بسمه تعالى


-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 1 سطر 1 إلى صفحه 9 سطر 17

[ 1 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
( باب 3 )
* ( اثبات الحشر وكيفيته وكفر من انكره ) *
الايات ، الفاتحة " 1 " مالك يوم الدين 4 .
البقرة " 2 " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فاحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم
ثم إليه ترجعون 28 " وقال تعالى " : واتقوا الله واعملوا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين 223
" وقال تعالى " : أو كالذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها قال أنى يحيى هذه
الله بعد موتها فاماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت
مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر
إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين قال أعلم أن الله على كل شئ
قدير * وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيى الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن
قلب قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزء ثم ادعهن
يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم 259 - 260
آل عمران " 3 " ربنا إنك جامع الناس ليوم لاريب فيه 9 " وقال تعالى " : و
جاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيمة ثم إلي مرجعكم فأحكم
بينكم فيما كنتم فيه تختلفون 55 " وقال تعالى " : فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه
ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 25 " وقال " : ولئن متم أو قتلتم لالى الله
تحشرون 158 .
النساء " 4 " ليجمعنكم إلى يوم القيمة لا ريب فيه 87 .
المائدة " 5 " واتقوا الله الذي إليه تحشرون 96 .
[ 2 ]
الانعام " 6 " ليجمعنكم إلى يوم القيمة لا ريب فيه 12 " وقال تعالى " : قل إني
أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم * من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز
المبين 15 - 16 " وقال تعالى " : والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون 36 " وقال " : وأنذر
به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم 51 " وقال " : ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم
بما كنتم تعملون 60 " وقال " ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع
الحاسبين 62 " وقال " : وهو الذي إليه تحشرون 72 " وقال تعالى " : لعلهم بلقاء
ربهم يؤمنون 154 " وقال تعالى " : ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه
تختلفون 164 .
الاعراف " 7 " قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون 25 " وقال
تعالى " : كما بدأكم تعودون 29 " وقال " : وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي
رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل
الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون 57 " وقال " : والذين كذبوا بآياتنا
ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون 147 .
التوبة " 9 " ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون 94 .
يونس " 10 " إليه مرجعكم وعد الله حقا إنه يبدؤ الخلق ثم يعيده ليجزي
الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط 4 " وقال " : فنذر الذين لا يرجون لقائنا في
طغيانهم يعمهون 11 " وقال " : إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم 15 " وقال " :
ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون 23 " وقال تعالى " : قل هل من شركائكم
من يبدؤ الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون 34 " وقال تعالى " :
ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا
بلقاء الله وما كانوا مهتدين * وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا
مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون 45 - 46 " وقال " : ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم
صادقين * قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ماشاء الله لكل امة أجل إذا جاء أجلهم
فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون 48 - 49 " وقال " : ويستنبؤنك أحق هو قل إي
[ 3 ]
وربي إنه لحق وماأنتم بمعجزين 53 " وقال تعالى " : هو يحيى ويميت وأليه
ترجعون 56 .
هود " 11 " وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير * إلى الله مرجعكم
وهو على كل شئ قدير 3 - 4 " وقال تعالى " : ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت
ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين 7 " وقال " : وإن كلا لما ليوفينهم ربك
أعمالهم إنه بما يعملون خبير 111 .
يوسف " 12 " أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله او تأتيهم الساعة بغتة وهم
لا يشعرون 107 .
الرعد " 13 " وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفى خلق جديد
اولئك الذين كفروا بربهم واولئك الاغلال في أعناقهم واولئك أصحاب النار هم
فيها خالدون 5 .
ابراهيم " 14 " من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلال 31 .
الحجر " 15 " : وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم 25 " وقال تعالى " :
فوربك لنسئلنهم أجمعين * عما كانوا يعملون 92 - 93 .
النحل " 16 " أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون 1 " وقال
تعالى " : هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك 33 .
اسرى " 17 " وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما 10 " وقال
تعالى " : من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم
يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك
كان سعيهم مشكورا 18 - 19 " وقال تعالى " : وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا 21
" وقال تعالى " : وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا * قل
كونوا حجارة أو حديدا * أو خلقا مما يكبر في صدوركم فيسقولون من يعيدنا قل
الذي فطركم أول مرة فيسنغضون إليك رؤسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون
قريبا * يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا 49 - 52 " وقال تعالى " :
[ 4 ]
ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيمة على وجوههم عميا وبكما
وصما مأويهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا * ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا و
قالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا * أولم يروا أن الله الذي
خلق السموات والارض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى
الظالمون إلا كفورا 97 - 99 .
الكهف " 18 " وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب
فيها 21 .
مريم " 19 " : إنا نحن نرث الارض ومن عليها وإلينا يرجعون 40 " وقال تعالى " :
ويقول الانسان أئذا ما مت لسوف اخرج حيا * أولا يذكر الانسان أنا خلقناه من
قبل ولم يك شيئا 66 - 67 " وقال " : ونرثه ما يقول ويأتينا فردا 80 " وقال " : وكلهم آتيه
يوم القيمة فردا 95 .
طه " 20 " : منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى 55 .
الانبياء " 21 " : ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين * لو يعلم الذين كفروا
حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون * بل تأتيهم بغتة
فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون 38 - 40 " وقال تعالى " : الذين يخشون
ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون 49 .
الحج " 22 " يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب
ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الارحام
ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى و
منكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الارض هامدة فإذا
أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج * ذلك بأن الله هو الحق
وأنه يحيى الموتى وأنه على كل شئ قدير * وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث
من في القبور 5 - 7 " وقال تعالى " : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى
والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيمة أن الله على كل شئ شهيد 17
[ 5 ]
" وقال تعالى " : ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب
يوم عقيم * الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم *
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فاولئك لهم عذاب مهين 55 - 57 " وقال " : الله يحكم
بينكم يوم القيمة فيما كنتم فيه تختلفون 69 .
المؤمنون : " 23 " ثم إنكم يوم القيمة تبعثون 16 " وقال تعالى حكاية عن
قوم هود أوقوم صالح " : أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخروجون *
هيهات هيهات لما توعدون * إن هي إلا حيوتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن
بمبعوثين 35 - 37 " وقال تعالى حكاية عن المنكرين للبعث في زمن الرسول " : بل
قالوا مثل ما قال الاولون * قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعثون * لقد
وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الاولين * قل لمن الارض ومن
فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السموات السبع
ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل افلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شئ
وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون * بل
أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون 81 - 90 .
الفرقان " 25 " : بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا 11 " وقال
تعالى " : بل كانوا لا يرجون نشورا 40 .
الشعراء " 26 " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون 127 .
النمل " 27 " إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعملهم فهم يعمهون 4
اولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الاخسرون 5 " وقال تعالى " : أمن
يبدؤ الخلق ثم يعيده 64 " وقال " : قل لا يعلم من في السموات والارض الغيب إلا الله
وما يشعرون أيان يبعثون * بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها
عمون * وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون * لقد وعدنا هذا
نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الاولين 65 - 68 .
العنكبوت " 29 " من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم 5
[ 6 ]
" وقال سبحانه " : أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير * قل
سيروا في الارض فانظروا كيف بدء الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شئ
قدير * يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون 19 - 21 " وقال تعالى " : وإلى مدين
أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر 39 " وقال " : وإن الدار الآخرة
لهي الحيوان لو كانوا يعلمون 64 .
الروم " 30 " يعلمون ظاهرا من الحيوة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون 7
أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والارض وما بينهما إلا بالحق وأجل
مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون 8 " وقال " : الله يبدؤ الخلق ثم يعيده ثم
إليه ترجعون 11 " وقال سبحانه " : يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي
الارض بعد موتها وكذلك تخرجون 19 ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر
تنتشرون 20 " وقال تعالى " : ومن آياته أن تقوم السماء والارض بأمره ثم إذا دعاكم
دعوة من الارض إذا أنتم تخرجون 25 " وقال " : وهو الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده وهو
أهون عليه 27 " وقال تعالى " : ثم يميتكم ثم يحييكم 40 " وقال تعالى " : فأقم
وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون 34 .
لقمان " 31 " ثم إلي مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون * يا بني إنها إن
تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في الارض يأت بها الله إن الله
لطيف خبير 15 - 16 " وقال " : إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور *
نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ 23 - 24 " وقال " : ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس
واحدة إن الله سميع بصير 28 .
التنزيل " 32 " وقالوا أئذا ضللنا في الارض أئنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء
ربهم كافرون 10 قل يتوفيكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون 11 .
سبا " 34 " وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم
الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الارض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر
إلا في كتاب مبين * ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك لهم مغفرة ورزق
[ 7 ]
كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين اولئك لهم عذاب رجز أليم 3 - 5 " وقال
عزوجل " : وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل منكم ينبئكم إذا مزقتم كل
ممزق إنكم لفي خلق جديد * أفترى على الله كذبا أم به جنة بل الذين لا يؤمنون
بالآخرة في العذاب والضلال البعيد * أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء
والارض إن نشأ نخسف بهم الارض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل
عبد منيب 7 - 9 " وقال سبحانه " : قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح
العليم 26 " وقال تعالى " : ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين * قل لكم ميعاد
يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون 29 - 30 .
فاطر " 35 " والله أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا
به الارض بعد موتها كذلك النشور 9 .
يس " 36 " إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم 12 " وقال " : و
إن كل لما جميع لدينا محضرون 32 " وقال " : وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من
يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم *
الذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون * أو ليس الذي خلق
السموات والارض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم 78 - 81 .
الصافات " 37 " : أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعثون * أو آباؤنا
الاولون * قل نعم وأنتم داخرون * فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون * و
قالوا يا ويلنا هذا يوم الدين * هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون 16 - 21 .
الزمر " 39 " ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات
الصدور 7 .
المؤمن " 40 " وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن
بيوم الحساب 27 " وقال تعالى " : إن الآخرة هي دار القرار 39 " وقال سبحانه " : لخلق
السموات والارض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون 57 " وقال تعالى " :
إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون 59 .
[ 8 ]
السجدة " 41 " ومن آياته أنك ترى الارض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء
اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شئ قدير 39 " وقال سبحانه " :
ولئن أذقناه رحمة من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة و
لئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم
من عذاب غليظ 50 .
حمعسق " 24 " الله يجمع بيننا وإليه المصير 5 " وقال تعالى " : وما يدريك
لعل الساعة قريب * يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها
ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلا بعيد 17 - 18 .
الزخرف " 43 " فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون 11 " وقال " : وأنا إلى ربنا
لمنقلبون 14 " وقال سبحانه " : فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم * هل ينظرون
إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون 65 - 66 " وقال " : فذرهم يخوضوا ويلعبوا
حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون 83 .
الدخان " 44 " إن هؤلاء ليقولون * إن هي إلا موتتنا الاولى وما نحن
بمنشرين * فأتو بآبائنا إن كنتم صادقين 34 - 36 .
الجاثية " 45 " وقالوا ما هي إلا حيوتنا الدنيا نموت ونحيا ومايهلكنا إلا
الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون * واذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان
حجتهم إلا أن قالوا ائتو بآبائنا أن كنتم صادقين * قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم
يجمعكم إلى يوم القيمة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون 24 - 26 .
الاحقاف " 46 " وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين 6
" وقال تعالى " : والذي قال لوالديه اف لكما أتعدانني أن اخرج وقد خلت القرون
من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير
الاولين * اولئك الذين حق عليهم القول في امم قد خلت من قبلهم من الجن والانس
إنهم كانوا خاسرين * ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون 16 - 19
" وقال " : أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والارض ولم يعي بخلقهن بقادر على
[ 9 ]
أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شئ قدير 33 " وقال " : ولا تستعجل لهم كأنهم يوم
يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار 35 .
ق " 50 " فقال الكافرون هذا شئ عجيب * أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع
بعيد * قد علمنا ما تنقص الارض منهم وعندنا كتاب حفيظ * بل كذبوا بالحق لما
جائهم فهم في أمر مريج * أفلم ينظروا إلي السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناهها ومالها من
فروج * والارض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج *
تبصرة وذكرى لكل عبد منيب * وأنزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب
الحصيد * والنخل باسقات لها طلع نضيد * رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك
الخروج 2 - 11 " وقال تعالى " : أفعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد 15 .
الذاريات " 51 " والذاريات ذروا * فالحاملات وقرا * فالجاريات يسرا *
فالمقسمات أمرا * إنما توعدون لصادق * وإن الدين لواقع * والسماء ذات الحبك *
إنكم لفي قول مختلف * يؤفك عنه من افك * قتل الخراصون * الذين هم في غمرة
ساهون * يسئلون أيان يوم الدين * يوم هم على النار يفتنون * ذوقوا فتنتكم هذا
الذي كنتم به تستعجلون 1 - 14 " وقال تعالى " : فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب
أصحابهم فلا يستعجلون * فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون 59 - 6 .
الطور " 51 " والطور * وكتاب مسطور * في رق منشور * والبيت المعمور *
والسقف المرفوع * والبحر المسجور * إن عذاب ربك لواقع * ماله من دافع * يوم


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 9 سطر 18 إلى صفحه 17 سطر 11

تمور السماء مورا * وتسير الجبال سيرا * فويل يومئذ للمكذبين * الذين هم في خوض
يلعبون 1 - 12 .
النجم " 53 " وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الاوفى 40 - 41
القمر " 45 " بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر 46 " وقال تعالى " : سيعلمون
غدا من الكذاب الاشر 26 " وقال " : وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر 50 .
الرحمن " 55 " سنفرغ لكم أيها الثقلان 31 .
الواقعة " 56 " وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعثون *
[ 10 ]
أو آباؤنا الاولون * قل أن الاولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم 47 - 50
" وقال " : ولقد علمتم النشأة الاولى فلولا تذكرون 62 .
الحديد " 57 " وفى الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان 20 .
المجادلة " 58 " يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصيه الله ونسوه والله على
كل شئ شهيد 6 " وقال تعالى " : ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيمة . 7
الممتحنة " 60 " يوم القيمة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير 3 " وقال سبحانه " :
يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس
الكفار من أصحاب القبور 13 .
التغابن " 64 " زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن
بما عملتم وذلك على الله يسير 7 .
الملك " 67 " وإليه النشور 15 " وقال " وإليه تحشرون 24
المعارج " 70 " والذين يصدقون بيوم الدين 26 .
القيامة " 75 " لا اقسم بيوم القيمة * ولا اقسم بالنفس اللوامة * أيحسب الانسان
ألن نجمع عظامه * بلى قادرين على أن نسوي بنانه * بل يريد الانسان ليفجر
أمامه * يسئل أيان يوم القيمة 1 - 6 " وقال تعالى " : أيحسب الانسان أن يترك سدى *
ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر
والانثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى 36 - 40 .
الدهر " 76 " ويخافون يوما كان شره مستطيرا 7 .
المرسلات 77 والمرسلات عرفا * فالعاصفات عصفا * والناشرات نشرا *
فالفارقات فرقا * فالملقيات ذكرا * عذرا أو نذرا * أنما توعدون لواقع 1 - 7 .
النبأ " 78 " عم يتسائلون * عن النبأ العظيم * الذي هم فيه مختلفون * كلا
سيعلمون * ثم كلا سيعلمون 1 - 5 .
النازعات " 79 " والنازعات غرقا * والناشطات نشطا * والسابحات سبحا *
فالسابقات سبقا * فالمدبرات أمرا * يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة * قلوب
[ 11 ]
يومئذ واجفة * أبصارها خاشعة * يقولون أئنا لمردودون في الحافرة * أئذا كنا
عظاما نخرة * قالوا تلك إذا كرة خاسرة * فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم
بالساهرة 1 - 14 .
عبس " 80 " ثم إذا شاء أنشره 22 .
المطففين " 83 " ألا يظن اولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم * يوم يقوم الناس
لرب العالمين 5 - 6 " وقال سبحانه " : ويل يومئذ للمكذبين * الذين يكذبون بيوم
الدين * ومايكذب به إلا كل معتد أثيم * إذاتتلى عليه آياتنا قال أساطير الاولين 10 - 13
الطارق " 86 " إنه على رجعه لقادر * يوم تبلى السرائر * فما له من قوة
ولا ناصر 8 - 10 .
التين " 95 " فما يكذبك بعد بالدين * أليس الله بأحكم الحاكمين 7 - 8 .
العلق " 96 " إن إلى ربك الرجعى 8 .
العاديات " 10 " أفلا يعلم أذا بعثر ما في القبور * وحصل ما في الصدور *
إن ربهم بهم يومئذ لخبير 9 - 11 .
الماعون " 107 " أرأيت الذي يكذب بالدين 1 .
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : " ليوم لاريب فيه " أي ليس فيه موضع ريب و
شك لوضوحه . وقال : " ووفيت كل نفس ما كسبت " أي وفرت كل نفس جزاء ما
كسبت من ثواب وعقاب ، أو اعطيت ما كسبت أي اجتلبت بعملها من الثواب والعقاب
" وهم لا يظلمون " أي لا ينقصون عما استحقوه من الثواب ولايزدادون على ما استحقوه
من العقاب .
وقال في قوله تعالى : " فقد رحمه " : أي يثيبه لا محالة لئلا يتوهم أنه ليس إلا
صرف العذاب عنه فقط ، أو المعنى : لا يصرف العذاب عن أحد ألا برحمة الله ، كما روي أن
النبي صلى الله عليه وآله قال : والذي نفسي بيده ما من الناس أحد يدخل الجنة بعمله ، قالوا :
ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل - ووضع يده
على فوق رأسه وطول بها صوته - رواه الحسن في تفسيره " وذلك الفوز " أي الظفر
بالبغية " المبين " الظاهر البين .
[ 12 ]
وقال في قوله تعالى : " وأنذر " : أي عظ وخوف " به " أى بالقرآن ، وقيل : بالله
" الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم " يريد المؤمنين يخافون يوم القيامة وما فيها
من شدة الاهوال ، وقيل : معناه يعلمون ، وقيل : يخافون أن يحشروا علما بأنه
سيكون عن الفراء ، قال : ولذلك فسره المفسرون بيعلمون ، وإنما خص الذين
يخافون الحشر لان الحجة عليهم أوجب لاعترافهم بالمعاد ، وقال الصادق عليه السلام :
أنذر بالقرآن من يرجون الوصول إلى ربهم برغبتهم فيما عنده ، فإن القرآن شافع
مشفع .
وقال في قوله : " ثم ردوا إلى الله " : أى إلى الموضع الذي لا يملك الحكم فيه
إلا هو " موليهم الحق " أي أمره كله حق لا يشوبه باطل ، وجد لا يجاوره هزل ، فيكون
مصدرا وصف به ، وقيل : الحق بمعنى المحق ، وقيل : الثابت الباقي الذى لا فناء له ،
وقيل : معناه : ذوالحق يريد أن أفعاله وأقواله حق ، وقال : " لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون "
معناه : لكي يؤمنوا بجزاء ربهم فسمي الجزاء لقاء الله تفخيما لشأنه مع ما فيه من الايجاز
والاختصار : وقيل : معنى اللقاء الرجوع إلى ملكه وسلطانه يوم لا يملك أحد سواه
شيئا .
وقال في قوله تعالى : " فيها تحيون " : أي في الارض تعيشون " ومنها تخرجون "
عند البعث يوم القيامة ، قال الجبائي : في الآية دلالة على أن الله سبحانه يخرج العباد يوم
القيامة من هذه الارض التي حيوا فيها بعد موتهم ، وأنه يفنيها بعد أن يخرج العباد
منها في يوم الحشر ، فإذا أراد إفناءها زجرهم منها زجرة فيصيرون إلى أرض اخرى
يقال لها : الساهرة . ويفني هذه كما قال : " فإذا هم بالساهرة " .
وقال في قوله : " كما بدأكم تعودون " أي ليس بعثكم بأشد من ابتدائكم ، أو
كما بدأكم لا تملكون شيئا كذلك تبعثون يوم القيمة ، ويروى عن النبي صلى الله عليه واله أنه
قال : تحشرون يوم القيامة عراة حفاة عزلا " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا
كنا فاعلين " وقيل : معناه : تبعثون على ما متم عليه : المؤمن على إيمانه ، والكافر على
كفره عن ، ابن عباس وجابر .
[ 13 ]
وقال في قوله تعالى : " نشرا " بقراءة النون أي منتشرة في الارض أو محيية للارض ،
وبقراءة الباء أي مبشرة بالغيث ، ورحمته هي المطر " حتى أذا أقلت " أي حملت ، قيل : و
رفعت " سحابا ثقالا " بالماء " سقناه لبلد ميت " أي إلى بلد ، وموت البلد : بعفي مزارعه
ودروس مشاربه " فأنزلنا به " أي بالبلد أو بالسحاب " الماء فأخرجنا به " أي بهذا
الماء أو بالبلد " كذلك نخرج الموتى " أي كما أخرجنا الثمرات كذلك نخرج الموتى
بأن نحييها بعد موتها " لعلكم تذكرون " أي لكي تتذكروا وتتفكروا وتعتبروا بأن
من قدر على إنشاء الاشجار والثمار في البلد الذي لا ماء فيه ولا زرع بريح يرسلها
فإنه يقدر على إحياء الاموات بأن يعيدها إلى ما كانت عليه ، ويخلق فيها الحياة و
القدرة .
وقال في قوله تعالى : " فأنى تؤفكون " : فكيف تصرفون عن الحق .
وقال في قوله تعالى : " يوم يحشرهم " : أي يجمعهم من كل مكان إلى الموقف
" كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار " معناه أنهم استقلوا أيام الدنيا ، فإن المكث في الدنيا
وإن طال كان بمنزلة ساعة في جنب الآخرة ، وقيل : استقلوا أيام مقامهم في الدنيا لقله
انتفاعهم بأعمارهم فيها فكأنهم لم يلبثوا إلا ساعة لقله فائدتها ، وقيل : استقلوا مدة
لبثهم في القبور " يتعارفون بينهم " أي يعرف بعضهم بعضا ما كانوا عليه من الخطاء والكفر
قال الكلبي : يتعارفون إذا خرجوا من قبورهم ثم تنقطع المعرفة إذا عاينوا العذاب .
ويتبرأ بعضهم من بعض " بعض الذي نعدهم " أي العقوبة في الدنيا ، قالوا : ومنها وقعة
بدر " أو نتوفينك " أي أو نميتنك قبل أن ينزل ذلك بهم وينزل ذلك بهم بعد موتك
" فإلينا مرجعهم " أي إلى حكمنا مصيرهم في الآخرة ، فلا يفوتوننا .
وقال في قوله تعالى : " ويقولون متى هذا الوعد " : أي البعث وقيام الساعة ،
وقيل : العذاب .
وفي قوله تعالى : " أحق هو " : أي ما جئت به من القرآن والشريعة أو ما تعدنا
من البعث والقيامة والعذاب ، قالوا ذلك على وجه الاستفهام أو الاستهزاء .
وفي قوله : " فإني أخاف " أي أعلم . وفي قوله : " إلا سحر " أي ليس هذا القول
[ 14 ]
إلا ؟ ؟ تمويها ظاهرا لا حقيقة له ، وفي قوله : " غاشية " أي عقوبة تغشاهم وتعمهم ، والبغتة :
الفجأة ، قال ابن عباس : تهجم الصيحة بالناس وهم في أسواقهم وفي قوله تعالى : " و
إن تعجب " يا محمد من قول هؤلاء الكفار في إنكارهم البعث مع إقرارهم بابتداء الخلق
فقد وضعت التعجب موضعه لان هذا قول عجب " فعجب قولهم " أي فقولهم عجب
" أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد " أي أنبعث ونعاد بعد ما صرنا ترابا ؟ هذا مما لا
يمكن ! وهذا منهم نهاية في الاعجوبة فإن الماء إذا حصل في الرحم استحال علقة ثم
مضغة ثم لحما ، وإذا مات ودفن استحال ترابا ، فإذا جاز أن يتعلق الانشاء بالاستحالة
الاولى فلم لا يجوز تعلقه بالاستحالة الثانية ؟ وسمى الله الاعادة خلقا جديدا ، واختلف
المتكلمون فيما يصح عليه الاعادة فقال بعضهم : كل ما يكون مقدورا للقديم سبحانه
خاصة ويصح عليه البقاء تصح عليه الاعادة ، ولا تصح الاعادة على ما يقدر على جنسه
غيره تعالى ( 1 ) وهذا قول الجبائي ، وقال آخرون : كل ما كان مقدورا له وهو مما يبقى
تصح عليه الاعادة وهو قول أبي هاشم ومن تابعه ، فعلى هذا تصح إعادة أجزاء الحياة ،
ثم اختلفوا فيما تجب إعادته من الحي فقال البلخي : يعاد جميع أجزاء الشخص ، وقال
أبوهاشم : تعاد الاجزاء التي بها يتميز الحي من غيره ويعاد التأليف ، ثم رجع وقال :
تعاد الحياد مع البنية ، وقال القاضي أبوالحسن : تعاد البنية وما عدا ذلك يجوز فيه
التبدل ، وهذا هو الاصح . " اولئك " المنكرون للبعث " الذين كفروا بربهم " أي حجدوا
قدرة الله على البعث " واولئك الاغلال في أعناقهم " في الآخرة ، وقيل : أراد به أغلال الكفر ،
وفي قوله تعالى : " لابيع فيه " يعني يوم القيامة ، والمراد بالبيع إعطاء البدل ليتخلص به
من النار " ولا خلال " أي مصادقة ، وفي قوله : " أتى أمر الله " معناه : قرب أمر الله بعقاب
هؤلاء المشركين المقيمين على الكفر والتكذيب ، أو المراد بأمر الله أحكامه وفرائضه أو
هو القيامة عن الجبائي وابن عباس ، فيكون أتى بمعنى يأتي " فلا تستعجلوه " خطاب
للمشركين المكذبين بيوم القيامة وبعذاب الله ، المستهزئين به وكانوا يستعجلونه ، وفي
قوله تعالى : " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة " أي لقبض أرواحهم " أو يأتي أمر
* ( هامش ) * ( 1 ) لعل المراد بما يقدر على جنسه غيره تعالى الاعراض مطلقا ، فان العبد قادر على الحركات و
الافعال وكذا على بعض الاعراض الاخر توليدا ، ولذا فرع على قول أبى هاشم صحة اعادة اجزاء
الحياة كالهيئات والتأليفات فانها من الاعراض التى يقدر على جنسها البشر . منه عفى عنه . ( * )
[ 15 ]
ربك " أي القيامة أو العذاب ، وفي قوله تعالى : " يصلاها " أي يصير صلاها ويحترق
بنارها " مذموما " ملوما " مدحورا " مبعدا من رحمة الله و في قوله تعالى : " وقالوا أئذا كنا
عظاما ورفاتا " أي غبارا " ، وقيل : ترابا " قل " يا محمد لهم : " كونوا حجارة أو حديدا "
أي اجهدوا في أن لا تعادوا وكونوا إن استطعتم حجارة في القوة أو حديدا في الشدة
" أو خلقا مما يكبر في صدوركم " أي خلقا هو أعظم من ذلك عندكم أصعب فإنكم لا
تفوتون الله وسيحييكم بعد الموت وينشركم ، وقيل : يعنى بما يكبر في صدوركم الموت
أي لو كنتم الموت لاحياكم الله ، وقيل : يعني به السماوات والارض والجبال " فسينغضون
إليك رؤسهم " أي يحركونها تحريك المستهزئ المستخف المستبطئ لما تنذرهم به " و
يقولون متى هو " أي متى يكون البعث ؟ " قل عسى أن يكون قريبا " لان ما هو آت
قريب " يوم يدعوكم " أي من قبوركم إلى الموقف على ألسنة الملائكة وذلك عند النفخة
الثانية فيقول : أيها العظام النخرة والجلود البالية عودي كما كنت " فتستجيبون "
مضطرين " بحمده " أى حامدين لله على نعمه وأنتم موحدون ، وقيل : أي تستجيبون
معترفين بأن الحمد لله على نعمه لا تنكرونه لان المعارف هناك ضرورية ، قال سعيد بن
جبير : يخرجون من قبورهم يقولون : سبحانك وبحمدك ، ولا ينفعهم في ذلك اليوم لانهم
حمدوا حين لم ينفعهم الحمد " وتظنون إن لبثتم إلا قليلا " أي تظنون أنكم لم تلبثوا في
الدنيا إلا قليلا لسرعة انقلاب الدنيا إلى الآخرة ، وقال الحسن وقتادة : استقصروا مدة
لبثهم في الدينا لما يعلمون من طول لبثهم في الآخرة ، ومن المفسرين من يذهب إلى أن هذه
الآية خطاب للمؤمنين لانهم الذين يستجيبون الله بحمده ويحمدونه على إحسانه إليهم
ويستقلون مدة لبثهم في البرزخ لكونهم في قبورهم منعمين غير معذبين وأيام السرور
والرخاء قصار . وقال في قوله تعالى : " على وجوههم " . أي يسحبون على وجوههم إلى
النار مبالغة في إهانتهم .
وروى أنس أن رجلا قال : يا نبى الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة ؟
قال : إن الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادر على أن يحشره على وجهه يوم القيامة
" عميا وبكما وصما " قيل : المعنى : عميا عما يسرهم ، بكما عن التكلم بما ينفعهم ،
صما عما يمتعهم عن ابن عباس ، وقيل : يحشرون على هذه الصفة ، قال مقاتل : ذلك
[ 16 ]
حين يقال لهم : " اخسؤا فيها ولا تكلمون " وقيل : يحشرون كذلك ثم يجعلون يبصرون
ويسمعون وينطقون عن الحسن " مأويهم " أي مستقرهم " جهنم كلما خبت زدناهم
سعيرا " أي كلما سكن التهابها زدناهم اشتعالا .
قوله تعالى : " قادر على أن يخلق مثلهم " قال : لان القادر على الشئ قادر على
أمثاله إذا كان له مثل أو أمثال في الجنس ، وإذا كان قادرا على خلق أمثالهم كان قادرا
على إعادتهم ، إذ الاعادة أهون من الانشاء في الشاهد ، وقيل : أراد : قادر على أن يخلقهم
ثانيا ، وأراد بمثلهم إياهم ، وذلك أن مثل الشئ مساو له في حالته فجاز أن يعبر به عن
الشئ نفسه ، يقال : مثلك لا يفعل كذا بمعنى أنت لا تفعله ، ونحوه : ليس كمثله شئ .
أقول : قال الرازي في تفسير هذه الآية : في قوله : " مثلهم " قولان الاول المعنى :
قادر على أن يخلقهم ثانيا ، فعبر عن خلقهم ثانيا بلفظ المثل كما يقوله المتكلمون إن الاعادة
مثل الابتداء ، والثاني أن المراد أنه قادر على أن يخلق عبيدا آخرين يوحدونه ويقرون
بكمال حكمته وقدرته ، ويتركون ذكر هذه الشبهات الفاسدة ، فهو كقوله تعالى :
" ويأت بخلق جديد " وقوله : ويستبدل قوما غيركم " قال الواحدي : والقول هو الاول لانه
أشبه بما قبله .
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله : " وجعل لهم أجلا لا ريب فيه " : أي وجعل
لاعادتهم وقتا لا شك فيه أنه كائنن لا محالة ، وقيل : معناه : وضرب لهم مدة ليتكفروا
ويعلموا فيها أن من قدر على الابتداء قدر على الاعادة ، وقال في قوله تعالى : " وكذلك
أعثرنا عليهم " : أي كما أمتنا أصحاب الكهف وبعثناهم أطلعنا عليهم أهل المدينة " ليعلموا
أن وعد الله " بالبعث والثواب والعقاب " حق وأن الساعة لا ريب فيها " لان من قدر أن
ينيم جماعة تلك المدة المديدة أحياءا ثم يوقظهم قدر أيضا على أن يميتهم ثم يحييهم بعد
ذلك . وفي قوله تعالى : " ونرثه ما يقول " : أي ما عنده من المال والولد بإهلاكنا
إياه وإبطال ملكه " ويأتينا فردا " أي يأتي في الآخرة وحيدا بلا مال ولا ولد
ولا عدة ولا عدد . وفي قوله : " ويقولون متى هذا الوعد " أي القيامة ، فقال سبحانه :
" لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون " أي لو علموا الوقت الذي لا يدفعون
- 1 - بحار الانوار
[ 17 ]
فيه عذاب النار " عن وجوههم ولا عن ظهورهم " يعني أن النار تحيط بهم من جميع
جوانبهم " ولا هم ينصرون " وجواب " لو " محذوف أي لعلموا صدق ما وعدوا به ولما
استعجلوا ، وفي قوله : " فتبهتهم " أي فتحيرهم فلا يقدرون على دفعها ولا يؤخرون
إلى وقت آخر ولا يمهلون لتوبة أو لمعذرة . وفي قوله : " الذين يخشون ربهم بالغيب "
أي في حال الخلوة والغيبة عن الناس ، وقيل : في سرائرهم من غير رياء وفي قوله تعالى :
" إن كنتم في ريب " الريب : أقبح الشك ، أي إن كنتم في شك من النشور فإنا خلقنا
أصلكم وهو آدم من تراب ، فمن قدر على أن يصير التراب بشرا سويا حيا في الابتداء
قدر أن يحيي العظام ويعيد الاموات " ثم من نطفة " أي ثم خلقنا نسله من نطفة " ثم من
علقة " وهى القطعة من الدم الجامد " ثم من مضغة " أي شبه قطعة من اللحم ممضوغة
" مخلقة وغير مخلقة " أي تامة الخلق وغير تامة ، وقيل : مصورة وغير مصورة ، وهو ما كان
سقطا لا تخطيط فيه ولا تصوير " لنبينن لكم " أي لندلكم على مقدورنا بتصريفكم في


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 17 سطر 12 إلى صفحه 25 سطر 12

ضروب الخلق ، أو على أن من قدر على الابتداء قدر على الاعادة " ونقر " أي نبقي " في الارحام
مانشاء " إلى وقت تمامه ، والاشد حال اجتماع العقل والقوة " ومنكم من يتوفى " أي
يقبض روحه قبل بلوغ الاشد " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر " أي أسوء العمر
وأخبثه عند أهله وهي حال الخرف " لكيلا يعلم من بعد علم شيئا " أي لكيلا يستفيد
علما وينسى ما كان به عالما .
ثم ذكر سبحانه دلالة اخرى على البعث فقال : " وترى الارض هامدة "
يعني هالكة أو يابسة دراسة من أثر النبات " فإذا أنزلنا عليها الماء " وهو المطر
" اهتزت " أي تحركت بالنبات ، والاهتزاز : شدة الحركة في الجهات " وربت "
أي زادت وأضعفت نباتها " وأنبتت " يعني الارض " من كل زوج " أي من كل
صنف " بهيج " أي مونق للعين حسن الصورة واللون " ذلك بأن الله " أي ذلك
الذي سبق ذكره من تصريف الخلق على هذه الاحوال وإخراج النبات بسبب أن الله
" هو الحق " أي لتعلموا أن الله تحق له العبادة دون غيره ، وقيل : هو الذي يستحق
صفات التعظيم " وأنه يحيي الموتى " لان من قدر على الانشاء قدر على الاعادة .
[ 18 ]
وفي قول : " يفصل بينهم " أي يبين المحق من المبطل بما يضطر إلى العلم بصحة
الصحيح فيبيض وجه المحق ويسود وجه المبطل . وفي قوله : " في مرية منه " أي في شك
من القرآن . وفي قوله : " عذاب يوم عقيم " قيل . إنه عذاب يوم بدر وسماه عقيما لانه
لا مثل له في عظم أمره لقتال الملائكة فيه . أو لانه لم يكن للكفار فيه خير فهو كالريح
العقيم التي لا تأتي بخير ، وقيل : المراد به يوم القيامة ، والمعنى : حتى تأتيهم علامات
الساعة أو عذاب يوم القيامة ، وسماه عقيما لانه لا ليلة له ، وفي قوله تعالى : " إن هذا
إلا أساطير الاولين " أي وما هذا إلا أكاذيب الاولين ، فقد سطروا مالا حقيقة له .
ثم احتج تعالى على هؤلاء المنكرين للبعث بأنه مع أقراركم أنه تعالى خالق
السماوات والارض وما فيهما وأن بيده ملكوت كل شئ لا يتجه منكم إنكار البعث استبعادا
له مع كونه أهون وأيسر مما ذكر ، وفي قوله تعالى : " زينا لهم أعمالهم " أي أعمالهم التي
أمرناهم بها فهم يتحيرون بالذهاب عنها ، أو بأن خلقنا فيهم شهوة القبيح ليجتنبوا
المشتهى " فهم يعمهون " عن هذا المعنى ، أو حرمناهم التوفيق عقوبة لهم على كفرهم ، وزينت
أعمالهم في أعينهم .
وفي قوله تعالى : " وما يشعرون أيان يبعثون " أي متى يحشرون يوم القيامة ،
" بل ادراك علمهم في الآخرة " أي تتابع منهم العلم وتلاحق حتى كمل علمهم في الآخرة
بما اخبروا به في الدنيا فهو على لفظ الماضي والمراد به الاستقبال ، وقيل : إن هذا على
وجه الاستفهام فحذف الالف ، والمراد به النفي أي لم يبلغ علمهم بالآخرة ، وقيل : أي
أدرك هذا العلم جميع العقلاء لو نظروا وتفكروا لان العقل يقتضي أن الاهمال قبيح
فلابد من تكليف ، والتكليف يقتضي الجزاء ، وإذا لم يكن ذلك في الدنيا فلا بد
من دار الجزاء ، وقيل : أن الآية أخبار عن ثلاث طوائف : طائفة أقرت بالبعث ، وطائفة
شكت فيه ، طائفة نفته ، كما قال : " بل هم في أمر مريج " وقوله : " بل هم منها عمون "
أي عن معرفتها ، وهو جمع عمى وهو الاعمى القلب لتركه التدبير والنظر .
وفي قوله تعالى : " من كان يرجو لقاء الله " أي من كان يأمل لقاء ثواب الله ، أو من
يخاف عقاب الله " فإن أجل الله لآت " أي الوقت الذي وقته الله للثواب والعقاب جاء
[ 19 ]
لا محالة ، وفي قوله : " لهي الحيوان " أي الحياة على الحقيقة لانها الدائمة الباقية
التي لا زوال لها ولا موت فيها ، وتقديره : لهي دار الحيوان أو ذات الحيوان لانه مصدر .
وفي قوله تعالى : " يعلمون ظاهرا من الحيوة الدنيا " أي يعلمون منافع الدنيا
ومضارها ، وهم جهال بالآخرة ، وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن قوله : " يعلمون ظاهرا
من الحيوة الدنيا " فقال : منه الزجر والنجوم " أولم يتفكروا في أنفسهم " أي في حال
الخلوة لان في تلك الاحل يتمكن الانسان من نفسه ويحضره ذهنه ، أو في خلق الله
أنفسهم ، والمعنى : أولم يتفكروا فيعلموا " ما خلق الله السموات والارض وما بينهما إلا
بالحق " أي لاقامة الحق ، ومعناه للدلالة على الصانع والتعريض للثواب " وأجل مسمى "
أي لوقت معلوم توفى فيه كل نفس ماكسبت .
وفي قوله تعالى : " ثم إذا دعاكم دعوة من الارض " أي من القبر ، عن ابن عباس
يأمر الله عزوجل إسرافيل عليه السلام فينفخ في الصور بعد ما يصور الصور في القبور فيخرج
الخلائق كلهم من قبورهم " إذا أنتم تخرجون " من الارض أحياءا ، وقيل : إنه سبحانه
جعل النفخة دعاءا لان أسرافيل يقول : أجيبوا داعي الله فيدعو بأمر الله سبحانه ، وقيل :
معناه : أخرجكم من قبوركم بعد أن كنتم أمواتا فيها ، فعبر عن ذلك بالدعاء ، إذ هو
بمنزلة كن فيكون في سرعة تأتي ذلك وامتناع التعذر .
وقال في قوله تعالى : " وهو أهون عليه " أقوال : أحدها أن معناه : وهو هين عليه
كقوله : الله أكبر أي كبير ، الثاني أنه إنما قال : " أهون " لما تقرر في العقول أن إعادة
الشئ أهون من ابتدائه ، وهم كانوا مقرين بالابتداء فكأنه قال لهم : كيف تقرون
بما هو أصعب عندكم وتنكرون ما هو أهون عندكم ؟ الثالث أن الهاء في " عليه " يعود إلى
الخلق أي والاعادة على المخلوق أهون من النشأة الاولى لانه أنما يقال له في الاعادة :
كن فيكون ، وفي النشأة الاولى كان نطفة ثم علقة ثم مضغة وهكذا ، فهذا على المخلوق
أصعب ، والانشاء يكون أهون عليه ، ومثله يروى عن ابن عباس ، وأما ما يروى عن
مجاهد أنه قال : الانشاء أهون عليه من الابتداء فقول مرغوب عنه لانه تعالى لا يكون
شئ أهون عليه من شئ .
[ 20 ]
أقول : وقال شارح المقاصد : فإن قيل : ما معنى كون الاعادة أهون على الله
تعالى وقدرته قديمة لا تتفاوت المقدورات بالنسبة إليها ؟ قلنا : كون الفعل أهون تارة
يكون من جهة الفاعل بزيادة شرائط الفاعلية ، وتارة من جهة القابل بزيادة استعداد
القبول ، وهذا هو المراد ههنا ، وأما من جهة قدرة الفاعل فالكل على السواء .
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " لا مرد له من الله " : أي لا يرد يوم
القيامة أحد من الله " يومئذ يصدعون " أي يتفرقون فيه " فريق في الحنة وفريق في
السعير " وفي قوله : " إنها إن تك مثقال حبة من خردل " معناه أن فعلة الانسان من
خير أو شر إن كانت مقدار حبة خردل في الوزن " فتكن في صخرة " أي في حجرة
عظيمة ، لان الحبة فيها أخفى وأبعد من الاستخراج " يأت بها الله " أي يحضرها الله
يوم القيامة ويجازي عليها أي يأتي بجزاء ما وازنها من خير أوشر ، وقيل : معناه :
يعلمها الله فيأتي بها إذا شاء ، كذلك قليل العمل من خير أو شر يعلمه الله فيجازي عليه .
وروى العياشي عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : اتقوا المحقرات
من الذنوب فإن لها طالبا ، لا يقولن أحدكم أذنب وأستغفر الله تعالى ، إن الله تعالى يقول :
" إن تك مثقال حبه من خردل " الآية " إن الله لطيف " باستخراجها " خبير " بمستقرها .
وفي قوله تعالى : " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " أي كخلق نفس
واحدة وبعث نفس واحدة في قدرته ، فإنه لا يشق عليه ابتداء جميع الخلق ولا إعادتهم
بعد إفنائهم ، قال مقاتل : إن كفار قريش قالوا : إن الله خلقنا أطوارا : نطفة ، علقة
مضغة ، لحما ، فكيف يبعثنا خلقا جديدا في ساعة واحدة ؟ فنزلت الآية .
وفي قوله : " أئذا ضللنا في الارض " : أي غبنا في الارض فصرنا ترابا ، وكل
شئ غلب عليه غيره حتى يغيب فيه فقد ضل ، وقيل : معنى ضللنا : هلكنا . وفي قوله
تعالى : " والذين سعوا في آياتنا معاجزين " أي والذي عملوا بجهدهم وجدهم في
إبطال حججنا مقدرين إعجاز ربهم وظانين أنهم يفوتونه " اولئك لهم عذاب من
رجز " أي سيئ العذاب .
وفي قوله : " هل ندلكم على رجل " يعنون محمد صلى الله عليه واله " إذا مزقتم كل ممزق "
[ 21 ]
أي فرقتم كل تفريق وقطعتم كل تقطيع ، وأكلتكم الارض والسباع والطيور . و
الجديد : المستأنف المعاد " أفترى على الله كذبا " أي هل كذب على الله متعمدا " أم به جنة "
أي جنون فهو يتكلم بما لا يعلم ، ثم رد سبحانه عليهم قولهم فقال : بل ليس الامر
على ما قالوا " الذين لا يؤمنون بالآخرة " أي هؤلاء الذين لا يصدقون بالبعث والجزاء
" في العذاب " في الآخرة " والضلال البعيد " من الحق في الدنيا . ثم وعظهم سبحانه
ليعتبروا فقال : " أفلم يروا " أي أفلم ينظر هؤلاء الكفار " إلى ما بين أيديهم وما خلفهم
من السماء والارض " كيف أحاطت بهم فلا يقدرون على الخروج منها ، أو المعنى : أفلم
يتفكروا فيها فيستدلوا بذلك على قدرة الله تعالى ، ثم ذكر سبحانه قدرته على إهلاكهم
فقال : " إن نشأ نخسف بهم الارض " كما خسفنا بقارون " أو نسقط عليهم كسفا " أي
قطعة من السماء تغطيهم وتهلكهم " إن في ذلك لآية " أي إن فيما يرون من السماء و
الارض لدلالة على قدرة الله على البعث وعلى مايشاء من الخسف بهم " لكل عبد منيب "
أناب إلى الله ورجع إلى طاعته .
وفي قوله : " يفتح بيننا " أي يحكم بالحق . وفي قوله : " ميعاد يوم " أي يوم
القيامة ، وقيل : يوم وفاتهم . وفي قوله تعالى : " وآثارهم " أي ما يكون له أثر ، أو أعمالهم
التي صارت سنة بعدهم يقتدى فيها بهم حسنة كانت أم قبيحة ، وقيل : أي نكتب خطأهم
إلى المساجد . وفي قوله : " وإن كل لما " إن نافية ، ولما بمعنى إلا وفي قوله : " الذي جعل
لكم من الشجر الاخضر نارا " أي جعل لكم من الشجر الرطب المطفئ للنار نارا محرقة ، يعني
بذلك المرخ والعفار وهما شجرتان تتخذ الاعراب زنودها منهما ، فبين سبحانه أن من قدر
على أن يجعل في الشجر الذي هو في غاية الرطوبة نارا حامية مع مضادة النار للرطوبة
حتى إذا احتاج الانسان حك بعضه ببعض فيخرج منه النار وينقدح قدر أيضا على
الاعادة ، وتقول العرب : في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار ( 1 ) .
وقال الكلبي : كل شجر تنقدح منه النار إلا العناب ، وقال في سبب نزول
الآيات : قيل : إن ابي بن خلف أو العاص بن وائل جاء بعظم بال متفتت وقال : يا
* ( هامش ) * ( 1 ) في القاموس : استمجد المرخ والعفار استكثر امن النار . منه ( * )
[ 22 ]
محمد أتزعم أن الله يبعث هذا ؟ فقال : نعم ، فنزلت . والمروي عن الصادق عليه السلام أنه كان
ابي بن خلف .
وقال الرازي في تفسير هذه الايات : " أولم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة " وهو
أتم نعمه فإن سائر النعم بعد وجوده ، وقوله : " من نطفة " إشاره إلى وجه الدلالة وذلك
لان خلقه لو كان من أشياء مختلفة الصور كان يمكن أن يقال : العظم خلق من جنس صلب
واللحم من جنس رخو ، وكذلك الحال في كل عضو ، ولما كان خلقه من نطفة متشابهة
الاجزاء وهو مختلف الصور دل على الاختيار والقدرة ، وإلى هذا أشار بقوله تعالى : " يسقى
بماء واحد " وقوله : " فإذا هو خصيم مبين " فيه لطيفة غريبة وهي أنه تعالى قال : اختلاف
صور أعضائه مع تشابه أجزاء ما خلق منه آية ظاهرة ، ومع هذا فهنالك ما هو أظهر
وهو نطقه وفهمه ، وذلك لان النطفة جسم ، فهب أن جاهلا يقول : أنه استحال و
تكون جسما آخر ، لكن القوة الناطقة والقوة الفاهمة من أين تقتضيها النطفة ؟
فإبداع النطق والفهم أعجب وأغرب من إبداع الخلق والجسم ، وهو إلى إدراك القدرة
والاختيار منه أقرب ، فقوله : " خصيم " أي ناطق ، وإنما ذكر الخصيم مكان الناطق لانه
أعلى أحوال الناطق فإن الناطق مع نفسه لا يبين كلامه مثل ما يبينه وهو يتكلم مع
غيره ، والمتكلم مع غيره إذا لم يكن خصيما لايبين ولا يجتهد مثل ما يجتهد إذا كان كلامه
مع خصمه ، وقوله : " مبين " إشارة إلى قوة عقله واختيار الابانة ، فإن العاقل عند
الافهام أعلى درجة منه عند عدمه ، لان المبين بان عنده الشئ ثم أبانه ، فأن العاقل عند
الافهام أعلى درجة منه عند عدمه ، لان المبين بان عنده الشئ ثم أبانه ، فقوله تعالى :
" من نطفة " : إشارة إلى أدنى ما كان عليه ، قوله : " خصيم مبين " إشارة إلى أعلى ما
حصل عليه ، ثم قوله تعالى : " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه " إشارة إلى بيان الحشر ،
وفي هذه الآيات إلى آخر السورة غرائب وعجائب نذكرها بقدر الامكان إن شاء الله
تعالى ، فنقول :
المنكرون للحشر منهم من لم يذكر فيه دليلا ولا شبهة واكتفى بالاستبعاد و
ادعى الضرورة وهم الاكثرون ، ويدل عليه قوله تعالى حكاية عنهم في كثير من
المواضع بلفظ الاستبعاد كما قال : " وقالوا أئذا ضللنا في الارض أئنا لفي خلق جديد
[ 23 ]
أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون " إلى غير ذلك فكذا ههنا قال : " من يحيي
العظام وهي رميم " على طريق الاستبعاد ، فبدأ أولا بإبطال استبعادهم بقوله : " نسي
خلقه " أي أنسى أنا خلقناه من تراب ومن نطفة متشابهة الاجزاء ، ثم جعلنا لهم من
النواصي إلى الاقدام أعضاءا مختلفة الصور والقوام ، وما اكتفينا بذلك حتى أودعناهم
ما ليس من قبيل هذه الاجرام ، وهو النطق والعقل اللذين بهما استحقوا الاكرام ، فإن
كانوا يقنعون بمجرد الاستبعاد فهلا يستبعدون إعادة النطق والعقل إلى محل كانا فيه ؟
ثم إن استبعادهم كان من جهة ما في المعاد من التفتت والتفرق حيث قالوا : من يحيي
العظام وهي رميم ؟ اختاروا العظم للذكر لانه أبعد عن الحياة للعدم الاحساس فيه ،
ووصفوه بما يقوي جانب الاستبعاد من البلى والتفتت ، والله تعالى دفع استبعادهم من
جهة ما في المعيد من العلم والقدرة فقال : " ضرب لنا مثلا " أي جعل قدرتنا كقدرتهم
" ونسي خلقه " العجيب وبدأه الغريب . ومنهم من ذكر شبهة وإن كان آخرها يعود إلى
مجرد الاستبعاد وهي على وجهين :
أحدهما أنه بعد العدم لم يبق شئ فكيف يصح على العدم الحكم بالوجود ؟
وأجاب عن هذه الشبهة بقوله تعالى : " الذي أنشأها أول مرة " يعني كما خلق الانسان
ولم يكن شيئا مذكورا كذلك يعيده وإن لم يكن شيئا مذكورا .
وثانيهما أن من تفرق أجزاؤه في مشارق الارض ومغاربها وصار بعضه في أبدان السباع
وبعضه في جدران الرباع كيف يجمع ؟ وأبعد من هذا هو أن إنسانا إذا أكل إنسانا وصار
أجزاء المأكول في أجزاء الآكل فإن اعيد فأجزاء المأكول إما أن تعاد إلى بدن الآكل فلا
يبقى للمأكول أجزاء يخلق منها أعضاء ، وإما أن يعاد إلى بدن المأكول منه فلا يبقى
للآكل أجزاء ، فقال تعالى في إبطال هذه الشبهة : " وهو بكل خلق عليم " ووجهه أن
في الآكل أجزاء أصلية وأجزاء فضلية ، وفي المأكول كذلك ، فإذا أكل إنسان إنسانا
صار الاصلي من أجزاء المأكول فضليا من أجزاء الآكل ، والاجزاء الاصلية للآكل
هي ما كان له قبل الاكل ، والله بكل شئ عليم يعلم الاصلي من الفضلي ، فيجمع
الاجزاء الاصلية للآكل وينفخ فيها روحه ، ويجمع الاجزاء الاصلية للمأكول و
[ 24 ]
ينفخ فيها روحه ، وكذلك يجمع الاجزاء المتفرقة في البقاع المتبددة في الاصقاع
بحكمته الشاملة وقدرتها الكاملة ، ثم إنه تعالى عاد إلى تقرير ما تقدم من دفع
استبعادهم وإبطال إنكارهم وعنادهم فقال : " الذي جعل لكم من الشجر الاخضر نارا "
ووجهه هو أن الانسان مشتمل على جسم يحس به وحياة سارية فيه وهو الحرارة
جارية فيه فإن استبعدتم وجود حرارة وحياة فيه فلا تستبعدوه فإن النار في الشجر
الاخضر الذي يقطر منه الماء أعجب وأغرب ، وأنتم تحضرون حيث منه توقدون ، وإن
استبعدتم خلق جسمه فخلق السماوات والارض أكبر من خلق أنفسكم فلا تستبعدوه ،
فإن الله خلق السموات والارض ، فبان لطف قوله تعالى : " الذي جعل لكم من الشجر
الاخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون " وقوله : " أوليس الذي خلق السموات والارض
بقادر على أن يخلق مثلهم " وقد ذكر النار في الشجر على ذكر الخلق الاكبر ، لان
استبعادهم كان بالصريح واقعا على الاحياء حيث قالوا : من يحيي العظام ؟ ولم يقولوا :
من يجمعها ويؤلفها ؟ والنار في الشجر مناسب الحياة ، وقوله : " الخلاق " إشارة إلى أنه
في القدرة كامل ، وقوله : " العليم " إشارة إلى أنه بعلمه شامل ، ثم أكد بيانه بقوله :
" إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " هذا إظهار فساد تمثيلهم وتشبيههم
وضرب مثلهم حيث ضربوا لله مثلا وقالوا : لا يقدر أحد على مثل هذا قياسا للغائب على
الشاهد ، فقال في الشاهد الخلق يكون بالآلات البدنية والانتقالات المكانية فلا تقع
إلا في الازمنة الممتدة والله يخلق بكن فيكون انتهى .
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " وأنتم داخرون " : أي صاغرون أشد
الصغار ، ثم ذكر إن بعثهم يقع بزجرة واحدة فقال : " فإنما هي " إي إنما قصة البعث
" زجرة واحدة " أي صيحة واحدة من أسرافيل يعني نفخة البعث ، والزجرة : الصرفة
عن الشئ بالمخافة ، فكأنهم زجروا عن الحال التي هم فيها إلى المحشر " فإذا هم
ينظرون " إلى البعث الذي كذبوا به ، وقيل : فإذا هم أحياء ينتظرون ما ينزل بهم من
العذاب " وقالوا " إي ويقولون معترفين بالعصيان : " يا ويلنا " من العذاب ، وهو كلمة يقولها
القائل عند الوقوع في الهلكة " هذا يوم الدين " أي يوم الحساب أو يوم الجزاء " هذا يوم
[ 25 ]
الفصل " بين الخلائق ، والحكم وتمييز الحق من الباطل ، وهذا كلام بعضهم لبعض ، و
قيل : بل هو كلام الملائكة ، وفي قوله تعالى : " خاشعة " أي غبراء دارسة متهشمة
أي كان حالها حال الخاضع المتواضع ، وقيل : ميتة يابسة لا نبات فيها . وفي قوله : " ولئن
رجعت إلى ربى " : أي لست على يقين من البعث فإن كان الامر على ذلك ورددت إلى
ربى " إن لي عنده " الحالة " الحسنى " أو المنزلة الحسنى وهي الجنة سيعطينى في الآخرة
مثل ما أعطاني في الدنيا . وفي قوله تعالى : " إن الذين يمارون " : أي يدخلهم المرية
والشك " في الساعة " فيخاصمون في مجيئها على وجه الانكار لها .
وفي قوله : " نموت ونحيا " : قال فيه أقوال : أحدها أن تقديره : نحيا ونموت
فقدم وأخر . والثاني : أن معناه نموت وتحيا أولادنا . والثالث : يموت بعضنا ويحيا
بعضنا .
أقول : وقال البيضاوي : أي نكون أمواتا نطفا وما قبلها ونحيا بعد ذلك ، ويحتمل
أنهم أرادوا به التناسخ فإنه عقيدة أكثر عبدة الاوثان " وما يهلكنا إلا الدهر " أي


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 25 سطر 13 إلى صفحه 33 سطر 13

مرور الزمان .
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " إ أن قالوا ائتوا بآبائنا " : وإنما لم
يجبهم الله تعالى إلى ذلك لانهم قالوا ذلك متعنتين مقترحين لا طالبين الرشد . وفي قوله :
" وإذا حشر الناس " : أي إذا قامت القيامه صارت آلهتهم التي عبدوها أعداءا لهم " وكانوا
بعبادتهم كافرين " يعني أن الاوثان ينطقهم الله حتى يجحدوا أن يكونوا دعوا إلى عبادتها و
يكفروا بعبادة الكفار لهم . وفي قوله : " وقد خلت القرون من قبلي " : أي مضت الامم
وماتوا قبلي فما اخرجوا ولا اعيدوا ، وقيل : معناه : خلت القرون على هذا المذهب
ينكرون البعث " وهما يستغيثان الله " أي يستضرخان الله ويطلبان منه الغوث ليلطف
له بما يؤمن عنده ، ويقولان له : ويلك آمن بالقيامة وبما يقوله محمد صلى الله عليه وآله ، " إن وعد
الله " بالبعث والنشور والثواب والعقاب " حق فيقول " في جوابهما " ما هذا " القرآن وما
تدعونني إليه " إلا أساطير الاولين اولئك الذين حق عليهم القول " أي كلمة العذاب
" في امم " أي مع امم مضوا على مثل حالهم واعتقادهم " ولكل " من المؤمنين والكافرين
[ 26 ]
" درجات مما عملوا " أي على مراتبهم ومقادير أعمالهم ، فدرجات الابرار في عليين ،
ودرجات الفجار دركات في سجين ، وقيل : معناه : لكل مطيع درجات ثواب وإن
تفاضلوا في مقاديرها .
وفي قوله : " ولا تستعجل لهم " : أي العذاب لانه كائن واقع بهم عن قريب
" كأنهم يوم يرون ما يوعدون " أي من العذاب في الآخرة " لم يلبثوا " في الدنيا " إلا
ساعة من نهار " أي إذا عاينوا العذاب صار طول لبثهم في الدنيا والبرزخ كأنه ساعة
من النهار ، لان ما مضى كأن لم يكن وإن كان طويلا .
وفي قوله : " ذلك " أي ذلك الرد الذي يقولون " رجع بعيد " أي رد بعيد عن
الاوهام ، وإعادة بعيدة عن الكون ، والمعنى : أنه لا يكون ذلك لانه غير ممكن . ثم
قال سبحانه : " قد علمنا ماتنقص الارض منهم " أي ما تأكل الارض من لحومهم ودمائهم ،
وتبليه من عظامهم فلا يتعذر علينا ردهم " وعندنا كتاب حفيظ " أي حافظ لعدتهم
وأسمائهم وهو اللوح المحفوظ لا يشذ عنه شئ ، وقيل : " حفيظ " أي محفوظ عن البلى
والدروس وهو كتاب الحفظة الذين يكتبون أعمالهم : " بل كذبوا بالحق لما جائهم "
والحق هو القرآن ، وقيل : هو الرسول " فهم في أمر مريج " أي مختلط ، فمرة قالوا :
مجنون وتارة قالوا : ساحر ، وتارة قالوا : شاعر ، فتحيروا في أمره لجهلهم بحاله .
قوله : " من فروج " أي شقوق وفتوق : وقيل : معناه : ليس فيها تفاوت واختلاف . قوله
تعالى : " من كل زوج بهيج " أي من كل صنف حسن المنظر . وقوله : " وحب الحصيد "
أي حب البر والشعير وكل ما يحصد " والنخل باسقات " أي طويلات عاليات " لها طلع
نضيد " أي نضد بعضه على بعض . وفي قوله : " أفعيينا بالخلق الاول " أي أفعجزنا حين
خلقناهم أولا ولم يكونوا شيئا ، فكيف نعجز عن بعثهم وإعادتهم ؟ " بل هم في لبس
من خلق جديد " أي بل هم في ضلال وشك من إعادة الخلق جديدا .
وقال البيضاوي في قوله تعالى : " والذاريات ذروا " : يعني الرياح تذر والتراب
أو غيره ، أو النساء الولودات فإنهن يذرين الاولاد ، أو الاسباب التي تذري الخلائق
من الملائكة وغيرهم " فالحاملات وقرا " فالسحب الحاملة للامطار ، أو الرياح الحاملة
[ 27 ]
للسحاب ، أوالنساء الحوامل وأسباب ذلك " فالجاريات يسرا " فالسفن الجارية في
البحر سهلا ، أو الرياح الجارية في مهابها ، أو الكواكب التي تجري في منازلها ، ويسرا
صفة مصدر محذوف أي جريا ذا يسر " فالمقسمات أمرا " فالملائكة التي تقسم الامور
من الامطار والارزاق وغيرها ، أوما يعمهم وغيرها من أسباب القسمة ، أو الرياح تقسم
الامطار بتصريف السحاب " إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع " جواب للقسم
كأنه استدل باقتداره على هذه الاشياء العجيبة المخالفة لمقتضى الطبيعة على اقتداره
على البعث الموعود ، و " ما " موصولة أو مصدرية ، والدين : الجزاء ، والواقع ، الحاصل
" والسماء ذات الحبك " ذات الطرائق ، والمراد إما الطرائق المحسوسة التي هي مسير
الكواكب ، أو المعقولة التي يسلكها النظار ويتوصل بها إلى المعارف أو النجوم ، فان
لها طرائق ، أو أنها تزينها كما يزين الموشي طرائق الوشي ، " إنكم لفي قول مختلف "
في الرسول وهو قولهم تارة : إنه شاعر ، وتارة إنه ساحر ، وتارة إنه مجنون ، أو في
القران ، أو القيامة أو أمر الديانة " يؤفك عنه افك " يصرف عن الرسول أو الايمان
أو القرآن صرف إذ لا صرف أشد منه ، فكأنه لا صرف بالنسبة إليه ، أو يصرف من
صرف في علم الله وقضائه ، ويجوز أن يكون الضمير للقول على معنى يصدر إفك من افك
عن القول المختلف وبسببه " قتل الخراصون " الكذابون من أصحاب القول المختلف
وأصله الدعاء بالقتل اجري مجرى اللعن " الذين هم في غمرة " في جهل يغمرهم " ساهون "
غافلون عما امروا به " يسئلون أيان يوم الدين " أي فيقولون : متى يوم الجزاء ؟ أي
وقوعه " يوم هم على النار يفتنون " يحرقون " فإن للذين ظلموا ذنوبا " أي للذين
ظلموا رسول الله صلى الله عليه وآله بالتكذيب نصيبا من العذاب " مثل ذنوب أصحابهم " مثل نصيب
نظرائهم من الامم السابقة ، وهو مأخوذ من مقاسمة السقاة الماء بالدلاء ، فإن الذنوب
هو الدلو العظيم المملوء " فلا يستعجلون " جواب لقولهم : " متى هذا الوعد إن كنتم صادقين "
" فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون " أي من القيامة أو يوم بدر .
وقال في قوله تعالى : " والطور " : يريد طور سينين ، أو ما طارمن أوج الايجاد
إلى حضيض المواد ، أو من عالم الغيب إلى عالم الشهادة " وكتاب مسطور " مكتوب
[ 28 ]
والمراد به القرآن ، أو ما كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ ، أو ألواح موسى عليه السلام ، أو في
قلوب أوليائه من المعارف والحكم ، أو ما تكتبه الحفظة " في رق منشور " الرق : الجلد
الذي يكتب فيه ، استعير لما كتب فيه الكتاب " والبيت المعمور " يعني الكعبة ، وعمارتها
بالحجاج والمجاورين ، أو الضراح وهو في السماء الرابعة ، وعمرانه بكثرة غاشيته من
الملائكة ، أو قلب المؤمن ، وعمارته بالمعرفة والاخلاص " والسقف المرفوع " يعني السماء
" والبحر المسجور " أي المملوء وهو المحيط أو الموقد ، روي أن الله تعالى يجعل يوم
القيامة البحار نارا يسجر بها جهنم ، أو المختلط " إن عذاب ربك لواقع " لنازل " ماله
من دافع " يدفعه ، ووجه دلالة هذه الامور المقسم بها على ذلك أنها امور تدل على
كمال قدرة الله وحكمته وصدق اختياره وضبط أعمال العباد للمجازاة " يوم تمور السماء
مورا " أي تضطرب ، والمور تردد في المجئ والذهاب ، وقيل : تحرك في تموج " تسير
الجبال سيرا " أي تسير عن وجه الارض فتصير هباءا " فويل يومئذ للمكذبين " أي
إذا وقع ذلك فويل لهم " الذين هم في خوض يلعبون " أي في الخوض في الباطل ،
وفي قوله " : ثم يجزاه الجزاء الاوفى " : أي يجزى العبد سعيه بالجزاء الاوفر ، فنصب
بنزع الخافض ، ويجوز أن يكون مصدرا وأن يكون الهاء للجزاء المدلول عليه بيجزى
والجزاء بدله .
وقال الطبرسى رحمه الله في قوله تعالى : " وما أمرنا إلا واحدة " : أي وما أمرنا
بمجئ الساعة في السرعة إلا كطرف البصر ، والمعنى : إذا أردنا قيام الساعة أعدنا الخلق
وجميع الحيوانات في قدر لمح البصر في السرعة ، وقيل : معناه : وما أمرنا إذا أردنا أن
نكون شيئا إلا مرة واحدة لم نحتج فيه إلى ثانية ، إنما نقول له : كن فيكون " كلمح
البصر " في سرعته من غير إبطاء ولا تأخير .
وفي قوله تعالى : " سنفرغ لكم إيها الثقلان " : أي سنقصد لحسابكم أيها الجن
والانس عن الزجاج ، قال : والفراغ في اللغة على ضربين : أحدهما القصد للشئ ،
والآخر الفراغ من شغل ، والله لا يشغله شأن عن شأن ، وقيل : معناه : سنعمل عمل من
[ 29 ]
يفرغ للعمل فيجوده من غير تضجيع فيه ، وقيل : سنفرغ لكم من الوعيد بتقضي أيامكم
المتوعد فيها " فشبه ذلك بمن فرغ من شئ وأخذ في آخر .
وقال البيضاوي : " إلى ميقات يوم معلوم " أي إلى ما وقت به الدنيا وحد من
يوم معين عند الله معلوم له ، وفي قوله : " قوما غضب الله عليهم " : يعني عامة الكفار
أو اليهود " قد يئسوا من الآخرة " لكفرهم بها أو لعلمهم بأنه لا حظ لهم فيها لعنادهم
الرسول المنعوت في التوراة المؤيد بالآيات " كما يئس الكفار من أصحاب القبور "
أن يبعثوا ، أو يثابوا ، أو ينالهم خير منهم ، وعلى الاول وضع الظاهر موضع المضمر للدلالة
على أن الكفر آيسهم .
وقال الطبرسي رحمه الله : أي كما يئس الكفار الذين ماتوا وصاروا في القبور
من أن يكون لهم في الآخرة حظ ، وقيل : يريد بالكفار ههنا الذين يدفنون الموتى
أي كما يئس الذين دفنوا الموتى منهم .
وقال في قوله : " لا اقسم بيوم القيمة " : قيل : إن " لا " زائدة ومعناه اقسم ، وقيل :
إن " لا " رد على الذين أنكروا البعث والنشور فكأنه قال : لا كما تظنون ، ثم ابتدأ
القسم ، وقيل : أي لا اقسم بيوم القيامة لظهورها بالدلائل العقلية والسمعية ، أو لا اقسم
بها فإنكم لا تقرون بها .
وقال البيضاوري : إدخال لاء النافية على فعل القسم للتأكيد شائع في كلامهم ،
" ولا اقسم بالنفس اللوامة " أي بالنفس المتقية التي تلوم النفوس المقصره في التقوى
يوم القيامة على تقصيرهن ، أو التي تلوم نفسها أبدا وإن اجتهدت في الطاعة ، أو النفس
المطمئنة اللائمة للنفس الامارة ، أو بالجنس ، لما روي أنه صلى الله عليه وآله قال : ليس من نفس
برة ولا فاجرة إلا وتلوم نفسها يوم القيامة إن عملت خيرا كيف لم أزد ، وإن عملت شرا
قالت : ليتني كنت قصرت ، أو نفس آدم فإنها لم تزل تتلوم على ما خرجت به من
الجنة " أيحسب الانسان " يعني الجنس ، وإسناد الفعل إليه لان فيهم من يحسب ،
أو الذي نزل فيه وهو عدي بن ربيعة ، سأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن أمر القيامة فأخبره به ،
فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم اصدقك أو يجمع الله هذه العظام ! " أن لن نجمع عظامه "
[ 30 ]
بعد تفرقها " بلى " نجمعها " قادرين على أن نسوي بنانه " نجمع سلامياته ونضم
بعضها إلى بعض كما كانت مع صغرها ولطافتها فكيف بكبار العظام ، أو على أن
نسوي بنانه الذي هو أطرافه فكيف بغيرها " بل يريد الانسان ليفجر أمامه " ليدوم
على فجوره فيما يستقبله من الزمان " يسأل أيان يوم القيمة " متى يكون ؟ استبعادا
واستهزاءا .
وفي قوله تعالى : " أن يترك سدى " : أي مهملا لا يكلف ولا يجازى ، وفي قوله :
" كان شره " : أي شدائده " مستطيرا " فاشيا منتشرا غاية الانتشار ، من استطار الحريق
والفجر وفي قوله تعالى : " والمرسلات عرفا " قال : أقسم بطوائف من الملائكة أرسلهن
الله بأوامره متتابعة ، فعصفن عصف الرياح في امتثال أمره ، ونشرن الشرائع في الارض ،
أو نشرن النفوس الموتى بالجهل بما اوحين من العلم ففرقن بين الحق والباطل ، فألقين
إلى الانبياء ذكرا عذرا للمحقين ونذرا للمبطلين ، أو بآيات القرآن المرسلة بكل عرف
إلى محمد صلى الله عليه وآله ، فعصفن سائر الكتب والاديان بالنسخ ونشرن آثار الهدى والحكم في
الشرق والغرب ، وفرقن بين الحق والباطل فألقين ذكرالحق فيما بين العالمين ، أو بالنفوس
الكاملة المرسلة إلى الابدان لاستكمالها فعصفن ما سوى الحق ونشرن أثر ذلك في جميع
الاجزاء ففرقن بين الحق بذاته والباطل بنفسه ، فيرون كل شئ هالكا إلا وجهه فألقين
ذكرا بحيث لا يكون في القلوب والالسنة إلا ذكر الله ، أو برياح عذاب ارسلن فعصفن ،
ورياح رحمة نشرن السحاب في الجو ففرقن ، فألقين ذكرا أي تسببن له فإن العاقل
إذا شاهد هبوبها وآثارها ذكر الله تعالى ويذكر كمال قدرته ، وعرفا إما نقيض النكر
وانتصابه على العلة أي ارسلن للاحسان والمعروف ، أو بمعنى المتتابعة من عرف الفرس
وانتصابه على الحال ، " عذرا أو نذرا " مصدران لعذر إذا محا الاساءة ، وأنذر : إذا
خوف ، أو جمعان لعذير بمعنى المعذرة ونذير بمعنى الانذار ، أو بمعنى العاذر والمنذر ،
ونصبهما على الاولين بالعلية أي عذرا للمحقين ونذرا للمبطلين ، أو البدلية من ذكرا
على أن المراد به الوحي ، أو ما يعم التوحيد والشرك والايمان والكفر ، وعلى الثالث
بالحالية " إنما توعدون لواقع " جواب القسم ، ومعناه : إن الذي توعدونه من مجئ
القيامة كائن لا محالة .
[ 31 ]
وفي قوله تعالى : عم يتسائلون : " أصله عما فحذف الالف ، ومعنى هذا
الاستفهام تفخيم شأن ما يتسائلون عنه ، كأنه لفخامته خفي جنسه فيسأل عنه ، و
الضمير لاهل مكة كانوا يتسائلون عن البعث فيما بينهم ، أو يسألون الرسول صلى الله عليه وآله
والمؤمنين عنه استهزاءا " عن النبأ العظيم " بيان للشأن المفخم أو صلة يتسائلون ، و
عم متعلق بمضمر مفسر به " الذي هم فيه مختلفون " بجزم النفي والشك فيه ، أوبالاقرار
والانكار " كلا سيعلمون " ردع عن التساؤل ووعيد عليه " ثم كلا سيعلمون " تكرير
للمبالغة ، و " ثم " للاشعار بأن الوعيد الثاني أشد ، وقيل : الاول عند النزع والثاني في
القيامة ، أو الاول للبعث والثاني للجزاء .
وفي قوله تعالى : " والنازعات غرقا " : هذه صفات ملائكة الموت فإنهم ينزعون
أرواح الكفار من أبدانهم غرقا أي إغراقا في النزع ، فإنهم ينزعونها من أقاصي الابدان
أو نفوسا غرقة في الاجساد ، وينشطون أي يخرجون أرواح المؤمنين برفق من نشط
الدلو من البئر : إذا أخرجها ، ويسبحون في إخراجها سبح الغواص الذي يخرج الشئ
من أعماق البحر ، فيسبقون بأرواح الكفار إلى النار ، وبأرواح المؤمنين إلى الجنة ،
فيدبرون أمر عقابها وثوابها بأن يهيؤوها لادراك ما اعد لها من الآلام واللذات ،
أو الاوليان لهم والباقيات لطوائف من الملائكة يسبحون في مضيها أي يسرعون فيه
فيسبقون إلى ما امروا به فيدبرون أمره ، أو صفات النجوم فإنها تنزع من المشرق
إلى المغرب غرقا في النزاع بأن تقطع الفلك حتى تنحط في أقصى المغرب ، وتنشط من برج
إلى برج أي تخرج ، من نشط الثور : إذا خرج من بلد إلى بلد ، ويسبحون في الفلك فيسبق
بعضها في السير لكونه أسرع حركة فتدبر أمرا نيط بها كاختلاف الفصول وتقدير الازمنة
وظهور مواقيت العبادات ، ولما كانت حركتها من المشرق إلى المغرب قسرية وحركاتها
من برج إلى برج ملائمة سمي الاولى نزعا والثانية نشطا ، أو صفات النفوس الفاضلة حال
المفارقة فإنها تنزع عن الابدان غرقا أي نزعا شديدا من إغراق النازع في القوس
فتنشط إلى عالم الملكوت . وتسبح فيها فتسبق إلى حظائر القدس فتصير لشرفها وقوتها
من المدبرات ، أو حال سلوكها فإنها تنزع عن الشهوات وتنشط إلى عالم القدس فتسبح
[ 32 ]
في مراتب الارتقاء فتسبق إلى الكمالات حتى تصير من المكملات ، أو صفات أنفس الغزاة
أو أيديهم تنزع القسي بإغراق السهام ، وينشطون بالسهم للرمي ويسبحون في البر
والبحر فيسبقون إلى حرب العدو فيدبرون أمرها ، أو صفات خيلهم فإنها تنزع في
أعنتها نزعا تغرق فيه الاعنة لطول أعناقها وتخرج من دار االاسلام إلى دار الكفر ،
وتسبح في جريها فتسبق إلى العدو فتدبر أمر الظفر ، أقسم الله بها على قيام الساعة ،
وإنما حذف لدلالة ما بعده عليه " يوم ترجف الراجفة " وهو منصوب به ، والمراد
بالراجفة الاجرام الساكنة التي تشتد حركتها حينئذ كالارض والجبال ، لقوله :
" يوم ترجف الارض والجبال " أو الواقعة التي ترجف الاجرام عندها وهي النفخة
الاولى " تتبعها الرادفة " التابعة وهي السماء والكواكب تنشق وتنتثر ، أو النفخة
الثانية ، والجملة في موقع الحال " قلوب يومئذ واجفة " شديدة الاضطراب من الوجيف
وهي صفة لقلوب ، والخبر : " أبصارها خاشعة " أي أبصار أصحابها ذلية من الخوف ، ولذلك
أضافها إلى القلوب " يقولون أئنا لمردودون في الحافرة " في الحالة الاولى يعنون
الحياة بعد الموت ، من قولهم : رجع فلان في حافرته أي طريقه التي جاء فيها فحفرها
أي أثر فيها بمشيه على النسبة كقوله : عيشة راضية " أئذا كنا عظاما ناخرة " أي بالية
أو نخرة وهي أبلغ " قالوا تلك إذا كرة خاسرة " ذات خسران أو خاسر أصحابها ،
والمعنى أنها أن صحت فنحن إذا خاسرون لتكذيبنا بها وهو استهزاء منهم " فإنما
هي زجرة واحدة " متعلق بمحذوف أي لا يستصعبوها فما هي إلا صيحة واحدة يعني
النفخة الثانية " فإذا هم بالساهرة " فأذا هم أحياء على وجه الارض بعد ما كانوا
أمواتا في بطنها ، والساهرة الارض البيضاء المستوية ، وقيل : اسم جهنم .
وفي قوله تعالى : " يوم تبلى السرائر " : أي تتعرف وتميز بين ما طاب من
الضمائر وما خفي من الاعمال وما خبث منها " فما له " للانسان " من قوة " من منعة
في نفسه يمتنع بها " ولا ناصر " يمنعه .
وفي قوله تعالى : " فما يكذبك " أي فأي شئ يكذبك يا محمد ؟ دلالة أو نطقا
" بعد بالدين " بالجزاء بعد ظهور هذه الدلائل ، وقيل : " ما " بمعنى " من " وقيل : الخطاب
للانسان على الالتفات ، والمعنى : فما الذي يحملك على هذا التكذيب ؟ " أليس الله
[ 33 ]
بأحكم الحاكين " تحقيق لما سبق ، والمعنى : أليس الذي فعل ذلك من الخلق والرد
بأحكم الحاكمين صنعا وتدبيرا ؟ ومن كان كذلك كان قادرا على الاعادة والجزاء ، وقال :
الرجعى مصدر كالبشرى .
وفي قوله تعالى : " أفلا يعلم إذا بعثر " أى بعث " ما في القبور " من الموتى " وحصل "
جمع محصلا في الصحف ، أو ميز " ما في الصدور " من خير أو شر ، وتخصيصه لانه
الاصل " إن ربهم بهم يومئذ " يوم القيامة " لخبير " عالم بما أعلنوا وما أسروا فيجازيهم .
وفي قوله تعالى : " أرأيت " : استفهام معناه التعجب " الذي يكذب بالدين "
بالجزاء أو الاسلام .
1 - لى : الهمدانى ، عن علي : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن الصادق
جعفر بن محمد عليهما السلام قال : إذا أراد الله عزوجل أن يبعث الخلق أمطر السماء أربعين
صباحا ( 1 ) فاجتمعت الاوصال ونبتت اللحوم . " ص 107 "
ين : ابن أبي عمير مثله .
2 - ما : المفيد ، عن عبدالله بن أبي شيخ إجازة عن محمد بن أحمد الحكمى ، عن


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 33 سطر 14 إلى صفحه 41 سطر 14

عبدالرحمن بن عبدالله البصري ، عن وهب بن جرير ، عن أبيه ، عن محمد بن إسحاق بن
بشار ، ( 2 ) عن سعيد بن مينا ، عن غير واحد من أصحابه أن نفرا من قريش اعترضوا
الرسول صلى الله عليه وآله منهم : عتبة بن ربيعة ، وامية بن خلف ، والوليد بن المغيرة ، والعاص
بن سعيد فقالوا : يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد فنشترك نحن وأنت في الامر فإن
يكن الذي نحن عليه الحق فقد أخذت بحظك منه ، وإن يكن الذي أنت عليه الحق
فقد أخذنا بحظنا منه ، فأنزل الله تبارك وتعالى : " قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : امطر السماء على الارض اربعين صباحا . م
( 2 ) الصحيح : محمد بن اسحق بن يسار كما في الامالى المطبوع ، ترجمه ابن حجر في التقريب
قال : محمد بن إسحق بن يسار ابوبكر المطلبى مولاهم المدنى ، نزيل العراق إمام المغازى صدوق
يدلس ، ورمى بالتشيع والقدر ، من صغار الخامسة ، مات سنة 150 ويقال بعدها . انتهى . و
عده الشيخ الطوسى في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام وقال : روى عنهما أى عنه وعن ابيه
ابى جعفر الباقر عليهما السلام ومات سنة 151 . ( * )
[ 34 ]
تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد " إلى آخر السورة ، ثم مشى ابي بن خلف بعظم رميم
ففته في يده ثم نفخه وقال : أتزعم أن ربك يحيي هذا بعد ما ترى ؟ ! فأنزل الله تعالى
" وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها
أول مرة وهو بكل خلق عليم " إلى آخر السورة .
3 - فس : أبي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة
عن أبي عبدالله عليه السلام في خبر طويل يذكر فيه قصة بخت نصر أنه لما قتل ما قتل من
بني إسرائيل خرج إرميا على حمار ومعه تين قد تزوده وشئ من عصير ، فنظر إلى
سباع البر وسباع البحر وسباع الجو تأكل تلك الجيف ففكر في نفسه ساعة ثم قال :
أنى يحيي الله هؤلاء وقد أكلتهم السباع ؟ ( 1 ) فأماته الله مكانه وهو قول الله تبارك وتعالى :
" أو كالذي مر على قرية وهى خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها
فأماته الله مائة عام ثم بعثه " أي أحياه ، فلما رحم الله بني إسرائيل وأهلك بخت نصر
رد بني أسرائيل إلى الدنيا ، وكان عزير لما سلط الله بخت نصر على بني إسرائيل هرب
ودخل في عين وغاب فيها وبقي إرميا ميتا مائة سنة ثم أحياه الله ، فأول ما أحيا منه
عينيه ( 2 ) في مثل غرقئ البيض فنظر ، فأوحى الله تعالى إليه : كم لبثت ؟ قال : لبثت يوما ،
ثم نظر إلى الشمس قد ارتفعت فقال : أو بعض يوم ، فقال الله تبارك وتعالى : " بل لبثت
مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه " أي لم يتغير " وانظر إلى حمارك ولنجعلك
آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما " فجعل ينظر إلى العظام البالية
المنفطرة تجتمع إليه ، وإلى اللحم الذي قد أكلته السباع يتألف إلى العظام من ههنا و
ههنا ويلتزق بها حتى قام وقام حماره فقال : " أعلم أن الله على كل شئ قدير " . " ص 80 "
بيان : الغرقئ كزبرج : القشرة الملتزقة بياض البيض ، أو البياض الذي يؤكل .
وقال الطبرسي رحمه الله : " أو كالذي مر " أي أوهل رأيت كالذي مر على قرية ؟ وهو
عزير ، عن قتادة وعكرمة والسدي وهو المروي عن أبي عبدالله عليه السلام ، وقيل : هو إرميا
عن وهب وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام ، وقيل : هو الخضر عن ابن إسحاق ، والقرية
التي مر عليها هى بيت المقدس لما خربه بخت نصر ، وقيل : هي الارض المقدسة ،
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : قال : أنى يحيى هذه الله بعد موتها وقد أكلتهم اه . م ( 2 ) في المصدر : عيناه " . ( * )
[ 35 ]
وقيل : هي القرية التي خرج منها الالوف حذر الموت " وهي خاوية على عروشها " أي
خالية " وقيل : خراب ، وقيل : ساقطة على أبنيتها وسقوفها كأن السقوف سقطت ووقع
البنيان عليها " قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها " أي كيف يعمر الله هذه القرية بعد خرابها ؟
وقيل : كيف يحيي الله أهلها بعد ما ماتوا ؟ ولم يقل ذلك إنكارا ولا تعجبا ولا ارتيابا
ولكنه أحب أن يريه الله إحياءها مشاهدة ( 1 ) " فأماته الله مائة عام ثم بعثه " أي أحياه " قال
كم لبثت " في التفسير أنه سمع نداءا من السماء : كم لبثت ؟ يعني في مبيتك ومنامك ، وقيل :
إن القائل نبي ، وقيل : ملك ، وقيل : بعض المعمرين ممن شاهده عند موته وإحيائه ،
" قال لبثت يوما أو بعض يوم " لان الله تعالى أماته في أول النهار وأحياه بعد مائة سنة
في آخر النهار ، فقال : يوما ، ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال : أو بعض يوم ، ثم
قال : " بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه " أي لم تغيره السنون ،
وإنما قال : لم يتسنه على الواحد لانه أراد جنس الطعام والشراب ، وقيل : أراد به
الشراب لانه أقرب ، وقيل : أراد عصيرا وتينا وعنبا وهذه الثلاثة أسرع الاشياء تغيرا
وفسادا فوجد العصير حلوا والتين والعنب كما جنيا لم يتغير ، " وانظر إلى حمارك " كيف
تفرقت أجزاؤه وتبددت عظامه ، ثم انظر كيف يحييه الله ، وإنما قال ذلك له
ليستدل بذلك على طول مماته " ولنجعلك آية للناس " فعلنا ذلك ، وقيل : معناه :
فعلنا ذلك إجابة لك إلى ما أردت " ولنجعلك آية " أي حجة للناس في البعث " وانظر
إلى العظام كيف ننشرها " كيف نحييها ، وبالزاي كيف نرفعها من الارض فنردها
إلى أماكنها من الجسد ، ونركب بعضها إلى بعض " ثم نكسوها " أي نلبسها " لحما "
واختلف فيه فقيل : أراد عظام حماره ، وقيل : أراد عظامه ، قالوا : أول ما أحيا الله منه
عينه ، وهو مثل غرقئ البيض فجعل ينظر إلى العظام البالية المتفرقة تجتمع إليه وإلى
اللحم الذي قد أكلته السباع تأتلف إلى العظام من ههنا ومن ههنا وتلتزم وتلتزق
بها حتى قام وقام حماره " فلما تبين له " أي ظهر وعلم " قال أعلم " أي أيقن " أن الله على
* ( هامش ) * ( 1 ) الاية إنما تدل على استبطاء هذا النبى إحياء عظام الموتى واستعظامه المدة واستطالته
ذلك كما يشهد به ما في جوابه تعالى حيث يقول له بعد إحيائه : " كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض
يوم قال بل لبثت مائة عام " وقد بيناه تفصيلا في تفسير الميزان فراجع . ط . " ( * )
[ 36 ]
كل شئ قدير " أي لم أقل ما قلت عن شك وارتياب ، ويحتمل أنه إنما قال ذلك لانه
ازداد لما عاين وشاهد يقينا وعلما ، إذ كان قبل ذلك علمه علم استدلال فصار علمه ضرورة
ومعاينة انتهى .
أقول : سيأتي تفصيل هذه القصة وما سيأتي من قصة إبراهيم عليه السلام في كتاب
النبوة مع سائر ما يتعلق بهما من الاخبار .
4 - فس : " وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى
ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ " الآية حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ،
عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام أن إبراهيم عليه السلام نظر إلى جيفة على ساحل البحر
تأكلها سباع البر وسباع البحر ثم يثب السباع بعضها على بعض فيأكل بعضها بعضا ، فتعجب
إبراهيم فقال : " رب أرني كيف تحيي الموتى " فقال الله له : " أولم تؤمن قال بلى ولكن
ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزء
ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم " فأخذ إبراهيم صلوات الله عليه الطاووس
والديك والحمام والغراب قال الله عزوجل : " فصرهن إليك " أي قطعهن ثم اخلط
لحماتهن ( 1 ) وفرقها على كل عشرة جبال ثم خذ مناقيرهن وادعهن يأتينك سعيا ،
ففعل إبراهيم ذلك وفرقهن على عشرة جبال ثم دعاهن فقال : إجيبيني بإذن الله تعالى
فكانت جتمع ويتألف لحم كل واحد وعظمه إلى رأسه وطارت إلى إبراهيم ، فعند ذلك
قال إبراهيم : " إن الله عزيز حكيم " . " ص 81 "
بيان : يظهر ( 2 ) من هذا الخبر وغيره من الاخبار أن إبراهيم عليه السلام أراد بهذا
السؤال أن يظهر للناس جواب شبهة تمسك بها الملاحدة المنكرون للمعاد حيث قالوا :
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : لحمهن
( 2 ) الذي يظهر من سياق الاية أن ابراهيم عليه السلام إنما سأله تعالى أن يريه كيفية إحياء
الموتى لا أصل الاحياء كما يدل عليه قوله : " رب أرنى كيف تحيى الموتى " وبين الامرين فرق
والذى ذكره المؤلف قدس سره وفاقا لكثير من المفسرين إنما يتم على التقدير الثانى وليس بمراد
في الاية ، وقد بينا ذلك بما لا مزيد عليه في تفسير الميزان فراجع . ط . ( * )
[ 37 ]
لو أكل إنسان إنسانا وصار غذاءا له جزءا من بدنه فالاجزاء المأكولة إما أن تعاد في
بدن الآكل أو في بدن المأكول ، وأياما كان لا يكون أحدهما بعينه معاد بتمامه ،
على أنه لا أولوية لجعلها جزءا من احدهما دون الآخر ، ولا سبيل إلى جعلها جزءا
من كل منهما ، وأيضا إذا كان الآكل كافرا والمأكول مؤمنا يلزم تنعيم الاجزاء العاصية ،
أو تعذيب الاجزاء المطيعة .
واجيب بأنا نعني بالحشر إعادة الاجزاء الاصلية الباقية من أول العمر إلى آخره
لا الحاصلة بالتغذية ، فالمعاد من كل من الآكل والمأكول أجزاء الاصلية الحاصلة
في أول الفطرة من غير لزوم فساد ، ثم أوردوا على ذلك بأنه يجوز أن تصير تلك الاجزاء
الاصلية في المأكول الفضلية في الآكل نطفة وأجزاءا أصلية لبدن آخر ويعود المحذور .
واجيب بأنه لعل الله يحفظها من أن تصير جزءا لبدن آخر فضلا عن أن تصير
جزءا أصليا ، وتلك الاخبار تدل على أن ما في الاية الكريمة أشارة إلى هذا الكلام
أي أنه تعالى يحفظ أجزاء المأكول في بدن الآكل ، ويعود في الحشر إلى بدن المأكول ،
كما أخرج تلك الاجزاء المختلطة والاعضاء الممتزجة من تلك الطيور وميز بينها ، ثم
قوله تعالى : " فصرهن " قيل : هو مأخوذ من صاره يصوره : إذا أماله ، ففي الكلام تقدير
أي أملهن وضمهن إليك وقطعهن ثم اجعل ، وقال ابن عباس وابن جبير والحسن و
مجاهد : صرهن إليك معناه : قطعهن ، يقال : صار الشئ يصوره صورا : إذا قطعه ، وظاهر
قوله عليه السلام : فقطعهن أنه تفسير لقوله تعالى : " فصرهن " ويحتمل أن يكون بيانا لحاصل
المعنى فلا ينافي الاول ، وأما سبب سؤال إبراهيم عليه السلام وسائر ما يتعلق بهذه القصة
فسيأتي في كتاب النبوة .
5 - ج : عن هشام بن الحكم أنه قال الزنديق للصادق عليه السلام : أنى للروح بالبعث
والبدن قد بلي والاعضاء قد تفرقت ؟ فعضو في بلدة تأكلها سباعها ، وعضو باخرى تمزقه
هوامها ، وعضو قد صار ترابا بني به مع الطين حائط ! قال : إن الذى أنشأه من غير شئ
وصوره على غير مثال كان سبق إليه قادر أن يعيده كما بدأه ، قال : أوضح لي ذلك ،
[ 38 ]
قال : إن الروح مقيمة في مكانها : روح المحسنين ( 1 ) في ضياء وفسحة ، وروح المسئ
في ضيق وظلمة ، والبدن يصير ترابا منه خلق ، ( 2 ) وما تقذف به السباع والهوام من
أجوافها فما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة
في ظلمات الارض ويعلم عدد الاشياء ووزنها ، وإن تراب الروحانيين بمنزلة الذهب
في التراب فإذا كان حين البعث مطرت الارض ( 3 ) فتربو الارض ثم تمخض مخض السقاء
فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء ، والزبد من اللبن إذا مخض ( 4 )
فيجتمع تراب كل قالب ( 5 ) فينقل بإذن الله تعالى إلى حيث الروح ، فتعود الصور بإذن
المصور كهيئتها وتلج الروح فيها فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا الخبر . " ص 192 "
بيان : فتربو الارض أي تنمو وتنتفخ يقال : ربي السويق : أي صب عليه الماء
فانتفخ .
6 - ج : عن حفص بن غياث قال : شهدت المسجد الحرام وابن أبي العوجاء يسأل
أبا عبدالله عليه السلام عن قوله تعالى : " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا
العذاب " ما ذنب الغير ؟ قال : ويحك هي هي وهي غيرها ، فقال : فمثل لي ذلك شيئا
من أمر الدنيا ، قال : نعم ، أرأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها ثم ردها في ملبنها ( 6 )
فهي هي وهي غيرها . " ص 194 "
ايضاح : يتحمل أن يكون المراد أنه يعود شخصه بعينه وإنما الاختلاف في
الصفات والعوارض غير المشخصات ، أو أن المادة متحدة وإن اختلفت التشخصات
والعوارض وسيأتي تحقيقه . ( 7 )
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : روح المحسن . م
( 2 ) في المصدر : كما منه خلق . م
( 3 ) في المصدر مطرت الارض مطر النشور اه . م ( 4 ) مخض اللبن : استخرج زبده . مخض الشئ : حركه شديدا .
( 5 ) في المصدر : كل قالب إلى قالبه فينتقل اه . م
( 6 ) الملبين : قالب اللبن .
( 7 ) الطبيعيون لا يرون وراء الجسم في الانسان ولا غيره شيئا موجودا ولذا كان الانسان عندهم . " ( * )
[ 39 ]
7 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن الحسن بن علي بن عاصم ، عن سليمان
ابن داود ، عن حفص بن غياث قال : كنت عند سيد الجعافرة جعفر بن محمد عليه السلام لما
أقدمه المنصور فأتاه ابن أبي العوجاء وكان ملحدا فقال له ، ما تقول في هذه الآية :
" كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها " هب هذه الجلود عصت فعذبت فما ذنب
الغير ؟ قال أبوعبدالله عليه السلام : ويحك هي هي وهي غيرها ، قال : أعقلني هذا القول ،
فقال له : أرأيت لو أن رجلا عمد إلى لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء وجبلها ثم ردها إلى
هيئتها الاولى ألم تكن هي هي وهي غيرها ؟ فقال : بلى أمتع الله بك . " ص 20 "
8 - فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
إذا أراد الله أن يبعث أمطر السماء على الارض أربعين صباحا فاجتمعت الاوصال ونبتت
اللحوم ، وقال : أتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله فأحذه فأخرجه إلى البقيع فانتهى به إلى
قبر فصوت بصاحبه فقال : قم بإذن الله ، فخرج منه رجل أبيض الرأس واللحية يمسح
التراب عن وجهه وهو يقول : الحمدلله والله أكبر ، فقال جبرئيل : عد بإذن الله ، ثم انتهى
به إلى قبر آخر فقال : قم بإذن الله فخرج منه رجل مسود الوجه وهو يقول ، يا حسرتاه
يا ثبوراه ، ثم قال له جبرئيل : عد إلى ما كنت بإذن الله ، فقال : يا محمد هكذا يحشرون
يوم القيامة ، والمؤمنون يقولون هذا القول ، وهؤلاء يقولون ما ترى .
* ( هامش ) * * مجموع الاجزاء والاعضاء فقط ولهذا أشكل أمر العينية عليهم مع تبدل بعض الاعضاء والاجزاء
وهو السبب في نسبة ابن أبى العوجاء المعصية إلى الجلود ثم الاعتراض بالعذاب مع التبديل بأنه
عذاب لغير العاصى . ومحصل ما اجاب به عليه السلام أن المعصية للانسان لا لاجزاء بدنه بالضرورة
فالعاصى هو الانسان لا جلده فالمعذب هو الانسان ( وهو الروح ) لكن بواسطة الجلد ، والجلد الثانى
وان كان غير الجلد الاول إذا اخذا وحدهما لكنهما من جهة أنهما جلدا الانسان واحد يعذب به الانسان
فهو هو وليس هو ، ثم مثل عليه السلام باللبنة فاعقله أن الموضوع الجوهري فيها هو المقدار المأخوذ
من الطين الكذائى المتشخص بنفسه وشكل اللبنة عارض عليه ومن توابع وجوده وإذا قيس الشكل
إلى الشكل كان غيره واذا اخذا من حيث انهما لللبنة كنا واحدا فالانسان ( وهو الروح المعبر عنه
بأنا ) هو الاصل المتشخص بنفسه بمنزلة جوهر اللبنة ، والاعضاء والاجزاء من جلد ولحم ودم وغيرها
بمنزلة الاشكال الطارئة على اللبنة وهي تتشخص بالاصل لا بالعكس . ط ( * )
[ 40 ]
9 - ين : إبراهيم بن أبي البلاد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما السلام
قال : أتى جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخذ بيده فأخرجه إلى البقيع فانتهى إلى قبر
فصوت بصاحبه فقال : قم بإذن الله ، قال : فخرج منه رجل مبيض الوجه يمسح التراب
عن وجهه . وساقه مثل ما مر .
10 - ب : السندي بن محمد ، ( 1 ) عن صفوان الجمال ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجبرئيل : ياجبرئيل أرني كيف يبعث الله تبارك وتعالى العباد يوم
القيامة ؟ قال نعم فخرج إلى مقبرة بني ساعدة فأتى قبرا فقال له : اخرج بإذن الله فخرج
رجل ينفض رأسه من التراب وهو يقول : والهفاه - واللهف : هو الثبور - ( 2 ) ثم قال :
ادخل فدخل ، ثم قصد به إلى قبر آخر فقال : اخرج بإذن الله فخرج شاب ينفض رأسه
من التراب وهو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله ، وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ، ثم قال
هكذا يبعثون يوم القيامة يا محمد . " ص 28 "
11 - ل : الخليل بن أحمد ، عن محمد بن إسحاق ، عن علي بن حجر ، ( 3 ) عن شريك ،
عن منصور بن المعتمر ، عن ربعي بن خراش ، ( 4 ) عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
* ( هامش ) * ( 1 ) السندى بالسين المكسورة ثم النون الساكنة ثم الدال المسكورة اسمه أبان بن محمد يكنى أبا بشير
صليب من جهينة ويقال : من بجيلة وهو الاشهر ، وهو ابن اخت صفوان بن يحيى ، كان ثقة وجها
في أصحابنا الكوفيين ، له كتاب نوادر ، عده الشيخ في رجاله من اصحاب الهادي عليه السلام
( 2 ) والثبور : الهلاك .
( 3 ) بضم الحاء ثم الجيم الساكنة هو على بن حجر بن أياس السعدى نزيل بغداد ثم مرو ،
وثقه ابن حجر وقال : ثقة حافظ من صغار التاسعة ، مات سنة اربع واربعين ، وقد قارب المائه أو جاوزها
راجع التقريب ص 369 .
( 4 ) ربعى بكسر الراء وسكون الباء . خراش اما بالخاء المعجمة المكسورة كما يظهر من رجال
الوسيط والمحكى عن ابن داود ومختصر الذهبى ، أو بالمهملة المسكورة كما في التقريب ، وعلى
أى فقد وثقه ابن حجر وغيره ، قال ابن حجر : ثقة عابد مخضرم من الثانية ، مات سنة مائة : وقيل : غير
ذلك . وقال الاسترابادى في الوسيط : ربعى بن خراش ذكره ابن داود لا غير ، وقد ذكره العامة
وقالوا : عابد ورع لم يكذب في الاسلام ، من جملة التابعين وكبارهم ، وروى عن على عليه السلام ،
مات سنة إحدى ومائة انتهى . وحكى المامقانى عن البرقى وغيره أنه وأخيه مسعود من خواص
على عليه السلام من مضر . ( * )
[ 41 ]
لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربعة : حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأني
رسول الله بعثني بالحق ، وحتى يؤمن بالبعث بعد الموت ، وحتى يؤمن بالقدر " ج 1 ص 93 "
12 - ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن ابن ابي عمير ، عن أبي
أيوب قال : حدثني أبوبصير ، عن أبى عبدالله عليه السلام قال : لما رأى إبراهيم ملكوت
السماوات والارض التفت فرأى رجلا يزني فدعا عليه فمات ، ثم رأى آخر فدعا عليه
فمات ، حتى رأى ثلاثة فدعا عليهم فماتوا ، فأوحى الله عزوجل إليه : يا إبراهيم
دعوتك مجابة فلا تدعو على عبادي فإني لو شئت لم أخلقهم ، اني خلقت خلقي على
ثلاثة أصناف : عبدا يعبدني لا يشرك بي شيئا فاثيبه ، وعبدا يعبد غيري فلن يفوتني ،
وعبدا يعبد غيري فاخرج من صلبه من يعبدني ، ثم التفت فرأي جيفة على ساحل البحر بعضها
في الماء وبعضها في البر تجئ سباع البحر فتأكل ما في الماء ثم ترجع ، فيشتمل بعضها
على بعض فيأكل بعضها بعضا ، وتجئ سباع البر فتأكل منها فيشتمل بعضها على بعض
فيأكل بعضها بعضا ، فعند ذلك تعجب إبراهيم عليه السلام مما رأى ، وقال : يا رب أرني
كيف تحيي الموتى ؟ هذه امم يأكل بعضها بعضا ، قال : أولم تؤمن ؟ قال : بلى ولكن
ليطمئن قلبي - يعني حتى أرى هذا كما رأيت الاشياء كلها - قال : خذ أربعة من الطير


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 41 سطر 15 إلى صفحه 49 سطر 15

