بسمه تعالى



-اسم الموضوع: بحار46

............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 1 سطر 1 الى ص 6 سطر 16

[ 1 ]
بسم الله الرحمن الرحيم * ( أبواب ) *
* ( تاريخ الامام التاسع والسيد القانع ، حجة الله ) *
* ( على جميع العباد ، وشافع يوم التنا أبى جعفر ) *
* ( محمد بن على التقى الجواد صلوات الله عليه ) *
* ( وعلى آبائه الطاهرين وأولاده المعصومين ) *
* ( ابد الابدين ) *
1 * ( باب ) *
* ( مولده ووفاته واسمائه ، والقابه ) * * ( واحوال اولاده صلوات الله عليه ) *
1 - كا : ولد عليه السلام في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومائة وقبض عليه السلام
سنة عشرين ومائتين في آخر ذي القعده وهو ابن خمس وعشرين سنة وشهرين
وثمانية عشر يوما ، ودفن ببغداد في مقابر قريش عند قبر جده موسى عليه السلام وقد كان
المعتصم أشخصه إلى بغداد في أول هذه السنة التي توفي فيها عليه السلام .
وامه ام ولد يقال لها سبيكة ، نوبية ، وقيل أيضا : إن اسمها كان خيزران
وروي أنها كانت من أهل بيت مارية ام إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ( 1 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) اصول الكافى ج 1 ص 492 .
[ 2 ]
2 - ضه : ولد عليه السلام بالمدينه ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من شهر
رمضان ، ويقال للنصف من شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة ، وقبض ببغداد
قتيلا مسموما في آخر ذي القعدة ، وقيل وفاته يوم السبت لست خلون من ذي الحجة
سنة عشرين ومائتين .
3 - ير : محمد بن عيسى ، عن قارن ، عن رجل كان رضيع أبي جعفر عليه السلام
قال : بينا أبوالحسن ( 1 ) جالس مع مؤدب له يكنى أبا زكريا وأبوجعفر عندنا
أنه ببغداد وأبوالحسن يقرأ من اللوح على مؤدبه ، إذ بكى بكاء شديدا فسأله المؤدب :
ما بكاؤك ؟ فلم يجبه ، وقال : ائذن لي بالد خول ، فأذن له فارتفع الصياح والبكاء من
منزله .
ثم خرج إلينا فسألناه عن البكاء ؟ فقال : إن أبي قد توفي الساعة ، فقلنا :
بما علمت ؟ قال : قد دخلني من إجلال الله مالم أكن أعرفه قبل ذلك فعلمت أنه
قد مضى ، فتعر فنا ذلك الوقت من اليوم والشهر فاذا هومضى في ذلك الوقت ( 2 ) .
3 - يج : روى عن أبي مسافر عن أبي جعفرالثاني عليه السلام أن قال في العشية
التي توفي فيها : إني ميت الليلة ، ثم قال : نحن معشر إذا لم يرض الله لا حدنا
الدنيا نقلنا إليه ( 3 )
5 - شا : كان مولده عليه السلام في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة وقبض في
بغداد في ذي القعده سنة عشرين ومائتين ، وله خمس وعشرون سنة ، وكانت مدة
خلافته لابيه وإمامته من بعده سبعة عشر سنة ، وامه ام ولد يقال لها سبيكة ، و
كانت نوبية .
وقبض عليه السلام ببغداد وكان سبب وروده إليها إشخاص المعتصم له من المدينة ، فورد
بغداد لليلتين من المحرم سنة عشرين ومائتين وتوفي بها في ذي القعدة من هذه
* ( هامش ) * ( 1 ) يعنى أبا الحسن على بن محمد الهادى عليهما السلام .
( 2 ) بصائر الدرجات ص 467 الطبعة الحديثة .
( 3 ) لم نظفر عليه في مختار الخرائج
[ 3 ]
السنة ، وقيل إنه مضى مسموما ولم يثبت عندي بذلك خبر فأشهد به ، ودفن بمقابر
قريش في ظهر جده أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام وكان له يوم قبض خمس
وعشرون سنة وأشهر ، وكان منعوتا بالمنتجب والمرتضى ، وخلف من الولد عليا ابنه
الامام من بعده ، وموسى ، وفاطمة وأمامة ابنتيه ، ولم يخلف ذكرا غير من
سميناه ( 1 ) .
6 - شا : روى الحسين بن الحسن الحسينى ، عن يعقوب بن ياسر قال : كان
المتوكل يقول : ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا ، وجهدت أن يشرب معي و
يناد مني فامتنع ، وجهدت أن أجد فرصة في هذا المعنى فلم أجدها ، فقال له بعض من
حضر : إن لم تجد من ابن الرضا ( 2 ) ما تريده من هذا الحال ، فهذا أخوه موسى ( 3 )
* ( هامش ) * ( 1 ) ارشاد المفيدص 297 و 307 .
( 2 ) كان يطلق " ابن الرضا " على ابى جعفر محمد الجواد خاصة ، ثم اطلق من
بعده على احفاد الرضا عليه السلام عامة وهما الامام أبوالحسن الهادى ، وموسى المبرقع
حتى كان يطلق على أبى محمد الحسن العسكرى عليه السلام كما ستعرف ذلك في حديث أحمد
ابن عبيدالله بن الخاقان في باب وفاته عليه السلام تحت الرقم : 1 .
لكن الظاهر بل المقطوع أن المراد بابن الرضا في هذا الحديث هو ابوالحسن الهادى
عليه السلام ، ولذلك رواه المفيد في الارشاد ص 312 باب دلائل أبى الحسن على بن محمد
الهادى عليه السلام ورواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 502 باب مولده ، وهكذا ابن
شهر آشوب في المناقب ج ص 409 في معجزات والطبرسى في اعلام الورى .
كما أن المصنف - قدس سره - أخرج الحديث من الكافى باب معجزات أبى الحسن
الهادى عليه السلام تحت الرقم 47 ، فذكر الحديث هنا مقتحم .
( 3 ) لم يخلف أبوجعفر الجواد عليه السلام من الذكور الا أبا الحسن عليا الهادى " ع "
وموسى المبرقع ، وهو لام ولد مات بقم وقبره بها واليه ينتهى نسب الرضويين من السادات .
وهو المراد في هذا الحديث كما يصرح بعد ذلك بأنه قد تلقاه أبوالحسن الهادى أخوه
عليه السلام بقنطرة وصيف .
ولعل تلامذة المصنف - قدس سره - ألحقوا هذا الحديث بالباب توها منهم أن المراد
بموسى أخى ابن الرضا هو أخو محمد الجواد ابن على بن مو سى الرضا عليهما السلام
كما زعمه بعض المورخين على مامر في ج 49 ص 222
[ 4 ]
قصاف عزاف ، يأكل ويشرب ويعشق ويتجالع فأحضره وأشهره فان الخبر يشيع
عن " ابن الرضا " بذلك ، ولا يفرق الناس بينه وبين أخيه ، ومن عرفه اتهم أخاه
بمثل فعاله .
فقال : اكتبوا بإشخاصه مكرما ، فتقدم المتوكل أن
يتلقاه جميع بني هاشم والقواد وسائر الناس وعمل على أنه إذا رآه أقطعه قطيعة
وبنى له فيها ، وحول إليه الخمارين والقيان ، وتقدم لصلته وبره ، وأفرد له
منزلا سريا أن يصلح أن يزوره هو فيه .
فلما وافى موسى تلقاه أبوالحسن عليه السلام في قنطرة وصيف ، وهو موضع يتلقى
فيه القادمون ، فسلم عليه ووفاه حقه ، ثم قال له : إن هذا الرجل قد أحضرك
ليهتكك ويضع منك ، فلا تقرله أنك شربت نبيذا واتق الله يا أخي أن ترتكب
محظورا ، فقال له موسى : إنما دعاني لهذا فما حيلتي ؟ قال : ولا تضع من قدرك
ولا تعص ربك ، ولا تفعل ما يشينك ، فما غرضه إلا هتكك . فأبى عليه موسى ، وقرر
عليه أبوالحسن عليه السلام القول والوعظ وهو مقيم على خلافه ، فلما رأى أنه لا يجيب
قال عليه السلام له : أما إن المجلس الذي تريد الاجتماع معه عليه ، لا تجتمع عليه أنت
وهو أبدا .
قال : فأقام موسى ثلاث سنين يبكر كل يوم إلى باب المتوكل فيقال :
قد تشاغل اليوم ، فيروح فيبكر فيقال له قد سكر ، فيبكر فيقال له : قد شرب دواء
فمازال على هذا ثلاث سنين حتى قتل المتوكل ، ولم يجتمع معه على شراب ( 1 ) .
بيان : " القصف " اللهو واللعب ، والمعازف الملاهي ومرأة جالعة أي قليلة
الحياء تتكلم بالفحش ، وكذلك الرجل جلع وجالع ، ومجالعة القوم مجاوبتهم
بالفحش ، وتنازعهم عند الشرب والقمار ، وفي بعض النسخ بالخاءالمعجمة وهو أيضا
كناية عن قلة الحياء .
( 1 ) الارشادص 312 .
[ 5 ]
7 - شى : عن زرقان صاحب ابن أبي دواد ( 1 ) وصديقه بشدة قال : رجع ابن
أبي دواد ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتم فقلت له في ذلك ، فقال وددت اليوم
أني قدمت منذ عشرين سنة ، قال قلت له : ولم ذاك ؟ قال : لما كان من هذا الاسود
أبي جعفر محمد بن علي بن موسى اليوم بين يدي أمير المؤمنين ، قال : قلت له : وكيف
كان ذلك ؟ قال : إن سارقا أقر على نفسه بالسرقة ، وسأل الخليفة تطهيره باقامة
الحد عليه ، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وقد أحضر محمد بن علي فسألنا عن
القطع في أي موضع يجب أن يقطع ؟ قال : فقلت : من الكرسوع ( 2 ) .
قال : وماالحجة في ذلك ؟ قال : قلت : لان اليدهي الاصابع والكف إلى
الكرسوع ، لقول الله في التيمم " فامسحوا بوجوهكم وأيديكم " ( 3 ) واتفق معي
ذلك قوم .
وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق ، قال : وما الدليل على ذلك ؟
قالوا : لان الله لما قال : " وأيديكم إلى المرافق " في الغسل دل ذلك على أن
حد اليد هو المرفق .
( 1 ) في نسخة الاصل وهكذا المصدر " ابن أبى دواد " وهو سهو والصحيح ما في الصلب
" ابن أبى دواد " كغراب ، والرجل هو أحمد بن أبى داود القاضى .
كان قاضيا ببغداد في عهد المامون والمعتصم والواثق والمتوكل ، وكان بينه وبين
محمد بين عبدالملك الزيات وزير المعتصم والواثق عداوة ففلج في سنة 233 وسخط عليه
المتوكل وعلى ولده أبى الوليد محمد بن أحمد ، وكان على القضاء فأخذ من أبى الوليد
محمد بن أحمد مائة وعشرين الف دينار وجوهرا بأربعين ألف دينار مصادرة ، وسيرة إلى
بغداد من سامراء وكانت وفاته في سنة 240 الهجرية .
وقال الفيروزآبادى : زرقان كعثمان لقب أبى جعفر الزيات المحدث . ووالد عمرو
شيخ للاصمعى . ولعل الاول هو الذى كان صاحب ابن أبى دواد .
( 2 ) الكرسوع : كعصفور : طرف الزند الذى يلى الخنصر الناتئ عند الرسغ .
أو عظيم في طرف الوظيف ممايلى الرسغ من وظيف الشاء ونحوها من غير الادميين ، قاله
الفيروزآبادى .
( 3 ) المائدة : 5 .
[ 6 ]
قال : فالتفت إلى محمد بن علي عليه السلام فقال : ماتقول في هذا يا أبا جعفر ؟ فقال :
قد تكلم القول فيه يا أميرالمؤمنين ، قال : دعني مما تكلموا به ! أي شي ء عندك ؟ قال
اعفني عن هذا يا أميرالمؤمنين قال : أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه .
فقال : أما إذ أقسمت علي بالله إني أقول إنهم أخطأوا فيه السنة ، فان
القطع يجب أن يكون من مفصل اصول الاصابع ، فيتر ك الكف ، قال : وما الحجة
في ذلك ؟ قال : قول رسول الله : السجود على سبعة أعضاء : الوجه واليدين والركبتين
والرجلين ، فاذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يديسجد عليها وقال
الله تبارك وتعالى : " وأن المساجد لله " ( 1 ) يعني به هذه الاعضاء السبعة التي يسجد
عليها " فلا تدعوا مع الله أحدا " وماكان لله لم يقطع .
قال : فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع دون
الكف .
قال ابن أبي دواد : قامت قيامتي وتمنيت أني لم أك حيا قال زرقان : قال
ابن أبى دواد صرت إلى المعتصم بعد ثالثة فقلت : إن نصيحة أمير المؤمنين علي واجبة
وأنا اكلمه بما أعلم أني أدخل به النار ، قال : وما هو ؟ قلت : إذا جمع أمير المؤمنين
في مجلسه فقهاء رعيته وعلماء هم لا مرواقع من امور الدين ، فسألهم عن الحكم فيه
فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك ، وقد حضر مجلسه أهل بيته وقواده ووزراؤه


