فقال : لا
يعلق به منه شئ ( 7 ) .
بيان : قال في النهاية : في حديث عمر : أن رجلا كان يسمد أرضه بعذرة
الناس ، فقال : أما يرضى أحدكم حتى يطعم الناس ما يخرج منه ؟ السماد ما يطرح
* ( هامش ص 148 ) * ( 1 ) الخصال ج 2 ص 48 ، وتراه في العلل ج 1 ص 122 .
( 2 ) راجع كتاب النبوة باب معانى أسماء النبى صلى الله عليه وآله وباب اثبات المعراج ومعناه
وكيفيته وصفته وما جرى فيه ج 18 ص 282 - 409 من طبعتنا هذه .
( 3 ) قرب الاسناد ص 127 ط نجف
( 4 ) قرب الاسناد ص 90 ط نجف .
( 5 ) المحاسن ص 511 . ( 6 ) كذا في المخطوطة وفى برهان قاطع كردر كصرصر .
( 7 ) المحاسن ص 512 ، وبعده : وهو جيد للبواسير .
[149]
في اصول الزرع والخضر من العذرة والزبل ، ليجود نباته ، انتهى .
قوله عليه السلام " لا يعلق به منه شئ " إما مبني على الاستحالة ، أو على أنه
لا يعلم ملاقات شئ منه للنابت ، فالغسل في الخبر السابق محمول على النظافة و
الاستحباب .
7 - المحاسن : عن إبراهيم بن عقبة الخزاعي ، عن يحيى بن سليمان قال :
رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام بخراسان في روضة وهو يأكل الكراث إلى قوله :
قلت : فانه يسمد ، فقال : لا يعلق به شئ ( 1 ) .
8 - ومنه : عن أيوب بن نوح ، عن أحمد بن الفضل ، عن وضاح التمار قال :
سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : من أكثر أكل الهندباء أيسر ، قال : قلت له : إنه
يسمد ، قال : لا تعدل به شيئا ( 2 ) .
9 - مجالس الشيخ : عن هلال بن محمد الحفار ، عن إسماعيل بن علي
الدعبلي ، عن أبيه ، عن الرضا عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى
الله عليه وآله قال : ما من صباح إلا وتقطر على الهندباء قطرة من الجنة ، فكلوه
ولا تنقضوه ( 3 ) .
أقول : سيأتي مثلها بأسانيد في أبوابها إنشاء الله ( 4 ) .
10 - فقه الرضا عليه السلام : ماوقعت الشمس عليه من الاماكن التي
أصابها شئ من النجاسة من البول وغيرها طهرتها ، وأما الثياب فلا يتطهر إلا
بالغسل ( 5 ) .
11 - السرائر : من كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن
* ( هامش ص 149 ) * ( 1 ) المحاسن ص 513 .
( 2 ) المحاسن ص 510 .
( 3 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 373
( 4 ) سيأتى في ج 64 وهو من أجزاء المجلد الرابع عشر .
( 5 ) فقه الرضا : 41 .
[150]
المفضل ، عن محمد الحلبي قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إن طريقي إلى المسجد في
زقاق يبال فيه ، فربما مررت فيه وليس علي حذاء فيلصق برجلي من نداوته ،
فقال : أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة ؟ قلت : بلى ، قال : فلا بأس إن الارض
يطهر بعضها بعضا .
قلت : فأطا على الروث الرطب قال : لا بأس أما والله ربما وطئت عليه ثم
اصلي ولا أغسله ( 1 ) .
12 - ارشاد القلوب : عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام عن أمير -
المؤمنين عليه السلام قال : قال الله تعالى لنبيه ليلة المعراج : كانت الامم السالفة إذاأصابهم
أذى نجس قرضوه من أجسادهم ، وقد جعلت الماء طهورا لامتك من جميع الانجاس
والصعيد في الاوقات . الخبر ( 2 )
13 - كتاب المسائل : باسناده ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام
قال : سألته عن الجص يطبخ بالعذرة ، أيصلح يجصص به المسجد ؟ قال عليه السلام :
لا بأس ( 3 ) .
14 - ومنه ومن قرب الاسناد : عنه عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن
الخمر يكون أوله خمرا ثم يصير خلا أيوكل ؟ قال : نعم ، إذا ذهب سكره
فلا بأس ( 4 ) .
15 - كتاب عاصم بن حميد : عن أبي عبيدة الحذاء قال : دخلت الحمام فلما
خرجت دعوت بماء وأردت أن أغسل قدمي ، قال : فزبرني أبوجعفر عليه السلام ونهاني


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 150 سطر 19 إلى صفحه 158 سطر 18

عن ذلك ، وقال : إن الارض ليطهر بعضها بعضا .
* ( هامش ص 150 ) * ( 1 ) السرائر ص 465 .
( 2 ) ارشاد القلوب ج 2 ص 222 ، وقد مر في ص 10 مما تقدم .
( 3 ) كتاب المسائل المطبوع في البحار ج 10 ص 261 .
( 4 ) كتاب المسائل المطبوع في البحار ج 10 ص 270 ، قرب الاسناد ص 155
ط نجف .
[151]
16 - دعائم الاسلام : قالوا عليهم السلام في المتطهر إذا مشى على أرض نجسة
ثم على طاهرة طهرت قدميه .
17 - وقالوا عليهم السلام : في الارض تصيبها النجاسة لا يصلى عليهاإلا أن تجففها
الشمس وتذهب بريحها ، فانها إذا صارت كذلك ولم يوجد فيها عين النجاسة ولا
ريحها طهرت ( 1 ) .
18 - توحيد المفضل : برواية ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : فاعتبر
بما ترى من ضروب المآرب في صغير الخلق وكبيره ، وبماله قيمة وبما لا قيمة
له ، وأخس من هذا وأحقره الزبل والعذرة التي اجتمعت فيه الخساسة والنجاسة
معا ، وموقعها من الزروع والبقول والخضر أجمع الموقع الذي لا يعد له شئ حتى أن
كل شئ من الخضر لايصلح ولا يزكو إلا بالزبل والسماد الذي يستقذره الناس
ويكرهون الدنو منه الخبر ( 2 ) .
بيان : الزبل بالكسر السرقين وفي القاموس السماد السرقين برماد ، وفي
النهاية هو ما يطرح في اصول الزرع والخضر من العذرة والزبل ليجود نباته .
ثم اعلم أن تحقيق المطالب التي تضمنتها تلك الاخبار ، يتوقف على بيان
امور .
الاول : : أن القوم عدوا من المطهرات الشمس ، والمشهور بين المتأخرين
أنها تطهر ما تجففه من البول وشبهه من النجاسات التي لا جرم لها ، بأن تكون
مايعة أو كان لها جرم لكن ازيل بغير المطهر ، وبقي لها رطوبة ، وإنما تطهره
إذا كان في الارض أو البواري أو الحصر أو ما لا ينقل عادة كالابنية والنباتات .
وقيل باختصاص الحكم المذكور بالبول ، وقيل باختصاصه بالارض و
البواري والحصر ، ومنهم من اعتبر الخصوصيتين ، ومنهم من قال : لا يطهر
المحل ، ولكن يجوز السجود عليه ، والمسألة قوية الاشكال ، وإن كان الاظهر
* ( هامش ص 151 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج ص ص 118 .
( 2 ) توحيد المفضل المطبوع في البحار ج 3 ص 136 .
[152]
مع اعتبار الخصوصيتين الطهارة ، والاحوط صب الماء قبل التجفيف كما يدل
عليه بعض الاخبار .
والمشهور أن الجفاف الحاصل بغير الشمس لا يوجب الطهارة ، خلافا للشيخ
في الخلاف ، حيث قال الارض إذا أصابتها نجاسة مثل البول وما أشبهه وطلعت عليها
الشمس أوهبت عليها الريح حتى زالت عين النجاسة ، فانها تطهر ، ويجوز السجود
عليها والتيمم بترابها ، وإن لم يطرح عليها الماء انتهى ، وقالوا يطهر الباطن
بتجفيف الشمس مع اتصاله بالظاهر ، أمامع الانفصال كوجهي الحايط إذا كانت
النجاسة فيها غير خارقة فتختص الطهارة بما صدق عليه الاشراق .
إذا عرفت هذا ، فاعلم أن رواية علي بن جعفر ظاهرها أن جواز الصلاة
لمحض الجفاف إمالانه يطهر بالجفاف مطلقا ، أولانه لا يشترط الطهارة في محل
الصلاة ، مطلقا ، أو بالحمل على ماعدا الجبهة ، ان ثبت الاجماع على اشتراط
طهارة موضع الجبهة . أو دليل آخر ، وحملها الاكثر على الجفاف بالشمس .
وأما رواية الفقه فتدل على الطهارة بالشمس لكن في خصوص الاماكن .
الثانى أنهم عدوا من المطهرات الاستحالة ، وهي أنواع : الاول ما أحالته
النار وصيرته رمادا من الاعيان النجسة والمشهور فيه الطهارة وتردد فيه المحقق
في الشرايع ، والطهارة أقوى ، ويدل عليه رواية الجص إذ المتبادر من العذرة
عذرة الانسان .
ورواه الشيخ قال : سأل الحسن بن محبوب ( 1 ) أبا الحسن عليهما السلام عن الجص
يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ، ثم يجصص به المسجد ، أيسجد عليه ؟ فكتب
إليه بخطه : إن الماء والنار قد طهراه .
وقال والدي العلامة قدس الله روحه : الظاهر أن مراد السائل أن الجص
ينجس بملاقاة النجاسة له غالبا أوأنه يبقى رماد النجس فيه ، وأنه ينجس المسجد
بالتجصيص ، أو أنه يسجد عليه ولا يجوز السجود على النجس . * ( هامش ص 152 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 202 .
[153]
والجواب يمكن أن يكون باعتبار عدم النجاسة بالملاقات ، وإن كان الظاهر
ذلك تغليبا للاصل ، ويكون المراد بالتطهير التنظيف ، أو باعتبار تقدير النجاسة
فان الماء والنار مطهران له إما باعتبار توهم السائل كون الرماد النجس
معه ، فانه صار بالاستحالة طاهرا ، ويكون الماء علاوة للتنظيف ، فان مثل هذا الماء
يطهر النجاسة الموهومة كما ورد عنهم عليهم السلام استحباب صب الماء على الارض التي
يتوهم نجاستها ، أو باعتبار تقدير نجاسة الجص بالملاقاة فان النار مطهرة له
بالاستحالة ، ويكون هذا القدر من الاستحالة كافيا ، ويكون تنظيف الماء علاوة
أو يقال : إن هذا المقدار من الماء كاف للتطهير ، وتكون الغسالة طاهرة كما هو
ظاهر الخبر أو أن الماء والنارهما معامطهران لهذه النجاسة ، ولا استبعاد فيه ، وهذا
المعنى أظهر ، وإن لم يقل به أحد فيما وصل إلينا انتهى .
والشيخ في الخلاف استدل للطهارة بهذا الخبر ، واعترض عليه المحقق
بأن الماء الذي يمازج الجص هو ما يجبل به ، وذاك لا يطهره باجماعنا ، و
النار لم تصيره رمادا ، وقد اشترط صيرورة النجاسة رمادا ، وصيرورة العظام و
العذرة رمادا بعد الحكم بنجاسة الجص غير مؤثرة في طهارته ، ثم قال : ويمكن أن
يستدل باجماع الناس على عدم التوقي من دواخن السراجين النجسة ، فلولم
يكن طاهرا بالاستحالة لتورعوا منه .
وقد اقتفى العلامة أثره في الكلام على الخبر ، فقال : إن في الاستدلال
به إشكالا من وجهين أحدهما أن الماء الممازج هو الذي يجبل به وذاك غير مطهر
إجماعا ، والثاني أنه حكم بنجاسة الجص ثم بتطهيره ، قال : وفي نجاسته بدخان
الاعيان النجسة إشكال انتهى .
وقد عرفت ممانقلنا من الوالد قدس سره جواب الاعتراضات إذا يمكن
أن يجاب بأن مراد السائل أن العذرة الموقدة على الجص تختلط به ، وغرضه
استعلام حالها بعد الاحراق فانها لو كانت نجسة لزم نجاسة المختلط بها لملاقاتها
له برطوبة الماء المتتزج فأجاب عليه السلام بأن الماء والنار قدطهراه ، بأن يكون
[154]
المراد بالطهارة المسندة إلى الماء معناها اللغوي ، لان الماء يفيد الجص نوع
نظافة توجب إزالة النفرة الحاصلة من اشتماله على العذرة والعظام المحرقة ، وهذا
غير مناف لارادة المعنى الشرعي في تطهير النار ، إذ لا مانع من الجمع بين المعنى
الحقيقي والمجازي إذا دلت القرينة عليه ، ويحتمل أن يراد فيهما المعنى المجازي
وتكون الطهارة الشرعية مستفادة مما علم من الجواب ضمنا .
وقال الشيخ البهائي - رحمه الله - : يمكن أن يراد بالماء في كلامه عليه السلام ماء
المطر الذي يصيب أرض المسجد المجصصة بذلك الجص ، إذ ليس في الحديث أن
ذلك المسجد كان مسقفا وأن المراد يوقد عليه بحيث تختلط به تلك الاعيان
كأن يوقد بها من فوقه مثلا لكن يبقى إشكال آخر ، وهو أن النار إذا طهرته أولا
فكيف يحكم بتطهير الماء له ثانيا .
ثم أجاب بأن غرض الامام عليه السلام أنه وردعلى ذلك الجص أمران مطهران
هما الماء والنار ، فلم يبق ريب في طهارته ، ولا يلزم من ورود المطهر الثاني
التأثير في التطهير انتهى .
ثم اعلم أن مورد الحديث وكلام كثير من الاصحاب استحالة عين النجاسة
وعمم بعضهم الحكم بحيث يتناول المتنجس أيضا ، تعويلا على القياس بالطريق
الاولى ، وفيه نظر .
الثاني : الدخان المستحيل من الاعيان النجسة والمشهور الطهارة ، ويعزى
إلى بعضهم نقل الاجماع عليه ، وتردد في طهارته المحقق في الشرايع ، وينسب إلى
الشيخ في المبسوط القول بنجاسة دخان الدهن النجس معللا بأنه لابد من تصاعد
بعض أجزائه قبل إحالة النار لها بواسطة السخونة ، وفي التعليل تأمل .
وقال العلامة في النهاية بعد الحكم بطهارة الدخان مطلقا للاستحالة كالرماد :
إنه لو استصحب شيئا من أجزاء النجاسة باعتبار الحرارة المقتضية للصعود ، فهو نجس
ولهذا نهي عن الاستصباح بالدهن النجس تحت الضلال ، وفيه أيضا نظر
كما عرفت .
[155]
الثالث ألحق بعضهم بالرماد الفحم محتجا بزوال الصورة والاسم ، وتوقف
فيه بعضهم وهو في محله .
الرابع اختلف الاصحاب في طهارة الطين النجس إذا أحالته النار خزفا أو
آجرا فذهب الشيخ في الخلاف ، والعلامة في النهاية وموضع من المنتهى ، والشهيد
في البيان إلى طهارته ، وتوقف المحقق في المعتبر ، والعلامة في موضع آخر من
المنتهى ، وجزم جماعة من المتأخرين بعدم طهارته ، وربما يستدل على الطهارة
بالرواية المتقدمة ، فان التغيير الحاصل في الجص ليس بأكثر منه في الاجر ، وقد
عرفت مافيه ، ومع التسليم ففيه مافيه .
الخامس إذا استحالت الاعيان النجسة ترابا أودودا فالمشهور بين الاصحاب
الطهارة ، وهو قول الشيخ في موضع من المبسوط ، ويعزى إليه في المبسوط قول
آخر بالنجاسة في الاستحالة بالتراب ، وتردد المحقق في ذلك ، وتوقف العلامة
في التذكرة والتحرير والقواعد في الاستحالة ترابا ، وجزم بالطهارة في الاستحالة
دودا ، والاول أقرب للعمومات الدالة على طهورية التراب وغيرها .
وقال في المعتبر : لوكانت النجاسة رطبة ومازجت التراب ، فقد نجس ، فلو
استحالت النجاسة بعد ذلك وامتزجت بقيت الاجزاء الترابية على النجاسة ، و
المستحيلة أيضا لاشتباهها بها وحسنه جماعة من المتأخرين ، وربما كان في قولهم
عليهم السلام " الارض يطهر بعضها بعضا " دلالة على الطهارة .
السادس إذا عجن العجين بالماء النجس ثم خبز لم يطهر على الاشهر ، وقال
الشيخ في الاستبصار وفي موضع من النهاية بالطهارة ، والروايات في ذلك مختلفة
ففي بعضها يباع ممن يستحل أكل الميتة ( 1 ) وفي بعضها يدفن ولا يباع ( 2 ) .
* ( هامش ص 155 ) * ( 1 ) كما عن حفص بن البخترى ، عن أبى عبدالله ( ع ) راجع التهذيب ج 1 ص
117 ، الاستبصار ج 1 ص 16 .
( 2 ) وهو مرسلة ابن أبى عمير ، عن أبى عبدالله عليه السلام كما في المصدرين
المذكورين .
[156]
وفي بعضها أكلت النار مافيه ( 1 ) وفي بعضها إذا أصابته النار فلا بأس بأكله ( 2 )
ويمكن الجمع بحمل الاولين على ما إذا علم قبل الطبخ ، وأولهما على الجواز
وثانيهما على الاستحباب والاخيرين على ما إذا علم بعد الخبز أو الاخيرين على ما
إذا لم يعلم النجاسة بل يظن ، أو على ماء البئر بناءعلى عدم انفعاله بالنجاسة ، كما
يدل عليه الاخير منهما ، والاحوط الاجتناب ، والشبهة الواردة في البيع ممن
يستحل الميتة ببطلان بيع النجس ، أو المعاونة على الاثم ، فليس هنا مقام
تحقيقها وحلها .
السابع اختلف الاصحاب في طهارة الخنزير إذا وقع في المملحة واستحال
ملحا والعذرة إذاوقع في البئر فصار حمأة ، وذهب المحقق في المعتبر والعلامة
في جملة من كتبه إلى عدم حصول الطهارة بذلك ، وتوقف في التذكرة والقواعد
والاكثر على الطهارة كما هو الاقوى .
الثامن من باب الاستحالة المطهرة استحالة النطفة حيوانا طاهرا ، والماء
النجس بولا لحيوان مأكول اللحم ، والغذاء النجس روثا أو لبنا لمأكول اللحم
والدم النجس قيحا أو جزء من حيوان لا نفس له ، والعذرة نباتا أو فاكهة والظاهر
أنه لا خلاف في شئ من ذلك ، ويدل عليه خبر أبي البختري ( 3 ) .
ومنه استحالة الخمر خلا ولو بعلاج ، وقد نقل العلامة اتفاق علماء
الاسلام عليه إذا كانت استحالته من قبل نفسه ، والاخبار في هذا الباب كثيرة ومنها
ما مر من رواية على بن جعفر ( 4 ) وفي بعض الاخبار المنع مما لم يكن من
* ( هامش ص 156 ) * ( 1 ) أيضا مرسلة ابن أبى عمير عن أبى عبدالله عليه السلام كما في التهذيبين .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 117 ، الاستبصار ج 1 ص 16 عن أحمد بن محمد بن
عبدالله بن زبير عن جده .
( 3 ) مر تحت الرقم 5 في هذا الباب .
( 4 ) مرتحت الرقم 13 .
[157]
قبل نفسه وحملها ( 1 ) الشيخ على الاستحباب ، ويطهر العصير على تقدير نجاسته
باستحالته خلا عندهم كالخمر أو بذهاب ثلثيه ، ولم تثبت نجاسته ، والمعروف بينهم
أنه يطهر بطهارة العصير أيدي مزاوليه وثيابهم ، وآلات الطبخ ، والخطب عندنا
فيه أيسر ، لقولنا بالطهارة .
التاسع قال في المنتهى : البخار المتصاعد من الماء النجس إذا اجتمع منه
نداوة على جسم صقيل تقاطر فهو نجس ، إلا أن يعلم تكونه من الهواء كالقطرات
الموجودة على طرف إناء في أسفله جمد نجس ، فانها طاهرة انتهى ، ويمكن أن
يقال : الحكم بالطهارة غير متوقف على العلم بالتكون من الهواء ، بل يكفي فيه
احتمال ذلك .
الثالث : ( 2 ) عد من المطهرات الارض فان المشهور أنها تطهر باطن النعل
والقدم والخف ، سواء كان إزالة النجاسة بالمشي أو بالدلك ، وسواء كان على
التراب أو الحجر أوالرمل ، وتوقف بعض الاصحاب في القدم ، ولا وجه لا
لاشتمال الاخبار عليه أيضا ، ولايشترط جفاف النجاسة قبل الدلك ، ولا أن يكون
لهاجرم ، فلو كان أسفل القدم أو النعل متنجسا بنجاسة غير مرئية كالبول اليابس
طهر بمجرد المشي على الارض ، خلافا لبعض العامة ، واعتبار طهارة
الارض أحوط .
وربما يستفاد من كلام ابن الجنيد الاكتفاء بمسحها بكل طاهر ، وإن
لم يكن أرضا وهو بعيد ، وظاهر كلامه اشتراط كون الارض التي يمشي عليها
خمس عشرة ذراعا لرواية حملت على الغالب من زوال النجاسة بالمشي في تلك
المسافة ، وفي اشتراط جفافها قولان أحوطهما ذلك ، وفي رواية الحلبي ( 3 ) دلالة
* ( هامش ص 157 ) * ( 1 ) راجع التهذيب ج 9 ص 118 ط نجف ، ولفظه عن أبى بصير عن أبى عبدالله
( ع ) قال : سئل عن الخمر يجعل فيها الخل ، فقال : لا ، الاما جاء من قبل نفسه .
( 2 ) في مطبوعة الكمبانى : العاشر ، وهو سهو .
( 3 ) راجع الكافى ج 3 ص 38 ، وقد مر .
[158]
عليه ، وإن احتمل أن يكون المراد باليبوسة عدم الرطوبة التي مر ذكرها أي
رطوبة البول ، واستشكل تطهير الوحل والقول بالتطهير غير بعيد .
وقوله عليه السلام في هذا الخبر : " يطهر بعضها بعضا " يمكن أن يكون معناه
أن الارض يطهر بعضها ، وهو المماس لاسفل النعل والقدم أو الطاهر منها ، بعض
الاشياء ، وهو النعل والقدم ، ويحتمل أن يكون المراد أن أسفل القدم والنعل
إذا تنجس بملاقات بعض الارض النجسة ، يطهره البعض الاخر الطاهر إذا مشى
عليه ، فالمطهر في الحقيقة ما ينجس بالبعض الاخر ، وعلقه بنفس البعض مجازا
ذكر هما سيد المحققين في المدارك ( 1 ) .
* ( هامش ص 158 ) * ( 1 ) أقول : روى ابن ادريس في السرائر 465 من نوادر أحمد بن محمد بن أبى نصر البزنطى
عن المفضل بن عمر عن محمد الحلبى عن أبى عبدالله ( ع ) قال : قلت له : ان طريقى إلى
المسجد في زقاق يبال فيه ، فربما مررت فيه وليس على حذاء فيلصق برجلى من نداوته
فقال : أليس تمشى بعد ذلك في أرض يابسة ؟ قلت : بلى قال : فلا بأس ان الارض يطهر
بعضهابعضا الحديث .
ومثله أحاديث أخر رواها في الكافى ج 3 ص 38 و 39 ، وظاهر لفظ الحديث
" يطهربعضها بعضا " أن الارض يطهربعضها بعضها الاخراذا كان نجسا وليس هذاببدع
بعد ماكانت الارض - وهو ما نسيمه بالفارسية خاك - طهورا للقذارات ، كمافى اكتفاء الجنب
بالتراب ومسحه بالوجه واليدين عن الغسل . ولولم يكن رافعا للقذارة مستبيحا للدخول
في الصلاة ، لما حكم الشارع بكفاية التيمم ، مع أنه باشتراطه الطهارة حكم بأن فاقد


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 158 سطر 19 إلى صفحه 167 سطر 8

الطهورين لا يصح دخوله في الصلاة ولا يصلى .
ومعنى أن الارض يطهر بعضهابعضا ، أن الاجزاء الترابية تجفف وتستهلك النجاسات
في نفسها لكونها طهورا ، واذا نجس بعضها ثم اختلط أو مسح ببعضها الطاهر ، صارت كلها
طاهرة كما أن الماء يطهر بعضها بعضا : فاذا استهلك عين النجس في الارض ولم يرلها أثر
حكم بطهارة الكل ، كالماء سواء ، فاذا كانت الارض طهورا لنفسها من القذارات المتلطخة
بها كانت طهورا للقذارات المتلطخة بباطن القدم والخف والعصا أيضا من دون فرق
[159]
وقال في المعالم نحوامن الوجه الاخير ، حيث قال : المرادأن النجاسة
الحاصلة في أسفل القدم وما هو بمعناه بملاقاة الارض المتنجسة على الوجه المؤثر
يطهر بالمسح في محل آخر من الارض ، فسمي زوال الاثر الحاصل من الارض
تطهيرا لها ، كما تقول : مطهر للبول ، بمعنى أن مزيل للاثر الحاصل منه
وعلى هذا يكون الحكم المستفاد من الحديث المذكور ومافي معناه مختصا بالنجاسة
المكتسبة من الارض المتنجسة انتهى .
أقول : يمكن أن يكون هذا إشارة إلى أنه بمحض المسح على الارض لا
يذهب الاثر الحاصل من الارض السابقة مطلقا بل يبقى فيه بعض الاجزاء من الارض
المتنجسة فتلك الاجزاء تطهرها الارض الطاهرة ، فلاينافي عموم الحكم لورود
تلك العبارة في مقامات اخرى .
وقال في الحبل المتين : لعل المراد بالارض مايشمل نفس الارض وما
عليها من القدم والنعل والخف انتهى ، وقيل : الوجه في هذا التطهير انتقال النجاسة
بالوطي عليها من موضع إلى آخر مرة بعد اخرى ، حتى يستحيل ولا يبقى منها
شئ .
تذنيب
ذكر الشيخ - ره - في الخلاف أن في أصحابنا من قال بأن الجسم الصقيل
كالسيف والمرآة والقوارير إذاأصابته نجاسة كفى في طهارته مسح النجاسة منه
وعزي إلى المرتضى اختياره ثم قال : ولست أعرف به أثرا ، وذكر أن عدم
طهارته بدون غسله بالماء هو الظاهر وعليه الاكثر وهو أظهر .
* ( هامش ص 159 ) * لكنه يعتبر فيها ذهاب أثر العين وهو ظاهر .
وأما أن الارض يرادف معنى خاك بالفارسية فسنتلكم عليه انشاء الله في أبحاث
التيمم .
[160]
* ( باب 13 ) *
* ( أحكام الاوانى وتطهيرها ) *
1 - قرب الاسناد وكتاب المسائل : بسنديهما عن علي بن جعفر ، عن
أخيه عليه السلام قال : سألته عن الشراب في الاناء يشرب فيه الخمر قدح عيدان أو باطية
قال إذا غسله فلا بأس ( 1 ) .
2 - قال : وسألته عن دن الخمر يجعل فيه الخل أو الزيتون أو شبهه قال : إذا
غسل فلا بأس ( 2 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي : الباطية ( 3 ) الناجود ، وقال : الناجود الخمر و
إناؤها ، ويظهر من الخبر أنه نوع خاص من الاناء ، وقال أيضا : الدن الراقود
العظيم أوأطول من الحب أو أصغر منه له عسعس لا يقعد إلا أن يحفر له .
3 - الخصال : عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن عبدالله بن جعفر
الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن
أبي الربيع الشامي عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن النبيذ قال : نهى رسول
الله صلى الله عليه وآله عن كل مسكر ، وكل مسكر حرام ، قلت : فالظروف التى تصنع فيها
* ( هامش ص 160 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 116 ط حجر وص 155 ط نجف ، كتاب المسائل المطبوع في البحار
ج 10 ص 270 .
( 2 ) قرب الاسناد ص 155 ط نجف وص 116 ط حجر .
( 3 ) نقل عن أبى عمر وأنها اناء من الزجاج يملا من الشراب يوضع بين الشرب
يغترفون منه .
[161]
قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الدباء والمزفت والحنتم والنقير ، قلت : وما ذاك
قال : الدباء القرع ، والمزفت الدنان ، والحنتم جرار الاردن ، والنقير خشبة
كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها ، وقيل إن
الحنتم الجرار الخضر ( 1 ) .
معانى الاخبار : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن
ابن محبوب مثله ( 2 ) .
بيان : قال الجوهري : الدباء بضم الدال المهملة ثم الباء المشددة الممدودة
القرع ، والواحد دباءة ، وفي النهاية إنه نهى عن المزفت من الاوعية ، هو الاناء
الذي يطلى بالزفت ، وهو نوع من القار ، ثم انتبذ فيه انتهى .
وإنما فسر عليه السلام بالدنان لان في الدن مأخوذ كون داخله مطليا بالقار ، لانهم
فسروا الدن بالراقود ، والراقود بدن طويل الاسفل كهيئة الاردبة يسيع داخله
بالقار ، وفي القاموس الحنتم : الجرة الخضراء ، والاردن بضمتين وشد الدال
كورة بالشام ، وفي النهاية أنه نهي عن النقير والمزفت النقير أصل النخلة ينقر
وسطه ثم ينبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا مسكرا ، والنهي واقع
على مايعمل فيه لا على اتخاذ النقير فيكون على حذف المضاف ، تقديره عن نبيذ
النقير ، وهو فعيل بمعنى مفعول انتهى .
أقول : أخطأ في التأويل ، بل الظاهر أنه نهى عن استعمال الظرف بعد ما
عمل فيه النبيذ كما ستعرف .
4 - كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال :
سألته عن حب الخمر أيجعل فيه الخل والزيتون أو شبهه ؟ قال : إذا غسل
فلا بأس ( 3 ) .
* ( هامش ص 161 ) * ( 1 ) الخصال ج 1 ص 120 .
( 2 ) معانى الاخبار ص 224 .
( 3 ) البحار ج 10 ص 270 .
[162]
تبيين
المشهور بين الاصحاب أن أواني الخمر كلها قابلة للتطهير من أثر النجاسة
سواء في ذلك الصلب الذي لا ينشف كالصفر والرصاص والحجر والمغضور ( 1 )
وغير الصلب كالقرع والخشب والخزف غير المغضور ، إلا أنهم قالوا : يكره
استعمال [ غير الصلب ، ونسب إلى ابن الجنيد وابن البراج القول بعدم جواز
استعمال ] ( 2 ) هذا النوع ، غسل أو لم يغسل ، والقول بالكراهة أقوى جمعا
بين الاخبار .
* ( هامش ص 162 ) * ( 1 ) هو الصحفة المتخذة من الغضار وهو الطين الحر الاخضر اللازب ، أو هو المطلية
به ، قال السمعانى في الانساب : الغضائرى نسبة إلى الغضار وهو الاناء الذى يؤكل فيه
نسب جماعة إلى عملها .
( 2 ) مابين العلامتين ساقط من الكمبانى زيادة من المخطوطة .
[163]
* ( أبواب ) *
* ( آداب الخلا والاستنجاء ) *
* ( باب 1 ) *
* ( علة الغايط ونتنه وعلة نظر الانسان ) *
* ( إلى سفله حين التغوط وعلة الاستنجاء ) *
1 - علل الصدوق : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن
هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهم السلام
قال : سألته عن الغائط فقال : تصغير لابن آدم ، لكي لا يتكبر وهو يحمل
غايطه معه ( 1 ) .
2 - ومنه : عن علي بن أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عبدالله الكوفي ،
عن سهل بن زياد ، عن عبد العظيم الحسني قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام
أسأله عن علة الغايط ونتنه ، قال : إن الله عزوجل خلق آدم عليه السلام وكان جسده
طيبا وبقي أربعين سنة ملقى تمر به الملائكة ، فتقول : لامر ما خلقت ، وكان
إبليس يدخل فيه ويخرج من دبره فلذلك صارمافي جوف آدم منتنا خبيثا
* ( هامش ص 163 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 261 .
[164]
غير طيب ( 1 ) .
3 - ومنه : عن محمد بن الحسن ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن
إبراهيم بن هاشم ، عن أبي جعفر ، عن داود الحمار ، عن العيص بن أبي مهينة قال :
شهدت أبا عبدالله عليه السلام وسأله عمرو بن عبيد فقال : مابال الرجل إذا أراد أن يقضي
حاجته إنما ينظر إلى سفليه ومايخرج من ثم ؟ فقال : إنه ليس أحد يريد ذلك
إلا وكل الله عزوجل به ملكا يأخذ بعنقه ليريه ما يخرج منه أحلال أم حرام ؟ ( 2 ) .
بيان : قوله عليه السلام " أحلال " أي ليتفكر أن ما أكله كان حراما فصار إلى ما رأى
وبقي عليه وزره أم حلال فلم يبق وزر كما رواه في الفقيه ، قال : كان علي عليه السلام
يقول : ما من عبد إلا وبه ملك موكل يلوي عنقه حتى ينظر إلى حدثه ثم يقول
له الملك : يا ابن آدم ! هذا رزقك ، فانظر من أين أخذته ، وإلى ماصار ؟ فعند
ذلك ينبغي للعبد أن يقول " اللهم ارزقني الحلال ، وجنبني الحرام " ( 3 ) .
4 - العلل : عن أبيه ، عن سعدبن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن صالح بن
السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن صالح الحذاء ، عن أبي اسامة قال : كنت عند
أبي عبدالله عليه السلام فسأله رجل من المغيرية عن شئ من السنن ؟ فقال : ماشئ يحتاج
إليه أحد من ولد آدم إلا وقد جرت فيه من الله ومن رسوله سنة ، عرفها من عرفها
وأنكرهامن أنكرها ، فقال : فما السنة في دخول الخلاء ؟ قال : تذكر الله وتتعوذ
بالله من الشيطان ، وإذا فرغت قلت : " الحمدلله على ما أخرج مني من الاذى
في يسر منه وعافية "
قال الرجل : فالانسان يكون على تلك الحال ولا يصبر حتى ينظر إلى
مايخرج منه ؟ فقال : إنه ليس في الارض آدمي إلا ومعه ملكان موكلان ، به ، فاذا
كان على تلك الحال ثنيا رقبته ثم قالا : يا ابن آدم انظر إلى ما كنت تكدح له في
* ( هامش ص 164 ) * ( 1 و 2 ) علل الشرايع ج 1 ص 261 .
( 3 ) الفقيه ج 1 ص 16 و 17 .
[165]
الدنيا إلى ماهو صائر ؟ ( 1 ) .
بيان : الثني : العطف والامالة ، والكدح : العمل والسعي .
أقول : قد مضى بعض ما يناسب الباب في باب الكبر ( 2 ) .
5 - مصباح الشريعة : قال الصادق عليه السلام : سمي المستراح مستراحا لاستراحة
الانفس من أثقال النجاسات ، واستفراغ الكثيفات والقذر فيها ، والمؤمن يعتبر
عندها أن الخالص من طعام الدنيا كذلك تصير عاقبتها ، فيستريح بالعدول عنها
وتركها ، ويفرغ نفسه وقلبه عن شغلها ، ويستنكف عن جمعها وأخذها استنكافه عن
النجاسة والغائط والقذر .
ويتفكر في نفسه المكرمة في حال ، كيف تصير ذليلة في حال ؟ ويعلم أن التمسك
بالقناعة والتقوى يورث له راحة الدارين ، وأن الراحة في هوان الدنيا والفراغ من التمتع
بها ، وفي إزالة النجاسة من الحرام ، والشبهة ، فيغلق عن نفسه باب الكبر بعد معرفته
إياها ، ويفر من الذنوب ويفتح باب التواضع والندم والحياء ، ويجتهد في أداء أوامره ،
واجتناب نواهيه ، طلبا لحسن المآب ، وطيب الزلف ، ويسجن نفسه في سجن
الخوف والصبر والكف عن الشهوات ، إلى أن يتصل بأمان الله تعالى في دار القرار
ويذوق طعم رضاه ، فان المعول [ على ] ذلك ، وماعداه لاشئ ( 3 ) .
6 - العلل : عن عبدالواحد بن محمد بن عبدوس ، عن علي بن محمد بن قتيبة
عن الفضل بن شاذان فيما روي من العلل عن الرضا عليه السلام : قال : فان قال : فلم صار
الاستنجاء فرضا ؟ قيل : لانه لا يجوز للعبد أن يقوم بين يدي الجبار ، وشئ من
ثيابه وجسده نجس .
قال الصدوق - ره - غلط الفضل ، وذلك لان الاستنجاء به ليس بفرض وإنما
هو سنة ( 4 ) .
* ( هامش ص 165 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 262 .
( 2 ) راجع ج 73 ص 179 - 237 .
( 3 ) مصباح الشريعة : 8 .
( 4 ) علل الشرايع ج 1 ص 245 .
[166]
أقول : لم يقيد الاستنجاء بالماء حتى يرد عليه ما أورده الصدوق - ره مع
أنه يمكن تخصيصه بالمتعدي ، أو يكون المراد فرد الواجب التخييري إلا أن يكون
مراده أنه لم يثبت وجوبه بالقرآن ، حتى يكون فرضا بعرف الحديث ، وهذا
أيضا لاوجه له ، لاستعمال الفرض في غيرذلك كثيرا في عرف الحديث أيضا ، ولعل
اعتراضه مبني على أن الفضل قد أدخل بين الخبر من كلامه أيضا .
فان قيل : اعتراضه على السؤال ؟ قلت : تقريره عليه السلام كاف لعدم الجرأة على
الاعتراض ( 1 ) .
* ( هامش ص 166 ) * ( 1 ) أقول : رواه الصدوق في عيون الاخبار ج 2 ص 99 - 121 ، وموضع النص
المذكور ص 105 ، لكنه أسقط هذا السؤال وجوابه .
[167]
* ( باب 2 ) *
* ( آداب الخلاء ) *
1 - ثواب الاعمال والخصال ( 1 ) للصدوق ، عن علي بن أحمدبن موسى
عن محمد بن أحمد بن علي الاسدي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن النوفلي
عن حفص بن غياث ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
أربعة يؤذون أهل النار على مابهم من الاذي : أحدهم رجل يجر أمعاءه فيقول
أهل النار : ما بال الابعد قد آذانا على ما بنامن الاذى ؟ فيقال : إن الابعد كان لا يبالي
أين أصاب البول من جسده الخبر ( 2 ) .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 167 سطر 9 إلى صفحه 175 سطر 18

بيان : قال في النهاية : فيه أن رجلا جاء فقال : إن الابعد قد زنا ، معناه
المتباعد من الخير والعصمة ، يقال : بعد بالكسر فهو باعد : أي هلك ، والبعد
الهلاك ، والابعد الخائن أيضا .
2 - علل الصدوق : عن علي بن حاتم ، عن أحمد بن زياد الهمداني
عن المنذر بن محمد ، عن الحسين بن محمد ، عن علي بن القاسم ، عن أبي خالد ، عن
زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم السلام قال : عذاب القبر يكون في
النميمة ، والبول ، وعزب الرجل عن أهله ( 3 ) .
3 - ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى
* ( هامش ص 167 ) * ( 1 ) الحديث لا يوجد في الخصال ، وانما يوجد في الامالى ، وأخرجه عن " ثو "
" ولى " في ج 75 ص 249 تماما راجعه .
( 2 ) ثواب الاعمال ص 221 أمالى الصدوق ص 346 .
( 3 ) علل الشرايع ج 1 ص 291 .
[168]
عن علي بن حديد وابن أبي نجران معا ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ،
عن أبي جعفر عليه السلام قال : لا تحتقرن بالبول ، ولا تتهاونن به ، ولا
بالصلاة الخبر ( 1 ) .
4 - ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن يحيى العطار ،
عن محمد بن أحمد الاشعري ، عن علي بن إسماعيل ، عن صفوان ، عن ابن مسكان
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشد الناس توقيا عن البول ، كان
إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع أومكان من الامكنة يكون فيه التراب الكثير
كراهة أن ينضح عليه البول ( 2 ) .
بيان : قوله " يكون فيه التراب الكثير " استدل به على كراهة البول في
الارض الصلبة كما ذكره الاصحاب .
5 - الخصال ( 3 ) والمجالس : للصدوق - رحمه الله - عن محمد بن موسى بن
المتوكل ، عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن الحسن القرشي
عن سليمان بن جعفر البصري ، عن عبدالله بن الحسين بن زيد ، عن أبيه ، عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله كره لكم أربعا وعشرين خصلة
ونهاكم عنها : كره البول على شط نهر جار ، وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة قد
أينعت أو نخلة قد أينعت يعني أثمرت الخبر ( 4 )
بيان : يدل على كراهة البول في شطوط الانهار ، والمشهور كراهة البول
والغايط في المشارع وشطوط الانهار ويظهر من بعض الاخبار رؤس الابار ، وكذا
قالوا بكراهتهما تحت الاشجار المثمرة واختلفوا في أن المراد المثمرة بالفعل
أو ما من شأنها ذلك ، بناء على أنه لا يعتبر في صدق المشتق بقاء مبدء الاشتقاق ، و
* ( هامش ص 168 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 2 ص 45 .
( 2 ) علل الشرايع ج 1 ص 264 .
( 3 ) الخصال ج 2 ص 102 .
( 4 ) أمالى الصدوق ص 181 .
[169]
ظاهر هذا الخبر وغيره المثمرة بالفعل .
وفي القاموس : ينع الثمر كمنع وضرب ينعا وينعا وينوعا بضمهما حان
قطافه ، كأينع ، واليانع الاحمر ، والثمر الناضج كالينيع انتهى ، ونسبة الايناع
إلى الشجرة على المجاز أي أينعت ثمرتها أو شبه عليه السلام أثمار الشجرة بايناع الثمرة
ولعل التفسير مبني على الثاني ، لكن لا يعلم كونه من المعصوم ، إذ يمكن أن
يكون من الرواة .
6 - مجالس الصدوق : في مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى أن يبول رجل تحت
شجرة مثمرة ، أو على قارعة الطريق ، ونهى أن يبول أحد في الماء الراكد فانه
منه يكون ذهاب العقل ، ونهى أن يبول الرجل ، وفرجه باد للشمس أو للقمر ، و
قال : إذا دخلتم الغايط فتجنبوا القبلة ( 1 ) .
بيان : قال في النهاية : فيه نهى عن الصلاة في قارعة الطريق ، هي وسطه ، و
قيل أعلاه ، والمراد به ههنا نفس الطريق ووجهه انتهى ، وكراهة البول والغايط
في الطرق النافذة مطلقا مقطوع به في كلام الاصحاب ، وكذا البول في الماء الراكد
وأما الجاري فقيل بكراهته لكنه أخف كراهة ، وظاهر كثير من الاخبار عدم
الكراهة ، ومنهم من ألحق الغائط بالبول بالطريق الاولى ، وفيه نظر .
ويدل على المنع من استقبال قرصي الشمس والقمر في وقت البول ، والحق
به الغايط واستدبارهما أيضا كما يظهر من بعض الاخبار في الهلال والمشهور بين
الاصحاب تحريم استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي مطلقا سواء كان في
الصحاري أو الابنية وقال ابن الجنيد : يستحب إذا أراد التغوط في الصحراء أن
يتجنب استقبال القبلة ، ولم يتعرض للاستدبار ، ونقل عن سلار الكراهة في البنيان
ويلزم منه الكراهة في الصحاري أيضا أو التحريم .
وقال في المقنعة : ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ثم قال بعد ذلك : فان
دخل دارا قد بني فيهامقعد الغايط على استقبال القبلة واستدبارها لم يكره
( هامش ص 169 ) * ( 1 ) أمالى الصدوق : 253 و 254 في حديث طويل .
[170]
الجلوس عليه ، وإنما يكره ذلك في الصحارى والمواضع الذي يتمكن فيها من
الانحراف عن القبلة .
أقول : ويظهر من أخبار العامة أن الاخبار الموهومة للجواز محمولة
على التقية .
7 - الخصال : عن حمزة بن محمد العلوي ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه
عن النوفلي ، عن السكوني ، الصادق عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال : نهى
رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتغوط على شفير بئر يستعذب منه ، أو نهر يستعذب منه أو تحت شجرة
عليها ثمرها ( 1 ) .
مجالس الشيخ : عن الحسين بن عبيد الله ، عن التلعكبري ، عن ابن عقدة
عن يعقوب بن يوسف ، عن الحصين بن مخارق ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام
مثله ( 2 ) .
بيان : قال في النهاية : فيه أنه خرج يستعذب الماء أي يطلب الماء العذب
ويدل على أن الكراهة مشروطة بكون الثمرة على الشجرة ، وإن أمكن أن يكون
حينئذ أشد كراهة .
8 - الخصال : فيماأوصى به النبي صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام : ياعلي ثلاث
يتخوف منهن الجنون : التغوط بين القبور ، والمشي في خف واحد ، والرجل
ينام وحده ( 3 ) .
مشكوة الانوار : نقلا من المحاسن عن الكاظم عليه السلام مثله ( 4 ) .
9 - الخصال : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم
عن محمد بن علي القرشي ، عن محمد بن زياد البصري ، عن عبدالله بن عبدالرحمن
* ( هامش ص 170 ) * ( 1 ) الخصال ج 1 ص 48 .
( 2 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 262 .
( 3 ) الخصال ج 1 ص 62 .
( 4 ) مشكاة الانوار : 319 .
[171]
المدايني عن ثابت بن أبي صفية الثمالي ، عن ثور بن سعيد ، عن أبيه ، عن سعيد
ابن علاقة عن أمير المؤمنين عليه السلام ؟ قال : البول في الحمام يورث الفقر ( 1 ) .
10 - العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ،
عن ابن محبوب ، عن مالك بن عيينة ، عن حبيب السجستاني ، عن الباقر عليه السلام قال :
إن لله عزوجل ملائكة وكلهم بنبات الارض من الشجر والنخل ، فليس من
شجرة ولا نخلة إلا ومعها من الله عزوجل ملك يحفظها ، وماكان فيها ، ولولا
أن معها من يمنعها لاكلها السباع وهوام الارض إذا كان فيها ثمرها .
قال : وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يضرب أحد من المسلمين خلاءه تحت
شجرة أو نخلة قد أثمرت لمكان الملائكة الموكلين بها ، قال : ولذلك يكون
الشجر والنخل انسا إذا كان فيه حمله ، لان الملائكة تحضره ( 2 ) .
بيان : انسا بالضم مصدربمعنى المفعول وربما يقرأ بمضتين جمع الانوس
من الكلاب ، وهو ضد العقور ، ولا يخفى بعده ، وفي القاموس الحمل ثمر
الشجر ويكسر أو الفتح لما بطن من ثمره ، والكسر لما ظهر ، أو الفتح لما كان
في بطن أو على رأس شجرة ، والكسر لما على أو رأس ، أو ثمر الشجر بالكسر
مالم يكسر ويعظم فاذا كثر فبالفتح .
11 - معانى الاخبار : عن محمد بن أحمد السناني ، عن محمد بن جعفر
الاسدي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن محمد
ابن حمران ، عن أبيه ، عن أبى خالد الكابلي قال : قيل لعلي بن الحسين عليه السلام
أين يتوضأ الغرباء قال : يتقون شطوط الانهار ، والطرق النافذة ، وتحت
الاشجار المثمرة ، ومواضع اللعن ، قيل له : وما مواضع اللعن ؟ فقال : أبواب
الدور ( 3 ) .
* ( هامش ص 171 ) * ( 1 ) الخصال ج 2 ص 94 في حديث .
( 2 ) علل الشرايع ج 1 ص 263 في حديث
( 3 ) معانى الاخبار ص 368 .
[172]
بيان : قوله : " أين يتوضأ " المراد به التغوط أو الاعم منه ومن البول
والتخصيص بالغريب لان البلدي يكون له مكان معد لذلك غالبا ، قوله عليه السلام :
" أبواب الدور " يمكن أن يكون ذكر هذا على المثال ويكون عاما في كل ما يتأذي
به الناس ويلعنون صاحبه كما هو ظاهر اللفظ .
12 - الاحتجاج : روي أنه دخل أبو حنيفة المدينة ومعه عبدالله بن مسلم
فقال له : يا أبا حنيفة إن ههنا جعفر بن محمدمن علماء آل محمد صلى الله عليه وآله فاذهب بنا
نقتبس منه علما ، فلما أتيا إذا هما بجماعة من شيعته ينتظرون خروجه أو دخولهم
عليه : فبينماهم كذلك إذ خرج غلام حدث فقام الناس هيبة له ، فالتفت أبوحنيفة
فقال : يا ابن مسلم من هذا ؟ قال : هذا موسى ابنه ، قال : والله لاجبهنه بين يدي
شيعته ، قال : مه لن تقدر على ذلك ، قال : والله لافعلنه ثم التفت إلى موسى
عليه السلام فقال : يا غلام أين يضع الغريب حاجته في بلدتكم هذه ؟ قال : يتوارى
خلف الجدار ، ويتوقى أعين الجار ، وشطوط الانهار ، ومسقط الثمار ، ولايستقبل
القبلة ، ولا يستدبرها ، فحينئذ يضع حيث شاء الخبر ( 1 ) .
بيان : قال الجوهري : جبهته صككت جبهته ، وجبهته بالمكروه إذا
استقبلته به .
13 - العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لا تشرب
وأنت قائم ، ولا تطف بقبر ، ولا تبل في ماء نقيع ، فانه من فعل ذلك فأصابه
شئ فلا يلومن إلا نفسه ، ومن فعل فأصابه شئ من ذلك ، لم يكد يفارقه إلا
أن يشاء الله ( 2 ) .
بيان : قوله عليه السلام : " ولا تطف بقبر " استدل به على كراهة الدوران حول
القبور ، وأظن أن المراد بالطواف هنا الحدث بقرينة المقام وشواهد اخرى :
* ( هامش ص 172 ) * ( 1 ) الاحتجاج : 211 .
( 2 ) علل الشرايع ج 1 ص 268 .
[173]
منها أنه روي هذا الخبر عن محمد بن مسلم بسندين وفي أحدهما هذه العبارة
وفي الاخر مكانه التخلي على القبر ، فقد روى الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد
بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلا ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
من تخلى على قبر ، أوبال قائما ، أو بال في ماء قائم أو مشى في حذاء واحد ، أو
شرب قائما ، أوخلا في بيت وحده ، أو بات على غمر فأصابه شئ من الشيطان لم
يدعه إلا أن يشاء الله ، وأسرع ما يكون الشيطان إلى الانسان وهو على بعض
هذه الحالات ( 1 ) .
وعن عدة من أصحابه ، عن سهل ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن
صفوان ، عن العلا ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال : لاتشرب و
أنت قائم ، ولا تبل في ماء نقيع ، ولا تطف بقبر ، ولا تخل في بيت وحدك ، ولا
تمش بنعل واحدة ، فان الشيطان أسرع ما يكون إلى العبد إذا كان على بعض
هذه الاحوال وقال : إنه ما أصاب أحدا شئ على هذه الحال فكادأن يفارقه إلا
أن يشاء الله ( 2 ) .
والطوف بهذا المعنى شايع ومذكور في الحديث واللغة ، قال الفيروزآبادي :
طاف : ذهب ليتغوط ، وقال الجزري الطوف الحدث من الطعام ، ومنه الحديث
نهى عن متحدثين على طوفهما ، أي عندالغايط ، ومنه الحديث لا يصلى أحدكم
وهويدافع الطوف ، وفي ناظر عين الغريبين اطاف يطاف : قضى حاجته ( 3 ) .
14 - العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن الفضل بن عامر ، عن
البجلي ، عمن ذكره ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : طول
* ( هامش ص 173 ) * ( 1 ) الكافى ج 6 ص 533 .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 534 .
( 3 ) قد تعرض المؤلف قدس سره لذلك الحديث في كتاب المزار وشرحه شرحا
مفيدا ، راجع ج 100 ص 126 - 128 من هذه الطبعة .
[174]
الجلوس على الخلاء يورث البواسير ( 1 ) .
15 - الخصال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي
عن السكوني ، عن الصادق عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
البول قائما من غير علة من الجفاء ، والاستنجاء باليمين من الجفاء ( 2 ) .
بيان : الجفاء البعد عن الشئ ، وترك الصلة والبر ، وغلظ الطبع ، ولعل
المراد هنا البعد من الاداب ، ولا خلاف في كراهة البول قائما ، والاستنجاء باليمين
إلا إذا كانت اليسار معتلة .
16 - الخصال : عن حمزة بن محمد العلوي ، عن علي بن إبراهيم ، عن
أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال علي عليه السلام : سبعة لا يقرؤون القرآن : الراكع ، والساجد ، وفي الكنيف ، و
في الحمام ، والجنب ، والنفساء والحايض ( 3 ) .
بيان : اعلم أن أكثر الاصحاب حكموا بكراهة الكلام بغير ذكر الله ، و
آية الكرسى وحكاية الاذان ، والاخبار في قراءة القرآن مختلفة ، ففي بعضها
التجويز مطلقا ، وفي بعضها المنع مطلقا كهذا الخبر ، وفي الصحيح أنه سأل
عمر بن يزيد ( 4 ) أبا عبدالله عليه السلام عن التسبيح في المخرج ، وقراءة القرآن
فقال : لم يرخص في الكنيف أكثر من آية الكرسي ، ويحمد الله أو آية " الحمد
الله رب العالمين " .
ويمكن الجمع بالقول بالكراهة فيما سوى آية الكرسى والحمد لله رب
العالمين أو فيهما بخفة الكراهة ، ويمكن حمل أخبار المنع على التقية .
* ( هامش ص 174 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 264 .
( 2 ) الخصال ج 1 ص 28 .
( 3 ) الخصال ج 2 ص 10 .
( 4 ) التهذيب ج 1 ص 100 ط حجر الفقيه ج 1 ص 19 ط نجف .
[175]
10 - العلل ( 1 ) والعيون : عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن
محمد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن هاشم وغيره ، عن صفوان بن يحيى ،
عن الرضا عليه السلام أنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يجيب الرجل أحدا وهو على
الغايط أو يكلمه حتى يفرغ ( 2 ) .
18 - العلل : عن محمد بن أحمد السناني ، عن حمزة بن القاسم العلوي
عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن جعفر بن سليمان ، عن سليمان بن مقبل قال :
قلت لابي الحسن موسى عليه السلام : لاي علة يستحب للانسان إذا سمع الاذان أن
يقول كما يقول المؤذن ، وإن كان على البول والغايط ؟ قال : إن ذلك يزيد
في الرزق ( 3 ) .
19 - ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمدبن الحسن الصفار ،
عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال : قال عليه السلام :
يا ابن مسلم لا تدعن ذكر الله عزوجل على كل حال ، فلو سمعت المنادي ينادي
بالاذان وأنت على الخلاء فاذكر الله عزوجل وقل كما يقول ( 4 ) .
20 ومنه : عن علي بن أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عبدالله الكوفي
عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن
سالم ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : لا تتكلم على الخلاء
فان من تكلم على الخلاء لم تقض له حاجة ( 5 ) .
21 - ومنه : بهذا الاسناد ، عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 175 سطر 19 إلى صفحه 183 سطر 18