فقطعهن وأخلطهن كما اختلطت هذه الجيفة في هذه السباع التي أكل بعضها بعضا
فخلط ثم اجعل على كل جبل منهن جزاءا ثم ادعهن يأتينك سعيا ، فلما دعاهن
أجبنه وكانت الجبال عشرة ، قال : وكانت الطيور : الديك والحمامة والطاووس و
الغراب . " ص 195 "
كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وعلي بن إبراهيم ، عن إبيه ، عن ابن
إبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز مثله إلى قوله : وكانت الجبال عشرة .
بيان : في الكافي : " وقال رب أرني كيف تحيي الموتى " قال : كيف تخرج ما تناسل
الذي أكل بعضها بعضا ؟ فيكون أشارة إلى انعقاد النطفة من أجزاء بدن آخر وتولد
شخص آخر من النطفة كما أشرنا إليه سابقا .
[ 42 ]
13 - ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن
الحسين بن سيف ، عن أخيه علي ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر
صلوات الله عليه قال : كان فيما وعظ به لقمان عليه السلام ابنه أن قال : يا بني إن تك في شك
من الموت فارفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك وإن كنت في شك من البعث فارفع
عن نفسك الانتباه ولن تستطيع ذلك ، فإنك إذا فكرت في هذا علمت أن نفسك بيد
غيرك ، وإنما النوم بمنزلة الموت ، وإنما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت .
14 - سن : علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن الثمالي ، عن علي بن الحسين
عليهما السلام قال : عجبت للمتكبر الفخور كان أمس نطفة وهو غدا جيفة ! والعجب
كل العجب لمن شك في الله وهو يرى الخلق ! والعجب كل العجب لمن أنكر الموت وهو
يرى من يموت كل يوم وليلة ! والعجب كل العجب لمن أنكر النشأة الاخرى وهو يرى
الاولى ! والعجب كل العجب لعامر دار الفناء ويترك دار البقاء . " ص 242 "
15 - سن : أبان ، عن ابن سيابة ، عن أبي النعمان ، عن أبي جعفر عليه السلام
مثله ( 1 ) " ص 242 "
ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن
الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام مثله . " ص 60 "
16 - شى : عن ابن معمر ، عن علي عليه السلام في قوله : " الذين يظنون أنهم ملاقوا
ربهم " : يقول : يوقنون أنهم مبعوثون ، والظن منهم يقين .
17 - شى : عن ابن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : " وتركنا بعضهم يومئذ
يموج في بعض " يعني يوم القيامة .
18 - شى : عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : جاء ابي بن خلف فأخذ
عظما باليا من حائط ففته ، ( 2 ) ثم قال : يا محمد اذا كنا عظاما ورفاتا ( 3 ) أئنا لمبعوثون ؟
* ( هامش ) * ( 1 ) مع اختلاف في الالفاظ . م
( 2 ) فت الشئ : كسره بالاصابع كسرا صغيرة .
( 3 ) رفاتا : حطاما وفتاتا مما تناثر وبلى من كل شئ . ( * )
[ 43 ]
فأنزل الله : " من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل
خلق عليم " .
19 - م : قال عليه السلام في قصة ذبح البقرة : فأخذوا قطعة وهي عجب الذنب
الذي منه خلق ابن آدم وعليه يركب إذا اريد خلقا جديد فضربوه بها .
20 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الحسين
عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : تنوقوا في
الاكفان فإنكم تبعثون بها . " ف ج 41 " .
21 - كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد
عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سئل عن الميت
يبلى جسده ؟ قال : نعم حتى لا يبقى لحم ( 2 ) ولا عظم إلا طينته التي خلق منها ، فإنها
لا تبلى ، تبقى في القبر مستديرة حتى يخلق منها كما خلق أول مرة . " ف ج 1 ص 69 "
توضيح : مستديرة أي بهيئة الاستدارة ، أو متبدلة متغيرة في أحوال مختلفة
ككونها رميما وترابا وغير ذلك فهي محفوظة في كل الاحوال ، وهذا يؤيد ما ذكره
المتكلمون من أن تشخص الانسان إنما هو بالاجزاء الاصلية ولا مدخل لسائر
الاجزاء والعوارض فيه .
22 - في تفسير النعماني فيما رواه عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : وأما احتجاجه
على الملحدين في دينه وكتابه ورسله فإن الملحدين أقروا بالموت ولم يقروا بالخالق ،
فأقروا بأنهم لم يكونوا ثم كانوا ، قال الله تعالى : " ق والقرآن المجيد " إلى قوله :
" بعيد " وكقوله عزوجل : " وضرب لنا مثلا " إلى قوله : " أول مرة " ومثله قوله
تعالى : " ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولاهدى ولا كتاب منير كتب عليه أنه
من توليه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير " فرد الله تعالى عليهم ما يدلهم على صفة
* ( هامش ) * ( 1 ) أى تجودوا فيها .
( 2 ) في المصدر : حتى لا يبقى له لحم اه . م ( * )
[ 44 ]
ابتداء خلقهم وأول نشئهم : " يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث " إلى قوله :
" لكيلا يعلم بعد علم شيئا " فأقام سبحانه على الملحدين الدليل عليهم من أنفسهم ، ثم قال
مخبرا لهم : " وترى الارض هامدة " إلى قوله : " وإن الله يبعث من في القبور " وقال
سبحانه : " وهو الذي يرسل الرياح " إلى قوله : " وكذلك النشور " فهذا مثال أقام الله
عزوجل لهم به الحجة في إثبات البعث والنشور بعد الموت ، وأما الرد على الدهرية
الذين يزعمون أن الدهر لم يزل أبدا على حال واحدة وأنه ما من خالق ولا مدبر
ولا صانع ولا بعث ولا نشور قال تعالى حكاية لقولهم : " وقالوا ما هي إلا حيوتنا الدنيا
نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم وقالوا أئذا كنا عظاما و
رفتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا " إلى قوله : " أول مرة " ومثل هذا في القرآن كثير ،
وذلك على من كان ( 1 ) في حياة رسول الله صلى الله اليه وآله
يقول هذه المقالة ، ومن أظهر ( 2 ) له
الايمان وأبطن الكفر والشرك وبقوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وكانوا سبب هلاك الامة
فرد الله تعالى بقوله : " يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث " الاية ، وقوله :
" وترى الارض هامدة " الآية ، وما جرى مجرى ذلك في القرآن ، وقوله سبحانه في
سورة " ق " كما مر فهذا كله رد على الدهرية والملاحدة ممن أنكر البعث والنشور .
" ص 40 - 46 "
فس : وأما ماهو رد على الدهرية وذكر نحوا مما سبق . " ص 17 "
23 - فس : " الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون " فإن
الظن في كتاب الله على وجهين فمنه ظن يقين ، ومنه ظن شك ، ففي هذا الموضع الظن
يقين " ص 39 " 24 - فس : " إن الذين لا يرجون لقائنا " أي لا يؤمنون به . " ص 284 "
25 - فس : قوله تعالى : " وهو الذي جعل لكم من الشجر الاخصر نارا " و
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : وذلك رد على من كان اه . م
( 2 ) في المصدر : ممن اظهر الايمان . م " ( * )
[ 45 ]
هو المرخ والعفار ( 1 ) يكون في ناحية بلاد العرب ( 2 ) فإذا أرادوا أن يستوقدوا أخذوا
من ذلك الشجر ، ثم أخذوا عودا فحركوه فيه فاستوقدوا منه النار . قوله : " داخرون "
أي مطروحون في النار . قوله : " هذا يوم الدين " يعني يوم الحساب والمجازاة . قوله :
" يمارون في الساعة " يخاصمون . " ص 554 ، 601 " .
26 - فس : " ق " جبل محيط بالدنيا وراء يأجوج ومأجوج ، ( 3 ) وهو قسم " بل عجبوا "
يعني قريشا " أن جائهم منذر منهم " يعني رسول الله صلى الله عليه وآله " فقال الكافرون هذا شئ
عجيب أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد " قال : نزلت في ابي بن خلف قال لابي
جهل : تعال إلي لاعجبك من محمد ، ثم أخذ عظما ففته ثم قال : يزعم محمد أن هذا يحيا
فقال الله : " بل كذبوا بالحق لما جائهم فهم في أمر مريج " يعني مختلف ، ثم احتج
عليهم وضرب للبعث والنشور مثلا فقال : " أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم " إلى قوله :
" بهيج " أي حسن : قوله : " وحب الحصيد " قال : كل حب يحصد " والنخل باسقات "
أي مرتفعات " لها طلع نضيد " يعني بعضه على بعض " كذلك الخروج " جواب لقولهم :
" أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد " فقال الله : كما أن الماء إذا أنزلناه من السماء
فيخرج النبات كذلك أنتم تخرجون من الارض . " ص 643 "
27 - فس : " والمرسلات عرفا " قال : آيات يتبع بعضها بعضا " فالعاصفات
عصفا " قال : القبر " والناشرات نشرا " قال : نشر الاموات ، " فالفارقات فرقا " قال :
الدابة ، " فالملقيات ذكرا " قال : الملائكة " عذرا أو نذرا " أي اعذركم وانذركم بما
أقول ، وهو قسم وجوابه " إن ما توعدون لواقع " " ص 708 "
بيان : قوله : القبر لعل المعنى أن المراد بها آيات القبر وأهوالها والملائكة
* ( هامش ) * ( 1 ) المرخ بفتح الميم فالسكون : شجر رقيق سريع الورى يقتدح به . والعفار كسحاب : شجر
يتخذ منه الزناد .
( 2 ) في المصدر : بلاد المغرب . م
( 3 ) خبر ربما وجد في كتب العامة والخاصة وفى بعض الالفاظ : جبل من زبرجد محيط بالدنيا
منه حضرة السماء والحس القطعى يكذبه ، ولذا حاول بعضهم تأويله ، والاشبه أن يكون من
الموضوعات . ط ( * )
[ 46 ]
السائلون فيها ، كما ورد أنهم يأتون كالريح العاصف ، كما أن المراد بما بعده أنه لبيان
نشر الاموات ، فالناشرات : الملائكة الموكلون بالنشر ، والدابة المراد بها دابة الارض
يفرق بين المؤمن والكافر ، ولعل المعنى أنها من الفارقات .
28 - فس : " والنازعات غرقا " قال : نزع الروح " والناشطات نشطا " قال :
الكفار ينشطون في الدنيا " والسابحات سبحا " قال : المؤمنون الذين يسبحون الله ،
وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " فالسابقات سبقا " يعني أرواح
المؤمنين سبق أرواحهم إلى الجنة بمثل الدنيا ، وأرواح الكافرين إلى النار بمثل ذلك .
وقال علي بن إبراهيم في قوله : " يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة " ( 1 ) : قال :
تنشق الارض بأهلها ، والرادفة : الصيحة ، " قلوب يومئذ واجفة " أي خائفة ،
" يقولون أئنا لمردودون في الحافرة " قال : قالت قريش : أنرجع بعد الموت إذا كنا
عظاما نخرة ؟ أي بالية ، " تلك إذا كرة خاسرة " قال : قالوا هذا على حد الاستهزاء
فقال الله : " فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة " قال : الزجرة : النفخة الثانية
في الصور ، والساهرة : موضع بالشام عند بيت المقدس وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي
جعفر عليه السلام في قوله : " أئنا لمردودون في الحافرة " يقول : أي في خلق جديد ، وأما
قوله : " فإذا هم بالساهرة " ( 2 ) الساهرة : الارض كانوا في القبور فلما سمعوا الزجرة
خرجوا من قبورهم فاستووا على الارض . " ص 710 "
بيان : قال الفيروز آبادي : سبح كمنع سبحانا وسبح تسبيحا قال : سبحان الله .
* ( هامش ) * ( 1 ) ليست في المصدر جملة : وتتبعها الردافة . م
( 2 ) قال الرضى قدس سره في تلخيص البيان ص 271 : هذه استعارة ، لان المراد بالساهرة ههنا
على ما قال المفسرون والله أعلم - الارض ، قالوا إنما سميت ساهرة على مثال عيشة راضية ،
كأنه جاء على النسب ، أى ذات السهر وهى الارض المخوفة ، أى يسهر في ليلها خوفا من طوراق
شرها . وقيل : إنما سميت الارض ساهرة لانها لا تنام عن أنماء نباتها وزروعها فعملها في ذلك ليلا
كعملها فيه نهارا انتهى وقال الراغب : الساهرة قيل : وجه الارض ، وقيل : هى أرض القيامة ، و
حقيقتها التى يكثر الواطئ بها فكأنها سهرت بذلك . ( * )
[ 47 ]
29 - فس : " إنه على رجعه لقادر " كما خلقه من نطفة يقدر أن يرده إلى
الدنيا وإلى القيامة " يوم تبلى السرائر " قال : يكشف عنها ، حدثنا جعفر بن أحمد ،
عن عبيدالله بن موسى ، ( 1 ) عن ابن البطائني ، عن أبيه ، عن أبي بصير في قوله : " فما له
من قوة ولا ناصر " قال : ما له قوة يقوي بها على خالقه ، ولا ناصر من الله ينصره إن
أراد سوءا . " ص 720 - 721 "
30 - نهج : قال عليه السلام : بالموت تختم الدنيا ، والدنيا تحرز الآخرة ، وبالقيامة
تزلف الجنة للمتقين ، وتبرز الجحيم للغاوين ، وإن الخلق لا مقصر ( 2 ) لهم عن القيامة
مرقلين في مضمارها إلى الغاية القصوى - إلى قوله - : قد شخصوا من مستقر الاجداث
وصاروا إلى مصائر الغايات ، لكل دار أهلها لا يستبدلون بها ولا ينقلون عنها .
عد : اعتقادنا في البعث بعد الموت أنه حق . 31 - وقال النبي صلى الله عليه وآله : يا بنى عبدالمطلب أن الرائد ( 3 ) لا يكذب أهله ، والذي
بعثني بالحق لتموتن كما تنامون ، ولتبعثن كما تستيقظون ، وما بعد الموت دار إلا جنة
أو نار ، وخلق جميع الخلق وبعثهم على الله عزوجل كخلق نفس واحدة وبعثها ، قال
الله تعالى : " وما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة " .
تذنيب : اعلم أن القول بالمعاد الجسمانى مما اتفق عليه جميع المليين وهو من
ضروريات الدين ومنكره خارج عن عداد المسلمين ، والآيات الكريمة في ذلك ناصة
لا يعقل تأويلها ، والاخبار فيه متواترة لا يمكن ردها ولا الطعن فيها ، وقد نفاه أكثر
ملاحدة الفلاسفة تمسكا بامتناع إعادة المعدوم ولم يقيموا دليلا عليه ، بل تمسكوا
تارة بادعاء البداهة ، واخرى بشبهات واهية لا يخفى ضعفها على من نظر فيها بعين البصيرة
واليقين وترك تقليد الملحدين من المتفلسفين قال الرازي في كتاب نهاية العقول : قد
عرفت أن من الناس من أثبت النفس الناطقة فلا جرم اختلف أقوال أهل العالم في أمر المعاد
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة : عبدالله بن موسى .
( 2 ) المقصر كمقعد : المجلس ، أى لا مجلس للخلق أو لا غاية لهم دون القيامة ، أو لا مرد لهم
عنها . مرقلين أى مسرعين . والمضمار : الميدان .
( 3 ) الرائد : هو الذى يرسله القوام لطلب الماء والكلاء لهم . ( * )
[ 48 ]
على وجوه أربعة : أحدها قول من قال : إن المعاد ليس إلا للنفس ، وهذا مذهب الجمهور
من الفلاسفة ، وثانيها : قول من قال : المعاد ليس إلا لهذا البدن ، وهذا قول نفاة النفس
الناطقة وهم أكثر أهل الاسلام ، وثالثها : قول من أثبت المعاد للامرين وهم طائفة كثيرة
من المسلمين مع أكثر النصارى ، ورابعها : قول من نفى المعاد عن الامرين ، ولا أعرف
عاقلا ذهب إليه ، بلى كان جالينوس من المتوقفين في أمر المعاد : وغرضنا إثبات المعاد
البدني ، وللناس فيه قولان : أحدهما أن الله تعالى يعدم أجزاء الخلق ثم يعيدها ، وثانيهما
أنه تعالى يميتهم ويفرق أجزاءهم ، ثم إنه تعالى يجمعها ويرد الحياة إليها ، ثم قال :
والدليل على جواز الاعادة في الجملة أنا قد دللنا فيما مضى أن الله تعالى قادر على
كل الممكنات ، عالم بكل المعلومات من الجزئيات والكليات ، والعلم بهذه الاصول
لا يتوقف على العلم بصحة المعاد البدني ، وإذا كان كذلك أمكن الاستدلال بالسمع
على صحة المعاد ، لكنا نعلم باضطرار إجماع الانبياء صلوات الله عليهم من أولهم إلى
آخرهم على إثبات المعاد البدني فوجب القطع بوجود هذا المعاد .
وقال العلامة رحمه الله في شرح الياقوت : اتفق المسلمون على إعادة الاجساد
خلافا للفلاسفة ، واعلم أن الاعادة تقال بمعنيين : أحدهما جمع الاجزاء وتأليفها بعد
تفرقها وانفصالها ، والثاني إيجادها بعد إعدامها ، ، وأما الثاني فقد اختلف الناس فيه
واختار المصنف جوازه أيضا .
وقال العلامة الدواني في شرحه على العقائد العضدية : والمعاد - أي الجسماني
فإنه المتبادر عن إطلاق أهل الشرع ، إذ هو الذي يجب الاعتقاد به ، ويكفر من أنكره -
حق بإجماع أهل الملل الثلاثة ، وشهادة نصوص القرآن في المواضع المتعددة ، بحيث
لا يقبل التأويل كقوله تعالى : " أولم ير الانسان : إلى قوله : " بكل خلق عليم " ( 1 ) قال
المفسرون : نزلت هذه الآية في ابي بن خلف خاصم رسوله الله صلى الله عليه وآله وأتاه بعظم قد رم
وبلي ففته بيده وقال : يا محمد أترى الله يحيي هذه بعد ما رم ؟ فقال صلى الله عليه وآله : نعم ويبعثك
ويدخلك النار ، وهذا مما يقلع عرق التأويل بالكلية ، ولذلك قال الامام : الانصاف
* ( هامش ) * ( 1 ) يس : 92 . ( * )
[ 49 ]
أنه لا يمكن الجمع بين الايمان بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وبين إنكار الحشر الجسماني . قلت :
ولا الجمع بين القول بقدم العالم على ما يقوله الفلاسفة وبين الحشر الجسمانى لان
النفوس الناطقة على هذا التقدير غير متناهية فيستدعي حشرها جميعا أبدانا غير متناهية ،
وأمكنة غير متناهية وقد ثبت تناهي الابعاد بالبرهان وباعترافهم ، يحشر الاجساد
ويعاد فيها الارواح بإعادة البدن المعدوم بعينه عند المتكلمين بل أكثرهم ، وبأن تجمع
أجزاؤه المتفرقة كما كانت أولا عند بعضهم ، وهم الذين ينكرون جواز إعادة المعدوم
موافقة للفلاسفة ، وإذا استحال إعادة المعدوم تعين الوجه الثاني وهو أن يكون بجمع
الاجزاء المتفرقة وتأليفها كما كانت أولا .
لا يقال : لو ثبت استحالة إعادة المعدوم لزم بطلان الوجه الثاني أيضا لان أجزاء
بدن الشخص كبدن زيد مثلا وإن لم يكن له جزء صوري لا يكون بدن زيد إلا بشرط اجتماع
خاص وشكل معين ، فإذا تفرقت أجزاؤه وانتفى الاجتماع والشكل المعينان لم يبق
بدن زيد ، ثم إذا اعيد فإما أن يعاد ذلك الاجتماع والشكل بعينهما أولا ، وعلى الاول
يلزم إعادة المعدوم ، وعلى الثاني لا يكون المعاد بعينه هو البدن الاول بل مثله ، وحينئذ
يكون تناسخا ، ومن ثم قيل : ما من مذهب إلا وللتناسخ فيه قدم راسخ .
لانا نقول : إنما يلزم التناسخ إذا لم يكن البدن المحشور مؤلفا من الاجزاء


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 49 سطر 16 إلى صفحه 57 سطر 16

الاصلية للبدن الاول ، أما إذا كان كذلك فلا يستحيل إعادة الروح إليه ، وليس
ذلك من التناسخ ، وإن سمي ذلك تناسخا كان مجرد اصطلاح ، فإن الذي
دل على استحالته تعلق نفس زيد ببدن آخر لا يكون مخلوقا من أجزاء بدنه ، وأما
تعلقه بالبدن المؤلف من أجزائه الاصلية بعينها مع تشكلها بشكل مثل الشكل السابق
فهو الذي نعنيه بالحشر الجسماني ، وكون الشكل والاجتماع غير السابق لا يقدح في
المقصود وهو حشر الاشخاص الانسانية بأعيانها ، فإن زيدا مثلا شخص واحد محفوظ
وحدته الشخصية من أول عمره إلى آخره بحسب العرف والشرع ولذلك يؤاخذ
شرعا وعرفا بعد التبدل بما لزمه قبل ، وكما لا يتوهم أن في ذلك تناسخا لا ينبغي أن يتوهم في هذه الصورة أيضا ، وإن كان الشكل مخالفا للشكل الاول كما ورد في
[ 50 ]
الحديث أنه قال : يحشر المتكبرون كأمثال الذر ، وإن ضرس الكافر مثل احد ، وإن
أهل الجنة جرد مرد مكحولون ، والحاصل أن المعاد الجسماني عبارة عن عود النفس
إلى بدن هو ذلك البدن بحسب الشرع والعرف ، ومثل هذه التبدلات والمغايرات التي
لا تقدح في الوحدة بحسب الشرع والعرف لا تقدح في كون المحشور هو المبدأ فافهم .
واعلم أن المعاد الجسماني مما يجب الاعتقاد به ويكفر منكره ، أما المعاد الروحاني
أعني التذاذ النفس بعد المفارقة وتألمها باللذات والآلام العقلية فلا يتعلق التكليف
باعتقاده ولا يكفر منكره ولا منع شرعا ولا عقلا من إثباته ، قال الامام في بعض تصانيفه :
أما القائلون بالمعاد الروحاني والجسماني معا فقد أرادوا أن يجمعوا بين الحكمة
والشريعة فقالوا : دل العقل على أن سعادة الارواح بمعرفة الله تعالى ومحبته ، وأن
سعادة الاجساد في إدراك المحسوسات ، والجمع بين هاتين السعادتين في هذه الحياة
غير ممكن ، لان الانسان مع استغراقه في تجلي أنوار عالم القدس لا يمكنه أن يلتفت إلى
شئ من اللذات الجسمانية ، ومع استغراقه في استيفاء هذه اللذات لا يمكنه أن يلتفت
إلى اللذات الروحانية ، وإنما تعذر هذا الجمع لكون الارواح البشريه ضعيفة في
هذا العالم ، فإذا فارقت بالموت واستمدت من عالم القدس والطهارة قويت قادرة على
الجمع بين الامرين ، ولا شبهة في أن هذه الحالة هي الحالة القصوى من مراتب السعادات ،
قلت : سياق هذا الكلام مشعر بأن إثبات الروحاني إنما هو من حيث الجمع بين الشريعة
والفلسفة ، وإثباتهما ليس من المسائل الكلامية ، وهذا كما أن الرئيس أبا علي مع إنكاره
للمعاد الجسماني على ما هو بسطه في كتاب المعاد وبالغ فيه وأقام الدليل بزعمه على نفيه
قال في كتاب النجاة والشفاء : إنه يجب أن يعلم أن المعاد منه ما هو مقبول من الشرع
ولا سبيل إلى إثباته إلا من طرق الشريعة وتصديق خبر النبوة ، وهو الذي للبدن عند
البعث ، وخيراته وشروره معلوم لا يحتاج إلى إن يعلم ، وقد بسطت الشريعة الحقة التي
أتانا به سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وآله حال السعادة والشقاوة التي بحسب البدن ، ومنه ما هو
مدرك بالعقل والقياس البرهاني وقد صدقه النبوة ، وهو السعادة والشقاوة الثابتتان
بالقياس إلى نفس الامر ، وإن كان الاوهام منا تقصر عن تصورهما الآن . وسياق
[ 51 ]
هذا الكلام مشعر بأن إثباته للمعاد الروحاني ليس من حيث الحكمة ، بل هو من حيث
الشريعة ، فإن التمسك بالدلائل النقلية ليس من وظائف الفلسفة ، فلا يتوهم أن
إثباته من المسائل الحكمية وهو أراد إن يجمع بين الفلسفة والشريعة .
فذلكة : اعلم أن خلاصة القول في ذلك هو أن للناس في تفرق الجسم واتصاله
مذاهب : فالقائلون بالهيولى يقولون بانعدام الصورة الجسميه والنوعية وبقاء الهيولى
عند تفرق الجسم ، والنافون للهيولى والجزاء الذي لا يتجزى كالمحقق الطوسي رحمه
الله يقولون بعدم انعدام جزء من الجسم عند التفرق ، بل ليس الجسم إلا الصورة وهي
باقية في حال الاتصال والانفصال ، وكذا القائلون بالجزء يقولون ببقاء الاجزاء عند
التفرق والاتصال ، فأما على القول الاول فلا بد في القول بإثبات المعاد بمعنى عود
الشخص بجميع أجزائه من القول بإعادة المعدوم ، وأما القائلون بالاخيرين فقد ظنوا
أنهم قد تفصوا عن ذلك ويمكنهم القول بالحشر الجسماني بهذا المعنى مع عدم القول
بجواز إعادة المعدوم ، وفيه نظر إذ ظاهر أنه إذا احرق جسد زيد وذرت الرياح ترابه
لا يبقى تشخص زيد وإن بقيت الصورة والاجزاء ، بل لابد في عود الشخص بعينه من
عود تشخصه بعد انعدامه كما مرت الاشارة إليه ، نعم ذكر بعض المتكلمين أن تشخص
الشخص إنما يقوم بأجزائه الاصلية المخلوقة من المني ، وتلك الاجزاء باقية في مدة
حياة الشخص وبعد موته وتفرق أجزائه ، فلا يعدم التشخص ، وقد مضى ما يومئ إليه
من الاخبار ، وعلى هذا فلو انعدم بعض العوارض الغير المشخصة واعيد غيرها مكانها
لا يقدح في كون الشخص باقيا بعينه ، فإذا تمهد هذا فاعلم أن القول بالحشر الجسماني
على تقدير عدم القول بامتناع إعادة المعدوم حيث لم يتم الدليل عليه بين لا إشكال فيه ،
وأما على القول به فيمكن أن يقال : يكفي في المعاد كونه مأخوذا من تلك المادة بعينها
أو من تلك الاجزاء بعينها لا سيما إذا كان شبيها بذلك الشخص في الصفات والعوارض بحيث
لو رأيته لقلت : إنه فلان إذ مدار اللذات والآلام على الروح ولو بواسطة الآلات ، وهو باق
بعينه ولا تدل النصوص إلا على إعادة ذلك الشخص بمعنى أنه يحكم عليه عرفا أنه ذلك
الشخص كما أنه يحكم على الماء الواحد إذا افرغ في إنائين إنه هو الماء الذي كان في إناء
[ 52 ]
واحد عرفا وشرعا وإن قيل بالهيولى ، ولا يبتني الاطلاقات الشرعية والعرفية واللغوية
على أمثال تلك الدقائق الحكمية والفلسفية ، وقد أومأنا في تفسير بعض الآيات وشرح
بعض الاخبار إلى ما يؤيد ذلك ، كقوله تعالى : " على أن يخلق مثلهم " وقوله تعالى :
" بدلناهم جلودا غيرها " .
قال شارح المقاصد : اتفق المحققون من الفلاسفة والمليين على حقيقة المعاد ،
واختلفوا في كيفيته فذهب جمهور الفلاسفة إلى أنه روحاني فقط لان البدن ينعدم بصوره
وأعراضه فلا يعاد ، والنفس جوهر مجرد باق لا سبيل إليه للفناء فيعود إلى عالم المجردات
بقطع التعلقات ، وذهب كثير من علماء الاسلام كالغزالي والكعبي والحليمي والراغب
والقاضي أبوزيد الدبوسى إلى القول بالمعاد الروحاني والجسماني جميعا ، ذهابا إلى أن
النفس جوهر مجرد يعود إلى البدن ، وهذا رأي كثير من الصوفية والشيعة والكرامية
وبه يقول جمهور النصارى والتناسخية ، قال الامام الرازي : إلا أن الفرق أن المسلمين
يقولون بحدوث الارواح وردها إلى الابدان لا في هذا العالم بل في الآخرة ، والتناسخية
بقدمها وردها إليها في هذا العالم ، وينكرون الآخرة والجنة والنار ، وإنما نبهنا
على هذا الفرق لانه جبلت على الطباع العامية أن هذا المذهب يجب أن يكون كفرا
وضلالا ، لكونه مما ذهب إليه التناسخية والنصارى ، ولا يعلمون أن التناسخية إنما
يكفرون لانكارهم القيامة والجنة والنار ، والنصارى لقولهم بالتثليث ، وأما القول
بالنفوس المجردة فلا يرفع أصلا من اصول الدين ، بل ربما يؤيده ويبين الطريق
إلى إثبات المعاد بحيث لا يقدح فيه شبه المنكرين ، كذا في نهاية العقول .
وقد بالغ الامام الغزالي في تحقيق المعاد الروحاني وبيان أنواع الثواب و
العقاب بالنسبة إلى الروح حتى سبق إلى كثير من الاوهام ووقع في ألسنة بعض العوام
أنه ينكر حشر الاجساد افتراءا عليه ، كيف وقد صرح به في مواضع من كتاب الاحياء
وغيره وذهب إلى أن إنكاره كفر ؟ وإنما لم يشرحه في كتبه كثير شرح لما قال : إنه
ظاهر لا يحتاج إلى زيادة بيان ، نعم ربما يميل كلامه وكلام كثير من القائلين بالمعادين
إلى أن معنى ذلك أن يخلق الله تعالى من الاجزاء المتفرقة لذلك البدن بدنا فيعيد
[ 53 ]
إليه نفسه المجردة الباقية بعد خراب البدن ، ولا يضرنا كونه غير البدن الاول بحسب
الشخص ، ولا امتناع إعادة المعدوم بعينه ، وما شهد به النصوص من كون أهل الجنة
جردا مردا وكون ضرس الكافر مثل جبل احد يعضد ذلك ، وكذا قوله تعالى : " كلما
نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها " ( 1 ) ولا يبعد أن يكون قوله تعالى : " أوليس
الذي خلق السموات والارض بقادر على أن يخلق مثلهم " ( 2 ) إشارة إلى هذا .
فإن قيل : فعلى هذا يكون المثاب والمعاقب باللذات والآلام الجسمانية غير من
عمل الطاعة وارتكب المعصية . قلنا : العبرة في ذلك بالادراك ، وإنما هو للروح ولو
بواسطة الآلات وهو باق بعينه ، وكذا الاجزاء الاصلية من البدن ، ولذا يقال للشخص
من الصباء إلى الشيخوخة : إنه هو بعينه وإن تبدلت الصور والهيئات بل كثير من الاعضاء
والآلات ، ولا يقال لمن جنى في الشباب فعوقب في المشيب : إنها عقوبة لغير الجاني انتهى .
أقول : الاحوط والاولى التصديق بما تواتر في النصوص وعلم ضرورة من ثبوت
الحشر الجسماني ، وسائر ما ورد فيها من خصوصياته ، وعدم الخوض في أمثال ذلك ،
إذ لم نكلف بذلك ، وربما أفضى التفكر فيها إلى القول بشئ لم يطابق الواقع ولم نكن
معذورين في ذلك ، والله الموفق للحق والسداد في المبدء والمعاد .
* ( هامش ) * ( 1 ) النساء : 55 .
( 2 ) يس : 82 . ( * )
[ 54 ]
( باب 4 )
* ( أسماء القيامة واليوم الذى تقوم فيه وأنه لا يعلم وقتها الا الله ) *
الايات ، الاعراف " 7 " يسئلونك عن الساعة أيان مرسيها ( 1 ) قل إنما علمها عند
ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والارض لا تأتيكم إلا بغتة يسئلونك
كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون 187 .
هود " ؟ ؟ 1 " إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس
وذلك يوم مشهود * وما نؤخره إلا لاجل معدود * يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه
فمنهم شقي وسعيد 103 - 105 .
الحجر " 15 " وإن الساعة لآتية 85 .
النحل " 16 " وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شئ
قدير 77 .
لقمان " 31 " إن الله عنده علم الساعة 34 .
الاحزاب " 33 " يسئلك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك
لعل الساعة تكون قريبا 63 .
ص " 38 " لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب 26 .
المؤمن " 40 " لينذر يوم التلاق 15 " وقال تعالى " : يا قوم إني أخاف عليكم
يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم 32 - 33 .
حمعسق " 42 " وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير 7 .
الزخرف " 43 " وعنده علم الساعة وإليه ترجعون 85 .
* ( هامش ) * ( 1 ) قال السيد الرضى قدس الله روحه في تلخيص البيان " ص 52 : والمرسى إنما يكون للاجسام
الثقيلة ، ولكن الساعة لما كانت ثقيلة الحلول ومكروهة النزول على العصاة والمذنبين جاز أن
توصف بما يوصف به ثقال الاجسام ، والدليل على ذلك قوله سبحانه في هذه الاية : " ثقلت في السموات
والارض " وهذه استعارة لان وصفها بالثقل مجاز على الوجه الذى ذكرناه . قوله : " لا يجليها لوقتها
إلا هو " استعارة اخرى . والتجلى لا يصح إلا على الاجسام ، وانما المراد : لا يظهر آياتها ولا يكشف
مغيباتها غيره سبحانه . ( * )
[ 55 ]
النجم " 53 " أزفت الازفة * ليس لها من دون الله كاشفة 57 - 58 .
القمر " 54 " اقتربت الساعة وانشق القمر 1 .
التغابن " 64 " يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن 9 . ( 1 )
الملك " 67 " ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين * قل إنما العلم عند
الله وانما أنا نذير مبين 25 - 26 .
الحاقة " 69 " الحاقة * ما الحاقة * وما أدراك ما الحاقة * كذبت ثمود و
عاد بالقارعة 1 - 4 .
الجن " 72 " قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا 25 .
المرسلات " 77 " هذا يوم الفصل جمعناكم والاولين * فإن كان لكم كيد
فكيدون * ويل يومئذ للمكذبين 38 - 40 . النازعات " 79 " فاذا جاءت الطامة الكبرى " 34 " وقال تعالى " يسئلونك عن
الساعة أيان مرسيها * فيم انت من ذكريها * إلى ربك منتهيها * إنما أنت منذر من
يخشيها * كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحيها 42 - 46 .
البروج " 85 " واليوم الموعود * وشاهد ومشهود 1 - 2 .
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : " يسئلونك عن الساعة " أي الساعة التي يموت فيها
الخلق ، أو القيامة ، وهو قول أكثر المفسرين ، أو وقت فناء الخلق " أيان مرسيها " أي
متى وقوعها وكونها ؟ وقيل : منتهاها عن ابن عباس ، وقيل : قيامها " قل إنما علمها عند
ربي " أي إنما وقت قيامها ومجيئها عند الله تعالى لم يطلع عليه أحدا من خلقه ، وإنما لم
يخبر سبحانه بوقته ليكون العباد على حذر منه فيكون ذلك أدعى لهم إلى الطاعة و
أزجر من المعصية " لا يجليها لوقتها إلا هو " أي لا يظهرها ولا يكشف عن علمها إلا هو ،
ولا يعلم أحد سواه متى تكون قبل كونها ، وقيل : معناه : لا يأتي بها إلا هو " ثقلت في
* ( هامش ) * ( 1 ) قال الرضى قدس الله روحه في كتابه مجازات القرآن " ص 249 " ذكر التغابن ههنا مجاز
والمراد به - والله اعلم - تشبيه المؤمنين والكافرين بالمتعاقدين والمتبايعين ، فكأن المؤمنين
ابتاعوا دار الثواب ، وكأن الكافرين اعتاضوا منها دار العقاب فتفاوتوا في الصفقة وتغابنوا في
البيعة فكان الربح مع المؤمنين والخسران مع الكافرين ، ويشبه ذلك قوله تعالى : " هل أدلكم على
تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله " الاية ( * )
[ 56 ]
السموات والارض " فيه وجوه : أحدها : ثقل علمها على أهل السماوات والارض ،
لان من خفي عليه علم شئ كان ثقيلا عليه .
وثانيها : أن معناه : عظمت على أهل السماوات والارض صفتها ، لما يكون فيها
من انتثار النجوم وتسيير الجبال وغير ذلك ( 1 )
وثالثها : ثقل وقوعها على أهل السماوات والارض ، لعظمها وشدتها . ( 2 )
ورابعها : أن المراد نفس السماوات والارض لا تطيق حملها لشدتها أي لو كانت
أحياءا لثقلت عليها تلك الاحوال " لا تأتيكم إلا بغتة " أي فجأة ، لتكون أعظم وأهول
" يسئلونك كأنك حفي عنها " أي يسألونك عنها كأنك حفي بها أي عالم بها ، قد
أكثرت المسألة عنها ، وأصله من أحفيت في السؤال عن الشئ حتى علمته . وقيل : تقديره :
يسألونك عنها كأنك حفي بهم أي بار بهم ، فرح بسؤالهم ، وقيل : معناه : كأنك معني
بالسؤال عنها فسألت عنها حتى علمتها ، " قل إنما علمها عند الله " وإنما أعاد هذا القول
لانه وصله بقوله : " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " وقيل : أراد بالاول علم وقت قيامها ،
وبالثاني علم كيفيتها وتفصيل ما فيها .
وفي قوله تعالى : " وذلك يوم مشهود " أي يشهده الخلائق كلهم من الجن والانس
وأهل السماء وأهل الارض " وما نؤخره إلا لاجل معدود " هو أجل قد أعده الله
لعلمه بأن صلاح الخلق في إدامة التكليف عليهم إلى ذلك الوقت ، فيه إشارة إلى قربه
فإن ما يدخل تحت العد فان قد نفد .
وقال البيضاوي في قوله تعالى : " وما أمر الساعة " أي أمر قيام الساعة في سرعته
وسهولته " إلا كلمح البصر " إلا كرجع الطرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها " أو هو
أقرب " أو أمرها أقرب منه بأن يكون في زمان نصف تلك الحركة بل في الآن التي
يبتدء فيه ، فإنه تعالى يحيي الخلائق دفعة وما يوجد دفعة كان في آن ، و " أو " للتخيير
أو بمعنى بل ، وقيل : معناه أن قيام الساعة وإن تراخى فهو عند الله كالشئ الذي يقولون
فيه : هو كلمح البصر أو أقرب ، مبالغة في استقرابه . وفي قوله : " يوم التناد " : أي يوم
* ( هامش ) * ( 1 ) في المجمع المطبوع : من انتثار النجوم وتكوير الشمس وتسيير الجبال .
( 2 ) في المجمع المطبوع : لعظمها وشدتها ولما فيها من المحاسبة والمجازاة ( * )
[ 57 ]
القيامة ينادي فيه بعضهم بعضا للاستغاثة ، أو يتصايحون بالويل والثبور ، أو يتنادى أصحاب
الجنة وأصحاب النار كما حكي في الاعراف " يوم تولون " عن الموقف " مدبرين " منصرفين
عنه إلى النار ، وقيل : فارين عنها " ما لكم من الله من عاصم " يعصمكم من عذابه .
وفي قوله تعالى : " أزفت الآزفة " : ( 1 ) دنت الساعة الموصوفة بالدنو في نحو
قوله : " اقتربت الساعة ليس لها من الله كاشفة " ليس لها نفس قادرة على كشفها
إذا وقعت إلا الله لكنه لا يكشفها ، أو الآن بتأخيرها إلا الله ، أو ليس لها كاشفة لوقتها
إلا الله ، إذ لا يطلع عليه سواه ، أو ليس لها من غير الله كشف على أنها مصدر كالعافية .
وفي قوله تعالى : " اقتربت الساعة وانشق القمر " : روي أن الكفار سألوا
رسول الله صلى الله عليه وآله آية فانشق القمر ، وقيل : سينشق القمر يوم القيامة ، ويؤيد الاول
أنه قرئ : وقد انشق القمر أي اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها انشقاق
القمر .
وفي قوله : " يوم يجمعكم ليوم الجمع " : أي لاجل ما فيه من الحساب والجزاء ،
والجمع جمع الملائكة والثقلين " ذلك يوم التغابن " يغبن فيه بعضهم بعضا لنزول السعداء
منازل الاشقياء لو كانوا سعداء وبالعكس ، مستعار من تغابن التجار .
وفي قوله : " الحاقة " أي الساعة أو الحالة التي تحق وقوعها ، أو التي تحق
فيها الامور أي تعرف حقيقتها ، أو تقع فيها حواق الامور من الحساب والجزاء على


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 57 سطر 17 إلى صفحه 65 سطر 17

الاسناد المجازي ، وهي مبتدء خبرها : " ما الحاقة " وأصله : ما هي ؟ أي أي شئ هي ؟ على
التعظيم لشأنها والتهويل لها ، فوضع الظاهر موضع المضمر " وما أدريك ما الحاقة "
أي أي شئ أعلمك ما هي ؟ أي أنك لا تعلم كنهها فإنها أعظم من أن يبلغها دراية أحد ،
" كذبت ثمود وعاد بالقارعة " ( 2 ) بالحالة التي تقرع الناس بالافزاع والاجرام
بالانفطار والانتشار ، وإنما وضعت موضع ضمير الحاقة زيادة في وصف شدتها .
وفي قوله : " إن أدري " : ما أدري " أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا "
غاية تطول مدتها .
* ( هامش ) * ( 1 ) سميت الازفة لقربها مأخوذ من الازف وهو ضيق الوقت .
( 2 ) القارعة : الداهية . النكبة المهلكة . القيامة لعلها سميت بها لانها تقرع القلوب بأهوالها . ( * )
[ 58 ]
وفي قوله : " فإذا جاءت الطامة " : الداهية التي تطم أي تعلو على سائر الدواهي ،
" الكبرى " التي هي أكبر الطامات وهي القيامة ، أو النفخة الثانية ، أو الساعة التي يساق
فيها أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار .
وفي قوله : " أيان مرسيها " : متى إرساؤها ؟ أي إقامتها وإثباتها ، أو منتهاها
ومستقرها ، من مرسى السفينة وهو حيث تنتهي إليه وتستقر فيه " فيم أنت من
ذكريها " في أي شئ أنت من أن تذكر وقتها لهم ؟ أي ما أنت من ذكرها لهم وتبيين
وقتها في شئ ، فإن ذكرها لهم لا يزيدهم إلا غيا ، ووقتها مما استأثره الله بعلمه ، و
قيل : " فيم " إنكار لسؤالهم و " أنت من ذكريها " مستأنف ، أي أنت ذكر من ذكرها وعلامة
من أشراطها ، فإن إرساله خاتما للانبياء أمارة من أماراتها ، وقيل : إنه متصل
بسؤالهم والجواب : " إلى ربك منتهيها " أي منتهى علمها " إنما أنت منذر من يخشيها "
إنما بعثت لانذار من يخاف هولها ، وهو لا يناسب تعيين الوقت " كأنهم يوم يرونها
لم يلبثوا " أي في الدنيا ، أو في القبور " إلا عشية أو ضحيها " أي عشية يوم أو ضحاه .
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " وشاهد ومشهود " : أقوال : أحدها : أن الشاهد
يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة ، عن ابن عباس ، وأبي جعفر ، وأبي عبدالله عليهما السلام ، و
روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله لان الجمعة تشهد على كل عامل بما عمل فيه . وثانيها :
أن الشاهد يوم النحر ، والمشهود يوم عرفة . وثالثها : أن الشاهد محمد صلى الله عليه وآله ، والمشهود
يوم القيامة ، وهو المروي عن الحسن بن علي عليهما السلام . ورابعها : أن الشاهد يوم عرفة ،
والمشهود يوم الجمعة . وخامسها : أن الشاهد الملك ، والمشهود يوم القيامة .
وقيل : الشاهد الذين يشهدون على الناس ، والمشهود هم الذين يشهد عليهم .
وقيل : الشاهد هذه الامة ، والمشهود سائر الامم . وقيل الشاهد أعضاء بني آدم ،
والمشهود هم .
1 - ل : عبدوس بن علي الجرجاني ، عن أحمد بن محمد المعروف بابن الشغال ،
عن الحارث بن محمد بن أبي اسامة ، عن يحيى بن أبي بكير ، عن زهير بن محمد ، عن عبدالله
[ 59 ]
ابن محمد بن عقيل ، عن عبدالرحمن بن يزيد ، عن ابي لبابة ( 1 ) بن عبدالمنذر قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بر ولا بحر
إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة الخبر .
2 - ل : محمد بن أحمد الوراق ، عن علي بن محمد مولى الرشيد ، عن دارم بن قبيصة ( 2 )
عن الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : تقوم الساعة
يوم الجمعة بين الصلاتين : صلاة الظهر والعصر .
3 - ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : يخرج قائمنا أهل البيت يوم الجمعة ، وتقوم القيامة يوم الجمعة
الخبر . " ص 32 "
4 - ع : في خبر يزيد بن سلام أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله عن يوم الجمعة لم سمي
بها ؟ قال : هو يوم مجموع له الناس ، وذلك يوم مشهود ، ويوم شاهد ومشهود ( 3 )
الخبر . " ص 161 "
5 مع : أبي ، عن سعد ، عن الاصفهاني ، عن المنقري ، عن حفص بن غياث ،
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : يوم التلاق : يوم يلتقي أهل السماء وأهل الارض ويوم
التناد : يوم ينادي أهل النار أهل الجنة : أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ،
ويوم التغابن : يوم يغبن أهل الجنة أهل النار ، ويوم الحسرة : يوم يؤتى بالموت
فيذبح . " ص 50 "
فس : مرسلا مثله . ( 4 ) " ص 584 "
* ( هامش ) * ( 1 ) بضم اللام اسمه بشير . وقيل : رفاعة ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وآله وقال : شهد بدرا والعقبة الاخيرة ، أورده العلامة في القسم الاول من الخلاصة ، وقال
ابن حجر في التقريب ص 608 : صحابى مشهود ، وكان أحد النقباء ، وعاش إلى خلافة على عليه السلام .
( 2 ) بفتح القاف وكسر الباء وسكون الياء ، هو دارم بن قبيصة بن نهشل بن مجمع أبوالحسن
التميمى الدارمى السائح ، قال النجاشى : روى عن الرضا عليه السلام ، وله عنه كتاب الوجوه ، و
كتاب الناسخ والمنسوخ إه . وترجمه العلامة في القسم الثانى من الخلاصة .
( 3 ) في المصدر : وهو شاهد ومشهود . م
( 4 ) الا ان فيه : يعير اهل الجنة اهل النار . م ( * )
[ 60 ]
6 - مع : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، ومحمد بن علي بن محبوب ،
عن اليقطيني ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسماعيل بن جابر ، عن رجاله ، عن أبي عبد الله
عليه السلام في قول الله عزوجل : " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود " قال :
المشهود يوم عرفة ، والمجموع له الناس يوم القيامة . " ص 86 "
7 - مع : ابن الوليد ، عن ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن محمد بن
هاشم ، عمن روى ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سأله الابرش الكلبي عن قول الله عزوجل :
" وشاهد ومشهود " فقال أبوجعفر عليه السلام : ما قيل لك ؟ فقال : قالوا : شاهد : يوم الجمعة ،
ومشهود : يوم عرفة ، فقال أبوجعفر عليه السلام : ليس كما قيل لك ، الشاهد : يوم عرفة ،
والمشهود : يوم القيامة ، أما تقرء القرآن قال الله عزوجل : " ذلك يوم مجموع له الناس
وذلك يوم مشهود " ؟ . " ص 86 "
8 - مع : وبهذا الاسناد عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن أبي
الجارود ، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزوجل : " وشاهد ومشهود " قال : الشاهد :
يوم الجمعة ، والمشهود : يوم عرفة ، والموعود : يوم القيامة . " ص 86 "
مع : أبي ، عن محمد العطار ، عن أحمد بن محمد ، عن موسى بن القاسم ، عن
ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله ، عن أبي عبدالله عليه السلام
مثله . " ص 86 "
9 - شى : عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام قال في قول الله : " ذلك يوم مجموع
له الناس وذلك يوم مشهود " فذكر يوم القيامة وهو اليوم الموعود .
10 - كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، وعلي ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب
عن عبدالله بن غالب ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب ، ( 1 ) عن علي بن الحسين عليهما السلام
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الياء وكسرها - والفتح هو المشهور - هو أبومحمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبى وهب بن
عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لوى بن غالب القريشى المخزومى
التابعى إمام التابعين ، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر ، وقيل : لاربع سنين ، وروى عن جماعة
كثيرة من التابعين منهم الامام على بن أبيطالب عليه السلام ، وفى الكشى أن امير المؤمنين عليه السلام
رباه وكان حزن جد سعيد أوصى به إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وروى عنه جماعات من أعلام * ( * )
[ 61 ]
فيما سيأتي تمامه في باب مواعظه عليه السلام حيث قال : اعلم يابن آدم أن من وراء هذا
أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود
يجمع الله فيه الاولين والآخرين ، ذلك يوم ينفخ في الصور وتبعثر فيه القبور ، ( 1 ) و
ذلك يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ، وذلك يوم لا تقال فيه عثرة ، ولا تؤخذ
من أحد فدية ، ولا تقبل من أحد معذرة ، ولا لاحد فيه مستقبل توبة ، ليس إلا الجزاء
بالحسنات ، والجزاء بالسيئات ، فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة
من خير وجده ، ومن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده . الخبر .
" الروضة ص 73 - 74 "
11 - فس : قوله تعالى : " واليوم الموعود وشاهد ومشهود " قال : اليوم الموعود :
يوم القيامة ، والشاهد : يوم الجمعة ، والمشهود : يوم القيامة . " ص 719 "
12 - يه : روي أن قيام القائم عليه السلام يكون في يوم الجمعة ، وتقوم القيامة في
يوم الجمعة ، يجمع الله فيه الاولين والآخرين ، قال الله عزوجل : " ذلك يوم مجموع
له الناس وذلك يوم مشهود " . " ص 113 "
13 - ل : العطار ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن محمد بن الحسن الميثمي ، عن مثنى
الحناط قال : سمعت أباجعفر عليه السلام يقول : أيام الله ثلاثة : يوم يقوم القائم ، ويوم
الكرة ، ويوم القيامة . " ص 53 "
14 - ص : بإسناده عن الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن الكوفي ، عن أبي عبدالله
الخياط ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عبدالله بن سنان ، عن الصادق عليه السلام قال : قال عيسى بن
* ( هامش ) * * التابعين ، وكان زوج بنت أبى هريرة وأعلم الناس بحديثه ، قال النووى في التهذيب : اتفق العلماء
على إمامته وجلالته وتقدمه على أهل عصره في العلم والفضيلة ووجوه الخير انتهى . وقد
فصل في ترجمته وبالغ في الثناء عليه ، ونقل عن إثبات السنة وثاقته وتقدمه وترجمه العلامة
الحلى في القسم الاول من الخلاصة ، وفى رجال الكشى روايات تدل على تشيعه وجلالته وأنه
كان من حوارى الامام السجاد عليه السلام ، وفى قرب الاسناد : أن القاسم بن محمد بن أبى بكر وسعيد
ابن المسيب كانا على هذا الامر ، وفى الكافى في باب مولد الصادق عليه السلام : انهما وابا خالد الكابلى
كانوا من ثقات على بن الحسين عليه السلام ، توفى سنة 93 وقيل : 94 - 95 - 105 . "
( 1 ) بعثر : اثير تراب القبور وقلبت فأخرج موتاها ، والبعثرة تتضمن معنى بعث واثير و
لذا يقال : إنه مركب منهما . ( * )
[ 62 ]
مريم صلوات الله عليه : متى قيام الساعة ؟ فانتفض جبرئيل انتفاضة اغمي عليه منها ، فلما أفاق قال : يا روح الله ما المسؤول أعلم بها من السائل ، وله من في السماوات والارض
لا تأتيكم إلا بغتة .
15 - تفسير النعماني بما سيأتي من إسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : وأما
ما أنزل الله تعالى في كتابه مما تأويله حكاية في نفس تنزيله ( 1 ) وشرح معناه فمن ذلك
قصة أهل الكهف ، وذلك أن قريشا بعثوا ثلاثة نفر : نضر بن حارث بن كلدة ، وعقبة بن
أبي معيط ، وعامر بن واثلة إلى يثرب وإلى نجران ليتعلموا من اليهود والنصارى مسائل
يلقونها على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال لهم علماء اليهود والنصارى : سلوه عن مسائل فإن
أجابكم عنها فهو النبي المنتظر الذي أخبرت به التوراة ، ثم سلوه عن مسألة اخرى
فإن ادعى علمها فهو كاذب لانه لا يعلم علمها غير الله وهي قيام الساعة ، فقدم الثلاثة
نفر بالمسائل - وساق الخبر إلى أن قال - : نزل عليه جرئيل بسورة الكهف وفيها
أجوبة المسائل الثلاثة ، ونزل في الاخيرة قوله تعالى : " يسئلونك عن الساعة أيان
مرسيها " ( 2 ) إلى قوله : ولكن أكثر الناس لا يعلمون . " ص 100 - 102 "
( باب 5 )
* ( صفة المحشر ) *
الايات ، البقرة " 2 " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة
وقضي الامر وإلى الله ترجع الامور 210 .
آل عمران " 3 " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء
تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤف بالعباد 30 " وقال " : ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 161 .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : عن تنزيله . م
( 2 ) في المصدر : يسألونك عن الساعة قل علمها عند ربى لا يجليها - إلى قوله - ولكن أكثر
الناس لا يعلمون م ( * )
[ 63 ]
الانعام " 6 " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم
وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع
بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون 94 .
ابراهيم " 14 " ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم
تشخص فيه الابصار * مهطعين مقنعي رؤسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء *
وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب
دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال * وسكنتم في
مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الامثال * وقد
مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال * فلا تحسبن الله
الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام * يوم تبدل الارض غير الارض والسموات
وبرزوا لله الواحد القهار * وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الاصفاد * سرابيلهم من
قطران وتغشى وجوههم النار * ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب 42 - 51 .
النحل " 16 " يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت
وهم لا يظلمون 111 .
الكهف " 18 " وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا 8 .
طه " 20 " ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا
صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا أمتا * يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت
الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا * يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن
ورضي له قولا * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما * وعنت الوجوه
للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما * ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف
ظلما ولا هضما 105 - 112 .
الانبياء " 21 " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده
وعدا علينا إنا كنا فاعلين 104 .
الحج " 22 " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم * يوم ( * )
[ 64 ]
ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم
بسكارى ولكن عذاب الله شديد 2 - 3 .
النور " 24 " يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار 37 .
الروم " 30 " ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا
يؤفكون * وقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث
فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون * فيؤمئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم
ولا هم يستعتبون 55 - 57 .
المؤمن " 40 " لينذر يوم التلاق * يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شئ
لمن الملك اليوم لله الواحد القهار * اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن
الله سريع الحساب * وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين
من حميم ولا شفيع يطاع * يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور * والله يقضي بالحق
والذين يدعون من دونه لا يقضون بشئ إن الله هو السميع البصير 16 - 20 .
القمر " 54 " يوم يدع الداع إلى شئ نكر * خشعا أبصارهم يخرجون من
الاجداث كأنهم جراد منتشر * مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر 6 - 8 .
الرحمن " 55 " يا معشر الجن والانس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات
والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * يرسل عليكما
شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فإذا انشقت
السماء فكانت وردة كالدهان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فيومئذ لا يسئل عن
ذنبه إنس ولا جان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ
بالنواصي والاقدام * فبأي آلاء ربكما تكذبان 33 - 42 .
الواقعة " 56 " إذا وقعت الواقعة * ليس لوقعتها كاذبة * خافضة رافعة * إذا
رجت الارض رجا * وبست الجبال بسا * فكانت هباء منبثا * وكنتم أزواجا ثلثة *
فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة * وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة * والسابقون
السابقون * اولئك المقربون 2 - 12 .
[ 65 ]
القلم " 68 " يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون * خاشعة
أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون 42 - 43 .
الحاقة " 69 " فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة * وحملت الارض والجبال فدكتا
دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت السماء فهي يومئذ واهية * والملك
على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية * يومئذ تعرضون لا تخفى منكم
خافية * فأما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه * إني ظننت أني ملاق
حسابيه * فهو في عيشة راضية * في جنة عاليه * قطوفها دانية * كلوا واشربوا هنيئا
بما أسلفتم في الايام الخالية * وأما من اوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم اوت
كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية * ما أغنى عني ماليه * هلك عني
سلطانيه * خذوه فغلوه * ثم الحجيم صلوه * ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه *
إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين * فليس له اليوم هيهنا
حميم * ولا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إلا الخاطئون 13 - 37 .
المعارج " 70 " يوم تكون السماء كالمهل * وتكون الجبال كالعهن * ولا يسئل
حميم حميما * يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه *
وفصيلته التي تؤويه * ومن في الارض جميعا ثم ينجيه * كلا إنها لظى * نزاعة
للشوى * تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى 8 - 18 . " وقال تعالى " : فذرهم يخوضوا
ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون * يوم يخرجون من الاجداث سراعا


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 65 سطر 18 إلى صفحه 73 سطر 18

كأنهم إلى نصب يوفضون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا
يوعدون 42 - 44 .
المزمل " 73 " يوم ترجف الارض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا 14
" وقال تعالى " : فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا * السماء منفطر به كان
وعده مفعولا 17 - 18 .
القيامة " 75 " يسئل أيان يوم القيمة * فإذا برق البصر * وخسف القمر *
وجمع الشمس والقمر * يقول الانسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ
[ 66 ]
المستقر ينبؤ الانسان يومئذ بما قدم وأخر * بل الانسان على نفسه بصيرة * ولو
ألقى معاذيره 6 - 15 .
الدهر " 76 " إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون ورائهم يوما ثقيلا 27 .
المرسلات " 77 " فإذا النجوم طمست * وإذا السماء فرجت * وإذا الجبال
نسفت * وإذا الرسل اقتت * لاي يوم اجلت * ليوم الفصل * وما أدريك ما يوم
الفصل * ويل يومئذ للمكذبين 8 - 15 " وقال تعالى " : هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن
لهم فيعتذرون * ويل يومئذ للمكذبين 35 - 37 .
النبأ " 78 " إن يوم الفصل كان ميقاتا * يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا *
وفتحت السماء فكانت أبوابا * وسيرت الجبال فكانت سرابا 17 - 20 " وقال تعالى " :
رب السموات والارض وما بينهما الرحمن لا يمكلون منه خطابا * يوم يقوم الروح
والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا * ذلك اليوم الحق فمن
شاء اتخذ إلى ربه مآبا * إنا أنذرناكم عذابا قريبا * يوم ينظر المرء ما قدمت يداه و
يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا 32 - 40 .
النازعات " 79 " فإذا جاءت الطامة الكبرى * يوم يتذكر الانسان ما سعى * و
برزت الجحيم لمن يرى 34 - 36 .
عبس " 80 " فإذا جاءت الصاخة * يوم يفر المرء من أخيه * وامه وأبيه *
وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه * وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة
مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة * اولئك هم الكفرة الفجرة 33 - 42 .
كورت " 81 " إذا الشمس كورت * وإذا النجوم انكدرت ، وإذا الجبال
سيرت * وإذا العشار عطلت * وإذا الوحوش حشرت * وإذا البحار سجرت * وإذا
النفوس زوجت * وإذا الموؤدة سئلت * بأي ذنب قتلت * وإذا الصحف نشرت *
وإذا السماء كشطت * وإذا الجحيم سعرت * وإذا الجنة ازلفت * علمت نفس ما
أحضرت 2 - 15 .
الانفطار " 82 " إذا السماء انفطرت * وإذا الكواكب انتثرت * وإذا البحار
[ 67 ]
فجرت * وإذا القبور بعثرت * علمت نفس ما قدمت وأخرت * يا أيها الانسان ما
غرك بربك الكريم * الذي خلقك فسويك فعدلك * في أي صورة ماشاء ركبك *
كلا بل تكذبون بالدين * وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون *
إن الابرار لفي نعيم * وإن الفجار لفي جحيم * يصلونها يوم الدين * وما هم عنها
بغائبين * وما أدريك ما يوم الدين * ثم ما أدريك ما يوم الدين * يوم لا تملك نفس
لنفس شيئا والامر يومئذ لله 2 - 20 .
الانشقاق " 84 " إذا السماء انشقت * وأذنب لربها وحقت * وإذا الارض
مدت * وألقت ما فيها وتخلت * وأذنت لربها وحقت * ياأيها الانسان إنك كادح
إلى ربك كدحا فملاقيه * فأما من اوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا *
وينقلب إلى أهله مسرورا * وأما من اوتي كتابه وراء ظهره * فسوف يدعو ثبورا *
ويصلى سعيرا * إنه كان في أهله مسرورا * إنه ظن أن لن يحور * بلى إن ربه كان
به بصيرا 2 - 16 .
الزلزال " 99 " إذا زلزلت الارض زلزالها * وأخرجت الارض أثقالها * وقال
الانسان مالها * يومئذ تحدث أخبارها * بأن ربك أوحى لها * يومئذ يصدر الناس
أشتاتا ليروا أعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا
يره 2 - 8 .
القارعة " 101 " القارعة * ما القارعة * وما أدريك ما القارعة * يوم يكون الناس
كالفراش المبثوث * وتكون الجبال كالعهن المنفوش 1 - 5 .
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله قوله تعالى : " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في
ظلل من الغمام " : أي هل ينتظر هؤلاء المكذبون بآيات الله إلا أن يأتيهم أمر الله
وما توعدهم به على معصيته في ستر من السحاب ؟ وقيل : قطع من السحاب ،
وهذا كما يقال : قتل الامير فلانا وضربه وأعطاه ، وإن لم يتول شيئا من ذلك بنفسه
بل فعل بأمره ، وقيل : معناه : ما ينظرون إلا أن يأتيهم جلائل آيات الله غير أنه ذكر
نفسه تفخيما للآيات ، كما يقال : دخل الامير البلد ويراد بذلك جنده ، وإنما ذكر الغمام
[ 68 ]
ليكون أهول ، فإن الاهوال تشبه بظلل الغمام ، وقال الزجاج : معناه : يأيتهم الله بما
وعدهم من الحساب والعذاب كما قال : " وآتيهم الله من حيث لم يحتسبوا " " والملائكة "
أي يأتيهم الملائكة " وقضي الامر " أي فرغ من الامر وهو المحاسبة وإنزال أهل الجنة
الجنة وأهل النار النار " وإلى الله ترجع الامور " أي إليه ترد الامور في سؤاله عنها
ومجازاته عليها .
وفي قوله تعالى : " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا " : اختلف في كيفية
وجود العمل محضرا فقيل : تجد صحائف الحسنات والسيئات ، وقيل : ترى جزاء عملها
من الثواب والعقاب ، فأما أعمالهم فهي أعراض قد بطلت لا يجوز عليها الاعادة فتستحيل
أن ترى محضرة .
وفي قوله : " أمدا بعيدا " : أي غاية بعيدة أي تود أنها لم تكن فعلتها .
وفي قوله تعالى : " يأت بماغل يوم القيمة " : معناه أنه يأتي به حاملا على ظهره ،
كما روي في حديث طويل : إلا لايغلن أحد بعيرا فيأتي به على ظهره يوم القيامة له رغاء ، ( 1 )
ألا لا يغلن أحد فرسا فيأتي يوم القيامة به على ظهره له حمحمة ( 2 ) فيقول : يا محمد يا محمد ،
فأقول : قد بلغت قد بلغت قد بلغت ، فلا أملك لك من الله شيئا . وقال البلخي : يجوز
أن يكون ما تضمنه الخبر على وجه المثل كأن الله إذا فضحه يوم القيامة جرى ذلك مجرى
أن يكون حاملا له وله صوت ، والاولى أن يكون معناه : ومن يغلل يوافى بما غل
يوم القيامة ، فيكون حمل غلوله على عنقه أمارة يعرف بها وذلك حكم الله في كل من
وافى يوم القيامة بمعصية لم يتب منها وأراد الله سبحانه أن يعامله بالعدل أظهر عليه من
معصيته علامة تليق بمعصيته ليعلمه أهل القيامة بها ، ويعلموا سبب استحقاقه العقوبة ،
وكذا كل من وافى القيامة بطاعة فإنه سبحانه يظهر من طاعته علامة يعرف بها .
وفي قوله تعالى : " ولقد جئتمونا " : قيل : هذا من كلام الله تعالى إما عند الموت
أو البعث ، وقيل : من كلام الملائكة يؤدونه عن الله تعالى إلى الذين يقبضون أرواحهم
* ( هامش ) * ( 1 ) رغا البعير : صوت وضج ، ورغا الصبى : بكى أشد البكاء .
( 2 ) حمحم البرذون أوالفرس : ردد صوته في طلب علف ، أو إذا رأى من يأنس به . ( * )
[ 69 ]
" فرادى " أي وحدانا لا مال لهم ولا خول ( 1 ) ولا ولد ولا حشم ، وقيل : واحدا واحدا على
حدة ، وقيل : كل واحد منهم منفرد من شريكه في الغي " كما خلقناكم أول مرة "
أي في بطون امهاتكم فلا ناصر لكم ولا معين ، وقيل : معناه ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال : يحشرون حفاة عراتا غرلا ( 2 ) والغرل : هم الغلف . وروي أن عائشة قالت
لرسول الله صلى الله عليه وآله حين سمعت ذلك : واسوأتاه ! أينظر بعضهم إلى سوأة بعض من الرجال
والنساء ؟ فقال عليه السلام : لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ويشغل بعضهم عن بعض . و
قال الزجاج : معناه : كما بدأناكم أول مرة أي يكون بعثكم كخلقكم " وتركتم
ما خولناكم " أي ملكناكم في الدنيا " وراء ظهوركم " أي خلف ظهوركم في الدنيا
" وما نرى معكم شفعائكم " أي ليس معكم من كنتم تزعمون أنهم يشفعون لكم عند الله
يوم القيامة وهي الاصنام " الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء " معناه : زعمتهم أنهم شركاؤنا
فيكم وشفعاؤكم ، وهذا عام في كل من عبد غير الله تعالى أو اعتمد غيره يرجو خيره و
يخاف ضيره في مخالفة الله تعالى " لقد تقطع بينكم " أي وصلكم وجمعكم ، ومن قرأ
بالنصب فمعناه : لقد تقطع الامر بينكم أو تقطع وصلكم بينكم ( 3 ) " وضل عنكم
ما كنتم تزعمون " أي ضاع وتلاشى ، ولا تدرون أين ذهب من جعلتم شفعاءكم من آلهتكم
ولم تنفعكم عبادتها ، وقيل : ما تزعمون من عدم البعث والجزاء .
وفي قوله تعالى : " إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار " : أي إنما يؤخر
مجازاتهم إلى يوم القيامة وهو اليوم الذي يكون فيه الابصار شاخصة عن مواضعها ،
لا تغمض لهول ما ترى في ذلك اليوم ولا تطرف ، وقيل تشخص أبصارهم إلى إجابة
الداعي حين يدعوهم " مهطعين " أي مسرعين ، وقيل : يريد دائمي النظر إلى ما يرون لا
يطرفون " مقنعي رؤسهم " أي رافعي رؤوسهم إلى السماء حتى لا يرى الرجل مكان قدمه
* ( هامش ) * ( 1 ) الخول جمع خولى : العبيد والاماء وغيرهم من الحاشية .
( 2 ) الغرل : جمع الاغرل وهو الاغلف . ( 3 ) قال الشريف الرضى في مجازات القرآن ص 37 : على قراءة من قرأ برفع النون " من
بينكم " وهذه استعارة لانه لا وصال هناك على الحقيقة فتوصف بالتقطع ، وإنما المراد : لقد زال ماكان
بينكم من شبكة المودة وعلاقة الالفة التى تشبه لاستحكامها بالحبال المحصدة والقرائن المؤكدة . ( * )
[ 70 ]
من شدة رفع الرأس ، وذلك من هول يوم القيامة . وقال مورخ : ( 1 ) معناه : ناكسي
رؤوسهم بلغة قريش . ، " لا يرتد إليهم طرفهم " أي لا ترجع إليهم أعينهم ولا يطبقونها ولا
يغمضونها ، وإنما هو نظر دائم " وأفئدتهم هواء " ( 2 ) أي قلوبهم خالية من كل شئ فزعا
وخوفا . ، وقيل : خالية من كل سرور وطمع في الخير لشدة ما يرون من الاهوال
كالهواء الذي بين السماء والارض . ، وقيل : زائلة عن مواضعها ، قد ارتفعت إلى حلوقهم
لا تخرج ولا تعود إلى أماكنها ، بمنزلة الشئ الذاهب في جهات مختلفة ، المتردد في
الهواء . ، وقيل : خالية عن عقولهم " وأنذر الناس " أي دم على إنذارك " يوم يأتيهم العذاب "
وهو يوم القيامة أو عذاب الاستيصال في الدنيا . ، وقيل : هو يوم المعاينة عند الموت ، و
الاول أظهر . " فيقول الذين ظلموا أنفسهم " بارتكاب المعاصي " ربنا أخرنا إلى أجل
قريب نجب دعوتك " أي ردنا إلى الدنيا واجعل ذلك مدة قريبة نجب دعوتك فيها
" ونتبع الرسل " أي نتبع رسلك فيما يدعوننا إليه فيقول الله مخاطبا لهم : أو تقول
الملائكة بأمره : " أو لم تكونوا أقسمتم " أي حلفتم من قبل في الدنيا ؟ " مالكم من
زوال " أي ليس لكم من انتقال من الدنيا إلى الآخرة ، أو من الراحة إلى العذاب . ، وفي
* ( هامش ) * ( 1 ) كذا في نسخة المصنف ، والصحيح : " مورج " وهو مورج بن عمرو أبوفيد السدوسى صاحب
العربية ، من أصحاب الخليل بن أحمد ، كان بخراسان وقدم بغداد مع المأمون ، له كتاب في غريب
القرآن ، قال الفيروز آبادى في وجه تسميته بذلك : لتأريجه الحرب بين بكر وتغلب . قلت : ترجمه
الخطيب في تاريخ بغداد . " ج 13 ص 258 " .
( 2 ) في المجازات ص 98 : هذه استعارة ، والمراد بها صفة قلوبهم بالخلو من عزائم الصبر
والجلد ، لعظيم الاشفاق والوجل ، ومن عادة العرب أن يسموا الجبان يراعة جوفاء ، أي ليس بين
جوانحه قلب ، وعلى ذلك قول جرير يهجو قوما ويصفهم بالجبن : قل لخفيف القصبات الجوفان *
جيئوا بمثل عامر والعلهان . وإنما وصف الجبان بأنه لاقلب له لان القلب محل الشجاعة ، وإذا
نفى المحل فأولى أن ينتفى الحال فيه ، وهذا على المبالغة في صفة الجبن ، ويسمون الشئ إذا
كان خاليا : هواء ، أي ليس فيه ما يشغله إلا الهواء ، وعلى هذا قول الله سبحانه : " وأصبح فؤاد ام
موسى فارغا " أى خاليا من التجلد وعاطلا من التصبر : وقيل أيضا في ذلك أن أفئدتهم منحرفة
لا تعى شيئا للرعب الذى دخلها والهول الذى استولى عليها فهى كالهواء الرقيق في الانحراف
وبطلان الضبط والامتساك . ( * )
[ 71 ]
هذا دلالة على أن أهل الآخرة غير مكلفين ، خلافا لما يقوله النجار وجماعة لانهم لو
كانو مكلفين لما كان لقولهم : أخرنا إلى أجل قريب وجه ، ولكان ينبغي لهم أن يؤمنوا
فيتخلصوا من العقاب إذا كانوا مكلفين " وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم و
تبين لكم كيف فعلنا بهم " هذا توبيخ لهم وتعنيف أي وسكنتم ديار من كذب الرسل
قبلكم فأهلكهم الله فعرفتم ما نزل بهم من البلاء والهلاك والعذاب " وضربنا لكم الامثال "
وبينا لكم الاشباه وأخبرناكم بأحوال الماضين قبلكم لتعتبروا بها فلم تعتبروا ، وقيل :
الامثال ما ذكر في القران مما يدل على أنه تعالى قادر على الاعادة كما أنه قادر على
الانشاء . ، وقيل : هي الامثال المنبهة على الطاعة ، الزاجرة عن المعصية " وقد مكروا
مكرهم " أي بالانبياء قبلك . ، وقيل : عني بهم كفار قريش الذين دبروا في أمر النبي
صلى الله عليه وآله ، ومكروا بالمؤمنين " وعند الله مكرهم " أي جزاء مكرهم " وإن
كان مكرهم لتزول منه الجبال " أي أن مكرهم وإن بلغ كل مبلغ فلا يزيل دين الله
" فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله " أي ما وعدهم به من النصر والظفر " إن الله عزيز "
أي ممتنع بقدرته من أن ينال باهتضام " ذو انتقام " يوم تبدل الارض غير الارض والسموات "
قيل : فيه قولان : أحدهما أن المعنى : تبدل صورة الارض وهيئتها عن ابن عباس ، فقد
روي عنه أنه قال : تبدل آكامها وآجامها وجبالها وأشجارها والارض على حالتها
وتبقى أرضا بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم ولم تعمل عليها خطيئة ، وتبدل السماوات
فيذهب بشمسها وقمرها ونجومها ، وكان ينشد :
فما الناس بالناس الذين عهدتهم * ولا الدار بالدار التي كنت أعرف
ويعضده ما رواه أبوهريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال : يبدل الله الارض غير الارض
والسماوات فيبسطها ويمدها مد الاديم العكاظي " لا ترى فيها عوجا ولا أمتا " ثم يزجر
الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الاولى : ما كان في بطنها
كان في بطنها ، وماكان على ظهرها على ظهرها .
والآخر أن المعنى : تبدل الارض وتنشأ أرض غيرها والسماوات كذلك
تبدل بغيرها وتفنى هذه ، عن الجبائي وجماعة من المفسرين ، وفي تفسير أهل البيت عليهم السلام
[ 72 ]
بالاسناد عن زرارة ومحمد بن مسلم وحمران بن أعين ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام
قالا : تبدل الارض خبزة نقية يأكل الناس منها . حتى يفرغ من الحساب قال الله تعالى
" وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام " وهو قول سعيد بن جبير ومحمد بن كعب .
وروى سهل بن سعيد الساعدي ، ( 1 ) عن النبي صلى الله عليه وآله قال : تحشر الناس يوم
القيامة على أرض بيضاء عفراء ( 2 ) كقرصة النقي ليس فيها معلم لاحد . ( 3 )
وروي عن ابن مسعود أنه قال : تبدل الارض بنار فتصير الارض كلها نارا يوم
القيامة ، والجنة من ورائها ترى كواعبها ( 4 ) وأكوابها ( 5 ) ويلجم الناس العرق ولم
يبلغوا الحساب بعد . وقال كعب : تصير السماوات جنانا وتصير مكان البحر النار وتبدل
الارض غيرها .
وروي عن أبي أيوب الانصاري قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وآله حبر من اليهود فقال :
أرأيت إذ يقول الله في كتابه : " يوم تبدل الارض غير الارض والسموات " فأين الخلق
عند ذلك ؟ فقال : أضياف الله فلن يعجزهم ما لديه . وقيل : تبدل الارض لقوم بأرض
* ( هامش ) * ( 1 ) كذا في نسخة المصنف ، والصحيح : " سعد " وهو سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن
حارثة بن عمرو بن الحارث بن ساعدة بن كعب بن خزرج الساعدى الانصارى ، يكنى أبا العباس ،
له ولابيه صحبة مشهورة ، كان يوم وفاة النبى صلى الله عليه وآله ابن خمس عشرة سنة ، و
عمر حتى أدرك الحجاح وامتحن معه ، واختلف في وقت وفاته فقيل : توفى سنة 88 ، وقيل :
91 ، وقد بلغ مائة سنة ، ويقال : إنه آخر من بقى بالمدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و
آله ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وعلى عليه السلام ، وترجمه ابن
عبدالبر في الاستيعاب وابن حجر في التقريب .
( 2 ) في النهاية : العفرة : بياض ليس بالناصع ولكن كلون عفر الارض وهو وجهها ، ومنه
الحديث : يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء .
( 3 ) المعلم : ما جعل علامة للطرق والحدود مثل اعلام الحرم .
( 4 ) كواعب : فتيات تكعبت ثديهن ، أى نتأت وبرزت ، مفردها كاعب أى ناهد ، وهى
الجارية التى تفلك ثديها واستدار .
( 5 ) جمع كوب وهو كوز لا عروة ولا خرطوم له . ( * )
[ 73 ]
الجنة ، ولقوم بأرض النار . وقال الحسن : يحشرون على الارض الساهرة وهي أرض
غير هذه وهي أرض الآخرة ، وفيها تكون جهنم ، وتقدير الكلام : وتبدل السماوات
غير السماوات ، إلا أنه حذف لدلالة الظاهر عليه .
" وبرزوا لله " أي يظهرون من قبورهم للمحاسبة لا يسترهم شئ ، وجعل ذلك
بروزا لله تعالى لان حسابهم معه وإن كانت الاشياء كلها بارزة له " الواحد " الذي
لا شبيه له ولا نظير " القهار " المالك الذي لا يضام يقهر عباده بالموت الزوام " وترى
المجرمين " يعني الكفار " يومئذ " أي يوم القيامة " مقرنين في الاصفاد " أي مجموعين
في الاغلال ، قربت أيديهم بها إلى أعناقهم ، وقيل : يقرن بعضهم إلى بعض ، وقيل : مشدودين
في قرن أى حبل من الاصفاد والقيود ، وقيل : يقرن كل كافر مع شيطان كان
يضله في غل من حديد " سرابيلهم " أي قميصهم " من قطران " ( 1 ) وهو مايطلى به الابل
شئ أسود لزج منتن يطلون به فيصير كالقميص عليهم ، ثم يرسل النار فيهم ليكون
أسرع إليهم وأبلغ في الاشتعال وأشد في العذاب ، وقرأ زيد عن يعقوب " من قطر آن " على
كلمتين منونتين ، وهو قراءة أبي هريرة وابن عباس وسعيد بن جبير والكلبي وقتادة و
عيسى الهمداني والربيع ، قال ابن جني : القطر : الصفر والنحاس ، والآن : الذي
بلغ غاية الحر ، وجوز الجبائي على القرائتين أن يسربلوا بسربالين : أحدهما من
القطران ، والآخر من القطر الآني " وتغشى وجوههم النار " أي تصيب وجوههم النار
لا قطران عليها .
وفي قوله عزوجل : " تجادل عن نفسها " : أي تخاصمه الملائكة عن نفسها و


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 73 سطر 19 إلى صفحه 81 سطر 18

تحتج بما ليس فيه حجة ، فيقول : " والله ربنا ما كنا مشركين " ويقول أتباعهم : " ربنا
هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار " ويحتمل أن يكون المراد أنها تحتج عن
نفسها بما تقدر به إزالة العقاب عنها .
وفي قوله تعالى : " وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا " : معناه : وإنا مخربون
* ( هامش ) * ( 1 ) سيال دهنى يتخذ من بعض الاشجار كالصنوبر والارز . ( * )
[ 74 ]
الارض بعد عمارتها ، وجاعلون ما عليها مستويا من الارض يابسا لا نبات عليه ،
وقيل : بلاقع .
وفي قوله تعالى : " ويسئلونك " : أي ويسألك منكروا البعث عند ذكر القيامة
عن الجبال ما حالها ؟ فقل : يا محمد : " ينسفها ربي نسفا " أي يجعلها ربي بمنزلة الرمل يرسل
عليها الرياح فتذريها كتذرية الطعام من القشور والتراب فلا يبقى على وجه الارض منها
شئ ، وقيل : يصيرها كالهباء ، وقيل : إن رجلا من ثقيف سأل النبي صلى الله عليه وآله : كيف تكون
الجبال يوم القيامة مع عظمها ؟ فقال : إن الله يسوقها بأن يجعلها كالرمال " ثم يرسل
عليها الرياح " فتفرقها " فيذرها " أي فيدع أماكنها من الارض إذا نسفتها " قاعا "
أي أرضا ملسا ، وقيل : منكشفة " صفصفا " أي أرضا مستوية ليس للجبل فيها أثر ،
وقيل : القاع والصفصف بمعنى واحد وهو المستوي من الارض الذى لا نبات فيه ،
عن ابن عباس ومجاهد " لا ترى فيها عوجا ولا أمتا " أي ليس فيها مرتفع ولا منخفض
قال الحسن : العوج : ما انخفض من الارض ، والامت ما ارتفع من الروابي " يومئذ
يتبعون الداعي " أي يوم القيامة يتبعون صوت داعي الله الذي ينفخ في الصور " لا عوج
له " أي لدعاء الداعي ، ولا يعدل عن أحد ، بل يحشرهم جميعا ، وقيل : معناه لا عوج لهم
عن دعائه ولا يعدلون عن ندائه ، بل يتبعونه " سراعا وخشعت الاصوات للرحمن "
أي خضعت الاصوات بالسكوت لعظمة الرحمن " فلا تسمع إلا همسا " وهو صوت الاقدام
أي لا تسمع من صوت أقدامهم إلا صوتا خفيا كما يسمع من وطئ الابل ، وقيل :
الهمس : إخفاء الكلام ، وقيل : معناه أن الاصوات العالية بالامر والنهي في الدنيا
تنخفض وتذل أصحابها فلا تسمع منها إلا الهمس .
" يومئذ لا تنفع الشفاعة " أي لا تنفع ذلك اليوم شفاعة أحد في غيره إلا شفاعة
من أذن الله له في أن يشفع ورضي قوله فيها : من الانبياء والاولياء والصالحين
والصديقين والشهداء " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم " والضمير راجع إلى الذين يتبعون
الداعي أي يعلم سبحانه منهم جميع أقوالهم وأفعالهم قبل أن يخلقهم وبعد أن خلقهم وما كان
في حياتهم وبعد مماتهم ، لا يخفى عليه شئ من امورهم تقدم أو تأخر ، وقيل : يعلم
[ 75 ]
ما بين أيديهم من أحوال الآخرة وما خلفهم من أحوال الدنيا " ولا يحيطون به علما " أي
لا يحيطون هم بالله علما ، أي بمقدرواته ومعلوماته ، أو بكنه عظمته في ذاته وأفعاله " وعنت
الوجوه للحي القيوم " أي خضعت وذلت حضوع الاسير في يد من قهره ، والمراد أرباب
الوجوه ، وقيل : المراد بالوجوه الرؤساء والقادة والملكوك " وقد خاب " عن ثواب الله " من حمل
ظلما " أي شركا " ومن يعمل من الصالحات " أي شيئا من الطاعات وهو مؤمن مصدق
بما يجب التصديق به " فلا يخاف ظلما " بأن يزاد في سيئاته " ولا هضما " بأن ينقص
من حسناته ، والهضم : النقص .
وفي قوله : عزوجل : " يوم نطوي السماء " ( 1 ) : المراد بالطي ههنا هو الطي المعروف
فإن الله سبحانه يطوي السماء بقدرته ، وقيل : إن طي السماء ذهابها " كطي السجل
للكتب " السجل : صحيفة فيها الكتب ، عن ابن عباس وغيره ، وقيل : إن السجل
ملك يكتب أعمال العباد ، عن أبي عمرو والسدي ، وقيل هو ملك يطوي كتب بني آدم
إذا رفعت إليه ، عن عطاء ، وقيل : هو اسم كاتب كان للنبي صلى الله عليه وآله " كما بدأنا أول خلق
نعيده " أي حفاة عراتا غرلا ، وقيل : معناه : نهلك كل شئ كما كان أول مرة .
وفي قوله تعالى سبحانه : " يا أيها الناس اتقوا ربكم " : أي عذابه " إن زلزلة
الساعة " ( 2 ) أي زلزلة الارض يوم القيامة ، والمعنى أنها تقارن قيام الساعة وتكون معها ،
* ( هامش ) * ( 1 ) قال السيد الرضى رضى الله عنه في المجازات : ص 147 : هذه استعارة ، والمراة بها
على احد القولين ابطال السماء ونقض بنيتها واعدام جملتها من قولهم : طوى الدهر آل فلان إذا
اهلكهم وعفى آثارهم ، وعلى القول الاخر يكون الطى ههنا على حقيقته فيكون المعنى : ان عرض
السماء يطوى حتى يجمع بعد انتشاره ويتقارب بعد تباعد اقطاره فيصير كالسجل المطوى ، وهو ما يكتب
فيه من جلد او قرطاس او ثوب او ما يجرى مجرى ذلك ، والكتاب ههنا مصدر كقولهم : كتب كتابا
وكتابة وكتبا ، فيكون المعنى : يوم نطوى السماء كطى السجل ليكتب فيه ، فكانه قال : كطى
السجل للكتابه ، لان الاغلب في هذه الاشياء التى اومأنا اليها أن تطوى قبل ان تقع الكتابة فيها ،
لان الطى ابلغ في التمكن منها .
( 2 ) قال الرضى قدس الله روحه : المراد بزلزلة الساعة رجفان القلوب من خوفها ، واضطراب
الاقدام من روعة موقعها ، ويشهد بذلك قوله سبحانه من بعد : " وترى الناس سكارى وما هم بسكارى "
يريد تعالى من شدة الخوف والوجل والذهول والوهل . ( * )
[ 76 ]
وقيل : إن هذه الزلزلة قبل قيام الساعة وإنما أضافها إليها لانها من أشراطها " شئ
عظيم " أي أمر هائل لا يطاق ، وقيل : إن معناه أن شدة يوم القيامة أمر صعب " يوم ترونها "
أي الزلزلة أو الساعة " تذهل كل مرضعة عما أرضعت " أي تشغل عن ولدها وتنساه .
وقيل : تسلو عن ولدها ( 1 ) " وتضع كل ذات حمل حملها " أي تضع الحبالى ما في بطونهن
وفي هذا دلالة على أن الزلزلة في الدنيا ، قال الحسن : تذهل المرضعة عن ولدها بغير
فطام ، وتضع الحامل ما في بطنها بغير تمام ، ومن قال : المراد به القيامة قال : إنه تهويل
لامر القيامة وشدائدها ، أي لو كان ثم مرضعة لذهلت ، أو حامل لوضعت " وترى الناس
سكارى " من شدة الفزع " وما هم بسكارى " من الشراب " ولكن عذاب الله شديد "
فمن شدته يصيبهم ما يصيبهم .
وفي قوله تعالى : " يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار " : أراد يوم القيامة
تتقلب فيه أحوال القلوب والابصار وتنتقل من حال إلى حال ، فتلفحها النار ، ( 2 ) ثم
تنضجها ثم تحرقها ، وقيل : تتقلب فيه القلوب والابصار بين الطمع في النجاة والخوف
من الهلاك ، وتتقلب الابصار يمنة ويسرة من أين تؤتى كتبهم ، ومن أين يؤخذ بهم ،
أمن قبل اليمين أم من قبل الشمال ؟ وقيل : تتقلب القلوب ببلوغها الحناجر ، والابصار
بالعمى بعد البصر ، وقيل : معناه : تنتقل القلوب من الشك إلى اليقين والايمان ، والابصار
عما كانت تراه غيا فتراه رشدا ، فمن كان شاكا في دنياه أبصر في آخرته ، ومن كان
عالما ازداد بصيرة وعلما .
وفي قوله تعالى : " يقسم المجرمون " : أي يحلف المشركون " ما لبثوا في القبور
غير ساعة " واحدة ، عن الكلبي ومقاتل ، وقيل : يحلفون ما مكثوا في الدنيا غير ساعة
لاستقلالهم مدة الدنيا ، وقيل : يحلفون ما لبثوا بعد انقطاع عذاب القبر غير ساعة ، عن
الجبائي ، ومتى قيل : كيف يحلفون كاذبين مع أن معارفهم في الآخرة ضرورية ؟ قيل :
فيه أقوال : أحدها : أنهم حلفوا على الظن ولم يعلموا لبثهم في القبور فكأنهم قالوا :
* ( هامش ) * ( 1 ) سلى عنه : نسيه . طابت نفسه عنه وذهل عن ذكره وهجره .
( 2 ) لفح النار او السموم بحرها فلانا : أصابت وجهه وأحرقته ( * )
[ 77 ]
ما لبثنا غير ساعة في ظنوننا ، وثانيها : أنهم استقلوا الدنيا لما عاينوا من أمر الآخرة
فكأنهم قالوا : ما الدنيا في الآخرة إلا ساعة ، وثالثها ، أن ذلك يجوز أن يقع منهم قبل
إكمال عقولهم " كذلك كانوا يؤفكون " في دار الدنيا أي يكذبون ، وقيل : يصرفون صرفهم
جهلهم عن الحق في الدارين ، ومن استدل بهذه الآية على نفي عذاب القبر فقد أبعد لما بينا
أنه يجوز أن يريدوا أنهم لم يلبثوا بعد عذاب الله إلا ساعة " وقال الذين اوتوا العلم والايمان
لقد لبثتم " أي مكثتم " في كتاب الله " معناه أن لبثكم ثابت في كتاب الله أثبته الله فيه وهو قوله :
" ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون " وهذا كما يقال : إن كل ما يكون فهو في اللوح
المحفوظ أي هو مثبت فيه ، والمراد : لقد لبثتم في قبوركم إلى يوم البعث ، وقيل : إن
الذين اوتوا العلم والايمان هم الملائكة ، وقيل : هم الانبياء ، وقيل : المؤمنون ، وقيل :
إن هذا على التقديم وتقديره : وقال الذين اوتوا العلم في كتاب الله وهم الذين
يعلمون كتاب الله والايمان لقد لبثتم إلى يوم البعث فهذا يوم البعث الذي كنتم تنكرونه
في الدنيا ، ولكنكم كنتم لا تعلمون وقوعه في الدنيا ، فلا ينفعكم العلم به الآن ، ويدل
على هذا المعنى قوله : " فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا أنفسهم بالكفر معذرتهم " فلا يمكنون
من الاعتذار ، ولو اعتذروا لم يقبل عذرهم " ولا هم يستعتبون " أي لا يطلب منهم الاعتاب
والرجوع إلى الحق .
وفي قوله : سبحانه " لينذر " : أي النبي بما اوحي إليه " يوم التلاق " يلتقي
في ذلك اليوم أهل السماء وأهل الارض ، وقيل : يلتقي فيه الاولون والآخرون والخصم
والمخصوم والظالم والمظلموم ، وقيل : يلتقي الخلق والخالق يعني أنه يحكم بينهم ، وقيل :
يلتقي المرء وعمله ، والكل مراد " يوم هم بارزون " من قبورهم ، وقيل : يبرز بعضهم لبعض
فلا يخفى على أحد حال غيره لانه ينكشف له ما يكون مستورا " لا يخفى على الله
منهم شئ " أي من أعمالهم وأحوالهم " ويقول " الله في ذلك اليوم : " لمن الملك اليوم "
فيقر المؤمنون والكافرون بأنه " لله الواحد القهار " وقيل : إنه سبحانه هو القائل لذلك
وهو المجيب لنفسه ، ويكون في الاخبار بذلك مصلحة للمكلفين ، قال محمد بن كعب
[ 78 ]
القرطي ( 1 ) : يقول الله تعالى ذلك بين النفختين حين يفني الخلائق كلها ثم يجيب نفسه
لانه بقي وحده ، والاول أصح لانه بين أنه يقول ذلك يوم التلاق يوم يبرز العباد
من قبورهم ، وإنما خص ذلك اليوم بأن له الملك فيه لانه قد ملك العباد بعض الامور
في الدنيا ، ولا يملك أحد شيئا ذلك اليوم .
فإن قيل : أليس يملك الانبياء والمؤمنون في الآخرة الملك العظيم ؟ فالجواب
أن أحدا لا يستحق إطلاق الصفة بالملك إلا الله تعالى ، لانه يملك جميع الامور من
غير تمليك مملك ، وقيل : إن المراد به يوم القيامة قبل تمليك أهل الجنة ما يملكهم
" اليوم تجزى كل نفس ما كسبت " يجزى المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته ، وفي
الحديث : إن الله تعالى يقول : أنا الملك ، أنا الديان ، لا ينبغي لاحد من أهل الجنة أن
يدخل الجنة ولا لاحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة حتى أقصه منه ،
ثم تلا هذه الآية : " لا ظلم اليوم " أي لا ظلم لاحد على أحد ، ولا ينقص من ثواب أحد
ولا يزاد في عقاب أحد " إن الله سريع الحساب " لا يشغله محاسبة واحد عن محاسبة
غيره " وأنذرهم يوم الآزفة " أي الدانية ، وهو يوم القيامة لان كل ما هو آت دان قريب ،
وقيل : يوم دنو المجازاة " إذ القلوب لدى الحناجر " وذلك أنها تزول عن مواضعها من
الخوف حتى تصير إلى الحنجرة " كاظمين " أي مغمومين مكروبين ممتلين غما ، قد أطبقوا
أفواههم على ما في قلوبهم من شدة الخوف " ما للظالمين من حميم " يريد : ما للمشركين
والمنافقين من قريب ينفعهم " ولا شفيع يطاع " فيهم فتقبل شفاعته " يعلم خائنة الاعين "
أي خيانتها وهي مسارقة النظر إلى ما لا يحل النظر إليه " وما تخفي الصدور " ويعلم
* ( هامش ) * ( 1 ) كذا في نسخة المصنف ، والصحيح " القرظى " بالمعجمة ، قال ابن الاثير في اللباب : هذه
النسبة إلى قريظة وهو اسم رجل نزل أولاده حصنا بقرب المدينة ، وقريظة والنضير أخوان من أولاد
هارون النبي عليه السلام ، والمنتسب إلى قريظة جماعة : منهم كعب بن سليم القرظى المدنى يروى
عن على بن أبيطالب رضى الله عنه ، روى عنه ابنه محمد بن كعب ، وابنه محمد بن كعب القرظى
أبوحمزة ، يروى من ابن عباس وابن عمر وغيرهما وكان من فضلاء أهل المدينة ، توفى بها سنة 108
وقيل : سنة 117 انتهى . وقال ابن حجر في التقريب : ص 468 : كان قد نزل كوفة مدة ، ثقة عالم
من الثالثة ، ولد سنة اربعين على الصحيح ، ومات سنة عشرين ، وقيل قبل ذلك . ( * )
[ 79 ]
ما تضمره الصدور " والله يقضي بالحق " أي يفصل بين الخلائق بالحق " والذين يدعون
من دونه " من الاصنام " لا يقضون بشئ " لانها جماد .
وفي قوله تعالى : " يوم يدع الداع إلى شئ نكر " أي منكر غير معتاد ولا معروف
بل أمر فظيع لم يروا مثله فينكرونه استعظاما ، واختلف في الداعي فقيل : هو إسرافيل
يدعو الناس إلى الحشر قائما على صخرة بيت المقدس ، وقيل : بل الداعي يدعوهم إلى
النار ، و " يوم " ظرف ليخرجون ، ويجوز أن يكون التقدير : في هذا اليوم يقول الكافرون
" خشعا أبصارهم " أي ذليلة خاضعة عند رؤية العذاب ، وإنما وصف الابصار بالخشوع
لان ذلة الذليل وعزة العزيز تتبين في نظره وتظهر في عينه " يخرجون من الاجداث "
أي من القبور " كأنهم جراد منتشر " والمعنى : أنهم يخرجون فزعين يدخل بعضهم في
بعض ويختلط بعضهم ببعض ، لا جهة لاحد منهم فيقصدها ، كما أن الجراد لا جهة لها
فتكون أبدا متفرقة في كل جهة ، وقيل : إنما شبههم بالجراد في كثرتهم ، وفي هذه
الآية دلالة على أن البعث إنما يكون لهذه البنية لانها الكائنة في الاجداث ، خلافا
لمن زعم أن البعث يكون للارواح " مهطعين إلى الداع " أي مقبلين إلى صوت الداعي ،
وقيل : مسرعين إلى إجابة الداعي ، وقيل : ناظرين قبل الداعي ، قائلين : " هذا يوم
عسر " أي صعب شديد .
وفي قوله تعالى : " يا معشر الجن والانس إن استطعتم أن تنفذوا " : أي تخرجوا
هاربين من الموت ، يقال نفذ الشئ من الشئ : إذا خلص منه ، كالسهم ينفذ من الرمية
" من أقطار السماوات والارض " أي جوانبهما ونواحيهما " فانفذوا " أي فاخرجوا " لا
تنفذون إلا بسلطان " أي حيث توجهتم فثم ملكي ولا تخرجون من سلطاني فأنا
آخذكم بالموت ، وقيل : لا تنفذون إلا بقدرة من الله وقود يعطيكموها بأن يخلق لكم
مكانا آخر سوى السماوات والارض ويجعل لكم قوة تخرجون بها إليه ، وقيل : المعنى :
إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والارض فاعلموا أنه لا يمكنكم ذلك " لا
تنفذون إلا بسلطان " أي لا تعلمون إلا بحجة وبيان ، وقيل : " لا تنفذون إلا بسلطان "
معناه : حيث ما نظرتم شاهدتم حجة الله وسلطانه الذي يدل على توحيده " يرسل
[ 80 ]
عليكما شواظ من نار " هو اللهب الاخضر المنقطع من النار " ونحاس " هو الصفر المذاب
للعذاب ، وقيل : النحاس : الدخان ، وقيل : المهل ، والمعنى : لا تنفذون ولو جاز أن
تنفذوا وقدرتم عليه لارسل عليكم العذاب من النار المحرقة ، وقيل : معناه : إنه يقال
لهم ذلك يوم القيامة " يرسل عليكما " أي على من أشرك منكما ، وقد جاء في الخبر :
يحاط على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ، ثم ينادون : " يا معشر الجن والانس "
إلى قوله : " شواظ من نار " وروى مسعدة بن صدقة ، عن كليب قال : كنا عند أبي عبدالله
عليه السلام فأنشأ يحدثنا فقال : إذا كان يوم القيامة جمع الله العباد في صعيد واحد وذلك
إنه يوحي إلى السماء الدنيا : أن اهبطي بمن فيك ، فيهبط أهل السماء الدنيا بمثلي من
في الارض من الجن والانس والملائكة ، ثم يهبط أهل السماء الثانية بمثل الجميع
مرتين ، فلا يزالون كذلك حتى يهبط أهل سبع سماوات فيصير الجن والانس في سبع
سرادقات من الملائكة ، ثم ينادي مناد : يا معشر الجن والانس " إن استطعتم " الآية
فينظرون فإذا قد أحاط بهم سبع أطواق من الملائكة ، وقوله : " فلا تنتصران " أي فلا تقدران
على دفع ذلك عنكما وعن غيركما " فإذا انشقت السماء " يعني يوم القيامة إذا انصدعت
السماء وانفك بعضها من بعض " فكانت وردة " أي فصارت حمراء كلون الفرس الورد وهو
الابيض الذي يضرب إلى الحمرة أو الصفرة ، فيكون في الشتاء أحمر وفي الربيع أصفر وفي
اشتداد البرد أغبر ، سبحانه خالقها والمصرف لها كيف يشاء ، والوردة واحدة الورد
فشبه السماء يوم القيامة في اختلاف ألوانها بذلك ، وقيل : أراد به وردة النبات وهي
حمراء وقد تختلف ألوانها ولكن الاغلب في ألوانها الحمرة لتصير السماء كالوردة في
الاحمرار ، ثم تجري كالدهان ، وهو جمع الدهن عند انقضاء الامر وتناهي المدة ، قال
الحسن : هي كالدهان التي تصب بعضها بألوان مختلفة ، قال الفراء : شبه تلون السماء
بتلون الوردة من الخيل ، وشبه الوردة في اختلافه بالدهن واختلاف ألوانه ، وقيل :
الدهان : الاديم ( 1 ) الاحمر ، وقيل : هو عكر الزيت ( 2 ) يتلون ألوانا " فيومئذ " يعني
* ( هامش ) * ( 1 ) الاديم : الجلد .
( 2 ) عكر : ضد الصافى ، وهو دردى الزيت . ( * )
[ 81 ]
يوم القيامة " لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان " أي لا يسأل المجرم عن جرمه في ذلك الموطن
لمايلحقه من الذهول الذي تحار له العقول ، وإن وقعت المسألة في غير ذلك الوقت
بدلالة قوله : " وقفوهم إنهم مسولون " وقيل : المعنى : لا يسألان سؤال الاستفهام ليعرف
ذلك بالمسألة من جهته لان الله تعالى قد أحصى الاعمال وحفظها على العباد ، وإنما
يسألون سؤال تقريع وتوبيخ للمحاسبة ، وقيل : إن أهل الجنة حسان الوجوه وأهل
النار سود الوجوه فلا يسألون من أي الحزبين هم ولكن يسألون سؤال تقريع .
وروي عن الرضا عليه السلام أنه قال . فيومئذ لا يسئل منكم عن ذنبه إنس ولا جان
والمعنى أن من اعتقد الحق ثم أذنب ولم يتب في الدنيا عذب عليه في البرزخ ، ويخرج
يوم القيامة وليس له ذنب يسأل عنه " يعرف المجرمون بسيماهم " أي بعلامتهم وهي سواد
الوجوه وزرقة العيون ، وقيل : بأمارات الخزي ، " فيؤخذ بالنواصي والاقدام " فتأخذهم
الزبانية فتجمع بين نواصيهم وأقدامهم بالغل ، ثم يسحبون إلى النار ويقذفون فيها .
وفي قوله تعالى : " إذا وقعت الواقعة " : أي إذا قامت القيامة ، سميت بها لكثرة
ما يقع فيها من الشدة ، أو لشدة وقعتها " ليس لوقعتها كاذبة " ( 1 ) أي ليس لمجيئها و
ظهورها كذب ، وقيل : أي ليس لوقعتها قضية كاذبة أي ثبت وقوعها بالسمع والعقل :
" خافضة رافعة " أي تخفض ناسا وترفع آخرين ، وقيل : تخفض أقواما إلى النار وترفع
أقواما إلى الجنة " إذا رجت الارض رجا " أي حركت حركة شديدة ، وزلزلت زلزالا
شديدا ، وقيل : معناه : رجت بما فيها كما يرج الغربال بما فيه ، فتخرج من في بطنها
من الموتى " وبست الجبال بسا " أي فتت فتا ، وقيل : أي كسرت كسرا ، وقيل :


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 81 سطر 19 إلى صفحه 89 سطر 18

قلعت من أصلها ، وقيل : سيرت من وجه الارض تسييرا ، وقيل : بسطت بسطا كالرمل
والتراب ، وقيل : جعلت كثيبا مهيلا بعد أن كانت شامخة طويلة " فكانت هباء منبثا "
* ( هامش ) * ( 1 ) قال السيد الرضى في المجازات " ص 239 " : وهذه استعارة ، والمراد انها إذا وقعت لم
ترجع عن وقوعها ولم تعدل عن طريقها ، كما يقال : قد صدق فلان الحملة ولم يكذب ، أى ولم
يرجع على عقبيه ويقف عن وجهة عزمه جبنا وضعفا ووجلا وخوفا ، وتلخيص المعنى : ليس لوقعتها
كذب ولا خلف إه . ( * )
[ 82 ]
أي غبارا متفرقا كالذي يرى في شعاع الشمس إذا دخل من الكوة ( 1 ) " وكنتم أزواجا "
أي أصنافا " ثلثة فأصحاب الميمنة " يعني اليمين وهم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم ،
وقيل : الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة ، وقيل : هم أصحاب اليمن والبركة
" ما أصحاب الميمنة " أي أي شئ هم ؟ كما يقال : هم ما هم ! " وأصحاب المشئمة "
هم الذين يعطون كتبهم بشمالهم ، أو يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار ، وقيل : هم
المشائم على أنفسهم " والسابقون السابقون " أي والسابقون إلى اتباع الانبياء الذين
صاروا أئمة الهدى هم السابقون إلى جزيل الثواب عند الله ، وقيل : السابقون إلى طاعة
الله هم السابقون إلى رحمته ، فالسابقون الثاني خبر الاول ، ويحتمل أن يكون تأكيدا
للاول ، والخبر : " اولئك المقربون " .
وفي قوله تعالى : " فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة " : وهي النفخة الاولى
وقيل : الثانية " وحملت الارض والجبال " أي رفعت من أماكنها " فد كتا دكة
واحدة " أي كسرتا كسرة واحدة لا تثنى حتى يستوي ما عليها من شئ مثل الاديم
الممدود ، وقيل : ضرب بعضها ببعض حتى تفتتت الجبال ، ونسفتها الرياح ، وبقيت
الارض شيئا واحدا لا جبل فيها ولا رابية ( 2 ) بل تكون قطعة مستوية ، وإنما قال : " دكتا "
لانه جعل الارض جملة واحدة ، والجبال جملة واحدة " فيومئذ وقعت الواقعة " أي
قامت القيامة " وانشقت السماء " أي انفرج بعضها من بعض " فهي يومئذ واهية " أي
شديدة الضعف بانتقاض أبنيتها ، وقيل : هو أن السماء تنشق بعد صلابتها فتصير بمنزلة
الصوف في الوهن والضعف " والملك على أرجائها " أي على أطرافها ونواحيها ، والملك
اسم يقع على الواحد والجمع ، والسماء مكان الملائكة فإذا وهت صارت في نواحيها ،
وقيل : إن الملائكة يومئذ على جوانب السماء تنتظر ما يؤمر به في أهل النار وأهل
الجنة " ويحمل عرش ربك فوقهم " يعني فوق الخلائق ، يومئذ ثمانية من الملائكة .
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله : أنهم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم بأربعة
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الكاف وضمها وفتح الواو المشددة : الخرق في الحائط .
( 2 ) الرابية : ما ارتفع من الارض . ( * )
[ 83 ]
اخرى فيكونون ثمانية ، وقيل : ثمانية صفوف لا يعلم عددهم إلا الله تعالى عن ابن عباس
" يومئذ تعرضون " يعني يوم القيامة تعرضون معاشر المكلفين " لا تخفى منكم خافية " أي
نفس خافية أو فعلة خافية ، وقيل : الخافية مصدر أي خافية أحد ، وروي في الخبر عن ابن
مسعود وقتادة أن الخلق يعرضون ثلاث عرضات : ثنتان فيهما معاذير وجدال ، والثالثة تطير
الصحف من الايدي ، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله ، وليس يعرض الله الخلق ليعلم من
حالهم ما لم يعلمه ، ولكن ليظهر ذلك لخلقه " فأما من اوتي كتابه بيمينه فيقول "
لاهل القيامة : " هاؤم " أي تعالوا " اقرؤا كتابيه " إنما يقوله سرورا بهم لعلمه بأنه
ليس فيه إلا الطاعات فلا يستحيي أن ينظر فيه غيره " إني طننت " أي علمت وأيقنت
في الدنيا " أني ملاق حسابيه " والهاء لنظم رؤوس الآي وهي هاء الاستراحة ، والمعنى :
أني كنت مستيقنا في دار الدنيا بأني القي حسابي يوم القيامة " فهو في عيشة راضية "
أي حالة من العيش ذات رضى بمعنى مرضية " في جنة عالية " أي رفيعة القدر والمكان ،
" قطوفها دانية " أي ثمارها قريبة ممن يتناولها ، قال البراء بن عازب : يتناول الرجل
من الثمرة وهو نائم .
وروي عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لايدخل الجنة أحد إلا بجواز
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله لفلان بن فلان أدخلوه جنة عالية قطوفها
دانية . وقيل : معناه : لا يرد أيديهم عن ثمرها بعد ولا شوك ، يقال لهم : كلوا واشربوا في
الجنة هنيئا بما أسلفتم " أي قدمتم من أعمالكم الصالحة " في الايام الخالية " أي الماضية
في الدنيا ، ويعني بقوله : " هنيئا " أنه ليس فيه ما يؤذي فلا يحتاج فيه إلى إخراج فضل
بغايط أو بول " وأما من اوتي كتابه " أي صحيفة أعماله " بشماله فيقول يا ليتني لم
اوت كتابيه " لما يرى فيه من قبائح أعماله " ولم أدر ما حسابيه " أي ولم أدر أي شئ
حسابي " يا ليتها كانت القاضية " الهاء في ليتها كناية عن الحال التي هم فيها ، وقيل : كناية
عن الموتة الاولى ، والقاضية : القاطعة للحياة أي ليت الموتة الاولى لم نحي بعدها ، أو تمنى
يومئذ الموت ولم يكن في الدنيا شئ أكره عنده من الموت " ما أغنى عني ماليه " أي
ما دفع عني مالي من عذاب الله شيئا " هلك عني سلطانيه " أي ضل عني ما كنت أعتقده
[ 84 ]
حجة ، أو هلك عني تسلطي وأمري ونهيي في دار الدنيا على ما كنت مسلطا عليه .
ثم أخبر سبحانه أنه يقول للملائكة : " خذوه فغلوه " أي أوثقوه بالغل ، وهو أن
تشد إحدى يديه أو رجليه إلى عنقه بجامعة ( 1 ) " ثم الجحيم صلوه " أي ثم أدخلوه النار
العظيمة وألزموه إياها " ثم في سلسلة ذرعها " أي طولها " سبعون ذراعا فاسلكوه "
أي اجعلوه فيها لانه يؤخذ عنقه فيها ثم يجر بها ، قال الضحاك : إنما تدخل في فيه
وتخرج من دبره ، فعلى هذا يكون المعنى : ثم اسلكوا السلسلة فيه فقلب ، وقال نوف
البكالي ( 2 ) : كل ذراع سبعون باعا ، الباع : أبعد مما بينك وبين مكة - وكان في رحبة
الكوفة - وقال الحسن : الله أعلم بأي ذراع هو ، وقال سويد بن نجيح : إن جميع أهل
النار كانوا في تلك السلسلة ولو أن حلقة منها وضعت على جبل لذاب من حرها " إنه
كان لا يؤمن بالله العظيم " أي لم يكن يوحد الله ولا يصدق به " ولا يحض على طعام
المسكين " أي كان يمنع الزكاة و الحقوق الواجبة " فليس له اليوم هيهنا حميم " أي
صديق ينفعه " ولا طعام إلا من غسلين " وهو صديد ( 3 ) أهل النار وما يجري منهم : وقيل :
إن أهل النار طبقات فمنهم : من طعامه غسلين ، ومنهم من طعامه الزقوم ، ( 4 ) ومنهم
من طعامه الضريع لانه قال في موضع آخر : " ليس لهم طعام إلا من ضريع ( 5 ) " وقيل :
يجوز أن يكون الضريع هو الغسلين " لا يأكله " أي هذا الغسلين " إلا الخاطئون " وهم
* ( هامش ) * ( 1 ) الجامعة : الغل .
( 2 ) قال ابن الاثير في اللباب " ج 1 ص 137 " : البكالى : بكسر الباء الموحدة وفتح الكاف المخففة
وفي آخرها اللام ، هذه النسبة إلى بنى بكال وهو بطن من حمير ينسب إليه أبوزيد نوف بن فضالة
البكالى .
( 3 ) الصديد : القيح والدم . وهو ما يسيل من جوف أهل جهنم .
( 4 ) الزقوم : شجرة في جهنم منها طعام أهل انار ، نبات بالبادية له زهر كزهر الياسمين ،
كل طعام يقتل .
( 5 ) الضريع : قيل : هو نوع من الشوك لا تأكله الدواب لخبثه ، وقيل : نبات أحمى منتن
الريح يرمى به البحر ، فكيفما كان فاشارة إلى شئ منكر ، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله
أن الضريع : شئ يكون في النار يشبه الشوك أمر من الصبر وانتن من الجيفة وأشد حرا من النار . ( * )
[ 85 ]
الجائزون عن طريق الحق عامدين ، والفرق بين الخاطئ والمخطئ أن المخطئ قد
يكون من غير تعمد ، والخاطئ : المذنب المتعمد الجائز عن الصراط المستقيم .
وفي قوله سبحانه : " يوم تكون السماء كالمهل " : أي كدردي الزيت ، وقيل :
كعكر القطران ، وقيل : مثل الفضة إذا اذيبت ، وقيل : مثل الصفر المذاب " وتكون
الجبال كالعهن " أي كالصوف المصبوغ ، وقيل : كالصوف المنفوش ، وقيل : كالصوف الاحمر ،
بمعنى أنها تلين بعد الشدة وتتفرق بعد الاجتماع ، وقال الحسن : إنها أولا تصير
كثيبا مهيلا ، ثم تصير عهنا منفوشا ، ثم هباءا منثورا " ولا يسئل حميم حميما " لشغل
كل إنسان بنفسه عن غيره وقيل : لا يسأله أن يتحمل من أوزاره ليأسه من ذلك في
الآخرة ، وقيل : معناه أنه لا يحتاج إلى سؤاله لانه يكون لكل علامة يعرف بها ،
فعلامة الكافرين سواد الوجوه وزرقة العيون ، وعلامة المؤمنين نضارة اللون وبياض الوجوه
" يبصرونهم " أي تعرف الكفار بعضهم بعضا ساعة ، ثم لا يتعارفون ويفر بعضهم من
بعض ، وقيل : يعرفهم المؤمنون فيشمتون بهم ويسرون بعذابهم ، وقيل : يعرف أتباع
الضلالة رؤساءهم ، وقيل : إن الضمير يعود إلى الملائكة أي يعرفهم الملائكة ، ويجعلون
بصراء بهم فيسوقون فريقا إلى الجنة وفريقا إلى النار " يود المجرم " أي يتمنى العاصي
" لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه " أي يتمنى سلامته من العذاب النازل به بإسلام
كل كريم عليه من أولاده الذين هم أعز الناس عليه " وصاحبته " أي زوجته التي كانت
سكنا له ، وربما آثرها على أبويه " وأخيه " الذي كان ناصرا له ومعينا " وفصيلته " أي
وعشيرته " التي تؤويه " في الشدائد وتضمه ، ويأوي إليها في النسب " ومن في الارض
جميعا " أي بجميع الخلائق " ثم ينجيه " ذلك الفداء " كلا " لا ينجيه ذلك " إنها لظى "
يعني أن نار جهنم لظى أو القصة لظى " نزاعة للشوى " وسميت لظى لانها تتلظى
أي تشتعل وتتلهب على أهلها ، وقيل : لظى اسم من أسماء جهنم ، وقيل : هي الدركة
الثانية منها ، وهي " نزاعة للشوى " تنزع الاطراف فلا تترك لحما ولا جلدا إلا أحرقته
وقيل : تنزع الجلد وام الرأس ، وقيل : تنزع الجلد واللحم عن العظم ، وقال الكلبي :
يعني تأكل الدماغ كله ثم يعود كما كان ، وقال أبوصالح : الشوى : لحم الساق ، وقال
[ 86 ]
سعيد بن جبير : العصب والعقب ، وقال أبوالعالية : محاسن الوجه " تدعو من أدبر وتولى "
يعني النار تدعو إلى نفسها من أدبر عن الايمان وتولى عن طاعة الله وطاعة رسوله
أي لا يفوتها كافر ، فكأنها تدعوه فيجيئها كرها ، وقيل : إن الله تعالى ينطق النار حتى
تدعوهم إليها ، وقيل : معناه : تدعو زبانية النار ، وقيل : تدعو أي تعذب ، رواه المبرد
عن الخليل قال : يقال : دعاك الله أي عذبك .
وفي قوله : " كأنهم إلى نصب يوفضون " : أي كأنهم يسعون فيسرعون إلى علم
نصب لهم ، وقيل : كأنهم إلى أوثانهم يسعون للتقرب إليها " ترهقهم ذلة " أي تغشاهم .
وفي قوله سبحانه : " يوم ترجف الارض والجبال " : أي تتحرك باضطراب شديد
" وكانت الجبال كثيبا مهيلا " أي رملا سائلا متناثرا عن ابن عباس ، وقيل : المهيل :
الذي إذا وطأته القدم زل من تحتها ، وإذا أخذت أسفله انهار أعلاه ، والمعنى أن الجبال
تنقلع من اصولها فتصير بعد صلابتها كالرمل السائل .
وفي قوله : " يجعل الولدان شيبا " : هو جمع أشيب ، وهذا وصف لذلك اليوم و
شدته ، كما يقال : هذا أمر يشيب منه الوليد وتشيب منه النواصي : إذا كان عظيما
شديدا ، والمعنى : بأي شئ تتحصنون من عذاب ذلك اليوم إن كفرتم ؟ وكيف تدفعون
عنكم ذلك ؟ " السماء منفطر به " الهاء يعود إلى اليوم ، والمعنى : أن السماء تنفطر وتنشق
في ذلك اليوم من هوله ، وقيل : بسبب ذلك اليوم وهوله وشدته " كان وعده مفعولا "
أي كائنا لا خلف فيه ولا تبديل .
وفي قوله تعالى : " فإذا برق البصر " أي شخص البصر عند معاينة ملك الموت
فلا يطرف من شدة الفزع ، وقيل : إذا فرع وتحير لما يرى من أهوال القيامة وأحوالها
" وخسف القمر " أي ذهب نوره وضوؤه " وجمع الشمس و القمر " أي جمع بينهما في ذهاب
ضوئهما بالخسوف ليتكامل ظلام الارض على أهلها حتى يراهما كل أحد بغير نور
وضياء ، وقيل في طلوعهما من المغرب كالبعيرين القرينين " يقول الانسان " المكذب
بالقيامة " يومئذ أين المفر " أين الفرار ، ويجوز أن يكون معناه : أين موضع الفرار " كلا
لا وزر " أي لا مهرب ولا ملجأ لهم يلجؤون إليه ، والوزر : ما يتحصن به من جبل أو
[ 87 ]
غيره " إلى ربك يومئذ المستقر " أي المنتهى أي ينتهي الخلق يومئذ إلى حكمه و
أمره ، فلا حكم ولا أمر لاحد غيره وقيل : المستقر : المكان الذي يستقر فيه المؤمن
والكافر ، وذلك إلى الله لا إلى العباد ، وقيل المستقر : المصير والمرجع " ينبؤ
الانسان يومئذ بما قدم وأخر " أي يخبر الانسان يوم القيامة بأول عمله وآخره
فيجازى به ، وقيل : معناه : بما قدم من العمل في حياته ، وما سنه فعمل به بعد موته
من خير أو شر ، وقيل : بما قدم من المعاصي وأخر من الطاعات ، وقيل : بما أخذ و
ترك ، وقيل : بما قدم من طاعة الله وأخر من حق الله وضيعه ، وقيل : بما قدم من ماله
لنفسه ، وما خلفه لورثته بعده " بل الانسان على نفسه بصيرة " أي أن جوارحه تشهد عليه
بما عمل ، قال القتيبي : أقام جوارحه مقام نفسه ولذلك أنث ، ( 1 ) وقيل : معناه أن
الانسان بصير بنفسه وعمله ، وروى العياشي بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : ما يصنع أحدكم أن يظهر حسنا ويسر سيئا أليس إذا رجع إلى نفسه
يعلم أنه ليس كذلك ؟ والله سبحانه يقول : " بل الانسان على نفسه بصيرة " إن
السريرة إذا صلحت قويت العلانية .
" ولو ألقى معاذيره " أي ولو اعتذر وجادل عن نفسه لم ينفعه ذلك ، وقيل :
معناه : ولو أرخى الستور وأغلق الابواب ، قال الزجاج : معناه : ولو أدلى بكل حجة
عنده ، ( 2 ) وجاء في التفسير : المعاذير : الستور ، واحدها معذار ، وقال المبرد : هي
لغة طائية ، والمعنى على هذا القول : وإن أسبل الستور ليخفى ما يعمل ، فإن نفسه
شاهد عليه .
* ( هامش ) * ( 1 ) وقال الكسائى : المعنى : بل على نفس الانسان بصيرة ، فجاء على التقديم والتأخير ، أي
عليه من الملائكة رقيب يرقبه وحافظ يحفظ عمله . وقال أبوعبيدة : جاءت هذه الهاء في بصيرة
والموصوف بها مذكر كما جاءت في علامة ونسابة وراوية وطاغية ، والمراد بها المبالغة في المعنى
الذى وقع الوصف به . ووجه المبالغة في صفة الملك المحصى لاعمال المكلف بأنه بصيرة أن
ذلك الملك يتجاوز علم الظواهر إلى علم السرائر بما جعل الله له على ذلك من الادلة وأعطاه من أسباب
المعرفة . قاله الرضى في تلخيص البيان ص 267 .
( 2 ) أدلى بحجته أى أحضرها واحتج بها . ( * )
[ 88 ]
وفي قوله سبحانه : " إن هؤلاء يحبون العاجلة " : أي يؤثرون اللذات والمنافع
العاجلة في دار الدنيا " ويذرون ورائهم " أي ويتركون أمامهم " يوما ثقيلا " أي عسيرا
شديدا ، والمعنى : أنهم لا يؤمنون به ولا يعملون له ، وقيل : معنى " ورائهم " : خلف
ظهورهم .
وفي قوله تعالى : " فإذا النجوم طمست " : أي محيت آثارها واذهب نورها ( 1 )
" وإذا السماء فرجت " أي شقت وصدعت فصار فيها فروج " وإذا الجبال نسفت " أي
قلعت من مكانها ، وقيل : أي اذهبت بسرعة حتى لا يبقى لها أثر في الارض " وإذا
الرسل اقتت " أي جمعت لوقتها ، وهو يوم القيامة لتشهد على الامم ، وهو قوله :
" لاي يوم اجلت " أي اخرت وضرب لهم الاجل لجمعهم تعجب العباد من ذلك
اليوم ، وقيل : " اقتت " معناه : عرفت وقت الحساب والجزاء لانهم في الدنيا لا يعرفون
متى تكون الساعة ؟ وقيل : عرفت ثوابها في ذلك اليوم ، وقال الصادق عليه السلام : " اقتت "
أي بعثت في أوقات مختلفة ، ثم بين سبحانه ذلك اليوم فقال : " ليوم الفصل " أي يوم
يفصل الرحمن بين الخلائق ، ثم عظم ذلك اليوم فقال : " وما أدريك ما يوم الفصل " ثم
أخبر سبحانه عن حال من كذب به ، فقال : " ويل يومئذ للمكذبين " .
وفي قوله تعالى : " هذا يوم لاينطقون " : فيه قولان : أحدهما أنهم لا ينطقون بنطق
ينتفعون به فكأنهم لم ينطقوا ، والثاني أن في القيامة مواقف ففي بعضها يختصمون
ويتكلمون ، وفي بعضها يختم على أفواههم فلا يتكلمون . وعن قتادة قال : جاء رجل
إلى عكرمة فقال : أرأيت قول الله تعالى : " هذا يوم لاينطقون " وقوله : " ثم إنكم يوم
القيامة عند ربكم تختصمون " ؟ قال : إنها مواقف ، فأما موقف منها فتكلموا و
اختصموا ، ثم ختم على أفواههم فتكلمت أيديهم وأرجلهم فحينئذ لاينطقون .
* ( هامش ) * ( 1 ) قال الرضى قدس سره في التلخيص " ص 270 " : والمراد بطمس النجوم - والله أعلم - محو
آثارها وإذهاب أنوارها ، وإزالتها عن الجهات التي يستدل بها ويهتدى بسمتها فصارت كالكتاب
المطموس الذى اشكلت سطوره واستعجمت حروفه . والطمس في المكتوبات حقيقة ، وفى غيرها
استعارة . ( * )
[ 89 ]
وفي قوله تعالى : " إن يوم الفصل كان ميقاتا " : أي لما وعد الله من الجزاء و
الحساب والثواب والعقاب " يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا " أي جماعة جماعة إلى
أن تتكاملوا في القيامة ، وقيل : زمرا زمرا من كل مكان للحساب ، وكل فريق يأتي
مع شكله ، وقيل : إن كل امة تأتي مع نبيها " وفتحت السماء " أي شقت لتزول
الملائكة " فكانت أبوابا " أي ذات أبواب ، وقيل : صار فيها طرق ولم يكن كذلك من
قبل " وسيرت الجبال " أي ازيلت عن أماكنها وذهب بها " فكانت سرابا " أي كالسراب
يظن أنها جبال وليست إياها . وفي الحديث عن البراء بن عازب قال : كان معاذ بن جبل
جالسا قريبا من رسول الله صلى الله عليه واله في منزل أبي أيوب الانصاري فقال معاذ : يا رسول الله
أرأيت قول الله تعالى : " يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا " الآيات ؟ فقال : يا معاذ
سألت عن عظيم من الامر ثم أرسل عينيه ثم قال : تحشر عشرة أصناف من امتى
أشتاتا قد ميزهم الله تعالى من المسلمين وبدل صورهم ، فبعضهم على صورة القردة ، و
بعضهم على صورة الخنازير ، وبعضهم منكسون أرجلهم من فوق ووجوههم من تحت
ثم يسحبون عليها ، وبعضهم عمي يترددون ، وبعضهم بكم لا يعقلون ، وبعضهم يمضغون
ألسنتهم يسيل القيح من أفواههم لعابا يتقذرهم أهل الجمع ، وبعضهم مقطعة أيديهم
وأرجلهم ، وبعضهم مصلبون على جذوع من نار ، وبعضهم أشد نتنا من الجيف ، و
بعضهم يلبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم ، فأما الذين على صورة القردة
فالقتات من الناس ، وأما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت ، وأما المنكسون على
رؤوسهم فآكلة الربا ، والعمي : الجائرون في الحكم ، والصم البكم : المعجبون بأعمالهم ،