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 6 سطر 17 الى ص 14 سطر 2

وكتابه ، وقد تسامع الناس بذلك من وراء بابه ، ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل
يقول شطرهذه الامة بامامته ، ويدعون أنه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون
حكم الفقهاء ؟ !
قال : فتغير لونه وانتبه لما نبهته له ، وقال : جزاك الله عن نصيحتك خيرا قال
فأمر اليوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه بأن يدعوه إلى منزله فدعاه فأبى أن يجيبه
وقال : قد علمت أني لا أحضر مجالسكم ، فقال : إني إنما أدعوك إلى الطعام
* ( هامش ) * ( 1 ) الجن : 18 .
[ 7 ]
واحب أن تطأ ثياتي ، وتدخل منزلي فأتبرك بذلك ، فقد أحب فلان بن فلان من
وزراء الخليفة لقاءك فصار إليه فلما طعم منها أحس السم فدعا بدابته فسأله رب
المنزل أن يقيم قال : خروجي من دارك خيرلك ، فلم يزل يومه ذلك وليله في
خلفة ( 1 ) حتى قبض عليه السلام ( 2 ) .
8 - قب : ولد عليه السلام بالمدينة ليلة الجمعة للتاسع عشر من شهر رمضان ، و
يقال : للنصف منه ، وقال ابن عياش ( 3 ) : يوم الجمعة لعشر خلون من رجب سنة
خمس وتسعين ومائة وقبض ببغداد مسموما في آخر ذي القعدة ، وقيل يوم السبت
لست خلون من ذي الحجة ، سنة عشرين ومائتين ودفن في مقابر قريش إلى جنب
موسى بن جعفر عليهما السلام وعمره خمس وعشرون سنة ، وقالوا وثلاثة أشهر واثنان
وعشرون يوما .
وامه ام ولد تدعى درة وكانت مريسية ( 4 ) ثم سماها الرضا عليه السلام
خيزران وكانت من أهل بيت مارية القبطية ، ويقال : إنها سبيكة ، وكانت نوبية
ويقال : ريحانة وتكنى ام الحسن
ومدة ولايته سبع عشر سنة ، ويقال أقام مع أبيه سبع سنين ، وأربعة أشهر و
يومين ، وبعده ثمانية عشر سنة إلا عشرين يوما ، فكان في سني إمامته بقية ملك
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة الاصل " حلقه " وفى المصدر " خلفه " والصحيح ما في الصلب ، والخلفة
- بالكسر - : الهيضة وهى انطلاق البطن والقياء والقيام جميعا .
( 2 ) تفسير العياشى ج 1 ص 319 و 320 .
( 3 ) هو احمد بن محمد بن عبدالله بن الحسن بن عياش الجوهرى المعاصر للشيخ
الصدوق ، كان من اهل العلم والادب ، صاحب كتاب مقتضب الاثر في النص على الائمة الاثنى
عشر عليهم السلام ، وكتاب اخبار ابى هاشم الجعفرى وغير ذلك .
( 4 ) مريسة بتشديد الراء على وزن سكينة قرية بمصر وولاية من ناحيه الصعيد ينسب
اليها بشربن غياب المريسى ، وفى بعض النسخ " مرسية ن " ومرسية بالضم مخففة كان اسم بلد
اسلامى بالمغرب كثير المنارة والبساتين كما في القاموس ج 2 ص 251 .
[ 8 ]
المأمون ثم ملك المعتصم والواثق ، وفي ملك الواثق استشهد ( 1 ) .
قال ابن بابويه : سم المعتصم محمد بن علي عليهما السلام وأولاده علي الامام وموسى
وحكيمة وخديجة وام كلثوم ، وقال أبوعبدالله الحارثي : خلف فاطمة وأمامة
فقط ، وقد كان زوجه المأمون [ ابنته ] ولم يكن له منها ولد ، وبسبب وروده بغداد
إشخاص المعتصم له من المدينة ، فورد بغداد لليلتين بقيتا من المحرم سنة عشرين
ومائتين وأقام بها حتى توفي في هذه السنة ( 2 ) .
9 - قب : لما بويع المعتصم جعل يتفقد أحواله فكتب إلى عبدالملك الزيات
أن ينفذ إليه التقي وام الفضل ، فأنفذ الزيات علي بن يقطين إليه ، فتجهز
خرج إلى بغداد ، فأكرمه وعظمه ، وأنفذ أشناس بالتحف إليه وإلى ام الفضل
ثم أنفذ إليه شراب حماض الاترج ( 3 ) تحت ختمه على يدي أشناس ، فقال :
إن أميرالمؤمنين ذاقه قبل أحمد بن أبي دواد ( 4 ) وسعيد بن الخضيب وجماعة من
المعروفين ويأمرك أن تشرب منها بماء الثلج ، وصنع في الحال ، وقال : اشربها
بالليل ، قال : إنها تنفع باردا وقد ذاب الثلج ، وأصرعلى ذلك ، فشربها عالما
بفعلهم ( 5 )
وكان عليه السلام شديد الادمة فشك فيه المرتابون ، وهو بمكة ، فعرضوه على
القافة ( 6 ) فلما نظروا إليه خروا لوجوههم سجدا ثم قاموا فقالوا : يا ويحكم
* ( هامش ) * ( 1 ) سيجيئ من المصنف رحمه الله تحت الرقم 11 بيان في ان شهادته في زمن الواثق
مخالف للتواريخ المشهورة فراجع .
( 2 ) المناقب ج 4 ص 379 .
( 3 ) الحماض كرمان : ما في جوف الاترج ، ذكره الفيروزآبادى .
( 4 ) في النسخ : احمد بن ابى داود ، وقد مرانه سهو ، والصحيح ما في الصلب .
( 5 ) المصدرص 384 .
( 6 ) القافة : جمع قائف . وهو الذى يعرف النسب بفراسته ونظره إلى اعضاء المو لود
وسيجى في اعتباره وعدم ذلك بحث مستوفى .
[ 9 ]
أمثل هذا الكوكب الدري والنور الزاهر ، تعرضون على مثلنا ؟ وهذا والله الحسب
الزكي والنسب المهذب الطاهر ، ولدته النجوم الزواهر والارحام الطواهر والله
ما هو إلا من ذرية النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وهو في ذلك الوقت ابن
خمس وعشرين شهرا .
فنطق بلسان أرهف من السيف ، يقول : الحمد لله الذي خلقنا من نوره ، و
اصطفانا من بريته ، وجعلنا امناء على خلقه ووحيه أيها الناس أنا محمد بن علي الرضا
ابن موسى الكاظم بن جعفرالصادق بن محمد الباقر بن علي سيد العابدين بن الحسين
الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، ابن فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى
عليهم السلام أجمعين ، أفي مثلي يشك ، وعلى الله تبارك وتعالى وعلى جدي يفترى
واعرض على القافة ؟ إني والله لا علم ما في سرائر هم وخواطرهم ، وإني والله
لاعلم الناس أجمعين بماهم إليه صائرون ، أقول حقا واظهر صدقا علما قدنبأه الله
تبارك وتعالى قبل الخلق أجمعين ، وبعد ( 1 ) بناء السماوات والارضين .
وأيم الله لولا تظاهر الباطل علينا ، وغواية ذرية الكفر ، وتوثب أهل الشرك
والشك والشقاق علينا ، لقلت قولا يعجب منه الاولون والاخرون ، ثم وضع
يده على فيه ، ثم قال : يامحمد اصمت كما صمت آباؤك ، واصبر اولوالعزم
من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من
نهار ، بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون .
ثم أتى إلى رجل بجانبه فقبض على يده ، فما زال يمشي يتخطا رقاب
الناس وهم يفرجون له ، قال : فرأيت مشيخة أجلائهم ينظرون إليه ويقولون :
" الله أعلم حيث يجعل رسالته " ، فسألت عنهم فقيل هؤلاء قوم من بني هاشم من
أولاد عبد المطلب .
فبلغ الرضا عليه السلام وهو في خراسان ما صنع ابنه فقال : الحمدلله ثم ذكرما
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : وقبل بناء . .
[ 10 ]
قذفت به مارية القبطية ، ثم قال : الحمد لله الذي جعل في ابني محمد اسوة برسول الله
صلى الله عليه وآله وابنه إبراهيم عليهما السلام ( 1 )
9 - قب : روي أن امرأته ام الفضل بنت المأمون سمته في فرجه بمنديل
فلما أحس بذلك قال لها : أبلاك الله بداء لادواءله ، فوقعت الا كلة في فرجهاو
كانت ترجع إلى الاطباء ويشيرون بالدواء عليها ، فلا ينفع ذلك حتى ماتت من علتها ( 2 )
10 - قب : حكيمة بنت أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قالت : لما حضرت
ولادة الخيزران ام أبي جعفر عليه السلام دعاني الرضا عليه السلام فقال : ياحكيمة احضري
ولادتها وادخلي وإياها والقابلة بيتا ووضع لنا مصباحا وأغلق الباب علينا فلما
أخذها الطلق طفئ المصباح وبين يديها طست ، فاغتممت بطفئ المصباح ، فبينا نحن
كذلك إذ بدر أبوجعفر عليه السلام في الطست وإذا على شئ رقيق كهيئه الثوب يسطع
نوره حتى أضاء البيت ، فأبصرناه ، فأخذته فوضعته في حجري ، نزعت عنه ذلك
الغشاء فجاء الرضا عليه السلام وفتح الباب وقد فرعنا من أمره ، فأخذه ووضعه في المهد
وقال لي : ياحكيمة الزمي مهده .
قالت : فلما كان في اليوم الثالث رفع بصره إلى السماء ثم نظر يمينه ويساره
ثم قال : أشهد أن لاإله إلا الله أن محمدا رسول الله فقمت ذعرة فزعة فأتيت
أبا الحسن عليه السلام فقلت له : لقد سمعت من هذا الصبي عجبا ؟ فقال : ومازاك ؟
فأخبرته الخبر فقال : يا حكيمة ما ترون من عجائبه أكثر ( 3 ) .
ابن همداني الفقيه في تتمة تاريخ أبي شجاع الوزير ( 4 ) أنه لما خرقوا
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 387 .
( 2 ) المصدرص 391 .
( 3 ) المصدرص 394 .
( 4 ) في المصدر : ذيله على تجارب الامم . والرجل أبوشجاع الروذ راوى : محمد بن
الحسين بن محمد بن عبدالله كان من وزراء العباسيين ، وكان عالما بالعربية وصنف كتبا
منها ذيل تجارب الامم .
[ 11 ]
القبور بمقابر قريش ، حاولوا ضريح أبي جعفر محمد بن علي عليها السلام وإخراج
رمته وتحويلها إلى مقابر أحمد فحال تراب الهدم ورماد الحريق بينهم وبين معرفة
قبره ( 1 )
11 - كشف : قال محمد بم طلحة : وأما ولادته ففي ليلة الجمعة تاسع عشر رمضان
سنة مائة وخمس وتسعين للهجرة ، وقيل عاشر رجب منها وأما نسبه أبا واما فأبوه
أبوالحسن علي الرضا وامه ام ولد يقال لها سكينة المريسية ، وقيل الخيزران .
وأما عمره فانه مات في ذي الحجة من سنة مائتين وعشرين للهجرة في خلافة
المعتصم ، فيكون عمره خمسا وعشرين سنة ، وقبره ببغداد في مقابر قريش ( 2 ) .
وقال الحافظ عبدالعزيز : امه ريحانة وقيل الخيزران ، ولد سنة خمس وتسعين
ومائة ويقال ولد بالمدينة في شهررمضان من سنة خمس وتسعين ومائة وقبض ببغداد في
آخرذي الحجة سنة عشرين ومائتين وهو يومئذ ابن خمس وعشرين سنة وامه ام
ولد يقال لها خيزران ، وكانت من أهل مارية القبطقية ، وقبره ببغداد في مقابر قريش
في ظهر جده موسى عليهما السلام .
قال محمد بن سعيد : سنة عشرين ومائتين فيها توفي محمد بن علي بن موسى بن
جعفر بن محمد عليهم السلام ببغداد وكان قدمها فتوفي بها يوم الثلثا لخمس خلون من
ذي الحجة .
مولده سنة خمس وتسعين ومائة فيكون عمره خمسا وعشرين سنة ، قتل في
زمن الواثق بالله قبره عند جده موسى بن جعفر عليه السلام وركب هارون بن إسحاق
فصلى عليه عند منزلة أول رحبة أسوار بن ميمون من ناحية قنطرة البردان ، وحمل
ودفن في مقابر قريش ، يلقب بالجواد .
حدثنا أحمد بن علي ثابت قال : محمد بن علي بن موسى أبوجعفر ابن
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدرص 397 .
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 186 و 187 .
[ 12 ]
الرضا ، قدم من المدينة إلى بغداد وافدا إلى أبي إسحاق المعتصم ومعه امرأته ام
الفضل بنت المأمون ، وتوفي ببغداد ، ودفن في مقابر قريش عند جده موسى بن
جعفر ، ودخلت امرأته ام الفضل إلى قصر المعتصم فجعلت مع الحرم ( 1 ) .
وقال ابن الخشاب ( 2 ) بالاسناد عن محمد بن سنان قال : مضى المرتضى أبوجعفر
الثاني محمد بن علي عليهما السلام وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وثلاثة أشهر واثني عشر يوما في
سنة مائتين وعشرين من الهجرة ، وكان مولده سنة مائة وخمس وتسعين من الهجرة
وكان مقامه مع أبيه سبع سنين وثلاثة أشهر وقبض في يوم الثلثا لست ليال خلون من
ذي الحجة سنة مائتين وعشرين ، وفي رواية اخرى أقام مع أبيه تسع سنين وأشهرا
ولد في رمضان ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت منه سنة خمس وتسعين ومائة وقبض
يوم الثلثا لخمس خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين ، امه ام ولد يقال لها
سكينة مريسية ويقال لها حريان ، والله أعلم .
لقبه المرتضى والقانع ، قبره في بغدادبمقابر قريش ، يكنى بأبي جعفر
عليه السلام ( 3 ) .
بيان : كون شهادته عليه السلام في أيام خلافة الواثق مخالف للتواريخ المشهورة
لانهم اتفقوا على أن الواثق بويع في شهر ربيع الاول سنة سبع وعشرين ومائتين
ولم يقل أحد ببقائه عليه السلام إلى ذلك الوقت ، لكن ذكر هذا القول المسعودي في
مروج الذهب حيث قال أولا في سنة تسع عشرة ومائتين :
قبض محمد بن علي بن موسى عليه السلام لخمس خلون من ذي الحجة وصلى عليه
الواثق وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وقبض أبوه عليه السلام ومحمد ابن سبع سنين وثمانية
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 189 و 190 .
( 2 ) هو أبومحمد عبدالله بن أحمد البغدادى الغوى الاديب الشاعر ، صاحب
تاريخ مواليد ووفيات اهل بيت النبى " ص " كان من تلامذة الجوا ليقى وابن الشجرى توفى
ببغداد سنة 567 .
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 215
[ 13 ]
أشهر وقيل غير ذلك ، وقيل : إن ام الفضل بنت المأمون لما قدمت معه من المدينة
سمته ، وإنما ذكرنا من أمره ما وصفنا لان أهل الامامة قد تنازعوا في سنه
عند وفاة أبيه عليهما السلام
ثم قال في ذكرو قايع أيام الواثق : وقيل إن أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام
توفي في خلافه الواثق بالله ، وقد بلغ من السن ما قدمناه في خلافة المعتصم انتهى .
أقول : لعل صلاة الواثق في زمن أبيه عليه صلى الله عليه صار سببا لهذا
الاستباه . 12 - عم : ولد عليه السلام في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومائة لسبع عشرة
ليلة مضت من الشهر وقيل للنصف منه ليلة الجمعة ، في رواية ابن عياش : ولد يوم
الجمعة لعشر خلون من رجب ، وقبض عليه السلام ببغداد في آخر ذي القعدة سنة عشرين و
مائتين وله يومئذ خمس وعشرون سنة ، وكانت مدة خلافته لابيه سبع عشرة سنة
وكانت في أيام إمامته بقية ملك المإمون ، وقبض في أول ملك المعتصم وامه ام
ولد يقال لها سبيكة ، ويقال درة ، ثم سماها الرضا عليه السلام خيزران ، وكانت نوبية
ولقبه التقي ، والمنتجب ، والجواد ، والمرتضى ، ويقال له : أبوجعفر الثاني ، وأشخصه
المعتصم إلى بغداد في أول سنة خمس وعشرين ومائتين فأقام بها حتى توفي في
آخرذي القعدة من هذه السنة ، وقيل : إنه مضى عليه السلام مسموما ، وخلف من الولد
عليا ابنه الامام ، وموسى ، ومن البنات حكيمة ، وخديجة ، وام كلثوم ، ويقال :
إنه خلف فاطمة ، وأمامة ابنتيه ولم يخلف غيرهم .
13 - كشف : من دلائل الحميري عن محمد بن سنان قال : قبض أبوجعفر محمد بن
علي وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وثلاثة أشهرو اثني عشر يوما في يوم الثلثالست
خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين عاش بعد أبيه تسع عشرة سنة إلا خمسة
وعشرين يوما ( 1 ) .
كا : سعد والحميري معا عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمه ج 3 ص 217 .
[ 14 ]
الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان مثله ( 1 )
14 - مصبا : قال ابن عياش : خرج على يد الشيخ الكبير أبي القاسم رضي الله