سمعت الاذان وأنت على الخلاء ، فقل مثل ما يقول المؤذن ولا تدع ذكر الله عز
وجل في تلك الحال ، لان ذكر الله حسن على كل حال .
ثم قال عليه السلام : لما ناجى الله عزوجل موسى بن عمران عليه السلام قال موسى :
* ( هامش ص 175 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 268 .
( 2 ) عيون الاخبار ج 1 ص 274 .
( 3 ) علل الشرايع ج 1 ص 269 و 270 .
( 4 و 5 ) علل الشرايع ج 1 ص 269 .
[176]
يارب أبعيد أنت مني فاناديك ؟ أم قريب فاناجيك ؟ فأوحى الله عزوجل إليه :
يا موسى أنا جليس من ذكرني ، فقال موسى عليه السلام : يارب إني أكون في حال
اجلك أن أذكرك فيها ، قال : يا موسى اذكرني على كل حال ( 1 ) .
بيان : لم تقض له حاجة أي الحاجة المخصوصة أو مطلقا والثاني أظهر .
التوحيد ( 2 ) والعيون : عن الحسين بن محمد الاشناني ، عن علي بن
مهرويه القزويني ، عن داود بن سليمان الفراء ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن موسى بن عمران عليه السلام لما ناجى ربه عزوجل قال
يارب أبعيد إلى آخر مامر ( 3 ) .
22 - ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن
النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام
إذا تكشف أحدكم لبول أوغير ذلك ، فليقل " بسم الله " فان الشيطان يغض
بصره عنه حتى يفرغ ( 4 ) .
بيان : يحتمل أن يكون غض البصر كناية عن عدم التعرض لوسوسته .
23 - محاسن البرقى : عن أبيه ، عن الحارث بن مهران ، عن عمرو بن
جميع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها
إجلالا للقبلة ، وتعظيما لها ، لم يقم من مقعدة حتى يغفر له ( 5 ) .
24 - ومنه : عن عثمان بن عيسى ، عن أبى بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : إن جل عذاب القبر في البول ( 6 ) .
* ( هامش ص 176 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 269 .
( 2 ) التوحيد ص 377 ط مكتبة الصدوق راجعه .
( 3 ) عيون الاخبار ج 1 ص 127 .
( 4 ) ثواب الاعمال ص 15
( 5 ) المحاسن ص 54 .
( 6 ) المحاسن ص 78 .
[177]
ثواب الاعمال : عن أبيه عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان
ابن عيسى مثله ( 1 ) .
25 - فقه الرضاعليه السلام : إذا دخلت الغائط فقل : " أعوذ بالله من الرجس
النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم " فاذا فرغت فقل : " الحمد لله الذي أماط عني
الاذى ، وهناني طعامي وعافاني ( 2 ) الحمدلله الذي يسر المساغ ، وسهل المخرج
وأماط الاذى " .
واذكرالله عند وضوئك وطهرك ، فانه يروى أن من ذكر الله عند
وضوئه طهر جسده كله ، ومن لم يذكر اسم الله على وضوئه طهر من جسده ما
أصابه الماء .
فاذا فرغت فقل : " اللهم اجعلنى من التوابين ، واجعلني من المتطهرين ،
والحمدلله رب العالمين " ( 3 ) .
بيان : قال في النهاية : فيه " أعوذ بك من الرجس النجس " الرجس
القذر ، وقد يعبر به عن الحرام ، والفعل القبيح ، والعذاب ، واللعنة ، والكفر
والمراد في الحديث الاول ، قال الفراء : إذا بدؤا بالنجس ، ولم يذكروا معه
الرجس فتحوا النون والجيم ، وإذا بدؤا بالرجس ثم أتبعوه النجس كسروا
النون وأسكنوا الجيم .
وقال : الخبيث ذو الخبث في نفسه ، والمخبث الذي أعوانه خبثاء كما
يقال للذي فرسه ضعيف مضعف ، وقيل : هو الذي يعلمهم الخبث ويوقعهم فيه ، و
إن جعلت نون الشيطان أصلية كان من الشطن بمعنى البعد أي بعد عن الخير ،
* ( هامش ص 177 ) * ( 1 ) ثواب الاعمال ص 205 .
( 2 ) زاد هناك في الفقيه [ من البلوى ] وهو الظاهر راجع ج 1 ص 20 وقد اختلط
على مطبوعة الكمبانى متن الكتاب بما ذكر في هامش أصل المؤلف قدس سره تذكرة وحاشية
ولفظه هكذا " فقيه : من البلوى " .
( 3 ) كتاب التكليف : 3 .
[178]
أو الحبل الطويل كأنه طال في الشر ، وإن جعلتها زائدة كانت من شاط يشيط
إذا هلك أو من استشاط غضبا إذا احتد في غضبه والتهب ، والاول أصح .
والرجيم لانه مرجوم بالكواكب لئلا يصعد إلى السماء أو رحيم يوم انزل
من السماء ، أو مرجوم بلعنة الله والملائكة والمؤمنين ، والاماطة الابعاد ، و
الاذى كل ما يؤذي ، والمراد هنا الفضلات المحتبسة في البطن ، والهنيئ ما أتاك
من غير مشقة .
وفي الفقيه " وعافاني من البلوى " والمساغ مصدر ميمي يقال ساغ الشراب
سوغا وسواغا : سهل مدخله ، وكأن هذا للشراب كما أن الاول للطعام ، والمراد
بالطهر الغسل أو الاستنجاء ، وكذا الفراغ يحتمل الفراغ من الاستنجاء ، بل هو
الظاهر من سياق الكتاب ، ولذاذكرنا ههنا .
26 - السرائر : من مشيخة الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي ،
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ثلاثة ملعون ، ملعون من
فعلهن : المتغوط في ظل النزال ، والمانع الماء المنتاب ، والساد الطريق
المسلوك ( 1 ) .
المقنع : مرسلا مثله ( 2 ) .
بيان : ظل النزال الظل المعد لنزول القوافل ، كموضع ظل شجرة أوجبل
أو نحو ذلك ، والمنتاب إما اسم مفعول صفة للماء ، أي الماء الذي يردون عليه
بالنوبة ، أو الماء الذي يأخذونه على التناب ، أو اسم فاعل فيكون مفعولا ثانيا
لمانع ، قال الجوهري : انتاب فلان القوم انتيابا أتاهم مرة بعد اخرى .
وسد الطريق إما بادخاله في ملكه ، أو بقطعه بالسرقة ، أوأخذ العشور
أوغيره : أو الظلم عليهم بأي وجه كان ، ثم المشهور في الاول الكراهة ، ويمكن
* ( هامش ص 178 ) * ( 1 ) السرائر : 473 .
( 2 ) المقنع : 3 .
[179]
القول في بعض أفراده بالحرمة ، كما إذا كان وقفا عليهم ، فان التصرف في الوقف على
غير الجهة التي وقف عليها غير جائز ، وفي غير هذه الصورة وأمثالها أيضا لا يبعد القول
بالحرمة ، لتضمنه لضرر عظيم على المسلمين عند نزولهم في الليالي وغيرها ، وعلى
القول بالكراهة لا ينافيها لفظ اللعن : فانه البعد من رحمة الله ، ويحصل بفعل
المكروه كما يحصل بالحرام .
27 - فلاح السائل : باسناده إلى أحمد ومحمد ابني أحمد بن علي [ بن
سعيد الكوفيين ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن يحيى بن زكريا ، عن الحسن
ابن علي ] ( 1 ) بن أبي حمزة البطائني ، عن أبيه والحسين بن أبي العلا معا ، عن
أبى بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : " إذ " خلت المخرج وأنت تريد الغائط فقل :
" بسم الله وبالله وأعوذ بالله من الرجس النجس الشيطان الرجيم ، إن الله هو السميع
العليم " فاذافرغت فقل : " الحمد لله الذي أماط عني الاذى ، وأذهب عني
الغائط ، وهنأني وعافاني ، والحمد لله الذي يسر المساغ ، وسهل المخرج و
أمضى ( 2 ) الاذى ( 3 ) .
28 - ومنه : باسناده ، عن علي بن محمد بن يوسف ، عن جعفر بن محمد بن
مسرور ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن محمدبن علي ، عن عبدالرحمن بن
أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن عمرو بن عبيد وواصل
ابن عطا وبشير الرحال سألوا أبا عبدالله عليه السلام عن حد الخلاء إذادخله الرجل ،
فقال : إذا دخل الخلاء قال : " بسم الله " فاذا جلس يقضي حاجته قال : " اللهم
أذهب عني الاذى وهنئني طعامي " فاذا قضى حاجته قال : " الحمد لله الذي أماط
عني الاذى ، وهنأني طعامي " .
ثم قال : إن ملكا موكلا بالعباد إذا قضى أحدهم الحاجة ، قلب عنقه
* ( هامش ص 179 ) * ( 1 ) مابين العلامتين سقط عن مطبوعة الكمبانى .
( 2 ) أماط خ ل .
( 3 ) فلاح السائل : 49 .
[180]
فيقول : يا ابن آدم ألا نتظر إلى ما خرج من جوفك ؟ فلا تدخله إلا طيبا ، وفرجك
فلا تدخله في الحرام ( 1 ) .
29 - مصباح الشيخ : إذاأراد أن يتخلى لقضاء الحاجة والدخول إلى
الخلاء ، فليغط رأسه ، ويدخل رجله اليسرى قبل اليمنى ، وليقل " بسم الله وبالله
أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم " وليقل إذا استنجى
" اللهم حصن فرجي ، واستر عورتي ، وحرمهما على النار ، ووفقني لما يقربني ( 2 )
منك يا ذا الجلال والاكرام " ثم يقوم من موضعه ويمر يده على بطنه ويقول :
" الحمد الله الذي أماط عني الاذى ، وهنأني طعامي وشرابى ، وعافاني من
البلوى " .
فاذا أراد الخروج من الموضع الذي تخلى فيه ، أخرج رجله اليمنى قبل
اليسرى ، فاذا خرج قال : " الحمدلله الذي عرفني لذته ، وأبقى في جسدي
قوته ، وأخرج عني أذاه ، يالها نعمة ! يالها نعمة ! يالهانعمة لا يقدر القادرون
قدرها " .
توضحيح : قال الفراء : أصل اللهم ياالله امنا بالخير ، أي اقصدنا به فخفف
لكثرة دورانه على الالسن ، والاكثر على أن أصله ياالله فحذفت حرف النداء
وعوض عنه الميم المشددة في آخره ، ورد الشيخ الرضي كلام الفراء بأنه يقال
اللهم لا تؤمهم بالخير ، وأورد عليه الشيخ البهائي وغيره بأنه لا منافاة بين امنا
بالخير ولا تؤمهم بالخير ، واجيب بأنه يمكن أن يكون مراده أنا ما سمعنا هذا
الكلام من العرب إلا خاليا عن العطف ، ولو كان الاصل يا الله امنا بالخير لكان
الافصح بعده ولا تؤمهم بالخير بالعطف لعدم تحقق شئ من أسباب الفصل ، ويمكن أن
يجاب بأن وجوب عطف إحدى الجملتين المتناسبتين على الاخرى فيماإذا كانت
الجملتان مذكورتين حقيقة ، وكون ما نحن فيه من هذاالقبيل محل تأمل .
والاظهر أن يقال : إن مراده أنه يقال : اللهم لا تؤمنا بالخير وهو يدل
* ( هامش ص 180 ) * ( 1 ) المصدر ص 49 وص 50 . ( 2 ) لما يرضيك عنى خ ل .
[181]
على ما ينافي ما ذهب إليه الفراء ، للزوم رجوع الكلام حينئذ إلى طلب النقيضين
والتعبير عن أمثال هذه العبارات الدالة على أمر غير لايق بالمتكلم بعنوان
الغيبة ، وإن كان في الاصل موضوعا على التكلم ، شايع مستعمل في التنزيل والاخبار
وكلام الفصحاء ، كما قال تعالى : " أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين " ( 1 )
وقوله : " وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين " ( 2 ) وأمثاله أكثر من
أن تحصى .
قوله : " حصن فرجي " في بعض النسخ بعده " وأعفه " كما في سائر الروايات
وتحصين الفرج وإعفافه هو صونه عن الحرام ، كما ذكره الجوهري ، فعطف
الاعفاف عليه تفسيرى ، ويمكن أن يكون الحصين من المحرمات ، والاعفاف من
المكروهات ، والشبهات .
والعورة العيوب لانها في اللغة كل ما يستحى منه ، والضمير في " حرمهما "
يحتمل عوده إلى الفرج والعورة ، نظر إلى اختلاف اللفظين ، بناء على أن المراد
بالعورة أيضا الفرج ، وعلى ما ذكرنا راجع إلى الفرجين بقرينة المقام ، أو
يرتكب تجوزفي إسناد التحريم إلى العورة ، وربما يقرأ " عورتي " بالياء المشددة
على صيغة التثنية فلا إشكال ، وفي أكثر نسخ الحديث " وحرمني " .
وفسر الجلال بصفات القهر ، والاكرام بصفات اللطف ، أو الجلال بالسلبية
والاكرام بالثبوتية ، أو الجلال الاستغناء المطلق ، والاكرام الفضل العام .
قوله عليه السلام : " لذته " الضمائر الثلاثة راجعة إلى الطعام بقرينة المقام " يا
لها نعمة " " يا " حرف تنبيه أو حرف نداء ، واللام للتعجب ، نحويا للماء ويا
للدواهي ، والضمير في " لها " مبهم يفسره قوله : نعمة ، على نحو ما قيل في
ربه رجلا أو راجع إلى النعم المذكورات أو إلى مادل عليه المقام من النعم ، ونعمة
منصوب على التمييز والتنوين للتفخيم ، أي يا قوم تعجبوا أو تنبهوا لنعمة عظيمة
* ( هامش ص 181 ) * ( 1 ) النور : 7 .
( 2 ) النور : 9 .
[182]
لا يقدر القادرون قدرها أي لا يطيق المقدرون تقديرها ، أولا يعظمونها حق
تعظيمها ، على وزان قوله تعالى : " وما قدروا الله حق قدره " ( 1 ) أي ما عظموا
الله حق تعظيمه ، ويظهر من بعض الاخبار تكرير قوله : " لا يقدر القادرون قدرها "
أيضا ثلاثا .
30 - مشكوة الانوار : نقلا من المحاسن عن الباقر عليه السلام قال : من تخلى
على قبر أو بال قائما أو بال في ماء قائما أومشى في حذاء واحد أوشرب قائما أو
خلافي بيت واحدا أو بات على غمر فأصابه شئ من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء الله
وأسرع ما يكون الشيطان إلى الانسان وهو على بعض هذه الحالات ( 2 ) .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ترك الكلام في الخلاء يزيد في الرزق ( 3 ) .
31 - تفسير النعمانى : عن علي عليه السلام في قوله عزوجل : " قل للمؤمنين
يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم " ( 4 ) معناه لا ينظر أحدكم
إلى فرج أخيه المؤمن أو يمكنه من النظر إلى فرجه ، ثم قال : " قل للمؤمنات
يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن " أي مما يلحقهن من النظر كما جاء في
حفظ الفروج فالنظر سبب إيقاع الفعل من الزنا وغيره ( 5 ) .
32 - المقنع : سئل أبوالحسن الرضا عليه السلام ما حد الغائط ؟ فقال : لا
تستقبل القبلة ، ولا تستدبرها ، ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها ( 6 ) .
33 - مجالس الشيخ ( 7 ) والمكارم : في وصية النبي صلى الله عليه وآله لابي ذر
* ( هامش ص 182 ) * ( 1 ) الانعام : 91
( 2 ) مكشاة الانوار ص 318 .
( 3 ) مكشاة الانوار ص 129 في حديث .
( 4 ) النور 30 و 31 .
( 5 ) تفسير النعمانى المطبوع في البحار ج 93 ص 51 ، وتراه في الكتاب المعروف
بالمحكم والمتشابه ص 64 .
( 6 ) المقنع : 3 .
( 7 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 147 .
[183]
قال : يا أباذر استحي من الله فاني والذي نفسي بيده لاظل حين أذهب إلى الغائط
متقنعا بثوبي استحياء من الملكين اللذين معي .
يا أباذر أتحب أن تدخل الجنة ؟ قلت : بلى يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال : فاقصر
الامل ، واجعل الموت نصب عينك ، واستحي من الله حق الحياء ( 1 ) .
بيان : المشهور بين الاصحاب استحباب تغطية الرأس في الخلاء ، والذي
يظهر من الاخبار والتعليلات الواردة فيها وفي كلام بعض الاصحاب أنه يستحب
التقنيع بأن يسدل على رأسه ثوبا يقع على منافذ الرأس ، ويمنع وصول الرائحة
الخبيثة إلى الدماغ ، وإن كان متعمما ( 2 ) وهذاأظهر وأحوط .
* ( هامش ص 183 ) * ( 1 ) مكارم الاخلاق ص 546 .
( 2 ) قال الشيخ المفيد في المقنعة ص 3 ، وترى نصه في التهذيب ج 1 ص 24 ط
نجف : ومن أراد الغائط فليرتد موضعا يستتر فيه عن الناس بالحاجة ، وليغط رأسه ان
كان مكشوفا ليأمن بذلك من عبث الشيطان ومن وصول الرائحة الخبيثة إلى دماغه ، وهو
سنة من سنن النبى صلى الله عليه وآله وفيه اظهار الحياء من الله تعالى لكثرة نعمه على العبد وقلة
الشكر منه " .
أقول : لم يكن يعرف في عهد النبى صلى الله عليه وآله وبعده بقليل في جزيرة العرب لافى مكة
ولا مدينة مصانع يختزن فيها الماء في الدار ، ولابيت الخلاء للبراز ، فكانوا عندالحاجة
يبرزون من الدار ويطوفون هكذا وهكذا ليرتادوا خلوة من الناس ويتخلون ، وربما وجد
الرجل خلوة وقعد للغائط ، واذا رجل أو امرءة طلع من جانب يمر عليه ، فيراه ويعرفه


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 183 سطر 19 إلى صفحه 191 سطر 18

فيخجل استحياء منه .
ولذلك كان صلوات الله وسلامه عليه يرتاد لغائطه ، واذا كان مع أصحابه ذهب فأبعد
حتى لا يراه أحد ولا يجلس معذلك الا بعدأن يغطى رأسه بردائه أو غير ذلك ، ولذلك
قالوا : انه صلى الله عليه وآله مارئى على غائط قط ، وقصته مع غورث بن الحارث المحاربى في غزوة ذات
الرقاع معروفة حيث خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ليقضى حاجته فجعل بينه وبين أصحابه الوادى .
[184]
34 - محاسن البرقى : عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن حماد بن
عثمان أو حماد بن عيسى ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال لقمان لابنه : إذا سافرت
مع قوم فأكثر استشارتهم إلى أن قال : وإذا أردت قضاء حاجتك ، فأبعد المذهب
في الارض ( 1 ) .
بيان : يدل على استحباب الذهاب في الارض ، ولعله ليستر بدنه عن الناس
كما ذكره الاصحاب ، ويدل على عليه ساير الاخبار .
35 - مجمع البيان : عن أبي عبدالله عليه السلام في وصف لقمان عليه السلام قال : لم يره
أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستره وتحفظه في أمره .
ثم قال - ره - : وقيل : إن مولاه دخل المخرج فأطال الجلوس فناداه لقمان إن
طول الجلوس على الحاجة يفجع الكبد ، ويورث منه الباسور ، ويصعد الحرارة
* ( هامش ص 184 ) * فهذا سنة النبى صلى الله عليه وآله في ذاك العهد ، ووجهه معلوم ، فليستن بسنته صلى الله عليه وآله من كان
له حاجته في الصحارى والبرارى والجبال والاكام ، وأما في بيت الخلاء وهو مستور
من الجوانب الست كما هو المعهود الان فلا معنى لذلك ، ولا خجل ولااستحياء ، الا اذا
كان البيت منتابا عموميا . واذاخرج الرجل واجهه بعض معاريفه حين خروجه من بيت
الخلاء فيخجل - ان كان هناك خجل - فليستتر رأسه ووجهه بردائه لئلا يعرفه الناس .
وأما ما رواه الشيخ دليلا على ما ذكره المفيد ص 24 من التهذيب باسناده عن على
ابن أسباط أو رجل عنه عمن رواه [ عن زرارة ] خ ل . عن أبى عبدالله ( ع ) أنه كان يعمله
اذا دخل الكنيف : يقنع رأسه ويقول سرا في نفسه " بسم الله وبالله " فليس فيه دلالة ، فان
الكنيف ليس الا بمعنى الحظيرة ، كماهو اليوم معمول في بعض البلدان والقرى ، وهو عبارة
عن حيطان قصيرة حول مبرز البئر بحيث اذا قعد المتخلى لا يراه أحد ، أوقد يرى رأسه
أحيانا ، فالتخلى في هذه الكنف كالتخلى في البرارى والجبال والاودية ، يستحب الاخذ بسنة
النبى صلى الله عليه وآله لمن كان مستحيا ، كما قال الصادق ( ع ) .
( 1 ) المحاسن ص 375 .
[185]
إلى الرأس ، فاجلس هونا ، وقم هونا . قال : فكتب حكمته على باب الحش ( 1 ) .
بيان : في النهاية : الهون : الرفق واللين والتثبت ، ومنه الحديث احبب
حبيبك هونا ما أي حبا مقتصدا لا إفراط فيه ، وفي القاموس : هان هونا سهل ، و
قال : الحش مثلثة المخرج ، لانهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين .
36 - شرح النفلية : للشهيد الثاني عن النبي صلى الله عليه وآله أنه لم يرعلى بول
ولا غائط .
قال : وقال عليه السلام : من أتى الغائط فليستتر ( 2 ) .
37 - كشف الغمة عن جنيد بن عبدالله قال : نزلنا النهروان ، فبرزت
عن الصفوف ، وركزت رمحي ، ووضعت ترسي ، واستترت من الشمس ، فاني
لجالس إذ ورد علي أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا أخا الازد ! معك طهور ؟ قلت :
نعم ، فناولته الاداوة فمضى حتى لم أره وأقبل وقد تطهر فجلس في ظلل الترس
الحديث ( 3 ) .
38 - العلل : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن العمركي ، علي بن بن
جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : أوحى الله إلى موسى عليه السلام :
يا موسى لاتفرح بكثرة المال ، ولا تدع ذكري على كل حال ، فان كثرة المال
تنسي الذنوب ، وإن ترك ذكري يقسي القلوب ( 4 ) .
39 - الخصال : عن أحمد بن محمدبن يحيى ، عن أبيه ، عن الحسين بن
إسحاق ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي
عبدالله عليه السلام مثله ( 5 ) .
* ( هامش ص 185 ) * ( 1 ) مجمع البيان ج 8 ص 317 .
( 2 ) شرح النفلية ص 17 .
( 3 ) كشف الغمة ج 1 ص 381 وص 80 حجر .
( 4 ) علل الشرايع ج 1 ص 77 .
( 5 ) الخصال ج 1 ص 20 .
[186]
40 - قرب الاسناد : عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر
عن أبيه عليهما السلام قال : كان أبي يقول : إذا عطس أحدكم وهو على خلاءفليحمد الله في
نفسه ( 1 ) .
بيان : " في نفسه " أي من غير أن يتكلم به أوسرا جمعا بينه وبين مادل
على استثناء التحميد بل مطلق الذكر .
41 - الخصال : عن محمد بن علي ما جيلويه ، عن محمد بن يحيى ، عن أبي سعيد
الادمي ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن محمد بن سعيد بن غزوان ، عن إسماعيل
ابن أبي زياد ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام ، عن علي عليه السلام قال : طول الجلوس
على الخلاء يورث الباسور ( 2 ) .
بيان : في القاموس الباسور علة معروفة ، والجمع البواسير .
42 - عيون الاخبار : عن محمد بن علي بن شاه ، عن أبي بكر بن عبدالله
النيشابوري ، عن عبدالله بن أحمد الطائي ، عن أبيه وعن أحمد بن إبراهيم الخوري
عن إبراهيم بن مروان ، عن جعفر بن محمد بن زياد ، عن أحمد بن عبدالله الهروي .
وعن الحسين بن محمد الاشناني ، عن علي بن محمد بن مهرويه ، عن داودبن سليمان
كلهم عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام ، عن الحسين بن علي عليهما السلام أنه دخل
المستراح فوجد لقمة ملقاة ، فدفعها إلى غلام له ، فقال له : يا غلام اذكرني بهذه اللقمة
إذاخرجت ، فأكلها الغلام ، فلما خرج الحسين عليه السلام قال : يا غلام اللقمة ! قال :
أكلتها يا مولاي ، قال : أنت حرلوجه الله .
قال له رجل : أعتقته يا سيدي ؟ قال : نعم سمعت جدى رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول : من وجد لقمة فمسح منها أو غسل منها ثم أكلها لم تستقر في جوفه إلا أعتقه
الله من النار ، ولم أكن أستبعد رجلا أعتقه الله من النار ( 3 ) .
* ( هامش ص 186 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 50 ط نجف .
( 2 ) الخصال ج 1 ص 12 .
( 3 ) عيون الاخبار ج 2 ص 43 .
[187]
ورواه في صحيفة الرضا باسناده مثله ( 1 ) .
بيان : رواه في الفقيه ( 2 ) مرسلا عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ولا تنافي بينهما
لا مكان صدوره عنهما عليهما السلام وفي الفقيه دخل أبوجعفر عليه السلام فوجد لقمة خبز في القذر
فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك كان معه إلى آخر الخبر .
واستدل به على كراهة الاكل في الخلاء ، وإلا لما أخر عليه السلام الاكل
مع شدة اهتمامه بذلك .
والقذر بمعنى الوسخ أو النجس ، فان كانا يابسين فالغسل على الاستحباب
وعلى الثاني لو كان رطبا فيمكن أن يكون الغسل في الجاري ومثله على المشهور
والترديد في هذا الخبر إما على التخيير استحبابا بناء على عدم النجاسة ، أو المسح
على عدم النجاسة ، والغسل على النجاسة ، فيدل إطلاقه على جواز الغسل بالقليل
ولا ينافيه مايدل على عدم جواز تطهير العجين ، والامر بدفنه أو طرحه أو بيعه
ممن يستحل الميتة ، إذ الفرق بينهمابين ، إذ لا يصل الماء إلى أجزاء العجين ، و
إن وصل يصير مضافا بخلاف الخبز ، لا سيما يابسه ، فانه يصل الماء إلى الاجزاء
التي وصلت إليها النجاسة .
قال في التذكرة : العجين النجس إذا مزج بالماء الكثير حتى صار رقيقا و
تخلل الماء جميع أجزائه طهر ، وظاهره في النهاية والمنتهى عدم قبوله للتطهير
بالماء ، وقال في المنتهى : الصابون إذا انتقع في الماء النجس والسمسم والحنطة إذا
انتقعا كان حكمها حكم العجين ، يعني في عدم قبول التطهير بالماء ، ثم قوى قبولها
للطهارة إذا غسلت مرارا ثم تركت حتى تجف .
وذكر بعض المحققين في توجيه الاخبار الموهمة لعدم تطهير العجين : السر
فيه توقف تطهيره بالماء على الممازجة والنفوذ في أجزائه ، بحيث يستوعب كل
ما أصابه الماء النجس ، إذ المفروض في الاخبار عجنه بماء نجس ، وفي ذلك
* ( هامش ص 187 ) * ( 1 ) صحيفة الرضا ( ع ) ص 31 .
( 3 ) فقيه من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 18 .
[188]
من المشقة والعسر مالا يخفى ، فلذا وقع العدول عنه إلى الوجهين المذكورين
انتهى .
ثم إن الخبر يدل على مرجوحية استخدام أهل الفضل والصلاح
في الجملة .
أقول : وقد مر بعض الاداب في الباب السابق .
43 - كتاب المسائل : بالاسناد عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام
قال : سألته عن الرجل يجامع ويدخل الكنيف وعليه خاتم فيه ذكر الله ، أو شئ
من القرآن ، أيصلح ذلك ؟ قال : لا ( 1 ) .
44 - نوادر الراوندى : عن عبدالواحد بن إسماعيل الرويانى ، عن محمد بن
الحسن التميمي ، عن سهل بن أحمد الديباجي ، عن محمد بن محمد بن الاشعث ، عن موسى
ابن إسماعيل بن موسى ، عن أبيه ، عن جده موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : البول في الماء القائم من الجفاء ( 2 ) .
وبهذا الاسناد قال : قال علي عليه السلام : علمني رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخلت
الكنيف أن أقول : " اللهم إني أعوذ بك من الخبيث المخبث النجس الرجس
الشيطان الرجيم " ( 3 ) .
وبهذا الاسناد قال : قال الباقر عليه السلام : قال أبي علي بن الحسين عليهما السلام : يا بني
اتخذ ثوبا للغايط ، فانى رأيت الذباب يقعن على الشئ الرقيق ثم يقعن علي ، قال :
ثم أتيته فقال : ما كان للنبي ولالاصحابه إلا ثوب واحد ( 4 ) .
وبهذا الاسناد قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطمح الرجل ببوله من السطح
* ( هامش ص 188 ) * ( 1 ) البحار ج 10 ص 286 ، وتراه في قرب الاسناد ص 121 ط حجر .
( 2 ) نوادر الراوندى ص 40 .
( 3 ) نوادر الراوندى ص 53 .
( 4 ) نوادر الراوندى ص 53 ، وزاد بعده : فرفضه
[189]
في الهواء ، ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد للقبلة ( 1 ) .
توضيح : لعل قوله عليه السلام أخيرا : " ما كان للنبي صلى الله عليه وآله " لبيان كون ما
ذكره أولا على الاستحباب والفضل ، لاعلى الوجوب ، أو على الاختيار و
السهولة ، لا العسر والاضطرار ، والمراد بالرقيق المايع ، والاظهر عدم الحكم
بنجاسة الثوب بظهور بقاء النجاسة رطبة على الذباب ، إذ الاصل عدم علوق شئ من
النجاسة ، فلابد من العلم به ، وبقاء الرطوبة ، وإن كان موافقا للاصل ، لكنه
معارض بأصالة طهارة الثوب ، وتبقى أصالة براءة الذمة من التكليف بأحكام
النجاسة حينئذ .
قال الشهيد قدس سره في الذكرى : لو طارت الذبابة عن النجاسة إلى الثوب
أو الماء فعند الشيخ عفو ، واختاره المحقق في الفتاوى لعسر الاحتراز ، ولعدم
الجزم ببقائها لجفافها بالهواء ، قال : وهو يتم في الثوب دون الماء ، ونوقش في
ذلك بأن المتقضي لعدم تمام الحكم في الماء موجود في الثوب من رطوبته ، فلا
يستقيم إطلاق القول فيه ، مع أنه على ماهو المشهور من الاكتفاء بزوال العين في
الحيوان لا وجه للفرق أصلا .
والتطميح في البول هو أن يرمي به في الهواء من موضع مرتفع كما يدل
عليه هذه الرواية وغيرها ، وأما ما يوهمه كلام بعض اللغويين من أن المراد به
البول إلى جهة الفوق فهو غير مراد ، ويرد عليه إشكال ، وهو أنه مناف لما مر
وذكره الاصحاب من استحباب ارتياد مكان مرتفع للبول ، ويمكن الجمع بينهما
بأن يقال : المستحب ارتفاع يسير يؤمن معه من النضح وعود البول ، والمكروه
مايخرج عن هذا الحد ، ويكون ارتفاعا كثيرا ، ثم إنه على هذا التقدير هل
البول في البلاليع العميقة هكذا حكمه أم لا ؟ محل إشكال ، والقول بعدم الكراهة
لا يخلو من قوة .
45 - نقل من خط الشهيد - رحمه الله - : عن النبى صلى الله عليه وآله قال : كان نوح
* ( هامش ص 189 * ) ( 1 ) نوادر الراوندى ص 54 وفيه " يطيح " بدل " يطمح "
[190]
كبير الانبياء إذا قام من الحاجة قال : " الحمد لله الذي أذاقني طعمه ، وأبقى في
جسدى منفعته ، وأخرج عني أذاه ومشقته " .
46 - الخصال : عن علي بن أحمد بن موسى ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا
عن بكر بن عبدالله بن حبيب ، عن ابن عبيد ، عن هدية بن خالد القيسي ، عن
مبارك بن فضالة ، عن الاصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام للحسن ابنه :
يا بني ألا اعلمك أربع خصال تستغني بها عن الطب ؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين
قال : لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع ، ولا تقم على الطعام إلا وأنت تشتهيه
وجود المضغ ، وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء ، فاذا استعملت هذا استغنيت
عن الطب ( 1 ) .
دعوات الراوندى : عنه عليه السلام مثله .
47 - عدة الداعى : روى الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لا بأس
بذكر الله وأنت تبول ، فان ذكر الله حسن على كل حال ، ولا تسأم من
ذكر الله .
وعنه عليه السلام فيما اوحي إلى موسى عليه السلام : يا موسى لا تفرح بكثرة المال ، ولا
تدع ذكري على كل حال ، فان كثرة المال تنسي الذنوب ، وإن ترك ذكري
يقسي القلوب .
وعن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : مكتوب في التوراة التي لم تغير
أن موسى سأل ربه فقال : إلهي يأتي علي مجالس اعزك واجلك أن أذكرك
فيها ، فقال : يا موسى إن ذكري على كل حال حسن ( 2 ) .
48 - الهداية : السنة في دخول الخلاء أن يدخل الرجل رجله اليسرى
قبل اليمني ، ويغطي رأسه ، ويذكر الله عزوجل ، ولا يجوز التغوط على شطوط
الانهار ، والطرق النافذة ، وأبواب الدور ، وفئ النزال ، وتحت الاشجار
* ( هامش ص 190 ) * ( 1 ) الخصال ج 1 ص 109 .
( 2 ) عدة الداعى ص 186
[191]
المثمرة ، ولا يجوز البول في حجرولا ماء راكد ، ولابأس بالبول في ماء جار ،
ولايجوز أن يطمح الرجل ببوله في الهواء ، ولا يجوز أن يجلس للبول والغائط
مستقبل القبلة ولا مستدبرها ، ولا مستقبل الهلال ولا مستدبره ( 1 ) .
ويكره الكلام والسواك للرجل وهو على الخلاء .
وروي أن من تكلم على الخلاء لم تقض حاجته ، والسواك على الخلاء ، يورث
البخر ، وطول الجلوس على الخلاء يورث الباسور .
وعلى الرجل إذا فرغ من حاجته أن يقول : " الحمد لله الذي أماط عني
الاذى ، وهنأني الطعام ، وعافاني من البلوى " ولا بأس بذكر الله على الخلاء
لان ذكر الله حسن على كل حال ، ومن سمع الاذان وهو على الخلاء ، فليقل
كما يقول المؤذن .
ولا يجوز أن يبول الرجل قائما من غير علة ، لانه من الجفاء ، ويكره
للرجل أن يدخل الخلاء ومعه مصحف فيه القرآن ، أودرهم عليه اسم الله ، إلا
أن يكون في صرة ، ولايجوز أن يدخل الخلاء ومعه خاتم عليه اسم الله ، فاذا دخل وهو
عليه فليحوله عن يده اليسرى إذا أراد الاستنجاء .
فاذا أراد الخروج من الخلاء فليخرج رجله اليمنى قبل اليسرى ، ويمسح
يده على بطنه ، وهو يقول : " الحمدلله الذي عرفني لذته ، وأبقى قوته في جسدي
وأخرج عني أذاه ، يالها نعمة ! " ثلاث مرات ( 2 ) .
49 - وجدت : بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي ، نقلا من جامع البزنطي


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 191 سطر 19 إلى صفحه 199 سطر 18

عن أبي بصير عن الباقر عليه السلام قال : لا تشرب وأنت قائم ، ولا تنم وبيدك ريح الغمر ولا
تبل في الماء ، ولا تخل على قبر ، ولا تمش في نعل واحدة فان الشيطان أسرع مايكون
[ إلى الانسان ] ظ على بعض هذه الاحوال ، وقال : ما أصاب أحدا على هذه الحال
فكاد يفارقه إلا أن يشاء الله .
* ( هامش ص 191 ) * ( 1 ) الهداية : 15 .
( 2 ) المصدر نفسه ص 16 .
[192]
50 - الخصال : للصدوق ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمدبن
عيسى اليقطيني ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير
ومحمد بن مسلم ، عن الصادق عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام
لايبولن الرجل من سطح في الهواء ، ولا يبولن في ماء جار ، فان فعل ذلك فأصابه
شئ فلا يلومن إلا نفسه ، فان للماء أهلا وللهواء أهلا ( 1 ) .
وقال عليه السلام : إذا بال أحدكم فلا يطمحن ببوله ، ولا يستقبل ببوله الريح ( 2 ) .
وقال عليه السلام : لا تبل المحجة ، ولا تتغوط عليها ( 3 ) .
وقال عليه السلام : لا تعجلوا الرجل عند طعامه حتى يفرغ ، ولا عند غائطه
حتى يأتى على حاجته ( 4 ) .
51 - دعائم الاسلام : روينا عن أهل البيت عليهم السلام أنهم أمروا بستر العورة ،
وغض البصر عن عورات المسلمين ونهوا المؤمن أن يكشف عورته ، وإن كان بحيث
لا يراه أحد .
وإن بعضهم صلوات الله عليهم نزل إلى الماء وعليه إزار ولم ينزعه ، فقيل
له : قد نزلت في الماء واستترت به فانزعه ! قال : فكيف بساكن الماء .
ونهوا عن الكلام في حال الحدث والبول ، وأن يرد سلام من سلم عليه
وهو في تلك الحالة ( 5 ) .
ورووا أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا دخل الخلاء تقنع وغطى رأسه ولم يره
أحد ، وأنه كان إذا أراد قضاء حاجة في السفر أبعد ماشاء ، واستتر .
وقالوا : من فقه الرجل ارتياد مكان الغائط والبول والنخامة ، يعنون عليهم السلام
* ( هامش ص 192 ) * ( 1 ) الخصال ج 2 ص 156 في حديث الاربعمائة .
( 2 ) الخصال : ج 2 ص 157 في حديث الاربعمائة .
( 3 ) المصدر ج 2 ص 169 .
( 4 ) المصدر ج 2 ص 163 .
( 5 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 103 .
[193]
أن لا يكون ذلك بحيث يراه الناس .
وروينا عن بعضهم عليهم السلام أنه أمر بابتناء مخرج في الدار فأشاروا إلى
موضع غير مستتر من الدار ، فقال : يا هؤلاء أن الله عزوجل لما خلق الانسان
خلق مخرجه في أستر موضع منه ، وكذا ينبغي أن يكون المخرج في أستر موضع
في الدار .
وعنهم صلوات الله عليهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : البول في الماء القائم من
الجفاء ، ونهي عنه وعن الغائط فيه ، وفي النهر ، وعلى شفير البئر يستعذب من
مائها ، وتحت الشجرة المثمرة ، وبين القبور ، وعلى الطرق والافنية ، وأن
يطمح الرجل ببوله من المكان العالي ، ومن استقبال القبلة واستدبارها في حال
الحدث والبول ، وأن يبول الرجل قائما وأمر بالتوقي من البول والتحفظ منه
ومن النجاسات كلها . ورخصوا في البول والغايط في الانية .
وروينا عن علي عليه السلام أنه كان إذا دخل المخرج لقضاء الحاجة قال :
" بسم الله اللهم إني أعوذبك من الرجس النجس الخبيث الشيطان الرجيم "
فاذا خرج قال : " الحمد الله الذي عافاني في جسدي ، والحمد لله الذي أماط
عني الاذى " .
وعن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال : إذادخلت المخرج : فقل : " بسم
الله وبالله أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم اللهم
كما أطعمتنيه في عافية فأخرجه مني في عافية " فاذا فرغت فقل : " الحمد لله الذي
أماط عني الاذي وهنأني طعامي وشرابي " ( 1 ) .
52 - توحيد المفضل : برواية محمد بن سنان عنه ، عن أبي عبدالله عليه السلام
أنه قال : اعتبرالان يا مفضل بعظم النعمة على الانسان في مطعمه ومشربه ، و
تسهيل خروج الاذى ، أليس من خلق التقدير في بناء الدار أن يكون الخلافي
* ( هامش ص 193 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 104 و 105 .
[194]
أستر موضع منها ، فهكذا جعل الله سبحانه المنفذ المهيأ للخلاء من الانسان في
أستر موضع منه ، ولم يجعله بارزا من خلفه ، ولا ناشرا من بين يديه ، بل هو مغيب
في موضع غامض من البدن ، مستور محجوب ، يلتقي عليه الفخذان ، وتحجبه
الاليتان بما عليهما من اللحم ، فيواريانه فاذا احتاج الانسان إلى الخلاء ، جلس
تلك الجسلة ألفى ذلك المنفذ منه منصبا مهيا لانحدار السفل ، فتبارك من تظاهرت
آلاؤه ولا تحصى نعماؤه ( 1 ) .
53 - العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم قال : أول حد من
حدود الصلاة هو الاستنجاء ، وهو أحد عشر ، لابد لكل الناس من معرفتها
وإقامتها ، وذلك من آداب رسول الله صلى الله عليه وآله .
فاذا أراد البول والغايط فلا يجوز له أن يستقبل القبلة بقبل ولا دبر ، و
العلة في ذلك أن الكعبة أعظم آية لله في أرضه وأجل حرمه فلا تستقبل بالعورتين
القبل والدبر ، لتعظيم آية الله وحرم الله وبيت الله .
ولا يستقبل الشمس والقمر ، لانهما آيتان من آيات الله ليس في السماء أعظم
منهما لقول الله تعالى : " وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل " ( 2 ) و
هو السواد الذي في القمر " وجعلنا آية النهار مبصرة " الاية وعلة اخرى أن
فيها نورا مركبا فلا يجوزأن يستقبل ولا دبر إذا كانت من آيات الله ، وفيها
نور من نور الله .
ولايستقبل الريح لعلتين إحداهما أن الريح يردالبول ، فيصيب الثوب
وربما لم يعلم الرجل ذلك ، أولم يجد ما يغسله ، والعلة الثانية أن مع الريح
* ( هامش ص 194 ) * ( 1 ) توحيد المفضل المطبوع في البحار ج 3 ص 76 من طبعتنا هذه وقال المؤلف
في بيانه : ألفى أى وجد ، وقوله " منصبا " اما من الانصباب كناية عن التدلى أو من
باب التفعيل من النصب قال الفيروز آبادى : نصب الشئ وضعه ورفعه ضد ، كنصبه فانتصب
وتنصب .
( 2 ) أسرى : 12 .
[195]
ملكا فلا يستقبل بالعورة .
ولايتوضأ على شط نهر جار ، والعلة في ذلك أن في الانهار سكانا
من الملائكة .
ولا في ماء راكد ، والعلة فيه أنه ينجسه ويقذره ، فيأخذ المحتاج منه فيتوضأ
منه ، ويصلي به ولا يعلم ، أو يشربه أو يغتسل به .
ولا بين القبور ، والعلة فيه أن المؤمنين يزورون قبروهم فيتأذون به .
ولا في فيئ النزال لانه ربما نزله الناس في ظلمة الليل فيظلوافيه ويصيبهم
ولايعلموا .
ولافي أفنية المساجد أربعون ذراعا في أربعين ذراعا لانهاحرم ولها
حريم ، لقول الصادق عليه السلام : حريم المساجد أربعون ذراعا في أربعين ذراعا .
ولا تحت شجرة مثمرة لقول الصادق عليه السلام ما من ثمرة ولا شجرة ولا غرسة
إلا ومعها ملك يسبح الله ويقدسه ويهلله فلا يجوز ذلك لعلة الملك الموكل بها
ولئلا يستخف بماأحل الله .
ولا على الثمار لهذه العلة .
ولا على جواد الطريق والعلة فيه أنه ربما وطئه الناس في ظلمة الليل .
ولا في بيت يصلي فيه ، والعلة فيه أن الملائكة لايدخلون ذلك البيت ،
فهذه حدود الاستنجاء وعللها .
54 - فلاح السائل : باسناده ، عن هارون بن موسى التلعكبري رضوان
الله عليه عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن يحيى بن زكريابن شيبان ، عن الحسن بن
علي بن أبي حمزة البطائني ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا
دخلت إلى المخرج وأنت تريد الغائط فقل " بسم الله وبالله أعوذ بالله من الخبيث
المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم ، إن الله هو السميع العليم " ( 1 ) .
55 - جنة الامان : رأيت في بعض كتب أصحابناأن رجلا جاء إلى النبي
* ( هامش ص 195 ) * ( 1 ) فلاح السائل ص 49 .
[196]
صلى الله عليه وآله وشكى إليه الشدة والعسر والحزن في جميع الاحوال ، و
كثرة الهموم ، وتعسر الرزق ، فقال صلى الله عليه وآله : لعلك تستعمل ميراث الهموم ؟ فقال :
وما ميراث الهموم ؟ قال : لعلك تتعمم من قعود ، أو تتسرول من قيام ، أو تقلم
أظفارك بسنك ، أو تمسح وجهك بذيلك ، أو تبول في ماء راكد ، أو تنام منبطحا على
وجهك الخبر ( 1 ) .
56 - مجموع الدعوات : لابن التلعكبري في حديث عن الصادق عليه السلام في
نقش الحديد الصيني قال : واحذر عليه من النجاسة والزهومة ، ودخول الحمام
والخلاء الخبر .
* ( هامش ص 196 ) * ( 1 ) أخرجه المؤلف العلامة في ج 76 ص 323 ، راجعه .
[197]
* ( باب 3 ) *
* ( آداب الاستنجاء والاستبراء ) *
1 - الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني
عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم
عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : من نقش على خاتمه
اسم الله عزوجل فليحوله عن اليد التي يستنجي بها في المتوضأ .
وقال عليه السلام : الاستنجاء بالماء البارد يقطع البواسير ( 1 ) .
بيان : يفهم منه جواز استصحاب الخاتم في الخلاء ، وإنما يلزم تحويله
عند الاستنجاء عن اليد التي يستنجي بها ، ويدل بعض الاخبار على المنع من
الاستصحاب مطلقا وهو أحوط ، والتحويل مع عدم التلوث على الاستحباب كما
هو المشهور ، ومعه على الوجوب ، بل يكفر فاعله لو فعله بقصد الاهانة ، والحق
باسم الله أسماء الانبياء والائمة إذا كتب بقصد اسمهم ، لعموم ما يدل على لزوم
تعظيمهم عليهم السلام .
2 - الخصال : عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي بن إبراهيم
عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن الحسين بن مصعب ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
جرت في البراء بن معرور الانصاري ثلاث من السنن أما اولاهن فان الناس
كانوا يستنجون بالاحجار فأكل البراء بن معرور الدبا فلان طبعه ، فاستنجى
بالماء ، فأنزل الله عزوجل فيه " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " ( 2 )
* ( هامش ص 197 ) * ( 1 ) الخصال ج 2 ص 156 .
( 2 ) البقرة : 222 .
[198]
فجرت السنة في الاستنجاء بالماء ، فلما حضرته الوفاة كان غائبا عن المدينة فأمر
أن يحول وجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأوصى بالثلث من ماله ، فنزل الكتاب بالقبلة
وجرت السنة بالثلث ( 1 ) .
3 - العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد
الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان الناس
يستنجون بثلاثة أحجار ، لانهم كانوا يأكلون البسر ، فكانوا يبعرون بعرا ، فأكل
رجل من الانصار الدبا فلان بطنه ، فاستنجى بالماء فبعث إليه النبي صلى الله عليه وآله .
قال : فجاء الرجل وهو خائف أن يكون قد نزل فيه أمر يسوؤه في استنجائه
بالماء ، فقال له : عملت في يومك هذا شيئا ؟ فقال : نعم يا رسول الله صلى الله عليه وآله إني
والله ما حملني على الاستنجاء بالماء إلا أني أكلت طعاما فلان بطني ، فلم تغن عني
الحجارة شيئا فاستنجيت بالماء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هنيئا لك ، فان الله عزوجل
قد أنزل فيك آية فأبشر " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " فكنت أول
من صنع هذا ، أول التوابين وأول المتطهرين ( 2 ) .
تفسير العياشى : عن أبي خديجة مثله ( 3 ) .
ايضاح : قال والدي قدس الله روحه : ذكر التوابين مع المتطهرين في هذا
المقام يمكن أن يكون لاظهار شرف التطهير كأنه تعالى يقول : إني احب المتطهرين
كما احب التوابين ، فان محبة الله للتوابين بمنزلة لا يمكن وصفها ويمكن
أن يكون حصلت له توبة أيضا في ذلك اليوم مع التطهر ، ويمكن أن يكون
بالمعنى اللغوي أي الرجوع ، فانه لما رجع عن الاكتفاء بالاحجار إلى ضم الماء
* ( هامش ص 198 ) * ( 1 ) الخصال ج 1 ص 90 .
( 2 ) علل الشرائع ج 1 ص 271 .
( 3 ) تفسير العياشى ج 1 ص 109 و 110 .
[199]
أو إلى التبديل بالماء لله تعالى فكأنه رجع إليه .
قوله صلى الله عليه وآله : " أول التوابين " أي في هذا الفعل أو مطلقا وتكون الاولية
بحسب الكمال والشرف ، أو بالنسبة إلى الانصار أو في ذلك اليوم ، والاول
أظهر .
4 - العلل : عن أبيه ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن هارون بن
مسلم ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبدالله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لبعض
نسائه : مري نساء المؤمنين أن يستنجين بالماء ويبالغن ، وفانه مطهرة للحواشي
ومذهبة للبواسير ( 1 ) .
بيان : قال الشهيد رفع الله درجته في الاربعين : الحواشي جمع حاشية ،
وهي الجانب أي مطهرة لجوانب المخرج ، والمطهرة بفتح الميم وكسرها والفتح
أولى موضوعة في الاصل للادواة وجمعها مطاهر ، ويراد بها المطهرة أي المزيلة
للنجاسة ، مثل السواك مطهرة للفم أي مزيلة لدنس الفم .
والبواسير جمع باسور وهي علة تحدث في المقعدة وفي الانف أيضا والمراد ههنا
هوالاول ، والمعنى أنه يذهب البواسير .
واستدل به الشيخ أبوجعفر على وجوب الاستنجاء ، ويمكن تقرير الدلالة
من وجهين : الاول أن الامر بالامر أمر عند بعض الاصوليين ، والامر للوجوب ، وفيهما
كلام في الاصول ، الثاني من قوله " مطهرة " فقد قلنا إن المراد بها المزيلة للنجاسة
وإزالة النجاسة واجبة فيكون الاستنجاء واجبا .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 199 سطر 19 إلى صفحه 207 سطر 18

ثم إذا وجب الاستنجاء على النساء وجب على الرجال لقوله صلى الله عليه وآله : حكمي
على الواحد حكمي على الجماعة ( 2 ) ولعدم فصل السلف بين المسئلتين انتهى .
أقول : يرد على الوجه الثاني أنه إذا ثبت وجوب الازالة فلا حاجة إلى
هذا الخبر ، وإلا فلايتم ، إذ غاية ما يظهر منه أن الماء مطهر ، وأما أن التطهير
* ( هامش ص 199 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 271 .
( 2 ) راجع ج 2 ص 472 من هذه الطبعة .
[200]
واجب فلا ، وعلى تقدير التسليم ، إنما يتم إذا ثبت الانحصار وهو ممنوع فتأمل .
5 - تفسير على بن ابراهيم : قوله تعالى : " وضرب الله مثلا
قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها
الله لباس الجوع والخوف بماكانوا يصنعون " ( 1 ) قال : نزلت في قوم كان لهم
نهر يقال له : الثرثار ، وكانت بلادهم خصبة كثيرة الخير ( 2 ) وكانوا يستنجون بالعجين
ويقولون : هو ألين ، لنا فكفروا بأنعم الله ، واستخفوا بنعمة الله ، فحبس الله
عليهم الثرثار ، فجدبوا أحوجهم الله إلى ما كانوا يستنجون به ، حتى كانوا
يتقاسمون عليه ( 3 ) .
بيان : " يتقاسمون عليه " أي يحلفون أو يقسمون أو يقرعون عليه في القاموس
تقاسما تحالفا ، والمال اقتسماه بينهم .
6 - العيون ( 4 ) والمجالس : للصدوق ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن
البرقي ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن الحسن بن أبي العقبة ، عن الحسين بن خالد
قال : قلت للرضا عليه السلام : الرجل يستنجى وخاتمه في أصبعه ، ونقشه " لا إله إلا
الله " فقال : أكره ذلك له ، فقلت : جعلت فداك أوليس كان رسول الله صلى الله عليه وآله و
كل واحد من آبائك يفعل ذلك ، وخاتمه في أصبعه ؟ قال : بلى ، ولكن اولئك
يتختمون في اليد اليمنى ، فاتقوا الله وانظروا لانفسكم ( 5 ) .
مكارم الاخلاق : من كتاب اللباس للعياشي ، عن الحسين بن خالد مثله بتغيير
قد أوردناه في أبواب الخواتيم ( 6 ) .
* ( هامش ص 200 ) * ( 1 ) النحل : 112 .
( 2 ) فبطروا حتى كانوا خ ل .
( 3 ) تفسير القمى ص 366 .
( 4 ) عيون الاخبارج 2 ص 55 .
( 5 ) أمالى الصدوق ص 273 .
( 6 ) مكارم الاخلاق ص 103 ، ومن راجع ج 79 كتاب الزى والتجمل عرف أن
أبواب الخواتيم من البحار لم يصل الينا .
[201]
7 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن
أخيه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يجامع ويدخل الكنيف ، وعليه الخاتم فيه ذكر
الله أو الشئ من القرآن ، أيصلح ذلك ؟ قال : لا ( 1 ) .
ومنه : عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام
قال : كان نقش خاتم أبي محمد بن علي عليه السلام " العزة لله جميعا " كان في يساره يستنجي
بها ، وكان نقش خاتم علي عليه السلام " الملك لله " وكان في يده اليسرى يستنجي
بها ( 2 ) .
بيان : الظاهرأنه محمول على التقية ، كما حمله الشيخ في التهذيب ( 3 )
وقال : لان روايه عامى متروك العمل بما يختص بروايته ، ثم قال : على أن ما
قدمناه من آداب الطهارة وليس من واجباتها .
أقول : ويؤيد الحمل على التقية أنهم عليهم السلام كانوا لا يتختمون بغير اليمين
إلا في التقية ، وذكروا أنه من علامات المؤمنين .
8 - الخصال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ،
عن السكوني ، عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
البول قائما من غير علة من الجفاء ، والاستنجاء باليمين من الجفاء ( 4 ) .
9 - ثواب الاعمال : للصدوق ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد
ابن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن عذاب
القبرمن البول ( 5 ) .
* ( هامش ص 201 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 121 ط حجر .
( 2 ) قرب الاسناد ص 72 ط حجر .
( 3 ) التهذيب ج 1 ص 10 ط حجر وص 32 ط نجف .
( 4 ) الخصال : ج 1 ص 28 ، وقد مر في الباب السابق .
( 5 ) ثواب الاعمال ص 205 ، وفيه " ان جل عذاب القبر " كما مر في الباب السابق
تحت الرقم 24 منه ومن المحاسن .
[202]
10 - المحاسن : عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن عمرو بن شمر قال :
سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إني لالعق أصابعي من المآدم حتى أخاف أن يرى
خادمي أن ذلك من جشع ، وليس ذلك كذلك ، إن قوما افرغت عليهم النعمة
وهم أهل الثرثار ، فعمدوا إلى مخ الحنطة فجعلوه خبزا هجائا فجعلوا ينجون به
صبيانهم جتى اجتمع من ذلك جبل .
قال : فمر رجل صالح على امرأة وهي تفعل ذلك بصبي لها ، فقال :
ويحكم اتقواالله لا تغير ما بكم من نعمة ، فقالت : كأنك تخوفنا بالجوع ؟ أما
مادام ثرثارنا يجري فانا لا نخاف الجوع ، قال : فأسف الله عزوجل وضعف
لهم الثرثار ، وحبس عنهم قطر السماء ونبت الارض ، قال : فاحتاجوا إلى ما
في أيديهم فأكلوا ثم احتاجوا إلى ذلك الجبل ، فان كان ليقسم بينهم بالميزان ( 1 ) .
ايضاح : قال الجوهري : الجشع محركة أشد الحرص وأسوؤه ، قوله :
" هجائا " كذا فيما رأينا من نسخ الكافي ( 2 ) والمحاسن ، وفي القاموس ، هجأ جوعه كمنع
هجأ وهجوءا سكن وذهب ، والطعام أكله ، وبطنه ملاه وهجي كفرح التهب
جوعه ، والهجأة كهمزة الاحمق انتهى فيحتمل أن يكون بالتشديد صفة للخبزأي
صالحا لرفع الجوع أو أن يكون بالتخفيف مصدراأي فعلوا ذلك حمقا وسفاهة ،
ولا يبعد أن يكون تصحيف هجانا أي خيارا جيادا كما روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام
" هذا جناي وهجانه فيه " ( 3 ) .
* ( هامش ص 202 ) * ( 1 ) المحاسن ص 586 .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 301 ، راجعه .
( 3 ) وحكى عن الطريحى أنه ضبط كلمة " هجائا " منجاء ، وجعله اسم آلة من
نجا ينجو ، وجعل قوله " ينجون " به صبيانهم " تفسيرا لذلك ، وعندى أن كلها حسن وليس
به ، والصحيح أنه مصحف " هجأنا " والهجان جمع الهجين : الذى لم يدرك ولم يبلغ بعد
كالهاجنة للصبية تزوج قبل بلوغها ، والنخلة تحمل صغيرة ، فوصف الخبز بالهجان يفيد
[203]
قوله : ينجون لعله على بناء التفعيل بمعني السلب ، نحو قولهم : قردت البعير
أي أزلت قراده ، وقال في القاموس : الثرثار نهر أوواد كبير بين سنجار وتكريت
وقال : الاسف محركة شدة الحزن ، أسف كفرح وعليه غضب .
قوله عليه السلام : " وضعف لهم الثرثار " أي جعله ضعيفا والمشهور في هذا المعنى
الاضعاف لا التضعيف ، ويمكن أن يقرأ على بناء المجرد أو على بناء التفعيل بمعنى
التكثير أي زاد في الماء وذهب ببركة السماء ، ليعلموا أن الرزق ليس بالماء ،
بل بفضل رب السماء ، ولعله أظهر ، ويدل الخبر على عدم جواز الاستنجاء
بالخبز وظاهر المنتهى الاجماع على تحريم الاستنجاء بمطلق المطعوم ، لكنه في
التذكرة احتمل الكراهة والعجب أنهم استدلوا بوجوه ضعيفة ، ولم يستدلوا
بهذه الاخبار ، ويمكن أن يستدل في أكثرها بالاسراف أيضا .
11 - المحاسن : عن محمد بن علي ، عن الحكم بن مسكين ، عن عمرو بن
شمرقال : قال قال أبوعبدالله عليه السلام : إني لالعق أصابعي حتى أرى أن خادمي
سيقول : ماأشره مولاي ؟ ثم قال : تدري لم ذاك ؟ فقلت : لا ، فقال : إن قوما
كانوا على نهر الثرثار فكانوا قد جعلوا من طعامهم شبه السبائك ينجون به صبيانهم
فمر رجل متوكئ على عصا فاذا امرأة أخذت سبيكة من تلك السبائك تنجي بها
صبيها ، فقال لها : اتقي الله فان هذا لا يحل ، فقالت : كأنك تهد دني بالفقر
أما ما جرى الثرثار فاني لا أخاف الفقر .
* ( هامش ص 203 ) * أنها اخرجت من التنور قبل أن تخبز كاملا بحيث تكون لينة ، كما مر في خبر على بن
ابراهيم تحت الرقم 5 " أنهم " كانوا يستنجون بالعجين ويقولون هو ألين لنا " ويحتمل ان
يكون مصحفا عن العجان وعجان أيضا جمع عجين ، كما وقع في هذا التفسير ، لكن العجين
اليابس غير لين ، الا اذا كان المراد ما اختبز لا باشتداد .
ومن المحقق أنهم كانوا يخبزون تلك العجان أو الهجان شبه الانملة الكبيرة رأسها ،
ولذلك وقع التعبير عنها بالتماثيل كما سيجئ عن العياشى تحت الرقم 16 ، أو بالسبائك
جمع السبيكة كما يأتى بعد هذا الحديث .
[204]
قال : فأجرى الله الثرثار أضعف ما كان عليه ، وحبس عنهم بركة السماء ،
فاحتاجوا إلى الذي كانوا ينجون به صبيانهم ، فقسموه بينهم بالوزن قال : ثم إن الله
عزوجل رحمهم فرد عليهم ماكانوا عليه ( 1 ) .
12 - ومنه : عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن أبي عيينة ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : إن قوما وسع عليهم في أرزاقهم حتى طغوا فاستخشنوا الحجارة
فعمدوا إلى النقي فصنعوا منه كهيئة الافهار في مذاهبهم ( 2 ) فأخذهم الله بالسنين
فعمدوا إلى أطعمتهم ، فجعلوها في الخزائن فبعث الله على ما في خزائنهم ما أفسد
حتى احتاجوا إلى ما كانوا يستنظفون به في مذاهبهم ، فجعلوا يغسلونه و
يأكلونه ( 3 ) .
بيان : النقي بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء هو الخبز المعمول
من لباب الدقيق ، قال : في النهاية فيه يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء
عفراء كقرصة النقي يعني الخبز الحواري ، وهو الذي نخل مرة بعد مرة ، وقال : الفهر
الحجر ، ملء الكف ، وقيل هو الحجر مطلقا وفي القاموس الفهر بالكسر الحجر
قدر ما يدق به الجوز أو ما يملؤ به الكف ، والجمع أفهار وفهور ، وقال :
المذهب المتوضأ .
13 - تفسير العياشى : عن جميل قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول :
كان الناس يستنجون بالحجار والكرسف ثم أحدث الوضوء ، وهو خلق حسن
فأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وأنزل الله في كتابه " إن الله يحب التوابين
ويحب المتطهرين " ( 4 ) .
* ( هامش ص 204 ) * ( 1 ) المحاسن ص 587 .
( 2 ) المذاهب جمع مذهب بمعنى الكنيف والمتوضأ ومنه قولهم " مثل مذهبكم وقذره
مثل مذهبكم وقدره " .
( 3 ) المحاسن : ص 588 في حديث .
( 4 ) تفسير العياشى ج 1 ص 109 .
[205]
14 - ومنه : عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن قول الله
تعالى : " فيه رجال يحبون أن يتطهروا " ( 1 ) قال : الذين يحبون أن
يتطهروا نظف الوضوء ، وهو الاستنجاء بالماء ، قال : قال : نزلت هذه الاية في
أهل قبا ( 2 ) .
وفي رواية ابن سنان عنه عليه السلام قال : قلت له : ما ذلك الطهر ؟ قال : نظف
الوضوء ، إذا خرج أحدهم من الغائط ، فمدحهم الله بتطهرهم ( 3 ) .
بيان : الحجار بالكسر أحد جموع الحجر ، والمراد بالوضوء في المواضع
الاستنجاء .
15 - السرائر : نقلا من كتاب حريز قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : رجل
بال ولم يكن معه ماء ، فقال : يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات ، وينتر
طرفه ، فان خرج بعد ذلك شئ فليس عليه شئ من البول ، ولكنه من الحبائل ( 4 ) .
تبيين أقول : روى في الكافي ( 5 ) هذا الحديث عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه
عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عنه عليه السلام وفيه فليس من البول .
والخبر يحتمل وجوها الاول أن يكون المراد بالطرف في الموضعين الذكر
وفي الحديث نقي الطرفين ، وفسر بالذكر واللسان ، وقال الجوهري : قال ابن
الاعرابي : قولهم : لا يدري أي طرفيه أطول ؟ طرفاه لسانه وذكره ، فيكون إشارة
إلى عصرين العصر من المقعدة إلى الذكر ، ونتر أصل الذكر ، لكن لا يدل على تثليث
الاخير ، ولا يبعد أن يكون التثليث على الفضل والاستحباب .
الثاني أن يكون المراد بالطرف في الموضعين الجانب ، ويكون الضميران
راجعين إلى الذكر أي يعصر من المقعدة إلى رأس الذكر فيكون العصران داخلين
فيه ، والمراد بالاخير عصر رأس الذكر ، فيدل على العصرات الثلاث التي ذكرها
الاصحاب .
* ( هامش ص 205 ) * ( 1 ) براءة : 108 . ( 2 و 3 ) تفسير العياشى ج 2 ص 112 .
( 4 ) السرائر : 472 ، والمراد بالحبائل حبائل الشيطان ليؤذى ويوسوس .
[206]
الثالث أن يكون المراد بالاول عصر الذكر ، وبالثاني عصر رأس الذكر
[ ويضعف الاخيرين أن النترهو الجذب بقوة لا مطلق العصر وهو لا يناسب عصر راس
الذكر ] ( 1 ) مع أنه لا يظهرمن سائر الاخبار هذا العصر ، قال في النهاية : فيه إذا بال
أحدكم فلينتر ذكره ثلاث نترات : النتر جذب فيه جفوة وقوة انتهى .
ثم اعلم أن الشيخ روى هذا الخبر ( 2 ) نقلا من الكافي ( 3 ) وفيه يعصر أصل
ذكره إلى ذكره ويروى عن بعض مشايخنا رحمهم الله أنه قرأ ذكره بضم الذال
وسكون الكاف وفسره بطرف الذكر لينطبق على الوجه الثاني من الوجوه المذكورة ، و
يخدشه أن اللغويين قالوا : ذكرة السيف حدته وصرامته ، والظاهر منه أن المراد
به المعنى المصدري لا الناتي من طرفه .
وبقي ههنا إشكال آخر وهو أنه ما الفائدة في التقييد بعدم وجدان الماء .
والجواب أنه مجرب بأنه مع عدم الاستنجاء بالماء يتوهم خروج البول
ساعة بعد ساعة بل يكون خروجه دريرة البول أكثر كما ذكر العلامة في المنتهى
أن الاستنجاء بالماء يقطع دريرة البول .
ففايدة الاستبراء هنا أنه إن خرج بعده شئ أو توهم خروجه لا يضره ذلك
أما من حيث النجاسة فلانه غير واجد للماء ، وأما من حيث الحدث فانه لا يحتاج
إلى تجديد التيمم ولا قطع الصلاة ، وقيل : يحتمل أن يكون وجه التخصيص أن يكون
الراوي عالما بأنه مع وجدان الماء إذ استبرأ وغسل المحل فلا بأس بما يخرج بعد
ذلك ، ولكنه لم يعلم الحال في حال العدم ولا يخفى مافيه .
وقال في الحبل المتين : الحبائل يراد بها عروق في الظهر ولم نجده في كتب
اللغة نعم قال في القاموس : الحبل عرق في الظهر ، وقال : الحبال في الذكر عروقه ،
وكأنه جمع الحبل على غير القياس .
* ( هامش ص 206 ) * ( 1 ) مابين العلامتين ساقط عن الكمبانى .
( 2 ) الكافى ج 3 ص 19 .
( 3 ) التهذيب ج 1 ص 9 ط حجر وص 28 ط نجف .
[207]
16 - تفسير العياشى : عن حفص بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن
قوما كانوا في بني إسرائيل يؤتى لهم من طعامهم حتى جعلوا منه تماثيل مدرة كانت
في بلادهم ، يستنجون بها ، فلم يزل الله بهم حتى اضطروا إلى التمائيل يتبعونها
ويأكلونها ، وهو قول الله ( 1 ) " ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا
من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا
يصنعون " ( 2 ) .
17 - ومنه : عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن أهل قرية ممن
كان قبلكم كان الله قد أوسع عليهم حتى طغوا ، فقال بعضهم لبعض : لو عمدناإلى
شئ من هذه النقي فجعلناه نستنجي به كان ألين علينا من الحجارة ، قال : فلما فعلوا
ذلك ، بعث الله على أرضهم دواب أصغر من الجراد ، فلم يدع لهم شيئا خلقه الله إلا
أكله من شجر أو غيره فبلغ بهم الجهد إلى أن أقبلوا إلى الذي كانوا يستنجون به
فأكلوه ، وهي القرية التي قال الله : " ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة " إلى
قوله " بما كانوا يصنعون " ( 3 ) .
18 - السرائر : من كتاب المشيخة لمحمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن
محمد ، عن موسى بن القاسم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته
عن رجل ذكر وهو في صلاته أنه لم يستنج من الخلاء ، قال : نعم ، ينصرف
ويستنجي من الخلاء ، ويعيد الصلاة ، وإن ذكره وقد فرغ من صلاته أجزأه ذلك
ولا إعادة عليه .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 207 سطر 19 إلى صفحه 215 سطر 18