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 89 سطر 19 إلى صفحه 97 سطر 18

والذين يمضغون بألسنتهم فالعلماء والقضاة الذين خالفت أعمالهم أقوالهم ، والمقطعة
أيديهم وأرجلهم الذين يؤذون الجيران ، والمصلبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس
إلى السلطان ، والذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتمتعون بالشهوات واللذات
ويمنعون حق الله في أموالهم ، والذين يلبسون الجباب فإهل التجبر والخيلاء .
وفي قوله تعالى : " لا يملكون منه خطابا " : أي لا يملكون أن يسألوا إلا فيما
أذن لهم فيه ، قال مقاتل : لا يقدر الخلق على أن يكلموا الرب إلا بإذنه " يوم يقوم
[ 90 ]
الروح والملائكة صفا " اختلف في الروح فقيل : خلق الله على صورة بني آدم وليسوا
بناس ولا بملائكة يقومون صفا والملائكة صفا ، وقيل : ملك من الملائكة ما خلق الله
مخلوقا أعظم منه ، فإذا كان يوم القيامة قام هو وحده صفا ، وقامت الملائكة كلهم صفا
واحدا فيكون عظم خلقه مثل صفهم عن ابن عباس ، وقيل : إنها أرواح الناس تقوم مع
الملائكة فيما بين النفختين قبل أن ترد الارواح إلى الاجساد عن ابن عباس أيضا ، وقيل :
إنه جبرئيل عليه السلام ، وقال وهب : إن جبرئيل واقف بين يدي الله عزوجل ترعد فرائصه ،
يخلق الله عزوجل من كل رعدة منه مائة ألف ملك ، فالملائكة صفوف بين يدي الله عز
وجل منكسوا رؤوسهم ، فإذا أذن الله لهم في الكلام قالوا : لا إله إلا الله " وقال
صوابا " أي لا إله إلا الله ، وعن الصادق عليه السلام أنه ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل ،
وقيل : إن الروح بنو آدم .
وقوله : صفا : معناه مصطفين " لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن " وهم
المؤمنون والملائكة " وقال " في الدنيا " صوابا " أي شهد بالتوحيد وقال : لا إله إلا الله ،
وقيل : إن الكلام ههنا الشفاعة " ذلك اليوم الحق " الذي لا شك فيه يعني القيامة
" فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا " أي مرجعا بالطاعة " إنا أنذرناكم عذابا قريبا " يعني
العذاب في الآخرة " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه " أي ينتظر جزاء ما قدمه من طاعة
ومعصية ، وقيل : معناه : إن كل أحد ينظر إلى عمله في ذلك اليوم من خير وشر مثبتا
عليه في صحيفته فيرجو ثواب الله على صالح عمله ويخاف العقاب على سوء عمله " ويقول
الكافر " في ذلك اليوم " ياليتني كنت ترابا " أي يتمنى أن لو كان ترابا لا يعود ولا يحاسب
ليتخلص من عقاب ذلك اليوم ، وقال عبدالله بن عمر : إذا كان يوم القيامة مدت الارض
مد الاديم وحشر الدواب والبهائم والوحوش ثم يجعل القصاص بين الدواب حتى
يقتص للشاة الجماء ( 1 ) من الشاة القرناء التي نطحتها ، وقال مجاهد : يقاد يوم القيامة
للمنطوحة من الناطحة ، وقال المقاتل : إن الله يجمع الوحوش والهوام والطير وكل
شئ غير الثقلين فيقول : من ربكم ؟ فيقولون : الرحمن الرحيم ، فيقول لهم الرب بعد
* ( هامش ) * ( 1 ) جمع الاجم : الكبش لا قرن له . ( * )
[ 91 ]
ما يقضي بينهم حتى يقتص للجماء من القرناء : إنا خلقناكم وسخرناكم لبني آدم وكنتم
مطيعين أيام حياتكم فارجعوا إلى الذي كنتم ، كونوا ترابا ، فتكون ترابا ، فإذا التفت
الكافر إلى شئ صار ترابا يتمنى فيقول : يا ليتني كنت في الدنيا على صورة خنزير ،
رزقي كرزقه وكنت اليوم أي في الآخرة ترابا ، وقيل : إن المراد بالكافر هنا إبليس
عاب آدم بأن خلق من تراب وافتخر بالنار فيوم القيامة إذا رأى كرامة آدم وولده
المؤمنين قال : يا ليتني كنت ترابا .
وفي قوله تعالى : " فإذا جائت الطامة الكبرى " : هي القيامة لانها تطم على
كل داهية هائلة أي تعلو وتغلب ، وقال الحسن : هي النفخة الثانية ، وقيل : هي الغاشية
الغليظة المجللة التي تدفق الشئ بالغلظ ، وقيل : إن ذلك حين يساق أهل الجنة إلى
الجنة وأهل النار إلى النار " يوم يتذكر الانسان ما سعى " أي تجيئ الطامة في
يوم يتذكر الانسان ما عمله من خير أو شر " وبرزت الجحيم " أي أظهرت النار " لمن
يرى " فيراها الخلق مكشوفا عنها الغطاء ويبصرونها مشاهدة .
وفي قوله تعالى : " فإذا جائت الصاخة " : يعني صيحة القيامة عن ابن عباس ،
سميت بذلك لانها تصخ الآذان أي تبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها ، وقيل :
لانها يصخ لها الخلق أي يستمع " يوم يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته " أي
زوجته " وبنيه " أي لا يلتفت إلى واحد من هؤلاء لعظم ما هو فيه وشغله بنفسه ، وإن كان
في الدنيا يعتني بشأنهم ، وقيل : يفر منهم حذرا من مطالبتهم إياه بما بينه وبينهم من
التبعات والمظالم ، وقيل : لعلمه بأنهم لا يشفعون له ولا يغنون عنه شيئا ، ويجوز أن
يكون مؤمنا وأقرباؤه من أهل النار فيعاديهم ولا يلتفت إليهم ، أو يفر منهم لئلا يرى ما
نزل بهم من الهوان " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " أي لكل إنسان منهم أمر عظيم
يشغله عن الاقرباء ويصرفه عنهم " وجوه يومئذ مسفرة " أي مشرقة مضيئة " ضاحكة
مستبشرة " من سرورها وفرحها بما اعد لها من الثواب ، وأراد بالوجوه أصحابها " و
وجوه يومئذ عليها غبرة " أي سواد وكأبة للهم " ترهقها " أي تعلوها وتغشاها " قترة "
[ 92 ]
أي سواد وكسوف عند معاينة النار ، وقيل : الغبرة : ما انحطت من السماء إلى الارض ،
والقترة : ما ارتفعت من الارض إلى السماء .
وفي قوله سبحانه : " إذا الشمس كورت " : أي إذا ذهب ضوؤها فاظلمت و
اضمحلت ، وقيل : القيت ورمي بها ، وقيل : جمع ضوؤها ولفت كما تلف العمامة ، و
المعنى أن الشمس تكور بأن تجمع نورها حتى تصير كالكارة الملقاة ويذهب ضوؤها
ويحدث الله تعالى للعباد ضياءا غيرها " وإذا النجوم انكدرت " أي تساقطت وتناثرت ،
يقال : انكدر الطائر من الهواء : إذا انقض ، وقيل : تغيرت من الكدورة ، والاول أولى
لقوله : " واذا الكواكب انتثرت " إلا أن يقال : يذهب ضوؤها ثم تتناثر " وإذا الجبال
سيرت " عن وجه الارض فصارت هباءا منبثا وسرابا " وإذا العشار " وهي النوق الحوامل
أتت عليها عشرة أشهر ، وبعد الوضع تسمى عشارا أيضا وهي أنفس مال عند العرب
" عطلت " أي تركت هملا بلا راع ، وقيل : العشار : السحاب يعطل فلا يمطر " وإذا
الوحوش حشرت " أي جمعت حتى يقتص بعضها من بعض فيقتص للجماء من القرناء
ويحشر الله سبحانه الوحوش ليوصل إليها ما تستحقه من الاعواض على الآلام التي
نالتها في الدنيا وينتصف لبعضها من بعض ، فإذا وصل إليها ما استحقته من الاعواض
فمن قال : إن العوض دائم قال : تبقى منعمة إلى الابد ، ومن قال : باستحقاقها العوض
منقطعا فقال بعضهم : يديمه الله لها تفضلا لئلا يدخل على المعوض غم بانقطاعه ،
وقال بعضهم : إذا فعل الله بها ما استحقته من الاعواض جعلها ترابا " وإذا البحار
سجرت " أي ارسل عذبها على مالحها ومالحها على عذبها حتى امتلات ، وقيل :
إن المعنى : فجر بعضها في بعض فصارت البحور كلها بحرا واحدا ويرتفع البرزخ ،
وقيل : أى أوقدت فصارت نارا تضطرم عن ابن عباس ، وقيل : يسبت وذهبت ماؤها
فلم يبق فيها قطرة ، وقيل : ملئت من القيح والصديد الذي يسيل من أبدان أهل
النار في النار وأراد بحار جهنم لان بحور الدنيا قد فنيت عن الجبائي " وإذا
النفوس زوجت " أي قرن كل واحد منها إلى شكله وضم إليها من أهل النار وأهل
الجنة ، وقيل : أي ردت الارواح إلى الاجساد ، وقيل : يقرن الغاوي بمن أغواه
[ 93 ]
من إنسان أو شيطان ، وقيل : أي قرنت نفوس الصالحين بالحور العين ، ونفوس
الكافرين بالشياطين " وإذا الموؤدة سئلت " يعني الجارية المدفونة حيا ، وكانت
المرأة إذاحان وقت ولادتها حفرت حفرة وقعدت على رأسها فإن ولد بنتا رمت بها في
الحفرة ، وإن ولدت غلاما حبسته " بأي ذنب قتلت " أي يقال لها : بأي ذنب قتلت ؟
ومعنى سؤالها توبيخ قاتلها لانها تقول : قتلت بغير ذنب ، وقيل : إن معنى سئلت :
طولب قاتلها بالحجة في قتلها ، فكأنه قيل : سئل قاتلها بأي ذنب قتلت هذه ؟ ونظير
قوله : " إن العهد كان مسئولا " أي مسؤولا عنه . " وإذا الصحف نشرت " يعني صحف الاعمال
التي كتبت الملائكة فيها أعمال أهلها من خير وشر تنشر ليقرأها أصحابها ، ولتظهر
الاعمال فيجازوا بحسبها " وإذا السماء كشطت " أي ازيلت عن موضعها كالجلد يزال
عن الجزور ثم يطويها الله ، وقيل : معناه : قلعت كما يقلع السقف ، وقيل : كشفت عمن
فيها ، ومعنى الكشط : رفعك شيئا عن شئ قد غطاه كما يكشط الجلد عن السنام
" وإذا الجحيم سعرت " أوقدت واضرمت حتى از دادت شدة على شدة ، وقيل : سعرها
غضب الله وخطايا بنى آدم " وإذا الجنة ازلفت " أي قربت من أهلها بدخول ، وقيل :
قربت بما فيها من النعيم فيزداد المؤمن سرورا ويزداد أهل النار حسرة " علمت نفس
ما أحضرت " أي إذا كانت هذه الاشياء التي تكون في القيامة علمت في ذلك الوقت
كل نفس ما وجدت حاضرا من عمله ، كما قالوا : أحمدته : وجدته محمودا ، وقيل : علمت
ما أحضرته من خير وشر ، وإحضار الاعمال مجاز لانها لا تبقى ، والمعنى : أنه لا يشذ
عنها شئ فكان كلها حاضرة ، وقيل : إن المراد صحائف الاعمال .
وفي قوله سبحانه : " إذا السماء انفطرت " : أي انشفت وتقطعت " وإذا الكواكب
انتثرت " أي تساقطت وتهافتت ، قال ابن عباس : سقطت سودا لا ضوء لها " وإذا البحار
فجرت " أي فتح بعضها في بعض : عذبها في ملحها وملحها في عذبها فصارت بحرا واحدا
وقيل : معناه : ذهب ماؤها " وإذا القبور بعثرت " أي قلبت ترابها وبعثت الموتى التي
فيها ، وقيل : معناه : بحثت عن الموتى فاخرجوا منها ، يريد عند البعث ، عن ابن عباس
" علمت نفس ما قدمت وأخرت " عن ابن مسعود قال : ما قدمت من خير أو شر وما
[ 94 ]
أخرت من سنة حسنة استن بها بعده فله أجر من أتبعه من غير أن ينقص من اجورهم
شئ ، أو سنة سيئة عمل بها بعده فعليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شئ .
" يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم " أي أي شئ غرك بخالقك وخدعك و
سول لك الباطل حتى عصيته وخالفته ؟ وروي أن النبي صلى الله عليه وآله لما تلا هذه الآية قال : غره
جهله ، وقيل للفضيل بن عياض : لو أقامك الله يوم القيامة بين يديه فقال : ما غرك
بربك الكريم ماذا كنت تقول ؟ قال : أقول : غرني ستورك المرخاة ، وقال يحيى بن
معاذ : لو أقامني الله بين يديه فقال : ما غرك بي ؟ قلت : غرني بك برك بي سالفا وآنفا
وعن بعضهم قال : غرني حملك ، وعن أبي بكر الوراق : غرني كرم الكريم . وإنما
قال سبحانه : " الكريم " دون سائر أسمائه وصفاته لانه كان لقنه الاجابة حتى يقول :
غرني كرم الكريم ، ، وقال عبدالله بن مسعود : ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم
القيامة فيقول : يابن آدم ما غرك بي ؟ يابن آدم ماذا عملت فيما عملت ؟ يا بن آدم ماذا
أجبت المرسلين ؟ " الذي خلقك " من نطفة ولم تك شيئا " فسواك " إنسانا تسمع وتبصر
" فعدلك " أي جعلك معتدلا " في أي صورة ماشاء ركبك " أي في أي شبه من أب أو ام أو
خال أو عم .
وروي عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام ، عن النبي صلى الله عيه وآله أنه قال لرجل : ما ولدلك ؟
قال : يا رسول الله وما عسى أن يولد لي إما غلاما وإما جارية ، قال : فمن يشبه ؟ قال :
يشبه امه أو أباه ، فقال صلى الله عليه آله : لا تقل هكذا ، إن النطفة إذا استقرت في الرحم
أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم ، أما قرأت هذه الآية : " في أي صورة ما شاء ركبك " ؟
أي فيما بينك وبين آدم . وقيل : في أي صورة ما شاء من صور الخلق ركبك ، إن شاء
في صورة إنسان ، وإن شاء في صورة حمار ، وإن شاء في صورة قرد .
وقال الصادق عليه السلام : لوشاء ركبك على غير هذه الصور ، وقيل : في أي صورة
شاء من ذكر أو انثى ، جسيم أو نحيف ، حسن أو ذميم ، وطويل أو قصير . " كلا " أي
ليس الامر على ما تزعمون أنه لا بعث ولا حساب " بل تكذبون بالدين " أي الجزاء
أو بالدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله " وإن عليكم لحافظين " من الملائكة يحفظون عليكم
[ 95 ]
ما تعملونه " كراما " على ربهم " كاتبين " يكتبون أعمال بني آدم " يعلمون ما تفعلون "
من خير وشر " إن الابرار لفي نعيم " وهو الجنة ، والابرار أولياء الله المطيعون في الدنيا
" وإن الفجار لفي جحيم " وهو العظيم من النار " يصلونها يوم الدين " أي يلزمونها
بكونهم فيها " وماهم عنها بغائبين " أي لا يكونون غائبين عنها بل يكونون مؤبدين
فيها ، وقد دل الدليل على أن اهل الكبيرة من المسلمين لا يخلدون في النار فالمراد بالفجار
الكفار " وما أدريك ما يوم الدين " قاله تعظيما لشدته ، ثم كرر تأكيدا لذلك ، وقيل :
أراد : وما أدريك ما في يوم الدين من النعيم لاهل الجنة ؟ ثم ما أدرك ما في يوم الدين من
العذاب لاهل النار ؟ " يوم لا تملك نفس لنفس شيئا " أي لا يملك أحد الدفاع عن غيره ممن
يستحق العقاب " والامر يومئذ لله " وحده ، أي الحكم له في الجزاء والثواب والعفو
والانتقام . وروي عمر بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : إن الامر يومئذ
واليوم ( 1 ) كله لله ، يا جابر إذا كان يوم القيامة بادت الحكام فلم يبق حاكم إلا الله .
وفي قوله تعالى : " إذا السماء انشقت " : أي تصدعت وانفرجت ، وانشقاقها من
علامات القيامة ، وذكر ذلك في مواضع من القرآن " وأذنت لربها " أي سمعت وأطاعت
في الانشقاق ، وهذا توسع أي كأنها سمعت وانقادت لتدبير الله " وحقت " أي وحق لها
أن تأذن بالانقياد لامر ربها الذي خلقها وتطيع له " وإذا الارض مدت " أي بسطت
باندكاك جبالها وآكامها حتى تصير كالصحيفة الملساء ، وقيل : إنها تمد مد الاديم
العكاظى وتزاد في سعتها عن ابن عباس ، وقيل : سويت فلا بناء ولا جبل إلا دخل فيها
" وألقت ما فيها " من الموتى والكنوز " وتخلت " أي خلت فلم يبق في بطنها شئ ، وقيل :
معناه : ألقت ما في بطنها من كنوزها ومعادنها " وتخلت " مما على ظهرها من جبالها
وبحارها " وأذنت لربها وحقت " ليس هذا بتكرار لان الاول في صفة السماء ، والثاني
في صفة الارض ، وهذا كله من أشراط الساعة وجلائل الامور التي تكون فيها ، والتقدير :
إذا كانت هذه الاشياء رأى الانسان ما قدم من خير وشر ، ويدل على هذا المحذوف
قوله : " يا أيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا " أي ساع إليه في عملك ، وهو
* ( هامش ) * ( 1 ) الظاهر : الحكم . ( * )
[ 96 ]
خطاب لجميع المكلفين يقول الله سبحانه لهم ولكل واحد منهم : يا أيها الانسان إنك
عامل عملا في مشقة لتحمله إلى الله وتوصله إليه " فملاقيه " أي ملاق جزاءه ، وقيل أي
ملاق ربك " فأما من اوتي كتابه " الذى ثبتت فيه أعماله " بيمينه فسوف يحاسب
حسابا يسيرا " أي لا يناقش في الحساب ولا يواقف على ما عمل من الحسنات وماله عليه
من الثواب وما حط عنه من الاوزار ، إما بالتوبة ، أو العفو ، وقيل : الحساب
اليسير : التجاوز عن السيئات والاثابة على الحسنات ، ومن نوقش الحساب عذب .
في خبر مرفوع .
وفي رواية اخرى : يعرف عمله ثم يتجاوز عنه . وفي حديث آخر ثلاث من كن
فيه حاسبه الله حسابا يسيرا وأدخله الجنة برحمته ، قالوا : وما هي يا رسول الله ؟ قال :
تعطي من حرمك ، وتصل من قطعك ، وتعفو عمن ظلمك " وينقلب " بعد الفراغ من
الحساب " إلى أهله مسرورا " بما اوتي من الخير والكرامة ، والمراد بالاهل الحور العين ،
وقيل : أزواجه وأولاده وعشائره وقد سبقوه إلى الجنة " وأما من اوتي كتابه وراء ظهره "
لان يمينه مغلولة إلى عنقه ، وتكون يده اليسرى خلف ظهره ، وقيل : تخلع يده اليسرى
خلف ظهره ، والوجه في ذلك أن يكون إعطاء الكتاب باليمين أمارة للملائكة والمؤمنين
لكون صاحبه من أهل الجنة ، ولطفا للخلق في الاخبار به ، وكناية عن قبول أعماله ،
وإعطاؤه على الوجه الآخر أمارة لهم على أن صاحبه من إهل النار ، وعلامته لمناقشة
الحساب وسوء المآب " فسوف يدعو ثبورا " أي هلاكا ، إذا قرأ كتابه وهو أن يقول :
واثبوراه واهلاكاه " ويصلى سعيرا " أي يدخل النار ويعذب بها " إنه كان في أهله مسرورا "
في الدنيا ناعما لا يهمه أمر الاخرة ولا يتحمل مشقة العبادة ، فأبدله الله بسروره غما
باقيا لا ينقطع ، وقيل : كان مسرورا بمعاصي الله لا يندم عليها " إنه ظن أن لن يحور "
أي ظن في دار التكليف أنه لن يرجع إلى الحياة في الآخرة فارتكب المأثم " بلى " ليحورن
وليبعثن " إن ربه كان به بصيرا " من يوم خلقه إلى أن يبعثه .
وفي قوله تعالى : " إذا زلزلت الارض زلزالها " : أي إذا حركت الارض تحريكا
شديدا لقيام الساعة ، زلزالها الذي كتب عليها ، ويمكن أن يكون إنما أضافها إلى
[ 97 ]
الارض لانها تعم جميع الارض " وأخرجت الارض أثقالها " أي موتاها المدفونة فيها ،
أو كنوزها ومعادنها فتلقاها على ظهرها ليراها أهل الموقف وتكون الفائدة في ذلك أن
يتحسر العصاة إذا نظروا أليها لانهم عصوا الله فيها ثم تركوها لا تغني عنهم شيئا ، وأيضا
فإنه تكوي بها جباههم وجنوبهم وظهورهم " وقال الانسان مالها " أي ويقول
الانسان متعجبا : ما للارض تتزلزل ، وقيل : إن المراد بالانسان الكافر لان المومن
معترف بها لا يسأل عنها " يومئذ تحدث أخبارها " أي تخبر بما عمل عليها ، وجاء في الحديث
أن النبي صلى الله عليه وآله قال : أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : أخبارها
أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول : عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا
فهذا أخبارها ، وعلى هذا فيجوز أن يكون الله تعالى يحدث الكلام فيها وإنما نسبه
إليها توسعا ومجازا ، ويجوز أن يقلبها حيوانا يقدر على النطق ، ويجوز أن يظهر فيها
ما يقوم مقام الكلام فعبر عنه بالكلام كما يقال : عيناك تشهدان بسهرك . وقوله : " بأن
ربك أوحى لها " معناه أن الارض يحدث فتقول : إن ربك يا محمد أوحى لها أي ألهمها
وعرفها بأن تحدث أخبارها ، وقيل : بأن تلقي الكنوز والاموات على ظهرها يقال :
أوحى له وإليه أي ألقى إليه من جهة تخفى ، قال الفراء : تحدث أخبارها بوحي الله
وإذنه لها ، وقال ابن عباس : أذن لها بأن تخبر بما عمل عليها ، وروى الواحدي بإسناده
مرفوعا إلى ربيعة الحراشي ( 1 ) قال : قال رسول صلى الله عليه وآله : حافظوا على الوضوء وخير
أعمالكم الصلاة وتحفظوا من الارض فإنها امكم ، وليس فيها أحد يعمل خيرا أو شرا
إلا وهي مخبرة به " يومئذ يصدر الناس أشتاتا " أي يرجع الناس عن موقف الحساب


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 97 سطر 19 إلى صفحه 105 سطر 18

بعد العرض متفرقين ، أهل الايمان على حدة وأهل كل دين على حدة " ليروا أعمالهم "
أي جزاء أعمالهم ، والمعنى : أنهم يرجعون عن الموقف فرقا لينزلوا منازلهم من الجنة
والنار ، وقيل : معنى الرؤية ههنا المعرفة بالاعمال عند تلك الحال ، وهي رؤية القلب ،
* ( هامش ) * ( 1 ) الصحيح الجرشى بالجيم المضمومة والراء المفتوحة ، وهو ربيعة بن عمرو ، ويقال : ابن
الحارث الدمشقى ، وهو ربيعة بن الغاز - بمعجمة وزاى - ابوالغاز الجرشى ، مختلف في صحبته ،
قتل يوم مرج راهط سنة 64 وكان فقيها وثقه الدارقطنى وغيره . قاله ابن حجر في التقريب ص 156 . ( * )
[ 98 ]
ويجوز أن يكون التأويل على رؤية العين بمعنى ليروا صحائف أعمالهم فيقرؤون ما فيها
لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره " أي ومن يعمل
وزن ذرة من الخير ير ثوابه وجزاءه " ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " أي ير ما يستحق
عليه من العقاب .
وفي قوله عزوجل : " القارعة " : اسم من أسماء القيامة لانها تقرع القلوب بالفزع ،
وتقرع أعداء الله بالعذاب " ما القارعة " هذا تعظيم لشأنها وتهويل لامرها ، ومعناه :
وأي شئ القارعة ؟ ثم عجب نبيه صلى الله عليه وآله فقال : " وما أدريك ما القارعة " يقول : إنك
يا محمد لا تعلم حقيقة أمرها وكنه وصفها على التفصيل ، ثم بين سبحانه أنها متى تكون
فقال : " يوم يكون الناس كالفراش المبثوث " شبه الناس عند البعث بما يتهافت في النار ،
قال قتادة : هذا هو الطائر الذي يتساقط في النار والسراج ، وقال أبوعبيدة : هو طير يتفرش
ليس بذباب ولا بعوض لانهم أذا بعثوا ماج بعضهم في بعض ، فالفراش إذا سار لم يتجه
لجهة واحدة فدل ذلك على أنهم يقرعون عند البعث فيختلفون في المقاصد على جهات
مختلفة ، وهذا مثل قوله : " كأنهم جراد منتشر " " وتكون الجبال كالعهن المنفوش "
وهو الصوف المصبوغ المندوف ، والمعنى : أن الجبال تزول عن أماكنها وتصير خفيفة السير .
1 - ين : أبراهيم بن أبي البلاد ، عن يعقوب بن شعيب بن ميثم قال : سمعت
أباعبدالله عليه السلام يقول : نار تخرج من قعر عدن تضئ لها أعناق الابل تبصر من أرض الشام
تسوق الناس إلى المحشر .
2 - ما : الغضائري ، عن علي بن محمد العلوي ، عن محمد بن موسى الرقي ، عن علي
ابن محمد بن أبي القاسم ، ( 1 ) عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن عبدالعظيم بن عبدالله
الحسني ، عن أبيه ، عن أبان مولى زيد بن علي ، عن عاصم بن بهدلة ، ( 2 ) عن شريح
* ( هامش ) * ( 1 ) هو على بن محمد بن ابى القاسم عبدالله بن عمران البرقى المعروف أبوه بماجيلويه ، يكنى
أبا الحسن ، ثقة فاضل فقيه أديب ، رأى أحمد بن محمد البرقى وتأدب عليه ، وهو ابن بنته ،
صنف كتبا .
( 2 ) هو عاصم بن أبى النجود الاسدى مولاهم الكوفى أبوبكر المقرئ . قال ابن حجر في
التقريب " ص 244 " : صدوق ، له أوهام ، حجة في القراءة . وحديثه في الصحيحين مقرون من السادسة
مات سنة ثمان وعشرين ، أى بعد المائة . ( * )
[ 99 ]
القاضي ، عن أميرالمؤمنين عليه السلام في خطبة طويلة قال : اسمع يا ذا الغفلة والتصريف من
ذي الوعظ والتعريف ، جعل يوم الحشر يوم العرض والسؤال والحباء والنكال ، يوم تقلب
إليه أعمال الانام ، وتحصى فيه جميع الآثام ، يوم تذوب من النفوس أحداق عيونها ، وتضع
الحوامل ما في بطونها ، وتفرق من كل نفس وجيبها ، ( 1 ) ويحار في تلك الاهوال عقل
لبيبها ، إذ نكرت الارض بعد حسن عمارتها ، وتبدلت بالخلف بعد أنيق زهرتها ، أخرجت
من معادن الغيب أثقالها ، ونفضت إلى الله أحمالها ، يوم لا ينفع الحذر إذ عاينوا الهول
الشديد فاستكانوا ، وعرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا ، فانشقت القبور بعد طول
انطباقها ، واستسلمت النفوس إلى الله بأسبابها ، كشف عن الآخرة غطاؤها ، فظهر للخلق
أنباؤها ، فدكت الارض دكا دكا ، ومدت لامر يراد بهامدا مدا ، واشتد المبادرون ( 2 )
إلى الله شدا شدا ، وتزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفا زحفا ( 3 ) ورد المجرمون
على الاعقاب ردا ردا ، وجد الامر ويحك يا إنسان جدا جدا ، وقربوا للحساب فردا
فردا ، وجاء ربك والملك صفا صفا ، يسألهم عما عملوا حرفا حرفا ، وجيئ بهم عراة
الابدان ، خشعا أبصارهم ، أمامهم الحساب ، ومن ورائهم جهنم يسمعون زفيرها ويرون
سعيرها ، فلم يجدوا ناصرا ولا وليا يجيرهم من الذل ، فهم يعدون سراعا إلى مواقف
الحشر يساقون سوقا ، فالسماوات مطويات بيمينه كطي السجل للكتب ، والعباد على
الصراط وجلت قلوبهم يظنون أنهم لا يسلمون ، ولا يؤذن لهم فيتكلمون ، ولا يقبل منهم
فيعتذورن ، قد ختم على أفواهم ، واستنطقت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ، يا لها
من ساعة ما أشجى مواقعها من القلوب حين ميز بين الفريقين : فريق في الجنة ، وفريق
في السعير ، من مثل هذا فليهرب الهاربون ، إذا كانت الدار الآخرة لها فليعمل العاملون .
" ص 55 - 56 "
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ويفرق بين كل نفس وحبيبها . م
( 2 ) في المصدر : واشتد المثارون اه . م
( 3 ) زحف : دب على مقعدته أو على ركبتيه قليلا قليلا ، زحف اليه : مشى ، يقال : زحف العسكر
إلى العدو : إذا مشوا اليهم في ثقل لكثرتهم . تزاحف القوم : زحف بعضهم إلى بعض وتدانوا . ( * )
[100]
3 - دعوات الراوندى : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : النجوم أمنة من السماء لاهل السماء فإذا تناثرت دنى من أهل
السماء ما يوعدون ، والجبال أمنة لاهل الارض فإذا سيرت دنى من أهل الارض ما
يوعدون .
4 - لى : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن سلمة بن الخطاب ،
عن الحسين بن سعيد ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن عبدالله بن صباح ، عن أبي بصير ، عن
أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين والآخرين في صعيد
واحد فتغشاهم ظلمة شديدة فيضجون إلى ربهم ويقولون : يارب اكشف عنا هذه
الظلمة ، قال : فيقبل قوم يمشي النور بين أيديهم وقد أضاء أرض القيامة فيقول أهل
الجمع : هؤلاء أنبياء الله فيجيئهم النداء من عند الله : ما هؤلاء بأنبياء ، فيقول أهل الجمع :
فهؤلاء ملائكة ، فيجيئهم النداء من عند الله : ما هؤلاء بملائكة ، فيقول أهل الجمع : هؤلاء
شهداء ، فيجيئهم النداء من عند الله : ما هؤلاء بشهداء ، فيقولون : من هم ؟ فيجيئهم النداء :
يا أهل الجمع سلوهم من أنتمم ، فيقول أهل الجمع : من أنتم ؟ فيقولون : نحن العلويون ،
نحن ذرية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله نحن أولاد علي ولي الله ، نحن المخصوصون بكرامة
الله ، نحن الآمنون المطمئنون ، فيجيئهم النداء من عند الله عزوجل : اشفعوا في محبيكم
وأهل مودتكم وشيعتكم ، فيشفعون فيشفعون . " ص 170 - 171 "
5 - فس : أبي ، عن ابن محبوب ، عن الثمالي ، عن أبي الربيع قال : سأل نافع
مولى عمر أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى : " يوم تبدل الارض غير الارض و
السموات " أي أرض تبد
ل ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام : بخبزة بيضاء يأكلون منها حتى
يفرغ الله من حساب الخلائق ، فقال نافع : إنهم عن الاكل لمشغولون ، فقال أبوجعفر
عليه السلام : أهم حينئذ أشغل أم وهم في النار ؟ فقال نافع : وهم في النار ، ( 1 ) قال : فقد
قال الله : " ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله "
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : بل وهم في النار . م ( * )
[101]
ما شغلهم أليم عذاب النار عن أن دعوا بالطعام ، ( 1 ) فاطعموا الزقوم ، ودعوا بالشراب
فسقوا الحميم ، فقال : صدقت يابن رسول الله الخبر . " ص 118 "
ج : مرسلا مثله " ص 177 "
كا : العدة عن البرقي ، عن ابن محبوب مثله ( 2 ) " الروضة 122 "
6 - فس : قوله : " ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم
وشركاؤكم فزيلنا بينهم " قال : يبعث الله نارا تزيل بين الكفار والمؤمنين . " ص 287 "
7 - فس : " يوم تبدل الارض غيرالارض " قال : تبدل خبزة بيضاء نقية في الموقف
يأكل منها المؤمنون ( 3 ) " ص 348 "
8 - فس : " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب " قال : السجل اسم الملك
الذي يطوي الكتب ، ومعنى نطويها أي نفنيها فتتحول دخانا والارض نيرانا . " ص 434 "
9 - فس : أبي ، عن ابن محبوب ، عن أبي محمد الوابشي ، ( 4 ) عن أبي الورد ، عن
أبي جعفر عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد فهم حفاة عراة
فيقفون في المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا فتشتد أنفاسهم فيمكثون في ذلك مقدار
خمسين عاما ( 5 ) وهو قول الله : " وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا " قال : ثم
ينادي مناد من تلقاء العرش : أين النبي الامي ؟ فيقول الناس : قد أسمعت فسم باسمه ،
فينادي : أين نبي الرحمة محمد بن عبدالله الامي ( 6 ) صلى الله عليه وآله ؟ فيتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله أمام الناس
كلهم حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة إلى صنعاء ( 7 ) فيقف عليه ، ثم ينادي بصاحبكم
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ما شغلهم اذ دعوا الطعام اه . م
( 2 ) مع اختلاف يسير . م
( 3 ) يأتى الحديث مسندا مفصلا تحت رقم 21 و 36 و 37 ، وتقدم تحت رقم 5 .
( 4 ) اسمه عبدالله بن سعيد ، عده الشيخ من أصحاب الامام الصادق عليه السلام . والوابشى منسوب
إلى وابش بن زيد بن عدوان بن الحارث بن قيس عيلان .
( 5 ) في المصدر : في ذلك خمسين عاما . م
( 6 ) في المصدر : اين محمد بن عبدالله ؟ اه . م
( 7 ) في المصدر : ما بين ايلة وصنعاء . م ( * )
[102]
فيتقدم أمام الناس فيقف معه ، ثم يؤذن للناس فيمرون فبين وارد الحوض يومئذ وبين مصروف
عنه ، فإذ رأي رسول الله صلى الله عليه وآله من يصرف عنه من محبينا يبكي فيقول : يا رب شيعة علي ، قال :
فيبعث الله إليه ملكا فيقول : ما يبكيك يا محمد ؟ فيقول : أبكي لاناس من شيعة علي أراهم قد
صرفوا تلقاء أصحاب النار ومنعوا ورود الحوض ، قال : فيقول له الملك : أن الله يقول :
قد وهبتهم ( 1 ) لك يا محمد وصفحت لهم عن ذنوبهم ، وألحقتهم بك وبمن كانوا يقولون به ،
وجعلناهم في زمرتك فأوردهم حوضك . فقال أبوجعفر عليه السلام : فكم من باك يومئذ وباكية
ينادون : يا محمداه إذا رأوا ذلك ، ولا يبقى أحد يومئذ يتولانا ويحبنا ويتبرء من
عدونا ويبغضهم إلا كانوا في حزبنا ومعنا ويرد حوضنا . " ص 422 " .
10 - ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن محمد بن الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى
ابن محمد ، عن محمد بن جمهور العمي ، ( 2 ) عن الحسن بن محبوب ، عن الوابشي ، أبي الورد
مثله . وسيأتي في باب الحوض .
كشف : من كتاب ابن طلحة ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله .
بيان : في بعض النسخ أيلة بالياء المثناة من تحت وهي بفتح الهمزة وسكون
الياء بلد معروف فيما بين مصر والشام ، وفي بعضها بالباء الموحدة ، قال الجزري : هي
بضم الهمزة والباء وتشديد اللام البلد المعروف قرب البصرة من جانبها البحري .
أقول : لعله كان موضع البصرة المعروفة في هذا الزمان . ( 3 )
11 - فس : " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم " قال :
مخاطبة الناس ( 4 ) عامة " يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت " أي تبقى وتتحير
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : يقول : ان شيعة على قد وهبتهم اه . م
( 2 ) بفتح العين وتشديد الميم ، ينسب إلى العم وهو بطن في تميم ، وهم ولد مرة بن وائل بن عمرو بن
مالك بن فهم بن غنم بن دوس ، يقال لهم : بنوالعم .
( 3 ) قال ابن الاثير في اللباب : بلدة قديمة على أربعة فراسخ من البصرة ، وهى اليوم من البصرة ،
وقيل : أنها من جنان الدنيا .
( 4 ) في المصدر : مخاطبة للناس . م ( * )
[103]
وتتغافل " وتضع كل ذات حمل حملها " قال : امرأة تموت حالمة تضع حملها يوم القيامة
" وترى الناس سكارى " قال : من الخوف والفزع متحيرين . ( 1 ) " ص 435 " 12 - فس : " يدبر الامر من السماء إلى الارض ثم يعرج إليه " يعني الامور
التي يدبرها والامر والنهي الذي أمر به وأعمال العباد كل هذا يظهره يوم القيامة
فيكون مقدار ذلك اليوم ألف سنة من سني الدنيا . " ص 511 "
13 - فس : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " يا ويلنا
من بعثنا من مرقدنا " فان القوم كانوا في القبور فلما قاموا حسبوا أنهم كانوا نياما
قالوا : يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ؟ قال الملائكة : " هذا ما وعد الرحمن وصدق
المرسلون " . " ص 552 "
14 - فس : " وامتازوا اليوم أيها المجرمون " قال : إذا جمع الله الخلق يوم
القيامة بقوا قياما على أقدامهم حتى يلجمهم العرق فينادوا : يا رب حاسبنا ولو إلى
النار ، قال : فيبعث الله رياحا فيضرب بينهم وينادي مناد : " وامتازوا اليوم أيها المجرمون "
فيميز بينهم فصار المجرمون في النار ، ومن كان في قلبه إيمان صار إلى الجنة . " ص 552 "
15 - فس : " يا معشر الجن والانس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات
والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان " فإذا كان يوم القيامة أحاطت سماء الدنيا
بالارض ، وأحاطت السماء الثانية بسماء الدنيا ، وأحاطت السماء الثالثة بالسماء الثانية
وأحاطت كل سماء بالذي يليها ، ثم ينادي مناد : " يا معشر الجن والانس " إلى قوله :
" بسلطان " أي بحجة . " ص 659 - 660 "
16 - ما : في كتاب كتبه أميرالمؤمنين صلوات الله عليه إلى أهل مصر مع محمد بن
أبي بكر : يا عبادالله إن بعد البعث ما هو أشد من القبر ، يوم يشيب فيه الصغير ، و
يسكر فيه الكبير ، ( 2 ) ويسقط فيه الجنين ، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت ، يوم عبوس
قمطرير ، يوم كان شره مستطيرا ، إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : قال : يعنى ذاهبة عقولهم من الخوف اه . م
( 2 ) في الصدر : ويسكر منه الكبير . م ( * )
[104]
لهم وترعد منه ( 1 ) السبع الشداد ، والجبال الاوتاد ، والارض المهاد ، وتنشق السماء
فهي يومئذ واهية ، وتتغير فكأنها وردة كالدهان ، وتكون الجبال سرابا مهيلا بعد
ما كانت صما صلابا ، وينفخ في الصور فيفزع من في السماوات والارض ( 2 ) إلا من شاء
الله ، فكيف من عصى بالسمع والبصر واللسان واليد والرجل والفرج والبطن إن
لم يغفر الله له ويرحمه من ذلك اليوم ؟ لانه يصير إلى غيره إلى نار قعرها بعيد ، و
حرها شديد ، وشرابها صديد ، وعذابها جديد ، ومقامعها حديد ، لا يغير عذابها ( 3 )
ولا يموت ساكنها ، دار ليس فيها رحمة ، ولا تسمع لاهلها دعوة الخبر . " ص 18 "
17 - ج ، ع : في خبر ثوبان إن اليهودي سأل النبي صلى الله عليه وآله عن قوله عزو
جل : " يوم تبدل الارض غير الارض والسموات " أين الناس يومئذ ؟ قال : في الظلمة
دون المحشر الخبر .
" ج ص 29 "
بيان : هذا الخبر يدل على أن تبديل الارض والسماوات يكون بعد حشر الناس
قبل وصولهم إلى المحشر .
18 - ن ، ل : ابن الوليد ، عن سعد ، عن أحمد بن حمزة الاشعري ، عن ياسر
الخادم قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول : إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة
مواطن : يوم يولد ويخرج من بطن امه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيعاين الآخرة ( 4 ) وأهلها ،
ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا وقد سلم الله عزوجل على يحيى عليه السلام
في هذه الثلاثة المواطن وآمن روعته فقال : " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم
يبعث حيا " وقد سلم عيسى بن مريم عليه السلام على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال :
" والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حيا " . ص 142 ، ج 1 ص 53 "
19 ل : أبي ، عن سعد ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود ، عن
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : وترعب ( ترعد خ ل ) . م
( 2 ) في المصدر : ومن في الارض . م
( 3 ) في المصدر : لا يفتر عذابها . م
( 4 ) في الخصال : فيرى الاخرة اه . م ( * )
[105]
عبدالرزاق ، عن معمر ، عن الزهري قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام : أشد ساعات
ابن ادم ثلاث ساعات : الساعة التي يعاين فيها ملك الموت ، والساعة التي يقوم فيها
من قبره ، والساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك وتعالى ، فإما إلى الجنة و
إما إلى النار ، ثم قال : إن نجوت يابن آدم عند الموت فأنت أنت وإلا هلكت ، وإن
نجوت يابن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت وإلا هلكت ، وإن نجوت حين يحمل
الناس على الصراط فأنت أنت وإلا هلكت ، وإن نجوت حين يقوم الناس لرب العالمين
فأنت أنت وإلا هلكت ، ثم تلا : " ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون " قال : هو القبر
وإن لهم فيه لمعيشة ضنكا ، والله إن القبر لروضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر
النار ، ثم أقبل على رجل من جلسائه فقال له : قد علم ساكن السماء ساكن الجنة
من ساكن النار فأي الرجلين أنت ؟ وأي الدارين دارك ؟ . " ج 1 ص 55 "
20 - ل محمد بن عمرو بن علي بن عبدالله البصرى ، عن محمد بن عبدالله بن أحمد بن
جبلة الواعظ ، عن أبيه ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام عن الحسين بن علي عليه السلام قال : كان
علي بن أبي طالب عليه السلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله
عن مسائل فكان فيما سأله أن قال : أخبرني عن قول الله عزوجل : " يوم يفر المرء من
أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه " من هم ؟ فقال : عليه السلام : قابيل يفر من هابيل ، و
الذي يفر من امه موسى ، والذي يفر من أبيه إبراهيم ، والذي يفر من صاحبته
لوط ، والذى يفر من ابنه نوح يفر من ابنه كنعان . قال الصدوق رضي الله عنه : إنما يفر
موسى من امه خشية أن يكون قصر فيما وجب عليه من حقها ، وإبراهيم إنما يفر


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 105 سطر 19 إلى صفحه 113 سطر 18

من الاب المربي المشرك لا من الاب الوالد وهو تارخ " ج 1 ص 154 "
بيان : يتحمل أيضا أن يكون المراد بالام المرأة مشركة كانت تربيه في بيت
فرعون .
21 ج : عبدالرحمن بن عبدالله الزهري قال : حج هشام بن عبدالملك فدخل
المسجد الحرام متكئا على يد سالم مولاه ، ومحمد بن علي بن الحسين عليه السلام جالس في
[106]
المسجد ، فقال له سالم : يا أميرالمؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين ، فقال له هشام :
المفتون به أهل العراق ؟ قال : نعم ، قال : اذهب إليه فقل له : يقول لك أميرالمؤمنين :
ماالذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام :
يحشر الناس على مثل قرصة البر النقي فيها أنهار متفجرة يأكلون ويشربون حتى يفرغ
من الحساب ، قال : فرأى هشام أنه قد ظفر به فقال : الله أكبر ، اذهب إليه فقل له : ما
أشغلهم عن الاكل والشرب يومئذ ؟ فقال له أبوجعفر عليه السلام : هم في النار أشغل ولم
يشغلوا عن أن قالوا : " أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله " فسكت هشام لا يرجع
كلاما . " ص 179
22 - لى : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن أبي
البختري ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام : إن على بن أبي طالب عليه السلام قال :
لا تنشق الارض عن أحد يوم القيامة إلا وملكان آخذان بضبعه يقلان : أجب رب
العزة . " ص 247 248 "
توضيح : قال الفيروز آبادي : الضبع : العضد كلها ، أو وسطها بلحمها ، أو
الابط ، أوما بين الابط إلى نصف العضد من أعلاه .
23 - فس : " ولا تستعجل لهم " يعني العذاب ( 1 ) " كأنهم يوم يرون ما يوعدون
لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ " قال : يرون يوم القيامة أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا
ساعة من نهار " بلاغ " أي أبلغهم ذلك " فهل يهلك إلا القوم الفاسقون " . " ص 624 "
24 - فس : قوله : " يوم تكون السماء كالمهل " قال : الرصاص الذائب والنحاس
كذلك تذوب السماء " ولا يسئل حميم حميما " أي لا ينفع . وفي رواية أبي الجارود ، عن
أبي جعفر عليه السلام في قوله : " يبصرونهم " يقول : يعرفونهم ثم لا يتسائلون . " ص 696 "
25 - فس : " يوم يخرجون من الاجداث سراعا " قال : من القبور " كأنهم إلى
نصب يوفضون " قال : إلى الداعي ينادون . " ص 696 - 697 "
بيان : " ينادون " على البناء للمفعول أي إيفاضهم وإسراعهم إلى الداعي الذي ناداهم
وليس هو تفسير يوفضون إذ لم يعهد ذلك في اللغة .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ولا تستعجل يعنى لهم العذاب . م ( * )
[107]
26 - فس : " يوم ترجف الارض والجبال " أي تخسف " وكانت الجبال كثيبا
مهيلا " قال : مثل الرمل ينحدر . " ص 701 "
بيان : تفسير الرجف بالخسف غير معهود ، ولعله بيان لحاصل المعنى أي الرجف
يصير سببا للخسف .
27 - فس : " فإذا النجوم طمست " قال : يذهب نورها ويسقط " وإذا السماء
فرجت " قال : تنفرج وتنشق " وإذا الجبال نسفت " أي تقلع . " ص 708 "
28 - فس : قال علي بن إبراهيم في قوله : " يوم ترجف الرجفة تتبعها الرادفة "
قال : تنشق الارض بأهلها ، والرادفة : الصيحة " قلوب يومئذ واجفة " أي خائفة
" أبصارها خاشعة فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة " قال : الزجرة : النفخة
الثانية في الصور ، والساهرة : موضع بالشام عند بيت المقدس . وفي رواية أبي الجارود ،
عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " ءإنا لمردودون في الحافرة " يقول : أي في خلق جديد ، ( 1 )
وأما قوله : " فإذا هم بالساهرة " فالساهرة : الارض ، كانوا في القبور فلما سمعوا
الزجرة خرجوا من قبورهم فاستووا على الارض . " ص 710 "
29 - فس : " إذا الشمس كورت " قال : تصير سوداء مظلمة " وإذا النجوم
انكدرت " قال : يذهب ضوؤها " وإذا الجبال سيرت " قال : تسير كما قال : " تحسبها
جامدة وهي تمر مر السحاب " " وإذا العشار عطلت " قال : الابل يتعطل إذا مات
الخلق فلا يكون من يحلبها " وإذا البحار سجرت " قال : تحول البحار التي هي حول
الدنيا كلها نيرانا " وإذا النفوس زوجت " قال : من الحور العين . وفي رواية أبي
الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : " وإذا النفوس زوجت " قال : أما أهل
الجنة فزوجوا الخيرات الحسان ، وأما أهل النار فمع كل إنسان منهم شيطان يعني
قرنت نفوس الكافرين والمنافقين بالشياطين فهم قرناؤهم .
وقال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : " وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت "
قال : كانت العرب يقتلون البنات للغيرة ، إذا كان ( 2 ) يوم القيامة سئلت الموؤدة بأي ذنب
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : يقول : في الخلق الجديد . م
( 2 ) في المصدر : فاذا كان اه . م ( * )
[108]
قتلت وقطعت " وإذا الصحف نشرت " قال : صحف الاعمال " وإذا السماء كشطت " قال :
ابطلت .
وحدثنا سعيد بن محمد ، عن بكر بن سهل ، عن عبدالغني بن سعيد ، عن موسى بن
عبدالرحمن ، عن ابن جريح ، عن عطاء ، عن ابن عباس في قوله تعالى : " وإذا الجحيم
سعرت " يريد اوقدت للكافرين ، والجحيم : النار الاعلى من جهنم ، والجحيم في
كلام العرب : ما عظم من النار ، كقوله عزوجل : " ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم "
يريد النار العظيمة " وإذا الجنة ازلفت " يريد قربت لاولياء الله من المتقين .
" ص 713 - 714 "
30 - فس : " وإذا البحار سجرت " قال : تتحول نيرانا " وإذا القبور بعثرت "
قال : تنشق فيخرج الناس منها . " ص 715 "
بيان : في نسخ التفسير هنا " سجرت " ( 1 ) وفي القرآن : " فجرت " ولعله تصحيف
النساخ ، فيكون التفسير مبنيا على أن فجرت بمعنى ذهب ماؤها ، ويكون بيانا
لحاصل المعنى ، ويحتمل أن يكون قراءة أهل البيت عليهم السلام هنا أيضا " سجرت " .
31 - فس : سعيد بن محمد ، عن بكر بن سهل ، عن عبدالغني بن سعيد ، عن موسى
ابن عبدالرحمن ، عن مقاتل بن سليمان ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : " والامر
يومئذ لله " يريد الملك والقدرة والسلطان والعزة والجبروت والجمال والبهاء والالهية
لا شريك له . " ص 715 "
32 - فس : " إذا السماء انشقت " قال : يوم القيامة " وأذنت لربها وحقت "
أي أطاعت ربها وحق لها أن تطيع ربها " وإذا الارض مدت وألقت ما فيها وتخلت "
قال : تمد الارض وتنشق فيخرج الناس منها " وتخلت " أي تخلت من الناس . " ص 718 "
33 - فس : " والسماء والطارق " قال الطارق : النجم الثاقب وهو نجم العذاب
ونجم القيامة وهو زحل في أعلى المنازل " إن كل نفس لما عليها حافظ " قال :
الملائكة . " ص 720 "
* ( هامش ) * ( 1 ) وفي المطبوع منها : " فجرت " . ( * )
[109]
34 - فس : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " كلا إذا دكت
الارض دكا دكا " قال : هي الزلزلة . " ص 724 "
35 - ج : روى هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق أبا عبدالله عليه السلام فقال : أخبرني
عن الناس يحشرون يوم القيامة عراة ؟ قال : بل يحشرون في أكفانهم ، قال : أنى لهم
بالاكفان وقد بليت ؟ قال : إن الذي أحيا أبدانهم جدد أكفانهم ، قال : من مات بلا
كفن ؟ قال يستر الله عورته بما شاء من عنده ، قال : فيعرضون صفوفا ؟ قال : نعم هم يومئذ
عشرون ومائة صف في عرض الارض الخبر . " ص 192 "
36 - سن : أبي ، عن القاسم بن عروة ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال : سألت
أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " يوم تبدل الارض غير الارض " قال : تبدل خبزة
نقي يأكل الناس منها حتى يفرغ الناس من الحساب ، فقال له قائل : ( 1 ) إنهم لفي
شغل يومئذ عن الاكل والشرب ، قال : إن الله خلق ابن آدم أجوف ، فلابد له من الطعام
والشراب ، أهم أشد شغلا يومئذ أم من في النار ؟ فقد استغاثوا والله يقول : " وإن يستغيثوا
يغاثوا بماء كالمهل ( 2 ) يشوي الوجوه بئس الشراب " . " ص 397 "
شي : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله .
37 - سن : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام
قال : سأل الابرش الكلبي عن قول الله عزوجل : " يوم تبدل الارض غير الارض "
قال : تبدل خبزة نقي يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب ، فقال الابرش : إن الناس
يومئذ لفي شغل عن الاكل ، فقال أبوجعفر عليه السلام : وهم في النار لا يشغلون عن أكل الضريع
وشرب الحميم وهم في العذاب ، فكيف يشغلون عنه في الحساب ؟ " ص 397 " .
شى : عن محمد بن هاشم ، عمن أخبره ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله .
* ( هامش ) * ( 1 ) لعل القائل هو الابراش الاتى في الحديث 37 . وقد سأله عن ذلك نافع مولى عمر ، وسالم
مولى هشام كما تقدم تحت رقم 5 و 21 .
( 2 ) أي مثل المذاب من المعادن ، والمصهور من الجواهر ، او مثل دردى الزيت ، قال على بن
إبراهيم في تفسيره : المهل الذى يبقى في أصل الزيت المغلى . ( * )
[110]
بيان : قال الجزري : فيه : يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة
النقي ، يعنى الخبز الحواري ، وهو الذي نخل مرة بعد مرة .
38 - شا : لما عاد رسول الله صلى الله عليه وآله من تبوك إلى المدنية قدم إليه عمرو بن معدي
كرب فقال له النبي صلى الله عليه وآله : أسلم يا عمرو يؤمنك الله من الفزع الاكبر ، قال : يا محمد وما
الفزع الاكبر ؟ فإني لا أفزع فقال : ياعمرو إنه ليس كما تظن وتحسب ، إن الناس يصاح
بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت إلا نشر ولا حي إلا مات إلا ماشاء الله ، ثم يصاح بهم صيحة
اخرى فينشر من مات ويصفون جميعا ، وتنشق السماء ، وتهد الارض ، وتخر الجبال
هدا ، وترمى النار بمثل الجبال شررا فلا يبقى ذو روح إلا انخلع قلبه وذكر دينه و
شغل بنفسه إلا ما شاءالله ، فأين أنت يا عمرو من هذا ؟ قال : ألا إني أسمع أمر عظيما . ،
فآمن بالله ورسوله ، وآمن معه من قومه ناس ورجعوا إلى قومهم .
بيان : في النفخة الاولى هنا ما يخالف ما سبق ، والمعتمد الاخبار السابقة .
39 - شى : عن ثوير بن أبي فاختة ، عن علي بن الحسين عليه السلام قال : " تبدل
الارض غير الارض " يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب " بارزة " ليس عليها جبال
ولا نبك كما دحاها أول مرة .
بيان : قال الفيروز آبادي : النبكة محركة وتسكن : أكمة محددة الرأس ، و
ربما كانت حمراء ، وأرض فيها صعود وهبوط ، أو التل الصغير ، والجمع : نبك ونبك ونباك
ونبوك انتهى .
أقول : لاينافي هذا الخبر ما مر وما سيأتي ، إذ كونها مستوية لا ينافي كون كلها
أو بعضها من خبز فتكون المغايرة مرادة على الوجهين معا .
40 - شى : عن زرارة قال : سألت أباجعفر عليه السلام عن قول الله : " يوم تبدل
الارض غير الارض " قال : تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب
قال الله تعالى : " ما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام " .
41 - جع : إن فاطمة صلوات الله عليه قالت لابيها : يا أبت أخبرني كيف يكون
الناس يوم القيامة ؟ قال : يا فاطمة يشغلون فلا ينظر أحد إلى أحد ، ولا والد إلى الولد
[111]
ولا ولد إلى امه ، قالت : هل يكون عليهم أكفان إذا خرجوا من القبور ؟ قال : يا
فاطمة تبلى الاكفان وتبقى الابدان ، تستر عورة المؤمن ، وتبدى عورة الكافرين ، قالت
يا أبت ما يستر المؤمنين ؟ قال : نور يتلالا لايبصرون أجسادهم من النور ، قالت :
يا أبت فأين ألقاك يوم القيامة ؟ قال : انظري عند الميزان وأنا انادي : رب أرجح من
شهد أن لا إله إلا الله ، وانظري عند الدواوين إذا نشرت الصحف وأنا انادي : رب
حاسب امتي حسابا يسيرا ، وانظري عند مقام شفاعتي على جسر جهنم كل إنسان
يشتغل بنفسه وأنا مشتغل بامتي انادي : يا رب سلم امتي ، والنبيون عليهم السلام
حولي ينادون رب سلم امة محمد صلى الله عليه وآله . وقال عليه السلام : إن الله يحاسب كل خلق إلا من
أشرك بالله فإنه لا يحاسب ويؤمر به إلى النار . " ص 217 "
42 - عن ابن مسعود قال : كنت جالسا عند أمير المؤمنين عليه السلام فقال : إن في
القيامة لخمسين موقفا كل موقف ألف سنة ، فأول موقف خرج من قبره حبسوا ألف
سنة عراة حفاة جياعا عطاشا ، فمن خرج من قبره مؤمنا بربه ومؤمنا بجنته وناره و
مؤمنا بالبعث والحساب والقيامة مقرا بالله مصدقا بنبيه صلى الله عليه وآله وبما جاء من عند الله
عزوجل نجا من الجوع والعطش قال الله تعالى : " فتأتون أفواجا " من القبور إلى الموقف
امما ، كل امة مع إمامهم ، وقيل : جماعات مختلفة . " ص 218 "
43 - كا : علي ، عن أبيه ، وعلي بن محمد جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان
ابن داود ، عن حفص ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : مثل الناس يوم القيامة إذا قاموا
لرب العالمين مثل السهم في القرب ليس له من الارض إلا موضع قدمه كالسهم في الكنانة ،
لا يقدر أن يزول ههنا ولا ههنا . " الروضة ص 143 "
44 - كا : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن
مسكان ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن تميم بن حاتم قال : كنا مع أميرالمؤمنين عليه السلام
فاضطربت الارض فوحاها بيده ثم قال لها : اسكني مالك ؟ ثم التفت إلينا وقال : أما
إنها لو كانت التي قال الله لاجابتني ولكن ليست بتلك . " الروضة ص 256
[112]
بيان : الوحي : الاشارة ، وفي بعض النسخ : فوجأها بالجيم والهمزة يقال :
وجأته بالسكين أي ضربته ، وهو أظهر ، ( 1 ) وهذا الخبر كغيره من الاخبار الكثيرة
يدل على أن المراد بالانسان في سورة الزلزال هو أمير المؤمنين عليه السلام ، فهو عليه السلام
يسأل الارض فتجيبه في القيامة عند زلزالها ، فاستدل عليه السلام بأن هذه الزلزلة ليست
زلزلة القيامة وإلا لاجابتني كما قال الله تعالى .
45 - فر : أبوالقاسم العلوي معنعنا عن عمرو بن مرة قال : بينا عند أمير المؤمنين
على بن أبى طالب عليه السلام إذا تحركت الارض فجعل يضربها بيده ثم قال : مالك ؟ فلم
تجبه ثم قال : مالك ؟ فلم تجبه ، ثم قال : أما والله لو كان هيه ( 2 ) لحدثتني ، وإني
لانا الذي يحدث الارض أخبارها أو رجل مني " ص 220 "
بيان : المراد بالرجل القائم عليه السلام : ولعل هذا للتبهيم لنوع من المصلحة ، أو
كلمة " أو " بمعنى الواو .
46 - نهج : حتى إذا تصرمت الامور ، وتقضت الدهور ، وأزف النشور
أخرجهم من ضرائح القبور ، وأوكار الطيور ، وأوجرة السباع ، ومطارح المهالك
سراعا إلى إمره . مهطعين إلى معاده ، رعيلا صموتا قياما صفوفا ، ينفذهم البصر ، و
يسمعهم الداعي عليهم لبوس الاستكانة ، وضرع الاستسلام والذلة ، قد ضلت الحيل ،
وانقطع الامل ، وهوت الافئدة كاظمة ، وخشعت الاصوات مهينمة ، وألجم العرق ،
وعظم الشفق ، وأرعدت الاسماع لزبرة الداعي إلى فصل الخطاب ، ومقايضة الجزاء
ونكال العقاب ، ونوال الثواب .
بيان : تصرمت : تقطعت . وأزف : دنى وقرب . والاوجرة جمع وجار ، وهو بيت
السبع . والاهطاع : الاسراع في العدو . وأهطع : إذا مد عنقه وصوب رأسه : رعيلا
* ( هامش ) * ( 1 ) يؤيده أن الصدوق رواه في العلل ص 186 باسناد آخر في خبر ، وفيه : ثم ضرب الارض
بيده ثم قال : اسكنى فسكنت .
( 2 ) في المصدر : لو كان هى . بدون هاء السكت . م ( * )
[113]
قال ابن الاثير : أي ركابا على الخيل انتهى وأصل الرعيل : القطيع من الخيل ، ولعل
الاظهر تشبيههم في اجتماعهم وصموتهم بقطيع الخيل . وقال ابن الاثير : في حديث ابن
مسعود : إنكم مجموعون في صعيد واحد ينفذكم البصر ، يقال : نفذني بصره : إذا بلغني
وجاوزني ، وقيل : المراد به ينفذهم بصر الرحمن حتى يأتي عليهم كلهم ، وقيل : أراد :
ينفذهم بصر الناظر ، لاستواء الصعيد ، قال أبوحاتم : أصحاب الحديث يروونه بالذال
المعجمة وإنما هو بالمهملة أي يبلغ أولهم وكلهم ويستوعبهم ، من
نفد الشئ وأنفدته ، وحمل الحديث على بصر المبصر أولى من حمله على بصر الرحمن ، لان
الله يجمع الناس يوم القيامة في أرض يشهد جميع الخلائق فيها محاسبة العبد الواحد على
انفراده ، ويرون ما يصير إليه . واللبوس بالفتح : مايلبس . والضرع بالتحريك : ما يصير
سببا لضراعتهم وخضوعهم .
قوله عليه السلام : وهوت الافئدة كاظمة مقتبس من آيتين : قوله تعالى : " وأفئدتهم هواء "
وقوله تعالى : " إذا القلوب لدى الحناجر كاظمين " وقال الجزري : الهينمة : الكلام الخفي
الذي لا يفهم ، وقال : فيه : يبلغ العرق منهم ما يلجمهم أي يصل إلى أفواههم فيصير لهم
بمنزلة اللجام ، يمنعهم عن الكلام ، يعني في المحشر يوم القيامة . والشفق : الخوف . ويقال :
زبره زبرا وزبرة أي انتهره . ويقال : قايضه مقايضة في البيع : إذا أعطاه سلعة وأخذ
عوضها سلعة منه .
47 - نهج : فاتعظوا عباد الله بالعبر النوافع ، واعتبروا بالآي السواطع ، وازدجروا
بالنذر البوالغ ، فكأن قد علقتكم مخالب المنية ، وانقطعت منكم علائق الامنية ،


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 113 سطر 19 إلى صفحه 121 سطر 18

ودهمتكم مفظعات الامور ، ( 1 ) والسياقة إلى الورد المورود ، ( 2 ) وكل نفس معها سائق
وشهيد ، سائق يسوقها إلى محشرها ، وشاهد يشهد عليها بعملها .
48 - نهج : وذلك يوم يجمع الله فيه الاولين والآخرين لنقاش الحساب وجزاء
* ( هامش ) * ( 1 ) من أفظع الامر : اشتدت شناعتة وجاوز المقدار في ذلك .
( 2 ) الورد بالكسر - الاصل فيه - : الماء يورد للرى ، والمراد به الموت او المحشر . ( * )
[114]
الاعمال ، خضوعا قياما قد ألجمهم العرق ، ورجفت بهم الارض ، فأحسنهم حالا من وجد
لقدميه موضعا ، ولنفسه متسعا .
بيان : نقاش الحساب : المناقشة والتدقيق فيه .
49 - نهج : حتى إذا بلغ الكتاب أجله ، والامر مقاديره ، والحق آخر الخلق
بأوله ، وجاء من أمر الله ما يريده من تجديد خلقه ، أماد السماء وفطرها ، وأرج الارض
وأرجفها ، وقلع جبالها ونسفها ، ودك بعضها بعضا من هيبة جلالته ، ومخوف سطوته ،
وأخرج من فيها فجددهم بعد إخلاقهم ، ( 1 ) وجمعهم بعد تفرقيهم ، ثم ميزهم لما يريد
من مسائلتهم عن خفايا الاعمال ، وخبايا الافعال : وجعلهم فريقين : أنعم على هؤلاء ،
وانتقم من هؤلاء ، فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره ، وخلدهم في داره ، حيث لا يظعن
النزال ، ولا تتغير بهم الحال ، ولا تنوبهم الافزاع ، ولا تنالهم الاسقام ، ولا تعرض لهم
الاخطار ، ولا تشخصهم الاسفار ، وأما أهل المعصية فأنزلهم شر دار ، وغل الايدي
إلى الاعناق ، وقرن النواصي بالاقدام ، وألبسهم سرابيل القطران ، ومقطعات
النيران في عذاب قد اشتد حره ، وباب قد اطبق على أهله في نار لها كلب وجلب ( لجب خ ل ) ،
ولهب ساطع ، وقصيف هائل ، لا يظعن مقيمها ، ولا يفادى أسيرها ، ولا تفصم كبولها ،
لا مدة للدار فتفنى ، ولا أجل قوم فيقضي ،
بيان : بلغ الكتاب أجله أي بلغ الزمان المكتوب المقدر إلى منتهاه . والحق
آخر الخلق بأوله أي تساوى الكل في شمول الموت والفناء لهم . أماد السماء أي حركها ،
ويروى أمار بالراء بمعناه ، كما قال تعالى : " يوم تمور السماء مورا " وأرج الارض
زلزلها ، وكذا قوله : أرجفها ونسفها أي قلعها من اصولها . ودك بعضها بعضا أي صدمه
ودقه حتى تكسره ، إشارة إلى قوله تعالى : " فدكتا دكة واحدة " لا يظعن أي لا يرحل . ولا
تنوبهم أي لا تنزل بهم . والاخطار جمع الخطر وهو ما يشرف به على الهلكة . والكلب
بالتحريك : الشدة . والجلب واللجب : الصوت . والقصيف : الصوت الشديد . لا تفصم
كبولها أي لا تكسر قيودها .
* ( هامش ) * ( 1 ) الخلق - بكسراللام - : البالى . ( * )
[115]
50 - نهج : اوصيكم عبادالله بتقوى الله فأنها الزمام والقوام ، ( 1 ) فتمسكو بوثائقها
، واعتصموا بحقائقها ، تؤول بكم إلى أكنان الدعة ، ( 2 ) وأوطان السعة ، ومعاقل
الحرز ، ومنازل العز ، في يوم تشخص فيه الابصار ، وتظلم له الاقطار ، ويعطل فيه
صروم العشار ، ( 3 ) وينفخ في الصور ، فتزهق كل مهجة ، وتبكم كل لهجة ، وتذل
الشم الشوامخ ، والصم الرواسخ ، فيصير صلدها سرابا رقرقا ، ومعهدها قاعا سملقا ،
فلا شفيع يشفع ، ولا حميم ينفع ، ولا معذرة تدفع . ( 4 )
بيان : تشبيه التقوى بالزمام إما لانها المانعة عن الخطاء والزلل ، أو لانها
تقود إلى الجنة ، وسماها قواما لانه بها تقوم امور الدنيا والآخرة . والاكنان
جمع الكن وهو الستر . والمعقل : الملجأ ، والمعاقل : الحصون . والصروم جمع صرمة و
هي القطيعة من الابل نحو الثلاثين . والشمم محركة : ارتفاع الجبل ، أي تذل الجبال
العالية والاحجار الثابتة . والصلد : الصلب الشديد والرقرقة : بصيص الشراب وتلالؤه .
ومعهدها أي ما عهد منزلا للناس ومسكنا . والقاع : المستوي من الارض . والمسلق :
الارض المستوية الجرداء التي لا شجرفيها . فلا شفيع يشفع أي بغير أذن الله ، أو للكافرين .
51 - نهج : وإن السعداء بالدنيا غدا هم الهاربون منها اليوم ، إذا رجفت
الراجفة ، وحقت بجلائلها القيامة ، ولحق بكل منسك أهله ، وبكل معبود عبدته ،
وبكل مطاع أهل طاعته ، فلم يجز في عدله وقسطه يومئذ خرق بصر في الهواء ، ولا همس
قدم في الارض إلا بحقه ، فكم حجة يوم ذاك داحضة ، وعلائق عذر منقطعة ، فتحر من
* ( هامش ) * ( 1 ) القوام بالفتح : العدل والاعتدال ، وبالفتح والكسر : ما يعيش به الانسان وما يكفيه من
القوت ، ولعل الثانى أولى بالمقام ، أى بالتقوى يعيش ويحيا به الابرار في الاخرة .
( 2 ) الدعة : خفض العيش وسعته .
( 3 ) العشار جمع عشراء - بضم ففتح - : الناقة مضى لحملها عشرة أشهر ، والمراد ان يوم القيامة
تهمل فيه نفائس الاموال لاشتغال كل شخص بنجاة نفسه .
( 4 ) في المطبوع : ولا حميم يدفع ، ولا معذرة تنفع . " ( * )
[116]
أمرك ما يقوم به عذرك ، وتثبت به حجتك ، وخذ ما يبقى لك مما لا تبقى له وتيسر
لسفرك ، وشم برق النجاة ، وارحل مطايا التشمير .
توضيح : حقت أي لزمت وثبتت . وجلائلها : شدائدها ، والباء تحتمل التعدية .
والهمس : الصوت الخفي ، وتقول : شمت البرق : إذا نظرت إلى سحابتها أين تمطر .
ويقال : رحل مطيته : إذا شد على ظهرها الرحل . والتشمير : الجد في الامر .
52 - فس : الحسين بن عبدالله السكيني ، عن أبي سعيد البجلي ، عن عبدالملك
ابن هارون ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه صلوات الله عليهم قال : كان فيما سأل ملك
الروم الحسن بن علي عليهما السلام أن سأله عن أرواح المؤمنين أين يكونون إذا ماتوا ؟ قال : تجتمع
عند صخرة بيت المقدس في ليلة الجمعة وهو عرش الله الادنى ، منها يبسط الله الارض
وإليها يطويها ، وإليها المحشر ، ومنها استوى ربنا إلى السماء والملائكة ، ( 1 ) ثم سأله
عن أرواح الكفار أين تجتمع ؟ قال : تجتمع في وادي حضر موت وراء مدينة
اليمن ، ثم يبعث الله نارا من المشرق ونارا من المغرب ويتبعهما بريحين شديدتين ، ( 2 )
فيحشر الناس عند صخرة بيت المقدس ، فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة ، ويزلف
المتقين ، ( 3 ) ويصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الارضين السابعة ، وفيها الفلق و
السجين ، فيعرف الخلائق من عند الصخرة ، ( 4 ) فمن وجبت له الجنة دخلها ، ومن
وجبت له النار دخلها ، وذلك قوله تعالى : " فريق في الجنة وفريق في السعير " .
" ص 598 - 599 "
53 - يب المفيد والغضائري ، عن جعفر بن محمد ، ( 5 ) عن أخيه علي ، عن أحمد بن
إدريس ، عن عمران بن موسى الخشاب ، عن علي بن حسان ، عن عمه عبدالرحمن ، عن
أبي عبدالله عليه السلام وساق حديث فضل مسجد السهلة إلى أن قال : وهو من كوفان وفيه ينفخ
في الصور ، وإليه المحشر ، ويحشر من جانبه سبعون ألفا يدخلون الجنة .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ومنها المحشر ، ومنها استوى ربنا إلى السماء اى استولى على السماء
والملائكة اه . م
( 2 ) في المصدر : شديدين . م
( 3 ) في المصدر : ويزلف الميعاد . م
( 4 ) في المصدر : ويعرف الخلائق عند الصخرة اه . م
( 5 ) أى جعفر بن محمد بن قولويه . ( * )
[117]
54 - فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن عمرو بن شيبة ( 1 )
عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال : سمعته يقول - ابتداءا منه - : إن الله إذا بدا له أن يبين خلقه
ويجمعهم لما لابد منه ، أمر مناديا فنادى ( 2 ) فاجتمع الانس والجن في أسرع من طرفة العين ،
ثم أذن السماء الدنيا ( 3 ) فنزل وكان من وراء الناس ، وأذن السماء الثانية فنزل وهي ضعف
التي تليها ، فإذا رآها أهل السماء الدنيا قالوا : جاء ربنا ، فيقال : لا وهو آت ، حتى
ينزل ( 4 ) كل سماء ، يكون كل واحدة من وراء الاخرى وهي ضعف التي تليها ، ثم
ينزل الله في ظلل ( 5 ) من الغمام والملائكة وقضي الامر وإلى الله ترجع الامور ، ثم يأمر
الله مناديا ينادي : " يا معشر الجن والانس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات
والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان " قال : وبكى حتى إذا سكت قلت : جعلني
الله فداك يا أبا جعفر وأين رسول الله وأمير المؤمنين وشيعته ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام :
رسول الله وعلي وشيعته على كثبان من المسك الاذفر ، على منابر من نور ، يجزن الناس
ولا يحزنون ، ويفزع الناس ولا يفزعون ، ثم تلا هذه الآية : " من جاء بالحسنة فله خير
منها وهم من فزع يومئذ آمنون " فالحسنة والله ولاية أمير المؤمين عليه السلام . ( 6 ) " ص 434 "
55 - يد : القطان ، عن ابن زكريا ، عن ابن حبيب ، عن أحمد بن يعقوب بن
مطر ، عن محمد بن الحسن بن عبدالعزيز ، عن طلحة بن يزيد ، عن عبيدالله بن عبيد ،
عن أبي معمر السعداني ، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في جواب من ادعى التناقض
بين آيات القرآن فقال : وأجد الله يقول : " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون
إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " وقال : واستنطقوا ، فقالوا : ( 7 ) " والله ربنا ما كنا
مشركين " وقال : " ويوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " وقال :
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة مصححة من التفسير المطبوع : عمرو بن ابى شيبة ، وعلى أي لم نجد ذكره في كتب التراجم .
( 2 ) في المصدر : امر مناديا ينادى . م
( 3 ) في المصدر : اذن لسماء الدنيا . م
( 4 ) في المصدر : قالوا : جاء ربنا وهو آت يعنى امره حتى ينزل اه . م
( 5 ) في المصدر : ثم يأتى امر الله في ظلل اه . م
( 6 ) يأتى ذيله في الباب الثامن تحت رقم 6 .
( 7 ) في المصدر بعد قوله : وقال صوابا : وقوله : والله ربنا اه . م ( * )
[118]
" إن ذلك لحق تخاصم أهل النار " وقال : " لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد "
وقال : " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون "
فمرة يخبر أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، ( 1 ) ومرة يخبر
أن الخلق ينطقون ، ( 2 ) ويقول عن مقالتهم : " والله ربنا ما كنا مشركين " ومرة يخبر
أنهم يختصمون .
فأجاب عليه السلام بأن ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان
مقداره خمسين ألف سنة ، يجمع الله عزوجل الخلائق يومئذ في مواطن يتفرقون ويكلم
بعضهم بعضا ، ويستغفر بعضهم لبعض ، اولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا من
الرؤساء والاتباع ، ويلعن أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء وتعاونوا على الظلم و
العدوان في دار الدنيا المستكبرين والمستضعفين يكفر بعضهم ببعض ، ويلعن بعضهم بعضا ، و
الكفر في هذه الآية : البراءة ، يقول : فيتبرء بعضهم من بعض ، ونظيرها في سورة إبراهيم
قول الشيطان : " إني كفرت بما أشركتمون من قبل " وقول إبراهيم خليل الرحمن : " كفرنا
بكم " يعني تبرأنا منكم ، ثم يجتمعون في مواطن آخر ، فيستنطقون فيه ، ويبكون فيه ، فلو
أن تلك الاصوات بدت لاهل الدنيا لاذهلت جميع الخلق من معائشهم ، ولتصدعت
قلوبهم إلا ما شاءالله ، فلا يزالون يبكون الدم ، ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون
فيه فيقولون : " والله ربنا ما كنا مشركين " فيختم الله تبارك وتعالى على أفواههم ، و
يستنطق الايدي والارجل والجلود ، فتشهد بكل معصية كانت منهم ، ثم يرفع عن
ألسنتهم الختم ، فيقولون لجلودهم : " لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل
شئ " ويجتمعون في موطن آخر فيستنطقون ، فيفر بعضهم من بعض ، فذلك قوله عزو
جل : " يوم يفر المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه " فيستنطقون فلا يتكلمون
إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، فنقوم الرسل - صلى الله عليهم - فيشهدون في هذا
الموطن ، فذلك قوله تعالى : " فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء
* ( هامش ) * ( 1 ) في التوحيد المطبوع : فمرة يخبر انهم يتكلمون ، ومرة يخبر أنهم لا يتكلمون . اه .
( 2 ) في المصدر : لا ينطقون . وما في المتن أنسب بقوله : ويقول اه . م ( * )
[119]
شهيدا " ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد صلى الله عليه وآله وهو المقام المحمود ،
فيثني على الله تبارك وتعالى بما لم يثن عليه أحد قبله ، ثم يثني على الملائكه كلهم ،
فلا يبقى ملك إلا أثنى عليه محمد صلى الله عليه وآله ، ثم يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد مثله ،
ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة ، يبدأ بالصديقين والشهداء ثم بالصالحين ، فيحمده أهل
السماوات وأهل الارض ، وذلك قوله عزوجل : " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا "
فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ ونصيب ، وويل لمن لم يكن له في ذلك القام حظ ولا
نصيب ، ثم يجتمعون في موطن آخر فيدان بعضهم من بعض ، وهذا كله قبل الحساب ،
فإذا اخذا في الحساب شغل كل إنسان بما لديه ، نسأل الله بركة ذلك اليوم ، قال :
فرجت عني فرج الله عنك يا أميرالمؤمنين . وساق الحديث إلى أن قال :
فأما قوله : " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " وقوله : " لا تدركه الابصار
وهو يدرك الابصار " فإن ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عزوجل بعد ما يفرغ
من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون منه ، فتنضر وجوههم
إشراقا ، فيذهب عنهم كل قذى ووعث ، ثم يؤمرون بدخول الجنة ، فمن هذا المقام
ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم ، ومنه يدخلون الجنة ، فذلك قول الله عزوجل في
تسليم الملائكة ( 1 ) عليهم : " سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " فعند ذلك أيقنوا
بدخول الجنة ، والنظر إلى ما وعدهم ربهم ، فذلك قوله : " إلى ربها ناظرة " وإنما
يعني بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى ، وأما قوله : " لا تدركه الابصار و
هو يدرك الابصار " فهو كما قال لاتدركه الابصار ولا تحيط به الاوهام ، وهو
يدرك الابصار يعني يحيط بها ، الحديث . " ص 260 - 268 "
بيان : قال الجزري : فيه : اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر أي شدته و
مشقته ، وأصله من الوعث وهو الرمل والمشي فيه يشد على صاحبه ويشق .
56 - فس : " إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة " قال : القيامة هي حق ،
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : من تسليم الملائكة . م ( * )
[120]
قوله تعالى : " خافضة " قال : لاعداء الله " رافعة " لاولياء الله " إذا رجت الارض رجا "
قال : يدق بعضها على بعض " وبست الجبال بسا " قال : قلعت الجبال قلعا " فكانت
هباء منبثا " قال : الهباء : الذي يدخل في الكوة من شعاع الشمس . " ص 661 "
57 - ثو : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أرض القيامة نار ماخلا ظل
المؤمن ، فإن صدقته تظله . " ص 135 "
58 - فس : أبي ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام وساق الحديث
إلى أن قال : قلت : " الشمس و القمر بحسبان " ؟ قال : هما بعذاب الله ، ( 1 ) قلت : الشمس
والقمر يعذبان ؟ قال : سألت عن شئ فأيقنه ، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ،
يجريان بأمره ، مطيعان له ، ضوؤهما من نور عرشه ، وحرهما من جهنم ، فإذا كانت
القيامة عاد إلى العرش نورهما ، وعاد إلى النار حرهما ، ( 2 ) فلا يكون شمس ولا قمر ،
وإنما عتاهما لعنهما الله ، أوليس قد روى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : الشمس والقمر
نوران في النار ؟ قلت : بلى ، قال : أما سمعت قول الناس : فلان وفلان شمس هذه الامة
ونورها ؟ فهما في النار ، والله ما عنى غيرهما ، الخبر . " ص 658 "
59 - ن : الحسين بن إبراهيم بن أحمد ، عن محمد بن جعفر الكوفي ، عن البرمكي ،
عن الحسين بن الحسن ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن سعيد ، عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام في قوله عزوجل : " يوم يكشف عن ساق " قال : حجاب من نور يكشف
فيقع المؤمنون سجدا ، وتدمج ( 3 ) أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود .
60 - يد : أبي وابن الوليد ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن علي بن حديد ،
عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل : " ويدعون
إلى السجود فلا يستطعون " قال : صارت أصلابهم كصياصي البقر - يعني قرونها - " وقد كانوا
يدعون إلى السجود وهم سالمون " قال : وهم مستطيعون .
أقول : قد مرت الاخبار في تفسير هذه الآية في أبواب العدل .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : قال : هما يعذبان ، قلت اه . م
( 2 ) في المصدر : " جرمهما " في الموضعين . م
( 3 ) أى تستقيم وتستحكم . ( * )
[121]
61 - ين : النضر ، عن زرعة ، عن أبي بصير قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول :
إن الرحم معلقة بالعرش ينادي يوم القيامة : اللهم صل من وصلني ، واقطع من قطعني ،
فقلت : أهي رحم رسول الله صلى الله عليه وآله : فقال : بل رحم رسول الله صلى الله عليه وآله منها ، وقال : إن
الرحم تأتي يوم القيامة مثل كبة المدار - وهو المغزل - فمن أتاها واصلا لها انتشرت له نورا
حتى يدخله الجنة ، ومن أتاها قاطعا لها انقبضت عنه حتى يقذف به في النار .
62 - ما : الحسين بن أبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن إبراهيم ،
عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن
سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : يحشر الناس يوم القيامة متلازمين ، فينادي مناد : أيها
الناس إن الله قد عفا فاعفوا ، قال : فيعفو قوم ويبقى قوم متلازمين ، قال : فترفع لهم
قصور بيض ، فيقال : هذا لمن عفا ، فيتعافى الناس . " ص 60 "
63 - دعوات الراوندى : روي أنه : إذا كان يوم القيامة ينادي كل من يقوم
من قبره : اللهم ارحمني ، فيجابون : لئن رحمتم في الدنيا لترحمون اليوم .
( باب 6 )
* ( مواقف القيامة وزمان مكث الناس فيها وانه يؤتى بجهنم فيها ) *
الايات ، الكهف " 18 " وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا 100 .
الحج " 22 " ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك
كألف سنة مما تعدون 47 .
التنزيل " 32 " يدبر الامر من السماء إلى الارض ثم يعرج إليه في يوم كان


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 121 سطر 19 إلى صفحه 129 سطر 18

مقداره ألف سنة مما تعدون 5 .
المعارج " 70 " سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين ليس له دافع * من الله ذي
المعارج * تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة * فاصبر
صبرا جميلا * إنهم يرونه بعيدا * ونراه قريبا 1 - 7 .
[122]
الفجر " 89 " كلا إذا دكت دكا دكا * وجاء ربك والملك صفا صفا * وجئ
يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الانسان وأنى له الذكرى * يقول ياليتني قدمت لحياتي *
فيومئذ لايعذب عذابه أحد * ولا يوثق وثاقه أحد 21 - 26 .
تفسير : قال الشيخ أمين الدين الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " وعرضنا
جهنم " : أي أظهرناها وأبرزناها لهم حتى شاهدوها ، ورأوا ألوان عذابها قبل دخولها .
وفي قوله تعالى : " وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون " : فيه وجوه :
أحدها : أن يوما من أيام الآخرة يكون كألف سنة من أيام الدنيا عن ابن
عباس وغيره ، وفي رواية اخرى عنه أن يوما من الايام التي خلق الله فيها السماوات
والارض كألف سنة ، ويدل عليه ما روي أن الفقراء يدخلون الجنة قبل الاغنياء بنصف
يوم خمسمائة عام .
وثانيها : أن يوما عند ربك وألف سنة في قدرته واحد .
وثالثها : أن يوما واحدا كألف سنة في مقدار العذاب لشدته ، كما يقال في المثل :
أيام السرور قصار ، وأيام الهموم طوال .
وفي قوله تعالى : " يدبر الامر من المساء إلى الارض " أي يدبر الامور كلها
ويقدرها على حسب إرادته فيما بين السماء والارض ، وينزله مع الملك إلى الارض " ثم
يعرج إليه " أي يصعد الملك إلى المكان الذي أمره الله تعالى أن يصعد إليه " في يوم كان
مقداره ألف سنة مما تعدون " أي يوم يكون مقداره لو سار غير الملك ألف سنة مما
يعده البشر : خمسمائة عام نزول ، وخمسمائة عام صعود ، والحاصل أنه ينزل الملك
بالتدبير أو الوحي ، ويصعد إلى السماء ، فيقطع في يوم واحد من أيام الدنيا مسافة ألف سنة مما
تعدونه أنتم ، لان ما بين السماء والارض مسيرة خمسمائة عام لابن آدم . ، وقيل : معناه أنه
يدبر الله سبحانه ويقضي أمر كل شئ لالف سنة في يوم واحد ، ثم يلقيه إلى ملائكته ، فإذا
مضى الالف سنة قضى لالف سنة اخرى ، ثم كذلك أبدا . ، وقيل : معناه : يدبر أمر الدنيا
فينزل القضاء والتدبير من السماء إلى الارض مدة أيام الدنيا ، ثم يرجع الامر ويعود
التدبير إليه بعد انقضاء الدنيا وفنائها ، حتى ينقطع أمر الامراء وحكم الحكام ، وينفرد
[123]
الله بالتدبير في يوم كان مقداره ألف سنة وهو يوم القيامة ، فالمدة المذكورة مدة
يوم القيامة إلى أن يستقر الخلق في الدارين ، فأما قوله : " في يوم كان مقداره خمسين
ألف سنة " ( 1 ) فإن المقامات في يوم القيامة مختلفة . ، وقيل : إن المراد بالاول أن مسافة
الصعود والنزول إلى سماء الدنيا في يوم واحد للملك مقدار مسيرة ألف سنة لغير الملك
من بني آدم ، وإلى السماء السابعة مقدار خمسين ألف سنة . ، وقيل : إن الالف سنة للنزول
والعروج ، والخمسين ألف سنة لدة القيامة .
وفي قوله سبحانه : " تعرج الملائكة والروح إليه " الآية : اختلف في معناه فقيل :
تعرج الملائكة إلى الموضع الذي يأمرهم الله به في يوم كان مقداره من عروج غيرهم
خمسين ألف سنة ، وذلك من أسفل الارضين إلى فوق السماوات السبع ، وقوله :
" ألف سنة " هو لما بين السماء والارض في الصعود والنزول . ، وقيل : إنه يعني يوم القيامة ،
وأنه يفعل فيه من الامور ويقضي فيه الاحكام بين العباد مالو فعل في الدنيا لكان
مقدار خمسين ألف سنة ، وروى أبوسعيد الخدري قال : قيل : يا رسول الله ما أطول
هذا اليوم ؟ فقال : والذي نفس محمد بيده أنه ليخفف على المؤمن ، حتى يكون أخف
عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا .
وروي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : لو ولي الحساب غير الله لمكثوا فيه خمسين
ألف سنة من قبل أن يفرغوا ، والله سبحانه يفرغ من ذلك في ساعة .
وعنه عليه السلام أيضا قال : لا ينتصف ذلك اليوم حتى يقيل أهل الجنة في الجنة ، و
أهل النار في النار . ، وقيل : معناه أن أول نزول الملائكة في الدنيا بأمره ونهيه وقضائه
بين الخلائق إلى آخر عروجهم إلى السماء وهو يوم القيامة هذه المدة ، فيكون مقدار
الدنيا خمسين ألف سنة ، لا يدرى كم مضى وكم بقي ، وإنما يعلمها الله عزوجل " فاصبر "
يا محمد على تكذيبهم إياك " صبرا جميلا " لا جزع فيه ولا شكوى " إنهم يرونه بعيدا ونراه
قريبا " أخبر سبحانه أنه يعلم مجئ يوم القيامة وحلول العقاب بالكفار قريبا ، ويظنه
* ( هامش ) * ( 1 ) في المجمع المطبوع : فأما قوله : في يوم كان مقداره خمسين ألف ، فانه أراد سبحانه : على
الكافر جعل الله ذلك اليوم مقدار خمسين ألف سنة ، فان المقامات إه . ( * )
[124]
الكفار بعيدا ، لانهم لا يعتقدون صحته ، وكل ما هو آت فهو قريب دان .
وفي قوله سبحانه : " كلا " : زجر ، تقديره : لا تفعلوا هكذا ، ثم خوفهم فقال :
" إذا دكت الارض دكا دكا " أي كسر كل شئ على ظهرها من جبل أو بناء أو شجر ،
حتى زلزلت فلم يبق عليها شئ ، يفعل ذلك مرة بعد مرة ، وقيل : " دكت الارض "
أي مدت يوم القيامة مد الاديم عن ابن عباس ، وقيل : دقت جبالها وأنشازها حتى استوت
عن ابن قتيبة ، والمعنى : استوت في انفراشها ، فذهب دورها وقصورها وسائر أبنيتها حتى
تصير كالصحراء الملساء " وجاء ربك " أي أمر ربك وقضاؤه ومحاسبته ، وقيل : جاء أمره
الذي لا أمر معه ، بخلاف حال الدنيا ، وقيل جاء جلائل آياته ، فجعل مجيئها مجيئه
تفخيما لامرها ، وقال بعض المحققين : المعنى : وجاء ظهور ربك ، لضرورة المعرفة به ،
لان ظهور المعرفة بالشئ يقوم مقام ظهوره ورؤيته ، ولما صارت المعارف بالله في ذلك
اليوم ضرورية صار ذ لك كظهوره وتجليه للخلق ، فقيل : " وجاء ربك " أي زالت الشبهة و
ارتفع الشك ، كما ترتفع عند مجئ الشئ الذي كان يشك فيه ، جل وتقدس عن
المجئ والذهاب " والملك " أي وتجئ الملائكة " صفا صفا " يريد صفوف الملائكة و
أهل كل سماء صف على حدة عن عطاء ، وقال الضحاك : أهل كل سماء إذا زلزلوا
يوم القيامة كانوا صفا محيطين بالارض وبمن فيها ، فيكونون سبع صفوف ، وقيل : معناه :
مصطفين كصفوف الناس في الصلاة : يأتي الصف الاول ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، ثم على
هذا الترتيب ، لان ذلك أشبه بحال الاستواء من التشويش ، فالتعديل والتقويم أولى في
الامور " وجئ يومئذ بجهنم " أي واحضرت في ذلك اليوم جهنم ليعاقب بها المستحقون
لها ، ويرى أهل الموقف هولها وعظم منظرها .
وروي مرفوعا عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الآية تغير لون
رسول الله صلى الله عليه وآله ، وعرف في وجهه ، حتى اشتد على أصحابه ما رأوا من حاله ، وانطلق
بعضهم إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : يا علي لقد حدث أمر قد رأيناه في نبي الله ،
فجاء علي عليه السلام فاحتضنه من خلفه ، وقبل بين عاتقيه ، ثم قال : يا نبي الله بأبي أنت و
امي ما الذي حدث اليوم ؟ قال : جاء جبرئيل فأقرأني : " وجيئ يومئذ بجهنم " فقال :
[125]
قلت : كيف يجاء بها ؟ قال : يجئ بها سبعون ألف ملك ، يقودونها بسبعين ألف زمام ، فتشرد
شردة لو تركت لاحرقت أهل الجمع ، ثم أتعرض لجهنم فتقول : مالي ولك يا محمد ؟ فقد
حرم الله لحمك علي ، فلا يبقى أحد إلا قال : نفسي نفسي ، وإن محمدا يقول : امتي امتي ثم
قال سبحانه : " يومئذ " يعني يوما يجاء بجهنم " يتذكر الانسان " أي يتعظ ويتوب الكافر ،
" وأنى له الذكرى " أي ومن أين له التوبة ؟ عن الزجاج ، وقيل : معناه : يتذكر الانسان
ما قصر وفرط إذ قد علم يقينا ما توعد به ، وكيف ينفعه التذكر ؟ أثبت له التذكر
ثم نفاه بمعنى أنه لا ينتفع به ، فكأنه لم يكن ، وكان ينبغي له أن يتذكر في وقت
ينفعه ذلك فيه " يقول يا ليتني قدمت لحياتي " أي يتمنى أن يكون قد كان عمل الطاعات
والحسنات لحياته بعد موته ، أوللحياة التي تدوم له " فيومئذ لا يعذب عذابه أحد " أي
لا يعذب عذاب الله أحد من الخلق " ولا يوثق وثاقه أحد " أي وثاق الله أحد من الخلق ،
فالمعنى : لا يعذب أحد في الدنيا مثل عذاب الله الكافر يومئذ ، ولا يوثق أحد في الدنيا مثل
وثاق الله الكافر يومئذ .
1 - لى : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن علي بن الحكم ، عن المفضل بن صالح ،
عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لما نزلت هذه الآية : " وجئ يومئذ بجهنم " سئل
عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال : أخبرني الروح الامين أن الله - لا إله غيره - إذا جمع
الاولين والآخرين اتي بجهنم تقاد بألف زمام ، أخذ بكل زمام مائة ألف ملك من
الغلاظ الشداد ، لهاهدة وتغيظ وزفير ، وإنها لتزفر الزفرة ، فلو لا أن الله عزوجل أخرهم
إلى الحساب لاهلكت الجمع ، ثم يخرج منها عنق يحيط بالخلائق : البر منهم والفاجر ،
فما خلق الله عزوجل عبدا من عباده ملكا ولا نبيا إلا نادى : رب ! نفسي نفسي ، وأنت
يا نبي الله تنادي امتي امتي ، ثم يوضع عليها صراط أدق من حد السيف عليه ثلاث
قناطر ، أما واحدة فعليها الامانة والرحم ، وأما الاخرى فعليها الصلاة ، وأما الاخرى
فعليها عدل رب العالمين لا إله غيره ، فيكلفون الممر عليه فتحبسهم الرحم والامانة فأن
نجوا منها حبستهم الصلاة ، فإن نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين عزوجل ، و
هو قوله تبارك وتعالى : " إن ربك لبالمرصاد " والناس على الصراط فمتعلق ، وقدم
[126]
تزل ، وقدم تستمسك ، والملائكة حولهم ينادون : ياحليم اغفر ، واصفح ، وعد
بفضلك وسلم سلم ، والناس يتهافتون فيها كالفراش ، وإذا نجا ناج برحمة الله عزوجل
نظر إليها فقال : الحمدلله الذي نجاني منك بعد أياس بمنه وفضله ، إن ربنا لغفور
شكور .
فس : أبي ، عن عمرو بن عثمان ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله ( 1 ) . " ص 724 "
واللفظ للصدوق ، وقد أثبتناه في باب النار واللفظ لعلي بن إبراهيم .
ايضاح : الهدة : صوت وقع الحائط ونحوه ، وقال الجزري : فيه : يخرج عنق
من النار أي طائفة منها .
2 - ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن علي بن محمد ، عن داود بن سليمان ،
عن الرضا عليه السلام ، عن آبائه ، عن أميرالمومنين عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : هل
تدرون ما تفسير هذه الآية : " كلا إذا دكت الارض دكا دكا " ؟ قال : إذا كان يوم القيامة
تقاد جهنم بسبعين ألف زمام ، بيد سبعين ألف ملك ، فتشرد شردة لولا أن الله تعالى
حبسها لاحرقت السماوات والارض . " ص 214 - 215 "
صح : عنه ، عن آبائه عليهم السلام مثله .
3 - ما : المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن القاشاني ،
عن المنقري ، عن حفص بن غياث قال : قال أبوعبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام : ألا فحاسبوا
أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، فإن في القيامة ( 2 ) خمسين موقفا كل موقف مثل ألف سنة
مما تعدون ، ثم تلا هذه الآية : " في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " . " ص 22 "
كا : علي ، عن أبيه ، والقاساني جميعا ، عن الاصبهاني ، عن المنقري مثله . ( 3 )
" الروضة ص 143 "
4 - فس : " وبرزت الحجيم لمن يرى " قال : احضرت . " ص 711 "
* ( هامش ) * ( 1 ) مع اختلاف يسير . م
( 2 ) في المصدر : فان للقيامة اه . م
( 3 ) مع اختلاف يسير . م ( * )
[127]
5 - فس : قال علي بن إبراهيم في قوله : " في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة "
قال : إن في القيامة خمسين موقفا لكل موقف ألف سنة . " ص 696 "
6 - ثو : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن ابن يزيد ، عن
محمد بن منصور ، عن رجل ، عن شريك ، يرفعه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم
القيامة جاءت فاطمة في لمة ( 1 ) من نسائها ، فيقال لها : ادخلي الجنة ، فتقول : لا أدخل
حتى أعلم ما صنع بولدي من بعدي ، فيقال لها : انظري في قلب القيامة ، فتنظر إلى
الحسين صلوات الله عليه قائما ليس عليه رأس ، فتصرخ صرخة ، فأصرخ لصراخها ، و
تصرخ الملائكة لصراخنا ، فيغضب الله عزوجل لنا عند ذلك ، فيأمر نارا يقال لها : هبهب
قد اوقد عليها ألف عام حتى اسودت ، لا يدخلها روح أبدا ولا يخرج منها غم أبدا ،
فيقال : التقطي قتلة الحسين عليه السلام ، فتلتقطهم ، فإذا صاروا في حوصلتها صهلت وصهلوا
بها ، ( 2 ) وشهقت وشهقوا بها ، وزفرت وزفروا بها ، ( 3 ) فينطقون بألسنة ذلقة ( 4 ) طلقة :
يا ربنا لم أوجبت لنا النار قبل عبدة الاوثان ؟ فيأتيهم الجواب عن الله عزوجل : إن
من علم ليس كمن لم يعلم . " ص 209 - 210 "
7 - لى : ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن علي بن الحسين ، عن عبدالله بن
جبلة ، عن معاوية بن عمار ، عن الحسن بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جده الحسن بن
على بن أبي طالب عليه السلام قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، وساق الحديث
في أجوبته عن مسائل اليهودي إلى أن قال صلى الله عليه وآله : إن الشمس إذا طلعت عند الزوال لها
حلقة تدخل فيها ، فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شئ دون العرش لوجه ربي ،
وهي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة ، فما من مؤمن يوفق تلك الساعة أن
يكون ساجدا أو راكعا أو قائما إلا حرم الله جسده على النار ، " ص 114 "
* ( هامش ) * ( 1 ) اللمة بضم اللام : الاصحاب في السفر .
( 2 ) من صهل الفرس : إذا صوت .
( 3 ) زفرت النار : سمع صوت توقدها .
( 4 ) أي فصيحة . ( * )
[128]
8 - فر : بإسناده عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : الظالم لنفسه يحبس
في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يدخل الحزن في جوفه ، ثم يرحمه فيدخل
الجنة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ، الذي أدخل
أجوافهم الحزن في طول المحشر ، الحديث . " ص 129 "
9 - يه : عن النبي صلى الله عليه وآله قال : وأما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله
عزوجل على آدم ، ( 1 ) وكان بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله عليه عزوجل
ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا ، وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة مما بين العصر إلى العشاء ،
الحديث " ص 57 "
10 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أسباط ، عنهم عليهم السلام قال : فيما وعظ الله عز و
جل به عيسى عليه السلام : يا عيسى اعمل لنفسك في مهلة من أجلك قبل أن لا تعمل لها ، و
اعبدنى ليوم كألف سنة مما تعدون ، وفيه اجزي بالحسنة واضاعفها ، الخبر .
" الروضة ص 134 "
بيان : لا يبعد أن يكون مكث أكثر الكفار في القيامة ألف سنة ، فيكون
اليوم بالنظر إليهم كذلك ، ويكون مكث جماعة من الكفار خمسين ألف سنة ، فهو منتهى
زمان هذا اليوم ، ويكون مكث بعض المؤمنين ساعة ، فهو كذلك بالنسبة إليهم ، وهكذا
بحسب اختلاف أحوال الابرار والفجار ، ويحتمل أيضا كون الالف زمان مكثهم
في بعض مواقف القيامة كالحساب مثلا
أقول : قد مر وسيأتي في خبر المدعي للتناقض في القرآن عن أمير المؤمنين عليه السلام
أنه وصف في مواضع في ذلك الخبر ( 2 ) القيامة بأن مقداره خمسون
ألف سنة .
11 - عد : اعتقادنا في العقبات التي على طريق المحشر أن كل عقبة منها اسمها اسم
فرض وأمر ونهي ، فمتى انتهى الانسان إلى عقبة اسمها فرض وكان قد قصر في ذلك
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : تاب الله فيها على آدم . م
( 2 ) الظاهر : من ذلك الخبر . ( * )
[129]
الفرض حبس عندها وطولب بحق الله فيها ، فإن خرج منها بعمل صالح قدمه أو برحمة
تداركه نجا منها إلى عقبة اخرى ، فلا يزال يدفع من عقبة إلى عقبة ، ويحبس عند كل
عقبة فيسأل عما قصر فيه من معنى اسمها ، فإن سلم من جميعها انتهى إلى دار البقاء فيحيا
حياة لا موت فيها أبدا ، وسعد سعادة لا شقاوة معها أبدا ، وسكن في جوار الله مع أنبيائه
وحججه والصديقين والشهداء والصالحين من عباده ، وإن حبس على عقبة فطولب بحق
قصر فيه فلم ينجه عمل صالح قدمه ولا أدركته من الله عزوجل رحمة زلت به قدمه
عن العقبة فهوى في جهنم - نعوذ بالله منها - وهذه العقبات كلها على الصراط ، اسم عقبة
منها الولاية ، يوقف جميع الخلائق عندها فيسألون عن ولاية أمير المؤمنين والائمة من
بعده عليهم السلام ، فمن أتى بها نجا وجاز ، ومن لم يأت بها بقي فهوى ، وذلك قول الله عزوجل :
" وقفوهم أنهم مسئولون " وأهم عقبة منها المرصاد وهو قول الله عزوجل : " إن ربك
لبالمرصاد " ويقول عزوجل : وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ، واسم عقبة منها
الرحم ، واسم عقبة منها الامانة ، واسم عقبة منها الصلاة ، وباسم كل فرض أو أمر
أو نهي عقبة يحبس عندها العبد فيسأل .
أقول : قال الشيخ المفيد رحمه الله في شرحه : العقبات عبارة عن الاعمال الواجبة
والمسألة عنها والمواقفة عليها ، وليس المراد به جبال في الارض تقطع ، وإنما هي الاعمال
شبهت بالعقبات ، وجعل الوصف لما يلحق الانسان في تخلصه من تقصيره في طاعة الله
تعالى ، كالعقبة التي تجهده صعودها وقطعها قال الله تعالى : " فلا اقتحم العقبة وما أدريك
ما العقبة فك رقبة " فسمى سبحانه الاعمال التي كلفها العبد عقبات تشبيها بالعقبات