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 14 سطر 3 الى ص 22 سطر 3

عنه " اللهم إني إسألك بالمولودين في رجب : محمد بن علي الثاني ، وابنه علي بن محمد
المنتجب " الدعاء ، وذكر ابن عياش أنه كان يوم العاشر من رجب مولد أبي جعفر
الثاني عليه السلام .
بيان : ذكر الكفعمي في حواشي البلد الامين ، بعد ذكر كلام الشيخ : وبعض
أصحابنا كأنهم لم يقفوا على هذه الرواية ، فأوردوا هنا سؤالا وأجابوا عنه وصفتها :
إن قلت : إن الجواد والهادي عليهما السلام لم يلدا في شهر رجب فكيف يقول الامام
الحجة عليه السلام " بالمولودين في رجب " ؟ قلت : إنه أراد التوسل بهما في هذا الشهر
لاكونهما ولدا فيه .
قلت : وما ذكروه غير صحيح هناأما إولا فلانه إنما يتأتى قولهم على بطلان
رواية ابن عياش وقد ذكرها الشيخ وأما ثانيا فلان تخصيص التوسل بهما في رجب
ترجيح من غير مرجح لولا الولادة ، وأما ثالثا فلانه لو كان كما ذكره ، لقال
عليه السلام : الامامين ، ولم يقل المولودين انتهى ملخص كلامه رحمه الله .
15 - كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي الفضل الشهباني
عن هارون بن الفضل ، قال : رأيت أبا الحسن علي بن محمد في اليوم الذي توفي فيه
أبوجعفر عليه السلام فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون مضى أبوجعفر ، فقيل له : وكيف
عرفت ؟ قال : لانه تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها ( 2 )
16 - الدروس : ولد عليه السلام بالمدينة في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 1 ص 497 وفى السند حذف والصحيح : عن محمد بن سنان عن
ابن مسكان عن ابى بصير ، عن أبى عبدالله عليه السلام بقرينة سائر الروايات وقد روى الكلينى
رحمه الله عنه في باب مواليد الائمة عليهم السلام في كل باب حديثا واحدا بهذا السند
فراجع .
( 2 ) اصول الكافى ج 1 ص 381 .
[ 15 ]
وقبض ببغداد في آخر ذي القعدة ، وقيل يوم الثلثا حادي عشرذي القعدة ، سنة
عشرين ومائتين .
17 - تاريخ الغفارى : ولد عليه السلام ليلة الجمعة الخامس عشر من شهر
رمضان .
18 - قل : في دعاء كل يوم من شهر رمضان " اللهم صل على محمد بن علي
إمام المسلمين - إلى قوله - وضاعف العذاب على من شرك في دمه " وهو المعتصم .
19 - عيون المعجزات : عبدالرحمن بن محمد ، عن كليم بن عمران قال :
قلت للرضا عليه السلام : ادع الله أن يرزقك ولدا ، فقال : إنما ارزق ولدا واحدا وهو
يرثني فلما ولد أبوجعفر عليه السلام قال الرضا عليه السلام لا صحابه : قدولد لي شبيه موسى بن
عمران ، فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم قدست ام ولدته ، قد خلقت طاهرة
مطهرة ، ثم قال الرضا عليه السلام : يقتل غصبا فيبكي له وعليه أهل السماء ، ويغضب الله
تعالى على عدوه وظالمه ، فلا يلبث إلا يسيرا حتى يعجل الله به إلى عذابه الاليم
وعقابه الشديد ، وكان طول ليلته يناغيه في مهده .
بيان : قال الجوهري : المرأة تناغي الصبي أي تلكمه بما يعجبه ويسره ( 1 ) .
20 - عمدة الطالب : امه عليه السلام ام ولد ، وأعقب منه علي الهادي وموسى
المبرقع وكان موسى لام ولد مات بقم وقبره بها .
21 - عيون المعجزات : عن الحسن بن محمد بن المعلى ، عن الحسن بن علي
الوشاقال : جآء المولى أبوالحسن علي بن محمد عليه السلام مذعورا حتى جلس في حجر
ام موسى عمة أبيه ، فقالت له : مالك ؟ فقال لها : مات أبي والله الساعة ، فقالت :
لا تقل هذا ، فقال : هووالله كما أقول لك ، فكتب الوقت واليوم ، فجآء بعد أيام
خبر وفاته عليه السلام وكان كما قال .
22 - الفصول المهمة : صفته أبيض معتدل ، نقش خاتمه " نعم القادرالله "
* ( هامش ) * ( 1 ) الصحاح ص 2513 .
[ 16 ]
23 - مع : سمي محمد بن علي الثاني التقي لانه اتقى الله عزوجل فوقاه
شر المأمون لما دخل عليه باليل سكران ، فضربه بسيفه حتى ظن أنه قد قتله
فوقاه الله شره ( 1 )
24 - قب : اسمه محمد ، وكنية أبوجعفر ، والخاص أبوعلي ، وألقابه : المختار
ووالمرتضى ، والمتوكل ، والمتقي ، والزكي والتقي ، والمنتجب ، والمرتضى
والقانع والجواد ، والعالم ( 2 )
25 - كشف : قال محمد بن طلحة : كنية أبوجعفر ، وله لقبان : القانع
والمرتضى وقال الحافظ عبدالعزيز : ويلقب بالجواد ( 3 )
26 - عيون المعجزات : لما خرج أبوجعفر عليه السلام وزوجته ابنة المأمون
حاجا وخرج أبوالحسن علي ابنه عليه السلام وهو صغير فخلفه في المدينة ، وسلم إليه
المواريث والسلاح ، ونص عليه بمشهد ثقاته وأصحابه ، وانصرف إلى العراق و
معه زوجته ابنة المأمون ، وكان خرج المأمون إلى بلاد الروم ، فمات بالبديرون ( 4 )
في رجب سنة ثمان عشرة ومائتين ، وذلك في ستة عشرة سنة ( 5 ) من إمامة
أبي جعفر عليه السلام وبويع المعتصم أبوإسحاق محمد بن هارون في شعبان من سنة ثمان
عشرة ومائتين .
* ( هامش ) * ( 1 ) معانى الاخبارص 65 .
( 2 ) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 379 ، وفيه : والعالم الربانى ، ظاهر المعانى
قليل التوانى ، المعروف بأبى جعفر الثانى ، المنتجب المرتضى ، المتوشح بالرضا ، المستسلم
للقضاء ، له من الله أكثر الرضا ، ابن الرضا ، توارث الشر ف كابرا عن كابر ، وشهد له بذا
الصوامع ، استسقى عروقه من منبع النبوة ، ورضعت شجرته ثدى الرسالة ، وتهدلت أعصانه
ثمر الامامة .
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 186 .
( 4 ) بالبدندون خ ل صح بخطه قدس سره في الهامش
( 5 ) في نسخة الكمبانى : سنة ثمان عشرة
[ 17 ]
ثم إن المعتصم جعل يعمل الحيله في قتل أبي جعفر عليه السلام وأشار على ابنة
المأمون زوجته بأن تسمه لانه وقف على انحرافها عن أبي جعفر عليه السلام وشدة غيرتها
عليه لتفضيله ام أبي الحسن ابنه عليها ، ولانه لم يرزق منها ولد ، فأجابته إلى ذلك
وجعلت سما في عنب رازقي ووضعته بين يديه ، فلما أكل منه ندمت وجعلت تبكي
فقال : ما بكاؤك ؟ والله ليضر بنك الله بعقر لا ينجبر ، وبلاء لا ينستر ، فما تت بعلة في
أغمض المواضع من جوارحها ، صارت ناصورا ، فأنفقت ما لها وجميع ما ملكته
على تلك العلة ، حتى احتاجت إلى الاسترفاد ، وروي أن الناصور كان في فرجها .
وقبض عليه السلام في سنة عشرين ومائتين من الهجرة في يوم الثلثا لخمس
خلون من ذي الحجة ، وله أربع وعشرون سنة وشهور لان مولده كان في سنة
خمس وتسعين ومائة .
[ 18 ]
2 * ( باب ) *
* ( النصوص عليه صلوات الله عليه ) *
1 - ن : الوراق ، عن الاسدي ، عن الحسن بن عيسى الخراط ، عن جعفر
ابن محمد النوفلي قال : أتيت الرضا عليه السلام وهو بقنطرة إبريق ( 1 ) فسلمت عليه ، ثم
جلست وقلت : جعلت فداك إن اناسا يزعمون أن أباك حي فقال : كذبوا لعنهم
الله لوكان حيا ما قسم ميراثه ، ولا نكح نساؤه ، ولكنه والله ذاق الموت كما ذاقه
علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : فقلت له : ما تأمرني ؟ قال : عليك بابني محمد من
بعدي ، وأما أنا فاني ذاهب في وجه لا أرجع . الخبر ( 2 ) .
2 - ن : البيهقي ، عن الصولي ، عن عون بن محمد ، عن محمد بن أبي عبادو
كان يكتب للرضا عليه السلام صمه إليه الفضل بن سهل ، قال : ماكان عليه السلام يذكر
محمدا ابنه عليه السلام إلا بكنيته يقول كتب إلي أبوجعفر ، وكنت أكتب إلى أبي جعفر
هو صبي بالمدينة ، فيخاطبه بالتعظيم ، وترد كتب أبي جعفر عليه السلام في نهاية البلاعة
والحسن ، فسمعته يقول : أبوجعفر وصيي وخليفتي في أهلي من بعدى ( 3 )
3 - ير : علي بن إسماعيل ، عن محمد بن عمرو الزيات عن ابن قياما قال :
دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام وقد ولد له أبوجعفر عليه السلام فقال : إن الله قد
وهب لي من يرثني ويرث آل دواد ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : اربق وهوبضم الباء بلدة برامهر مز ذكره الفيروز آبادى .
( 2 ) عيون اخبار الرضا ج 2 ص 216 .
( 3 ) عيون اخبار الرضا ج 2 ص 240 .
( 4 ) بصائر الدرجات ص 138 .
[ 19 ]
4 - عط : الكليني عن الصفار ، عن سهل ، عن محمد بن علي بن عبدالله ، عن
ابن سنان ، قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام من قبل أن يقدم العراق
بسنة وعلي ابنه جالس بين يديه ، فنظر إلي وقال : يا محمد ستكون في هذه السنة
حركة فلا تجزع لذلك قال : قلت : وما يكون جعلني الله فداك فقد أقلقتني ؟
قا ل : أصير إلى هذه الطاغية ( 1 ) أما إنه لا يبدأني منه سوء ، ومن الذي يكون
بعده قال : قلت : وما يكون جعلني الله فداك ؟ قال : يضل الله الظالمين ، ويفعل
الله مايشاء ( 2 )
قال : قلت : وما ذلك جعلني الله فداك ؟ قال : من ظلم ابني هذا حقه وجحده
إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب عليه السلام إمامته وجحده حقه بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله قال : قلت : والله لئن مد الله لي في العمر لا سلمن له حقه ، وتقر له بامامته
وإمامة من يكون من بعده ، قال : قلت : ومن ذاك ؟ قال : ابنه محمد ، قال : قلت
له : الرضا والتسليم ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) هو المهدى العباسى ، والتاءللمبالغة في طغيانه وتجاوزه عن الحد . وقوله
لا يبد أنى منه سوء ، أى لا يصلنى ابتداء منه شروسوء ، أى القتل أو الحبس ، ولا من الذى
بعده وهو موسى بن المهدى ، وقد قتله بعده هارون الرشيد بالسم ، وهذا من دلائل امامته
اذ اخبر بما يكون وقد وقع كما اخبر عليه السلام " صالح "
( 2 ) سأل السائل عن مآل حاله مع الطواغيت فأشار عليه السلام إلى انه القتل بقوله
" يقتل الله الظالمين " اى يتركهم مع انفسهم الطاغية ، حتى يقتلوا نفسا معصومة ، ولم يمنعهم
جبرا ، وهذا معنى اضلالهم ، والى انه ينصب مقامه اماما آخر بقوله يفعل الله ما يشاء "
ولما كان هذا الفعل مجملا بحسب الدلالة والخصوصية سأل السائل بقوله " ما ويفعل الله ما يشاء
ولما كان هذا الفعل مجملا بحسب الدلالة والخصوصية سأل السائل عنه بقوله " ما ذاك
يعنى وما ذاك الفعل ؟ فأجاب عليه السلام بأنه نصب ابنى عليه للامامة والخلافة ، ومن ظلم
ابنى هذا حقه ، وجحده امامته ، كان كمن ظلم على بن أبى طالب حقه وجحده امامته ، وذلك
لان من انكر الامام الاخر ، لم يؤمن بالامام الاول " صالح "
( 3 ) غيبة الشيخ ص 26 و 27 .
[ 20 ]
كش : حمدويه ، عن الحسن بن موسى ، عن محمد بن سنان مثله ( 1 )
5 - غط : جعفر بن محمد بن مالك ، عن ابن أبي الخطاب ، عن البزنطي
قال : قال ابن النجاشي : من الامام بعد صاحبكم ؟ فدخلت على أبي الحسن الرضا
عليه السلام فأخبرته فقال : الامام بعد ي ابني ، ثم قال : هل يتجرى أحد أن يقول :
ابني ، وليس له ولد ؟ ( 2 )
قب : عن البزنطي مثله ( 3 )
عم : عن الكليني ، عن عدة من أصحابه ، عن محمد بن علي ، عن معاوية بن
حكيم ، عن البزنطي مثله ( 4 )
6 - يج : روى أبوسلمان ، عن ابن أسباط قال : خرج علي أبوجعفر عليه السلام
فجعلت أنظر إليه وإلى رأسه ورجليه لا صف قامته بمصر ، فلما جلس قال : يا على
إن الله احتج في الامامة بمثل ما احتج في النبوة قال الله تعالى : وآتيناه الحكم
صبيا ، ولما بلغ أشده وبلغ أربعين سنة " ( 5 ) فقد يجوز أن يعطى الحكم صبيا
ويجوز أن يعطى وهو ابن أربعين سنة .
قال ابن أسباط وعباد بن إسماعيل : إنا لعند الرضا عليه السلام بمنى إذ جبئ
بأبي جعفر عليه السلام قلنا : هذا المولود المبارك ؟ ( 6 ) قال : نعم ، هذا المولود الذي
لم يولد في الاسلام أعظم بركة منه ( 7 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 429 .
( 2 ) غيبة الشيخ ص 52 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 336 .
( 4 ) الكافى ج 1 ص 320
( 5 ) الاية الاولى في مريم : 12 ، وهى في شأن يحيى عليه السلام والثانية في الاحقاف
15 . وفى عام في الانبياء .
( 6 ) قيل : لان الشيعة كانوا في زمانه عليه السلام على رفاهية .
( 7 ) لم نظفر عليه في مختار الخرائج المطبوع .
[ 21 ]
7 - عم ، شا : ابن قولويه ، عن الكيني ، عن علي ، عن أبيه وعلي بن محمد
القاشاني معا ، عن زكريا بن يحيى بن النعمان البصري ( 1 ) قال : سمعت علي بن جعفر
ابن محمد يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين فقال في حديثه : لقد نصرالله
أبا الحسن الرضا عليه السلام لمابغى إليه إخوته وعمومته ، وذكر حديثا حتى انتهى إلى
قوله ، فقمت وقبضت على يد أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام وقلت : أشهد أنك
إمامي عندالله ، فبكى الرضا عليه السلام ثم قال : يا عم ألم تسمع أبي وهو يقول : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله بأبي ابن خيرة الاماء النوبية الطيبة يكون من ولده الطريد الشريد
الموتور بأبيه وجده وصاحب الغيبة فيقال : مات أو هلك أو أي وادسلك ؟ فقلت : صدقت جعلت فداك ( 2 )
8 - عم ، شا : ابن قولويه ، عن الكيني ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد
عن صفوان بن يحيى قال : قلت للرضا عليه السلام : قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك
أبا جعفر فكنت تقول يهب الله لي غلاما فقد وهب الله لك ، وأقر عيوننا فلا أرانا الله
يومك فان كان كون فالى من ؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام وهو قائم بين يديه فقلت
له : جعلت فداك وهو ابن ثلاث سنين ؟ قال : وما يضره من ذلك ؟ قدقام عيسى
بالحجة ، وهوابن أقل من ثلاث سنين ( 3 ) .
9 - عم ، شا : ابن قولويه ، عن الكيني ، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن
محمد بن عيسى ، عن معمر بن خلاد قال : سمعت الرضا عليه السلام وذكر شيئا فقال :
ما حاجتكم إلى ذلك ؟ هذا أبوجعفر قد أجلسته مجلسي ، وصيرته مكاني ، وقال :
إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا أكابرنا القذة بالقذة ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة الكافى " الصيرفى " وفى بعض النسخ " المصرى " والرجل مجهول الحال
( 2 ) الارشاد ص 297 وتراه في الكافى ج 1 ص 323 .
( 3 ) راجع الكافى ج 1 ص 321 ، الارشاد ص 297 و 298
اقول : قد قام عيسى عليه السلام بالحجة في مهده وقال " انى عبدالله آتانى الكتاب
وجعلنى نبيا " الاية ، فالاشارة بقوله " وابن اقل من ثلاث سنين " انما هوالى سن أبى جعفر
الجواد ، في ذاك الزمان الذى قال هذا الكلام .
( 4 ) ارشاد المفيد ص 298 ، الكافى ج 1 ص 320 .
[ 22 ]
بيان : وذكر شئيا " أي من علامات الامام وأشباهه وربما يقرء على المجهول
من بناء التفعيل " والقذة " إما منصوبة بنيابة المفعول المطلق لفعل محذوف ، أي
تتشابهان تشابه القذة ، وقيل هي مفعول يتوارث بحذف المضاف وإقامتها مقامه أو