قال محمد بن إدريس : الواجب عليه الاعادة على كل حال ، لانه عالم بالنجاسة
ونسيها ( 4 ) .
* ( هامش ص 207 ) * ( 1 ) النحل : 112 .
( 2 و 3 ) تفسير العياشى ج 2 ص 273
( 4 ) السرائر : 477 .
[208]
ومن الكتاب المذكور : عن الهيثم بن أبي مسروق ، عن الحكم بن مسكين ،
عن سماعة قال : قلت لابي الحسن موسى عليه السلام : إني أبول ثم أتمسح بالاحجار
فيجئ مني البلل ما يفسد سراويلي ، قال : ليس به بأس ( 1 ) .
19 - الهداية : إذا أراد الاستنجاء مسح بأصبعه من عند المقعدة إلى الانثيين
ثلاث مرات ، فاذا صب الماء على يده للاستنجاء فليقل " الحمد لله الذي جعل
الماء طهورا ولم يجعله نجسا " ويبدأ بذكره ويصب عليه من الماء مثلي ما عليه من
البول يصبه مرتين ، هذا أدنى ما يجزي ثم يستنجي من الغائط ويغسل حتى ينقى
ماثم ، ولا يجوز للرجل أن يستنجي بيمينه إلا إذا كانت بيساره علة ، ولا يجوز له
أن يدخل الخلاء ومعه خاتم عليه اسم الله ، فان دخل وهو عليه فليحو له عن يده
اليسرى إذا أراد الاستنجاء ( 2 ) .
20 - العلل : عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل
ابن مرار ، عن يونس بن عبدالرحمان ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال أبوعبدالله
عليه السلام إذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثم توضأت ونسيت
أن تستنجي ، وذكرت بعد ما صليت ، فعليك الاعادة ، فان كنت أهرقت الماء فنسيت
أن تغسل ذكرك حتى صليت ، فعليك إعادة الوضوء والصلاة ، وغسل ذكرك
لان البول مثل البراز ( 3 ) .
ايضاح قوله عليه السلام : " مثل البراز " أي في إعادة الصلاة ، وإن اختلفا في إعادة
الوضوء ، والاظهر أنه " ليس مثل البراز " كما في أكثر نسخ التهذيب ( 4 ) والكافي ( 5 )
* ( هامش ص 208 ) * ( 1 ) السرائر : 477
( 2 ) الهداية : 16 .
( 3 ) علل الشرايع ج 2 ص 267 .
( 4 ) التهذيب ج 1 ص 14 ط حجر وص 50 ط نجف .
( 5 ) الكافى ج 3 ص 19 .
[209]
وقرأ الشيخ حسين بن عبدالصمد مثل البران بالنون وقال : إناء يوضع فيه الماء
أي مثله في أنه لا يطهر إلا بالماء ولا يخفى مافيه .
وأما إعادة الوضوء مع ترك استنجاء البول ، ناسيا فقد حمله الشيخ على
الاستحباب ، والمشهور عدم وجوب الاعادة ، ويظهر من الصدوق الوجوب .
وأماإعادة الصلاة فالمشهور في ناسي استنجاء البول والغايط الاعادة في
الوقت وخارجه ، والاخبار مختلفة فيهما ، وقال في المختلف : المشهور أن من
ترك الاستنجاء ناسيا حتى صلى أعاد صلاته في الوقت وخارجه ، وقال ابن الجنيد :
إذا ترك غسل البول ناسيا تجب الاعادة في الوقت ويستحب بعده ، وقال ابن
بابويه : من صلى وذكر بعد ما صلى أنه لم يغسل ذكره ، فعليه أن يغسل ذكره
ويعيد الوضوء والصلاة ، ومن نسي أن يستنجي من الغايط حتى صلى لم يعد
الصلاة انتهى .
والذي يقوى عندي في نسيان الاستنجاء من البول ما هو المشهور ، ومن
الغائط ما ذهب إليه الصدوق - رحمه الله - والاحتياط ظاهر .
21 - السرائر : من جامع البزنطي قال : سألته عن البول يصيب الجسد
قال : صب عليه الماء مرتين ، فانما هو ماء ( 1 ) .
22 - نوادر الراوندى : عن عبدالواحد بن إسماعيل الروياني ، عن محمد بن
الحسن التميمي ، عن سهل بن أحمد الديباجي ، عن محمد بن محمد بن الاشعث ، عن موسى
بن إسماعيل بن موسى ، عن أبيه ، عن جده موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من بال فليضع أصبعه الوسطى في أصل العجان ثم
ليسلها ثلاثا ( 2 ) .
وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الاستنجاء باليمين من
* ( هامش ص 209 ) * ( 1 ) السرائر ص 465 .
( 2 ) نوادر الراوندى ص 39 .
[210]
الجفاء ( 1 ) .
وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أتاني جبرئيل عليه السلام فقال :
يا محمد كيف ننزل عليكم وأنتم لا تستاكون ولا تستنجون بالماء ، ولا تغسلون
براجمكم ( 2 ) .
وبهذا الاسناد قال : كان النبي صلى الله عليه وآله إذا بال نتر ذكره
ثلاث مرات ( 3 ) .
بيان : قال في النهاية : " العجان " الدبر ، وقيل : ما بين القبل والدبر
وفي القاموس العجان ككتاب الاست ، والقضيب الممدود من الخصية إلى الدبر ،
وفي النهاية فيه : من الفطرة غسل البراجم هي العقد التي في ظهور الاصابع يجتمع
فيه الوسخ الواحدة برجمة .
23 - دعوات الراوندى : روى ابن عباس أن عذاب القبر ثلاثة أثلاث :
ثلث للغيبة ، وثلث للنميمة ، وثلث للبول .
24 - مجالس الصدوق : في خبر مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى أن يستنجي
الرجل بالروث والرمة ( 4 ) .
بيان : قال في النهاية : في حديث الاستنجاء أنه نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن
الاستنجاء بالروث والرمة ، والرميم العظم البالى ، ويجوز أن يكون الرمة
جمع الميم ، وفي القاموس الرمة بالكسر العظام البالية ، والمشهور عدم جواز
الاستنجاء بالعظم والروث ، فظاهر المنتهى أنه إجماعي لكنه في التذكرة احتمل
الكراهة ، والاشهر أنه لو استنجى بهما يطهر المحل به ، وقيل بعدم الاجزاء ،
والاول أقوى .
* ( هامش ص 210 ) * ( 1 ) نوادر الراوندى ص 40 .
( 2 ) المصدر نفسه ص 40 .
( 3 ) نوادر الراوندى ص 54 .
( 4 ) أمالى الصدوق ص 254 ، ورواه في الفقيه ج 4 ص 3 .
[211]
25 - دعائم الاسلام : نهوا عن الاستنجاء بالعظام والبعر ، وكل طعام
وأنه لا بأس بالاستنجاء بالحجارة والخرق والقطن وأشباه ذلك ( 1 ) .
وعن الصادق عليه السلام قال : قال علي عليه السلام : لا يكون الاستنجاء إلا من غائط
أو بول أو جنابة ، وليس من الريح استنجاء ( 2 ) .
وعن علي عليه السلام قال : الاستنجاء بالماء في كتاب الله وهو قوله " إن الله يحب
التوابين ويحب المتطهرين " ( 3 ) وهو خلق كريم ( 4 ) .
* ( هامش ص 211 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 105 .
( 2 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 106 ، وفيه " أو جنابة أو مما يخرج غير الريح فليس
من الريح استنجاء واجب " .
( 3 ) البقرة : 222 .
( 4 ) المصدر نفسه ، وفيه : الاستنجاء بالماء بعد الحجارة في كتاب الله " .
[212]
أبواب الوضوء
* ( باب 1 ) *
* ( ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه ) *
1 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر
عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن رجل استاك أو تخلل فخرج من فمه الدم أينقض
ذلك الوضوء ؟ قال : لا ، ولكن يتمضمض ( 1 ) .
قال : وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يستدخل الدواء ويصلي وهو
معه ، وهل ينقض الوضوء ؟ قال : لا ينقض الوضوء ، ولا يصلي حتى
يطرحه ( 2 ) .
بيان : يدل على عدم نقض خروج الدم للوضوء ، ولا خلاف فيه بيننا ،
وعلى عدم نقض الحقنة إدخالا وإخراجا إذ ظاهر الخبر عدم النقض بالاخير أيضا
كما لا يخفى على المتأمل ، ولا خلاف فيه أيضا إلا من ابن الجنيد فانه ذهب إلى
أن الحقنة من النواقض ، والظاهر أن مراده خروجها .
2 - قرب الاسناد : بالسند المتقدم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه
عليه السلام قال : سألته عن الرجل هل يقطع راس الثألول أو بعض جرحه في الصلاة ؟
* ( هامش ص 212 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 83 ط حجر ، وص 108 ط نجف .
( 2 ) قرب الاسناد ص 88 ط حجر وص 115 ط نجف .
[213]
قال : إن تخوف أن يسيل الدم فلا يفعل ، وإن فعل فقد نقض من ذلك الصلاة
ولا ينقض الوضوء ( 1 ) .
قال : وسألته عن رجل كان في صلاته فرماه رجل فشجه فسال الدم ، هل
ينقض ذلك وضوءه ؟ فقال : لاينقض الوضوء ، ولكنه يقطع الصلاة ( 2 ) .
3 - ومنه ومن كتاب المسائل : باسنادهما عن علي بن جعفر ، عن
أخيه عليه السلام قال : سألته عن رجل يكون في صلاته فيعلم أن ريحا قد خرجت ، ولا
يجد ريحها ولا يسمع صوتها ، قال : يعيد الوضوء والصلاة ، ولا يعتد بشئ مما
صلى إذا علم ذلك يقينا ( 3 ) .
قال : وسألته عن رجل وجد ريحا في بطنه فوضع يده على أنفه ، وخرج
من المسجد متعمدا حتى أخرج الريح من بطنه ، ثم عاد إلى المسجد فصلى ،
ولم يتوضأ هل يجزيه ذلك ؟ قال : لا يجزيه حتى يتوضأو لا يعتد بشئ
مما صلى ( 4 ) .
بيان : يدل الجواب الاول على أن الريح ناقضة ، وإن لم يجد ريحها
ولم يسمع صوتها كما هو ظاهر الاصحاب ، ويعارضه بعض الروايات مثل مارواه
الشيخ في الصحيح ( 5 ) عن معاوية بن عمار قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن الشيطان
بنفخ في دبر الانسان حتى يخيل إليه أنه قد خرج منه ريح ، ولا ينقض وضوءه إلا
ريح يسمعها أو يجد ريحها وروى مثله ( 6 ) عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله عنه عليه السلام
والاولى حملهما على الشك كما سيأتي في فقه الرضا عليه السلام .
* ( هامش ص 213 ) * ( 1 و 2 ) قرب الاسناد ص 88 ط حجر ص 155 ط نجف وفيه ، أو ينتف بعض
لحمه من ذلك الجرح ويطرحه قال ( ع ) : ان لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس وان
تخوف الخ .
( 3 و 4 ) قرب الاسناد ص 121 ط نجف وص 92 ط حجر ، المسائل ج 10 ص
284 من بحار الانوار .
( 5 و 6 ) التهذيب ج 1 ص 99 ط حجر ، الكافى ج 3 ص 36 .
[214]
ثم الظاهر أن الريح محمولة على ما إذا خرجت من الموضع المعتاد ، وأما
الريح الخارج من الذكر فقد نسب إلى بعض الاصحاب القول بالنقص وهو ضعيف
وذهب المحقق والعلامة إلى نقص الريح الخارجة من قبل المرأة ، وعدم النقض
أقوى لما عرفت .
4 - الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن محمد بن سماعة ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير
المرادي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن الحجامة والقئ كل دم سائل
فقال : ليس فيه وضوء ، إنما الوضوء مما خرج من طرفيك اللذين أنعم الله
بهما عليك .
قال الصدوق - ره - : يعني من بول أو غايط أو ريح أومني ( 1 ) .
توضيح : يحتمل أن يكون المراد صنف المخاطب من الذكورأو نوعه ليشتمل
الاناث أيضا ، وعلى التقديرين الحصر إضافي بالنسبة إلى مايخرج من الانسان ، أو ما
تعده العامة ناقضا وليس بناقض ، بقرينة السؤال ، فلا يرد النقض بالنوم وأشباهه ( 2 ) وفي إلحاق الصدوق - رحمه الله - المني إذ ليس فيه الوضوء ، ولعله حمل
" إنما الوضوء " على أن المعنى إنما نقض الوضوء ، ولا يخفى مافيه .
5 - الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني
عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ،
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إذا خالط النوم القلب وجب
الوضوء ( 3 ) .
7 - ومنه : عن أحمد بن محمد بن الهيثم وأحمد بن الحسن القطان ومحمد
ابن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم المكتب وعبدالله بن محمد الصائغ وعلي بن
* ( هامش ص 214 ) * ( 1 ) الخصال ج 1 ص 19 .
( 2 ) بل النوم أمارة حصول الناقض وليس هو بناقض .
( 3 ) الخصال ج 2 ص 165 .
[215]
عبدالله الوراق كلهم ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، عن بكر بن
عبدالله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن
الصادق عليه السلام قال : لا ينقض الوضوء إلا البول والريح والنوم والغائط
والجنابة ( 1 ) .
7 - العيون : عن عبدالواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري ، عن علي بن
محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليه السلام فيما كتب للمأمون من شرائع
الدين قال : لا ينقض الوضوء إلا غايط أو بول أو ريح أو نوم أو جنابة ( 2 ) .
بيان : لعل المراد في الخبرين حصر نواقض الذكر فيماذكر ، وظاهرهما
عدم انتقاض الوضوء بالاغماء ونحوه مما يزيل العقل ، لكن أكثر الاصحاب نقلوا
الاجماع على كونها ناقضة ( 3 ) قال في المنتهى : كل ما غلب على العقل من إغماء أو جنون
أو سكر أو غيره ناقض لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم انتهى ، وما استدلوا به
من النصوص فهي غير دالة على مطلوبهم ، فالعمدة الاجماع إن ثبت ، وأما مس
الميت فلم يثبت كونه ناقضا للوضوء ولا كون الغسل منه شرطا في شئ من العبادات
فلا حاجة إلى جعل الحصر إضافيا .
8 - العيون : عن جعفر بن نعيم بن شاذان ، عن عمه ، عن محمد بن شاذان
عن الفضل بن شاذان ، عن ابن بزيع ، عن الرضا عليه السلام قال : قال أبوجعفر عليه السلام :
لا ينقض الوضوء إلا ماخرج من طرفيك اللذين جعلهما الله لك ، أو قال : اللذين أنعم
الله بهما عليك ( 4 ) .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 215 سطر 19 إلى صفحه 223 سطر 18

* ( هامش ص 215 ) * ( 1 ) الخصال ج 2 ص 151 .
( 2 ) عيون الاخبار ج 2 ص 123 .
( 3 ) أقول : الاغماء والجنون والسكر كالنوم يوجب استرخاء وكاء السنة ، و
كلها أمارة فطرية على نقض الوضوء بالريح ، لا أنها نواقض في عرض ما يخرج من
الاسفلين ولذلك لم تذكر في كتاب الله عزوجل في عداد النواقض .
( 4 ) عيون الاخبار ج 2 ص 18 في حديث .
[216]
ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب
عن إبراهيم بن أبي محمود ، عن الرضا عليه السلام قال : سألته عن القئ والرعاف و
المدة والدم أينقض الوضوء ؟ قال : لا ، لا ينقض شيئا ( 1 ) .
9 - وعنه عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سهل
عن زكريا بن آدم قال : سألت الرضا عليه السلام عن الناسور فقال : إنما ينقض الوضوء ثلاث :
البول والغائط والريح ( 2 ) .
بيان : الناسور علة في المآقي ، وعلة في حوالي المقعدة ، وعلة في اللثة ، ذكرها
الفيروز آبادي .
10 - العلل : للصدوق : عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد معا ، عن محمد بن
يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن اورمة ، عن أحمد بن
محمد بن أبي نصر وعبدالرحمن بن أبي نجران معا عن مثنى الحناط ، عن منصور
ابن حازم ، عن سعيد بن أحمد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : توضأوا
مما يخرج منكم ، ولا تتوضأوا مما يدخل ، فانه يدخل طيبا ويخرج
خبيثا ( 3 ) .
ومنه : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي
ابن فضال ، عن عبدالله بن بكير ، عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام
عن المذي قال : ماهو والنخامة إلاسواء ( 4 ) .
ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن
إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اذينة ، عن بريد قال : سألت
أحدهما عليه السلام عن المذي فقال : لا ينقض الوضوء ، ولا يغسل منه ثوب ولا جسد ، إنما
* ( هامش ص 216 ) * ( 1 - 2 ) عيون الاخبار ج 2 ص 22 .
( 3 ) علل الشرايع ج 1 ص 267 و 268 .
( 4 ) علل الشرايع ج 1 ص 280 .
[217]
هوبمنزلة البصاق والمخاط ( 1 ) .
ومنه : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز
عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن سال من ذكرك شئ من مذي أووذي
وأنت في الصلاة ، فلا تقطع الصلاة ، ولا تنقض له الوضوء ، وإن بلغ عقبك ،
إنما ذلك بمنزة النخامة ، وكل شئ خرج منك بعد الوضوء فانه من الحبايل
أو من البواسير ، فليس بشئ فلا تغسله من ثوبك إلا أن تقذره ( 2 ) .
ومنه : بالاسناد المتقدم ، عن حريز قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن المذي
يسيل حتى يبلغ الفخذ ، قال : لا يقطع صلاته ولا يغسله من فخذه ، لانه لم يخرج
من مخرج المني إنما هوبمنزلة النخامة ( 3 ) .
بيان : ما دلت عليه الاخبار السالفة من عدم انتقاض الوضوء بالقئ والرعاف
والمدة والدم ، مما لا خلاف فيه ظاهرا بين الاصحاب ، وأما ما يخرج من
الاحليل غير المني والبول فهي ثلاثة : المذي والودى بالدال المهملة والوذي
بالذال المعجمة .
فأما المذي فهو ما يخرج عقيب الملاعبة والتقبيل كما في الصحاح والقاموس
والمشهور عدم انتقاض الوضوء به مطلقا ، وابن الجنيد قال بنقضه إذا خرج عقيب
شهوة ، وقد يشعر كلام الشيخ في التهذيب بنقضه إذا كان كثيرا خارجا عن المعتاد
قاله على سبيل الاحتمال للجمع بين الاخبار ، والاظهر ما ذهب إليه الاكثر و
ما ذهب إليه ابن الجنيد فلا نعرف له معنى ، إذا الظاهر من كلام أهل اللغة وغيرهم
لزوم كون المذي عقيب شهوة .
ويؤيده مارواه الشيخ باسناده عن ابن رباط ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي -
عبدالله عليه السلام قال : يخرج من الا حليل المني والمذي والودي والوذي أما المني
فهو الذي تسترخي له العظام ويفتر منه الجسد وفيه الغسل ، وأما المذي يخرج
من الشهوة ولا شئ فيه - .
* ( 1 - 3 ) علل الشرايع ج 1 ص 279 .
[218]
وأما الودي فهو الذي يخرج بعد البول ، وأما الوذي فهو الذي يخرج من
الادواء ولا شئ فيه . ( 1 ) فالتفصيل الذي قال به لا يطابق كلام اللغويين ولا
صريح الخبر .
وأما الودي بالمهملة فهو ماء ثخين يخرج عقيب البول واتفق أصحابنا
على عدم النقض به ، وأما الوذي بالمعجمة فلم يذكر فيما عندنا من كتب اللغة
معنى مناسب له ، وقد مر تفسيره في الخبر ، والادواء جمع الداء ، ولعل
المعنى مايخرج بسبب الامراض ، وفي بعض نسخ الاستبصار ( 2 ) الاوداج ولعل
المراد به مطلق العروق ، وإن كان في الاصل لعرق في العنق ، وقال الصدوق في
الفقيه : الوذي مايخرج من عقيب المني . وعلى التقادير عدم الانتقاض به معلوم للحصر
المستفاد من الاخبار السالفة ، وغيرها ، ومن كلام الاصحاب .
11 - فقه الرضاعليه السلام : لا تغسل ثوبك إلا مما يجب عليك في خروجه
إعادة الوضوء ، ولا تجب عليك إعادة إلا من بول أومني أوغائط أوريح تستيقنها
فان شككت في ريح أنها خرجت منك أم لم تخرج ، فلا تنقض من أجلها الوضوء
إلا أن تسمع صوتها أو تجد ريحها ، وإن استيقنت أنها خرجت منك فأعد الوضوء
سمعت وقعها أم لم تسمع ، شممت ريحها أم لم تشم .
ولا ينقض الوضوء إلا ما خرج من الطرفين ، ولا ينقض القئ والقلس و
الرعاف والحجامة والدماميل والقروح وضوءا ، وان احتقنت أو حملت الشياف
فليس عليك إعادة الوضوء ، فان خرج منك مما احتقنت أو احتملت من الشياف
وكانت بالثفل فعليك الاستنجاء والوضوء ، وإن لم يكن فيهاثفل فلا استنجاء عليك
ولا وضوء ، وإن خرج منك حب القرع وكان فيه ثفل فاستنج وتوضأ ، وإن لم يكن
فيه ثفل فلا وضوء عليك ولا استنجاء .
وكل ما خرج من قبلك ودبرك من دم أوقيح أو صديد وغير ذلك فلا
* ( هامش ص 218 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 7 ط حجر ص 20 ط نجف .
( 2 ) الاستبصارج 1 ص 47 .
[219]
وضوء عليك ولا استنجاء ، إلا أن يخرج منك بول أو غايط أوريح أومني ، ولا
بأس أن تصلي بوضوء واحد صلوات الليل والنهار ، ما لم تحدث ( 1 ) .
وإن كنت أهرقت الماء فتوضأت ونسيت أن تستنجى حتى فرغت من
صلاتك ثم ذكرت فعليك أن تستنجى ثم تعيد الوضوء والصلاة ( 2 ) .
وليس عليك وضوء من مس الفرج ، ولا من مس القرد والكلب والخنزير
ولا من مس الذكر ، ولا من مس مايؤكل من الزهومات وضوء عليك ( 3 ) .
توضيح : قال الجوهري : قال الخليل : القلس ماخرج من الحق ملء الفم
أودونه وليس بقئ ، فان عاد فهوالقئ والمشهور بين الاصحاب عدم انتقاض الوضوء
بمس الفرج ظاهره وباطنه ، وبالتقبيل مطلقا .
وقال ابن الجنيد - على مانقل عنه : من قبل بشهوة للجماع ولذة في
المحرم نقض الطهارة والاحتياط إذا كانت في محلل إعادة الوضوء ، وقال أيضا :
من مس ما انضم عليه الثقبتان نقض وضوء ، ومس ظهر الفرج من الغير إذا كان
بشهوة فيه الطهارة واجبة في المحلل والمحرم احتياطا ، ومس باطن الفرجين
من الغير ناقض للطهارة من المحلل والمحرم .
وقال الصدوق - رحمه الله - في الفقيه : إن مس الرجل باطن دبره أو باطن
إحليله فعليه أن يعيد الوضوء ، وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وتوضأ وأعاد
الصلاة ، وان فتح إحليله أعاد الوضوء والصلاة ( 4 ) والاظهر عدم نقض شئ
من ذلك ، والاخبار الدالة على نقضها محمولة على التقية ( 5 ) وبعضهم حملوها
على الاستحباب .
* ( هامش ص 219 ) * ( 1 ) فقه الرضا ص 1 .
( 2 و 3 ) فقه الرضا ص 3 .
( 4 ) راجع الفقيه ج 1 ص 39 .
( 5 ) روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 13 و 99 ط حجر وص 45 و 348 ط نجف
[220]
وقال الجوهري : الزهم بالضم الشحم ، والزهمة الريح المنتنة ، والزهم
بالتحريك مصدر قولك زهمت يدي بالكسر من الزهومة فهي زهمة أي دسمة .
12 - تفسير العياشى : عن أبي مريم قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : ما
تقول في الرجل يتوضأ ثم يدعو الجارية فتأخذ بيده حتى ينتهى إلى المسجد ،
فان من عندنا يزعمون أنها الملامسة ، فقال : لا والله ، مابذاك بأس ، وربما
فعلته ، وما يعني بهذا أي " لامستم النساء " ( 1 ) إلا المواقعة دون الفرج ( 2 ) .
بيان : الضمير في قوله عليه السلام : " ربما فعلته " عايد إلى اللمس المدلول عليه
بالملامسة ، مع أن في المصدر اتساعا في ذلك ، قوله : " أي لا مستم " في بعض
النسخ " أو لا مستم " كما في التهذيب ( 3 ) فهو في محل جر بالبدلية من اسم
الاشارة ، قوله عليه السلام : " دون الفرج " أي عند الفرج ، بقرينة أن في التهذيب
في الفرج .
13 - العياشى : عن منصور بن حازم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : اللمس
الجماع ( 4 ) .
[ ومنه : عن الحلبي عنه عليه السلام قال : هو الجماع ] ولكن الله ستيريحب
الستر ، فلم يسم كما تسمون ( 5 ) .
* ( هامش ص 220 ) * باسناده عن عمار بن موسى عن أبى عبدالله ( ع ) قال : سئل عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن
دبره قال : نقض وضوءه وان مس باطن احليله فعليه أن يعيد الوضوء ، وان كان في الصلاة
قطع الصلاة ويتوضأ ويعيد الصلاة ، وان فتح احليله أعاد الوضوء وأعاد الصلاة .
أقول : لعل وجه النقض أن باطن الدبر والاحليل متلطخ بالخبث الناقض ، ولا فرق
بين خروجه إلى البراز وبين ابرازه باليد ، فمن فتح دبره أو احليله باليد فقد أبرز إلى
الخارج ما هناك من الخبث الناقض فيجب عليه اعادة الوضوء .
( 1 ) السناء : 43 ، المائدة : 6 .
( 2 ) تفسير العياشى ج 1 ص 243 .
( 3 ) التهذيب ج 1 ص 7 ط حجر .
( 4 و 5 ) تفسير العياشى ج 1 ص 243 وما بين العلامتين ساقط من الكمبانى .
[221]
ومنه : عن الحلبى ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سأله قيس بن رمانة قال :
أتوضأ ثم أدعوا الجارية فتمسك فأقوم بيدي فأقوم فاصلي أعلى وضوء ؟ فقال : لا ، قال :
فانهم يزعمون أنه اللمس ، قال : لا والله ، مااللمس إلاالوقاع يعني الجماع
ثم قال : قد كان أبو جعفر عليه السلام بعد ما كبر يتوضأ ثم يدعو الجارية فتأخذ بيده
فيقوم فيصلي ( 1 ) .
توضيح : قوله : " إنه اللمس " أي اللمس الذي ذكره الله في قوله : " أولا مستم
النساء " وتفسير الملامسة في الاية بالجماع منقول عن الائمة الهدى بطرق متكثرة
وقدنقل الخاص والعام عن ابن عباس أنه كان يقول : إن الله حيي كريم يعبر عن
مباشرة النساء بملامستهن ، وذهب الشافعي إلى أن المراد مطلق اللمس لغير محرم
وخصه مالك بما كان عن شهوة ، وأما أبوحنيفة فقال : المراد الوطي لا المس .
14 - العياشى : عن بكير بن أعين قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام قوله " يا أيها
الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلوة " ( 2 ) ما معنى إذا قمتم ؟ قال : إذا قمتم من النوم ،
قلت : ينقض النوم الوضوء ؟ قال : نعم ، إذا كان نوم يغلب على السمع فلا يسمع
الصوت ( 3 ) .
15 - ومنه : عن بكير بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل :
" يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق "
قلت : ما عنى بها ؟ قال : من النوم ( 4 ) .
بيان : هذان الخبران يهدمان بنيان استدلال القوم بوجوب الوضوء لكل
قائم إلى الصلاة ، إلا ما أخرجه الدليل وسيأتي الكلام فيه .
* ( هامش ص 221 ) * ( 1 ) تفسير العياشى ج 1 ص 243 .
( 2 ) المائدة : 6 .
( 3 ) تفسير العياشى ج 1 ص 297 .
( 4 ) تفسير العياشى ج 1 ص 298 .
[222]
16 - السرائر : من كتاب محمد بن علي بن محبوب ، عن الحسين بن سعيد
عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن القلس وهي الجشاءة يرتفع الطعام
من جوفه وهوصائم من غير أن يكون تقيأ ، وهو قائم في الصلاة ، قال : لا ينقض
ذلك وضوءه الحديث ( 1 ) .
أقول : مامر من الاخبار الدالة على أن أمير المؤمنين عليه السلام أنشد الشعر
في الخطبة تدل على عدم نقضه للوضوء .
17 - مجمع البيان : عن علي عليه السلام في قوله تعالى : " أولامستم النساء " أن
المراد به الجماع خاصة ( 2 ) .
18 - كتاب المسائل : عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته عن الرجل يلاعب
المرأة أو يجردها أو يقبلها فيخرج منه الشئ ماعليه ؟ قال : إن جاءت الشهوة ، وخرج
بدفق ، وفتر لخروجه فعليه الغسل ، وإن كان إنما هو شئ لا يجد له شهوة ولافترة
فلا غسل عليه ويتوضأ للصلاة ( 3 ) .
19 - المحاسن : عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن الحسين بن أبي العلاء
قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الوضوء بعد الطعام ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله
كان يأكل ، فجاء ابن ام مكتوم وفي يد رسول الله صلى الله عليه وآله كتف يأكل منها ، فوضع
ماكان في يده منها ، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ ، فليس فيه طهور ( 4 ) .
ومنه : عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام
عمن أكل لحما أو شرب لبنا هل عليه وضوء ؟ قال : لا قد أكل رسول الله صلى الله عليه وآله
كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ ( 5 ) .
ومنه : عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي بصير
* ( هامش ص 222 ) * ( 1 ) السرائرص 477 .
( 2 ) مجمع البيان ج 3 ص 52 .
( 3 ) البحار ج 10 ص 272 .
( 4 و 5 ) المحاسن ص 427 .
[223]
قال : سالت أبا عبدالله عليه السلام أيتوضأ من ألبان الابل ؟ قال : لا ، ولا من الخبز
واللحم ( 1 ) .
ومنه : عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى وعبدالله بن المغيرة ، عن محمد بن سنان
مثله ( 2 ) .
ومنه : عن ابن العزرمي ، عن حاتم بن إسماعيل المديني ، عن جعفر ، عن أبيه
عن الحسين بن علي ، عن زينب بنت ام سلمة قالت : اتي رسول الله صلى الله عليه وآله بكتف شاة
فأكل منها وصلى ولم يمس ماء ( 3 ) .
ومنه : عن جعفر بن محمد ، عن ابن القداح ، عن أبي عبدالله عليه السلام عن أبيه
عن علي بن الحسين عليهم السلام عن زينب بنت ام سلمة ، عن ام سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وآله
اتي بكتف شاة وأكل منها ، ثم أذن الموذن بالعصر ، فصلى ولم يمس ماء ( 4 ) .
ومنه : عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن
خالد قال : سالت أبا عبدالله عليه السلام هل يتوضأ من الطعام أو شرب اللبن ؟ قال : لا ( 5 ) .
بيان : الظاهر أن المراد بالوضوء في هذه الاخبار وضوء الصلاة لا غسل
اليد ( 6 ) وإن كان البرقي - ره أوردها في آداب الاكل ، وبالجملة تدل على
* ( هامش ص 223 ) * ( 1 - 5 ) المحاسن ص 427 .
( 6 ) بل الظاهر أن المراد بالوضوء : التوضى من الغمر ، وانما كان يتوضأ صلى الله
عليه وآله أحيانا عن الغمر اذا قام للصلاة لاجل طول لبث الغمر على يده ، والغمراذا
طال على اليد أو سائر البدن اجتمع عليه الشياطين وقدقال تعالى عزوجل : " والرجز


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 223 سطر 19 إلى صفحه 231 سطر 18

فاهجر " يعنى رجز الشيطان وأما اذا لم يلبث الغمر فلا يجب ذلك كما وقع في هذه الاحاديث
أن رسول الله ( ص ) أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ .
وأما الجمهور فتوهموا أن المراد بالتوضى في هذه الاحاديث الوضوء للصلاة فبعضهم
أخذ بما رواه أبوهريرة عن النبى صلى الله عليه وآله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : توضؤوا مما
مست النار ، رواه مسلم كمافى مشكاة المصابيح ص 40 ، وبعضهم أخذ بما رواه ابن عباس
قال : ان رسول الله أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ ، وهو عندهم حديث متفق عليه .
[224]
عدم انتقاض الوضوء بأكل مامسته النار ردا على بعض المخالفين القائلين به ، ولا
خلاف بيننا في عدم الانتقاض .
والمشهور بين المخالفين أيضا ذلك ، قال في شرح السنة بعد أن روى عن ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ : هذا متفق على
صحته ، وأكل مامسته النار لا يوجب الوضوء ، وهو قول الخلفاء الراشدين ، وأكثر
أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .
وذهب بعضهم إلى إيجاب الوضوء منه ، كان عمر بن العزيز يتوضأ من السكر
واحتجوا بما روى أبوهريرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : توضؤوا مما مسته النار ، ولو
من ثور أقط والثور القطعة من الاقط ، وهذا منسوخ عند عامة أهل العلم ، وقال
جابر : كان آخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وآله ترك الوضوء مما غيرت النار .
وذهب جماعة من أهل الحديث إلى إيجاب الوضوء عن أكل لحم الابل خاصة
وهو قول أحمد وإسحاق لرواية حملت على غسل اليد والفم للنظافة .
20 - نوادر الراوندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال
علي عليه السلام إن النبي صلى الله عليه وآله قبل زب الحسين بن علي عليهما السلام كشف عن اربيته ( 1 )
وقام فصلى من غير أن يتوضأ ( 2 ) .
وبهذا الاسناد قال : سئل علي عليه السلام أن رجلا قلم أظافيره وأخذ شاربه
أو حلق رأسه بعد الوضوء ، قال : لا بأس لم يزده ذلك إلا طهارة ( 3 ) .
وبهذا الاسناد قال : إن عليا عليه السلام رعف وهو في الصلاة بالناس ، فأخذ بيد
رجل فقدمه ثم خرج فتوضأ فلم يتكلم ثم جاء فبنى على صلاته ، ولم يزد على
ذلك ( 4 ) .
* ( هامش ص 224 ) * ( 1 ) الاربية : أصل الفخذ ، وكان أربوة لكنهم استثقلوا التشديد على الواو ،
وقالوا اربية .
( 2 ) نوادر الراوندى ص 40 .
( 3 ) نوادر الراوندى ص 45 ، وفيه " سئل عن رجل " .
( 4 ) المصدر نفسه .
[225]
وروي أيضا أن عليا عليه السلام قال : من رعف وهو في الصلاة فلينصرف وليتوضأ
وليستأنف الصلاة ( 1 ) .
وبهذا الاسناد قال : قال علي عليه السلام : كنت رجلا مذاء فاستحييت أن أسأل
رسول الله صلى الله عليه وآله لمكان فاطمة ابنته ، لانها كانت عندي ، فقلت لابي ذر سله ! فسأله
فقال النبي صلى الله عليه وآله : يغسل طرف ذكره وانثييه ، ويتوضأ وضوء الصلاة ( 2 ) .
وبهذا الاسناد عن علي عليه السلام قال : سمعت النبي صلى الله عليه وآله بعد أن أمرت المقداد
يسأله يقول ثلاثة أشياء : مني ووذى ومذي ، فأما المذي فالرجل يلاعب امرأته
فمذي ، ففيه الوضوء ، وأما الوذي فهو الذي يتبع البول الماء الغليظ شبه المني ففيه
الوضوء ، وأما المني فهو الماء الدافق الذي يكون منه الشهوة ففيه الغسل ( 3 ) .
بيان : " الزب " بالضم الذكر والاربية كاثفية أصل الفخذ ، أوما بين أعلاه
وأسفل البطن ، ويدل الاول على أن مس الذكر لا يبطل الوضوء ، والوضوء
في الثالث والرابع محمول على إزالة النجاسة حملا على المعنى اللغوي ، والبناء
في الثالث محمول على عدم الاستدبار والكلام ( 4 ) والاستيناف في الرابع على ما إذا
صدر واحد منهما ، أو الفعل الكثير على المشهور ، والوضوء في المذي والوذى إما
محمول على التقية أو على الاستحباب كما عرفت ( 5 ) .
* ( هامش ص 225 ) * ( 1 - 3 ) نوادر الراوندى ص 45 .
( 4 ) بل الوجه في ذلك أن كل ماغلب الله على العبد فالله أولى له بالعذر ، والرجل
اذا مضى في صلاته مع شرائط الصحة ، ثم فاجأه في الاثناء الرعاف وهو مانع عن المضى
في الصلاة شرعا ، كان على الله أن يقبل ما مضى من صلاته ، وكان عليه أن ينصرف إلى
تحصيل الطهارة المانعة عن الصلاة ، وليس معناه الا الابتناء ، نعم اذا فعل من منافيات الصلاة
ما لم يلزمه ولم يغلب عليه الله كان ذلك بمنزلة الانصراف عن الصلاة رأسا ، فلاوجه للابتناء
وهو ظاهر .
( 5 ) بل يحمل على التوضى من الخبث للعرف الشايع في صدر الاسلام ، فان وضوء
الصلاة أيضا انما سمى وضوءا لمبالغتهم في غسل الوجه واليدين رغبة في اطاعة أمرالله
عزوجل بأحسن الوجوه .
[226]
21 - نهج البلاغة : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : العين وكاء السه ( 1 ) .
قال السيد - رضي الله عنه - وهذه من الاستعارات العجيبة كأنه شبه السه
بالوعاء ، والعين بالوكاء ، فاذا اطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء ، وهذا القول في الاظهر
الاشهر من كلام النبي صلى الله عليه وآله ( 2 ) وقد رواه قوم لامير المؤمنين عليه السلام وذكر ذلك
المبردفي كتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف ، وقد تكلمنا على هذه الاستعارة
في كتابنا الموسوم بمجازات الاثار النبوية ( 3 ) .
بيان : قال في النهاية : الوكاء الخيط الذي يشد به الصرة ، والكيس و
غيرهما ، ومنه الحديث : العين وكاء السه ، جعل البقظة للاست كالوكاء للقربة كما
أن الوكاء يمنع ما في القربة أن يخرج كذلك اليقظة تمنع الاست أن يحدث إلا
باختيار ، وكنى بالعين عن اليقظة ، لان النائم لاعين له يبصر به ، والسه حلفة
الدبر وهو من الاست وأصلها سته بوزن فرس ، وجمعها أستاه كأفراس ، فحذف
الهاء وعوض عنها الهمزة ، فقيل إست ، فاذا رددت إليها الهاء وهي لامها وحذفت
العين التي هي التاء انحذفت الهمزة التي جئ بها عوض الهاء فتقول : سه بفتح
السين ، ويروى في الحديث وكاء الست بحذف الهاء وإثبات العين ، والمشهور
الاول انتهى .
* ( هامش ص 226 ) * ( 1 ) نهج البلاغة تحت الرقم 466 من قسم الحكم .
( 2 ) روى عن على ( ع ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : وكاء السه العينان فمن نام
فليتوضأ رواه أبوداود ، وروى أن النبى صلى الله عليه وآله قال : انما العينان وكاء السه فاذا نامت العين
استطلق الوكاء ، رواه الدارمى . راجع في ذلك مشكاة المصابيح ص 41 .
( 3 ) المجازات النبوية 178 ، ولفظه ومن ذلك قوله عليه السلام : " العين وكاء
السه فاذا نامت العين استطلق الوكاء " وهذه من أحسن الاستعارات والسه اسم للسته
قال الشاعر :
شأتك قعين غثها وسمينها * وأنت السه السفلى اذادعيت نصر
[227]
وقال ابن أبي الحديد : ويروى العينان وكاء السه ، وقد جاء في تمام الخبر
في بعض الروايات : فاذا نامت العينان استطلق الوكاء ( 1 ) .
22 - دعائم الاسلام : عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام أن الوضوء لا
يجب إلا من حدث ، وأن المرء إذا توضأ صلى بوضوئه ذلك ما شاء من الصلوات
مالم يحدث أوينم أو يجامع أو يغم عليه ، أو يكون منه مايجب منه إعادة
الوضوء ( 2 ) .
ومنه مرسلا عن أمير المؤمنين والباقر والصادق صلوات الله عليهم قالوا :
الذي ينقض الوضوء الغايط والبول والريح والنوم الغالب إذا كان لا يعلم ما
يكون منه ، فأما من خفق خفقة وهو يعلم ما يكون منه ويحسه ويسمع ، فذاك
لاينقض وضوءه ( 3 ) .
ولم يروامن الحجامة ولامن الفصد ولا من القئ ولا من الدم أو الصديد أو
القيح ، ولا من القبلة ولا من المس ولا من مس الذكر ولا الفرج ولا الانثيين ولامس
شئ من الجسد ولا من أكل لحوم الابل ولا من شرب اللبن ، ولا من أكل ما
مسته النار ، ولا في قص الاظفار ولا أخذ الشارب ولا حلق الرأس وإذا مس جلدك
الماء فحسن ( 4 ) .
ويتمضمض من تقيأويصلي إذا كان متوضئا قبل ذلك ، ومن أكل اللحوم
* ( هامش ص 227 ) * فكانه عليه السلام شبه السه بالوعاء وشبه العين بالوكاء فاذا نامت العين انحل صرار
السه كماأنه اذازال الوكاء وسع بما فيه الوعاء ، الا أن حفظ العين للسته على خلاف حفظ
الوكاء للوعاء فان العين اذا أشرجت لم تحفظ ستهها والاوكية اذا حللت لم تضبط أوعيتها
ومن الناس من ينسب هذا الكلام إلى أمير المؤمنين على عليه السلام وقد ذكره محمد بن يزيد
المبرد في الكتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف ، وفى الاظهر الاشهر أنه للنبى صلى الله عليه وآله .
( 1 ) شرح النهج ج 4 ص 507 .
( 2 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 101 .
( 3 - 4 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 102 باقتباس واختلاط .
[228]
أوالالبان أو مامسته النارفان غسل من مس ذلك يديه فهو حسن مرغب فيه مندوب
إليه ، وإن صلى ولم يغسلهما لم تفسد صلاته ( 1 ) .
وروينا عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه اتي بكتف جزور مشوية وقد أذن بلال
فأمره فأمسك هنيئة حتى أكل منها وأكل معه أصحابه ، ودعا بلبن إبل ممذوق ( 2 )
له فشرب منه وشربوا ثم قام فصلى ولم يمس ماء ( 3 ) .
بيان : الممذوق اللبن الممزوج بالماء .
23 - الهداية : لا ينتقض الوضوء إلا مما يخرج من الطرفين من بول أو
غائط أو ريح أو مني ، وما سوى ذلك من مذي ووذي وقئ وقلس ورعاف و
حجامة ودماميل وجروج وقروح وغير ذلك فانه لا ينقض الوضوء ( 4 ) .
24 - كتاب عاصم بن حميد : عن سالم بن أبي الفضل قال : سألت أبا
عبدالله عليه السلام عما ينقض الوضوء فقال : ليس ينقض الوضوء إلا ما أنعم الله به عليك
من طرفيك من الغايط والبول .
25 - كتاب عبدالله بن يحيى الكاهلي قال : سألت العبد الصالح عليه السلام عن
الرجل يخفق وهو جالس في الصلاة ، قال : لا بأس بالخفقة مالم يضع جبهته على
الارض أو يعتمد على شئ .
بيان : لعل محمول على التقية أوعلى عدم ذهاب حس السمع والبصر .
* ( هامش ص 228 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 102 .
( 2 ) في المصدر ، فمذق . وهو الاصح ، والمراد باللبن الماست .
( 3 ) دعائم الاسلام ص 102 .
( 4 ) الهداية ص 18 .
[229]
* ( باب 2 ) *
* ( علل الوضوء وثوابه وعقاب تركه ) *
1 - مجالس الصدوق : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم
عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن علي بن الحسين البرقي ، عن ابن جبلة ،
عن معاوية بن عمار ، عن الحسن بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جده الحسن
ابن علي عليه السلام قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله أعلمهم عن
مسائل ، فكان فيما سأله : أخبرني لاي شئ توضأ هذه الجوارح الاربع وهي أنظف
المواضع في الجسد ؟ .
قال النبي صلى الله عليه وآله : لما أن وسوس الشيطان إلى آدم ، ودنا آدم من
الشجرة ونظر إليها ، ذهب ماء وجهه ، ثم قام وهو أول قدم مشت إلى خطيئة ،
ثم تناول بيده ثم مسها فأكل منها فطارالحلي والحلل عن جسده ، ثم وضع يده
على ام رأسه وبكى .
فلما تاب الله عزوجل عليه فرض الله عزوجل عليه وعلى ذريته الوضوء
على هذه الجوارح الاربع : وأمره أن يغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة ، وأمره
بغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناول منها ، وأمره بمسح الرأس لما وضع يده
على رأسه ، وأمره بمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة ، ثم سن على امتي المضمضة
لتنقي القلب من الحرام ، والاستنشاق لتحرم عليهم رائحة النار ونتنها
قال اليهودي : صدقت يا محمد فما جزاء عاملها ؟ قال النبي صلى الله عليه وآله : أول ما يمس
الماء يتباعد عنه الشيطان ، وإذا تمضمض نور الله قلبه ولسانه بالحكمة ، فاذا استنشق
آمنه الله من النار ، ورزقه رايحة الجنة ، فاذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تبيض
فيه وجوه وتسود فيه وجوه ، وإذا غسل ساعديه حرم الله عليه أغلال النار ، و
[230]
إذا مسح رأسه مسح الله عنه سيئاته ، وإذا مسح قدميه أجازه الله على الصراط يوم
تزل فيه الاقدام ، قال : صدقت يامحمد ( 1 ) .
بيان : قوله صلى الله عليه وآله " لتنقى القلب " أي يذهب أثر الحرام من القلب ، فينور
الله قلبه ولسانه بالحكمة كما سيأتي .
العلل : عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن علي بن الحسين السعد آبادي
عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن الحسين بن أبي العلا ، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال : جاء نفر - إلى قوله : لما مشى إلى الخطيئة ( 2 ) .
المحاسن : عن أبيه مثله ( 3 ) .
العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم مرسلا مثله .
2 - مجالس الصدوق : عن الحسين بن علي بن أحمد الصايغ ، عن أحمد
ابن محمد بن عقدة الهمداني ، عن جعفر بن عبيد الله ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي
ابن رئاب ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وآله فسأله
عن ثواب الوضوء والصلاة ، فقال صلى الله عليه وآله : اعلم أنك إذا ضربت يدك في الماء و
قلت : " بسم الله " تناثرت الذنوب التي اكتسبتها يداك ، فاذا غسلت وجهك تناثرت
الذنوب التي اكتسبتها عيناك بنظر هما وفوك بلفظه ، فاذا غسلت ذراعيك تناثرت
الذنوب عن يمينك وشمالك ، فاذا مسحت رأسك وقدميك تناثرت الذنوب التي
مشيت إليها على قدميك ، فهذا لك في وضوئك ( 4 ) .
أقول : تمامه في كتاب الحج ( 5 ) .
* ( هامش ص 230 ) * ( 1 ) أمالى الصدوق ص 115 .
( 2 ) علل الشرايع ج 1 ص 265 .
( 3 ) المحاسن ص 323 .
( 4 ) أمالى الصدوق ص 328 .
( 5 ) راجع ج 99 ص 3 - 5 .
[231]
3 - العيون ( 1 ) والعلل : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه ، عن محمد
ابن علي الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن الرضا عليه السلام فيماكتب إليه من العلل
قال : علة الوضوء التي صار من أجلها غسل الوجه والذراعين ، ومسح الرأس و
الرجلين ، فلقيامه بين يدي الله عزوجل ، واستقباله إياه بجوارحه الظاهره ، و
ملاقاته بهاالكرام الكاتبين :
فغسل الوجه للسجود والخضوع ، وغسل اليدين ليقلبهما ويرغب بهما و
يرهب ويتبتل ، ومسح الرأس والقدمين لانهما ظاهران مكشوفان يستقبل بهما
في حالاته ، وليس فيهما من الخضوع والتبتل مافي الوجه والذراعين ( 2 ) .
بيان : الرغبة أن تبسط يديك وتظهر باطنهما ، والرهبة أن تبسط يديك
وتظهر ظهرهما ، والتبتل تحريك السبابة اليسرى ترفعها في السماء وتضعها كما
روي في الصحيح ( 3 ) والتقليب يشملها مع تحريك السبابة اليمنى يمينا وشمالا
ويسمى بالتضرع ، ورفع اليدين للتكبير والوضع في مواضعهما في الركوع والسجود
وساير الاحوال .
4 - ثواب الاعمال : عن محمدبن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن
الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عمرو بن عثمان ، عن صباح الحذاء ، عن
سماعة قال : قال أبوالحسن موسى عليه السلام : من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك
كفارة لما مضى من ذنوبه في نهاره ، ما خلا الكبائر ، ومن توضأ لصلاة الصبح
كان وضوؤه ذلك كفارة لمامضى من ذنوبه في ليلته ماخلا الكبائر ( 4 )


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 231 سطر 19 إلى صفحه 239 سطر 18

ايضاح : لا يقال : مع اجتناب الكبائر الصغاير مكفرة بالاية الكريمة ( 5 )
* ( هامش ص 231 ) * ( 1 ) عيون الاخبار ج 2 ص 89
( 2 ) علل الشرايع ج 1 ص 265 .
( 3 ) راجع ج 2 ص 479 من الكافى ص 369 معانى الاخبار .
( 4 ) ثواب الاعمال ص 17
( 5 ) الاية هى قوله تعالى : " ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم
[232]
فأي فائدة للوضوء ؟ لانا نقول : يحتمل أن يكون تكفير الصغاير بسبب الوضوء
مختصا بمن لم يجتنب الكبائر ( 1 ) وربما يقال : لعل كل منهما مدخلا في التكفير
ولايخفى مافيه .
5 - معانى الاخبار : عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن محمد بن يحيى
العطار وأحمد بن إدريس معا عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعرى ، عن أحمد بن محمد
عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
ثمانية لا تقبل لهم صلاة : العبد الابق حتى يرجع إلى مولاه ، والناشز عن زوجها
وهو عليها ساخط ، ومانع الزكاة ، وتارك الوضوء ، والجارية المدركة تصلي
بغير خمار ، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون والزبين .
قالوا : يا رسول الله وما الزبين ؟ قال : الرجل يدافع البول والغايط .
والسكران ، فهؤلاء ثمانية لا تقبل لهم صلاة ( 2 ) .
بيان : ظاهر الاخبار أن القبول غير الاجزاء ، واختلف في معناهما ، فقيل
القبول هو استحقاق الثواب ، والاجزاء الخلاص من العقاب ، وقيل : القبول
[ كثرة الثواب والاجزاء بدونه قلة ، والظاهر أن المراد بعدم القبول ] ( 3 ) هنا
* ( هامش ص 232 ) * وندخلكم مدخلا كريما " وللمؤلف العلامة في ج 6 ص 42 من هذه الطبعة بيان ، وهكذا
في ج 79 ص 3 ، ولنا في الذيل ج 79 ص 10 - 12 بحث في ذلك من شاءه فليراجع .
( 1 ) بل الوجه فيه أن الحسنات يذهبن السيئات ، والسيئات هى الصغائر ، والحسنات
الصلوات الخمس كمايأتى في محله ، فالمعنى أن كل صلاة اذا صليت في وقته كانت مكفرة
لما صدر من المصلى من صغائر الذنوب والسيئات قبل ذلك ، الا أن ذلك التكفير يعجل في
صلاة المغرب والصبح فاذا توضأ لصلاتهما كفر ما بينهما ، وأما من لا يصلى فلا يكفر ذنوبه
أصلا لان ترك الصلاة كبيرة في نفسها ، بل هو بمنزلة الكفر .
( 2 ) معانى الاخبار ص 404 ، ورواه في الخصال ج 2 ص 38 المحاسن ص 12 .
( 3 ) مابين العلامتين ساقط من الكمبانى .
[233]
أعم من عدم الصحة وعدم الكمال ، ففي تارك الوضوء والمصلية بغير خمار و
السكران الاول وفي الباقي الثاني ، وقال في النهاية : الزبن الدفع ، ومنه الحديث
لا يقبل الله صلاة الزبين ، وهو الذي يدافع الاخبثين وهو بوزن السجين هكذا
رواه بعضهم والمشهور بالنون وقال في الزاء والنون : فيه لا يصلين أحدكم وهو
زنين أي حاقن ، يقال : زن يزن أي حق فقطر ، وقيل : هو الذي يدافع
الاخبثين معا ، ومنه الحديث لا يقبل الله صلاة العبد الابق ولا صلاة الزنين .
6 - عقاب الاعمال ( 1 ) والعلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد
ابن الحسن الصفار ، عن السندي بن محمد ، عن صفوان بن يحيى ، عن صفوان ابن مهران ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال : اقعد رجل من الاخيار
في قبره فقيل له : إنا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله ، فقال : لا أطيقها ، فلم
يزالوا به حتى انتهوا إلى جلدة واحدة ، فقالوا ليس منها بد فقال :
فبما تجلدونيها ؟ قالوا : نجلدك لانك صليت يوما بغير وضوء ، ومررت على
ضعيف فلم تنصره ، قال : فجلدوه جلدة من عذاب الله عزوجل ، فامتلا قبره
نارا ( 2 ) .
المحاسن : عن محمد بن علي ، عن ابن أبي نجران ، عن صفوان مثله ( 3 )
بيان : في العلل وعقاب الاعمال " رجل من الاخيار " بالخاء المعجمة و
الياء المثناة التحتانية ، وفي المحاسن والفقيه ( 4 ) الاحبار بالحاء المهملة والباء
الموحدة فعلى الاول المراد كونه خيرا عند الناس أو في سائر أعماله ، وعلى
الثاني علماء اليهود .
* ( هامش ص 233 ) * ( 1 ) راجع ص 202 من ثواب الاعمال .
( 2 ) علل الشرايع ج 1 ص 291 .
( 3 ) المحاسن ص 78 .
( 4 ) رواه في الفقيه مرسلا راجع ج 1 ص 35 ط نجف .
[234]
ويدل الخبر على حرمة الصلاة بغير وضوء ووجوب نصرة الضعفاء مع
القدرة ، وعلى سؤال القبر وعذابه ، وأنه يسأل فيه عن بعض الفروع أيضا كما
دلت عليه أخبار اخر ، وقد مر الكلام فيه في المجلدات الثالث ( 1 ) .
7 - العيون ( 2 ) والعلل عن عبدالواحد بن محمد بن عبدوس ، عن علي بن
محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام .
فان قال : لم أمر بالوضوء وبدأ به ؟ قيل : لان يكون العبد طاهرا إذا
قام بين يدي الجبار في مناجاته إياه ، مطيعا له فيما أمره ، نقيا من الادناس و
النجاسة ، مع مافيه من ذهاب الكسل ، وطرد النعاس ، وتذكية الفؤاد للقيام بين
يدي الجبار .
فان قال : فلم وجب ذلك على الوجه واليدين ، والرأس والرجلين ؟
قيل : لان العبد إذا قام بين يدي الجبار ، فانما ينكشف من جوارحه ، ويظهر
ما وجب فيه الوضوء ، وذلك أنه بوجهه يستقبل ويسجد ويخضع ، وبيده سأل
ويرغب ويرهب ويتبتل ، وبرأسه يستقبل في ركوعه وسجوده ، وبرجليه
يقوم ويقعد .
فان قيل : فلم وجب الغسل على الوجه واليدين ، والمسح على الرأس و
الرجلين ولم يجعل غسلا كله ، ولا مسحا كله ؟ قيل : لعلل شتى : منها أن
العبادة العظمى إنما هي الركوع والسجود ، وإنما يكون الركوع والسجود
بالوجه واليدين ، لا بالرأس والرجلين .
ومنها أن الخلق لا يطيقون في كل وقت غسل الرأس والرجلين ، يشتد
ذلك عليهم في البرد ، والسفر ، والمرض ، والليل والنهار ، وغسل الوجه
* ( هامش ص 234 ) * ( 1 ) راجع ج 6 ص 202 - 208 باب أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله .
( 2 ) عيون الاخبار ج 2 ص 104 .
[235]
واليدين أخف من غسل الرأس والرجلين ، وإنما وضعت الفرائض على قدر أقل
الناس طاقة من أهل الصحة ، ثم عم فيها القوى والضعيف ومنها أن الرأس و
الرجلين ليس هما في كل وقت باديان وظاهران ( 1 ) كالوجه واليدين ، لموضع
العمامة والخفين وغير ذلك .
فان قال : فلم وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة ، ومن النوم
دون ساير الاشياء ؟ فقيل : لان الطرفين هما طريق النجاسة ، وليس للانسان
طريق تصيبه النجاسة من نفسه إلا منهما ، فامروا بالطهارة عندما تصيبهم تلك
النجاسة من أنفسهم ، وأما النوم فان النائم إذاغلب عليه النوم يفتح كل شئ منه
واسترخى ، فكان أغلب الاشياء كلها فيما يخرج منه ، فوجب عليه الوضوء
بهذه العلة .
فان قالوا : فلم لم يؤمروا بالغسل من هذه النجاسة كما امروا بالغسل من
الجنابة ؟ قيل : لان هذا شئ دائم غير ممكن للخلق الاغتسال منه كلما يصيب ذلك
ولايكلف الله نفسا إلا وسعها ، والجنابة ليس هي أمرا دائما إنما هي شهوة يصيبها
إذا أراد ، ويمكنه تعجيلهاو تأخيرها للايام الثلاثة والاقل والاكثر ، وليس
هاتيك هكذا ( 2 ) .
توضيح : قوله عليه السلام : " ليس همافي كل وقت " أي لا يحصل فيهما من الدنس و
القذر مايحصل في الوجه واليدين ، لكونهما غالبا باديين ، قوله عليه السلام : " فكان أغلب
* ( هامش ص 235 ) * ( 1 ) كذافى النسخ : والرفع فيهما على الغاء ليس من العمل بمعنى فرض دخولها
على الجملة الاسمية " هما باديان " ويظهر من طبعة الكمبانى أنه صحح " باديين وظاهرين "
وهو الاشبه بقواعد العلم ، على نحو قوله ( ع ) : " ليس هى أمرا دائما " فيما يأتى من
لفظ الحديث .
( 2 ) علل الشرايع ج 1 ص 244 و 245 وفيه " وليس ذانك " وفى العيون
" وليس ذلك " .
[236]
الاشياء " أي فكان النوم أغلب الاشياء في احتمال خروج النجاسة أي أغلب أحوال
الانسان ، أو المراد بالاشياء الاعضاء بقرينة قوله كل شئ منه أي أغلب الاشياء
في الاسترخاء الاعضاء التي تخرج منها النجاسة ، أو المراد بالاشياء الاحتمالات
أي أغلب الاحتمالات في حال الخروج فتكون كلمة " ما " مصدرية ، ولعل
الاول أظهر .
8 - المناقب : لابن شهر آشوب : روي أن شاميا سأل علي بن الحسين عليه السلام
عن بدوالوضوء فقال قال الله تعالى لملائكته : " إني جاعل في الارض خليفة " ( 1 )
الاية فخافوا غضب ربهم فجعلوا يطوفون حول العرش كل يوم ثلاث ساعات من
النهار ، يتضرعون ، قال : فأمر هم أن يأتوا نهرا جاريا يقال له الحيوان تحت العرش
فيتوضأوا ( 2 ) .
9 - تفسير الامام عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مفتاح الصلاة الطهور
وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ، ولا يقبل الله صلاة بغير طهور ( 3 ) .
بيان : رواه في الكافي ( 4 ) عن أبي عبدالله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وفيه " افتتاح
الصلاة " أي أول شرائطه ومقدماته ، أولانه لاشتراطها به كالجزء منها ، أو عند
الشروع في الوضوء إلى إتمام الصلاة يكتب له ثوابها ، وكذا المفتاح أو هو كناية
عن الاشتراط أي لا يفتح الصلاة إلا به " وتحريمها التكبير " أي لا يحرم
محرمات الصلاة إلا به ، ولا يحل المحرمات إلا بالتسليم ، وظاهره الوجوب
وسيأتى القول فيه .
10 - الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين
ابن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبى جعفر عليه الصلاة والسلام
* ( هامش ص 236 ) * ( 1 ) البقرة : 30 .
( 2 ) المناقب ج 4 ص 160 .
( 3 ) تفسير الامام 239 .
( 4 ) الكافى ج 3 ص 69 .
[237]
قال : لاتعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع
والسجود ( 1 ) .
بيان : الطهور الطهارة من الحدث ، أو الاعم منه ومن الخبث ، وفي الاخلال
بالاول يلزم الاعادة مطلقا ، وفي الثاني إذا كان عامدا مطلقا في الوقت وخارجه
سواء كان عالما بالحكم أو جاهلا واستشكل بعض المحققين قضاء الجاهل ، وإذا
كان ناسيا الاعادة مطلقا أيضا على قوله جماعة أو في الوقت خاصة على الاشهر بين
المتأخرين .
وقيل : بعدم الاعادة مطلقا ولا يخلو من قوة ، بحمل الاخبار الاعادة على
الاستحباب ، وإذا كان جاهلا ولم يعلم إلا بعد الفراغ ، فالاشهر عدم الاعادة
مطلقا وقيل : يعيد في الوقت خاصة ، وفيه قول نادر بوجوب القضاء أيضا والاول
أقوى .
11 - دعائم الاسلام : روينا عن علي عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه
قال : يحشر الله عزوجل امتي يوم القيامة بين الامم غرا محجلين من آثار
الوضوء ( 2 ) .
ومنه عن علي عليه السلام أنه قال : الطهر نصف الايمان ( 3 ) .
وعنه عليه السلام أنه قال : من أحسن الطهور ثم مشى إلى المسجد فهو في صلاة
ما لم يحدث ( 4 ) .
ومنه : عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : لا صلاة إلا بطهور ( 5 ) .
وعن أبي عبدالله جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه قال : لا يقبل الله صلاة
إلا بطهور ( 6 ) .
* ( هامش ص 237 ) * ( 1 ) الخصال ج 1 ص 137 .
( 2 - 6 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 100 .
[238]
12 - نوادر الراوندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الوضوء نصف الايمان ( 1 ) .
بيان : لعل المعنى أنه نصف الصلاة لشدة مدخليته في صحتها ، وقد سمى
الله الصلاة إيمانا ( 2 ) في قوله سبحانه " وما كان الله ليضيع إيمانكم " كما مر ( 3 ) .
13 - المحاسن : عن عبدالعظيم الحسني قال : قال أبوجعفر عليه السلام :
لا صلاة إلا بطهور .
أقول : سيأتي بعض العلل في باب علل الصلاة .
* ( هامش ص 238 ) * ( 1 ) نوادر الراوندى : 40 .
( 2 ) أقول : بل الظاهر أن المراد بالايمان هو تصديق النبى صلى الله عليه وآله عند تحويل القبلة
حيث كان صعبا عليهم لكونه متضمنا لتخطئة قبلتهم الاولى ولذلك ارتد بعض المسلمين حينذاك
كما قال عزوجل في صدر الاية " سيقول السفهاء ما وليهم من قبلتهم التى كانوا عليها " إلى قوله
" وما جعلنا القبلة التى كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وان كانت
لكبيرة الا على الذين هدى الله " .
( 3 ) راجع باب تحول القبلة ج 19 ص 195 - 202 من هذه الطبعة الحديثة ، و
الاية في سورة البقرة : 143 .
[239]
* ( باب 3 ) *
* ( وجوب الوضوء وكيفيته وأحكامه ) *
الايات : المائدة : يا أيها الذين آمنوا إذاقمتم إلى الصلوة فاغسلوا
وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين ( 1 ) .
الواقعة : إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا
المطهرون ( 2 ) .
تفسير : قيل إقباله جل شأنه بالخطاب بهذا الامر يتضمن تنشيط المخاطبين
والاعتناء بشأن المأمور به ، وجبر كلفة التكليف بلذة المخاطبة ، ثم إن قلنا
باختصاص كلمة " يا " بنداء البعيد كما هو الاشهر ، فالنداء بها للبعد البعيد بين
مقامي عز الربوبية وذل العبودية ، أو لتنزيل المخاطبين ولو تغليبا منزلة البعداء
للانهماك في لوازم البشرية ، وإن كان سبحانه أقرب إلينامن حبل الوريد ، أولما
يتضمنه هذا النداء من تفخيم المخاطب به ، والاشارة إلى رفعة شأنه بالايماء إلى
أننا بمراحل عن توفية حقه ، وحق ماشرع لاجله .
ولفظة " أي " لما كانت وصلة إلى نداء أمثال هذه المعارف ، اعطيت حكم
المنادى ، ووصفت بالمقصود بالنداء ، وتوسيط ها التنبيه بينهما تعويض عمااستحقه
من المضاف إليه ، وتأكيد للخطاب ، وقد كثر النداء بيا أيها الذين آمنوا في القرآن
المجيد ، لمافيه من وجوه التأكيد بالايماء إلى التفخيم ، وتكرار الذكر والابهام
أولا ثم الايضاح ثانيا .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 239 سطر 19 إلى صفحه 247 سطر 18