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 129 سطر 19 إلى صفحه 137 سطر 18

والجبال ، لما يلحق الانسان في أدائها من المشاق ، كما يلحقه في صعود العقبات وقطعها ،
وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : إن أمامكم عقبة كؤودا ، ومنازل مهولة لا بد من
الممر بها ، والوقوف عليها ، فإما برحمة الله نجوتم ، وإما بهلكة ليس بعدها انجبار .
أراد عليه السلام بالعقبة تخلص الانسان من العقبات التي عليه ، وليس كما ظنه الحشوية
من أن في الآخرة جبالا وعقبات يحتاج الانسان إلى قطعها ماشيا وراكبا ، وذلك لا
معنى له فيما توجبه الحكمة من الجزاء ، ولا وجه لخلق عقبات تسمى بالصلاة والزكاة
[130]
والصيام والحج وغيرها من الفرائض يلزم الانسان أن يصعدها ، فإن كان مقصرا في
طاعة الله حال ذلك بينه وبين صعودها ، إذ كان الغرض في القيامة المواقفة على الاعمال
والجزاء عليها بالثواب والعقاب ، وذلك غير مفتقر إلى تسمية عقبات ، وخلق جبال وتكليف
قطع ذلك وتصعيبه أو تسهيله ، مع أنه لم يرد خبر صحيح بذلك على التفصيل فيعتمد عليه
وتخرج له الوجوه ، وإذا لم يثبت بذلك خبر كان الامر فيه ما ذكرناه .
بيان : أقول : تأويل ظواهر الاخبار بمحض الاستبعاد بعيد عن الرشاد ، ولله الخيرة
في معاقبة العاصين من عباده بأي وجه أراد ، وقد مضى بعض الاخبار في ذلك ، وسيأتي
بعضها . والله الموفق للخير والسداد .
( باب 7 )
* ( آخر فيه ذكر كثرة امة محمد صلى الله عليه وآله في القيامة ، وعدد صفوف
الناس فيها ، وحملة العرش فيها ) *
1 - لى : علي بن أحمد بن موسى ، عن محمد الاسدي ، عن البرمكي ، عن جعفر
ابن أحمد التميمي ، عن أبيه ، عن عبدالملك بن عمير الشيباني ، عن أبيه ، عن جده ، عن
ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا أكثر النبيين تبعا يوم القيامة ، الخبر . " ص 179 "
2 - ل : محمد بن جعفر البندار ، عن أبي العباس الحمادي ، عن صالح بن محمد
البغدادي ، عن عبيدالله بن عمر القواريري ، عن مؤمل بن إسماعيل ، عن سفيان الثواري ،
عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أهل
الجنة عشرون ومائة صف ، هذه الامة منها ثمانون صفا . " ج 2 ص 150 "
3 - ج : ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : إن في الجنة عشرين ومائة صف ،
امتي منها ثمانون صفا ، الخبر " ص 192 "
4 - ج : هشام بن الحكم سأل الزنديق الصادق عليه السلام عن الناس : يعرضون صفوفا
يوم القيامة ؟ قال : نعم ، هم يومئذ عشرون ومائة صف في عرض الارض ، الخبر . " ص 192 "
5 - ل : ابن الوليد ، عن الصفار مرسلا قال : قال الصادق عليه السلام : إن حملة
[131]
العرش أحدهم على صورة ابن آدم يسترزق الله لولد آدم ، والثاني على صورة الديك
يسترزق الله للطير ، والثالث على صورة الاسد يسترزق الله للسباع ، والرابع على صورة
الثور يسترزق الله للبهائم ونكس الثور رأسه منذ عبد بنو إسرائيل العجل ، فإذا كان
يوم القيامة صاروا ثمانية . " ج 2 ص 38 - 39 "
6 - كا : علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن الحسين بن عبدالرحمن ، عن
سفيان الحريري ، عن أبيه ، عن سعد الخفاف ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : يا سعد
تعلموا القرآن فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق ، والناس
صفوف عشرون ومائة ألف صف ، ثمانون ألف صف امة محمد صلى الله عليه وآله ، وأربعون ألف صف
من سائر الامم ، الخبر . " ج 2 ص 596 "
بيان : لعل الالف زيد في هذا الخبر من الرواة ، أو هذا عدد الجميع ، وما سبق
عدد أهل الجنة منهم ، أو هم في بعض مواقف القيامة هكذا يقفون ، وفي بعضها هكذا ،
أو كل صف ينقسم إلى ألف صف والله يعلم .
( باب 8 )
* ( احوال المتقين والمجرمين في القيامة ) *
الايات ، البقرة " 2 " " إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون
به ثمنا قليلا اولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيمة ولا يزكيهم
ولهم عذاب أليم * اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم
على النار 174 - 175 " وقال تعالى " : زين للذين كفروا الحيوة الدنيا ويسخرون من
الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيمة 212 .
آل عمران " 3 " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق
لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم 77
" وقال تعالى " : ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات واولئك
لهم عذاب عظيم * يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم
[132]
بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون * وأما الذين ابيضت وجوههم ففي
رحمة الله هم فيها خالدون 105 - 107 " وقال تعالى " : سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة 180 .
النساء " 4 " من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها 47 .
المائدة " 5 " قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من
تحتها الانهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم 119 .
الانعام " 6 " ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين
كنتم تزعمون ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين * انظر كيف
كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون 22 - 24 " وقال تعالى " : ولو ترى إذ وقفوا
على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم
ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون * وقالوا إن هي إ
حيوتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين * ولوترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق
قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون * قد خسر الذين كذبوا بلقاء
الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على مافرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم
على ظهورهم ألا ساء ما يزرون 27 - 31 " وقال تعالى " : ويوم يحشرهم جميعا يا معشر
الجن قد استكثرتم من الانس وقال أولياؤهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض
وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثويكم خالدين فيها إلا ماشاء الله إن ربك
حكيم عليم * وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون * يامعشر الجن
والانس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا
شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحيوة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين 128 - 130 .
الاعراف " 7 " ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون *
هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا
بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم
وضل عنهم ما كانوا يفترون 52 - 53 .
يونس " 10 " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة
[133]
اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون * والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها
وترهقهم ذلة مالهم من الله من عاصم كأنما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما
اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا
مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون * فكفى
بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين * هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت
وردوا إلى الله موليهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون 26 - 30 " وقال تعالى " : ولو أن
لكل نفس ظلمت ما في الارض لافتدت به وأسر وا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم
بالقسط وهم لايظلمون * ألا إن لله ما في السموات والارض ألا إن وعد الله حق ولكن
أكثرهم لايعلمون 54 - 55 " وقال سبحانه " : ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم ولا هم يحزنون *
الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحيوة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات
الله ذلك هو الفوز العظيم 62 - 64 .
الرعد " 13 " للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن
لهم ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به اولئك لهم سوء الحساب ومأويهم جهنم
وبئس المهاد 18 .
النحل " 16 " وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الاولين * ليحملوا
أوزارهم كاملة يوم القيمة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون 24 - 25
" وقال تعالى " : ثم يوم القيمة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم
قال الذين اوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين * الذين تتوفيهم الملائكة
ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون *
فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين 27 - 29 .
الكهف " 18 " ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا
لهم وجعلنا بينهم موبقا * ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدواعنها
مصرفا 52 - 53 .
مريم " 19 " فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا * يوم نحشر المتقين إلى الرحمن
وفدا * ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا 84 - 86 .
[134]
طه " 20 " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة
أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها
وكذلك اليوم تنسى 124 - 126 .
الانبياء " 21 " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون *
لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون * لايحزنهم الفزع الاكبر و
تتلقيهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون 101 - 103 .
الفرقان " 25 " ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول ءأنتم اضللتم
عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل * قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك
من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا * فقد كذبوكم
بما تقولون فما تستطيعون صرفا ولانصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا 17 - 19
" وقال تعالى " : وقال الذين لايرجون لقاءنا لولا انزل علينا الملائكة أو نرى ربنا
لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا * يوم يرون الملائكة لابشرى يومئذ
للمجرمين ويقولون حجرا محجورا * وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا *
أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا * ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل
الملائكة تنزيلا * الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا * ويوم
يعض الظالم على يديه * يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * ياويلتى ليتني
لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان للانسان
خذولا * وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا 21 - 30 .
الشعراء " 26 " ولا تخزني يوم يبعثون * يوم لاينفع مال ولابنون * إلا من أتى
الله بقلب سليم * وازلفت الجنة للمتقين * وبرزت الجحيم للغاوين * وقيل لهم
أين ما كنتم تعبدون * من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون * فكبكبوا فيها هم
والغاوون * وجنود إبليس أجمعون * قالوا وهم فيها يختصمون * تالله إن كنا لفي
ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين * وما أضلنا إلا المجرمون * فمالنا من شافعين
[135]
ولا صديق حميم * فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين * إن في ذلك لآية وما كان
أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم 87 - 104 .
النمل " 27 " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * و
من جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون 89 - 90 .
القصص " 28 " أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحيوة
الدنيا ثم هو يوم القيمة من المحضرين * ويوم يناديهم فيقول أين شركاءي الذين كنتم
تزعمون * قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا
تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون * وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم
ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون * ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين *
فعميت عليهم الانباء يومئذ فهم لايتسائلون 61 - 66 .
الروم " 30 " ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون * ولم يكن لهم من شركائهم
شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين * ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون * فأما الذين
آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون * وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا
ولقاء الآخرة فاولئك في العذاب محضرون 12 - 16 .
التنزيل " 32 " ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم ربنا أبصرنا
وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون 12 .
سبا " 34 " ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض
القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين * قال الذين
استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين *
وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر
بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الاغلال في أعناق
الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون 31 - 33 " وقال سبحانه " : ويوم يحشرهم
جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من
دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون * فاليوم لايملك بعضكم لبعض نفعا
[136]
ولاضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون 40 - 42 " وقال
تعالى " : ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب * وقالوا آمنا به وأنى لهم
التناوش من مكان بعيد * وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد * و
حيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب 51 - 54 .
يس " 36 " وامتازوا اليوم أيها المجرمون * ألم أعهد إليكم يابني آدم أن
لاتعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم * ولقد أضل
منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون * هذه جهنم التي كنتم توعدون * اصلوها اليوم
بما كنتم تكفرون * اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا
يكسبون 59 - 65 .
الصافات " 37 " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون
الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم * وقفوهم إنهم مسئولون * ما لكم لاتناصرون *
بل هم اليوم مستسلمون * و أقبل بعضهم على بعض يتسائلون * قالوا إنكم كنتم
تأتوننا عن اليمين * قالوا بل لم تكونوا مؤمنين * وما كان لنا عليكم من سلطان بل
كنتم قوما طاغين * فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون * فأغويناكم إنا كنا غاوين *
فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون * إن كذلك نفعل بالمجرمين * إنهم كانوا إذا
قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون * ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون *
بل جاء بالحق وصدق المرسلين * إنكم لذائقوا العذاب الاليم * وما تجزون إلا
ما كنتم تعملون * إلا عباد الله المخلصين 22 - 40 .
الزمر " 39 " قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم 13 " وقال سبحانه " :
ولو أن للذين ظلموا ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سواء العذاب يوم
القيمة وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون * وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق
بهم ما كانوا به يستهزؤن 47 - 48 " وقال تعالى " : واتبعوا أحسن ما انزل إليكم من
ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون * أن تقول نفس يا حسرتى
على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله هداني لكنت
[137]
من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين * بلى قد
جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين * ويوم القيمة ترى الذين
كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين * وينجي الله الذين
اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون 55 - 61 " وقال تعالى " : وسيق الذين
كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاؤها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم
يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلي ولكن حقت كلمة
العذاب على الكافرين * قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين *
وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها وقال لهم
خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين * وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده و
أورثنا الارض نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين * وترى الملائكة حافين
من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب
العالمين 71 - 75 .
المؤمن " 40 " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحيوة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد *
يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار 51 - 52 .
السجدة " 41 " أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيمة 40 " وقال
سبحانه " : ويوم يناديهم أين شركاءي قالوا آذناك ما منا من شهيد * وضل عنهم
ما كانوا يدعون من قبل وظنوا مالهم من محيص 47 - 48 .
حمعسق " 42 " وإن الظالمين لهم عذاب أليم * ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 137 سطر 19 إلى صفحه 145 سطر 18

وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون
عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير * ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا
الصالحات 21 - 23 " وقال تعالى " : وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد
من سبيل * وتريهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال
الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيمة ألا إن الظالمين
في عذاب مقيم * وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من
[138]
سبيل * استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله مالكم من ملجأ يومئذ
ومالكم من نكير 44 - 47 .
الزخرف " 43 " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين * و
إنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون * حتى إذا جاءنا قال ياليت
بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين * ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب
مشتركون 36 - 39 " وقال جل ثناؤه " : الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين *
يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون 67 - 68 .
الجاثية " 55 " ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون * وترى كل امة
جاثية كل امة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون * هذا كتابنا ينطق
عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون * فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات
فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين * وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي
تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين * وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا
ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين * وبدا لهم سيئات
ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن * وقيل اليوم ننسيكم كما نسيتم لقاء يومكم
هذا ومأويكم النار وما لكم من ناصرين * ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا و
غرتكم الحيوة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون 27 - 35 .
الحديد " 57 " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم
بشريكم اليوم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم *
يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا
ورائكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله
العذاب * ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم
وغرتكم الاماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور * فاليوم لا يؤخذ منكم فدية
ولا من الذين كفروا مأويكم النار هي موليكم وبئس المصير 12 - 15 .
المجادلة " 58 " يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون
أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون 18 .
[139]
الملك " 67 " فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم
به تدعون 72 .
القيامة " 75 " وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة * ووجوه يومئذ باسرة *
تظن أن يفعل بها فاقرة 22 - 25 .
الدهر " 76 " إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا * فوقيهم الله شر ذلك
اليوم ولقيهم نضرة وسرورا 10 - 11 .
الانشقاق " 84 " بل الذين كفروا يكذبون * والله أعلم بما يوعون * فبشرهم
بعذاب أليم * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون 22 - 25 .
الغاشية " 88 " هل أتيك حديث الغاشية * وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة *
تصلى نارا حامية * تسقى من عين آنية * ليس لهم طعام إلا من ضريع * لا يسمن ولا
يغني من جوع * وجوه يومئذ ناعمة * لسعيها راضية * في جنة عالية * لا تسمع فيها
لاغية * فيها عين جارية * فيها سرر مرفوعة * وأكواب موضوعة * ونمارق مصفوفة *
وزرابي مبثوثة 1 - 17 .
البلد " 90 " ثم كان من الذين آمنوا وتوصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة *
اولئك أصحاب الميمنة * والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشئمة * عليهم نار
مؤصدة 17 - 20 .
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : " إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب "
أي صفة محمد والبشارة به ، وقيل : كتموا الاحكام " ويشترون به ثمنا قليلا " أي يستبدلون
به عوضا قليلا أي كل ما يأخذونه في مقابلة ذلك من حطام الدنيا فهو قليل " ما يأكلون
في بطونهم إلا النار " أي كأنهم لم يأكلوا إلا النار لان ذلك يؤديهم إليها ، وقيل :
إنهم يأكلون النار حقيقة في جهنم عقوبة لهم على ما فعلوا " ولا يكلمهم الله يوم القيمة "
أي لا يكلمهم بما يحبون ، وإن كان يكلمهم بالسؤال بالتوبيخ وبما يغمهم ، أولا
يكلمهم أصلا فيحمل آيات المسألة على أن الملائكة تسائلهم عن الله وبأمره " ولا
يزكيهم " معناه : ولا يثني عليهم ولا يصفهم بأنهم أزكياء ، وقيل : لا يقبل أعمالهم كما يقبل
[140]
أعمال الازكياء ، وقيل : أي لا يطهرهم من خبث أعمالهم بالمغفرة " ولهم عذاب أليم " أي
موجع " اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى " أي استبدلوا الكفر بالنبي بالايمان
به ، أو كتمان أمره بإظهاره ، أو العذاب بالثواب وطريق الجنة " فما أصبرهم على النار "
فيه أقوال : أحدها معناه : ما أجرأهم على النار ! وهو المروي أيضا عن أبي عبدالله عليه السلام .
الثاني : ما أعملهم بأعمال أهل النار ! وهو المروي أيضا عن أبي عبدالله عليه السلام .
الثالث : ما أبقاهم على النار ! كما يقال ما أصبر فلانا على الحبس ! .
وفي قوله سبحانه : " والذين اتقوا فوقهم يوم القيمة " : أي الذين اجتنبوا
الكفر فوق الكفار في الدرجات ، وقيل : أراد أن تمتعهم بنعيم الآخرة أكثر من
استمتاع هؤلاء بنعيم الدنيا ، وقيل : إنه أراد أن حال المؤمنين في الهزؤ بالكفار
والضحك منهم فوق حال هؤلاء في الدنيا .
وفي قوله سبحانه : " إن الذين يشترون بعهد الله " : أي يستبدلون بأمر الله
سبحانه ما يلزمهم الوفاء به ، وقيل : معناه : إن الذين يحصلون بنكث عهد الله ونقضه
" وأيمانهم " أي وبالايمان الكاذبة " ثمنا قليلا " أي عوضا نزرا ، وسماه قليلا لانه قليل
في جنب ما يفوتهم من الثواب ويحصل لهم من العقاب " اولئك لا خلاق لهم " أي لا نصيب
لهم في نعيم الآخرة " ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمة " أي لا يعطف عليهم
ولا يرحمهم ، كما يقول القائل للغير : انظر إلي ، يريد : ارحمني .
وقال البيضاوي في قوله تعالى : " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " : بياض
الوجه وسواده كنايتان عن ظهوره بهجة السرور وكأبة الخوف فيه ، وقيل : يوسم أهل
الحق ببياض الوجه والصحيفة ( 1 ) وإشراق البشرة وسعي النور بين يديه وبيمينه ، و
أهل الباطل بأضداد ذلك " أكفرتم " أي فيقال لهم : أكفرتم ؟ والهمزة للتوبيخ والتعجيب
من حالهم " فذوقوا العذاب " أمر إهانة " ففي رحمة الله " يعني الجنة والثواب المخلد ،
عبر عن ذلك بالرحمة تنبيها على أن المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله تعالى لا يدخل
الجنة إلا برحمته وفضله .
* ( هامش ) *
( 1 ) صحيفة الوجه : بشرة جلده . ( * )
[141]
وقال الطبرسى رحمه الله في قوله تعالى : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة " :
اختلف في معناه : فقيل : يجعل ما بخل به من المال طوقا في عنقه ، والآية نزلت في
مانعي الزكاة وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : ما
من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل في عنقه شجاع ( 1 ) يوم القيامة ، ثم تلا هذه الآية ،
وقيل : معناه : يجعل في عنقه يوم القيامة طوق من نار ، وقيل : معناه : يكلفون يوم
القيامة أن يأتوا بما بخلوا من أموالهم ، وقيل : هو كقوله : " يوم يحمى عليها في نار جهنم
فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم " فمعناه أنه يجعل طوقا فيعذب بها ، وقيل ، معناه
أنه يعود عليهم وباله فيصير طوقا لاعناقهم ، كقوله : " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه "
والعرب تعبر بالرقبة والعنق عن جميع البدن .
وفي قوله تعالى : " من قبل أن نطمس وجوها " ( 2 ) : اختلف فيه على أقول :
أحدها أن معناه : من قبل أن نمحو آثار وجوهكم حتى تصير كالاقفية ، ونجعل عيونها
في أقفيتها فتمشي القهقرى ، عن ابن عباس وعطية ، وثانيها أن معناه : نطمسها عن
الهدى فنردها على أدبارها في ضلالتها ، ذما لها بأنها لا تفلح أبدا ، رواه أبو الجارود
عن أبي جعفر عليه السلام . ثالثها : نجعل في وجوههم الشعر كوجوه القرود .
فإن قيل : على القول الاول كيف أوعد الله سبحانه ولم يفعل ؟ فجوابه أن هذا
الوعيد كان متوجها إليهم لولم يؤمن واحد منهم ، فلما آمن منهم جماعة رفع عن الباقين ،
أو أن الوعيد يقع بهم في الآخرة .
وفي قوله سبحانه : " هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم " : يعني ما صدقوا فيه في
دار التكليف ، وقيل : إنه الصدق في الآخرة ، وإنه ينفعهم لقيامهم فيه بحق الله فالمراد
به صدقهم في الشهادة لانبيائهم بالبلاغ .
* ( هامش ) * ( 1 ) بضم الشين وكسرها : ضرب من الحيات .
( 2 ) قال السيد الرضى قدس سره في تلخيص البيان " ص 25 " : هذه استعارة وهى عبارة عن
مسخ الوجوه ، أي يزيل تخطيطها ومعارفها تشبيها بالصحيفة المطموسة التي عميت سطورها
واشكلت حروفها . ( * )
[142]
وقال البيضاوي في قوله تعالى " أين شركاؤكم " : أي آلهتكم التي جعلتموها
شركاء لله " الذين كنتم تزعمون " أي تزعمونهم شركاء فحذف المفعولان ، والمراد من
الاستفهام التوبيخ ، ولعله يحال بينهم وبين آلهتهم حينئذ ليفقدوها في الساعة التي علقوا
بها الرجاء فيها ، ويحتمل أن يشاهدوهم ولكن لما لم ينفعوهم فكأنهم غيب عنهم
" ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا " أي كفرهم ، والمراد عاقبته ، وقيل : معذرتهم التي
يتوهمون أن يتخلصوا بها ، من فتنت الذهب : إذا خلصته ، وقيل : جوابهم . وإنما
سماه فتنة لانه كذب ، أو لانهم قصدوا بها الخلاص " والله ربنا ما كنا مشركين "
يكذبون ويحلفون عليه مع علمهم أنه لا ينفع من فرط الحيرة والدهشة كما يقولون :
" ربنا أخرجنا منها " وقد أيقنوا بالخلود ، وقيل : معناه : ما كنا مشركين عند أنفسنا ،
وهو لا يوافق قوله : " انظر كيف كذبوا على أنفسهم " أي بنفي الشرك عنها ، وحمله على
كذبهم في الدنيا تعسف " وضل عنهم ما كانوا يفترون " من الشركاء .
وفي قوله تعالى : " ولو ترى إذ وقفوا على النار " : جوابه محذوف ، أي لو تراهم
حين يوقفون على النار حتى يعاينوها ، أو يطلعون عليها ، أو يدخلونها فيعرفون مقدار
عذابها لرأيت أمرا شنيعا " فقالوا ياليتنا نرد " تمنيا للرجوع إلى الدنيا " ولا نكذب
بآيات ربنا ونكون من المؤمنين " استيناف كلام منهم على وجه الاثبات كقولهم : دعني
ولا أعود أي أنا لا أعود تركتني أو لم تتركني ، أو عطف على " نرد " أو حال من الضمير
فيه فيكون في حكم المتمني ، وقوله : " وإنهم لكاذبون " راجع إلى ماتضمنه
التمني من الوعد ، ونصبهما حمزة ويعقوب وحفص على الجواب بإضمار أن بعد الواو
إجراءا لها مجرى الفاء ، وقرأ ابن عامر برفع الاول على العطف ونصب الثاني على
الجواب " بل بدالهم ما كانوا يخفون من قبل " الاضراب عن إرادة الايمان المفهوم من
التمني ، والمعنى أنه ظهر لهم ما كانوا يخفون من نفاقهم وقبائح أعمالهم فتمنوا ذلك
ضجرا لا عزما على أنهم لو ردوا لآمنوا " ولوردوا " إلى الدنيا بعد الظهور والوقوف
" لعادوا لما نهوا عنه " من الكفر والمعاصي " وإنهم لكاذبون " فيما وعدوا من أنفسهم ،
" وقالوا " عطف على " لعادوا " أو على " إنهم لكاذبون " أو على " نهوا " أو استيناف بذكر
[143]
ما قالوه في الدنيا " إن هي إلا حيوتنا الدنيا " الضمير للحياة " وما نحن بمبعوثين "
" ولو ترى أذ وقفوا على ربهم " مجاز عن الحبس للسؤال والتوبيخ ، وقيل : معناه : وقفوا
على قضاء ربهم وجزائه ، أو عرفوه حق التعريف " قال أليس هذا بالحق " كأنه جواب
قائل قال : ماذا قال ربهم حينئذ ؟ والهمزة للتقريع على التكذيب والاشارة إلى البعث
وما يتبعه من الثواب والعقاب " قالوا بلى وربنا " إقرار مؤكد باليمين لانجلاء الامر
غاية الجلاء " قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون " بسبب كفركم ، أو ببدله " قد
خسر الذين كذبوا بلقاء الله " إذ فاتتهم النعم واستوجبوا العذاب المقيم ، ولقا الله :
البعث وما يتبعه " حتى إذا جاءتهم الساعة " غاية " لكذبوا " لا الخسران ، لان
خسرانهم لا غاية له " بغتة " فجأة ونصبها على الحال أو المصدر فإنها نوع من المجئ
" قالوا يا حسرتنا " أي تعالي فهذا أوانك " على مافرطنا " قصرنا " فيها " في الحياة
الدنيا ، أو في الساعة يعني في شأنها والايمان بها " وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم "
تمثيل لاستحقاقهم آثار الآثام " ألا ساء ما يزرون " بئس شيئا يزرونه وزرهم .
وفي قوله عزوجل : " ويوم يحشرهم جميعا " نصب بإضمار اذكر ، أو نقول ، و
الضمير لمن يحشر من الثقلين ، وقرأ حفص عن عاصم وروح ويعقوب بالياء " يا معشر
الجن " يعني الشياطين " قد استكثرتم من الانس " من إغوائهم وإضلالهم ، أو منهم بأن
جعلتموهم أتباعكم فحشروا معكم ، كقولهم : استكثر الامير من الجنود " وقال أولياؤهم
من الانس " الذين أطاعوهم " ربنا استمتع بعضنا ببعض " أي انتفع الانس بالجن بأن
دلوهم على الشهوات وما يتوصل به إليها ، والجن بالانس بأن أطاعوهم وحصلوا
مرادهم ، وقيل : استمتاع الانس بهم أنهم كانوا يعوذون بهم في المفاوز وعند المخاوف ،
واستمتاعهم بالانس اعترافهم بأنهم يقدرون على إجارتهم " وبلغنا أجلنا الذي أجلت
لنا " أي البعث ، وهو اعتراف بما فعلوا من طاعة الشيطان واتباع الهوى و تكذيب
البعث ، وتحسر على حالهم " قال النار مثويكم " منزلكم ، أوذات مثويكم " خالدين
فيها " حال ، والعامل فيها " مثويكم " إن جعل مصدرا ، ومعنى الاضافة إن جعل مكانا
" إلا ماشاء الله " إلا الاوقات التي ينقلون فيها من النار إلى الزمهرير ، وقيل : إلا
[144]
ماشاء الله قبل الدخول ، كأنه قيل : النار مثواكم أبدا إلا ما أمهلكم " إن ربك
حكيم " في أفعاله " عليم " بأعمال الثقلين وأحوالهم " وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا "
نكل بعضهم إلى بعض ، أو نجعل بعضهم يتولى بعضا فيغويهم ، أو أولياء بعض وقرناءهم
في العذاب كما كانوا في الدنيا " بما كانوا يكسبون " من الكفر والمعاصي " يا معشر الجن
والانس ألم يأتكم رسل منكم " الرسل من الانس خاصة ، لكن لما جمعوا مع الجن
في الخطاب صح ذلك ، وتعلق بظاهره قوم وقالوا : بعث إلى كل من الثقلين رسل من
جنسهم ، وقيل : الرسل من الجن رسل الرسل إليهم لقوله : " ولوا إلى قومهم منذرين "
" يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا " يعني يوم القيامة " قالوا شهدنا
على أنفسنا " بالجرم والعصيان ، وهو اعتراف منهم بالكفر واستيجاب العذاب .
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " إلا ماشاء الله " : وجوه : أحدها : ما
روي عن ابن عباس أنه قال : كان وعيد الكفار مبهما غير مقطوع به ثم قطع به بقوله
سبحانه : " إن الله لا يغفر أن يشرك به " .
وثانيها : أن الاستثناء إنما هو من يوم القيامة لان قوله : " يوم يحشرهم
جميعا " هو يوم القيامة : فقال : خالدين فيها مذ يوم يبعثون إلا ماشاء الله من مقدار
حشرهم من قبورهم ومقدار مدتهم في محاسبتهم عن الزجاج ، قال : وجائز أن يكون
المراد : إلا ماشاء الله أن يعذبهم به من أصناف العذاب .
وثالثها : أن الاستثناء راجع إلى غير الكفار من عصاة المسلمين الذين هم في
مشية الله إن شاء عذبهم بذنوبهم بقدر استحقاقهم عدلا ، وإن شاء عفا عنهم فضلا .
ورابعها : أن معناه : إلا ماشاء الله ممن آمن منهم .
و قال البيضاوي في قوله سبحانه : " هل ينظرون " : هل ينتظرون " إلا تأويله " :
إلا مايؤول إليه أمره من تبين صدقه بظهور ما نطق به من الوعد والوعيد " يقول الذين
نسوه " أي تركوه ترك الناسي .
وفي قوله سبحانه : " للذين أحسنوا الحسنى " المثوبة : الحسنى " وزيادة "
وما يزيده على مثوبته تفضلا ، لقوله : " ويزيدهم من فضله " وقيل : الحسنى مثل
حسناتهم والزيادة عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف وأكثر ، وقيل : الزيادة مغفرة من
[145]
الله ورضوان " ولا يرهق وجوههم " ولا يغشاها " قتر " غبرة فيها سواد " ولا ذلة " هوان ،
والمعنى : لايرهقهم ما يرهق أهل النار ، أولا يرهقهم ما يوجب ذلك من حزن وسوء حال
" ما لهم من الله من عاصم " ما من أحد يعصمهم من سخط الله ، أو من جهة الله ، أو من عنده
كما يكون للمؤمنين " كأنما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما " لفرط سوادها
وظلمتها ، ومظلما حال من الليل " اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " مما يحتج
به الوعيدية ، والجواب أن الآية في الكفار لاشتمال السيئات على الشرك والكفر ،
ولان الذين أحسنوا يتناول أصحاب الكبيرة من أهل القبلة فلا يتناولهم قسيمه " و
يوم نحشرهم جميعا " يعني الفريقين جميعا " ثم نقول للذين أشركوا مكانكم " ألزموا
مكانكم حتى تنظروا ما يفعل بكم " أنتم " تأكيد للضمير المنتقل إليه من عامله " و
شركاؤكم " عطف عليه " فزيلنا بينهم " ففرقنا بينهم وقطعنا الوصل التي كانت بينهم
" وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون " مجاز عن براءة ما عبدوه من عبادتهم فإنهم
إنما عبدوا في الحقيقة أهواءهم ، لانها الآمرة بالاشراك لا ما أشركوا به ، وقيل :
ينطق الله الاصنام فتشافههم بذلك مكان الشفاعة التي توقعوا منها ، وقيل : المراد
بالشركاء الملائكة والمسيح ، وقيل : الشياطين " إن كنا عن عبادتكم لغافلين " ( إن )
هي المخففة من المثقلة ، واللام هي الفارقة " هنالك " في ذلك المقام " تبلو كل نفس
ما أسلفت " تختبر ما قدمت من عمل فتعاين نفعه وضره " وردوا إلى الله " إلى جزائه
إياهم بما أسلفوا " موليهم الحق " ربهم ومتولي أمرهم على الحقيقة ، لا ما اتخذوه
مولى " وضل عنهم " وضاع عنهم " ما كانوا يفترون " من أنهم آلهتهم تشفع لهم ، أو ما


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 145 سطر 19 إلى صفحه 153 سطر 18

كانوا يدعون أنها آلهة .
وفي قوله تعالى : " ولو أن لكل نفس ظلمت " بالشرك أو التعدي على الغير
" ما في الارض " من خزائنها وأموالها " لافتدت به " لجعلته فدية لها من العذاب من
قولهم : افتداه بمعنى فداه " وأسروا الندامة لما رأوا العذاب " لانهم بهتوا بما عاينوا
" مما لم يحتسبوا " من فظاعة الامر وهوله فلم يقدروا أن ينطقوا ، وقيل : أسروا
الندامة : أخلصوها ، لان إخفاءها إخلاصها ، أو لانه يقال سر الشئ لخالصته من
[146]
حيث إنها تخفى وتضن بها ، وقيل : أظهروها من قولهم : سر الشئ وأسره : إذا أظهره .
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله عزوجل : " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم " :
بين سبحانه أن المطيعين لله الذين تولوا القيام بأمره ، وتولاهم سبحانه بحفظه وحياطته ،
" لا خوف عليهم " يوم القيامة من العقاب " ولا هم يحزنون " أي لا يخافون ، واختلف في
أولياء الله فقيل : هم قوم ذكرهم الله بما هم عليه من سيماء الخير والاخبات ، وقيل :
هم المتحابون في الله ، ذكر ذلك في خبر مرفوع ، وقيل : هم الذين آمنوا وكانوا يتقون
قد بينهم في الآية التي بعدها ، وقيل : إنهم الذين أدوا فرائض الله ، وأخذوا بسنن
رسول الله ، وتورعوا عن محارم الله ، وزهدوا في عاجل هذه الدنيا ، ورغبوا فيما عند الله ،
واكتسبوا الطيب من رزق الله لمعائشهم ، لا يريدون به التفاخر والتكاثر ، ثم أنفقوه
فيما يلزمهم من حقوق واجبة ، فاولئك الذين يبارك الله لهم فيما اكتسبوا ويثابون على
ما قدموا منه لآخرتهم وهو المروي عن علي بن الحسين عليهما السلام ، وقيل : هم الذين توالت
أفعالهم على موافقة الحق " الذين آمنوا " أي صدقوا بالله واعترفوا بوحدانيته " وكانوا
يتقون " مع ذلك معاصيه " لهم البشرى في الحيوة الدنيا وفي الآخرة " فيه أقوال :
أحدها أن البشرى في الحياة الدنيا هي ما بشرهم الله به في القرآن ، وثانيها أن
البشارة في الحياة الدنيا بشارة الملائكة للمؤمنين عند موتهم بأن لا تخافوا ولا تحزنوا
وابشروا بالجنة ، وثالثها أنها في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له ،
" وفي الآخرة " بالجنة وهي ما تبشرهم الملائكة عند خروجهم من القبور ، وفي القيامة
إلى أن يدخلوا الجنة يبشرونهم بها حالا بعد حال وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام ،
وروي ذلك في حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وآله " لا تبديل لكلمات الله " أي لا خلف لما
وعد الله تعالى من الثواب .
وفي قوله سبحانه : " للذين استجابوا لربهم الحسنى " : أي الخصلة الحسنى و
الحالة الحسنى ، وهي صفة الثواب والجنة " و الذين لم يستجيبوا له " أي لله ، فلم يؤمنوا
به " لو أن لهم ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به " أي جعلوا ذلك فدية أنفسهم من
العذاب ولم يقبل ذلك منهم " اولئك لهم سوء الحساب " فيه أقوال : أحدها أن سوء
[147]
الحساب أخذهم بذنوبهم كلها من دون أن يغفر لهم شئ منها ، ويؤيد ذلك ما جاء في
الحديث : من نوقش الحساب عذب ، فيكون سوء الحساب المناقشة . ، والثاني : هو أن
يحاسبوا للتقريع والتوبيخ فإن الكافر يحاسب على هذا الوجه ، والمؤمن يحاسب
ليسر بما أعد الله له ، والثالث : هو أن لا يقبل لهم حسنة ولا يغفر لهم سيئة ، وروي ذلك
عن أبي عبدالله عليه السلام ، والرابع أن سوء الحساب هو سوء الجزاء فسمي الجزاء حسابا
لان فيه إعطاء المستحق حقه " ومأويهم جهنم " أي مصيرهم إلى جهنم " وبئس المهاد "
أي وبئس ما مهدوا لانفسهم ، والمهاد : الفراش الذي يوطأ لصاحبه ، وسمي النار مهادا
لانه في موضع المهاد لهم .
وفي قوله سبحانه : " ليحملوا أوزارهم " : اللام للعاقبة " كاملة " أي تامة " يوم القيمة
ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم " أي ويحملون مع أوزارهم بعض أوزار الذين أضلوهم
عن سبيل الله وهو وزر الاضلال والاغواء ولم يحملوا وزر غوايتهم وضلالتهم وقوله : " بغير
علم " معناه : من غير علم منهم بذلك بل جاهلين به " ألا ساء ما يزرون " أي بئس الحمل
حملهم في الآثام .
وفي قوله سبحانه : " ثم يوم القيمة يخزيهم " : أي يذلهم ويفضحهم يوم القيامة
على رؤوس الاشهاد ويهينهم بالعذاب ، يقول على سبيل التوبيخ لهم والتهجين : " أين
شركائي " الذين كنتم تشركونهم معي في العبادة على زعمكم " الذين كنتم تشاقون "
أي تعادون المؤمنين " فيهم قال الذين اوتوا العلم " بالله وبدينه وشرائعه من المؤمنين ،
وقيل : هم الملائكة عن ابن عباس " إن الخزي اليوم السوء على الكافرين " أي إن
الهوان اليوم والعذاب الذي يسوء على الجاحدين لنعم الله المنكرين لتوحيده وصدق
رسله " الذين تتوفيهم الملائكة ظالمي أنفسهم " أي الذين يقبض ملك الموت وأعوانه أرواحهم
ففارقوا الدنيا وهم ظالمون لانفسهم بإصرارهم على الكفر " فألقوا السلم ( 1 ) " أي
* ( هامش ) * ( 1 ) قال الرضى رضوان الله عليه : هذه استعارة ، وليس هناك شئ يلقى على الحقيقة ، وانما
المراد بذلك طلب المسالمة عن ذل واستكانة والتماس وشفاعة ، وقد يجوز أن يكون معنى " فألقوا
السلم " أي استسلموا وسلموا فكانوا كمن طرح آلة المقارعة ونزع شكة المحاربة . ( * )
[148]
استسلموا للحق وانقادوا حين لا ينفعهم الانقياد والاذعان " يقولون ما كنا نعمل " عند
أنفسنا " من سوء " أي معصية فكذبهم الله تعالى وقال : " بلى " قد فعلتم " إن الله عليم
بما كنتم تعملون " في الدنيا من المعاصي وغيرها ، وقيل : القائل المؤمنون الذين اوتوا
العلم أو الملائكة " فادخلوا أبواب جهنم " أي طبقاتها ودركاتها .
وفي قوله تعالى : " ويوم يقول " يريد : يوم القيامة يقول الله للمشركين وعبدة
الاصنام : " نادوا شركائي الذين زعمتم " في الدنيا " أنهم شركائي " ليدفعوا عنكم
العذاب " فدعوهم " يعني المشركين يدعون اولئك الشركاء " فلم يستجيبوا لهم وجعلنا
بينهم " أي بين المؤمنين والكافرين " موبقا " وهو اسم واد عميق فرق الله به بين أهل الهدى
وأهل الضلالة ، وقيل بين المعبودين وعبدتهم " موبقا " أي حاجزا عن ابن الاعرابي ،
أي فأدخلنا من كانوا يزعمون أنهم معبودهم مثل الملائكة والمسيح الجنة ، وأدخلنا
الكفار النار ، وقيل : معناه : جعلنا مواصلتهم في الدنيا موبقا أي مهلكا لهم في الآخرة
عن الفراء وقتادة وابن عباس ، فالبين على هذا القول معناه التواصل ، وقيل : موبقا : عدواة
عن الحسن ، وروي عن أنس أنه قال : الموبق واد في جهنم من قيح ودم " ورأى المجرمون
النار " يعني المشركون رأوا النار وهي تتلظى حنقا عليهم عن ابن عباس ، وقيل : عام
في أصحاب الكبائر " فطنوا أنهم مواقعوها " أي علموا أنهم داخلون فيها " ولم يجدوا
عنها مصصرفا " أي معدلا وموضعا ينصرفون إليه ليتخلصوا منها .
وفي قوله تعالى : " فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا " أي لا تستعجل لهم العذاب
فإن مدة بقائهم قليلة فإنا نعد لهم الايام والسنين ، وقيل : معناه : نعد أنفاسهم ،
وقيل : نعد أعمالهم " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا " أي اذكر لهم يا محمد اليوم
الذي نجمع فيه من اتقى الله في الدنيا بطاعته واجتناب معاصيه " إلى الرحمن " أي
إلى جنته ودار كرامته وفودا وجماعات ، وقيل : ركبانا يؤتون بنوق لهم ير مثلها ، عليها
رحائل الذهب وأزمتها الزبرجد فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة عن أمير
المؤمنين عليه السلام وابن عباس " ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا " أي ونحث المجرمين
على السير إلى جهنم عطاشا كالابل التي ترد عطاشا مشاة على أرجلهم ، وسمي
[149]
العطاش وردا لانهم يردون لطلب الماء ، وقيل : الورد : النصيب أي هم نصيب جهنم
من الفريقين ، والمؤمنون نصيب الجنة .
وفي قوله سبحانه : " فإن له معيشة ضنكا " : أي عيشا ضيقا ، وقيل : هو عذاب القبر ،
وقيل : هو طعام الضريع والزقوم في جهنم " ونحشره يوم القيمة أعمى أي أعمى البصر ،
وقيل : أعمى عن الحجة ، والاول هو الوجه ، قال الفراء : يقال : إنه يخرج من قبره
بصيرا فيعمى في حشره ، وقد روي عن معاوية بن عمار قال : سألت أباعبدالله عليه السلام عن
رجل لم يحج وله مال ، قال : هو ممن قال الله تعالى : " ونحشره يوم القيمة أعمى "
فقلت : سبحان الله أعمى ؟ قال : أعماه الله عن طريق الحق . " قال كذلك أتتك آياتنا
فنسيتها " هذا جواب من الله سبحانه ومعناه : كما حشرناك أعمى جاءك محمد والقرآن
والدلائل فأعرضت عنها وتعرضت لنسيانها فإن النسيان ليس من فعل الانسان
فيؤاخذ عليه " وكذلك اليوم تنسى " أي تصير بمنزلة من ترك كالمنسي بعذاب لا يفنى .
وفي قوله سبحانه : " لا يحزنهم الفزع الاكبر " : أي الخوف الاعظم وهو عذاب
النار إذا اطبقت على أهلها ، وقيل : هو النفحة الاخيرة لقوله تعالى : " يوم نفخ في الصور
ففزع ممن في السموات ومن في الارض إلا من شاء الله " وقيل : هو حين يؤمر بالعبد إلى
النار ، وقيل : هو حين يذبح الموت على صورة كبش أملح وينادى : يا أهل الجنة خلود
ولا موت ، ويا أهل النار خلود ولا موت . وروى أبوسعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وآله
قال : ثلاثة على كثبان من مسك لا يحزنهم الفزع الاكبر ولا يكترثون للحساب : رجل
قرأ القرآن محتسبا ثم أم قوما محتسبا ، ورجل أذن محتسبا ، ومملوك أدى حق الله
عزوجل وحق مواليه . " وتتلقيهم الملائكة " أي تستقبلهم الملائكة بالتهنئة يقولون
لهم : " هذا يومكم الذى كنتم توعدون " في الدنيا فابشروا بالامن والفوز .
وفي قوله عزوجل : " ويوم يحشرهم " : أي يجمعهم " وما يعبدون من دون الله "
يعني عيسى وعزير ، أو الملائكة ، وقيل : يعني الاصنام ، فيقول الله لهؤلاء المعبودين :
" ءأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل " أي طريق الجنة والنجاة " قالوا " يعني
المعبودين من الملائكة والانس أو الاصنام إذا أحياهم الله سبحانه وأنطقهم : " سبحانك "
[150]
أي تنزيها لك عن الشريك " ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء " أي ليس
لنا أن نوالي أعداءك بل أنت ولينا من دونهم ، وقيل : معناه : ما كان يجوز لنا وللعابدين
وما كان يحق لنا أن نأمر أحدا بأن يعبدنا ، فإنا لو أمرناهم بذلك لكنا واليناهم ،
ونحن لا نوالي من يكفر بك " ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر " معناه :
ولكن طولت أعمارهم وأعمار آبائهم وأمددتهم بالاموال والاولاد بعد موت الرسل حتى
نسوا الذكر المنزل على الانبياء وتركوه " وكانوا قوما بورا " أي هلكى فاسدين ،
هذا تمام الحكاية عن قول المعبودون ، فيقول الله سبحانه " فقد كذبوكم " أي كذبكم
المعبودون ، أيها المشركون " بما تقولون " أي بقولكم أنهم آلهة شركاء لله ، ومن قرأ بالياء
فالمعنى : فقد كذبوكم بقولهم : " سبحانك ما كان ينبغي لنا " الآية " فما يستطيعون صرفا "
أي فما يستطيع المعبودون صرف العذاب عنكم ولا نصركم بدفع العذاب عنكم ، ومن
قرأ بالتاء فالمعنى : فما تستطيعون أيها المتخذون الشركاء صرف العذاب عن أنفسكم
ولا أن تنصروها .
وفي قوله عزوجل : " يوم يرون الملائكة " : يعني يوم القيامة " لا بشرى يومئذ
للمجرمين " أي لا بشارة لهم بالجنة والثواب ، والمراد بالمجرمين هنا الكفار " ويقولون
حجرا محجورا " أي ويقول الملائكة لهم حراما محرما عليكم سماع البشرى ، وقيل :
معناه : ويقول المجرمون للملائكة كما كانوا يقولون في الدنيا إذا لقوا من يخافون منه
القتل : حجرا محجورا دماؤنا ، قال الخليل : كان الرجل يرى الرجل الذي يخاف منه
القتل في الجاهلية في الاشهر الحرم فيقول : حجرا محجورا أي حرام عليك حرمتي
في هذا الشهر فلا يبدؤه بشر ، فإذا كان يوم القيامة رأوا الملائكة فقالوا ذلك ظنا منهم
أنهم ينفعهم ، وقيل : معناه : حراما محرما أن يدخل الجنة إلا من قال : لا إله إلا الله
عن عطاء عن ابن عباس ، وقيل : يقولون حجرا محجورا عليكم أن تتعوذوا وإلا فلا معاذ
لكم " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل " أي قصدنا وعمدنا إلى ما عمله الكفار في الدنيا مما
رجوا به النفع والاجر وطلبوا به الثواب والبر " فجعلناه هباء منثورا " وهو الغبار
يدخل الكوة في شعاع الشمس ، وقيل : هو رهج ( 1 ) الدواب ، وقيل : هو ما تسفيه الرياح
* ( هامش ) * ( 1 ) الرهج بفتح الراء والهاء وسكون الثانى : ما اثير من الغبار . ( * )
[151]
وتذريه من التراب ، وقيل : هو الماء المهراق والمنثور المتفرق ، وهذا مثل ، والمعنى :
يذهب أعمالهم باطلا فلم ينتفعوا بها من حيث عملوها لغير الله ، ثم ذكر سبحانه فضل
أهل الجنة على أهل النار فقال : " أصحاب الجنة يومئذ " يعني يوم القيامة " خير
مستقرا " أي أفضل منزلا في الجنة " وأحسن مقيلا " أي موضع قائلة ، قال الازهري :
القيلولة عند العرب : الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر وإن لم يكن مع ذلك
نوم ، والدليل على ذلك أن الجنة لا نوم فيها ، وقال ابن عباس وابن مسعود : لا ينتصف
النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، قال البلخي :
معنى " خير وأحسن " هنا أنه خير في نفسه وحسن في نفسه لا بمعنى أنه أفضل من غيره
" ويوم تشقق السماء بالغمام " أي تتشقق السماء وعليها غمام ، كما يقال : ركب
الامير بسلاحه ، وقيل : تتشقق السماء عن الغمام الابيض ، وإنما تتشقق لنزول
الملائكة وهو قوله : " ونزل الملائكة تنزيلا " وقال ابن عباس : تتشقق السماء الدنيا
فينزل أهلها وهم أكثر ممن في الارض من الجن والانس ، ثم تتشقق السماء الثانية
فننزل أهلها وهم أكثر ممن في السماء الدنيا ومن الجن والانس ، ثم كذلك حتى
تتشقق السماء السابعة ، وأهل كل سماء يزيدون على أهل كل سماء التي قبلها " الملك
يومئذ الحق للرحمن " إي الملك الذي هو الملك حقا ملك الرحمن يوم القيامة ويزول
ملك سائر الملوك فيه " وكان يوما على الكفارين عسيرا " لشدته ومشقته عليهم ، و
يهون على المؤمنين كأنهم في صلاة صلوها في دار الدنيا " ويوم يعض الظالم على يديه "
ندما وتأسفا ، وقيل : هو عقبة بن أبي معيط ، وتذهبان إلى المرفقين ثم تنبتان ولا يزال
هكذا كلما نبتت يده أكلها ندامة على ما فعل " يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول
سبيلا " أي ليتني اتبعت محمدا واتخذت معه سبيلا إلى الهدى " يا ويلتى ليتني لم أتخذ
فلانا " يعني ابيا " خليلا " وقيل : أراد به الشيطان ، وإن قلنا أن المراد بالظالم
ههنا جنس الظلمة فالمراد به كل خليل يضل عن الدين " لقد أضلني " أي صرفني
وردني " عن الذكر " أي القرآن والايمان به " بعد إذ جاءني " مع الرسول ، ثم قال
الله تعالى : " وكان الشيطان للانسان خذولا " لانه يتبرأ منه في الآخرة ويسلمه
[152]
إلى الهلاك ولا يغني عنه شيئا " وقال الرسول " يعني محمدا صلى الله عليه وآله " يا رب إن قومي
اتخذوا هذا القرآن مهجورا " يعني هجروا القرآن وهجروني وكذبوني ، وقيل :
إن " قال " معناه : " ويقول " .
وفي قوله سبحانه نقلا عن إبراهيم عليه السلام : " ولا تخزني " : أي لا تفضحني ولا
تعيرني بذنب يوم يبعثون ، وهذا الدعاء كان منه عليه السلام على وجه الانقطاع إلى الله ، لما
بينا أن القبيح لا يجوز وقوعه من الانبياء عليهم السلام ، ثم فسر ذلك اليوم بأن قال : " يوم
لا ينفع مال ولا بنون " إذ لا يتهيؤ لذي مال أن يفتدي من شدائد ذلك اليوم به ، ولا يتحمل
من صاحب البنين بنوه شيئا من معاصيه " إلا من أتى الله بقلب سليم " من الشرك و
الشك ، وقيل : من الفساد والمعاصي ، وإنما خص القلب بالسلامة لانه إذا سلم
القلب سلم سائر الجوارح من الفساد من حيث إن الفساد بالجارحة لا يكون إلا عن قصد
بالقلب الفاسد .
وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال : هو القلب الذي سلم من حب الدنيا " و
ازلفت الجنة للمتقين " أي قربت لهم ليدخلوها " وبرزت الجحيم للغاوين " أي
اظهرت وكشفت الغطاء عنها للضالين عن طريق الحق والصواب " وقيل لهم " على وجه
التوبيخ : " أين ما كنتم تعبدون من دون الله " من الاصنام والاوثان وغيرهما ، " هل
ينصرونكم " بدفع العذاب عنكم " أوينتصرون " لكم إذا عوقبتم ؟ وقيل : ينتصرون أي
يمتنعون من العذاب " فكبكبوا فيها " أي جمعوا وطرح بعضهم على بعض ، وقيل : نكسوا
فيها على وجوههم " هم " يعني الآلهة " والغاوون " أي والعابدون " وجنود إبليس
أجمعون " أي وكبكب معهم جنود إبليس ، يريد من اتبعه من ولده وولد آدم " قالوا
وهم فيها يختصمون " أي قال هؤلاء وهم في النار يخاصم بعضهم بعضا " تالله إن كنا لفي
ضلال مبين " ( إن ) هي المخففة " إذ نسويكم برب العالمين " أي عدلناكم به في توجيه
العبادة إليكم " وما أضلنا إلا المجرمون " الذين اقتدينا بهم : وقيل : إلا الشياطين
" فما لنا من شافعين " يشفعون لنا ويسألون في أمرنا " ولا صديق حميم " أي ذي قرابة يهمه
أمرنا وذلك حين يشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون .
[153]
وفي الخبر المأثور عن جابر بن عبدالله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إن
الرجل يقول في الجنة : ما فعل صديقي فلان ؟ - وصديقه في الجحيم - فيقول الله تعالى :
أخرجوا له صديقه إلى الجنة ، فيقول من بقي في النار : فما لنا من شافعين ولا صديق
حميم . وروى العياشي بالاسناد عن حمران بن أعين ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : والله
لنشفعن لشيعتنا حتى يقول الناس : فما لنا من شافعين إلى قوله : فنكون من المؤمنين .
وفي رواية اخرى : حتى يقول عدونا .
ثم قالوا : " فلوا أن لنا كرة " أي رجعة إلى الدنيا " فنكون من المؤمنين " المصدقين
لتحل لنا الشفاعة .
وفي قوله عزوجل : " من جاء بالحسنة " : أي بكلمة التوحيد والاخلاص ، و
قيل : بالايمان " فله خير منها " قال ابن عباس : أي فمنها يصل الخير إليه ، والمعنى : فله
من تلك الحسنة خير يوم القيامة وهو الثواب والامان من العقاب ، فخير ههنا إسم و
ليس بالذي هو بمعنى الافضل ، وقيل : معناه : فله أفضل منها في عظم النفع لانه
يعطى بالحسنة عشرا " وهم من فزع يومئذ آمنون " قال الكلبي : إذا اطبقت النار على
أهلها فزعوا فزعة لم يفزعوا مثلها ، وأهل الجنة آمنون من ذلك الفزع " ومن جاء
بالسيئة " أي بالمعصية الكبيرة التي هي الكفر والشرك ، عن ابن عباس وأكثر المفسرين
" فكبت وجوههم في النار " أي القوا في النار منكوسين " هل تجزون إلا ما كنتم
تعملون " يعني أن هذا جزاء فعلكم وليس بظلم ، حدثنا السيد مهدي بن نزار ، عن
أبي القاسم عبيد الله الحسكاني ، عن محمد بن عبدالله بن أحمد ، عن محمد بن أحمد بن محمد ، عن


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 153 سطر 19 إلى صفحه 161 سطر 18

عبدالعزيز بن يحيى بن أحمد ، عن محمد بن عبدالرحمن بن الفضل ، عن جعفر بن الحسين ،
عن محمد بن زيد بن علي ، عن أبيه قال : سمعت أباجعفر عليه السلام يقول : دخل أبوعبدالله
الجدلي ( 1 ) على أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له : يا عبدالله ألا اخبرك بقول الله عزوجل
* ( هامش ) * ( 1 ) أسماه الشيخ في رجاله بعبيد بن عبد ، وعده من رجال أمير المؤمنين عليه السلام وعده البرقى
من خواصه من مضر ، وقال ابن حجر في التقريب " ص 567 " : أبوعبدالله الجدلى اسمه عبد أو عبد
الرحمن بن عبد ثقة ، رمى بالتشيع ، من كبار الثالثة انتهى . والجدلى بفتح الاولين منسوب إلى جديلة
وهم بطن من قيس عيلان ، وهم : " فهم وعدوان " ابنا عمرو بن قيس عيلان ، امهم جديلة ، قاله ابن
الاثير في اللباب " ج 1 ص 214 " . ( * )
[154]
" من جاء بالحسنة فله خير منها " - إلى قوله - : " تعملون " ؟ قال : بلى جعلت فداك ،
قال : الحسنة حبنا أهل البيت والسيئة بغضنا .
وفي قوله سبحانه ، " أفمن وعدناه وعدا حسنا " من ثواب الجنة ونعيمها " فهو
لاقيه " أي واصل إليه " كمن متعناه متاع الحيوة الدنيا " من الاموال وغيرها " ثم هو
يوم القيمة من المحضرين " للجزاء والعقاب ، وقيل : من المحضرين في النار " ويوم يناديهم "
أي واذكروا يوم ينادي الله الكفار وهو يوم القيامة ، وهذا نداء تقريع وتبكيت ،
فيقول : " أين شركائي الذي كنتم تزعمون " أنهم شركائي في الالهية وتعبدونهم و
تدعون أنهم ينفعونكم " قال الذين حق عليهم القول " أي حق عليهم الوعيد بالعذاب
من الجن والشياطين والذين أغووا الخلق من اللانس : " ربنا هؤلاء الذين أغوينا "
يعنون أتباعهم " أغويناهم كما غوينا " أي أضللناهم عن الدين بدعائنا إياهم إلى الضلال
كما ضللنا نحن أنفسنا " تبرأنا إليك " منهم ومن أفعالهم " وما كانوا إيانا يعبدون "
أي لم يكونوا يعبدوننا بل كانوا يعبدون الشياطين الذين زينوا لهم عبادتنا ، وقيل :
معناه : لم يعبدونا باستحقاق وحجة " وقيل ادعوا شركائكم " أي ويقال للاتباع :
ادعوا الذين عبدتموهم من دون الله لينصروكم ويدفعوا عنكم عذاب الله " فدعوهم
فلم يستجيبوا لهم " أي فيدعونهم فلا يجيبونهم إلى ملتمسهم " ورأوا العذاب " أي
يرون العذاب " لو أنهم كانوا يهتدون " جواب ( لو ) محذوف أي لما اتبعوهم ، وقال البيضاوي :
وقيل : ( لو ) للتمني أي تمنوا أنهم كانوا مهتدين .
وقال الطبرسي رحمه الله " ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين " : أي ما كان
جوابكم لمن ارسل إليكم من النبيين ، وهذا سؤال تقدير للذنب ، وهو نداء يجمع
العلم والعمل ، فإن الرسل يدعون إلى العلم والعمل جميعا ، فكأنه قيل لهم : ماذا
علمتم وماذا عملتم ؟ " فعميت عليهم الانباء يومئذ " أي خفيت وأشبهت عليهم طرق
الجواب فصاروا كالاعمى ، وقيل : معناه : فالتسبت عليهم الحجج ، وسميت حججهم
أنباءا لانها أخبار يخبر بها وهم لا يحتجون ولا ينطقون بحجة لان الله تعالى أدحض
حجتهم وأكل ألسنتهم فسكتوا ، فذلك قوله : " فهم لا يتسائلون " أي لايسأل بعضهم بعضا عن
[155]
الحجج ، وقيل : لايسأل بعضهم بعضا عن حاله لشغله بنفسه ، أولا يسأل بعضهم بعضا
عن العذر الذي يعتذر به في الجواب فلا يجيبون ، وقيل : لا يتسائلون بالانساب و
القرابة كما في الدنيا ، وقيل : لا يسأل بعضهم بعضا أن يحمل ذنوبه عنه .
وفي قوله تعالى : " يبلس المجرمون " : أي ييأس الكافرون من رحمة الله ونعمه
التي يفيضها على المؤمنين وقيل : يتحيرون وتنقطع حجتهم بظهور جلائل آيات
الآخرة التي تقع عندها علم الضرورة " وكانوا بشركائهم كافرين " أي يتبرؤون عن
الاوثان وينكرون كونها آلهة " يومئذ يتفرقون " فيصير المؤمنون أصحاب اليمين
والمشركون أصحاب الشمال ، فيتفرقون تفرقا لايجتمعون بعده ، وقال الحسن : لئن
كانوا اجتمعوا في الدنيا ليتفرقن يوم القيامة هؤلاء في أعلى عليين وهؤلاء في أسفل
السافلين " فهم في روضة يحبرون " أي في الجنة ينعمون ويسرون سرورا يتبين أثره
عليهم ، وقال ابن عباس : أي يكرمون ، وقيل : يلذذون بالسماع " فاولئك في العذاب
محضرون " أي فيه محصلون ، ولفظة الاحضار لا يستعمل إلا فيما يكرهه الانسان ، كما
يقال : احضر فلان مجلس القضاء .
وفي قوله تعالى : " ولو ترى " يا محمد أو أيها الانسان " إذ المجرمون ناكسوا
رؤسهم " أي يوم القيامة حين يكون المجرمون مطأطئي رؤوسهم ومطرقيها حياءا وندما
وذلا " عند ربهم " أي عندما يتولى الله سبحانه حساب خلقه " يقولون ربنا أبصرنا و
سمعنا " أي أبصرنا الرشد وسمعنا الحق ، وقيل : معناه : أبصرنا صدق وعدك وسمعنا
منك تصديق رسلك ، وقيل : معناه : إنا كنا بمنزلة العمى فأبصرنا وبمنزلة الصم
فسمعنا " فارجعنا " أي فارددنا إلى دار التكليف " نعمل صالحا إنا موقنون " اليوم لا
نرتاب شيئا من الحق والرسالة .
وقال البيضاوي في قوله عزوجل : " ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم "
أي في موضع المحاسبة " يرجع بعضهم إلى بعض القول " يتحاورون ويتراجعون القول
" يقول الذين استضعفوا " يقول الاتباع " للذين استكبروا " للرؤساء " لولا أنتم " لولا
إضلالكم وصدكم إيانا عن الايمان " لكنا مؤمنين " باتباع الرسول " قال الذين
[156]
استكبروا " الآية ، أنكروا أنهم كانوا صادين لهم عن الايمان ، وأثبتوا أنهم هم الذين
صدوا أنفسهم حيث أعرضوا عن الهدى وآثروا التقليد عليه " وقال الذين استضعفوا "
الآية إضراب عن إضرابهم أي لم يكن أجرامنا الصد بل مكركم لنا دائبا ليلا ونهارا
حتى أغرتم علينا رأينا " وأسروا الندامة " أي وأضمر الفريقان الندامة على الضلال و
الاضلال وأخفاها كل عن صاحبه مخافة التعيير ، أو أظهروها فإنه من الاضداد ،
إذ الهمزة تصلح للاثبات والسلب كما في أشكيته .
وفي قوله عزوجل : " ويوم نحشرهم جميعا " : المستكبرين والمستضعفين " ثم نقول
للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون " تقريعا للمشركين وتبكيتا لهم ( 1 ) وإقناطا
لهم عما يتوقعون من شفاعتهم ، وتخصيص الملائكه لانهم أشرف شركائهم والصالحون
للخطاب منهم ، ولان عبادتهم مبدء الشرك وأصله ، وقرأ حفص بالياء فيهما " قالوا
سبحانك أنت ولينا من دونهم " أنت الذي نواليه من دونهم ، لاموالاة بيننا وبينهم
كأنهم بينوا بذلك براءتهم من الرضا بعبادتهم ، ثم أضربوا عن ذلك ونفوا أنهم عبدوهم
على الحقيقة بقولهم : " بل كانوا يعبدون الجن " أي الشياطين ، حيث أطاعوهم في عبادة
غير الله ، وقيل : كانوا يتمثلون ويخيلون إليهم أنهم الملائكة فيعبدونهم " أكثرهم بهم
مؤمنون " الضمير الاول للانس أو للمشركين والاكثر بمعنى الكل ، والثاني للجن .
وفي قوله سبحانه : " ولو ترى إذ فزعوا " : عند الموت ، أوالبعث ، أو يوم بدر ،
وجواب " لو " محذوف لرأيت أمرا فظيعا " فلا فوت " فلا يفوتون الله بهرب أو تحصن " واخذوا
من مكان قريب " من ظهر الارض إلى بطنها ، أو من الموقف إلى النار ، أو من صحراء
بدر إلى القليب ( 2 ) " وقالوا آمنا به " بمحمد " وأنى لهم التناوش " ومن أين لهم أن
يتناولوا الايمان تناولا سهلا ؟ " من مكان بعيد " فإنه في حيز التكليف ، وقد بعد عنهم ،
وهو تمثيل حالهم في الاستخلاص بالايمان بعد ما فات وبعد عنهم بحال من يريد أن يتناول
الشئ من غلوة تناوله من ذراع " وقد كفروا به " بمحمد أو بالعذاب " من قبل " من قبل ذلك
* ( هامش ) * ( 1 ) التقريع والتبكيت : التعنيف .
( 2 ) القليب : البئر . ( * )
[157]
أو ان التكليف " ويقذفون بالغيب " ويرجمون بالظن ويتكلمون بما لم يظهر لهم في الرسول
صلى الله عليه وآله من المطاعن ، أو في العذاب من البت على نفيه " من مكان بعيد " من
جانب بعيد من أمره ، وهي الشبه التي تمحلوها في أمر الرسول ، أو حال الآخرة ، كما
حكاه من قبل " وحيل بينهم وبين ما يشتهون " من نفع الايمان والنجاة من النار " كما
فعل بأشياعهم من قبل " بأشباههم من كفرة الامم الدارجة " إنهم كانوا في شك مريب "
موقع في الريبة ، أو ذا ريبة .
وفي قوله عزوجل : " وامتازوا اليوم أيها المجرمون " : وانفردوا عن المؤمنين
وذلك حين يسار بهم إلى الجنة ، وقيل : اعتزلوا من كل خير أو تفروقوا في النار : فإن
لكل كافر بيتا ينفرد به لا يرى ولا يرى " ألم أعهد إليكم " من جملة ما يقال لهم تقريعا
وإلزما للحجة ، وعهده إليهم ما نصب لهم من الدلائل العقلية والسمعية الآمرة بعبادته ،
الزاجرة عن عبادة غيره وجعلها عبادة الشياطين لانه الآمر بها المزين لها " هذا صراط
مستقيم " إشارة إلى ماعهد إليهم أوإلى عبادته ، والجبل : الخلق " اليوم نختم على أفواههم "
نمنعها عن الكلام " وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " بظهور آثار المعاصي
عليها ودلالتها على أفعالها ، أو بإنطاق الله إياها ، وفي الحديث : إنهم يجحدون ويخاصمون
فيختم على أفواههم وتكلم أيديهم وأرجلهم .
وفي قوله سبحانه : " احشروا الذين ظلموا " : أمر الله للملائكة ، أو أمر بعضهم لبعض
بحشر الظلمة من مقامهم إلى الموقف ، وقيل : منه إلى الجحيم " وأزواجهم " وأشباههم
عابد الصنم مع عبدة الصنم ، وعابد الكوكب مع عبدته ، أو نساؤهم اللاتي على دينهم
أو قرناؤهم من الشياطين ، وما كانوا يعبدون من دون الله من الاصنام وغيرها زيادة
في تحسيرهم وتخجيلهم وهو عام مخصوص بقوله : " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى "
الآية ، وفيه دليل على أن الذين ظلموا المشركون " فاهدوهم إلى صراط الجحيم "
فعرفوهم طريقها ليسلكوها " وقفوهم " احسبوهم في الموقف " إنهم مسئولون " عن
عقائدهم وأعمالهم ، والواو لايوجب الترتيب مع جواز أن تكون موقفهم . وقال
الطبرسي : وقيل : مسؤولون عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام عن أبي سعيد الخدري
وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا حدثناه عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني بالاسناد .
[158]
ثم قال البيضاوي : " مالكم لا تناصرون " لا ينصر بعضكم بعضا بالتخليص ، وهو
توبيخ وتقريع ، بل هم اليوم مستسلمون منقادون لعجزهم وانسداد الحيل عليهم ، و
أصل الاستسلام طلب السلامة ، أو متسالمون كأنه يسلم بعضهم بعضا ويخذله " وأقبل
بعضهم على بعض يتساءلون " يسأل بعض بعضا بالتوبيخ ، ولذا فسر بيتخاصمون ،
" قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمن " عن أقوى الوجوه وأيمنها ، أو عن الدين ، أو عن
الخير ، كأنكم تنفعوننا نفع السانح ( 1 ) فتبعناكم وهلكنا ، مستعار من يمين الانسان
الذي هو أقوى الجانبين وأشرفه وأنفعه ، ولذلك سمي يمينا ، ويتيمن بالسانح ، أو
عن القوة والقهر فتقسروننا على الضلال ، أو عن الحلف فإنهم كانوا يحلفون لهم أنهم
على الحق " قالوا بل لم تكونوا مؤمنين " الآية ، أجابهم الرؤساء أولا بمنع إضلالهم
بأنهم كانوا ضالين في أنفسهم ، وثانيا بأنهم ما أجبروهم على الكفر إذ لم يكن لهم
عليهم تسلط وإنما جنحوا إليه لانهم كانوا قوما مختارين للطغيان .
وقال الطبرسي رحمه الله " فحق علينا قول ربنا " : أي وجب علينا قول ربنا بأنا لا نؤمن ونموت على الكفر ، أو وجب علينا العذاب الذي نستحقه على الكفر و
الاغراء .
وقال في قوله عزوجل : " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " : أي ظهر
لهم يوم القيامة من صنوف العذاب ما لم يكونوا ينتظرونه ولا يظنونه واصلا إليهم ولم
يكن في حسبانهم ، وقال السدي : ( 2 ) ظنوا أعمالهم حسنات فبدت لهم سيئات " وبدا لهم
* ( هامش ) * ( 1 ) السانح : الذي يأتي من جانب اليمين ، ويقابله البارح وهو الذى ياتى من جانب اليسار
والعرب تتيمن بالاول وتتشاءم بالثانى .
( 2 ) بضم السين وتشديد الدال نسبة إلى سدة الجامع بالكوفة ، والسدة : الباب ، والرجل
هو إسماعيل بن عبدالرحمن بن أبي كريمة السدي أبومحمد القرشى المفسر الكوفى المترجم في
رجال الشيخ في باب أصحاب السجاد والباقر والصادق عليهم السلام ، وفى التقريب واللبات وغيرهما من
كتب العامة والخاصة ، قال ابن حجر في التقريب " ص 43 " : إسماعيل بن عبدالرحمن بن أبى كريمة
السدى بضم السين وتشديد الدال أبومحمد الكوفي ، صدوق ورمى بالتشيع ، من الرابعة ، مات سنة سبع
وعشرين انتهى . قلت : أراد سنة 127 ، والرجل يعرف بالكبير ، والسدى الصغير هو محمد بن مروان
ابن عبدالله بن إسماعيل الكوفى . ( * )
[159]
سيئات ما كسبوا " أي جزاء أعمالهم " وحاق بهم " أي نزل بهم " ما كانوا به يستهزؤن " هو
كل ما ينذرهم النبي صلى الله عليه وآله مما كانوا ينكرونه ويكذبون به .
وفي قوله تعالى : " أن تقول " أي خوف أن تقول ، أو حذر من أن تقول " نفس
يا حسرتى على فرطت في جنب الله " أي يا ندامتى على ما ضيعت من ثواب الله ، وقيل :
قصرت في أمر الله ، قال الفراء : الجنب : القرب أي في قرب الله وجواره ، وقال الزجاج ( 1 )
أي فرطت في الطريق الذي هو طريق الله ، فالجنب بمعنى الجانب .
وروي العياشي بالاسناد عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : نحن
جنب الله " وإن كنت لمن الساخرين " أي وإني كنت لمن المستهزئين بالنبي صلى الله عليه وآله و
القرآن وبالمؤمنين في الدنيا " أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين " أي
فعلنا ذلك كراهة أن تقول : لو أراد الله هدايتي لكنت ممن يتقي معاصيه خوفا من
عقابه ، وقيل : إنهم لم ينظروا في الادلة واشتغلوا بالاباطيل توهموا أن الله لم
يهدهم فقالوا ذلك بالظن ، ولهذا رد الله عليهم بقوله : " بلى قد جاتك آياتي " وقيل :
معناه : لو أن الله هداني إلى النجاة بأن يردني إلى حال التكليف لكنت ممن يتقي
المعاصي " لو أن لي كرة " أي رجعة إلى الدنيا " ويوم القيمة ترى الذين كذبوا
على الله " فزعموا أن له شريكا وولد " وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى
للمتكبرين " الذين تكبروا عن الايمان بالله ، هذا استفهام تقرير أي فيها مثواهم
ومقامهم .
وروى العياشي بإسناده عن خيثمة ( 2 ) قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول :
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الزاى والجيم المشددة يقال لمن يعمل الزجاج ، والرجل هو أبوإسحاق إبراهيم
ابن السرى بن سهل الزجاج النحوى ، صاحب كتاب معانى القرآن ، كان من أهل العلم بالادب
والدين المتين ، روى عن المبرد وثعلب ، روى عنه على بن عبد الله بن المغيرة الجوهري وغيره
وكان يخرط الزجاج فنسب إليه ثم تعلم الادب وترك ذلك ، توفى ببغداد في جمادى الاخرة سنة
311 قاله ابن الاثير في اللباب " ج 1 ص 497 " .
( 2 ) بتقديم الياء على الثاء المثلثة مصغرا . ( * )
[160]
من حدث عنا بحديث فنحن مسائلوه عنه يوما ، فإن صدق علينا فإنما يصدق على
الله وعلى رسوله ، وإن كذب علينا فإنما يكذب على الله وعلى رسوله ، لانا إذا
حدثنا لا نقول : قال فلان ، وقال فلان ، إنما نقول : قال الله وقال رسوله ، ثم تلا هذه
الآية : " ويوم القيمة ترى الذين كذبوا على الله " الآية ، ثم أشار خيثمة إلى اذنيه
فقال : صمتا إن لم أكن سمعته .
وروى سورة بن كليب ( 1 ) قال : سألت أباجعفر عليه السلام عن هذه الآية فقال : كل
إمام انتحل إمامة ليست له من الله ، قلت : وإن كان علويا ؟ قال : وإن كان علويا ،
قلت : وإن كان فاطميا ؟ قال : وإن كان فاطميا " وينجي الله الذين اتقوا " معاصيه
خوفا من عقابه " بمفازتهم " أي بمنجاتهم من النار " لا يمسهم السوء " أي لا يصيبهم
المكروه والشدة ولا هم يحزنون " على ما فاتهم من لذات الدنيا .
وفي قوله سبحانه : " وسيق الذين كفروا " : أي يساقون سوقا في عنف " إلى
جهنم زمرا " أي فوجا بعد فوج " حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها " وهي سبعة أبواب
" وقال لهم خزنتها " الموكلون بها على وجه التهجين والانكار : " ألم يأتكم رسل منكم "
أي من أمثالكم من البشر " يتلون عليكم آيات ربكم " أي حججه وما يدلكم على
معرفته ووجوب عبادته " وينذرونكم لقاء يومك هذا " أي يخوفونكم من مشاهدة
هذا اليوم وعذابه ؟ " قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين " أي وجب
العذاب على من كفر بالله لانه أخبر بذلك وعلم من يكفر ويوافي بكفره فقطع على
عقابه ولم يكن يقع شئ على خلاف ما علمه " قيل " أي فيقول عند ذلك خزنة جهنم :
" ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها " لا آخر لعقابكم " فبئس مثوى المتكبرين " عن الحق
وقبوله جهنم " وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا " إي يساقون مكرمين
زمرة بعد زمرة ، وإنما ذكر السوق على وجه المقابلة " حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح السين فسكون الواو وفتح الراء ، وكليب وزان زبير ، هو سورة بن كليب بن معاوية
الاسدى عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامامين الصادقين عليهما السلام ، وأورده العلامة في
القسم الاول من الخلاصة ، وله رواية في الكشى يظهر منها حسن حاله وكونه ممن يصلح لان
يسأل عنه زيد بن على . ( * )
[161]
قبل مجيئهم وهي ثمانية " وقال لهم خزنتها " عند استقبالهم " سلام عليكم " سلامة من
الله عليكم ، يحيونهم بالسلامة ليزدادوا بذلك سرورا ، وقيل : هو دعاء لهم بالسلامة
والخلود أي سلمتم من الآفات " طبتم " أي بالعمل الصالح في الدنيا وطابت أعمالكم
الصالحة وزكت ، وقيل : معناه : طابت أنفسكم بدخول الجنة ، وقيل : إنهم طيبوا
قبل دخول الجنة بالمغفرة ، واقتص لبعضهم من بعض ، فلما هذبوا وطيبوا قال لهم
الخزنة ، طبتم ، وقيل : أي طاب لكم المقام ، وقيل : إنهم إذا قربوا من الجنة يردون
على عين من الماء فيغتسلون بها ويشربون منها فيطهر الله أجوافهم فلا يكون بعد ذلك
منهم حدث وأذى ولا تتغير ألوانهم فتقول الملائكة : طبتم فادخلوها خالدين " وقالوا "
أي ويقول أهل الجنة إذا دخلوها اعترافا منهم بنعم الله عليهم " الحمد لله الذي صدقنا وعده "
الذي وعدناه على ألسنة الرسل " وأورثنا الارض " أي أرض الجنة " نتبوء من الجنة " أي نتخذ من الجنة مبوءا ومأوى " حيث نشاء " وهذا إشارة إلى كثيرة قصورهم ومنازلهم
وسعة نعمتهم " فنعم أجر العاملين " أي نعم ثواب المحسنين الجنة والنعيم فيها " وتري الملائكة
حافين من حول العرش " معناه : ومن عجائب امور الآخرة أنك ترى الملائكة محدقين
بالعرش " يسبحون بحمد ربهم " أي ينزهون الله تعالى عما لايليق به ويذكرونه بصفاته التي
هو عليها ، وقيل : يحمدون الله تعالى حيث دخل الموحدون الجنة ، وقيل : إن تسبيحهم
في ذلك الوقت على سبيل التلذذ والتنعم لا على وجه التعبد ، إذ ليس هناك تكليف
وقد عظم الله سبحانه أمر القضاء في الآخرة بنصب العرش وقيام الملائكة حوله معظمين
له سبحانه ومسبحين ، كما أن السلطان إذا أراد الجلوس للمظالم قعد على سريره
وأقام جنده حوله تعظيما لامره ، وإن استحال كونه عزوجل على العرش " وقضي بينهم


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 161 سطر 19 إلى صفحه 169 سطر 18

بالحق " أي وفصل بين الخلائق بالعدل " وقيل الحمدلله رب العالمين " قيل : من كلام
أهل الجنة يقولون ذلك شكرا لله على النعمة التامة ، وقيل : إنه من كلام الله فقال
في ابتداء الخلق : " الحمد الله الذي خلق السموات والارض " وقال بعد إفناء الخلق
ثم بعثهم واستقرار أهل الجنة في الحنة : " الحمد لله رب العالمين " فوجب الاخذ بأدبه في
ابتداء كل أمر بالحمد وختمه بالحمد .
[162]
وفي قوله سبحانه : " ويوم يقوم الاشهاد " : جمع شاهد وهم الذين يشهدون بالحق
للمؤمنين وعلى المبطلين والكافرين يوم القيامة ، وفي ذلك سرور للمحق وفضيحة
للمبطل في ذلك الجمع العظيم ، وقيل : هم الملائكة والانبياء والمؤمنون ، وقيل : هم
الحفظة من الملائكة يشهدون للرسل بالتبليغ ، وعلى الكفار بالتكذيب ، وقيل : هم
الانبياء وحدهم يشهدون للناس وعليهم .
وفي قوله سبحانه : " قالوا آذناك ما منا من شهيد " : أي يقولون : أعلمناك
ما مناشاهد بأن لك شريكا ، يتبرؤون من أن يكون مع الله شريك " وظنوا " أي
أيقنوا " مالهم من محيص " إي من مهرب وملجأ .
وفي قوله عزوجل : " ويقولون هل إلى مرد " أي رجوع ورد إلى الدنيا " من
سبيل " تمنيا منهم لذلك " وتريهم يعرضون عليها " أي على النار قبل دخولهم
" خاشعين من الذل " أي ساكنين متواضعين في حال العرض " ينظرون من طرف خفي "
أي خفي النظر لما عليهم من الهوان يسارقون النظر إلى النار خوفا منها وذلة في نفوسهم ،
وقيل : خفي ذليل ، عن ابن عباس ومجاهد ، وقيل : من عين لا تفتح كلها ، وإنما
نظروا ببعضها إلى النار " وقال الذين آمنوا " لما رأوا عظيم ما نزل بالظالمين " إن
الخاسرين " في الحقيقة " هم الذين خسروا أنفسهم " بأن فوتوها الانتفاع بنعيم الجنة
" وأهليهم " أي وأولادهم وأزواجهم وأقاربهم لا ينتفعون بهم يوم القيامة لما حيل بينهم
وبينهم ، وقيل : وأهليهم من الحور العين في الجنة لو آمنوا " ألا إن الظالمين في عذاب
مقيم " هذا من قول الله تعالى ، والمقيم : الدائم الذي لا زوال له " وما كان لهم من
أولياء " أي أنصار " ينصرونهم من دون الله " ويدفعون عنهم عقابه " ومن يضلل الله فماله من
سبيل " يوصله إلى الجنة " استجيبوا لربكم " أي أجيبوا داعيه يعني محمدا صلى الله عليه وآله " من
قبل أن يأتي يوم مرد له من الله " أي لا رجوع بعده إلى الدنيا ، أو لا يقدر أحد على
رده ودفعه وهو يوم القيامة ، أو لايرد ولا يؤخر عن وقته وهو يوم الموت " مالكم
من ملجأ يومئذ " أي معقل يعصمكم من العذاب " ومالكم من نكير " أي إنكار وتغيير
للعذاب ، وقيل : من نصير منكر لما يحل بكم .
[163]
وفي قوله عزوجل : " ومن يعش عن ذكر الرحمن " : أي يعرض عنه ، وقيل :
معناه : ومن يعم عنه " نقيض له شيطانا فهو له قرين " أي نخل بينه وبين الشيطان الذي
يغويه فيصير قرينه ، وقيل : معناه : نقرن به شيطانا في الآخرة يلزمه فيذهب به إلى النار ،
كما أن المؤمن يقرن به ملك فلا يفارقه حتى يصير به إلى الجنة ، وقيل : أراد به شياطين
الانس نحو علماء السوء ورؤساء الضلالة " وإنهم ليصدونهم " أي يصرفون هؤلاء
الكفار " عن السبيل " أي عن طريق الحق " ويحسبون أنهم معتدون " أي يحسب الكفار
أنهم على الهدى فيتبعونهم " حتى إذا جاءنا " قرأ أهل العراق غير أبي بكر ( جاءنا )
على الواحد ، والباقون ( جاءانا ) على الاثنين ، فعلى الثاني فالمعنى : جاءنا الشيطان و
من أغواه يوم القيامة ، وعلى الاول فالمعنى : حتى إذا جاءنا الكافر وعلم ما يستحقه
من العقاب " قال " لقرينه الذي أغواه : " يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين " يعني المشرق
والمغرب فغلب أحدهما ، والمراد : يا ليت بيني وبينك هذا البعد مسافة فلم أرك ولا
اغتررت بك " فبئس القرين " كنت لي في الدنيا ، فبئس القرين أنت لي اليوم ، فإنهما
يكونان مشدودين في سلسلة واحدة زيادة عقوبة وغم ، عن ابن عباس ، ويقول الله
سبحانه في ذلك اليوم للكفار : " ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون "
أي لا يخفف الاشتراك عنكم شيئا من العذاب لان لكل واحد من الكفار والشياطين
الحظ الاوفر من العذاب ، وقيل : معناه أنه لا تسلي لهم عماهم فيه بما يرونه
بغيرهم من العذاب ، لانه قد يتسلى الانسان عن المحنة إذا رأى أن عدوه في مثلها ،
وقال البيضاوي " ولن ينفعكم اليوم " : أي ما أنتم عليه من التمني " إذ ظلمتم " إذ صح
أنكم ظلمتم أنفسكم في الدنيا " أنكم في العذاب مشتركون " لان حقكم أن
تشتركوا أنتم وشياطينكم في العذاب كما كنتم مشتركين في سببه .
وقال الطبرسى رحمه الله في قوله سبحانه : " الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو " :
معناه : إن الذين تخالوا وتواصلوا في الدينا يكون بعضهم أعداءا لبعض ذلك اليوم ، يعني
يوم القيامة ، وهم الذين تخالوا على الكفر والمعصية ومخالفة النبي صلى الله عليه وآله لما يرى كل
واحد منهم من العذاب بسبب تلك المصادقة ، ثم استثنى من جملة الاخلاء المتقين فقال :
[164]
" إلا المتقين " من المؤمنين الموحدين الذين خال بعضهم بعضا على الايمان والتقوى ،
فإن تلك الخلة تتأكد بينهم يوم القيامة " يا عباد لا خوف عليكم اليوم " أي يقال لهم
وقت الخوف : لا خوف عليكم من العذاب اليوم " ولا أنتم تحزنون " من فوت الثواب .
وفي قوله تعالى : " وتري كل امة جاثية " : أي وترى يوم القيامة أهل كل
ملة باركة على ركبها ، عن ابن عباس ، وقيل : باركة مستوفزة على ركبها كهيئة قعود
الخصوم بين يدي القضاة ، وقيل : إن الجثو للكفار خاصة ، وقيل : هو عام للكفار
والمؤمنين ينتظرون الحساب " كل امة تدعى إلى كتابها " أي كتاب أعمالها ، وقيل :
إلى كتابها المنزل على رسولها ليسألوا عما عملوا به " اليوم تجزون ما كنتم تعملون " أي يقال
لهم ذلك " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق " أي يشهد عليكم بالحق ، والمعنى : نبينه بيانا
شافيا حتى كأنه ناطق " إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " أي نستكتب الحفظة ما كنتم
تعملون في دار الدنيا ، الاستنساخ : الامر بالنسخ ، قوله تعالى : " في رحمته " أي في جنته
وثوابه . قوله تعالى : " أفلم تكن آياتي تتلى عليكم " أي فيقال لهم ذلك " فاستكبرتم "
أي تعظمتم عن قبولها " وكنتم وقوما مجرمين " أي كافرين كما قال : " أفنجعل المسلمين
كالمجرمين " قوله تعالى : " اليوم ننساكم " أي نترككم في العقاب كما تركتم التأهب
للقاء يومكم هذا ، وقيل : أي نحلكم في العذاب محل المنسي كما أحللتم هذا اليوم
محل المنسي . قوله تعالى : " ولا هم يستعتبون " أي لا يطلب منهم العتبى والاعتذار لان
التكليف قد زال ، وقيل : أي لا يقبل منهم العتبى .
وفي قوله عزوجل : " يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ( 1 ) " : أي على
الصراط يوم القيامة وهو دليلهم إلى الجنة ، ويريد بالنور الضياء الذي يرونه ويمرون * ( هامش ) * ( 1 ) قال الشريف الرضى قدس الله أسراره : هذه استعارة على أحد التأويلين ، وهو أن يكون
المعنى : أن ايمانهم في القيامة هاد لهم ومطرق بين أيديهم ، وواصل لاجنحتهم ، فجرى مجرى النور
الهادى في طريقهم ، بمعنى أنهم يسعون إلى الموقف غير عاثرين ولا متعتعين ولا مخوفين ولا
مروعين كما يكون غيرهم من لا ايمان له ولا هدى معه ، فكانهم لكونهم على تلك الحال يسيرون بدليل
مسكون إلى دلالته وفى ضياء موثوق بهدايته . ( * )
[165]
فيه ، وقيل : نورهم هداهم ، وقال قتادة : ( 1 ) إن المؤمن يضيئ له نوره كما بين عدن إلى
صنعاء ودون ذلك حتى أن من المؤمنين من لا يضيئ له نوره إلا موضع قدميه ، وقال :
عبدالله بن مسعود : يؤتون نورهم على قدر أعمالهم ، فمنهم من نوره قدر الجبل ، وأدناهم
نورا نوره على إبهامه يطفئ مرة ويقد اخرى ، وقال الضحاك ، " وبأيمانهم " يعني
كتبهم التي اعطوها ، ونورهم بين أيديهم ، وتقول لهم الملائكة : " بشريكم اليوم " أي
الذي يبشرون به فيه .
قوله : " انظرونا نقتبس من نوركم " قال الكلبي : ( 2 ) يستضيئ المنافقون
بنور المؤمنين ولا يعطون النور ، فإذا سبقهم المؤمنون قالوا : انظرونا نقتبس من نوركم
أي نستضيئ بنوركم ونبصر الطريق فنتخلص من هذه الظلمات ، وقيل : إنهم إذا خرجوا
من قبورهم اختلطوا فيسعى المنافقون في نور المؤمنين ، فإذا ميزوا بقوا في الظلمة
فيستغيثون ويقولون هذا القول " قيل " أي فيقال للمنافقين : " ارجعوا وراءكم " أي ارجعوا
إلى المحشر حيث اعطينا النور " فالتمسوا نورا " فيرجعون فلا يجدون نورا ، عن ابن عباس
وذلك أنه قال : يغشى الجميع ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ، ويترك
الكافر والمنافق .
وقيل : معنى قوله : " ارجعوا وراءكم " : ارجعوا إلى الدنيا إن أمكنكم فاطلبوا
النور منها ، فإنا حملنا النور منها بالايمان والطاعات ، وعند ذلك يقول المؤمنون :
" ربنا أتم لنا نورنا " فضرب بينهم بسور " أي ضرب بين المؤمنين والمنافقين سور ، و
الباء مزيدة لان المعنى : حيل بينهم وبينهم بسور ، وهو حائط بين الجنة والنار عن
قتادة ، وقيل : هو سور على الحقيقة " له باب " أي لذلك السور باب " باطنه فيه الرحمة
* ( هامش ) * ( 1 ) هو قنادة بن دعامة بن قتادة السدوسى أبوالخطاب البصرى ، تابعى يروى عن أنس وابن
المسيب والحسن البصرى وغيرهم ، وروى عنه سعيد بن أبي عروبة وغيره : وكان ثقة مدلسا ! توفي
سنة 117 عن 56 سنة ، قاله ابن الاثير في اللباب ج 1 ص 537 .
( 2 ) منسوب إلى كلب بن وبرة بن قضاعة ، وهو محمد بن السائب الكلبى الكوفي أبوالنضر
صاحب التفسير ، المتوفي سنة 246 ، وابنه أبوالمنذر هشام بن محمد السائب توفى سنة أربع أو ست و
مائتين ، وهما من مفاخر العرب في الاخبار والتاريخ والتفسير والنسب ، وكانا يختصان بالشيعة . ( * )
[166]
وظاهره من قبله العذاب " أي من قبل ذلك الظاهر وهو النار ، وقيل : " باطنه " أي باطن
ذلك السور " فيه الرحمة " أي الجنة التي فيها المؤمنون " وظاهره " أي وخارج السور
" من قبله " يأتيهم " العذاب " يعني أن المؤمنين يسبقونهم ويدخلون الجنة ، والمنافقين
يجعلون في النار والعذاب ، وبينهم السور الذي ذكره الله " ينادونهم " أي ينادي
المنافقون المؤمنين " ألم نكن معكم في الدنيا " نصوم ونصلي كما نصومون وتصلون
ونعمل كما تعملون ؟ " قالوا " أي المؤمنون : " بلى " كنتم معنا " ولكنكم فتنتم أنفسكم "
أي استعملتموها في الكفر والنفاق ، وقيل : تعرضتم للفتنة بالكفر والرجوع عن الاسلام ،
وقيل : معناه : أهلكتم أنفسكم بالنفاق " وتربصتم " بمحمد صلى الله عليه وآله الموت وقلتم يوشك
أن يموت فنستريح منه ، وقيل : تربصتم بالمؤمنين الدوائر " وارتبتم " أي شككتم
في الدين " وغرتكم الاماني " التي تمنيتموها بأن تعود الدائرة على المؤمنين " حتى
جاء أمر الله " أي الموت ، وقيل : إلقاؤهم في النار ، وقيل : جاء أمر الله في نصرة دينه و
نبيه وغلبته عليكم " وغركم بالله الغرور " يعني الشيطان غركم بحلم الله وإمهاله
وقيل : الغرور : الدنيا " فاليوم لا يؤخذ منكم فدية " أيها المنافقون ، أي بدل ، بأن
تفدوا أنفسكم من العذاب : " ولا من الذين كفروا " مظهرين له " مأويكم النار " أي
مقركم " هي مولاكم ( 1 ) " أي أولى بكم لما أفتم من الذنوب ، والمعنى أنها هي التي
تلي عليكم لانها قد ملكت أمركم فهي أولى لكم من كل شئ " وبئس المصير " أي
بئس المأوى والمرجع الذي تصيرون إليه .
وفي قوله تعالى : " فيحلفون له " أي يقسمون لله " كما يحلفون لكم " في دار
الدنيا بأنهم كانوا مؤمنين في الدنيا في اعتقادهم وظنهم ، لانهم كانوا يعتقدون أن ماهم
عليه هو الحق " ويحسبون أنهم على شئ " أي ويحسب المنافقون في الدنيا أنهم مهتدون
لان في الآخرة تزول الشكوك ، وقال الحسن : في القيامة مواطن فموطن يعرفون فيه
قبح الكذب ضرورة فيتركونه ، وموطن يكونون فيه كالمدهوش فيتكلمون بكلام الصبيان
* ( هامش ) * ( 1 ) قال الشريف الرضى : معنى مولاكم أي أملك بكم وأولى بأخذكم ، وهذا بمعنى المولى
من طريق الرق لا المولى من جهة العتق فكان النار - نعوذ بالله منها - تملكهم رقا ولا تحررهم عتقا . ( * )
[167]
الكذب وغير الكذب " ويحسبون أنهم على شئ " في ذلك الموضع الذي يحلفون فيه
بالكذب " ألا إنهم هم الكاذبون " في أيمانهم وأقوالهم في الدنيا ، وقيل : معناه : اولئك
الخائبون ، كما يقال : كذب ظنه أي خاب أمله .
وفي قوله سبحانه : " فلما رأوه زلفة " : أي فلما رأوا العذاب قريبا يعني يوم
بدر ، وقيل : معاينة ، وقيل : إن اللفظ ماض والمراد به المستقبل ، والمعنى : إذا بعثوا
ورأوا القيامة قد قامت ورأوا ما أعد الله لهم من العذاب ، وهذا قول أكثر المفسرين
" سيئت وجوه الذين كفروا " أي اسودت وجوههم وعليها الكأبة يعني قبحت وجوههم
بالسواد ، وقيل : معناه : ظهر على وجوههم آثار الغم والحسرة ونالهم السوء والخزي آ
" وقيل " لهؤلاء الكفار إذا شاهدوا العذاب : " هذا الذي كنتم به تدعون " قال الفراء : ( 1 )
تدعون وتدعون واحد ، مثل تدخرون وتذخرون ، والمعنى : كنتم به تستعجلون و
تدعون الله بتعجيله ، وهو قولهم : " إن كان هذا هو الحق من عندك " الآية ، وقيل :
هو من الدعوى أي تدعون أن لا جنة ولا نار ، وروى الحاكم أبوالقاسم الحسكاني
بالاسانيد الصحيحة عن شريك ، عن الاعمش قال : لما رأوا ما لعلي بن أبي طالب عليه السلام
من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا . وعن أبي جعفر عليه السلام قال : فلما رأوا مكان
على عليه السلام من النبي صلى الله عليه وآله سئيت وجوه الذين كفروا يعني الذين كذبوا بفضله .
وفي قوله تعالى : " وجوه يومئذ ناضرة " : أي ناعمة بهجة حسنة ، وقيل : مسرورة ،
وقيل : مضيئة بيض يعلوها النور ، جعل الله سبحانه وجوه المؤمنين المستحقين للثواب
بهذه الصفة علامة للخلق والملائكة على أنهم الفائزون " إلى ربها ناظرة " اختلف فيه
على وجهين : أحدهما أن معناه نظر العين ، والثاني أنه الانتظار ، فعلى الاول المراد : إلى
ثواب ربها ناظرة أي هي ناظرة إلى نعيم الجنة حالا بعد حال فيزداد بذلك سرورها ،
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الفاء وتشديد الراء ، قيل له الفراء لانه يفرى الكلام ، هو أبوزكريا يحيى بن زياد
بن عبدالله الفراء الكوفى اللغوى ، سكن بغداد وحدث بكتبه ، حدث عن قيس بن الربيع ومندل
ابن على والكسائى وغيرهم ، روى عنه سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم السمرى وغيرهما ، وكان ثقة
إماما ، وكان هو ومحمد بن الحسن الشيبانى ابنى خاله ، مات سنة 209 عن 63 سنة . قاله ابن
الاثير في اللباب ج 2 ص 198 ، وقال ابن حجر مات سنة 207 . ( * )
[168]
وذكر الوجوه والمراد أصحاب الوجوه ، وعلى الثانى المعنى : منتظرة لثواب ربها ،
روي ذلك عن علي عليه السلام ، أو مؤملة لتجديد الكرامة كما يقال : عيني ممدودة إلى الله
تعالى أو إلى فلان ، أو أنهم قطعوا آمالهم وأطماعهم من كل شئ سوى الله تعالى ،
وعلى هذا فإن هذا الانتظار متى يكون ؟ فقيل : إنه بعد الاستقرار في الجنة ، وقيل : إنه
قبل استقرار الخلق في الجنة والنار ، فكل فريق ينتظر ما هو له أهل ، وقد قيل في إضافة
النظر إلى الوجوه : إن الغم والسرور إنما يظهران في الوجوه فبين الله سبحانه أن
المؤمن إذا ورد القيامة تهلل وجهه ، وأن الكافر العاصي يخاف مغبة ( 1 ) أعماله القبيحة
فيكلح وجهه ( 2 ) وهو قوله : " ووجوه يومئذ باسرة " أي كالحة عابسة متغيرة " تظن
أن يفعل بها فاقرة " أي تعلم وتستيقن أنه يعمل بها داهية تفقر ظهورهم أي تكسرها ،
وقيل : إنه على حقيقة الظن أي يظنون حصولها جملة ولا يعلمون تفصيلها .
وفي قوله سبحانه : " إنا نخاف من ربنا يوما " : أي عذاب يوم " عبوسا " أي
مكفهرا تعبس فيه الوجوه ، ووصف اليوم بالعبوس توسعا لما فيه من الشدة ، قال ابن
عباس : يعبس فيه الكافر حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران " قمطريرا "
أي صعبا شديدا ، وقيل : القمطرير : الذي يقلص الوجوه ويقبض الجباه وما بين الاعين
من شدته " فوقيهم الله شر ذلك اليوم " أي كفاهم الله ومنع منهم أهوال يوم القيامة ،
" ولقيم نضرة وسرورا " أي استقبلهم بذلك .
وفي قوله تعالى : " بما يوعون " أي يجمعون في صدورهم ويضمرون في قلوبهم
من التكذيب والشرك ، وقيل : بما يجمعون من الاعمال الصالحة والسيئة .
قوله تعالى : " غير ممنون " : أي غير منقوص ولا مقطوع ، وقيل : غير منغص
ولا مكدر بالمن .
وفي قوله سبحانه : " هل أتيك حديث الغاشية " : أي قد أتاك حديث القيامة ،
لانها تغشى الناس بأهوالها بغتة ، وقيل : الغاشية ، النار تغشى وجوه الكفار بالعذاب
* ( هامش ) * ( 1 ) المغبة : عاقبة الشئ .
( 2 ) كلح وجهه : عبس وتكشر . ( * )
[169]
" وجوه يومئذ خاشعة " أي ذليلة بالعذاب الذي يغشاها والشدائد التي تشاهدها ،
والمراد أرباب الوجوه ، وقيل : المراد بالوجوه الكبراء " عاملة " في النار " ناصبة "
فيها ، فلما لم يعمل الله سبحانه في الدنيا فأعملها وأنصبها في النار بمعالجة السلاسل
والاغلال ، قال الزجاج : يكلفون ارتقاء جبل من حديد في النار ، وقال الكلبي : يجرون
على وجوههم في النار : وقيل : أي عاملة في الدنيا بالمعاصي ، ناصبة في النار يوم القيامة ،
وقيل : أي عاملة ناصبة في الدنيا على خلاف ما أمرهم الله تعالى به ، وهم الرهبان و
أصحاب الصوامع وأهل البدع والآراء الباطلة لا يقبل الله أعمالهم في البدعة والضلالة و
تصير هبائا لا يثابون عليها .
وقال أبوعبدالله عليه السلام : كل ناصب لنا وإن تعبد واجتهد يصير إلى هذه الآية :
" عاملة ناصبة " " تصلى نارا حامية " قال ابن عباس : قد حميت فهي تتلظى على أعداء
الله ، وقيل : إن المعنى أن هؤلاء يلزمون الاحراق بالنار التي في غاية الحرارة " تسقى
من عين آنية " أي وتسقى أيضا من عين حارة قد بلغت اناها وانتهت حرارتها ، قال
الحسن : قد اوقد عليهم مذخلقت فدفعوا إليها وردا عطاشا ، هذا شرابهم . ثم ذكر
طعامهم فقال : " ليس لهم طعام إلا من ضريع " وهو نوع من الشوك يقال له : الشبرق ،
وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس وهو أخبث طعام وأبشعه لا ترعاه دابة .
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الضريع : شئ يكون في النار يشبه
الشوك ، أمر من الصبر ، وأنتن من الجيفة وأشد حرا من النار ، سماه الله الضريع .
وقال أبوالدرداء والحسن : إن الله يرسل على أهل النار الجوع حتى يعدل عندهم ماهم


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 169 سطر 19 إلى صفحه 177 سطر 18