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 22 سطر 4 الى ص 30 سطر 4

مرفوع على أنه مبتدأ والظرف خبره ، أي القذة يقاس بالقذة ، ويعرف مقداره
به قال الجزري : القذذ ريش السهم واحدتها قذة ، ومنه الحديث " لتركبن سنن من
كان قبلكم حذو والقذة بالقدة " أي كما يقدر كل واحدة منها على قدر صاحبتها
[ وتقطع ] يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان .
10 - عم ، شا : ابن قولويه ، عن الكيني ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد
ابن محمد ، عن جعفر بن يحيى ، عن مالك بن القاسم ، عن الحسين بن يسار قال :
كتب ابن قياما الواسطي إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام كتابة يقول فيه : كيف تكون
إماما وليس لك ولد ؟ فأجابه أبوالحسن : وما علمك أنه لا يكون لي ولد ؟ والله
لا يمضي الايام والليالي حتي يرزقني ولدا ذكرا يفرق [ به ] بين الحق
والباطل ( 1 )
11 - شا : ابن قولويه ، عن الكيني عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن علي عن
معاوية بن حكيم ، عن البزنطي قال : قال لي ابن النجاشي : من الامام بعد صاحبك ؟
فاحب أن تسأله حتى أعلم ، فدخلت على الرضا عليه السلام فأخبرته ، قال : فقال لي :
الامام ابني ، ثم قال : هل يجترئ أحد أن يقول ابني وليس له ولد ؟ ولم يكن ولد
أبوجعفر عليه السلام فلم تمض الايام حتى ولد عليه السلام ( 2 )
12 - شا : ابن قولويه ، عن الكيني ، عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن
علي ، عن أبيه ، عن ابن قياما الواسطي ، وكان واقفيا قال دخلت على علي بن
موسى عليه السلام فقلت له : أيكون إمامان ؟ قال : لا إلا أن يكون أحدهما صامتا فقلت
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشادص 298 ، الكافى ج 1 ص 320 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 320 ، الارشاد ص 298 .
[ 23 ]
له : هوذا أنت ليس لك صامت ! فقال : بلى ، والله ليجعلن الله لي من يثبت به الحق
وأهله ، ويمحق به الباطل وأهله ، ولم يكن في الوقت له ولد ، فولد له أبوجعفر عليه السلام
بعد سنة ( 1 )
13 - عم ، شا : ابن قولويه ، عن الكيني عن أحمد بن مهران عن محمد
ابن علي ، عن الحسن بن الجهم قال : كنت مع أبي الحسن عليه السلام جالسا فدعا بابنه
وهو صغير فأجلسه في حجري ، وقال لي : جرده وانزع قميصه ، فنزعته فقال لي : انظر
بين كتفيه قال : فاذا في أحد كتفيه شبه الخاتم داخل اللحم ( 2 ) ثم قال
لي : أترى هذا ؟ مثله في هذا الموضع كان من أبي عليه السلام ( 3 )
14 - عم ، شا : ابن قولويه ، عن الكيني ، عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن
علي ، عن أبي يحيى الصنعاني قال : كنت عند أبي الحسن عليه السلام فجيئ بابنه أبي جعفر
عليه السلام وهوصغيرفقال : هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم على شيعتنا
بركة منه ( 4 )
15 - عم ، شا : ابن قولويه ، عن الكيني ، عن الحسين بن محمد ، عن الخيراني
عن أبيه قال : كنت اففا عند أبي الحسن الرضا عليه السلام بخراسان ، فقال قائل :
يا سيدي إن كان كون فالى من ؟ قال : إلى أبي جعفر ابني ، وكان القائل
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 298 ، الكافى ج 1 ص 321 .
( 2 ) هذا من علامات الامامة ولعل المراد بأحد كتفيه كتفه اليسرى كما صرحوا به في
خاتم النبوه حيث قالوا : انه عند نا غض كتفه اليسرى ، والناغض من الانسان قيل هو اصل
العنق حيث ينغض رأسه ، ونفض الكتف هو العظم الرقيق على طرفيها ، وقيل : هو فرع الكتف
سمى ناغضا للحركة .
وقيل هو مارق من الكتف سمى ذلك لنغوضه وحركته ، ومنه قوله تعالى " فسينغضون
اليك رؤوسهم " إلى بحركونها استهزاء " صالح "
( 3 ) الكافى ج 1 ص 321 ، الارشاد ص 298 .
( 4 ) الارشاد ص 299 ، الكافى ج 1 ص 321 .
[ 24 ]
استصغر سن أبي جعفر فقال أبوالحسن عليه السلام : إن الله سبحانه بعث عيسى رسولا
نبيا صاحب شريعة مبتدأة ( 1 ) في أصغرمن السن الذي فيه أبوجعفرعليه السلام ( 2 ) .
16 - عم ، شا : ابن قولويه ، عن الكيني ، عن علي بن محمد ، عن سهل بن
زياد ، عن محمد بن الوليد ، عن يحيى بن حبيب الزيات قال : أخبرني من كان عند
أبي الحسن الرضا عليه السلام فلما نهض القوم قال لهم أبوالحسن الرضا عليه السلام : القوا
أبا جعفر فسلموا عليه وأحدثوا به عهدا . فلما نهض القوم التفت إلي وقال :
يرحم الله المفضل ( 3 ) إنه لكان ليقنع بدون ذلك ( 4 )
كش : حمدويه ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن عمربن سعيد الزيات ، عن
* ( هامش ) * ( 1 ) المراد رفع الاستبعاد ، واثبات الامكان ، فان القائل الذى استصغر سن أبى جعفر
عليه السلام ، توهم أن صغرالسن - والحال أنه موجب لحجرعليه - ينا في الامامة وقيادة
الامة ، فذكره عليه السلام بنبوة عيسى عليه السلام في شريعة مبتدأة ، كما صرح به قوله تعالى
" قالوا كيف نكلم من كان في المهدصبيا ؟ قال : انى عبدالله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا
وجعلنى مباركاأينما كنت وأوصاتى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا "
فاذا امكن وجاز أن يكون الصبى في المهد صاحب شريعة مبتدأة فكيف لايمكن ولا يجوز
أن يكون أبوجعفر اماما تابعا لشريعة جده رسول الله " ص " في أكبر من سنه فانه يقوم بأعباء
الامامة وله سبع سنين .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 323 ، الارشاد ص 299 .
( 3 ) أى بدون الامربالتسليم واحداث العهد ، بل كان يكفيه في احداثه الارشارة
أو كان يحدثه بدونها أيضا كما أن الناس يسلمون على ولد العزيز الشريف ويحدثون به عهدا وملاقاة بدون أمر أبيه بذلك وهم لما لم يفعلوا ذلك الابعد الامر تذكر عليه السلام
حسن فعل المفضل وكمال اعتقاده ، فترحم عليه .
وفيه لوم لهم لهذا الوجه وكمال مدح للمفضل ، ولكن لم نعلم أن المفضل من هو ؟
لا حتماله رجالا كثيرا . وتخصيصه بابن عمرتخصيص بلامخصص ، والاشتهار لوسلم فانما هو
عندنا لاعند السلف .
ويحتمل أن يكون سبب لومهم أنهم تركوا التسليم واحداث العهد بهد الامر ، وليس
في هذا الحديث دلالة على أنهم فعلوا ذلك بعده " صالح " .
( 4 ) الارشادص 299 ، الكافى ج 1 ص 322
[ 25 ]
محمد بن حريز ، عن بعض أصحابنا مثله ( 1 ) .
بيان : " ليقنع بدون ذلك " أي بأقل مما قلت لكم في العلم بأنه إمام بعدي
ونبههم بذلك على أن غرضه النص عليه ولم يصرح به تقية واتقاء .
17 - عم : الكيني ، عن محمد بن علي ، عن أبي الحكم وروى الصدوق ، عن
أبيه وجماعة ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن عبدالله بن محمد ، عن الخشاب ، عن
ابن أسباط ، عن الحسين مولى أبي عبدالله ، عن أبي الحكم ، عن عبدالله بن إبراهيم ( 2 )
ابن علي بن عبدالله بن جعفربن أبي طالب ، عن يزيدبن سليط قال : لقيت أبا إبراهيم
ونحن نريد العمرة في بعض الطريق ، فقلت : جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع
الذي نحن فيه ؟ قال : نعم ، فهل تثبته أنت ؟ قلت : نعم إني أنا وأبي لقيناك ههنا
مع أبي عبدالله عليه السلام ومعه إخوتك فقال له أبي : أنت وامي أنتم كلكم أئمة
مطهرون ، الموت لا يعرى منه أحد ، فاحدث إلي شيئا احدث به من يخلفني
من بعدى ، فلا يضلوا ، فقال : نعم ، يا أبا عمارة هؤلاء ولدي وهذا سيدهم - وأشار
إليك - وقد علم الحكم والفهم ، وله السخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس ، وما
اختلفوا فيه من أمردينهم ودنياهم ، وفيه حسن الخلق وحسن الجوار ( 3 ) وهوباب
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 277 تحت الرقم 154
( 2 ) هكذا في النسخ كلها ، وفى كتب الرجال : عبدالله بن ابراهيم بن محمد بن على
ابن عبدالله بن جعفربن ابى طالب ، ثقة صدوق .
( 3 ) في نسخة الكافى " وحسن الجواب واماحسن الخلق فهو اصل عظيم من اصول
الرئاسة ، واختلف العلماء في تعريفه فقيل هو بسط الوجه وكف الاذى وبذل الندى ، وقيل
هوكيفية تمنع صاحبها من أن يظلم ويمنع ويجفواأحدا ، وان ظلم غفر ، وان منع شكر ، و
ان ابتلى صبر ، وقيل هو صدق التحمل وترك التجمل وحب الاخرة وبغض الدنيا .
وأما حسن الجواب ، فهو من دلائل كمال العقل والعلم ، لان لسان العاقل العالم
تابع لعقله وعلمه فيجيب اذا سئل بما يقتضيه العقل ويناسب المقام ، ويقول ما يناسب العلم
بأحسن العبارة وافصح الكلام " صالح "
[ 26 ]
من أبواب الله عزوجل وفيه آخر خير من هذا كله .
فقال له أبي : وماهي ؟ فقال : يخرج الله منه غوث هذه الامة وغياثها وعلمها
ونورها خيرمولود وخير ناشئ يحقن الله به الدماء ويصلح به ذات البين ويلم به
الشعث به الصدع ، ويكسو به العاري ، ويشبع به الجائع ، ويؤمن به
الخائف ، وينزل الله به القطر ، ويرحم به العباد ، خير كهل وخيرناشئ ، قوله
حكم وصمته علم ، يبين للناس ما يختلفون فيه ، ويسود عشيرته من قبل أوان حلمه
فقال له أبي : بأبي أنت وامي ما يكون له ولد بعده ؟ فقال : نعم ، ثم قطع الكلام .
قال يزيد : فقلت له : بأبي أنت وامي فأخبرني أنت بمثل ما أخبرنا به أبوك
فقال لي : نعم إن أبي عليه السلام كان في زمان ليس هذا الزمان مثله ، فقلت له : من
يرضى بهذا منك فعليه لعنة الله ، قال : فضحك أبوإبراهيم عليه السلام ثم قال : اخبرك
يا أبا عمارة أني خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلا ن ، وأشركت معه بني في
الظاهر ، وأوصيته ، في الباطن وأفردته وحده ، ولوكان الامر إلي لجعلته في
القاسم لحبى إياه ، ورقتي عليه ولكن ذاك إلى الله يجعله حيث يشاء ، ولقد جاء ني
بخبره رسول الله صلى الله عليه وآله ثم ارانيه وأراني من يكون بعده ، وكذلك نحن لا نوصي
إلى أحد منا حتى يخبره رسول الله صلى الله عليه وآله وجدي علي بن أبي طالب عليه السلام .
ورأيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله خاتما وسيفا وعصا وكتابا وعمامة فقلت : ماهذا
يا رسول الله ؟ فقال لي : أما العمامة فسلطان الله ، وأما السيف فعز الله ، وأما الكتاب
فنور الله ، وأما العصافقوة الله ، وأما الخاتم فجامع هذه الامور ، ثم قال والامر
قد خرج منك إلى غيرك ، فقلت : يا رسول الله أرنيه أيهم هو ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :
ما رأيت من الائمة أحدا أجزع على فراق هذا الامر منك ، ولو كانت بالمحبة لكان
إسماعيل أحب إلى أبيك منك ، ولكن ذاك إلى الله عزوجل .
ثم قال أبوإبراهيم عليه السلام : ورأيت ولدي جميعا الاحياء منهم والاموات
فقال لي أمير المؤمنين عليه السلام : هذا سيدهم ، أشار إلى ابني علي فهو مني وأنا منه
والله مع المحسنين .
[ 27 ]
قال يزيد : ثم قال أبوإبراهيم عليه السلام : يايزيد إنها وديعة عندك ، فلا تخبر
بها إلا عاقلا أو عبداتعرفه صادقا وإن سئلت عن الشهادة فاشهد بها ، وهو قول الله
عزوجل لنا " إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها " ( 1 ) وقال لنا :
" ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله " ( 2 )
قال : وقال أبوإبراهيم عليه السلام : فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله
فقلت : قد اجتمعوا إلي بأبي أنت وامي فأيهم هو ؟ فقال : هوالذي ينظر
بنور الله ، ويسمع بتفهيمه وينطق بحكمته ، ويصيب فلا يخطئ ، ويعلم فلا يجهل ، هو
هذا وأخذ بيد علي ابني ثم قال : ما أقل مقا مك معه ، فاذا رجعت من سفرتك فأوص
وأصلح أمر ك وافرغ مما أردت ، فانك منتقل عنه ، ومجاور غيرهم ، وإذا أردت
فادع عليا فمره فليغسلك وليكفنك ، وليتطهر لك ( 3 ) ولا يصلح إلا ذلك
وذلك سنة قد مضت ( 4 )
ثم قال أبوإبراهيم عليه السلام : إني اوخذ في هذه السنة ، والامر إلى ابني علي
سمي علي وعلي فأما علي الاول فعلي بن أبي طالب عليه السلام ، واما علي الاخر
فعلي بن الحسين ، اعطي فهم الاول وحكمته وبصره ووده ودينه ، ومحنة الاخر
وصبره على ما يكره وليس له أن يتكلم إلا بعد موت هارون بأربع سنين ، ثم قال :
يا يزيد فاذا مررت بهداالموضع ، ولقيته وستلقاه فبشره أنه سيولد له غلام أمين
مأمون مبارك ، وسيعلمك أنك لقيتني فأخبره عند ذلك أن الجارية التي يكون
* ( هامش ) * ( 1 ) النساء : 58 .
( 2 ) البقرة : 140 .
( 3 ) في الكافى " فانه طهرلك "
( 4 ) زاد في الكافى بعد ذلك : فاضطجع بين يديه ، وصف اخوته خلفه وعمومته ، ومره
فليكبر عليك تسعا ، فانه قد استقامت وصيته ، ووليك وأنت حى ، ثم اجمع له ولدك من
بعدهم ، فأشهد عليهم وأشهد الله عزوجل وكفى بالله شهيدا قال يزيد : ثم قال لى :
أبوابراهيم الخ .
[ 28 ]
منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية القبطية جارية رسول الله صلى الله عليه وآله وإن قدرت
أن تبلغها مني السلام فافعل ذلك .
قال يزيد : فلقيت بعد مضي أبي إبراهيم عليا عليهما السلام فبد أني فقال لي : يا يزيد
ما تقول في في العمره ؟ فقلت فداك أبي وامي ذاك إليك ، وما عندي نفقة ، فقال : سبحان
الله ما كنا نكلفك ولا نكفيك ، فخرجنا حتى إذا انتهينا إلى ذلك الموضع ابتد أني
فقال : يا يزيد إن هذا الموضع الكثيرا ما لقيت فيه خيرا لك ( 1 ) من عمرتك فقلت : نعم
ثم قصصت عليه الخبر .
فقال عليه السلام لي : أما الجارية فلم تجيئ بعد ، فاذا دخلت أبلغتها منك
السلام ، فانطلقنا إلى مكة ، واشتراها في تلك السنة ، فلم تلبث إلا قليلا حتى
حملت فولدت ذلك الغلام ، قال يزيد : وكان إخوة علي يرجون أن يرثوه
فعادوني من غير ذنب فقال لهم إسحاق بن جعفر : والله لقد رأيت وإنه ليقعد من
أبي إبراهيم عليه السلام المجلس الذي لا أجلس فيه أنا ( 2 )
كتاب الامامة والتبصرة : لعلي بن بابويه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد
ابن أحمد ، عن عبدالله بن محمد الشامي مثله ( 3 ) .
توضيح : في القاموس " أثبته " عرفه حق المعرفة ، " لا يعرى " أي لا يخلو
تشبيها للموت بلباس لابد من ان يلبسه كل أحد " فأحدث إلي " على بناء الافعال
أي ألق شيئا حديثا أو حدث " من يخلفني " من باب نصر أي يبقى بعدي ، وفيه
رعاية الادب باظهار أني لا أتوقع البقاء بعدك ولكن أسأل ذلك لا ولادي وغيرهم
ممن يكون بعدي .
" يا أبا عمارة " في الكافي " ياأبا عبدالله " وهو أصوب لان أبا عمارة كنية ولده
* ( هامش ) * ( 1 ) في الكافى : لقيت فيه جيرتك وعمومتك .
( 2 ) راجع الكافى ج 1 ص 215 و 216 .
( 3 ) راجع عيون أخبار الرضاج 1 ص 23 - 26 .
[ 29 ]
يزيد " وقد علم " على بناء المجهول من التفعيل أو بناء المعلوم من المجرد " والحكم "
بالضم القضاء أو الحكمة " وحسن الجوار " أي المجاورة والمخالطة أو الامان " وهو
باب " أي لابد لمن أراد دين الله وطاعته والدخول في دار قربة ورضاه ، من الاتيان
إليه " وفيه آخر " أي أمر آخر ، وفي الكافي " اخرى " أي خصلة اخرى " من هذا "
أي مما ذكرته .
" والغوث " العون للمضطر ، والغياث أبلغ منه ، وهو اسم من الاغاية ، والمراد
بالامة الامامية أو الاعم " والعلم بالتحريك سيد القوم والراية ، ومايهتدى به
في الطريق أو بالكسر على المبالغة . " والنور " ما يصير سببا لظهور الاشياء عند الحس
أو العقل وفي الكافي " ونورها وفضلها وحكمتها " .
" خير مولود " أي في تلك الازمان أو من غير المعصومين عليهم السلام و " الناشئ "
الحدث الذي جاز حد الصغر أي هو خير في الحالتين " به الدماء " أي من الشيعة
وأوالاعم ، فان بمسالمته حقنت دماء كلهم ، ولعل إصلاح ذات البين ، عباره عن إصلاح
ما كان بين ولد علي عليه السلام وولد العباس جهره " ويلم " بضم اللام أي يجمع به
" الشعث " بالتحريك أي المتفرق من امور الدين والدنيا " يشعب " أي يصلح
" به الصدع " أي الشق ، وكسوة العاري وإشباع الجائع وإيمان الخائف مستمر
إلى الان في جوار روضته المقدسة صلوات الله عليه .
وفي النهاية " الكهل " من زاد على ثلاثين سنة إلى أربعين وقيل : من ثلاث وثلاثين
إلى تمام الخمسين انتهى ولعل تكرار خبر ناشئ تأكيدا لغرابة الخيرية في هذا
السن دون سن الكهولة ، وعدم ذكر سن الشيب لعدم وصوله عليه السلام إليه لانه كان
له عند شهادته عليه السلام أقل من خمسين سنة .
" قوله حكم أي حكمة أو قضاء بين الخلق ، والاول أظهر " وصمته علم
أي مسبب عن العلم لانه يصمت للتقية والمصلحة لا للجهل بالكلام ، وقيل سبب العلم
لانه يتفكر والاول أنسب " يسود " كيقول أي يصير سيدهم ومولاهم وأشرفهم
[ 30 ]
و " العشيرة " الاقارب القريبة " قبل أوان حمله " بضم اللام أي احتلامه ، والمراد
هنابلوغ السن الذي يكون للناس فيها ذلك لان الامام لا يحتلم أو بالكسر وهو
العقل وهو أيضا كناية عن البلوغ للناس وإلا فهم كاملون عند الولادة أيضا .
" ما يكون له ولد " المناسب في الجواب بلى ، وقد يستعمل " نعم " مكانه ، و