* ( هامش ص 239 ) * ( 1 ) المائدة : 6
( 2 ) الواقعة : 77 - 79 .
[240]
والاتيان بحرف التنبيه وتعليق الحكم على الوصف المشعر بالعلية الباعث
على الترغيب في الامتثال ، وتخصيص الخطاب بالمؤمنين ، لانهم هم المتهيؤن
للامتثال ، وإلا فالكفار عندنا مخاطبون بفروع العبادات ، على أن المصر على
عدم الايتمار بالشئ لا يحسن أمره بما هو من شروطه ومقدماته .
والقيام إلى الصلاة قيل اريد به إرادته والتوجه إليه إطلاقا للملزوم على
لازمه ، أوالمسبب على سببه ، إذا فعل المختار تلزمه الارادة ، ويتسبب عنها كقوله
تعالى " فاذا قرأت القرآن " ( 1 ) وقيل المراد بالقيام إليها قصدها ، والعلاقة مامر من
اللزوم أو السببية ، وقيل معنى القيام إلى الشئ قصده وصرف الهمة إلى الاتيان
به ، فلاتجوز ، وقيل المراد القيام المنتهي إلى الصلاة .
قال الشيخ البهائي قدس سره : والقولان الاخيران وإن سلما عن التجوز
لكن أولهما يثبت في اللغة ، وثانيهما لا يعم جميع الحالات ، فالمعتمد الاول
وكيف كان ، فالمعنى إذاقمتم محدثين ، وأماما نقل من أن الوضوء كان فرضاعلى
كل قائم إلى الصلاة وإن كان على وضوء ( 2 ) ثم نسخ بالسنة فلم يثبت عندنا ، مع
أنه خلاف ما هو المشهور من أنه لامنسوخ في المائدة .
وقال جماعة من الاصحاب : الوجه مأخوذ من المواجهة فالاية إنما تدل
على وجوب غسل مايواجه به منه ، وقال والدي قدس سره : بل الامر بالعكس ،
فان المواجهة مشتقة من الوجه .
ولما كانت اليد تطلق على ما تحت الزند ، وعلى ماتحت المرفق ، وما تحت
المنكب ، بين سبحانه غاية المغسول منها كما تقول لغلامك : اخضب يدك إلى الزند
* ( هامش ص 240 ) * ( 1 ) النحل : 98 .
( 2 ) - توهموا أن للاية الشريفة اطلاقا بالنسبة إلى من قام إلى الصلاة ، سواء كان
متوضئا قبل ذلك لصلاة اخرى ماضية أولم يكن متوضئا ، وليس بصحيح ، والا لوجب أن
يكون الخروج من الصلاة - التى توضأ هذا الوضوء لها - ناقضا لذاك الوضوء كماأن الخروج
من الغائط ناقض له ، وهو كما ترى .
[241]
وللصيقل اصقل سيفي إلى القبضة ، وليس في الاية الكريمة دلالة على ابتداء الغسل
بالاصابع وانتهائه بالمرفق ، كما أنه ليس في هاتين العبارتين دلالة على ابتداء
الخاضب والصيقل بأصابع اليد وطرف السيف ، فهي مجملة ( 1 ) .
ولاسيما إذا جعلت لفظة " إلى " فيها بمعنى " مع " ، كما في بعض التفاسير
* ( هامش ص 241 ) * على أن الاية الشريفة هى التى تكفلت لبيان الوضوء وكيفيته ، ومعلوم أن الوضوء
قبل نزولها لم يكن مفروضا ، وان كان مسنوبا أسوة بالنبى صلى الله عليه وآله .
فشأن الاية أنه يفرض المكلفين من دون وضوء ثم يأمرهم بالتوضى ويجعله شرطا
للدخول في الصلاة ، فكل من أراد الدخول في الصلاة بعد نزول الاية كان شرطا عليه أن
يتوضأ ، وأما من توضأ بعد نزولها ولم يحدث بأحد النواقض ، فهو واجد للوضوء ، والتوضى
بعده مجددا تحصيل للحاصل .
نعم ظاهر قوله تعالى : " اذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا " الخ الاتيان بالوضوء لاجل
الصلاة والقيام اليها ، كمايقال : إذا أردت أن تلقى الامير فخذ أهبتك ، واذا أردت أن
تلقى الاسد فخذ حذرك " فمن كان توضا لمس كتابة القرآن أو الكون على الطهارة أو للنوم
أو للجماع مثلا لا يصح له الدخول في الصلاة ، لانه لم يمتثل فرض هذه الاية ومنه والنية أعنى
ارادة الصلاة والتوجه لها ، وسيأتى مزيد الكلام فيه .
( 1 ) أقول : بل هى مطلقة تشمل أنحاء الغسل :
1 - الابتداء بالمرفق ثم الاعلى فالاعلى بحيث ينفصل الغسالة من الاصابع .
2 - الابتداء برؤس الاصابع ثم الاسفل والاسفل حتى ينفصل الغسالة من المرفق ،
والخطب في تعسر الابتداء برؤس الاصابع ثم الاسفل فالاسفل .
3 - الغسل من دون رعاية الاعلى فالاعلى ، والاسفل فالاسفل ، بأن يجمع بين النوعين
المذكورين فتارة يدلك من المرفق إلى الاصابع وتارة من الاصابع إلى المرفق - ويعبر
عنه برد الشعر - .
4 و 5 - غسل الكفين من الاصابع إلى الزند ثم غسل الساعد من المرفق إلى الزند
وعكسه .
[242]
فالاستدل بها على وجوب الابتداء بالاصابع استدلال واه لاحتمالها كلا الامرين
ونحن إنما عرفنا وجوب الابتداء بالمرفق من فعل أئمتنا عليهم السلام .
على أن ابن هشام ذكر في طي ما ذكر من أغلاط المعربين : الحاديشعر قوله
تعالى " فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق " فان المتبادر تعلق إلى باغسلوا
وقد رده بعضهم بأن ما قبل الغاية لابد أن يتكرر قبل الوصول إليها تقول ضربته
* ( هامش ص 242 ) * 6 و 7 - غسل الساعد من المرفق إلى الزند ثم غسل الكفين من الاصابع إلى الزند
وعكسه .
8 - رش اليدين إلى المرفق ثم دلكه هكذا : ذاهبا وجائيا ، ثم غمصه في الماء
ليتحقق الغسل ويذهب بالدرن المانع .
ومن دقق النظر ، يمكن أن له يتصور أنحاء أخرى غير ما ذكرناه ، وهكذا في
غسل الوجه وهوذات أبعاض ، ومسح الرأس والقدمين كما سيأتى الكلام فيه .
ولكن أحسن الوجوه اللائق بمقام الربوبية وأسهلها من حيث الطبع وأكملها من
حيث النظافة والذهاب بالدرن الموافق لطبع الماء المطهر وجريانه ، هو الوجه الاول
وهو الغسل : الاعلى فالاعلى - سواء كان غسل الوجه أو اليدين أو تمام البدن في الغسل ،
بأن يرسل الماء في الوضوء إلى أعلى الوجه ويمريده ماسحا من الاعلى إلى الاسفل حتى
يوافق غسله ومسحه طبع الماء من حيث نزوله وميله إلى الارض فيتوافقان معا ، وينفصل
الغسالة من الذقن وينزل إلى الارض ، كما هو دأب جميع البشر في غسل الوجه ، المسلم
وغيره .
ثم يرسل الماء إلى أعلى المرفق ويمسح بيده من الاعلى إلى الاسفل موافقا لجريان
الماء وطبعه حتى يذهب بالدرن المانع ، وينفصل الغسالة من الاصابع ، وهذا هو النحو
المتعارف المطبوع لكل أحد ، سوى أهل السنة من المخالفين ، خالفوا فطرتهم المجبولة
قسرا لاجل فتوى فقائهم الجهال حيث توهموا أن " إلى " في الاية تفيد وجوب الابتداء
من الاصابع والانتهاء إلى المرافق وليس كذلك ، لاعرفا كما بينه المؤلف العلامة
قدس سره وهو على محله ، ولالغة كما ستعرفه من كلام ابن هشام .
[243]
إلى أن مات ، ويمتنع قتلته إلى أن مات ، وغسل اليد لا يتكرر قبل الوصول إلى
المرفق ، لان اليد شاملة لرؤوس الانامل والمناكب وما بينهما .
قال : والصواب تعلق إلى باسقطوا محذوفا ويستفاد من ذلك دخول المرافق
في الغسل ، لان الاسقاط قام الاجماع على أنه ليس من الانامل بل من المناكب
وقد انتهى إلى المرفق ، والغالب أن ما بعد إلى يكون غير داخل ، بخلاف حتى
وإذا لم يدخل في الاسقاط بقي داخلا في المأمور بغسله انتهى ( 1 ) .
والحمدلله الذي أظهر الحق على لسان أعدائه ، ألا ترى كيف اعترف هذا
الفاضل الذي هو من أفاخم علماء العربية ، وأجلة أفاضل أهل الضلالة ، بما يستلزم
الحق المبين ، والحمد لله رب العالمين . وقد روي عن الصادق عليه السلام أن الاية
نزلت هكذا " وأيديكم من المرافق " ( 2 ) .
والمرافق جمع مرفق بكسر أوله وفتح ثالثه ، أو بالعكس ، وهو مجمع
* ( هامش ص 243 ) * ( 1 ) راجع مغنى اللبيب الباب الخامس في ذكر الجهات التى يدخل الاعتراض على
المعرب من جهتها ص 533 ط مصر وزاد بعده :
وقال بعضهم : الايدى في عرف الشرع اسم للاكف فقط ، بدليل آية السرقة ، وقد
صح الخبر باقتصاره صلى الله عليه وآله في التيمم على مسح الكفين ، فكان ذلك تفسيرا للمراد بالايدى
في آية التيمم ، قال ، وعلى هذا فالى غاية للغسل ، لا للاسقاط ، قلت ، وهذا ان سلم
فلابد من تقدير محذوف أيضا أى : ومدوا الغسل إلى المرافق ، اذ لا يكون غسل ما وراء
الكف غاية للكف .
اقول : الاستدلال بآية السرقة على أن المراد بالكفين في عرف الشرع هو الاكف
ليس على محله ، فان آية السرقة لم يبين حد القطع وانما بين في السنة المختلف فيها
بين أهل البيت وغيرهم من المخالفين ، وقد قيل بالقطع من المرفق أيضا بدليل آية الوضوء
ولعل ابن هشام لاجل مدخولية قوله واستدلاله قال : " وهذاان سلم " .
( 2 ) راجع الكافى ج 3 ص 28 حديث الهيثم بن عروة التميمى عن أبى عبدالله ( ع )
وسيجئ في طرف طى أخبار الباب روايات أخر .
[244]
عظمي الذراع والعضد سمي بذلك لانه يرتفق به في الاتكاء ونحوه ، ولا دلالة
في الاية على إدخاله في غسل اليد ، ولا على إدخال الكعب في مسح الرجل
لخروج الغاية تارة ودخولها اخرى ومجئ " إلى " بمعنى " مع " كما في قوله تعالى
" ويزدكم قوة إلى قوتكم " ( 1 ) وقوله " من أنصاري إلى الله " ( 2 ) لا ينفع فنحن
إنما استفدنا إدخال المرفق في الغسل من فعل أئمتنا عليهم السلام ( 3 ) وقدأطبق
جماهير الامة أيضا على دخوله ، ولا يخالف فيه إلا شرذمة شاذة من العامة
لا يعتد بهم .
وأما الكعبان فالمشهور بين علمائنا عدم دخولهما في المسح ، وليس في رواياتنا
تصريح بدخولهما فيه ، بل في بعضها إشعار بعدمه ، وأما العامة فقد أدخلوهما في
الغسل ، والباء في قوله : " برؤسكم " حملها العامة على مطلق الالصاق ( 4 ) ومن ثم
* ( هامش ص 244 ) * ( 1 ) هود : 52 .
( 2 ) آل عمران : 52 ، الصف : 14 .
( 3 ) لا يدل فعل أئمتنا عليهم الصلاة والسلام على دخول المرفق في المغسول فان
اللازم ارسال الماء من أعلى المغسول ، ولا يمكن ذلك ، الا بارسال الماء من أعلى المرفق
ومسحه باليد إلى الاسفل ، فغسل المرفق في الوضوءات البيانية من باب المقدمية كغسل
اليدين قبل الشروع في الوضوء والغسل ، وقد سبق الكلام فيه في ص 146 .
( 4 ) وعندى أنا الباء للاستعلاء وهو المعنى العاشر مماذكره ابن هشام في المغنى
واستشهد بقوله تعالى : " من ان تأمنه بقنطار " بدليل قوله تعالى : هل آمنكم عليه الا
كما أمنتكم على أخيه " وبقوله " واذا مروا بهم يتغامرون " بدليل قوله تعالى : " و
انكم لتمرون عليهم " وقول الشاعر : " أرب يبول الثعلبان برأسه " بدليل تمامه " لقدهان
من بالت عليه الثعالب " .
وانما قلت انها للاستعلاء ، فان المسح يتعدى إلى الممسوح بنفسه ، وفيه معنى
الالصاق الحقيقى ، فلو جعلنا الباء للالصاق أيضا لكان لغوا ، كما لا يخفى .
على أن معنى الالصاق - وهو الذى اقتصر عليه سيبويه ، معنى لا يفارق الباء في كل
[245]
أوجب بعضهم مسح كل الرأس ، واكتفى بعضهم ببعضه ، وأما عند الامامية فالباء
عندهم للتبعيض ( 1 ) كما تدل عليه أخبارهم ( 2 ) ولا يلتفت إلى إنكار بعض
المخالفين مجي الباء للتبعيض ، لاعتراف فحول علمائهم بمجيئة كالفيروزآبادى
وهو من أفاخم اللغويين الذين يعتمدون عليهم في جل أحكامهم ، حيث قال في
* ( هامش ص 245 ) * معانيه فلا وجه لذكره عليحدة لانه معنى ضمنى يستفاد من وصلة الفعل إلى مفعوله بسبب
الباء ، أو بنفسه ، لا أنه معنى خالص بالباء ، وقولهم في الالصاق الحقيقى " أمسكت بزيد "
فقد ضمن أمسكت معنى تعلقت ، وهو ظاهر لمن تأمل ، وقولهم في الالصاق المجازى
" مررت بزيد " فالباء للاستعلاء ، كما في قوله تعالى : " واذا مروا بهم يتغامزون " فانه
ضمن معنى الاشراف وقوله : أرب يبول الثعلبان برأسه .
فالمعنى امسحوا على رؤسكم وعلى أرجلكم إلى الكعبين ، وانما قيد الارجل بقوله
" إلى الكعبين " لان الرجل يشمل الساقين والفخذين أيضا فقيده إلى الكعبين ليعلم أن
المسح الواجب يكون على ظهر الرجل ولايجاوز الكعبين إلى الساقين ، كماقيد اليدين
في قوله : " اغسلوا وجوهكم وأيديكمم إلى المرافق " ليعلم أن الغسل لايجاوز المرافق
إلى العضدين .
( 1 ) بل التبعيض انما يفهم بقرينة ذكر الباء ، لا أن الباء نفسها للتبعيض ، أما في
الاية الكريمة " وامسحوا برؤسكم وأرجلكم " فلانها بعد ماكانت بمعنى الاستعلاء كان
المعنى : امسحوا على رؤسكم وأرجلكم ، فيكفى في مصداقه مسح ما من دون استيعاب
الرأس والرجلين ، الا لقال عزوجل " امسحوا رؤسكم وأرجلكم " ليشمل بظاهره تمام
الرأس والرجلين إلى الكعبين ، وأما في قوله تعالى " عينا يشرب بها عباد الله " وقد
استشهدوا بها لمجيئ الباء للتبعيض ، فالظاهر أنه للسببية ، ضمن الشرب معنى الرى ،
والمعنى : عينا يروى بها عباد الله اذا شربوا منها شربة ، وهكذا الكلام في البيتين اللتين
استشهد بهما على ما سيجيئ .
( 2 ) سيأتى متن الاحاديث ، وفيها " أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء " وليس ذلك
بصريح في أن الباء للتبعيض كما هو ظاهر .
[246]
سياق معاني الباء : وللتبعيض " عينا يشرب بها عباد الله " ( 1 ) " وامسحوا برؤسكم "
انتهى ( 2 ) .
وقال ابن هشام في ترجمة الباء : الحادية عشر للتبعيض أثبت ذلك الاصمعي
والفارسي والقتيبي وابن مالك ، قيل : والكوفيون ، وجعلوا منه " عينا يشرب
بها عباد الله " وقوله " شربن بماء البحر ثم ترفعت " . . . ( 3 ) وقوله . . . : " شرب
النزيف ببرد ماء الحشرج " ( 4 )
قيل : ومنه " وامسحوا برؤسكم " انتهى ( 5 ) .
ويكفى لناما صدرعن أئمتنا عليهم السلام في ذلك فانهم أفصح العرب قد أقربه
المخالف والمؤالف من أهل اللسان ، فلا يلتفت إلى انكار سيبويه بعد ذلك مجئ
الباء في كلام العرب للتبعيض في سبعة عشر موضعا من كتابه مع أن شهادته في ذلك
شهادة نفي وهي غير مقبولة ، بل شهادة المدعي وهي غير مسموعة ، مع أنها معارضة
باصرار الاصمعي على مجيئها له في نظمهم ونثرهم ، وهو أشد انسا بكلامهم ، و
أعرف بمقاصدهم من سيبويه المعاند للحق وأهله .
ووافق ابن جني سيبويه في ذلك ، وماذكر بعض مشايخنا من عد قول ابن
جني موافقا لمذهب ابن مالك فهو سهو ، لتصريح الرضي بماذكرنا .
وأماقوله سبحانه " وأرجلكم " فالقراء السبعة قد اقتسموا قراءتي نصب
الارجل وجرها على التناصف ، فقرأ الكسائي ، ونافع ، وابن عامر ، و
حفص عن عاصم ، بنصبها ، وحمزة وابن كثير وأبوعمرو وأبوبكرعن عاصم
* ( هامش ص 246 ) * ( 1 ) الانسان : 6 .
( 2 ) القاموس ج 4 ص 408 ، آخر الكتاب .
( 3 ) صدر بيت وبعده كمافى المصدر : متى لجج خضر لهن نئيج .
( 4 ) عجز بيت وصدره كمافى المصدر : فلثمت فاها آخذا بقرونها .
( 5 ) راجع ص 105 من مغنى اللبيب ، ط مصر : لكنه قال بعد ذلك ، والظاهر أن
الباء فيها للالصاق وقد مر الكلام فيه .
[247]
بجرها ( 1 ) .
واختلفت الامة في مسح الرجلين وغسلهما في الوضوء ، فقال فرقة بالمسح
وهم كافة أصحابنا الامامية ، ونقل الشيخ في التهذيب أن جماعة من العامة
يوافقوننا على المسح أيضا إلا أنهم يقولون باستيعاب القدم ظهرا أو بطنا ، ومن
القائلين بالمسح ابن عباس ، وكان يقول : الوضوء غسلتان ومسحتان ، من باهلني
باهلته ، ووافقه أنس بن مالك وعكرمة والشعبي وجماعة من التابعين ، وقد نقل
علماء العامة من المفسرين وغيرهم أنه موافق لقول الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام
وقول آبائه الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين .
وقال طائفة بالغسل ، وهو مذهب أصحاب المذاهب الاربعة ، وقال
* ( هامش ص 247 ) * ( 1 ) أقول : الاية الشريفة من المحكمات التى نزلت بلسان عربى مبين : تبين
كيفية الوضوء ، وتجعله شرطا للدخول في الصلاة بحيث اذا لم يكن متوضئا لم يجز له
الدخول في الصلاة ، فمن البديهى - وهو الواجب على الحكيم تعالى عند ارادة البيان -
ألا تكون الاية نازلة الا بقراءة واحدة تبين كيفية الوضوء من دون اختلاف وتنازع ، ولو
كانت - على مازعموا - نازلة بقراءتين تختلفان معنا ، للزم التعمية عند البيان ، وانقلب
المحكم متشابها ذووجوه والوان ، وفيه اخلال بالغرض من فرض الوضوء وباختلاله
يختل الصلاة حيث جعل الوضوء شرطا للدخول فيها واستباحتها ، مع أن الصلاة عمود
الدين .
فاذا لابد وأن تكون احدى القرءتين مدخولة مزعومة ، ولا تكون الاقراءة النصب


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 247 سطر 19 إلى صفحه 255 سطر 18

فانها خارجة عن طبع الكلام ، مخالفة لقواعد النظم شاذة عن الاسلوب الحكيم وهى معذلك
موجب للتعمية والاضلال ، حيث عمى عليهم أن " أرجلكم " بالنصب هل هى معطوفة على
المغسول أو الممسوح ، ولعمرى انها قراءة تابعة لفتوى الجمهور ، شايعة لامرامامهم عمر
حيث امر بغسل الرجلين ، لاأنها قراءة متبعة .
وأما قراءة الجر ، فهى قراءة - لو لم تكن سنة متبعة - للزم القراءة بهااتباعا
للاسلوب الحكيم ، وقواعد النظم السليم ، كما ستعرف وجه ذلك بوضوح انشاء الله تعالى .
[248]
داود والناصر للحق وجم غفير من الزيدية بالجمع بين الغسل والمسح ، قالوا : قدورد
الكتاب بالمسح ، والسنة بالغسل ، فوجب العمل بهما معا ، وذهب الحسن البصري
وأبوعلى الجبائي ومحمد بن جرير الطبري إلى التخيير بينهما .
فاذا عرفت هذا فاعلم أن الماسحين حملوا قراءة النصب على العطف على
محل الرؤوس كما تقول : مررت بزيد وعمرا بالعطف على زيد ، لانه معفول
به ( 1 ) والعطف على المحل شايع في الكلام العرب ، مقبول عند النحاة ، وأما قراءة
الجر فلا حاجة لهم إلى توجيهها إذا ظهورها في المسح غني عن البيان .
والغاسلون حملوا قراءة النصب على عطف الارجل على الوجوه أوعلى
إضمار عامل آخر تقديره " واغسلوا أرجلكم " كما أضمروا العامل في قول الشاعر :
" علفتها تبنا وماء باردا " قوله : " متقلدا سيفا ورمحا " .
واضطربوا في توجيه قراءة الجر فقال بعضهم : إن الارجل فيها معطوفة
على الايدي ، وإنما جرت لمجاورة المجرور أعني الرؤوس نحو قولهم : " جحر
ضب خرب .
* ( هامش ص 248 ) * ( 1 ) وليس بصحيح ، فان مررت لازم لا يتعدى إلى زيد ولا إلى عمرو الا بالباء الذى
هو للتعدية والالصاق ، ولا يصح نصب " عمرا " الا بالعطف على المحل ، وأما المسح فهو
متعد بنفسه من دون آلة ، ويصح أن يقال " امسحوا أرجلكم " فلو كان النصب صحيحا لزم
اضمار عامل آخر ، والاللزم عطف المنصوب على المجرور ، ولوكان العامل مقدرا لم
ينهض قرينة على أنه هو " اغسلو " أوهو " امسحوا " فان اضمار العامل يستلزم كون
الكلام مقطوعا عما قبله كمافي قراءة الرفع ، فاحتمال الغسل والمسح يكون على سواء
وهو التعمية عند البيان .
ولو قيل بأن المقدر هو " امسحوا " للزم استيعاب الرجلين إلى الكعبين بالمسح ، و
لا يقول به الشيعة ، ولو قيل بأنه هو " اغسلوا " للزم التناقض بين القراءتين وورد عليهم
ما أورده ، المؤلف العلامة في المتن فلابد من الغاء قراءة النصب كما مر ، لانها خارج عن
الاسلوب الحكيم .
[249]
وقال آخرون : هي معطوفة على الرؤوس والاية مقصورة على الوضوء الذي
يمسح فيه الخفان ، وليس المراد بهابيان كيفية مطلق الوضوء .
ولم يرتض الزمخشري في الكشاف شيئا من الوجهين ، واخترع وجها
آخر حيث قال : فان قلت : تصنع بقراءة الجر ودخول الارجل في حكم المسح ؟
قلت : الارجل من بين الاعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها ، فكانت
مظنة للاسراف المذموم المنهي عنه ، فعطفت على الرابع الممسوح لا لتمسح ، و
لكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها ، وقيل : " إلى الكعبين "
فجئ بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة ، لان المسح لم تضرب له غاية في
الشريعة انتهى .
وأما الجامعون بين الغسل والمسح فهم يوافقون الامامية في استفادة المسح
من الاية على كل من القرائتين ، وأما المخيرون فرئيسهم أعني الحسن لم يقرأ
بنصب الارجل ولا بجرها ، وإنما قرأها بالرفع على تقدير وأرجلكم مغسولة
أو ممسوحة ، وباقيهم وافقوا الامامية على ما استفادوه من الاية .
ومن وفقه الله لسلوك جادة الانصاف ، ومجانبة جانت الاعتساف ، لا يعتريه
ريب في أن الاية الكريمة ظاهرة في المسح ، شديدة البعد عن إفادة الغسل ،
وأن ماتمحله الغاسلون في توجيه قراءة النصب من عطف الارجل على الوجوه
يوجب خروج الكلام عن حلية الانتظام ، لصيرورته بذلك من قبيل قول القائل
" ضربت زيدا وعمرا وأكرمت خالدا وبكرا " بجعل بكرا معطوفا على زيد
لقصد الاعلام بأنه مضروب لا مكرم ، ولا يخفى أن مثل هذا الكلام في غاية الاستهجان
عند أهل اللسان ، فكيف يجنح إليه أو تحمل الاية عليه .
وأما ما تكلفوه من تقدير " واغسلوا " فلا يخفى مافيه ، فان التقدير
خلاف الاصل ، وإنما يحسن ارتكابه عند عدم المندوحة عنه ، وفد عرفت أنا العطف
على المحل طريق واضح ، ومذهب راجح .
وأما المحملان اللذان حملوا عليهما قراءة الجر ، فهما بمراحل عن جادة
السداد ، أما الحمل على أن المراد تعليم مسح الخفين ، فلا يخفى مافيه من
[250]
البعد ، ولهذا أعرض عنه المحققون من المفسرين إذلم يجر للخفين ذكر ، ولا
دلت عليهما قرينة ، وليس الغالب بين العرب لبسهما ، وسيما أهل مكة والمدينة
زادهما الله شرفا ، فكيف يقتصر سبحانه في ابتداء كيفية الوضوء على تعليم
كيفية وضوء لا بس الخفين فقط ، ويترك وضوء من سواه ، وهو الغالب الاهم .
وأما الحمل على جر الجوار ، فأول مافيه أن جر الجوار ضعيف جدا
حتى أن أكثر أهل العربية أنكروه ، ولم يعولوا عليه ، ولهذالم يذكره صاحب
الكشاف في توجيه قراءة الجر وتمحل لها وجها آخرا .
وأيضا فان المجوزين له إنما جوزوه بشرطين : الاول عدم تأديته إلى
الالتباس على السامع ، كمافي المثال المشهور إذا الخرب إنما يوصف به الجحر
لا الضب ، والثاني أن لا يكون معه حرف العطف ، والشرطان مفقودان في الاية
الكريمة ، أما الاول فلان تجويز جر الجوار هنا يؤدي إلى التباس حكم الارجل
لتكافؤ احتمالي جرها بالجور المقتضي لغسلها ، وبالعطف على الاقرب
المقتضي لمسحها .
فان قلت : إنما يجئ اللبس لولم تكن في الاية قرينة على أنها مغسولة
لكن تحديدها بالغاية قرينة على غسلها ، إذ المناسب عطف ذي الغاية على ذي الغاية
لاعلى عديمها ، وتناسب المتعاطفين أمر مرغوب فيه في فن البلاغة .
قلت : هذه القرينة معارضة بقرينة اخرى ، دالة على كونها ممسوحة ، و
هي المحافظة على تناسب الجملتين المتعاطفتين فانه سبحانه لما عطف في الجملة
الاولى ذا الغاية على غير ذي الغاية ، ناسب أن يكون العطف في الجملة الثانية
أيضا على هذه الوتيرة ، وعند تعارض القرينتين يبقى اللبس بحاله .
وأما الشرط الثاني فأمره ظاهر .
فان قلت : قد جاءالجر بالجوار في قوله تعالى " وحورعين " ( 1 ) في
* ( هامش ص 250 ) * ( 1 ) سورة الواقعة : 23 - 17 والايات هكذا : يطوف عليهم ولدان مخلدون *
بأكواب وأباريق * وكاس من معين * لايصدعون عنها ولاينزفون * وفاكهة مما يتخيرون
ولحم طير مما يشتهون * وحور عين كامثال اللؤلؤ المكنون .
[251]
قراءة حمزة والكسائي مع أن حرف العطف هناك موجود ، وليست معطوفة
على " أكواب " بل على " ولدان " لانهن طائفات بأنفسهن وجاء أيضا في قول
الشاعر :
فهل أنت إن ماتت أتانك راحل * إلى آل بسطام بن قيس فخاطب
بعطف خاطب على راحل ، وجره بجوار قيس .
قلنا : أما الاية الكريمة فليس جر " حورعين " فيها بالجوار ، كما ظننت
بل إنما هو بالعطف على " جنات " أي هم في جنات ومصاحبة حورعين ، أو
على أكواب إما لان معنى " يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب " : ينعمون
بأكواب ، كما في الكشاف وغيره ، أولانه يطاف بالحور عليهم مثل ما يجاء
بسراري الملوك إليهم كما في تفسير الكواشي وغيره ، ودعوى كونهن طائفات
بأنفسهن لا مطافا بهن لم يثبت بها رواية ، ولا يشهد بها دراية .
وأما البيت فبعد تسليم كونه من قصيدة مجرورة القوافي ( 1 ) فلا نسلم كون
لفظة خاطب إسم الفاعل ، لجواز كونها فعل أمر أي فخاطبني وأجبني عن سؤالي
وإن سلمنا ذلك فلا نسلم كونها مجرورة لكثرة الاقواء في شعر العرب العرباء حتى
قل أن يوجد لهم قصيدة سالمة عنه ، كما نص عليه الادباء فلعل هذامنه ، وإن
سلمنا كونها مجرورة بالجوار ، فلا يلزم من وقوع جر الجوار مع العطف في الشعر
جوازه في غيره [ إذ يجوز في الشعر لضرورة الوزن أوالقافية مالا يجوز في غيره ] ( 2 ) .
وأما المحمل الثالث الذي تمحله صاحب الكشاف ، فلا يخفى مافيه من
التعسف الشديد ، والتمحل البعيد ، ومن ذاالذي قال بوجوب الاقتصاد في غسل
الرجلين ؟ وأي إسراف يحصل بصب الماء عليها ؟ ومتى ينتقل المخاطبون بعد
عطفها على الرؤوس الممسوحة وجلعها معمولة لفعل المسح إلى أن المراد غسلها
* ( هامش ص 251 ) * ( 1 ) حيث نسب إلى جرير ولم يثبت ، ونقل الجصاص في أحكام القرآن ج 2 ص
422 أن بعده :
فنل مثلها في مثلهم أو فلمهم * على دارمى بين ليلى وغالب
( 2 ) زيادة من المخطوطة ساقطة من الكمبانى .
[252]
غسلا يسيرا مشابها للمسح ؟ وهل هذا إلا مثل أن يقول القائل : أكرمت زيدا
وعمروا وأهنت خالدا وبكرا ، فهل يفهم أهل اللسان من كلامه هذا إلا أنه
أكرم الاولين وأهان الاخرين ؟ ولو قال لهم : إني لم أقصد من عطف بكر
على خالد أني أهنته ، وإنما قصدت أني أكرمته إكراما حقيرا قريبا من
الاهانة ، لاكثروا ملامه ، وزيفوا كلامه ، وحكموا بأنه خارج عن اسلوب
كلام الفصحاء .
وأما التأييد الذي ذكره فهو أعجب وأغرب ، لانه إن أراد أن مطلق
المسح لم تضرب له غاية في الشريعة ، ولم تردبه الاية الكريمة ، فهو عين المتنازع
بين فرق الاسلام ، وإن أراد أن مسح الرأس لم تضرب له غاية فأين القرينة حينئذ
على أن الارجل مغسولة .
وأعجب من ذلك أنه لشدة اضطرابه قد ناقض نفسه في كلامين ليس بينهما
إلا أسطر قلائل ، حيث قال عند قوله تعالى : " فاغسلوا وجوهكم " فان قلت :
هل يجوز أن يكون الامر شاملا للمحدثين وغيرهم : لهولاء على وجه الوجوب . و
لهؤلاء على وجه الندب ؟ قلت : لا ، لان تناول الكلمة لمعنيين مختلفين من باب
الالغاز والتعمية ، ثم إنه حمل قوله تعالى : " وامسحوا برؤوسكم " على ماهو
أشد إلغازا وأكثر تعمية من أكثر الالغار والمعميات ، وجوز تناول الكلمة
لمعنيين مختلفين ، إذ المسح من حيث وروده [ على الرؤس يراد به المسح الحقيقي
ومن حيث وروده ] ( 1 ) على الارجل يراد به الغسل القريب من المسح ، وماحمله
على هذا التعسف مع غاية فضله إلا التعصب ، أعاذنا الله منه .
فائدة
قيل : إن الظاهر من الاية الكريمة وجوب الوضوء على كل من قام إلى
الصلاة ( 2 ) حتى المتطهرين أيضا لدلالة كلمة إذا على العموم عرفا ، مع أن حمله
ههنا على الاهمال يجعل الكلام خاليا عن الفائدة المعتد بها ، وهو لا يناسب كلام
* ( هامش ص 252 ) * ( 1 ) مابين العلامتين ساقط من الكمبانى .
( 2 ) قد عرفت وجه الكلام في ذلك في ص 241 .
[253]
الحكيم ، لكن الاجماع واقع على وجوب الوضوء على المحدثين فقط .
قال في المنتهى : إذا توضأ لنافلة جاز أن يصلي بها فريضة ، وكذا يصلي
بوضوء واحد ماشاء من الصلوات ، وهو مذهب أهل العلم ، خلافا للظاهرية
انتهى .
فقال بعضهم : إن الحكم كان في الابتداء كذلك ، وكان الوضوء واجبا عند
كل صلاة على المتطهر والمحدث ، لكن قد نسخ ، وضعف باتفاق الجمهور
على أن الاية ثابتة لا نسخ فيها ، وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أن المائدة من آخر
القرآن نزولا فأحلوا حلالها ، وحرموا حرامها ( 1 ) وعدم ظهور ناسخ ، و
اعتبار الحدث في التيمم الذي هو بدل منه في الاية .
وقال بعضهم : إن الامر للندب لان تجديد الوضوء عند كل صلاة مستحب
كمايشهد به الاخبار ، وضعف أيضا بأنه غير موافق لقرينه الذي هو " فاطهروا "
لانه للوجوب قطعا وبأن الندب بالنسبة إلى الجمع غير معقول لثبوت الوجوب
على بعض البتة ، إلا أن يقال : الاستحباب ينسحب إلى العموم والشمول ، و
فيه بعد .
وقيل بحمله على الرجحان المطلق ، ويكون الندب بالنسبة إلى
المتوضئين ، والوجوب بالنسبة إلى المحدثين ، وفيه أيضا لزوم عدم الموافقة ،
ولزوم عموم المجاز ، أو الاشتراك الذي هو إما غير جايز أو بعيد جدا ، فالاولى
أن يقال : إن الاية مخصصة بالمحدثين ، لا بأن يكون المراد من الذين
آمنوا : المحدثين ، بل بابقائه على العموم ، وتقدير إن كنتم محدثين في نظم
الكلام .
فيصير المعنى حينئذ : يا أيها الذين آمنوا اذاقمتم إلى الصلاة فان كنتم
محدثين بالحدث الاصغر فتوضؤا ، وإن كنتم جنبا فاغتسلوا ، وإن لم تقدروا على
* ( هامش ص 253 ) * ( 1 ) راجع كتاب القرآن من البحار ج 92 ص 273 - 274 من هذه الطبعة ، و
رواه في الدر المنثور ج 2 ص 252 وقال الرازى في تفسيره : أجمع المفسرون على أن
هذه السورة لا منسوخ فيها ، الا قوله تعالى : " لاتحلوا شعائر الله " .
[254]
الماء وكنتم محدثين بالحدث الاصغرأو الاكبر فتيمموا فيوافق القرائن و
ويطابق النظائر .
هذا بالنظر إلى ظاهر الاية مع قطع النظر عن الخبر ، وقد مر في الخبر
أن المراد بالقيام القيام من النوم فلاإشكال ، فيكون وجوب الوضوء بغير حدث
النوم مستفادا من الاخبار ، كما أن وجوب الغسل بغير الجنابة مستفاد من محل
آخر ، وأهل البيت أدرى بما نزل عليهم من غيرهم .
وأما الاية الثانية " فقوله تعالى : " إنه لقرآن " ( 1 ) جواب للقسم في قوله
سبحانه " فلا أقسم بمواقع النجوم " ومعنى كونه كريما أنه كثير النفع ، لتضمنه
اصول العلوم المهمة من أحوال المبدء والمعاد ، واشتماله على مافيه صلاح
معاش العباد ، أو لانه يوجب عظيم الاجر لتاليه ومستمعه ، والعامل بأحكامه ،
أو أنه جليل القدر بين الكتب السماوية لامتيازه عنهابأنه معجز باق على ممر
الدهور والاعصار .
وقوله : " في كتاب مكنون " أي مصون ، وهو اللوح المحفوظ ، وقيل :
هو المصحف الذي بأيدينا ، والضمير في " لايمسه " يمكن عوده إلى القرآن ، و
إلى الكتاب المكنون ، على كل من تفسيريه ، واستدل بالاول على منع المحدث
من مس خط المصحف ، وبثاني شقي الثاني على المنع من مس ورقه ، بل لجلده أيضا
فأما مس خط المصحف فقال الشيخ في المبسوط بكراهته ونسب العلامة في المختلف
القول بالكراهة إلى ابن إدريس وابن البراج أيضا وحرمه الشيخ في التهذيب
والخلاف ، وبه قال أبوالصلاح والمحقق والعلامة ، وهو الظاهر من كلام الصدوق
في الفقيه .
واحتج القائلون بالتحريم بهذه الاية وقالوا إن قوله تعالى " لايمسه " لا يمكن
أن يكون محمولا على الخبرية والنفي ، وإلا يلزم الكذب ، فلابد من حمله
على الانشاء والنهي ، وظاهر النهي التحريم ، واورد عليه بأنه موقوف على إرجاع
* ( هامش ص 254 ) * ( 1 ) الواقعة : 76 .
[255]
الضمير إلى القرآن وهو ممنوع ، لجواز رجوعه إلى الكتاب كما جوزه بعض
المفسرين ، بل هو أقرب ، لقربه ، ويكون المعنى أنه لا يطلع على الكتاب المكنون
أي المستور المصون إما عن الناس أو عن التغيير والتبديل ، أو الغلط أو التضييع ، والمراد
به اللوح المحفوظ كما قاله المفسرون ، " إلا " الملائكة " المطهرون " من الكدورات
الجمسانية ، وأدناس المعاصي .
وقد يضعف هذا الاحتمال بوجوه : أحدهاأن قوله تعالى " لايمسه " حينئذ
يكون تأكيد المكنون ، والتأسيس أولى ، وبماذكر من الاحتمالات في معنى
المكنون يظهر الجواب عنه .
وثانيها أن سياق الكلام لاظهار شرف القرآن وفضيلته ، لا اللوح ، وفيه أن
ثبوته في اللوح الذي لا يمسه إلا المطهرون شرف وفضيلة له ، ألا ترى إلى قوله
عزوجل " في كتاب مكنون " فان كان كونه في كتاب مكنون شرفا وفضيلة فهذا أيضا
شرف وفضل بالطريق الاولى ، وإن لم يكن ذلك شرفا فقد بطل مبنى الاعتراض ، من
أن سياق الكلام لاظهار شرف القرآن وفضله كما لا يخفى .
وثالثها أن قوله تعالى بعد هذه الاية متصلابها " تنزيل من رب العالمين "
صفة للقرآن لا الكتاب لانه المنزل دونه ، وقوله سبحانه " كريم " و " في كتاب
مكنون " أيضا صفة له ، فينبغي أن يكون " لايمسه " أيضا صفة له ، وإلا لم يحسن
التوسيط ، وفيه أنه إذا كان " لا يمسه " صفة لمكنون ، يكون من جملة متعلقات
الصفة الثانية ومتمماتها ، فكان مجموع هذا الكلام صفة واحدة ، فلا يكون توسيطا


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 255 سطر 19 إلى صفحه 263 سطر 18

مخلا بحسن الكلام وبلاغته ، ألا يرى إلى توسيط مكنون مع أنه صفة للكتاب .
ورابعها أنه يلزم حينئذ ارتكاب المجاز في المس ، وهو ظاهر ، وكذا في
المطهر لان الطهارة حقيقة شرعية في الوضوء وهو خلاف الاصل ، وفيه أنا
لا نسلم أن الحمل على الحقيقة مطلقا أولى من الحمل على المجاز ، ألا يرى أن
علماء البلاغة أطبقوا على أن المجاز أبلغ من الحقيقة ، وأيضا ثبوت الحقايق
الشرعية ممنوع ، ومع تسليمه لا نسلم أن حقيقة الطهارة الوضوء ، بل يجوز أن
[256]
يكون انتفاء الحدث أو الخبث ، ولا شك في تحقق هذاالمعنى في الملائكة ، وأيضا
ارتكاب المجاز في حمل الخبرعلى الانشاء كما ارتكبتم في الاستدلال ليس بأولى
من ارتكاب هذين المجازين ، إلا أن يقال إنه مجاز واحد ، وهذان مجازان .
ثم على تقدير تسليم رجوع الضمير إلى القرآن نقول : إن دلالتها على
المطلوب أيضا غير تام إذ يجوز أن يكون اتصافه بأنه لا يمسه إلا المطهرون باعتبار
أصله الذي في اللوح كما أن اتصافه بفي كتاب مكنون أيضا كذلك .
وأيضا يجوز أن يكون المراد والله أعلم أنه لا يعلم حقايقه ودقايقه وبطونه
وأسراره إلا المطهرون من الذنوب ، وهم أصحاب العصمة الذين نزلت فيهم آية
التطهير عليهم السلام وعن جنيد : المطهرون أسرارهم عما سوى الله .
وفي بعض التفاسير عن محمد بن الفضل : المراد لا يقرء القرآن ، إلا موحد
وعن الحسين بن الفضل لايعلم تفسيره وتأويله إلا المطهرون من الكفر والنفاق .
وأما حديث لزوم مجازية المس والطهارة حينئذ فقد عرفت جوابه ، على
أنه على تقدير حمل المس على حقيقته ، وثبوت الحقايق الشرعية ، وحمل الطهارة
على حقيقتها ، لا نسلم أن الطهارة حقيقة شرعا في رفع الحدث الاصغر أو جميع
الاحداث ، إذيجوز أن يكون حقيقة في رفع كل حدث ، وكذا في رفع الخبث
أيضا فحينئذ يجوز أن يكون المراد بالمطهرين المطهرين من الحدث الاكبر
أو النحاسة .
ثم لو سلم أن المراد الطهارة من الحدث الاصغر أو جميع الاحداث ، فلا نسلم
أن النهى ههنا للتحريم ، ومايقال : إن ظاهر النهي التحريم ، فعلى تقدير تسليمه
إنما يسلم فيما يكون بصريح صيغة النهي فقط ، لا فيما يكون نفيا مستعملا بمعنى
النهي أيضا ، والقول بأن التحريم أقرب المجازات إلى النفي ممنوع .
نعم روى الشيخ في التهذيب ( 1 ) بسند فيه جهالة عن إبراهيم بن عبدالحميد
عن أبي الحسن عليه السلام قال : المصحف لاتمسه على غير طهر ، ولا جنبا ، ولا تمس خيطه
* ( هامش ص 256 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 35 ط حجر .
[257]
ولا تعلقه إن الله يقول " لا يمسه " إلا المطهرون " لكن ظاهر الرواية الكراهة ،
لاشتماله على النهي عن التعليق ، وقد نقل في المنتهى الاجماع على عدم حرمته ، و
أما مس الجلد والورق للمحدث ، فلم أر قائلا فيه بالحرمة ، نعم استحبوا الوضوء
لحمل المصحف وسيأتي حكم الجنب في بابه إنشاء الله تعالى .
1 - العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم معنى " إلى المرافق " من المرافق
والفرض من الوضوء مرة واحدة والمرتان احتياط .
2 - الهداية : الوضوء مرة وهو غسل الوجه واليدين ، ومسح الراس
والقدمين ، ولا يجوز أن يقدم شيئا على شئ يبدء بالاول فالاول كما أمر الله عز
وجل ، ومن توضأمرتين لم يوجر ، ومن توضأ ثلاثا فقد أبدع ، ومن غسل
الرجلين فقد خالف الكتاب والسنة ، ولا يجوز المسح على العمامة والجورب ، ولا
تقية في ثلاثة أشياء : في شرب المسكر ، والمسح على الخفين ، ومتعة الحج .
وحد الوجه الذي يجب أن يوضأ مادارت عليه الوسطى والابهام ، وحد
اليدين إلى المرفقين ، وحد الرأس مقدار أربع أصابع من مقدمه ، والمسح على
الرجلين إلى الكعبين .
فاذا توضأت المرأة ألقت قناعها من موضع مسح رأسها في صلاة الغداة
والمغرب وتمسح عليه ، ويجزيها في سائر الصلوات أن تدخل أصبعها فتمسح على رأسها
من غير أن تلقي قناعها ، ولا بأس أن يصلي الرجل بوضوء واحد صلوات الليل
والنهار كلها مالم يحدث ( 1 ) .
3 - كتاب الغايات : لجعفر بن أحمد القمي باسناده ، عن جعفر بن محمد قال :
إن الله تعالى ضمن لكل إهاب أن يرده إلى جلده يوم القيامة ، وإن أشد الناس
حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره .
4 - قرب الاسناد : عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي جرير
الرقاشى قال : قلت لابي الحسن موسى عليه السلام : كيف أتوضأ للصلاة ؟ قال : فقال :
* ( هامش ص 257 ) * ( 1 ) الهداية : 15 و 16 .
[258]
لا تعمق في الوضوء ، ولا تلطم وجهك بالماء لطما ، ولكن اغسله من أعلى
وجهك إلى أسفله بالماء مسحا ( 1 ) وكذلك فامسح بالماء على ذراعيك ورأسك و
قدميك ( 2 ) .
بيان : " لاتعمق " أي باكثار الماء أو بالمبالغة كثيرا في إيصال الماء زائدا
عن الاسباغ المطلوب ، وفي بعض النسخ " لاتغمس " أي بأن تدخل وجهك ويديك
في الماء فانه خلاف المعهود من فعلهم عليهم السلام والمشهور أنه ترك للسنة ، ويصح -
الوضوء لتحقق الغسل ، والنهي عن اللطم بالماء على الكراهة ، وما ورد من
الامر به يمكن حمله على الجواز ، أو على الناعس والبردان ، لاشعار الرواية به
وعمل به والد الصدوق - رحمه الله - فقال باستحباب ضرب الوجه بالماء .
قوله : " مسحا " أي مع المسح بعد صب الماء لايصاله إلى الاعضاء وكذا في
اليدين ، وأما الابتداء بالاعلى في الوجه فالمشهور وجوبه ، وقال المرتضى وابن
إدريس باستحبابه ، والاحوط العمل بالمشهور .
5 - قرب الاسناد : عن محمد بن عيسى ، عن يونس قال : أخبرني من رأى
أبا الحسن الاول عليه السلام بمنى وهو يمسح ظهر قدمه من أعلى القدم إلى الكعب ومن الكعب
إلى أعلى القدم ( 3 ) .
* ( هامش ص 258 ) * ( 1 ) يدل على عدم جواز الارتماس في الوضوء خصوصا على نسخة " لا تغمس " كما
هو الظاهر ، وقوله " مسحا " يريد به الدلك ، فان المسح والدلك هو الفرق بين الرش
والغسل .
( 2 ) قرب الاسناد ص 129 ط حجر وص 175 ط نجف .
( 3 ) قرب الاسناد ص 126 ط حجر وص 171 ط نجف ، ورواه في التهذيب ج 1
ص 16 ، الكافى ج 3 ص 31 ، وبعده : ويقول الامر في مسح الرجل موسع ، من شاء مسح
مقبلا ومن شاء مسح مدبرا ، فانه من الامر الموسع انشاء الله ، أقول : وجه التخيير هو اطلاق
الاية حيث تبين حد الممسوح ، وهو ظهر القدم إلى الكعبين ، ولم يبين كيفية المسح ولكن الاوفق
بالطبع المسح مقبلا - سواء كان في الرأس أو القدمين وسيجئ تعيينه في الروايات .
[259]
بيان : المراد بأعلى القدم إلا رؤوس الاصابع ، لانها أعلى بالنسبة إلى ساير
أجزاء القدم عند وضعها على الارض للمسح ، أو المراد به الكعب بالمعنى المشهور
وهو العظم الناتئ في ظهر القدم ، وبالكعب المفصل ، وعلو الكعب باعتبار ارتفاعه
على ساير أجزاء ظهر القدم ، فالمراد بالمسح من أعلى القدح المسح من رؤوس الاصابع
أيضا ويكون الابتداء إضافيا أو المراد من جهته وكذا في الانتهاء ويحتمل العكس
أيضا بأن يكون المراد بأعلى القدم المفصل وبالكعب الناتئ ، وتوجيهه مما
ذكرنا ظاهر .
ثم إنه يمكن أن يكون المراد أنه عليه السلام كان يمسح تارة هكذا ، وتارة
هكذ ، أو أنه عليه السلام كان يمسح ظهر القدم وبطنه تقية ، والمشهور بين أصحابنا جواز
مسح الرأس والرجلين مقبلا ومدبرا وبعضهم أوجبوا الاقبال كالسيد والصدوق
كما هو الظاهر من كلامهما ، وابن إدريس أوجب في الرجلين بخلاف الرأس و
الشيخ جوز في المبسوط في الرأس وفي النهاية في الرجلين مدبرا ، والاحتياط
مسلك النجاة .
6 - قرب الاسناد : عن أحمد بن محمد بن عيسيى ، عن أحمد بن محمد البزنطي
قال : سألت الرضا عليه السلام عن المسح على القدمين كيف هو ؟ فوضع كفه على الاصابع
فمسحهما إلى الكعبين ، فقلت : جعلت فداك لو أن رجلا قال بأصبعين من أصابعه
هكذا ! قال : لا : إلا بكفه ( 1 ) .
بيان : القول هنا بمعنى الفعل ، قال في النهاية : العرب تجعل القول عبارة
عن جميع الافعال ، وتطلقه على غير الكلام واللسان ، فتقول : قال بيده أي
أخذه ، وقال برجله أي مشى ، وقال بثوبه أي رفعه ، وكل ذلك على المجاز
والاتساع انتهى .
وظاهر الخبر وجوب الاستيعاب طولا وعرضا ، وكونه بجميع الكف و
لم يقل به أحد من الاصحاب فيما رأينا ، إلا ما يظهر من الصدوق في الفقيه ، بل
* ( هامش ص 259 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 162 ط حجر ، 216 ط نجف .
[260]
نقلوا الاجماع على عدم وجوب الاستيعاب العرضي والمشهور وجوب الاستيعاب
الطولي ولو بخط غير مستقيم ، بل يظهر من بعضهم الاتفاق عليه ، وظاهر كثير
من الاخبار الاكتفاء بالمسمى .
7 - قرب الاسناد وكتاب المسائل : باسنادهما عن علي بن جعفر ،
عن أخيه عليه السلام قال : سألته عن رجل يكون على غير وضوء فيصيبه المطر حتى يغسل
رأسه ولحيته ، ويديه ورجليه ، يجزيه ذلك عن الوضوء ؟ قال : إن غسله فان
ذلك يجزيه ( 1 ) .
بيان : حمله الشيخ - رحمه الله - ( 2 ) على ما إذا غسل أعضاءه بالترتيب
بأن ينوي فيغسل بما ينزل عليه من ماء المطر وجهه ثم ذراعه الايمن ثم الايسر
ثم يمسح رأسه ورجليه ببقية النداوة ، ويخطر بالبال أنه يحتمل أن يكون المراد
به إيقاع الغسل بدلا من الوضوء ( 3 ) فيكون مؤيدا لاستحباب الغسل دائما والاكتفاء
* ( هامش ص 260 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 84 ط حجر ، ص 109 ط نجف ، كتاب المسائل ج 10 ص 283
من البحار .
( 2 ) رواه في التهذيب ج 1 ص 102 ط حجر .
( 3 ) لكن في لفظ السؤال " يصيبه المطر حتى يغسل رأسه ولحيته ويديه ورجليه "
وهذا ظاهر في أعضاء الوضوء على أن لفظ الوضوء في قوله " يجزيه ذلك عن الوضوء "
بالفتح لا الضم بقرينة ذكر المطر ، والمراد أنه هل يجب على المتوضئ صب الماء بيده غرفة أو
يكفى انصباب الماء من السماء قطرات .
فأجاب بأنه ان أصابه المطر بحيث غسله ، وهو الانصباب بشدة جاز الاكتفاء به ، و
ان لم يكن بهذه المثابة ، بل كان كالبلل ، لا يجزيه عن ماء الوضوء فانه لا يصدق عليه
الغسل ، لعدم انفصال الغسالة منه ، بل هو أشبه بالتدهين والنضح .
ولفظ الحديث في كتاب المسائل هكذا : سألته عن الرجل يكون على غيره وضوء
فيصيبه المطر حتى يسيل من رأسه وجبهته ويديه ورجليه ، هل يجزيه ذلك من الوضوء ؟
قال : ان غسله فهو يجزيه ، ويتمضمض ويستنشق .
[261]
بالاغسال المندوبة عن الوضوء ، كما قيل بهما ، ولعله أظهر مما حمله عليه الشيخ
والله يعلم .
8 - الخصال : عن أحمد بن الحسن القطان ، عن الحسن بن علي السكري
عن محمد بن زكريا الجوهري ، عن جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه عن جابر
الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : المرأة تبدأ بالوضوء بباطن الذراع ، والرجل
بظاهره ، ولا تمسح كما يمسح الرجال ، بل عليها أن تلقي الخمار عن موضع
مسح رأسها في صلاة الغداة والمغرب ، وتمسح عليه ، وفي ساير الصلوات تدخل أصبعها
فتمسح على رأسها من غير أن تلقي عنها خمارها ( 1 ) .
بيان : ما اشتمل عليه الخبر من بدأة الرجل بظاهر الذراعين ، والمرأة
بباطنهما ورد في عدة روايات وفي أكثرها بلفظ الفرض ( 2 ) والمشهور الاستحباب
وربما يظهر من الصدوق ( 3 ) والكليني ( 4 ) في كتابيهما الوجوب ، والاحوط
عدم الترك .
ثم اعلم أنه عبر جماعة من المتأخرين عن هذا الحكم هكذا : يستحب بدأة
الرجل بظاهر ذراعيه في الغسلة الاولى وبباطنهما في الثانية عكس المرأة ، ولا دلالة
في الخبر على هذا التفصيل ، بل الظاهر الاطلاق لهما فيهما ، كما عبربه عنه أكثر
القدماء ، نعم لا يبعد أن يكون ما ذكروه داخلا في إطلاق الخبر .
ثم اعلم أن المشهور في مسح الرأس اجزاء مسماه ، وحكموا باستحباب قدر
* ( هامش ص 261 ) * ( 1 ) الخصال ج 2 ص 141 .
( 2 ) عن محمد بن اسماعيل بن بزيع عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال : فرض الله
على النساء في الوضوء للصلاة أن يبتدئن بباطن أذرعهن وفى الرجل بظاهر الذراع ، رواه
الشيخ في التهذيب ج 1 ص 21 ط حجر .
( 3 ) راجع الفقيه ج 1 ص 30 ط نجف .
( 4 ) راجع الكافى ج 3 ص 29 حيث أخرجه في باب حد الوجه الذى يغسل ، والذراعين
وكيف يغسل .
[262]
ثلاث أصابع مضمومة ، والظاهر من كلام الصدوق في الفقيه والشيخ في النهاية
الوجوب : قال الصدوق : وحد مسح الرأس أن تمسح بثلاث أصابع مضمومة من
مقدم الرأس ، وحد مسح الرجلين أن تضع كفيك على أطراف أصابع رجليك
وتمدهما إلى الكعبين ، وقال في النهاية : المسح بالرأس لا يجوز أقل من ثلاث أصابع
مضمومة مع الاختيار ، فان خاف البرد من كشف الرأس أجزأ مقدار أصبع واحدة
ونسب إلى المرتضى أيضا القول بالوجوب .
وأما الفرق المذكور بين الرجل والمرأة وتفصيل الصلوات فقد ذكرهما
الصدوق في الفقيه ، وظاهره الوجوب ، وبعض الاصحاب حملوا كلامه على الاستحباب
قال في الذكرى : يستحب للمرأة وضع القناع في وضوء الغداة والمغرب ، لانه
مظنة التبذل ، وتمسح بثلاث أصابع ويجوز في غيرهما إدخال الاصبع تحت القناع
وتجزي الانملة ، قاله الصدوق والمفيد انتهى .
ولعل السر في ذلك سهولة إلقاء القناع عليها في هذين الوقتين أوأنها
تكشف في المغرب للنوم ، وفي الغداة لم تلبسه بعد ، وغالبا لا تحتاج إلى الوضوء
لصلاة العشاء أو لظلمة هذين الوقتين ، فلا ينافي سترها المطلوب .
وعلى كل حال الظاهر استحباب الحكم وقد روي في الصحيح ( 1 ) عن
زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : المرأة يجزيها من مسح الرأس أن تمسح
مقدمه قدر ثلاث أصابع ، ولا تلقي عنها خمارها ، ولعل المراد ثلاث أصابع من
طول الرأس ، فلا ينافي المسح بأصبع واحدة .
9 العيون : فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون من شرايع الدين : ثم الوضوء
كما أمر الله عزوجل في كتابه : غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ، ومسح
الرأس والرجلين مرة واحدة ، وإن مسح على الخفين فقد خالف الله تعالى و
رسوله ، وترك فريضته وكتابه ( 2 ) .
* ( هامش ص 262 ) * ( 1 ) راجع التهذيب ج 1 ص 21 ، الكافى ج 3 ص 30 .
( 2 ) عيون الاخبار ج 2 ص 122 .
[263]
بيان : قوله عليه السلام : " مرة واحدة " لعله متعلق بالغسل والمسح معا
ولا خلاف بيننا في عدم جوازالمسح على الخفين إلا مع التقية أو الضرورة .
10 - قرب الاسناد : بالاسناد المتقدم عن علي بن جعفر ، عن أخيه
عليه السلام قال : سألته عن رجل توضأ فغسل يساره قبل يمينه ، كيف يصنع ؟
قال : يعيد الوضوء من حيث أخطأ ، يغسل يمينه ثم يساره ، ثم يمسح رأسه و
رجليه ( 1 ) .
بيان : " يغسل يمينه " أي إذا لم يغسلها ، وربما يقال : يغسل يمينه مرة
اخرى ، لان اليمين المغسولة بعد اليسار في حكم العدم ، ولا يخفى وهنه ، ولا
خلاف بين علمائنا في اشتراط الترتيب بأن يغسل الوجه ثم اليد اليمنى ، ثم اليسرى
ثم يمسح الرأس ثم الرجلين ، وإنما الخلاف في الترتيب بين الرجلين .
11 - الاحتجاج : في مكاتبة الحميري أنه كتب إلى الناحية المقدسة و
سأل عن المسح على الرجلين يبدأ باليمنى أو يمسح عليهما جميعا ؟ فخرج التوقيع
يمسح عليهما جميعا معا ، فان بدأ بأحدهما قبل الاخرى ، فلا يبدأ إلا
باليمين ( 2 ) .
بيان : المشهور أنه لا ترتيب بين الرجلين حتى قال ابن إدريس : لا أظن
أحدا منا يخالفنا في ذلك ، ويحكى عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل وسلار وابني
بابويه وجوب تقديم اليمنى ، وعن بعض الاصحاب جواز المعية خاصة ( 3 ) كما هو
مدلول هذاالخبر ، والاحوط العمل بالترتيب ، وإن كان استحبابه أقوى .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 263 سطر 19 إلى صفحه 271 سطر 18