فيه من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة ، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون
الغصص في الدنيا بالماء فيستسقون فيعطشهم الله ألف سنة ، ثم يسقون من عين آنية شربة
لا هنيئة ولا مريئة كلما أدنوها من وجوههم سلخ جلود وجوههم وشواها ، فإذا وصل
إلى بطونهم قطعها ، فذلك قوله : " وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم " ولما نزلت هذه
الآية قال المشركون : إن إبلنا لتسمن على الضريع ، وكذبوا في ذلك لان إلابل لا
ترعاه ، فقال سبحانه تكذيبا لهم : " لا يسمن ولا يغني من جوع " أي لا يدفع جوعا ولا
[170]
يسمن أحدا ، وقيل الضريع سم ، وقيل : هو بمعنى مضرع أي يضرعهم ويذلهم ، وقيل :
هو الحجارة " ووجوه يومئذ ناعمة " أي منعمة في أنواع اللذات ، ظاهر عليها أثر النعمة
والسرور ، مضيئة مشرقة " لسعيها " في الدنيا " راضية " حين اعطيت الجنة بعملها ، و
المعنى : لثواب سعيها " في جنة عالية " أي مرتفعة القصور والدرجات ، وقيل : إن علو
الجنة على وجهين : علو الشرف والجلالة ، وعلو المكان والمنزلة " لا تسمع فيها لاغية "
أي كلمة ساقطة لا فائدة فيها ، وقيل : أي ذات لغو " فيها عين جارية " قيل : إنه اسم
جنس ولكل إنسان في قصره عين جارية من كل شراب يشتهيه ، وفي العيون الجارية
من الحسن واللذة مالا يكون في الواقفة ، ولذلك وصف بها عيون أهل الجنة ، وقيل :
إن عيون الجنة تجري في غير اخدود ، وتجري كما يريد صاحبها " فيها سرر مرفوعة "
قال ابن عباس : ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت مرتفعة مالم
يجئ أهلها ، فإذا أراد أن يجلس عليها تواضعت له حتى يجلس عليها ، ثم ترتفع إلى
موضعها ، وقيل : إنما رفعت ليرى المؤمنون بجلوسهم عليها جميع ما حولهم من الملك
" وأكواب موضوعة " على حافات العيون الجارية ، كلما أراد المؤمن شربها وجدها
مملوءة ، وهي الاباريق ليس لها خراطيم ولا عرى تتخذ للشراب ، وقل هي أواني
الشراب من الذهب والفضة والجواهر يتمتعون بالنظر إليها بين أيديهم ، ويشربون
بها ما يشتهونه من الاشربة ويتمتعون بالنظر إليها لحسنها ( 1 ) " ونمارق مصفوفة "
أي وسائد يتصل بعضها ببعض على هيئة مجالس الملوك في الدنيا " وزرابي مبثوثة "
وهي البسط الفاخرة والطنافس المخملة . والمبثوثة : المبسوطة المنثورة ، ويجوز أن
يكون المعنى أنها مفرقة في المجالس .
وعن عاصم بن ضمرة ، عن علي عليه السلام أنه ذكر أهل الجنة فقال : يجيئون
فيدخلون ، فإذا أساس بيوتهم من جندل اللؤلؤ " وسرر مرفوعة وأكواب موضوعة
ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة " ولولا أن الله قدرها لهم لالتمعت أبصارهم بما يرون
* ( هامش ) * ( 1 ) في المجمع المطبوع هكذا : وقيل : هى أوانى الشراب من الذهب والفضة والجواهر
بين أيديهم ، ويشربون بها ما يشتهونه من الاشربة ، ويتمتعون بالنظر اليها لحسنها . ( * )
[171]
ويعانقون الازواج ، ويقعدون على السرر ، ويقولون : الحمد لله الذي هدنا لهذا .
وفي قوله تعالى : " وتواصوا بالصبر " : أي وصى بعضهم بعضا بالصبر على فرائض الله
والصبر عن معصية الله " اولئك أصحاب الميمنة " يؤخذ بهم ناحية اليمين ويأخذون
كتبهم بأيمانهم ، وقيل : هم أصحاب اليمن والبركة على أنفسهم ، وأصحاب المشئمة
يقابلونهم من كل وجه " عليهم نار مؤصدة " أي مطبقة ، وقيل : يعني أن أبوابها عليهم
مطبقة فلا يفتح لهم باب ، ولا يخرج منها غم ولا يدخل فيها روح آخر الابد .
1 - ما : المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار عن ابن عيسى ،
عن ابن أبي عمير ، عن صباح الحذاء ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمد بن علي
الباقر ، عن آبائه عليهم السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الخلائق
في صعيد واحد ونادى مناد من عند الله يسمع آخرهم كما يسمع أولهم يقول : أين أهل
الصبر ؟ قال فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون لهم ، ما كان
صبركم هذا الذي صبرتم فيقولون : صبرنا أنفسنا على طاعة الله ، وصبرناها عن
معصيته ، قال : فينادي مناد من عند الله : صدق عبادي خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة
بغير حساب ، قال : ثم ينادي مناد آخر يسمع آخرهم كما يسمع أولهم فيقول : أين
أهل الفضل ؟ فيقول عنق من الناس فتستقبلهم الملائكة فيقولون : ما فضلكم هذا الذي
ترديتم ( 1 ) به ؟ فيقولون : كنا يجهل علينا في الدنيا فنحتمل ويساء إلينا فنعفو ، قال :
فينادي مناد من عندالله تعالى صدق عبادي ، خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب
قال : ثم ينادي مناد من الله عزوجل يسمع آخرهم كما يسمع أولهم فيقول : أين
جيران اله جل جلاله في داره ؟ فيقول عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة
فيقولون لهم : ما كان عملكم ( 2 ) في دار الدنيا فصرتم به اليوم جيران الله تعالى في داره ؟
فيقولون : كنا نتحاب في الله عزوجل ، ونتباذل في الله ، ونتوازر في الله ، قال : فينادي
مناد من عند الله تعالى : صدق عبادي خلوا سبيلهم لينطلقوا إلى جوار الله في الجنة
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : نوديتم به . م
( 2 ) في المصدر : ماذا كان عملكم اه . م ( * )
[172]
بغير حساب ، قال : فينطلقون إلى الجنة بغير حساب . ثم قال أبوجعفر عليه السلام : فهؤلاء
جيران الله في دراه يخاف الناس ولا يخافون ، ويحاسب الناس ولا يحاسبون . " ص 62 - 63 "
ين : ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن الثمالي مثله بتغيير وسيأتي .
بيان : ترديتم به أي اتصفتم به ، وصار بمنزلة الرداء يلزمكم وتعرفون به .
2 - فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن شريك العامري ، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال : سأل علي عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير قوله : " يوم نحشر المتقين "
الآية قال : يا علي إن الوفد لا يكونون إلا ركبانا ، اولئك رجال اتقوا الله فأحبهم
الله واختصهم ورضى أعمالهم فسماهم الله المتقين ، ثم قال : يا علي أما والذي فلق
الحبة وبرأ النسمة إنهم ليخرجون من قبورهم وبياض وجوههم كبياض الثلج ، عليهم
ثياب بياضها كبياض اللبن ، عليهم نعال الذهب شراكها من لؤلؤ يتلالؤ . وفي حديث
آخر قال : إن الملائكة لتستقبلنهم بنوق من العزة ( من انوق الجنة خ ل ) ( 1 ) عليها
رحائل الذهب مكللة بالدر والياقوت ، وجلالها الاستبرق والسندس ، وخطامها جدل
الارجوان ، وزمامها من زبرجد فتطير بهم إلى المجلس ، مع كل رجل منهم ألف ملك
من قدامه وعن يمينه وعن شماله يزفونهم زفا حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الاعظم
وعلى باب الجنة شجرة الورقة منها تستظل تحتها مائة ألف من الناس ، وعن يمين
الشجرة عين مطهرة مزكية قال : فيسقون منها شربة فيطهر الله قلوبهم من الحسد و
يسقط من أبشارهم الشعر ، وذلك قوله : " وسقاهم ربهم شرابا طهورا " من تلك العين
المطهرة ، ثم يرجعون إلى عين اخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون منها وهي عين
الحياة فلا يموتون أبدا ، قال : ثم يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من الآفات و
الاسقام والحر والبرد أبدا ، قال : فيقول الجبار للملائكة الذين معهم : احشروا أوليائي
إلى الجنة فلا توقفوهم مع الخلائق فقد سبق رضاي عنهم ، ووجبت رحمتي لهم ، فكيف
اريد أن اوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيئات ، فيسوقهم الملائكة إلى الجنة ، فإذا
* ( هامش ) * ( 1 ) في التفسير المطبوع : بنوق من نوق الجنة ، وفى طبع آخر : بنوق من نوق الغزة . ( * )
[173]
انتهوا إلى باب الجنة الاعظم ضربوا الملائكة الحلقة ضربة فتصر صريرا فيبلغ صوت
صريرها كل حوراء خلقها الله وأعدها لاوليائه فيتباشرون إذ سمعوا صرير الحلقة
ويقول بعضهم لبعض ( 1 ) : قد جاءنا أولياء الله ، فيفتح لهم الباب فيدخلون الجنة ويشرف
عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين فيقلن لهم : مرحبا بكم فما كان أشد شوقنا
إليكم ! ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك ، فقال علي عليه السلام : من هؤلاء يا رسول الله ؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله : هؤلاء شيعتك يا علي وأنت إمامهم ، ( 2 ) وهو قوله : " ويوم نحشر المتقين
إلى الرحمن وفدا " على الرحائل " ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا " . " ص 314 - 315 "
بيان : الرحائل لعله جمع الرحالة ككتابة وهي السرج ، أو جمع الرحال الذي
هو جمع الرحل وهو مركب البعير ، وقال الفيروز آبادي : جدله يجدله ويجدله :
أحكم فتله ، والجديل : الزمام المجدول من أدم أو شعر في عنق البعير ، والجمع
ككتب ، وقال : الارجوان بالضم : الاحمر ، وصبغ أحمر والحمرة ، والخطام بالكسر
ما يجعل في أنف البعير لينقاد به ، ومثله الزمام ، ولعل المراد بالزمام هنا ما يعلق
كالحلقة في أنف البعير ليشد به الحبل ، وبالخطام ذلك الحبل .
4 - فس : أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد
ابن عيسى ، عن شعيب بن يعقوب ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي صلوات الله عليه
قال في خليلين مؤمنين ، وخليلين كافرين ، ومؤمن غني ، ومؤمن فقير ، وكافر غني
وكافر فقير : فأما الخليلان المؤمنان فتخالا حياتهما في طاعة الله ( 3 ) تبارك وتعالى وتباذلا
وتوادا عليها فمات أحدهما قبل صاحبه ، فأراه الله منزله في الجنة يشفع لصاحبه ، فقال :
يا رب خليلي فلان كان يأمرني بطاعتك ، ويعينني عليها ( 4 ) وينهاني عن معصيتك فثبته على
ما ثبتني عليه من الهدى حتى تريه ما أريتني فيستجيب الله له حتى يلتقيا عند الله عزوجل ،
* ( هامش ) * ( 1 ) الصحيح كما في التفسير المطبوع : فيتباشرن اذا سمعن صرير الحلقة ويقول بعضهن لبعض .
( 2 ) في التفسير المطبوع : ياعلى هؤلاء شيعتك والمخلصون في ولايتك وانت امامهم .
( 3 ) في المصدر : على طاعة الله . م
( 4 ) ليست هذه الجملة في المصدر . م ( * )
[174]
فيقول كل واحد منهما لصاحبه : جزاك الله من خليل خيرا ، كنت تأمرني بطاعة الله ، وتنهاني
عن معصية الله ، وأما الكافران فتخالا بمعصية الله وتباذلا عليها وتوادا عليها ( 1 ) فمات
أحدهما قبل صاحبه فأراه الله تبارك وتعالى منزله في النار ، فقال : يا رب فلان خليلي
كان يأمرني بمعصيتك وينهاني عن طاعتك فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى
تريه ما أريتني من العذاب ، فيلتقيان عند الله يوم القيامة يقول كل واحد منهما لصاحبه :
جزاك الله من خليل شرا ، كنت تأمرني بمعصية الله ، وتنهاني عن طاعة الله ، قال : ثم
قرأ : " الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " ثم يؤمر بمؤمن غني ( 2 ) يوم القيامة
إلى الحساب يقول الله تبارك وتعالى : عبدي ! قال : لبيك يارب ، قال : ألم أجعلك
سميعا بصيرا وجعلت لك مالا كثيرا ؟ قال : بلى يا رب ، قال : فما أعددت للقائي ؟ قال :
آمنت بك ، وصدقت رسلك ، وجاهدت في سبيلك ، قال : فماذا فعلت فيما آتيتك ؟
قال : أنفقت في طاعتك ، فقال : ماذا ورث عقبك ؟ ( 3 ) قال : خلقتني وخلقتهم ، ورزقتني
ورزقتهم ، وكنت قادرا على أن ترزقهم كما رزقتني فوكلت عقبي إليك ، فيقول الله عز
وجل : صدقت اذهب فلو تعلم مالك عندي لضحكت كثيرا ، ثم دعا بالمؤمن الفقير
فيقول ، يابن آدم ( 4 ) فيقول : لبيك يا رب ، فيقول : ماذا فعلت ؟ قيقول : يا رب
هديتني لدينك وأنعمت علي ، وكففت عني مالو بسطته لخشيت أن يشغلني عما خلقتني
له ، فيقول الله عزوجل : صدق عبدي لو تعلم مالك عندى لضحكت كثيرا ، ثم دعا
بالكافر الغني فيقول : ما أعددت للقائي ؟ فيقول : ما أعددت شيئا ، فيقول : ماذا فعلت
فيما آتيتك ؟ فيقول : ورثته عقبي ، فيقول له : من خلقك ؟ فيقول : أنت ، فيقول : من
رزقك ؟ فيقول : أنت ، فيقول : من خلق عقبك ؟ فيقول : أنت ، فيقول : ألم أك قادرا على
أن أرزق عقبك كما رزقتك ؟ فإن قال : نسيت هلك ، وإن قال : لم أدر ما أنت هلك ،
فيقول الله عزوجل : لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا ، قال : ثم يدعا بالكافر الفقير فيقول :
* ( هامش ) * ( 1 ) ليست هذه الجملة في المصدر . م
( 2 ) في المصدر : ويؤتى بالمؤمن الغنى . م
( 3 ) في المصدر : ماذا ورثت في عقبك ؟ . م
( 4 ) في المصدر : يا عبدى . م ( * )
[175]
يابن آدم ما فعلت فيما أمرتك ؟ فيقول : ابتليتني ( 1 ) ببلاء الدنيا حتى أنسيتني ذكرك ، و
شغلتني عما خلقتني له ، فيقول له : هلا دعوتنى فأرزقك ، وسألتني فاعطيك ؟ فإن
قال : رب نسيت هلك ، وإن قال : لم أدر ما أنت هلك ، فيقول له : لو تعلم مالك عندي
لبكيت كثيرا . " ص 612 - 613 "
5 - بشا : أبوالبركات عمر بن إبراهيم الحسيني ، عن سعيد بن محمد الثقفي ،
عن محمد بن علي العلوي ، عن محمد بن الحسين السلمي ، عن علي بن العباس ، عن عباد بن
يعقوب : عن يونس بن أبي يعقوب عن رجل ، عن علي بن الحسين عليهما السلام أن رجلا
سأله عن القيامة قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين والآخرين ، وجمع ما
خلق في صعيد واحد ، ثم نزلت ملائكة السماء الدنيا فأحاطت بهم صفا ، ثم ضرب
حولهم سرادق من نار ، ثم نزلت ملائكة السماء الثانية فأحاطوا بالسرادق ، ثم ضرب
حولهم سرادق من نار ، ثم نزلت ملائكة السماء الثالثة فأحاطوا بالسرادق ، ثم ضرب
حولهم سرادق من نار حتى عد ملائكة سبع سموات وسبع سرادقات ، فصعق الرجل
فلما أفاق قال : يابن رسول الله أين علي وشيعته ؟ قال : على كثبان المسك يؤتون
بالطعام والشراب لا يحزنهم ذلك .
6 - فس : أبي ، عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس ، عن عمرو بن شيبة
قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : جعلني الله فداك إذا كان يوم القيامة أين يكون رسول
الله وأمير المؤمنين وشيعته ؟ فقال أبوجعفر : رسول الله وعلي وشيعته على كثبان من المسك
الاذفر على منابر من نور ، يحزن الناس ولا يحزنون ، ويفزع الناس ولا يفزعون ، ثم
تلا هذه الآية : " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون " فالحسنة
والله ولاية علي ثم : قال : " لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم
الذي كنتم توعدون " . ( 2 ) " 434 "
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ابليتنى . م
( 2 ) قد تقدم الحديث بتمامه في الباب الخامس تحت رقم 54 . م ( * )
[176]
7 - ل : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن القاشاني ، عمن
ذكره ، عن عبدالله بن القاسم الجعفري ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : القيامة عرس
المتقين . " ج 1 ص 10 "
8 - فس : قوله : " ونحشر المجرمين يومئذ زرقا " تكون أعينهم مزرقة لا
يقدرون أن يطرفوها . " ص 422 "
9 - فس : أبي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن الثمالي ، عن أبى جعفر عليه السلام
قال : يبعث الله يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطي ثم يقال له : كن هباء منثورا ،
ثم قال : أما والله يا أبا حمزة إنهم كانوا يصومون ويصلون ولكن كانوا إذا عرض لهم شئ
من الحرام أخذوه واذا ذكر لهم شئ من فضل أمير المؤمنين عليه السلام أنكروه ، وقال : والهياء
المنثور هو الذى تراه يدخل البيت في الكوة من شعاع الشمس . " ص 464 - 465 "
توضيح : القباطى جميع القبطية وهي ثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء وكأنه
منسوب إلى القبط وهم أهل مصر ، وضم القاف من تغيير النسب ، كذا ذكره الجزري .
10 - فس : قوله : " ويوم القيمة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة "
فإنه حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المعزا ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من
ادعى أنه إمام وليس بإمام ، ( 1 ) قلت : وإن كان علويا فاطميا ؟ قال : وإن كان علويا
فاطميا . " ص 579 "
11 - فس : " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " قال : شغل يشغل به عن غيره
ثم ذكر عزوجل الذين تولوا أمير المؤمنين عليه السلام وتبرؤوا من أعدائه فقال : " وجوه
يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة " ثم ذكر أعداء آل محمد صلى الله عليه واله : " ووجوه يومئذ عليها
غبرة ترهقها قترة " فقراء من الخير والثواب " اولئك هم الكفرة الفجرة " حدثنا سعيد
ابن محمد ، عن بكر بن سهل ، عن عبدالغني بن سعيد ، عن موسى بن عبدالرحمن ، عن
مقاتل بن سليمان ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : " متاعا لكم ولانعامكم "
يريد منافع لكم ولانعامكم ، وقوله : " وجوه يومئذ عليها غبرة " يريد مسودة " ترهقها
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر وليس هو بامام . م ( * )
[177]
قترة " يريد قتار جهنم " اولئك هم الكفرة الفجرة " أي الكافر الجاحد " ص 712 - 713 "
11 - فس : جعفر بن أحمد ، عن عبيدالله بن موسى ، عن ابن البطائني ، عن أبيه ،
عن أبي بصير في قوله : " فما له من قوة ولا ناصر " قال : ما له قوة يقوى بها على خالقه ،
ولا ناصر من الله ينصره إن أراد به سوءا . " ص 721 "
12 - ع : أبي ، عن سعد ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه ، عن أحمد بن محمد ،
عن حماد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة اتي
بالشمس والقمر في صورة ثورين عقيرين فيقذفان بهما وبمن يعبدهما في النار ، وذلك
أنهما عبدا فرضيا . " ص 201 "
ايضاح : قال في النهاية : فيه : ما هذا العقير ؟ أي الجزور المنحور ، يقال : جمل
عقير وناقة عقير ، قيل : كانوا إذا أرادوا نحر البعير عقروه أي قطعوا إحدى قوائمه ثم
نحروه ، وفيه : أنه مر بحمار عقير أي أصابه عقر ولم يمت بعد .
وفي حديث كعب أن الشمس والقمر ثوران عقيران في النار ، قيل : لما وصفهما
الله تعالى بالسباحة في قوله تعالى : " كل في فلك يسبحون " ثم أخبر أنه يجعلهما في
النار يعذب بهما أهلها بحيث لا يبرحانها صارا كأنهما زمنان عقيران ، حكى ذلك أبو
موسى وهو كما تراه انتهى .
أقول : قوله : فرضيا إما مبني على أن الشمس والقمر كنايتان هنا عن أبي بكر
وعمر كما مر وسيأتي في الخبر ، وعبادتهما كناية عن إطاعتهما فيما نهى الله عنه وزجر ،
أو الرضا مجاز لعدم شعورهما وسكوتهما ظاهر لايهامه الرضا ، وتعذيبهما لا يضرهما


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 177 سطر 19 إلى صفحه 185 سطر 18

بل يضر من عبدهما ، والحاصل أن كل من عبد ولم ينه عابده عن عبادته يدخل النار سواءا
كان مكلفا أم لا ، إذ ولو كان مكلفا ولم ينه يكون راضيا بذلك كافرا ، ولو لم يكن
مكلفا لا يتضرر بالعذاب ، وإنما يدخل النار لزيادة تعذيب عابديه ، وأما الملائكة
وبعض الانبياء والاوصياء عليهم السلام فلانكارهم وعدم رضاهم اولئك عنها مبعدون ، فظهر
أن حمل الرضا على عدم الانكار محمل صحيح مفيد لاخراج هؤلاء المقدسين ، على
أنه لا يبعد أن يكون لهما شعور والله يعلم .
[178]
13 - ب : هارون ، عن ابن زياد ، عن جعفر ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عيله وآله
قال : إن الله تبارك وتعالى يأتي يوم القيامة بكل شئ يعبد من دونه من شمس أو قمر
أو غير ذلك ، ثم يسأل كل إنسان عما كان يعبد ، فيقول كل من عبد غيره : ربنا إنا
كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى ، قال : فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة :
اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النار ما خلا من استثنيت ، ( 1 ) فإن اولئك عنها
مبعدون . " ص 41 "
14 - ما : علي بن إبراهيم الكاتب : عن محمد بن أبي الثلج ، عن عيسى بن مهران
عن محمد بن زكريا ، والمفيد ، عن الجعابي ، عن أحمد بن سعيد الهمداني ، عن العباس بن
بكر ، عن محمد زكريا ، عن كثير بن طارق قال : سألت زيد بن علي بن الحسين عن
قول الله تعالى : " لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا " فقال : يا كثير إنك رجل
صالح ولست بمتهم ، وإنى أخاف عليك أن تهلك ، إن كل إمام جائر فإن أتباعهم إذا
امر بهم إلى النار نادوا باسمه فقالوا : يا فلان يا من أهلكنا هلم الآن فخلصنا مما نحن
فيه ، ثم يدعون بالويل والثبور فعندها يقال لهم : لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا
ثبورا كثيرا ، ثم قال زيد بن علي رحمه الله : حدثني أبي علي بن الحسين ، عن أبيه
الحسين بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : يا علي أنت وأصحابك في الجنة ،
أنت وأتباعك يا علي في الجنة " ص 86 "
15 - من كتاب فضائل الشيعة للصدوق رحمه الله بإسناده عن عامر الجهني ( 2 )
قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد ونحن جلوس وفينا أبوبكر وعمر وعثمان ، وعلي
عليه السلام في ناحية ، فجاء النبي صلى الله عليه وآله فجلس إلى جانب علي عليه السلام ، فجعل ينظر
يمينا وشمالا ، ثم قال : إن عن يمين العرش وعن يسار العرش لرجالا على منابر
من نور يتلالؤ وجوههم نورا ، قال : فقام أبوبكر فقال : بأبي أنت وامي يا رسول
الله أنا منهم ؟ قال له : اجلس ، ثم قام إليه عمر فقال له : مثل ذلك ، فقال له : اجلس ،
* ( هامش ) * ( 1 ) كا الانبياء والاوصياء والملائكة إذا عبدوا في الدنيا .
( 2 ) بضم الجيم وفتح الهاء نسبة إلى جهينة ، وهى قبيلة من قضاعة . ( * )
[179]
فلما رأى ابن مسعود ما قال لهما النبي صلى الله عليه وآله استوى قائما على قدميه ثم قال : بأبي
أنت وامي يا رسول الله صفهم لنا نعرفهم بصفتهم ، قال : فضرب على منكب علي عليه السلام
ثم قال : هذا وشيعته هم الفائزون .
16 - وبإسناده عن أبي بصير ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وآله : يا علي أنا أول من ينفض التراب عن رأسه وأنت معي ، ثم سائر الخلق ، يا
علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون
يوم الفزع الاكبر في ظل العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون ، ويحزن الناس ولا تحزنون ،
فيكم نزلت هذه الآية : " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها معبدون لا
يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم
الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون " يا علي أنت وشيعتك تطلبون في الموقف و
أنتم في الجنان تتنعمون ، الخبر . 17 - وعن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن عباد بن سليمان ، عن محمد بن سليمان ،
عن أبيه قال : قال أبوعبدالله عليه السلام لابي بصير : يا أبا محمد إن الله تبارك وتعالى يكرم
الشباب منكم أن يعذبهم ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم ؟ ، قال : قلت هذا لنا خاص
إم لاهل التوحيد ؟ فقال : لا والله إلا لكم خاصة ، ثم قال : لقد ذكركم الله إذ حكى
عن عدوكم وهم في النار إذ يقولون : " ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار "
الايات ، والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم إذ صرتم في هذا العالم شرار الناس ، فأنتم
والله في الجنة تحبرون ، ( 1 ) وفي النار تطلبون ، الخبر .
18 - وبإسناده عن معاوية بن عمار ، عن إبي عبدالله ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة يؤتى بأقوام على منابر من نور ، تتلالؤ وجوههم
كالقمر ليلة البدر ، يغبطهم الاولون والآخرون ، ثم سكت ثم أعاد الكلام ثلاثا ، فقال
عمر بن الخطاب : بأبي أنت وامي هم الشهداء ؟ قال : هم الشهداء وليس هم الشهداء
* ( هامش ) *
( 1 ) اى تسرون وتبهجون . ( * )
[180]
الذين تظنون ، قال : هم الانبياء ؟ قال : هم الاوصياء ؟ قال : هم الاوصياء وليس هم
الاوصياء الذين تظنون ، قال : فمن أهل السماء أو من أهل الارض ؟ قال : هم من
أهل الارض ، قال : فأخبرني من هم ، قال : فأومأ بيده إلى علي عليه السلام فقال : هذا
وشيعته .
19 - وبإسناده عن محمد بن قيس ، وعامر بن السمط ، ( 1 ) عن أبي جعفر عليه السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يأتي يوم القيامة قوم عليهم ثياب من نور ، على وجوههم
نور ، يعرفون بآثار السجود ، يتخطون صفا بعد صف حتى يصيروا بين يدي رب
العالمين ، يغبطهم النبيون والملائكة والشهداء والصالحون ، فقال له عمر بن الخطاب :
من هؤلاء يارسول الله الذين يغبطهم النبيون والملائكة والشهداء والصالحون ؟ قال :
اولئك شيعتنا وعلي إمامهم .
20 - وبإسناده عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي : يا علي لقد مثلت لي امتي في الطين حتى رأيت
صغيرهم وكبيرهم أرواحا قبل أن تخلق أجسادهم ، وإني مررت بك وبشيعتك فاستغفرت
لكم ، فقال علي : يا نبي الله زدني فيهم ، قال : نعم يا علي تخرج أنت وشيعتك من
قبوركم ووجوهكم كالقمر ليلة البدر ، وقد فرجت عنكم الشدائد ، وذهب عنكم
الاحزان ، تستظلون تحت العرش ، يخاف الناس ولا تخافون ، ويحزن الناس ولا تحزنون ،
وتوضع لكم مائدة والناس في المحاسبة .
21 - وبإسناده عن مالك الجهني ، ( 2 ) عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ليس من قوم
ائتموا بإمام في دار الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلا أنتم ومن كان بمثل
حالكم .
22 - ين : القاسم بن محمد ، عن علي ، ( 3 ) عن أبي بصير قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام
* ( هامش ) *
( 1 ) بكسر السين وسكون الميم .
( 2 ) تقدم ضبط الجهنى آنفا ذيل الحديث 16 .
( 3 ) هو على ابن ابيحمزة البطائنى ابوالحسن الكوفى مولى الانصار ، وكان قائد ابى بصير
يحيى بن القاسم وراويته . ويتميز من ابن الثمالى بروايته عن ابى بصير ورواية القاسم بن محمد
الجوهرى عنه . ( * )
[181]
يقول : يجاء بعبد يوم القيامة قد صلى فيقول : يارب صليت ابتغاء وجهك ، فيقال له : إنك
صليت ليقال : ما أحسن صلاة فلان ! اذهبوا به إلى النار ، ويجاء بعبد قد قاتل فيقول :
يارب قد قاتلت ابتغاء وجهك ، فيقال له : بل قاتلت ليقال ما أشجع فلانا ! اذهبوا به إلى
النار ، ويجاء بعبد قد تعلم القرآن فيقول : يا رب تعلمت القرآن ابتغاء وجهك ، فيقال
له : بل تعلمت ليقال : ما أحسن صوت فلان ! اذهبوا به إلى النار ، ويجاء بعبد قد أنفق
ماله فيقول : يا رب أنفقت مالي ابتغاء وجهك ، فيقال له : بل أنفقته ليقال : ما أسخى
فلانا ! اذهبوا به إلى النار .
23 - ين : القاسم ، عن علي ، عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن الناس
يقسم بينهم النور يوم القيامة على قدر إيمانهم ، ويقسم للمنافق فيكون نوره على إبهام
رجله اليسرى فيطفؤ نوره ، فيقول : مكانكم حتى أقتبس من نوركم ، قيل : " ارجعوا
وراءكم فالتمسوا نورا " يعني حيث قسم النور - قال : فيرجعون فيضرب بينهم السور ،
قال : فينادونهم من وراء السور : " ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم
فتربصتم وارتبتم وغرتكم الاماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور فاليوم لا
يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأويكم النار هي موليكم وبئس المصير " ثم
قال : يا أبامحمد أما والله ما قال الله لليهود والنصارى ، ولكنه عنى أهل القبلة .
24 - ين : الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن علي قال : سمعت أباالحسن عليه السلام
يقول : قال محمد بن علي عليه السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الصابرون ؟ فيقوم
عنق من الناس فينادي مناد : أين المتصبرون ؟ فيقوم عنق من الناس ، فقلت : جعلت
فداك وما الصابرون ؟ قال : الصابرون على أداء الفرائض والمتصبرون على ترك
المعاصي .
25 - من كتاب التمحيص عن علي بن عفان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله
ليعتذر إلى عبده المؤمن المحتاج كان في الدنيا كما يعتذر الاخ إلى أخيه ، فيقول : لاو
عزتي ما أفقرتك لهوان بك علي ، فارفع هذا الغطاء فانظر ما عوضتك من الدنيا ،
[182]
فيكشف الغطاء فينظر إلى ما عوضه الله من الدنيا ، فيقول : ما يضرني ما منعتني مع
ما عوضتني .
26 - وعنه عليه السلام قال : إن الله ما اعتذر إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل
إلا إلى فقراء شيعتنا ، قيل له : وكيف يعتذر إليهم ؟ قال : ينادي مناد : أين فقراء المؤمنين ؟
فيقوم عنق من الناس فيتجلى لهم الرب فيقول : وعزتي وجلالي وعلوي وآلائي و
ارتفاع مكاني ما حبست عنكم شهواتكم في دار الدنيا هوانا بكم علي ، ولكن ذخرته
لكم لهذااليوم - أما ترى قوله : ما حبست عنكم شهواتكم في دار الدنيا اعتذارا ؟ - قوموا
اليوم فتصفحوا وجوه خلائقي ، فمن وجدتم له عليكم منة بشربة من ماء فكافوه عني
بالجنة .
27 - ما : ابن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال ،
عن العباس عامر ، عن أحمد بن رزق ، عن يحيى بن العلاء الرازي قال : دخل علي عليه السلام
على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في بيت ام سلمة ، فلما رآه قال : كيف أنت يا علي إذا
جمعت الامم ، ووضعت الموازين ، وبرز لعرض خلقه ، ودعي الناس إلى مالا بد منه ؟
قال : فدمعت عين أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما يبكيك يا علي ؟ تدعا
والله أنت وشيعتك غرا محجلين ( 1 ) رواءا مرويين مبياضة وجوههم ، ( 2 ) ويدعا بعدوك
مسوادة وجوههم أشقياء معذبين ، أما سمعت إلى قول الله : " إن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات اولئك هم خير البرية " ؟ أنت وشيعتك " والذين كفروا بآياتنا اولئك هم
شر البرية " عدوك يا علي . " ص 63 - 64 "
28 - ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، ( 3 ) عن محمد بن
* ( هامش ) *
( 1 ) الغر بالضم جمع الاغر : السيد الشريف . الكريم الافعال . الحسن . الابيض من كل شئ
قال الجزرى : الغرة : النفيس من كل شئ ، ومنه الحديث غر محجلون ، وقال : في الحديث : امتى
الغر المحجلون اى بيض مواضع الوضوء من الايدى والاقدام .
( 2 ) في الامالى المطبوع : مبيضة وجوههم . وفيما بعده : مسودة وجوههم .
( 3 ) بفتح الواو وسكون الهاء هو محمد بن وهبان بن محمد النبهانى الدبيلى الثقة المترجم
في فهرست النجاشى ورجال الشيخ . ( * )
[183]
أحمد بن زكريا ، عن الحسن بن فضال ، عن علي بن عقبة ، ( 1 ) عن أسباط بن سالم ، عن
أيوب بن راشد قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء ، ( 2 )
تأكل من دماغه ، وذلك قول الله تعالى : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة " .
29 - نوادر الراوندى : بإسناده عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : كلكم يكلم ربه يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر أمامه
فلا يجد إلا ما قدم ، وينظر عن يمينه فلا يجد إلا ما قدم ، ثم ينظر عن يساره فإذا هو
بالنار فاتقوا النار ولو بشق تمرة ، فإن لم يجد أحدكم فبكلمة طيبة .
30 - وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أعان مؤمنا مسافرا في
حاجته نفس الله تعالى عنه ثلاثا وسبعين كربة : واحدة في الدنيا من الغم والهم ، واثنتين
وسبعين كربة عند كربته العظمى ، قيل : يا رسول الله وما الكربة العظمى ؟ قال :
حيث يتشاغل الناس بأنفسهم حتى أن إبراهيم عليه السلام يقول : أسألك بخلتي أن لا
تسلمني إليها .
31 - ل : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عمن
ذكره ، عن أبي عبدلله عليه السلام قال : الانس على ثلاثة أجزاء ، فجزء تحت ظل العرش
يوم لا ظل إلا ظله ، وجزء عليهم الحساب والعذاب ، وجزء وجوههم وجوه الآدميين
وقلوبهم قلوب الشياطين . " ج 1 ص 74 "
32 - يد : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم ، عن ابن فضال : عن أبي جميلة ، ( 3 ) عن
محمد بن علي الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل : " ويدعون إلى السجود
فلا يستطيعون " قال : افحم القوم ، ودخلتهم الهيبة ، وشخصت الابصار ، وبلغت القلوب
الحناجر " شاخصة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون " .
" ص 144 "
* ( هامش ) *
( 1 ) بضم العين وسكون القاف .
( 2 ) حية قرعاء : متمعط ، اى الساقط شعر الرأس لكثرة سمه .
( 3 ) هو المفضل بن صالح الاسدى النحاس . ( * )
[184]
33 - فس : " يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود " قال : يكشف عن الامور
التي خفيت وما غصبوا آل محمد حقهم " ويدعون إلى السجود " قال : يكشف لامير المؤمنين
عليه السلام فتصير أعناقهم مثل صياصي البقر - يعني قرونها - فلا يستطيعون أن يسجدوا
وهو عقوبة لهم ( 1 ) لانهم لم يطيعوا الله في الدنيا في أمره ، وهو قوله تعالى : " وقد كانوا
يدعون إلى السجود وهم سالمون " قال : إلى ولايته في الدنيا وهم يستطيعون . " ص 693 "
34 - سن : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان وغيره ، عن أبي
عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل : " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا " قال : يحشرون
على النجائب . " ص 180 "
بيان : قال الفيروز آبادي : النجيب : الكريم الحسيب ، وناقة نجيب ونجيبة
والجمع نجائب .
35 - سن : أبي ، عن حمزة بن عبدالله الجعفري ، عن أبي الحسن الدهني ، وعن
جميل بن دراج ، عنه ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن الله يبعث شيعتنا يوم
القيامة على ما فيهم من ذنوب أو غيره مبيضة وجوههم ، مستورة عوراتهم ، آمنة روعتهم ،
قد سهلت لهم الموارد ، وذهبت عنهم الشدائد ، يركبون نوقا من ياقوت ، فلايزالون
يدورون خلال الجنة ، عليهم شراك من نور يتلالؤ ، توضع لهم الموائد فلا يزالون
يطعمون والناس في الحساب وهو قول الله تبارك وتعالى : " إن الذين سبقت لهم منا
الحسنى اولئك عنها معبدون لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون " .
" ص 179 "
36 - سن : محمد بن علي ، عن عبيس بن هشام ، عن أسباط بن سالم ، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال : يخرج شيعتنا من قبورهم على نوق بيض لها أجنحة ، وشرك نعالهم
نور يتلالؤ ، قد وضعت عنهم الشدائد ، وسهلت لهم الموارد ، مستورة عوراتهم ، مسكنة
روعاتهم ، قد اعطوا الامن والايمان ، وانقطعت عنهم الاحزان ، يخاف الناس ولا
* ( هامش ) *
( 1 ) في المصدر ليست كلمة " لهم " . م ( * )
[185]
يخافون ، ويحزن الناس ولا يحزنون ، وهم في ظل عرش الرحمن ، يوضع لهم مائدة
يأكلون منها والناس في الحساب . " ص 179 "
37 - سن : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن سنان ، عن عبدالله بن
شريك العامري ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في نفر من أصحابه فيهم
علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : يخرج قوم من قبورهم وجوههم أشد بياضا من القمر ،
عليهم ثياب أشد بياضا من اللبن ، عليهم نعال من نور شركها من ذهب ، فيؤتون بنجائب
من نور ، عليها رحائل من نور ، أزمتها سلاسل ذهب ، ( 1 ) وركبها من زبرجد ،
فيركبون عليها حتى يصيروا أمام العرش ، والناس يهتمون ويغتمون ويحزنون ، وهم
يأكلون ويشربون ، فقال علي عليه السلام : من هم يا رسول الله ؟ فقال : اولئك شيعتك وأنت
إمامهم . " ص 179 "
توضيح : الشرك ككتب جمع الشراك بالكسر وهو سير النعل ، وكذا الركب
بضمتين جمع الركاب وهو ما يوضع فيه الرحل عند الركوب .
38 - سن : أبي ، عن أحمد بن عبد الملك ، عن جميل بن دراج ، عن محمد بن مسلم
الثقفي قال : قال أبوجعفر عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن عن يمين العرش قوما وجوههم
من نور ، على منابر من نور ، يغبطهم النبيون ، ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، فقالوا : يا
نبي الله وما ازدادوا هؤلاء من الله إذا لم يكونوا أنبياء ولا شهداء إلا قربا من الله ؟ قال :
اولئك شيعة علي ، وعلي إمامهم " ص 181 "
39 - سن : ابن فضال ، عن مثنى الحناط : عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 185 سطر 19 إلى صفحه 193 سطر 18

عليه السلام نحوه ، واختلف فيه بعض لفظه : قال يغبطهم النبيون والمرسلون ، قلت :
جعلت فداك ما أعظم منزلة هؤلاء ؟ ( 2 ) قال : هؤلاء والله شيعة علي وهو إمامهم .
" ص 181 - 182 "
40 - سن : ابن فضال ، عن محمد بن فضيل ، عن أبي حمزة قال : قال أبوعبدالله
* ( هامش ) *
( 1 ) في المصدر : من ذهب . م
( 2 ) في المصدر : هؤلاء القوم . م ( * )
[186]
عليه السلام : شيعتنا أقرب الخلق من عرش الله يوم القيامة بعدنا . " ص 182 "
41 - سن : أبي ، عن سعدان بن مسلم ، ( 1 ) عن الحسين بن أبي العلاء قال :
قال أبو عبدالله عليه السلام : يا حسين شيعتنا ما أقربهم من الله وأحسن صنع الله إليهم يوم
القيامة ! والله لولا أن يدخلهم وهن ويستعظم الناس ذلك لسلمت عليهم الملائكة قبلا .
" ص 182 "
42 - شى : عن سلام ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " اليوم تجزون عذاب الهون "
قال : العطش يوم القيامة .
43 - شى : عن الفضيل ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله .
44 - قب : أبوهريرة : سمعت أباالقاسم عليه السلام يقول : يوم يفر المرء من أخيه و
امه وأبيه وصاحبته وبنيه إلا من كان على ولاية علي بن أبي طالب فإنه لا يفر ممن
والاه ، ولا يعادي من أحبه ، ولا يحب من أبغضه .
45 - شى : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله : " كأنما اغشيت
وجوههم قطعا من الليل مظلما " قال : أما ترى البيت إذا كان الليل كان أشد سوادا
من خارج فكذلك وجوههم تزداد سوادا .
46 - م : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أن من لا يؤمن بالقرآن فما آمن بالتوراة لان الله تعالى
أخذ عليهم الايمان بهما ، لا يقبل الايمان بأحدهما إلا بالايمان بالآخر ، ( 2 ) فكذلك
فرض الله الايمان بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام كما فرض الايمان بمحمد صلى الله عليه وآله ،
فمن قال : آمنت بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وكفرت بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام فما آمن بنبوة
محمد صلى الله عليه وآله ، إن الله تعالى إذا بعث الخلائق يوم القيامة نادى منادي ربنا نداء تعريف الخلائق
في إيمانهم وكفرهم ، فقال : الله أكبر الله أكبر ومناد آخر ينادي : معاشر الخلائق ساعدوه على
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح السين فسكون العين لقب عبدالرحمن بن مسلم ابوالحسن العامرى ، مولى ابى العلاء كرز
بن جعيد العامرى من عامر ربيعة ، روى عن ابيعبدالله وابى الحسن عليها السلام ، وعمر عمرا طويلا ،
ترجمه النجاشى في الفهرست ، والطوسى في رجاله وفهرسته .
( 2 ) في التفسير المطبوع : الا مع الايمان بالاخر . ( * )
[187]
هذه المقالة ، فأما الدهرية والمعطلة فيخرسون عن ذلك ولا تنطق ألسنتهم ، ( 1 ) ويقولها
سائر الناس ، ثم يقول المنادي : أشهد أن لا إله إلا الله ، فيقول الخلائق كلهم ذلك إلا من كان
يشرك بالله تعالى من الجوس والنصارى وعبدة الاوثان ، فإنهم يخرسون فيبينون بذلك من
سائر الخلائق ، ثم يقول المنادي : أشهد أن محمد رسول الله ، فيقولها المسلمون أجمعون ، و
يخرس عنها اليهود والنصارى وسائر المشركين ، ثم ينادي مناد آخر من عرصات القيامة : ألا
فسوقهم إلى الجنة لشهادتهم لمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة ، فإذا النداء من قبل الله عزوجل :
لا ، بل قفوهم إنهم مسؤولون ، يقول الملائكة الذين قالوا سوقوهم إلى الجنة لشهادتهم
لمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة : لما يقفون يا ربنا ؟ ( 2 ) فإذا النداء من قبل الله : قفوهم إنهم
مسؤولون عن ولاية علي بن أبي طالب وآل محمد ، يا عبادي وإمائي إني أمرتهم مع
الشهادة بمحمد شهادة اخرى فإذا جاؤوا بها فعظموا ثوابهم ، وأكرموا مآبهم ، وإن
لم يأتوا بها لم تنفعهم الشهادة لمحمد بالنبوة ولا لي بالربوبية ، فمن جاء بها فهو من
الفائزين ، ومن لم يأت بها فهو من الهالكين ، قال : فمنهم من يقول : قد كنت لعلي عليه السلام
بالولاية شاهدا ولآل محمد صلى الله عليه وآله محبا ، وهو في ذلك كاذب يظن كذبه ينجيه فيقال
لهم : سوف نستشهد على ذلك عليا عليه السلام ، فتشهد أنت يا أباالحسن ، فتقول : الجنة
لاوليائي شاهدة والنار لاعدائي شاهدة ، ( 3 ) فمن كان منهم صادقا خرجت إليه رياح الجنة
ونسيمها فاحتملته فأرودته إلى أعلى غرفها ( 4 ) وأحلته دار المقامة من فضل ربه ، لا يمسهم
فيها نصب ولا يمسهم فيها لغوب ، ( 5 ) ومن كان منهم كاذبا جاءته سموم النار وحميمها
وظلها الذي هو ثلات شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب فتحمله ( فترفعه خ ل ) في الهواء ،
وتورده نار جهنم ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فكذلك أنت قسيم الجنة والنار ، تقول لها :
هذا لي وهذا لك .
* ( هامش ) * ( 1 ) في التفسير المطبوع : ولا تنطلق السنتهم ، ويقولها سائر الناس من الخلائق فيمتاز الدهرية
والمعطلة من سائر الناس بالخرس ثم يقول .
( 2 ) في التفسير المطبوع : لماذا يوقفون يا ربنا ؟ .
( 3 ) في التفسير المطبوع : والنار على أعدائى شاهدة .
( 4 ) في التفسير المطبوع : فأوردته علالى الجنة وغرفها .
( 5 ) في التفسير المطبوع : " لايسمه " في الموضعين . ( * )
[188]
بيان : قوله تعالى : إني أمرتهم توجيه للخطاب إلى الملائكة بعد توجيهه أولا
إلى العباد والاماء بندائهم ، ليسمعوا ما يأمر الله الملائكة فيهم .
47 - شى : عن حماد بن عيسى ، عمن رواه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سئل
عن قول الله : " وأسروا الندامة لما رأو العذاب " قال : قيل له : وما ينفعهم إسرار الندامة
وهم في العذاب ؟ قال : كرهوا شماتة الاعداء .
48 - شى : عن عبدالله بن عطاء المكي قال : سألت أباجعفر عليه السلام عن قول الله :
" ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " قال : ينادي مناد يوم القيامة يسمع الخلائق :
إنه لا يدخل الجنة إلا مسلم ، ثم يود سائر الخلق أنهم كانوا مسلمين .
49 - وبهذا الاسناد عن أبي عبدالله عليه السلام : فثم يود الخلق أنهم كانوا مسلمين .
50 - شى : عن أبراهيم بن عمر رفعه إلى أحدهما عليهما السلام في قول الله : " ونحشرهم
يوم القيمة على وجوههم " قال : على جهاتهم .
بيان : لعله عليه السلام فسر الوجه بالجهة ، أي يحشرون متوجهين إلى الجهات التي
كانوا إليها متوجهين في الدنيا ، من الاقتداء بأئمة الجور وعبادة الاصنام ، وكائنين على
الاحوال التي كانوا عليها من الفساد والمعصية ، ولا يبعد أن يكون جهاتهم تصحيف
جبهاهم .
51 - م : " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا " إلى قوله : " وما هم بخارجين
من النار " قال الامام عليه السلام : قال الله عزوجل لما آمن المؤمنون وقبل ولاية محمد و
علي صلوات الله عليهما العاقلون وصد عنهما المعاندون : " ومن الناس " يا محمد " من يتخذ من
دون الله أندادا " أعداءا يجعلونهم لله أمثالا " يحبونهم كحب الله " يحبون تلك الانداد
من الاصنام كحب الله وكحبهم لله " والذين آمنوا أشد حبا لله " من هؤلاء المتخذين
الانداد مع الله ، لان المؤمنين يرون الربوبية لله وحده لا يشركون به ، ثم قال : يا محمد
" ولو يرى الذين ظلموا " باتخاذ الاصنام أندادا واتخاذ الكفار والفجار أمثالا لمحمد
وعلي " إذ يرون العذاب " حين يرون العذاب الواقع بهم لكفرهم وعنادهم " أن القوة لله "
لعلموا أن القوة لله ، يعذب من يشاء ويكرم من يشاء ، لا قوة للكفار يمتنعون
[189]
بها عن عذابه " وأن الله شديد العقاب " ولعلموا أن الله شديد العذاب لمن اتخذ الانداد
مع الله . ثم قال : " إذ تبرء الذين اتبعوا " لو رأى هؤلاء الكفار الذين اتخذوا الانداد
حين يتبرؤ الذين اتبعوا الرؤساء " من الذين اتبعوا " الرعايا والاتباع " وتقطعت بهم
الاسباب " فنيت حيلتهم ولايقدرون على النجاة من عذاب الله بشئ " وقال الذين اتبعوا "
الاتباع : " لو أن لنا كرة " يتمنون لو كان لهم كرة : رجعة إلى الدنيا " فنتبرء منهم " هناك
" كما تبرؤا منا " ههننا ، قال الله عزوجل : " كذلك " كما تبرء بعضهم من بعض " يريهم الله
أعمالهم حسرات عليهم " وذلك أنهم عملوا في الدنيا لغير الله فيرون أعمال غيرهم التي
كانت لله قد عظم الله ثواب أهلها ، ورأوا أعمال أنفسهم لا ثواب لها ، إذ كانت لغير الله ،
أو كانت على غير الوجه الذي أمر الله به ، قال الله تعالى : " وما هم بخارجين من النار "
كان عذابهم سرمدا دائما ، وكانت ذنوبهم كفرا لا تلحقهم شفاعة نبي ولا وصي ولا خير
من خيار شيعتهم .
قال علي بن الحسين عليهما السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما من عبد ولا أمة زال عن
ولايتنا ، وخالف طريقتنا ، وسمى غيرنا بأسمائنا وأسماء خيار أهلنا الذي اختاره الله
للقيام بدينه ودنياه ولقبه بالقائم وهو كذلك يلقبه معتقدا ، لا يحمله على ذلك تقية خوف
ولا تدبير مصلحة دين ، إلا بعثه الله يوم القيامة ومن كان قد اتخذه من دون الله وليا ،
وحشر إليه الشياطين الذين كانوا يغوونه فقال له : يا عبدي أربا معي هؤلاء كنت تعبد ؟
وإياهم كنت تطلب ؟ فمنهم فاطلب ثواب ما كنت تعمل ، ولك معهم عقاب أجرامك ،
ثم يأمر الله تعالى أن يحشر الشيعة الموالون لمحمد وعلي عليه السلام ممن كان في تقية لا
يظهر ما يعتقده وممن لم يكن عليه تقية ، وكان يظهر ما يعتقده فيقول الله تعالى : انظروا
حسنات شيعة محمد وعلي فضاعفوها ، قال : فتضاعف حسناتهم أضعافا مضاعفة ، ثم يقول الله
تعالى : انظروا ذنوب شيعة محمد وعلي ، فينظرون فمنهم من قلت ذنوبه فكانت مغمورة
في طاعته ، فهؤلاء السعداء مع الاولياء والاصفياء ، ومنهم من كثرت ذنوبه وعظمت ،
يقول الله تعالى : قدموا الذين كان لا تقية عليهم من أولياء محمد وعلي ، فيقدمون ،
فيقول الله تعالى : انظروا حسنات عبادي هؤلاء النصاب الذين أخذوا الانداد من
[190]
دون محمد وعلي ومن دون خلفائهم فاجعلوها لهؤلاء المؤمنين ، لما كان من اغتيالهم بهم ( لهم خ ل )
بوقيعتهم فيهم ، وقصدهم إلى أذاهم ، فيفعلون ذلك ، فتصير حسنات النواصب لشيعتنا
الذين لم تكن عليهم تفية ، ثم يقول : انظروا إلى سيئات شيعة محمد وعلي فان بقيت
لهم على هؤلاء النصاب بوقيعتهم فيهم زيادات فاحملوا على اولئك النصاب بقدرها من
الذنوب التي لهؤلاء الشيعة ، فيفعل ذلك ، ثم يقول عزوجل : ائتوا بالشيعة المتقين
لخوف الاعداء فافعلوا في حسناتهم وسيئاتهم وحسنات هؤلاء النصاب وسيئاتهم ما فعلتم
بالاولين ، فيقول النواصب : يا ربنا هؤلاء كانوا معنا في مشاهدنا حاضرين ، وبأقاويلنا
قائلين ، ولمذاهبنا معتقدين ، فيقال : كلا والله يا أيها النصاب ما كانوا لمذاهبكم
معتقدين ، بل كانوا بقلوبهم لكم إلى الله مخالفين ، وإن كانوا بأقوالكم قائلين ، وبأعمالكم
عاملين للتقية منكم معاشر الكافرين ، قد أعتددنا لهم بأقاويلهم وأفاعيلهم اعتدادنا
بأقاويل المطيعين وأفاعيل المحسنين ، إذ كانوا بأمرنا عاملين ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : فعند
ذلك تعظم حسرات النصاب إذ كانوا رأوا حسناتهم في موازين شيعتنا أهل البيت ، ورأوا
سيئات شيعتنا على ظهور معاشر النصاب ، فذلك قوله عزوجل : " كذلك يريهم الله
أعمالهم حسرات عليهم " .
52 - م : يحشر الله يوم القيامة شهر رمضان في أحسن صورة ، فيقيمه على تلعة ( 1 )
لا يحفى على أحد ممن ضمه ذلك المحشر ، ثم يأمر ويخلع عليه من كسوة الجنة و
خلعها وأنواع سندسها وثيابها حتى يصير في العظم بحيث لا ينفذه بصر ، ولا يعي علم
مقداره اذن ، ولا يفهم كنهه قلب ، ثم يقال لمناد من بطنان العرش : ناد ، فينادي : يا
معشر الخلائق أما تعرفون هذا ؟ فيجيب الخلائق يقولون : بلى لبيك داعي ربنا و
سعديك ، أما إننا لانعرفه ، فيقول منادي ربنا : هذا شهر رمضان ما أكثر من سعد
به ! وما أكثر من شقي به ! ألا فليأته كل مؤمن له معظم بطاعة الله فيه فليأخذ حظه
من هذه الخلع ، فتقاسموها بينكم على قدر طاعتكم لله وجدكم ، قال : فيأتيه المؤمنون
الذين كانوا لله مطيعين فيأخذون من تلك الخلع على مقادير طاعتهم في الدنيا ، فمنهم
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح التاء فسكون : ما علا من الارض . ( * )
[191]
من يأخذ ألف خلعة ، ومنهم من يأخذ عشرة آلاف ، ومنهم من يأخذ أكثر من ذلك و
أقل ، فيشرفهم الله بكراماته ، ألا وإن أقواما يتعاطون تناول تلك الخلع ، يقولون في
أنفسهم : لقد كنابالله مؤمنين ، وله موحدين ، وبفضل هذا الشهر معترفين فيأخذونها
ويلبسونها ، فتقلب على أبدانهم مقطعات نيران ، وسرابيل قطران ، يخرج على كل واحد
منهم بعدد كل سلكة من تلك الثياب أفعي وحية وعقرب ، وقد تناولوا من تلك الثياب
أعدادا مختلفة على قدر أجرامهم ، كل من كان جرمه أعظم فعدد ثيابه أكثر ، فمنهم
الآخذ ألف ثوب ، ومنهم الآخذ عشرة آلاف ثوب ، ومنهم من يأخذ أكثر من ذلك ،
وإنها لاثقل على أبدانهم من الجبال الرواسي على الضعيف من الرجال : ولولا ما حكم
الله تعالى بأنهم لا يموتون لماتوا من أقل قليل ذلك الثقل والعذاب ، ثم يخرج عليهم
بعدد كل سلكة من تلك السرابيل من القطران ومقطعات النيران أفعي وحية وعقرب
وأسد ونمر وكلب من سباع النار ، فهذه تنهشه ، وهذه تلدغه ، وهذا يفترسه ، وهذا
يمزقه ، وهذا يقطعه ، يقولون : يا ويلنا مالنا تحولت علينا هذه الثياب وقد كانت من
سندس وإستبرق وأنواع خيار ثياب الجنة ، تحولت علينا مقطعات النيران وسرابيل
قطران ، وهي على هؤلاء ثياب فاخرة ملذذة منعمة ! فيقال لهم : ذلك بما كانوا يطيعون
في شهر رمضان وكنتم تعصون ، وكانوا يعفون وكنتم تزنون ، وكانوا يخشون ربهم
وكنتم تحبرون ، وكانوا يتقون السرق وكنتم تسرقون ، وكانوا يتقون ظلم عباد
الله وكنتم تظلمون ، فتلك نتائج أفعالهم الحسنة وهذه نتائج أفعالكم القبيحة ، فهم
في الجنة خالدون ، ولا يشيبون فيها ، ولا يهرمون ، ولا يحواون عنها ولا يخرجون ،
ولا يقلقون فيها ولا يغتمون ، بل هم فيها سارون مبتهجون ، آمنون مطمئنون ، ولا
خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وأنتم في النار خالدون ، تعذبون فيها وتهانون ، ومن
نيرانها إلى زمهريرها تنقلون ، وفي حميمها تغتسلون ( 1 ) ومن زقومها تطعمون ، و
وبمقامعها تقمعون ، وبضروب عذابها تعاقبون ، الاحياء أنتم فيها ولا تموتون أبد الآبدين ،
إلا من لحقته منكم رحمة رب العالمين ، فخرج منها بشفاعة محمد أفضل النبيين ، بعد
العذاب الاليم ، والنكال الشديد .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المطبوع : تغتمسون . ( * )
[192]
53 - جا : المراغي ، عن أبي عبدالله الاسدي ، عن جعفر بن عبدالله العلوي ،
عن يحيى بن هاشم ، عن أبي الصباح ، عن عبدالغفور الواسطي ، عن عبدالله بن محمد
القرشي ، عن الحسن بن علي الراسبي ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن ابن عباس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الشاك في فضل علي بن أبي طالب عليه السلام يحشر يوم القيامة من
قبره وفي عنقه طوق من نار فيه ثلاثمائة شعبة ، على كل شعبة منها شيطان يكلح في
وجهه ( 1 ) ويتفل فيه . " ص 85 - 86 "
54 - كش : روى جماعة من أصحابنا منهم أبوبكر الحضرمي ، وأبان بن تغلب
والحسين بن أبي العلاء ، وصباح المزني ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام أن أمير
المؤمنين صلوات الله عليه قال للبراء بن عازب : كيف وجدت هذا الدين ؟ قال : كنا
بمنزلة اليهود قبل أن نتبعك تخف علينا العبادة ، فلما اتبعناك ووقع حقائق الايمان
في قلوبنا ، وجدنا العبادة قد تثاقلت في أجسادنا ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : فمن ثم
يحشر الناس يوم القيامة في صور الحمير ، وتحشرون فرادى فرادى ، يؤخذ بكم إلى
الجنة ، ثم قال أبوعبدالله عليه السلام : ما بدالكم ، ما من أحد يوم القيامة إلا وهو يعوي
عواء البهائم : أن اشهدوا لنا واستغفروا لنا ، فنعرض عنهم ، فماهم بعدها بمفلحين .
بيان : قوله : ما بدالكم كذا في النسخ التي عندنا ، والظاهر أنه مصحف ،
ويمكن حمله على أن المعنى : اصنعوا ما بدا لكم من الطاعات فإنها تقبل منكم ونشفع
فيكم ، ويحتمل أن يكون استفهاما إنكاريا أي أي شئ سنح لكم حتى جعلكم
متحيرين في أمركم ؟ أما تعلمون أنه لا ينجو في القيامة غيركم ؟ .
55 - كنز : محمد بن العباس ، عن محمد بن يونس ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن
عتبة بن سعيد ، عن جابر الجعفى ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : " كل نفس بما
كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين " قال : هم شيعتنا أهل البيت .
* ( هامش ) * ( 1 ) يكلح في وجهه أى يفزعه . ( * )
[193]
56 - وقال أيضا : حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي ، عن محمد بن عبدالله ،
عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابن زكريا الموصلي ، عن جابر الجعفي ، عن أبي
جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام : يا علي " كل نفس
بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتسائلون عن المجرمين ماسلككم في سقر "
والمجرمون هم المنكرون لولايتك " قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين و
كنا نخوض مع الخائضين " فيقول لهم أصحاب اليمين : ليس من هذا اتيتم ، فما الذي
سلككم في سقر يا أشقياء ؟ قالوا : " وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتينا اليقين " فقالوا
لهم : هذا الذي سلككم في سقر يا أشقياء ، ويوم الدين يوم الميثاق حيث جحدوا
وكذبوا بولايتك وعتوا عليك واستكبروا .
57 - كنز : محمد بن العباس ، عن أحمد بن هوذة ، ( 1 ) عن إبراهيم بن إسحاق ( 2 )
عن عبدالله بن حماد ، عن هاشم الصيداوي قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يا هاشم حدثني
أبي - وهو خير مني - عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ما من رجل من فقراء شيعتنا
إلا وليس عليه تبعة ، قلت : جعلت فداك وما التبعة ؟ قال : من الاحدى والخمسين ركعة
ومن صوم ثلاثة أيام من الشهر ، فإذا كان يوم القيامة خرجوا من قبورهم ووجوههم
مثل القمر ليلة البدر فيقال للرجل منهم : سل تعط ، فيقول : أسأل ربي النظر إلى وجه
محمد صلى الله عليه وآله ، قال : فينصب لرسول الله صلى الله عليه وآله منبر على درنوك ( 3 ) من درانيك الجنة ، له
* ( هامش ) * ( 1 ) بضم الهاء فسكون الواو وفتح الذال المعجمة ، هوأحمد بن نصر بن سعيد الباهلى أبوسليمان
النهروانى المعروف بابن أبي هراسة ، ترجمه الشيخ في رجله في باب من لم يرو عنهم فقال :


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 193 سطر 19 إلى صفحه 201 سطر 18

أحمد بن نصر بن سعيد الباهلى المعروف بابن أبى هراسة يلقب أبوه هوذة ، سمع منه التلعكبرى
سنة 331 ، وله منه اجازة ، مات في ذى الحجة سنة 333 يوم التروية بجسر النهروان ودفن بها
انتهى . وترجمه الخطيب في تاريخ بغداد " ج 5 ص 183 " قال : حدث عن ابراهيم بن اسحاق الاحمرى
شيخ من شيوخ الشيعة ، روى عنه أبوبكر أحمد بن عبدالله الدورى الوراق ، وقال : قدم علينا من
النهروان انتهى . قلت : يروى عنه أيضا القاضى ابوالفرج المعافا بن زكريا البغدادى .
( 2 ) هو ابراهيم بن إسحاق الاحمرى النهاوندى .
( 3 ) بالضم فالسكون : نوع من البسط له خمل . ( * )
[194]
ألف مرقاة ، بين المرقاة إلى المرقاة ركضة الفرس ، فيصعد محمد وأميرالمؤمنين عليهما السلام ، قال :
فيحف ذلك المنبر شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله فينظر الله إليهم وهو قوله : " وجوه يومئذ ناضرة
إلى ربها ناظرة " قال : فيلقى عليهم النور حتى أن أحدهم إذا رجع لم تقدر الحوراء
أن تملا بصرها منه ، قال : ثم قال أبوعبدالله عليه السلام : يا هاشم لمثل هذا فليعمل العاملون .
58 - كنز : قوله تعالى : " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه " الآية ، قال محمد بن
العباس : حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن يونس
ابن يعقوب ، عن خلف بن حماد ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن سعيد السمان ،
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قوله تعالى : " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتني
كنت ترابا " يعني علويا أتوالى أبا تراب .
وروى محمد خالد البرقي ، عن يحيى الحلبي ، وهارون بن خارجة وخلف
ابن حماد ، عن أبي بصير مثله .
59 - وجاء في باطن تفسير أهل البيت ما يؤيد هذا التأويل في تأويل قوله
تعالى : " وأما من ظلم سوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاب نكرا " قال : هو
يرد إلى المؤمنين عليه السلام فيعذبه عذابا نكرا ، حتى يقول : ياليتني كنت ترابا أي من شيعة
أبي تراب ، ومعنى ربه أي صاحبه ، يعني أن أمير المؤمنين عليه السلام قسيم النار والجنة ،
وهو يتولى العذاب والثواب ، وهو الحاكم في الدنيا ويوم المآب .
60 - فر : الحسين بن سعيد معنعنا عن جعفر بن محمد عليه السلام قال : يحشر يوم القيامة
شيعة علي رواءا مرويين مبيضة وجوههم ، ويحشر أعداء علي يوم القيامة وجوههم
مسودة ظامئين ، ( 1 ) ثم قرأ : " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " . " ص 17 "
61 - فر : الحسين بن سعيد معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله
قال - وعنده نفر من أصحابه وفيهم علي بن أبي طالب عليه السلام - قال : إن الله تعالى إذا بعث
الناس يوم القيامة يخرج قوم من قبورهم بياض وجوههم كبياض الثلج ، عليهم ثياب
بياضها كبياض اللبن ، وعليهم نعال من ذهب ، شراكها - والله - من نور يتلالؤ ، فيؤتون
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ظامئين مسودة وجوههم . م ( * )
[195]
بنوق من نور عليها رحال الذهب ( 1 ) قد وشحت بالزبرجد والياقوت ، أزمة نوقهم
سلاسل الذهب ، فيركبونها حتى ينتهوا إلى الجنان ، والناس يحاسبون ويغتمون و
يهتمون وهم يأكلون ويشربون ، فقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : من هم
يا رسول الله ؟ قال هم شيعتك وأنت إمامهم ، وهو قول الله تعالى : " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن
وفدا " قال : على النجائب . ( 2 ) " ص 91 "
62 - كا : علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ،
عن أبي جعفر عليه السلام قال : كل عين باكية يوم القيامة غير ثلاث : عين سهرت في سبيل
الله ، وعين فاضت من خشية الله ، وعين غضت عن محارم الله . " ج 2 ص 80 "
63 - كا : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن
علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال سمعته يقول : إن المتحابين
في الله يوم القيامة على منابر من نور قد أضاء نور وجوههم ونور أجسادهم ونور منابرهم
كل شئ حتى يعرفوا به ، فيقال : هؤلاء المتحابون في الله . " ج 2 ص 125 "
64 - كا : العدة ، عن البرقي ، عن محمد بن علي ، عن عمر بن جبلة الاحمسي ، ( 3 )
عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : المتحابون في الله يوم
القيامة على أرض زبرجدة خضراء في ظل عرشه عن يمينه - وكلتا يديه يمين - وجوههم
أشد بياضا وأضوء من الشمس الطالعة ، يغبطهم بمنزلتهم كل ملك مقرب وكل نبي
مرسل ، يقول الناس : من هؤلاء ؟ فيقال : هؤلاء المتحابون في الله . " ج 2 ص 126 "
بيان : قال الجزري : فيه : وكلتا يديه يمين أي أن يديه تبارك وتعالى بصفة الكمال
لا نقص في واحدة منهما لان الشمال ينقص عن اليمين واليد هنا مجاز انتهى . أقول :
أي كلا طرفي عرشه متيمن مبارك لا يحضره إلا السعداء .
65 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن مسكان ، عن محمد بن
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : من الذهب . م .
( 2 ) الظاهر اتحاده مع ما سبق آنفا عن المحاسن تحت رقم 37 .
( 3 ) الصحيح : عمرو بن جبلة الاحمسى . راجع اصول الكافى باب الحب في الله ، وجامع الروات
ج 1 ص 340 . ( * )
[196]
مسلم قال : سألت أباعبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " سيطوقون ما بخلوا به يوم
القيمة " فقال : يا محمد ما من أحد يمنع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله ذلك يوم القيامة
ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب ، ثم قال : هو
قول الله عزوجل : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة " يعني : مابخلوا به من
الزكاة . " ف ج 1 ص 141 "
66 - كا : علي ، عن أبيه ، عن محمد بن خالد ، عن خلف بن حماد ، عن حريز قال :
قال : أبوعبدالله عليه السلام : ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله عز
وجل يوم القيامة بقاع قفر ( 1 ) وسلط عليه شجاعا ( 2 ) أقرع يريده وهو يحيد عنه ، فإذا
رأى أنه لا يتخلص منه ( 3 ) أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل ، ثم يصير طوقا في
عنقه ، وذلك قول الله عزوجل : " سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة ، وما من ذي
مال إبل أو غنم أو بقر يمنع من زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قفر ( 4 ) يطؤه كل
ذات ظلف بظلفها وينهشه كل ذات ناب بنابها ، وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع
يمنع زكاتها إلا طوقه الله ربعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة . " ف ج 1 ص 142 "
بيان : القاع : أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام . والقفر :
الخلا من الارض . وفي بعض النسخ : بقاع قرقر ، والقرقر : القاع الاملس . وقال
الجزري : فيه : يجئ كنز أحدكم في القيامة شجاعا أقرع ، الاقرع : الذي لا شعر
على رأسه ، يريد حية قد تمعط جلد رأسه لكثرة سمه وطول عمره انتهى . وحاد
عنه : مال . والقضم : الاكل بأطراف الاسنان . والفجل في بعض النسخ بالحاء المهملة ،
وفي بعضها بالجيم ، فعلى الثاني يقرء الفعل على البناء للمفعول ، قوله عليه السلام : ربعة
أرضه أي قطعة أرضه ، ولعل المعنى أنه تعالى يلقي عليه مثل ثقل تلك العرصة في
عالم البرزخ أو يعذبه عذابا يشبه ذلك .
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة : بقاع قفر قرقر . وفى المصدر : بقاع قرقر ، في الموضعين . م
( 2 ) بالضم والكسر : ضرب من الحيات .
( 3 ) في المصدر : لا مخلص له منه اه . م
( 4 ) في نسخة : بقاع قفر قرقر . ( * )
[197]
67 - كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن أيوب بن نوح ، عن ابن سنان ،
عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى يبعث يوم القيامة ناسا
من قبورهم مشدودة أيديهم إلى أعناقهم ، لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيس أنملة ، معهم
ملائكة يعيرونهم تعييرا شديدا ، يقولون : هؤلاء الذين منعوا خيرا قليلا من خير كثير ،
هؤلاء الذين أعطاهم الله فمنعوا حق الله في أموالهم . " ف ج 1 ص 142 - 143 "
بيان : قال الفيروز آبادي : قيس رمح - بالكسر - : قدره .
68 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن النهدي ، ( 1 ) عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : من زار أخاه في الله ولله جاء يوم القيامة يخطر بين قباطي من نور ، لا
يمر بشئ الا أضاء له حتى يقف بين يدي الله عزوجل ، فيقول الله عزوجل : مرحبا ،
وإذا قال الله له : مرحبا ( 2 ) أجزل الله عزوجل له العطية . " ج 2 ص 177 "
بيان : قال الجزري : فيه : إنه كان يخطر في مشيته ، أي يتمايل ويمشي مشية
المعجب .
69 - كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن سدير الصيرفي
قال : قال أبوعبدالله عليه السلام في حديث طويل : إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال
يقدمه أمامه ، كلما رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال : لا تفزع ولا
تحزن وابشر بالسرور والكرامة من الله عزوجل حتى يقف بين يدي الله عزوجل
فيحاسبه حسابا يسيرا ، ويأمر به إلى الجنة والمثال أمامه ، فيقول له المؤمن : يرحمك الله
نعم الخارج ، خرجت معي من قبري ، وما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله
حتى رأيت ذلك ، فيقول : من أنت ؟ فيقول : أنا السرور الذي كنت أدخلته على أخيك
المؤمن في الدنيا ، خلقني الله عزوجل منه لابشرك . " ج 2 ص 190 "
70 - كا : علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أعان مؤمنا نفس الله عزوجل عنه ثلاثا وسبعين كربة :
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح النون وسكون الهاء .
( 2 ) في المصدر : واذا قال : مرحبا . م ( * )
[198]
واحدة في الدنيا ، وثنتين وسبعين كربة عند كربه العظمى ، قال : حيث يتشاغل الناس
بأنفسهم . " ج 2 ص 199 "
71 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن نعيم ، عن مسمع أبي
سيار ( 1 ) قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : من نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه
كرب الآخرة ، وخرج من قبره وهو ثلج الفؤاد ، ومن أطعمه من جوع أطعمه الله من ثمار
الجنة ، ومن سقاه شربة ماء سقاه الله من الرحيق المختوم . " ج 2 ص 199 - 200 "
72 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن
جميل بن دراج ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا
على الله أن يكسوه من ثياب الجنة ، وأن يهون عليه سكرات الموت ، وأن يوسع
عليه في قبره ، وأن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى ، وهو قول الله عزوجل في
كتابه : " وتلقيهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون " . " ج 2 ص 204 "
73 - فر : محمد بن عيسى الدهقان معنعنا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي : يا علي ابشر وبشر فليس على شيعتك حسرة عند
الموت ، ( 2 ) ولا وحشة في القبور ، ولا حزن يوم النشور ، ولكأني بهم يخرجون من جدث
القبور ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم ، يقولون : " الحمدلله الذي أذهب عنا
الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا
يمسنا فيها لغوب " " ص 128 "
74 - فر : الحسين بن سعيد معنعنا عن علي عليه السلام قال : أنا وشيعتي يوم القيامة
على منابر من نور فيمر علينا الملائكة ويسلم علينا ، قال : فيقولون : من هذا الرجل ؟
* ( هامش ) * ( 1 ) مسمع وزان منبر هو مسمع بن عبدالملك كردين أبوسيار ، شيخ بكر بن وائل بالبصرة ووجهها
وسيد المسامعة ، روى عن أبي جعفر عليه السلام رواية يسيرة ، وروى عن أبي عبدالله عليه السلام و
أكثر واختص به ، له نوادر كثيرة ، وروى أيام البسوس . له ترجمة مشعوف بالتبجيل والتجليل في
فهرست النجاشى ورجالى الكشى والشيخ ومشيخة الفقيه والخلاصة وغيرها من كتب الرجال .
( 2 ) في المصدر : فليس لشيعتك كرب عند الموت . م ( * )
[199]
ومن هؤلاء ؟ فيقال لهم : هذا علي بن أبي طالب ابن عم النبي ، فيقال : من هؤلاء ؟ قال :
فيقال لهم : هؤلاء شيعته ، قال : فيقولون : أين النبي العربي وابن عمه ؟ فيقولون : هما عند
العرش ، قال : فينادي مناد من السماء عند رب العزة : يا علي ادخل الجنة أنت و
شيعتك لا حساب عليك ولا عليهم ، فيدخلون الجنة ويتنعمون فيها من فواكهها ، و
يلبسون السندس والاستبرق وما لم تر عين ، فيقولون : " الحمدلله الذي أذهب عنا الحزن
إن ربنا لغفور شكور " الذي من علينا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله وبوصيه علي بن ابي طالب
عليه السلام ، والحمدلله الذي من علينا بهما من فضله ، وأدخلنا الجنة فنعم أجر العاملين
فينادي مناد من السماء : كلوا واشربوا هنيئا ، قد نظر إليكم الرحمن نظرة فلا بؤس ( 1 )
عليكم ولا حساب ولا عذاب . " ص 128 - 129 "
75 - فر : سليمان بن محمد معنعنا ، عن جهم بن حر قال : دخلت في مسجد المدينة
وصليت الركعتين إلى سارية ( 2 ) ثم دعوت الله وقلت اللهم آنس وحدتي ، وارحم غربتي
وائتني بجليس صالح يحدثني بحديث ينفعني الله به ، فجاء أبوالدرداء رضي الله عنه
حتى جلس إلي ، فأخبرته بدعائي ، فقال : أما إني أشد فرحا بدعائك منك ، إن الله
جعلني ذلك الجليس الصالح الذي سافر إليك أما إني ساحدثك بحديث سمعته عن
رسول الله صلى الله عليه وآله لم احدث به أحدا قبلك ولااحدث بعدك ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
تلا هذه الآية : " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم
مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله " فقال : السابق يدخل الجنة بغير حساب ،
والمقتصد يحاسب حسابا يسيرا ، والظالم لنفسه يحبس في يوم مقداره خمسون ألف
سنة حتى يدخل الحزن في جوفه ( 3 ) ثم يرحمه فيدخله الجنة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :
" الحمد الله الذي أذهب عنا الحزن " الذي أدخل أجوافهم في طول المحشر " إن ربنا
لغفور شكور " قال : شكر لهم العمل القليل ، وغفر لهم الذنوب العظام . " ص 129 "
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : فلا بأس عليكم اه . م
( 2 ) السارية الاسطوانة وفى المصدر : دخلت في مسجد المدينة فصليت ركعتين على سارية اه . م
( 3 ) في المصدر : يدخل الحزن جوفه . م ( * )
[200]
76 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد ، عن علي بن الحكم ، عن سعدان قال : قال
أبوعبدالله عليه السلام : إن الله عزوجل يلتفت يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيها بالمعتذر
إليهم فيقول : وعزتي وجلالي ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم علي ، ولترون ما
أصنع بكم اليوم ، فمن زود منكم في دار الدنيا معروفا فخذوا بيده فأدخلوه الجنة ،
قال : فيقول رجل منهم : يا رب إن أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء ، و
لبسوا الثياب اللينة ، وأكلوا الطعام ، وسكنوا الدور ، وركبوا المشهور من الدواب ،
فأعطني مثل ما أعطيتهم ، فيقول تبارك وتعالى : لك ولكل عبد منكم مثل ما أعطيت
أهل الدنيا منذ كانت الدنيا إلى أن انقضت الدنيا سبعون ضعفا . " ج 2 ص 261 - 262 "
77 - كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن البزنطي ، عن عيسى الفراء ، عن محمد
ابن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة أمر الله تبارك وتعالى مناديا
ينادي بين يديه : أين الفقراء ؟ فيقوم عنق من الناس كثير ، فيقول : عبادي ، فيقولون :
لبيك ربنا ، فيقول : إني لم أفقركم لهوان بكم علي ولكن إنما اخترتكم لمثل هذا
اليوم ، تصفحوا وجوه الناس فمن صنع إليكم معروفا لم يصنعه إلا في فكافوه عني
بالجنة . " ج 2 ص 263 - 264 "
78 - فر : الحسين بن سعيد ، عن سليمان بن داود بن سليمان القطان ، ( 1 ) عن أحمد بن
زياد ، عن يحيى بن سالم الفراء ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : لقنوا موتاكم لاإله إلا الله ، فإنها أنيس للمؤمن حين يمرق من قبره ،
قال لي جبرئيل عليه السلام : يا محمد لو ترى لهم حين يمرقون من قبورهم ينفضون التراب عن
رؤوسهم وهذا يقول : لا إله إلا الله والحمد لله مبيض وجهه ، وهذا يقول : يا حسرتى على
ما فرطت في جنب الله - يعني في ولاية علي - مسود وجهه .
بيان : يمرق أي يخرج .
* ( هامش ) * ( 1 ) في التفسير المطبوع : أبوسليمان داود بن سليمان القطان ، ولعله الصحيح ، والحديث
مذكور في المحاسن أيضا والاسناد فيه هكذا : عنه ، قال : حدثنى داود بن سليمان القطان ، قال : حدثنى
أحمد بن زياد اليمانى ، عن إسرائيل ، عن جابر إه . راجع المحاسن ص 34 ووسائل الشيعة باب
استحباب تلقين المحتضر الشهادتين ، الحديث 12 . ( * )
[201]
79 - كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن داود بن فرقد ،
عن أخيه قال سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : إن المتكبرين يجعلون في صور الذر
يتوطؤهم الناس حتى يفرغ الله من الحساب . " ج 2 ص 311 "
80 - فر : الحسين بن سعيد ، عن محمد بن مروان ، عن عبيد بن الفضل الثوري ، ( 1 )
عن جعفر ، عن أبيه قال : ينادي مناد يوم القيامة : أين المحبون لعلي ؟ فيقومون من
كل فج عميق ، فيقال لهم : من أنتم ؟ قالوا : نحن المحبون لعلي عليه السلام الخالصون له
حبا ، فيقال : فتشركون في حبه أحدا من الناس ؟ فيقولون : لا ، فيقال لهم : ادخلوا
الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون . " ص 152 "
81 - كا : علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يجئ كل غادر يوم القيامة بإمام مائل شدقه حتى يدخل
النار ، ويجئ كل ناكث ببيعة إمام أجذم حتى يدخل النار . " ج 2 ص 337 "
82 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن منذر بن يزيد ،
عن المفضل بن عمر قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين
الصدود لاولياوئي ؟ فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم ، فيقال : هؤلاء الذين آذوا
المؤمنين ونصبوا لهم وعاندوهم وعنفوهم في دينهم ، ثم يؤمر بهم إلى جهنم . " ج 2 ص 351 "
83 - كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، وأبوعلي الاشعري ، عن محمد بن حسان
جميعا ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن سنان ، عن فرات بن أحنف ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
أيما مؤمن منع مؤمنا شيئا مما يحتاج إليه وهو يقدر عليه من عنده أو من عند غيره


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 201 سطر 19 إلى صفحه 209 سطر 18

أقامه الله يوم القيامة مسودا وجهه ، مزرقة عيناه ، مغلولة يداه إلى عنقه ، فيقال : هذا
الخائن الذي خان الله ورسوله ، ثم يؤمر به إلى النار . " ج 2 ص 367 "
84 - كا : بالاسناد المتقدم عن ابن سنان ، عن يونس بن ظبيان قال : قال
أبوعبدالله عليه السلام : يا يونس من حبس حق المؤمن أقامه الله عزوجل يوم القيامة خمسمائة عام
على رجليه حتى يسيل عرقه أو دمه ( أودية ظ ) وينادي مناد من عندالله : هذا الظالم الذي حبس
* ( هامش ) * ( 1 ) في التفسير المطبوع : عبدالله بن الفضل الثورى . ( * )
[202]
عن الله حقه ، قال : فيوبخ أربعين يوما ثم يؤمر به إلى النار . " ج 2 ص 367 "
85 - كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن العلاء ، عن محمد بن
مسلم قال : سمعت أباجعفر عليه السلام يقول : يحشر العبد يوم القيامة وماندا دما ، فيدفع
إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك فيقال له : هذا سهمك من دم فلان ، فيقول : يارب إنك
لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دما ، فيقول : بلى ، سمعت من فلان رواية كذا وكذا
فرويتها عليه فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها ، وهذا سهمك من دمه .
" ج 2 370 - 371 "
توضيح : قال الجزري : فيه : من لقى الله ولم يتند من الدم الحرام بشئ دخل
الجنة ، أي لم يصب منه شيئا ، ولم ينله منه شئ كأنه نالته نداوة الدم و بلله ، يقال :
ما نديني من فلان شئ اكرهه : ولا نديت كفي له بشئ . ويحتمل أن يكون هنا ندي
كرضي بمعنى ابتل فيكون " دما " تمييزا .
86 - فر : جعفر بن محمد بن سعيد الاحمسي ، عن أبي يحيى البصري ، عن أبي جابر
عن طعمة الجعفي ، ( 1 ) عن المفضل بن عمر قال : سأل السدي ( 2 ) جعفر بن محمد عليهما السلام ،
عن قول الله تعالى : " مثل الجنة التي وعد المتقون " قال : هي في علي وأولاده وشيعتهم
هم المتقون وهم أهل الجنة والمغفرة . " ص 158 "
87 - فر : فرات بن إبراهيم الكوفي معنعنا ، عن جعفر بن محمد عليهم السلام قال : كل
عدو لنا ناصب منسوب إلى هذه الاية : " وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا
حامية تسقى من عين آنية " . " ص 207 "
88 - فر : جعفر بن محمد بن يوسف معنعنا ، عن صفوان قال : سمعت أبا الحسن
عليه السلام يقول : إلينا إياب هذا الخلق ، وعلينا حسابهم . " ص 207 "
* ( هامش ) * ( 1 ) بضم الطاء فسكون العين ففتح الميم عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام
وقال ابن حجر في التقريب ص 241 : مقبول من السادسة .
( 2 ) بضم السين وتشديد الدال نسبة إلى السدة وهى الباب واشتهر بهذه النسبة جماعة ، منهم
إسماعيل بن عبدالرحمن بن أبي ذويب السدى الكبير المترجم آنفا ، ومحمد بن مروان السدى الصغير
ولعل المذكور هنا هو الاول . ( * )
[203]
89 - فر : جعفر بن محمد الفزاري معنعنا ، عن قبيصة بن يزيد الجعفي قال : دخلت
على الصادق جعفر بن محمد عليه السلام وعنده البوس بن أبي الدوس وابن ظبيان والقاسم
الصيرفي فسلمت وجلست وقلت : يابن رسول الله قد أتيتك مستفيدا ، قال : سل وأوجز
قلت : أين كنتم قبل أن يخلق الله سماءا مبنية وأرضا مدحية أو ظلمة أو نورا ؟ قال : يا قبيصة
لم سألتنا عن هذا الحديث في هذا الوقت ؟ أما علمت أن حبنا قد اكتتم وبغضنا قد
فشا ، وأن لنا أعداءا من الجن يخرجون حديثنا إلى أعدئنا من الانس ، وأن الحيطان
لها آذان كآذان الناس ؟ قال : قلت : قد سئلت عن ذلك ، قال : يا قبيصته كنا أشباح
نور حول العرش نسبح الله قبل أن يخلق آدم بخمسة عشر ألف عام ، فلما خلق الله آدم
أفرغنا في صلبه فلم يزل ينقلنا من صلب طاهر إلى رحم مطهر حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله
فنحن عروة الله الوثقى ، من استمسك بنا نجا ، ومن تخلف عنا هوى ، ( 1 ) لا ندخله في
باب ضلالة ، ولا نخرجه من باب هدى ، ونحن رعاة دين الله ، ونحن عترة رسول الله
صلى الله عليه وآله ، ونحن القبة التي طالت أطنابها واتسع فناؤها ، من ضوى إلينا
نجا إلى الجنة ، ومن تخلف عنا هوى إلى النار ، قلت : لوجه ربي الحمد ، أسألك عن قول
الله تعالى : " إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم " قال فينا التنزيل ، قلت : إنما أسألك
عن التفسير ، قال : نعم يا قبيصة إذا كان يوم القيامة جعل الله حساب شيعتنا علينا فما كان
بينهم وبين الله استوهبه محمد صلى الله عليه وآله من الله ، وما كان فيما بينهم وبين الناس من المظالم أداه
محمد صلى الله عليه وآله عنهم ، وما كان فيما بيننا وبينهم وهبناه لهم حتى يدخلوا الجنة بغير حساب .
" ص 207 - 208 "
بيان : ضوى إليه : مال .
90 - فر : جعفر بن أحمد معنعنا ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : خرجت أنا وأبي
ذات يوم فإذا هو باناس من أصحابنا بين المنبر والقبر فسلم عليهم ثم قال : أما والله إني
لاحب ريحكم وأرواحكم ، فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد ، من ائتم بعبد فليعمل
* ( هامش ) * ( 1 ) أى هلك . ( * )
[204]
بعمله ، وأنتم شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله ، أنتم شرط الله ، وأنتم أنصار الله ، وأنتم السابقون
الاولون ، والسابقون الآخرون في الدنيا ، والسابقون في الآخرة إلى الجنة ، قد ضمنا
لكم الجنة بضمان الله وضمان رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته ، أنتم الطيبون ونساؤكم
الطيبات ، كل مؤمنة حوراء ، وكل مؤمن صديق ، كم مرة قد قال أميرالمؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام لقنبر : يا قنبر ابشر وبشر واستبشر ، والله لقد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله
وهو ساخط على جميع امته إلا الشيعة ، وإن لكل شئ شرفا ( 1 ) وإن شرف الدين
الشيعة ، ألا وإن لكل شئ عروة وإن عروة الدين الشيعة ، ألا وإن لكل شئ إماما و
إمام الارض أرض يسكن فيها الشيعة ، ( 2 ) إلا وإن لكل شئ سيدا وسيد المجالس
مجالس الشيعة ، ألا وإن لكل شئ شهوة وإن شهوة الدنيا سكنى شيعتنا فيها ، والله
لولا ما في الارض منكم ما استكمل أهل خلافكم طيبات رزقهم وما لهم في الآخرة
من نصيب ، كل ناصب وإن تعبد واجتهد منسوب إلي هذه الآية : " وجوه يومئذ خاشعة عاملة
ناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية " ومن دعى من مخالف لكم فإجابة دعائه
لكم ، ومن طلب منكم إلى الله جاجة فله مائة ، ومن سأل مسألة فله مائة ، ومن دعا
بدعوة فله مائة ( 3 ) ومن عمل منكم حسنة فلا يحصى تضاعفها ، ومن أساء منك سيئة
فمحمد صلى الله عليه وآله حجيجه - يعني يحاج عنه - ( 4 ) والله إن صائمكم ليرعى في رياض الجنة ، تدعو
له الملائكة بالعون ( بالفوز خ ل ) حتى يفطر ، وإن حاجكم ومعتمركم لخاص الله ، وإنكم
جميعا لاهل دعوة الله وأهل إجابته وأهل ولايته ، لاخوف عليكم ولاحزن ، كلكم في الجنة
فتنافسوا في فضائل الدرجات ، والله ما من أحد أقرب من عرش الله تعالى بعدنا يوم القيامة
من شيعتنا ، ( 5 ) ما أحسن صنع الله إليكم ! والله لولا أن تفتنوا فيشمت بكم عدوكم ويعلم
* ( هامش ) *
( 1 ) في المصدر : ألا وإن لكل شئ شرفا اه . م
( 2 ) في المصدر : يسكنها الشيعه . م
( 3 ) في التفسير المطبوع : ومن طلب منكم إلى الله حاجة فلزمته ، ومن سأل مسالة فلزمته ،
ومن دعا بدعوة فلزمته .
( 4 ) في التفسير المطبوع : يعنى يحاج عنه ، قال أبوجعفر عليه السلام : حجيجة من تبعتها .
( 5 ) في التفسير المطبوع : من عرش الله تعالى تقربا يوم القيامة من شيعتنا . ( * )
[205]
الناس ذلك لسملت عليكم الملائكة قبلا ، وقد قال أميرالمؤمنين عليه السلام : يخرجون - يعني
أهل ولايتنا - من قبورهم ( 1 ) يوم القيامة مشرقة وجوههم ، قرت أعينهم ، قد اعطوا
الامان ، يخاف الناس ولايخافون ، ويحزن الناس ولايحزنون ، والله ما من عبد منكم
يوم إلى صلاته إلا وقد اكتنفته ملائكة من خلفه يصلون عليه ويدعون له حتى يفرغ
من صلاته ، ألا وإن لكل شئ جوهرا وجوهر ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه
نحن وشيعتنا . قال سعدان بن مسلم وزاد في الحديث عيثم بن أسلم عن معاوية بن عمار
عن أبي عبدالله عليه السلام : والله لولاكم ما زخرفت الجنة ، ( 2 ) والله لولاكم مانبتت حبة ،
والله لولاكم ما قرت عين ، والله لله أشد حبا لكم مني ، فأعينونا على ذلك بالورع
والاجتهاد والعمل بطاعته . ( 3 ) " ص 208 - 209 "
أقول : روى الصدوق رحمه الله في كتاب فضائل الشيعة مثله .
91 - كا : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ،
عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل : " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا "
قال : إن كانت أعمالهم لاشد بياضا من القباطي فيقول الله عزوجل لها : كوني هباءا ،
وذلك أنهم كان إذا شرع لهم الحرام أخذوه .
92 - فر : أبوالقاسم الحسني معنعنا ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
سألته عن قول الله : " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم "
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : هو نور المؤمنين ( 4 ) يسعى بين أيديهم يوم القيامة ، ، إذا أذن الله
له أن يأتي منزله في جنات عدن ، والمؤمنون يتبعونه وهو يسعى بين أيديهم حتى
يدخل جنة عدن وهم يتبعونه حتى يدخلون معه ، وأما قوله : " بأيمانهم " فأنتم
* ( هامش ) *
( 1 ) في المصدر : قال امير المؤمنين عليه السلام : أهل ولايتنا يخرج من قبورهم اه . م
( 2 ) في التفسير المطبوع بعد قوله : عن أبي عبدالله عليه السلام هكذا : قال : قال أبوعبدالله عليه
السلام : والله لولاكم ما زخرفت الجنة ، والله لولاكم ما خلقت حوراء ، والله لولاكم ما نزلت قطرة .
( 3 ) في التفسير المطبوع للحديث ذيل وهو هذا : والله لولاكم ما رحم الله طفلا ولا رتعت بهيمة .
( 4 ) في التفسير المطبوع : هو نور أمير المؤمنين عليه السلام ، قلت : لعله الصحيح ، والسياق
يدل عليه . ( * )
[206]
تأخذون بحجز آل محمد ، ( 1 ) ويأخذ آله بحجز الحسن والحسين ، ويأخذان بحجز
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، ويأخذ هو بحجز رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يدخلون
معه في جنة عدن ، فذلك قوله : " بشريكم اليوم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين
فيها ذلك هو الفوز العظيم " . " ص 179 - 180 "
بيان : إذا أذن الله له أي للنور والمراد به الامام عليه السلام ، هذا إذا كان القول
قول الرسول صلى الله عليه وآله : ويحتمل أن يكون رسول الله مبتدءا ونور المؤمنين خبره بل هو أظهر .
93 - فر : علي بن محمد بن عمر الزهري معنعنا ، عن أبي الجارود قال : سألت أبا
جعفر عليه السلام عن قوله تعالى : " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن
له الرحمن وقال صوابا " قال : إذا كان يوم القيامة خطف قول لا إله إلا الله من قلوب العباد
في الموقف إلا من أقر بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو قوله : " إلا من أذن
له الرحمن " من أهل ولايته فهم الذين يؤذن لهم بقول : لا إله إلا الله . " ص 202 "
94 - فر : القاسم بن الحسن بن حازم القرشي معنعنا عن أبي حمزة الثمالي
قال : دخلت على محمد بن علي عليهما السلام وقلت : يا بن رسول الله حدثني بحديث ينفعني ،
قال : يا أبا حمزة كل يدخل الجنة إلا من أبى ، قال : قلت : يا بن رسول الله أحد يأبى
يدخل الجنة ؟ قال : نعم ، قال : قلت : من ؟ قال : من لم يقل لا إله إ الله محمد رسول الله ،
قال : قلت : يا بن رسول الله لا أروي هذا الحديث عنك ، ( 2 ) قال : ولم ؟ قلت : إني تركت
المرجئة والقدرية والحرورية وبني امية كل يقولون : لا إله إلا الله محمد رسول الله ،
قال : أيهات أيهات ( 3 ) إذا كان يوم القيامة سلبهم الله تعالى إياها لايقولها إلا نحن و
شيعتنا ، والباقون برآء ، أما سمعت الله يقول : " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا
* ( هامش ) *
( 1 ) في التفسير المطبوع : فأنتم تأخذون بحجزة آل محمد . وكذا فيما يأتى بعده .
( 2 ) في التفسير المطبوع : حسبت أن لا أروى هذا الحديث عنك .
( 3 ) في نسخة : هيهات هيهات . وفى التفسير المطبوع : أيها أيها . وكل محتمل صحيح ، لان
في هيهات لغات عديدة منها ما ذكر ، ومنها : أيهان وهيهان ، وهايهات وهايهان مثلثات الاخر مبنيات
ومعربات ، وهيهاه ساكنة الاخر ، كلها اسم معناها : بعد . ( * )
[207]
يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " قال : من قال : لا إله إلا الله محمد رسول
الله . " ص 202 - 203 "
95 - نهج : فالله الله عباد الله فإن الدنيا ماضية بكم على سنن ، وأنتم والساعة
في قرن ، وكأنها قد جاءت بأشراطها ، وأزفت بأفراطها ، ( 1 ) ووقفت بكم على صراطها
وكأنها قد أشرفت بزلازلها ، وأناخت بكلاكلها ، وانصرمت الدنيا بأهلها ، وأخرجتهم
من حضنها ، فكانت كيوم مضى ، وشهر انقضى ، وصار جديدها رثا ، وسمينها غثا ،
في موقف ضنك المقام ، وامور مشتبهة عظام ، ونار شديد كلبها ، عال لجبها ،
ساطع لهبها ، متغيظ زفيرها ، متأجج سعيرها ، بعيد خمودها ، ذاك وقودها ، مخوف
وعيدها ، عميق قرارها ، مظلمة أفطارها ، حامية قدروها ، فظيعة امورها ، وسيق
الذين اتقوا إلى الجنة زمرا ، قد أمنوا العذاب ، وانقطع العتاب : وزحزحوا عن
النار ، واطمأنت بهم الدرا ، ورضوا المثوى والقرار ، الذين كانت أعمالهم في الدنيا
زاكية ، وأعينهم باكية ، وكان ليلهم في دنياهم نهارا تخشعا واستغفارا ، وكان نهارهم
ليلا توحشا وانقطعاعا ، فجعل الله لهم الجنة ثوابا ، ( 2 ) وكانوا أحق بها وأهلها في
ملك دائم ، ونعيم قائم .
بيان : على سنن أي على طريقة الامم الماضية يهلككم كما أهلكهم ، والقرن
حبل يشد به البعيران . ( 3 ) بأفراطها أي مقدماتها . والكلاكل جمع الكلكل وهو
الصدر ، ويقال للامر الثقيل : قد أناخ عليهم بكلكله أي هدهم ورضهم كما يهد البعير
البارك من تحته إذا انيخ عليه بصدره ، والجمع باعتبار تعدد أهوالها . والحضن بالكسر :
الجنب . والرث : البالي . والغث : المهزول . الضنك : الضيق . والكلب : الشدة و
الاذى . واللجب : الصوت . والتغيظ : الهيجان والغليان . والذكاء : شدة وهج النار .
وحمى التنور : اشتد حرها . وزخرحه عن كذا : باعده .
* ( هامش ) * ( 1 ) الاشراط : العلامات . أزفت : قربت .
( 2 ) في النهج المطبوع : فجعل الله لهم الجنة مآبا والجزاء ثوابا .
( 3 ) كناية عن قربها وأن لابد منها . ( * )
[208]
96 - م : قال الامام عليه السلام في ثواب قراءة سورة البقرة : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
وإن والدي القارئ ليتوجان بتاج الكرامة يضئ نوره من مسيرة عشرة آلاف سنة
ويكسيان حلة لايقوم لاقل سلك منها مائة ألف ضعف ما في الدنيا بما يشتمل عليه من خيراتها
ثم يعطى هذا القارئ الملك بيمينه في كتاب ، والخلد بشماله في كتاب ، يقرأ من كتابه
بيمينه : قد جعلت من أفاضل ملوك الجنان ، ومن رفقاء محمد سيد الانبياء ، وعلي خير
الاوصياء ، والائمة بعدهما سادة الاتقياء ، ويقرء من كتابه بشماله : قد أمنت الزوال و
الانتقال عن هذا الملك ، واعذت من الموت والاسقام ، وكفيت الامراض والاعلال ،
جنبت حسد الحاسدين وكيد الكائدين ، ثم يقال له : اقرء وارق ، ومنزلك عند آخر
آية تقرؤها ، فاذا نظر والداه إلى حليتيهما وتاجيهما قالا : ربنا أنى لنا هذا الشرف
ولم تبلغه أعمالنا ؟ فقال الله عزوجل لهما : هذا لكما بتعليمكما ولدكما القرآن .
97 - م : قال الرضا عليه السلام : أفضل ما يقدمه العالم من محبينا وموالينا أمامه
ليوم فقره وفاقته وذله ومسكنته أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبينا من يد ناصب
عدو لله ولرسوله يقوم من قبره والملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محله من
جنان الله ، فيحملونه على أجنحتهم ، يقولون : مرحبا طوباك طوباك يا دافع الكلاب
عن الابرار ، ويا أيها المتعصب للائمة الاخيار . ( 1 )
98 - ثو : عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان فيما ناجى به موسى عليه السلام ربه أن قال :
يا رب ما لمن شيع جنازة ؟ قال : اوكل به ملائكة من ملائكتي ، معهم رايات يشيعونهم
من قبورهم إلى محشرهم . " ص 188 "
99 - فس : قوله تعالى : " يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم و
بأيمانهم " قال : يقسم النور بين الناس يوم القيامة على قدر إيمانهم ، ويقسم للمنافق فيكون
نوره بين أبهام رجله اليسرى ، فينطفؤ نوره ثم يقول للمؤمنين ، مكانكم حتى أقتبس من
نوركم ، فيقول المؤمنون لهم : " ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورا " فيرجعون ويضرب بينهم
بسور فينادون من وراء السور المؤمنين : " ألم نكن معكم " فيقولون : " بلى ولكنكم
فتنتم أنفسكم " قال : بالمعاصي " وارتبتم " قال شككتم وتربصتم . " ص 664 - 665 "
* ( هامش ) * ( 1 ) هذا الحديث موجود في الاصول الخطية جميعا ، لكن المصنف - قدس سره الشريف -
خط عليه في النسخة التي كتبها بيده بعد كتابته . ( * )
[209]
100 - فر : أبوالقاسم الحسني رفعه ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ابشر
يا علي ما من عبد يحبك وينتحل مودتك إلا بعثه الله يوم القيامة معنا ، ثم قرأ النبي
صلى الله عليه وآله هذه الآية : " إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك
مقتدر " . " ص 176 "
101 - فس : قوله تعالى : " وكنتم أزواجا ثلاثة " قال : يوم القيامة " فأصحاب
الميمنة ما أصحاب الميمنة " هم المؤمنون من أصحاب التبعات يوقفون للحساب " و
أصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون اولئك المقربون " قد سبقوا
إلى الجنة بلا حساب . ( 1 ) " ص 661 "
102 - فس : " يوم يبعثهم الله جميعا " قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الذين
غصبوا آل محمد حقهم فيعرض عليهم أحمالهم فيحلفون له أنهم لم يعملوا منها شيئا كما
حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله في الدنيا حين حلفوا أن لا يردوا الولاية في بني هاشم ، وحين
هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة ، فلما أطلع الله نبيه صلى الله عليه وآله وأخبرهم حلفوا له أنهم
لم يقولوا ذلك ولم يهموا به ، فأنزل الله على رسوله : " يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا
كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله
ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خير لهم " قال : إذا عرض الله ذلك عليهم في القيامة
ينكرونه ويحلفون له كما حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله ، هو قوله تعالى : " يوم يبعثهم الله
جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون
استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله " أي غلب عليهم الشيطان " اولئك حزب الشيطان "


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 209 سطر 19 إلى صفحه 217 سطر 18

أي أعوانه . " ص 671 "
103 - فس : " هل أتيك حديث الغاشية " يعني قد أتاك يا محمد حديث القيامة
ومعنى الغاشية أن يغشى الناس " وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة " وهم الذين
خالفوا دين الله وصلوا وصاموا ونصبوا لامير المؤمنين عليه السلام وهو قوله تعالى : " عاملة
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : بعد قوله : " فاصحاب الميمنة ما اصحاب الميمنة " : " واصحاب المشئمة ما اصحاب
المشئمة والسابقون السابقون " الذين سبقوا الجنة بلا حساب . م ( * )
[210]
ناصبة " عملوا ونصبوا فلا يقبل منهم شئ من أفعالهم و " تصلى " وجوههم " نار حامية
تسقى من عين آينة " قال : لها أنين من شدة حرها " ليس لهم طعام إلا من ضريع " قال : عرق أهل النار وما يخرج من فروج الزواني ( 1 ) " لا يسمن ولا يغني من جوع " ثم
ذكر أتباع أمير المومنين عليه السلام فقال : " وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية " يرضى الله ما سعوا
فيه ( 2 ) " في جنة عالية لا تسمع فيها لاغية " قال : الهزل والكذب " ص 722 "
بيان : قوله : لها أنين ليس الغرض أنها مشتقة من الانين بل أنها من شدة
حرها وغليانها لها أنين ، ويحتمل أن يكون من الانين قلبت الثانية ياءا من قبيل أمليت
وفي بعض النسخ : لها نتن .
104 م : قال : قال : النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : إن الله يعلم من الحسب مالا يبلغه
عقول الخلائق ، إنه يضرب ألفا وسبعمائة في ألف وسبعمائة ، ثم ما ارتفع من ذلك في
مثله إلى أن يفعل ذلك ألف مرة ، ثم آخر ما يرتفع من ذلك عدد ما يهبه الله لك في
الجنة من القصور - وساق الحديث إلى أن قال - : وهذا العدد هو عدد من يدخلهم
الجنة ويرضى عنهم لمحبتهم لك ، وأضعاف هذا العدد من يدخلهم النار من الشياطين
من الجن والانس ببغضهم لك ووقيعتهم فيك وتنقيصهم إياك - وساقه إلى إن قال - :
ينادي مناد يوم القيامة : أين محبو علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ فيقوم قوم من الصالحين
فيقال لهم : خذوا بأيدي من شئتم في عرصات القيامة فأدخلوهم الجنة ، فأقل رجل
منهم ينجو بشفاعته من أهل تلك العرصات ألف ألف رجل ، ثم ينادي مناد : أين البقية
من محبي علي بن أبي طالب عيه السلام ؟ فيقوم قوم مقتصدون ، فيقال لهم : تمنوا على الله عز و
جل ما شئتم ، فيتمنون فيفعل بكل واحد منهم ما تمنى ، ، ثم يضعف له مائة ألف ضعف
ثم ينادي مناد : أين البقية من محبي علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ فيقوم قوم ظالمون
لانفسهم معتدون عليها ، فيقال : أين المبغضون لعلي بن أبي طالب عليهم السلام ؟ فيؤتى بهم
جم غفير وعدد عظيم كثير فيقال : ألا نجعل كل ألف من هؤلاء فداءا لواحد من محبي
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : الزناة . م
( 2 ) في المصدر : بما سعوا فيه م ( * )
[211]
علي بن أبي طالب عليه السلام ليدخلوا الجنة ، فينجي الله عزوجل محبيك ويجعل أعداءهم
فداءهم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : هذا الافضل الاكرم ، محبه محب الله ومحب رسوله ،
ومبغضه مبغض الله ومبغض رسوله .
105 - ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى ، عن عبدالرحمن ، عن أبيه
عن الوصاف ، عن أبي بريدة ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : لا يؤمر رجل على عشرة فما فوقهم
إلا جئ به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه ، فإن كان محسنا فك عنه ، وإن كان
مسيئا زيد غلا إلى غله .
106 - فر : جعفر بن محمد الاحمسي رفعه إلى أبي ذر رضي الله عنه قال : قال النبي
صلى الله عليه وآله : يا أباذر يؤتى بجاحد حق علي وولايته يوم القيامة أصم وأبكم
وأعمى ، يتكبكب في ظلمات يوم القيامة ، ينادي : يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله
ويلقى في عنقه طوق من النار ، ولذلك الطوق ثلاثمائة شعبة ، على كل شعبة شيطان
يتفل في وجهه ، ويكلح من جوف قبره إلى النار
ايضاح : الكلوح : العبوس .
107 - فر : بإسناده عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : ينادي مناد يوم القيامة :
أين المحبون لعلي عليه السلام ؟ فيقومون من كل فج عميق ، فيقال لهم : من أنتم ؟ فيقولون :
نحن المحبون لعلي الخالصون له حبا فيقال لهم : فتشركون في حبه أحدا من الناس ؟
فيقولون : لا ، فيقال لهم : ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون . " ص 152 "
108 - فر : الحسين بن سعيد ، عن علي بن السخت ، عن الحسن بن الحسين بن أحمد ،
عن أحمد بن سعيد الانماطي ، عن عبدالله بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي كذب من زعم أنه يحبني
ويبغضك ، يا علي إنه إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : ( 1 ) أين محبو
علي وشيعته ؟ أين محبو علي ومن يحبه ؟ أين المتحابون في الله ؟ أين المتباذلون في
* ( هامش ) * ( 1 ) قال الجزرى : فيه : ينادى مناد من بطنان العرش أى من وسطه ، وقيل : من أصله ،
وقل : البطنان جمع بطن وهو الغامض من الارض ، يريد : من دواخل العرش . ( * )
[212]
الله ؟ أين المؤثرون على أنفسهم ؟ أين الذين جفت ألسنتهم من العطش ؟ أين الذين
يصلون في الليل والناس نيام ؟ أين الذين يبكون من خشية الله ؟ لاخوف عليكم اليوم
ولا أنتم تحزنون ، أنتم رفقاء محمد صلى الله عليه وآله ، قروا عينا ، ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم
تحبرون . " ص 152 - 153 "
109 - فر : بإسناده عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : يا علي ما من عبد يحبك
وينتحل مودتك إلا بعثه الله يوم القيامة معنا .
110 - ثو : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن
الميثمي ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا
يبغضنا أهل البيت أحد إلا بعثه الله أجذم . " ص 197 "
111 - ثو : بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال : يحشر المكذبون بقدره تعالى
من قبورهم قد مسخوا قردة وخنازير . " ص 205 "
112 - ثو : ابن المتوكل ، عن موسى بن جعفر ، عن موسى بن عمران ، عن
النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : يجاء بأصحاب
البدع يوم القيامة فترى القدرية من بينهم كالشامة البيضاء في الثور الاسود ، فيقول الله
عزوجل : ما أردتم ؟ فيقولون : أردنا وجهك ، فيقول الله : قد أقلتكم عثراتكم وغفرت
لكم زلاتكم إلا القدرية فإنهم قد دخلوا في الشرك من حيث لا يعلمون . " ص 205 "
113 - كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن أبي داود المسترق ، عن علي بن
ميمون ، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : ثلاثة لا ينظر الله إليهم
يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : من ادعى إمامة من الله ليست له ، ومن جحد
إماما من الله ، ومن زعم أن لهما في الاسلام نصيبا .
كا : العدة : عن أحمد بن محمد ، الوشاء ، ( 1 ) عن داود الحمار ، عن ابن أبي
يعفور مثله .
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الواو وتشديد الشين نسبة إلى بيع الوشى وهو نوع من الثياب المعمولة من الابريسم .
والوشاء لقب لجماعة وعند الاطلاق ينصرف إلى الحسن بن على بن زياد أبومحمد الوشاء المترجم * ( * )
[213]
114 - ل : أبي ، عن سعد ، عن علي بن إسمعيل الاشعري ، عن محمد بن سنان ،
عن أبي مالك الجهني ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله ، وفيه : من ادعى إماما ليست إمامته
من الله . ( 1 ) " ج 1 ص 52 "
115 - م : في قوله تعالى : " إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب و
يشترون به ثمنا قليلا " قال : قال الله في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت : " إن الذين
يكتمون ما أنزل الله من الكتاب " المشتمل على ذكر فضل محمد صلى الله عليه وآله على جميع النبيين ،
وفضل علي على جميع الوصيين " ويشترون به ثمنا قليلا " يكتمونه ليأخذوا عليه عرضا
من الدنيا يسيرا ، وينالوا به في الدنيا عند جهال عباد الله رئاسة ، قال الله عزوجل : " اولئك
ما يأكلون في بطونهم إلا النار " بدلا من إصابتهم اليسير من الدنيا لكتمانهم الحق ،
" ولا يكلمهم الله يوم القيمة " بكلام خير ، بل يكلمهم بأن يلعنهم ويخزيهم ويقول :
بئس العباد أنتم ، غيرتم ترتيبي ، وأخرتم من قدمته ، وقدمتم من أخرته ، وواليتم
من عاديته ، وعاديتم من واليته " ولا يزكيهم " من ذنوبهم " ولهم عذاب أليم " موجع في النار
116 - ثو : عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : من بنى بناءا رياءا وسمعة
حمل يوم القيامة ( 2 ) إلى سبع أرضين ، ثم يطوقه نارا توقد في عنقه ثم يرمى به في النار ،
* ( هامش ) * * في فهرست النجاشى بقوله : الحسن بن على بن زياد الوشاء بجلى كوفى ، قال أبوعمرو : يكنى بأبى
محمد الوشاء ، وهو ابن بنت إلياس الصيرفى الخزار خير من أصحاب الرضا عليه السلام ، وكان من
وجوه هذه الطائفة - إلى أن قال - : أخبرنى ابن شاذان قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى ، عن
سعد ، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال : خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن على
الوشاء فسألته ان يخرج إلى كتاب العلاء بن رزين القلا وأبان بن عثمان الاحمر فأخرجهما إلى ، فقلت
له : احب أن تجيزهما لى ، فقال لى : يا رحمك الله وما عجلتك ؟ اذهب فكاتبهما واسمع من بعد ،
فقلت : لا آمن الحدثان ، فقال : لو علمت أن هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه ،
فانى أدركت في هذا المسجد تسع مائة شيخ كل يقول : حدثنى جعفر بن محمد ، وكان هذا الشيخ عينا
من عيون هذه الطائفة ، له كتب ، منها ثواب الحج والمناسك والنوادر ، وله مسائل الرضا عليه السلام اه
وله ترجمة في فهرست الطوسى ورجاله وخلاصة العلامة وغيرها من كتب الرجال .
( 1 ) وفيه أيضا : ومن جحد اماما امامته من عند الله . م
( 2 ) في ثواب الاعمال : حمله يوم القيامة . ( * )
[214]
ومن خان جاره شبرا من الارض طوقه الله يوم القيامة إلى سبع أرضين نارا حتى
يدخله جهنم ، ومن نكح امرأة حراما في دبرها أو رجلا أو غلاما حشره الله يوم القيامة
أنتن من الجيفة تتأذى به الناس حتى يدخل جهنم ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، ( 1 )
وأحبط الله عمله ، ويدعه في تابوت مشدود بمسامير من حديد ، ويضرب عليه في التابوت
بصفائح حتى يشتبك في تلك المسامير ، فلو وضع عرق من عروقه على أربعمائة امة
لماتوا جميعا وهو أشد الناس ( 2 ) عذابا ، ومن ظلم امرأة مهرها فهو عندالله زان ، يقول الله
عزوجل يوم القيامة : عبدي زوجتك أمتي على عهدي فلم تف لي بالعهد ، فيتولى الله
طلب حقها فيستوعب حسناته كلها فلا يفي بحقها فيؤمر به إلى النار ، ومن رجع عن
شهادة وكتمها أطعمه الله لحمه على رؤوس الخلائق ويدخل النار ( 3 ) وهو يلوك لسانه ،
ومن كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما في القسم من نفسه وماله جاء يوم القيامة مغلولا
مائلا شقه ( 4 ) حتى يدخل النار ، ومن صافح امرأة حراما جاء يوم القيامة مغلولا
ثم يؤمر به إلى النار ، ومن فاكه امرأة لا يملكها حبس بكل كلمة كلمها في الدنيا ألف
عام ، ( 5 ) والمرأة إذا طاوعت الرجل فالتزمها حراما أو قبلها أو باشرها حراما أو فاكهها
فأصاب بها فاحشة فعليها من الوزر ما على الرجل ، وإن غلبها على نفسها كان على
الرجل وزره ووزرها ، ومن لطم خد مسلم لطمة بدد الله عظامه ( 6 ) يوم القيامة
ثم سلط عليه النار وحشر مغلولا حتى يدخل النار ، ومن مشى في نميمة بين اثنين
سلط الله عليه في قبره نارا تحرقه إلى يوم القيامة ، فإذا خرج من قبره سلط الله تعالى
عليه ( 7 ) أسود ينهش لحمه حتى يدخل النار ، ومن بغى على فقير وتطاول عليه و
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : صدقا ولا عدلا . م
( 2 ) في المصدر : من اشد الناس . م
( 3 ) في المصدر : يدخله النار . م
( 4 ) في المصدر : شفته م
( 5 ) في المصدر : الف عام في النار . م
( 6 ) في المصدر : ومن لطم خد مسلم بدد الله عظامه اه والتبديد : التفريق . م
( 7 ) في المصدر : عليه ( شجاعا ) تنينا اسود اه . م ( * )
[215]
استحقره حشره الله تعالى يوم القيامة مثل الذرة في صورة رجل حتى يدخل النار ،
ومن رمى محصنا أو محصنة أحبط الله تعالى عمله وجلده يوم القيامة سبعون ألف ملك من
بين يديه ومن خلفه ثم يؤمر به إلى النار ، ومن شرب الخمر في الدنيا سقاه الله عزوجل
من سم الاساود ( 1 ) ومن سم العقارب شربة يتساقط لحم وجهه في الاناء قبل أن
يشربها ، فإذا شربها تفسخ لحمه وجلده كالجيفة ، يتأذى به أهل الجمع حتى يؤمر
به إلى النار ، وشاربها وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحولة
إليه ( 2 ) وآكل ثمنها سواء في عارها وإثمها ، ألا ومن سقاها يهوديا أو نصرانيا أوصابيا
أو من كان من الناس فعليه كوزر شربها ، ومن شهد شهادة زور على رجل مسلم أو
ذمي أو من كان من الناس علق بلسانه يوم القيامة وهو مع المنافقين في الدرك الاسفل
من النار ، ومن ملا عينه من مرأة حراما حشره الله يوم القيامة مسمرا بمسامير من نار
حتى يقضي ( 3 ) الله تعالى بين الناس ثم يؤمر به إلى النار ، ومن أطعم طعاما رياءا وسمعة
أطعمه الله مثله من صديد جهنم وجعل ذلك الطعام نارا في بطنه حتى يقضي بين الناس ،
ومن تعلم القرآن ثم نسيه متعمدا لقى الله تعالى يوم القيامة مجذوما مغلولا ويسلط
عليه بكل آية حية موكلة به ، ومن تعلم فلم يعمل به وآثر عليه حب الدنيا وزينتها
استوجب سخط الله عزوجل وكان في الدرك الاسفل ( 4 ) مع اليهود والنصارى ومن قرأ
القرآن يريد به السمعة والرياء بين الناس لقى الله عزوجل يوم القيامة ووجهه مظلم
ليس عليه لحم ، وزخ القرآن في قفاه حتى يدخله النار ويهوى فيها مع من يهوى ، ومن
قرأ القرآن ولم يعمل به حشره الله يوم القيامة أعمى فيقول : رب لم حشرتني أعمى وقد
كنت بصيرا ؟ فيقال : كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ، فيؤمر به إلى
* ( هامش ) * ( 1 ) جمع الاسود : الحية العظمية السوداء . وفى المصدر : سم الافاعى . ( 2 ) في المصدر : والمحول اليه . م
( 3 ) في المصدر : ومن ملاء عينيه من امرأة حراما حشاهما الله يوم القيامة بمسامير من نار
وحشاهما نارا حتى يقضى اه . م
( 4 ) في المصدر : وكان في الدرجة . م ( * )
[216]
النار ، ومن تعلم القرآن يريد به رياءا وسمعة ليماري به السفهاء أو يباهي به العلماء
أو يطلب به الدنيا بدد الله عزوجل عظامه يوم القيامة ، ولم يكن في النار أشد عذابا
منه ، وليس نوع من أنواع العذاب إلا يعذب به من شدة غضب الله وسخطه ، ( 1 ) ومن
صبر على سوء خلق امرأته احتسابا ( 2 ) أعطاه الله تعالى بكل مرة يصبر عليها من
الثواب مثل ما أعطى أيوب عليه السلام على بلائه فكان عليها من الوزر في كل يوم وليلة
مثل رمل عالج ( 3 ) فإن مات قبل أن تعينه وقبل أن يرضى عنها حشرت يوم القيامة
منكوسة مع المنافقين في الدرك الاسفل من النار ، ومن تولى عرافة ( 4 ) قوم حبس على
شفير جهنم بكل يوم ألف سنة ، وحشر ويده مغلولة إلى عنقه ، فإن قام فيهم بأمر الله
أطلقه الله ، وإن كان ظالما هوى به في نار جهنم سبعين خريفا ، ومن مشى في عيب أخيه
وكشف عورته كانت أول خطوة خطاها ووضعها في جهنم ، وكشف الله عورته على
رؤوس الخلائق ، ومن بنى على ظهر الطريق ما يأوى به عابر سبيل بعث الله عزوجل
يوم القيامة على نجيب من نور ( 5 ) ووجهه يضئ لاهل الجمع نورا حتى يزاحم إبراهيم
خليل الرحمن في قبته ، فيقول أهل الجمع : هذا ملك من الملائكة ( 6 ) " ص 269 - 383 "
اقول : سيأتي الخطبة بتمامها وإسنادها وشرحها في أبواب الاوامر والنواهي .
117 - ثو : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن المتكبرين يجعلون في
صور الذر يتوطؤهم الناس حتى يفرغ الله من الحساب . " ص 215 "
118 - ثو : عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : من صنع شيئا للمفاخرة حشره الله يوم
القيامة أسود . " ص 247 "
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : غضب الله عليه وسخطه . م
( 2 ) في المصدر : على سوء خلق امرأة واحتسبه . م
( 3 ) أي رمل متراكم .
( 4 ) العرافة : تدبير امور القوم والقيام بسياستهم .
( 5 ) في المصدر : مأوى لعابرى سبيل بعثه الله يوم القيامة على تخت من در .
( 6 ) الراوى لهذه الخطبة عنه صلى الله عليه وآله ابوهريرة وابن عباس وهى اخر خطبة خطبها
صلى الله عليه وآله ، وبها ختم كتاب عقاب الاعمال أيضا . م ( * )
[217]
119 - م : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن شر الناس عند الله يوم القيامة من يكرم
اتقاء شره .
120 - وقال صلى الله عليه وآله : من سئل عن علم فكتمه حيث يجب إظهاره وتزول عنه
التقية جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار .
121 - سن : يحيى بن مغيرة ، عن حفص ، عن زيد بن علي قال : قال أمير
المؤمنين عليه السلام : إذا كان يوم القيامة أهبط الله ريحا منتنة ( 1 ) يتأذى بها أهل الجمع
حتى إذا همت أن تمسك بأنفاس الناس ناداهم مناد : هل تدرون ما هذه الريح التي
قد آذتكم ؟ فيقولون : لا فقد آذتنا وبلغت منا كل مبلغ فيقال : هذه ريح فروج الزناة
الذين لقوا الله بالزنا ثم لم يتوبوا ، فالعنوهم لعنهم الله ، قال : فلا يبقى في الموقف أحد
إلا قال : اللهم العن الزناة . " ص 108 "
122 - ثو : عن أبي جعفر عليه السلام قال : من آمن رجلا على دم ثم قتله جاء يوم
القيامة يحمل لوء غدر . " 247 "
123 - ثو : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : يجئ يوم القيامة رجل إلى رجل حتى
يلطخه بدم والناس في الحساب فيقول : يا عبدالله مالي ولك ؟ فيقول : أعنت علي يوم
كذا بكلمة فقتلت . ( 2 ) " ص 226 "
124 - ثو : بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال : ما من نفس تقتل برة ولا فاجرة إلا
وهي تحشر يوم القيامة متعلقا بقاتله بيده اليمنى ، ورأسه بيده اليسرى ، وأوداجه تشخب
دما ، يقول : يا رب سل هذا : فيم قتلني ؟ فإن كان قتله ( 3 ) في طاعة الله عزوجل اثيب