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 30 سطر 5 الى ص 38 سطر 5

في العيون " فيكون له ولد بعده " وهو أصوب ، وفي الكافي " وهل ولد ، فقال : نعم
ومرت به سنون قال يزيد : فجاء نا من لم يستطع معه كلاما ، قال يزيد فقلت
إلى آخره " وفيه إشكال إذ ولاده الرضا عليه السلام إما في سنة وفاة الصادق عليه السلام ، أو
بعدها بخمس سنين كما عرفت ، إلا أن يقال إن سليطا سأل أبا إبراهيم عليه السلام بعد
ذلك بسنين .
" ليس هذا الزمان مثله " لشدة التقية ، في الكافي " زمان ليس هذا زمانه
أي زمان حسن ، وليس هذا زمانه ، استيناف أي زمان الاخبار وماهنا أظهر .
" في الظاهر " أي فيما يتعلق بظاهر الامر من الاموال ونفقة العيال ، و
نحوهما " في الباطن أي فيما يتعلق بالامامة من الوصية بالخلافة ، وإيداع الكتب
والا سلحة وغيرها أو في الظاهر عند عامة الخلق ، وفي الباطن عند الخواص ، أو المراد
بالظاهر بادي الفهم وبالباطن ما يظهر للخواص بعد التأمل ، فانه عليه السلام في
الوصية ( 1 ) وإن أشرك بعض الاولاد معه ، لكن قرنه بشرائط يظهر فيها أن اختيار
الكل إليه عليه السلام ، أو المراد بالظاهر الوصية الغوقانيه ، وبالباطن التحتانية .
" ولقد جاءني " المجيئ والارائة إما في المنام كما يظهر من رواية العيون أو
في اليقظة بأجسادهم المثالية أو بأجسادهم الاصلية على قول بعضهم " وأراني من
يكون معه " أي في زمانه من خلفاء الجور أو من شيعته ومواليه أو الاعم ، ولما كان
في المنام وما يشبهه من العوالم ترى الاشياء بصورها المناسبة لها أعطاه العمامة فانها
بمنزلة تاج الملك والسلطنة .
وقد ورد أن العمائم تيجان العرب ، وكذا السيف للعز والغلبة صورة لها
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة الكمبانى " فاعلانه عليه السلام بالوصية " وهو سهو وتصحيف .
[ 31 ]
والكتاب نور الله وسبب لظهور الاشياء على العقل ، والمراد به جميع ما أنزل الله
على الانبياء و " العصا " سبب للقوة وصورة لها ، إذ به يدفع شر العدى ، يحتمل
أن يكون كناية عن اجتماع الامة عليه من المؤالف والمخالف ، ولذا يكنى عن
افتراق الكلمة بشق العصا ، والخاتم جامع هذه الامور ، لانه علامة الملك و
الخلافة الكبرى في الدين والدنيا .
" قد خرج منك " أى قرب انتقال الامامة منك إلى غيرك ، أو خرج اختيار
تعيين الامام من يدك ، ولعل جزعه عليه السلام لعلمه بمنازعة إخوته له ، واختلاف شيعته
فيه ، وقيل : لانه كان يحب أن يجعله في القاسم ، ولعل حبه للقاسم كناية عن
اجتماع أسباب الحب ظاهرا فيه ككون امه محبوبة له ، وغيرذلك ، أوكان الحب
واقعا بسبب الدواعي البشرية أو من قبل الله تعالى ليعلم الناس أن الامامة ليست
تابعة لمحبة الوالد أو يظهر ذلك لتلك المصلحة
" فهو مني " كلام أبي إبراهيم أو أميرالمؤمنين عليهما السلام وهذه العبارة تستعمل
لا ظهار غاية المحبة والاتحاد والشركة في الكمالات " إنها وديعة " أي الشهادة
أو الكلمات المذكورة ( 1 ) " وأعبدا تعرفه صادقا " أي في دعواه التصديق بامامتي بأن
يكون فعله موافقا لقوله ، والمراد بالعاقل من يكون ضابطا حصينا وإن لم يكن
كامل الايمان ، فان المانع منءفشاء السرإما كمال العقل والنظر في العواقب
أو الديانة والخوف من الله تعالى ، وكون الترديد من الراوي بعيد .
وقوله " وإن سئلت " كأنه استثناء عن عدم الاخبار أي لابد من الاخبار
عند الضرورة ، وإن لم يكن المستشهد عاقلاوصادقا ، ويحتمل أن يكون المراد
أداء الشهاده عندهما لقوله تعالى : " إلى أهلها "
" فاشهدبها " أي بالامامة أو بالشهادة بناء على أن المراد بالشهادة شهادة
الامام ، " وهو قول الله " أي أداء هذه الشهادة داخل في المأمور به في الاية " وقال
لنا " أي جلناوإثبات إمامتنا " من الله " صفة شهادة .
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة الكمبانى : الكمالات المذكورة " وهو تصحيف .
[ 32 ]
" فأيهم هو " لعل هذا السؤال لزيادة الاطمئنان أولان يخبر الناس بتعيينه
صلى الله عليه وآله أيضا إياه .
" بنورالله " الباء للالة أي بالنور الخاص الذي جعله الله في عينه وفي قلبه
وهو إشارة إلى ما يظهرله بالالهام ، وبتوسط روح القدس وقوله : " ويسمع بفهمه "
إلى ماسمعه من آبائه عليهم السلام " فلا يجهل " أي شيئا مما تحتاج الامة إليه " معلما "
بتشديد اللام المفتوحة إيماء إلى قوله تعالى " وكلا آتينا حكما وعلما " ( 1 )
" فاذا رجعت " أي إلى المدينة " من سفرتك " أي التي تريدها أو أنت فيها
هو السفر إلى مكة ، وفي الكافي " سفرك " " فاذا أردت " يعني الوصية أو على بناء
المجهول أي أرادك الرشيد ليأخذك " وليتطهرلك " أي ليغتسل قبل تطهيرك وفي الكافي
فانه طهرلك وهوأظهر أي تغسيله لك في حياتك طهرلك وقائم مقام غسلك من غير
حاجة إلى تغسيل آخر بعد موتك ولايصلح إلا ذلك وفي الكافي : ولا يستقيم إلا ذلك أي
لا يستقيم تطهيرك إلا بهذا النحو ، وذلك لان المعصوم لا يجوز أن يغسله إلا معصوم
ولم يكن غير الرضا عليه السلام وهو غير شاهد إذ حضره الموت ، ويرد عليه أنه ينافي ما
مر من أن الرضا عليه السلام حضر غسل والده صلوات الله عليهما في بغداد ، ويمكن
الجواب بأن هذا كان لرفع شبهة من لم يطلع على حضوره عليه السلام أو يقال يلزم
الامران جميعا في الامام الذي يعلم أنه يموت في غير بلد ولده .
وفي الكافي بعد ذلك : " وذلك سنة قدمضت ، فاضطجع بين يديه وصف إخوته
خلفه وعمومته ، ومره فليكبر عليك تسعا فانه قد استقامت وصيته ووليك وأنت
حي ثم أجمع له ولدك من تعدهم فأشهد عليهم وأشهد الله عزوجل عليهم وكفى
بالله وكيلا قال يزيد " إلى آخره .
وصف إخوته : أي أقمهم خلفه صفا ولعل التسع تكبيرات من خصائصهم عليهم السلام
كما يظهر من غيره من الاخبار أيضا ، وقيل إنه عليه السلام أمره بأن يكبر أربعا
* ( هامش ) * ( 1 ) الانبياء : 79 .
[ 33 ]
ظاهرا للتقية وخمسا سرا ولا يخفى وهنه إذ إظهار مثل هذه الصلاة في حال الحياة
كيف يمكن إظهارها عند المخالفين .
" ووليك " معلوم باب رضي أي قام بامورك من التغسيل والتكفين والصلاة
والواو للحال " من تعدهم " بدل من ولدك ، بدل كل ، أي جميعهم أو بدل بعض أي
من تعتني بشأنهم كأن غيرهم لاتعدهم من الاولاد ، وفي بعض النسخ بالباء الموحدة
إما بالفتح أي من بعد جميع العمومة ، أو بالضم أي أحضرهم وإن كانوا بعداء
عنك .
" فاشهد عليهم " أي اجعل غيرهم من الاقارب شاهدين عليهم بأنهم أقروا
بامامة أخيهم " أني اؤخذ " على بناء المجهول " سمي علي " أي مثله في الكمالات كما
قبل في قوله تعالى " لم نجعل له من قبل سميا " ( 1 ) أي نظيرا يستحق مثل اسمه
" اعطي فهم الاول " أي أمير المؤمنين عليه السلام " ووده " أي الحب الذي جعل الله في
قلوب المؤمنين كمامر في تفسير قوله تعالى " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات
سيجعل لهم الرحمان ودا " أنه نزل في أمير المؤمنين عليه السلام ( 2 ) " ومحنته " أي امتحانه
وابتلاءه بأذى المخالفين له ، وخذلان أصحابه له .
" وليس له أن يتكلم " أي بالحجج ودعوى الامامة جهارا " وستلقاه " فيه إعجاز
وتصريح بما فهم من " إذا الدالة على وقوع الشرط بحسب الوضع " فلقيت " أي في
المدينة " ولانكفيك " الواو عاطفة أو حالية " خير الك من عمرتك " وفي الكافي : جيرتك
وعمومتك " جيرتك " أي مجاور يك في الدار أو المعاشرة و " عمومتك " أراد بهم أبا عبدالله
وأبا الحسن عليهما السلام وأولادهما وسماهم عمومته لان يزيد كان من أولاد زيد
ابن علي ولذا وصفه في الكافي بالزيدي وولدا العم بحكم العم ، أبلغتها منك وفي
* ( هامش ) * ( 1 ) مريم : 7 .
( 2 ) راجع ج 35 الباب 14 ص 360 - 353 من تاريخ أمير المؤمنين " ع " ، والاية
في سورة مريم : 96
[ 34 ]
الكافي بلغتها منه ، فيحتمل التكلم والخطاب ، ومعاداة الاخوة إما لزعمهم أن
التبشير كان سببا لشراء الجارية ، أو الزعمهم أنه كان متوسطا في الشراء ، وعدم
الذنب على الاول لكونه مأمورا وعلى الثاني لكذب زعمهم " فقال لهم إسحاق " :
أي عم الرضا عليه السلام " وإنه " الواو للحال : والحاصل أن موسى كان يكرمه ، و
يجلسه قريبا منه في مجلس لم أكن أجلس منه بذلك القرب مع أني كنت أخاه و
إنما قال ذلك إصلاحا بينه وبينهم ، حثا لهم على بره وإكرامه .
18 - كش : حمدويه وإبراهيم عن محمد بن عيسى ، عن مسافر قال : أمرني
أبوالحسن عليه السلام بخراسان فقال : الحق بأبي جعفر فانه صاحبك ( 1 )
19 - كش : حمدويه بن نصير ، عن الحسن بن موسى ، عن ابن أبي نجران
عن الحسين بن يسار قال : استأذنت أنا والحسين بن قياما على الرضا عليه السلام في صريا
فأذن لنا ، فقال : أفرغوا من حاجتكم فقال له الحسين : تخلو الارض من أن يكون
فيها إمام ؟ فقال : لاقال : فيكون فيها اثنان ؟ قال : لا إلا وأحد هما صامت لا يتكلم
قال : فقد علمت أنك لست بامام ، قال : ومن أين علمت ؟ قال : إنه ليس لك ولد
وإنما هي في العقب قال : فقال له : فوالله لا تمضي الايام والليالي حتى يولد لي
ذكر من صلبي ، يقوم مثل مقامي ، يحق الحق ويمحق الباطل ( 2 ) .
20 - نص : علي بن محمد الدقان ، عن محمد بن الحسن ، عن عبدالله بن جعفر
عن محمد بن أحمد بن أبي قتادة ، عن المحمودي ، عن إسحاق بن إسماعيل بن نوبخت
عن إبراهيم بن أبي محمود قال : كنت واقفا عند رأس أبي الحسن علي بن موسى عليه السلام
بطوس قال له بعض من كان عنده : إن حدث حدث فالى من ؟ قال : إلى ابني محمد
وكأن السائل استصغر سن أبي جعفر عليه السلام فقال له أبوالحسن علي بن موسى عليه السلام
إن الله بعث عيسى بن مريم عليه السلام نبيا [ ثابتا ] باقامة شريعته في دون السن الذي
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى تحت الرقم 367
( 2 ) رجال الكشى تحت الرقم 427 .
[ 35 ]
اقيم فيه أبوجعفر ثابتا على شريعته ( 1 )
21 - نص : محمد بن علي ، عن أبيه عن سعد بن عبدالله ، عن ابن أبي الخطاب
وأحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن بزيع ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه سئل أو قيل
له أتكون الامامة في عم أو خال ؟ فقال : لا فقال : في أخ ؟ قال : لا ، قال : ففي من ؟
قال : في ولدي وهويومئذ لاولد له ( 2 )
22 - نص : علي بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن الحميري ، عن ابن عيسى
عن البزنطي ، عن عقبة بن جعفر قال : قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام : قد بلغت
ما بلغت وليس لك ولد ، فقال : يا عقبة إن صاحب هذاالامر لايموت حتى يرى
خلفه من بعده ( 3 ) .
23 - نص : بهذا الاسناد ، عن عبدالله بن جعفر قال : دخلت على الرضا عليه السلام
أنا وصفوان بن يحيى وأبوجعفر عليه السلام قائم قد أتى له ثلاث سنين ، فقلنا له : جعلنا الله
فداك إن - وأعوذ بالله - حدث حدث فمن يكون بعدك ؟ قال : ابني هذا وأومأ
إليه ، قال : فقلنا له : وهو في هذا السن ؟ قال : نعم ، وهو في هذا السن إن الله
تبارك وتعالى احتج بعيسى عليه السلام وهو ابن سنتين ( 4 ) .
24 - كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عن
يحيى الصنعاني قال : دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام وهو بمكة وهو يقشر موزا
ويطعم أبا جعفرعليه السلام فقلت له : جعلت فداك هو المولودالمبارك ؟ قال : نعم ، يا يحيى
هذا المولود الذي لم يولد في الاسلام مثله مولود أعظم بركة على شيعتنا منه ( 5 )
* ( هامش ) * ( 1 - 4 ) كفاية الاثرص 324 .
( 5 ) الكافى ج 6 ص 360 وفيه حديث آخر هكذا :
عدة من اصحابنا ، عن أحمد بن أبى عبدالله ، عن أبيه ، عن محمد بن أبى عمير
عن يحيى بن موسى الصنعانى قال : دخلت على أبى الحسن الرضا عليه السلام بمنى وأبوجعفر
الثانى عليه السلام على فخذه ، وهو يقشرله موزا ويطعمه
ثم انه قد مضى تحت الرقم 14 من الباب الذى نحن فيه عن الارشاد والكافى حديث
وفيه " أبويحيى الصنعانى " .
[ 36 ]
25 - كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن محمد بن جمهور ، عن معمر بن
خلاد قال : سمعت إسماعيل بن إبراهيم يقول للرضا عليه السلام : إن ابني في لسانه
ثقل فأنا أبعث به إليك غدا تمسح على رأسه وتدعو له فإنه مولاك ، فقال : هو
مولى أبي جعفر ، فابعث به غدا إليه ( 1 )
26 - كا : الحسين بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدى ، عن محمد بن خلاد
الصيقل ، عن محمد بن الحسن بن عمار قال : كنت عند علي بن جعفر بن محمد جالسا
بالمدينة ، وكنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما سمع من أخيه يعني أبا الحسن إذ
دخل عليه أبوجعفر محمد بن علي الرضا المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فوثب علي
ابن جعفر بلا حذاء ولا رداء فقبل يده وعظمه ، فقال له أبوجعفر عليه السلام : يا عم
اجلس رحمك الله ؟ فقال : يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم .
فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه ، جعل أصحابه يوبخونه ، ويقولون :
أنت عم ، أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل ؟ فقال : اسكتوا ! إذا كان الله عزوجل
- وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه
انكر فضله ؟ نعوذ بالله مما تقولون بل أناله عبد ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 1 ص 321 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 322
[ 37 ]
3 * ( باب ) *
* ( معجزاته صلوات الله عليه ) *
1 - ير : علي بن إسماعيل ، عن محمد بن عمر ، عن علي بن أسباط قال :
رأيت أبا جعفر عليه السلام قد خرج علي فأحددت النظر إليه وإلى رأسه وإلى رجله لاصف
فامته لاصحابنا بمصر فخر ساجدا وقال : إن الله احتج في الامامة بمثل ما احتج
في النبوة ، قال الله تعالى : " وآتيناه الحكم صبيا " ( 1 ) ، وقال الله : " فلما بلغ
أشده ( 2 ) " وبلغ أربعين سنة " ( 3 ) فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ، ويجوز
أن يؤتى وهو ابن أربعين سنة ( 4 ) .
قب : عن معلى بن محمد ، عن ابن أسباط مثله ( 5 ) .
يج : عن ابن أسباط مثله .
شا : ابن قولويه ، عن الكليني ، عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن
ابن أسباط مثله ( 6 )
2 - ير : محمد بن عيسى ، عن إبراهيم بن محمد قال : كان أبوجعفر محمد بن
علي كتب إلي كتابا وأمرني أن لا أفكه حتى يموت يحيى بن أبي عمران قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) مريم : 13 .
( 2 ) يوسف : 22 .
( 3 ) الاحقاف : 15 .
( 4 ) بصائر الدرجات ص 238 .
( 5 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 389
( 6 ) الارشاد ص 340 ، الكافى ج 1 ص 494 .
[ 38 ]
فمكث الكتاب عندي سنين فلما كان اليوم الذي مات فيه يحيى بن أبي عمران
فككت الكتاب فاذافيه : قم بما كان يقوم به أو نحو هذا من الامر .
قال : وحدثني يحيى وإسحاق ابنا سليمان بن داود أن إبراهيم أقرء هذا
الكتاب في المقبرة يوما مات يحيى وكان إبراهيم يقول كنت لا أخاف الموت ماكان
يحيى بن أبي عمران حيا ( 1 ) وأخبرني بذلك الحسن بن عبدالله بن سليمان ( 2 )