12 - معانى الاخبار : عن أبيه ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد
ابن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن منصور بن حازم
عن إبراهيم بن معرض قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : إن أهل الكوفة يروون عن
علي عليه السلام أنه كان بالكوفة فبال حتى رغا ، ثم توضأ ثم مسح على نعليه ، ثم قال :
* ( هامش ص 263 * ( ( 1 ) قرب الاسناد ص 83 ط حجر . ( 2 ) الاحتجاج ص 275 .
( 3 ) ووجهه ذكر الرجلين بصيغة التثنية في القرآن العزيز .
[264]
هذا وضوء من لم يحدث ؟ فقال : نعم ، قد فعل ذلك ، قال : قلت : فأي حدث
أحدث من البول ؟ فقال : إنما يعني بذلك التعدي في الوضوء : أن يزيد على حد
الوضوء ( 1 ) .
بيان : قال الفيروزآبادي : رغوة اللبن مثلثة زبده ، ورغا اللبن وأرغى ورغى
صارت له رغوة ، وأرغى البائل صارت لبوله رغوة .
13 - العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن علي الكوفي
عن عبدالله بن جبلة ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الرجل ليعبدالله
أربعين سنة وما يطيعه في الوضوء ( 2 ) .
ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد
ابن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن محمد بن مروان قال :
قال أبوعبدالله عليه السلام : تأتى على الرجل ستون أو سبعون سنة ، ما يقبل الله منه
صلاة ، الرجل قال : قلت : فكيف ذاك ؟ قال : لانه يغسل ما أمر الله بمسحه ( 3 ) .
بيان : ربما يستدل بأمثاله على كونه أوامر القرآن للوجوب ، وقد يستدل
به على أنه إذا حصل الجريان في المسح يبطل الوضوء ، وهو مبني على كون
الغسل والمسح حقيقتين متباينتين وهو ممنوع ، بل الظاهر أن بينهما عموما و
خصوصا من وجه ، وإن كان الاحوط رعاية عدم الجريان .
14 - العلل : عن أبيه ، عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى بن محمد
عن الحسن بن علي الوشا ، عن حماد بن عثمان ، عن حكم بن حكيم قال : سألت
* ( هامش ص 274 ) * ( 1 ) معانى الاخبار ص 248 ، وبعضهم حمل مسحه عليه السلام على نعليه ، على التقية
وليس به ، فان النعال كانت يومئذ قطعة جلد سعة القدم ، تلوى جوانبه ، وتغرز مغارز
حولها ويجعل فيها الشراك ، فاذا لبس جذب الشراك ثم عقدها بالساق ، ويعرف عندنا
اليوم به جارق ، وقد كان يعرف بالتاسومة ، وهو أيضا فارسى بمعنى ما جعل فيه تسمة وهو
شراك النعل ، فلم يكن لها ظهر كالخفاف حتى يكون المسح عليه .
( 2 - 3 ) علل الشرائع ج 1 ص 273 .
[265]
أبا عبدالله عليه السلام عن رجل نسي من ! لوضوء الذراع والرأس ، قال : يعيد الوضوء
إن الوضوء يتبع بعضه بعضا ( 1 ) .
بيان : " يعيد الوضوء " أي جميعه من جفاف الوجه ، أو من حيث يحصل
الترتيب مع عدم الجفاف .
16 - العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين
ابن سعيد ، عن فضالة ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا
توضأت بعض وضوئك فعرضت لك حاجة حتى يبس وضوؤك ، فأعد وضوءك فان
الوضوء لا يبعض ( 2 ) .
بيان قوله : " حتى يبس وضوؤك " ظاهره جفاف الجميع ، واعلم أنه لا
خلاف بين أصحابنا في اشتراط الموالاة ، وإنما الخلاف في معناها ، فقال بعضهم :
هي أن لا يؤخر بعض الاعضاء عن بعض بمقدار ما يجف ما تقدمه ، وهو خيرة
الشيخ والمرتضى وجم غفير ، وقال بعضهم : هي أن يتابع بين غسل الاعضاء
ولا يفرق إلا لعذر ، وهو أيضا قول الشيخ المرتضى والعلامة في بعض
كتبه .
ثم إن بعض القائلين بالقول الاخير صر حوا بأن الاخلال بالموالاة بهذا
المعنى لا يبطل الوضوء ، وإن كان حراما مع الاختيار مالم يجف الاعضاء ،
ويفهم ظاهرا من كلام الشيخ في المبسوط أن مجرد الاخلال بهذا المعنى يبطل
الوضوء وإن لم يجف حال الاختيار ، وأما حال الاضطرار فيراعى الجفاف .
ثم إن الجفاف المراعى في صحة الوضوء وعدمها هل هو جفاف جميع
الاعضاء المتقدمة على العضو المفرق أو بعض ما تقدمه أو العضو السابق ، ظاهر
الاكثر الاول وصرح ابن الجنيد بالثاني ، وظاهر المرتضى وابن إدريس
الثالث .
15 - فرب الاسناد : عن محمد بن علي بن خلف العطار ، عن حسان المدايني
* ( هامش ص 265 ) * ( 1 - 2 ) علل الشرائع ج 1 ص 274 .
[266]
قال : سألت جعفربن محمد عليه السلام عن المسح على الخفين ، فقال : لا تمسح ، ولا
تصل خلف من يمسح ( 1 ) .
17 - مجالس أبي علي بن الشيخ : عن الشيخ ، عن المفيد ، عن علي
ابن محمد بن حبيش ، عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي
عن عبدالله بن محمد بن عثمان ، عن علي بن محمد بن أبي سعيد ، عن فضيل بن الجعد
عن أبي إسحاق الهمداني قال : كان فيما كتب أميرالمؤمنين عليه السلام لمحمد بن أبي
بكر : وانظر إلى الوضوء فانه من تمام الصلاة ، تمضمض ثلاث مرات واستنشق
ثلاثا ، واغسل وجهك ثم يدك اليمنى ثم اليسرى ثم امسح رأسك ورجليك ، فاني
رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يصنع ذلك ، واعلم أن الوضوء نصف الايمان ( 2 ) .
مجالس المفيد : عن ابن حبيش مثله ( 3 ) .
بيان : استحباب تثليث المضمضة والاستنشاق مشهور بين المتأخرين ، و
اعترف بعضهم بأنه لاشاهد له ، وهذا الخبر يدل عليه .
18 - العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن
العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد
عن علي قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا قال :
يعيد ، ألا ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء أراه أن يعيد الوضوء ( 4 ) .
بيان : ظاهره أن الترتيب الذكري يجب متابعته ، وإن احتمل أن يكون
الغرض محض تشبيه الحكم بالحكم .
19 - الخصال : عن أحمد بن محمد بن الهيثم وأحمد بن الحسن القطان
ومحمد بن أحمد السنانى وحسين بن إبراهيم المكتب وعبدالله بن محمد الصايغ
* ( هامش ص 266 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 76 ط حجر ، ص 99 ط نجف .
( 2 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 29 .
( 3 ) أمالى المفيد ص 164 .
( 4 ) علل الشرايع ج 2 ص 269 باب النوادر خاتمة الكتاب تحت الرقم : 18 .
[267]
وعلي بن عبدالله الوراق كلهم عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، عن بكر
ابن عبدالله بن حبيب ، عن تميم بن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن
الصادق عليه السلام قال : هذه شرايع الدين لمن تمسك بها وأراد الله هداه : إسباغ
الوضوء كما أمر الله عزوجل في كتابه الناطق : غسل الوجه واليدين إلى المرفقين
ومسح الرأس والقدمين إلى الكعبين مرة مرة ، ومرتان جايز ، ولا ينقض
الوضوء إلا البول والريح والنوم والغايط والجنابة ، ومن مسح على الخفين
فقد خالف الله ورسوله وكتابه ، ووضوؤه لم تتم . وصلاته غير مجزية ( 1 )
20 - الخصال : عن جعفر بن محمد بن بندار ، عن أبي العباس الحمادي
عن أبي مسلم الكجي ، عن عبدالله بن عبدالوهاب ، عن عبد الرحيم بن زيد العمي ،
عن أبيه ، عن معاوية بن قرة ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله
توضأ مرة مرة ( 2 ) .
21 - مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن محمد بن محمد بن مخلد ، عن عبد
الواحد بن محمد بن عبدالله بن مهدي ، عن يحيى بن أبي طالب ، عن عبدالرحمن
ابن علقمة ، عن عبدالله بن المبارك ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن زياد
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا توضأ بدأ بميامنه ( 3 ) .
بيان : استدل به على وجوب الابتداء باليمين في الرجلين ، ويرد عليه
أن الخبر ضعيف عامي ، ولا دلالة فيه على الوجوب .
22 - المحاسن : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عمير العجمي
قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يا أبا عمر تسعة أعشار الدين في التقية ، ولا دين
لمن لا تقية له ، والتقية في كل شئ إلا في شرب النبيذ ، والمسح على
* ( هامش ص 267 ) * ( 1 ) الخصال ج 2 ص 151 .
( 2 ) الخصال ج 1 ص 16 .
( 3 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 397 .
[268]
الخفين ( 1 ) .
ومنه : عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال :
قلت لابي جعفر عليه السلام : كيف اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وآله في المسح على الخفين ؟
فقال : كان الرجل منهم يسمع من النبي صلى الله عليه وآله الحديث فيغيب عن الناسخ ولا
يعرفه فاذا أنكر ما خالف ما في يديه كبر عليه تركه ، وقد كان الشي ء ينزل على
رسول الله صلى الله عليه وآله يعمل به زمانا ثم يؤمر بغيره فيأمر به أصحابه وامته حتى قال
الناس : يا رسول الله صلى الله عليه وآله إنك تأمرنا بالشئ حتى إذا اعتدناه وجرينا عليه أمرتنا
بغيره ، فسكت النبي صلى الله عليه وآله عنهم ، فأنزل عليه " قل ما كنت بدعا من الرسل وما
أدري مايفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلى وماأنا إلا نذير
مبين " ( 2 ) .
23 - فقه الرضا عليه السلام : إياك أن تبعض الوضوء ، وتابع بينه كما قال
الله تبارك وتعالى : ابدء بالوجه ثم اليدين ثم بالمسح على الرأس والقدمين ،
فان فرغت من بعض وضوئك وانقطع بك الماء من قبل أن تتمه ثم اوتيت بالماء
فأتمم وضوءك إذا كان ما غسلته رطبا ، فانكان قد جف فأعد الوضوء ، وإن جف
بعض وضوئك قبل أن تتم الوضوء من غير أن ينقطع عنك الماء فامض على ما بقي
جف وضوؤك أولم يجف وضوؤك .
وإن كان عليك خاتم فدوره عند وضوئك ، فان علمت أن الماء لا يدخل
تحته فانزع ، ولا تمسح على عمامة ولا قلنسوه ولا على خفيك فانه أروي عن
العالم عليه السلام " لا تقية في شرب الخمر ، ولا المسح على الخفين " ولا تمسح على
جوربك إلا من عذر أو ثلج تخاف على رجليك ( 3 ) .
وقال عليه السلام : لا تقدم المؤخر من الوضوء ، ولا تؤخر المقدم ، لكن تصنع
* ( هامش ص 268 ) * ( 1 ) المحاسن ص 259 .
( 2 ) المحاسن ص 299 ، والاية في سورة الاحقاف : 19 .
( 3 ) فقه الرضا ص 1 .
[269]
كل شئ على ما امرت أولا فأولا ( 1 )
ونروي أن جبرئيل عليه السلام هبط على رسول الله صلى الله عليه وآله بغسلين ومسحين :
غسل الوجه والذراعين بكف كف ، ومسح الرأس والرجلين بفضل الندوة
التي بقيت في يديك من وضوئك ، فصار الذي كان يجب على المقيم غسله في الحضر
واجبا على المسافر أن يتيمم لاغير ، صارت الغسلتان مسحا بالتراب ، وسقطت المسحتان
اللتان كانتا بالماء للحاضر لا غيره ( 2 ) .
ويجزيك من الماء في الوضوء مثل الدهن تمربه على وجهك وذراعيك
أقل من ربع مد وسدس مد أيضا ويجوز بأكثر من مد وكذلك في غسل الجنابة
مثل الوضوء سواء ، وأكثرها في الجنابة صاع ، ويجوز غسل الجنابة بما يجوز به
الوضوء إنما هو تأديب وسنن حسنة ، وطاعة آمر لمأمور ليثيبه عليه ، فمن تركه
فقد وجب له السخط فأعوذ بالله منه ( 3 ) .
ايضاح : قوله عليه السلام : " أن تبعض الوضوء " أي تخل بالموالات حتى
تجف بعض الاجزاء ، ثم تغسل بقيتها لا تجتمع الاعضاء على الرطوبة ، وقد
صرح بهذا المعني في كثير من الاخبار ، والمراد بالمتابعة الترتيب لا
الموالات كما فهمه أكثر الاصحاب ، ويدل عليه أيضا كثر من الاخبار ، و
صرح الشهيد بماذكرنا .
وقوله : " فان فرغت - إلى قوله : جف وضوؤك أولم يجف " أورده الصدوق
بعينه في الفقيه نقلا عن والده في رسالته إليه ، ويدل على أن مع عدم الفصل لا
يضر الجفاف وهو غير بعيد ، وحمله بعض الاصحاب على الضرورة ولا
ضرورة فيه .
وقال الشهيد - رحمه الله - في الذكرى بعد نقل تلك العبارة من كلام علي
ابن بابويه : ولعله عول على ما رواه حريز عن أبي عبدالله عليه السلام كما أسنده ولده
في كتاب مدينة العلم ، وفي التهذيب وقفه على حريز قال : قلت : إن جف الاول
* ( هامش ص 269 ) * ( 1 - 3 ) فقه الرضا ص 3 .
[270]
من الوضوء قبل أن أغسل الذي يليه ؟ قال : إذاجف أولم يجف فاغسل ما بقي .
وحمله في التهذيب على جفافه بالريح الشديدة والحر العظيم أو على التقية
قلت : التقية هنا أنسب ، لان في تمام الحديث " قلت : وكذلك غسل الجنابة ؟ قال : هو
بتلك المنزلة وابدء بالرأس ثم أفض على ساير جسدك ، قلت : فان كان بعض يوم ؟
قال : نعم " وظاهر هذه السماواة بين الوضوء والغسل ، فكما أن الغسل لا يعتبر
فيه الريح الشديدة والحر كذلك الوضوء ثم قال - رحمه الله - : فروع : الاول
ظاهر ابن بابويه أن الجفاف لا يضر مع الولاء ، والاخبار الكثيرة بخلافه ، مع
إمكان حمله على الضرورة انتهى .
أقول : لم نطلع على ما يدل من الاخبار على خلافه .
24 - صحيفة الرضا : باسناد الطبرسي عنه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ، وامرنا باسباغ الوضوء ، وأن
لا ننزي حمارا على عتيقة ولا نمسح على خف ( 1 ) .
25 - خرايج الراوندى : روي أن علي بن يقطين كتب إلى موسى بن
جعفر عليه السلام : اختلف في المسح على الرجلين ، فان رأيت أن تكتب ما يكون عملي
عليه فعلت ، فكتب أبوالحسن عليه السلام : الذي آمرك به أن تمضمض ثلاثا ، وتستنشق
ثلاثا ، وتغسل وجهك ثلاثا ، وتخلل شعر لحيتك ثلاثا ، وتغسل يديك ثلاثا ، و
تمسح ظاهر اذنيك وباطنهما ، وتغسل رجليك ثلاثا ، ولا تخالف ذلك إلى غيره ،
فامتثل أمره وعمل عليه .
فقال الرشيد احب أن أستبرء أمر علي بن يقطين ، فانهم يقولون إنه
رافضي ، والرافضة يخففون في الوضوء فباطئه ( 2 ) بشئ من الشغل في الدار حتى
* ( هامش ص 270 ) * ( 1 ) صحيفة الرضا ( ع ) ص 5 .
( 2 ) فباطئه من البطئ ، أي أخره كما سيجئ عن المؤلف قدس سره ، وقد مر في
ج 48 ص 137 من تاريح الامام موسى بن جعفر عليه السلام فناطه بشئ من الشغل ، وهو
الموافق لنسخة الارشاد ، واعلام الورى : 293 وهكذا المصدر المطبوع ومعنى ناطه : أي
علقه ، وفي مطبوعة الكمبانى فباطنه والمعنى : ساره وصافاه بذلك .
[271]
دخل وقت الصلاة فوقف الرشيد وراء حايط الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين
ولا يراه هو ، وقد بعث إليه بالماء للوضوء ، فتوضأ كما أمره موسى عليه السلام فقام الرشيد
وقال : كذب من زعم أنك رافضى وورد على علي بن يقطين كتاب موسى بن جعفر عليه السلام :
من الان توضأ كما أمرالله : اغسل وجهك مرة فريضة ، والاخرى إسباغا ، واغسل
يديك من المرفقين كذلك وامسح مقدم رأسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك
فقد زال مايخاف عليك ( 1 ) .
ارشاد المفيد قال : وروى محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضل وذكر مثله ( 2 )
مع زيادات اوردناها في باب معجزاته عليه السلام ( 3 ) .
بيان : فباطئه أي أخره .
26 - السرائر : مما أخذه من كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن
عبدالكريم الخثعمي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن الوضوء فقال : ما كان
وضوء علي عليه السلام إلا مرة مرة ( 4 ) .
ومنه : عن البزنطي ، عن المثنى ، عن زرارة وأبي حمزة ، عن أبي جعفر
عليه السلام مثل حديث جميل في الوضوء ( 5 ) إلا أنه في حديث المثنى وضع يده
* ( هامش ص 271 ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 203 .
( 2 ) ارشاد المفيد ص 275 .
( 3 ) راجع ج 48 ص 38 .
( 4 ) السرائر : 465 .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 271 سطر 19 إلى صفحه 279 سطر 18

( 5 ) روى الكلينى عن على بن ابراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبدالرحمان
عن أبان وجميل عن زرارة قال : حكى لنا أبوجعفر عليه السلام وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله
فدعا بقدح فأخذ كفا من ماء فأسد له على وجهه ثم مسح وجهه من الجانبين جميعا ثم أعاد
يده اليسرى في الاناء فأسد لها على يده اليمنى ، ثم مسح جوانبها ، ثم أعاد اليمنى في الاناء
فصبها على اليسرى ، ثم صنع بها كما صنع باليمنى ، ثم مسح بما بقى في يده رأسه ورجليه
ولم يعدهما في الاناء .
[272]
في الاناء فمسح رأسه ورجليه ، واعلم أن الفضل في واحدة واحدة ، ومن زاد
على الانثين لم يؤجر ( 1 ) .
تبيين : اعلم أن المشهور بين الاصحاب استحباب تثنية الغسلات ، وادعى
ابن إدريس الاجماع عليه وخالف فيه الصدوق - رحمه الله - وقال بعدم
الاستحباب ، وهو الظاهر من الكلام الكليني ، ومن كلام ابن أبي نصر ( 2 ) ويظهر من
بعضهم عدم الاستحباب فقط ، ومن بعضهم التحريم ، ولا خلاف عندنا في حرمة
الثالثة .
ثم إن الاخبار مختلفة في الثانية ، فالاكثر جمعوا بينها بحمل ما دل على
التثنية على الاستحباب ( 3 ) والصدوق رحمه الله جمع بينها بحمل أخبار التثنية على
التجديد ( 4 ) والكلينى حمل المرتين على من لم تكفه الواحدة ( 5 ) وبعض مشايخنا
حمل المرتين على الغرفتين ( 6 ) والمرة على الغسلة الواحدة ، وربما تحمل أخبار
* ( هامش ص 272 ) * ( 1 ) السرائر : 465 .
( 2 ) قالا بعد ذكر الحديث " ما كان وضوء على عليه السلام الا مرة مرة " : هذا دليل
على أن الوضوء انما هو مرة مرة لانه عليه السلام كان اذا ورد عليه أمران كلاهما لله طاعة
أخذ بأحوطهما وأشدهما على بدنه ، راجع الكافى ج 3 ص 27 .
( 3 ) ولنا كلام في ذلك سيأتى تحت الرقم 51 انشاء الله .
( 4 ) وسيتعرض المؤلف العلامة قدس سره للبحث عن ذلك في الباب الاتى باب ثواب
اسباغ الوضوء تحت الرقم 14 .
( 5 ) زاد بعد كلامه السابق ، وان الذى جاء عنهم عليهم السلام أنه قال : الوضوء
مرتان ، أنه هو لمن لم يقنعه مرة واستزاده ، فقال : مرتان ، ثم قال : ومن زاد على مرتين
لم يؤجر ، وهذا أقصى غاية الحد في الوضوء الذى من تجاوزه أثم ولم يكن له وضوء ، وكان
كمن صلى الظهر خمس ركعات ، ولولم يطلق عليه السلام في المرتين لكان سبيلهما سبيل
الثلاث .
( 6 ) يظهر ذلك من الشيخ الحر العاملى قدس سره في الوسائل ، حيث عنون الباب
[273]
الاثنتين اثنتين على الغسلتين والمسحتين ولا يخفى أن الاكتفاء بالغرقة الواحدة
والغسلة الواحدة أقرب إلى الاحتياط الذي هو سبيل المتقين ، وأبعد من عمل
المخالفين ورواياتهم ، فانهم رووا في صحاحهم عن عبدالله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وآله
توضأمرتين مرتين ، وما في الخبر من وضع اليد في الاناء للمسح محمول على
التقية ، فان المشهور عدم جواز أخذ الماء الجديد للمسح إلا عند الضرورة الشديدة
ونسب إلى ابن الجنيد تجويز أخذ الماء الجديد عند جفاف اليد مطلقا .
27 - العياشى : قال : روى زرارة بن أعين وأبوحنيفة عن أبي بكر بن
حزم قال : توضأ رجل فمسح على خفيه ، فدخل المسجد فصلى ، فجاء علي عليه السلام
فوطأ على رقبته ، فقال : ويلك تصلي على غير وضوء ؟ فقال : أمرني عمر بن الخطاب
قال : فأخذ بيده فانتهى به إليه فقال : انظر ما يروي هذا عليك ؟ ورفع صوته ، فقال :
نعم أنا أمرته ، إن رسول الله صلى الله عليه وآله مسح ، قال : قبل المائدة أو بعدها ؟ قال : لا
أدري قال : فلم تفتي وأنت لا تدري ؟ سبق الكتاب الخفين ( 1 ) .
28 - ومنه : عن الميسر بن ثوبان قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : سبق
الكتاب الخفين والخمار ( 2 ) .
29 - ومنه : عن زرارة وبكير ابني أعين قالا : سألنا أباجعفر عليه السلام عن
وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا بطست أو تور فيه ماء ، فغمس كفه اليمنى فغرف بها
* ( هامش ص 273 ) * هكذا " باب اجزاء الغرفة الواحدة في الوضوء وحكم الثانية والثالثة " .
( 1 - 4 ) تفسير العياشى ج 1 ص 297 .
أقول : والظاهر من الاخبار - خصوصا بقرينة هذا وأمثاله ، أن كيفية الوضوء
قبل نزول آية المائدة ، ؟ كانت على غير ما دلت هى عليه ، فلعل النبى صلى الله عليه وآله كان يتوضأ قبل
ذلك ثلاثا ثلاثا ويمسح أذنيه ورأسه تماما مقبلا ومدبرا ليمسح عنه الغبار ويغسل الرجلين
اذا كانتا مغبرتين ويمسحهما اذا كانتا نظيفتين من الغبار ، وقد يمسح على الخف في الاسفار
وذلك بوحى وتعليم من جبرئيل أوآية نسخت تلاوتها بآية المائدة وانسيت كما قال عزوجل
" سنقرئك فلا تنسى الا ماشاء الله " .
[274]
غرفة فصبها على جبهته ، فغسل وجهه بها ، غمس كفه اليسرى فأفرغ على يده
المينى ، فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى المرفق ، ثم غمس
كفه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه الايسر من المرفق ، وصنع بها كما صنع باليمنى
ومسح رأسه بفضل كفيه وقدميه ، لم يحدث لها ماء جديدا ، ثم قال : ولا يدخل صلى الله عليه وآله
أصابعه تحت الشراك .
قالا : ثم قال : إن الله يقول " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة
فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق " ( 1 ) فليس له أن يدع شيئا من وجهه
إلا غسله ، وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين ، فليس ينبغي له أن يدع من يديه إلى
المرفقين شيئا إلا غسله ، لان الله يقول : " اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق "
ثم قال : " وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين " فاذا مسح بشئ من رأسه
أو بشئ من قدميه ما بين أطراف الكعبين إلى أطراف الاصابع فقد أجزأه .
قالا : قلنا : أصلحك الله أين الكعبان ؟ قال : ههنا يعني المفصل دون عظم الساق
فقلنا : هذا ما هو ؟ قال : من عظم الساق ، والكعب أسفل من ذلك ، فقلنا : أصلحك الله
فالغرفة الواحدة نجزي للوجه وغرفة للذراع ؟ قال : نعم إذا بالغت فيهما فالثنتان
تأتيان على ذلك كله ( 2 ) .
ومنه : عن زرارة عنه عليه السلام في قول الله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا "
الاية قال : فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله ، وساقه نحو مامر إلى
قوله : دون عظم الساق ( 3 ) .
ايضاح : الطست يروى بالمهملة والمعجمة وفي النهاية التور إناء من صفر
أو حجارة كالاجانة ، قد يتوضأ منه انتهى ، والترديد إما من الراوي أومنه عليه السلام
للتخيير بين الاتيان بأيهما تيسر ويدل على عدم كراهية تلك الاستعانة .
وماقيل من أنه لبيان الجواز أو لانه لم يكن وضوء حقيقيا فلا يخفى
* ( هامش ص 274 ) * ( 1 ) المائدة : 6 .
( 2 و 3 ) تفسير العياشى ج 1 ص 298 و 299 .
[275]
بعدهما عن مقام البيان .
وربما يفهم منه استحباب كون الاناء مكشوفة الرأس ، ويدل على رجحان
الاغتراف لغسل الاعضاء وباليمين لغير اليمين ، فأما غسل اليمين فذهب المفيد
وجماعة إلى استحباب الاخذ له باليمين ، وإدارة الماء إلى اليسار وظاهرهذه الرواية
وغيرهما عدمه ، وحمل على عدم الوجوب .
ويمكن حمل أخبار الادارة على ما إذا لم يكن الاناء مكشوفة الرأس لكن
عمدة ما استدل به على الادارة هذه الرواية على مارواها في التهذيب ( 1 ) فانها
فيه هكذا " ثم غمس كفه اليمنى في الماء فاغترف بها من الماء فغسل يده اليمنى "
والاناء فيها مكشوفة الرأس . وفي الكافي كما هنا . ( 2 ) وبالجملة إثبات استحباب
الادارة لايخلو من إشكال .
قوله : " لايردها إلى المرفق " يمكن أن يكون المراد نفي ابتداء الغسل
من الاصابع ، كما تفعله المخالفون ، أو أنه في إثناء الغسل لا يرد يده إلى المرفق
بل كان يرفع يده ثم يضعها على المرفق وينزلها .
ثم إن الخبر يدل على ما هو المشهور من وجوب البدأة بالاعلى في الوجه
واليدين ، وذهب السيد وابن إدريس وجماعة إلى الاستحباب ، والاحوط الابتداء
بالاعلى فيهما ، ويدل على أن المسح إنما يكون ببقية البلل ، ولا خلاف بين
علمائنا في جوازه خلافا لاكثر العامة ، وكذا لا خلاف في وجوب المسح بالبقية
وعدم جواز الاستيناف عند بقاء النداوة على اليد ، وأما عند جفاف اليد فالمشهور
عدم جواز الاستيناف أيضا بل تؤخذ من اللحية ونحوها ، لو كانت بها بلة ، ويستأنف
الوضوء لو جفت هذه المواضع أيضا ، نعم جوزوافي حال الضرورة كافراط الحر .
أو الريح الشديدة مثلا ، بحيث لايقدر على المسح بالبقية ، أن يستأنف ماء
جديدا .
* ( هامش ص 275 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 21 و 22 ط حجر ، وص 56 و 76 ط نجف .
( 2 ) الكافى ج 2 ص 25 و 26 .
[276]
ونقل عن ابن الجنيد ما يدل بظاهره على جواز الاستيناف عند جفاف اليد
مطلقا سواء وجد بللا على اللحية ونحوها أم لا ، وسواء كان في حال الضرورة
أولا ، وما نسب إليه من جواز المسح بالماء الجديد مطلقا ، فلايدل عليه
كلامه .
وقوله عليه السلام : " ولا يدخل أصابعه تحت الشرك " يدل على عدم وجوب
الاستيعاب العرضي ، إن حملنا النعل على العربي ، والطولي أيضا إن حملناه على
البصري وأمثاله .
قوله عليه السلام : " مابين أطراف الكعبين " في التهذيب " مابين الكعبين " قوله
عليه السلام : " دون عظم الساق " لفظة " دون " إما بمعنى تحت ، أو بمعنى عند ، أو
بمعني غير .
واعلم أن الكعب يطلق على معان أربعة :
الاول العظم المرتفع في ظهر القدم ، الواقع في مابين المفصل والمشط .
الثاني المفصل بين الساق والقدم .
الثالث عظم مائل إلى الاستدارة واقع في ملتقى الساق ، والقدم له زائدتان
في أعلاه ، تدخلان في حفيرتي قصبة الساق ، وزائدتان في أسفله تدخلان في حفرتي
العقب ، وهو ناتئ في وسط ظهر القدم ، أعني وسطه العرضي لكن نتوؤه غير ظاهر
لحس البصر ، لارتكاز أعلاه في حفرتي الساق ، وقد يعبر عنه بالمفصل أيضا ، إما
بالمجاورة ، أو من قبيل تسمية الحال باسم المحل .
والرابع أحد الناتئين عن يمين القدم وشماله ، وهذا هو الذي حمل أكثر
العامة الكعب في الاية عليه ، وأصحابنا مطبقون على خلافه ، وأما الثلاثة الاول
فكلامهم لا يخرج عنها ، فالاول ذكره عميد الرؤساء وبه صرح المفيد - رحمه الله -
والثاني ذكره جماعة من أهل اللغة وهذه الرواية ظاهرة فيه ، وهوظاهر كلام
ابن الجنيد ، والثالث هو الذي يكون في رجل البقر والغنم أيضا ، وربما يلعب به
[277]
الناس ، وهوالذي بحث عنه علماء التشريح .
وقال الشيخ البهائي - رحمه الله - : وهو الكعب على التحقيق عند العلامة
- رحمه الله - وعبر عنه في بعض كتبه بحد المفصل ، وفي بعضها بمجمع الساق و
القدم ، وفي بعضها بالناتئ وسط القدم ، وفي بعضها بالمفصل ، وصب عبارات الاصحاب
عليه وشنع عليه من تأخر عنه ونسبوه إلى خرق الاجماع .
وأجاب الشيخ المتقدم ذكره قدس الله روحه عن تشنيعاتهم في كتبه ، واختار
مذهبه ، وادعى أن ظاهر الاخبار والاقوال معه ، ولكن الظاهر من الاكثر
هو المعنى الاول ، ونسب العامة أيضا هذا القول إلى الشيعة ، والاخبار مختلفة
وعلى القول بعدم وجوب الاستيعاب الطولي الامر هين ، والاحوط المسح إلى
المفصل خروجا عن الخلاف .
قوله عليه السلام : " إذا بالغت فيهما " وفي التهذيب فيها أي إذا بالغت في أخذ
الماء بها ، بأن ملاتها منه بحيث لا تسع معه شيئا ، أو إذا بالغت في غسل العضو بها
بامرار اليد ليصل ماؤها إلى كل جزء ، وقوله عليه السلام : " والثنتان " أي الغرفتان
تكفيان في استيعاب العضو بدون مبالغة . ثم الظاهر أن " غرفة للذراع " المراد بها
غرفة لكل ذراع ، ولا يبعد أن يكون المراد غرفة واحدة للذراعين معا ، وعلى
الاول يدل على الاستحباب الغرفتين لاالغسلتين .
30 - العياشى : عن زرارة قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : حد الوجه
الذي ينبغي أن يوضأ ، الذي قال الله عزوجل ؟ فقال : الوجه الذي أمر الله
عزوجل بغسله ، الذي لاينبغي لاحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه : إن زاد
عليه لم يؤجر ، وإن نقص منه أثم ، مادارت [ عليه ] السبابة الوسطى والابهام من
قصاص الشعر إلى الذقن ، وما جرت عليه الاصبعان من الوجه مستديرا فهو من
الوجه ، وما سوى ذلك فليس من الوجه ، قلت : الصدغ ليس من الوجه ؟
قال : لا ( 1 ) .
( هامش ص 277 ) * ( 1 ) تفسير العياشى ج 1 ص 299 ، وللحديث ذيل سيأتى الاشارة اليه .
[278]
ايضاح : هذا الخبر مروي في الفقيه ( 1 ) بسند صحيح وفي التهذيب بحسن
لا يقصر عن الصحيح ( 2 ) وقوله : " الذي قال الله " نعت بعد نعت للوجه ، وقوله :
" لا ينقص منه " إما معطوف على ينبغي ، أو على " يزيد " فعلى الاول لانافية
وعلى الثاني زائدة لتأكيد النفي ، واحتمال كون " لا " ناهية ، ويكون معطوفا
على الموصول وصفة للوجه بتأويل مقول في حقه ، لايخفى بعده وركاكته .
وجمله الشرط والجزاء في قوله : " إن زاد عليه لم يوجر " صلة بعد صلة
للموصول ، كما جوز التفتازاني في قوله سبحانه : " فاتقوا النار التي وقودها
الناس والحجارة أعدت للكافرين " ( 3 ) كون جملة " اعدت " صلة ثانية للتي
ويحتمل أن يكون هذه الشرطية مع المعطوف عليها مفسرة لقوله " لا ينبغي لاحد "
وأن تكون معترضة بين المبتدء والخبر .
والجار والمجرور ، في قوله عليه السلام : " من قصاص الشعر " إما متعلق بقوله :
" ودارت " أو صفة مصدر محذوف ، أو حال عن الموصول الواقع خبرا عن الوجه ،
وهو " ما " إن جوزنا الحال عن الخبر ، أوحال عن الضمير المجرور العائد إلى
الموصول ، على تقدير وجود " عليه " ولفظة " من " فيه ابتدائية ، " وإلى الذقن "
مثله على التقادير .
ولفظة " من " في قوله : " من الوجه " بيان كما قيل ، والاظهر أن
كلمة " من " تبعيضية أي مما يحتمل كونه وجها ويتوهم كونه من الوجه " ومستدبرا "
إما حال عن الوجه أو عن ضمير عليه ، أو عن الموصول إن جوز ، وإما صفة مصدر
محذوف ، ويحتمل أن يكون تمييزا عن نسبة جرت إلى فاعلها ، أي ما جرت
الاصبعان عليه بالاستدارة ، مثله في قولهم : " لله دره فارسا " وجملة " ماجرت " وقعت
* ( هامش ص 278 ) * ( 1 ) الفقيه ج 1 ص 28 ط نجف .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 15 ط حجر ص 54 ط نجف الاخوندى ، الكافى ج 3 ص 28
ط طهران الاخوندى .
( 3 ) البقرة : 24 .
[279]
مؤكدة لسابقها إن كانت لفظة " من " في قوله : " من قصاص " إبتدائية لتحديد
الوجه على ماهو الظاهر أومؤسسة ومن ابتدائية للغسل على ماقيل ، وضماير " منه
وعليه " كلها راجعة إلى الوجه .
قوله : " مادارت عليه السبابة الوسطى " في نسخ التهذيب " والوسطى " وفي
الففيه " عليه الوسطى " بدون السبابة ، ولعله الصواب ، إذ زيادة السبابة لا فائدة
لها ظاهرا ، وعلى هذه النسخة اطلق السبابة على الوسطى مجازا ، وربما يتكلف
على نسخة التهذيب بأن المراد بين مادارت عليه السبابة والابهام والوسطى
والابهام ، أو يكون أحدهما للحد الطولى والاخر للحد العرضي ، فالطولي ما
دارت عليه السبابة والابهام ، لان ما بين القصاص إلى الذقن بقدره غالبا ، والعرضي
مادارت عليه الوسطى والابهام ، وحينئذ يكون قوله : " من قصاص شعر الرأس إلى
الذقن " تماما للحدين معا كما قيل ، ولعل الاظهر أن ذكر السبابة وقع استطرادا
إذ قلما ينفك عن الوسطى في الدوران ( 1 ) .
* ( هامش ص 279 ) * ( 1 ) الوجه في اللغة مايبدو للناظر ويعتبر فيه الوجاهة والملاحة ، ويصدق به اسوداد
الوجه وابيضاضه كما قال تعالى " يوم تسود وجوه وتبيض وجوه " وقال " واذا بشر أحدهم
بالانثى ظل وجهه مسودا " فعلى هذا لا يصدق الوجه الاعلى البشرة التى لا شعر عليها من
الجبهة والجبينين وما تحتها من حر الوجه إلى الذقن ، وهو الذى يدور عليه الابهام والوسطى
مستديرا كما حده عليه الصلاة والسلام .
ولهذا يخرج الصدغان من الوجه ، فان الصدغ مستور بالشعر المتدلى عليه خلقه ،


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 279 سطر 19 إلى صفحه 287 سطر 18

وما تحته من العذار أيضا مستور بالخط العارض ، وهو الحد الذى ينتهى اليه الوجه
عرضا ، ولذلك نفسه اذا نبتت اللحية على الفكين وكانت بحيث تستر وجه الخد ، خرج
الموضع عن كونه وجها ، ولم يلزم غسله في الوضوء كالحاجبين ، الا أنه يجب امرار اليد
على ظاهر اللحية لينفصل الغسالة عنها ، ولو كانت طويلة جدا .
روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 104 في الصحيح عن زرارة قال : قلت له : أرأيت
ما كان تحت الشعر ، قال : كل ما أحاط به الشعر فليس للعباد أن يغسلوه ، ولا يبحثوا عنه
[280]
ثم اعلم أن قوله : " لا ينبغي لاحد أن يزيد عليه " مع قوله : " إن زاد
عليه لم يؤجر " يحتمل وجوها : أحدها أن يكون " لا ينبغي " محمولا على الكراهة
كما هوالظاهر من إطلاقه في الاخبار وكلام القوم ، لا سيما واقترن به قوله :
" إن زاد عليه لم يؤجر " باعتبار أنه أتى بالمأمور به مع زيادة لغوا ، ويحمل على
أنه لم يفعل الزيادة بقصد كونه مأمورا به ، وإلا لكان تشريعا حراما ، إما الفعل
أو القصد كما فصل في كلام القوم الثاني أن يحمل على الحرمة بأن فعله بقصد كونه
مأمورا به ، فيكون تشريعا والثالث أن يكون المراد أعم من الحرمة والكراهة ،
باعتبار الفردين المذكورين .
وكذا قوله : " إن نقص أثم " يحتمل وجوها : الاول أن يكون الاثم و
العقاب باعتبار الاكتفاء بذلك الوضوء الذي ترك فيه المأمور به ، لكون وضوئه
وصلاته باطلين واكتفى بهما ، فيأثم ويعاقب على تركهما ، الثاني أن يكون باعتبار
كون هذا الوضوء وهذه الصلاة تشريعا فيأثم على فعلهما ، وإن لم يكتف بهما ، الثالث
أن يحمل على الاعم منهما .
والقصاص مثلثة القاف : منتهى شعر الرأس حيث يؤخذ بالمقص . من مقدمه
ومؤخره ، وقيل : هو منتهى منبته من مقدمه وهو المراد هنا ، ولا خلاف بين علماء
الاسلام في أن ما يجب غسله في الوضوء من الوجه ليس خارجا عن المسافة التي هي
من قصاص شعر الرأس إلى الطرف الذقن طولا ومن وتد الاذن إلى الوتد عرضا
إلا من الزهري حيث ذهب إلى أن الاذنين من الوجه يغسلان معه .
لكنهم اختلفوا في حده ، فمنهم من حده بأنه من القصاص إلى الذقن طولا
وما دارت عليه الابهام والوسطى عرضا ، وهو المشهور بين الاصحاب ، بل كاد أن
* ( هامش ص 280 ) * ولكن يجرى عليه الماء ، ورواه الصدوق في الفقيه ج 1 ص 28 ، ولفظه " فليس للعباد أن
يطلبوه ولايبحثوا عنه " .
وروى الكلينى في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام قال : سألته
عن الرجل يتوضأ ، أيبطن لحيته ؟ قال : لا ، وسيجئ عن العياشى وغيره مايدل عليه .
[281]
يكون اجماعا ، وادعى العلامة في المنتهى والمحقق في المعتبر أنه مذهب أهل
البيت عليهم السلام .
ومن جملة مااستدلوا به عليه هذه الرواية ، لكنهم اختلفوا في معناها ،
فالاكثر ذهبوا إلى أن قوله عليه السلام : " مادارت عليه الابهام والوسطى " بيان لعرض
الوجه ، وقوله عليه السلام : " من قصاص شعر الرأس إلى الذقن " لطوله وقوله عليه السلام :
" وماجرت عليه الاصبعان " الخ تأكيد لبيان العرض .
وحملها الشيخ البهائي قدس الله روحه على معنى آخر وادعى في بعض
حواشيه أن هذا يستفاد من كلام بعض أصحابنا المتقدمين ، فانهم حد دوا الوجه
بما حواه الابهام والوسطى ، ولم يخصوا ذلك بالعرض كما فعل المتأخرون ، ونقل
في المختلف مثله عن ابن الجنيد ، وما حمل الخبر عليه هو أن كلا من طول الوجه
وعرضه ما اشتمل عليه الابهام والوسطى ، بمعنى أن الخط الواصل من القصاص
إلى طرف الذقن وهو مقدارما بين الاصبعين غالبا إذا فرض ثبات وسطه وادير
على نفسه فيحصل شبه دائرة فذلك المقدارهو الذي يجب غسله .
قال في الحبل المتين : وذلك لان الجار والمجرور في قوله : " من
قصاص شعرالرأس " إما متعلق بقوله " دارت " أو صفة مصدر محذوف ، والمعنى
أن الدوران يبتدئ من القصاص منتهيا إلى الذقن ، وإما حال من الموصول
الواقع خبراعن الوجه ، ان جوزناه ، والمعنى أن الوجه هو القدر الذي دارت
عليه الاصبعان ، حال كونه من القصاص إلى الذقن ، فاذا وقع طرف الوسطى مثلا
على قصاص الناصية ، وطرف الابهام على آخر الذقن ، ثم اثبت وسط انفراجهما
ودار طرف الوسطى مثلا على الجانب الايسر إلى أسفل ودار طرف الابهام على
الجانب الايمن إلى فوق تمت الدائرة المستفادة من قوله : " مستديرا " وتحقق
ما نطق به قوله : " ماجرت عليه الاصبعان مستديرا فهو من الوجه " انتهى كلامه
رفع الله مقامه .
وأنت خبير بأنه - رحمه الله - وإن دقق في إبداء هذا الوجه لكن الظاهر
[282]
أن الحمل الرواية عليه بعيد جدا ، وقدبسط - رحمه الله - القول في ذلك في
كتبه بذكر مرجحات كثيرة لما اختاره ، وإيراد اعتراضات على ما فهمه القوم
لا يرد أكثرها تركناها حذرا من الاطالة من غير طائل .
وأما مادل عليه الخبر من عدم دخول الصدغ في الوجه الذي يجب غسله
فمما ذهب إليه أصحابنا ، إلا الراوندي على ما نقل عنه في الذكرى ، ولنحقق
معنى الصدغ .
قال الفيروز آبادي : الصدغ بالضم مابين العين والاذن والشعر المتدلي
على هذا الموضع ، ونحوه قال الجوهري وقال بعض الفقهاء : هو المنخفض الذي
مابين أعلا الاذن وطرف الحاجب ، وقال في المنتهى : هو الشعر الذي بعد انتهاء العذار
المحاذي لرأس الاذن وينزل عن رأسها قليلا ، وقال في الذكرى : هو ماحاذي
العذار .
فاذا عرفت هذا فاعلم أنه من فسر الصدغ بما بين العين والاذن فلا ريب في
أنه يدخل بعضه بين الاصبعين بالادارة بكل من الوجهين ، وإن اريد به الموضع
الذي عليه الشعر ، وهو مافوق العذار ، فلايدخل بينهما شئ منه على شئ من
الوجهين ، فما ذكره الشيخ البهائي قدس سره من أن هذا أحد الوجوه المرجحة
لما حققه ، لا وجه له عند التحقيق ، فيمكن أن يحمل الصدغ الذي وقع في
كلام زرارة وكلامه عليه السلام على المعنى الثانى الذي فسر به العلامة والشهيد نور
الله ضريحهما ، وقدعرفت أنه لا يشتمل شيئا منه الاصبعان ويمكن حمل الصدغ
الذي في كلام الراوندي على البعض الذي لا شعر عليه ، ويشمله الاصبعان ، لئلا
يكون مخالفا للرواية وإجماع الاصحاب ، ويمكن أن يكون الصدغ الذي في
الرواية محمولا على المعنى الاول ويكون نفيه عليه السلام رفعا للايجاب الكلي أي ليس
الصدغ من الوجه بل بعضه خارج وبعضه داخل ، والاول أظهر .
31 - العياشى : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت : كيف يمسح
الرأس ؟ قال : إن الله يقول : " وامسحوا برؤسكم " فما مسحت من رأسك فهو
[283]
كذا ، ولوقال : " امسحوا رؤسكم " لكان عليك المسح بكله ( 1 )
بيان : " فهو كذا " أي داخل في المأمور به .
32 - العياشى : عن صفوان قال : سألت أباالحسن الرضا عليه السلام عن قول الله :
" فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين "
فقال : قد سأل رجل أباالحسن عليه السلام عن ذلك ، فقال : سيكفيك أو كفتك سورة
المائدة يعني المسح على الرأس والرجلين ، قلت : فانه قال : " اغسلوا أيديكم
إلى المرافق " فكيف الغسل ؟ قال : هكذا أن يأخذ الماء بيده اليمنى فيصبه في
اليسرى ثم يفضه على المرفق ، ثم يمسح إلى الكف ، قلت له : مرة واحدة ؟
فقال : كان يفعل ذلك مرتين ، قلت : يرد الشعر ؟ قال : إذا كان عنده آخر فعل
وإلا فلا ( 2 ) .
بيان : قوله عليه السلام : " فيصبه في اليسرى " يدل على رجحان إلا دارة ،
قوله عليه السلام : " إذا كان عنده آخر " أي ممن يتقيه من المخالفين ، ورد الشعر
الغسل منكوسا ، والاحتمال الاخر هنا بعيد إلا أن يتحقق التقية به أيضامع
الابتداء بالاعلى في بعض الاحيان .
33 - العياشى : عن ميسر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : الوضوء واحدة ، قال :
ووصف الكعب في ظهر القدم ( 3 ) .
بيان : هذا الحديث كالصريح في أن الكعب هو الناتئ في ظهرالقدم ، و
قال الشيخ البهائي قدس سره : الاخبار المتضمنة لكون الكعب في ظهر القدم
لايخالف كونه العظم الواقع في المفصل ، فان الكعب بهذا المعنى واقع في ظهر
القدم خارج عنه ، على أن قول ميسرأنه عليه السلام وصف الكعب في ظهرالقدم
يعطي أن الامام ذكر للكعب أوصافا ليعرفه الراوي بها ، ولوكان الكعب بهذا
الارتفاع المحسوس المشاهد ، لم يحتج إلى الوصف ، بل كان ينبغي أن يقول :
هو هذا .
* ( هامش ص 283 ) * ( 1 - 3 ) تفسير العياشى ج 1 ص 300 .
[284]
وقال أيضا : ليس المراد بظهر القدم خلاف باطنه ، بل ماارتفع منه كما
يقال لما ارتفع وغلظ من الارض : ظهر ، ولايخفى مافيهما من التكلف .
34 - العياشى : عن عبدالله بن سليمان ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال :
ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قلنا : بلى ، فأخذ كفا من ماء فصبه على
وجهه ، ثم أخذ كفا آخرفصبه على ذراعه الايمن ، ثم أخذ كفا آخر فصبه
على ذراعه الايسر ، ثم مسح رأسه وقدميه ، ثم وضع يده على ظهر القدم
ثم قال : إن هذا هو الكعب ، وأشار بيده إلى العرقوب - : وليس بالكعب .
وفي رواية اخرى عنه عليه السلام قال : إلى العرقوب ، ثم قال : إن هذا هو
الظنبوب وليس بالكعب ( 1 ) .
بيان : رواه في التهذيب ( 2 ) عن ميسر ، عن أبي جعفر عليه السلام وفيه " ثم
وضع يده على ظهر القدم ثم قال هذا هو الكعب قال : وأومأ بيده إلى أسفل
العرقوب ثم قال : أن هذا هو الظنبوب " وقال في القاموس : العرقوب عصب غليظ
فوق عقب الانسان ، ومن الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها ، وقال :
الظنبوب حرف الساق من القدم أو عظمه أو حرف عظمه ، وهذا أيضا كالصريح في
الكعب بالمعنى المشهور وما نفاه أخيرا هو الذي يقوله المخالفون .
35 - العياشى : عن علي بن أبي حمزة قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام
عن قول الله : " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة " إلى قوله " إلى
الكعبين " فقال : صدق الله ، قلت : جعلت فداك كيف يتوضأ ؟ قال : مرتين مرتين
قلت : يمسح ؟ قال : مرة مرة ، قلت : من الماء مرة ؟ قال : نعم قلت : جعلت
فداك ، فالقدمين ؟ قال : اغسلهما غسلا ( 3 ) .
بيان : الامر بالغسل تقية أو اتقاء ، وقوله : " من الماء " أيضا الظاهر أنه
* ( هامش ص 284 ) * ( 1 ) تفسير العياشى ج 1 ص 300 .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 21 ط حجر .
( 3 ) تفسير العياشى ج 1 ص 301 .
[285]
تقية ، وأن أمكن حمله على أن المراد ماء الوضوء الذي بقي في الكف .
36 - العياشى : عن محمد بن أحمد الخراساني رفع الحديث قال : أتى أمير
المؤمنين عليه السلام رجل فسأله عن المسح على الخفين ، فأطرق في الارض علياثم
رفع رأسه فقال : يا هذا إن الله تبارك وتعالى أمر عباده بالطهارة ، وقسمها على
الجوارح ، فجعل للوجه منه نصيبا ، وجعل لليدين منه نصيبا ، وجعل للرأس منه
نصيبا ، وجعل للرجلين منه نصيبا ، فان كانتا خفاك من هذه الاجزاء فامسح
عليهما ( 1 ) .
37 - ومنه : عن غالب بن الهذيل قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول
الله : " وامسحوا " برؤسكم وأرجلكم " على الخفض هي أم على الرفع ( 2 ) ؟ فقال :
هي على الخفض ( 3 ) .
37 - ومنه : عن عبدالله خليفة أبي العريف الهمداني قال : قام ابن الكوا إلى
علي عليه السلام فسأله عن المسح على الخفين ، فقال : بعد كتاب الله تسألني ؟ قال الله
تعالى : " يا أيها الذين آمنواإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم " إلى قوله
تعالى : " إلى الكعبين " ثم قام إليه ثانية فسأله ، قال له مثل ذلك ثلاث مرات كل
ذلك يتلو عليه هذه الاية ( 4 ) .
39 - ومنه : عن الحسن بن زيد ، عن جعفر بن محمد عليه السلام أن عليا خالف
القوم في المسح على الخفين على عهد عمربن الخطاب ، قالوا : رأينا النبي صلى الله عليه وآله
يمسح على الخفين ، قال : فقال علي عليه السلام : قبل نزول المائدة أو بعدها ؟ فقالوا : لا
ندري ، قال : ولكني أدري ، إن النبي صلى الله عليه وآله ترك المسح على الخفين حين
نزلت المائدة ، ولان أمسح على ظهر حمار أحب إلى من أن أمسح على الخفين
* ( هامش ص 285 ) * ( 1 ) تفسير العياشى ج 1 ص 301 .
( 2 ) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 70 ط نجف وص 20 ط حجر ، وفيه النصب
بدل الرفع وممن قرء بالرفع الحسن البصرى .
( 3 - 4 ) تفسير العياشى ج 1 ص 301 .
[286]
وتلاهذه الاية " يا أيها الذين آمنوا إذاقمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و
أيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين " ( 1 )
بيان : يدل على أن المسح على الخفين كان قبل نزول المائدة
فنسخ بها .
40 - معرفة الرجال : للكشي عن حمدويه وإبراهيم ، عن محمد بن إسماعيل
الرازي ، عن أحمد بن سليمان ، عن داود الرقي قال : دخلت على أبي عبدالله
عليه السلام فقلت له : جعلت فداك كم عدة الطهارة ؟ فقال : ما أوجبه الله فواحدة
وأضاف إليها رسول الله صلى الله عليه وآله واحدة لضعف الناس ، ومن توضأ ثلاثا ثلاثا
فلا صلاة له .
أنا معه في ذا جاء داود بن زربى ، وأخذ زاوية من البيت فسأله عما
سألته في عدة الطهارة ، فقال له : ثلاثا ثلاثا من نقص عنه فلا صلاة له ، قال : فارتعدت
فرائصي وكاد أن يدخلني الشيطان ، فأبصر أبوعبدالله عليه السلام إلى وقد تغير لوني
فقال : اسكن يا داود ! هذاهو الكفر ، أو ضرب الاعناق .
قال : فخرجنا من عنده ، وكان ابن زربي إلى جوار بستان أبي جعفر المنصور
وكان قد القي إلى أبي جعفر أمر داود بن زربي وأنه رافضي يختلف إلى جعفر
ابن محمد عليه السلام فقال أبوجعفر : إني مطلع على طهارته ، فان هو توضأ وضوء جعفر
ابن محمد فاني لاعرف طهارته حققت عليه القول وقتلته ، فاطلع وداود يتهيأ للصلاة
من حيث لايراه فأسبغ داود بن زربي الوضوء ثلاثا ثلاثا كما أمره أبوعبدالله فما
تم وضوءه حتى بعث إليه أبوجعفر المنصور فدعاه .
قال : فقال داود : فلما أن دخلت عليه رحب بي وقال : يا داود قيل فيك
شئ باطل ، ومات أنت كذلك قد اطلعت على طهارتك ، وليس طهارتك طهارة الرافضة
فاجعلني في محل ، وأمر له بمائة ألف درهم .
قال : فقال داود الرقي : لقيت أنا داود بن زربي عندأبي عبدالله عليه السلام فقال
* ( هامش ص 286 ) * ( 1 ) تفسير العياشى ج 1 ص 302
[287]
له داود بن زربي : جعلني الله فداك حقنت دماء نا في دار الدنيا ، ونرجو أن ندخل
بيمنك وبركتك الجنة ، فقال أبو عبدالله عليه السلام : فعل الله ذلك بك وباخوانك من
جميع المؤمنين .
فقال أبوعبدالله عليه السلام لداود بن زربي : حدث داود الرقي بما مر عليكم
حتى تسكن روعته ، فقال : فحدثته بالامر كله ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : لهذا أفتيته
لانه كان أشرف على القتل من يد هذا العدو ، ثم قال : يا داود بن زربي توضأ مثنى
مثنى ، ولا تزدن عليه ، فانك إن زدت عليه فلا صلاة لك ( 1 ) .
بيان : قوله عليه السلام : " هذا هو الكفر " أي إنكارك لهذا إن كان للتكذيب
وعدم الاعتقاد بامامتي فهوالكفر ، وإن كنت تترك التقية ولاتعملها مع الاعتقاد
بامامتي فهو موجب لان تقتل وتقتل وجماعة بسببك .
41 - الكشى : عن محمد بن نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس قال : قلت
لحريز يوما : يا أبا عبدالله كم يجزيك أن تمسح من شعر رأسك في وضوئك للصلاة ؟
قال : بقدر ثلاث أصابع ، وأومأ بالسبابة والوسطى والثالثة ، وكان يونس
يذكر عنه فقها كثيرا ( 2 ) .
بيان : يدل على أن حريزا كان يرى المسح بمقدار ثلاث أصابع واجبا
ويحتمل أن يكون مراده الاجزاء في الفضل .
42 - قهرست النجاشى : عن أبي الحسين التميمى ، عن ابن عقدة ، عن
علي بن قاسم البجلي ، عن علي بن إبراهيم المعلى ، عن عمر [ بن محمد ] بن عمر


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 287 سطر 19 إلى صفحه 295 سطر 18