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 217 سطر 19 إلى صفحه 225 سطر 18

القاتل وذهب بالمقتول إلى النار ، وإن قال : في طاعة فلان قيل له : اقتله كما قتلك ،
ثم يفعل الله فيهما بعد مشيته . " 267 "
125 - لى : بإسناده عن الصادق ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : أقسم ربي جل جلاله
لا يشرب عبد لي خمرا في الدنيا إلا سقيته يوم القيامة مثل ما شرب منها من الحميم معذبا
* ( هامش ) * ( 1 ) في المحاسن المطبوع : أهب الله ريحا منتنة . وهو الاصح .
( 2 ) في المصدر : اعنت على يوم كذا وكذا بكلمة كذا . م
( 3 ) الظاهر : فان قال : كان قتله اه . ( * )
[218]
بعد أو مغفورا له ، ثم قال : إن شارب الخمر يجئ يوم القيامة مسودا وجهه ، مزرقة
عيناه ، مائلا شدقه ، سائلا لعابه ، دالعا لسانه ( 1 ) من قفاه . " 250 "
126 - يه : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من كتم
الشهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم أو ليتوي مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة
ولوجهه ظلمة مد البصر ، وفي وجهه كدوح يعرفه الخلائق باسمه ونسبه ، ومن شهد
شهادة حق ليحيي بها مال امرء مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه نور مد البصر تعرفه
الخلائق باسمه ونسبه ، ثم قال أبوجعفر عليه السلام : ألا ترى أن الله عزوجل يقول : " و
أقيموا الشهادة لله " . " ص 329 "
توضيح : الاتواء : الاهلاك . والكدوح جمع الكدح : وهو الخدش
127 - فر : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من آثر الدنيا على الآخرة
حشره الله يوم القيامة أعمى .
128 - ثو : بإسناده عن إبي عبدالله عليه السلام قال : ثلاثة يعذبون يوم القيامة :
من صور صورة من الحيوان يعذب حتى ينفخ فيها وليس بنافخ فيها ، ( 2 ) والذي
يكذب في منامه يعذب حتى يعقد ( 3 ) بين شعيرتين وليس بعاقدهما ، والمستمع من قوم
وهم له كارهون يصب في اذنيه الآنك - وهو الاسرب - . " 216 "
129 - ثو : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من لقى المسلم بوجهين ولسانين
جاء يوم القيامة وله لسانان من نار . " 259 "
130 - وعن زيد بن علي ، آبائه ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : يجئ يوم القيامة
ذوالوجهين دالعا لسانه في قفاه ، وآخر من قدامه يلتهبان نارا حتى يلهبا جسده ،
ثم يقال له : هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين ولسانين ، يعرف بذلك يوم القيامة .
" ص 259 "
* ( هامش ) * ( 1 ) دلع لسانه : أخرجه من فمه .
( 2 ) ليست في المصدر جملة : وليس بنافخ فيها . م
( 3 ) في المصدر : يقعد ( يعقد خ ل ) . م ( * )
[219]
131 - ثو : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من أكل مال أخيه ظلما ولم يرد عليه
أكل جذوة من نار ( 1 ) يوم القيامة . " ص 262 "
132 - من كتاب صفات الشيعة للصدوق رحمه الله بإسناده ، عن محمد بن صالح ، عن
أبي العباس الدينوري ، عن محمد بن الحنفية قال : لما قدم أميرالمؤمنين البصرة بعد قتال
أهل الجمل دعاه الاحنف بن قيس واتخذ له طعاما فبعث إليه صلوات الله عليه وإلى
أصحابه فأقبل ثم قال : يا أحنف ادع لي أصحابي ، فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم
شنان بوالي ، ( 2 ) فقال الاحنف بن قيس : يا أمير المؤمنين ما هذا الذي نزل بهم ؟ أمن
قلة الطعام أو من هول الحرب ؟ فقال صلوات الله عليه : لا يا أحنف إن الله سبحانه أحب
أقواما تنسكوا له في دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم من يوم القيامة
من قبل أن يشاهدوها ، فحملوا أنفسهم على مجهودها ، وكانوا إذا ذكروا صباح يوم
العرض على الله سبحانه توهموا خروج عنق يخرج من النار يحشر الخلائق إلى ربهم
تبارك وتعالى ، وكتاب يبدو فيه على رؤوس الاشهاد فضائح ذنوبهم ، فكادت أنفسهم
تسيل سيلا ، أو تطير قلوبهم بأجنحة الخوف طيرانا ، وتفارقهم عقولهم إذا غلت بهم من
أجل المجرد ( 3 ) إلى الله سبحانه غليانا ، فكانوا يحنون حنين الواله في دجى الظلم ،
وكانوا يفجعون من خوف ما أوقفوا عليه أنفسهم ، فمضوا ذبل الاجسام ( 4 ) حزينة
قلوبهم ، كالحة وجوههم ذابلة شفاههم ( 5 ) خامصة بطونهم ، ( 6 ) متخشعون كأنهم
شنان بوالي ، قد أخلصوا لله أعمالهم سرا وعلانية ، فلم تأمن من فزعه قلوبهم ، بل كانوا
كمن جر سواقباب خراجهم ، فلو رأيتهم في ليلتهم وقد نامت العيون ، وهدأت الاصوات ، ( 7 )
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : من النار اه . م
( 2 ) شنان جمع الشن : القربة البالية ، وبوالى جمع بالى . أي خلق .
( 3 ) كذا في متن نسخة المصنف وفى هامشة بخطه الشريف : المحشر ظ . وفي المطبوع : التجرد .
( 4 ) ككتب وركع جمع الذابل : الدقيق ، المهزول .
( 5 ) أى جافة من العطش .
( 6 ) أى ضامرة من الجوع .
( 7 ) أى سكنت أصواتهم . ( * )
[220]
وسكنت الحركات ، وقد نبههم هول يوم القيامة والوعيد كما قال سبحانه : " أفأمن
أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون " فاستيقظوا لها فزعين ، وقاموا إلى صلاتهم
معولين ( 1 ) باكين تارة ، واخرى مسبحين ، يبكون في محاريبهم ويرنون ، يصطفون
ليلة مظلمة بهماء يبكون ، فلو رأيتهم يا أحنف في ليلتهم قياما على أطرافهم ، منحنية
ظهورهم ، يتلون أجزاء القرآن لصلاتهم ، قد اشتدت أعوالهم ونحيبهم وزفيرهم ، إذا
زفروا خلت النار قد أخذت منهم إلى حلاقيمهم ، وإذا أعولوا حسبت السلاسل قد
صفدت في أعناقهم ، فلو رأيتهم في نهارهم إذا لرأيت قوما يمشون على الارض هونا
ويقولون للناس حسنا ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، وإذا مروا باللغو
مروا كراما قد قيدوا أقدامهم من التهمات ، وأبكموا ألسنتهم أن يتكلموا في أعراض
الناس ، وسجموا أسماعهم أن يلجها خوض خائض ، وكحلوا أبصارهم بغض البصر من
المعاصي ، وانتحوا دار السلام التي من دخلها كان آمنا من الريب والاحزان ، فلعلك
ياأحنف شغلك نظرك إلى الدنيا عن الدار التي خلقها الله سبحانه من لؤلؤة بيضاء ،
فشقق فيها أنهارها ، وكبسها بالعواتق من حورها ، ثم سكنها أولياؤه وأهل طاعته ،
فلو رأيتهم يا أحنف وقد قدموا على زيادات ربهم سبحانه صوتت رواحلهم بأصوات
لم يسمع السامعون بأحسن منها ، وأظلتهم غمامة فأمطرت عليهم المسك والزعفران ،
وصهلت خيولها بين أغراس تلك الجنان ، وتخللت بهم نوقهم بين كتب الزعفران ،
ويتطأمن ( 2 ) تحت أقدامهم اللؤلؤ والمرجان ، واستقبلتهم قهارمتها ( 3 ) بمنابر الريحان
وهاجت لهم ريح من قبل العرش فنثرت عليهم الياسمين والاقحوان ، ذهبوا إلى بابها
فيفتح لهم الباب رضوان ، ثم يسجدون لله في فناء الجنان ، فقال لهم الجبار : ارفعوا
رؤوسكم فإني قد رفعت عنكم مؤونة العبادة وأسكنتكم جنة الرضوان ، فإن فاتك
يا أحنف ما ذكرت في صدر كلامي لتتركن في سرابيل القطران ، ولتطوفن بينها
وبين حميم آن ، ولتسقين شرابا حار الغليان ، فكم يومئذ في النار من صلب محطوم ،
* ( هامش ) * ( 1 ) أي رافعين صوتهم بالبكاء والصياح .
( 2 ) تطأمن : انخفض .
( 3 ) جمع القهرمان : الوكيل ، أو أمين الدخل والخرج . ( * )
[221]
ووجه مهشوم ومشوه مضروب على الخرطوم ، قد أكلت الجامعة كفه ، والتحم الطوق
بعنقه ، فلو رأيتهم يا أحنف ينحدرون في أوديتها ، ويصعدون جبالها ، وقد البسوا
المقطعات من القطران ، واقرنوا مع أفجارها وشياطينها ، فإذا استغاثوا من حريق
شدت عليهم عقاربها وحياتها ، ولو رأيت مناديا ينادي وهو يقول : يا أهل الجنة و
نعيمها ويا أهل حليها وحللها خلدوا فلا موت ، فعندها ينقطع رجاؤهم ، وتغلق
الابواب ، وتنقطع بهم الاسباب ، فكم يومئذ من شيخ ينادي ، واشيبتاه ، وكم من شاب
ينادي : واشباباه وكم من امرأة تنادي : وافضيحتاه ، هتكت عنهم الستور ، فكم يومئذ
من مغموس بين أطباقها محبوس ، يا لك غمسة ألبسك بعد لباس الكتان والماء المبرد
على الجدران وأكل الطعام ألوانا بعد ألوان لباسا لم يدع لك شعرا ناعما إلا بيضة ،
ولا عينا كنت تبصر بها إلى حبيب إلا فقأها ، هذا ما أعد الله للمجرمين ، وذلك ما أعد
الله للمتقين .
بيان : قال الفيروز آبادي : سجم على الامر : أبطأ ، فقوله عليه السلام : سجموا على
بناء التفعيل أي جعلوها مبطئة عن استماع ما يخوض فيه الناس من الباطل ومعائب
الناس . قوله عليه السلام : انتحوا أي قصدوا . قوله عليه السلام : وكسبها أي ملاها وشحنها من
قولهم : كبس البئر : طمه بالتراب ، والعواتق جمع العاتق وهي الشابة أول ما تدرك .
قوله : بمنابر الريحان أي الرياحين المنبرة المرتفعة لنضد بعضها فوق بعض في الاسفاط ( 1 )
والاقحوان بالضم : البابونج . واعلم أن الخبر لما كان محرفا سقيما أسقطنا منه بعضه
وسيأتي بتمامه وشرحه في باب صفات الشيعة .
133 - وروى الصدوق رحمه الله في كتاب فضائل الشيعة عن أبيه ، عن المؤدب ، عن
أحمد بن علي الاصفهاني ، عن محمد بن أسلم الطوسي ، عن أبي رجاء ، عن نافع ، عن ابن
عمر ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في حديث طويل : ألا ومن أحب عليا فقد أحبني ،
ومن أحبني فقد رضي الله عنه ، ومن رضي عنه كافاه الجنة ألا ومن أحب عليا
لا يخرج من الدنيا حتى يشرب من الكوثر ، ويأكل من طوبى ، ويرى مكانه في الجنة ،
* ( هامش ) * ( 1 ) جمع السفط ما يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء . ( * )
[222]
ألا ومن أحب عليا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخلها من أي باب شاء بغير حساب ،
ألا ومن أحب عليا أعطاه الله كتابه بيمينه وحاسبه حساب الانبياء ، ألا ومن أحب عليا
هون الله عليه سكرات الموت ، وجعل قبره روضة من رياض الجنة ، ألا ومن أحب
عليا أعطاه الله بكل عرق في بدنه حوراء ، وشفع في ثمانين من أهل بيته ، وله بكل
شعرة في بدنه حوراء ومدينة في الجنة ، ألا ومن أحب عليا بعث الله إليه ملك الموت
كما يبعث إلى الانبياء ، ودفع الله عنه هول منكر ونكير ، وبيض وجهه ، وكان مع
حمزة سيد الشهداء ، ألا ومن أحب عليا جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر ،
ألا ومن أحب عليا وضع على رأسه تاج الملك ، والبس حلة الكرامة ، ألا ومن أحب
عليا جاز على الصراط كالبرق الخاطف ، ألا ومن أحب عليا كتب الله له براءة من النار ،
وجوازا على الصراط ، وأمانا من العذاب ، ولم ينشر له ديوان ، ولم ينصب له ميزان ،
وقيل له : ادخل الجنة بلا حساب ، ألا ومن أحب آل محمد أمن من الحساب والميزان
والصراط . ، ألا ومن مات على حب آل محمد فأنا كفيله بالجنة مع الانبياء ، ألا ومن مات
على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة .
134 - ثو : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من سأل الناس وعنده قوت ثلاثة أيام
لقى الله عزوجل يوم يلقاه وليس على وجهه لحم . " ص 265 "
135 - ثو : عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال علي عليه السلام : من قرأ القرآن
يأكل به الناس ( 1 ) جاء يوم القيامة ووجهه عظم لا لحم فيه . " ص 268 "
136 - كا : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الرجل لينسى سورة من
القرآن فيأتيه يوم القيامة حتى يشرف عليه درجة من بعض الدرجات فتقول :
السلام عليك ، فيقول : وعليك السلام من أنت ؟ فتقول : أنا سورة كذا وكذا ، ضيعتني
أما لو تمسكت بي بلغت بك هذه الدرجة ، الخبر . " ص 609 "
137 - ل : بإسناده عن جابر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : يجئ يوم
القيامة ثلاثة يشكون : المصحف ، والمسجد ، والعترة ، يقول المصحف : يارب حرفوني
* ( هامش ) *
( 1 ) في المصدر : ليأكل به الناس . م ( * )
[223]
ومزقوني ، ويقول المسجد : يا رب عطلوني وضيعوني ، وتقول العترة : يا رب قتلونا
وطردونا وشردونا ، فاجثوا ( 1 ) للركبتين للخصومة ، فيقول الله جل جلاله : أنا أولى
بذلك . " ج 1 ص 83 "
بيان : المزق والتمزيق : الخرق . قوله : أنا أولى بذلك أي بالخصام والانتقام ،
لانهم فعلوا ذلك بكتابي وبيتي وعترتي .
138 - كا : عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ثلاثة لا يكلمهم الله
ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك جبار ، و
مقل مختال . " ج 2 ص 311 "
139 - ل : بإسناده عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أربعة لا ينظر
الله إليهم يوم القيامة : عاق ، ومنان ، ومكذب بالقدر ، ومدمن خمر . ( 2 )
" ج 1 ص 94 - 95 "
140 - سن : عن المفضل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : تفقهوا في دين الله ، ولا
تكونوا أعرابا ، فإن من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك
له عملا " ص 228 "
141 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن عبدالله بن راشد ، عن أبي
الصلت الهروي ، عن أبيه ( 3 ) عن جده ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام
* ( هامش ) *
( 1 ) جثى يجثو جثوا : جلس على ركبتيه .
( 2 ) في المصدر : ومدمن بالخمر . م
( 3 ) هكذا في النسخ ، وفى الاسناد إرسال في موضعين منه ، فنذكر الحديث بألفاظه
من أمالى المطبوع حتى يتضح ذلك ، وهو هكذا : أخبرنا جماعة ، قالوا : أخبرنا أبو
المفضل : قال : حدثنا أبوعبدالله محمد بن عبدالله بن راشد الطاهرى الكاتب في دار عبدالرحمن
ابن عيسى بن داود بن الجراج وبحضرته أملا يوم الثلثا لتسع خلون من جمادى الاولى سنة أربع
وعشرين وثلاث مائة ، قال : حملنى على بن محمد بن محمد بن الفرات في وقت من الاوقات برا
واسعا إلى أبى أحمد عبيد الله بن عبدالله بن الطاهر فأوصلته إليه ووجدته على إضافة شديدة فقبله و
كتب في الوقت بديهة الشعر - :
أياديك عندى معظمات جلائل * طوال المدى شكرى لهن قصير * ( * )
[224]
قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : يؤتى بعبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عزو جل فيأمر به
إلى النار ، فيقول : أي رب ! أمرت بي إلى النار وقد قرأت القرآن ؟ ! فيقول الله : أي
عبدي ! إني أنعمت عليك فلم تشكر نعمتي ، فيقول : أي رب ! أنعمت علي بكذا
فشكرتك بكذا ، وأنعمت علي بكذا وشكرتك بكذا ، فلا يزال يحصي النعم ويعدد
الشكر ، فيقول الله تعالى : صدقت عبدي إلا أنك لم تشكر من أجريت لك نعمتي
على يديه ، وإني قد آليت على نفسي أن لا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتى
يشكر سائقها من خلقي إليه . ( 1 )
142 - كا : بإسناده ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا كءان يوم القيامة كشف
غطاء من أغطية الجنة ، فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام إلا صنف
واحد ، قلت : من هم ؟ قال : العاق لوالدية . " ج 2 ص 348 "
143 - م : قال الامام عليه السلام : قال علي بن أبي طالب عليه السلام : من كان من شيعتنا
عالما بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه جاء
يوم القيامة وعلى رأسه تاج من نور يضئ لاهل جميع تلك العرصات ، وعليه حلة لا
يقوم لاقل سلك منها الدنيا بحذافيرها ، ثم ينادي مناد : يا عباد الله هذا عالم من
تلامذة بعض آل محمد ، ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبث بنوره ليخرجه
من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزه الجنان ، فيخرج كل من كان علمه في الدنيا ، أو
فتح عن قلبه من الجهل قفلا ، أو أوضح له عن شبهة . وقال : قالت الصديقة فاطمة
* ( هامش ) *
* فان كنت عن شكرى غنيا فاننى * إلى شكر ما أوليتنى لفقير
قال : فقلت : هذا - أعز الله الامير - حسن ، قال : أحسن منه ما سرقته ، فقلت : وما هو ؟ قال : حديثان
حدثنى بهما أبوالصلت عبدالسلام بن صالح الهروى : قال : حدثنى أبوالحسن على بن موسى الرضا عليه
السلام قال : حدثنى أبى ، عن جدى جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده أمير المؤمنين صلوات الله
عليهم اجمعين قال : قال النبى صلى الله عليه وآله : أسرع الذنوب عقوبة كفران النعمة . وحدثنى
أبوالصلت بهذا الاسناد قال : قال النبى صلى الله عليه وآله : يؤتى بعبد يوم القيامة . اه
( 1 ) في الامالى المطبوع : حتى يشكر من ساقها من خلقى إليه . قلت : وللحديث ذيل لم يذكره هنا . ( * )
[225]
الزهرا عليها السلام : سمعت أبي صلى الله عليه وآله يقول : إن علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع
الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدهم في إرشاد عباد الله حتى يخلع على الواحد
منهم ألف ألف خلعة من نور ، ثم ينادي منادي ربنا عزوجل : أيها الكافلون لايتام آل
محمد والناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمتهم هؤلاء تلامذتكم والايتام
الذين تكفلتموهم ونعشتموهم فاخلعوا عليهم كما خلعتموهم خلع العلوم في الدنيا ،
فيخلعون على كل واحد من اولئك الايتام على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم ،
حتى أن فيهم - يعني في الايتام - لمن يخلع عليه مائة ألف خلعة من نور ، وكذلك
يخلع هؤلاء الايتام على من تعلم منهم ، ثم إن الله تعالى يقول : أعيدوا على هؤلاء
الكافلين للايتام حتى تتموا لهم خلعهم وتضعفوها ، فيتم لهم ما كان لهم قبل
أن يخلعوا عليهم ويضاعف لهم ، وكذلك من بمرتبتهم ممن خلع عليه على مرتبتهم ، فقالت
فاطمة عليها السلام : إن سلكا من تلك الخلع لافضل مما طلعت عليه الشمس ألف
ألف مرة . قال : وقال علي بن موسى عليه السلام : يقال للعابد يوم القيامة : نعم الرجل
كنت همتك ذات نفسك وكفيت الناس مؤونتك فادخل الجنة ، فيقال للفقيه :
يا أيها الكفيل لايتام آل محمد الهادي لضعفاء محبيه ومواليه قف حتى تشفع لكل من
أخذ عنك أو تعلم منك ، فيقف فيدخل الجنة معه فئام وفئام ( 1 ) حتى قال عشرا ،
وهم الذين أخذوا عنه علومه وأخذوا عمن أخذ عنه ، وعمن أخذ عنه إلى يوم القيامة
فانظروا كم فرق ما بين المنزلتين ؟ .
ثم قال : قال الحسن بن علي عليهما السلام : يأتي علماء شيعتنا القوامون لضعفاء


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 225 سطر 19 إلى صفحه 233 سطر 18

محبينا وأهل ولايتنا يوم القيامة والانوار تسطع من تيجانهم ، على رأس كل واحد منهم
تاج ( بهاء خ ل ) قد انبثت تلك الانوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة ألف سنة ،
فشعاع تيجانهم ينبث فيها كلها ، فلا يبقى هنك يتيم قد كفلوه ومن ظلمة الجهل و
حيرة التيه أخرجوه إلا تعلق بشعبة من أنوارهم فرفعتهم في العلو حتى يحاذى بهم
ربض غرف الجنان ، ثم ينزلهم على منازلهم المعدة لهم في جوار استاديهم ومعلميهم ،
* ( هامش ) *
( 1 ) الفئام : الجماعة الكثيرة من الناس . ( * )
[226]
وبحضرة أئمتهم الذين كانوا إليهم يدعون ، ولا يبقى ناصب من النواصب يصيبه من شعاع
تلك التيجان إلا عميت عليناه وصمت اذناه وخرس لسانه ، ويحول عليه أشد من لهب
النيران فيحملهم حتى يدفعهم إلى الزبانية فيدعوهم إلى سواء الجحيم .
وقال : قال موسى بن جعفر عليهما السلام : من أعان محبا لنا على عدو لنا فقواه وشجعه
حتى يخرج الحق الدال على فضلنا بأحسن صورة ، ويخرج الباطل الذي يروم به
أعداؤنا في دفع حقنا في أقبح صورة ، حتى يتنبه الغافلون ، ويستبصر المتعلمون ،
ويزداد في بصائرهم العالمون ، بعثه الله يوم القيامة في أعلى منازل الجنان ، ويقول : يا
عبدي الكاسر لاعدئي ، الناصر لاوليائي المصرح بتفضيل محمد خير أنبيائي ، وبتشريف
علي أفضل أوليائي ، وتناوي من ناواهما وتسمي بأسمائهما وأسماء خلفائهما وتلقب
بألقابهم ، فيقول ذلك ويبلغ الله ذلك جميع أهل العرصات ، فلا يبقى كافر ولا جبار ولا
شيطان إلا صلى على هذا الكاسر لاعداء محمد ، ولعن الذين كانوا يناصبونه في الدنيا
من النواصب لمحمد وعلي عليهما السلام .
وقال علي بن موسى الرضا عليه السلام : أفضل ما يقدمه العالم من محبينا وموالينا
أمامه ليوم فقره وفاقته وذله ومسكنته أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبينا من يد ناصب
عدو لله ولرسوله يقوم من قبره والملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محله من
جنان الله ، فيحملونه على أجنحتهم ، يقولون : مرحبا طوباك طوباك يا دافع الكلاب
عن الابرار ، ويا أيها المتعصب للائمة الاخيار ، الخبر .
بيان : الربض محركة : سور المدينة .
144 - لى : بإسناده عن الصادق عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله عز و
جل الناس في صعيد واحد ، ووضعت الموازين فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء
فترجح مداد العلماء على دماء الشهداء . " 101 - 102 "
145 - ع : بإسناده عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إن
الله عزوجل يجمع العلماء يوم القيامة فيقول لهم : لم أضع نوري وحكمي في صدوركم
[227]
إلا وأنا اريد بكم خير الدنيا والآخرة ، اذهبوا فقد غفرت لكم على ما كان منكم .
" ص 160 "
اقول : قد مر وسيأتي تلك الاخبار مع أشباهها بأسانيدها في أبوابها ، وحذفنا
بعض الاسانيد ههنا روما للاختصار .
147 - كنز : محمد بن العباس ، عن محمد بن الحسن بن علي بن مهران ، عن أبيه
عن جده ، عن الحسن بن محبوب ، عن الاحول ، عن سلام بن المستنير قال : سألت أبا
جعفر عليه السلام عن قوله تعالى : " يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا " الآية ، قال :
فقال : أما إنها نزلت فينا وفي شيعتنا وفي المنافقين الكفار ، أما إنه إذا كان يوم القيامة
وحبس الخلائق في طريق المحشر ضرب الله سورا من ظلمة فيه باب فيه الرحمة - يعني
النور - وظاهره من قبله العذاب - يعني الظلمة - فيصيرنا الله وشيعتنا في باطن السور
الذي فيه الرحمة والنور ، وعدونا والكفار في ظاهر السور الذي فيه الظلمة ،
فيناديكم عدونا وعدوكم من الباب الذي في السور من ظاهره : ألم نكن معكم في
الدنيا ؟ نبينا ونبيكم واحد ؟ وصلاتنا وصلاتكم وصومنا وصومكم وحجنا وحجكم
واحد ؟ قال : فيناديهم الملك من عند الله : بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم بعد نبيكم ثم
توليتم وتركتم اتباع من أمركم به نبيكم ، وتربصتم به الدوائر ، وارتبتم فيما قال
فيه نبيكم ، وغرتكم الاماني ، وما اجتمعتم عليه من خلافكم على أهل الحق ، و
غركم حلم الله عنكم في تلك الحال ، حتى جاء الحق - ويعني بالحق ظهور علي بن
أبي طالب ومن ظهر من الائمة عليهم السلام بعده بالحق - وقوله : " وغركم بالله
الغرور " يعني الشيطان " فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا " أي لا تؤخذ لكم
حسنة تفدون بها أنفسكم " مأويكم النار هي موليكم وبئس المصير " .
148 وري أيضا تأويل آخر عن عطاء ، عن ابن عباس قال : سألت رسول
الله صلى الله عليه وآله عن هذه الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا السور ، وعلي الباب .
بيان : فالمراد على التفسير الاخير : من دخل الباب بإطاعة علي عليه السلام وموالاته
فهو في الرحمة ، ومن لم يدخل فهو في الحيرة في الدنيا ، والظلمة والعذاب في الآخرة ، ولا
[228]
ينافي التفسير الاول لان السور المضروب وبابه هما ولاية محمد وعلى صلوات الله عليهما و
مثلا للناس ، وجميع الاحوال والافعال في الدنيا تتجسم وتتمثل في النشأة الاخرى ،
إما بخلق الامثلة الشبيهة لها بإزائها ، أو بتحول الاعراض هناك جواهر ، والاول
أوفق لحكم الحق ، ولا ينافيه صريح ما ورد في النقل .
قال الشيخ البهائي قدس الله روحه : تجسم الاعمال في النشأة الاخروية قد ورد
في أحاديث متكثرة من طرق المخالف والمؤالف ، وقد روى أصحابنا رضي الله عنهم
عن قيس بن عاصم ( 1 ) قال : وفدت مع جماعة من بني تميم على النبي صلى الله عليه وآله فدخلت
عليه وعنده الصلصال بن الدلهمس ( 2 ) فقلت : يا نبي الله عظنا موعظة ننتفع بها ، فإنا قوم
نعبر في البرية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا قيس إن مع العز ذلا ، وإن مع الحياة موتا
وإن مع الدنيا آخرة ، وإن لكل شئ حسيبا ، وإن لكل أجل كتابا ، وإنه لابد لك
يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي ، وتدفن معه وأنت ميت ، فإن كان كريما أكرمك
* ( هامش ) * ( 1 ) هو قيس بن عاصم بن سنان بن خالد المنقرى : قال ابن حجر في التقريب ص 426 :
صحابى مشهور بالحلم نزل البصرة انتهى . وترجمه ابن عبدالبر في الاستيعاب " ج 3 ص 224 " وقال : قدم
في وفد بنى تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في سنة تسع فلما رآه رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : هذا سيد أهل الوبر ، وكان رضى الله عنه عاقلا حليما مشهورا بالحلم ، وكان
قد حرم على نفسه الخمر في الجاهلية اه . قلت : لم نجد ترجمته في كتب أصحابنا رضوان الله تعالى عليهم .
( 2 ) ترجمه ابن حجر في الاصابة " ج 2 ص 186 " قال : قال ابن حبان : له صحبة ، وحكى عن أمالى
ابن دريد عن أبى حاتم السجستانى ، عن العتبى ، عن أبيه قال : قيس بن عاصم فوفدت مع جماعة
من بنى تميم فدخلت عليه وعنده الصلصال بن الدلهمس فقال قيس : يا رسول الله عظنا عظة ننتفع بها
فوعظهم موعظة حسنة ، فقال قيس : احب أن يكون هذا الكلام أبياتا من الشعر نفتخر به على من
يلينا وندخرها فأمر من يأتيه بحسان ، فقال الصلصال : يا رسول الله قد حضرنى أبيات أحسبها توافق
ما أراد قيس ، فقال : هاتها ، فقال :
تجنب خليطا من مقالك انما * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل -
ولابد بعد الموت من أن تعده * ليوم ينادى المرء فيه فيقبل -
وان كنت مشغولا بشئ فلا تكن * بغير الذى يرضى به الله تشغل -
ولن يصحب الانسان من قبل موته * ومن بعده الا الذى كان يعمل -
ألا انما الانسان ضيف لاهله * يقيم قليلا بينهم ثم يرحل ( * )
[229]
وإن كان لئيما أسلمك ، ثم لا يحشر إلا معك ، ولا تحشر إلا معه ، ولاتسأل إلا عنه ،
فلا تجعله إلا صالحا ، فإنه إن صلح آنست به ، وإن فسد لاتستوحش إلا منه ، وهو
فعلك ، الخبر .
ثم قال : قال بعض أصحاب القلوب : إن الحيات والعقارب بل والنيران التي تظهر
في القبر والقيامة هي بعينها الاعمال القبيحة والاخلاق الذميمة والعقائد الباطلة التي
ظهرت في هذه النشأة بهذه الصورة ، وتجلببت بهذه الجلابيب ، كما أن الروح والريحان
والحور والثمار هي الاخلاق الزكية والاعمال الصالحة والاعتقادات الحقة التي
برزت في هذا العالم بهذا الزي وتسمت بهذا الاسم ، إذ الحقيقة الواحدة تختلف صورها
باختلاف الاماكن ، فتحلى في كل موطن بحلية ، وتزيى في كل نشأة بزي ، وقالوا :
إن اسم الفاعل في قوله تعالى : " يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين "
ليس بمعنى الاستقبال بأن يكون المراد أنها ستحيط بهم في النشأة اخرى ، كما
ذكره الظاهريون من المفسرين ، بل هو على حقيقته أي معنى الحال فإن قبائحم
الخلقية والعملية والاعتقادية محيطة بهم في هذه النشأة ، وهي بعينها جهنم التي
ستظهر عليهم في النشأة الاخروية بصورة النار وعقاربها وحياتها ، وقس على ذلك
قوله تعالى : " الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا " و
كذلك قوله تعالى : " يوم تجد كل نفس ما علمت من خير محضرا " ليس المراد أنها تجد
جزاءه بل تجده بعينه لكن ظاهرا في جلباب آخر ، وقوله تعالى : " فاليوم لا تظلم نفس
شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعلمون " كالصريح في ذلك ومثله في القرآن العزيز كثير ،
وورد في الاحاديث النبوية منه ما لايحصى كقوله صلى الله عليه وآله : الذي يشرب في آنية الذهب
والفضة فإنما يجرجر في جوفه نار جهنم ، وقوله صلى الله عليه وآله : الظلم ظلمات يوم القيامة ،
وقوله صلى الله عليه وآله : الجنة قيعان وإن غراسها : سبحان الله وبحمده ، إلى غير ذلك من
الاحاديث المتكثرة ، والله الهادي ، انتهى كلامه رفع الله مقامه .
اقول : القول باستحالة انقلاب الجوهر عرضا والعرض جوهرا في تلك النشأة مع
القول بإمكانها في النشأة الآخرة قريب من السفسطة إذا النشأة الآخرة ليست إلا مثل تلك
[230]
النشأة ، وتخلل الموت والاحياء بينهما لا يصلح أن يصير منشأ لامثال ذلك ، والقياس
على حال النوم واليقظة أشد سفسطة إذ ما يظهر في النوم إنما يظهر في الوجود
العلمي ، وما يظهر في الخارج فإنما يظهر بالوجود العيني ، ولا استبعاد كثيرا في اختلاف
الحقائق بحسب الوجودين ، وأما النشأتان فهما من لوجود العيني ولا اختلاف بينهما إلا بما
ذكرنا ، وقد عرفت أنه لا يصلح لاختلاف الحكم العقلي في ذلك ، وأما الآيات والاخبار
فهي غير صريحة في ذلك ، إذ يمكن حملها على أن الله تعالى يخلق هذه بإزاء تلك أو هي
جزاؤها ، ومثل هذا المجاز شائع ، وبهذا الوجه وقع التصريح في كثير من الاخبار و
الآيات ، والله يعلم وحججه عليهم السلام .
( باب 8 )
* ( آخر في ذكر الركبان يوم القيامة ) *
1 - جا ، ما : المفيد ، عن الحسن بن علي بن الفضل الرازي ، عن علي بن أحمد
العسكري ، عن محمد بن هارون الهاشمي ، عن إبراهيم بن مهدي الابلي ، عن إسحاق
ابن سليمان الهاشمي ، عن أبيه ، عن هارون الرشيد ، عن أبيه المهدي ، عن الدوانيقي
عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن عبدالله بن عباس ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول : يا أيها الناس نحن في القيامة ركبان أربعة ليس غيرنا ، فقال
له قائل : بأبي أنت وامي يا رسول الله من الركبان ؟ قال : أنا على البراق ، وأخي صالح
على ناقة الله التي عقرها قومه ، وابنتي فاطمة على ناقتي العضباء ، ( 1 ) وعلي بن أبي
طالب على ناقة من نوق الجنة ، خطامها من اللؤلؤ الرطب ، وعيناها من ياقوتتين
حمراوين ، وبطنها من زبرجد أخضر ، عليها قبة من لؤلؤة بيضاء يرى ظاهرها من باطنها
وباطنها من ظاهرها ، ظاهرها من رحمة الله ، وباطنها من عفو الله ، إذا أقبلت زفت ،
وإذا أدبرت زفت ، وهو أمامي ، على رأسه تاج من نور يضئ لاهل الجمع ذلك
* ( هامش ) * ( 1 ) بالعين المهملة والضاد المعجمة علم لناقته صلى الله عليه وآله . راجع ما يأتى من
كلام المصنف بعد الخبر السابع . ( * )
[231]
التاج ، له سبعون ركنا ، كل ركن يضئ كالكوكب الدري في افق السماء ، بيده
لواء الحمد ، وهو ينادي في القيامة : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فلا يمر بملا من الملائكة
إلا قالوا : نبي مرسل ، ولا يمر بنبي إلا يقول : ملك مقرب ، فينادي مناد من بطنان
العرش : يا أيها الناس ليس هذا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا حامل عرش ، هذا
علي بن أبي طالب ، وتجئ شيعته من بعده فينادي مناد لشيعته : من أنتم ؟ فيقولون :
نحن العلويون ، فيأتيهم النداء : أيها العلويون أنتم آمنون ادخلوا الجنة مع من كنتم
توالون . " ص 159 - 160 ص 21 - 22 "
بيان : قوله صلى الله عليه وآله : ظاهرها من رحمة الله أي تلك القبة محفوفة ظاهرا وباطنا
برحمة الله وعفوه ، فهو كناية عن أنه عليه السلام يأتي مع الرحمة والعفو فيشفع للمذنبين ، و
يخلصهم من أهوال يوم الدين ، وإنما خص الرحمة بالظاهر لان ما يظهر أولا للخلق
هو كونه عليه السلام مكرما بكرامة الله ورحماته ، ومنه يستنبطون أن شفاعته يصير سببا لعفو
الله عن خطاياهم فهذا باطنها .
قوله صلى الله عليه وآله : إذا أقبلت أي الناقة . زفت أي أسرعت ، قال الجزري في النهاية :
في الحديث : يزف علي بيني وبين إبراهيم عليه السلام إلى الجنة ، إن كسرت الزاء فمعناه : يسرع
من زف في مشيه وأزف : إذا أسرع ، وإن فتحت فهو من زففت العروس أزفها : إذا
أهديتها إلي زوجها ، وفي بعض النسخ بالراء المهملة أي أقبلت وأدبرت بالعطف والرحمة ،
أو هي صفة للقبة بأنها في غاية الضياء والصفاء وهو أظهر ، قال الجزري : يقال : فلان
يرفنا أي يحوطنا ويعطف علينا ، وفيه : لم تر عيني مثله قط يرف رفيفا يقطر نداه ،
يقال للشئ إذا كثر ماؤه من النعمة والغضاضة حتى يكاد يهتز : رف يرف رفيفا .
2 - ل ، لى : العطار ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن الاصم ، عن عبدالله البطل ،
عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله
ذات يوم وهو آخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يقول : يا معشر الانصار ! يا معشر
بني هاشم ! يا معشر بني عبدالمطلب ! أنا محمد ، أنا رسول الله ، ألا إنى خلقت من طينة
مرحومة في أربعة من أهل بيتي : أنا ، وعلي ، وحمزة ، وجعفر ، فقال قائل : يارسول الله
[232]
هؤلاء معك ركبان يوم القيامة ؟ فقال : ثكلتك امك ( 1 ) إنه لن يركب يومئذ إلا
أربعة : أنا ، وعلي ، وفاطمة : وصالح نبي الله ، فأما أنا فعلى البراق ، وأما فاطمة ابنتي
فعلى ناقتي العضباء ، وأما صالح فعلى ناقة الله التي عقرت ، وأما علي فعلى ناقة
من نوق الجنة ، زمامها من ياقوت ، عليه حلتان خضراوان ، ( 2 ) فيقف بين الجنة
والنار وقد ألجم الناس العرق يومئذ ، فتهب ريح من قبل العرش فتنشف عنهم عرقهم ،
فيقول الملائكة المقربون والانبياء والصديقون : ما هذا إلا ملك مقرب ، أو نبي
مرسل ، فينادي مناد من قبل العرش : معشر الخلائق إن هذا ليس ( 3 ) بملك مقرب
ولا نبي مرسل ، ولكنه علي بن أبي طالب أخو رسول الله في الدنيا والآخرة .
" ج 1 ص 95 - 96 ص 124 - 125 "
بيان : قوله صلى الله عليه وآله : لن يركب يومئذ إلا أربعة لعل هذا مختص ببعض مواطن القيامة
لاجميعها لئلا ينافي الاخبار الكثيرة الدالة على أن المتقين ركبان يوم القيامة ، ويؤيده
قوله صلى الله عليه وآله في الخبر الآتي : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا نحن أربعة ،
وفي النهاية : في الحديث : يبلغ العرق منهم ما يلجمهم أي يصل إلى أفواههم فيصير لهم
بمنزلة اللجام يمنعهم عن الكلام يعني في المحشر يوم القيامة .
3 - لى : أبي ، عن عبد الله بن الحسن المؤدب ، عن أحمد بن علي الاصبهاني ، عن
إبراهيم بن محمد الثقفي قال : حدثنا أبورجاء قتيبة بن سعيد ، عن حماد بن زيد ، عن
عبدالرحمن السراج ، عن نافع ، عن عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن
أبي طالب عليه السلام : إذا كان يوم القيامة يؤتى بك يا علي على نجيب من نور ، وعلى
رأسك تاج قد أضاء نوره وكاد يخطف أبصار أهل الموقف ، فيأتي النداء من عند الله
جل جلاله : أين خليفة محمد رسول الله ؟ فتقول : ها أناذا ، قال : فينادي ( 4 ) : يا علي
* ( هامش ) * ( 1 ) لعل السائل سأله استهزاءا وتعنتا فأجابه صلى الله عليه وآله بذلك ودعا عليه بالثكل .
( 2 ) في الخصال : خضراوتان . م
( 3 ) في الخصال : ينادى مناد ما هذا ملك اه . م
( 4 ) في المصدر : فينادى المنادى . ( * )
[233]
أدخل من أحبك الجنة ومن عاداك النار ، فأنت قسيم الجنة ، وأنت قسيم النار .
" ص 217 "
4 - ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن أحمد بن الحسين ، عن خزيمة
ابن ماهان ، عن عيسى بن يونس ، عن الاعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا نحن
أربعة ، فقال له العباس بن عبدالمطلب عمه : فداك أبي وامي من هؤلاء الاربعة ؟ قال :
أنا على البراق ، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه ، وعمي حمزة أسد الله و
أسد رسوله على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة
مدبجة الجنبين ، عليه حلتان خضراوان من كسوة الرحمن ، على رأسه تاج من نور ،
لذلك التاج سبعون ركنا ، على كل ركن ياقوتة حمراء تضئ للراكب مسيرة ثلاثة
أيام ، وبيده لواء الحمد ، ينادي : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فيقول الخلائق : من هذا ؟
ملك مقرب أو نبي مرسل أو حامل عرش ؟ فينادي مناد من بطن العرش : ليس بملك
مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا حامل عرش ، هذا علي بن أبي طالب وصي رسول الله رب
العالمين ، وأمير المؤمنين ، وقائد الغر المحجلين في جنات النعيم . ( 1 ) " ص 162 "
5 - شف : من تاريخ الخطيب قال : أخبرنا الحسن بن محمد الراوندي ، عن محمد
ابن أحمد بن محمد بن سليمان ، عن محمد بن منصور بن خلف ، وخلف بن محمد بن إسماعيل
معا ، عن سعيد بن سليمان ، عن حاتم بن منصور ، عن المفضل بن سالم ، عن الاعمش ( 2 )
* ( هامش ) * ( 1 ) رواه ابن طاوس أيضا في كتابه اليقين ص 22 باسناده عن الخوارزمى ، عن مهذب الائمة


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 233 سطر 19 إلى صفحه 241 سطر 18

أبي المظفر عبدالملك بن على بن محمد الهمدانى ، عن أبي القاسم أحمد بن عمر المقرى ، عن عاصم
ابن الحسين بن محمد ، عن عبدالواحد بن محمد بن عبدالله ، عن أحمد بن سعيد ، وباسانيد اخرى
عن ابن عقدة في ص 163 و 166 .
( 2 ) رواه الخطيب في تاريخ بغداد " ج 13 ص 122 " والاسناد هكذا : أبوالوليد الحسن بن
محمد بن على الدربندى ، أخبرنا محمد بن أحمد بن سليمان الحافظ ببخارا ، أخبرنا محمد بن نصر بن
خلف ، وخلف بن محمد بن إسماعيل ، قالا : حدثنا أبوعثمان سعد بن سليمان بن داود الشرغى ،
حدثنا ابوالطيب حاتم بن منصور الحنظلى ، حدثنا المفضل بن سلم لقيته ببغداد عن الاعمش إه .
قلت : وفى متنه زيادة واختلاف راجعه ، ورواه ابن طاوس في كتابه اليقين ص 18 بالاسناد الذى
ذكره المصنف . ( * )
[234]
عن عباية الاسدي ، عن الاصبغ بن نباتة ، عن ابن عباس مثله إلى قوله : وقائد الغر
المحجلين إلى جنات رب العالمين ، وزاد في آخره : أفلح من صدقه ، وخاب من كذبه
ولو أن عابدا عبدالله بين الركن والمقام ألف عام وألف عام حتى يكون كالشن البالي
ولقى الله مبغضا لآل محمد أكبه الله على منخريه في جهنم . " ص 97 "
توضيح : قال الجزري : فيه : كان له طيلسان مدبج : هو الذي زينت أطرافه
بالديباج وهو الثياب المتخذة من الابريسم ، فارسي معرب .
6 - ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن علي بن محمد ، عن داود بن سليمان ، عن
الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ليس في القيامة راكب غيرنا
ونحن أربعة ، قال : فقام إليه رجل من الانصار فقال : فداك أبي و امي أنت ومن ؟
قال : أنا على دابة الله البراق ، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرت ، وعمي حمزة على
ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة ، وبيده لواء الحمد ،
واقف بين يدي العرش ينادي : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، قال : فيقول الآدميون :
ما هذا إلا ملك مقرب ، أو نبي مرسل ، أو حامل عرش رب العالمين ، قال : فيجيبهم
ملك من تحت بطنان العرش : معاشر الآدميين ! ما هذا ملكا مقربا ، ولا نبيا مرسلا
ولا حامل عرش ، هذا الصديق الاكبر ، هذا علي بن أبي طالب .
قال ابن عقدة : أخبرني عبدالله بن أحمد بن عامر في كتابه إلي قال : حدثني
أبي ، قال : حدثني علي بن موسي بهذا . " ص 220 "
ن : بالاسانيد الثلاثة مثله إلا أن فيه : " يا علي ليس " ( 1 ) " وامي
ومن هم ؟ " ( 2 ) " بيده لواء الحمد ينادي " ( 3 ) " أو حامل عرش فيجيبهم " ( 4 )
* ( هامش ) * ( 1 ) هذا الزيادة في اول الخبر وهو هكذا : يا على ليس في القيامة راكب غيرنا .
( 2 ) بدل قوله : انت ومن ؟ .
( 3 ) بدل قوله : بيده لواء الحمد واقف بين يدى العرش ينادى .
( 4 ) بدل قوله : أو حامل عرش رب العالمين قال : فيجيبهم . ( * )
[235]
" يا معشر الآدميين ليس هذا ملك مقرب ولا نبي مرسل " . ( 1 ) " ص 212 "
صح : عنه ، عن آبائه عليهم السلام مثله . ( 2 ) " ص 27 "
7 - ل : أبوبكر محمد بن علي بن إسماعيل ، عن عبدالله بن زيدان البلخي فيما
قرأه عليه ابن عقدة ، عن علي بن المثنى ، عن زيد بن حباب ، عن عبدالله بن لهيعة ،
عن جعفر بن ربيعة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله عليه السلام : ما في
القيامة راكب غيرنا ، ونحن أربعة ، فقام إليه العباس بن عبدالمطلب فقال : من هم يا
رسول الله ؟ فقال : أما أنا فعلى البراق ، ووجهها كوجه الانسان ، وخدها كخد الفرس
وعرفها من لؤلؤ مسموط ، واذناها زبرجدتان خضراوان ، وعيناها مثل كوكب الزهرة
تتوقدان مثل النجمين المضيئين ، لها شعاع مثل شعاع الشمس ، يتحدر من نحرها الجمان
مطوية الخلق ، طويلة اليدين والرجلين ، لها نفس كنفس الآدميين ، تسمع الكلام و
تفهمه ، وهي فوق الحمار ودون البغل ، قال العباس : ومن يا رسول الله ؟ قال : وأخي صالح
على ناقة الله عزوجل التي عقرها قومه ، قال العباس : ومن يا رسول الله ؟ قال : وعمي
حمزة بن عبدالمطلب أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء على ناقتي العضباء ، قال العباس :
ومن يا رسول الله ؟ قال : وأخي علي على ناقة من نوق الجنة ، زمامها من لؤلؤ رطب
عليها محمل من ياقوت أحمر ، قضبانه من الدر الابيض ، على رأسه تاج من نور ، عليه
حلتان خضراوان ، بيده لواء الحمد وهو ينادي : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأن محمدا رسول الله ، فيقول الخلائق : ما هذا إلا نبي مرسل أو ملك مقرب ،
فينادي مناد من بطنان العرش : ليس هذا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا حامل
عرش ، هذا علي بن أبي طالب وصي رسول رب العالمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغر
* ( هامش ) * ( 1 ) بدل قوله : معاشر الادميين ما هذا ملكا مقربا ولانبيا مرسلا . قلت : إنما احتجت إلى هذا
التفسير لما قيل في هامش المطبوع : هذه الزيادة التى نسبه رحمه الله إلى العيون ليست في النسخ
المصححة ، بل مطابق مع ما في الامالى ، على أنها غير منظومة اللفظ ولا مفهومة المعنى ، ولعله اشتباه
من النساخ والا فشأنه أجل من ذلك ، وأنت خبير بان الامر اشتبه على هذا القائل ولم يفهم مراده
قدس سره .
( 2 ) مع اختلاف يسير . م ( * )
[236]
المحجلين . ( 1 ) قال الصدوق رضي الله عنه : هذا حديث غريب لما فيه من ذكر البراق و
وصفه ، وذكر حمزة بن عبدالمطلب . " ج 1 ص 95 "
ايضاح : اللؤلؤ المسموط : المنظوم في السمط وهو بالكسر : خيط النظم ، و
قال الجزري : في صفته صلى الله عليه وآله : يتحدر منه العرق مثل الجمان : هو اللؤلؤ الصغار ، و
قيل : حب يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ . قوله صلى الله عليه وآله : مطوية الخلق أي متقارب
الاعضاء مندمجها ، وقال الجزري فيه : كان اسم ناقته العضباء هو علم لها منقول من
قولهم : ناقة عضباء أي مشقوقة الاذن - ولم تكن مشقوقة الاذن - وقال بعضهم :
إنها كانت مشقوقة الاذن ، والاول أكثر ، وقال الزمخشري : هو منقول من قولهم :
ناقة عضباء وهي القصيرة اليد انتهى . قوله : هذا حديث غريب لما كانت
الاخبار السابقة التي رواها الصدوق رحمه الله خالية عن وصف البراق ، مشتملة على
ذكر فاطمة عليها السلام مكان حمزة وصف هذا الحديث بالغرابة ، وأما وجه الجمع بينها في
ذكر فاطمة وحمزة عليهما السلام فبالحمل على اختلاف المواطن ، إذ يمكن أن تكون فاطمة
عليها السلام في بعض المواطن راكبة على الناقة العضباء ، وفي بعضها على ناقة الجنة ،
كما سيأتي في باب فضائلها أخبار كثيرة دالة على أنها تركب في القيامة على ناقة
الجنة ، فقوله صلى الله عليه وآله في هذا الخبر : ما في القيامة راكب غيرنا أي من الرجال والله يعلم .
8 - فر : عبيد بن عبد الواحد رفعه عن ابن عباس قال : بينا نحن مع النبي صلى الله عليه وآله
بعرفات إذ قال : أفيكم علي بن أبي طالب ؟ قلنا بلى يارسول الله ، فقربه منه وضرب
يده على منكبه ثم قال : طوبى لك يا علي ، نزلت علي آية ذكرني وإياك ( 2 ) فيها سواء
فقال : " اليوم أكلمت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا "
* ( هامش ) * ( 1 ) قلت : وأخرجه ابن طاوس عن مجموعة لورام بن أبي فراس حكاه فيه عن ناظر الحلة
ابن الحداد مما انتقاه من تاريخ الخطيب يرفعه عن جعفر بن ربيعة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وفيه :
على رأسه تاج من نور ، لذلك التاج سبعون ركنا ما من ركن الا وفيه ياقوتة حمراء تضئ للراكب
المحث ثلاثة أيام ، عليه حلتان اه . وفيه : أو ملك مقرب أو حامل عرش .
( 2 ) في المصدر : ذكرى واياك اه . م ( * )
[237]
هذا جبرئيل يخبرني عن الله : إذا كان يوم القيامة جئت أنت وشيعتك ركبانا على
نوق من نور البرق ، يطيرهم في أرجاء ( 1 ) الهواء ينادون في عرصة القيامة : نحن
العلويون ، فيأتيهم النداء من قبل الله : أنتم المقربون الذين لا خوف عليكم اليوم ولا
أنتم تحزنون . " ص 15 "
9 - ثو : بإسناده عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وآله في فضل صوم شهر رمضان
- إلى أن قال - : وأعطاكم الله يوم ستة عشر إذا خرجتم من القبر ستين حلة تلبسونها ،
وناقة تركبونها ، وبعث الله لكم غمامة تظلكم من حر ذلك اليوم ، ويوم خمسة وعشرين
بنى الله لكم ألف قبة خضراء ، ( 2 ) وعلى رأس كل قبة خيمة من نور يقول الله تبارك
وتعالى : يا امة محمد أأنا ربكم ، وأنتم عبيدي وإمائي ، استظلوا بظل عرشي في هذه
القباب ، وكلوا واشربوا هنيئا فلا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ، يا امة محمد وعزتي
وجلالي لابعثنكم إلى الجنة يتعجب منكم الاولون والآخرون ، ولاتوجن كل واحد
منكم بألف تاج من نور ، ولاركبن كل واحد منكم على ناقة خلقت من نور ، زمامها
من نور ، في ذلك الزمام ألف حلقة من ذهب ، في كل حلقة قائم عليها ملك من الملائكة
بيد كل ملك عمود من نور حتى يدخل الجنة بغير حساب . " ص 67 - 69 "
( باب 9 )
* ( انه يدعى الناس بأسماء امهاتهم الا الشيعة ، وان كل سبب ونسب منقطع ) *
* ( يوم القيامة الا نسب رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره ) *
الايات ، المؤمنين " 23 " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا
يتسائلون 101 .
لقمان " 31 " يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده
* ( هامش ) * ( 1 ) الرجا والرجاء : الناحية ، والجمع أرجاء .
( 2 ) في ثواب الاعمال المطبوع : بنى الله لكم تحت العرش ألف قبة خضراء . ( * )
[238]
ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحيوة الدنيا ولا يغرنكم
بالله الغرور 33 .
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : " واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده " يعني يوم
القيامة لا يغني فيه أحد عن أحد ، لا والد عن ولده ، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا
كل امرئ تهمه نفسه ، إن وعد الله بالبعث والجزاء والثواب والعقاب حق لا خلف فيه .
1 - ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى يدعو الناس يوم القيامة : أين فلان بن فلانة
سترا من الله عليهم .
2 - ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن علي بن محمد العلوي ، عن جعفر بن
محمد بن عيسى ، عن عبيدالله بن علي ، عن الرضا عن آبائه عليهما السلام قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : كل نسب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي . " ص 217 "
3 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن جعفر بن محمد بن جعفر الحسني ، عن
أحمد بن عبدالمنعم الصيدواي ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن الباقر عليه السلام ،
عن جابر بن عبدالله . ، قال أحمد : وحدثنا عبيدالله بن محمد الفزاري ، عن جعفر بن محمد ،
عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي
عليه السلام : ألا أسرك ؟ ألا أمنحك ؟ ألا ابشرك ؟ قال : بلى ، قال : قال إني خلقت أنا
وانت من طينة واحدة وفضلت منها فضلة ( 1 ) فخلق الله منها شيعتنا ، فإذا كان يوم
القيامة دعي الناس بأسماء امهاتهم سوى شيعتنا ، فإنهم يدعون بأسماء آبائهم لطيب
مولدهم . " ص 291 "
ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن جعفر بن محمد الحسني ، عن الصيداوي ، عن عبدالله
ابن محمد الفزاري ، ( 2 ) عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر مثله . " ص 291 "
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : وفضلت فضلة . م
( 2 ) هكذا في نسخ الكتاب وفى الامالى المطبوع وبشارة المصطفى ، وتقدم قبل ذلك عن
الامالى مصغرا ، ولم نعرف صوابه . ( * )
[239]
كشف : من كتاب ابن طلحة ، عن جابر مثله .
بشا : ابن شيخ الطائفة ، عن أبيه ، عن المفيد مثله .
4 - فس : قال علي بن إبراهيم في قوله : " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم
يومئذ ولا يتسائلون " فانه رد على من يفتخر بالانساب .
قال الصادق عليه السلام : لا يتقدم يوم القيامة أحد إلا بالاعمال ، والدليل على ذلك
قول رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أيها الناس إن العربية ليست بأب والد ، وإنما هو لسان
ناطق ، فمن تكلم به فهو عربي ، ألا إنكم ولد آدم ، وآدم من تراب ، والله لعبد
حبشي أطاع الله خير من سيد قرشي عاص لله ، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم ،
و الدليل على ذلك قول الله عزوجل : " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ
ولا يتسائلون فمن ثقلت موازينه " قال : بالاعمال الحسنة " فاولئك هم المفلحون
ومن خفت موازينه " قال : من الاعمال السيئة " فاولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم
خالدون تلفح وجوههم النار " قال : أي تلهب عليهم فتحرقهم " وهم فيها كالحون "
أي مفتوحي الفم مسودي الوجه . " ص 449 "
بيان : قوله صلى الله عليه وآله : وإنما هو لسان ناطق أي العربية التي هى مناط الشرف
ليس كون الانسان من نسل العرب ، بل إنما هي بالتكلم بدين الحق والاقرار لاهل
الفضل من العرب بالفضل يعني النبي والائمة عليهم السلام ومتابعتهم ، ولذا ورد أن العرب
شيعتنا وسائر الناس علج . وسيأتي أخبار كثيرة في ذلك في كتاب الايمان والكفر .
5 - جا ، ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ،
عن محمد بن خالد ، عن محمد بن معاذ ، عن زكريا بن عدي ، عن عبيدالله بن عمر ، عن
عبدالله بن محمد بن عقيل ، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري ، عن أبيه قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وآله يقول على المنبر : ما بال أقوام يقولون : إن رحم رسول الله - صلى الله عليه وآله - لا يشفع
يوم القيامة ؟ ! بلى والله إن رحمي لموصولة ( 1 ) في الدنيا والآخرة ، وإني أيها الناس فرطكم
يوم القيامة على الحوض ، فإذا جئتم قال الرجل : يا رسول الله أنا فلان بن فلان ،
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : لموصلة . م ( * )
[240]
فأقول : أما النسب فقد عرفته ، ولكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال وارتددتم على
أعقابكم القهقرى . " جا 57 - 58 "
ما : أبوعمرو ، ( 1 ) عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى ، ( 2 ) عن عبدالرحمن ، عن
أبيه ، عن عبدالله بن محمد بن عقيل مثله . ( 3 ) " ص 169 "
توضيح : قال في النهاية : فيه : أنا فرطكم على الحوض أي متقدمكم إليه ، يقال
فرط يفرط فهو فارط وفرط : إذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ويهيئ لهم الدلاء
والارشية .
6 - سن : ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب البجلي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
إذا كان يوم القيامة دعي الخلائق بأسماء امهاتهم إلا نحن وشيعتنا فإنهم يدعون
بأسماء آبائهم . " ص 141 "
7 - سن : القاسم بن يحيى ، عن الحسن بن راشد ، عن الحسين بن علوان ، و
حدثني أحمد بن عبيد ، عن حسين بن علوان ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
إذا كان يوم القيامة يدعى الناس جميعا بأسمائهم وأسماء امهاتهم سترا من الله عليهم
إلا شيعة علي عليه السلام فإنهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، وذلك أن ليس فيهم
عهر . ( 4 ) " ص 141 "
8 - بشا : محمد بن أحمد بن شهريار ، عن محمد بن محمد بن عبدالعزيز ، عن أبي عمر
السماك ، عن محمد بن أحمد بن المهدي ، عن عمر بن الخطاب السجستاني ، عن إسماعيل
* ( هامش ) * ( 1 ) هكذا في النسخ ، والصواب أبوعمر ، كما في مواضع من الامالى المطبوع وهو كنية لعبد
الواحد بن محمد بن عبدالله بن محمد بن مهدى بن خشنام بن النعمان بن مخلد البزاز الفارسى
المتولد سنة 318 والمتوفى فجأة في يوم الاثنين من 14 رجب سنة 410 ، ترجمه الخطيب
في تاريخ بغداد " ج 11 ص 13 " وقال : كان ثقة أمينا يسكن درب الزعفراني .
( 2 ) هو أحمد بن يحيى الصوفى ، والذي بعده هو عبدالرحمن بن شريك بن عبدالله النخعى
راجع الامالى ص 167 .
( 3 ) مع اختلاف يسير .
( 4 ) في المصدر : عهار . م
( * )
[241]
ابن العباس ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي
عليه السلام : ألا ابشرك يا علي ؟ قال : بلى بأبي وامي يا رسول الله ، قال : أنا وأنت و
فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام خلقنا من طينة واحدة ، وفضلت منها فضلة فجعل منها
شيعتنا ومحبينا ، فإذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسمائهم وأسماء امهاتهم ماخلا
نحن وشيعتنا ومحبينا فإنهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم .
9 - بشا : محمد بن علي بن عبدالصمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن محمد بن عبدالله
الواعظ ، عن الحسن بن عبدالله بن شاذان ، عن محمد بن فرساد العباد ، عن الهيثم بن أحمد
عن عباد بن صهيب ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن زرين حبيش ، ( 1 ) عن علي عليه السلام
قال : إذا كان يوم القيامة يدعى الناس بأسمائهم إلا شيعتي ومحبي فإنهم يدعون بأسماء
آبائهم لطيب مواليدهم .
10 - فر : فرات بن إبراهيم الكوفي معنعنا ، عن الاصبغ بن نباتة ، عن علي
ابن أبي طالب عليه السلام في قوله تعالى : " وهم من فزع يومئذ آمنون " قال : فقال : يا أصبغ
ما سألني أحد عن هذه الآية ، ولقد سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عنها كما سألتني ، فقال لي :
سألت جبرئيل عنها ، فقال : يا محمد إذا كان يوم القيامة حشرك الله أنت وأهل بيتك ومن
يتولاك وشيعتك حتى يقفوا بين يدي الله ، فيستر الله عوراتهم ويؤمنهم من الفزع الاكبر
بحبهم لك ولاهل بيتك ولعلي بن أبي طالب ، فقال : جبرئيل عليه السلام أخبرني فقال : يامحمد
من اصطنع إلى أحد من أهل بيتك معروفا كافيته يوم القيامة ، ياعلي شيعتك والله آمنون
يرجون فيشفعون ويشفعون ، ثم قرأ : " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون " . " ص 115 "


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 241 سطر 19 إلى صفحه 249 سطر 18

11 - ن : جعفر بن نعيم الشاذاني ، عن أحمد بن إدريس ، عن إبراهيم بن هاشم
عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : من أحب عاصيا فهو عاص
ومن أحب مطيعا فهو مطيع ، ومن أعان ظالما فهو ظالم ، ومن خذل عادلا فهو خاذل ،
إنه ليس بين الله وبين أحد قرابة ، ولا ينال أحد ولاية الله إلا بالطاعة ، ولقد قال رسول الله
صلى الله عليه وآله لبني عبدالمطلب : ائتوني بأعمالكم لا بأنسابكم وأحسابكم ، قال الله
* ( هامش ) * ( 1 ) بكسر الزاى وتشديد الراء وتصغير حبيش . ( * )
[242]
تعالى : " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون فمن ثقلت موازينه
فاولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم
خالدون " .
12 - فر : بإسناده عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال في هذه الآية : " يوم يفر
المرء من أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه " : إلا من تولى بولاية أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام فإنه لايفر من والاه ، ولا يعادي من أحبه ، ولا يحب من أبغضه ، ولا
يود من عاداه ، الحديث . " ص 203 "
( باب 10 )
* ( الميزان ( 1 ) ) *
الايات ، الاعراف " 7 " والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فاولئك هم
المفلحون * ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا
يظلمون 8 - 9 .
* ( هامش ) *
( 1 ) قال المحقق القاسانى رضى الله عنه في تفسيره الصافى : ان لكل معنى من المعانى حقيقة
وروحا وله صورة وقالب ، وقد تتعدد الصور والقوالب بحقيقة واحدة ، وانما وضعت الالفاظ
للحقائق والارواح ، ولوجودهما في القوالب تستعمل الالفاظ فيهما على الحقيقة لاتحاد ما بينهما
مثلا لفظ القلم انما وضع لالة نقش الصور في الالواح من دون أن يعتبر فيها كونها من قصب أو
حديد او غير ذلك ، بل ولا ان يكون جسما ، ولا كون النقش محسوسا او معقولا ، ولا كون اللوح
من قرطاس او خشب ، بل مجرد كونه منقوشا فيه ، وهذا حقيقة اللوح وحده وروحه ، فان كان
في الوجود شئ يتسطر بواسطته نقش العلوم في ألواح القلوب فأحق به أن يكون هو القلم ، فان
الله تعالى قال : " علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم " بل هو القلم الحقيقى حيث وجد فيه روح القلم
وحقيقته وحده من دون أن يكون معه ما هو خارج عنه ، وكذلك الميزان مثلا فانه موضوع لمعيار يعرف
به المقادير ، وهذا معنى واحد هو حققيته وروحه ، وله قوالب مختلفة وصور شتى بعضها جسمانى
وبعضها روحانى ، فما يوزن به الاجرام والاثقال مثل ذى الكفتين والقبان وما يجرى مجراهما ،
وما يوزن به المواقيت والارتفاعات كالاسطرلاب ، وما يوزن به الدوائر والقسى * ( * )
[243]
الكهف " 18 " اولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا
نقيم لهم يوم القيمة وزنا 105 .
الانبياء " 21 " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا وإن
كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين 47 .
المؤمنين " 23 " فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه
فاولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون 102 - 103 .
القارعة " 101 " فأما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية * وأما من خفت
موازينه * فامه هاوية * وما أدراك ماهيه * نار حامية 1 - 6 .
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : في قوله تعالى : " والوزن يومئذ الحق " : ذكر فيه
أقول : أحدها أن الوزن عبارة عن العدل في الآخرة وأنه لا ظلم فيها على أحد .
وثانيها أن الله ينصب ميزانا له لسان وكفتان يوم القيامة فتوزن به أعمال العباد :
الحسنات والسيئات عن ابن عباس والحسن ، وبه قال الجبائي ، واختلفوا في كيفية
الوزن لان الاعمال أعراض لا تجوز عليها الاعادة ، ولا يكون لها وزن ، ولا تقوم
بأنفسها ، فقيل : توزن صحائف الاعمال ، عن ابن عمر وجماعة ، وقيل : تظهر علامات
* ( هامش ) * * كالفرجار ، وما يوزن به الاعمدة كالشاغول ، وما يوزن به الخطوط كالمسطر ، وما يوزن به الشعر
كالعروض ، وما يوزن به الفلسفة كالمنطق ، وما يوزن به بعض المدركات كالحس والخيال ، وما يوزن به
الكل كالعقل الكامل ، وبالجملة فميزان كل شئ هو المعيار الذى به يعرف قدر ذلك الشئ ،
فميزان الناس يوم القيامة ما يوزن به قدر كل إنسان وقيمته على حسب عقيدته وخلقه وعمله لتجزى
كل نفس بما كسبت ، وليس ذلك إلا الانبيا والاوصياء ، إذ بهم وباتباع شرائعهم واقتفاء آثارهم
وترك ذلك وبالقرب من سيرتهم والبعد عنها يعرف مقدار الناس وقدر حسناتهم وسيئاتهم ، فميزان
كل امة هو نبي تلك الامة ووصى نبيها والشريعة التى اتى بها ، فمن ثقلت حسناته وكثرت فاولئك
هم الفلحون ، ومن خفت وقلت فاولئك الذين خسروا انفسهم بظلمهم عليها من جهة تكذيبهم
للانبياء والاوصياء أو عدم اتباعهم ، ففى الكافى والمعانى عن الصادق أنه سئل عن قول الله عزوجل :
" ونضع الموازين القسط ليوم القيمة " قال : هم الانبياء والاوصياء ، وفى رواية اخرى : نحن
الموازين القسط . ( * )
[244]
للحسنات وعلامات للسيئات في الكفتين فتراها الناس ، عن الجبائي ، وقيل : تظهر
للحسنات صورة حسنة ، وللسيئات صورة سيئة ، عن ابن عباس ، وقيل : توزن نفس
المؤمن والكافر ، عن عبيد بن عمير ، قال : يؤتى بالرجل العظيم الجثة فلا يزن جناح بعوضة .
وثالثها : أن المراد بالوزن ظهور مقدار المؤمن في العظم ومقدار الكافر في الذلة كما
قال سبحانه : " فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا " فمن أتى بالعمل الصالح الذي يثقل وزنه
أي يعظم قدره فقد أفلح ، ومن أتى بالعمل السيئ الذي لا وزن له ولا قيمة فقد خسر
" فمن ثقلت موزاينه " إنما جمع الموازين لانه يجوز أن يكون لكل نوع من أنواع
الطاعات يوم القيامة ميزان ، ويجوز أن يكون كل ميزان صنفا من أصناف أعماله ، و
يؤيد هذا ما جاء في الخبر ، إن الصلاة ميزان فمن وفى استوفى .
وقال الرازي في تفسيره : في وزن الافعال قولان : الاول في الخبر : أنه تعالى
ينصب ميزانا له لسان وكفتان يوم القيامة يوزن به أعمال العباد خيرها وشرها ، قال
ابن عباس : أما المؤمن فيؤتى بعمله في أحسن صورة فيوضع في كفة الميزان فتثقل
حسناته على سيئاته ، فذلك قوله : " فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون " الناجون
قال : وهذا كما قال في سورة الانبياء : " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم
نفس شيئا " .
وأما كيفية وزن الاعمال على هذا القول ففيه وجهان : الاول : أن أعمال
المؤمن تتصور بصورة حسنة ، وأعمال الكافر تتصور بصورة قبيحة فتوزن تلك الصورة كما
ذكره ابن عباس . والثاني أن الوزن يعود إلى الصحف التي تكون فيها أعمال العباد
مكتوبة .
وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عما يوزن يوم القيامة فقال : الصحف ، وهذا القول مذهب
المفسرين في هذه الآية ، وعن عبدالله بن سلام أن ميزان رب العالمين ينصب بين الجن
والانس يستقبل به العرش ، إحدى كفتي الميزان على الجنة ، والاخرى على جهنم ،
ولو وضعت السماوات والارض في إحديهما لوسعتهن ، وجبرئيل آخذ بعموده و
ينظر إلى لسانه .
[245]
وعن عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يؤتى برجل يوم القيامة إلى
الميزان ويؤتى له تسعة وتسعون سجل ، كل سجل منها مد البصر ، فيها خطاياه و
ذنوبه فتوضع في كفة الميزان ، ثم يخرج له قرطاس كالانملة فيها شهادة أن لا إله إلا
الله وأن محمدا عبده ورسوله فيوضع في الآخر فيرجح .
وعن الحسن : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم واضع رأسه في حجر عائشة قد اغفي
إذ سالت الدموع من عينها فقال : ما أصابك ؟ ما أبكاك ؟ قالت : ذكرت حشر الناس و
هل يذكر أحد أحدا ؟ فقال لها : يحشرون حفاة عراة ، وقرأ : " لكل امرئ منهم يومئذ
شأن يغنيه " لا يذكر فيها أحدا عند الصحف وعند وزن الحسنات والسيئات .
وعن عبيد بن عمير : يؤتى بالرجل العظيم الاكول الشروب فلا يكون له وزن بعوضة .
والقول الثاني وهو قول مجاهد والضحاك والاعمش أن المراد من الميزان العدل
والقضاء ، وكثير من المتأخرين ذهبوا إلى هذا القول ومالوا إليه . أما بيان أن حمل
لفظ الوزن على هذا المعنى جائز في اللغة فلان العدل في الاخذ والاعطاء لا يظهر
إلا بالكيل والوزن في الدنيا ، فلم يبعد جعل الوزن كناية عن العدل ، ومما يقوي
ذلك أن الرجل إذا لم يكن له قدر ولا قيمة عند غيره يقال : إن فلان لا يقيم لفلان وزنا
قال تعالى : " فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا " ويقال أيضا : فلان يستخف بفلان ، ويقال :
هذاالكلام في وزن هذا وفي وزانه أي يعادله ويساويه ، مع أنه ليس هناك وزن في
الحقيقة ، وقال الشاعر :
قد كنت قبل لقائكم ذا قوة * عندي لكل مخاصم ميزانه
أراد : عندي لكل مخاصم كلام يعادل كلامه ، فجعل الوزن مثلا للعدل ، إذا
ثبت هذا وجب أن يكون المراد من الآية هذا المعنى فقط ، والدليل عليه أن الميزان
إنما يراد ليتوصل به إلى معرفة مقدار الشئ ، ومقادير الثواب والعقاب لا يمكن
إظهارها بالميزان ، لان أعمال العباد أعراض وهي قد فنيت وعدمت ، ووزن
المعدوم محال ، وأيضا فبتقدير بقائها كان وزنها محالا ، وأما قوله : الموزون صحائف
الاعمال أو صور مخلوقة على حسب مقادير الاعمال فنقول : إن المكلف يوم القيامة إما
[246]
أن يكون مقرا بأن الله تعالى عادل حكيم ، أو لا يكون مقرا بذلك ، فإن كان مقرا
بذلك فحينئذ كفاه حكم الله تعالى بمقادير الثواب والعقاب في علمه بأنه عدل و
صواب ، وإن لم يكن مقرا بذلك لم يعرف من رجحان كفة الحسنات على كفة
السيئات أو بالعكس حصول الرجحان ، لاحتمال أنه تعالى أظهر ذلك الرجحان لا على
سبيل العدل والانصاف ، فثبت أن هذا الوزن لا فائدة فيه البتة .
وأجاب الاولون وقالوا : إن جميع المكلفين يعلمون يوم القيامة أنه تعالى
منزه عن الظلم والجور ، والفائدة في وضع ذلك الميزان أن يظهر ذلك الرجحان
لاهل القيامة ، فإن كان ظهور الرجحان في طرف الحسنات ازداد فرحه وسروره
بسبب ظهور فضله وكمال درجته لاهل القيامة ، وإن كان بالضد فيزداد غمه وحزنه
وحرقته وفضيحته في يوم القيامة .
ثم اختلفوا في كيفيتة ذلك الرجحان فبعضهم قال : يظهر هناك نور في رجحان
الحسنات وظلمة في رجحان السيئات ، وآخرون قالوا : بل يظهر رجحان في الكفة .
ثم الاظهر إثبات موازين في يوم القيامة لا ميزان واحد ، والدليل عليه قوله تعالى :
" ونضع الموازين القسط ليوم القيمة " .
وقال في هذه الآية : " فمن ثقلت موازينه " : وعلى هذا فلا يبعد أن يكون لافعال
القلوب ميزان ، ولافعال الجوارح ميزان ، ولما يتعلق بالقول ميزان آخر .
قال الزجاج : إنما جمع الله الموازين ههنا لوجهين : الاول أن العرب قد يوقع
لفظ الجمع على الواحد فيقولون : خرج فلان إلى مكة بالبغال ، والثاني أن المراد
بالموازين ههنا جمع موزون ، والمراد الاعمال الموزونة ، ولقائل أن يقول : هذان
الوجهان يوجبان العدول عن ظاهر اللفظ ، وذلك إنما يصار إليه عند تعذر حمل الكلام
على ظاهره ، ولا مانع ههنا منه فوجب إجراء اللفظ على حقيقته ، فكما لم يمتنع إثبات
ميزان له لسان وكفتان فكذلك لا يمتنع إثبات موازين بهذه الصفة ، فما الموجب
لتركه والمصير إلى التاويل ؟ .
وقال في قوله عزوجل : " فلا نقيم لهم يوم القيمة وزنا " : فيه وجوه : الاول
[247]
إنا نزدري بهم وليس لهم عندنا وزن ومقدار . الثاني : لا نقيم لهم ميزانا لان الميزان
إنما يوضع لاهل الحسنات والسيئات من الموحدين ليميز مقدار الطاعات ومقدار
السيئات . الثالث قال القاضي : إن من غلب معاصيه صار ما فعله من الطاعة كأن لم يكن ،
فلا يدخل في الوزن شئ من طاعته ، وهذا التفسير بناءا على قوله : بالاحباط والتفكير .
وقال في قوله سبحانه : " ونضع الموازين القسط " : وصفها الله بذلك لان الميزان
قد يكون مستقيما ، وقد يكون بخلافه ، فبين أن تلك الموازين تجري على حد العدل
والقسط ، وأكد بقوله : " فلا تظلم نفس شيئا " قال الفراء : القسط من صفة الموازين
كقولك للقوم : أنتم عدل ، وقال الزجاج : ونضع الموازين ذوات القسط ، وقوله :
" ليوم القيمة " قال الفراء : في يوم القيامة ، وقيل : لاهل يوم القيامة ، ثم قال : قال
أئمة السلف ، إنه سبحانه يضع الموازين الحقيقية ويزن بها الاعمال ، عن الحسن : وهو
ميزان لها كفتان ولسان وهو بيد جبرئيل عليه السلام .
وروي أن داود عليه السلام سأل ربه أن يريه الميزان ، فلما رأى غشي عليه ثم
أفاق فقال : يا إلهي من الذي يقدر أن يزن بملء كفته حسنات ؟ فقال : يا داود إني
إذا رضيت عن عبد ملاتها بتمرة .
ثم قال : على هذا القول في كيفية وزن الاعمال طريقان : أحدهما أن توزن
صحائف الاعمال : والثاني أن يجعل في كفة الحسنات جواهر بيض مشرقة ، وفي كفة
السيئات جواهر سود مظلمة ، ثم قال : والدليل على وجود الموازين الحقيقية أن
العدول عن الحقيقة إلى المجاز من غير ضرورة غير جائز ، لا سيما وقد جاءت الاحاديث
الكثيرة بالاسانيد الصحيحة ، وإنما جمع الموازين لكثرة من يوزن أعمالهم وهذا تفخيم
ويجوز أن يرجع إلى الوزنات ، وأما قوله تعالى : " وإن كان مثقال حبة " فالمعنى أنه لا
ننقص من إحسان محسن ، ولا نزداد في إساءة مسئ .
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله عزوجل : " فأما من ثقلت موازينه " أي رجحت
حسناته وكثرت خيراته " فهو في عيشة راضية " أي معيشة ذات رضى يرضاها صاحبها
" وأما من خفت موازينه " أي خفت حسناته وقلت طاعاته " فامه هاوية " أي فمأواه
[248]
جهنم ومسكنه النار ، وإنما سماها امه لانه يأوي اليها كما يأوي الولد إلى امه ،
وقيل : إنما قال : فامه لان العاصي يهوي على ام رأسه في النار " وما أدريك ماهيه "
هذا تفخيم وتعظيم لامرها ، والهاء للوقف ، ثم فسرها فقال : " نار حامية " أي هي نار
حارة شديدة الحرارة .
1 - م : عن النبي صلى الله عليه وآله قال : إن الله يبعث يوم القيامة أقواما يمتلئ من جهة
السيئات موازينهم فيقال لهم : هذه السيئات فأين الحسنات ؟ وإلا فقد عصيتم ! فيقولون :
يا ربنا ما نعرف لنا حسنات ، فإذا النداء من قبل الله عزوجل : لئن لم تعرفوا لانفسكم
عبادي حسنات فإني أعرفها لكم واوفرها عليكم ، ثم يأتي بصحيفة صغيرة يطرحها في
كفة حسناتهم فترجح بسيئاتهم بأكثر مما بين السماء والارض : فيقال لاحدهم : خذ بيد
أبيك وامك وإخوانك وأخواتك وخاصتك وقراباتك وأخدامك ومعارفك فأدخلهم
الجنة ، فيقول أهل المحشر : يا رب أما الذنوب فقد عرفناها ، فماذا كانت حسناتهم ؟
فيقول الله عزوجل : يا عبادي مشى أحدهم ببقية دين لاخيه إلى أخيه فقال : خذها
فإني احبك بحبك علي بن أبي طالب ، فقال له الآخر : قد تركتها لك بحبك عليا
ولك من مالي ما شئت ، فشكر الله تعالى ذلك لهما فحط به خطاياهما وجعل ذلك
في حشو صحيفتهما وموازينهما ، وأوجب لهما ولوالديهما الجنة . ثم قال : يا بريدة
يدخل النار ببغض علي أكثر من حصى الخذف ( 1 ) الذي يرمى عند الجمرات ، فإياك أن
تكون منهم .
2 - أقول : روي الصدوق في كتاب فضائل الشيعة بإسناده عن أبي جعفر الباقر ،
عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حبي وحب أهل بيتي نافع في سبعة مواطن
أهوالهن عظيمة : عند الوفاة ، وفي القبر ، وعند النشور ، وعند الكتاب ، وعند الحساب ،
وعند الميزان ، وعند الصراط .
3 - ج : روى هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق أبا عبدالله عليه السلام فقال : أو
ليس توزن الاعمال ؟ قال : لا أن الاعمال ليست بأجسام ، وإنما هي صفة ما عملوا ، و
إنما يحتاج إلى وزن الشئ من جهل عدد الاشياء ولا يعرف ثقلها وخفتها ، وإن الله
* ( هامش ) * ( 1 ) الخذف بالحصى هو الرمى بها . وحصى الخذف هو الحصى الذي يرمى به . ( * )
[249]
لا يخفى عليه شئ ، قال : فما معنى الميزان ؟ قال : العدل ، قال : فما معناه في كتابه :
" فمن ثقت موازينه " ؟ قال : فمن رجح عمله ، ( 1 ) الخبر . " ص 192 "
4 - فس : " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة " قال : المجازاة " وإن كان مثقال
حبة من خردل أتينا بها " أي جازينا بها وهي ممدودة " آتينا بها " . " ص 429 "
بيان : قال البيضاوي : أتينا بها أي أحضرناها ، وقرئ " آتينا بها " بمعنى جازينا
بها من الايتاء ، فإنه قريب من أعطينا ، أو من المواتاة فإنهم آتوه بالاعمال ، وآتاهم
بالجزاء .
وقال الطبرسي رحمه الله : وقرأ " آتينا بها " بالمد ابن عباس وجعفر بن محمد ومجاهد
وسعيد بن جبير والعلاء بن سيابة ، والباقون " أتينا " بالقصر . وروي عن الصادق عليه السلام
أنه قال : معناه : جازينا بها .
5 - ن : فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون : وتؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير
والبعث بعد الموت والميزان والصراط ، الخبر . " ص 268 "
6 - مع : القطان ، عن عبدالرحمن بن محمد الحسني ، عن أحمد بن عيسى العجلي
عن محمد بن أحمد بن عبدالله العرزمي ، ( 2 ) عن علي بن حاتم المنقري ، عن هشام بن سالم
قال : سألت أباعبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة
فلا تظلم نفس شيئا " قال : هم الانبياء والاوصياء عليهم السلام . " ص 13 "
كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن أبراهيم الهمداني رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام مثله .
7 - كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن عبدالله بن سنان ، عن


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 249 سطر 19 إلى صفحه 257 سطر 18

رجل من أهل المدينة ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما يوضع
في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق " ص 99 "
* ( هامش ) * ( 1 ) هى من الروايات التى تعطى اصولا كلية في فهم ما ورد عنهم من التفاصيل في أبواب مختلفة
من المبدء والمعاد .
( 2 ) بالعين المفتوحة ، ثم الراء المهملة الساكنة ، ثم الزاى المعجمة المفتوحة نسبة إلى جبانة عرزم
بالكوفة ، أو إلى عرزم علم رجل من قبيلة فزارة . ( * )
[250]
8 - كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، وعلي ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب
عن عبدالله بن غالب الاسدي ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب ، عن علي بن الحسين
عليهما السلام فيما كان يعظ به قال : ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي
والذنوب فقال عزوجل : " ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا
ظالمين " فإن قلتم أيها الناس : إن الله عزوجل إنما عنى بهذا أهل الشرك فكيف
ذلك وهو يقول : " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان
مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين " ؟ اعملوا عباد الله أن أهل الشرك لا
تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين ، وإنما يحشرون إلى جهنم زمرا ، وإنما
نصب الموازين ونشر الدواوين لاهل الاسلام ، الخبر .
9 - يد : بإسناده عن أبي معمر السعداني ، عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث من
سأل عن الآيات التي زعم أنها متناقضة قال عليه السلام : وأما قوله تبارك وتعالى : " ونضع
الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا " فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق
يوم القيامة ، يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين ، وفي غير هذا
الحديث : الموازين هم الانبياء والاوصياء عليهم السلام ، وقوله عزوجل : " فلا نقيم لهم يوم
القيمة وزنا " فإن ذلك خاصة ، وأما قوله : " فاولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها
بغير حساب " فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : قال الله عزوجل : لقد حقت كرامتي ،
- أو قال : مودتي - لمن يراقبني ، ويتحاب بحلالي ، إن وجوههم يوم القيامة من نور ،
على منابر من نور ، عليهم ثياب خضر ، قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : قوم ليسوا
بأنبياء ولا شهداء ، ولكنهم تحابوا بحلال الله ، ويدخلون الجنة بغير حساب ،
نسأل الله أن يجعلنا منهم برحمته ، وأما قوله : " فمن ثقلت موازينه ، وخفت موازينه "
فإنما يعني الحساب توزن الحسنات والسيئات ، فالحسنات ثقل الميزان ، والسيئات
خفة الميزان . ( 1 ) " ص 275 "
* ( هامش ) * ( 1 ) الرواية غريبة في بابها ، وهذه الجملة ربما استلزمت معانى اخرى تظهر لمن تدبر ، غير أنها
من الاحاد الغريبة . ( * )
[251]
9 - عد : اعتقادنا في الحساب والميزان أنهما حق ، ( 1 ) منه ما يتولاه الله عزوجل ،
ومنه ما يتولاه حججه ، فحساب الانبياء والائمة صلوات الله عليهم يتولاه الله عزوجل ،
ويتولى كل نبي حساب أوصيائه ، ويتولى الاوصياء حساب الامم ، والله تبارك وتعالى
هو الشهيد على الانبياء والرسل ، وهم الشهداء على الاوصياء ، والائمة شهداء على الناس ،
وذلك قول الله عزوجل : " ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس "
وقوله عزوجل : " فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " وقال
عزوجل : " أفمن كان على بينه من ربه ويتلوه شاهد منه " والشاهد أميرالمؤمنين عليه السلام
وقوله تعالى : " إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم " .
وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عزوجل : " ونضع الموازين القسط ليوم القيمة
فلا تظلم نفس شيئا " قال : الموازين الانبياء والاوصياء . ومن الخلق من يدخل الجنة
بغير حساب ، فأما السؤال فهو واقع على جميع الخلق لقول الله تعالى : " فلنسئلن الذين
ارسل إليهم ولنسئلن المرسلين " يعني عن الدين وأما غير الدين فلا يسأل إلا من يحاسب ،
قال الله عزوجل : " فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان " يعني من شيعة النبي والائمة عليهم السلام
دون غيرهم كما ورد في التفسير ، وكل محاسب معذب ولو بطول الوقوف ، ولاينجو من النار
ولا يدخل الجنة أحد ( 2 ) إلا برحمة الله تعالى والله يخاطب عباده من الاولين والآخرين
بحساب عملهم ( 3 ) مخاطبة واحدة يسمع منها كل واحد قضيته دون غيرها ، ويظن أنه مخاطب
دون غيره ، لا يشغله عزوجل مخاطبة عن مخاطبة ، ويفرغ من حساب الاولين والآخرين
في مقدار ساعة ( 4 ) من ساعات الدنيا ، ويخرج الله عزوجل لكل إنسان كتابا يلقاه
منشورا ، ينطق عليه بجميع أعماله ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، فيجعله الله
حاسب نفسه والحاكم عليها بأن يقال له : اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ،
ويختم الله تبارك وتعالى على قوم أفواههم وتشهد أيديهم وأرجلهم وجميع جوارحهم بما
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : اعتقادنا في الحساب انه حق . م
( 2 ) في المصدر : ولايدخل الجنة احد بعمله الا اه . م
( 3 ) في المصدر : بمجمل حساب عملهم اه .
( 4 ) في المصدر : مقدار نصف ساعة اه . م ( * )
[252]
كانوا يكتمون ( يكسبون ظ ) وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق
كل شئ وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ، وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم
ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظنتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون . " ص 88 - 89 "
أقول : قال الشيخ المفيد رحمه الله : الحساب هو المقابلة بين الاعمال والجزاء عليها ،
والمواقفة للعبد على ما فرط منه ، والتوبيخ على سيئاته ، والحمد على حسناته ، ومعاملته
في ذلك باستحقاقه ، وليس هو كما ذهبت العامة إليه من مقابلة الحسنات بالسيئات ،
والموازنة بينهما على حسب استحقاق الثواب والعقاب عليهما ، إذ كان التحابط بين الاعمال
غير صحيح ، ومذهب المعتزلة فيه باطل غير ثابت ، وما يعتمد الحشوية في معناه غير معقول ،
والموازين هي التعديل بين الاعمال والجزاء عليها ، ووضع كل جزاء في موضعه ، وإيصال
كل ذي حق إلى حقه ، فليس الامر في معنى ذلك على ما ذهب إليه أهل الحشو من
أن في القيامة موازين كموازين الدنيا لكل ميزان كفتان توضع الاعمال فيها ، إذ
الاعمال أعراض ، والاعراض لا يصح وزنها ، وإنما توصف بالثقل والخفة على وجه
المجاز ، والمراد بذلك أن ما ثقل منها هو ماكثر واستحق عليه عظيم الثواب ، وما خف
منها ما قل قدره ولم يستحق عليه جزيل الثواب ، والخبر الوراد أن أمير المؤمنين والائمة
من ذريته عليهم السلام هم الموازين فالمراد أنهم المعدلون بين الاعمال فيما يستحق عليها ، و
الحاكمون فيها بالواجب والعدل ، ويقال : فلان عندي في ميزان فلان ، ويراد به نظيره ،
ويقال : كلام فلان عندي أوزن من كلام فلان ، والمراد به أن كلامه أعظم وأفضل قدرا ،
والذي ذكره الله تعالى في الحساب والخوف منه إنما هو المواقفة على الاعمال ، لان من
وقف على أعماله لم يتخلص من تبعاتها ، ومن عفى الله تعالى عنه في ذلك فاز بالنجاة ،
ومن ثقلت موازينه بكثرة استحقاقه الثواب فاولئك هم المفلحون ، ومن خفت موازينه
بقلة أعمال الطاعات فاولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ، والقرآن إنما
انزل بلغة العرب وحقيقة كلامها ومجازه ، ولم ينزل على ألفاظ العامة وما سبق إلى
قلوبها من الاباطيل ، انتهى كلامه قدس سره .
أقول : قد سبق الكلام منا في الاحباط ، وأما إنكار الميزان بهذه الوجوه فليس
[253]
بمرضي لما عرفت من وجوه التوجيه فيه ، نعم قد سبق بعض الاخبار الدالة على أن ليس
المراد الميزان الحقيقي ، فبتلك العلة يمكن القول بذلك ، وإن أمكن تأويل بعض الاخبار
بأن الانبياء والاوصياء عليهم السلام هم الحاضرون عند الميزان الحاكمون عليها ، لكن بعض
الاخبار لا يمكن تأويلها إلا بتكلف تام ، فنحن نؤمن بالميزان ، ونرد علمه إلى حملة
القرآن ، ولا نتكلف علم ما لم يوضح لنا بصريح البيان . والله الموفق وعليه التكلان .
( باب 11 )
* ( محاسبة العباد وحكمه تعالى في مظالمهم وما يسألهم عنه ) *
* ( وفيه حشر الوحوش ) *
الايات ، البقرة " 2 " اولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب 202 " و
قال سبحانه " : واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا
يظلمون 281 " وقال تعالى " : وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله
فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير 284 .
آل عمران " 3 " ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب 19 .
الانعام " 6 " وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه إلا امم أمثالكم
ما فرظنا في الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون 38 " وقال عزوجل " : وهو
أسرع الحاسبين 62 .
الرعد " 13 " : اولئك لهم سوء السحاب 18 " وقال تعالى " : ويخافون سوء
الحساب 21 .
الانبياء " 21 " اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون 2 .
النور " 24 " والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمئان ماء حتى
إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفيه حسابه والله سريع الحساب 39 .
التنزيل " 32 " إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون 25 .
الطلاق " 65 " وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا
[254]
شديدا وعذبناها عذابا نكرا * فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا * أعد الله
لهم عذابا شديدا 8 - 10 .
كورت " 81 " وإذا الوحوش حشرت 5 .
الانشقاق " 84 " فأما من اوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا 7 - 8 .
الغاشية " 88 " إن إلينا إيابهم * ثم إن علينا حسابهم 25 - 26 .
التكاثر " 102 " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم 8 .
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : " اولئك لهم نصيب مما كسبوا " أي حظ من
كسبهم باستحقاقهم الثواب عليه " والله سريع الحساب " ذكر فيه وجوه :
أحدها : أن معناه : سريع المجازاة للعباد على أعمالهم أن وقت الجزاء قريب ،
يجري مجرى قوله سبحانه : " وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب " وعبر عن
الجزاء بالحساب لان الجزاء كفاء العمل وبمقداره فهو حساب له ، يقال : أحسبني
الشئ : كفاني .
وثانيها : أن يكون المراد به أنه يحاسب أهل الموقف في أوقات يسيرة ، لا يشغله
حساب أحد عن حساب غيره ، كما لا يشغله شأن عن شأن ، وورد في الخبر أن الله سبحانه
يحاسب الخلائق كلهم في مقدار لمح البصر ، وروي بقدر حلب شاة . وروي عن أمير
المؤمنين عليه السلام أنه قال : معناه أنه يحاسب الخلق دفعة كما يرزقهم دفعة .
وثالثها : أن معناه أنه سبحانه سريع القبول لدعاء هؤلاء والاجابة لهم من غير
احتباس فيه وبحث عن المقدار الذي يستحقه كل داع ، ويقرب منه ما روي عن ابن
عباس أنه قال : يريد أنه لا حساب على هؤلاء ، إنما يعطون كتبهم بأيمانهم فيقال
لهم : هذه سيئاتكم قد تجاوزت بها عنكم ، وهذه حسناتكم قد ضاعفتها لكم .
وفي قوله تعالى : " وإن تبدوا " أي تظهروا ما في أنفسكم وتعلنوه من الطاعة
والمعصية " أو تخفوه " أي تكتموه " يحاسبكم به الله " أي يعلم الله ذلك فيجازيكم عليه ،
وقيل : معناه : إن تظهروا الشهادة أو تكتموها فإن الله يعلم ذلك ويجازيكم به ، عن ابن
عباس وجماعة ، وقيل : إنها عامة في الاحكام التي تقدم ذكرها في السورة ، خوفهم
[255]
الله تعالى من العمل بخلافها ، وقال قوم : إن هذه الآية منسوخة بقوله : " لا يكلف الله
نفسا إلا وسعها " ورووا في ذلك خبرا ضعيفا ، وهذا لا يصح لان تكليف ما ليس في
الوسع غير جائز فكيف ينسخ ؟ وإنما المراد بالآية ما يتناوله الامر والنهي من
الاعتقادات والارادات وغير ذلك مما هو مستور عنا ، وأما مالايدخل في التكليف
من الوساوس والهواجس مما لا يمكن التحفظ عنه من الخواطر فهو خارج عنه لدلالة
العقل ، ولقوله صلى الله عليه وآله : وتجوز لهذه الامة عن نسيانها وما حدثت به أنفسها ، فعلى
هذا يجوز أن تكون الآية الثانية بينت الاولى وأزالت توهم من صرف ذلك إلى غير
وجهه وظن أن ما يخطر بالبال وتتحدث به النفس مما لا يتعلق به التكليف فإن الله
يؤاخذه به ، والامر بخلاف ذلك ، وقوله : " فيغفر لمن يشاء " منهم رحمة وتفضلا " ويعذب
من يشاء " منهم ممن استحق العقاب عدلا ( 1 ) " والله على كل شئ قدير " من المغفرة و
الغذاب عن ابن عباس ولفظ الآية عام في جميع الاشياء ، والقول فيما يخطر بالبال من
المعاصي أن الله سبحانه لا يؤاخذ به وإنما يؤاخذ بما يعزم الانسان ويعقد قلبه عليه مع
إمكان التحفظ عنه ، فيصير من أفعال القلب فيجازيه كما يجازيه على أفعال الجوارح ،
وإنما يجازيه جزاء العزم لا جزاء عين تلك المعصية ، ( 2 ) لانه لم يباشرها ، وهذا بخلاف
العزم على الطاعة فإنه يجازي على عزمه ذلك جزاء تلك الطاعة ، كما جاء في الاخبار :
إن المنتظر للصلاة في الصلاة ما دام ينتظرها ، وهذا من لطائف نعم الله على عباده .
وفي قوله عزوجل : " وما من دابة في الارض " أي ما من حيوان يمشي على وجه
الارض " ولا طائر يطير بجناحيه " جمع بهذين اللفظين جميع الحيوانات ، وإنما قال :
يطير بجناحيه للتأكيد ورفع اللبس لان القائل قد يقول : طر في حاجتي أي اسرع فيها ،
" إلا امم " أي أصناف مصنفة تعرف بأسمائها يشتمل كل صنف على العدد الكثير " أمثالكم "
قيل : إنه يريد : أشباهكم في إبداع الله إياها وخلقه لها ودلالتها على أن لها صانعا ،
وقيل : إنما مثلت الامم من غير الناس بالناس في الحاجة إلى مدبر يدبرهم في أغذيتهم
* ( هامش ) * ( 1 ) في التفسير المطبوع : ممن يستحق العقاب عقلا .
( 2 ) فيه نظر وتأمل وقد فصل الكلام في ذلك في محله . ( * )
[256]
وأكلهم ولباسهم ونومهم ويقظتهم وهدايتهم إلى مراشدهم إلى مالا يحصى كثرة من
أحوالهم ومصالحهم ، وأنهم يموتون ويحشرون ، وبين بهذا أنه لا يجوز للعباد أن
يتعدوا في ظلم شئ منها ، فإن الله خالقها والمنتصف لها " ما فرطنا في الكتاب من شئ "
أي ما تركنا ، وقيل : ما قصرنا ، والكتاب ، القرآن لان فيه جميع ما يحتاج إليه من
امور الدين والدنيا إما مجملا وإما مفصلا ، والمجمل قد بينه على لسان نبيه صلى الله عليه وآله
وأمر باتباعه في قوله : " ما آتيكم الرسول فخذوه " الآية ، وقيل : المراد به اللوح ، وقيل :
المراد به الاجل أي ما تركنا شيئا إلا وقد أوجبنا له أجلا ثم يحشرون جميعا " ثم إلى
ربهم يحشرون " أي يحشرون إلى الله بعد موتهم يوم القيامة كما يحشر العباد ، فيعوض
الله تعالى ما يستحق العوض منها وينتصف لبعضها من بعض ، وفيما رووه عن أبي هريرة
أنه قال : يحشر الله الخلق يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شئ فيبلغ من
عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء ، ثم يقول : كوني ترابا ، فلذلك يقول الكافر :
يا ليتني كنت ترابا .
وعن أبي ذر قال : بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ انتطحت عنزان فقال النبي
صلى الله عليه وآله : أتدرون فيما انتطحا ؟ فقالوا : لا ندري ، قال : لكن الله يدري و
سيقضي بينهما ، وعلى هذا فإنما جعلت أمثالنا في الحشر والقصاص ، ويؤيده قوله
تعالى : " وإذا الوحوش حشرت " واستدلت جماعة من أهل التناسخ بهذه الآية على أن
البهائم والطيور مكلفة لقوله : " امم أمثالكم " وهذا باطل لانا قد بينا أنها من أي جهة
تكون أمثالنا ، ولو وجب حمل ذلك على العموم لوجب أن تكون أمثالنا في كونها على
مثل صورنا وهيئاتنا وخلقنا وأخلاقنا ، فكيف يصح تكليف البهائم وهي غير عاقلة ؟ و
التكليف لا يصح إلا مع كمال العقل .
أقول : قد أورد الرازي في ذلك فصلا مشبعا لا يهم إيراده ، وقد مر تفسير سوء
الحساب في باب أحوال المجرمين وسيأتي في الاخبار ، وقال الطبرسي رحمه الله في قوله
عزوجل : " اقترب للناس حسابهم " : اقترب افتعل من القرب ، والمعنى : اقترب للناس
وقت حسابهم - يعني القيامة - أي وقت محاسبة الله إياهم ومساءلتهم عن نعمه هل قابلوها
[257]
بالشكر ؟ وعن أوامره هل امتثلوها ؟ وعن نواهيه هل اجتنبوها ؟ وإنما وصف بالقرب
لان كل ما هو آت قريب " وهم في غفلة " من دنوها وكونها " معرضون " عن التفكر فيها
والتأهب لها ، وقيل : عن الايمان بها .
وقال البيضاوي في قوله تعالى : " أعمالهم كسراب بقيعة " : أي أعمالهم التي يحسبونها
صالحة نافعة عند الله يجدونها لاغية مخيبة في العاقبة كسراب ، وهو ما يرى في الفلاة من
لمعان الشمس عليها وقت الظهيرة فيظن أنه ماء يسرب أي يجري ، والقيعة بمعنى القاع
وهو الارض المستوية ، وقيل : جمعه كجار وجيرة " يحسبه الظمئان ماء " أي العطشان ،
وتخصيصه لتشبيه الكافر به في شدة الخيبة عند مسيس الحاجة " حتى إذا جاءه " جاء ما
توهمه ماءا ، أو جاء موضعه " لم يجده شيئا " مما ظنه " ووجد الله عنده " عقابه أو زبانيته
أو وجده محاسبا إياه " فوفيه حسابه " استعواضا أو مجازاة " والله سريع الحساب "
لا يشغله حساب عن حساب .
وفي قوله تعالى : " وكأين من قرية " : أهل قرية " عتت من أمر ربها ورسله "
أعرضت عنه إعراض العاتي المعاند " فحاسبناها حسابا شديدا " بالاستقصاء والمناقشة ،
" وعذبناها عذابا نكرا " منكرا ، والمراد حساب الآخرة وعذابها ، والتعبير بلفظ الماضي
للتحقيق " فذاقت وبال أمرها " عقوبة كفرها ومعاصيها " وكان عاقبة أمرها خسرا " لا ربح
فيه أصلا . وفي قوله تعالى : " إن إلينا إيابهم " : أي رجوعهم .
وقال الطبرسي في قوله تعالى : " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم " : قال مقاتل : يعني
كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير والنعمة فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوافيه