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 38 سطر 6 الى ص 46 سطر 6

قب : عن إبراهيم مثله ( 3 )
3 - ير : محمد بن حسان ، عن علي بن خالد وكان زيديا قال : كنت في
العسكر فبلغني أن هناك رجلا محبوسا اتي به من ناحية الشام مكبولا ، وقالوا :
إنه تنبأ قال : علي فداريت القوادين ( 4 ) والحجبة ، حتى وصلت إليه فاذا رجل
له فهم .
فقلت له : يا هذا ما قصتك وما أمرك ؟ فقال لي : كنت رجلا بالشام أعبدالله في
الموضع الذي يقال له : ( 5 ) موضع رأس الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام فبينا
* ( هامش ) * ( 1 ) عنونه في نقد الرجل وقال : يحيى بن أبى عمران تلميذ يونس بن عبدالرحمان
روى عنه ابراهيم بن هاشم ، قاله الصدوق في مشيخة الفقيه .
( 2 ) بصائر الدرجات ص 263 الجزء 6 ب 1 ح 2 و 3
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 397
( 4 ) البوابين خ ل .
( 5 ) يقال انه نصب فيه رأس الحسين عليه السلام . فبينا أناذات ليلة في موضعى مقبل
على المحراب : أذكر الله تعالى ، اذ رأيت شخصا بين يدى ، فنظرت اليه فقال لي : قم
فقمت فمشى بى قليلا فاذا أنا في مسجد الكوفة .
فقال لي : أتعرف هذا المسجد ؟ فقلت : نعم ، هذا مسجد الكوفة ، قال : فصلى وصليت
معه ، ثم انصرف وانصرفت معه ، فمشى قليلا فاذا نحن بمسجد الرسول صلى الله عليه وآله
فسلم على الرسول وصليت معه ثم خرج وخرجت معه ، فمشى قليلا فاذا أنا بمكة فطاف بالبيت
وطفت معه ، ثم خرج ومشى قليلا فاذا أنا في موضعى الذى أعبدالله فيه بالشام وغاب الشخص
عن عينى .
[ 39 ]
أنا في عبادتي إذ أتاني شخص فقال : قم بنا قال : فقمت معه قال : فبينا أنا معه إذا أنا
في مسجد الكوفة ، فقال لي : تعرف هذا المسجد ؟ قلت : نعم ، هذا مسجد الكوفة
قال : فصلى وصليت معه فبينا أنا معه إذا أنا في مسجد المدينة قال : فصلى وصليت
معه وصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله ودعا له فبينا أنا معه إذا أنا بمكة ، فلم أزل معه
حتى قضى مناسكه وقضيت مناسكي معه قال : فبينا أنا معه إذا أنا بموضعي الذي
كنت أ عبدالله فيه بالشام قال : ومضى الرجل .
قال : فلما كان عام قابل في أيام الموسم إذا أنا به وفعل بي مثل فعلته الاولى
فلما فرغنا من مناسكنا وردني إلى الشام وهم بمفار قتي قلت له : سألتك بحق الذي
* ( هامش ) * ( 1 ) فبقيت متعجبا حولا مما رأيت ، فلما كان في العام المقبل رأيت ذلك الشخص فاستبشرت به
ودعانى فأجبته ، ففعل كما فعل في العام الماضى ، فلما أراد مفارقتى بالشام قلت له : سألتك
بالذى أقدرك على ما رأيت منك الا أخبرتنى من أنت ؟ قال : أنا محمد بن على بن موسى
ابن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب .
فحدثت من كان يصير إلى بخبره ، فرقى ذلك إلى محمد بن عبدالملك الزيات فبعث
إلى من أخذنى وكبلنى في الحديد ، وحملنى إلى العراق ، وحبست كما ترى ، وادعى
على المحال .
فقلت له : أرفع القصة إلى محمد بن عبدالملك ؟ قال : افعل ! فكتبت عنه قصة
شرحت أمره فيها ، ورفعتها إلى محمد بن عبدالملك : فوقع في ظهرها : قل للذى اخرجك
من الشام في ليلة إلى الكوفة ، ومن الكوفة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة . ، وردك من
مكة إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا .
قال على بن خالد : فغمنى ذلك من أمره ، وانصرفت محزونا عليه ، فلما كان من
الغد ، باكرت إلى الحبس لاعلم الحال ، وآمره بالصبرو العزاء ، فوجدت الجند وأصحاب
الحرس وخلقا عظيما من الناس يهرعون ، فسألت عن حالهم فقيل لى : المتنبى المحمول
من الشام افتقد البارحة من الحبس ، إلى آخر الخبر .
كذا في الارشاد والاعلام نقلا عن الكلينى ، مع أن روايته في الكافى موافق لما في
البصائر الاشاذا . منه عفى عنه .
أقول : هذا نص ماذكره - رضوان الله عليه - بخط يده في هامش نسخة الاصل .
[ 40 ]
أقدرك على ما رأيت إلا أخبرتني من أنت ؟ قال : فأطرق طويلا ثم نظر إلي فقال :
أنا محمد بن علي بن موسى .
فتراقى الخبر حتى انتهى الخبر إلى محمد بن عبدالملك الزيات ، قال :
فبعث إلى فأخذني وكبلني في الحديد ، وحملني إلى العراق وحبسني ماترى .
قال : قلت له : أرفع قصتك إلى محمد بن عبدالملك ؟ فقال : ومن لي يأتيه
بالقصة قال : فأتيته بقرطاس ودواة فكتب قصته إلى محمد بن عبدالملك فذكر في قصته
ما كان قال : فوقع في القصة : قال للذي أخرجك في ليلة من الشام الكوفة ، و
من الكوفة ، إلى المدينة ، ومن المدينة إلى المكان أن يخرجك من حبسك
قال علي : فغمني أمره ورققت له ، وأمرته بالعزاء ، قال : ثم بكرت عليه
يوما فاذا الجند ، وصاحب الحرس ، وصاحب السجن ، وخلق عظيم ، يتفحصون
حاله قال : فقلت : ماهذا ؟ قالوا : المحمول من الشام الذي تنبأ افتقد البارحة
لا ندري خسف به الارض ، أو اختطفه الطير في الهواء ؟ وكان علي بن خالد هذا
زيديا فقال بالامامة بعد ذلك ، وحسن اعتقاده ( 1 ) .
عم ، شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 2 ) عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن
حسان مثله ( 3 ) .
بيان : " العسكر " اسم سر من رأى ، والكبل القيد الضخم " فتراقى الخبر " أي
تصاعد وارتفع " محمد بن عبدالملك " كان وزير المعتصم وبعد وزيرا لابنه الواثق هارون
ابن المعتصم وكان أبوه يبيع دهن الزيت في بغداد " والحرس " بالتحريك جمع
الحارس ويقال " اختطفه " إذا استلبه بسرعة .
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ص 402 ورواه في الخرائج ص 208 وفى كشف الغمة ج 3 ص 210
أيضا فراجعه .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 492 و 493 .
( 3 ) ارشاد المفيد ص 205 .
[ 41 ]
4 - يج : عن أبي هاشم الجعفري قال : دخلت على أبي جعفر الثاني ومعي
ثلاث رقاع غير معنونة واشتبهت علي واغتممت لذلك فتناول إحدا هن وقال : هذه
رقعة زياد بن شبث ( 1 ) ، وتناول الثانية وقال : هذه رقعة محمد بن أبي حمزة ، و
تناول الثالثة وقال : هذه رقعة فلان ، فبهت ( 2 ) فنظر إلي وتبسم ( 3 ) .
شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 4 ) عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن
أبي هاشم مثله ( 5 )
قب : ابن عياش في كتاب أخبار أبي هاشم مثله ( 6 )
5 - يج : روى الحميري أن أبا هاشم قال : إن أبا جعفر أعطاني ثلاثمائة دينار
في صرة وأمرني أن أحملها إلى بعض بني عمه ، وقال : أنا إنه سيقول لك دلني
على من أشتري بها منه متاعا فدله ، قال : فأتيته بالدنانير ، فقال لي : يا أبا هاشم
دلني علي حريف يشتري بها متاعا ففعلت ( 7 ) .
شا : بالاسناد المتقدم ، عن أبي هاشم مثله ( 8 )
قب : ابن عياش في كتاب أخبار أبي هاشم مثله ( 9 )
6 - يج : روي عن أبي هاشم ، قال : كلفني جمالي أن اكلم أبا جعفر له
ليدخله في بعض اموره قال : فدخلت عليه لا كلمه فوجدته مع جماعة فلم يمكني
* ( هامش ) * ( 1 ) ريان بن شبيب خ ل .
( 2 ) يقال : باه له بيها : تنبه له .
( 3 ) مختا الخرائج ص 237 .
( 4 ) الكافى ج 1 ص 495 .
( 5 ) ارشاد المفيد ص 306 .
( 6 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 390 .
( 7 ) لم نجده في مختار الخرائج ، راجع الكافى ج 1 ص 495 .
( 8 ) ارشاد المفيد ص 306 .
( 9 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 390 .
[ 42 ]
كلامه ، فقال : يا أبا هاشم كل ! وقد وضع الطعام بين يديه ، ثم قال ابتداء منه
من غير مسألة مني : يا غلام انظر الجمال الذي آتانا أبوهاشم فضمه إليك ( 1 )
عم : عن الحميري ، عن أبي هاشم مثله .
شا : بالاسناد المتقدم ، عن أبي هاشم مثله ( 2 )
7 - يج : روي عن أبي هاشم قال : دخلت عليه عليه السلام ذات يوم بستانا فقلت
له : جعلت فداك إني مولع بأكل الطين ، فادع الله لي فسكت ثم قال بعد أيام :
يا أبا هاشم قد أذهب الله عنك أكل الطين ، قلت : ما شئ أبغض إلي منه ( 3 )
شا : بالاسناد المتقدم ( 4 ) عن أبي هاشم مثله ( 5 )
عم : عن أبي هاشم مثله .
8 - يج : قال أبوهاشم جاء رجل إلى محمد بن علي بن موسى عليهم السلام فقال :
ياابن رسول الله إن أبي مات وكان له مال ولست أقف على ماله ، ولي عيال كثيرون
وأنا من مواليكم فأغثني فقال أبوجعفر عليه السلام : إذا صليت العشاء الاخرة فصل على
محمد وآل محمد فان أباك يأتيك في النوم ، ويخبرك بأمر المال .
ففعل الرجل ذلك فرأى أباه في النوم فقال : يا بني مالي في موضع كذا
فخذه واذهب إلى ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره أني دللتك على المال ، فذهب
الرجل فأخذ المال وأخبر الامام بأمر المال ، وقال : الحمدلله الذي أكرمك
واصطفاك ( 6 )
* ( هامش ) * ( 1 ) لم نجده في مختار الخرائج ، راجع الكافى ج 1 ص 495 .
( 2 ) ارشاد المفيدص 306 .
( 3 ) لم نجده في مختار الخرائج المطبوع .
( 4 ) يعنى ابن قولويه عن الكلينى راجع الكافى ج 1 ص 495
( 5 ) ارشاد المفيدص 307
( 6 ) مختار الخرائج والحرائج ص 237 .
[ 43 ]
8 - قب : ابن عياش في كتاب أخبار أبي هاشم مثله ( 1 ) ثم قال : وفي رواية
ابن أشباط وهوإذ ذاك خماسي : إلا أنه لم يذكر موت والده .
أقول : روى في إعلام الورى أخبار أبي هاشم هكذا : وفي كتاب أخبار أبي هاشم
الجعفري للشيخ أبي عبدالله أحمد بن محمد بن عياش الذي أخبرني بجميعه السيد
محمد بن الحسين الحسيني الجرجاني عن والده عن الشريف أبي الحسين طاهربن محمد
الجعفري ، عن أحمد بن محمد العطار ( 2 ) عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبي
هاشم الجعفري .
9 - يج : يوسف بن السخت ، عن صالح بن عطية الاصحب قال : حججت
فشكوت إلى أبي جعفر عليه السلام الوحدة فقال : أما إنك لا تخرج من الحرم حتى تشتري
جارية ترزق منها ابنا ، فقلت تسير إلى ؟ قال : نعم ، وركب إلى النخاس وكتب
إلى جارية ( 3 ) فقال اشترها ، فاشتريتها فولدت محمدا ابني .
10 - يج : أحمد بن هلال ، عن امية بن علي القيسي . قال : دخلت أنا
وحماد بن عيسى علي أبي جعفر بالمدينة لنودعه فقال لنا : لاتخرجا أقيما إلى غد
قال : فلما خرجنا من عنده ، قال حماد : أنا أخرج فقد خرج ثقلي ، قلت : أما
أنا فاقيم قال : فخرج حماد فجرى الوادي تلك الليلة فغرق فيه وقبره بسيالة .
كشف : من دلائل الحميري عن امية مثله ( 4 )
11 - يج : داود بن محمد النهدي ، عن عمران بن محمد الاشعري قال : دخلت
على أبي جعفر الثاني عليه السلام وقضيت حوائجي وقلت له : إن ام الحسن تقرئك
السلام وتسألك ثوبا من ثيابك تجعله كفنا لها قال : قد استغنت عن ذلك ، فخرجت
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 391 وفيه : الحسن بن على ان رجلا جاء إلى التقى
عليه السلام وقال : ادركنى يا ابن رسول الله الخ .
( 2 ) في نسخة الكمبانى " أحمد بن محمد بن العياش "
( 3 ) أى أشارالى جارية .
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 218
[ 44 ]
ولست أدري مامعنى ذلك ، فأتاني الخبر بأنها قدماتت قبل ذلك بثلاثة عشريوما
أو أربعة عشر يوما ( 1 ) .
كشف : من دلائل الحميري ، عن عمران مثله ( 2 ) .
12 - يج : ابن عيسى ، عن محمد بن سهل بن اليسع قال كنت مجاورا بمكة
فصرت إلى المدينة فدخلت على أبي جعفرالثاني عليه السلام وأردت أن أسأله عن كسوة
يكسونيها فلم يتفق أن أسأله حتى ودعته وأردت الخروج فقلت أكتب إليه وأسأله
قال : فكتبت إليه الكتاب فصرت إلى المسجد على أن اصلي ركعتين وأستخبر الله
مائة مرة ، فان وقع في قلبي أن أبعث والله ( 3 ) بالكتاب بعثت ، وإلا خرقته ، ففعلت
فوقع في قلبي أن لا أبعث فخرقت الكتاب ، وخرجت من المدينة ، فبينما أنا كذلك
إذا رأيت رسولا ومعه ثياب في منديل يتخلل القطار ، ويسأل عن محمد بن سهل القمي
حتى انتهى إلي وفقال : مولاك بعث إليك بهذا وإذا ملاءتان ، قال أحمد بن محمد
فقضى الله أني غسلته حين مات فكفنته فيهما ( 4 ) .
بيان : الملاءة بالضم الثوب اللين الرقيق .
13 - يج : سهل بن زياد ، عن ابن حديد ( 5 ) قال : خرجت مع جماعة حجاجا
فقطع علينا الطريق ، فلما دخلت المدينة لقيت أبا جعفر عليه السلام في بعض الطريق
فأتيته إلى المنزل فأخبرته بالذي أصابنا فأمرلي بكسوة وأعطاني دنانير ، وقال :
فرقها على أصحابك ، على قدرما ذهب ، فقسمتها بينهم ، فاذا هي على قدر ماذهب
منهم لا أقل ولا أكثر .
14 - يج : روى يحيى بن أبي عمران قال : دخل من أهل الري جماعة من
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج والجرائح ص 237 .
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 217 .
( 3 ) كأنه مصحف والصحيح : " أن أبعث اليه "
( 5 ) مختار الخرائج والجرائح ص 273 .
( 5 ) في نسخة الكمبانى " أحمد بن حديد " .
[ 45 ]
أصحابنا على أبي جعفر عليه السلام وفيهم رجل من الزيدية ، قالوا فسألنا عن مسائل
فقال أبوجعفر لغلامه : خذبيد هذا الرجل فاخرجه ، فقال الزيدي : أشهد أن
لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وأنك حجة الله .
15 - يج : روى أبوسليمان عن صالح بن داود اليعقوبي قال : لما توجه في
استقبال المأمون إلى ناحية الشام أمر أبوجعفر عليه السلام أن يعقد ذنب دابته وذلك
في يوم صائف شديد الحر لا يوجد الماء ، فقال بعض من كان معه : لا عهد له بر كوب
الدواب فان موضع ( 1 ) عقد ذنب البرذون غير هذا ، قال : فما مررنا إلا يسيرا
حتى ضللنا الطريق بمكان كذا ، ووقعنا في وحل كثير ، ففسد ثيابنا ومامعنا ولم
يصبه شئ من ذلك ( 2 )
16 - يج : روي أن أبا جعفر عليه السلام قال لنا يوما ونحن في ذلك الوجه : أما
إنكم ستضلون الطريق بمكان كذا وتجدونها في مكان كذا بعد ما يذهب من الليل
كذا فقلنا : ما علم هذا ولا بصر له بطريق الشام فكان كما قال .
17 - يج : روي عن عمران بن محمد قال : دفع إلي أخي درعة أحملها إلى
أبي جعفر عليه السلام مع أشياء فقدمت بها ونسيت الدرع ، فلما أردت أن اودعه ، قال
لي : احمل الدرع .
وسألتني والدتي أن أسأله قميصا من ثيابه فسألته فقال لي : ليس بمحتاج
إليه ( 3 ) فجائني الخبر أنها توفيت قبل بعشرين يوما .
18 - يج : روي عن ابن اروبه ( 4 ) أنه قال : إن المعتصم دعا جماعة من وزرائه
فقال : اشهدوا لي على محمد بن علي بن موسى زورا واكتبوا أنه أراد أن يخرج ثم
* ( هامش ) * ( 1 ) الظاهر " موقع " بدل " موضع "
( 2 ) مختار الخرائج ص 237 .
( 3 ) في الكمبانى : ليس طالبه بمحتاج . وهو تصحيف .
( 4 ) ارومة ، خ ل - وفى المصدر " أبى ارومة " ولعله ابن اورمة وهو محمد بن اورمة
الاتى ذكره .
[ 46 ]
دعاه فقال : إنك أردت أن تخرج علي فقال : والله ما فعلت شيئا من ذلك ، قال :
إن فلانا وفلانا شهدوا عليك فاحضروا فقالوا : نعم هذه الكتب أخذناها من بعض
غلمانك ، قال : وكان جالسا في بهو فرفع أبوجعفر عليه السلام يده وقال : اللهم إن كانوا
كذبوا علي فخذهم ، قال : فنظرنا إلى ذلك البهو كيف يرجف ويذهب ويجيئ و
كلما قام واحد وقع المعتصم : يا ابن رسول الله إنى تائب مما قلت ، فادع ربك
أن يسكنه فقال : اللهم سكنه إنك تعلم أنهم أعداؤك وأعدائي فسكن ( 1 )