ابن علي بن الحسين ، عن عبدالرحمن بن محمد بن عبيدالله بن [ علي بن ] أبي
رافع [ عن أبيه ] وكان كاتب أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول : إذ توضأ أحدكم
* ( هامش ص 287 ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 263 - 265 .
( 2 ) رجال الكشى ص 285 . ورواه في ص 329 وزاد بعده : ويزعم حريز أن ذلك
رواية ، وكان يونس يذكر عنه فقها كثيرا .
[288]
للصلاة فليبدء باليمين قبل الشمال من جسده ( 1 ) .
43 - العلل : عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد معا ، عن سعد بن عبدالله
عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن سنان معا من الصباح المزني
وسدير الصيرفي ومحمد بن النعمان وعمر بن اذينة ، عن أبي عبدالله عليه السلام في حديث
طويل في وصف المعراج عن النبي صلى الله عليه وآله قال : قال ربي عزوجل : يا محمد مديدك
فيتلقاك ما يسيل من ساق عرشي الايمن ، فنزل الماء فتلقيته باليمين ، فمن أجل
ذلك أول الوضوء باليمنى .
ثم قال : يا محمد خذ ذلك الماء فاغسل به وجهك - وعلمه غسل الوجه - فانك
تريد أن تنظر إلى عظمتي وأنت طاهر ، ثم اغسل ذراعيك اليمين واليسار - وعلمه
ذلك - فانك تريد أن تتلقى بيديك كلامي ، وامسح بفضل ما في يديك من الماء
رأسك ورجليك إلى كعبيك - وعلمه المسح برأسه ورجليه - وقال : إني اريد
أن أمسح رأسك ، وابارك عليك ، فأما المسح على رجليك فاني اريد أن اوطئك
موطئا لم يطأ أحد قبلك ، ولايطأه أحد غيرك ، فهذا علة الوضوء ( 2 ) .
أقول : سيأتي تمامه بأسانيد في كتاب الصلاة .
44 - العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن
حماد ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنما
الوضوء حد من حدود الله ، ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه ؟ وإن المؤمن لاينجسه
شئ ، وإنما يكفيه مثل الدهن ( 3 ) .
بيان : أي أعضاؤه لا تنجس بشئ من الاحداث نجاسة خبثية حتى يحتاج
في إزالتها إلى صب ماء زايدعلى ما يشبه الدهن ، كما هوالواقع في أغلب النجاسات
الخبثية ، وحمل الدهن في المشهور على أقل مراتب الجريان .
وقال الشهيد في الذكرى : وإنما حملنا الدهن على الجريان توفيقا بينه
* ( هامش ص 288 ) * ( 1 ) رجال النجاشى ص 5 .
( 2 ) علل الشرايع ج 2 ج ص 5 .
( 3 ) علل الشرائع ج 1 ص 264 .
[289]
وبين مفهوم الغسل ، ولان أهل اللغة قالوا : دهن المطر الارض إذا بلها بلا يسيرا
وقيد الشيخان - رحمهما الله - إجزاء الدهن بالضرورة ، من برد أوعوز الماء
لرواية ( 1 ) محمد الحلبي عن الصادق عليه السلام " أسبغ الوضوء إن وجدت ماء ، وإلا
فانه يكفيك اليسير " ولعلهما أرادا به ما لا جريان فيه أو الافضلية كمنطوق
الرواية انتهى .
46 - العلل : بالاسناد المتقدم عن زرارة قال : قلت لابي جعفر عليه السلام :
ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين ؟
فضحك ثم قال : يازرارة ، قاله رسول الله صلى الله عليه وآله ، ونزل به الكتاب من الله ،
لان الله عزوجل يقول : " فاغسلوا وجوهكم " فعرفنا أن الوجه كله ينبغي له
أن يغسل ، ثم قال : " وأيديكم إلى المرافق " ثم فصل بين الكلامين فقال :
" وامسحوا برؤسكم " فعرفنا حين قال برؤسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء .
ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه ، فقال : " وأرجلكم
إلى الكعبين " فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها . ثم فسر ذلك
رسول الله للناس فضيعوه ثم قال : " فلم تجدوا مآء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا
بوجوهكم وأيديكم " فلما وضع [ الوضوء ] عمن لم يجد الماء ، أثبت مكان الغسل
مسحا ، لانه قال : " بوجوهكم " ثم وصل بها " وأيديكم " ثم قال : " منه " أي من
ذلك التيمم ، لانه علم أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه ، لانه يعلق من ذلك
الصعيد ببعض الكف ، ولا يعلق ببعضها ، ثم قال : " مايريد الله ليجعل عليكم
في الدين من حرج " والحرج الضيق ( 2 ) .
العياشى : عن زرارة مثله ( 3 ) .
تبيين : قوله : " من أين علمت وقلت " الظاهر أنهما بصيغة الخطاب .
* ( هامش ص 289 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 39 ط حجر .
( 2 ) علل الشرايع ج 1 ص 264 و 265 .
( 3 ) تفسير العياشى ج 1 ص 299 ، ذيل حديث مر صدرها تحت الرقم 30 .
[290]
فيظر منه سوء أدب منه بالنسبة إلى الامام عليه السلام وهو ينافي علو شأنه ، ولعله كان
أمثال هذا في بدو استبصاره ، لانه كان أولا من فضلاء العامة ، ويمكن أن يقال :
المعنى أخبرني عن مستند علمك وقولك من الكتاب والسنة الذي تستدل به على
المخالفين المنكرين لامامتك ، حتى أحتج أنا أيضاعليهم به عند المناظرة ( 1 ) .
وقرأ بعض مشايخنا قدس الله أرواحهم الفعلين بصيغة التكلم فمعناه أخبرني
بمستند علمي ودليل قولي ، فاني جازم بالمدعي ، غير عالم بدليله من غير جهة
قولك لاحتج به على العامة .
وضحكه عليه السلام إما من تقرير زرارة المطلب الذي لا خدشة فيه ، بمايوهم
سوء الادب لقلة علمه بآداب الكلام ، أو للتعجب منه أومن المخالفين بأنهم إلى
الان لم يفهموا كلام الله مع ظهوره في التبعيض ، أو من تعصبهم وإنكارهم عنادا مع
علمهم بدلالة الاية ، أو من تبهيمه فيما بعد بقوله : يا زرارة الخ .
* ( هامش ص 290 ) * ( 1 ) لما كانت المسألة خلافية فتوى وقراءة ، وتشاجر فيها الفريقان - حتى اليوم
لكونها مبتلى بها في اليوم والليلة مرات عديدة ، ورأى أن الامام عليه السلام يحكم ويفتى
بوجوب مسح الرأس والرجلين ، ويقول ببطلان الوضوء اذا غسل الرجلين .
مع ما اشتهر عنهم عليهم السلام " أن كل شئ نقوله فهو في كتاب الله عزوجل " ، " ما
من أمر يختلف فيه اثنان الا وله اصل في كتاب الله لكن لا تبلغه عقول الرجال " ، " والله
ما نقول بأهوائنا ولا نقول برأينا ولا نقول الا ماقال ربنا ، اصول عندنا نكنزها كما يكنز
هؤلاء ذهبهم وفضتهم " وغير ذلك .
استفهم متضرعا مستدعياأن يعرف وجه هذاالفتوى من القرآن العزيز ، ولم يتحتم
عليه أن يجيبه ، فقال : " ألا تخبرنى من أين علمت وقلت ان المسح ببعض الرأس وبعض
الرجلين " فهذا سؤال على محله ولذلك تبسم الامام عليه الصلاة والسلام ، ولولم يسئله هو - و
هوفقيه الاصحاب - فمن الذى يسأله من ذلك ، كما لم يسأله أحد غيره ، ولو لم يسأل
عن ذلك ، لما وصل الينا الوجه في ذلك ، ولما عرفنا أن الباء للاستعلاء ، والمسح يكون
على مقدمه وعلى ظهر الرجلين كما عرفت وجه البحث في ذلك .
[291]
قوله عليه السلام " فعرفنا أن الوجه " لان الوجه حقيقة في الجميع ، والاصل
في الاطلاق الحقيقة ، وكذا القول في اليدين ، مع أن التحديد بالغاية يؤيد
الاستيعاب .
قوله عليه السلام : " ثم فصل بين الكلامين " أي غاير بينهما بادخال الباء في
الثاني دون الاول ، أو بتغير الحكم لان الحكم في الاول الغسل وفي الثاني المسح
والاول أظهر ، ويدل على أن الباء للتبعيض ، وماقيل من أنه لعل منشأ
الاستدلال محض تغيير الاسلوب ، لاكون الباء للتبعيض فلا يخفى بعده .
قوله عليه السلام : " ثم وصل " أي عطف الرجلين على الرأس من غير تغيير في
الاسلوب كما عطف اليدين على الوجه ، فكما أن المعطوف في الاول في حكم
المعطوف عليه في الغسل والاستيعاب . فكذا المعطوف في الثانية في حكم المعطوف
عليه في المسح والتبعيض .
قوله : " فلما وضع " أي حكم الوضوء والغسل ، وفي بعض النسخ " فلما
وضع الوضوء " كمافي ساير كتب الحديث ( 1 ) وفيها " بعض الغسل " موضع " مكان
الغسل " فتخصيص الوضوء ، لانه أهم ، ولان المقصود بيان أنه جعل بعض الاعضاء
المغسولة في الوضوء ممسوحا ، ويحتمل أن يكون المراد بالوضوء المعنى اللغوي
فيشمل الوضوء والغسل الشرعيين .
وحمل عليه السلام كلمة " من " أيضا في الاية على التبعيض كما اختاره الزمخشري
وأرجع الضميرإلى التيمم بمعنى المتيمم به ، وقوله : " لانه علم " تعليل
لقوله : " قال " أي علم أن ذلك التراب الذي مسه الكفان حال الضرب عليه
لايلصق بأجمعه بالكفين ، فلايجري جميعه على الوجه أي وجهه ، ومنهم من
جعله تعليلا لقوله أثبت أي جعل بعض المغسول ممسوحا حيث قال : " بوجوهكم "
بالباء التبعيضية ، لانه تعالى علم أن التراب الذي يعلق باليد لا يجري على كل
* ( هامش ص 291 ) * ( 1 ) راجع الفقيه ج 1 ص 57 ، الكافى ج 3 ص 30 ، التهذيب ج 1 ص 17
ط حجر ص 61 ط نجف .
[292]
الوجه واليدين ، لانه يعلق ببعض اليد دون بعض ، وربما يقال : إنه تعليل
لقوله : " قال بوجوهكم " وهو قريب من الثاني .
وسيأتي تمام القول في ذلك في تفسير آية التيمم إنشاء الله .
46 - العلل : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ،
عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : من تعدى في الوضوء كان
كناقضة ( 1 ) .
بيان : " كناقضة " في بعض النسخ بالضاد المجعمة ، وفي بعضها بالمهملة
قال السيد الداماد قدس سره : الاصوب باهمال الصاد من نقصه ينقصه نقصا ، فذلك
منقوص وهو ناقص إياه ، ومنه في التنزيل الكريم " نصيب غير منقوص " ( 2 ) لامن
نقض ينقض نقضا فهو ناقض .
47 - الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمدبن عيسى اليقطيني
عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : ليس في شرب المسكر والمسح
على الخفين تقية ( 3 ) .
بيان : هذامخالف لما هو المشهور من عموم التقية ، والايات والاخبار
الدالة عليه ، وورد في كثير من الاخبار هكذا " ثلاثة لا أتقي فيهن أحدا : شرب
المسكر والمسح على الخفين ومتعة الحج ( 4 ) .
وقال الشيخ رحمه الله - في الاستبصار ( 5 ) بعدإيراده : فلا ينافي الخبر
* ( هامش ص 292 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 264 .
( 2 ) هود : 109 ، ولفظه " وانا لموفوهم نصيبهم غير منقوص " .
( 3 ) الخصال ج 2 ص 157 .
( 4 ) راجع الكافى ج 3 ص 32 ، التهذيب ج 1 ص 103 ط حجر ص 362 ط نجف
فقيه من لايحضره الفقيه ج 1 ص 30 ط نجف .
( 5 ) الاستبصارج 1 ص 39 .
[293]
الاول لوجوه :
أحدها أنه أخبر عن نفسه أنه لا يتقي فيه أحداويجوز أن يكون إنما أخبر
بذلك لعلمه بأنه لا يحتاج إلى ما يتقي فيه في ذلك ، ولم يقل لا تتقوا أنتم فيه أحدا
وهذا وجه ذكره زرارة بن أعين ( 1 )
والثاني أن يكون أراد لا أتقي فيه أحدا في الدنيا بالمنع من جواز المسح
عليهما دون الفعل ، لان ذلك معلوم من مذهبه ، فلا وجه لاستعمال
التقية فيه .
والثالث أن يكون المراد لا أتقي فيه أحدا إذا لم يبلغ الخوف على النفس
والمال ، وإن لحقه أدنى مشقة احتمله ، وإنما تجوز التقية في ذلك عند الخوف
الشديد على النفس والمال انتهى .
وربمايقال في شرب المسكر : لانه لايستلزم عدم الشرب القول بالحرمة
فيمكن أن يسند الترك إلى عذر آخر ، وفي المسح لان الغسل أولى منه ، و
يتحقق التقية به ، وفي الحج لان العامة يستحبون الطواف والسعي للقدوم
فلم يبق إلا التقصير ونية الاحرام بالحج ، ويمكن إخفاؤهما ، ويمكن أن يقال :
الوجه في الجميع وجود المشارك في العامة .
وقال في الذكري : يمكن أن يقال : هذه الثلاث لا يحتاج فيها إلى التقية
غالبا ، لانهم لا ينكرون متعة الحج ، وأكثرهم يحرم المسكر ، ومن خلع
خفيه ، وغسل رجليه ، فلا إنكار عليه ، والغسل أولى منه عند انحصار الحال
فيهما انتهى .
ولا يخفى أن بعض الوجوه المتقدمة لا يجري في هذا الخبر فتدبر ( 2 ) .
48 - كشف الغمة : قال : ذكر علي بن إبراهيم بن هاشم وهو من أجل
* ( هامش ص 293 ) * ( 1 ) نقله في الكافى ذيل الخبر .
( 2 ) راجع بيان الخبر وشرحه في كتاب العشرة باب التقية والمداراة ج 75 ص 423
و 424 من هذه الطبعة .
[294]
رواة أصحابنا في كتابه عن النبي وذكر حديثا في ابتداء النبوة يقول فيه : فنزل
عليه جبرئيل وأنزل عليه ماء من السماء فقال له : يا محمد قم توضأ للصلاة فعلمه
جبرئيل الوضوء على الوجه واليدين من المرفق ، ومسح الرأس والرجلين
إلى الكعبين ( 1 ) .
49 - كتاب الطرف : للسيد بن طاووس ، باسناده عن عيسى بن المستفاد
عن أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي وخديجة
عليهما السلام لما أسلما : إن جبرئيل عندي يدعو كما إلى بيعة الاسلام ، ويقول
لكما : إن للاسلام شروطا أن تقولا نشهد أن لا إله إلا الله إلى أن قال : وإسباغ
الوضوء على المكاره : الوجه واليدين والذراعين ومسح الرأس والرجلين إلى
الكعبين ، وغسل الجنابة في الحر والبرد ، وإقام الصلاة ، وأخذ الزكاة من
حلها ووضعها في وجهها ، وصوم شهر رمضان ، والجهاد في سبيل الله ، والوقوف
عند الشبهة إلى الامام ، فانه لا شبهة عنده ، الحديث ( 2 ) .
50 - وعنه عن موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال
للمقداد وسلمان وأبي ذر : أتعرفون شرايع الاسلام ؟ قالوا : نعرف ما عرفنا الله
ورسوله ، فقال : هي أكثر من أن تحصى ، أشهدوني على أنفسكم بشهادة أن لا
إله إلا الله ، إلى أن قال : وأن القبلة قبلتي شطر المسجد الحرام لكم قبلة ، وأن
علي بن أبي طالب عليه السلام وصي محمد وأمير المؤمنين ، وأن مودة أهل بيته مفروضة
واجبة .
مع إقام الصلاة ، وايتاء الزكاة ، والخمس وحج البيت ، والجهاد في
سبيل الله ، وصوم شهر رمضان ، وغسل الجنابة ، والوضوء الكامل على الوجه و
اليدين والذراعين إلى المرافق ، والمسح على الرأس والقدمين إلى الكعبين
لا على خف ولا على خمار ، ولا على عمامة ، إلى أن قال : فهذه شروط الاسلام
* ( هامش ص 294 ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 1 ص 116 و 117 .
( 2 ) كتاب الطرف : 5 .
[295]
وقد بقي أكثر ( 1 ) .
52 - البصائر : لسعد بن عبدالله ، عن محمدبن الحسين بن أبي الخطاب و
الحسن بن موسى الخشاب ومحمد بن عيسى ، عن علي بن أسباط ، عن يونس بن
عبدالرحمن ، عن عبدالصمد بن بشير ، عن عثمان بن زياد أنه دخل على أبي
عبدالله عليه السلام فقال له رجل : إني سألت أباك عن الوضوء فقال : مرة مرة ، فما
تقول ؟ فقال : إنك لن تسألني عن هذه المسألة إلا وأنت ترى أني اخالف أبي توضأ
ثلاثا وخلل أصابعك ( 2 ) .
* ( هامش ص 295 ) * ( 1 ) كتاب الطرف : 13 .
( 2 ) بصائر الدرجات لسعد بن عبدالله الاشعرى : 94 .
أقول : اختلف الاحاديث وهكذا كلمات الاصحاب في أن الوضوء مرة مرة حد محدود
لا يجوز التعدى عنه كما عرفت من الصدوق أو المرة فرض والثانية سنة ، والثالثة بدعة
محرمة ، كما هو المشهور بين الاصحاب ، أو المرة فرض والاثنتان بعدها سنة ومن زاد على
ذلك فقد أساء وتعدى وظلم كما رواه النسائى وابن ماجة وابن داود بمعناه ، وعليه فتوى
الجمهور ؟ .
أما قول الجمهور ، فلعلهم نظروا إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله حيث كان
يبالغ في الامتثال ويأخذ بالحائطة لدينه ، وكلما فرض الله عزوجل شيئاو أطلقه ، زاد
رسول الله صلى الله عليه وآله فيه مرتين ، فرض الله عزوجل ركعات الفرض وسن رسول الله صلى الله عليه وآله ضعفيه
فرض الله عزوجل صيام شهر رمضان وسن رسول الله صلى الله عليه وآله ضعفيه ، فرض الله عزوجل


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 295 سطر 19 إلى صفحه 303 سطر 18

صلاة الجمعة بكيفية مخصوصة ، وزاد رسول الله ضعفيه في العيدين ، أمر الله عزوجل بقوله
" سبح اسم ربك الاعلى " فجعله رسول الله في السجدة وزاد عليه مرتين وهكذا في ذكرالركوع
وغيره إلى ماشاء الله .
فرض الله عزوجل عليه اجتناب الرجز - رجز الشيطان - فقال " والرجز فاهجر " وبالغ
رسول الله في امتثاله فغسل يديه ثلاثا وتمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وقال فان الشيطان يبيت
على خيشوم النائم ، وهكذا السنة في الاستنجاء والغسل من الخبث ، والغسل من الجنابة
والحيض والنفاس والوضوء من الغمر وغير ذلك .
[296]
بيان : " أني اخالف أبي " أي للتقية .
* ( هامش ص 296 ) * لكن الحق أن هذه السنة ما كانت لتجرى في الوضوء ، لانها تجرى في الاوامر
المطلقة التى لم تبين كيفيتها في ضمن الامر بها ، كما في قوله تعالى : " والرجز فاهجر " و
قوله عزوجل : " وان كنتم جنبا فاطهروا " وأما في الوضوء وقد بين كيفيته بصريح القرآن
العزيز غسل فغسل ثم مسح فمسح فالظاهر بل المعلوم قطعا أن هذه الكيفية بترتيبها وموالاتها
غسل الوجه وبعده غسل اليدين ثم مسح الرأس والرجلين معتبرة في حد نفسها ، ولذلك
وجب الترتيب والموالاة .
ولو قلنا ان الاية ليست بصدد بيان الكيفية وأنها أوامر أربعة غسل وغسل ومسح و
مسح منفردا منعزلا بعضها عن بعض لما وجب الترتيب ولاالموالاة ، ولما عرف صدرالاسلام
وبعده إلى الان بعنوان الوضوء ، أمرا واحدا ذا أجزاء .
وهكذاالامر في التيمم وهو أمر واحد ذو أجزاء من ضرب اليدين بالتراب ومسح
الوجه واليدين كما سيجئ تفصيله في محله ، لكن مسألة التيمم غير خلافية بحمد الله ، ولم
يقولوا فيه بالمسح ثلاث مرات ، كما لم يقولوا في مسح الوضوء !
فاذا ثبت أن الوضوء معلوم كيفيته بالقرآن العزيز كانت الكيفية محدودة متبعة لا يجوز
لاحد أن يتجاوزها " ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون " .
وأما الاحاديث الواردة من طرق أهل السنة ، فالذى رواه ابن عباس قال :
توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله مرة مرة لم يزد على هذا ، رواه البخارى على ما في مشكاة المصابيح
ص 46 ، فهو المتبع ، لانه حبر الامة يعرف من القرآن مالا يعرفه الاخرون ، ولا يحابى
عن عثمان حيث كان يتوضأ ثلاثا ثلاثا ويقول : هذا وضوء رسول الله ! .
وأما الاحاديث الواردة من طرق أهل البيت فمن بين مصرح أن رسول الله صلى الله عليه وآله
وهكذا وصيه على أمير المؤمنين عليه السلام كان يتوضأ مرة مرة ، وبين ظاهر هو كالصريح أن
وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله كانت مرة مرة كما هو قضية الوضوءات البيانية .
فلا مخالفة بين السنة المقطوعة من طرق الفريقين وبين مفاد القرآن العزيز ، وهو
أن الوضوء انماهو مرة مرة ، ولكن لا يذهب عليك أن ذلك بعد غسل اليدين قبل الوضوء
[297]
52 - ارشاد المفيد : عن مخول بن إبراهيم ، عن قيس بن الربيع قال : سألت
أبا إسحاق ( 1 ) عن المسح على الخفين فقال أدركت الناس يمسحون حتى لقيت رجلا
من بني هاشم لم أرمثله قط محمد بن علي بن الحسين ، فسألته عن المسح فنهاني عنه
وقال : لم يكن علي أميرالمؤمنين يمسح ، وكان يقول : سبق الكتاب المسح على
الخفين ، قال : فمامسحت منذ نهاني عنه ( 2 ) .
53 - تفسير النعمانى : قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : إن الله فرض
الوضوء على عباده بالماء الطاهر وكذلك الغسل من الجنابة ، فقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة " إلى قوله تعالى " فتيمموا صعيدا طيبا "
فالفريضة من الله عزوجل الغسل بالماء عند وجوده ، لا يجوز غيره ، والرخصة
* ( هامش ص 297 ) * كما عرفت وجه ذلك في ص 146 .
نعم في بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يتوضأ مرتين مرتين وسيجئ نقلها
في الذيل ، لكنها محمولة على التقية أيضا لماروى عن عبدالله بن زيد أن النبى صلى الله عليه وآله توضأمرتين
مرتين رواه البخارى كما في المشكاة ص 46 .
وقد كان عبدالله بن زيد بن عاصم رواية لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله حاكية له ، قيل له :
كيف كان رسول الله يتوضأ ؟ فدعا بوضوء فأفرغ على يديه ، فغسل يديه مرتين مرتين ، ثم
مضمض واستنثر ثلاثا ثلاثاثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم
مسح رأسه بيديه فأقبل بهماوأدبر : بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى
رجع إلى المكان الذى بدأ منه ، ثم غسل رجليه ، رواه مالك والنسائى .
وكيف كان ، لو لم يثبت الا هذا الحديث من البصائر وما يشبهه من الاحاديث التى تدير
الامر بين الوضوء مرة مرة ، أوالتقية والوضوء ثلاثا ثلاثا لكفى من حيث الانتهاض لنفى الوضوء
مرتين مرتين كما لا يخفي .
( 1 ) يعنى أبا اسحاق السبيعى التابعى الثقة .
( 2 ) ارشاد المفيد : 247 ، وبعده : قال قيس بن الربيع : وما مسحت أنا منذ سمعت
أبااسحاق .
[298]
فيه إذا لم يجد الماء الطاهر التيمم بالتراب من الصعيد الطيب ( 1 ) .
54 - دعائم الاسلام : روينا عن جعفر بن محمد صلوات الله عليه وعلى آبائه
الطاهرين أن الوضوء لا يجب إلا من حدث ، وأن المرء إذاتوضأ على بوضوئه
ذلك ماشاء من الصلوات مالم يحدث ، أوينم أو يجامع أويغم عليه أو يكون منه
مايجب منه إعادة الوضوء ( 2 ) .
55 - نوادر الراوندى : عن عبد الواحد بن إسماعيل ، عن محمد بن الحسن
التميمي ، عن سهل بن أحمد الديباجي ، عن محمد بن محمد بن الاشعث ، عن موسى
ابن إسماعيل بن موسى ، عن أبيه ، عن جده موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام
قال : قالت عائشة : لان شلت يدي أحب إلى من أن أمسح على الخفين ( 3 ) .
وبهذا الاسناد قال : نشد عمر بن الخطاب من رأى رسول الله صلى الله عليه وآله مسح
على خفية إلا قام فقام ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فشهدوا أنهم رأوا رسول
الله صلى الله عليه وآله مسح على الخفين ، فقال علي عليه السلام : أقبل نزول المائدة أم بعده ؟ قالوا
لا ندري ، فقال علي عليه السلام : ولكني أدري إنه لما نزل سورة المائدة رفع ( 4 ) المسح
فلان أمسح على ظهر حمارأحب إلى من أن أمسح على خفي ( 5 ) .
56 - مجالس الشيخ : عن الحسين بن عبيد الله ، عن التلعكبري ، عن محمد بن
علي بن معمر ، عن محمد بن صدقة ، عن الكاظم ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : إنا أهل بيت لا نمسح على خفافنا ( 6 ) .
* ( هامش ص 298 ) * ( 1 ) تفسير النعمانى المطبوع في البحار ج 93 ص 28 .
( 2 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 101 .
( 3 ) نوادر الراوندى ص 50 ، وفيه " لئن تبتريدى " .
( 4 ) في المصدر المطبوع : رفع المسح ووضع الغسل ، وفى كتاب الجعفريات على ما
في المستدرك ج 1 ص 49 " رفع المسح ورفع الغسل " والمراد واضح .
( 5 ) نوادر الراوندى ص 46 .
( 6 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 260 .
[299]
57 - أقول : وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي نقلا من خط الشهيد
قدس الله روحهما : روى أبوعمر الزاهد في كتاب فائت الجمهرة قال : والكعب
اختلف الناس فيه ، فأخبرني أبونصر عن الاصمعي قال : قال : هو الناتئ في
أسفل الساق عن يمين وشمال ، قال : وأخبرني سلمة عن الفراء قال : هو في مشط
الرجل ، قال هكذا برجله ، قال أبو العباس : فهذا الذي يسميه الاصمعي
الكعب هو عند العرب النجم ، قال : وأخبرني سلمة عن الفراء عن الكسائي
قال : قعد محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام في مجلس كبير فقال لهم : ماالكعبان ؟ قال :
فقالوا : هكذا فقال عليه السلام : ليس هو هكذا ، ولكنه هكذا ، ، وأشارإلى مشط
رجله ، فقالوا له : إن الناس يقولون هكذا ، فقال : لا ، هذا قول الخاصة ، و
ذاك قول العامة ( 1 ) .
58 - كنز الكراجكى : قال : روى المخالفون أنه قام النبي صلى الله عليه وآله
بحيث يراه أصحابه ثم توضأ فغسل وجهه وذراعيه ؟ ومسح برأسه ورجيله .
59 - ومنه : روى المخالفون أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
قال للناس في الرحبة : ألا أدلكم على وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قالوا : بلى ، فدعا
بقعب فيه ماء ، فغسل وجهه وذراعيه ، ومسح على رأسه ورجليه ، وقال : هذا وضوء
من لم يحدث حدثا .
ثم قال الكراجكي : فان قال الخصم : ما مراده بقوله : " من لم يحدث
حدثا " وهل هذا إلا دليل على أنه كان على وضوء قبله ؟ قيل له : مراده بذلك أن
هذا الوضوء الصحيح الذي كان يتوضأه رسول الله صلى الله عليه وآله ، وليس هو وضوء من غير
وأحدث في الشريعة ما ليس فيها ، ويدل عليه أنه قصد أن يريهم فرضا يعولون
عليه ، ويقتدون به فيه ، ولو كان على وضوء قبل ذلك لكان يعلمهم الفرض الذي
هم أحوج إليه .
60 - ومنه : قال أمير المؤمنين عليه السلام : ما نزل القرآن إلا بالمسح .
* ( هامش ص 299 ) * ( 1 ) نقله العلامة النورى في المستدرك ج 1 ص 45 عن الذكرى .
[300]
وقال ابن عباس : نزل القرآن بغسلين ومسحين .
61 - ومنه : روى أبان بن عثمان ، عن ميسر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
ألا أحكي لك وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ثم انتهى إلى أن قال : فمسح رأسه وقدميه
ثم وضع يده على ظهر القدم ثم قال : هذا هو الكعب .
61 - دعائم الاسلام : قوله تعالى " وأرجلكم إلى الكعبين " بالكسر قراءة
أهل البيت ( 1 ) ولذلك قال أبوجعفر عليه السلام وقد سئل عن المسح على الرجلين فقال :
به نطق الكتاب ( 2 ) .
وقال : لما أوجب الله عزوجل التيمم على من لم يجد الماء ، جعل التيمم
مسحا على عضوي الغسل ، وهما الوجه واليدان ، وأسقط عضوي المسح وهما
الرأس والرجلان ( 3 ) .
وقال جعفر بن محمد : التقية ديني ودين آبائي ، إلا في ثلاث : في شرب
المسكر والخمر ، والمسح على الخفين ، وترك الجهر ببسم الله الرحمن
الرحيم .
وقال عليه السلام : لاتجوز الصلاة خلف من يرى المسح على الخفين لانه يصلي
على غير الطهارة ( 4 ) .
* ( هامش ص 300 ) * ( 1 ) في المصدر المطبوع : ثم أمروا بعد ذلك بالمسح على الرجلين وهو قول الله
عزوجل " فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين
على قراءة من قرأ " وأرجلكم " خفضا ، فجعل ذلك نسقا على مسح الرأس ، وهى قراءة أهل
البيت صلوات الله عليهم ومن وافقهم من قراء العامة ولذلك الخ .
( 2 - 3 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 108 .
( 4 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 110 .
[301]
* ( باب 4 ) *
* ( ثواب اسباغ الوضوء وتجديده ، والكون ) *
* ( على طهارة ، وبيان أقسام الوضوء وأنواعه ) *
1 - مجالس الصدوق : عن علي بن أحمد بن موسى ، عن محمد بن جعفر
الاسدي ، عن سهل بن زياد ، عن عبدالعظيم الحسني ، عن أبي الحسن العسكري
عليه السلام قال : لما كلم الله عزوجل موسى عليه السلام قال : إلهي ماجزاء من أتم
الوضوء من خشيتك ؟ قال : أبعثه يوم القيامة وله نور بين عينيه يتلالا ( 1 ) .
2 - ومنه : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن
أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن عبدالله بن إبراهيم
الغفاري ، عن عبدالرحمن ، عن عمه ، عن عبدالعزيز بن علي ، عن سعيد بن المسيب
عن ابي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ألا أدلكم علي شئ يكفرالله به
الخطايا ، ويزيد في الحسنات ؟ قيل : بلى يا رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : إسباغ الوضوء
على المكاره ، وكثرة الخطى إلى هذه المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة .
وما منكم أحد يخرج من بيته متطهرا فيصلي الصلاة في الجماعة مع المسلمين
ثم يقعد ينتظر الصلاة الاخرى إلا والملائكة تقول : " اللهم اغفر له ، اللهم
ارحمه " فاذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم وأقيموها ، وسدوا الفرج ، و
إذا قال إمامكم : الله اكبر ، فقولوا : الله أكبر ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذ قال :
سمع الله لمن حمده ، فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد ، إن خير الصفوف صف
* ( هامش ص 301 ) * ( 1 ) أمالى الصدوق ص 126 .
[302]
الرجال المقدم وشرها المؤخر ( 1 ) .
بيان : إسباغ الوضوء كماله والسعي في إيصال الماء إلى أجزاء الاعضاء
ورعاية الادب والمستحبات فيه من الادعية وغيرها ، والمكاره : الشدايد كالبرد
وأمثاله .
3 - معانى الاخبار ( 2 ) والخصال : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد
ابن الحسن الصفار ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن هارون بن
الجهم ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبي جميلة ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر
عليه السلام قال : ثلاث كفارات : إسباغ الوضوء في السبرات ، والمشى بالليل والنهار
إلى الصلوات ، والمحافظة على الجماعات ( 3 ) .
بيان : تمامه في باب المنجيات ( 4 ) وقال في النهاية : السبرات : جمع سبرة
بسكون الباء وهي شدة البرد .
4 - الخصال : عن محمد بن علي بن شاه ، عن أحمد بن محمد بن الحسين
عن أحمد بن خالد الخالدي ، عن محمد بن أحمد التميمي ، عن أنس بن محمد أبي
مالك ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام قال : فيما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله
إلى علي عليه السلام ثلاث درجات : إسباغ الوضوء في السبرات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة
والمشي بالليل والنهار إلى الجماعات ( 5 ) .
أقول : قد مر مثله أيضا مرسلا ( 6 ) .
* ( هامش ص 302 ) * ( 1 ) أمالى الصدوق ص 194 .
( 2 ) معانى الاخبار ص 314 في حديث .
( 3 ) الخصال ج 1 ص 42 ، ومثله في المحاسن ص 4 .
( 4 ) راجع ج 70 ص 5 - 7 من هذه الطبعة .
( 5 ) الخصال ج 1 ص 42 .
( 6 ) مر في ج 70 ص 6 وهو ذيل الحديث ولفظه : وفى حديث آخر عن النبى
صلى الله عليه وآله أنه لما سئل في المعراج : فيما اختصم الملا الاعلى ؟ قال : في الدرجات
[303]
5 - ومنه : عن أنس أنه قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : يا أنس أسبغ الوضوء تمر
على الصراط مر السحاب ( 1 ) .
6 - العيون : عن محمد بن علي بن شاه ، عن أبي بكر بن عبدالله بن النيسابوري
عن عبدالله بن أحمد الطائي ، عن أبيه . وعن أحمد بن إبراهيم الخوزي ، عن
إبراهيم بن مروان ، عن جعفر بن محمد الفقيه ، عن أحمد بن عبدالله الشيباني .
وعن الحسين بن محمد الاشناني ، عن علي بن محمد بن مهرويه القزويني ، عن داود بن
سليمان الفراء كلهم عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
إنا أهل البيت لا تحل لنا الصدقة ، وامرنا باسباغ الوضوء ، وأن لا ننزي حمارا
على عتيقة ( 2 ) .
7 - الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطينى
عن القاسم بن يحيى ، عن الحسن بن راشد ، عن أبي بصيرو محمد بن مسلم ، عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : الوضوء بعدالطهور عشر حسنات
فتطهروا ( 3 ) .
المحاسن : في رواية ابن مسلم مثله ( 4 ) .
8 - ثواب الاعمال : عن محمد بن على ماجيلويه ، عن محمد بن يحيى العطار
عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري ، عن علي بن أبي الصقر ، عن أبي قتادة ،
عن الرضا عليه السلام قال : تجديد الوضوء لصلاة العشاء يمحو " لا والله " و " بلي
* ( هامش ص 303 ) * والكفارات ، قال : فنوديت : وما الدرجات ؟ فقلت : اسباغ الوضوء في السبرات ، والمشى


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 303 سطر 19 إلى صفحه 311 سطر 18

إلى الجماعات ، وانتظار الصلاة بعدالصلاة ، وولايتى وولاية أهل بيتى حتى الممات ، قال
الصدوق : والحديث طويل قد أخرجته مسندا على وجهه في كتاب اثبات المعراج .
( 1 ) الخصال ج 1 ص 85 .
( 2 ) عيون الاخبار ج 2 ص 29 ، ومثله في صحيفة الرضا عليه السلام ص 25 .
( 3 ) الخصال ج 2 ص 160 .
( 4 ) المحاسن ص 47 .
[304]
والله " ( 1 ) .
بيان : أي إثم الحلف بهما كاذبا أومنقصة الحلف صادقا أيضا .
9 - ثواب الاعمال : عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن علي بن الحسين
السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن
المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من جدد وضوءه لغير حدث جدد
الله توبته من غير استغفار ( 2 ) .
10 - المحاسن : عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أسبغ وضوءه ، وأحسن صلاته ، و
أدى زكاته ، وكف غضبه ، وسجن لسانه ، واستغفر لذنبه ، وأدى النصيحة
لاهل بيت نبيه فقد استكمل حقايق الايمان ، وأبواب الجنة مفتحة له ( 3 ) .
ومنه : عن موسى بن القاسم ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر
عن النبي صلى الله عليه وآله مثله ( 4 ) .
ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن العمركي ، عن علي بن
جعفر مثله ( 5 ) .
أمالى الصدوق : عن أحمد بن زياد بن جعفر ، عن علي بن إبراهيم ، عن
أبيه ، عن نصر بن علي الجهضمي ، عن علي بن جعفر مثله ( 6 ) .
11 - فقه الرضا عليه السلام : لا صلاة إلا باسباغ الوضوء ( 7 )
12 - مجالس الشيخ المفيد : عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ،
* ( هامش ص 304 ) * ( 1 - 2 ) ثواب الاعمال ص 17 .
( 3 ) المحاسن ص 11 .
( 4 ) المحاسن ص 290 .
( 5 ) ثواب الاعمال ص 25 .
( 6 ) أمالى الصدوق : 200 .
( 7 ) فقه الرضا ص 2 .
[305]
عن أبيه ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، عن إسماعيل بن
أبان ، عن ربيع بن بدر ، عن أبي حاتم ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : يا أنس أكثر من الطهور يزيد الله في عمرك ، وإن استطعت
أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل ، فانك تكون إذا مت على طهارة
شهيدا ( 1 ) .
بيان : يدل على ما ذكره الاصحاب من استحباب الوضوء للكون على طهارة
لكن الخبر ضعيف عامي وسيأتي ما هو أقوى منه ، ولعلها مع انضمام الشهرة
بين الاصحاب تصلح مستندا للاستحباب ، لكن الاحوط عدم الاكتفاء به
في الصلاة .
13 - كشف الغمة : نقلا من دلايل الحميري ، عن الوشا قال : قال فلان
ابن محرز : بلغنا أن أبا عبدالله عليه السلام كان إذا أراد أن يعاود أهله للجماع توضأ
وضوء الصلاة ، فاحب أن تسأل أبا الحسن الثاني عن ذلك ، قال الوشا : فدخلت
عليه فابتدأني من غير أن أسأله فقال : كان أبوعبدالله عليه السلام إذا جامع وأراد أن
يعاود توضأ للصلاة ، وإذا أراد أيضا توضأ للصلاة ، فخرجت إلى الرجل فقلت :
قد أجابني عن مسئلتك من غير أن أسأله ( 2 ) .
بيان : يدل على استحباب الوضوء للجماع بعدالجماع ، والمشهور أنه
إنما يستحب للمحتلم الذي أراد الجماع ، والرواية صحيحة ولا بأس بالعمل
بها ولم أرمن تعرض له .
14 - المحاسن : عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران
قال : كنت عند أبي الحسن عليه السلام وصلى الظهر والعصر بين يدي ، وجلست عنده
* ( هامش ص 305 ) * ( 1 ) في مطبوعة الكمبانى " مجالس ابن الشيخ " وهوتصحيف ، وقد أخرجه الحر
العاملى عن أمالى المفيد : فقط ، وأخرج المؤلف العلامة في ج 76 ص 3 شطرا منه عن
أمالى المفيد أيضا فقط : راجع ص 46 في ط وص 38 في ط آخر .
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 136 .
[306]
حتى حضرت المغرب ، فدعا بوضوء فتوضأ للصلاة ، ثم قال : لي توضأ ، فقلت :
جعلت فداك أنا على وضوء ، فقال : وإن كنت على وضوء ! إن من توضأ للمغرب
كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في يومه ، إلا الكبائر ، ومن
توضأ للصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته ، إلا
الكبائر ( 1 ) .
تحقيق : لا شبهة في استحباب التجديد بعد أن صلى بالاول ، وأما بدونه
فقد قطع في التذكرة بالاستحباب ، لاطلاق الاوامر من غير تقييد ، وتوقف الشهيد
في الذكرى ، ولعل الاحوط الترك ، وإن كان الجواز أقوى ، ويمكن أن يقال
مع الفصل الكثير الذي يحتمل طرو الحدث بعده ، وعدم تذكره ، يتحقق
التجديد عرفا ، مع أن فيه نوعا من الاحتياط ، ولم أر هذا التفصيل في
كلام القوم .
ثم إنه هل يستحب التجديد لكل ثالثة ورابعة إلى غير ذلك ، أم يختص
بالثانية ؟ المشهور الاول كما ذكره العلامة في المختلف ، والصدوق - رحمه الله -
في الفقيه ( 2 ) حمل الاخبار الواردة بتكرار الوضوء مرتين ، وأن من زاد لم
* ( هامش ص 306 ) * ( 1 ) المحاسن ص 312 ، وقد ترك حكم الصبح كما في المقنع ص 3 ، لكنه مذكور
في الكافى ج 3 ص 70 بهذاالسند ، وقد مر عن ثواب الاعمال ص 231 فيما سبق
مع بيان .
( 2 ) قال في الفقيه ج 1 ص 25 بعد ما ذكر أن الوضوء مرة مرة ونقل الاحاديث
في ذلك : وأما الاخبار التى رويت في أن الوضوء مرتين مرتين فأحدها باسناد منقطع يرويه
أبوجعفر الاحول ذكره عن رواه عن أبي عبدالله عليه السلام قال : فرض الله الوضوء واحدة
واحدة ، ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله للناس اثنتين اثنتين ، وهذا على جهة الانكار ، لا على جهة
الاخبار كانه يقول عليه السلام : حد الله حدا فتجاوزه رسول الله صلى الله عليه وآله وتعداه ؟ وقد قال
الله " ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه " .
وقد روى أن الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه ، وأن المؤمن
[307]
يؤجر ، على التجديد ، فيكون التجديد ثانيا عنده بدعة ، لكن لم يظهر أن المراد
التجديد ثانيا وإن كان لصلاة ثالثة حتى يخالف المشهور أو التجديد ثانيا لصلاة واحدة
وقال في المختلف : إن كان مراده الاول فقد خالف المشهور ، وإن كان الثاني لم أقف
فيه على نص انتهى .
ثم اعلم أن الذي ذكره الاكثر : استحباب الوضوءبعد الوضوء ، ولم
يتعرضوا للوضوء بعدالغسل كغسل الجنابة ، مع ورود الاخبار بكون الوضوء
بعده بدعة ، والظاهر أنه إذاصلى بينهما يستحب التجديد لشمول بعض الاخبار
له ، كرواية أمير المؤمنين عليه السلام المتقدمة وغيرها ، والمتبادر من أخبار كونه بدعة
أنه إنما يكون بدعة إذاوقع بلافاصلة ، ولعل الاحتياط في الترك .
15 - ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد
عن السندي ، عن محمد بن كردوس ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من تطهر ثم أوى
* ( هامش ص 307 ) * لاينجسه شئ ، وانما يكفيه مثل الدهن ، وقال الصادق عليه السلام من تعدى في وضوئه
كان كناقضه .
وفى ذلك حديث آخر باسناد منقطع رواه عمرو بن أبى المقدام قال : حدثنى من
سمع أبا عبدالله عليه السلام يقول : انى لاعجب ممن يرغب أن يتوضأ اثنتين اثنتين ، وقد توضأ
رسول الله صلى الله عليه وآله اثنتين اثنتين فان النبى صلى الله عليه وآله كان يجدد الوضوء لكل فريضة ، ولكل صلاة .
أقول : ويظهر من قوله " فان النبى " أن ذلك من تتمة الخبر وعلى ذلك ابتنى كلامه
فيما يأتى " فمعنى هذا الحديث " الخ كما سيأتى ، ولكن الشيخ الحر العاملى جعله حديثا
مرسلا عليحدة ! فتحرر .
ثم قال الصدوق ره : فمعنى هذا الحديث هو أنى لاعجب ممن يرغب عن تجديد
الوضوء ، وقد جدده النبى صلى الله عليه وآله ، والخبر الذى روى أن " من زاد على مرتين لم يؤجر "
يؤكد ماذكرته ، ومعناه أن تجديده بعد التجديد لا أجر له كالاذان من صلى الظهر والعصر
باذان واقامتين أجزأه ومن أذن للعصر كان أفضل ، والاذان الثالث بدعة لا أجرله ، وكذلك
ما روى أن مرتين أفضل معناه التجديد ، وكذلك ماروى في مرتين انه اسباغ .
[308]
إلى فراشه ، بات وفراشه كمسجده الحديث ( 1 ) .
المحاسن : عن محمد بن علي ، عن علي بن الحكم بن مسكين ، عن محمد بن
كردوس مثله ( 2 ) .
بيان : أي يكتب له مادام نائما ثواب الكون في المسجد أو ثواب الصلاة .
16 - ومنه : عن حفص بن غياث ، عن الصادق عليه السلام قال : من تطهر ثم
أوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده ، فان ذكرأنه ليس على وضوء فتيمم من
دثاره كائنا ما كان ، لم يزل في صلاة ما ذكر الله عزوجل ( 3 ) .
أقول : وقد مضت الاخبار في ذلك في آداب النوم ( 4 ) وسيأتي بعضها في
باب التيمم .
17 - مجالس الصدوق : عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني ، عن علي
ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مرازم بن حكيم ، عن الصادق
جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال : عليكم باتيان المساجد ، فانها بيوت الله في الارض
ومن أتاها متطهرا طهره الله من ذنوبه وكتب من زواره الحديث ( 5 ) .
أقول : سيأتي في باب المساجد عن الصادق عليه السلام أنه قال : مكتوب في التوراة أن
بيوتي في الارض المساجد ، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي ( 6 ) .
18 - ارشاد القلوب ، وأعلام الدين للديلمي قال : قال النبي صلى الله عليه وآله :
يقول الله تعالى : من أحدث ولم يتوضأ فقد جفاني ، ومن أحدث وتوضأ [ ولم
يصل ركعتين فقد جفاني ، ومن أحدث وتوضأ ] ( 7 ) وصلى ركعتين ودعاني
* ( هامش ص 308 ) * ( 1 ) ثواب الاعمال ص 18 .
( 2 - 3 ) المحاسن ص 47 في حديث .
( 4 ) راجع ج 76 ص 181 - 183 ، من هذه الطبعة الحديثة .
( 5 ) أمالى الصدوق ص 216 .
( 6 ) راجع ثواب الاعمال ص 26 .
( 7 ) مابين العلامتين ساقط من الكمبانى .
[309]
ولم اجبه فيما سألني من امور دينه ودنياه ، فقد جفوته ، ولست برب جاف ( 1 ) .
19 - كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه أنه سأله عن الرجل
يحل له أن يكتب القرآن في الالواح الصحيفة ، وهو على غير وضوء ؟
قال : لا ( 2 ) .
بيان : ظاهره عدم جواز كتابة القرآن بغير وضوء ، ولم يقل به أحد ، و
إنما اختلفوا في المس كما عرفت ، وربما يستدل له بهذا الخبر بالطريق الاولى
أو لان ، العلة فيه استلزامه اللمس ، وكلاهما في محل المنع ، ويمكن حمله على
الكراهة ، لورود رواية معتبرة بتجويز كتابة الحائض التعويذ الذي لا ينفك غالبا
عن الايات وإن كان الاحوط الترك لصحة الرواية في ساير الكتب ( 3 ) .
20 - مجمع البيان : عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى : " لا يمسه إلا
المطهرون " ( 4 ) قال : من الاحداث والجنابات ، وقال : لا يجوز للجنب والحائض
والمحدث مس المصحف ( 5 ) .
21 - مجالس الصدوق ( 6 ) والعلل : عن أبي سعيد الخدري في وصية
النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قال : ياعلي إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا و
أنت على وضوء ، فانه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب بخيل اليد ( 7 )
2 - المحاسن : عن أبيه ، عن فضالة ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي -
عبدالله عليه السلام قال : أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله في السماء بين يدي الله تبارك
* ( هامش ص 309 ) * ( 1 ) ارشاد القلوب ص 73 .
( 2 ) راجع البحار ج 10 ص 277 .
( 3 ) رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 35 ط حجر .
( 4 ) الواقعة : 79 .
( 5 ) مجمع البيان ج 9 ص 226 .
( 6 ) أمالى الصدوق ص 339 وتمام الحديث في ج 103 ص 280 - 283 راجعه ان شئت .
( 7 ) علل الشرائع ج 2 ص 203 .
[310]
وتعالى مقابل عرشه جل جلاله ، أوحى إليه وأمره أن يدنو من صاد ، ويتوضأ
وقال : أسبغ وضوءك ، وطهر مساجدك ، وصل لربك . قلت له : وما الصاد ؟
قال : عين تحت ركن من أركان العرش ، اعدت لمحمد صلى الله عليه وآله ، ثم قرأ
أبوعبدالله عليه السلام " ص والقرآن ذي الذكر " فتوضا منها وأسبغ وضوءه
تمام الخبر ( 1 ) .
23 - العلل : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ،
عن محمد بن علي الكوفي ، عن صباح الحذاء ، عن إسحاق بن عمار ، عنه عليه السلام
مثله ( 2 ) .
وسيأتي تمامها في كتاب الصلاة .
24 - فلاح السائل للسيد وكنز الفوايد للكراجكى : قالا : سأل رجل
الصادق عليه السلام فقال : أخبرني بما لا يحل تركه ، ولا تتم الصلاة إلا به ، فقال أبو -
عبدالله عليه السلام : لا تتم الصلاة إلا لذي طهر سابغ .
25 - مجالس المفيد : باسناده عن الحسن البصري قال : لما قدم علينا
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام البصرة ، مربي وأنا أتوضأ ، فقال : يا
غلام أحسن وضوءك يحسن الله إليك ، ثم جازني الحديث ( 3 ) .
26 - تحف العقول : عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : الوضوء بعد الطهر عشر
حسنات فتطهروا ( 4 ) .
27 - دعائم الاسلام : عن النبي صلى الله عليه وآله قال : بنيت الصلاة على أربعة
أسهم : سهم إسباغ الوضوء ، وسهم للركوع ، وسهم للسجود ، وسهم للخشوع ( 5 ) .
* ( هامش ص 310 ) * ( 1 ) المحاسن ص 323 .
( 2 ) علل الشرايع ج 2 ص 23 .
( 3 ) مجالس المفيد ص 77 .
( 4 ) تحف العقول في حديث الاربعمائة ص 105 س 4 ط الاسلامية .
( 5 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 100
[311]
ومنه : عن نوف الشامي قال : رأيت عليا عليه السلام يتوضأ وكأني أنظر إلى
بصيص الماء على منكبيه ، يعني من إسباغ الوضوء ( 1 ) .
ومنه : عن علي عليه السلام أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من لم يتم وضوءه
وركوعه وسجوده وخشوعه فصلاته خداج ( 2 ) .
وعنه عليه السلام أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ألا أدلكم على ما
يكفر الذنوب والخطايا ؟ إسباغ الوضوء عند المكاره ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة
فذلك الرباط ( 3 ) :
وعنه عليه السلام أنه كان يجدد الوضوء لكل صلاة يبتغي بذلك الفضل ، و
صلى يوم فتح مكة الصلوات كلها بوضوء واحد ( 4 ) .
توضيح : البصيص البريق ، وفي النهاية فيه : كل صلاة ليست فيها قراءة
فهي خداج ، الخداج النقصان ، وهو مصدرعلى حذف المضاف أي ذات خداج
ويكون قد وصفها بالمصدر نفسه مبالغة كقوله : فانما هي إقبال وإدبار ( 5 ) .
وقال فيه : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار
الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ، الرباط في الاصل الاقامة على جهادالعدو
بالحرب ، وارتباط الخيل وإعدادها ، فشبه به ما ذكر من الافعال الصالحة
والعبادة ، قال القتيبي : أصل المرابطة أن يربط الفريقان خيولهم في ثغر كل منهما
معد لصاحبه ، فسمي المقام في الثغور رباطا ، ومنه قوله عليه السلام " فذلكم الرباط "
أي إن المواظبة على الطهارة والصلاة والعبادة كالجهاد في سبيل الله ، فيكون


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 311 سطر 19 إلى صفحه 319 سطر 18

الرباط مصدر رابطت أي لازمت .
وقيل : الرباط ههنا اسم لما يربط به الشئ أي يشد ، يعني أن هذه الخلال
* ( هامش ص 311 ) * ( 1 - 4 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 100 .
( 5 ) البيت من قصيدة للخنساء ترثى بها أخاه صخرا منها :
فما عجول على بوتطيف به * قد ساعدتها على التحنان أظآر
ترتع مارتعت حتى اذا ادكرت * فانما هى اقبال وادبار
[312]
تربط صاحبها عن المعاصي وتكفه عن المحارم انتهى .
ولعل ما روينا من إرجاع اسم الاشارة إلى خصوص الانتظار أربط وأنسب
فلا تغفل .
28 - نوادر الراوندى : باسناده المتقدم ، عن موسى بن جعفر ، عن
آبائه عليهم السلام قال : قال علي عليه السلام : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إذا بالوا توضؤا
أو تيمموا مخافة أن تدركهم الساعة ( 1 ) .
29 - دعوات الراوندى : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا غضب أحدكم
فليتوضأ .
بيان : لا يبعد أن يراد به غسل اليد .
30 - أعلام الدين للديلمى : عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
من توضأ ثم خرج إلى المسجد فقال حين يخرج من بيته " بسم الله الذي خلقني
فهو يهديني " هداه الله للايمان الخبر .
31 - عدة الداعى لابن فهد : قال الصادق عليه السلام : لقارئ القرآن بكل حرف
يقرؤه في الصلاة قائما مائة حسنة ، وقاعدا خمسون حسنة ، ومتطهرا في غير الصلاة
خمس وعشرون حسنة ، وغير متطهر عشر حسنات ( 2 ) .
32 - مجالس الشيخ ( 3 ) ومكارم الاخلاق : فيما أوصى به النبي
صلى الله عليه وآله أباذر قال : يا أباذر إسباغ الوضوء على المكاره من
الكفارات ( 4 ) .
فائدة : ذكر الاصحاب استحباب الوضوء للصلاة والطواف المندوبين ،
وللتجديد ، والتأهب للصلاة الفريضة قبل دخول وقتها ليوقعها في أول الوقت
* ( هامش ص 312 ) * ( 1 ) نوادر الراوندى ص 39 .
( 2 ) عدة الداعى ص 211 ، وتراه في ثواب الاعمال ص 91 .
( 3 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 138 - 156 ، ولم نجد موضع النص فيه .
( 4 ) مكارم الاخلاق ص 548 .
[313]
ولما يشرط فيه الطهارة من مناسك الحج وصلاة الجنازة ، ولنوم الجنب ، و
أكله ، ولذكر الحايض ، وتغسيل الجنب الميت ، وجماع الغاسل إذا كان جنبا
ولمس كتابة القرآن إذا لم يكن واجبا ، وقراءته ، وحمله ، ودخول المساجد
وزيارة قبور المؤمنين ، والكون على طهارة ، ولمن يدخل الميت قبره ، ولطلب
الحوائج ، وللنوم ، وجماع المحتلم قبل الغسل ، وجماع المرأة الحامل ، و
وطي جارية بعد وطي اخرى ، ووضوء الميت قبل غسله ، ولحصول المذي والرعاف
والقئ ، والتخليل المخرج للدم إذا كرههما الطبع ، والخارج من الذكر
بعد الاستبراء ، والزيادة على أربعة أبيات شعر باطل ، والقهقهة في الصلاة عمدا ،
والتقبيل بشهوة ، ومس الفرج ، وبعد الاستنجاء بالماء للمتوضي قبله ولوكان
قداستجمر .
وقد ورد في جميعها روايات إلا ماشذ ، لكن بعضها ضعيفة وبعضها محمولة
على التقية كالرعاف والقئ والتخليل والشعر والقهقهة والتقبيل ومس الفرج ،
ولتفصيل القول فيها محل آخر .
[314]
* ( باب 5 ) *
* ( التسمية والادعية المستحبة عند ) *
* ( الوضوء وقبله وبعده ) *
1 - الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني
عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم
عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : لا يتوضأ الرجل
حتى يسمي : يقول قبل أن يمس الماء : " بسم الله اللهم اجعلني من التوابين
واجعلني من المتطهرين " فاذا فرغ من طهوره قال : " أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " فعند هما يستحق المغفرة ( 1 ) .
المحاسن : في رواية ابن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه السلام عن أمير المؤمنين
عليه السلام مثله ( 2 ) .
2 - العلل : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن
يحيى الاشعري ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن داود العجلي ،
عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال : يا أبا محمد من توضأ فذكر اسم الله
طهر جميع جسده ، وكان الوضوء إلى الوضوء كفارة لما بينهما من الذنوب ، ومن لم
يسم لم يطهر من جسده إلا ما أصابه الماء ( 3 ) .
3 - ثواب الاعمال : عن جعفر بن محمد بن مسرور ، عن الحسين بن محمد
* ( هامش ص 314 ) * ( 1 ) الخصال ج 2 ص 165 .
( 2 ) المحاسن ص 46 .
( 3 ) علل الشرايع ج 1 ص 273 .
[315]
ابن عامر ، عن عمه عبدالله بن عامر ، عن محمد بن إسماعيل مثله ( 1 ) .
ومنه عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن معاوية
ابن حكيم ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : من ذكر اسم الله على وضوئه فكأنما اغتسل ( 2 ) .
المقنع : مرسلا مثله ( 3 ) .
4 - المحاسن : عن محمد بن أبي المثنى ، عن محمد بن حسان ، عن محمد بن جعفر
عن أبيه عليه السلام قال : من ذكر اسم الله على وضوئه طهر جسده كله ، ومن لم يذكر
اسم الله على وضوئه طهر من جسده ماأصابه الماء ( 4 ) .
بيان : لعل المعنى أن مع التسمية له ثواب الغسل ، أو أنه يغفر له ما
عمل بجميع الجوارح من السيئات ، وإلا يغفر له ما فعل بجوارح الوضوء فقط
أو أن الطهارة المعنوية التي تحصل بسبب الطهارة وتصير سببا لقبول العبادة و
كمالها تحصل مع التسمية للجميع ، ومع عدمها لخصوص أعضاء الوضوء ، وهو
قريب من الاول ، ويؤيدهما خبر ابن مسكان .
5 - فقه الرضا : قال عليه السلام : أيما مؤمن قرأ في وضوئه " إنا أنزلناه في ليلة
القدر " خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه ( 5 ) .
6 - العياشى : عن أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام أن قنبرا مولى أمير -
المؤمنين ادخل على الحجاج بن يوسف ، فقال له : ما الذي كنت تلي من أمر
علي بن أبي طالب ؟ قال : كنت اوضيه ، فقال له : ما كان يقول : إذا فرغ من
وضوئه ؟ قال : كان يتلو هذه الاية " فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب
* ( هامش ص 315 ) * ( 1 ) ثواب الاعمال ص 15 .
( 2 ) ثواب الاعمال ص 16 .
( 3 ) المقنع ص 3 .
( 4 ) المحاسن ص 46 .
( 5 ) فقه الرضا ص 2 ، س 6 .
[316]
كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فاذاهم مبلسون * فقطع دابر
القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين " ( 1 ) فقال الحجاج : كان يتأولها
علينا ؟ فقال : نعم ، فقال : ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك ؟ قال : إذا أسعد وتشقى
فأمر به ( 2 ) .
بيان : العلاوة بالكسر أعلى الرأس والقدم ، والمراد هنا الاول .
7 - تفسير الامام : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مفتاح الصلاة الطهور ،
وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ، لا يقبل الله تعالى صلاة بغير طهور ، ولا
صدقة من غلول ، وإن أعظم طهور الصلاة التي لا يقبل الصلاة إلا به ولا شيئا من
الطاعات مع فقده موالاة محمد ، وأنه سيد المرسلين ، وموالاة علي وأنه سيد الوصيين
ومولاة أوليائهما ، ومعاداة أعدائهما .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن العبد إذا توضأ فغسل وجهه ، تناثرت عنه ذنوب
وجهه ، وإذا غسل يديه إلى المرفقين تناثرت ذنوب يديه ، وإذا مسح رأسه تناثرت
عنه ذنوب رأسه ، وإذا مسح رجليه أو غسلهما للتقية تناثرت عنه ذنوب رجليه .
وإذا قال في أول وضوئه " بسم الله الرحمن الرحيم " طهرت أعضاؤه كلها من
الذنوب ، وإن قال في آخر وضوئه أو غسله للجنابة : " سبحانك اللهم وبحمدك
أشهدأن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ، وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك
وأشهد أن عليا وليك وخليفتك بعد نبيك على خلقك ، وأن أولياءه خلفاؤك
وأوصياءه أوصياؤك " تحاتت عنه ذنوبه كلها كما تحات ورق الشجر ، وخلق الله
بعدد كل قطرة من قطرات وضوئه أو غسله ملكا يسبح الله ويقدسه ويهلله و
يكبره ، ويصلي على محمد وآله الطيبين ، وثواب ذلك لهذا المتوضئ .
ثم يأمر الله بوضوئه وبغسله فيختم عليه بخواتيم رب العزة ، ثم يرفع تحت
العرش حيث لا تتناوله اللصوص ، ولا يلحقه السوس ، ولا تفسده الاعداء ، حتى
يرد عليه ويسلم إليه ، أو فرما هو أحوج وأفقر ما يكون إليه فيعطى بذلك في
* ( هامش ص 316 ) * ( 1 ) الانعام : 44 .
( 2 ) تفسير العياشى ج 1 ص 359 .
[317]
الجنة ما لا يحصيه العادون ، ولا يعيه الحافظون ، ويغفر الله له جميع ذنوبه حتى
تكون صلاته نافلة ، فاذا توجه إلى مصلاه ليصلي قال الله عزوجل لملائكته : يا
ملائكتي ألا ترون إلى عبدي هذا ، قد انقطع عن جميع الخلائق إلى وأمل رحمتي
وجودي ورأفتي ؟ أشهد كم أني أخصه برحمتي وكراماتي ( 1 ) .
أقول : تمامه في باب فضل الصلاة .
بيان : في النهاية تحاتت عنه الذنوب تساقطت ، وقوله : " عليه أوفر " حال
عن فاعلي يرد ويسلم ، وقوله : " أحوج وأفقر " حالان من الضميرين في عليه
وإليه ، أي يرد ويسلم إليه الوضوء والغسل ، أي ثوابهما في نهاية الوفور والكمال
في حال يكون هو في غاية الاضطرار والافتقار إلى الثواب .
قوله " نافلة " أي زيادة لايحتاج إليه في غفران الذنوب .
8 - المكارم : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا توضأ أحدكم أو شرب أو
أكل أو لبس وكل شئ يصنعه ، ينبغي له أن يسمي ، فان لم يفعل كان للشيطان
فيه شرك ( 2 ) .
9 - جامع الاخبار : قال الباقر عليه السلام : من قرأ على أثر وضوئه آية
الكرسي مرة أعطاه الله ثواب أربعين عاما ، ورفع له أربعين درجة ، وزوجه الله
أربعين حوراء ( 3 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله : يا علي إذ توضأت فقل : " بسم الله اللهم إني أسألك
تمام الوضوء ، وتمام الصلاة ، وتمام رضوانك ، وتمام مغفرتك " فهذا زكاة
الوضوء ( 4 ) .
بيان : قال في الفقيه ( 5 ) زكاة الوضوء أن يقول المتوضي : " اللهم إني
* ( هامش ص 317 ) * ( 1 ) تفسير الامام : 239 .
( 2 ) مكارم الاخلاق ص 117 .
( 3 ) جامع الاخبار ص 53 .
( 4 ) جامع الاخبار ص 76 .
( 5 ) فقيه من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 32 .
[318]
أسألك تمام الوضوء ، وتمام الصلاة ، وتمام رضوانك والجنة " فهذا زكاة
الوضوء .
وظاهر رواية المتن كون الدعاء بعد الوضوء ، ويحتمل قبله أيضا ، وإطلاق
الزكاة عليه إما باعتبار نمو التطهير ، أو زيادته وكماله بسببه ، أو باعتبار أنه
سبب لقبول الوضوء والصلاة ، كما أن الزكاة سبب لقبول الصلاة والصوم .
10 - المحاسن : عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال : إذا توضأ أحدكم ولم يسم كان للشيطان في وضوئه شرك ، فان
أكل أو شرب أو لبس وكل شئ صنعه ينبغي له أن يسمي عليه ، وإن لم يفعل كان
للشيطان فيه شرك ( 1 ) .
وعن محمد بن سنان ، عن حماد ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن أبي عبدالله
عليه السلام مثله ( 2 ) .
وعن محمد بن عيسى ، عن العلا ، عن الفضيل ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله ( 3 ) .
11 - ومنه : عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحام ، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال : إذا توضأ أحدكم أو أكل أو شرب أو لبس لباسا ينبغي أن يسمي
عليه ، فان لم يفعل كان للشيطان فيه شرك ( 4 ) .
12 - ثواب الاعمال ( 5 ) ومجالس الصدوق ( 6 ) وفلاح السائل :
عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن حسان
عن عمه عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : بينا أمير المؤمنين ذات
* ( هامش ص 318 ) * ( 1 ) المحاسن ص 430 .
( 2 ) المحاسن ص 432 .
( 3 و 4 ) المحاسن ص 433 .
( 5 ) ثواب الاعمال ص 16 .
( 6 ) أمالى الصدوق ص 331 .
[319]
يوم جالس مع ابن الحنفية ، إذ قال : يا محمد ائتني باناء ماء أتوضأ للصلاة ، فأتاه
محمد باناء ، فأكفى بيده اليمنى على يده اليسرى ، ثم قال : " بسم الله والحمدلله
الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا " قال : ثم استنجى ( 1 ) فقال : " اللهم حصن
فرجي وأعفه ، واستر عورتي وحرمني على النار " قال : ثم تمضمض فقال :
" اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك " ثم استنشق فقال : " اللهم
لا تحرم علي ريح الجنة ، واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وطيبها " .
قال : ثم غسل وجهه فقال : " اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه
ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه " ثم غسل يده اليمنى فقال : " اللهم
أعطني كتابي بيميني ، والخلد في الجنان بيساري ، وحاسبني حسابا يسيرا "
ثم غسل يده اليسرى فقال : " اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ، ولا من وراء
ظهري ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي ، وأعوذبك من مقطعات النيران " .
* ( هامش ص 319 ) * ( 1 ) قد عرفت فيما سبق أن المصانع والمتوضئات لم يكن في ذاك العهد ، وكانوا
عند الحاجة يذهبون ويطوفون ليرتادوا موضع خلوة ، فان كانت معهم أداوة ماء ومطهرة
تطهروا واستنجوا والا تمسحوا بالتراب ، فاذا وجدوا ماءا استنجوا من البول وجوباو
من الغائط ندبا ، ولذلك تراه عليه السلام بعد ماكان جالسا مع أصحابه دعا بماء وطهر
يديه ثم استنجى من البول ، ثم تمضمض واستنشق وتوضأ وضوء الصلاة .
وانمايجب الاستنجاء من البول بالماء لان البول من جنس الماء الذى هو من ألطف
العناصر ، فلا يزول بالتراب الذى هو أكثف منه ، بل يزول بالماء الذى هو أطهر منه