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 257 سطر 19 إلى صفحه 265 سطر 18

إذا لم يشكروا رب النعيم حيث عبدوا غيره وأشركوا به ، ثم يعذبون على ترك الشكر
وهذا قول الحسن قال : لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار ، وقال الاكثرون : إن المعنى : ثم
لتسألن يا معاشر المكلفين عن النعيم ، قال قتادة : إن الله سائل كل ذي نعمة عما أنعم
عليه ، وقيل : عن النعيم في المأكل والمشرب وغيرهما من الملاذ ، عن سعيد بن جبير ،
وقيل : النعيم : الصحة والفراغ ، عن عكرمة ، وقيل : هو الامن والصحة ، عن ابن مسعود
ومجاهد ، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام ، وقيل : يسأل عن كل نعيم
[258]
إلا ما خصه الحديث ، وهو قوله عليه السلام : ثلاثة لا يسأل عنها العبد : خرقة يواري بها
عورته ، أو كسرة يسد بها جوعته ، أو بيت يكنه من الحر والبرد .
وروي أن بعض الصحابة أضاف النبي صلى الله عليه وآله مع جماعة من أصحابه فوجدوا
عنده تمرا وماءا باردا فأكلوا فلما خرجوا قال : هذا من النعيم الذي تسألون عنه .
وروى العياشي بإسناده في حديث طويل قال : سأل أبوحنيفة أباعبدالله عليه السلام
عن هذه الآية ، فقال له : ما النعيم عندك يا نعمان ؟ قال : القوت من الطعام والماء البارد
فقال : لئن أوقفك الله بين يديه يوم القيامة حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها أو شربة
شربتها ليطولن وقوفك بين يديه ، قال : فما النعيم جعلت فداك ؟ قال : نحن أهل البيت
النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد ، وبنا ائتلفوا بعد ما كانوا مختلفين ، وبنا ألف الله
بين قلوبهم فجعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداءا ، وبنا هداهم الله للاسلام ، وهو النعمة
التي لا تنقطع ، والله سائلهم عن حق النعيم الذي أنعم به عليهم وهو النبي صلى الله عليه وآله و
عترته عليهم السلام .
1 - ل ، لى : محمد بن أحمد الاسدي البردعي ( 1 ) عن رقية بنت إسحاق بن
موسى بن جعفر ، عن أبيها ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تزول قدما
عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ؟ وشبابه فيما أبلاه ؟ وعن
ماله من أين كسبه وفيما أنفقه ؟ وعن حبنا أهل البيت . " ل ج 1 ص 120 - 121 "
بيان : العمر لا يستلزم القوة والشباب ، وكل منهما نعمة يسأل عن كل منهما ،
ومع الاستلزام أيضا تكفي المغايرة للسؤال عن كل منهما .
2 - لى : في خبر سعيد بن المسيب ، عن علي بن الحسين عليهما السلام في حديث طويل
قال : ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصى والذنوب فقال عزوجل :
" ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين " فإن قلتم أيها
الناس : إن الله عزوجل إنما عنى بهذا أهل الشرك فكيف ذلك وهو يقول : " ونضع الموازين
القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبه من خردل أتينا بها وكفى
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الباء وسكون الراء وفتح الدال نسبة إلى بردعة : بلدة من أقصى بلاد اذربيجان . ( * )
[259]
بنا حاسبين " ؟ اعلموا عباد الله أن أهل الشرك لاتنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين
وإنما تنشر الدواوين لاهل الاسلام ، الخبر .
3 - فس : أبي ، عن ابن محبوب ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تزول قدما عبد يوم القيامة من بين يدي الله حتى يسأله عن أربع
خصال : عمرك فيما أفنيته ؟ وجسدك فيما أبليته ؟ ومالك من أين كسبته وأين وضعته ؟
وعن حبنا أهل البيت .
ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ،
عن الثمالي مثله ، وزاد فيه : فقال رجل من القوم : وما علامة حبكم يا رسول الله ؟ فقال :
محبتة هذا - ووضع يده على رأس علي بن أبي طالب عليه السلام - .
4 - لى : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن
الحكم ، عن داود بن النعمان ، عن إسحاق ، عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام قال : إذا
كان يوم الفيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب كلاهما من أهل الجنة : فقير في الدنيا ،
وغني في الدنيا ، فيقول الفقير : يا رب على ما اوقف ؟ فوعزتك إنك لتعلم أنك لم
تولني ولاية فأعدل فيها أو أجور ، ولم ترزقني مالا فاءدي منه حقا أو أمنع ، ولا كان
رزقي يأتيني منها إلا كفافا على ما علمت وقدرت لي ، فيقول الله جل جلاله : صدق
عبدي خلوا عنه يدخل الجنة ، ويبقى الآخر حتى يسيل منه من العرق ما لو شربه أربعون
بعيرا لكفاها ، ثم يدخل الجنة ، فيقول له الفقير : ما حبسك ؟ فيقول : طول الحساب ،
ما زال الشئ يجيئني بعد الشئ يغفر لي ، ثم اسأل عن شئ آخر حتى تغمدني الله عز
وجل منه برحمة وألحقني بالتائبين ، فمن أنت ؟ فيقول : أنا الفقير الذي كنت معك آنفا ،
فيقول : لقد غيرك النعيم بعدي . " ص 216 - 217 "
5 - ين : محمد بن عيسى ، عن عمر ( 1 ) بن إبراهيم بياع السابري ، عن حجر بن
زائدة ( 2 ) عن رجل ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : يا بن رسول الله إن لي حاجة ،
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة : عمرو بن ابراهيم ، قال الاردبيلى في جامع الروات " ج 2 ص 180 " : سهل بن زياد
ومحمد بن عيسى عن عمرو بن ابراهيم في باب صلاة الاستخارة ، أى من التهذيب راجعه .
( 2 ) لعله بضم الحاء وسكون الجيم . ( * )
[260]
فقال : تلقاني بمكة ، فقلت : يا بن رسول الله إن لي حاجة ، فقال : تلقاني بمنى ، فقلت :
يابن رسول الله ان لي حاجة ، فقال : هات حاجتك ، فقلت : يا بن رسول الله إني أذنبت
ذنبا بيني وبين الله لم يطلع عليه أحد ، فعظم علي وأجلك أن أستقبلك به ، فقال :
إنه إذا كان يوم القيامة وحاسب الله عبده المؤمن أوقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا ، ثم غفرها له لا
يطلع على ذلك ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا . قال عمر بن أبراهيم : وأخبرني عن غير
واحد أنه قال : ويستر عليه من ذنوبه ما يكره أن يوقفه عليها ، قال : ويقول لسيئاته :
كوني حسنات ، قال : وذلك قول الله تبارك وتعالى : " اولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات
وكان الله غفورا رحيما " .
6 - فس : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " للذين أحسنوا
الحسنى وزيادة " فأما الحسنى فالجنة ، وأما الزيادة فالدنيا ، ما أعطاهم الله في الدنيا
لم يحاسبهم به في الآخرة ، ويجمع لهم ثواب الدنيا ( 1 ) والآخرة ، ويثيبهم بأحسن أعمالهم
في الدنيا والآخرة يقول الله : " ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة اولئك أصحاب الجنة هم
فيها خالدون " . " ص 287 "
7 - ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
إن الله عزوجل يحاسب كل خلق إلا من أشرك بالله عزوجل فإنه لايحاسب ويؤمر ( 2 )
به إلى النار . " ص 21 - 202 "
صح : عنه عليه السلام مثله . " ص 8 "
8 - ن : بإسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال النبي
صلى الله عليه وآله : أول ما يسأل عنه العبد حبنا أهل البيت . " ص 222 - 223 "
9 - ما : في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلى أهل مصر : من عمل لله أعطاه الله أجره
في الدنيا والآخرة ، وكفاه المهم فيهما ، وقد قال الله تعالى : " يا عبادي الذين آمنوا
اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ويجمع ثواب الدنيا . م
( 2 ) في المصدر : لا يحايسب يوم القيامة ويؤمر اه . م ( * )
[261]
أجرهم بغير حساب " فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة ، قال الله تعالى :
" للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " والحسنى هي الجنة ، والزيادة هي الدنيا ، الخبر .
10 - نوادر الرواندى : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : كل نعيم مسؤول عنه يوم القيامة إلا ما كان في سبيل الله تعالى .
11 - ما : جماعة ، عن أبي المفصل ، عن محمد بن الحسن بن حفص ، عن هشام
النهشلي ، ( 1 ) عن عمر بن هاشم ، عن معروف بن خربوذ ، ( 2 ) عن عامر بن واثلة ، عن أبي
بردة الاسلمي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله : يقول : لا يزول قدم عبد يوم القيامة حتى
يسأل عن أربع : عن جسده فيما أبلاه ؟ وعن عمره فيما أفناه ؟ وعن ماله مما أكتسبه وفيما
أنفقه ؟ وعن حبنا أهل البيت . " ص 25 - 26 "
12 - ما : المفيد ، عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري ، عن عمه علي بن سليمان ،
عن الطيالسي ، عن العلاء ، عن محمد قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل :
" فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما " فقال عليه السلام : يؤتى
بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب فيكون الله تعالى هو الذي يتولى
حسابه ، لا يطلع على حسابه أحدا من الناس ، فيعرفه ذنوبه حتى إذا أقر بسيئاته قال
* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح النون وسكون الهاء وفتح الشين نسبة إلى نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن
مالك بن زيد مناة بن تميم ، لقب لهشام بن يونس بن وابل التميمى النهشلى أبي القاسم الكوفى
اللؤلوئى ، قال ابن حجر في التقريب " ص 533 " : ثقة من العاشرة مات سنة اثنين وخمسين أى بعد المائة .
وقال الشيخ في رجاله : هشام بن السرى أبوساسان التميمى مولاهم كوفى جد هشام بن يونس أبوامه
انتهى . فاستفاد الوحيد البهبهانى من ذلك معروفية ابن يونس ، لان الشيخ عرف ابن السرى به .
( 2 ) بفتح الخاء وتشديد الراء - قيل : وبسكونها أيضا - وضم الباء وسكون الواو وفى آخره
الذال هو معروف بن خربوذ المكى مولاهم كوفى ثقة ، أفقه الاولين ، ممن اجتمعت العصابة على
تصحيح ما يصح عنه ، وانقادوا لهم بالفقه ، روى عنه العامة أيضا ، ترجمه ابن حجر في التقريب
" ص 501 " فقال : معروف بن خربوذ المكى مولى آل عثمان صدوق ربما وهم ، وكان أخباريا علامة من
الخامسة . ( * )
[262]
الله عزوجل للكتبة : بدلوها حسنات ، وأظهروها للناس ، فيقول الناس حينئذ : ما
كان لهذا العبد سيئة واحدة ، ثم يأمر الله به إلى الجنة ، فهذا تأويل الآية ، وهي في المذنبين
من شيعتنا خاصة . " ص 44 - 45 "
13 - ما : المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن القاشاني ،
عن الاصفهاني ، عن المنقري ، عن ابن عيينة قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : ما من
عبد إلا ولله عليه حجة ، إما في ذنب اقترفه ، وإما في نعمة قصر عن شكرها . " ص 132 "
14 - ما : بهذا الاسناد عن ابن عيينة ، عن حميد بن زياد ، عن عطاء بن يسار ، عن
أميرالمؤمنين عليه السلام قال : يوقف العبد بين يدي الله فيقول : قيسوا بين نعمي عليه وبين عمله ،
فتستغرق النعم العمل ، فيقولون : قد استغرق النعم العمل ، فيقول : هبوا له نعمي ، وقيسوا
بين الخير والشر منه ، فإن استوى العملان أذهب الله الشر بالخير وأدخله الجنة ،
وإن كان له فضل أعطاه الله بفضله ، وإن كان عليه فضل وهو من أهل التقوى لم يشرك
بالله تعالى واتقى الشرك به فهو من أهل المغفرة ، يغفرالله له برحمته إن شاء ويتفضل
عليه بعفوه . " ص 132 - 133 "
15 - عدة : في الخبر النبوي أنه يفتح للعبد يوم القيامة على كل يوم من أيام عمره
أربعة وعشرون خزانة - عدد ساعات الليل والنهار - فخزانة يجدها مملوءة نورا وسرورا
فيناله عند مشاهدتها من الفرح والسرور ما لو وزع على أهل النار لادهشهم عن الاحساس
بألم النار ، وهي الساعة التي أطاع فيها ربه ، ثم يفتح له خزانة اخرى فيراها مظلمة
منتنة مفزعة فيناله عند مشاهدتها من الفزع والجزع ما لو قسم على أهل الجنة لنغص
عليهم نعيمها ، وهي الساعة التي عصى فيها ربه ، ثم يفتح له خزانة اخرى فيراها فارغة
ليس فيها ما يسره ولا ما يسوؤه وهي الساعة التي نام فيها أو اشتغل فيها بشئ من مباحات
الدنيا ، فيناله من الغبن والاسف على فواتها حيث كان متمكنا من أن يملاها حسنات
ما لا يوصف ، ومن هذا قوله تعالى : " ذلك يوم التغابن " .
16 - وروي أن الله سبحانه يجمع الخلق يوم القيامة ولبعضهم على بعض حقوق
[263]
وله قبلهم تبعات ، فيقول : عبادي ما كان لي قبلكم فقد وهبته لكم ، فهبوا بعضكم تبعات
بعض ، وادخلوا الجنة جميعا برحمتي .
17 - مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ،
عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كل محاسب معذب ، فقال له قائل : يا
رسول الله فأين قول الله عزوجل : " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " ؟ قال : ذاك العرض
يعني التصفح . " ص 76 - 77 "
بيان : يعني أن الحساب اليسير هو تصفح أعماله وعرضها على الله ، أو على صاحبه ،
من غير أن يناقش عليها ويؤخذ بكل حقير وجليل من غير عفو ، فإن من فعل الله تعالى
ذلك به هلك ، إذ لايقوم فعل أحد من الخلق بحق نعم الله عليه لا سيما إذا انضم إليها
فعل الخطايا والآثام ، فالمراد بالحساب في أول الخبر المحاسبة على هذا الوجه ، كما
هو دأب المحاسبين في الدنيا ، ولذا ورد في بعض الاخبار مكانه : نوقش في الحساب . فقد
روى الحسين بن مسعود في شرح السنة بإسناده عن البخاري ، عن سفيان بن أبي مريم ،
عن نافع ، عن ابن عمر ، عن ابن أبي مليكة : أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله كانت لا تسمع شيئا
لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه ، وأن النبي صلى الله عليه وآله قال : من حوسب عذب ، قالت
عائشة : فقلت : أوليس يقول الله تعالى : " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " ؟ قالت : فقال :
إنما ذلك العرض ، ولكن من نوقش الحساب يهلك . هذا حديث متفق على صحته
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر ، عن إسماعيل بن علية ، عن أيوب ،
عن عبدالله بن أبي مليكة . قوله عليه السلام : من نوقش الحساب يهلك المناقشة : الاستقصاء
في الحساب حتى لا يترك منه شئ ، يقال : انتقشت منه حقي أجمع ، ومنه نقش الشوك
من الرجل وهو استخراجه منها ، انتهى كلامه .
وروى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : من نوقش الحساب يوم القيامة
عذب . وقال بعض شراحه : قال القاضي : قوله عذب له معنيان : أحدهما أن نفس
المناقشة وعرض الذنوب والتوقيف عليها هو التعذيب لما فيه من التوبيخ ، والثاني أنه
يفضي إلى العذاب بالنار ، ويؤيده قوله في الرواية الاخرى : " هلك " مكان " عذب " هذا
[264]
كلام القاضي وهذا الثاني هو الصحيح ، ومعناه أن التقصير غالب في العباد فمن استقصي
عليه ولم يسامح هلك ودخل النار ، ولكن الله تعالى يعفو ويغفر ما دون الشرك لمن
يشاء انتهى .
أقول : يحتمل الخبر الذي رويناه وجها آخر وإن كان قريبا مما ذكر ، وهو
أن هذا النوع من المحاسبة إنما يكون لمن يستحق العذاب الدائم ولا يستوجب
الرحمة كالمخالفين والنواصب ، فأما من علم الله أنه يستحق الرحمة فلا يحاسبه على هذا
الوجه ، بل على وجه العفو والصفح ، ثم اعلم : أن التصفح هو البحث عن الامر والنظر
فيه ، ولم يأت بمعنى الصفح والعفو كما توهم ههنا .
18 - ما : المفيد ، عن التمار ، عن أبي عبدالله بن محمد ، عن سويد ، عن الحكم
ابن سيار ، عن سدوس صاحب السابري ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة فدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد
من تحت العرش : تتاركوا المظالم بينكم فعلي ثوابكم . " ص 61 "
19 - ما : أبوالقاسم بن شبل بن أسد ، عن ظفر بن حمدون ، عن إبراهيم بن
إسحاق ، عن عبدالرحمن بن أحمد التميمي ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : إذا كان يوم القيامة وكلنا الله بحساب شيعتنا ، فما كان لله سئلنا الله أن يهبه لنا
فهو لهم ، وما كان لنا فهو لهم ، ثم قرأ أبوعبدالله عليه السلام : " إن إلينا إيابهم ثم إن علينا
حسابهم " .
20 - يد : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن هاشم ، عن ابن معبد ، عن درست ،
عن ابن اذينة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : جعلت فداك ما تقول في القضاء و
القدر ؟ قال : أقول : إن الله تعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عما عهد إليهم و
لم يسألهم عما قضي عليهم . " ص 373 - 374 "
21 - سن : أبي رفعه قال : إن أمير المؤمنين عليه السلام صعد المنبر فحمد الله وأثنى
عليه ، ثم قال : أيها الناس إن الذنوب ثلاثة ، ثم أمسك ، فقال له حبة العرني : يا أمير
[265]
المؤمنين فسرها لي ، فقال : ( 1 ) ما ذكرتها إلا وأنا اريد أن افسرها ، ولكنه عرض لي
بهر حال بيني وبين الكلام ، نعم الذنوب ثلاثة : فذنب مغفور ، وذنب غير مغفور ، وذنب
نرجو ونخاف عليه ، قيل : يا أمير المؤمنين فبينها لنا ، قال : نعم أما الذنب المغفور
فعبد عاقبه الله تعالى على ذنبه في الدنيا فالله أحكم وأكرم أن يعاقب عبده مرتين ، و
أما الذي لايغفر فظلم ( فمظالم خ ل ) العباد بعضهم لبعض ، إن الله تبارك وتعالى إذا
برز لخلقه أقسم قسما على نفسه فقال : وعزتي وجلالي لا يجوزني ظلم ظالم ولو كف
بكف ، ولو مسحة بكف ، ونطحة ما بين الشاة القرناء إلى الشاة الجماء فيقتص الله
للعباد بعضهم من بعض حتى لا يبقى لاحد عند أحد مظلمة ، ثم يبعثهم الله إلى
الحساب ، وأما الذنب الثالث فذنب ستره الله على عبده ورزقه التوبة فأصبح
خاشعا من ذنبه راجيا لربه ، فنحن له كما هو لنفسه ، نرجو له الرحمة ونخاف عليه
العقاب . " ص 7 "
بيان : قال الجزري : البهر بالضم : هو ما يعتري الانسان عند السعي الشديد
والعدو من التهيج وتتابع النفس انتهى . وقد مر شرح الخبر في باب التوبة .
22 - ير : إبراهيم بن هاشم ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن أبي شعيب
الحداد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا أول قادم على الله ، ثم
يقدم علي كتاب الله ، ثم يقدم علي أهل بيتي ، ثم يقدم علي امتي ، فيقفون فيسألهم :
ما فعلتم في كتابي وأهل بيت نبيكم ؟ . " ص 121 "
23 - سن : ابن محبوب عن ابن رئاب ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 265 سطر 19 إلى صفحه 273 سطر 18

ثلاثة أشياء لا يحاسب العبد المؤمن عليهن : طعام يأكله ، وثوب يلبسه ، وزوجة صالحة
تعاونه ويحصن بها فرجه . " ص 399 "
24 - سن : أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن الحارث بن حريز ، عن سدير الصيرفي
عن أبي خالد الكابلي قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام فدعا بالغداء فأكلت معه طعاما
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر بعد قوله : يا امير المؤمنين : قلت : الذنوب ثلاثة ثم امسكت ، فقال له : ما
ذكرتها اه . م ( * )
[266]
ما أكلت طعاما قط أنظف منه ولا أطيب منه ، فلما فرغنا من الطعام قال : يا أبا خالد
كيف رأيت طعامنا ؟ قلت : جعلت فداك ما رأيت أنظف منه قط ولا أطيب ، ولكني
ذكرت الآية التي في كتاب الله : " لتسئلن يومئذ عن النعيم " فقال أبوجعفر عليه السلام : لا ،
إنما تسألون عما أنتم عليه من الحق . " ص 399 - 400 "
25 - شى : عن أبي إسحاق قال : سمعته يقول : في " سوء الحساب " لا يقبل حسناتهم
ويؤاخذون بسيئاتهم .
26 - شى : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى : " ويخافون
سوء الحساب " قال : يحسب عليهم السيئات ، ويحسب لهم الحسنات وهو الاستقصاء .
27 - شى : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى : " ويخافون
سوء الحساب " قال : الاستقصاء والمداقة ، وقال : يحسب عليهم السيئات ، ولا يحسب
لهم الحسنات .
بيان : لا يحسب لهم الحسنات لعدم إتيانهم بها على وجهها ولاخلالهم بشرائطها
كحسنات المخالفين ، فإن من شرائط صحة الاعمال ولاية أهل البيت عليهم السلام فلذا لا
يقبل منهم أعمالهم ، ولعل ما في الخبر السابق من محاسبة الحسنات لبعض فساق
الشيعة . ( 1 )
28 - شى : عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبدالله عيه السلام أنه قال لرجل : يافلان
مالك ولاخيك ؟ قال : جعلت فداك كان لي عليه حق فاستقصيت منه حقي ، قال
أبوعبدالله : أخبرني عن قول الله : " ويخافون سوء الحساب " أتراهم خافوا أن يجور عليهم
أو يظلمهم ؟ لا والله خافوا الاستقصاء والمداقة .
29 - قال محمد بن عيسى : وبهذا الاسناد أن أبا عبدالله عليه السلام قال لرجل شكاه
بعض إخوانه : ما لاخيك فلان يشكوك ؟ فقال : أيشكوني أن استقصيت حقي ؟ ! قال :
فجلس مغضبا ثم قال : كأنك إذا استقصيت لم تسئ ؟ ! أرأيت ما حكى الله تبارك وتعالى :
* ( هامش ) * ( 1 ) يحتمل قويا نظرا إلى اتحاد الراوى والمروى عنه والمضمون وحدة الخبرين وأن الحديث
زيدت فيه كلمة " لا " أو نقصت . ( * )
[267]
" ويخافون سوء الحساب " أخافوا الله أن يجور عليهم ؟ لا والله ما خافوا إلا الاستقصاء ،
فسماه الله سوء الحساب ، فمن استقصي فقد أساء .
كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن حماد مثله . " ف ج 1 ص 356 "
بيان : السوء هنا بمعنى الاساءة والاضرار والتعذيب لا فعل القبيح ، والحاصل
أن المداقة في الحساب سماها الله سوءا يفعله بمن يستحقه على وجه التعذيب ، فإذا
فعلت ذلك بأخيك فحق له أن يشكوك .
30 - شى : عن الحسن بن هارون ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله : " إن السمع
والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤلا " قال : يسأل السمع عما يسمع ، والبصر
عما يطرف ، والفؤاد عما عقد عليه .
31 - بشا : محمد بن علي بن عبدالصمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن سعيد بن أبي
سعيد ، عن محمد بن أحمد بن بطة ، عن الوليد بن أبان ، عن محمد بن داود ، عن يعقوب
بن إسحاق ، عن الحارث بن محمد ، عن أبي بكر بن عياش ، عن معروف بن خربوذ ، عن
أبي الطفيل ، ( 1 ) عن أبي بردة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لاتزول قدم عبد حتى يسأل
عن حبنا أهل ابيت ، قيل : يا رسول الله ما علامة حبكم ؟ قال : فضرب بيده على منكب
علي عليه السلام .
32 - كا : العدة ، عن البرقي ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن محمد بن سنان
عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة
على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا . " ج 1 ص 11 - 12 "
33 - يب : الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حسين بن عثمان ، عن سماعة ،
عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : أول ما يحاسب به العبد الصلاة فإن
قبلت قبل ما سواها .
34 - كا : علي ، عن أبيه ، والعدة ، عن أحمد بن محمد وسهل جميعا ، عن ابن محبوب
عن مالك به عطية ، عن يونس بن عمار قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن الدواوين يوم
* ( هامش ) * ( 1 ) هو عامر بن واثلة المتقدم تحت رقم 11 . ( * )
[268]
القيامة ( 1 ) ديوان فيه النعم ، وديوان فيه الحسنات ، وديوان فيه السيئات ، فيقابل بين
ديوان النعم وديوان الحسنات فتستغرق النعم ديوان الحسنات ، ويبقى ديوان السيئات
فيدعا ابن آدم المؤمن للحساب فيتقدم القرآن أمامه في أحسن صورة ، فيقول : يا رب
أنا القرآن ، وهذا عبدك المؤمن ، قد كان يتعب نفسه بتلاوتي ، ويطيل ليله بترتيلي
وتفيض عيناه إذا تهجد ، فأرضه كما أرضاني ، قال : فيقول العزيز الجبار : أبسط
يمينك فيملؤها من رضوان الله العزيز الجبار ، ويملؤ شماله من رحمة الله ، ثم يقال :
هذه الجنة مباحة لك فاقرء واصعد ، فإذا قرأ آية صعد درجة . " ج 2 ص 602 "
35 - كا : العدة ، عن سهل ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة
الحذاء ، عن ثوير بن أبي فاختة قال : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يحدث في مسجد
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : حدثني أبي أنه سمع أباه علي بن أبي طالب عليه السلام يحدث الناس
قال : إذا كان يوم القيامة بعث الله تبارك وتعالى الناس من حفرهم غرلا مهلا ( 2 ) جردا
مردا في صعيد واحد يسوقهم النور وتجمعهم الظلمة حتى يقفوا على عقبة المحشر ، فيركب
بعضهم بعضا ويزدحمون دونها ( عليها خ ل ) فيمنعون من المضي فتشتد أنفاسهم ، ويكثر عرقهم
وتضيق بهم امورهم ، ويشتد ضجيجهم ، وترتفع أصواتهم ، قال : وهو أول هول من أهوال
يوم القيامة ، قال : فيشرف الجبار تبارك وتعالى عليهم من فوق عرشه في ضلال من الملائكة
فيأمر ملكا من الملائكة فينادي فيهم : يا معشر الخلائق أنصتوا واستمعوا منادي الجبار
قال : فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم ، قال : فتنكسر أصواتهم عند ذلك ، وتخشع أبصارهم ،
وتضطرب فرائصهم ، وتفزع قلوبهم ، ويرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصوت مهطعين إلى
الداعي ، قال : فعند ذلك يقول الكافر : هذا يوم عسر ، قال : فيشرف الله عزوجل ذكره
الحكم العدل عليهم فيقول : أنا الله لا إله إلا أنا الحكم العدل الذي لا يجور ، اليوم أحكم
بينكم بعدلي وقسطي ، لا يظلم اليوم عندي أحد ، اليوم آخذ للضعيف من القوي
بحقه ، ولصاحب المظلمة بالمظلمة بالقصاص من الحسنات والسيئات ، واثيب على
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : إن الدواوين يوم القيامة ثلاثة : ديوان اه . م
( 2 ) في المصدر : بهما . م ( * )
[269]
الهبات ، ولا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالم ولاحد عنده مظلمة إلا مظلمة يهبها
لصاحبها ( 1 ) واثيبه عليها وآخذ له بها عند الحساب ، فتلازموا أيها الخلائق و اطلبوا
مظالمكم عند من ظلمكم بها في الدنيا ، وأنا شاهد لكم ( بها خ ل ) عليهم ، وكفى
بي شهيدا ، قال : فيتعارفون ويتلازمون فلا يبقى أحد له عند أحد مظلمة أو حق إلا
لزمه بها ، قال : فيمكثون ماشاء الله فيشتد حالهم ، فيكثر عرقهم ويشتد غمهم ، وترتفع
أصواتهم بضجيج شديد ، فيتمنون المخلص منه بترك مظالمهم لاهلها .
قال : ويطلع الله عزوجل على جهدهم فينادي مناد من عند الله تبارك وتعالى
يسمع آخرهم كما يسمع أولهم : يا معاشر ( معشر خ ل ) الخلائق أنصتوا لداعي الله تبارك
وتعالى واسمعوا ، إن الله تبارك وتعالى يقول لكم : أنا الوهاب ، إن أحببتم أن تواهبوا
فتواهبوا ، وإن لم تواهبوا أخذت لكم بمظالمكم ، قال : فيفرحون بذلك لشدة جهدهم
وضيق مسلكهم وتزاحمهم ، قال : فيهب بعضهم مظالمهم رجاء أن يتخلصوا مما هم فيه ،
ويبقى بعضهم فيقولون : يا رب مظالمنا أعظم من أن نهبها .
قال : فينادي مناد من تلقاء العرش : أين رضوان خازن الجنان جنان الفردوس
قال : فيأمره الله عزوجل أن يطلع من الفردوس قصرا ( 2 ) من فضة بما فيه من الآنية
والخدم ، قال : فيطلعه عليهم في حفافة القصر الوصائف ( 3 ) و الخدم ، قال فينادي مناد
من عندالله تبارك وتعالى : يا معشر الخلائق ارفعوا رؤوسكم فانظروا إلى هذا القصر
قال : فيرفعون رؤوسهم فكلهم يتمناه ، قال : فينادي مناد من عند الله تبارك وتعالى :
يا معشر الخلائق هذا لكل من عفى عن مؤمن ، قال ، فيعفون كلهم إلا القليل .
قال : فيقول الله عزوجل : لا يجوز إلى جنتي اليوم ظالم ولا يجوز إلى ناري
اليوم ظالم ولاحد من المسلمين عنده مظلمة حتى يأخذها منه عند الحساب ،
أيها الخلائق استعدوا للحساب ، قال : ثم يخلى سبيلهم فينطلقون إلى العقبة يكرد
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : صاحبها . م
( 2 ) أى يكشف من الفردوس قصرا .
( 3 ) جمع الوصيفة : الجارية . ( * )
[270]
بعضهم بعضا حتى ينتهوا إلى العرصة ، والجبار تبارك وتعالى على العرش ، قد نشرت
الدواوين ، ونصبت الموازين ، واحضر النبيون والشهداء وهم الائمة ، يشهد كل إمام
على أهل عالمه بأنه قد قام فيهم بأمر الله عزوجل ودعاهم إلى سبيل الله .
قال : فقال له رجل من قريش : يا بن رسول الله إذا كان للرجل المؤمن عند الرجل
الكافر مظلمة أي شئ يأخذ من الكافر وهو من أهل النار ؟ قال : فقال له علي بن
الحسين عليهما السلام : يطرح عن المسلم من سيئاته بقدر ماله على الكافر ، فيعذب الكافر
بها مع عذابه بكفره عذابا بقدر ما للمسلم قبله من مظلمته .
قال : فقال له : القرشي ، فإذا كانت المظلمة لمسلم عند مسلم كيف يؤخذ
مظلمته من المسلم ؟ قال : يؤخذ للمظلوم من الظالم من حسناته بقدر حق المظلوم
فيزاد على حسنات المظلوم ، قال : فقال له القرشي ، فإن لم يكن للظالم حسنات ؟
قال : إن لم يكن للظالم حسنات فإن للمظلوم سيئات ، يؤخذ من سيئات المظلوم
فيزاد على سيئات الظالم . " الروضة ص 104 - 106 "
بيان : قال الجزري : فيه : يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة غرلا الغرل جمع
الاغرل وهو الاغلف . قوله عليه السلام : مهلا لعله من المهلة بمعنى السكينة والرفق ، كناية
عن الحيرة والدهشة ، أو المراد : مسرعين ، والماهل : السريع والمتقدم ، والاظهر أنه
تصحيف " بهما " كما ورد في روايات العامة ، قال الجزري : فيه : يحشر الناس يوم القيامة
عراة حفاة بهما ، جمع بهيم وهو في الاصل الذي لا يخالط لونه لون سواه ، يعني ليس فيهم
شئ من العاهات والاعراض التي تكون في الدنيا كالعمى والعور والعرج وغير
ذلك ، وإنما هي أجساد مصححة لخلود الابد في الجنة أو النار ، وقال بعضهم : روي
في تمام الحديث : قيل : وما البهم ؟ قال ليس معهم شئ ، يعني من أعراض الدنيا وهذا
لا يخالف الاول من حيث المعنى انتهى . والجرد بالضم جمع الاجرد وهو الذي لا
شعر عليه ، وكذا المرد بالضم جمع الامرد .
قوله عليه السلام : يسوقهم النور وتجمعهم الظلمة أي يسوقهم نار من خلفهم يهربون
منه ، وجميعهم يمشون في الظلمة كما مر في أشراط الساعة ، أو إذا رأوا نورا مشوا ، و
إذا أظلم عليهم قاموا .
[271]
قوله عليه السلام : فيشرف الجبار هذا كناية عن اطلاعه عليهم وتعلق إرادته بالقضاء
فيهم ، فيخلق الصوت في ظلل من الملائكة بما يريد من القضاء فيهم ، شبهوا في كثرتهم
بسحب تظل على الخلق ، أو في لطافتهم بالظل ، وقد مر الكلام في ذلك في قوله تعالى :
" في ظلل من الغمام والملائكة " وهذا الخبر يؤيد قراءة من قرأ من غير السبعة : الملائكة
بالكسر عطفا على الغمام فتفطن .
قوله عليه السلام : وآخذ الواو بمعنى أو . قوله عليه السلام : في حفافة القصر بكسر الحاء
أي مع من يحف القصر ويطيف به ، أو فيهم الوصائف والخدم ، أو في جوانب القصر
الوصائف والخدم ، وعلى التقادير الجملة حالية ، وعلى الاول أي كون " في " بمعنى " مع "
يحتمل أن يكون الوصائف والخدم عطف بيان للحفافة .
قال الجزري : فيه : ظلل الله مكان البيت غمامة وكانت حفاف البيت أي محدقة
به ، وحفافا الجبل : جانباه انتهى . والكرد : السوق والدفع ، وكون الجبار على العرش
كناية عن تمكنه على عرش العظمة والجلال وأنه يجري حكمه عند العرش ويظهر آثار
قضائه هناك .
36 - نهج : ألا وإن الظلم ثلاثة : فظلم لا يغفر ، وظلم لا يترك ، وظلم مغفور
لا يطلب ، فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله ، قال الله سبحانه : إن الله لا يغفر أن
يشرك به ، وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات ، وأما الظلم
الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا ، القصاص هناك شديد ، ليس هو جرحا بالمدى
ولا ضربا بالسياط ، ولكنه ما يستصغر ذلك معه .
بيان : الهنات جمع هنة وهو الشئ اليسير ، ويمكن أن يكون المراد بها الصغائر
فإنها مكفرة مع اجتناب الكبائر أو الاعم ، فيكون قوله عليه السلام : مغفور لا يطلب أي
أحيانا لا دائما ، وعلى الاول لا يكون المقصود الحصر ، والمدى بالضم جمع مدية وهي
السكين .
37 - نهج : سئل عليه السلام : كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم ؟ فقال : كما
يرزقهم على كثرتهم ، قيل : فكيف يحاسبهم ولا يرونه ؟ قال : كما يرزقهم ولا يرونه .
[272]
38 - كا : محمد بن الحسين وغيره عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، ومحمد بن يحيى ،
عن محمد بن الحسين جميعا ، ( 1 ) عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، وعبدالكريم بن
عمرو ، عن عبدالحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى : " وإذا الموءودة
سئلت بأى ذنب قتلت " قال : يقول : أسألكم عن المودة التي نزلت عليكم فضلها
مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم ؟ الخبر .
فر : عن جعفر بن أحمد رفعه ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله . " 203 "
39 - فس : أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن سلمة بن عطا ، عن جميل ،
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت : قول الله : " لتسئلن يومئذ عن النعيم " قال : تسأل هذه
الامة عما أنعم الله عليهم برسول الله صلى الله عليه وآله ثم بأهل بيته عليهم السلام " ص 738 "
40 - سن : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله عليه السلام
في قوله : " لتسئلن يومئذ عن النعيم " قال : إن الله أكرم من أن يسأل مؤمنا عن أكله
وشربه . " ص 399 "
41 - ن : بإسناده عن إبراهيم بن العباس الصولي قال : كنا يوما بين يدي
علي بن موسى الرضا عليه السلام فقال : ليس في الدنيا نعيم حقيقي ، فقال له بعض الفقهاء
ممن حضره : فيقول الله عزوجل : " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم " أما هذا النعيم في الدنيا
وهو الماء البارد ، فقال له الرضا عليه السلام - وعلا صوته - : كذا فسرتموه أنتم وجعلتموه
على ضروب ، فقالت طائفة : هو الماء البارد ، وقال غيرهم : هو الطعام الطيب ، وقال
آخرون : هو طيب النوم ، ( 2 ) ولقد حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه السلام أن
أقوالكم هذه ذكرت عنده في قول الله عزوجل : " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم " فغضب
عليه السلام وقال : إن الله عزوجل لا يسأل عباده عما تفضل عليهم به ولا يمن بذلك
عليهم ، والامتنان بالانعام مستقبح من المخلوقين ، فكيف يضاف إلى الخالق عزوجل
ما لا يرضى للمخلوقين به ؟ ( 3 ) ولكن النعيم حبنا أهل البيت وموالاتنا ، يسأل الله
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة : ومحمد بن يحيى ، ومحمد بن الحسين اه .
( 2 ) في المصدر : هو النوم الطيب ، قال الرضا عليه السلام : ولقد اه . م
( 3 ) في المصدر : ما لا يرضى المخلوق به . م ( * )
[273]
عنه بعد التوحيد والنبوة ، لان العبد إذا وفى بذلك أداه إلى نعيم الجنة التي لا
تزول ، ولقد حدثني بذلك أبي ، عن أبيه ، عن محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ،
عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي عليهم السلام أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي إن
أول ما يسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنك
ولي المؤمنين بما جعله الله وجعلته لك ، فمن أقر بذلك وكان يعتقده صار إلى النعيم
الذي لا زوال له ، الخبر . " ص 270 - 271 "
42 - ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال علي بن
أبي طالب عليه السلام في قول الله عزوجل : " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم " قال : الرطب و
الماء البارد . " ص 204 "
بيان : لعله محمول على التقية ، أو على أنه يسأل المخالفون عنها لا المؤمنون .
43 - ين : القاسم ، عن عبدالصمد بن بشير ، عن معاوية قال : قال لي أبوعبدالله
عليه السلام : إن صلة الرحم تهون الحساب يوم القيامة ، ثم قرأ : " يصلون ما أمر الله به
أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " .
44 - ين : الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن فلان بن عمار ( 1 ) قال :
قال أبوعبدالله عليه السلام : الدواوين يوم القيامة ثلاثة : ديوان فيه النعم ، وديوان فيه
الحسنات ، وديوان فيه الذنوب ، فيقابل بين ديوان النعم وديوان الحسنات فيستغرق
عامة الحسنات ، وتبقى الذنوب .
45 - كتاب فضائل الشيعة للصدوق رحمه الله بإسناده عن مسير قال : سمعت


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 273 سطر 19 إلى صفحه 281 سطر 18

الرضا عليه السلام يقول : والله لا يرى منكم في النار إثنان ، لا والله ولا واحد ، قال : قلت :
فأين ذلك من كتاب الله ؟ قال : فأمسك عني سنة ، قال : فإني معه ذات يوم في الطواف
إذ قال لي : يا ميسر اليوم اذن لي في جوابك عن مسألتك كذا ، قال : قلت : فأين هو من
* ( هامش ) * ( 1 ) هكذا في جميع النسخ ولم نجد في كتب التراجم رجلا بهذا الاسم وتقدم الحديث عن الكافى
مفصلا تحت رقم 34 باسناده عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن يونس بن عمار .
والظاهر أن فلان بن عمار مصحف يونس بن عمار ، راجع هناك . ( * )
[274]
القرآن ؟ قال في سورة الرحمن وهو قول الله عزوجل : " فيومئذ لا يسئل عن ذنبه منكم
إنس ولا جان " فقلت له : ليس فيها " منكم " قال : إن أول من غيرها ابن أروى ، وذلك
أنها حجة عليه وعلى أصحابه ، ولو لم يكن فيها " منكم " لسقط عقاب الله عزوجل عن
خلقه ، إذ لم يسأل عن ذنبه إنس ولا جان فلمن يعاقب إذا يوم القيامة ؟ . ( 1 )
46 - ع : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن ابن يزيد رفعه ، عن
أحدهما عليهم السلام قال : يؤتى يوم القيامة بصاحب الدين يشكو الوحشة ، فإن كانت
له حسنات اخذ منه لصاحب الدين ، وقال : وإن لم تكن له حسنات القي عليه من سيئات
صاحب الدين .
بيان : الوحشة : الهم والخلوة والخوف ، ووحش الرجل : جاع ونفد زاده
أي يشكو همه بذهاب ماله أو جوعه واضطراره بعدم رد ماله إليه ، ويمكن أن يكون
بالخاء المعجمة ، قال الفيرز آبادي : الوخش : رذال الناس وسقاطهم . والظاهر أنه وقع
فيه تصحيف ، ولعله كان مكانه : غريمه أو نحوه .
47 - فر : عن جعفر بن محمد بن يوسف رفعه ، عن صفوان ، عن أبي الحسن عليه السلام
قال : إلينا إياب هذا الخلق ، وعلينا حسابهم . " ص 207 "
48 - فر : جعفر بن محمد الفزاري رفعه ، عن قبيصة ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله
عزوجل : " إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم " قال : فينا ، ( 2 ) قلت : إنما أسألك
عن التفسير ، قال : نعم يا قبيصة إذا كان يوم القيامة جعل الله حساب شيعتنا إلينا ، فما كان
بينهم وبين الله استوهبه محمد صلى الله عليه وآله من الله ، وما كان فيما بينهم وبين الناس من المظالم
أداه محمد صلى الله عليه وآله عنهم وما كان فيما بيننا وبينهم وهبناه لهم حتى يدخلوا الجنة بغير
حساب . " ص 208 "
49 - م : قال عليه السلام : عند ذكر معجزات النبي صلى الله عليه وآله وكلام الذئب مع الراعي :
* ( هامش ) * ( 1 ) الرواية من أخبار التحريف أولا ، وما ذكر فيها من الاستدلال غير تام ، وقد اجيب عنه في
أخبار اخر باختلاف مواقف يوم القيامة ثانيا ، ولا مخصص في الاية لهذا الخطاب ثالثا . على أن
الرواية باشتمالها على هذه القصة يلوح منها آثار الوضع .
( 2 ) الصحيح : قال : فينا التنزيل . وقد تقدم الخبر مفصلا في باب 7 تحت رقم 89 راجعه . ( * )
[275]
قال الذئب : ولكن الشقي كل الشقي من يشاهد آيات محمد صلى الله عليه وآله في أخيه علي عليه السلام وما
يؤديه عن الله من فضائله ثم هو مع ذلك يخالفه ويظلمه وسوف يقتلونه باطلا ويقتلون
ذريته ويسبون حريمهم ، لا جرم أن الله قد جعلنا معاشر الذئاب - أنا ونظرائي من
المؤمنين - نمزقهم في النيران يوم فصل القضاء ، وجعل في تعذيبهم شهواتنا وفي شدائد
آلامهم لذاتنا .
أقول : سيأتي تمامه في أبواب معجزات النبي صلى الله عليه وآله .
50 - م : إن الله تعالى إذا بعث الخلائق يوم القيامة نادى منادي ربنا نداء
تعريف الخلائق في إيمانهم وكفرهم فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، ومناد آخر ينادي :
معاشر الخلائق ساعدوه على هذه المقالة ، فأما الدهرية والمعطلة فيخرسون عن ذلك
ولا تنطق ألسنتهم ، ويقولها سائر الناس ، ثم يقول المنادي : أشهد أن لا إله إلا الله ،
فيقول الخلائق كلهم ذلك إلا من كان يشرك بالله تعالى من المجوس والنصارى وعبدة
الاوثان فإنهم يخرسون ، فيبينون بذلك من سائر الخلق ، ثم يقول المنادي : أشهد أن
محمدا رسول الله ، فيقولها المسلمون أجمعون ويخرس عنها اليهود والنصارى وسائر
المشركين ، ثم ينادي مناد آخر من عرصات القيامة : ألا فسوقوهم إلى الجنة لشهادتهم
لمحمد بالنبوة ، فإذا النداء من قبل الله عزوجل : لا ، بل قفوهم إنهم مسؤولون ، فتقول
الملائكة الذين قالوا : سوقوهم إلى الجنة لشهادتهم لمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة : لما يقفون
يا ربنا ؟ فإذا النداء من قبل الله : قفوهم إنهم مسؤولون عن ولاية علي بن أبي طالب
وآل محمد . وساق الحديث إلى آخر ما مر في باب أحوال المتقين والمجرمين . ( 1 )
تذنيب : اعلم أن الحساب حق نطقت به الآيات المتكاثرة والاحاديث المتواترة
فيجب الاعتقاد به ، وأما ما يحاسب العبد به ويسأل عنه فقد اختلف فيه الاخبار ، فمنها
ما يدل على عدم السؤال عما تصرف فيه من الحلال ، وفي بعضها : لحلالها حساب و
لحرامها عقاب ، ويمكن الجمع بينهما بحمل الاولى على المؤمنين ، والاخرى على غيرهم ،
أو الاولى على الامور الضرورية كالمأكل والملبس والمسكن والمنكح ، والاخرى على
* ( هامش ) * ( 1 ) في باب 7 تحت رقم 46 . ( * )
[276]
ما زاد على الضرورة كجمع الاموال زائدا على ما يحتاج إليه ، أو صرفها فيما لا يدعوه
إليه ضرورة ، ولا يستحسن شرعا ، ويؤيده بعض الاخبار كما عرفت .
وأما حشر الحيوانات فقد ذكره المتكلمون من الخاصة والعامة على اختلاف
منهم في كيفيته وقد مر بعض القول فيه في الابواب السالفة .
وقال الرازي في تفسير قوله تعالى : " وإذا الوحوش حشرت " : قال قتادة : يحشر كل شئ حتى الذباب للقصاص ، وقالت المعتزلة : إن الله تعالى يحشر الحيوانات كلها
في ذلك اليوم ليعوضها على آلامها التي وصلت إليها في الدنيا بالموت والقتل وغير ذلك
فإذا عوضت عن تلك الآلام فإن شاء الله أن يبقي بعضها في الجنة إذا كان مستحسنا
فعل ، وإن شاء أن يفنيه أفناه على ما جاء به الخبر ، وأما أصحابنا فعندهم أنه لا يجب على
الله شئ بحكم الاستحقاق ، ولكن الله تعالى يحشر الوحوش كلها فيقتص للجماء من
القرناء ، ثم يقال لها ، موتي فتموت انتهى .
أقول : الاخبار الدالة على حشرها عموما وخصوصا وكون بعضها مما يكون
في الجنة كثيرة سيأتي بعضها في باب الجنة وقد مر بعضها في باب الركبان يوم القيامة
وغيره كقولهم عليهم السلام في مانع الزكاة : تنهشه كل ذات ناب بنابها ، ويطؤه كل ذات
ظلف بظلفها .
وروى الصدوق في الفقيه بإسناده عن السكوني ، بإسناده أن النبي صلى الله عليه وآله
أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها فقال : أين صاحبها ؟ مروه فليستعد غدا للخصومة .
وروي فيه أيضا ، عن الصادق عليه السلام أنه قال : أي بعير حج عليه ثلاث سنين
يجعل من نعم الجنة ، وروي سبع سنين .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله : استفرهوا ضحاياكم ( 1 ) فإنها مطاياكم على الصراط .
* وروي أن خيول الغزاة في الدنيا خيولهم في الجنة .
51 - كتاب زيد النرسى : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله
* ( هامش ) * ( 1 ) أى استكرموها .
* قد سقط من هنا إلى قوله : " والاخبار من هذا الباب " في المطبوع بأمر امين الضرب لكنه
موجود في نسخة المصنف - قدس الله سره - التى كتبها بيده وصححها . ( * )
[277]
ليخاصر العبد المؤمن يوم القيامة ، والمؤمن يخاصر ربه يذكره ذنوبه ، وقلت : وما
يخاصر ؟ قال : فوضع يده على خاصرته فقال : هكذا يناجي الرجل منا أخاه في الامر
يسره إليه .
بيان : الكلام مسوق على الاستعارة أي يسر إليه ولا يطلع على ذنوبه غيره كأنه
يخاصره ، والاخبار من هذا الباب كثيرة في سائر الابواب .
( باب 12 )
* ( السؤال عن الرسل والامم ) *
الايات ، المائدة " 5 " يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا اجبتم قالوا لا علم لنا
إنك أنت علام الغيوب 109 .
الاعراف " 7 " فلنسئلن الذين ارسل إليهم ولنسئلن المرسلين * فلنقصن عليهم
بعلم وما كنا غائبين 76 .
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " فيقول لهم ماذا اجبتم " : أي ما
الذي أجابكم قومكم فيما دعوتموهم إليه ؟ وهذا تقرير في صورة الاستفهام على وجه
التوبيخ للمنافقين عند إظهار فضيحتهم على رؤوس الاشهاد " قالوا لا علم لنا " قيل :
فيه أقوال : أحدها أن للقيامة أهوالا حتى تزول القلوب عن مواضعها ، فإذا رجعت
القلوب إلى مواضعها شهدوا لمن صدقهم وعلى من كذبهم ، يريد أنهم عزبت عنهم
أفهامهم من هول يوم القيامة فقالوا : لا علم لنا ، وثانيا أن المراد : لا علم لنا كعلمك لانك
تعلم غيبهم وباطنهم ولسنا نعلم غيبهم وباطنهم ، وذلك هو الذي يقع عليه الجزاء ،
واختاره الجبائي وأنكر القول الاول وقال : كيف يجوز ذهولهم من هول يوم القيامة
مع قوله سبحانه : " لا يحزنهم الفزع الاكبر " وقوله : " لا خوف عليهم ولا هم يحزنون " ؟
ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن الفزع الاكبر دخول النار ، وقوله : " لا خوف عليهم "
هو كالبشارة بالنجاة من أهوال ذلك اليوم ، مثل ما يقال للمريض : لا بأس عليك ولا
[278]
خوف عليك ، وثالثها أن معناه : لا حقيقة لعلمنا إذ كنا نعلم جوابهم وما كان من أفعالهم
وقت حياتنا ، ولا نعلم ما كان منهم بعد وفاتنا ، ( 1 ) وإنما الثواب والجزاء يستحقان بما تقع
به الخاتمة مما يموتون عليه ، ورابعها أن المراد : لا علم لنا إلا ما علمتنا ، فحذف لدلالة
الكلام عليه ، وخامسها أن المراد به تحقيق فضيحتهم ، أي أنت أعلم بحالهم منا ، ولا تحتاج
في ذلك إلى شهادتنا .
وفي قوله تعالى : " فلنسئلن الذين ارسل إليهم ولنسئلن المرسلين " : أقسم الله
سبحانه أنه يسأل المكلفين الذين أرسل إليهم رسله ، وأقسم أيضا أنه يسأل المرسلين
الذين بعثهم ، فيسأل هؤلاء عن الابلاغ واولئك عن الامتثال ، وهو تعالى وإن كان
عالما بما كان منهم فإنما أخرج الكلام مخرج التهديد والزجر ليتأهب العباد بحسن
الاستعداد لذلك السؤال ، وقيل : إنه يسأل الامم عن الاجابة ، ويسأل الرسل ماذا
عملت اممهم فيما جاؤوا به ، وقيل : إن الامم يسألون سؤال توبيخ ، والانبياء يسألون
سؤال شهادة على الحق . وأما فائدة السؤال فأشياء : منها أن تعلم الخلائق أنه سبحانه
أرسل الرسل وأزاح العلة ، وأنه لا يظلم أحدا ، ومنها أن يعلموا أن الكفار استحقوا
العذاب بأفعالهم ، ومنها أن يزداد سرور أهل الايمان بالثناء الجميل عليهم ، ويزداد غم
الكفار بما يظهر من أعمالهم القبيحة ، ومنها أن ذلك لطف للمكلفين إذا اخبروا به .
ومما يسأل على هذا أن يقال : كيف يجمع بين قوله تعالى : " ولا يسئل عن
ذنوبهم المجرمون " ( 2 ) " فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان " ( 3 ) وقوله : " فلنسئن
الذين ارسل إليهم " ( 4 ) " فوربك لنسئلنهم أجمعين " ؟ ( 5 )
والجواب عنه من وجوه : أحدها أنه سبحانه نفى أن يسألهم سؤال استرشاد و
* ( هامش ) * ( 1 ) يؤيد ذلك قول عيسى بن مريم لله تعالى : " وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت
أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد " المائدة : 117 .
( 2 ) القصص : 78 .
( 3 ) الرحمن : 39 .
( 4 ) الاعراف : 6 .
( 5 ) الحجر : 92 . ( * )
[279]
استعلام وإنما يسألهم سؤال تبكيت وتقريع ، ولذلك قال عقيبه : " يعرف المجرمون
بسيماهم " ( 1 ) وأما سؤال المرسلين فهو توبيخ للكفار وتقريع لهم ، وثانيها أنهم إنما
يسألون يوم القيامة كما قال : " وقفوهم إنهم مسئولون " ( 2 ) ثم تنقطع مسألتهم عند
حصولهم في العقوبة وعند دخولهم النار ، وثالثها أن في القيامة مواقف ففي بعضها
يسأل وفي بعضها لا يسأل فلا تضاد ، وأما الجمع بين قوله : " فلا أنساب بينهم يومئذ
ولا يتساءلون ( 3 ) وقوله : " فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " ( 4 ) فهو أن الاول
معناه أنهم لا يتساءلون سؤال استخبار عن الحال التي جهلها بعضهم لتشاغلهم عن ذلك
والثاني معناه : يسأل بعضهم بعضا سؤال تلاوم كما قال في موضع آخر : " يتلاومون " ( 5 )
وكقوله : " أنحن صددناكم عن الهدى " ( 6 ) ومثل ذلك كثير في القرآن . ثم بين سبحانه
ما ذكرناه أنه لا يسألهم سؤال استعلام بقوله : " فلنقصن عليهم " أي لنخبرنهم بجميع أفعالهم
ليعلموا أن أعمالهم كانت محفوظة ، وليعلم كل منهم جزاء عمله وأنه لا ظلم عليه ، وليظهر
لاهل الموقف أحوالهم " بعلم " قيل : معناه : نقص عليهم أعمالهم بأنا عالمون بها ، وقيل :
معناه : بمعلوم كما قال : " ولا يحيطون بشئ من علمه " أي من معلومه ، وقال ابن عباس :
معنى قوله : " فلنقصن عليهم بعلم " ينطق : عليهم كتاب أعمالهم ، كقوله سبحانه : " هذا
كتابنا ينطق عليكم بالحق " ( 7 ) .
" وما كنا غائبين " عن علم ذلك ، وقيل : عن الرسل فيما بلغوا ، وعن الامم فيما
أجابوا ، وذكر ذلك مؤكدا لعلمه بأحوالهم ، والمعنى أنه لا يخفى عليه شئ .
1 - مع : أحمد بن محمد بن عبدالرحمن المقري ، عن محمد بن جعفر الجرجاني ،
* ( هامش ) * ( 1 ) الرحمن : 41 . وقد تقدم في الباب السابق حديث عن الرضا عليه السلام تحت رقم 46 فيه جواب
عن ذلك أيضا .
( 2 ) الصافات : 24 .
( 3 ) المؤمنون : 101 .
( 4 ) الصافات : 50 .
( 5 ) القلم : 30 .
( 6 ) السباء : 32 . ( 7 ) الجاثية : 29 . ( * )
[280]
عن محمد بن الحسن الموصلي ، عن محمد بن عاصم الطريفي ، عن عباس بن يزيد بن الحسن ( 1 )
عن أبيه ، عن موسى بن جعفر عليه السلام قال : قال الصادق عليه السلام في قول الله عزوجل :
" يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا اجبتم قالوا لا علم لنا " قال : يقولون : لا علم لنا سواك ،
قال : وقال الصادق عليه السلام : القرآن كله ( ظاهره ظ ) تقريع وباطنه تقريب . ( 2 ) " ص 69 "
قال الصدوق : يعني بذلك أنه من وراء آيات التوبيخ والوعيد آيات الرحمة
والغفران .
بيان : قوله : لا علم لنا سواك أي لا يعلم ذلك غيرك فيكون مأولا ببعض ما
مر من الوجوه ، ويمكن أن يقدر فيه مضاف ، أي لا علم لنا سوى علمك فكيف نخبرك ؟
وفي بعض النسخ : بسواك ، فالباء تعليلية ، أي إنما علمنا أحوالهم بما أخبرتنا ،
فكيف نخبرك ؟ وأما ارتباط قوله : القرآن كله تقريع بما سبق فهو أن ظاهر هذا
الخطاب تهديد وتقريع للرسل ، وباطنه لطف وتقريب لهم ، وتهديد وتقريع للكفار
ويحتمل أن يكون كلاما مستأنفا ، وهذا هو الذي ورد في خبر آخر : نزل القرآن
بإياك أعني واسمعي يا جاره . وأما ما ذكره الصدوق فلا محصل له إلا أن يؤول إلى
ما ذكرناه .
2 - فس : أبي ، عن ابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ماذا
اجبتم في أوصيائكم ؟ فيقولون : لا علم لنا بما فعلوا بعدنا بهم . " ص 177 "
3 - فس : أبي ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن النعمان ، عن ضريس ، عن أبي جعفر
عليه السلام في قوله : " هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم " قال : إذا كان يوم القيامة و
حشر الناس للحساب فيمرون بأهوال يوم القيامة فينتهون إلى العرصة ويشرف الجبار
عليهم حتى يجهدوا ( 2 ) جهدا شديدا ، قال : يقفون بفناء العرصة ، ويشرف الجبار عليهم
وهو على عرشه ، فأول من يدعا بنداء يسمع الخلائق أجمعين أن يهتف باسم " محمد " بن
* ( هامش ) * ( 1 ) في المعانى المطبوع : أبوزيد عياش بن يزيد بن الحسن بن على الكحال مولى زيد بن
على ، عن أبيه .
( 2 ) في المعانى المطبوع : وباطنه تقرير . ولعله أصح .
( 3 ) في المصدر : فلا ينتهون إلى العرصه حتى يجهدوا اه . م ( * )
[281]
عبدالله النبي القرشي العربي ، قال : فيتقدم حتى يقف على يمين العرش ، قال : ثم
يدعا بصاحبكم " علي " فيتقدم حتى يقف على يسار رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم يدعا بامة
محمد الله صلى الله عليه وآله فيقفون عن يسار علي ، ثم يدعا كل نبي ( 1 ) وامته معه من أول النبيين
إلى آخرهم وامتهم معهم فيقفون عن يسار العرش ، قال : ثم أول من يدعا للمسألة
القلم ، قال : فيتقدم فيقف بين يدي الله في صورة الآدميين ، فيقول الله : هل سطرت
في اللوح ما ألهمتك وأمرتك به من الوحي ؟ فيقول القلم : نعم يا رب قد علمت أني قد
سطرت في اللوح ما أمرتني وألهمتني من وحيك ، فيقول الله : فمن يشهد لك بذلك ؟
فيقول : يا رب هل اطلع على مكنون سرك خلق غيرك ؟ قال : فيقول له : أفلجت
حجتك ، قال : ثم يدعا باللوح فيتقدم في صورة الآدمين حتى يقف مع القلم فيقول
له : هل سطر فيك القلم ما ألهمته وأمرته به من وحي ؟ فيقول اللوح : نعم يا رب وبلغته
إسرافيل ، ثم يدعا بإسرافيل فيتقدم مع القلم واللوح في صورة الآدمين : فيقول الله
له : هل بلغك اللوح ما سطر فيه القلم من وحي ؟ فيقول : نعم يا رب وبلغته جبرئيل ،
فيدعا بجبرئيل فيتقدم حتى يقف مع إسرافيل فيقول الله له : أبلغك ( هل بلغك خ ل )
إسرافيل مابلغ ؟ فيقول : نعم يارب وبلغته جميع أنبيائك وأنفذت إليهم جميع ما انتهى إلي
من أمرك ، وأديت رسالاتك إلى نبي نبي ورسول رسول ، وبلغتهم كل وحيك وحكمتك
وكتبك ، وإن آخر من بلغته رسالتك ووحيك وحكمتك وعلمك وكتابك وكلامك
محمد بن عبدالله العربي القرشي الحرمي حبيبك ، قال أبوجعفر عليه السلام : فأول من يدعا
من ولد آدم للمسألة محمد بن عبدالله ، فيدنيه الله حتى لا يكون خلق أقرب إلى الله يومئذ


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 281 سطر 19 إلى صفحه 289 سطر 18

منه ، فيقول الله : يا محمد هل بلغك جبرئيل ما أوحيت إليك وأرسلته به إليك من
كتابي وحكمتي وعلمي ؟ وهل أوحي ذلك إليك ؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله : نعم يا رب
قد بلغني جبرئيل جميع ما أوحيته إليه وأرسلته به من كتابك وحكمتك وعلمك ، و
أوحاه إلي ، فيقول الله لمحمد : هل بلغت امتك ما بلغك جبرئيل من كتابي وحكمتي
وعلمي ؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله : نعم يا رب قد بلغت امتي ما أوحيت إلي من كتابك
وحكمتك وعلمك ، وجاهدت في سبيلك ، فيقول الله لمحمد : فمن يشهد لك بذلك ؟
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ثم يدعا بنبي نبى اه . م ( * )
[282]
فيقول محمد : يا رب أنت الشاهد لي بتبليغ الرسالة ، وملائكتك ، والابرار من امتي
وكفى بك شهيدا ، فيدعا بالملائكة فيشهدون لمحمد بتبليغ الرسالة ، ثم يدعا بامة
محمد فيسألون : هل بلغكم محمد رسالتي وكتابي وحكمتي وعلمي وعلمكم ذلك ؟ فيشهدون
لمحمد بتبليغ الرسالة والحكمة والعلم ، فيقول الله لمحمد : فهل استخلفت في امتك
من بعدك من يقوم فيهم بحكمتي وعلمي ، ويفسر لهم كتابي ، ويبين لهم ما يختلفون
فيه من بعدك حجة لي وخليفة في الارض ؟ فيقول محمد : نعم يارب قد خلفت فيهم
علي بن أبي طالب أخي ووزيري ووصيي وخير امتي ، ونصبته لهم علما في حياتي ،
ودعوتهم إلى طاعته ، وجعلته خليفتي في امتي ( 1 ) إماما يقتدي به الامة بعدي إلى يوم
القيامة ، فيدعا بعلي بن أبي طالب فيقال له : هل أوصى إليك محمد واستخلفك في امته
ونصبك علما لامته في حياته ؟ فهل قمت فيهم من بعده مقامه ؟ فيقول له علي : نعم
يا رب قد أوصى إلي محمد وخلفني في امته ، ونصبني لهم علما في حياته ، فلما قبضت
محمدا إليك جحدتني امته ، ومكروا بي واستضعفوني وكادوا يقتلونني ، وقدموا قدامي
من أخرت ، وأخروا من قدمت ، ولم يسمعوا مني ، ولم يطيعوا أمري ، فقاتلتهم في
سبيلك حتى قتلوني ، فيقال لعلي : ( 2 ) فهل خلفت من بعدك في امة محمد حجة وخليفة
في الارض يدعو عبادي إلى ديني وإلى سبيلي ؟ فيقول علي : نعم يا رب قد خلفت
فيهم الحسن ابني وابن بنت نبيك ، فيدعا الحسن بن علي فيسأل عما سئل عنه علي بن
إبي طالب ، قال : ثم يدعا بإمام إمام وبأهل عالمه فيحتجون بحجتهم فيقبل الله
عذرهم ويجيز حجتهم ، قال : ثم يقول الله : " اليوم ينفع الصادقين صدقهم " قال : ثم
انقطع حديث أبي جعفر عليه وعلى آبائه السلام . " ص 178 - 180 "
بيان : قوله عليه السلام : وهو على عرشه أي عرش العلم ، أو مستول على عرشه ، أو يظهر
كلامه وأمره ونهيه وقضاءه من لدن عرشه ، ويقال : أفلج برهانه أي قومه وأظهره .
4 - كا : محمد بن يحيي ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن محمد ،
عن جميل بن صالح ، عن يوسف بن أبي سعيد قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام ذات يوم
فقال لي : إذا كان يوم القيامة وجمع الله تبارك وتعالى الخلائق كان نوح صلى الله عليه أول
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : على امتى اه . م ( 2 ) في المصدر : فيقول الله لعلى اه . م ( * )
[283]
من يدعا به ، فيقال له : هل بلغت ؟ فيقول : نعم ، فيقال له : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد بن
عبدالله صلى الله عليه وآله ، قال : فيخرج نوح صلى الله عليه فيتخطى الناس حتى يجئ إلى محمد صلى الله عليه وآله
وهو على كثيب المسك ومعه علي عليه السلام وهو قول الله عزوجل : " فلما رأوه زلفة سيئت
وجوه الذين كفروا " فيقول نوح لمحمد صلى الله عليه وآله : يا محمد إن الله تبارك وتعالى سألني : هل
بلغت ؟ فقلت : نعم ، فقال : من يشهد لك ؟ فقلت : محمد ، فيقول : يا جعفر ويا حمزة اذهبا
واشهدا له أنه قد بلغ ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : فجعفر وحمزة هما الشاهدان للانبياء عليهم السلام
بما بلغوا ، فقلت : جعلت فداك فعلي عليه السلام أين هو ؟ فقال : هو أعظم منزلة من ذلك .
5 - كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ،
عن يزيد الكناسي قال : سألت أباجعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " يوم يجمع الله
الرسل فيقول ماذا اجبتم قالوا لا علم لنا " قال : فقال : إن لهذا تأويلا ، يقول : ماذا اجبتم
في أوصيائكم الذين خلفتموهم على اممكم ؟ قال : فيقولون : لا علم لنا بما فعلوا بعدنا .
شى : عن الكناسي مثله .
6 - كا : عن العدة ، عن سهل ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن ابن عبيدة ،
عن ثوير بن أبي فاختة ، عن علي بن الحسين ، عن آبائه عليهم السلام ، عن أمير المؤمنين صلوات
الله عليه قال : إذا كان يوم القيامة ونصبت الموازين واحضر النبيون والشهداء - وهم
الائمة - يشهد كل إمام على أهل عالمه بأنه قد قام فيهم بأمر الله عزوجل ، ودعاهم
إلى سبيل الله ، الخبر . " الروضة 106 "
7 - كا : علي بن محمد ، عن سهل ، عن ابن يزيد ، عن زياد القندي ، عن سماعة
قال : قال أبوعبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : " فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد
وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " قال : نزلت في امة محمد صلى الله عليه وآله خاصة ، في كل قرن
منهم إمام منا شاهد عليهم ، ومحمد صلى الله عليه وآله شاهد علينا . " ج 1 ص 190 "
8 - كا : أبوعلي الاشعري ، عن ابن عبدالجبار ، عن ابن أبي نجران ، عن
أبي جملية ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا معاشر قراء
القرآن اتقوا الله عزوجل فيما حملكم من كتابه ، فإني مسؤول وإنكم مسؤولون ،
[284]
إني مسؤول عن تبليغي ، ( 1 ) وأما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب ربي وسنتي .
" ج 2 ص 606 "
9 - ين : أبوالحسن بن عبدالله ، عن ابن أبي يعفور قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام
وعنده نفر من أصحابه - فقال : يابن أبي يعفور هل قرأت القرآن ؟ فقال : قلت : نعم هذه
القراءة ، قال : عنها سألتك ليس عن غيرها ، قال : فقلت : نعم جعلت فداك ولم ؟ قال :
لان موسى عليه السلام حدث قومه بحديث لم يحتملوه عنه فخرجوا عليه بمصر فقاتلوه
فقاتلهم فقتلهم ، ولان عيسى عليه السلام حدث قومه بحديث فلم يحتملوه عنه فخرجوا عليه
بتكريت فقاتلوه فقاتلهم فقتلهم ، وهو قول الله عزوجل : " فآمنت طائفة من
بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين "
وأنه أول قائم يقوم منا أهل البيت يحدثكم بحديث لا تحتملونه فتخرجون عليه
برميلة الدسكرة ( 2 ) فتقاتلونه فيقاتلكم فيقتلكم ، وهي آخر خارجة يكون ، ثم يجمع
الله - يا بن أبي يعفور - الاولين والآخرين ، ثم يجاء بمحمد صلى الله عليه وآله في أهل زمانه فيقال
له : يا محمد بلغت رسالتي واحتججت على القوم بما أمرتك أن تحدثهم به ؟ فيقول :
نعم يا رب ، فيسأل القوم : هل بلغكم واحتج عليكم ؟ فيقول قوم : لا ، فيسأل محمد صلى الله عليه وآله
فيقول : نعم يا رب - وقد علم الله تبارك وتعالى أنه قد فعل ذلك - يعيد ذلك ثلاث مرات
فيصدق محمدا ويكذب القوم ، ثم يساقون إلى نارجهنم ، ثم يجاء بعلي في أهل زمانه
فيقال له : كما قيل لمحمد صلى الله عليه وآله ويكذبه قومه ويصدقه الله ويكذبهم ، يعيد ذلك ثلاث
مرات ثم الحسن ثم الحسين ثم على بن الحسن - وهو أقلهم أصحابا ، كان أصحابه
أبوخالد الكابلي ويحيى بن ام الطويل وسعيد بن المسيب وعامر بن واثلة وجابر
ابن عبدالله الانصاري ، وهؤلاء شهود له على ما احتج به - ثم يؤتى بأبي يعني محمد بن
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : انى مسؤول عن تبليغ الرسالة . م
( 2 ) الدسكرة - بفتح الدال وسكون السين وفتح الكاف والراء - بلدة من أعمال بغداد على
طريق خراسان يقال لها : دسكرة الملك ، وقرية بنهر الملك من أعمال بغداد أيضا ، وبلدة
بخوزستان ، ويطلق على كل قرية ايضا ، وعلى الصومعة ، والارض المستوية ، وبيوت الاعاجم يكون
فيها الشراب والملاهى ، وبناء كالقصر حوله بيوت . ( * )
[285]
علي على مثل ذلك ثم يؤتي بي وبكم فاسأل وتسألون ، فانظروا ما أنتم صانعون ،
يا بن أبي يعفور إن الله عزوجل هو الآمر بطاعته وطاعة رسوله وطاعة اولي الامر
الذين هم أوصياء رسوله ، يابن أبي يعفور فنحن حجج الله في عباده ، وشهداؤه على خلقه ،
وامناؤه في أرضه ، وخزانه على علمه ، والداعون إلى سبيله ، والعاملون بذلك ، فمن
أطاعنا أطاع الله ، ومن عصانا فقد عصى الله .
( باب 13 )
* ( ما يحتج الله به على العباد يوم القيامة ) *
1 - جا ، ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن هارون ،
عن ابن زياد قال : سمعت جعفر بن محمد عليه السلام - وقد سئل عن قوله تعالى : " قل فلله الحجة
البالغة " - فقال : إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي ! أكنت عالما ؟ فإن قال :
نعم قال له : أفلا عملت بما علمت ؟ وإن قال : كنت جاهلا قال له : أفلا تعلمت حتى تعمل ؟
فيخصم فتلك الحجة لله عزوجل على خلقه .
بيان : يقال : خاصمه فخصمه يخصمه أي غلبه .
2 - كان : علي ، عن أبيه ، عن محمد بن عيثم النخاس ، عن معاوية بن عمار قال :
سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : إن الرجل منكم ليكون في المحلة فيحتج الله يوم القيامة
على جيرانه فيقال لهم : ألم يكن فلان بينكم ؟ ألم تسمعوا كلامه ؟ ألم تسمعوا بكاءه
في الليل ؟ فيكون حجة الله عليهم م . " الروضة ص 84 "
3 - كا : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ،
عن أبان بن عثمان ، عن عبدالاعلى مولى آل سام قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام
يقول : يؤتى بالمرءة الحسناء يوم القيامة التي قد افتتنت في حسنها فتقول : يا رب
حسنت خلقي حتى لقيت ما لقيت ، فيجاء بمريم عليها السلام فيقال : أنت أحسن أو هذه ؟
قد حسناها فلم تفتتن ، ويجاء بالرجل الحسن الذي قد افتتن في حسنه فيقول : يا
[286]
رب حسنت خلقي حتى لقيت من النساء ما لقيت ، فيجاء بيوسف عليه السلام فيقال : أنت
أحسن أو هذا ؟ قد حسناه فلم يفتتن ، ويجاء بصاحب البلاء الذي قد أصابته الفتنة
في بلائه فيقول : يا رب شددت علي البلاء حتى افتتنت ، فيجاء بأيوب عليه السلام فيقال : أبليتك أشد أو بلية هذا ؟ فقد ابتلي فلم يفتتن . " الروضة ص 228 - 229 "
( باب 14 )
* ( ما يظهر من رحمته تعالى في القيامة ) *
الايات ، النور " 24 " ليجزيهم الله أحسن ما علموا ويزيدهم من فضله والله
يرزق من يشاء بغير حساب . 38
الفرقان " 25 " إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم
حسنات وكان الله غفورا رحيما 70 .
تفسير : قال البيضاوي في قوله سبحانه : " ليجزيهم الله أحسن ما عملوا " : أحسن
جزاء ما عملوا الموعود لهم من الجنة " ويزيدهم من فضله " أشياء لم يعدهم على أعمالهم
ولم يخطر ببالهم " والله يرزق من يشاء بغير حساب " تقرير للزيادة ، وتنبيه على كمال
القدرة ونفاذ المشية وسعة الاحسان .
وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : " فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات " :
قال قتاده : التبديل في الدنيا طاعة الله بعد عصيانه ، وذكر الله بعد نسيانه ، والخير
يعمله بعد الشر : وقيل : يبدلهم الله بقبائح أعمالهم في الشرك محاسن الاعمال في الاسلام ،
وقيل : إن معناه أن يمحو السيئة عن العبد ويثبت له بدلها الحسنة ، واحتجوا بما
رواه مسلم في الصحيح مرفوعا إلى أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يؤتى بالرجل
يوم القيامة فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ونحوا عنه كبارها ، فيقال : عملت يوم كذا
وكذا وهو مقر لا ينكر وهو مشفق من الكبار ، فيقال : أعطوه مكان كل سيئة عملها
حسنة ، فيقول : إن لي ذنوبا ما أراها ههنا ، قال : ولقد رأيت رسول الله صلى الله وآله ضحك
حتى بدت نواجذه .
[287]
1 - لى : الفامي ( 1 ) عن محمد الحميري ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي
عمير ، عن إبراهيم بن زياد الكرخي قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام : إذا كان
يوم القيامة نشر الله تبارك وتعالى رحمته حتى يطمع إبليس في رحمته . " 123 "
2 - ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة تجلى الله عزوجل لعبده المؤمن فيوقفه على ذنوبه
ذنبا ذنبا ، ثم يغفر الله له لا يطلع الله على ذلك ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ، ويستر
عليه ما يكره أن يقف عليه أحد ، ثم يقول لسيئاته : كوني حسنات . " ص 201 "
صح : عنه عليه السلام مثله . ( 2 ) " ص 31 - 32 "
قال الصدوق رحمه الله : معنى قوله : تجلى الله لعبده أي ظهر له بآية من آياته
يعلم بها أن الله تعالى مخاطبه .
أقول : قد أثبتنا خبر محمد مسلم بن في هذا المعنى في باب الحساب .
3 - ثو : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالرحمن بن
الحجاج ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن آخر عبد يؤمر به إلى النار يلتفت فيقول الله
عزوجل : أعجلوه ، فإذا اتي به قال له : يا عبدي لم التفت ؟ فيقول : يا رب ما كان
ظني بك هذا ، فيقول الله جل جلاله : عبدي وما كان ظنك بي ؟ فيقول : يا رب كان
ظني بك أن تغفر لي خطيئتي وتسكنني ( وتدخلني خ ل ) جنتك ، فيقول الله : ملائكتي !
وعزتي والآئي وبلائي وارتفاع مكاني ما ظن بي هذا ساعة من حياته خيرا قط ، ولو ظن
بي ساعة من حياته خيرا ما روعته بالنار ، أجيزوا له كذبه وأدخلوه الجنة ، ثم قال
أبوعبدالله عليه السلام ما ظن عبد بالله خيرا إلا كان الله عند ظنه به ، ( 3 ) ولا ظن به سوءا إلا
* ( هامش ) * ( 1 ) نسبة إلى بيع الفواكه اليابسة ، ويقال لبائعها : البقال أيضا ، أو إلى فامية وهى قرية من
قرى واسط من ناحية فم الصلح .
( 2 ) الا ان فيه : ثم يقول لسيئاته : كن حسنات . م
( 3 ) في المصدر بعد ذلك : وذلك قوله عزوجل اه . م ( * )
[288]
كان الله عند ظنه به ، وذلك قوله عزوجل : " وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم
أرديكم ( 1 ) فأصبحتم من الخاسرين " . " ص 167 "
ين : ابن أبي عمير مثله .
بيان : أعجلوه أي ردوه مستعجلا .
4 - سن : أبي ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام
يقول : يؤتى بعبد يوم القيامة ظالم لنفسه فيقول الله له : ألم آمرك بطاعتي ؟ ألم أنهك
عن معصيتي ؟ فيقول : بلى يا رب ولكن غلبت علي شهوتي ، فإن تعذبني فبذنبي لم
تظلمني ، فيأمر الله به إلى النار ، فيقول : ما كان هذا ظني بك ، فيقول : ما كان ظنك
بي ؟ قال : كان ظني بك أحسن الظن ، فيأمر الله به إلى الجنة ، فيقول الله تبارك و
تعالى : لقد نفعك حسن ظنك بي الساعة . " ص 25 - 26 "
أقول سيأتي مثله في باب الخوف والرجاء .
5 - سن : ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، عن سليمان بن خالد قال :
قرأت على أبي عبدالله عليه السلام هذه الآية : " إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فاولئك يبدل
الله سيئاتهم حسنات " فقال : هذه فيكم ، إنه يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى
يوقف بين يدي الله عزوجل ، فيكون هو الذي يلي حسابه فيوقفه على سيئاته شيئا
شيئا ، فيقول : عملت كذا في يوم كذا في ساعة كذا : فيقول : أعرف يا رب ، قال : حتى
يوقفه على سيئاته كلها ، كل ذلك يقول : أعرف ، فيقول : سترتها عليك في الدنيا ،
وأغفرها لك اليوم ، أبدلوها لعبدي حسنات ، قال : فترفع صحيفته للناس فيقولون :
سبحان الله ! أما كانت لهذا العبد سيئة واحدة ؟ ! وهو قول الله عزوجل : " اولئك يبدل
الله سيئاتهم حسنات " .
6 - كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن أبي الحسن علي بن
يحيى ، عن أيوب بن أعين ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
يؤتى يوم القيامة برجل فيقال : احتج ، فيقول : يارب خلقتني وهديتني فأوسعت علي ،
* ( هامش ) * ( 1 ) أي أهلككم . ( * )
[289]
فلم أزل اوسع على خلقك وأيسر عليهم لكي تنشر علي هذا اليوم رحمتك وتيسره ،
فيقول الرب جل ثناؤه وتعالى ذكره : صدق عبدي أدخلوه الجنة .
7 - فس : عن الرضا عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة اوقف المؤمن بين يدي الله
تعالى فيكون هو الذي يلي حسابه ، فيعرض عليه عمله فينظر في صحيفته فأول ما
يري سيئاته فيتغير لذلك لونه وترعش فرائصه وتفزع نفسه ، ثم يري حسناته فتقر
عينه وتسر نفسه ويفرح ، ثم ينظر إلى ما أعطاه الله تعالى من الثواب فيشتد فرحه ،
ثم يقول الله تعالى للملائكة : احملوا الصحف التي فيها الاعمال التي لم يعملوها ، قال :
فيقرؤونها فيقولون : وعزتك إنك لتعلم أنا لم نعمل منها شيئا ، فيقول : صدقتم و
لكنكم نويتموها فكتبناها لكم ، ثم يثابون عليها .
8 - فس : أبي ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى ليمن على عبده يوم اليقيامة ، فيأمره أن يدنو
منه ، فيدنو ( 1 ) ثم يعرفه ما أنعم به عليه ، يقول له : ألم تدعني يوم كذا وكذا بكذا وكذا
فأجبت ودعوتك ؟ ألم تسألني يوم كذا وكذا فأعطيتك مسألتك ؟ ألم تستغث بي يوم كذا
وكذا فأغثتك ؟ ألم تسألني في ضر كذا وكذا فكشفت ضرك ( 2 ) ورحمت صوتك ؟ ألم
تسألني مالا فملكتك ؟ ألم تستخدمني فأخدمتك ؟ ( 3 ) ألم تسألني أن ازوجك فلانة
- وهي منيعة عند أهلها - فزوجناكها ؟ قال : فيقول العبد : بلى يا رب أعطيتني كل ما
سألتك ، وقد كنت أسألك الجنة ، قال : فيقول الله : ألا فإني منجز لك ما سألتينه ، هذه
الجنة لك مباحة ، أرضيتك ؟ ( أرضيت ؟ خ ل ) فيقول المؤمن : نعم يا رب أرضيتني وقد


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 289 سطر 19 إلى صفحه 297 سطر 18

رضيت ، فيقول الله له : عبدي إني كنت أرضى أعمالك وأنا أرضى لك أحسن الجزاء ، فإن
أفضل جزائي عندي أن أسكنتك الجنة . " ص 586 - 587 "
ين : ابن محبوب مثله .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : أن يدنو منه - يعنى من رحمته - فيدنو منه اه . م
( 2 ) في المصدر : الم تستغث بى يوم كذا وكذا وبك ضر كذا وكذا ، فكشفت عنك ضرك ؟ اه . م
( 3 ) أي وهبتك خادما . ( * )
[290]
9 - ين : ابن أبي عمير رفعه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : يؤتى بعبد يوم القيامة ليست
له حسنة فيقال له : اذكر وتذكر هل لك حسنة ؟ قال : فيذكر فيقول : يا رب مالي من
حسنة إلا أن عبدك فلانا المؤمن مر بي فطلب مني ماءا يتوضأ به فيصلي به فأعطيته ، قال :
فيقول الله تبارك وتعالى : أدخلوا عبدي الجنة .
( باب 15 )
* ( الخصال التى توجب التخلص من شدائد القيامة وأهوالها ) *
1 - لى : صالح بن عيسى العجلي ، عن محمد بن علي بن علي ، عن محمد بن الصلت ،
عن محمد بن بكير ، عن عباد بن عباد المهلبي ، عن سعيد بن عبدالله ، عن هلال بن عبدالرحمن ،
عن يعلى بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبدالرحمن بن سمرة قال : كنا عند رسول
الله صلى الله عليه وآله يوما فقال : إني رأيت البارحة عجائب ، قال : فقلنا : يا رسول الله
وما رأيت ؟ حدثنا به فداك أنفسنا وأهلونا وأولادنا ، فقال : رأيت رجلا من امتي وقد
أتاه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فمنعه منه ، ورأيت رجلا من امتي
قد بسط عليه عذاب القبر فجاءه وضوؤه فمنعه منه ، ورأيت رجلا من امتي قد احتوشته
الشياطين ( 1 ) فجاءه ذكر الله عزوجل فنجاه من بينهم ، وريت رجلا من امتي قد
احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فمنعته منهم ، ورأيت رجلا من امتي يلهث
عطشا كلما ورد حوضا منع فجاءه صيام شهر رمضان فسقاه وأرواه ، ورأيت رجلا من
امتي والنبيون حلقا حلقا كلما أتى حلقة طرد فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذ بيده
فأجلسه إلى جنبي ، ورأيت رجلا من امتي بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه
ظلمة وعن شماله ظلمة ومن تحته ظلمة مستنقعا في الظلمة ، فجاءه حجه وعمرته
فأخرجاه من الظلمة وأدخلاه النور ، ورأيت رجلا من امتي يكلم المؤمنين فلا
يكلمونه فجاءه صلته للرحم فقال : يا معشر المؤمنين كلموه فإنه كان واصلا لرحمه
* ( هامش ) * ( 1 ) أي أحدقت الشياطين به وجعلته في وسطهم . ( * )
[291]
فكلمه المؤمنون وصافحوه وكان معهم ، ورأيت رجلا من امتي يتقي وهج ( 1 ) النيران
وشررها بيده ووجهه فجاءته صدقته فكانت ظلا على رأسه وسترا على وجهه ، ورأيت
رجلا من امتي قد أخذته الزبانية من كل مكان فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن
المنكر فخلصاه من بينهم وجعلاه مع ملائكة الرحمة ، ورأيت رجلا من امتي جاثيا
على ركبتيه ، بينه وبين رحمة الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذه بيده فأدخله في رحمة الله ،
ورأيت رجلا من امتي قد هوت صحيفته قبل شماله فجاءه خوفه من الله عزوجل فأخذ
صحيفته فجلعها في يمينه ، ورأيت رجلا من امتي قد خفت موازينه فجاءه أفراطه فثقلوا
موازينه ، ورأيت رجلا من امتي قائما على شفير جهنم فجاءه رجاؤه من الله عزوجل
فاستنقذه من ذلك ، ورأيت رجلا من امتي قد هوى في النار فجاءته دموعه التى بكى
من خشية الله فاستخرجته من ذلك ، ورأيت رجلا من امتي على الصراط يرتعد كما ترتعد
السعفة في يوم ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله فسكن رعدته ومضى على الصراط ،
ورأيت رجلا من امتى على الصراط يزحف أحيانا ويحبو أحيانا ويتعلق أحيانا
فجاءته صلاته علي فأقامته على قدميه ومضى على الصراط ، ورأيت رجلا من امتي
انتهى إلى أبواب الجنة كلما انتهى إلى باب اغلق دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله
صادقا بها ففتحت له الابواب ودخل الجنة . " ص 139 - 140 "
بيان : لهث الكلب وغيره يلهث لهثا : أخرج لسانه من شدة العطش . قوله :
فجاءه أفراطه أى أولاده الذين ماتوا قبله . والزحف : مشي الصبي على إسته ، والحبو
مشيه على يديه وبطنه .
2 - كا : أحمد بن عبدالله ، عن جده ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل : عن
عبدالرحمن بن زيد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أرض القيامة نار
ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله .
3 - ن : العطار ، عن سعد ، عن أيوب بن نوح قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :
من زار قبر أبي بطوس غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فإذا كان يوم القيامة نصب
* ( هامش ) * ( 1 ) الوهج : اتقاد النار واشتعالها . ( * )
[292]
له منبر بحذاء منبر رسول الله صلى الله عليه واله حتى يفرغ الله تعالى من حساب عباده . " ص 365 "
4 - لى : بإسناده عن سليمان بن حفص المروزي ، عن موسى بن جعفر عليه السلام
قال : إذا كان يوم القيامة كان على عرش الله جل جلاله أربعة من الاولين وأربعة من
الآخرين ، فأما الاولون فنوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، وأما الاربعة الآخرون
فمحمد ، وعلي ، والحسن ، والحسين ، ثم يمد المطمر ( 1 ) فيقعد معنا زوار قبور الائمة ،
ألا إن أعلاها درجة وأقربهم حبوة زوار قبر ولدي علي . " ص 73 - 74 "
توضيح : المطمر : خيط للبناء يقدر به .
5 - م : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : تعلموا سورة البقرة وآل عمران ، فإن أخذهما
بركة وتركهما حسرة ، ولا يستطيعهما البطلة - يعني السحرة - وإنهما لتجيئان يوم
القيامة كأنهما غمامتان أو عبايتان أو فرقان من طير صواف ، يحاجان عن صاحبهما و
يحاجهما رب العزة ، ويقولان : يا رب الارباب إن عبدك هذا قرأنا ، وأظمأنا نهاره
وأسهرنا ليله ، وأنصبنا بدنه ، فيقول الله عزوجل : يا أيها القرآن فكيف كان تسليمه لما أمرته
( أنزلته خ ل ) فيك من تفضيل علي بن أبي طالب أخي محمد رسول الله ؟ فيقولان : يا رب الارباب
وإله الآلهة : والاه ووالى وليه ( أولياءه خ ل ) وعادى أعداءه ، إذا قدر جهر ، وإذا عجز
اتقى واستتر ، فيقول الله عزوجل : فقد عمل إذا بكما كما أمرته ، وعظم خطبكما ما
أعظمته ، يا علي أما تسمع شهادة القرآن لوليك هذا ؟ فيقول علي : بلى يا رب فيقول الله تعالى :
فاقترح له ما يزيد ( فيقترح له ما يزيد ظ ) على أماني هذا القارئ ( 2 ) من الاضعاف المضاعفات
ما لا يعلمه إلا الله عزوجل ، فيقال : قد أعطيته ما اقترحت يا علي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : وإن
والدي القارئ ليتوجان بتاج الكرامة يضئ نوره من مسيرة عشرة آلاف سنة ، ويكسيان
حلة لا يقوم لاقل سلك منها ماءة ألف ضعف ما في الدنيا بما يشتمل عليه من خيراتها ،
ثم يعطى هذا القارئ الملك بيمينه ( 3 ) والخلد بشماله في كتاب ، يقرء من كتابه بيمينه :
* ( هامش ) * ( 1 ) في كامل الزيارات " ص 308 " والتهذيب " ج 2 ص 29 " : المضمار . وفى الكافى
" ج 1 ص 326 " : الطعام .
( 2 ) في التفسير المطبوع هكذا : فيقول الله عزوجل : فاقترح اذا له ما تريد ، فيقترح له ما يزيد
على امانى هذا القارئ اه .
( 3 ) في التفسير المطبوع : الملك بيمينه في كتاب الله ، ولعل الصحيح : والملك بيمينه في كتاب . "
[293]
قد جعلت من أفاضل ملوك الجنان ، ومن رفقاء محمد سيد الانبياء ، وعلي خير الاوصياء ،
والائمة بعدهما سادة الاتقياء ، ويقرء من كتابه بشماله : قد أمنت الزوال والانتقال
عن هذه الملك ، واعذت من الموت والاسقام ، وكيفت الامراض والاعلال ، وجنبت
حسد الحاسدين وكيد الكائدين ، ثم يقال له : اقرء وارق ومنزلك عند آخر أية تقرؤها ،
فإذا نظر والداه إلى حليتهما وتاجيهما قالا : ربنا : أنى لنا هذا الشرف ولم تبلغه
أعمالنا ؟ فيقال لهما : أكرم الله عزوجل هذا لكما بتعليمكما ولدكما القرآن . ( 1 )
بيان : قال في النهاية ، فيه : تأتي البقرة وآل عمران كأنهما فرقان من طير صواف
أي قطعتان .
6 ثو : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من قرأ سورة الاعراف في كل شهر كان يوم
القيامة من الآمنين الذين ( 2 ) لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فإن قرءها في كل جمعة
كان ممن لا يحاسب يوم القيامة ، أما إن فيها محكما فلا تدعوا قراءتها فإنها يشهد يوم
القيامة لمن قرءها . ( 3 ) " ص 102 "
7 - وعنه عليه السلام : من قرأ سورة يونس في كل شهرين أو ثلاثة لم يخف عليه أن يكون
من الجاهلين ، وكان يوم القيامة من المقربين . " ص 102 - 103 "
8 - وعن أبي جعفر عليه السلام : من قرأ سورة هود في كل جمعة بعثه الله يوم القيامة في
زمرة النبيين ، ولم تعرف له خطيئة عملها يوم القيامة . " ص 103 "
9 - وعن أبي عبدالله عليه السلام قال : من قرأ سورة يوسف في كل يوم أو في كل ليلة
بعثه الله يوم القيامة وجماله كجمال يوسف ، ولا يصيبه فزع يوم القيامة . ( 4 ) " ص 103 "
10 - وعنه عليه السلام : من أكثر قراءة سورة الرعد وكان مؤمنا دخل الجنة بغير
حساب ، وشفع في جميع من يعرف من أهل بيته وإخوانه . " ص 103 "
* ( هامش ) * ( 1 ) في التفسير المطبوع : فيقول لهما كرام ملائكة الله عزوجل : هذا لكما لتعليمكا ولدكما القرآن .
( 2 ) في المصدر : يوم القيامة من الذين اه . م .
( 3 ) أخرجه وما بعده مرسلا للاختصار والا فجل أحاديث الباب مسانيد راجع المصدر .
( 4 ) في المصدر بعد ذلك : وكان من خيار عبادالله الصالحين وقال انها كانت في التوراة مكتوبة . م ( * )
[294]
11 - وعنه عليه السلام : من قرأ سورة الكهف كل ليلة جمعة لم يمت إلا شهيدا ، و
بعثه ( 1 ) الله يوم القيامة مع الشهداء ، ووقف يوم القيامة مع الشهداء . " ص 104 "
12 - وعنه عليه السلام : من أدمن قراءة سورة مريم ( 2 ) كان في الآخرة من أصحاب
عيسى بن مريم ، واعطي في الآخرة ملك سليمان في الدنيا . " ص 104 "
13 - وعنه عليه اسلام : من أدمن ( 3 ) قراءة طه أعطاه الله يوم القيامة كتابه بيمينه ، ولم
يحاسبه بما عمل في الاسلام ، واعطي في الآخرة حتى يرضي ( 4 ) . " ص 104 "
14 - وعن أبي الحسن عليه السلام : من قرأ سورة الفرقان في كل ليلة لم يعذبه الله
أبدا ولم يحاسبه ، وكان منزله في الفروس الاعلى . " ص 105 "
15 - وعن أبي عبدالله عليه السلام : من قرأ سورة السجدة في كل ليلة جمعة أعطاه الله كتابه
بيمينه ، ولم يحاسبه بما كان منه ، وكان من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام . " ص 106 "
16 - وعنه عليه السلام : من كان كثير القراءة لسورة الاحزاب كان يوم القيامة في جوار
محمد صلى الله وعليه وآله وأزواجه . " ص 106 - 107 "
17 - وعنه عليه السلام في فضل قراءة سورة يس - وساق الحديث إلى أن قال - : ولم
يزل في قبره نور ساطع إلى أعنان السماء إلى أن يخرجه من قبره ، فإذا أخرجه لم
تزل ملائكة الله تعالى معه يشيعونه ويحدثونه ويضحكون في وجهه ويبشرونه بكل
خير حتى يتجاوزوا به الميزان والصراط ، ويوقفوه من الله موقفا لا يكون عند الله خلق
أقرب منه إلا ملائكة الله المقربون وأنبياؤه المرسلون ، وهو مع النبيين واقف بين يدي
الله ، لا يحزن مع من يحزن ، ولا يهتم مع من يهتم ، ولا يجزع مع من يجزع ، ثم يقول
له الرب تبارك وتعالى : اشفع عبدي اشفعك في جميع ما تشفع ، وسلني عبدي اعطك
جميع ما تسأل ، فيسأل فيعطى ، ويشفع فيشفع ، ولا يحاسب فيمن يحاسب ، ولا يوقف
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ويبعثه الله م .
( 2 ) في المصدر : من أدمن قراءة سورة مريم لم يمت حتى يصيب ما يغنيه في نفسه وماله وولده
وكان اه . م .
( 3 ) أدمن الشئ : أدامه .
( 4 ) في المصدر : واعطى في الاخرة من الاجر حتى يرضى . م ( * )
[295]
مع من يوقف ، ولا يذل مع من يذل ، ولا ينكب بخطيئة ( 1 ) ولا شئ من سوء عمله ، و
يعطى كتابا منشورا حتى يهبط من عند الله فيقول الناس بأجمعهم : سبحان الله ما كان
لهذا العبد من خطيئة واحدة ؟ ! ويكون من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله . " ص 107 - 108 "
18 - وعنه عليه السلام : من قرأ حم السجدة كانت له نورا يوم القيامة مد بصره و
سرورا . ( 2 ) " ص 109 "
19 - وعنه عليه السلام : من أدمن قراءة حمعسق بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالثلج
أو كالشمس حتى يقف بين يدي الله عزوجل ، فيقول : أدمنت عبدي قراءة حمعسق
ولم تدر ما ثوابها ؟ أما لو دريت ما هي وما ثوابها لما مللت من قراءتها ، ولكن سأجزيك
جزاءك ، أدخلوه الجنة فإن له فيها قصرا من ياقوتة حمراء أبوابها وشرفها ودرجها
منها ، يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، وله فيها جوار أتراب ( 3 ) من
الحور العين ، وألف غلام من الولدان المخلدين الذين وصفهم الله تعالى .
" ص 109 - 110 "
20 - وعن أبي جعفر عليه السلام : من قرأ حم الدخان في فرائضه ونوافله بعثه الله
من الآمنين يوم القيامة ، وأظله تحت عرشه ، وحاسبه حسابا يسيرا ، وأعطاه كتابه
بيمينه . " ص 110 "
21 - وعن أبي عبدالله عليه السلام : من قرأ في كل ليلة أو كل جمعة سورة الاحقاف
لم تصبه روعة في الدنيا ، وآمنه الله من فزع يوم القيامة . " ص 110 "
22 - وعنه عليه السلام : من أدمن قراءة سورة إنا فتحنا نادى مناد يوم القيامة حتى
يسمع الخلائق : أنت من عبادي المخلصين ، ألحقوه بالصالحين من عبادي ، فأسكنوه جنات
النعيم ، واسقوه الرحيق المختوم بمزاج الكافور . " ص 111 "
* ( هامش ) * ( 1 ) هكذا في الكتاب ، والصحيح كما في ثواب الاعمال المطبوع : ولا يكتب بخطيئته .
( 2 ) في المصدر بعد ذلك : وعاش في الدنيا محمودا مغبوطا . م
( 3 ) جمع ترب وهو في الاصل الجارية التي تلعب مع نظائرها في التراب ابان الصغر . ( * )
[296]
23 - وعن أبي جعفر عليه السلام : من أدمن في فرائضه ونوافله قراءة سورة ق أعطاه
كتابه بيمينه ، وحاسبه حسابا يسيرا . " ص 111 "
24 - وعن أبي عبدالله عليه السلام : لا تدعوا قراءة الرحمن والقيام بها فإنها لا تقر
في قلوب المنافقين ، ويأتي بها ربها يوم القيامة في صورة آدمي في أحسن صورة و
أطيب ريح حتى يقف من الله موقفا لايكون أحد أقرب إلى الله منها ، فيقول لها : من
الذي كان يقوم بك في الحياة الدنيا ويدمن قراءتك ؟ فتقول : يارب فلان وفلان ،
فتبيض وجوههم ، فيقول لهم : اشفعوا فيمن أحببتم فيشفعون حتى لا تبقى لهم غاية ،
ولا أحد يشفعون له ، فيقول لهم : ادخلوا الجنة واسكنوا فيها حيث شئتم . " ص 112 "
25 - وعن أبي جعفر عليه السلام : من قرأ سورة الواقعة كل ليلة قبل أن ينام لقى الله
تعالى ووجهه كالقمر ليلة البدر . " ص 113 "
26 - وعن أبي عبدالله عليه السلام قال : من قرأ سورة التغابن في فريضة كانت
شفيعة له يوم القيامة ، وشاهد عدل عند من يجيز شهادتها ، لا يفارقها حتى يدخله
الجنة . " ص 114 "
27 - وعنه عليه السلام : من قرأ سورة الطلاق والتحريم في فريضة أعاذه الله أن
يكون يوم القيامة ممن يخاف أو يحزن ، وعوفي من النار ، وادخل الجنة بتلاوته
إياهما ومحافظته عليهما لانهما للنبي صلى الله عليه وآله . " ص 115 "
28 - وعنه عليه السلام : من قرأ سورة الملك في المكتوبة قبل أن ينام لم يزل في أمان
الله حتى يصبح ، وفي أمانه يوم القيامة حتى يدخل الجنة . " 115 "
29 - وعنه عليه السلام : من أكثر قراءة سورة المعارج لم يسأله الله عن ذنب عمله ، ( 1 )
وأسكنه يوم القيامة عند محمد وأهل بيته صلى الله عليه وآله . ( 2 ) " ص 115 - 116 "
30 - وعنه عليه السلام : من أدمن قراءة سورة لا اقسم وكان يعمل بها بعثها الله
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : لم يسأله الله يوم القيامة عن ذنب عمله . م
( 2 ) في المصدر : واسكنه الجنة مع محمد واهل بيته عليهم السلام . م ( * )
[297]
معه ( 1 ) من قبره في أحسن صورة تبشره وتضحك في وجهه حتى يجوز على الصراط
والميزان . " 117 " 31 - وعنه عليه السلام : من قرأ والنازعات لم يمت إلا ريان ، ولم يبعثه الله إلا ريان
ولم يدخله الجنة إلا ريان . " 117 "
32 - وعنه عليه السلام : من كان قراءته في الفريضة ويل للمطففين أعطاه الله الامن يوم
القيامة من النار ولم تره ولا يراها ، ولم يمر على جسر جهنم ، ولا يحاسب يوم القيامة . " ص 117 - 118 "
33 - وعنه عليه السلام : من قرأ سورة والسماء ذات البروج في فرائضه كان محشره و
موقفه مع النبيين والمرسلين . " ص 118 "
34 - وعنه عليه السلام : من كانت قراءته في فرائضه والسماء والطارق كان له يوم
القيامة عندالله جاها ومنزلة ، ( 2 ) وكان من رفقاء النبيين وأصحابهم في الجنة . " 118 "
35 - وعنه عليه السلام : من قرأ سورة الاعلى في فريضة أو نافلة قيل له يوم القيامة :
ادخل من أي أبواب الجنة شئت . " ص 118 "
36 - وعنه عليه السلام : من أدمن قراءة الغاشية في فريضة أو نافلة غشاه الله رحمته في
الدنيا والآخرة ، وآتاه الامن يوم القيامة من عذاب النار . " ص 118 "
37 - وعنه عليه السلام : من كان قراءته في الفريضة لا اقسم بهذا البلد كان في الآخرة
معروفا أن له من الله مكانا ، وكان يوم القيامة من رفقاء النبيين والشهداء والصالحين .
" ص 118 - 119 "
38 - وعنه عليه السلام : من أكثر قراءة والشمس وضحيها ، والليل إذا يغشى ، و
الضحى ، وألم نشرح في يوم أو ليلة لم يبق شئ بحضرته إلا شهد له يوم القيامة حتى


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 297 سطر 19 إلى صفحه 305 سطر 18