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 46 سطر 7 الى ص 54 سطر 7

بيان : قال الجوهري البهو البيت المقدم أمام البيوت ( 2 ) .
19 - يج : كتب جماعة من الاصحاب رقاعا في حوائج وكتب رجل من الواقفة
رقعة وجعلها بين الرقاع ، فوقع الجواب بخطه في الرقاع إلا رقعة الواقفي لم
يجب فيها بشئ .
20 - يج : عن محمد بن ميمون أنه كان مع الرضا عليه السلام بمكة قبل خروجه إلى
خراسان قال قلت له : إني اريد أن أتقدم إلى المدينة فاكتب معي كتابا إلى أبي جعفر
عليه السلام فتبسم وكتب وصرت إلى المدينة ، وقد كان ذهب بصري فأخرج الخادم
أبا جعفر عليه السلام إلينا فحمله في المهد فناولته الكتاب فقال لموفق الخادم : فضه وانشره
ففضه ونشره بين يديه ، فنظرفيه ، ثم قال لي : يا محمد ما حال بصرك ؟ قلت : يا ابن
رسول الله صلى الله عليه وآله اعتلت عيناي فذهب بصري كماترى ، قال : فمديده فمسح بها على
عيني فعاد إلي بصري كأصلح ماكان ، فقبلت يده ورجله وانصر فت من عنده ، و
أنا بصير ( 3 ) .
21 - يج : روي عن أبي بكر بن إسماعيل قال : قلت لا بي جعفر ابن الرضا
عليه السلام : إن لي جارية تشتكي من ريح بها فقال : ائتني بها فأتيت بها فقال : ما
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج والجرائح ص 237
( 2 ) صحاح الجوهرى ص 2288 .
( 3 ) المصدر نفسه ص 207 .
[ 47 ]
تشتكين يا جارية ؟ قالت : ريحا في ركبتي فمسح يده على ركبتها من وراء الثياب
فخرجت الجارية من عنده ولم تشتك وجعا بعد ذلك .
22 - يج : روي عن علي بن جرير قال : كنت عند أبي جعفر ابن الرضا عليه السلام
جالسا وقد ذهبت شاة لمولاة له فأخذوا بعض الجيران يجرونهم إليه ويقولون : أنتم
سرقتم الشاة ، فقال أبوجعفر عليه السلام : ويلكم خلوا عن جيراننا فلم يسرقوا شاتكم
الشاة في دار فلان ، فاذهبوا فأخرجوها من داره ، فخرجوا فوجدوها في داره ، و
أخذوا الرجل وضربوه وخرقوا ثيابه ، وهو يحلف أنه لم يسرق هذه الشاة - إلى
أن صاروا إلى أبي جعفر عليه السلام فقال : ويحكم ظلمتم الرجل فان الشاة دخلت داره
وهولا يعلم بها ، فدعاه فوهب له شيئا بدل ما خرق من ثيابه وضربه .
23 - يج : روي عن محمد بن عمير بن واقدا الرازي قال : دخلت على أبي جعفر
ابن الرضا عليهما السلام ومعى أخي به بهر شديد فشكى إليه ذلك البهر ، فقال عليه السلام : عافاك
الله مما تشكو فخرجنا من عنده وقدعو في فما عاد إليه ذلك البهر إلى أن مات
قال محمد بن عمير : وكان يصيبني وجع في خاصرتي في كل اسبوع فيشتد
ذلك الوجع بي أياما وسألته أن يدعولي بزواله عني فقال : وأنت فعافاك الله فما
عاد إلى هذه الغاية .
بيان : البهر بالضم تتابع النفسر .
24 - يج : روي عن القاسم بن المحسن قال : كنت فيما بين مكة والمدينة
فمربي أعرابي ضعيف الحال فسألني شيئا فرحمته ، فأخرجت له رغيفا فناولته إياه
فلما مضى عني هبت ريح زوبعة ، فذهبت بعمامتي من رأسي فلم أرها كيف ذهبت
ولا أين مرت ، فلما دخلت المدينة صرت إلى أبي جعفر ابن الرضا عليهما السلام فقال لي :
يا أبا القاسم ( 1 ) ذهبت عمامتك في الطريق ؟ قلت : نعم ، فقال : يا غلام أخرج إليه
عمامته فأخرج إلي عمامتي بعينها ، قلت : يا ابن رسول الله كيف صارت إليك ؟ قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) يا قاسم خ ل ضح ، كذا في هامش الاصل .
[ 48 ]
تصدقت على أعرابي فشكره الله لك ، فرد إليك عمامتك ، وإن الله لا يضيع
أجر المحسنين .
بيان : الزوبعة بفتح الزاء والباء ريح تثير غبارا فير تفع في السمآء كأنه
عمود .
25 - يج : روي عن محمد بن اورمة ( 1 ) عن الحسين المكاري قال : دخلت على
أبي جعفر ببغداد وهو على ماكان من أمره ، فقلت في نفسي : هذا الرجل لا يرجع إلى
موطنه أبدا ، وما أعرف مطعمه ؟ ( 2 ) قال : فأطرق رأسه ثم رفعه وقد اصفر لونه
فقال : يا حسين خبز شعير ، وملح جريش في حرم رسول الله أحب إلي مما تراني
فيها ( 3 )
* ( هامش ) * ( 1 ) قال ابن داود الحلى : محمد بن اورمة بضم الهمزة وسكون الواو قبل الراء
المضمومة أبوجعفر القمى لم يرو عنهم قال الشيخ في رجاله انه ضعيف روى عنه الحسين بن
الحسن بن أبان وهو ثقة ، وقال في الفهرست في رواياته تخليط .
وقال النجاشى : غمز القميون عليه ورموه بالغلو حتى دس عليه من يفتك به فوجده
يصلى من أول الليل إلى آخره فتوقفوا عنه وحكى جماعة من شيوخ القميين عن ابن الوليد
انه قال : محمد بن اورمة طعن عليه بالغلو فكل ماكان ما في كتبه مما وجد في كتب الحسين بن
سعيد وغيره فقل به وما تفرد به فلا تعتمده .
ونقل عن أحمد بن الحسين بن عبيدالله الغضائرى : اتهمه القميون بالغلو وحديثه نقى
لا فساد فيه ، ولم أرشيئا ينسب اليه تضطرب فيه النفس الا أوراقا في تفسير الباطن وأظنها
موضوعة عليه ، ورأيت كتابا خرج عن أبى الحسن عليه السلام إلى القميين في براعته مما
قذف به .
أقول : وفى هذا الباب أخرج المصنف قدس سره رواية عن الخرائج عن ابن اورمة
فيها مدح له كما سيأتى تحت الرقم 26 فيه أنه دعا له أبوجعفر الجواد عليه السلام وقال :
تقبل الله منك ورضى عنك وجعلك معنا في الدنيا والاخرة .
( 2 ) أى ما أكثر طيب مطعمه وخيره وحسنه . وفى بعض النسخ " وأنا أعرف مطعمه "
أى انه لا يرجع إلى وطنه والحال أن مطعمه بالطيب والدعة والسعة التى أعرفها وأراها .
( 3 ) مختار الخرائج والجرائح ص 208 .
[ 49 ]
26 - يج : روي عن إسماعيل بن عباس الهاشمي قال : جئت إلى أبي جعفر
عليه السلام يوم عيد فشكوت إليه ضيق المعاش فرفع المصلى وأخذ من التراب سبيكة
من ذهب فأعطانيها ، فخرجت بها إلى السوق فكانت ستة عشر مثقالا ( 1 )
27 - يج : حدث أبوعبدالله محمد بن سعيد النيسابوري متوجها إلى الحج عن
أبي الصلت الهروي وكان خادما للرضا عليه السلام قال : أصبح الرضا عليه السلام يوما فقال
لي : ادخل هذه القبة التي فيها هارون فجئني بقبضة تراب من عند بابها وقبضة من
يمنتها وقبضة من يسرتهاوقبضة من صدرها وليكن كل تراب منها على حدته .
فصرت إليها فأتيته بذلك وجعلته بين يديه على منديل ، فضرب بيده إلى تربة
الباب فقال : هذا من عند الباب ؟ فقلت : نعم ، قال : غدا تحفر لي في هذا الموضع فتخرج
صخرة لا حيلة فيها ، ثم قذف به ، وأخذ تراب اليمنة ، وقال : هذا من يمنتها ؟ قلت :
نعم ، قال : ثم تحفرلي في هذا الموضع فتخرج نبكة ( 2 ) لا حيلة فيها ، ثم قذف به
وأخذ تراب اليسرة ، وقال : ثم تحفرلي في هذا الموضع ، فتخرج نبكة مثل الاولى
وقذف به .
وأخذ تراب الصدر فقال : هذا تراب من الصدر ثم تحفر لي في هذا الموضع
فيستمر الحفر إلى أن يتم فاذا فرغت من الحفر فضع يدك على أسفل القبر ، وتكلم
بهذه الكلمات فانه سينبع الماء حتى يمتلي القبر فتظهر فيه سميكات صغار ، فاذا رأيتها
ففتت لها كسرة فاذا أكلتها خرجت حوتة كبيرة فابتلعت تلك السميكات كلها ثم
تغيب ، فاذا غابت ضع يدك على الماء ، وأعد تلك الكلمات فان الماء ينضب كله وسل
المأمون عني أن يحضر وقت الحفر فانه سيفعل ليشاهد هذا كله .
ثم قال عليه السلام : الساعة يجئ رسوله فاتبعني فان قمت من عنده مكشوف الرأس
فكلمني بما تشاء وإن قمت من عنده مغطى الرأس فلا تكلمني بشئ ، قال : فوافاه
رسول المأمون فلبس الرضا عليه السلام ثيابه خرج وتبعته ، فلما دخل على المأمون وثب
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدرص 209 .
( 2 ) النبكة - محركة وهكذا بالفتح - أكمة محددة الرأس .
[ 50 ]
إليه فقبل بين عينيه وأجلسه معه على مقعده وبين يديه طبق صغير ، فيه عنب ، فأخذ
عنقودا أكل منه نصفه ونصفه باق - وقد شربه بالسم - وقال للرضا عليه السلام : حمل
إلي هذا العنقود ، وتنغصت به أن لا تأكل منه ، فأسألك أن تأكل منه ، قال :
اعفني من ذلك قال : لا والله فانك تسرني إذا أكلت منه .
قال : فاستعفاه ذلك ثلاث مرات ، وهو يسأله بمحمد وعلي أن يأكل منه
فأخذ منه ثلاث حبات وغطى رأسه ونهض من عنده
فتبعته ولم اكلمه بشئ حتى دخل منزله فأشار لي أن أغلق الباب فغلقته
وصار إلى مقعدله فنام عليه ، وصرت أنا في وسط الدار فاذا غلام عليه وفرة ظننته ابن
الرضا عليه السلام ولم أكن قد رأيته قبل ذلك ، فقلت : ياسيدي الباب مغلق فمن أين
دخلت ؟ قال لا تسأل عما لا تحتاج إليه وقصد إلى الرضا عليه السلام .
فلما بصربه الرضا عليه السلام وثب إليه وضمه لي صدره وجلسا جميعا على المقعد
ومد الرضا عليه السلام الرداء عليهما ، فتناجيا جميعا بما لم أعلمه ثم امتد الرضا عليه السلام
على المقعد وغطاه محمد بالرداء وصار إلى وسط الدار وقال : يا أبا الصلت فقلت :
لبيك يا ابن رسول الله فقال : عظم الله أجرك في الرضا فقد مضى ، فبكيت قال :
لا تبك هات المغتسل والماء لنأخذ في جهازه .
فقلت : يا مولاي الماء حاضر ، ولكن ليس في الدار مغتسل إلا أن يحضر من
خارج الدار قال : بل هو في الخزانة فدخلتها فوجدتها وفيها مغتسل ولم أره قبل
ذلك فأتيته به وبالمأء ، قال : تعال حتى نحمل الرضا عليه السلام فحملناه على المغتسل
ثم قال : اعزب عني فغسله وهو وحده ثم قال : هات أكفانه والحنوط قلت :
لم نعد له كفنا ، قال : ذلك في الخزانة فد خلتها فرأيت في وسطها أكفانا وحنوطا
لم أره قبل ذلك ، فأتيته به فكفنه وحنطه .
ثم قال لي : هات التابوت من الخزانة فاستحييت منه أن أقول : ما عندنا تابوت
فدخلت الخزانة فوجدت بها تابوتا لم أره قبل ذلك فأتيته به فجعله فيه فقال : تعال
حتى نصلي عليه ، وصلى به وغربت الشمس ، وكان وقت صلاة المغرب ، فصلى
[ 51 ]
بي المغرب والعشاء وجلسنا نتحدث فانفتح السقف ورفع التابوت .
فقلت : يا مولاي ليطالبني المأمون به فماتكون حيلتي ؟ فقال : لا عليك سيعود
إلى موضعه فما من نبي يموت في مغرب الارض ولا يموت وصي من أوصيائه في
مشرقها إلا جمع الله بينهما قبل أن يدفن ، فلما مضى من الليل نصفه أو أكثر إذا
التابوت رجع من السقف حتى استقر مكانه .
فلما صلينا الفجر قال : افتح باب الدار فان هذا الطاغي يجيئك الساعة
فعرفه أن الرضا عليه السلام قد فرغ من جهازه ، قال : فمضيت نحو الباب فالتفت فلم أره
يدخل من باب ولم يخرج من باب فاذا المأمون قدوا في فلما رآني قال : مافعل
الرضا ؟ قلت : عظم الله أجرك ، فنزل وخرق ثيابه ، وسفى التراب على رأسه وبكى
طويلا ثم قال : خذوا في جهازه فقلت : قد فرغ منه ، قال : ومن فعل به ذلك ؟ قلت :
غلام وافاه لم أعرفه إلا أني ظننته ابن الرضا عليه السلام .
قال فاحفروا له في القبة قلت : فانه سألك أن تحضر موضع دفنه قال : نعم
فأحضروا كرسيا وجلس عليه وأمر أن يحفروا له عند الباب فخرجت الصخرة فأمر
بالحفر في يمنة القبة ، فخرجت النبكة ثم أمر بذلك في يسرتها فبرزت النبكة
الاخرى وأمر بالحفر في الصدر فاستمر الحفر .
فلما فرغت منه وضعف يدي إلى أسفل القبر وتكلمت بالكمات ، فنبع الماء
وظهرت السميكات ، ففتت لها كسرة فأكلت ثم ظهرت السمكة الكبيرة فابتلعتها
كلها وغابت فوضعت يدي على الماء وأعدت الكلمات فنضب الماء كله وانتزعت
الكلمات من صدري من ساعتي فلم أذكر منها حرفا واحدا فقال المأمون : يا أباالصلت
الرضا عليه السلام أمرك بهذا ؟ قلت : نعم قال : مازال الرضا عليه السلام يرينا العجائب في حياته
ثم أراناها بعد وفاته .
فقال لوزيره : ماهذا ؟ قال : الهمت أنه ضرب لكم مثلا بأنكم تمتعون
في الدنيا قليلا مثل هذه السميكات ثم يخرج واحد منهم فيهلككم
فلما دفن عليه السلام قال لي المأمون : علمني الكلمات ، قلت : قدوالله انتزعت من
[ 52 ]
قلبي فما أذكر منها كلمة واحدة حرفا وبالله لقد صدقته فلم يصدقني وتوعدني
القتل إن لم اعلمه إياها وأمرني إلي الحبس ، فكان في كل يوم يدعوني إلى القتل
أو أعلمه ذلك ، فأحلف له مرة بعد اخرى كذلك سنة فضاق صدري فقمت ليلة
جمعة فاغتسلت وأحييتها راكعا وساجدا وباكيا ومتضرعا إلى الله في خلاصي فلما
صليت الفجر إذا أبوجعفرابن الرضا عليهما السلام قد دخل إلي وقال : يا أبا الصلت قد ضاق
صدرك ؟ قلت : إي والله يا مولاي قال : أما لوفعلت قبل هذا ما فعلته الليلة لكان الله
قد خلصك كما يخلصك الساعة .
ثم قال : قم ! قلت : إلى أين والحراس على باب السجن ، والمشاعل بين أيديهم ؟
قال : قم فانهم لا يرونك ولاتلتقى معهم بعد يومك ، فأخذ بيدي وأخرجني من بينهم
وهم قعود يتحدثون والمشاعل بينهم فلم يرونا ، فلما صرنا خارج السجن قال : أي
البلاد تريد ؟ قلت : منزلي بهراة قال : أرخ رداءك على وجهك وأخذ بيدي فظننت أنه
حولني عن يمنته إلى يسرته ، ثم قال لي : اكشف فكشفته فلم أره فاذا أنا على باب
منزلي فدخلته فلم ألتق مع المأمون ولا مع أحد من أصحابه إلى هذه الغاية ( 1 ) .
25 - يج : روي عن الحسن بن علي الوشاء قال : كنت بالمدينة بالصريا في
المشربة مع أبي جعفر عليه السلام فقام وقال : لا تبرح فقلت في نفسي : كنت أردت أن أسأل
أبا الحسن الرضا عليه السلام قميصا من ثيابه فلم أفعل فاذا عاد إلي أبوجعفر عليه السلام فأسأله
فأرسل إلي من قبل أن أسأله ومن قبل أن يعود إلي وأنا في المشربة بقميص وقال
الرسول : يقول لك : هذا من ثياب أبي الحسن التي كان يصلي فيها .
26 - يج : روي عن ابن اورمة قال : حملت امرأه معي شيئا من حلي وشيئا
من دارهم وشيئا من ثياب فتوهمت أن ذلك كله لها ولم أحتط عليها ( 2 ) أن ذلك
* ( هامش ) * ( 1 ) لم نجده في مختار الخرائج ، وقدرواه الصدوق في عيون أخبار الرضا ج 2 ص
242 - 245 ، وأخرجه المصنف في تاريخ الامام ابى الحسن الرضا عليه السلام باب شهادته
وتغسيله تحت الرقم 10 ، راجع ج 49 ص 300 من طبعتنا هذه .
( 2 ) في المصدر : ولم أسألها أن لغيرها في ذلك شيئا .
[ 53 ]
لغيرها فيه شئ فحملت إلى المدينة مع بضاعات لا صحابنا فوجهت ذلك كله إليه
وكتبت في الكتاب أني قد بعثت إليك من قبل فلانة بكذا ، ومن قبل فلان وفلان
بكذا ، فخرج في التوقيع : قد وصل ما بعثت من قبل فلان وفلان ومن قبل المرءتين
تقبل الله منك ورضي الله عنك وجعلك معنا في الدنيا والاخرة .
فلما سمعت ذكر المرءتين شككت في الكتاب أنه غير كتابه وأنه قد عمل
على دونه لا ني كنت في نفسي على يقين أن الذي دفعت إلي المرأة كان كله لها وهي
مرأة واحدة فلما رأيت امرأتين اتهمت موصل كتابي فلما انصرفت إلى البلاد
جاء تني المرأة فقالت : هل أو صلت بصاعتي ؟ فقلت : نعم ، قالت : وبضاعة فلانه ؟
قلت : هل كان فيها لغيرك شئ قالت : نعم ، كان لي فيها كذا ولا ختي فلانة كذا
قلت : بلى أوصلت ( 1 ) .
27 - يج : روى بكربن صالح ، عن محمد بن فضيل الصير في قال : كتبت إلى
أبي جعفر عليه السلام كتابا وفي آخره : هل عندك سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ونسيت أن أبعث
بالكتاب ، فكتب إلي بحوائج وفي آخر كتابه " عندي سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وهو
فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل يدور معنا حيث درنا وهو مع كل إمام
وكنت بمكة ، فأضمرت في نفسي شيئا لا يعلمه إلا الله ، فلما صرت إلى
المدينة ودخلت عليه نظر إلي فقال : استغفرالله لمأ أضمرت ولا تعد ، قال بكر :
فقلت لمحمد : أي شئ هذا ؟ قال : لا اخبربه أحدا .
قال : وخرج باحدى رجلي العرق المدني وقد قال لي قبل أن خرج
العرق في رجلي وقد عاهدته فكان آخرما قال : إنه ستصيبت وجعا فاصبر فأيما رجل
من شيعتنا اشتكى فصبر واحتسب كتب الله له أجر ألف شهيد ، فلما صرت في بطن مر
ضرب على رجلي وخرج بي العرق ، فمازلت شا كيا أشهر او حججت في السنة الثانية
فدخلت عليه فقلت : جعلني الله فداك عوذ رجلي ، وأخبرته أن هذه التي توجعني
فقال : لا بأس على هذه أرني رجلك الاخرى الصحيحة ، فبسطتها بين يديه وعوذها
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج والحرائح ص 209 وزاد بعده : وزال ما كان عندى .
[ 54 ]
فلما قمت من عنده خرج في الرجل الصحيحة فرجعت إلى نفسي فعلمت أنه عوذها
قبل من الوجع فعافاني الله من بعد .
28 - شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 1 ) عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد
عن محمد بن علي ، عن محمد بن حمزة ، عن محمدبن علي الهاشمي قال : دخلت
على أبي جعفر عليه السلام صبيحة عرسه ببنت المأمون وكنت تناولت من أول الليل دواء
فأول من دخل في صبيحته أناوقد أصابني العطش وكرهت أن أعو بالماء فنظر
أبوجعفر عليه السلام في وجهي ، وقال : أراك عطشانا قلت : أجل قال : يا غلام اسقنا ماء