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 319 سطر 19 إلى صفحه 327 سطر 18

مادة فقط .
مع أن التراب كلما مسح بالبول الذى هو على رأس الحشفة صار طينا نجسا وخرج عن
كونه مطهرا ، واذا نشف البول بتمسح الاحجار ، فليس هناك بول حتى يطهره التراب ، بل
يبقى رأس الحشفة متلطخا بالتراب النجس ، وييبس البول على رأس الحشفة من دون ازالة
كاملة ، نعم ، ينفع مسح التراب للتنشيف لئلا يتجاوز وينجس الثياب وسائر الاعضاء
المجاورة .
[320]
ثم مسح رأسه فقال : " اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك " ثم مسح
رجليه فقال : " اللهم ثبت قدمي على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ، واجعل سعيي
فيما يرضيك عني ياأرحم الراحمين " .
ثم رفع رأسه فنظر إلى محمد فقال عليه السلام : يا محمد من توضأ مثل وضوئي ، و
قال مثل قولي ، خلق الله عزوجل من كل قطرة ملكا يقدسه ويسبحه ويكبره
ويكتب الله عزوجل له ثواب ذلك إلى يوم القيامة .
المحاسن : عن محمد بن علي بن حسان مثله ( 1 ) .
فقه الرضا : يروى أن أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم قال لابنه محمد ابن الحنفية
وذكرمثله ( 2 ) .
المقنع مرسلا مثله ( 3 ) .
العلل : لمحمد بن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبدالله بن
المغيرة ، عن عبدالرحمن بن كثير مثله .
ولنوضح هذا الخبر المتكرر في أكثر اصول الاصحاب ، وهو مع كونه
في أكثرها مختلف اختلافا كثيرا ، ففي المقنع " اللهم غشني برحمتك ، وأظلني
تحت عرشك ، يوم لا ظل إلا ظلك " وفي المصباح للشيخ " واستر عورتي ، وحرمهما
على النار ، ووفقني لما يقر بني منك يا ذااجلال والاكرام " وفيه " وأطلق
لساني بذكرك " وفي بعض النسخ " وشكرك " وفيه " اللهم لا تحرمني
طيبات الجنان واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وريحانها وطيبها " وفي بعض
النسخ بعد قوله : " حسابا يسيرا " : " واجعلني ممن ينقلب إلى أهله مسرورا " وفي
بعضها بعد قوله : " كتابي بشمالي " " ولا من وراء ظهري " وفي بعضها " من مقطعات
* ( هامش ص 320 ) * ( 1 ) المحاسن ص 45 .
( 2 ) فقه الرضا ص 1 و 2 .
( 3 ) المقنع ص 2
[321]
[ مفظعات ] النيران " وفيه بعد قوله : " فيما يرضيك عني " ياذاالجلال والاكرام " .
وفي التهذيب ( 1 ) كما في المتن إلا أن فيه : بذكراك ، وفي الفقيه ( 2 ) " بسم
الله وبالله ، والحمد لله " وفيه " بذكرك وشكرك " وفيه " لا تعطني كتابي بيساري
ولاتجعلها مغلولة إلى عنقي ، وأعوذ بك ربي من مقطعات النيران " وفي بعض
النسخ " النار " وفي التهذيب " اللهم ثبتني على الصراط " وفي الكافي ( 3 ) " الحمد
الله الذي " بدون التسمية ، وفيه " وحرمها على النار " وفيه " ممن يشم ريحها و
طيبها وريحانها " وفيه دعاء المضمضة هكذا " اللهم أنطق لساني بذكرك ، واجعلني
ممن ترضى عنه " وفي دعاء غسل اليمنى " اللهم أعطني كتابي بيميني والخلد بيساري "
بدون التتمة ، والباقي موافق للمتن .
قوله عليه السلام : " بينا أمير المؤمنين عليه السلام " أصل بينا فاشبعت الفتحة وقفا فصارت
ألفا يقال : بينا وبينما ، ثم اجري الوصل مجرى الوقف ، وابقيت الالف المشبعة
وصلا مثلها وقفا ، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجات ، ويضافان إلى جملة من فعل
وفاعل ، ومبتدأ وخبر ، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى ، والافصح في
جوابهما أن لا يكون فيه إذ وإذا ، وقد جاء في الجواب كثيرا تقول : بينا زيد
جالس دخل عليه عمرو ، وإذ دخل عليه وإذا دخل عليه ، على ما ذكره الجوهري
لكن دخول إذفي كلامه عليه السلام على تقدير صحة الخبر وضبطه يدل على كونه أفصح .
و " بينا " هنا مضاف إلى جملة مابعده ، وهي " أميرالمؤمنين جالس " و
اقحم بين جزئي الجملة الظرف المتعلق بالخبر ، وقدم عليه توسعا .
وأما كلمة " ذات " فقد قال الشيخ الرضي - رضي الله عنه - في شرح الكافية :
وأما ذا وذات وما تصرف منهما ، إذا اضيقت إلى المقصود بالنسبة فتأويلها قريب
من التأويل المذكور ، إذ معنى " جئت ذاصباح " أي وقتا صاحب هذا الاسم فذامن
* ( هامش ص 321 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 15 ط حجر ص 53 ط نجف .
( 2 ) الفقيه ج 1 ص 26 و 27 .
( 3 ) الكافى ج 3 ص 70 و 71 .
[322]
الاسماء الستة ، وهو صفة موصوف محذوف ، وكذا " جئته ذات يوم " أي
مدة صاحبة هذا الاسم ، واختصاص ذا بالبعض وذات بالبعض الاخر يحتاج
إلى سماع .
وأما ذا صبوح وذاغبوق ، فليس من هذاالباب ، لان الصبوح والغبوق
ليسا زمانين ، بل ما يشرب فيهما ، فالمعنى جئت زمانا صاحب هذا الشراب ، فلم يضف
المسمى إلى اسمه انتهى .
وقيل : إن ذاوذات في أمثال هذه المقامات مقحمة بلا ضرورة داعية إليها
بحيث يفيدان معنى غير حاصل قبل زيادتهما مثل كاد في قوله تعالى : " وما كادوا
يفعلون " ( 1 ) و الاسم في " بسم الله " على بعض الاقوال .
وظرف المكان المتأخر أعني " مع " متعلق بجالس أيضا واختلف في إذا
الفجائية هذه هل هي ظرف مكان أو ظرف زمان أو غيرهما ، فذهب المبرد إلى الاول
والزجاج إلى الثاني ، وبعض إلى أنها حرف بمعنى المفاجاة ، أو حرف زائد
وعلى القول بأنها ظرف مكان قال ابن جني : عاملها الفعل الذي بعدها ، لانها غير
مضافة إليه ، وعامل بينا وبينما محذوف يفسره الفعل المذكور ، فمعنى الفقرة
المذكورة في الحديث : قال أمير المؤمنين عليه السلام بين أوقات جلوسه يوما من الايام
مع محمد ابن الحنفية ، وكان ذلك القول في مكان جلوسه وقال : شلوبين إذ مضافة
إلى الجملة ، فلا يعمل فيها الفعل ، ولا في بينا وبينما ، لان المضاف إليه لا يعمل
في مضاف ، ولا فيما قبله ، وإنما عاملها محذوف يدل عليه الكلام وإذ بدل من
كل منهما ، ويرجع الحاصل إلى ما ذكرنا على قول ابن جني ، وقيل : العامل
مايلي بين ، بناء على أنها مكفوفة عن الاضافة إليه ، كما يعمل تالي اسم الشرط
فيه ، والحاصل حينئذ : أمير المؤمنين عليه السلام جالس مع محمد بين أوقات يوم من الايام في مكان قوله : يامحمد الخ ، وقيل " بين " خبر لمبتدء محذوف وهو المصدر المسبوك
من الجملة الواقعة بعد إذ ، والمآل حينئذ أن بين أوقات جلوسه عليه السلام مع ابنه
* ( هامش ص 71 . ) * ( 1 ) البقرة : 71 .
[323]
قوله يا محمد إلى آخره ، ثم حذف المبتدأ مدلولا عليه بقوله قال يا محمد الخ
وعلى قول الزجاج وهو كون إذا ظرف زمان يكون مبتدأ مخرجا عن
الظرفية ، خبره بينا وبينما ، فالمعنى حنيئذ وقت قول أمير المؤمنين عليه السلام حاصل
بين أوقات جلوسه يوما من الايام مع محمد ابن الحنفية .
قول ائتني يدل على أن طلب إحضار الماء ليس من الاستعانة المكروهة ،
وقال الجوهري : كفأت الاناء كببته وقلبته فهو مفكوء ، وزعم ابن الاعرابي
إلى أن أكفأته لغة انتهى ، ويظهر من الخبر أن أكفأته لغة فصيحة إن صح الضبط
وفي الكافي فصبه .
قوله عليه السلام " بيده اليمنى " كذا في النسخ الفقيه والكافي وبعض النسخ التهذيب
وفي أكثرها بيده اليسرى على يده اليمنى ، وعلى كلتا النسختين الاكفاء إما للاستنجاء
أو لغسل اليد قبل إدخالها الاناء ، والاول أظهر ، ويؤيده استحباب الاستنجاء
باليسرى على نسخة الاصل ، وعلى الاخرى يمكن أن يقال : الظاهر أن الاستنجاء
باليسرى إنما يتحقق بأن تباشر اليسرى العورة وأما الصب فلابد أن يكون
باليمني في استنجاء الغايط ، وأما في استنجاء البول ، فان لم تباشر اليد العورة
فلا يبعد كون الافضل الصب باليسار ، وإن باشرتها ، فالظاهر أن الصب
باليمين أولى .
قوله عليه السلام " بسم الله " أي أستعين أو أتبرك باسمه تعالى " طهورا " أي
مطهرا كما يناسب المقام ، ولان التأسيس أولى من التأكيد على بعض
الوجوه " ولم يجعل نجسا " أي متأثرا من النجاسة أو بمعناه ، فانه لو كان نجسا
لم يمكن استعماله في إزالة النجاسة ، ولعل كلمة ثم في المواضع منسلخة عن معنى
التراخي كما قيل في قوله تعالى : " ثم أنشأناه خلقا آخر " ( 1 ) .
والمضمضة تحريك الماء في الفم كما ذكره الجوهري ، والتلقين التفهيم
وهوسؤال منه تعالى أن يلهمهم في يوم لقائه ما يصير سببا لفكاك رقابهم من النار
* ( هامش ص 323 ) * ( 1 ) المؤمنون : 14 .
[324]
كما قال سبحانه " يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها " ( 1 ) وقرئ بتخفيف
النون من التلقي كما قال تعالى : " ولقاهم نضرة وسرورا " ( 2 ) والاول أظهر
وإن كان في الاخير لطف .
ويوم اللقاء إما يوم القيامة والحساب ، أو يوم الدفن والسؤال أو يوم الموت
وفي الاخير بعد ، ويحتمل الاعم وإطلاق اللسان إما عبارة عن التوفيق للذكر
مطلقا أو عدم اعتقاله عند معاينة ملك الموت وأعوانه ، والاول أعم وأظهر ، و
يدل الخبر على استحباب تقديم المضمضة على الاستنشاق ، وتأخير دعاء كل منهما
عنه كما هو المشهور في الكل ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم جواز تأخير
المضمضة عن الاستنشاق ، وقال في الذكرى : هذا مع قطع النظر عن اعتقاد شرعية
التأخير أما معه فلا شك في تحريم الاعتقاد لا عن شبهة ، وأماالفعل فالظاهر لا ، انتهى
والاستنشاق اجتذاب الماء بالانف وأما الاستنثار فلعله مستحب آخر ، ولا يبعد
كونه داخلا في الاستنشاق عرفا .
ويشم بفتح الشين من باب علم ، ويظهر من الفيروز آبادي أنه يجوز
الضم ، فيكون من باب نصر ، والريح الرائحة ، وقال الجوهري : الروح نسيم
الريح ويقال أيضا : يوم روح أي طيب ، و " روح وريحان " ( 3 ) أي رحمة ورزق
وأول الدعاء استعاذة من أن يكون من أهل النار ، فانهم لا يشمون ريح الجنة
حقيقة ولا مجازا .
وبياض الوجه وسواده إما كنايتان عن بهجة السرور والفرح ، وكآبة الخوف
والخجلة ، أو المراد بهما حقيقة السواد والبياض ، وفسر بالوجهين قوله تعالى :
" يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " ( 4 ) ويمكن أن يقرء قوله : تبيض وتسود
* ( هامش ص 324 ) * ( 1 ) النحل : 111 .
( 2 ) الانسان : 11 .
( 3 ) الواقعة : 89 .
( 4 ) آل عمران : 106 .
[325]
على مضارع الغائب من باب الافعلال ، فالوجوه مرفوعة فيهما بالفاعلية ، وأن يقرء
بصيغة المخاطب من باب التفعيل مخاطبا إليه تعالى فالوجوه منصوبة فيهما على
المفعولية كما ذكره الشهيد الثاني رفع الله درجته والاول هو المضبوط في كتب
الدعاء ، المسموع عن المشايخ الاجلاء .
ثم الظاهر أن التكرير للالحاح في الطلب والتأكيد فيه ، وهو مطلوب في
الدعاء ، فانه تعالى يحب الملحين في الدعاء ، ويمكن أن يكون الثانية تأسيسا
على التنزل فان ابيضاض الوجوه تنور فيها زايدا على الحالة الطبيعية ، فكأنه يقول
إن لم تنورها فأبقها على الحالة الطبيعية ولاتسودها .
والكتاب كتاب الحسنات ، وإعطاؤه باليمين علامة الفلاح يوم القيامة ،
كما قال تعالى : " فأما من اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا و
ينقلب إلى أهله مسرورا " ( 1 ) وقوله عليه السلام : " والخلد في الجنان بيساري "
يحتمل وجوها :
الاول أن المراد بالخلد الكتاب المشتمل على توقيع كونه مخلدا في الجنان
على حذف المضاف ، وباليسار اليد اليسرى ، والباء صلة لاعطني كما روي عن
أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : يعطى كتاب أعمال العباد بأيمانهم ، وبراءة الخلد في
الجنان بشمائلهم ، وهو أظهر الوجوه .
والثاني أن المراد باليسار اليسر خلاف العسر كماقال تعالى : " وسنيسره
لليسرى " ( 2 ) فالمراد هنا طلب الخلود في الجنة ، من غير أن يتقدمه عذاب النار
وأهوال يوم القيامة ، أو سهولة الاعمال الموجبة له .
الثالث أن يراد باليسار مقابل الاعسار أي اليسار بالطاعات أي أعطني الخلد
في الجنان بكثرة طاعاتي ، فالباء للسببية ، فيكون في الكلام إيهام التناسب ، وهو
الجمع بين المعنيين المتباينين بلفظين لهما معنيان متناسبان كما قيل في قوله تعالى :
* ( هامش ص 325 ) * ( 1 ) الانشقاق : 9 .
( 2 ) الليل 7 .
[326]
" والشمس والقمر بحسبان * والنجم والشجر يسجدان " ( 1 ) فان المراد
بالنجم ما ينجم من الارض ، أى يظهر ولاساق له كالبقول ، وبالشجر ماله ساق
فالنجم بهذا المعنى وإن لم يكن مناسبا للشمس والقمر ، لكنه بمعنى الكواكب
يناسبهما وهذاالوجه مع لطفه لايخلو من بعد .
الرابع أن الباء للسببية أي أعطني الخلد بسبب غسل يساري ، وعلى هذا
فالباء في قوله بيميني أيضا للسببية ، ولا يخفى بعده ، لا سيما في اليمين ، لان
إعطاء الكتاب مطلقا ضروري وإنما المطلوب الاعطاء باليمين الذي هو علامة
الفائزين ، وقال الشهيد الثاني قدس الله روحه في قوله : " وحاسبني حسابا
يسيرا " لم يطلب دخول الجنة بغير حساب ، هضما لمقامه واعترافا بتقصيره ، عن
الوصول إلى هذا القدر من القرب ، لانه مقام الاصفياء بل طلب سهولة الحساب
تفضلا من الله تعالى وعفوا عن المناقشة بما يستحقه ، وتحرير الحساب بماهو
أهله وفيه مع ذلك اعتراف بحقية الحساب ، مضافا إلى الاعتراف بأخذ الكتاب ،
وذلك بعض أحوال يوم الحساب .
وقوله عليه السلام : " اللهم لاتعطني كتابي بشمالي " إشارة إلى قوله سبحانه :
" فأما من اوتي كتابه بشماله فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا " ( 2 ) وقوله :
" ولا من وراء ظهري ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي " إشارة إلى ماروي من أن
المجرمين يعطى كتابهم من وراء ظهورهم بشمائلهم ، حال كونها مغلولة إلى
أعناقهم .
وقال الجزري : المقطع من الثياب كل مايفصل ويخاط من قميص و
غيره ، ومالا يقطع منه كالازر والاردية ، وقيل : المقطعات لا واحد لها فلا يقال
للجبة القصيرة مقطعة ولا للقميص مقطع ، وإنما يقال لجملة الثياب القصار :
مقطعات ، والواحد ثوب انتهى ، وهذه إشارة إلى قوله تعالى : " قطعت لهم ثياب من
* ( هامش ص 326 ) * ( 1 ) الرحمن : 5 .
( 2 ) الانشقاق : 11 .
[327]
نار " ( 1 ) فاما أن تكون جبه وقميصا حقيقة من النار ، كالرصاص والحديد
أو تكون كناية عن لصوق النار بهم كالجبة والقميص ، ولعل السرفى كون
ثياب النار مقطعات أو التشبيه بها ، كونها أشد اشتمالا على البدن من غيرها ،
فالعذاب بها أشد .
وفي بعض النسخ " مفظعات " بالفاء والظاء المعجمة ، جمع المفظعة بكسر
الظاء من فظع الامر بالضم فظاعة ، فهو فظيع ، أي شديد شنيع ، وهو تصحيف ،
والاول موافق للاية الكريمة حيث يقول : " فالذين كفروا قطعت لهم ثياب
من نار " .
والتغشية : التغطية ، والبركة : النماء والزيادة ، وقال في النهاية في قولهم :
وبارك على محمد وآل محمد أي أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة ، و
هو من برك البعير إذا ناخ في موضع فلزمه ، وتطلق البركة أيضا على الزيادة و
الاصل الاول انتهى ، ولعل الرحمة بالنعم الاخروية أخص كماأن البركة بالدنيوية
أنسب ، كما يفهم من موارد استعمالهما ، ويحتمل التعميم فيهما .
وقال الوالد قدس سره : يمكن أن يكون الرحمة عبارة عن نعيم الجنة
وما يوصل إليها ، والبركات عن نعم الدنيا الظاهرة والباطنة ، من التوفيقات للاعمال
الصالحة والعفو ، والخلاص من غضب الله وما يؤدي إليه .
قوله : " من كل قطرة " أي بسببهاأو من عملها ، بناء على تجسم الاعمال
والتسبيح والتقديس مترادفان بمعنى التنزيه ، ويمكن تخصيص التقديس بالذات


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 327 سطر 19 إلى صفحه 335 سطر 18

والتسبيح بالصفات ، والتكبير بالافعال وقوله عليه السلام " إلى يوم القيمة " إما
متعلق بيكتب ، أو يخلق أو بهما أو بالافعال الثلاثة على التنازع .
وإنما أطنبنا الكلام في تلك الرواية لكثرة رجوع الناس إليها ، وكثرة
جدواها واشتهارها وتكررها في الاصول .
13 - دعائم الاسلام : عن علي عليه السلام أنه قال : ما من مسلم يتوضأ فيقول
* ( هامش ص 327 ) * ( 1 ) الحج : 19 .
[328]
عند وضوئه : " سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلاأنت أستغفرك وأتوب إليك
اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين " إلا كتب في رق وختم عليها
ثم وضعت تحت العرش حتى تدفع إليه بخاتمها يوم القيامة ( 1 ) .
وعن جعفربن محمد أنه قال : إذاأردت الوضوء فقل : " بسم الله على ملة
رسول الله صلى الله عليه وآله أشهد أن لاإله إلاالله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله صلى الله عليه وآله ( 2 ) .
14 - اختيار السيد بن الباقى والبلد الامين : روي أن من قرأ بعد إسباغ
الوضوء إناء أنزلنا في ليلة القدر ، وقال : " اللهم إني أسئلك تمام الوضوء ،
وتمام الصلاة ، وتمام رضوانك ، وتمام مغفرتك " لم تمر بذنب قد أذنبه
إلا محته ( 3 ) .
15 - الاختيار : قال أميرالمؤمنين عليه السلام لابي ذر : إذا نزل بك أمرعظيم
في دين أو دنيا ، فتوضأ وارفع يديك وقل : يا الله سبع مرات فانه يستجاب لك .
16 - كتاب جعفر ابن محمد بن شريح : عن حميد بن شعيب ، عن جابر
الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إذا توضأ أحدكم أو أكل أو شرب أو لبس
ثوبا وكل شئ يصنع ، ينبغي أن يسمي عليه ، فان هو لم يفعل كان الشيطان
فيه شريكا .
* ( هامش ص 328 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 105 .
( 2 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 106 .
( 3 ) البلد الامين ص 3 .
[329]
* ( باب 6 ) *
* ( التولية والاستعانة والتمندل ) *
1 - مجالس الصدوق : عن الحسين بن محمد بن يحيى العلوي ، عن جده
يحيى بن الحسن بن جعفر ، عن عبدالله بن محمد ، عن عبدالرزاق قال : جعلت
جارية لعلي بن الحسين بن عليه السلام تسكب الماء عليه وهو يتوضأ للصلاة ، فسقط الابريق
من يد الجارية على وجهه فشجه ، فرفع علي بن الحسين عليه السلام رأسه إليها ، فقالت
الجارية : إن الله عزوجل يقول : " والكاظمين الغيظ " ( 1 ) فقال : قد كظمت غيظي
قالت : " والعافين عن الناس " قال لها " قدعفى الله عنك ، قالت : " والله يحب المحسنين "
قال : اذهبي فأنت حرة ( 2 ) .
بيان : صب الماء عليه إما للضرورة ، أو لبيان الجواز .
2 - الخصال : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي
عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
خلتان ( 3 ) لا احب أن يشاركني فيهما أحد : وضوئي فانه من صلاتي ، وصدقتي
فانها من يدي إلى يد السائل ، فانها تقع في يد الرحمن ( 4 ) .
العياشى : عن السكوني مثله ( 5 ) .
* ( هامش ص 329 ) * ( 1 ) آل عمران : 134 .
( 2 ) أمالى الصدوق ص 121 .
( 3 ) خصلتان خ ل .
( 4 ) الخصال ج 1 ص 18 .
( 5 ) تفسير العياشى ج 2 ص 108 .
[330]
3 - العلل : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري
عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حماد ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن
شهاب بن عبد ربه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا توضأ
لم يدع أحدا يصب عليه الماء قال : لا احب أن اشرك في صلاتي أحدا ( 1 ) .
المقنع : مرسلا مثله ( 2 ) .
4 - ثواب الاعمال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن سلمة بن الخطاب
عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن علي بن معلى ، عن إبراهيم بن محمد بن حمران ،
عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من توضأ وتمندل كتبت له حسنة ، ومن
توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضؤوه كتبت له ثلاثون حسنة ( 3 ) .
5 - المحاسن : عن إبراهيم بن محمد الثقفي مثله ( 4 ) .
6 - ومنه : عن أبيه عمن ذكره ، عن عبدالله بن سنان قال : سألت أبا -
عبدالله عليه السلام عن التمندل بعد الوضوء ، فقال : كان لعلي عليه السلام خرقة في المسجد
ليست إلا للوجه يتمندل بها ( 5 ) .
ومنه : عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عبدالله بن سنان ، عن
أبي عبدالله عليه السلام مثله ( 6 ) .
7 - ومنه : بهذا الاسناد قال : كانت لعلي عليه السلام خرقة يعلقها في مسجد
بيته لوجهه إذا توضأ يتمندل بها ( 7 ) .
8 - ومنه : عن الحسن بن علي الوشا ، عن محمد بن سنان ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : كان لامير المؤمنين عليه السلام خرقة يمسح بها وجهه إذاتوضأ للصلاة
ثم يعلقها على وتد لا يمسها غيره ( 8 ) .
* ( هامش ص 330 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 264 .
( 2 ) المقنع ص 2 ط حجر .
( 3 ) ثواب الاعمال ص 17 .
( 4 - 8 ) المحاسن ص 429 .
[331]
9 - ومنه : عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن منصور بن حازم قال :
سألت أبا عبدالله عليه الصلاة والسلام عن الرجل يمسح وجهه بالمنديل قال :
لابأس به ( 1 ) .
توضيح : ذهب الشيخ وجماعة من الاصحاب إلى كراهية التمندل بعد
الوضوء ، ونقل عن ظاهر المرتضى عدم الكراهة وهو أحد قولي الشيخ ثم اختلفوا
فقال بعضهم : هو المسح بالمنديل ، فلا يلحق به غيره وبعضهم عبر عنه بمسح
الاعضاء ، وجعله بعضهم شاملا للمسح بالمنديل والذيل دون الكم ، وبعضهم ألحق
به التجفيف بالشمس والنار وهو ضعيف .
والذي يظهر لي أنه لما اشتهربين بعض العامة كأبي حنيفة وجماعة منهم
نجاسة غسالة الوضوء ، وكانوا يعدون لذلك منديلا يجففون به أعضاء الوضوء
ويغسلون المنديل ، فلذا نهوا عن ذلك ، وكانوا يتمسحون بأثوابهم ردا عليهم ،
كما روي عن مروان بن مسلم ( 2 ) عن أبي عبدالله عليه السلام قال : توضأ للصلاة ثم
مسح وجهه بأسفل قميصه ، ثم قال : ياإسماعيل افعل هكذا ، فاني هكذا
أفعل ( 3 ) .
فيمكن حمل تلك الاخبار على التقية أو أنه لم يكن بقصد الاجتناب عن الغسالة
أو أنه كان لبيان الجواز .
10 - الخرايج للراوندى : عن الحسن بن سعيد ، عن عبدالعزيز ، عن
أبى عبدالله عليه السلام أنه قال له : ضع لي ماء أتوضأ به الحديث ( 4 ) .
* ( هامش ص 331 ) * ( 1 ) المحاسن ص 429 .
( 2 ) التهذيب ج 1 ص 101 ط حجر .
( 3 ) والذى عندى أن الغسل في الوضوء لطرد الشياطين عن الوجه واليدين والمبالغة
في طردهم بالتسمية لقوله تعالى : " واذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم
نفورا " فعلى هذا الاولى أن لا يتمندل حذرا من أن يعلق بيده الشياطين التى توطن في المنديل
وان كان مأمونامن ذلك فلا بأس به .
( 4 ) الخرائج ص 234 .
[332]
11 - ارشاد المفيد : قال : دخل الرضا عليه السلام يوما والمأمون يتوضأ للصلاة
والغلام يصب على يده الماء ، فقال : لاتشرك يا أمير المؤمنين بعبادة ربك أحدا
فصرف المأمون الغلام وتولى تمام الوضوء بنفسه ( 1 ) .
* ( باب 6 ) *
* ( سنن الوضوء وآدابه من غسل اليد ) *
* ( والمضمضة والاستنشاق وما ينبغى ) *
* ( من المياه وغيرها ) *
1 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه
عليه السلام قال : سألته عن المضمضة والاستنشاق ، قال : ليس بواجب ، وإن
تركهما لم يعدلهما صلاة ( 2 ) .
قال : وسألته عن الرجل يتوضأفي الكنيف بالماء يدخل يده فيه أيتوضأ
من فضله للصلاة ؟ قال : إذا أدخل يده وهي نظيفة فلا بأس ، ولست احب أن يتعود
ذلك إلا أن يغسل يده قبل ذلك ( 3 ) .
أقول : قد مضى في باب علل الوضوء عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : إذا
تمضمض نورالله قلبه ولسانه بالحكمة ، فاذا استنشق آمنه الله من النار ورزقه
رائحة الجنة ( 4 ) .
2 - العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسين بن الحسن بن
* ( هامش ص 332 ) * ( 1 ) ارشاد المفيد ص 295 .
( 2 - 3 ) قرب الاسناد ص 83 ط حجر ص 109 ط نجف .
( 4 ) راجع ص 229 فيما سبق .
[333]
أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ،
عن عبدالكريم بن عتبة قال : سألته عن الرجل يستيقظ من نومه ولم يبل يدخل
يده في الاناء قبل أن يغسلها قال : لا ، لانه لا يدرى أين باتت يده فيغسلها ( 1 ) .
بيان : هذا الخبر رواه المخالفون بأسانيد عن أبي هريرة ( 2 ) عن النبي صلى الله عليه وآله
وفي بعض رواياتهم حتى يغسلهما ثلاثا ، وقال في شرح السنة بعد إيراد الخبر :
فلو غمس يده في الاناء ولم يعلم بها نجاسة يكره ، ولايفسد الماء عند أكثر
أهل العلم .
وقال أحمد : إذا قام من نوم الليل يجب غسل اليدين لانه صلى الله عليه وآله قال : لايدري
أين باتت ، والبيتوتة عمل الليل ، ولانه لا ينكشف بالنهار كتكشفه بالليل و
لايتوهم وقوع يده على موضع النجاسة بالنهارما يتوهم بالليل ، وقال إسحاق :
يجب غسل اليدين سواء قام من نوم الليل أو من نوم النهار ، قال : وفيه إشارة
إلى أن الاخذ بالوثيقة والاحتياط في العبادة أولى ، وفيه دليل على الفرق بين
* ( هامش ص 333 ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 267 .
( 2 ) رواه في مشكاة المصابيح ص 45 ، وقال متفق عليه ، وفى بعض الحواشى عليه :
روى النووى عن الشافعى وغيره : أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالحجارة ، وبلادهم
حارة ، فاذا ناموا عرقوا ، فلا يؤمن أن تطوف يده على موضع النجاسة أوعلى بثرة أو قملة
والنهى عن الغمس قبل غسل اليد مجمع عليه ، لكن الجماهير على أنه نهى تنزيه لا تحريم
فلو غمس لم يفسد الماء ولم يأثم الغامس .
وفى شرح السنة : علق النبى صلى الله عليه وآله غسل اليدين بالامر الموهوم ، وما علق بالموهوم
لا يكون واجبا ، فأصل الماء واليدين على الطهارة ، فحمل الاكثرون هذا الحديث على
الاحتياط ، وذهب الحسن البصرى والامام أحمد في احدى الروايتين إلى الظاهر ، وأوجب
الغسل وحكم بنجاسة الماء ، كذا نقله الطيبى .
وقال الشمنى عن عروة بن الزبير وأحمد بن حنبل وداود أنه يجب على المستيقظ
من نوم الليل غسل اليدين لظاهر الحديث ، ولنا أن النوم ان كان حدثا كالبول ، وان كان
سببا للحدث فهو كالمباشرة وكل ذلك لا يوجب غسل اليدين قبل ادخالهما الاناء عندهم .
[334]
ورود النجاسة على الماء القليل ، وورود الماء على النجاسة .
3 - الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى اليقطيني
عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : المضمضة والاستنشاق سنة ، وطهور
للفم والانف ( 1 ) .
4 - مجالس ابن الشيخ : بالسند المتقدم فيما كتب أمير المؤمنين عليه السلام
إلى محمد بن أبي بكر : وانظر إلى الوضوء فانه من تمام الصلاة ، تمضمض ثلاث
مرات ، واستنشق ثلاثا ، واغسل وجهك ثم يدك اليمنى ، ثم اليسرى ثم امسح
رأسك ورجليك ، فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يصنع ذلك واعلم أن الوضوء
نصف الايمان ( 2 )
بيان : قد مر أن هذاسند تثليث المضمضة والاستنشاق ، لكن رأيت في
كتاب الغارات هذا الخبر ، وفيه تثليث غسل ساير الاعضاء أيضا ، وهذا مما
يضعف الاحتجاج .
5 - العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن
إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عمن أخبره ، عن أبي بصير
عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام أنهما قالا : المضمضة والاستنشاق ليسا من الوضوء
لانهما من الجوف ( 3 ) .
بيان : يدل على ما ذهب إليه ابن أبي عقيل من أن المضمضة والاستنشاق
ليسا بفرض ولا سنة والمعروف بين الاصحاب استحبابهما ، واول بأنهما ليسا من
فرايض الوضوء ، ويمكن أن يكون المراد أنهما ليسامن الاجزاء المسنونة بل من
السنن المتقدمة على الوضوء كالسواك .
* ( هامش ص 334 ) * ( 1 ) الخصال ج 2 ص 156 .
( 2 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 29 .
( 3 ) علل الشرايع ج 1 ص 271
[335]
6 - مجالس ابن الشيخ : عن أبيه ، عن أبي محمد الفحام ، عن عمه عمرو بن
يحيى ، عن كافور الخادم قال : قال لي الامام علي بن محمد : اترك لي السطل الفلاني
في الموضع الفلاني لاتطهر منه للصلاة ، وأنفذني في حاجة ، وقال : إذا عدت فافعل
ذلك ليكون معدا إذا تأهبت للصلاة ، واستلقى عليه السلام لينام ، وانسيت ما قال لي
وكانت ليلة باردة .
فحسست به وقد قال إلى الصلاة وذكرت أنني لم أترك السطل فبعدت عن
الموضع خوفا من لومه ، وتألمت له حيث يشقى بطلب الاناء ، فناداني نداء مغضب
فقلت : إنا لله أيش عذري أن أقول : نسيت مثل هذا . ولم أجد بدأمن إجابته ،
فجئت مرعوبا فقال : يا ويلك أما عرفت رسمي أنني لا أتطهر إلا بماء بارد فسخنت
لي ماء وتركته في السطل ؟
فقلت : والله يا سيدي ما تركت السطل ولا الماء ، قال : الحمدلله ، والله
لا تركنا رخصة ، ولا رددنا منحة ، الحمد لله الذي جعلناه من أهل طاعته ووفقنا
للعون على عبادته ، إن النبي صلى الله عليه وآله كان يقول : إن الله يغضب على من لا
يقبل رخصه ( 1 ) .
7 - العلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار ، عن
إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الماء الذي تسخنه الشمس لا تتوضأوا به ولا تغسلوا ولا
تعجنوا ، فانه يورث البرص ( 5 ) .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 335 سطر 19 إلى صفحه 343 سطر 18

ايضاح : يدل على ماهو المشهور من كراهة استعمال الماء المسخن بالشمس
في الامور المذكورة بل نقل الشيخ في الخلاف الاجماع عليه ، في الجملة ، لكن
اشترط في الحكم القصد إلى ذلك وصرح بالتعميم في المبسوط وأطلق في النهاية كما هو
ظاهر هذه الرواية ، وكذا أكثر الاصحاب ، واحتمل العلامة في النهاية اشتراط
* ( هامش ص 335 ) * ( 1 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 303 و 304 .
( 2 ) علل الشرائع ج 1 ص 266 .
[336]
كونه في الاواني المنطبعة غير الذهب والفضة واتفاقه في البلاد المفرطة الحرارة
ثم احتمل التعميم وهو أظهر .
وظاهرهذا الخبرعدم الفرق بين أن يكون في الانية وغيرها في حوض أو
نهر أو ساقية ، لكن العلامة في النهاية والتذكرة حكى الاجماع على نفي الكراهة
في غير الانية ، وهل يشترط القلة في الماء ؟ وجهان ، واختلف الاصحاب فيه .
وألحق بعضهم بالطهارة ساير الاستعمالات ، واقتصر في الذكرى على استعماله
في الطهارة والعجين ، وفاقا للصدوق ، وهو حسن اقتصارا على مورد النص و
احتمل في التذكرة بقاء الكراهة لوزال التشميس ، وتبعه الشهيد وجماعة والظاهر
اختصاص الكراهة بالاختيار ، وأما القول بالكراهة فلوجود المعارض .
وليس معنى كونه مورثا للبرص أنه يحصل بمجرد استعمال واحد ، ولا
يتخلف حتى يستدل به على التحريم ، بل الظاهر أن المراد به أن مداومته مظنة
ذلك ، والله يعلم .
8 - ثواب الاعمال ( 1 ) والعلل : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد
ابن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن إسماعيل بن همام ، عن محمد بن
سعيد بن غزوان ، عن السكوني ، عن ابن جريح ، عن عطا ، عن ابن عباس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لاترى نار جهنم ( 2 ) .
المقنع : مرسلا مثله ( 3 ) .
9 - نوادر الراوندى : باسناده ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أشربوا أعينكم الماء عند الوضوء ، لعلها لاترى نارا
حامية ( 4 ) .
* ( هامش ص 336 ) * ( 1 ) ثواب الاعمال ص 17 .
( 2 ) علل الشرائع ج 1 ص 266 .
( 3 ) المقنع ص 3 .
( 4 ) نوادر الراوندى ص 39 .
[337]
دعائم الاسلام : عن النبي صلى الله عليه وآله مثله ( 1 ) .
بيان : قال في الدورس : يستحب فتح العين عند الوضوء ، وذهب إليه الصدوق
والشيخ في الخلاف ادعى الاجماع منا على عدم وجوبه ولا استحبابه وظاهر
الاصحاب أن مرادهم مجرد فتحها استظهارا لغسل نواحيها لا مع غسلها أيضا لانه
مضرة عظيمة كادت أن تكون حراما ، وروي أن ابن عمر كان يفعله فعمي لذلك ( 2 )
لكن ظاهر الخبر الثاني استحباب إيصال الماء إلى داخل العين ، ويمكن حمله على
مايصل أحيانا عندالفتح إليه لا المبالغة في ذلك ، أوالمراد غسل الاشفار ولا يبعد
حمل الخبرين على التقية لكون الاول عاميا ، والثاني غير صحيح السند ، ونسبة
القول باستحبابه إلى الشافعي ، ويمكن حمل الخبر الاول على المجاز ، أي بالغوافي
إيصال الماء إلى أجزاء الاعضاء .
9 - العلل : عن أبيه ، عن سعدبن عبدالله ، عن معاوية بن حكيم ، عن
* ( هامش ص 337 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 100 .
( 2 ) روى أنه صلى الله عليه وآله كان قبل أن يتوضأ يستاك ثم يتمضمض ثم
يستنشق وليس فيها أنه صلى الله عليه وآله فتح أجفان عينه وأشرب داخل العين ، ولعله صلى الله عليه وآله
رأى بعض العامة كما رأيت كثيرا من الناس يغمضون أجفافهم ويشدون عليها بحيث تغيب
أشفار هم تحت أسرة الاجفان ، فلا يجرى الماء عند ارساله من أعلى الجبهة إلى الاشفار
ومنبتها ، ولا تصل اليها اليد عندمسحها عن الغسالة ، فأمر بأن يفتحوا أسرة الاجفان والا
فداخل العين أنظف من أن يغسل بالماء :
خلق الله فيهاغددا تنفجر منها الطهور تغسل العين حينا فحينا عن الادناس وتذهب
برجز الشيطان وتدفع غسالتها إلى قناة معدة في المآقى تجرى إلى الانف ، ولولا هذا
الطهور وقناة الغسالة لاتى الشيطان على العين وجلائها وصحتها .
على أن مقتضى الفطرة أن لا يصل إلى داخل العين شئ من المواد الخارجية ماء
كان أو غبارا ، ولذلك ينطبق الاجفان بالطبع من دون ارادة عند هجوم شئ عليها ، و
هذا دليل على ان رش باطنها واشرابها فعل مرغوب عنه ، ولذلك يوجب الفساد وخروج
المدة والقيح عنها ، كما ابتليت به وقتاما .
[338]
عبدالله بن المغيرة ، عن رجل ، أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا توضأ الرجل
فليصفق وجهه بالماء ، فانه إن كان ناعسا فزع واستيقظ ، وإن كان البرد فزع
فلم يجد البرد ( 1 ) .
أقول : قد مر في باب صفة الوضوء ، عن موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال :
لا تلطم وجهك بالماء لطما ( 2 ) ومر وجه الجمع بينهما وأنه ذهب والد الصدوق
رحمهما الله إلى استحباب التصفيق لهذا الخبر .
10 - ثواب الاعمال : عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن علي بن إبراهيم
عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : ليبالغ أحدكم في المضمضة والاستنشاق ، فانه غفران لكم
ومنفره للشيطان ( 3 ) .
11 - المحاسن : عن أبيه ، عن محمد بن إسماعيل رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام
قال : قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : عليك بالسواك لكل وضوء ( 4 )
مكارم الاخلاق : مرسلا مثله ( 5 )
12 - المحاسن : عن ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن محمد بن
مروان ، عن أبي جعفرعليه السلام في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : عليك بالسواك
لكل صلاة ( 6 ) .
ومنه : عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن الصنعاني رفعه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام في وصيته : عليك بالسواك عند كل وضوء ، وقال بعضهم :
* ( هامش ص 338 ) * ( 1 ) علل الشرائع ج 1 ص 266 .
( 2 ) راجع ص 258 فيماسبق .
( 3 ) ثواب الاعمال ص 18 و 19 .
( 4 ) المحاسن ص 17 في حديث .
( 5 ) مكارم الاخلاق ص 53 .
( 6 ) المحاسن ص 561 .
[339]
لكل صلاة ( 1 ) .
ومنه : عن أبيه ، عن صفوان ، عن معلى بن عثمان ، عن معلى بن خنيس
قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن السواك بعد الوضوء ؟ فقال : الاستياك قبل أن
يتوضأ ، قلت : أرأيت إن نسي حتى يتوضأ ؟ قال : يستاك ثم يتمضمض
ثلاث مرات ( 2 ) .
بيان : يشكل الاستدلال به على استحباب تثليث المضمضة مطلقا .
13 - المحاسن : عن جعفر بن محمد ، عن عبدالله بن ميمون القداح ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : إذا توضأ الرجل وسوك ثم قام فصلى
وضع الملك فاه على فيه ، فلم يلفظ شيئا إلا التقمه ، وزاد بعضهم : فان لم يستك قام
الملك جانبا يستمع إلى قراءته ( 3 ) .
بهذا الاسناد عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك ( 4 )
مكارم الاخلاق : عن الباقر والصادق عليهما السلام مثله ( 5 ) .
14 - المحاسن : عن الحسن بن علي بن فضال ، عن غالب ، عن رفاعة ،
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : صلاة ركعتين بسواك أفضل من أربع ركعات بغير
سواك ( 6 ) .
15 - المكارم : عن النبي صلى الله عليه وآله قال : إذا لبستم وتوضأتم فابدؤا
بميانكم ( 7 )
16 - مصباح الشريعة : قال الصادق عليه السلام : إن أردت الطهارة والوضوء
* ( هامش ص 339 ) * ( 1 - 4 ) المحاسن ص 561 .
( 5 ) مكارم الاخلاق ص 53 .
( 6 ) المحاسن ص 562 . ( 7 ) مكارم الاخلاق 117 .
[340]
فتقدم إلى الماء تقدمك إلى رحمة الله ، فان الله قد جعل الماء مفتاح قربته
ومناجاته ، ودليلا إلى بساط خدمته ، فكما أن رحمته تطهر ذنوب العباد ، كذلك
النجاسات الظاهرة يطهرها الماء ، لاغير ، قال الله عزوجل : " وهو الذي أرسل
الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا " ( 1 ) وقال عزوجل :
" وجعلنا من الماء كل شئ حي " ( 2 ) وكما أحيابه كل شئ من نعيم الدنيا
كذلك برحمته وفضله جعله حياة القلوب والطاعات .
وتفكر في صفاء الماء ورقته وطهوره وبركته ، ولطيف امتزاجه بكل
شئ ، واستعمله في تطهير الاعضاء التي أمرك الله بتطهيرها ، وأت بآدابه وفرائضه
وسننه ، فان تحت كل واحدة منها فوايد كثيرة ، وإذا استعملتها بالحرمة انفجرت
لك عيون فوائده عن قريب .
ثم عاشر خلق الله كامتزاج الماء بالاشياء يؤدي إلى كل شئ حقه ، ولا
يتغير عن معناه ، معتبرا لقول رسول الله صلى الله عليه وآله : " مثل المؤمن الخالص كمثل
الماء " ولكن صفوتك مع الله تعالى في جميع طاعاتك ، كصفوة الماء حين
أنزله من السماء ، وسماه طهورا ، وطهر قلبك للتقوى واليقين عند طهارة
جوارحك بالماء ( 3 ) .
17 - العلل : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن
ميمون ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لولا أن أشق على امتي
لامرتهم بالسواك مع كل صلاة ( 4 ) .
المحاسن : عن جعفر بن محمد ، عن ابن القداح ، عن أبي عبدالله عليه السلام
* ( هامش ص 340 ) * ( 1 ) الفرقان : 48 .
( 2 ) الانبياء ، 30 .
( 3 ) مصباح الشريعة ص 9 .
( 4 ) علل الشرايع ج 1 ص 277 .
[341]
مثله ( 1 ) .
بيان : أي لولا أن أصير شاقا على امتي أوأصير سببا لان يقعوا في المشقة
لامرتهم بالامر الوجوبي بالسواك مع كل صلاة ، قال في القاموس : شق عليه
الامر شقا ومشقة صعب ، وعليه أوقعه في المشقة وفي النهاية فيه : لولا أن أشق
على امتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة ، أي لولا أن أثقل عليهم من المشقة
وهي الشدة انتهى .
واستدل به على أن الامر للوجوب ، وفيه أنظار مذكورة في كتب
الاصول .
18 - العلل : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه عمن ذكره ، عن
عبدالله بن حماد ، عن أبي بكر بن أبي سمال ، قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إذا
قمت بالليل فاستك ، فان الملك يأتيك فيضع فاه في فيك ، فليس من حرف تتلوه
وتنطق به إلا صعد به إلى السماء ، فليكن فوك طيب الريح ( 2 ) .
19 - قرب الاسناد ( 3 ) ومكارم الاخلاق : عن علي بن جعفر ، عن
أخيه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يستاك بيده إذ قام في الصلاة صلاة الليل ، و
هويقدر على السواك قال : إذ خاف الصبح فلا بأس ( 4 ) .
20 - الخصال : عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن
يحيى الاشعري ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن الحسن بن علي بن يوسف
عن معاذ الجوهري ، عن عمرو بن جميع باسناده رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله قال :
السواك فيه عشر خصال : مطهرة للفم ، مرضات للرب ، يضاعف الحسنات سبعين
* ( هامش ص 341 ) * ( 1 ) المحاسن ص 561 .
( 2 ) علل الشرائع ج 1 ص 277 .
( 3 ) قرب الاسناد ص 125 ط نجف .
( 4 ) مكارم الاخلاق ص 53 .
[342]
ضعفا ، وهو من السنة ، ويذهب بالحفر ، ويبيض الاسنان ، ويشد اللثة ، ويقطع
البلغم ، ويذهب بغشاوة البصر ، ويشهي الطعام ( 1 ) .
ومنه : عن أبيه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن اللؤلؤي ، عن
الحسن بن علي بن يوسف ، عن معاذ الجوهري ، عن عمرو بن جميع يرفعه إلى
النبي صلى الله عليه وآله قال : في السواك اثنتا عشرة خصلة : مطهرة للفم ، ومرضات للرب ،
ويبيض الاسنان ، ويذهب بالحفر ( 2 ) ويقل البلغم ، ويشهي الطعام ، ويضاعف
الحسنات ، وتصاب به السنة ، وتحضره الملائكة ، ويشد اللثة ، وهو يمر
بطريقة القرآن ، وركعتين بسواك أحب إلى الله عزوجل من سبعين ركعة
بغير سواك ( 3 ) .
بيان : قدمر مثله بأسانيد في باب السواك ( 4 ) وقال الجوهري تقول :
في أسنانه حفر وقد حفرت تحفر حفرامثال كسر يكسر كسرا [ إذا فسدت
اصولها ] قال يعقوب : هوسلاق في اصول الاسنان قال : ويقال : أصبح فم فلان
محفورا ، وبنو أسد تقول : في أسنانه حفر - بالتحريك - وقد حفرت مثال تعب
تعبا ، وهي أردء اللغتين .
والسلاق تقشر في اصول الاسنان ، واللثة بالتخفيف ما حول الاسنان ، وأصلها
لثي ، والهاء عوض عن الياء ، والجمع لثاة ولثى .
21 - ثواب الاعمال : محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن
أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أبوجعفر عليه السلام : لو يعلم الناس في السواك لاباتوه
* ( هامش ص 342 ) * ( 1 ) الخصال ج 2 ص 60 .
( 2 ) الحفر - محركة - سلاق في اصول الاسنان ، أو صفرة تعلوها ، ولعله هى آكلة
الاسنان من الشياطين تحفر السن كالجحر .
( 3 ) الخصال ج 2 ص 80 .
( 4 ) راجع ج 76 ص 129 .
[343]
معهم في لحافهم ( 1 ) .
بيان : قال الوالد قدس سره : الظاهر منه تأكده لصلاة الليل ، أوبعد
النوم مطلقا ، أوالمراد أنهم لو علموا فضله لا ستاكوا في اللحاف حتى يناموا أوكلما
انتبهوا استاكوا ، والاول أظهر .
22 - المحاسن : عن أبي سمينة ، عن إسماعيل بن أبان الحناط ، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : نظفوا طريق القرآن ، قيل : يا رسول الله
وما طريق القرآن ؟ قال : أفواهكم ، قيل : بماذا ؟ قال : بالسواك ( 2 ) .
ومنه عن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن إسحاق بن عمار
قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إني لاحب للرجل إذا قام بالليل أن يستاك وأن
يشم الطيب ، فان الملك يأتي الرجل إذاقام بالليل حتى يضع فاه على فيه ،
فماخرج من القرآن من شئ دخل جوف ذلك الملك ( 3 ) .
23 - مكارم الاخلاق : كان النبي صلى الله عليه وآله إذااستاك استاك عرضا ، وكان
عليه السلام يستاك كل ليلة ثلاث مرات مرة قبل نومه ، ومرة إذا قام من نومه
إلى ورده ، ومرة قبل خروجه إلى صلاة الصبح ، وكان يستاك بالاراك ( 4 ) أمره بذلك
جبرئيل عليه السلام ( 5 ) .
وقال عليه السلام : السواك شطر الوضوء ( 6 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله : لولا أن أشق على امتي لامرتهم بالسواك عند وضوء
* ( هامش ص 343 ) * ( 1 ) ثواب الاعمال ص 18 .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 343 سطر 19 إلى صفحه 351 سطر 18

( 2 ) المحاسن ص 558 .
( 3 ) المحاسن ص 559 .
( 4 ) شجر ينبت في بلاد العرب يستاك بقضبانه بعد ما يجعل رأسه كالفرشة وبما فيه
من ملوحة وحموضة ومرارة يطيب النكهة .
( 5 ) مكارم الاخلاق ص 41 .
( 6 ) المكارم ص 53 س 2 .
[344]
كل صلاة ( 1 ) .
وفي وصية النبي صلى الله عليه وآله لامير المؤمنين عليه السلام : عليك بالسواك ، وإن استطعت
أن لا تقل منه فافعل ، فان كل صلاة تصليها بالسواك تفضل على التي تصليها بغير
سواك أربعين يوما ( 2 ) .
24 - المقنع : صلاة تصليها بسواك أفضل عند الله من سبعين صلاة تصليها بلاسواك
وكان النبي صلى الله عليه وآله يستاك لكل صلاة ، وقال في وصيته لامير المؤمنين عليه السلام :
عليه بالسواك عند وضوء كل صلاة ، وروي أنه قال : إن أفواهكم طرق القرآن
فطهروها بالسواك ( 3 ) .
25 - كتاب المسائل : لعلي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام قال :
سألته عن الرجل يبول في الطست يصلح له الوضوء فيها ؟ قال : إذاغسلت بعد
بوله فلا بأس ( 4 ) .
26 - أعلام الدين للديلمي : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أفواهكم
طرق القرآن ، فطيبوها بالسواك ، فان صلاة على أثر السواك ، خير من خمس
وسبعين صلاة بغير سواك .
27 - دعوات الراوندى : قال النبي صلى الله عليه وآله : التشويص بالابهام والمسبحة
عندالوضوء سواك ، والدعاء عند السواك " اللهم ارزقني حلاوة نعمتك ، وأذقني
برد روحك ، وأطلق لساني بمناجاتك ، وقربني منك مجلسا ، وارفع ذكري
في الاولين ، اللهم ياخير من سئل ، ويا أجود من أعطى ، حولنا مما نكره إلى
ما تحب وترضى ، وإن كانت القلوب قاسية ، وإن كانت الاعين جامدة ، وإن
كنا أولى بالعذاب ، فأنت أولى بالمغفرة ، اللهم أحيني في عافية وأمتني
* ( هامش ص 344 ) * ( 1 ) المكارم ص 53 س 18 .
( 2 ) المكارم ص 54 .
( 3 ) المقنع ص 3 ط حجر ص 8 ط قم .
( 4 ) البحار ج 10 ص 280 .
[345]
في عافية " .
بيان : قال في النهاية : فيه : إنه كان يشوص فاه بالسواك أي يدلك أسنانه
وينقيها وقد قيل : هو أن يستاك من سفل إلى علو وأصل الشوص الغسل وفي
القاموس : الشوص الدلك باليد ، ومضغ السواك والاستنان به ، أو الاستياك من
أسفل إلى علو .
قوله : " في الاولين " أي كما رفعت ذكر الصلحاء من الاولين فارفع
ذكري معهم " وإن " في قوله : " وإن كنا أولى " يحتمل الوصلية وعدمها .
28 - دعائم الاسلام : عن أبي جعفر عليه السلام قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله
يوما على أصحابه فقال : حبذا المتخللون ، قيل : يا رسول الله وما هذا التخلل ؟
قال : التخلل في الوضوء بين الاصابع والاظافير والتخلل من الطعام ، فليس شئ
أثقل على ملكي المؤمن أن يريا شيئا من الطعام في فيه وهو قائم يصلي ( 1 ) .
29 - الهداية : فأما الماء الذي تسخنه الشمس : فانه لا يتوضأ به ولايغتسل
ولا يعجن به ، لانه يورث البرص ، وأما الماء الاجن ( 2 ) فانه لا بأس بأن يتوضأ
منه ويغتسل ، إلا أن يوجد غيره فيتنزه عنه ( 3 ) .
والمضمضة والاستنشاق ليسا من الوضوء ، وهما سنة لاسنة الوضوء ، لان
الوضوء فريضة كله ، ولكنهما من الحنيفية التي قال الله عزوجل لنبيه :
" واتبع ملة إبراهيم حنيفا " ( 4 ) وهي عشر سنن : خمس في الرأس ، وخمس
في الجسد .
فأما التي في الرأس : فالمضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وقص الشارب
والفرق لمن حول شعر رأسه ، وروي أن من لم يفرق شعره فرقه الله يوم القيامة
* ( هامش ص 345 ) * ( 1 ) دعائم الاسلام ج 1 ص 123 .
( 2 ) زاد بعده في المصدر : والذى قد وقع فيه الكلب والسنور .
( 3 ) الهداية : 13 ط قم .
( 4 ) النساء : 125 .
[346]
بمنشار من نار ، وأما التي في الجسد : فالاستنجاء ، والختان ، وحلق العانة ، وقص
الاظافير ، ونتف الابطين ( 1 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله : افتحوا عيونكم عندالوضوء لعلها لاترى
نار جهنم ( 2 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله : السواك شطر الوضوء ، وكان أبوالحسن عليه السلام يستاك
بماءالورد ، وفي السواك اثنتا عشرة خصلة : هو من السنة ، ومطهرة للفم ، و
مجلاة للبصر ، ويرضي الرحمن ، ويبيض الاسنان ، ويذهب بالحفر ، ويشد
اللثة ، ويشهي الطعام ، ويذهب بالبلغم ، ويزيد في الحفظ ، ويضاعف الحسنات و
تفرح به الملائكة ( 3 ) .
30 - فلاح السائل : من كتاب اللؤلؤيات قال : كان الحسن بن علي
عليهما السلام إذا توصا تغير لونه ، وارتعدت مفاصله ، فقيل له في ذلك ، فقال :
حق لمن وقف بين يدي ذي العرش أن يصفرلونه ، وترتعد مفاصله ، وروي نحو هذا
الحديث عن مولانا الحسن عليه السلام يعقوب بن نعيم بن قرقارة من أعيان أصحاب الرضا عليه السلام
في كتاب الامامة .
وروي أن مولانا زين العابدين عليه السلام كان إذاشرع في طهارة الصلاة اصفر
وجهه ، وظهر عليه الخوف .
31 - جامع الاخبار : : قال أمير المؤمنين عليه السلام : لا يجوز صلاة امرئ
حتى يطهر خمس جوارح : الوجه ، واليدين ، والرأس ، والرجلين بالماء ،
والقلب بالتوبة ( 4 ) .
* ( هامش ص 346 ) * ( 1 ) الهداية : 17 .
( 2 ) الهداية : 18 .
( 3 ) المصدر نفسه ، وقد رواه مسندا في الخصال ج 2 ص 80 ، ثواب الاعمال ص 18 .
( 4 ) جامع الاخبار ص 76 .
[347]
32 - عدة الداعى : كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أخذ في الوضوء تغير
وجهه من خيفة الله ، وكان الحسن إذا فرغ من وضوئه تغير لونه ، فقيل له في
ذلك ، فقال : حق على من أراد أن يدخل على ذي العرش أن يتغير لونه ، ويروى
مثل هذا عن زين العابدين عليه السلام .
33 - أسرار الصلاة للشهيد الثاني قدس سره : كان علي بن الحسين عليه السلام
إذاحضر للوضوء أصفر لونه ، فيقال له : ما هذا الذي يعتورك عندالوضوء ؟ فيقول :
ما تدرون بين يدي من أقوم ؟
[348]
* ( باب 8 ) *
* ( مقدار الماء للوضوء والغسل ) *
* ( وحد المد والصاع ) *
1 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن العلوي ، عن جده ، عن علي
ابن جعفر ، عن أخيه قال : سألته عن الرجل يصيب الماء في الساقية مستنقعا
فيتخوف أن تكون السباع قد شربت منه ، يغتسل منه للجنابة ويتوضأ منه للصلاة
إذا كان لا يجد غيره ؟ والماء لا يبلغ صاعا للجنابة ، ولا مدا للوضوء ، وهو
متفرق ، كيف يصنع ؟ قال :
إذا كانت كفه نظيفة فليأخذ كفأ من الماء بيد واحدة ، ولينضحه خلفه
وكفا أمامه ، وكفا عن يمينه ، وكفا عن يساره ، فان خشي أن لايكفيه غسل رأسه
ثلاث مرات ، ثم مسح جلده به ، فان ذلك يجزيه إنشاء الله تعالى .
وإن كان للوضوء غسل وجهه ، ومسح يده على ذراعيه ، ورأسه ورجليه ،
وإن كان الماء متفرقا يقدر على أن يجمعه جمعه وإلا اغتسل من هذا وهذا وإن
كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه ،
فان ذلك يجزيه إنشاء الله تعالى ( 1 ) .
أقول : قد مر شرح الخبر بأجزائه في الابواب السابقة ( 2 ) .
2 - معانى الاخبار : عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد معا ، عن أحمد
ابن إدريس ومحمد بن يحيى العطار معا ، عن أحمد بن يحيى الاشعري ، عن جعفر
ابن إبراهيم بن محمد الهمداني - قال : وكان معنا حاجا - قال : كتبت إلى أبي
* ( هامش ص 348 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 110 ط نجف .
( 2 ) راج ص 137 فيما سبق .
[349]
الحسن عليه السلام على يد أبي " جعلت فداك إن أصحابنا اختلفوا في الصاع ، بعضهم
يقول : الفطرة بصاع المدينة ، وبعضهم يقول : بصاع العراق ، فكتب إلى : الصاع ستة
أرطال بالمدني وتسعة أرطال بالعراقي قال : وأخبرني فقال : بالوزن يكون ألفا
ومائة وسبعين وزنا ( 1 )
3 - ومنه : بهذا الاسناد ، عن الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن
أبي القاسم الكوفي أنه جاء بمد وذكر أن ابن أبي عمير أعطاه ذلك المد وقال :
أعطانيه فلان رجل من أصحاب أبي عبدالله وقال : أعطانيه أبوعبدالله عليه السلام وقال : هذا
مد النبي صلى الله عليه وآله : فعيرناه فوجدناه أربعة أمداد ، وهو قفيز وربع بقفيزنا
هذا ( 2 ) .
بيان : في القاموس عير الدنانير وزنها واحدا بعد واحد .
4 - تحف العقول : عن أبي محمد عليه السلام قال : من تعدى في الوضوء كان
كناقصه ( 3 ) .
5 - فقه الرضا : قال : يجزيك من الماء في الوضوء مثل الدهن تمر به
على وجهك وذراعيك ، أقل من ربع مد وسدس مدأيضا ويجوز أكثر من مد
وكذلك في غسل الجنابة مثل الوضوء سواء وأكثرها في الجنابة صاع ، ويجوز
غسل الجنابة بما يجوز به الوضوء إنما هو تأديب وسنن حسنة وطاعة آمر لمأمور
ليثيبه عليه ، فمن تركه فقد وجب له السخط ، فأعوذ بالله منه ( 4 ) .
وقال عليه السلام : أدنى مايجزيك من الماء ماتبل به جسدك مثل الدهن ، وقد
اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله وبعض نسائه بصاع من ماء ( 5 ) .
* ( هامش ص 349 ) * ( 1 ) معانى الاخبارص 249 ، ورواه في العيون ج 1 ص 309 و 310 .
( 2 ) المصدر نفسه .
( 3 ) تحف العقول ص 520 ط الاسلامية .
( 4 ) فقه الرضا ص 3 .
( 4 ) فقه الرضا ص 4 .
[350]
بيان : قوله : " فمن تركه " أي استخفافا أو ترك القول به وأنكره .
6 - كتاب سليم بن قيس : عن أمير المؤمنين عليه السلام فيما عد من بدع عمر
قال : وفي تغييره صاع رسول الله صلى الله عليه وآله ومده ، وفيهما فريضة وسنة ، فما كانت
زيادته إلا سوءا لان المساكين في كفارة اليمين والظهار بهمايعطون ، وما يجب
في الزرع ، وقدقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم بارك لنا في مدنا وصاعنا ، لا يحولون
بينه وبين ذلك لكنهم رضوا وقبلوا ما صنع الحديث ( 1 ) .
7 - معانى الاخبار للصدوق : عن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد معا
عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار معا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري
عن علي بن محمد ، عن رجل ، عن سليمان بن حفص المروزي قال : قال أبوالحسن
عليه السلام : الغسل صاع من ماء ، والوضوء مد ، وصاع النبي صلى الله عليه وآله خمسة
أمداد ، والمد وزن مائتين وثمانين درهما ، والدرهم وزن ستة دوانيق
والدانق ستة حبات ، والحبة وزن حبتي شعير من أوساط الحب لا من صغاره
ولا من كباره ( 2 ) .
بسط كلام لابد منه في تحقيق المقام
اعلم أن الاخبار اختلفت في تحديد الصاع والمد ، ونقلوا الاجماع من
الخاصة والعامة على أن الصاع أربعة أمداد ، والمشهور أن المد رطلان وربع
بالعراقي ، فالصاع تسعة أرطال به ، والمد رطل ونصف بالمدني فالصاع ستة
أرطال به ، بل الشيخ ادعى عليه الاجماع ، وذهب ابن أبي نصر من علمائنا إلى أن
المد رطل وربع ، والرطل العراقي على المشهور أحد وتسعون مثقالا ، ومائة
وثلاثون درهما ، لانهم اتفقوا على أن عشرة دراهم وزن سبعة مثاقيل ، والمثقال
الشرعي هو الدينار الصيرفي المشهور ، والدينار ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي ،
والدرهم على المشهور ستة دوانيق ، والدانق وزن ثمان حبات من أوسط
* ( هامش ص 350 ) * ( 1 ) كتاب سليم ص 119 ط نجف .
( 2 ) معانى الاخبار ص 249 .
[351]
حب الشعير .
فظهر أن هذاالخبر يخالف المشهور بوجوه :
الاول في عدد الامداد ، وقد عرفت اتفاقهم على الاربعة ، ويدل عليه
أخبار صحاح كصحيحة الحلبي ( 1 ) وصحيحة عبدالله بن سنان ( 2 ) وصحيحة
زرارة ( 3 ) .
ويؤيد هذا الخبر في عدد الامداد مارواه الشيخ في الموثق ( 4 ) باسناده
عن سماعة قال : سألته عن الذي يجزي من الماء للغسل ؟ فقال : اغتسل رسول
الله صلى الله عليه وآله بصاع وتوضأ بمد . وكان الصاع على عهده خمسة أمداد ، وكان المد
قدر رطل وثلاث أواق .
لكن فيه إجمال من جهة الرطل ، لاشتراكه بين العراقي الذي عرفت وزنه
وبين المدني الذي هو رطل ونصف بالعراقي ، وبين المكي الذي هو رطلان بالعراقي ،
ومن جهة الاوقية أيضا إذ تعلق على أربعين درهما ، وعلى سبعة مثاقيل لكن الاول
أشهر في عرف الحديث وفي عرف الاطباء عشرة مثاقيل وخمسة أسباع درهم ، كما
ذكره الجوهري والمطرزي وغيرهما ، وعلى التقادير لا ينطبق على شئ من التقديرات
نعلم لو حمل الرطل على المدني والاوقية على سبعة مثاقيل يقرب من الصاع
المشهور .
الثاني في تقدير المد ، فانه على المشهور مائتا درهم واثنان وتسعون درهما
ونصف درهم ، وعلى هذا الخبر مائتان وثمانون درهما .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 351 سطر 19 إلى صفحه 359 سطر 18