شعره وبشره ولحمه ودمه وعروقه وعصبه وعظامه وجميع ما أقلت الارض ( 3 ) منه ،
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : مع رسول الله . م
( 2 ) اى كانت هذه السورة جاها ومنزلة له عند الله .
( 3 ) أقل الشئ واستقله : اذا رفعه وحمله . ( * )
[298]
ويقول الرب تبارك وتعالى : قبلت شهادتكم لعبدي وأجزتها له ، ( 1 ) انطلقوا به إلى
جناني حتى يتخير منها حيث ما أحب ، فإعطوه إياها من غير من مني ، ولكن رحمة
مني وفضلا مني عليه ، فهنيئا هنيئا لعبدى . " ص 119 "
39 - وعنه عليه السلام : من قرأ والعاديات وأدمن قراءتها بعثه الله مع أمير المؤمنين يوم
القيامة خاصة ، وكان في حجره ورفقائه . " ص 120 "
40 - وعن أبي جعفر عليه السلام : من أكثر من قراءة القارعة آمنه الله من قيح جهنم
يوم القيامة . " ص 120 "
41 - وعن أبي عبدالله عليه السلام : من قرأ سورة العصر في نوافله بعثه الله يوم القيامة
مشرقا وجهه ، ضاحكا سنه ، قريرا عينه حتى يدخل الجنة . " ص 121 "
42 - وعنه عليه السلام : من قرأ في فرائضه ألم تر كيف شهد له يوم القيامة كل سهل
وجبل ومدر أنه كان من الصالحين ، وينادى له يوم القيامة : صدقتم على عبدي ،
قبلت شهادتكم له وعليه ، أدخلوا عبدي الجنة ولا تحاسبوه فإنه ممن احبه واحب
عمله . " ص 121 "
43 - وعنه عليه السلام : من أكثر قراءة لايلاف قريش بعثه الله يوم القيامة على مركب
من مراكب الجنة حتى يقعد على موائد النور يوم القيامة . " ص 121 "
44 - وعنه عليه السلام : من قرأ أرأيت الذي يكذب بالدين في فرائضه ونوافله كان
فيمن قبل الله صلاته وصيامه ولم يحاسبه بما كان منه في الدنيا . ( 2 ) " ص 122 "
45 - وعنه عليه السلام : من قرأ إنا أعطيناك الكوثر في فرائضه ونوافله سقاه الله من
الكوثر يوم القيامة ، وكان محدثه عند رسول الله صلى الله عليه وآله . " ص 112 "
46 - وعنه عليه السلام : من قرأ قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد في فريضة من
الفرائض بعثه الله شهيدا . " ص 122 "
47 - كا : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من زوج عزبا ( 3 ) كان ممن
ينظر الله إليه يوم القيامة . " ف ج 2 ص 5 "
* ( هامش ) * ( 1 ) أى أنفذتها له .
( 2 ) في المصدر : في الحياة الدنيا . م
( 3 ) في المصدر : اعزبا . م ( * )
[299]
48 - ل : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أربعة ينظر الله عزوجل إليهم
يوم القيامة : من أقال نادما ، أو أغاث لهفان ، أو أعتق نسمة ، أو زوج عزبا .
" ج 1 ص 106 - 107 "
49 - ثو : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من أغاث أخاه المؤمن اللهفان
اللهثان ( 1 ) عند جهده فنفس كربته أو أجابه على نجاح حاجته كانت له بذلك سبعون
رحمة لافزاع يوم القيامة وأهواله . ( 2 ) " ص 143 "
50 - لى : بإسناده عن ابن عباس في فضيلة شهر رمضان عن النبي صلى الله عليه وآله قال :
وقضى لكم الله عزوجل يوم خمسة عشر سبعين حاجة من حوائج الدنيا والآخرة ،
وأعطاكم الله ما يعطي أيوب ، واستغفر لكم حملة العرش ، وأعطاكم الله عزوجل أربعين
نورا : عشرة عن يمينكم ، وعشرة عن يساركم ، وعشرة أمامكم ، وعشرة خلفكم ،
وأعطاكم الله عزوجل يوم ستة عشر إذا خرجتم من القبر ستين حلة تلبسونها ، وناقة
تركبونها ، ويبعث الله إليكم غمامة تظلكم من حر ذلك اليوم ، ويوم خمسة وعشرين
بنى الله عزوجل لكم تحت العرش ألف قبة خضراء ، على رأس كل قبة خيمة من نور ،
يقول الله عزوجل : يا امة محمد أنا ربكم وأنتم عبيدي ، استظلوا بظل عرشي في هذه
القباب ، وكلوا واشربوا هنيئا فلا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ، ولاتوجن كل واحد
منكم بألف تاج من نور ، ولاركبن كل واحد منكم على ناقة خلقت من نور ، زمامها
من نور ، وفي ذلك الزمام ألف حلقة من ذهب ، في كل حلقة ملك قائم ، عليها ملائكة
بيد كل ملك عمود من نور حتى يدخل الجنة بغير خساب ، الخبر . " ص 31 - 32 "
51 - م : في قوله تعالى : " وأقيموا الصلوة وآتوا الزكوة وما تقدموا لانفسكم
من خير تجدوه عند الله " قال : " وما تقدموا لانفسكم " من مال تنفقونه في طاعة الله ، فإن
* ( هامش ) * ( 1 ) اللهفان : المكروب ، واللهثان : العطشان .
( 2 ) في ثواب الاعمال المطبوع : وأعانه على نجاح حاجته كانت له بذلك عند الله اثنان و
سبعون رحمة من الله ، يعجل له منها واحدة تصلح بها معيشته ، ويدخر له أحد وسبعين رحمة لافزاع
القيامة وأهوالها . ( * )
[300]
لم يكن لكم مال فمن جاهكم تبذلونه لاخوانكم المؤمنين تجرون به إليهم المنافع ،
وتدفعون به عنهم المضار " تجدوه عند الله " ينفعكم الله تعالى بجاه محمد وآله الطيبين
يوم القيامة فيحط به عن سيئاتكم ، ويضاعف به حسناتكم ، ويرفع به درجاتكم - وساق
الحديث إلى أن قال - : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : عباد الله أطيعوا الله في أداء الصلوات
المكتوبات والزكوات المفروضات ، وتقربوا بعد ذلك إلى الله بنوافل الطاعات ، فإن
الله عزوجل يعظم به المثوبات ، والذي بعثني بالحق نبيا إن عبدا من عباد الله ليقف
يوم القيامة موقفا يخرج عليه من لهب النار أعظم من جميع جبال الدنيا حتى ما يكون
بينه وبينها حائل ، بينا هو كذلك إذ تطاير من الهواء ( 1 ) رغيف أو حبة فضة قد واسى
بها أخا مؤمنا على إضافته فتنزل حواليه فتصير كأعظم الجبال مستديرا حواليه ، وتصد
عنه ذلك اللهب ، فلا يصيبه من حرها ولا دخانها شئ إلى أن يدخل الجنة ، قيل : يا رسول
الله وعلى هذا يقع مواساته لاخيه المؤمن ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : والذي بعثني بالحق
نبيا إنه لينفع بعض المؤمنين بأعظم من هذا ، وربما جاء يوم القيامة من ثمثل له
سيئاته وحسناته وإساءته ( 2 ) إلى إخوانه المؤمنين - وهي التي تعظم وتتضاعف فتمتلئ
بها صحائفه - وتفرق حسناته على خصمائه المؤمنين المظلومين بيده ولسانه ، فيتحير
ويحتاج إلى حسنات توازي سيئاته ، فيأتيه أخ له مؤمن قد كان أحسن إليه في الدنيا
فيقول له : قد وهبت لك جميع حسناتي بإزاء ماكان منك إلي في الدنيا ، فيغفر الله له
بها ، ويقول لهذا المؤمن : فأنت بماذا تدخل جنتي ؟ فيقول : برحمتك يا رب : فيقول الله :
جدت عليه بجميع حسناتك ونحن أولى بالجود منك والكرم ، وقد تقبلتها عن أخيك
وقد رددتها عليك وأضعفتها لك ، فهو أفضل أهل الجنان . ( 3 )
52 - لى : بإسناده عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : من صام من
رجب يومين لم يصف الواصفون من أهل السماء والارض ماله عند الله من الكرامة ، وكتب
* ( هامش ) * ( 1 ) في التفسير المطبوع : بينا هو كذلك قد تحير اذا تطاير بين الهواء .
( 2 ) في التفسير المطبوع : من تمثل له سيئاته واساءته اه .
( 3 ) في التفسير المطبوع : فهو من أفاضل أهل الجنان . ( * )
[301]
له من الاجر مثال اجور عشرة من الصادقين في عمرهم ، بالغة أعمارهم ما بلغت ، ويشفع
يوم القيامة في مثل ما يشفعون فيه ، ويحشر معهم في زمرتهم حتى يدخل الجنة ، ويكون
من رفقائهم وساق الحديث إلى أن قال - : ومن صام من رجب خمسة أيام كان
حقا على الله عزوجل أن يرضيه يوم القيامة ، وبعث يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر
- وساقه إلى أن قال - : ومن صام رجب ستة أيام خرج من قبره ولوجهه نور يتلالؤ
أشد بياضا من نور الشمس ، واعطي سوى ذلك نورا يستضئ به أهل الجمع يوم القيامة ،
وبعث من الآمنين حتى يمر على الصراط بغير حساب - وساقه إلى أن قال - : ومن صام
رجب تسعة أيام خرج من قبره وهو ينادي : لا إله إلا الله ، ولا يصرف وجه دون الجنة
وخرج من قبره ولوجهه نور يتلالؤ لاهل الجمع حتى يقولوا : هذا نبي مصطفى ،
وإن أدنى ما يعطى أن يدخل الجنة بغير حساب ، ومن صام من رجب عشرة أيام جعل
الله له جناحين أخضرين منظومين بالدر والياقوت يطير بهما على الصراط كالبرق الخاطف
إلى الجنان - وساقه إلى أن قال - : ومن صام أحد عشر يوم من رجب لم يواف يوم القيامة
عبد أفضل ثوابا منه إلا من صام مثله أو زاد عليه ، ومن صام من رجب اثنى عشر يوما
كسي يوم القيامة حلتين خضراوين من سندس وإستبرق يحبر بهما ، لو دليت حلة منهما
إلى الدنيا لاضاء ما بين شرقها وغربها ، ولصار الدنيا أطيب من ريح المسك ، ومن صام
من رجب ثلاثة عشر يوما وضعت له يوم القيامة مائدة من ياقوت أخضر في ظل العرش
قوائمها من در أوسع من الدنيا سبعين مرة ، عليها صحاف الدر والياقوت ، في كل
صفحة سبعون ألف لون من الطعام ، لا يشبه اللون اللون ولا الريح الريح ، فيأكل
منها والناس في شدة شديدة وكرب عظيم - وساقه إلى أن قال - : ومن صام من رجب
خمسة عشر يوم وقف يوم القيامة موقف الآمنين فلا يمر به ملك مقرب ولا رسول ولا
نبي إلا قال : طوباك أنت آمن مقرب مشرف مغبوط محبور ساكن الجنان - وساقه إلى
إن قال - : ومن صام سبعة عشر يوما من رجب وضع له يوم القيامة على الصراط سبعون
ألف مصباح من نور حتى يمر على الصراط بنور تلك المصابيح إلى الجنان ، تشيعه
[302]
الملائكة بالترحيب ( 1 ) والتسليم - وساقه إلى أن قال - : ومن صام من رجب أحدا و
عشرين يوما شفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر كلهم أهل الخطايا والذنوب ،
- وساقه إلى أن قال - : ومن صام من رجب خمسة وعشرين يوما فإنه إذا خرج من قبره
تلقاه سبعون ألف ملك ، بيد كل ملك منهم لواء من در وياقوت ، ومعهم طرائف الحلي
والحلل ، فيقولون : يا ولي الله النجا ( 2 ) إلى ربك ، فهو من أول الناس دخولا في جنات
عدن مع المقربين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك هو الفوز العظيم ، ومن صام من رجب
ستة وعشرين يوما بنى الله له في ظل العرش مائة قصر من در وياقوت ، على رأس كل قصر
خيمة حمراء من حرير الجنان ، يسكنها ناعما والناس في الحساب ، الخبر " ص 319 - 321 "
53 - كا : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من وقر
ذا شيبة في الاسلام آمنه الله من فزع يوم القيامة . " ج 2 ص 658 "
54 - كا : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من دفن في الحرم أم من الفزع
الاكبر ، قلت له : من بر الناس وفاجرهم ؟ قال : من بر الناس وفاجرهم . " ف ج 1 ص 237 "
55 - كا : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من مات في طريق مكة ذاهبا
أو جائيا أمن من الفزع الاكبر يوم القيامة . " ف ج 1 ص 239 "
56 - يه : عن الصادق عليه السلام قال : من مات محرما بعثه الله ملبيا .
57 - وقال عليه السلام : من مات في أحد الحرمين بعثه الله من الآمنين ، ومن مات
بين الحرمين لم ينشر له ديوان .
58 - كا : عن الرضا عليه السلام قال : من أتى قبر أخيه ثم وضع يده على القبر
وقرأ : إنا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات أمن يوم الفزع الاكبر . " ف ج 1 ص 62 "
59 - ل : بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله قال : من مقت نفسه دون الناس ( 3 ) آمنه
الله من فزع يوم القيامة . " ص 11 "
* ( هامش ) * ( 1 ) رحبه : قال له : مرحبا .
( 2 ) النجاء والنجا أى أسرع ، هو من باب الاغراء منصوب بفعل محذوف تقديره : ألزم النجاء ،
وقد يوصل به كاف الخطاب ، يقال النجاءك النجاءك ، النجاك النجاك .
( 3 ) في المصدر : دون مقت الناس . م ( * )
[303]
60 - يه : بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله قال : من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها
من مخافة الله عزوجل حرم الله عليه النار وآمنه من الفزع الاكبر . " ص 468 "
61 - ثو : بإسناده عن علي بن الحسين عليه السلام قال : من حمل أخاه على رحله بعثه
الله يوم القيامة إلى الموقف على ناقة من نوق الجنة يباهي به الملائكة . " 141 "
62 - فس : قال أبوجعفر عليه السلام : من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه حشا
الله قلبه أمنا وإيمانا يوم القيامة .
63 - كا : عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما من عمل
يوضع ( 1 ) في ميزان امرء يوم القيامة أفضل من حسن الخلق . " ج 2 ص 99 "
64 - لى : عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم السلام عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة يوم القيامة
في الموقف . " ص 304 "
65 - لى : عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أقربكم غدا
مني في الموقف أصدقكم للحديث ، وآداكم للامانة ، وأوفاكم بالعهد ، وأحسنكم خلقا ،
وأقربكم من الناس .
66 - ما : عن النبي صلى الله عليه وآله قال : من ارتبط فرسا في سبيل الله كان علفه وروثه
وشرابه في ميزانه يوم القيامة .
67 - ثو : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قولوا : سبحان الله و
الحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فإنهن يأتين يوم القيامة لهن مقدمات ومؤخرات
ومعقبات ، وهن الباقيات الصالحات . " ص 9 "
68 - ثو : عن أبي عبدالله عليه السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله : ألا بشر المشائين في الظلمات
إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة . " ص 28 "
69 - ثو : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أطول الناس أعناقا يوم القيامة المؤذنون .
" ص 31 "
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ما يوضع اه . م ( * )
[304]
70 - ثو : عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : إذا سجد أحدكم فليباشر بكفيه الارض
لعل الله يصرف عنه الغل يوم القيامة " ص 33 "
71 - ثو : عن أبي جعفر عليه السلام قال : يبعث قوم تحت ظل العرش وجوههم من
نور ، ورياشهم من نور ، جلوس على كراسي من نور ، قال فتشرف لهم الخلائق فيقولون :
هؤلاء أنبياء ؟ فينادي مناد من تحت العرش : أن ليس هؤلاء بأنبياء ، قال : فيقولون :
هؤلاء شهداء ؟ فينادي مناد من تحت العرش : أن ليس هؤلاء شهداء ، ولكن هؤلاء قوم
كانوا ييسرون على المؤمنين ( على المعسر خ ل ) وينظرون المعسر حتى ييسر . " ص 139 "
72 - ثو : عن النبي صلى الله عليه وآله قال : أنا عند الميزان يوم القيامة فمن ثقلت سيئاته
على حسناته جئت بالصلاة علي حتى أثقل بها حسناته . " ص 149 "
73 - سن : عن أبي عبدالله عليه السلام عن أبيه عليهما السلام ، عن علي صلوات الله عليه قال : من
وقر مسجدا لقى الله يوم يلقاه ضاحكا مستبشرا ، وأعطاه كتابه بيمينه . " ص 54 "
74 - كا : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من قبل ولده كتب الله
له حسنة ، ومن فرحه فرحه الله يوم القيامة ، ومن علمه القرآن دعي بالابوين فكسيا
حلتين يضئ من نورهما وجوه أهل الجنة . ( 1 )
75 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن أحمد بن محمد العلوي ، عن جده الحسين بن
إسحاق بن جعفر ، عن أبيه ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام ، عن
النبي صلى الله عليه وآله قال : يعير الله عزوجل عبدا من عباده يوم القيامة فيقول : عبدي ما منعك
إذا مرضت أن تعودني ؟ فيقول : سبحانك سبحانك أنت رب العباد لا تألم ولا تمرض ،
فيقول : مرض أخوك المؤمن فلم تعده ، وعزتي وجلالي لوعدته لوجدتني عنده ، ثم
لتكفلت بحوائجك فقضيتها لك ، وذلك من كرامة عبدي المؤمن وأنا الرحمن الرحيم .
76 - كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن ابن اورمة ، ( 2 ) ومحمد بن عبدالله ، عن
علي بن حسان ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما السلام قال : دخل
* ( هامش ) * ( 1 ) أخرج المصنف الاحاديث مرسلا للاختصار وسيوردها في أبوابها مسندة .
( 2 ) بضم الهمزة واسكان الواو وفتح الراء والميم . ( * )
[305]
أبوعبدالله الجدلي على أميرالمؤمنين عليه السلام فقال : يا أبا عبدالله ألا اخبرك بقول الله عزوجل :
" من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت
وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون " ؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين جعلت
فداك ، فقال : الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت ، والسيئة إنكار الولاية وبغضنا
أهل البيت ، ثم قرأ عليه هذه الآية .
77 - سن : ابن فضال ، عن ابن حميد ، عن فضيل الرسان ، عن أبي داود ، عن
أبي عبدالله الجدلي مثله .
فر : محمد بن القاسم بن عبيد رفعه ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله . ( 1 ) " ص 115 - 116 "
78 - كا : بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن
اختلط القرآن بلحمه ودمه ، وجعله الله عزوجل مع السفرة الكرام البررة ، وكان
القرآن حجيجا ( 2 ) عنه يوم القيامة ، فيقول : يا رب إن كل عامل قد أصاب أجر عمله
غير عاملي ، فبلغ به أكرم عطائك ، قال : فيكسوه الله العزيز الجبار حلتين من حلل
الجنة ، ويوضع على رأسه تاج الكرامة ، ثم يقال له : هل أرضيناك فيه ؟ فيقول القرآن :
يا رب قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا ، فيعطى الامن بيمينه ، والخلد بيساره ،
ثم يدخل الجنة ، فيقال له : اقرء واصعد درجة ، ثم يقال له : هل بلغناك ( 3 ) وأرضيناك ؟
فيقول : نعم ، قال : ومن قرأ كثيرا أو تعاهده بمشقة من شدة حفظه أعطاه الله عزوجل
أجر هذا مرتين . " ج 2 ص 603 - 604 "
79 - م : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن قراءة القرآن يأتي يوم القيامة بالرجل


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 305 سطر 19 إلى صفحه 313 سطر 18

الشاحب ( 4 ) يقول لربه عزوجل : يا رب هذا أظمأت نهاره ، وأسهرت ليلة ، وقويت
في رحمتك طمعه ، وفسحت في مغفرتك أمله ، فكن عند ظني فيك وظنه ، فيقول الله تعالى :
اعطوه الملك بيمينه ، والخلد بشماله ، وأقرنوه بأزواجه من الحور العين ، واكسوا
* ( هامش ) * ( 1 ) باختلاف يسير . م
( 2 ) في المصدر : حجيزا عنه . م
( 3 ) في المصدر : هل بلغنا به وارضيناك اه . م
( 4 ) الشاحب : المهزول أو المتغير اللون . ( * )
[306]
والديه حلة لا تقوم لها الدنيا بما فيها ، فينظر إليهما الخلائق فيعظمونهما ، وينظران
إلى أنفسهما فيعجبان منها ، فيقولان : يا ربنا أنى لنا هذه ولم تبلغها أعمالنا ؟ فيقول الله
عزوجل : ومع هذا تاج الكرامة لم ير مثله الراؤون ، ولم يسمع بمثله السامعون ،
ولم يتفكر في مثله المتفكرون فيقال : هذا بتعليمكما ولدكما القرآن ، وبتصيير كما
إياه بدين الاسلام ، وبرياضتكما إياه على محمد رسول الله وعلي ولي الله ، وتفقيهكما
إياه بفقههما ، لانهما اللذين لا يقبل الله لاحد عملا إلا بولايتهما ومعاداة أعدائهما ،
وإن كان مابين الثرى إلى العرش ذهبا يتصدق به في سبيل الله ، فتلك البشارات التي
تبشرون بها .
( باب 16 )
* ( تطاير الكتب ، وانطاق الجوارح ، وسائر الشهداء في القيامة ) *
الايات ، النساء " 4 " فيكف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء
شهيدا * يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الارض ولا يكتمون الله
حديثا 41 - 42 .
النحل " 16 " ويوم نبعث من كل امة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم
يستعتبون 84 " وقال تعالى " : ويوم نبعث في كل امة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا
بك شهيدا على هؤلاء 89 .
الاسراء " 17 " وكل أنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيمة كتابا
يلقيه منشورا * اقرء كتابك كفى بنفسك اليوم حسيبا 13 - 14 " وقال تعالى " : إن السمع
والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا 26 .
الحج " 22 " ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس 78 .
النور " 24 " ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما
كانوا يعملون * يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين 23 - 25 .
[307]
يس " 36 " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا
يكسبون 65 .
السجدة " 41 " ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون * حتى إذا ما
جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون * وقالوا لجلودهم لم
شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ وهو خلقكم أول مرة وإليه
ترجعون * وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن
ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون * وذلك ظنكم الذي ظننتم بربكم أرديكم
فأصبحتم من الخاسرين * فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من
المعتبين 19 - 24 .
تفسير : قال الطبرسي رحمه الله في قوله سبحانه : " فكيف " : أي فكيف حال الامم
وكيف يصنعون " إذا جئنا من كل امة " من الامم " بشهيد وجئنا بك " يا محمد " على
هؤلاء " يعني قومه " شهيدا " ومعنى الآية أن الله تعالى يستشهد يوم القيامة كل نبي
على امته فيشهد لهم وعليهم ، ويستشهد نبينا على امته " يومئذ يود الذين كفروا
وعصوا الرسول لو تسوى بهم الارض " معناه : لو يجعلون والارض سواءا ، كما قال
سبحانه : " ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " وروي عن ابن عباس أن معناه : يودون
أن يمشي عليهم أهل الجمع يطؤونهم بأقدامهم كما يطؤون الارض ، وعلى القول الاول
فالمراد أن الكفار يوم القيامة يودون أنهم لن يبعثوا وأنهم كانوا والارض سواءا ،
لعلمهم بما يصيرون إليه من العذاب والخلود في النار ، وروي أيضا أن البهائم يصيرون
ترابا فيتمنى عند ذلك الكفار أنهم صاروا كذلك ترابا " ولا يكتمون الله حديثا "
قيل فيه أقوال : أحدها أنه عطف على قوله : " لو تسوى " أي ويودون أن لو لم يكتموا
الله حديثا ، لانهم إذا سئلوا قالوا : " والله ربنا ما كنا مشركين " فتشهد عليهم
جوارحهم بما عملوا فيقولون : يا ليتنا كنا ترابا ويا ليتنا لم نكتم الله شيئا ، وهذا قول
ابن عباس .
وثانيها أنه كلام مستأنف والمراد به أنهم لا يكتمون الله شيئا من امور الدنيا
[308]
وكفرهم ، بل يعترفون به فيدخلون النار باعترافهم ، وإنما لا يكتمون لعلمهم بأنه لا
ينفعهم الكتمان ، وإنما يقولون : " والله ربنا ما كنا مشركين " في بعض الاحوال ،
فإن للقيامة مواطن وأحوالا ، ( 1 ) ففي موطن لا يسمع كلامهم إلا همسا ، وفي موطن
ينكرون ما فعلوه من الكفر والمعاصي ظنا منهم أن ذلك ينفعهم ، وفي موطن يعترفون
بما فعلوه ، عن الحسن .
وثالثها أن المراد أنهم لا يقدرون على كتمان شئ من الله تعالى لان جوارحهم
تشهد عليهم بما فعلوه ، فالتقدير : لا تكتمه جوارحهم وإن كتموه هم .
ورابعها أن المراد : ودوا لو تسوى بهم الارض وأنهم لم يكونوا كتموا أمر
محمد صلى الله عليه وآله وبعثه ، عن عطا .
وخامسها أن الآية على ظاهرها ، فالمراد : ولا يكتمون الله شيئا لانهم ملجؤون
إلى ترك القبائح والكذب ، وقولهم : " والله ربنا ما كنا مشركين " عند أنفسنا لانهم كانوا
يظنون في الدنيا أن ذلك ليس بشرك من حيث تقربهم إلى الله ، عن البلخي . وفي قوله
تعالى : " ويوم نبعث من كل امة شهيدا " يعني يوم القيامة بين سبحانه أنه يبعث فيه
من كل امة شهيدا وهم الانبياء والعدول من كل عصر يشهدون على الناس بأعمالهم .
وقال الصادق عليه السلام : لكل زمان وامة إمام تبعث كل امة مع إمامها .
وفائدة بعث الشهداء مع علم الله سبحانه بذلك أن ذلك أهول في النفس ، و
أعظم في تصور الحال ، وأشد في الفضيحة إذا قامت الشهادة بحضرة الملا مع جلالة
الشهود وعدالتهم عند الله تعالى ، ولانهم إذا علموا أن العدول عند الله يشهدون عليهم
بين يدي الخلائق فإن ذلك يكون زجرا لهم عن المعاصي ، وتقديره : واذكر يوم نبعث .
" ثم لا يؤذن للذين كفروا " أي لا يؤذن لهم في الكلام والاعتذار ، أولا يؤذن لهم في الرجوع
إلى الدنيا ، أو لا يسمع منهم العذر ، يقال : أذنت له أي استمعت " ولا هم يستعتبون "
أي لا يسترضون ولا يستصلحون ، لان الآخرة ليست بدار تكليف ، ومعناه : لا يسألون
أن يرضوا الله بالكف عن معصية يرتكبونها .
* ( هامش ) * ( 1 ) يأتي شرح تلك المواطن في الاخبار ، راجع رقم 7 . ( * )
[309]
وفي قوله سبحانه : " ويوم نبعث في كل امة شهيدا عليهم من أنفسهم " :
أي من أمثالهم من البشر ، ويجوز أن يكون ذلك الشهيد نبيهم الذي ارسل إليهم ،
ويجوز أن يكون المؤمنون العارفون يشهدون عليهم بما فعلوه من المعاصي ، وفي هذا
دلالة على أن كل عصر لا يجوز أن يخلو ممن يكون قوله حجة على أهل عصره ، وهو
عدل عند الله تعالى ، وهو قول الجبائي وأكثر أهل العدل ، وهذا يوافق ما ذهب إليه
أصحابنا وإن خالفوهم في أن ذلك العدل والحجة من هو ؟ " وجئنا بك " يا محمد " شهيدا على
هؤلاء " يريد على قومك وامتك .
وفي قوله تعالى : " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " : معناه : وألزمنا كل
إنسان عمله من خير أو شر في عنقه كالطوق لا يفارقه ، وإنما قيل للعمل : طائر على عادة
العرب في قولهم : جرى طائره بكذا ، وقيل : طائره يمنه وشؤمه وهو ما يتطير به ، و
قيل : طائره حظه من الخير والشر ، وخص العنق لانه محل الطوق الذي يزين
المحسن ، والغل الذي يشين المسئ ، وقيل : طائره كتابه ، وقيل : معناه : جعلنا لكل
إنسان دليلا من نفسه لان الطائر عندهم يستدل به على الامور الكائنة ، فيكون
معناه : كل إنسان دليل نفسه وشاهد عليها ، إن كان محسنا فطائره ميمون ، وإن أساء
فطائره مشوم " ونخرج له يوم القيمة كتابا " وهو ما كتبه الحفظة عليهم من أعمالهم
" يلقيه " أي يرى ذلك الكتاب " منشورا " أي مفتوحا معروضا عليه ليقرأ ويعلم ما فيه ،
والهاء في " له " عائد إلى الانسان أو إلى العمل ، ويقال له : " اقرء كتابك " قال قتادة : و
يقرء يومئذ من لم يكن قارئا في الدنيا " كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا " أي محاسبا ،
وإنما جعله محاسبا لنفسه لانه إذا رأى أعماله يوم القيامة كلها مكتوبة ورأى جزاء
أعماله مكتوبا بالعدل أذعن عند ذلك وخضع واعترف ، ولم يتهيأ له حجة ولا إنكار ،
وظهر لاهل المحشر أنه لا يظلم .
وفي قوله تعالى : " كل اولئك كان عنه مسئولا " : معناه أن السمع يسأل عما
سمع ، والبصر عما رأى : والقلب عما عزم عليه ، والمراد أن أصحابها هم المسؤولون
ولذلك قال : " كل اولئك " وقيل : بل المعنى : كل اولئك الجوارح يسأل عما
[310]
فعل بها ، قال الوالبي عن عباس : يسأل العباد فيما استعملوها .
وفي قوله : " ليكون الرسول شهيدا عليكم " : أي بالطاعة والقبول ، فإذا شهد
لكم صرتم به عدولا تستشهدون على الامم الماضية بأن الرسل قد بلغوهم الرسالة ، وأنهم لم يقبلوا ، وقيل : معناه : ليكون الرسول شهيدا عليكم في إبلاغ رسالة ربه
إليكم ، وتكونوا شهداء على الناس بعده بأن تبلغوا إليهم ما بلغه الرسول إليكم .
وفي قوله عزوجل : " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا
يعملون " : بين سبحانه أن ذلك العذاب يكون في يوم تشهد ألسنتهم فيه عليهم
بالقذف ، وسائر أعضائهم بمعاصيهم . وفي كيفية شهادة الجوارح أقوال : أحدها أن الله
يبنيها ببنيه يمكنها النطق والكلام من جهتها فتكون ناطقة ، والثاني أن الله تعالى
يفعل فيها كلاما يتضمن الشهادة فيكون المتكلم هو الله تعالى دون الجوارح ، واضيف
إليها الكلام على التوسع لانها محل الكلام ، والثالث أن الله تعالى يجعل فيها علامة
تقوم مقام النطق بالشهادة ، ويظهر فيها أمارات دالة على كون أصحابها مستحقين
للنار ، فسمي ذلك شهادة مجازا كما يقال : عيناك تشهدان بسهرك ، وأما شهادة
الانس فبأن يشهدوا بألسنتهم إذا رأوا أنه لا ينفعهم الجحود . وأما قوله : " اليوم نختم
على أفواههم " فإنه يجوز أن يخرج الالسنة ويختم على الافواه ، ويجوز أن يكون
الختم على الافواه في حال شهادة الايدي والارجل " يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق "
أي يتمم الله لهم جزاءهم الحق ، فالدين بمعنى الجزاء ، ويجوز أن يكون المراد جزاء
دينهم الحق . وفي قوله : " اليوم نختم على أفواههم " : هذا حقيقة الختم فيوضع على
أفواه الكفار يوم القيامة فلا يقدرون على الكلام والنطق .
وفي قوله تعالى : " فهم يوزعون " : أي يحبس أولهم على آخرهم ليتلاحقوا
ولا يتفرقوا " حتى إذا ما جاؤوها " أى جاؤوا النار التي حشروا إليها " شهد عليهم سمعهم "
بما قرعه من الدعاء إلى الحق فأعرضوا عنه " وأبصارهم " بما رأوا من الآيات الدالة
على وحدانية الله فلم يؤمنوا ، وسائر " جلودهم " بما باشروه من المعاصي والاعمال
القبيحة ، وقيل : المراد بالجلود هنا الفروج على طريق الكناية عن ابن عباس و
[311]
المفسرين . ( 1 ) " وقالوا " يعني الكفار " لجلودهم لم شهدتم علينا " أي يعاتبون
أعضائهم فيقولون : لم شهدتم علينا ؟ " قالوا " أي فيقول جلودهم في جوابهم : " أنطقنا الله
الذي أنطق كل شئ " أي مما ينطق ، والمعنى : أعطانا الله آلة النطق والقدرة عليه
وتم الكلام ، ثم قال سبحانه : " وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون " في الآرخرة
" وما كنتم تستترون أن يشهد " أي من أن يشهد " عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم "
أي لم يكن مهيأ لكم أن تستتروا أعمالكم عن هذه الاعضاء ، لانكم كنتم بها تعملون
فجعلها الله شاهدة عليكم في القيامة ، وقيل : معناه : وما كنتم تتركون المعاصي حذرا
أن تشهد عليكم جوارحكم بها ، لانكم ما كنتم تظنون ذلك " ولكن ظننتم أن الله
لا يعلم كثيرا مما تعملون " لجهلكم بالله تعالى فهان عليكم إرتكاب المعاصي لذلك ،
وروي عن ابن مسعود أنها نزلت في ثلاثة نفر تساروا فقالوا : أترى أن الله يسمع
تسارنا ؟ ويجوز أن يكون المعنى أنكم عملتم عمل من ظن أن عمله يخفى على الله ،
وقيل : إن الكفار كانوا يقولون : أن الله لا يعلم ما في أنفسنا ولكنه يعلم ما نظهر
" وذلكم ظنكم الذي طننتم بربكم أرديكم " " ذلكم " مبتدء ، و " ظنكم " خبره ، و
" ارديكم " خبر ثان ، ويجوز ان يكون " ظنكم " بدلا من " ذلكم " والمعنى : وظنكم
الذي ظننتم بربكم أنه لا يعلم كثيرا مما تعملون أهلككم ، إذ هون عليكم أمر
المعاصي ، وأدى بكم إلى الكفر " فأصبحتم من الخاسرين " أي وظللتم من جملة من
خسرت تجارته لانكم خسرتم الجنة وحصلتم في النار .
وقال الصادق عليه السلام : ينبغي للمؤمن أن يخاف الله خوفا كأنه يشرف على النار
ويرجوه رجاءا كأنه من أهل الجنة ، إن الله تعالى يقول : " وذلكم ظنكم الذي
ظننتم بربكم " الآية : ثم قال : إن الله عند ظن عبده به ، إن خيرا فخيرا وإن شرا
فشرا .
" فإن يصبروا فالنار مثوى لهم " أي فإن يصبر هؤلاء على النار والامهال و
ليس المراد به الصبر المحمود ولكنه الامساك عن إظهار الشكوى وعن الاستغاثة
* ( هامش ) * ( 1 ) يسأتى تفسيره بذلك عن الصادق عليه السلام في الخبر الاتى تحت رقم 4 و 13 . ( * )
[312]
فالنار مسكن لهم " وإن يستعتبوا فماهم من المعتبين " أي وإن يطلبوا العتبى ( 1 ) وسألوا
الله أن يرضى عنهم فليس لهم طريق إلى الاعتاب فما هم ممن يقبل عذرهم ويرضى عنهم
وتقدير الآية : إنهم إن صبروا وسكتوا وجزعوا فالنار مأواهم ، كما قال سبحانه :
" اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم " والمعتب هو الذي يقبل عتابه ويجاب
إلى ما سأل .
1 - فس : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " وكل إنسان
ألزمناه طائره في عنقه " يقول : خيره وشره معه حيث كان لا يستطيع فراقه حتى يعطى
كتابه يوم القيامة بما عمل . " ص 379 "
2 - فس : قال : علي بن إبراهيم في قوله : " وإذا الصحف نشرت " قال :
صحف الاعمال . " ص 713 "
3 - فس : " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم " إلى قوله : " بما كانوا
يكسبون " قال : إذا جمع الله الخلق يوم القيامة دفع إلى كل إنسان كتابه فينظرون
فيه فينكرون أنهم عملوا من ذلك شيئا ، فيشهد عليهم الملائكة فيقولون : يا رب
ملائكتك يشهدون لك ، ثم يحلفون أنهم لم يعملوا من ذلك شيئا ، وهو قوله : " يوم
يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم " فإذا فعلوا ذلك ختم على ألسنتهم
وينطق جوارحهم بما كانوا يكسبون . " ص 552 "
4 - فس : حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا
يعملون " فإنها نزلت في قوم يعرض عليهم أعمالهم فينكرونها فيقولون : ما عملنا منها
شيئا ، فيشهد عليهم الملائكة الذين كتبوا عليهم أعمالهم .
فقال الصادق عليه السلام : فيقولون لله : يا رب هؤلاء ملائكتك يشهدون لك ، ثم
يحلفون بالله ما فعلوا من ذلك شيئا ، وهو قول الله : " يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون
لكم " وهم الذين غصبوا أميرالمؤمنين ، فعند ذلك يختم الله على ألسنتهم وينطق جوارحهم
فيشهد السمع بما سمع مما حرم الله ، ويشهد البصر بما نظر به إلى ما حرم الله ، وتشهد
* ( هامش ) * ( 1 ) العتبى : الرضا . ( * )
[313]
اليدان بما أخذتا ، وتشهد الرجلان بما سعتا مما حرم الله ، وتشهد الفرج بما
ارتكبت مما حرم الله ، ثم أنطق الله ألسنتهم فيقولون هم لجلودهم : " لم شهدتم علينا "
فيقولون : " أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون و
ما كنتم تستترون " أي من الله " أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم "
والجلود الفروج " ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون " . " ص 591 - 592 "
5 - شى : عن أبي معمر السعدي قال : قال علي بن إبي طالب عليه السلام في صفة
يوم القيامة : يجتمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلق فلا يتكلم أحد إلا من أذن
له الرحمن وقال صوابا ، فيقام الرسل فيسأل فذلك قوله لمحمد صلى الله عليه وآله : " فكيف إذا
جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " وهو الشهيد على الشهداء ،
والشهداء هم الرسل عليهم السلام .
6 - شى : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن جده قال : قال أمير
المؤمنين عليه السلام في خطبة يصف هول يوم القيامة ، ختم على الافواه فلا تكلم ، وقد
تكلمت الايدي ، وشهدت الارجل ، ونطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثا .
7 - شى : عن أبي معمر السعدي قال : أتي عليا عليه السلام رجل فقال : يا أمير
المؤمنين أني شككت في كتاب الله المنزل ، فقال له علي عليه السلام : ثكلتك امك وكيف
شككت في كتاب الله المنزل ؟ فقال له الرجل : لاني وجدت الكتاب يكذب بعضه
بعضا وينقض بعضه بعضا ، قال : فهات الذي شككت فيه ، فقال : لان الله يقول :
" يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " و


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 313 سطر 19 إلى صفحه 321 سطر 18

يقول حيث استنطقوا : " قالوا والله ربنا ما كنا مشركين " ويقول : " يوم القيامة يكفر
بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " ويقول : " إن ذلك لحق تخاصم أهل النار " و
يقول : " لا تختصموا لدي " ويقول : " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد
أرجلهم بما كانوا يكسبون " فمرة يتكلمون ومرة لا يتكلمون ، ومرة ينطق الجلود
والايدي والارجل ، ومرة لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، فأنى ذلك
يا أمير المؤمنين ؟ فقال له علي عليه السلام : إن ذلك ليس في موطن واحد هي في مواطن في ذلك
[314]
اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة ، فجمع الله الخلائق في ذلك اليوم في موطن
يتعارفون فيه فيكلم بعضهم بعضا ويستغفر بعضهم لبعض ، اولئك الذين بدت منهم
الطاعة من الرسل والاتباع وتعاونوا على البر والتقوى في دار الدنيا ، ويلعن أهل
المعاصي بعضهم بعضا ، الذين بدت منهم المعاصي في دار الدنيا وتعاونوا على الظلم و
العدوان في دارالدنيا ، والمستكبرون منهم والمستضعفون يلعن بعضهم بعضا ويكفر
بعضهم بعضا ، ثم يجمعون في موطن يفر بعضهم من بعض وذلك قوله : " يوم يفر المرء من
أخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه " إذا تعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا
" لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " ثم يجمعون في موطن يبكون فيه فلو أن تلك
الاصوات بدت لاهل الدنيا لاذهلت جميع الخلائق عن معائشهم ، وصدعت الجبال
إلا ما شاءالله ، فلا زوالون يبكون حتى يبكون الدم ، ثم يجتمعون في موطن يستنطقون
فيه فيقولون : " الله ربنا ما كنا مشركين " ولا يقرون بما عملوا فيختم على أفواههم و
يستنطق الايدي والارجل والجلود فتنطق فتشهد بكل معصية بدت منهم ، ثم يرفع
الخاتم عن ألسنتهم فيقولون لجلودهم وأيديهم وأرجلهم : " لم شهدتم علينا " فتقول :
" أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ " ثم يجمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلائق
فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، ويجتمعون في موطن يختصمون
فيه ويدان لبعض الخلائق من بعض وهو القول ، وذلك كله قبل الحساب ، فإذا اخذ
بالحساب شغل كل بما لديه ، نسأل الله بركة ذلك اليوم .
8 - شى : عن محمد بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال :
قال أمير المؤمنين عليه السملام في خطبته : فلما وقفوا عليها قالوا : " يا ليتنا نرد ولا نكذب
بآيات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل " إلى قوله : " وإنهم
لكاذبون " .
9 - شى : عن خالد بن يحيى ( نجيح ظ ) ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله : " اقرء كتابك
كفى بنفسك اليوم " قال : يذكر العبد جميع ما عمل وما كتب عليه حتى كأنه فعله
[315]
تلك الساعة ، فلذلك قوله : " يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا
أحصيها " .
10 - شى : عن خالد بن نجيح ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة
دفع إلى الانسان كتابه ، ثم قيل له : اقرء ، قلت : فيعرف ما فيه ؟ فقال : إن الله يذكره
فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم ولا شئ فعله إلا ذكره ، كأنه فعله تلك الساعة
فلذلك قالوا : " يا ويلنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصيها " .
11 - م : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أما إن الله عزوجل كما أمركم أن تحتاطوا
لانفسكم ووأديانكم وأموالكم باستشهاد الشهود العدول عليكم فكذلك قد احتاط على
عباده ولكم في استشهاد الشهود عليهم ، فلله عزوجل على كل عبد رقباء من كل خلقه
ومعقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ويحفظون عليه ما يكون منه من
أعماله وأقواله وألفاظه وألحاظه ، والبقاع التي تشتمل عليه شهود ربه له أو عليه ، والليالي
والايام والشهور شهوده عليه أو له ، وسائر عباد الله المؤمنين شهوده عليه أو له ، وحفطته
الكاتبون أعماله شهود له أو عليه ، فكم يكون يوم القيامة من سعيد بشهادتها له ، وكم يكونوا
يوم القيامة من شقي بشهادتها عليه ، إن الله عزوجل يبعث يوم القيامة عباده أجمعين
وإماءه فيجمعهم في صعيد واحد ، ينفذهم البصر ، ( 1 ) ويسمعهم الداعي ، ويحشر الليالي
والايام ، ويستشهد البقاع والشهور على أعمال العباد ، فمن عمل صالحا شهدت له
جوارحه وبقاعه وشهوده وأعوامه وساعاته وأيامه وليالي الجمع وساعاتها وأيامها
فيسعد بذلك سعادة الابد ، ومن عمل سوءا شهدت عليه جوارحه وبقاعه وشهوره و
* ( هامش ) * ( 1 ) كذا في نسخة المصنف والظاهر أنه بالدال المهملة ، قال الجزرى : في حديث ابن مسعود : إنكم
لمجموعون في صعيد واحد ينفدكم البصر . يقال : نفدنى بصره : إذا بلغنى وجاوزنى ، قيل : المراد به بصر
الرحمن حتى تأتى عليهم كلهم ، وقيل : أراد : ينفدهم بصر الناظر لاستواء الصعيد . قال أبوحاتم : أصحاب
الحديث يروونه بالذال المعجمة وإنما هو بالمهملة ، أى يبلغ أولهم وآخرهم حتى يراهم كلهم ويستوعبهم
من نفد الشئ وأنفدته ، وحمل الحديث على بصر المبصر أولى من حمله على بصر الرحمن لان الله
يجمع الناس يوم القيامة في أرض يشهد جميع الخلائق فيها محاسبة العبد الواحد على انفراده ويرون
ما يصير إليه . ( * )
[316]
أعوامه وساعاته وليالي الجمع وساعاتها وأيامها فيشقى بذلك شقاء الابد ،
فاعملوا ليوم القيامة وأعدوا الزاد ليوم الجمع - يوم التناد - وتجنبوا المعاصي
فبتقوى الله يرجى الخلاص ، فإن من عرف حرمة رجب وشعبان ووصلهما بشهر رمضان
- شهر الله الاعظم - شهدت له هذه الشهور يوم القيامة ، وكان رجب وشعبان وشهر
رمضان شهوده بتعظيمه لها ، وينادي مناد : يا رجب ويا شعبان ويا شهر رمضان كيف
عمل هذا العبد فيكم ؟ وكيف كانت طاعته لله عزوجل ؟ فيقول رجب وشعبان وشهر رمضان :
يا ربنا ما تزود منا إلا استعانة على طاعتك ، واستمدادا لمواد فضلك ، ولقد تعرض بجهده
لرضاك ، وطلب بطاقته محبتك فقال للملائكة الموكلين بهذه الشهور : ماذا تقولون
في هذه الشهادة لهذا العبد ؟ فيقولون : يا ربنا صدق رجب وشعبان وشهر رمضان ، ما
عرفناه إلا متلقيا في طاعتك ، مجتهدا في طلب رضاك ، صائرا فيه إلى البر والاحسان ( 1 )
ولقد كان بوصوله إلى هذه الشهور فرحا مبتهجا ، أمل فيها رحمتك ، ورجا فيها
عفوك ومغفرتك ، وكان مما منعته فيها ممتنعا ، وإلى ما ندبته إليه ( 2 ) فيها مسرعا ، لقد
صام ببطنه وفرجه وسمعه وبصره وسائر جوارحه ، ولقد ظمأ في نهارها ونصب في
ليلها ، وكثرت نفقاته فيها على الفقراء والمساكين ، وعظمت أياديه وإحسانه إلى عبادك
صحبها أكرم صحبة ، وودعها أحسن توديع ، أقام بعد انسلاخها عنه على طاعتك ، ولم
يهتك عند إدبارها ستور حرماتك ، فنعم العبد هذا . فعند ذلك يأمر الله تعالى بهذا
العبد إلى الجنة فتلقاه ملائكة الله بالحباء ( 3 ) والكرامات ، ويحملونه على نجب
النور وخيول البرق ، ويصير إلى نعيم لا ينفد ، ودار لا تبيد ، لا يخرج سكانها ، ولا يهرم
شبانها ولا يشيب ولدانها ، ولا ينفد سرورها وحبورها ، ولا يبلى جديدها ، ولا
* ( هامش ) * ( 1 ) في التفسير المطبوع : سائر ( صابرا خ ل ) إلى البر والاحسان . ولعل صابرا مصحف صائرا ،
لان الصبر لا يتعدى بالى .
( 2 ) ندب فلانا للامر أو إلى الامر : دعاه ورشحه للقيام وبه وحثه عليه .
( 3 ) الحباء : العطية . ( * )
[317]
يتحول إلى الغموم سرورها ، ولا يمسهم فيها نصب ، ولا يمسهم فيها لغوب ، قد أمنوا
العذاب ، وكفوا سوء الحساب ، وكرم منقلبهم ومثواهم ( 1 ) - وساق الحديث إلى أن
قال - : ما من امرأتين احترزتا في الشهادة فذكرت إحديهما الاخرى ( 2 ) حتى تقيما
الحق وتتقيا الباطل إلا وإذا بعثهما الله يوم القيامة عظم ثوابها ولا يزال يصب عليهما
النعيم ويذكرهما الملائكة ما كان من طاعتهما في الدنيا وما كانتا فيه من أنواع الهموم
فيها وما أزاله الله عنهما حتى خلدهما في الجنان ، وإن فيهن لمن تبعث يوم القيامة
فيؤتى بها قبل أن تعطى كتابها فترى السيئات بها محيطة وترى حسناتها قليلة فيقال
لها يا أمة الله هذا سيئاتك فأين حسناتك ؟ فتقول لا أذكر حسناتي ، فيقول الله لحفظتها :
يا ملائكتي تذاكروا حسناتها وذكروا خيراتها ، فيتذاكرون حسناتها يقول الملك الذي
على اليمين للملك الذي على الشمال : أما تذكر من حسناتها كذا وكذا ؟ فيقول : بلى و
لكني أذكر من سيئاتها كذا وكذا فيعدد ، ويقول الملك الذي على اليمين له : أفما تذكر
توبتها منها ؟ قال : لا أذكر ، قال أما تذكر أنها وصاحبتها تذكرتا الشهادة التي كانت عندهما
حتى أيقنتا وشهدتاها ولم تأخذهما في الله لومة لائم ؟ فيقول : بلى ، فيقول الملك الذي على
اليمين للذي على الشمال : أما تلك الشهادة منهما توبة ماحية لسالف ذنوبهما ، ثم تعطيان
كتابهما بأيمانهما فتوجد حسناتهما كلها مكتوبة وسيئاتهما كلها ثم تجدان في آخرهما :
يا أمتي ( 3 ) أقمت الشهادة بالحق للضعفاء على المبطلين ولم تأخذك فيها لومة اللائمين ( 4 )
فصيرت لك ذلك كفارة لذنوبك الماضية ومحوا لخطيئاتك السالفة .
12 - كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن وهب
قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه
* ( هامش ) * ( 1 ) في التفسير المطبوع : مكرم منقلبهم ومثواهم . قلت : إلى هنا تم الحديث ، وما يأتى بعد
ذلك ذيل لحديث آخر . راجع التفسير .
( 2 ) في التفسير المطبوع : فتذكرت احديهما الاخرى .
( 3 ) في التفسير المطبوع : فتجدان حسناتهما كلها مكتوبه فيه وسيئاتهما كلها ، ثم تجدان في
آخره : يا أمتى اه .
( 4 ) في التفسير المطبوع : ولم تأخذك في الله ( فيها خ ل ) لومة لائم . ( * )
[318]
في الدنيا والآخرة ، فقلت : كيف يستر عليه ؟ قال : ينسي ملكيه ما كتبا عليه من
الذنوب ، ويوحي إلى جوارحه : اكتمي عليه ذنوبه ويوحي إلى بقاع الارض : اكتمي
عليه ما كان ( 1 ) يعمل عليك من الذنوب ، فيلقى الله حين يلقاه وليس شئ يشهد عليه
بشئ من الذنوب . ( 2 ) " ج 2 ص 430 - 431 "
13 - تفسير النعمانى : فيما رواه عن أميرالمؤمنين عليه السلام في أنواع آيات القرآن
قال : ثم نظم تعالى ما فرض على السمع والبصر والفرج في آية واحدة فقال : " ما كنتم
تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم
كثيرا مما تعملون " يعني بالجلود ههنا الفروج ، وقال تعالى : " ولا تقف ما ليس لك
به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا " - وساق الحديث إلى
أن قال - : ثم أخبر أن الرجلين من الجوارح التي تشهد يوم القيامة حتى يستنطق ( 3 )
بقوله سبحانه : " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا
يكسبون " . " ص 64 - 65 "
14 - كا : علي بن محمد ، عن بعض أصحابه . عن آدم بن إسحاق ، عن عبدالرزاق
ابن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمد بن سالم ، عن أبي جعفر عليه السلام - وساق
الحديث إلى أن قال - : وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت
عليه كلمة العذاب ، فأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه ، ( 4 ) الخبر . " ج 2 ص 32 "
16 - ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن
عبدالله بن علي الزراد ( 5 ) قال سأل أبوكهمس ( 6 ) أبا عبدالله عليه السلام فقال : يصلي الرجل
نوافله في موضع أو يفرقها ؟ قال : لا بل ههنا وههنا فإنها تشهد له يوم القيامة .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : اكتمى ما كان اه . م
( 2 ) ونقل هذا الحديث في الكافى عن معاوية بن وهب بعينه بسند اخر . م
( 3 ) في المصدر : حتى تنطق . م
( 4 ) الحديث طويل جدا فليراجع الكافى من ص 28 إلى ص 33 . م
( 5 ) بفتح الزاى وتشديد الراء نسبة إلى صنعة الدروع ، من الزرد .
( 6 ) بفتح الكاف فسكون الهاء ففتح الميم ، ثم السين المهملة ، وفى بعض النسخ بالمعجمة . ( * )
[319]
16 - كا : علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن الحسين بن عبدالرحمن ، عن
سفيان الجريري ، عن أبيه ، عن سعد الخفاف ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : يا سعد
تعلموا القرآن فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليه الخلق ، والناس
صفوف عشرون ومائة ألف صف ، ثمانون ألف صف امة محمد صلى الله عليه وآله وأربعون ألف
صف من سائر الامم ، فيأتي على صف المسلمين في صورة رجل فيسلم فينظرون إليه ،
ثم يقولون : لا إله إلا الله الحليم الكريم إن هذا الرجل من المسلمين نعرفه بنعته
وصفته غير أنه كان أشد اجتهادا منا في القرآن فمن هناك اعطي من البهاء والجمال والنور
ما لم نعطه ، ثم يجاوز ( يتجاوز خ ل ) حتى يأتي على صف الشهداء فينظر إليه الشهداء ، ثم
يقولون : لا إله الا الله الرب الرحيم إن هذا الرجل من الشهداء ، نعرفه بسمته ( 1 )
وصفته غير أنه من شهداء البحر ، فمن هناك اعطي من البهاء والفضل ما لم نعطه ، قال :
فيجاوز ( فيتجاوز خ ل ) حتى يأتي على صف شهداء البحر في صورة شهيد فينظر إليه شهداء
البحر فيكثر تعجبهم ويقولون : إن هذا من شهداء البحر نعرفه بسمته وصفته غير أن الجزيرة
التي اصيب فيها كانت أعظم هولا من الجزيرة التي أصبنا فيها ، فمن هناك اعطي من البهاء
والجمال والنور ما لم نعطه ، ثم يجاوز ( يتجاوز خ ل ) حتى يأتي صف النبيين والمرسلين في
صورة نبي مرسل ، فينظر النبيون والمرسلون إليه فيشتد لذلك تعجبهم ويقولون :
لا إله إلا الله الحليم الكريم إن هذا النبي مرسل نعرفه بصفته وسمته غير أنه اعطي
فضلا كثيرا ، قال : فيجتمعون فيأتون رسول الله صلى الله عليه وآله فيسألونه ويقولون : يا محمد من
هذا ؟ فيقول : أو ما تعرفونه ؟ فيقولون : ما نعرفه ، هذا ممن لم يغضب الله عليه ، فيقول
رسول الله صلى الله عليه وآله : هذا حجة الله على خلقه ، فيسلم ثم يجاوز حتى يأتي صف الملائكة
في صورة ملك مقرب فينظر إليه الملائكة فيشتد تعجبهم ويكبر ذلك عليهم لما رأوا
من فضله ويقولون : تعالى ربنا وتقدس إن هذا العبد من الملائكة نعرفه بسمته وصفته
غير أنه كان أقرب الملائكة من الله عزوجل مقاما ، من هناك البس من النور والجمال
* ( هامش ) * ( 1 ) السمت : الطريق والمحجة ، ويستعمل لهيئة أهل الخير . ( * )
[320]
ما لم نلبس ، ثم يجاوز حتى ينتهي إلى رب العزة تبارك وتعالى فيخر تحت العرش ،
فيناديه تبارك وتعالى : يا حجتي في الارض وكلامي الصادق الناطق ارفع رأسك ،
وسل تعط ، واشفع تشفع ، فيرفع رأسه فيقول الله تبارك وتعالى : كيف رأيت عبادي
فيقول : يا رب منهم من صانني وحافظ علي ولم يضيع شيئا ، ومنهم من ضيعني و
استخف بحقي وكذب وأنا حجتك على جميع خلقك ، فيقول الله تبارك وتعالى : وعزتي
وجلالي وارتفاع مكاني لاثيبن عليك اليوم أحسن الثواب ، ولاعاقبن عليك اليوم
أليم العقاب ، قال : فيرفع القرآن رأسه في صورة اخرى ، قال : فقلت له يا أبا جعفر
في أي صورة يرجع ؟ قال : في صورة رجل شاحب متغير ينكره أهل الجمع ، فيأتي
الرجل من شيعتنا الذي كان يعرفه ويجادل به أهل الخلاف فيقوم بين يديه فيقول :
ما تعرفني ؟ فينظر إليه الرجل فيقول : ما أعرفك يا عبدالله ، قال : فيرجع في صورته التي
كانت في الخلق الاول ( 1 ) فيقول : ما تعرفني ؟ فيقول : نعم ، فيقول القرآن : أنا الذي
أسهرت ليلك ، وأنصب عيشك ، وسمعت الاذى ، ( 2 ) ورجمت بالقول في ، ألا وإن كل
تاجر قد استوفى تجارته وأنا وراءك اليوم ، قال : فينطلق به إلى رب العزة تبارك و
تعالى فيقول : يا رب عبدك وأنت أعلم به قد كان نصبا بي ، مواظبا علي ، يعادى بسببي ،
ويحب في ويبغض في ، فيقول الله عزوجل : أدخلوا عبدي جنتي ، واكسوه حلة من حلل
الجنة ، وتوجوه بتاج ، فإذا فعل به ذلك عرض على القرآن فيقال له : هل رضيت بما
صنع بوليك ؟ فيقول : يا رب إني أستقل هذا له فزده مزيد الخير كله ، فيقول : وعزتي
وجلالي وعلوي وارتفاع مكاني لانحلن له اليوم خمسة أشياء مع المزيد له ولمن كان
بمنزلته : ألا إنهم شباب لا يهرمون ، وأصحاء لا يسقمون ، وأغنياء لا يفتقرون ، وفرحون
لا يحزنون ، وأحياء لا يموتون ، ثم تلا هذه الآية : " لا يذوقون فيها الموت إلا الموته
* ( هامش ) * ( 1 ) أي في الدنيا .
( 2 ) في المصدر : وفى سمعت الاذى . م ( * )
[321]
الاولى " قلت : جعلت فداك يا أبا جعفر وهل يتكلم القرآن ؟ فتبسم ثم قال : رحم الله
الضعفاء من شيعتنا إنهم أهل تسليم ، ثم قال : نعم يا سعد والصلاة تتكلم ولها صورة
وخلق تأمر وتنهى ، ( 1 ) قال سعد : فتغير لذلك لوني وقلت : هذا شئ لا أستطيع أتكلم
به في الناس ! فقال أبوجعفر عليه السلام : وهل الناس إلا شيعتنا ؟ فمن لم يعرف بالصلاة فقد
أنكر حقنا ، ثم قال : يا سعد اسمعك كلام القرآن ؟ قال سعد : فقلت : بلى صلى الله
عليك ، فقال : " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر " فالنهي كلام ،
والفحشاء والمنكر رجال ، ونحن ذكر الله ونحن أكبر . " ج 2 ص 596 - 598 "
* بيان : قوله عليه السلام : إن هذا الرجل من المسلين لما توجه إلى صفهم ظنوا
أنه منهم ، وأما قولهم : نعرفه بنعته وصفته فيحتمل وجوها : الاول أن يكون يأتيهم بصورة
من يعرفونه من حملة القرآن ، الثاني أن يكون المراد أنا إنما نعرف أنه من المسلمين
لكون نعته وصفته شبيهة بهم ، ولعل زيادة نوره لقراءته القرآن أكثر من سائر المسلمين ،
* ( هامش ) * ( 1 ) ولعل صورة الصلاة هى الملكة الحاصلة للنفس بعد مزاولتها واتيانها بحدودها وشرائطها ،
وهذه الملكة تستلزم صفاتا من الخضوع والخشوع لله والخوف منه تعالى ، وهذه الصفات خلقها
التى تستلزم اتيان الطاعات ومزاولة الحسنات ، واجتناب المعاصى والسيئات ، فالصلاة أدعى
الدواعى إلى الطاعات ، وأقوى الصوارف عن المقبحات ، ولاستلزامه ذلك كأنها تأمر وتنهى
وتتكلم .
( * ) قوله عليه السلام في اول الخبر : القرآن يأتى يوم القيامة في أحسن صورة لعله اشارة إلى أن القرآن
بما هو المثل العليا للفضائل والكمالات ولاصول الخير وقوانين السعادات ، به يتدرج العامل مدارج


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 321 سطر 19 إلى صفحه 329 سطر 18

الكمالات ويفوز نعيم الاخرة يتمثل في القيامة بصورة جامعة لتلك الكمالات التى يدعو الانسان اليها ،
ويتشكل بما يمكن أن يحصل من الصفات للانسان من العمل بها ، فلجامعيته لتلك الخلق والصفات ما يمر بصف
من صفوف أهل الخير والصلاح الا أنهم يرون فيه صفة مشابهة لاوصافهم مع زيادة فيظن القراء و
الشهداء والنبيون والملائكة أنه منهم وأنه أفضلهم . وأما تمثله بصورة رجل شاحب متغير فلعله تمثل
بصورة قاريه وعامليه في الدنيا كما يوعز اليه قوله : أنا الذى أسهرت ليلك ، وأنصبت عيشك اه .
ومغزى ذلك أن رئاضة النفس في الدنيا بالاسهار والجوع وردع النفس عن الشهوات والزامها
بالطاعات والقربات وغيرها من قوانين القرآن تخلف سعادة باقية خالدة ، وتستلزم حصول كمالات
وفضائل شوهدت في صورته الاولى . ( * )
[322]
الثالث أنهم لما كانوا يتلون القرآن ويأنسون به وقد تصور بصورة لها
مناسبة واقعية للقران فهم لانسهم بما يناسبه واقعا يعرفونه ويأنسون به ، ولعدم علمهم بأن هذه
صورة القرآن ظنوا أنه رجل وذهب عن بالهم اسمه ، وقيل : لما كان المؤمن في نيته
أن يعبد الله حق عبادته ويتلو كتابه حق تلاوته إلا أنه لا يتيسر له ذلك كما يريد و
بالجملة لا يوافق عمله ما في نيته كما ورد في الحديث : نية المؤمن خير من عمله فالقرآن يتجلى
لكل طائفة بصورة من جنسهم إلا أنه أحسن في الجمال والبهاء ، وهي الصورة التي
لو كانوا يأتون بما في نيتهم من العمل بالقرآن لكان لهم تلك الصورة ، وإنما لا يعرفونه
كما ينبغي لانهم لم يأتوا بذلك كما ينبغي ، وإنما يعرفونه بنعته ووصفه لانهم كانوا
يتلونه ، وإنما وصفوا الله بالحلم والكرم والرحمة حين رؤيتهم لما رأوا في أنفسهم في جنبه
من النقص و القصور الناشئين من تقصيرهم ، يرجون من الله العفو والكرام والرحمة .
قوله عليه السلام : في صورة رجل شاحب يقال : شحب جسمه أي تغير ، ولعل ذلك للغضب على
المخالفين ، أو للاهتمام بشفاعة المؤمنين ، كما ورد أن السقط يقوم محبنطئا على باب
الجنة ، وقيل : لسماعه الوعيد الشديد ، وهو وإن كان لمستحقيه إلا أنه لا يخلو من
تأثير لمن يطلع عليه قوله عليه السلام : إنهم أهل تسليم أي يقبلون كل مايسمعون من
المعصومين عليهم السلام ، ولا يرتابون ولا يتبعون الشبه ووساوس الشيطان قوله عليه السلام : يا سعد
اسمعك كلام القرآن ؟ هذا يحتمل وجوها :
الاول أن يقال : تكلم القرآن عبارة عن إلقائه إلى السمع ما يفهم منه المعنى
وهذا هو معنى حقيقة الكلام لا يشترط فيه أن يصدر من لسان لحمي ، وكذا تكلم
الصلاة فإن من أتى بالصلاة بحقها وحقيقتها نهته الصلاة عن متابعة أعداء الدين
وغاصبي حقوق الائمة الراشدين ، الذين من عرفهم عرف الله ومن ذكرهم ذكر الله .
الثاني أن لكل عبادة صورة ومثالا تترتب عليها آثار تلك العبادة ، وهذه
الصورة تظهر للناس في القيامة ، فالمراد بقولهم عليهم السلام في موضع آخر : الصلاة رجل
أنها في القيامة يتشكل بإزائها رجل يشفع لمن رعاها حق رعايتها ، وفي الدنيا أيضا
لا يبعد أن يخلق الله بإزائها ملكا أو خلقا آخر من الروحانيين يسدد من أتى
[323]
بالصلاة حق إتيانها ويهديه إلى مراشده ، وكذا في القرآن وسائر العبادات .
الثالث ما افيض علي ببركات الائمة الطاهرين وبه ينحل كثير من غوامض
أخبار الائمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، وهو أنه كما أن الجسد الانساني
له حياة ظاهرية من جهة الروح الحيوانية المنبعثة عن القلب الظاهري وبها يسمع و
يبصر ويمشي وينطق ويحس فكذا له حياة معنوية من جهة العلم والايمان والطاعات
فالايمان ينبعث من القلب المعنوي ويسري في سائر الاعضاء فينور العين بنور آخر
كما قال النبي صلى الله عليه وآله : المؤمن ينظر بنور الله ويسمع بسمع آخر ، وبالجملة يتصرف
الايمان في بدنه وعقله ونفسه ويملكه بأسره فلا يرى إلا الحق ، ولا يسمع إلا ما ينفعه
ولا يسمع شيئا من الحق إلا فهمه وصدقه ، ولا ينطق إلا بالحق ، ولا يمشي إلا للحق
فالايمان روح لذلك الجسد ، ولذا قال تعالى في وصف الكفار : " أموات غير أحياء " ( 1 )
وقال : " صم بكم عمى فهم لا يبصرون " ( 2 ) وما ذلك إلا لذهاب نور الايمان من قلوبهم و
جوارحهم ، وكذا الصلاة إذا كملت في شخص وأتى بها ما هو حقها تصرف في
بدنه ونورت قلبه وبصره وسمعه ولسانه ومنعته عن اتباع الشهوات ، وحثته على
الطاعات ، وكذا سائر العبادات .
ثم إن القرآن ليس تلك النقوش بل هو ما يدل عليه تلك النقوش ، وإنما
صار الخط وما ينقش عليه محترما لدلالته على ذلك الكلام ، والكلام إنما صار مكرما
لدلالته على المعاني التي أرادها الله الملك العلام ، فمن انتقش في قواه ألفاظ القرآن
وفي عقله معانيه واتصف بصفاته الحسنة على ما هي فيه واحترز عما نهى الله عنه فيه و
اتعظ بمواعظه وصير القرآن خلقه وداوى به أدواءه فهو أولى بالتعظيم والاكرام
ولذا ورد أن المؤمن أعظم حرمة من الكعبة والقرآن ، فإذا عرفت ذلك فاعلم أنه
كما يطلق على الجسد لتعلق الروح والنفس به أنه إنسان فكذا يجوز أن يطلق على
* ( هامش ) * ( 1 ) النحل : 21 .
( 2 ) هكذا في النسخ والصحيح إما : " لا يرجعون " أو " لا يعقلون " راجع البقرة 18 و 17 . ( * )
[324]
البدن الذي كمل فيه الايمان وتصريف فيه وصار روحه أنه إيمان ، وكذا الصلاة و
الزكاة وسائر الطاعات ، وهذا في القرآن أظهر لانه قد انتقش بلفظه ومعناه واتصف
بصفاته ومؤداه واحتوى عليه وتصرف في بدنه وقواه ، فبالحري أن يطلق عليه القرآن
فإذا عرفت ذلك ظهر لك سر الاخبار الواردة في أن أمير المؤمنين عليه السلام هو كلام الله و
هو الايمان والاسلام والصلاة والزكاة ، وقس على ذلك حال أعدائه وما ورد أنهم
الكفر والفسوق والعصيان وشرب الخمر والزنا وسائر المحارم ، لاستقرار تلك الصفات
فيهم بحيث صارت أرواحهم الخبيثة ، فلا يبعد أن يكون المراد بالصورة التي يأتي في
القيامة هو أمير المؤمنين عليه السلام فيشفع لمن قرأ القرآن لانه روحه ، ولا يعمل بالقرآن
إلا من يتولاه ، وينادي القرآن بلعن من عاداه . ثم ذكر عليه السلام لرفع الاستبعاد
أن الصلاة رجل وهو أمير المؤمنين فهو ينهى الناس عن متابعة من كمل فيه الفحشاء
والمنكر - يعني أبابكر وعمر - على هذا لا يبعد أن يكون قوله عليه السلام : اسمعك كلام
القرآن ؟ أشار به إلى أنه عليه السلام أيضا القرآن وكلامه كلام القرآن ، وسيأتي مزيد
توضيح لهذا التحقيق في كتاب الامامة ، وأنت إذا أحطت بذلك وفهمته انكشف
لك كثير من الاسرار المطوية في أخبار الائمة الاطهار عليهم السلام فخذ ما آتيتك وكن
من الشاركرين .
17 - ين : القاسم بن محمد ، ( 1 ) عن علي ( 2 ) قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول :
إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يحاسب المؤمن أعطاه كتابه بيمينه وحاسبه فيما بينه
وبينه فيقول : عبدي ! فعلت كذا وكذا وعملت كذا وكذا ؟ فيقول : نعم يا رب قد فعلت
ذلك ، فيقول : قد غفرتها لك وأبدلتها حسنات ، فيقول الناس : سبحانه الله أما كان لهذا العبد
سيئة واحدة ؟ ! وهو قول الله عزوجل : " فأما من اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب
* ( هامش ) * ( 1 ) هو القاسم بن محمد الجوهرى .
( 2 ) هو على بن أبيحمزة سالم البطائنى أبوالحسن مولى الانصار الكوفى ، راوية أبي بصير
يحيى بن القاسم وقائده ، يروى عن أبيعبدالله عليه السلام بلا واسطة وبواسطة أبي بصير كثيرا كما في
الحديث الاتى . ( * )
[325]
حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا " قلت . أي أهل ؟ قال : أهله في الدنيا هم
أهله في الجنة إن كانوا مؤمنين ، قال : وإذا أراد بعبد شرا حاسبه على رؤوس الناس
وبكته ( 1 ) وأعطاه كتابه بشماله وهو قول الله عزوجل : " وأما من اوتي كتابه وراء
ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا إنه كان في أهله مسرورا " قلت : أي أهل ؟
قال : أهله في الدنيا ، قلت : قوله : " إنه ظن أن لن يحور " قال : ظن أنه لن يرجع .
18 - ين : القاسم ، عن علي ، عن أبي بصير قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول :
إن المؤمن يعطى يوم القيامة كتابا منشورا مكتوب فيه : كتاب الله العزيز الحكيم
أدخلوا فلانا الجنة .
19 - كتاب فضائل الشيعة للصدوق رحمه الله بإسناده عن الثمالى قال : قال
أبوعبدالله عليه السلام : نحن الشهداء على شيعتنا ، وشيعتنا شهداء على الناس ، وبشهادة شيعتنا
يجزون ويعاقبون .
20 - محاسبة النفس للسيد علي بن طاوس - قدس الله روحه - بإسناده إلى محمد بن
علي بن محبوب من كتابه ، بإسناده إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : ما من يوم يأتي على ابن
آدم إلا قال ذلك اليوم : يا بن آدم أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد فافعل بي خيرا واعمل
في خيرا اشهد لك يوم القيامة ، فإنك لن تراني بعدها أبدا . وفي نسخة اخرى : فقل
في خيرا واعمل في خيرا .
21 - قال : ورأيت في كتاب مسعدة بن زياد الربعي فيما رواه عن أبي عبدالله
عن أبيه عليهما السلام قال : الليل إذا أقبل نادى مناد بصوت يسمعه الخلائق إلا الثقيلن : يا بن آدم
أني على ما في شهيد فخذ مني ، فإني لو طلعت الشمس لم تزدد في حسنة ولم تستعتب
في من سيئة ، وكذلك يقول النهار إذا أدبر الليل .
22 - كا : بإسناده إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : إن النهار إذا جاء قال : يابن
آدم اعمل في يومك هذا خيرا ، اشهد لك به عند ربك يوم القيامة ، فإني لم آتك
فيما مضى ولا آتيك فيما بقي ، وإذا جاء الليل قال مثل ذلك .
* ( هامش ) * ( 1 ) أى غلبه بالحجة . ( * )
[326]
( باب 17 )
* ( الوسيلة وما يظهر من منزلة النبى وأهل بيته صلوات الله عليهم ) *
* ( في القيامة ) *
الايات ، التحريم " 66 " ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار يوم لا
يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا
أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير . 7
الضحى " 93 " وللآخرة خير لك من الاولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى 4 - 5
1 - فس : محمد بن أبي عبدالله ، عن جعفر بن محمد ، عن القاسم بن الربيع ، عن
صباح المزني ، عن المفضل بن عمر أنه سمع أباعبدالله عليه السلام يقول في قول الله : " و
أشرقت الارض بنور ربها ، قال : رب الارض إمام الارض ، قلت : فإذا خرج يكون
ماذا ؟ قال : إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزؤون بنور الامام
" ص 581 " .
2 - فس : أبي ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إذا سألتم الله فاسألوا لي الوسيلة ، فسألنا النبي صلى الله عليه وآله عن
الوسيلة فقال : هي درجتي في الجنة ، وهي ألف مرقاة جوهر ، إلى مرقاة زبرجد ، إلى مرقاة
لؤلؤة ، إلى مرقاة ذهب ، إلى مرقاة فضة فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين
فهي في درجة النبيين كالقمر بين الكواكب ، فلا يبقى يومئذ نبي ولا شهيد ولا صديق إلا
قال : طوبى لمن كانت هذه درجته ، فينادي المنادي ويسمع النداء جميع النبيين والصديقين
والشهداء والمؤمنين : هذه درجة محمد صلى الله عليه وآله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : فأقبل يومئذ متزرا
بريطة من نور ، علي ( 1 ) تاج الملك وإكليل الكرامة وعلي بن أبي طالب أمامي وبيده لوائي
وهو لواء الحمد ، مكتوب عليه : لا إله إلا الله محمد رسول الله المفلحون هم الفائزون بالله ، فإذا
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : على رأسى اه . م ( * )
[327]
مررنا بالنبيين قالوا : هذان ملكان لم نعرفهما ولم نرهما ، وإذا مررنا بالملائكة قالوا :
هذان نبيان مرسلان ، حتى أعلو الدرجة وعلي يتبعني ، فإذا صرت في أعلى الدرجة
منها وعلي أسفل مني بيده لوائي ، فلا يبقى يومئذ نبي ولا مؤمن إلا رفعوا رؤوسهم إلي
يقولون : طوبى لهذين العبدين ما أكرمهما على الله ! فينادي المنادي يسمع النبيون
وجميع الخلائق : هذا حبيبي محمد ، وهذا وليي علي بن أبي طالب ، طوبى لمن أحبه ،
وويل لمن أبغضه وكذب عليه ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي فلا يبقى يومئذ في
مشهد القيامة أحد يحبك إلا استروح إلى هذا الكلام ، وابيض وجهه ، وفرح قلبه ،
ولا يبقى أحد ممن عاداك ونصب لك حربا أو جحد لك حقا إلا اسود وجهه ، و
اضطربت قدماه ، فبينا أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا إلي ، أما أحدهما فرضوان خازن
الجنة ، وأما الآخر فمالك خازن النار ، فيدنو رضوان ويسلم علي ويقول : السلام
عليك يا رسول الله فأرد عليه وأقول : أيها الملك الطيب الريح الحسن الوجه الكريم
على ربه من أنت ؟ فيقول : أنا رضوان خازن الجنة ، أمرني ربي أن آتيك بمفاتيح
الجنة فخذها يا محمد ، فأقول : قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما أنعم به علي ،
ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب ، فيدفعها إلى علي ويرجع رضوان ، ثم يدنو مالك
خازن النار فيسلم ويقول : السلام عليك يا حبيب الله ، فأقول له : وعليك السلام
أيها الملك ما أنكر رؤيتك ! وأقبح وجهك ! من أنت ؟ فيقول : أنا مالك خازن النار
أمرني ربي آن آتيك بمفاتيح النار ، فأقول : قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على
ما أنعم به علي وفضلني به ، ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب ، فيدفعها إليه ، ثم يرجع
مالك فيقبل علي ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار حتى يقعد على عجزة جهنم
ويأخذ زمامها بيده ، وقد علا زفيرها ، واشتد حرها ، وكثر تطاير شررها ، فينادي
جهنم : يا علي جزني قد أطفأ نورك لهبي ، فيقول علي لها : ذري هذا وليي ، وخذي
هذا عدوي ، فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه ، فإن شاء
يذهب بها يمنة وإن شاء يذهب بها يسرة ، ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من
جميع الخلائق ، وذلك أن عليا عليه السلام يومئذ قسيم الجنة والنار . " ص 644 - 645 "
[328]
ل ، مع ، لى : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن معروف ، عن أبي
حفص العبدي ، عن أبي هارون العبدي ، ( 1 ) عن أبي سعيد الخدري ، ( 2 ) عن النبي
صلى الله عليه وآله مثله . ( 3 ) " مع ص 39 - 40 " " لى ص 71 - 72 "
ير : ابن عيسى مثله . " ص 122 - 123 "
بيان : في روايات الصدوق : فسألت النبي صلى الله عليه وآله . وفي رواية علي بن إبراهيم :
فسألنا ، فيكون نقلا عن أمير المؤمنين عليه السلام أو غيره من الصحابة . وفي بعض النسخ :
فسألوا وهو أظهر .
وفي رواية الصدوق بعد قوله : ألف مرقاة : ما بين المرقاة إلى المراقاة حضر الفرس
الجواد شهرا وهي ما بين مرقاة جرهرة . ولعل المراد بالجوهر هنا الياقوت ، أو جوهر
آخر لم يصرح به . وقال الجزري : الريطة : كل ملاة ليست بلفقتين ، وقيل : كل
ثوب رقيق لين ، والعجزة : مؤخر الشئ .
3 - فس : أبي ، عن سليمان الديلمي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال
إذا كان يوم القيامة دعي محمد فيكسى حلة وردية ثم يقام عن يمين العرش ، ثم يدعى
بإبراهيم قيكسى حلة بيضاء فيقام عن يسار العرش ، ثم يدعى بعلي أمير المؤمنين
فيكسى حلة وردية فيقام عن يمين النبي ، ثم يدعى بإسماعيل فيكسى حلة بيضاء
فيقام عن يسار إبراهيم ، ثم يدعى بالحسن فيكسى حلة وردية فيقام عن يمين أمير
المؤمنين ، ثم يدعي بالحسين فيكسى حلة وردية فيقام عن يمين الحسن ، ثم يدعى
بالائمة فيكسون حللا وردية فيقام كل واحد عن يمين صاحبه ، ثم يدعى بالشيعة
فيقومون أمامهم ، ثم يدعى بفاطمة عليها السلام ونسائها من ذريتها وشيعتها فيدخلون
الجنة بغير حساب ، ثم ينادي مناد من بطنان العرش من قبل رب العزة والافق الاعلى :
نعم الاب أبوك يا محمد وهو إبراهيم ، ونعم الاخ أخوك وهو علي بن أبي طالب ، ونعم
* ( هامش ) * ( 1 ) أوعزنا إلى ترجمته واسمه في ج 1 ص 170 ذيل الخبر 23 .
( 2 ) تقدم ضبطه وترجمته في ج 1 ص 170 ذيل الخبر 23 .
( 3 ) باختلاف . م ( * )
[329]
السبطان سبطاك وهما الحسن والحسين ، ونعم الجنين جنينك وهو محسن ، ونعم الائمة
الراشدون ذريتك وهم فلان وفلان ، ونعم الشيعة شيعتك ، ألا إن محمدا ووصيه و
سبطيه والائمة من ذريته هم الفائزون ، ثم يؤمر بهم إلى الجنة ، وذلك قوله : " فمن
زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز " . ( 1 ) " ص 116 - 117 "
4 - ير : محمد الحسين ، عن موسى بن سعدان ، ( 2 ) عن عبدالله بن القاسم ،
عن سماعة بن مهران قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إذا كان يوم القيامة وضع منبر يراه
جميع الخلائق ، فيصعد عليه رجل فيقوم عن يمينه ملك ، وعن يساره ملك ، ينادي الذي
عن يمينه : يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب يدخل الجنة من يشاء ، وينادي
الذي عن يساره : يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب يدخل النار من يشاء .
ع : ابن الوليد ، عن الصفار مثله . ( 3 ) " ص 66 "
5 - سن : عبدالرحمن بن حماد ، عن عبدالله بن إبراهيم الغفاري ، ( 4 ) عن علي
ابن أبي علي اللهبي ( 5 ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : أجلس يوم القيامة بين إبراهيم وعلي ،
* ( هامش ) * ( 1 ) أى ابعد عن النار ونحى عنها ، من الزحزحة وهى الابعاد .
( 2 ) بفتح السين وسكون العين هو موسى بن سعدان الحناط الكوفى ، المعدود في رجال
الشيخ من أصحاب الامام الكاظم عليه السلام ، والمترجم في فهرستى الشيخ والنجاشى ، قال الثانى :
ضعيف في الحديث ، كوفى ، له كتب كثيرة منها الطرائف اه . يروى عنه محمد بن الحسين بن أبي
الخطاب أبوجعفر الزيات الهمدانى الثقة الجليل المتوفى في 262 ، ويروى عن عبدالله بن القاسم
الحضرمى .


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 329 سطر 19 إلى صفحه 337 سطر 18

( 3 ) الصحيح : ابن الوليد عن الصفار ، عن محمد بن الحسين أى ابن أبى الخطاب مثله .
( 4 ) بكسر الغين وفتح الفاء نسبة إلى غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة و
الرجل هو عبدالله بن ابراهيم بن أبى عمرو الغفارى حليف الانصار ، سكن مزينة بالمدينة فيقال
له : الانصارى والمزنى أيضا ، يروى عن أبى عبدالله الصادق عليه السلام ، له كتاب ، ترجمه
الشيخ والنجاشى في فهرستهما ، وابن حجر في التقريب ، وروى عنه أبوداود وفى جلوس الرجل .
( 5 ) الصحيح كما في المحاسن المطبوع : على بن أبى على اللهبى رفعه . لان الرجل من أصحاب
الصادق عليه السلام فلا يروى عن النبى صلى الله عليه وآله بلا واسطة ، واللهبى بفتح اللام والهاء * ( * )
[330]
إبراهيم عن يميني ، وعلي عن يساري ، فينادي مناد : نعم الاب أبوك إبراهيم ، ونعم
الاخ أخوك علي . " ص 179 - 180 "
6 - سن : أبي ، عن سعدان بن مسلم ، ( 1 ) عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : إذا كان يوم القيامة دعي رسول الله صلى الله عليه وآله فيكسى حلة وردية ، فقلت :
جعلت فداك وردية ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الله عزوجل : " فإذا انشقت السماء
فكانت وردة كالدهان " ؟ ثم يدعى علي فيقوم على يمين رسول الله ، ثم يدعى من شاء الله
فيقومون على يمين علي ، ثم يدعى شيعتنا فيقومون على يمين من شاء الله ، ثم قال : يا
أبا محمد أين ترى ينطلق بنا ؟ قال : قلت : إلى الجنة والله ، قال : ما شاء الله . " ص 180 "
7 - صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا على إذا
كان يوم القيامة كنت أنت وولدك على خيل بلق متوجين بالدر والياقوت ، فيأمر
الله بكم إلى الجنة والناس ينظرون . " ص 22 "
8 - صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان
يوم القيامة نوديت من بطنان العرش : نعم الاب أبوك إبراهيم الخليل ، ونعم الاخ
أخوك علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله " ص 23 "
9 - شى : عن يحيى بن مساور ( 2 ) قلت : حدثني في علي حديثا ، فقال : أشرحه
لك أم أجمعه ؟ قلت : بل اجمعه ، فقال : علي باب هدى من تقدمه كان كافرا ، ومن
تخلف عنه كان كافرا ، قلت : زدني ، قال : إذا كان يوم القيامة نصب منبر عن يمين
العرش له أربع وعشرون مرقاة فيأتي علي وبيده اللواء حتى يركبه ويعرض الخلق
* ( هامش ) * * نسبة على ما في اللباب إلى ابى لهب عم النبي صلى الله عليه وآله . قال ابن اثير في اللباب " ج 3 ص 73 "
هو من ولد أبي لهب ، قلت : عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام الصادق ، وترجمه العامة
في كتبهم ، ويروى كثيرا عن ابن المنكدر ، عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله .
( 1 ) مر ضبط سعدان ذيل الخبر الرابع .
( 2 ) هو يحيى بن المساور أبوزكريا التميمى مولاهم كوفى ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب
الصادق عليه السلام ولم نجد فيه ولا في غيره من الرجال ما يبين حاله ، نعم قال ابن حجر في لسان الميزان
" ج 6 ص 227 " : قال الازدى : كذاب . ( * )
[331]
عليه ، فمن عرفه دخل الجنة ، ومن أنكره دخل النار ، قلت له : توجدنيه من كتاب
الله ؟ قال : نعم ، أما تقرء هذه الآية يقول تبارك وتعالى : " فسيرى الله عملكم ورسوله
والمؤمنون " ؟ هو والله علي بن أبي طالب .
10 - شى : عن محمد بن حسان الكوفي ، عن محمد بن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال :
إذا كان يوم القيامة نصب منبر عن يمين العرش له أربع وعشرون مرقاة ويجئ علي بن
أبي طالب عليه السلام وبيده لواء الحمد فيرتقيه ويعلوه ويعرض الخلائق عليه ، فمن عرفه
دخل الجنة ، ومن أنكره دخل النار ، وتفسير ذلك في كتاب الله : " قل اعملوا فسيرى الله
عملكم ورسوله والمؤمنون " قال : هو والله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه .
11 - بشا : محمد بن علي بن عبدالصمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي علي بن
عقبة ، عن أحمد بن محمد المؤدب ، عن الحسن بن علي بن زكريا ، عن خراش بن عبدالله ،
عن أنس قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله ما حال علي بن أبي طالب ؟
فقال النبي صلى الله عليه وآله : تسألني عن علي ؟ يرد يوم القيامة على ناقة من نوق الجنة قوائمها
من الزبرجد الاخضر ، عيناها ياقوتتان حمراوان ، سنامها من المسك الاذفر ، ممزوج
بماء الحيوان ، عليه حلتان من النور ، متزر بواحدة مرتد بالاخرى ، بيده لواء الحمد
له أربعون شقة ، ملات ما بين السماء والارض ، حمزة بن عبدالمطلب عن يمينه ، وجعفر
الطيار عن يساره ، وفاطمة من ورائه ، والحسن والحسين فيما بينهما ، ومناد ينادي في
عرصات القيامة ، أين المحبون ؟ وأين المبغضون ؟ هذا علي بن أبي طالب ، أخذ كتابه بيمينه
حتى يدخل الجنة .
وبهذا الاسناد عن عبدالصمد ، عن الحسين بن علي البخاري ، عن أحمد بن محمد
ابن المؤدب مثله .
12 - كنز : روى محمد بن موسى الشيرازي في كتابه حديثا يرفعه بإسناده إلى
ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة أمر الله مالكا أن يسعر النيران
السبع ، ويأمر رضوان أن يزخرف الجنان الثمان ، ويقول : يا ميكائيل مد الصراط على
متن جهنم ، ويقول : يا جبرئيل انصب ميزان العدل تحت العرش ، ويقول : يا محمد قرب
امتك للحساب ، ثم يأمر الله أن يعقد على الصراط سبع قناطر طول كل قنطرة سبعة
[332]
عشرة ألف فرسخ ، وعلى كل قنطرة سبعون ألف ملك يسألون هذه الامة نساؤهم ورجالهم
في القنطرة الاولى عن ولاية أميرالمؤمنين وحب أهل بيت محمد عليهم السلام فمن أتى به جاز
القنطرة الاولى كالبرق الخاطف ، ومن لم يحب أهل بيته سقط على ام رأسه في قعر
جهنم ، ولو كان معه من أعمال البر عمل سبعين صديقا .
13 - قال : وروى الشيخ أبوجعفر الطوسى في مصباح الانوار حديثا يرفعه بإسناده
إلى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين و
الآخرين في صعيد واحد ونصب الصراط على شفير جهنم فلم يجز عليه إلا من كان معه
براءة من علي بن أبي طالب عليه السلام .
14 - وروى أيضا في الكتاب المذكور حديثا يرفعه بإسناده عن عبدالله بن عباس
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة أقف أنا وعلي على الصراط ،
وبيد كل واحد منا سيف ، فلا يمر أحد من خلق الله إلا سألناه عن ولاية علي ، فمن كان
معه شئ منها نجا وفاز وإلا ضربنا عنقه وألقيناه في النار .
15 - فر : عبيد بن كثير معنعنا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أتاني
جبرئيل عليه السلام فقال : ابشرك يا محمد بما تجوز على الصراط ؟ قال : قلت : بلى ، قال : تجوز
بنور الله ، ويجوز علي بنورك ونورك من نور الله ، ويجوز امتك بنور علي ونور علي
من نورك ، ومن لم يجعل الله له نورا ( 1 ) فما له من نور " ص 104 - 105 "
16 - فر : جعفر بن أحمد معنعنا ، عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه ، عن النبي
صلى الله عليه وآله في كلام ذكره في علي فذكره سلمان لعلي فقال : والله يا سلمان لقد
حدثني بما اخبرك به ، ثم قال : يا علي لقد خصك الله بالحلم والعلم والغرفة التي قال
الله تعالى : " اولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما " والله إنها
لغرفة ما دخلها أحد قط ، ولايدخلها أحد أبدا حتى تقوم على ربك ، وإنه ليحف بها
في كل يوم سبعون ألف ملك ما يحفون إلى يومهم ذلك في إصلاحها ( 2 ) والمرمة لها
حتى تدخلها ، ثم يدخل الله عليك فيها أهل بيتك ، والله يا علي إن فيها لسريرا من
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : له مع على نورا اه . م
( 2 ) في التفسير المطبوع : ما يحفون إلى يومهم ذلك الا في اصلاحها . ( * )
[333]
نور ، ما يستطيع أحد من الملائكة أن ينظر إليه ، مجلس لك يوم تدخله فإذا دخلته يا علي
أقام الله جميع أهل السماء على أرجلهم حتى يستقر بك مجلسك ، ثم لا يبقى في السماء
ولا في أطرافها ملك واحد إلا أتاك بتحية من الرحمن . " ص 107 "
17 - فر : محمد بن القاسم بن عبيد ، عن أبي العباس محمد بن ذازان القطان ، ( 1 ) عن
عبدالله بن محمد القيسي ، عن أبي جعفر القمي محمد بن عبدالله ، عن سليمان الديلمي عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : إن عليا قد طلع ذات يوم وعلى عنقه حطب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وآله
فعانقه حتى رئي بياض ما تحت أيديهما ، ثم قال : يا علي أني سألت الله أن يجعلك معي
في الجنة ففعل ، وسألته أن يزيدني فزادني ذريتك ، وسألته أن يزيدني فزادني زوجتك
وسألته أن يزيدني فزادني محبيك ، فزادني من غير ان أستزيده محبي محبيك ، ففرح
بذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، ثم قال : بأبي أنت وامي محب محبي ؟
قال : نعم ، يا علي إذا كان يوم القيامة وضع لي منبر من ياقوته حمراء مكلل بزبرجدة
خضراء له سبعون ألف مرقاة ، بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس القارح ( 2 ) ثلاثة أيام ،
فأصعد عليه ، ثم يدعى بك فيتطاول إليك الخلائق فيقولون : ما يعرف في النبيين ، فينادي
مناد : هذا سيد الوصيين ، ثم تصعد فنعانق عليه ( 3 ) ثم تأخذ بحجزتي ، وآخذ بحجزة
الله وهي الحق ، ( 4 ) وتأخذ ذريتك بحجزتك ، ويأخذ شيعتك بحجزة ذريتك ، فأين
يذهب بالحق إلى الجنة قال : إذا دخلتم الجنة فتبوءتم مع أزواجكم ونزلتم منازلكم
أوحى الله إلى مالك : أن افتح باب جهنم لينظر أوليائي إلى ما فضلتهم على عدوهم ،
فيفتح أبواب جهنم ويظلون عليهم ، ( 5 ) فإذا وجدوا روح رائحة الجنة قالوا : يا مالك
* ( هامش ) * ( 1 ) هكذا في نسخة المصنف ، وفى التفسير المطبوع : محمد بن ذران .
( 2 ) في المصدر : الفارح . م
( 3 ) في التفسير المطبوع : فتعانقنى عليه .
( 4 ) في التفسير المطبوع : ألا ان حجزة الله هى الحق .
( 5 ) لعل الصحيح كما في التفسير المطبوع : فيطلعون عليهم . ( * )
[334]
أنطمع الله لنا في تخفيف العذاب عنا ؟ إنا لنجد روحا ، فيقول لهم مالك : إن الله أوحى
إلي : أن أفتح أبواب جهنم لينظر أولياؤه إليكم ، فيرفعون رؤوسهم فيقول هذا : يا فلان
ألم تك تجوع فاشبعك ؟ ويقول هذا : يا فلان ألم تك تعرى فأكسوك ؟ ويقول هذا : يا
فلان ألم تك تخاف فأويك ؟ ويقول هذا : يا فلان ألم تكن تحدث فأكتم عليك ؟ فيقولون :
بلى ، فيقولون : استوهبونا من ربكم فيدعون لهم فيخرجون من النار إلى الجنة ، فيكونون
فيها بلا مأوى ويسمون الجهنميين فيقولون سألتم ربكم فأنقذنا من عذابه فادعوه
يذهب عنا بهذا الاسم ويجعل لنا في الجنة مأوى ، فيدعون فيوحي الله إلى ريح فتهب على
أفواه أهل الجنة فينسيهم ذلك الاسم ويجعل لهم في الجنة مأوى ، ونزلت هذه الآيات :
" قل للذين آمنوا يغفروا للذين لايرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون " إلى
قوله : " ساء ما يحكمون " . " ص 155 - 156 "
بيان : الفرس القارح : هو الذي دخل في السنة الخامسة ، ولايبعد أن يكون
بالدال المهملة كناية عن سرعة سيره فإنه يقدح النار عند مسيره بحافره .
18 - فر : الحسن بن علي بن بزيع والحسين بن سعيد ، عن إسماعيل بن إسحاق ،
عن يحيى بن سالم الفراء ، عن قطر ، ( 1 ) عن موسى بن ظريف ، ( 2 ) عن عباية بن ربعي في
قوله تعالى : " ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " فقال : النبي صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه والسلام .
" ص 166 "
19 - فر : علي بن الحسين بن زيد ، عن علي - يعني ابن يزيد الباهلي - عن محمد بن
الحجاف السلمي ، ( 3 ) عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : إذا كان يوم القيامة
* ( هامش ) * ( 1 ) هكذا في النسخ والصحيح فطر بالفاء المكسورة والطاء الساكنة ، كما في التفسير المطبوع ،
والرجل فطر بن خليفة أبوبكر المخزومى التابعى المتوفى سنة 153 أو 55 عده الشيخ في رجاله
من أصحاب الصادق عليه السلام وقال : تابعى روى عنهما أى عن الباقر والصادق عليها السلام ، له
ترجمة في رجال الفريقين ، وثقه أحمد وابن معين .
( 2 ) الصحيح موسى بن طريف بالطاء المهملة كما في التفسير المطبوع ، وهو الاسدى الكوفى
المترجم في لسان الميزان " ج 6 : ص 121 "
( 3 ) في التفسير المطبوع : محمد بن الحجاز السلمى ، ولم نعرف صحيحه . ( * )
[335]
نادى مناد من بطنان العرش : يا محمد يا علي ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ، فهما الملقيان
في النار . " ص 166 "
20 - فر : جعفر بن أحمد الاودي معنعنا ، عن الحسن بن راشد قال : قال لي شريك
القاضي ( 1 ) أيام المهدي قال : يا أباعلي أتريد أن تحدث بحديث أتبرك به ، على أن
تجعل لله عليك أن لاتحدث به حتى أموت ؟ قال : قلت : أنت أمن فحدث بما شئت
قال : كنت على باب الاعمش ( 2 ) وعليه جماعة من أصحاب الحديث قال : ففتح الاعمش
الباب فنظر إليهم ثم رجع وأغلق الباب فانصرفوا ، وبقيت أنا فخرج فرآني فقال : أنت
هنا ؟ لو علمت لادخلتك أو خرجت إليك ، قال : ثم قال لي : أتدري ما كان ترددي في
الدهليز بهذا اليوم ؟ قلت : لا ، قال : إني ذكرت آية في كتاب الله ، قلت : ما هي ؟ قال :
قول الله تعالى : يا محمد يا علي ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ، قال : قلت : وهكذا نزلت ؟
قال : إي والذي بعث محمدا بالنبوة هكذا نزلت . " ص 167 "
21 - فر : الحسين بن سعيد معنعنا عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال
النبي صلى الله عليه وآله : إن الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة وعدني المقام المحمود
وهو واف لي به ، إذا كان يوم القيامة نصب لي منبر له ألف درجة فأصعد حتى أعلو فوقه
فيأتيني جبرئيل عليه السلام بلواء الحمد فيضعه في يدي ، ويقول : يا محمد هذا المقام المحمود
الذي وعدك الله تعالى ، فأقول لعلي : اصعد فيكون أسفل مني بدرجة فأضع لواء الحمد
في يده ، ثم يأتي رضوان بمفاتيح الجنة فيقول : يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله
تعالى ، فيضعها في يدي فأضعها في حجر علي بن أبي طالب ، ثم يأتي مالك خازن
النار فيقول : يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله تعالى ، هذه مفاتيح النار أدخل
* ( هامش ) * ( 1 ) هو شريك بن عبدالله النخعى الكوفى العامى ، القاضى بواسط ثم الكوفة المتوفى في 177
أو 178 ترجمه ابن حجر في التقريب " ص 224 " وقال : صدوق يخطئ كثيرا ، تغير حفظه منذ ولى
القضاء بالكوفة وكان عادلا فاضلا عابدا شديدا على اهل البدع .
( 2 ) هو سليمان بن مهران الاسدى الكاهلى أبومحمد الكوفى المتوفى في ربيع الاول سنة 148 و
كان مولده سنة 61 ، ترجمه العامة والخاصة في كتبهم وأطرؤوه بالوثاقة والحفظ والورع . ( * )
[336]
عدوك وعدو امتك النار ، فآخذها وأضعها في حجر علي بن أبي طالب ، فالنار و
الجنة يومئذ أسمع لي ولعلي من العروس لزوجها ، فهي قول الله تعالى : " ألقيا في جهنم
كل كفار عنيد " ألق يا محمد يا علي عدوكما في النار ، ثم أقوم واثني على الله ثناءا
لم يثن عليه أحد قبلي ، ثم اثنى على الملائكة المقربين ، ثم اثني على الانبياء و
المرسلين ، ثم اثني على الامم الصالحين ، ثم أجلس فيثني الله علي ، ويثني علي
ملائكته ، ويثني علي أنبياؤه ورسله ، ويثني علي الامم الصالحة ، ثم ينادي مناد من
بطنان العرش : يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم حتى تمر بنت حبيب الله إلى قصرها ،
فتمر فاطمة بنتي ، عليها ريطتان خضراوان ، وعند حولها سبعون ألف حوراء ، فإذا
بلغت إلى باب قصرها وجدت الحسن قائما والحسين قائما ( 1 ) مقطوع الرأس ، فتقول
للحسن : من هذا ؟ يقول : هذا أخي ، إن امة أبيك قتلوه وقطعوا رأسه ، فيأتيها
النداء من عند الله : يا بنت حبيب الله إني إنما أريتك ما فعلت به امة أبيك لاني
ذخرت لك عندي تعزية بمصيبتك فيه ، إني جعلت لتعزيتك بمصيبتك أني لا أنظر
في محاسبة العباد حتى تدخلي الجنة أنت وذريتك وشيعتك ومن أولاكم معروفا ممن
ليس هو من شيعتك قبل أن أنظر في محاسبة العباد ، فتدخل فاطمة ابنتي الجنة وذريتها
وشيعتها ومن أولاها ( 2 ) معروفا ممن ليس هو من شيعتها ، فهو قول الله تعالى في كتابه :
" لا يحزنهم الفزع الاكبر " قال : هو يوم القيامة " وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون "
هي والله فاطمة وذريتها وشيعتها ومن أولاهم معروفا ممن ليس هو من شيعتها
" ص 167 - 168 " .
22 - فر : عثمان بن محمد والحسين بن سعيد - واللفظ للحسين - معنعنا عن جعفر بن
محمد عليهما السلام قال : إذا كان يوم القيامة نصب منبر يعلو المنابر فيتطاول الخلائق لذلك المنبر ، إذ
طلع رجل عليه حلتان خضراوان متزر بواحد مترد باخرى ، فيمر بالشهداء فيقولون :
هذا منا ، فيجوزهم ويمر بالنبيين فيقولون : هذا منا ، فيجوزهم ويمر بالملائكة فيقولون :
هذا منا ، فيجوزهم حتى يصعد المنبر ، ثم يجئ رجل آخر عليه حلتان خضراوان متزر
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : والحسين نائما . م
( 2 ) في المصدر : ومن والاها . م ( * )
[337]
بواحدة مترد باخرى فيمر بالشهداء فيقولون : هذا منا ، فيجوزهم ثم يمر بالنبيين
فيقولون : هذا منا ، فيجوزهم ويمر بالملائكة فيقولون : هذا منا ، فيجوزهم حتى يصعد
المنبر ، ثم يغيبان ماشاء الله ، ثم يطلعان فيعرفان محمد صلى الله عليه وآله وعلي ، وعن يسار النبي ملك و
عن يمينه ملك ، فيقول الملك التي عن يمينه : يا معشر الخلائق أنا رضوان خازن
الجنان أمرني الله بطاعته وطاعة محمد صلى الله عليه وآله وطاعة علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهو قول
الله تعالى : " ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " يا محمد يا علي . ويقول الملك الذي عن يساره :
يا معشر الخلائق أنا مالك خازن جهنم أمرني الله بطاعته وطاعة محمد وعلي عليهما السلام .
" ص 168 - 169 "
23 - فر : علي بن محمد الزهري ، عن صباح المزني قال : كنا نأتي الحسن بن
صالح وكان يقرء القرآن فإذا فرغ من القرآن سأله أصحاب المسائل حتى إذا
فرغوا قام إليه شاب فقال له : قول الله تعالى في كتابه : " ألقيا في جهنم كل كفار عنيد "
فمكث ينكت في الارض طويلا ثم قال : عن العنيد تسألني ؟ قال : لا ، أسألك عن " ألقيا "
قال : فمكث الحسن ساعة ينكت في الارض ثم قال : إذا كان يوم القيامة يقوم رسول
الله وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على شفير جهنم فلا يمر به أحد من شيعته
إلا قال : هذا لي وهذا لك . وذكره الحسن بن صالح ، عن الاعمش ، وقال : روى عباية ،
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : أنا قسيم النار والجنة . " ص 169 "
24 - كا : العدة عن سهل ، عن محمد بن سنان ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن
أبي جعفر عليه السلام قال : قال : يا جابر إذا كان يوم القيامة وجمع الله عزوجل الاولين والآخرين


............................................................................
-بحار الانوار جلد: 7 من صفحه 337 سطر 19 إلى صفحه 341 سطر 17

لفصل الخطاب دعي رسول الله صلى الله عليه وآله ودعي أمير المؤمنين عليه السلام فيكسى رسول الله صلى الله وعليه وآله حلة
خضراء تضئ ما بين المشرق والمغرب ، ويكسى علي عليه السلام مثلها ، ويكسى رسول الله صلى الله عليه وسلم
حلة وردية يضئ لها ما بين المشرق والمغرب ، ويكسى علي عليه السلام مثلها ، ثم يصعدان
عندها ، ثم يدعى بنا فيدفع إلينا حساب الناس ، فنحن والله ندخل أهل الجنة الجنة
وأهل النار النار . ثم يدعى بالنبيين صلوات الله عليهم فيقامون صفين عند عرش الله
عزوجل حتى نفرغ من حساب الناس ، فإذا ادخل أهل الجنة الجنة وأهل النار
النار بعث رب العزة عليا عليه السلام فأنزلهم منازلهم من الجنة وزوجهم ، فعلي - والله -
[338]
الذي يزوج أهل الجنة في الجنة ، وما ذاك إلى أحد غيره ، كرامة من الله عز ذكره ،
وفضلا فضله الله به ومن به عليه ، وهو - والله - يدخل أهل النار النار ، وهو الذي يغلق
على أهل الجنة إذا دخلوها أبوابها لان أبواب الجنة إليه ، وأبواب النار إليه .
25 - ما : الحفار ، عن إسماعيل بن علي الدعبلي ، عن علي بن دعبل ، عن
الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان
يوم القيامة وفرغ من حساب الخلائق دفع الخالق عزوجل مفاتيح الجنة والنار
إلي فأدفعها إليك ، فأقول لك : احكم . قال علي : والله إن للجنة أحدا وسبعين بابا ،
يدخل من سبعين بابا منها شيعتي وأهل بيتي ، ومن باب واحد سائر الناس . " ص 234 - 235 "
26 - وبهذا الاسناد عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله عزوجل :
" ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " قال : نزلت في وفي علي بن أبي طالب عليه السلام ، وذلك
أنه إذا كان يوم القيامة شفعني ربي وشفعك يا علي ، وكساني وكساك يا علي ، ثم قال
لي ولك يا علي : ألقيا في جهنم كل من أبغضكما ، وأدخلا الجنة كل من أحبكما ،
فإن ذلك هو المؤمن . " ص 234 "
27 - ما : الفحام ، عن محمد بن الفرحان ، عن محمد بن علي بن فرات ، عن سفيان بن
وكيع ، عن أبيه ، عن الاعمش ، عن ابن المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وآله : يقول الله تعالى يوم القيامة لي ولعلي بن أبي طالب : أدخلا الجنة من أحبكما
وأدخلا النار من أبغضكما ، وذلك قوله : " ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " . " ص 182 "
28 - فر : جعفر بن محمد بن مروان ، عن أبيه ، عن عبيد بن محمد بن مهران الثوري
عن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام في قوله تعالى :
" ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " قال : فقال النبي صلى الله عليه وآله : إن الله تبارك وتعالى إذا
جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد كنت أنا وأنت يومئذ عن يمين العرش فيقال لي
ولك : قوما فألقيا من أبغضكما وخالفكما وكذبكما في النار . " ص 167 "
29 - فس : أبي ، عن بعض أصحابنا رفعه ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : إن الله
أعطاني في علي سبع خصال : هو أول من ينشق عنه القبر معي ، وأول من يقف معي
على الصراط فيقول للنار : خذي ذا وذري ذا ، وأول من يكسى إذا كسيت ، وأول
[339]
من يقف معي على يمين العرش ، وأول من يقرع معي باب الجنة ، وأول من يسكن معي
عليين ، وأول من يشرب معي من الرحيق المختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس
المتنافسون . الخبر بطوله . " ص 653 - 654 "
30 - لى : الحسين بن إبراهيم ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن
ابن البطائني ، عن أبيه ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان
يوم القيامة يؤتى بك يا علي على ناقة من نور ، وعلى رأسك تاج له أربعة أركان ،
على كل ركن ثلاثة أسطر : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي مفتاح الجنة . ثم يوضع
لك كرسي يعرف بكرسي الكرامة فتقعد عليه ، يجمع لك الاولون والآخرون في صعيد
واحد ، فتأمر بشيعتك إلى الجنة وبأعدائك إلى النار ، فأنت قسيم الجنة وأنت قسيم
النار ، لقد فاز من تولاك ، وخاب وخسر من عاداك ، فأنت في ذلك اليوم أمين الله و
حجته الواضحة . " ص 397 - 398 "
31 - ما : بإسناده ، عن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : علي أول
من آمن بي ، وأول من يصافحني يوم القيامة .
32 - ما : الفحام ، عن عمه ، عن إسحاق بن عبدوس ، عن محمد بن بهار بن عمار ،
عن زكريا بن يحيى ، عن جابر ، عن إسحاق بن عبدالله بن الحارث ، عن أبيه ، عن أمير
المؤمنين عليه السلام قال : أتيت النبي صلى الله عليه واله وعنده أبوبكر وعمر فجلست بينه وبين عائشة
فقالت لي عائشة : ما وجدت إلا فخذي أو فخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال : مه يا عائشة لا تؤذيني
في علي فإنه أخي في الدنيا وأخي في الآخرة ، وهو أمير المؤمنين ، يجلسه الله في يوم القيامة
على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار . " 182 "
33 - ما : بإسناده عن حذيفة ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : إذا كان يوم القيامة ضرب
لي عن يمين العرش قبة من ياقوتة حمراء ، وضرب لابراهيم عليه السلام من الجانب الآخر قبة
من درة بيضاء وبينهما قبة من زبرجدة خضراء لعلي بن أبي طالب عليه السلام فما ظنكم
بحبيب بين خليلين ؟ .
34 - ع : علي بن حاتم ، عن علي بن الحسين النحوي ، عن ابن عيسى ، عن ابن
فضال ، عن ثعلبة وغيره ، عن بريد العجلي قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : كيف صار
[340]
الناس يستلمون الحجر والركن اليماني ولايستلمون الركنين الآخرين ؟ فقال :
إن الحجر الاسود والركن اليماني عن يمين العرش وإنما أمر الله تعالى أن يستلم ما
عن يمين عرشه ، قلت : فكيف صار مقام إبراهيم عليه السلام عن يساره ؟ فقال : لان لابراهيم
عليه السلام مقاما في القيامة ، ولمحمد صلى الله عليه وآله مقاما ، فمقام محمد صلى الله عليه وآله عن يمين عرش
ربنا عزوجل ، ومقام إبراهيم عليه السلام عن شمال عرشه ، فمقام إبراهيم في مقامه يوم
القيامة ، وعرش ربنا مقبل غير مدبر . " ص 148 "
توضيح : قال الوالد العلامة رحمه الله : حاصله أنه ينبغي أن يتصور أن البيت
بحذاء العرش وإزائه في الدنيا وفي القيامة ، وينبغي أن يتصور أن البيت بمنزلة رجل
وجهه إلى الناس ووجهه طرف الباب ، فإذا توجه الانسان إلى البيت يكون المقام
عن يمين الانسان والحجر عن يساره ، لكن الحجر عن يمين البيت والمقام عن يساره ، وكذا
العرش الآن ويوم القيامة ، والحجر بمنزله مقام نبينا صلى الله عليه وآله ، والركن اليماني بمنزلة مقام
أئمتنا صلوات الله عليهم ، وكما أن مقام النبي والائمة صلوات الله عليهم في الدنيا عن يمين
البيت وبإزاء يمين العرش كذلك يكون في الآخرة ، لان العرش مقبل وجهه إلينا غير مدبر ،
لانه لو كان مدبرا لكان اليمن لابراهيم عليه السلام واليسار للنبي والائمة عليهم السلام ، هذا
تفسير الخبر بحسب الظاهر ، ويمكن أن يكون إشارة إلى علو رتبة نبينا صلى الله وعليه وآله ورفعته و
أفضليته على رتبة إبراهيم الذي هو أفضل الانبياء بعد النبي والائمة عليهم السلام ، وقد
ورد في الاخبار استحباب استلام الركنين الآخرين ، فيكون المراد تأكد فضيلة
استلامهما ، والمنفي تأكد الفضيلة لا أصلها ، انتهى كلامه رفع الله مقامه .
35 - فر : إسماعيل بن إسحاق الفارسي رفعه إلى أبي جعفر عليه السلام وساق
الحديث في مصارعة أميرالمؤمنين عليه السلام مع الشيطان إلى أن قال : فقال الشيطان : قم
عني حتى ابشرك ، فقام عنه فقال : بم تبشرني يا ملعون ؟ قال : إذا كان يوم القيامة
صار الحسن عن يمين العرش والحسين عن يسار العرش يعطون شيعتهم الجواز من النار
الخبر . " ص 140 "
أقول : سيأتي جل أخبار هذا الباب في أبواب فضائل الائمة عليهم السلام وأبواب
فضائل أمير المؤمنين وفاطمة والحسنين صلوات الله عليهم وفي سائر أبواب هذا المجلد .
[341]
بسمه تعالى
إلى هنا تم الجزء السابع من كتاب بحار الانوار من هذه
الطبعة المزدانة بتعاليق نفيسة قيمة وفوائد جمة ثمينة ، ويحوى
هذا الجزاء 512 حديثا في 16 بابا . وقد بالغنا في تصحيح الكتاب
وقابلناه بنسخة المصنف - قدس سره الشريف - التي كتبها بخطه
وصححها بعد كما يظهر من مطالعتها ، وكثيرا ما يوجد الخلاف
بينها وبين سائر النسخ من المخطوط والمطبوع ، كما أنا وجدنا
موارد عديدة قد اسقطت في غيرها إما لسهو الناسخين أو لانه
- قدس سره - جدد النظر في هذه النسخة بعد كتابتها ، والنسخة
لخزانة كتب فضيلة الفقيد ثقة الاسلام والمحدثين الحاج السيد
( صدر الدين الصدر العاملي ) الخطيب الشهير الاصفهاني
- رضوان الله عليه - وقد أتحفنا إياها ولده المعظم العالم العامل
الحاج السيد ( مهدي الصدر العاملي ) نزيل تهران ، فمن واجبنا
أن نقدم إليه ثناءنا العاطر وشكرنا الجزيل ، وفقه الله تعالى
وإيانا لجميع مرضاته إنه ولي التوفيق .
يحيى عابدى