الثالث في عدد حبات الدانق فانها على المشهور ثمان حبات ، وعليه اثنتا
عشرة حبة .
الرابع في مقدار الصاع إذا الصاع على المشهور ألف ومائة وسبعون درهما
* ( هامش ص 351 ) * ( 1 - 2 ) التهذيب ج 1 ص 371 ط حجر ج 4 ص 81 ط نجف .
( 3 ) التهذيب ج 1 ص 38 ط حجر ج 1 ص 136 ط نجف .
( 4 ) التهذيب ج 1 ص 136 ط نجف ص 38 ط حجر .
[352]
ومافي هذا الخبر إذاحسب على الدراهم المشهورة يصير ألفين ومائة درهم .
الخامس في مقدار الدرهم ، فانه على المشهور ثمان وأربعون حبة من الشعير
وعلى هذا الخبر اثنتان وسبعون حبة والمشهور أنسب بما عيرنا المثقال الصيرفي به
لانا عيرناه فكان ببعض الشعيرات اثنتين وثمانين ، وببعضها أربعا وثمانين ، وببعضها
أكثر بقليل وببعضها أكثر بكثير ، والدرهم على ماعرفت نصف المثقال الصيرفي
وربع عشرة .
وما مر من خبر الهمداني موافق للمشهور ، إذ المراد بالوزنة الدرهم
ولمارواه الشيخ ( 1 ) عن علي بن حاتم عن محمد بن عمرو عن الحسين بن الحسن
الحسنى عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال : اختلفت الروايات في الفطرة فكتبت
إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام أسأله عن ذلك فكتب : إن الفطرة صاع من قوت
بلدك ، وساق الحديث إلى أن قال عليه السلام : تدفعه وزنا ستة أرطال برطل المدينة
والرطل مائة وخمسة وتسعون درهما ، تكون الفطرة ألفا ومائة وسبعين درهما
وعلى ماذكره الفيروزآبادي من أن الوزنة المثقال فلا يناسب هذا الخبر .
وأما خبر ابن أبي عمير فالقفيز مشتبه لترديد اللغويين فيه ، قال الفيروز -
آبادي : القفيز مكيال ثمانية مكاكيك ، وقال : المكوك كتنور مكيال يسع صاعا
ونصفا أونصف رطل إلى ثمان أواقي ، أو نصف الويبة ، والويبة اثنان وعشرون أو أربعة
وعشرون مدا بمد النبي صلى الله عليه وآله انتهى ، فلا يمكن استنباط حكم منه على التحقيق
فبقي التعارض بين خبر المروزى وخبر الهمداني ، ويمكن الجمع بينهما بوجوه :
الاول ما اختاره الصدوق - ره - كما يظهر من الفقيه : بحمل خبر
المروزى على صاع الغسل ، وخبر الهمدانى على صاع الفطرة ، حيث ذكر الاول
في باب الغسل ( 2 ) والثاني في باب الفطرة ( 3 ) وقد غفل الاصحاب عن هذا ، ولم
* ( هامش ص 352 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 371 ط حجر ، ج 4 ص 79 ط نجف .
( 2 ) فقيه من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 23 .
( 3 ) الفقيه ج 2 ص 115 .
[353]
ينسبوا هذا القول إليه ، مع أنه قدصرح بذلك في كتاب معاني الاخبار حيث قال :
" ( باب في معنى الصاع والمد والفرق بين صاع الماء ومده وبين الصاع طعام ومده ) "
ثم ذكر الروايات الثلاث المتقدمة ، والقول باختلاف مقدار الصاع في الموضعين ،
وإن كان بعيدا لكن من مقام الجمع ليس ببعيد .
بل نقول : الاعتبار والنظر يقتضي الاختلاف ( 1 ) إذ معلوم أن الرطل
* ( هامش ص 353 ) * ( 1 ) أقول : قد كان مدارا التعامل والتبادل صدر الاسلام وبعده بكثير - على المكاييل
وتعيين المقادير بها ، ففى المبادلات المتعارفة اليسيرة كانوا يكتالون بصغارها خصوصا في
الرساتيق والقرى ، لاعواز الموازين والصنجات عندهم وسهولة الحساب عليهم بالمكاييل
دون الموازين ، وفى المبادلات الكثيرة يتعاطون بكبارها حتى في المدن ومراكز الصنعة
لفقدان الموازين الكبيرة التى تقدر أن تنوء بحمل المآت والالوف .
وكان أصل المقياس على العدد المعروف 12 ، فاثنا عشر حبة درهم واثنا عشر درهما اقة
- وهذه أوزان متعارفة متداولة واثنا عشر أقة جعلت بصورة كيل مصنوع من الفلزات كالكاس و
الجام ، ويعرف بالرطل ، ثم اثنا عشر رطلا مكوك واثنا عشر مكوكا اردبة وهى حجم ذراع مكعبا
والذراع قدمان وكل قدم اثنا عشر اينشا ، ويكون اربعون أردبة كرا ، ومنه قولهم : البرالكر
منه بستين درهما ، ولكن لا يذهب عليك أن هذه السلسلة تبتنى على الرطل العراقى فقط .
ومن الاصل 12 ( ؟ ) 12 : جين اثنا عشر عددا والقراصة اثنا عشر جينا ، ومثله
القدم والشبر اثنا عشر اينشا ، والبريد اثنا عشر ميلا وغير ذلك مما لايحضرنى الان .
وهناك مكاييل اخرى من الفروع يتبنى على غير هذا الاصل وقد يتداخل : كالمد
رطلان والصاع ثمانية أرطال وستون صاعا وسق ويسمى حمل بعير ووقر حمار ، وثمانية
مكوك قفيز وستون قفيزا كرالى غيرذلك .
والمكيال الذى كان متداولا في صدر الاسلام ، ويبنون عليه في تكثير مكاييلهم وتكسيرها
الرطل ، ولم يكن لهم في تقديره ولا مقياسه صنع ، لكونهم أميين لا يعرفون الحساب ولا
الميزان ، ولا صنعة لهم في عمل الظروف وتقديرها ولذلك اختلف معيار الرطل عندهم ، واشتبه عليهم
معيار سائر المكاييل المبتنية عليه :
تداولت قريش في مكة رطلا بينهم ، ولعلهم جاءوا بها من الشام ، وتداولت أهل
[354]
والمد والصاع كانت في الاصل مكائيل معينة ، فقد رت بوزن الدارهم وشبهها
صونا عن التغيير الذي كثيرا ما يتطرق إلى المكائيل ، ومعلوم أن الاجسام
المختلفة يختلف قدرها بالنسبة إلى كيل معين ، فلا يمكن أن يكون الصاع من
* ( هامش ص 354 ) * المدينة وهم من مهاجرة اليمن الاولى رطلا آخر بينهم وهو ثلاثة أرباع المكى والمكى
رطل وثلث بالمدنى ، ثم عرفوا في العراق بعد فتحه رطلا آخر وهو نصف الرطل المكى
وثلئا الرطل المدنى ، فالمكى رطلان بالعراقى والمدنى رطل ونصف به .
وأما رسول الله صلى الله عليه وآله : اختار الرطل المكى حيث كان يطابق المكيال الطبيعى
الفطرى وهو ملء الكفين حنطة وشعيرا ، وسماه مدا بمناسبة أن الكائل يمد يده بهما إلى
المكتال ، وهو الذى يشبع نفسا واحدة ليوم وليلة ، فقدر به بعض الكفارات ككفارة الاطعام
في القسم .
ثم جعل الصاع أربعة أمداد ، وهو الذى يشبع عائلة بين العيلتين : من زوج وثلاثة
أولاد ، فقدر به فطر الصائم ، ولانعلم أن صاعه هذا كان من المكاييل المقدرة قبلا ، وهو
الذى أشيربه في قوله تعالى " نفقد صواع الملك " أو كان عنده صلى الله عليه وآله ظرفا يسع أربعة أمداد
فقدره لذلك ، وكيف كان ، لا ريب أن مده وصاعه صلى الله عليه وآله كان لتقدير الحبوبات ، لا للماء
كما هو ظاهر .
فمعنى أنه كان صلى الله عليه وآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع : أنه يملا المدماء ويتوضأ به ، ويملا
الصاع ماء ويغتسل به ، ومعلوم أن الماء يزيد وزنه على الشعير والحنطة بثمن وزنه كما
وزنته بل واكثر ، فالمد الشرعى اذا كان للوضوء يزن رطلا وثمنا بالمكى ورطلين وربعا
بالعراقى كماعليه الاجماع واذا كان لكفارة الاطعام يسقط عنه الكسور .
ويدل على ما ذكرناه موثقة سماعة أيضا وقد طرحوها حيث لم يتدبروا فيها فلم يعرفوا
وجهها قال : سألته عن الذى يجزى من الماء للغسل فقال : اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله
بصاع وتوضأ بمد ، وكان الصاع على عهده صلى الله عليه وآله خمسة أمداد ، وكان المدقدر رطل وثلاث
أواق " .
[355]
الماء موافقا للصاع من الحنطة والشعير وشبههما ، فلذا كان الصاع والمد
والرطل المعتبرفي الوضوء والغسل وأمثالهما أثقل مما ورد في الفطرة والنصاب
وأشباههما ، لكون الماء أثقل من تلك الحبوب مع تساوي الحجم كما هو المعلوم
عند الاعتبار ، فظهر أن هذا أوجه الوجوه في الجمع بين الاخبار .
* ( هامش ص 355 ) * فان المدار في السؤال على مد الوضوء وصاع الغسل ، والجواب على طبقه ، فان
الرطل المذكور فيه هوالرطل المكى ، والثلاث أواق بالرطل العراقى لما عرفت أن سلسلة
المكاييل 12 ( ؟ ) 12 اعتبرت بالعراقى ، وهو الذى كان عياره اثنى عشر أقة وأما المكى
والمدنى فلا يعلم كونهما رطلا الا بالتسمية ، ولو كان لهما أصالة ابتنيت عليهما فروع لكان
عند الروم واليمان ولم يصل الينا سلسلة مكاييلهم ، وهذه الثلاث أواق وان كان ربع رطل
بالعراقى لكنه ثمن رطل بالمدنى فيكون مدالوضوء رطل وثمن رطل بالمكى .
ولهذه الدقيقة قال عليه السلام " قدر رطل وثلاث أواق " ولم يقل " قدر رطل و
ربع " ، ولغفلة البزنطي - رحمه الله - من هذه الدقيقة وتعويله على حديث سماعة قال : بأن
المدرطل وربع ، فعد شاذا .
وأما كون صاع النبى حين يغتسل خمسة أمداد كما في الموثقة وضعيفة المروزى ،
فعلى هذا الحساب ينقص بنصف رطل تقريبا ، بمعنى أن صاع النبى كان يسع من الماء
أربعة أمداد ونصفا لاخمسة أمداد ، فان كان ورود ذلك على التسامح ، صح حمل كلام
الصدوق رحمه الله على ماحمله المؤلف العلامة ههنا ، وان كان على التحقيق والتدقيق
كان محمولا على ماحمله والده رحمه الله من أن كان له صلى الله عليه وآله صاعا يسع خمسة أمداد
يغتسل هو مع بعض نسائه .
وأما الروايات الواردة في تعيير المد والصاع بوزن الدرهم والمثقال ، فبعضها
واردة على مد الوضوء وصاع الغسل ، وبعضها على مد الطعام وصاع الفطرة ولابد أن يتحرر
وليس هنا موضعه ، والاحسن أن نعمد إلى ملءالكفين فنفرغه في اناء ونحدده ليكون
مدا للطعام ثم نملاهاالى هذا الحد ماء ونتوضأ به ، وهكذا في الصاع ، والامر فيه تابع
للسنة والفطرة معا كماعرفت .
[356]
الثاني : ماذكره والدي العلامة - رفع الله مقامه - حيث حمل خبر المروزي
على الصاع الذي اغتسل به رسول الله صلى الله عليه وآله مع زوجته إذ هو قريب من صاعين
بالتحديد المشهور ويكون النقص للاشتراك .
ويؤيده ما رواه الصدوق ( 1 ) في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال :
اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله هو وزوجته من خمسة أمداد من إناء واحد ، فقال زرارة :
كيف صنع ؟ فقال بدأ هو وضرب يده في الماء قبلها ، فأنقى فرجه ، ثم ضربت هي
فأنقت فرجها ثم أفاض هو وأفاضت هي على نفسها ، حتى فرغا فكان الذي اغتسل
به النبي صلى الله عليه وآله ثلاثة أمداد ، والذي اغتسلت به مدين ، وإنما أجزأ عنهما لانهما
اشتركافيه جميعا ، ومن انفرد بالغسل وحده فلا بد له من صاع .
وروى الكليني في الصحيح ( 2 ) عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : سألته
عن [ وقت ] غسل الجنابة كم يجزي من الماء ؟ فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل
بخمسة أمداد بينه وبين صاحبته ، ويغتسلان جميعا من إناء واحد .
وروى الشيخ في الصحيح ( 3 ) عن معاوية بن عمارقال : سمعت أبا عبدالله
عليه السلام يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل بصاع ، وإذاكان معه بعض نسائه
يغتسل بصاع ومد .
فقدظهر من الاول والثالث أن النقصان من الصاعين لاجل الاشتراك ، بل
نقول الثلاثة الامداد التي اغتسل بها رسول الله لا تتفاوت مع الصاع المشهور بكثير
ويمكن الجمع بين خبر سماعة وسائر الاخبار أيضا بهذا الوجه ، إذ التفاوت بين
الثلاثة الامداد التي وقعت في هذا الخبر وبين الصاع الذي يظهر من خبر سماعة
ليس إلا بقدر سبعة مثاقيل شرعية على بعض الوجوه ، ومثل هذا التفاوت لايعتد به
في أمثال تلك المقامات ، التي بنيت على التخمين والتقريب ، بل قلما لا تتفاوت
* ( هامش ص 356 ) * ( 1 ) الفقيه ج 1 ص 24 .
( 1 ) الكافى ج 2 ص 22 ، ورواه في التهذيب ج 1 ص 137 ط نجف .
( 3 ) التهذيب ج 1 ص 137 ط نجف .
[357]
المكائيل والموازين والمياه خفة وثقلا بمثل هذه الاقدار ، والله يعلم حقايق
الاحكام وحججه الاخيار .
الثالث حمل خبر المروزي على الفضل والاستحباب .
ثم اعلم أن الصاع والرطل وغيرهما بني الاصحاب تحديدها على وزن
الشعير ، وهويختلف كثيرا بحسب البلاد ، بل في البلد الواحد ، ولذابناه الوالد
قدس الله لطيفه على المتفق عليه من النسبة بين الدينار والدرهم ، وعدم تغيير
الدينار في الجاهلية والاسلام ، على ما ذكره المؤالف والمخالف ، فيكون الصاع
ستمائة مثقال وأربعة عشر مثقالا وربع مثقال ، بالمثقال الصيرفي ، فيزيدعلى
المن التبريزي أعني نصف المن الشاهى بأربعة شعر مثقال وربع ، ومنه يظهر لك
تقدير الرطل والمد بمعانيهما بما عرفت من النسبة بينهما .
وقد بسطنا الكلام في تلك الاوزان وتحقيقها على كل قول وكل خبر في
رسالتنا المعمولة لذلك ، ولذا اختصرنا ههنا فمن أراد غاية التحقيق فليرجع إليها
فانا قد تكلمنا فيه بما لا مزيد عليه .
[358]
* ( باب 9 ) *
* ( من نسى أوشك في شئ من أفعال الوضوء ) *
* ( ومن تيقن الحدث وشك في الطهارة ) *
* ( والعكس ومن يرى بللا بعد الوضوء ) *
* ( وقد أوردنا بعض أحكام البلل في باب الاستنجاء ) *
1 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن أخيه
عليه السلام قال : سألته عن رجل توضأ ونسي غسل يساره ، قال : يغسل يساره وحدها
ولا يعيد وضوء شئ غيرها ( 1 ) .
قال : وسألته عن رجل يكون على وضوء ويشك على وضوء هو أم لا ؟ قال :
إذا ذكر وهو في صلاته انصرف وتوضأ وأعادها ، وإن ذكر وقد فرغ من صلاته
أجزأه ذلك ( 2 ) .
قال : وسألته عن رجل يتكئ في المسجد فلا يدري نام أم لا ؟ هل عليه
وضوء ؟ قال : إذا شك فليس عليه وضوء ( 3 ) .
بيان : قوله : " ولا يعيد وضوءشئ غيرها " أي مما تقدم ، مع الحمل
على عدم الجفاف ، ويمكن أن يقال : المراد بالوضوء الغسل وهوأقرب إلى
المعنى اللغوي فلا يحتاج إلى القيد الاول ، وربما يحمل على التقية لموافقته
لمذاهبهم ، قوله عليه السلام : " انصرف وتوضأ " لعله محمول على الاستحباب بقرينة
* ( هامش ص 358 ) * ( 1 و 2 ) قرب الاسناد ص 108 ط نجف ص 83 ط حجر .
( 3 ) قرب الاسناد ص 109 ط نجف ص 83 ط حجر .
[359]
الحكم بالاجزاء بعد الصلاة ( 1 ) وأما الحكم الثالث فلا خلاف أن الشك في الحدث
بعد تيقن الطهارة غير موجب للوضوء .
2 - الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمدبن عيسى اليقطيني ،
عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ،
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : من كان على يقين فشك فليمض
على يقينه ، فان الشك لا ينقض اليقين ( 2 ) .
بيان : يدل على وجوب الوضوء مع تيقن الحدث والشك في الطهارة ،
ولا خلاف فيه أيضا .
3 - العيون : عن أبيه ، عن سعد بن الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن
محمد بن سهل ، عن أبيه قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يبقى من وجهه
* ( هامش ص 359 ) * ( 1 ) قيل : " ويمكن حمله على أن المراد بالوضوء الاستنجاء فيكون تيقن حصول
النجاسة وشك في ازالتها عليه أن يزيلها ويعيد الصلاة الا أن يخرج الوقت " ولكن
ظاهر الحديث لاينطبق عليه ، فان تيقن حصول النجاسة في موضع الاستنجاء لايكون الا
بنقض الوضوء .
وعندى أنه يحمل على ما اذا غفل الرجل عن نفسه وعن وكائه لشغل كان أهمه ،
فلا يحفظ أحواله كالمغمى عليه والسكران حيث يكون اطلاق وكاء السه أمارة على خروج
الريح ونقض الطهارة ، فلا يبقى مجال لاستصحاب الطهارة .
وقد يكون الرجل فساء عادة وطبعا ، بحيث لا يحفظ وضوءه الالتمام الصلاة ، فهو


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 359 سطر 19 إلى صفحه 367 سطر 18

لا يشك في نقض طهارته الا اذا غفل عن نفسه بشغل قد أهمه ، فلا يدرى أكان على طبعه أولا
فالظاهر من حاله أنه ناقض للطهارة وشكه في بقائها موهوم يحتمل بالاحتمال البعيد ، فلا
ريب حينذاك أنه لا مجال لاستصحاب بقاء الطهارة اذا قلنا بحجيته من باب سيرة العقلاء ،
كما هو الحق .
( 2 ) الخصال ج 2 ص 160 ، وهذا الحديث وما في معناه ارشاد إلى سيرة العقلاء
والمراد بالشك الشك الموهوم بوسوسة الشيطان لا الاصطلاحى الذى يشمل الظاهر .
[360]
إذاتوضأ موضع لم يصبه الماء ، فقال : يجزيه أن يبله من بعض جسده ( 1 ) .
بيان : حمل على تحقق الجريان بالمسح .
4 - قرب الاسناد : عن محمد بن الخالد الطيالسي ، عن إسماعيل بن عبد -
الخالق قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يبول وينتفض ويتوضأ ثم يجد البلل بعد ذلك ؟ قال : ليس ذلك شيئا إنما ذلك من الحبايل ( 2 ) .
بيان : الظاهر أن الانتفاض كناية عن الاستبراء ، ويحتمل الاستنجاء ، قال
في النهاية : فيه أبغني أحجارا أستنفض بها ، أي أستنجي بها ، وهو من نفض الثوب لان
المستنجي ينفض عن نفسه الاذى بالحجر ، أي يزيله ويدفعه ، ومنه حديث ابن
عمر أنه كان يمر بالشعب من مزدلفة فينتفض ويتوضأ ومنه الحديث اتي بمنديل
فلم ينتفض به أي لم يتمسح به
5 - كتاب عاصم بن حميد : عن أبي بصير قال : سألت أباعبدالله عليه السلام
عن الرجل يتوضأ ثم يرى البلل على طرف ذكره فقال : يغسله ولا يتوضأ .
بيان : لعل الغسل محمول على الاستحباب .
6 - فقه الرضا : قال عليه السلام : إن وجدت بلة في أطراف إحليلك وفي
ثوبك بعد نتر إحليلك وبعد وضوئك - فقد علمت ما وصفته لك من مسح أسفل
انثييك ونتر إحليلك ثلاثا - فلا تلتفت إلى شئ منه ، ولا تنقض وضوءك له ، ولا
تغسل منه عنه ثوبك ، فان ذلك من الحبايل والبواسير ، فان شككت في الوضوء وكنت
على يقين من الحدث فتوضأ ، وإن شككت في الحدث وكنت على يقين من الوضوء
فلا ينقض الشك اليقين ، إلا أن تستيقن ، وإن كنت على يقين من الوضوء و
الحدث ولاتدري أيهما سبق فتوضأ ، وإن توضأت وضوء تاما وصليت صلاتك
أولم تصل ثم شككت فلم تدر أحدثت أم لم تحدث ، فليس عليك وضوء ، لان
اليقين لا ينقضه الشك ( 3 ) .
* ( هامش ص 360 ) * ( 1 ) العيون ج 2 ص 22 .
( 2 ) قرب الاسناد ص 60 ط حجر .
( 3 ) فقه الرضا ص 1 .
[361]
توضيح وتنقيح
اعلم أن الخبر يشتمل على أحكام : الاول أن الاستبراء مشتمل على مسحتين
لا ثلاث كما عرفت .
الثاني عدم انتفاض الوضوء بما يراه من البلل بعد الاستبراء ، ولا خلاف
فيه بين الاصحاب ، لكن حملوه على المشتبه ، إذ مع العلم بكونه بولا ينقض ،
ومع العلم بكونه ماء آخر يلزمه حكمه ، ولفظ البواسير ( 1 ) كأنه زيد من النساخ
أو المراد به البلل الذي يرى من الدبر ، لكن لا دخل للاستبراء فيه ، إلا مع حمله
على بلل لا يعلم خروجه من القبل أو الدبر ، وفي حكمه إشكال .
الثالث يدل بمفهومه على الانتقاض ، بالبلل المشتبه مع عدم الاستبراء ، ولا
خلاف فيه أيضا ظاهرا ونقل ابن إدريس عليه الاجماع .
الرابع : أنه إذا تيقن الحدث وشك في الوضوء يجب عليه الوضوء ، و
الظاهر أنه إجماعي لكن في يقين الحدث وظن الوضوء إشكال ( 2 ) والاحوط
عدم اعتباره كما هو الاشهر .
الخامس أنه إذا تيقن الوضوء وشك في الحدث لا يلزمه الطهارة وادعى
عليه المحقق وجماعة الاجماع ، ولا فرق بين أن يكون الحدث مشكوكا أو
مظنونا ، كما صرح به المحقق في المعتبر ، والعلامة في المنتهى وغيره ، وهو
الظاهر من الاخبار ، وربما يستشكل فيه .
السادس أن يجب عليه الوضوء مع تيقنهما والشك في المتأخر ، وقد
اعترف المتأخرون بعدم النص فيه ، وإنما تمسكوا بالعمومات والادلة العقلية
فالاشهر بينهم وجوب الوضوء كما هو مدلول الخبر .
ونقل العلامة في التذكرة عن الاصحاب قولين آخرين : أحدهما أنه إن
* ( هامش ص 361 ) * ( 1 ) لكنه مذكور في الهداية كما سيجئ تحت الرقم 8 .
( 2 ) وذلك لجريان أصل الاشتغال وتقدمه على الاستحباب والظاهر .
[362]
لم يسبق له وقت يعلم حاله فيه أعاد ، وإن سبق بنى على ضد تلك الحالة ، و
ثانيهما أنه يراعي في الشئ الاخير الحالة السابقة إن محدثا فمحدث ، وإن
متطهرا فمتطهر .
ثم قال : والاقرب أن نقول : إن تيقن الطهارة والحدث متحدين متعاقبين
ولم تسبق حالة علم على زمانهما تطهر ، وإن سبق استصحب وأدلة الاقوال وما يرد
عليها مذكورة في مظانها .
7 - السرائر : مما أخذ من كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن
عبدالكريم بن عمرو ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذابدأت
بيسارك قبل يمينك ومسحت برأسك ورجليك ثم استيقنت بعد أنك بدءت بها
غسلت يسارك ، ثم مسحت رأسك ورجليك ، وإذا شككت في شئ من الوضوء
وقد دخلت في غيره ، فليس شكك بشئ ، إنما الشك إذا كنت في شئ و
لم تجزه ( 1 ) .
بيان : ماتضمنه أول الخبر من الاعادة مع مخالفة الترتيب على ما يحصل
معه الترتيب فلا خلاف فيه بين الاصحاب ، سواء كان عمدا أو سهوا مع بقاء البلل
في الاعضاء السابقة وإلا فيستأنف الوضوء .
ثم الظاهر من الخبر الاكتفاء باعادة اليسار ، وأنه لا يلزم إعادة اليمين
كما صرح به المحقق في المعتبر وغيره ، ولكن يدل بعض الاخبار على إعادة
ما خولف فيه الترتيب كاليمين هنا ، وربما يؤيد ذلك بأن اليمين المسغولة بعد
اليسار في حكم العدم ، ولا يخفى ضعفه ، والاخبار أكثرها قابلة للتأويل ، ويظهر
من الصدوق في الفقيه ، ( 2 ) التخيير ، حيث قال : قال أبوجعفر عليه السلام : تابع بين الوضوء
كما قال الله عزوجل ابدأ بالوجه ، ثم باليدين ، ثم امسح بالرأس والرجلين
ولاتقد من شيئا بين يدي شئ تخالف ما امرت به ، فان غسلت الذراع قبل الوجه
* ( هامش ص 362 ) * ( 1 ) السرائر ص 475 .
( 2 ) الفقيه ج 1 ص 28 و 29 .
[363]
فابدأ بالوجه وأعد على الذراع ، وإن مسحت الرجل قبل الرأس فامسح على الرأس
ثم أعد على الرجل ، ابدأ بمابدء الله به .
ثم قال : وروي في حديث آخر فيمن يبدأ بغسل يساره قبل يمينه ، أنه يعيده
على يمينه ثم يعيد على يساره ، وقد روي أنه يعيد على يساره انتهى .
وإنما قلنا إن ظاهره التخيير ، لان هذا دأبه فيما لا يجمع بينهما من
الخبرين المتنافيين ، لكن يمكن حمل الخبر الاول على ماإذا لم يغسل الوجه
ولم يمسح على الرأس بقرينة أن في الثاني من كل منهما عبر لفظ الاعادة
دون الاول ، على أنه يحتمل أن يكون المراد بقوله " ابدأ بالوجه " اجعله
مبتدأ فعلك .
ويمكن حمل قوله : " يعيد على يمينه " على أن المراد بالاعادة أصل الفعل
مجازا لمشاكلة قوله : " ثم يعيد على يساره " وقديقال في إعادة غسل الوجه :
أن الوجه فيه عدم مقارنة النية ، وفيه نظر .
8 - الهداية : كل من شك في الوضوء وهو قاعد على حال الوضوء
فليعد ، ومن شك في الوضوء وقدقام عن مكانه ، فلايلتفت إلى الشك ، إلا أن
يستيقن ، ومن استنجى على ما وصفنا ثم رأى بعد ذلك بللا فلا شئ عليه ، وإن
بلغ الساق ، فلا ينقض الوضوء ، ولايغسل منه الثوب ، لان ذلك من الحبائل
والبواسير ، ولا بأس أن يصلي الرجل بوضوء واحد صلوات الليل والنهار كلها
مالم يحدث ( 1 ) .
* ( هامش ص 363 ) * ( 1 ) الهداية ص 17 ط قم .
[364]
* ( باب 10 ) *
* ( حكم صاحب السلس والبطن ، وأصحاب ) *
* ( الجباير ووجوب ازالة الحايل عن الماء ) *
1 - قرب الاسناد : عن عبدالله بن الحسن ، عن جده علي بن جعفر ، عن
أخيه عليه السلام قال : سألته عن الرجل عليه الخاتم الضيق لايدري يجري الماء تحته
إذا توضأ أم لا ؟ كيف يصنع ؟ قال : إذا علم أن الماء لا يدخله فليخرجه إذا
توضأ ( 1 ) .
قال : وسألته عن المرأة عليها السوار والدملج بعضدها وفي ذراعها لا تدري
يجري الماء تحته أم لا كيف تصنع إذا توضأت واغتسلت ؟ قال : تحركه حتى يجري
الماء تحته أو تنزعه ( 2 ) .
بيان : قوله عليه السلام : " إذا علم " يدل على أنه مع الشك بل مع ظن عدم
وصول الماء لا يجب الاخراج ، ولم يقل به ظاهراأحد إلا أن يحمل العلم على
الاحتمال بقرينة السؤال الثاني ، والسوار بالكسر من حلية اليد معروف ،
والدملج بالدال واللام المضمومتين شبيه بالسوار تلبسه المرأة في عضدها ، و
يسمى المعضد .
2 - كتاب عاصم بن حميد : عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام
عن الاقطع اليد والرجل قال : يغسلهما .
بيان : اعلم أن قطع اليد إماأن يكون من تحت المرفق فيجب غسل الباقي
* ( هامش ص 364 ) * ( 1 و 2 ) قرب الاسناد ص 83 ط حجر وص 108 ط نجف .
[365]
إجماعا أو من فوقه فيسقط الغسل ونقل عليه في المنتهى الاجماع ، لكن ظاهر
ابن الجنيد أنه يغسل مابقي من عضد أو من نفس المفصل ، فمن قال بوجوب
غسل المرفق أصالة ، قال بوجوب غسل رأس العضد ، ومن قال بوجوب غسله من
باب المقدمة قال بسقوط الغسل وظاهر الخبر الاول ، ويحتمل الاجتزاء والاعم
احتمالا راجحا وشموله للوسط أيضا ليوافق رأي ابن الجنيد بعيد .
واحتمل الوالد قدس سره احتمالات اخر لا يخلو من لطف ، وهو أن
يكون غرض السائل السؤال عن تغسيل العضوين المقطوعين ، فأمر عليه السلام بتغسيلهما
لاشتمالهما على العظم ، وإن ابينا من حي ، فان الشهيد وجماعة قالوا بوجوب
غسل العضوذي العظم ، وإن ابين من حي ، ويؤيده أن في الحمل الاول
لابد من ارتكاب تكلف في الغسل باعتبار تلقه بالرجل إما بتقية أو بتغليب .
ويؤيد الاول ما رواه الشيخ - رحمه الله - في الصحيح أيضا عن رفاعة ( 1 ) عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن الاقطع اليد والرجل كيف يتوضأ ؟ قال :
يغسل ذلك المكان الذي قطع منه ، وفي هذا الخبر القطع من نفس المفصل
أظهر .
3 - العيون : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمدبن عيسى
عن الحسن بن علي الوشا قال : سألت الرضا عليه السلام عن الدواء يكون على يدي
الرجل أيجزيه أن يمسح في الوضوء على الدواء المطلي عليه ؟ قال : نعم يمسح
عليه ويجزيه ( 2 ) .
بيان : هذا هو المشهور بين الاصحاب ، مع الحمل على مالم يمكن إزالته .
4 - قرب الاسناد : عن محمد بن عيسى وأحمد بن إسحاق معا ، عن
سعدان بن مسلم قال : كتبت إلى أبي الحسن موسى عليه السلام في خصي يبول فيلقي
من ذلك شدة ويرى البلل بعد البلل ، قال : يتوضأثم ينزح في النهار مرة
* ( هامش ص 365 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 102 ط حجر .
( 2 ) عيون الاخبارج 2 ص 22 ورواه في التهذيب ج 1 ص 103 ط حجر .
[366]
واحدة ( 1 ) .
توضيح ذهب جماعة من الاصحاب منهم الشهيد في الذكرى والدروس
إلى العفو عن نجاسة ثوب الخصي ، يتواتر بوله ، إذا غسله في النهار مرة واحدة
واحتجوا بهذه الرواية ، وفي الفقيه ( 2 ) " ثم ينضح ثوبه " ويمكن حمله على
ما إذا لم يعلم أنه بول كما هوالغالب في أحوالهم ، فيحمل النضح على الغسل .
ثم اعلم أن التوضأ هنا يحتمل الوضوء المصطلح والاستنجاء .
5 - فقه الرضا : قال عليه السلام : إن كان بك في المواضع التي يجب عليها
الوضوء قرحة أو دماميل ولم يؤذك فحلها واغسلها ، وإن أضرك حلها فامسح يدك
على الجباير والقروح ، ولا تحلها ، ولا تعبث بجراحتك .
وقد نروي في الجباير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : يغسل ماحولها ( 3 ) .
بيان : هذا الكلام كله مع الرواية بهذا الوجه مذكور في الفقيه بتبديل
صيغ الخطاب بالغيبة ( 4 ) وظاهره القول بالتخيير .
6 - الاختصاص : عن عبدالله - رحمه الله - عن أحمد بن علي بن شاذان
عن محمد بن علي بن الفضل الكوفي ، عن الحسين بن محمد بن الفرزدق ، عن محمد بن
علي بن عمرويه ، عن الحسن بن موسى ، عن محمد بن عمر الانصاري ، عن معمر
عن أبيه ، عن عبدالله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا توضأ للصلاة حرك خاتمه ثلاثا ( 5 ) .
7 - العياشى : عن إسحاق بن عبدالله بن محمد بن علي بن الحسين ، عن الحسن بن
زيد ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن الجباير
* ( هامش ص 366 ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 178 ط نجف .
( 2 ) الفقيه ج 1 ص 43 .
( 3 ) فقه الرضا ص 1 .
( 4 ) الفقيه ج 1 ص 28 .
( 5 ) الاختصاص : 160 ذيل حديث ابن دأب .
[367]
تكون على الكسير كيف يتوضأ صاحبها ؟ وكيف يغتسل إذا أجنب ؟ قال : يجزيه
المسح بالماء عليها في الجنابة والوضوء ( 1 ) .
8 - ومنه : عن عبدالاعلى مولى آل سام قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام :
إنه عثربي فانقطع ظفري فجعلت على أصبعي مرارة كيف أصنع بالوضوء للصلاة ؟
قال : فقال عليه السلام : تعرف هذا وأشباهه في كتاب الله تبارك وتعالى " ما جعل عليكم
في الدين من حرج " ( 2 ) .
بيان : رواه في التهذيب ( 3 ) بسند حسن وزاد في آخره " امسح عليه " ويدل
على جواز الاستدلال بأمثال تلك العمومات ، وعلى أنه يفهم بعض القرآن غيرهم
ثم الظاهر أن المراد بالظفر ظفر الرجل لااليد ، بقرينة العثر ، فيدل على وجوب
استيعاب الرجل بالمسح طولا وعرضا ، ويمكن أن يقال : لعله انقطع جميع
أظفاره ، أو المعنى أن استحباب الاستيعاب يحصل بالمسح عليه ، وحمل المسح على
المسح على البقية بعيد .
ويمكن أن يكون المراد ظفر اليد ، فان العثر قد يصير سببا لذلك إذا
انجر إلى السقوط كما فهمه المحقق التستري - ره - حيث قال : الظاهر على القول
بأنه لا يجب مسح جميع ظهراليد في التيمم أن الاحوط أن يجمع مع هذا
الوضوء تيمما .
9 - كتاب المسائل لعلي بن جعفر : عن أخيه موسى عليه السلام قال : سألته
عن المرأة هل يصلح لها أن تمسح على الخمار ؟ قال : لا يصلح حتى تمسح


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 367 سطر 19 إلى صفحه 375 سطر 18

* ( هامش ص 367 ) * ( 1 ) تفسير العياشى ج 1 ص 236 وبعده : قلت فان كان في برد يخاف على نفسه
اذا أفرغ الماء على جسده ؟ فقرأ رسول الله صلى الله عليه وآله " ولا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم
رحيما " .
( 2 ) تفسير العياشى ج 1 ص 302 والاية في سورة الحج : 78 .
( 3 ) التهذيب ج 1 ص 103 .
[368]
على رأسها ( 1 ) .
تبيين وتفصيل : اعلم أن تحقيق تلك الاخبار يتوقف على بيان امور :
الاول : المشهور بين الاصحاب أن الجبيرة إماأن تكون على أعضاء الغسل
أو أعضاء المسح ، فان كان الاول ، فان أمكن نزعها وغسل العضو بدون ضرر و
مشقة أو تكرار الماء عليها بحيث يصل إلى العضو ويجري عليه مع طهارته أو إمكان
الاجراء عليه على وجه التطهير مع نجاسته ، وجب أحد الامرين ، فان أمكنا تخير
وإن أمكن أحدهما تعين ، وإن لم يمكن أحد الامرين يجب غسل ما عدا موضع
الجبيرة والمسح عليها .
وظاهر الاصحاب الاتفاق على تلك الاحكام ، والروايات تدل عليها ، و
إن كان ظاهر الصدوق والكلينى في الفقيه ( 2 ) والكافى ( 3 ) تجويز الاكتفاء بغسل
ما حول الجبيرة ، وقيل : لولا الاجماع المنقول لكان القول باستحباب المسح
صحيحا متجها .
وإن كانت الجبيرة على أعضاء المسح ، فان لم تستوعب محل المسح ، و
بقي قدر ما هو المفروض فلا إشكال ، وإن استوعبت ، فان أمكن نزعها والمسح
على البشرة مع طهارتها أو إمكان تطهيرها وجب ، ولايكفي تكرار الماء عليها بحيث
يصل إلى البشرة ، وإن لم يمكن مسح على الجبيرة إجماعا .
ثم الظاهر من الروايات وجوب استيعاب الجبيرة بالمسح كماهو المشهور
والشيخ في المبسوط جعل الاستيعاب أحوط ، وحسنه الشهيد - رحمه الله - في
الذكرى .
الثاني إذا أمكنه أن يضع موضع الجبيرة في الماء ، حتى يصل الماء إلى جلده
يجب عليه ذلك ، إذا لم يتضرر بذلك عند بعض الاصحاب لمارواه الشيخ في الموثق
* ( هامش ص 368 ) * ( 1 ) البحار ج 10 ص 252 .
( 2 ) الفقيه ج 1 ص 29 .
( 3 ) الكافى ج 3 ص 32 .
[369]
عن إسحاق بن عمار ( 1 ) عن أبي عبدالله عليه السلام في الرجل ينكسر ساعده أو موضع
من مواضع الوضوء ، فلا يقدر أن يحله لحال الجبر إذا جبر ، كيف يصنع ؟ قال :
إذا أراد أن يتوضأ فليضع إناء فيه ماء ، ويضع الجبيرة في الماء حتى يصل الماء
إلى جلده ، وقد أجزأ ذلك من غير أن يحله .
ويظهرمن الشيخ في كتاب الحديث ( 2 ) أنه غير قائل بوجوب ذلك ، حيث
حمل هذه الرواية على الاستحباب عند المكنة وعدم الضرورة ، والوجوب أحوط
وأظهر .
الثالث اعلم أن القوم صرحوا بالحاق الجروح والقروح بالجبيرة ، وبعضهم
ادعي الاجماع عليه ، ونص جماعة منهم على عدم الفرق بين أن تكون الجبيرة
مختصة بعضو أو شاملة للجميع ، وفي مبحث التيمم جعلوا من أسبابه الخوف من
استعمال الماء بسبب القرح والجرح ، من غير تقييد بتعذر وضع شئ عليهما
والمسح عليه .
نعم صرح العلامة في النهاية والمنتهى بهذا التقييد ، لكن في كلامه في الكتابين
وساير كتبه تشويق ، ويتلخص من الجميع أنه إذا كان في أعضاء الطهارة كسر
أو جرح أو نحوه من القرح ، وكان عليه جبيرة أو خرقة ، يجب غسل الاعضاء
الصحيحة ، أو مسحها ، والمسح إن تمكن على الجبيرة ، ونحوها إن لم يتمكن من
النزع والايصال بالتفصيل الذي علم سابقا ، وإن كان جرح مجرد أو كسر مجرد في
أعضاء الغسل ، ولم يتمكن من غلسهما ، وتمكن من مسحهما وجب ، ولولم يتمكن من
المسح أيضا فالاقرب عنده وضع خرقة أو نحوها عليهما والمسح عليها ان أمكن .
واحتمل احتمالين آخرين أيضا أحدهما عدم وجوب مسح الخرقة والاكتفاء
* ( هامش ص 369 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 120 ط حجر ، وص 426 ط نجف .
( 2 ) قال في التهذيب : هذا محمول على ضرب من الاستحباب ، لانا قد بينا أنه يجزى
من الجبائر أن يمسح عليها اذا لم يمكن حلها ، واذا أمكن حلها فلابد من ذلك ، وهذا
محمول على ما قلناه من الندب .
[370]
بغسل الصحيح ، والاخر الانتقال إلى التيمم ، وإن لم يتمكن من وضع الخرقة
والمسح عليها فالحكم الانتقال إلى التيمم ، ومنه يعلم حال ما إذا كان في موضع
المسح ، وإن كانا في غيرأعضاء الطهارة ، لكن لا يمكن وصول الماء بسببهما إلى
أعضاء الطهارة فينتقل إلى التيمم ويفهم من بعض كلماته التخيير بين الوضوء والتيمم
في بعض الصور .
وقال الشيخ - ره - في المبسوط في بحث الوضوء : إن كان على أعضاء الوضوء
جبائر أو جرح أوما أشبههما ، وكانت عليه خرقة مشدودة ، فان أمكنه نزعها
نزعها ، وإن لم يمكن مسح على الجبائر ، سواء وضعت على طهر ، أوغير طهر ،
والاحوط أن يستغرق جميعه ، وقال أيضا : ومتى أمكنه غسل بعض الاعضاء و
تعذر في الباقي غسل ما يمكنه به غسله ، ومسح على حايل مالا يمكنه غسله ، وإن
أمكنه وضع العضو الذي عليه الجباير في الماء وضعه فيه ، ولا يمسح على الجباير .
ثم قال في بحث التيمم : ومن كان في بعض جسده أو بعض أعضاء طهارته
مالا ضرر عليه ، والباقي عليه حراج أو عليه ضرر في إيصال الماء إليه ، جازله
التيمم ، ولايجب عليه غسل الاعضاء الصحيحة ، وإن غسلها وتيمم كان أحوط
سواء كان أكثرها صحيحا أو عليلا ، وإذا حصل على بعض أعضاء طهارته
نجاسة ، ولا يقدر على غسلها لالم فيه ، أو قرح أو جراح ، تيمم وصلى ، ولا
إعادة عليه انتهى .
وكلامه يحتمل ضربين من التأويل : أحدهما أن يخص الحكم الاول بما
يكون عليه خرقة مشدودة ، والثاني بما لا يكون عليه خرقة ، وثانيهما بالتخيير بين
الوضوء والتيمم كمايشعر به قوله : " جازله التيمم .
وقال في النهاية في بحث الوضوء : فان كان على أعضاء طهارة إنسان جباير
أو جرح أو ما أشببهمما ، وكان عليه خرق مشدودة ، فان أمكنه نزعها وجب عليه أن
ينزعها ، وإن لم يمكنه مسح على الخرقة ، وإن كان جراحا غسل ما حولها ، و
ليس عليه شئ ، وقال في التيمم : المجروح وصاحب القروح والمكسور و
[371]
المجدور إذاخافوا على نفوسهم استعمال الماء ، وجب عليهم التيمم عند حضور
الصلاة .
وهذا الكلام يحتمل مع الوجهين السابقين وجها ثالثا وهو أن يكون كلامه
في التيمم مختصا بمن لا يتمكن من استعمال الماء أصلا .
وقال المحقق في المعتبرفي بحث الوضوء : إذا كانت الجبائر على بعض
الاعضاء غسل ما يمكن غسله ، ويمسح مالا يمكن ، ولوكان على الجميع جابر
أو دواء يتضرر بازالته ، جاز المسح على الجميع ، ولو استضر تيمم ، وقال
في التيمم : لوكان به جرح أو جبيرة غسل جسده وترك الجرح ، ولم يذكر
التيمم للجرح .
والمحقق الشيخ على في شرح القواعد جمع بين كلمات القوم بوجهين :
أحدهما الفرق بين ماإذاكان الجرح أوالكسر مستوعبا لتمام عضو من أعضاء الطهارة
أو لبعضه بوجوب التيمم في الاول والجبيرة في الثاني ، وثانيهما كون الحكم
بالوضوء مختصا بالجرح والقرح والكسر ، والتيمم بماعداها من مرض ونحوه
وهم لا يصلحان للتعويل ، ولا يعرفعان التنافي والاشكال ، كما لا يخفى على من تتبع
الاحكام وكلام الاصحاب .
ثم إن أكثرهم أوردوا الاحكام السابقة في الوضوء ، ولم ينصوا على تعميمه
بالنسبة إلى الطهارتين .
وقال المحقق في الشرايع : من كان على أعضاء طهارته جبائر ، والعلامة
في المنتهى صرح بعدم الفرق بين الطهارتين مدعيا أنه قول عامة العلماء ، وهذا
التعميم لا يخلو من إشكال في القروح والجروح ، لدلالة أخبار كثيرة معتبرة على
انتقال المجنب فيهما إلى التيمم من غير تقييد .
نعم ورد في صحيحة ( 1 ) عبدالرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام أنه
قال في الكسير تكون عليه الجباير أوتكون به الجراحة كيف يصنع بالوضوء
* ( هامش ص 371 ) * ( 1 ) الكافى ج 3 ص 32 ، التهذيب ج 1 ص 103 ط حجر ص 363 ط نجف .
[372]
وغسل الجنابة وغسل الجمعة ؟ يغسل ما وصل إليه الغسل مما طهر مماليس
عليه الجباير ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله ، ولا ينزع الجبائر ويعبث
بجراحته ، وقدمر رواية إسحاق بن عبدالله أيضا ووردت رواية اخرى ( 1 ) عن
كليب الاسدي أيضا موافقة لهما .
فيمكن القول بالتخيير بينه وبين التيمم ، أو حمل هذا على ما إذا لم يتضرر
باستعمال الماء ، وتلك الاخبار على التضرر ، أو حمل أخبار المسح على الجرح
والقرح اللذين يمكن مسحهما أوشدهما والمسح على الشد ، وأخبار التيمم
على ماعداهما ، أو حمل أخبار المسح على الجبيرة ، وحمل أخبار التيمم على
القروح والجروح والكسر الغير المنجبر ، لورود الاخبار الثلاثة في الجبيرة ،
ولعل هذا أظهر الوجوه .
وأما الوضوء فظاهر أكثر الاخبار إما المسح ، أوغسل ماحول الجرح فقط
فالقول بالتيمم فيه مشكل ، ويمكن الجمع بين الاخبار بوجوه :
الاول حمل المسح على الاستحباب .
والثاني القول بأن غسل ما حول الجرح لا ينافي المسح ، وعدم الذكر
لا يدل على العدم ، وإن كان هذا التأويل في بعضها بعيدا لضرورة الجمع كما
قال في الذكرى في قوله عليه السلام : " ويدع ما سوى ذلك " أي يدع غسله ، ولا يلزم
منه ترك مسحه فيحمل المطلق على المقيد .
والثالث حمل المسح على ما إذا أمكن المسح على الجرح أو على شئ
يوضع فوقه أو يشد عليه ، وساير الاخبار على ما إذا لم يمكن شئ منها ولعله
أظهر الوجوه ، والاحوط في الغسل والوضوء معا المسح على نفس العضو ، إن
أمكن ، ولولم يمكن فالمسح على الخرقة الموضوعة ، ولولم يمكنه فالاكتفاء بما
عداه ، وضم التيمم في جميع الصور ، للاجماع على عدم خروج التكليف منهما ، و
عدم العلم بتعين أحدهما ، وإن كان كل منهما في بعض الصور أظهر كما عرفت .
* ( هامش ص 372 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 103 ط حجر ص 354 ط نجف .
[373]
وإذا لم يكن الكسر ومافي حكمه في موضع الطهاره ، لكن يتضرر بسببه أعضاء
الطهارة من الغسل أو المسح ، فالظاهر حينئذ وجوب التيمم ، والاحتياط في ضم
الطهارة المائية أيضا .
الرابع المشهور بين الاصحاب أن حكم الاطلاء الحائلة حكم الجبيرة لمامر
في الصحيح عن الوشا ( 1 ) وقد رواه الشيخ أيضا بسند صحيح ( 2 ) ويؤيده رواية
عبدالاعلى ( 3 ) على بعض الوجوه .
الخامس يظهر من التذكرة وجوب مسح الجرح المجرد إن أمكن ، وقال
في الذكرى : لوأمكن المسح على الجرح المجرد بغير خوف تلف ولا زيادة فيه
ففي وجوب المسح عليه احتمال مال إليه في المعتبر ، وتبعه في التذكرة تحصيلا
لشبه الغسل ، عند تعذر حقيقته ، وكأنه يحمل الرواية بغسل ما حوله على ما
إذا خاف ضررا بمسحه ، مع أنه ليس فيها نفي لمسحه ، فيجوز استفادته من
دليل آخر .
فان قلنابه وتعذر ، ففي وجوب وضع لصوق والمسح عليه احتمال أيضا
لان المسح بدل من الغسل ، فيتسبب إليه بقدر الامكان ، وإن قلنا بعدم المسح
على الجرح مع إمكانه أمكن وجوب هذا الوضع ليحاذي الجبيرة ، وما عليه لصوق
إبتداء ، والرواية مسلطة على فهم عدم الوجوب أما الجواز فان لم يستلزم ستر شئ
من الصحيح فلا إشكال فيه ، وإن استلزم أمكن المنع ، لانه ترك للغسل الواجب
والجواز عملا بتكميل الطهارة بالمسح انتهى .
والاكتفاء بغسل ؟ حول الجرح في الصورتين لا يخلو من قوة ، كما اختاره
أيضافيه ، ولا ريب أن الاحتياط في مسح الجرح ، وما يوضع عليه إن لم يستلزم
ترك غسل شئ من الصحيح ، ومعه القول بالجواز ضعيف لمخالفته للنص ، وفي
* ( هامش ص 373 ) * ( 1 ) مر تحت الرقم 6 .
( 2 ) راجع التهذيب ج 1 ص 364 ط نجف .
( 3 ) الكافى ج 3 ص 33 ، التهذيب ج 1 ص 103 ط حجر .
[374]
القروح المسح على الخرقة آكد ، لورود حسنة الحلبي ( 1 ) فيه بالخصوص فعلى
هذا لو أمكن المسح على نفسها ففي تقديمه على المسح على الخرقة إشكال ، ولو
لم يمكن المسح على الخرقة ، وأمكن المسح على نفسها ، أولم يمكن أيضا ففي
الوضوء مع المسح في الاول أو غسل ماحوله فقط في الثاني ، والعدول إلى التيمم
فيهما إشكال ، والاحتياط في الجمع .
هذافي الوضوء والظاهرفي الغسل التيمم والاحوط الجمع كما عرفت
والظاهر في الكسير غير المجبور أيضا الاكتفاء بغسل ما حوله إذا النص إنما ورد
في المسح على الجبيرة ، ولعل الاحوط المسح على العضو أو على شئ موضوع
عليه ، والتيمم ، وكذا يشكل الحكم لولم يمكن المسح على الكسير ولا على
شئ يوضع عليه ، كما في القروح ، والاحوط غسل ما يمكن غسله مع التيمم وظاهر
الاكثر التيمم .
السادس قال في الذكرى : لوكانت الخرقة نجسة ولم يمكن تطهيرها
فالاقرب وضع طاهر عليها تحصيلا للمسح ، ويمكن إجراؤها مجرى الجرح في غسل
ماحولها ، وقطع الفاضل بالاول انتهى .
وأقول : الفرق بين الجرح والكسر ظاهر لورود الرواية في الاول بغسل
ما حوله دون الثاني ، والاحوط الجمع ، وقيل : الاحتياط التام أن يمسح على الخرقة
النجسة ، والطاهرة معا ، وضم التيمم غاية الاحتياط .
ولو لم يمكن المسح على الجبيرة ولا الخرقة الموضوعة على الجرح ، فمقتضى
الاخبار في الجرح غسل ماحوله ، وظاهر أكثر الاصحاب التيمم والاحوط الجمع
السابع قال في الذكرى : لو عمت الجبائر أوالدواء الاعضاء ، مسح على
الجميع ، ولو تضرر بالمسح تيمم ، ولا ينسحب على خائف البرد فيؤمر بوضع
حايل بل يتيمم .
الثامن إذا كان العضو مريضا لايجرى فيه حكم الجبيرة ، بل لابد من
* ( هامش ص 374 ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 362 ط نجف ص 103 ط حجر ، الكافى ج 3 ص 33 .
[375]
التيمم لفقد النص ، وجعل الشيخ في الخلاف والمبسوط الجمع بين التيمم و
غسل الباقي أحوط .
التاسع إذا زال العذر لم تجب إعادة الصلاة إجماعا وهل تجب إعادة الوضوء
فيه خلاف ، واختار العلامة والمحقق والشيخ الاعادة ، وهو أحوط ، وإن كان
العدم أقوى .
وإنما أطنبنا الكلام في هذه المسألة لكثرة احتياج الناس إليها ، وعدم
اتساقها في كلام القوم .
10 - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ، عن جعفر بن محمد بن شريح ، عن ذريح
المحاربي قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن البول والتقطير فقال : إذانزل من
الحبايل ونشف الرجل حشفته واجتهد ، ثم إن كان بعد ذلك شئ فليس
بشئ .
بيان : ظاهره أنه لبيان حكم الاستبراء ، ويحتمل أن يكون حكم صاحب
السلس ، فيدل على عدم وجوب الوضوء لكل صلاة له ، ذهب إليه الشيخ
في المبسوط ، وذهب في الخلاف إلى أنه يتوضأ لكل صلاة ، وتبعه أكثر
المتأخرين ، واستقرب العلامة في المنتهى أنه يجوز له أن يجمع بين الظهر و
العصر
بوضوء واحد وبين المغرب والعشاء بوضوء واحد ، وعليه تعدد الوضوء بتعدد
الصلاة في غير ذلك ، والاول لايخلو من قوة ، والثاني أحوط ، وعلى أي حال


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 73 من صفحة 375 سطر 19 إلى صفحه 381 سطر 11

لو كان له فترة يمكنه الصلاة فيها لابد من إيقاعها فيها .
[376]
كلمة المصحح
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين .
وبعد : فهذا الجزء الذي نخرجه إلى القراء الكرام هو أول أجزاء المجلد
الثامن عشر ( كتاب الطهارة ) وقد قابلناه على نسخة الكمباني ، ثم على نسخة
مخطوطة فيها أثر تصحيح المؤلف ، العلامة بخط يده ، مع بعض الحواشي منه
رحمه الله ، لكنها ناقصة تنتهى في الباب 30 باب وجوب الوضوء الرقم 17 ( ص 266
من طبعتنا هذه ) ، وقد كانت عونا لنا في تصحيح الكتاب خصوصا بيانات المؤلف
قدس سره كثيرا كما أشرنا في بعض الموارد ذيل الصحفات .
وهذه النسخة لخزانة كتب الفاضل البحاث الوجيه الموفق المرزا فخر الدين
النصيري الاميني زاده الله توفيقا لحفظ كتب سلفنا الصالحين ، أودعها سماحته
عندنا منذ شهور للعرض والمقابلة خدمة للدين وأهله ، فجزاه الله عنا خير جزاء
المحسنين ، وإليكم فيمايلي ثلاث صور فتو غرافية منها وفي هامش بعضها خط يد
المؤلف رحمه الله .
محمد الباقر البهبودى
[377]
صورة فتو غرافية للنسخة المخطوطة من الصفحة الاولى ، وهي لخزانة
كتب الفاضل النحرير المرزا فخر الدين النصيري الاميني دام ظله
[378]
صورة فتو غرافية للنسخة المخطوطة وفي هامش
الصفحة حاشية للمؤلف بخط يده قدس سره
[379]
صورة فتو غرافية للنسخة المخطوطة وفي هامش الصفحة
أيضا حاشية للمؤلف قدس سره بخط يده الشريف
[380]
استدراك
قدتكرر الترقيم بالرقم 18 لبابين " باب أحكام
سائر الابوال والارواث . . " وباب " ما اختلف الاخبار
والاقوال في نجاسته " والصحيح في الباب الثاني منهما
الرقم 19 للباب وهكذا في الابواب التي بعده 20 و 21
إلى أن ينتهى بالباب 38 ، نرجو إصلاحها في أعلى
الصفحات
[381]
بسمه تعالى
إلى هنا انتهى الجزء الاول من المجلد الثامن عشر
من كتاب بحار الانوار ، الجامعة لدرر أخبار الائمة
الاطهار ، وهوأول أجزاء كتاب الطهارة ، والجزء المتمم
للثمانين حسب تجزئتنا .
ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه ومقابلته فخرج
بحمد الله ومشيته نقيا من الاغلاط إلا نزرا زهيدا زاغ
عنه البصر وكل عنه النظر ، لا يكاد يخفى على القراء الكرام
ومن الله نسئل العصمة وبه الاعتصام .
السيد ابراهيم الميانجى * محمد الباقر البهبودى