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 54 سطر 8 الى ص 62 سطر 8

فقلت في نفسي : الساعة يأتونه بماء مسموم ، واغتممت لذلك فأقبل الغلام ومعه
الماء فتبسم في وجهي ثم قال : يا غلام ناولني الماء ، فتناول وشرب ، ثم ناولني
وشربت ، وأطلت عنده وعطشت ، فدعا بالماء ففعل كما فعل بالمرة الاولى فشرب
ثم ناولني وتبسم .
قال محمد بن حمزة : قال لي محمد بن علي الهاشمي : والله إني أظن أن
أبا جعفر عليه السلام يعلم ما في النفوس كماتقول الرافضة ( 2 ) .
29 - عم ، شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 3 ) عن عدة من أصحابه ، عن أحمد
ابن محمد ، عن الحجال وعمر بن عثمان ، عن رجل من أهل المدينة ، عن المطر في قال :
مضى أبوالحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام ولي عليه أربعة آلاف درهم ، لم يكن
يعرفها غيري وغيره ، فأرسل إلي أبوجعفر عليه السلام إذا كان غدا فائتني فأتيته من الغد
فقال لي : مضى أبوالحسن ولك عليه أربعة آلاف درهم ، فقلت : نعم ، فرفع المصلى
الذي كان تحته ، فاذا تحته دنانير فدفعها إلي ، وكان قيمتها في الوقت أربعة آلاف
درهم ( 4 )
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 1 ص 495 و 496 .
( 2 ) ارشاد المفيدص 305 و 306 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 497 ( 4 ) ارشاد المفيد ص 306 .
[ 55 ]
يج : عن المطر في مثله ( 1 ) 30 - جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن
ابن مهزيار ، عن بكر بن صالح قال : كتب صهرلي إلي أبي جعفرالثاني عليه السلام أن
أبي ناصب خبيث الرأي وقد لقيت منه شدة وجهدا ، فر أيك جعلت فداك في الدعاء
لي ، وما ترى جعلت فداك أفترى أن اكاشفه أم اداريه ؟ فكتب قد فهمت كتابك
وما ذكرت من أمر أبيك ، ولست أدع الدعاء لك إنشاء الله والمداراة خير لك من
المكاشفة ، ومع العسر يسر ، فاصبرإن العاقبة للمتقين ثبتك الله على ولاية من
توليت ، نحن وأنتم في وديعة الله التي لا يضيع ودائعه قال بكر : فعطف الله بقلب أبيه
حتى صار لا يخالفه في شئ .
31 - قب : قال عسكر مولى أبي جعفر عليه السلام : دخلت عليه فقلت في نفسي :
يا سبحان الله ماأشد سمرة مولاي وأضوء جسده ؟ قال : فوالله ما استتممت الكلام
في نفسي حتى تطاول وعرض جسده ، وامتلا به الايوان إلى سقفه ، ومع جوانب
حيطانه ثم رأيت لونه وقد أظلم حتى صار كالليل المظلم ثم ابيض حتى صار
كأبيض ما يكون من الثلج ثم احمر حتى صار كالعلق المحمر ثم اخضر حتى صار
كأخضر ما يكون من الاغصان الورقة الخضرة ، ثم تناقص جسمه حتى صار في
صورته الاولة وعاد لونه الاول وسقطت لوجهي مما رأيت .
فصاح بي : يا عسكر تشكون فننبئكم وتضعفون فتقويكم ، والله لاوصل
إلى حقيقة معرفتنا إلا من من الله عليه بنا ، وارتضاه لنا وليا .
بنان بن نافع قال : سألت علي بن موسى الرضا عليهما السلام فقلت : جعلت فداك
من صاحب الامر بعدك ؟ فقال لي : يا ابن نافع يدخل عليك من هذا الباب من
ورث ماورثته ممن هو قبلي ، وهو حجة الله تعالى من بعدي ، فبينا أنا كذلك إذ
دخل علينا محمد بن علي عليهما السلام فلما بصربي قال لي : يا ابن نافع ألا احدثك
* ( هامش ) * ( 1 ) لم نجده في مختار الخرائج المطبوع ، أخرجه ابن شهرآشوب في المناقب
ص 391
[ 56 ]
بحديث ؟ إنا معاشر الائمة إذا حملته امه يسمع الصوت في بطن امه أربعين يوما
فاذا أتى له في بطن امه أربعة أشهر رفع الله تعالى له أعلام الارض فقرب له ما بعد
عنه ، حتى لا يعزب عنه حلول قطرة غيث نافعة ولا ضارة ، وإن قولك لابي الحسن :
من حجة الدهر والزمان من بعده ؟ فالذي حدثك أبوالحسن ما سألت عنه هو الحجة
عليك ، فقلت : أنا أول العابدين .
ثم دخل علينا أبوالحسن فقال لي : ياابن نافع سلم وأذعن له بالطاعة ، فروحه
روحي وروحي روح رسول الله صلى الله عليه وآله ( 1 ) .
اجتاز المأمون بابن الرضا عليه السلام وهوبين صبيان فهربوا سواه فقال : علي به فقال
له : مالك لا هربت في جملة الصبيان ؟ قال : مالي ذنب فأفر منه ، ولا الطريق ضيق
فاوسعه عليك ، سرحيث شئت فقال : من تكون أنت ؟ قال : أنا محمد بن علي بن
موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فقال :
ما تعرف من العلوم ؟ قال : سلني عن أخبار السماوات ، فودعه ومضى ، وعلى يده
باز أشهب يطلب به الصيد -
فلما بعد عنه نهض عن يده الباز فنظر يمينه وشماله لم يرصيدا والباز يثب عن
يده فأرسله فطار يطلب الافق حتى غاب ناظره ساعة ، ثم عاد إليه وقد صادحية
فوضع الحية في بيت الطعم ، وقال لا صحابه : قد دنا حتف ذلك الصبي في هذا اليوم
على يدي .
ثم عاد وابن الرضا عليه السلام في جملة الصبيان فقال : ماعندك من أخبار السماوات ؟
فقال : نعم ، يا أمير المؤمنين حدثني أبي ، عن آبائه عن النبي ، عن جبرئيل عن
رب العالمين أنه قال : بين السماء والهواء بحر عجاج ، يتلاطم به الامواج ، فيه حيات
خضر البطون ، رقط الظهور ، يصيدها الملوك بالبزاة الشهب ، يمتحن به العلماء
فقال : صدقت وصدق أبوك وصدق جدك وصدق ربك فأركبه ثم زوجه
* ( هامش ) * ) 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 387 و 388 .
[ 57 ]
ام الفضل ( 1 ) .
وفي كتاب " معرفة تركيب الجسد " عن الحسين بن أحمد التيمى : روي
عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أنه استدعى فاصدا في أيام المأمون فقال له : افصدني
في العرق الزاهر ! فقال له : ما أعرف هذا العرق يا سيدي ، ولا سمعت به
فأراه إياه فلما فصده خرج منه ماء أصفر فجرى حتى امتلا الطشت ثم قال له :
أمسكه وأمر بتفريغ الطست ، ثم قال : خل عنه ، فخرج دون ذلك ، فقال شده
الان ، فلما شديده أمر له بمائة دينار ، فأخذها وجاء إلى يوحنا بن بختيشوع
فحكى له ذلك فقال : والله ما سمعت بهذا العرق مذ نظرت في الطب ، ولكن ههنا فلان
الاسقف قد مضت عليه السنون فامض بناإليه فان كان عنده علمه وإلا لم نقدر على
من يعلمه ، فمضيا ودخلا عليه وقصا القصص ، فأطرق مليا ثم قال : يوشك أن يكون
هذا الرجل نبيا أو من ذرية نبي ( 2 )
أبوسلمة قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام وكان بي صمم شديد فخبر بذلك لما
أن دخلت عليه ، فدعاني إليه فمسح يده عليه اذني ورأسي ثم قال : اسمع وعه !
فوالله إني لا سمع الشئ الخفي عن أسماع الناس من بعد دعوته .
وروي أن أبان جعفر عليه السلام لما صار إلى شارع الكوفة نزل عند دار المسيب ، و
كان في صحنه نبقة ( 3 ) لم تحمل فدعا بكوز فيه مآء فتوضأ في أسفل النبقة وقام
فصلى بالناس المغرب والعشاء الاخرة ، وسجد سجدتي الشكر ، ثم خرج . فلما
انتهى إلى النبقة رآها الناس وقد حملت حملا حسنا فتعجبوا من ذلك وأكلوا
منها فوجدوا نبقا حلوا لا عجم له ، وودعوه ومضى إلى المدينة .
قال الشيخ المفيد : وقد أكلت من ثمرها وكان لا عجم له ( 4 )
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر ج 4 ص 388 و 389
( 2 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 389
( 3 ) النبق - بالفتح والكسر وهكذا محركة وككتف - حمل شجر السدر ، اشبه شئ
به العناب قبل ان تشتد حمرته .
( 4 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 390 .
[ 58 ]
32 - نجم : باسنادنا إلى محمد بن جرير الطبري باسناده إلى إبراهيم بن سعيد
قال : كنت جالسا عند محمد بن علي الجواد عليه السلام إذ مر بنا فرس انثى فقال : هذه تلد
الليلة فلوا ( 1 ) أبيض الناصية في وجهه غرة فاستأذنته ثم انصرفت مع صاحبها ، فلم
أزل احدثه إلى الليل حتى أتت فلوا كما وصف فأتيته قال : يا ابن سعيد شككت
فيما قلت لك أمس ؟ إن التي في منزلك حبلى بابن أعور فولدت والله محمدا وكان
أعور .
33 - نجم : باسنادنا إلى الحميري في كتاب الدلائل باسناده إلى صالح بن
عطية قال : حججت فشكوت إلى أبي جعفر يعني الجواد عليه السلام الوحدة ، فقال : أما
إنك لا تخرج من الحرم حتى تشتري جارية ترزق منها ابنا قلت : جعلت فداك أفترى
أن تشير علي ؟ فقال : نعم اعترض فاذا رضيت فأعلمني فقلت : جعلت فداك فقد رضيت
قال : اذهب فكن بالقرب حتى اوافيك فصرت إلى دكان النخاس فمربنا فنظر
ثم مضى فصرت إليه فقال : قد رأيتها إن أعجبك فاشترها على أنها قصيرة العمر
قلت : جعلت فداك فما أصنع بها ؟ قال : قد قلت لك .
فما كان من الغد صرت إلى صاحبها فقال : الجارية محمومة وليس فيها غرض
فعدت إليه من الغد فسألته عنها فقال : دفنتها اليوم فأتيته فأخبرته الخبر فقال : اعترض
فاعترضت فأعلمته فأمر ني أن أنظره فصرت إلى دكان النخاس فركب فمربنا
فصرت إليه فقال : اشترها فقد رأيتها فاشتريتها فحو لتها ، وصبرت عليها ، حتى طهرت
ووقعت عليهافحملت وولدت لي محمدا ابني .
34 - دلائل الطبرى عن أبي المفضل عن بدر بن عمار الطبرستاني عن محمد بن
علي الشلمغاني قال : حج إسحاق بن إسماعيل في السنة التي خرجت الجماعة إلى
أبي جعفر عليه السلام قال إسحاق : فأعددت له في رقعة عشرة مسائل لا سأله عنها وكان لي
حمل فقلت : إذا أجابني عن مسائلي سألته أن يدعو الله لي أن يجعله ذكرا ، فلما
سألته الناس قمت والرقعة معي لا سأله عن مسائلي فلما نظر إلي قال لي : يا أبا يعقوب
* ( هامش ) * ( 1 ) الغلو - بالكسر وكعدو وسمو - الححش والمهر ، والانثى فلوة
[ 59 ]
سمه أحمد ، فولد لي ذكر فسميته أحمد فعاش مدة ومات ، وكان ممن خرج
مع الجماعة .
علي بن حسان الواسطي المعروف بالعمش قال : حملت معي إليه من الالة
التي للصبيان بعضا من فضة ، وقلت أتحف مولاي أباجعفر عليه السلام بها فلما تفرق
الناس عنه عن جواب لجميعهم قام فمضى إلى صريا واتبعته فلقيت موفقا فقلت : استأذن
لي على أبي جعفر عليه السلام فدخلت وسلمت فرد علي السلام وفي وجهه الكراهة ولم
يأمرني بالجلوس فدنوت منه وفرغت ماكان في كمي بين يديه فنظر إلي نظر مغضب
ثم رمى يمينا وشمالا ثم قال : مالهذا خلقني الله ما أنا واللعب ؟ فاستعفيته فعفى
عني فخرجت .
وعن عبدالله بن محمد قال : قال عمارة بن زيد : رأيت محمد بن علي عليه السلام وبين
يديه قصعة صيني فقال : يا عمارة أترى من هذا عجبا ؟ فقلت : نعم ، فوضع يده عليه
فذاب حتى صار ماء اثم جمعه فجعله في قدح ثم ردها ومسحها بيده فاذا هي قصعة
كما كانت فقال : مثل هذا فليكن القدرة .
وعن محمد بن هارون بن موسى ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد
عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن زكريا بن آدم قال : إني لعند الرضا إذ جئ
بأبي جعفر عليه السلام وسنة أقل من أربع سنين ، فضرب بيده إلى الارض ورفع رأسه إلي
السماء فأطال الفكر ، فقال له الرضا عليه السلام : بنفسي فلم طال فكرك ؟ فقال : فيما صنع
بامي فاطمة ، أما والله لا خر جنهما ثم لا حرقنهما ثم لا ذرينهما ثم لا نسفنهما
في اليوم نسفا ، فاستدنا ه وقبل بين عينيه ، ثم قال : بأبي أنت وامي أنت لها يعني
الامامة .
35 - قب : الحسين بن محمد الاشعري قال : حدثني شيخ من أصحابنا يقال له عبد
الله بن رزين قال : كنت مجاورا بالمدينة الرسول وكان أبوجعفر عليه السلام يجئ
في كل يوم مع الزوال إلى المسجد فينزل إلى الصخرة ويمر ( 1 ) إلى رسول الله
* ( هامش ) * ( 1 ) ويصير ، خ ل .
[ 60 ]
صلى الله عليه وآله ويسلم عليه ، ويرجع إلى بيت فاطمة ويخلع نعله فيقوم فيصلي
فوسوس إلي الشيطان فقال : إذا نزل فاذهب حتى تأخذ من التراب الذي يطأ
عليه فجلست في ذلك اليوم أنتظره لا فعل هذا .
فلما أن كان في وقت الزوال أقبل عليه السلام على حمار له فلم ينزل في الموضع
الذي كان ينزل فيه فجازه حتى نزل على الصخرة التي كانت على باب المسجد ثم
دخل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم رجع إلى مكانه الذي كان يصلي فيه ففعل ذلك
أياما فقلت إذا خلع نعليه جئت فأخذت الحصا الذي يطأ عليه بقدميه .
فلما كان من الغد جاء عند الزوال فنزل على الصخرة ثم دخل على رسول
الله صلى الله عليه وآله وجاء الموضع الذي كان يصلي فيه ولم يخلعهما ففعل ذلك أياما فقلت
في نفسي : لم يتهيألي ههنا ولكن أذهب إلى الحمام فاذا دخل الحمام آخذ من التراب
الذي يطأ عليه .
فلما دخل عليه السلام الحمام ، دخل في المسلخ بالحمار ونزل على الحصير
فقلت للحمامي في ذلك فقال : والله وما فعل هذا قط إلا في هذا اليوم فانتظرته فلما
خرج دعا بالحمار فادخل المسلخ وركبه الحصير وخرج ، فقلت : والله آذيته و
لا أعود أروم ما رمت منه أبدا ، فلما كان وقت الزوال نزل في الموضع الذي كان
ينزل فيه ( 1 )
36 - كا : الحسين بن محمد الا شعري قال حدثني شيخ من أصحابنا يقال له :
عبدالله بن رزين وساق الحديث إلى قوله ولكن أذهب إلى باب الحمام فاذا دخل
أخذت من التراب الذي يطأ عليه فسألت عن الحمام فقيل لي إنه يدخل حماما
بالبقيع لرجل من ولد طلحة ، فتعر فت اليوم الذي يدخل فيه الحمام ، صرت
إلى باب الحمام وجلست إلى الطلحي احدثه وأنا أنتظر مجيئه عليه السلام .
فقال الطلحي : إن أردت دخول الحمام فقم فادخل فانه لا يتهيؤلك بعد ساعة
قلت : ولم ؟ قال : لان ابن الرضا يريد دخول الحمام ، قال : قلت : ومن ابن الرضا ؟ * ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 295 و 396 .
[ 61 ]
قال : رجل من آل محمد صلى الله عليه وآله له صلاح وورع ، قلت له : ولا يجوز أن يدخل معه
الحمام غيره ؟ قال : نخلي له الحمام إذا جاء قال : فبينا أنا كذلك إذ أقبل عليه السلام ومعه
غلمان له ، وبين يديه غلام ، ومعه حصير حتى أدخله المسلخ ، فبسطه ووافى وسلم
ودخل الحجرة على حماره ، ودخل المسلخ ، ونزل على الحصير .
فقلت للطلحي : هذا الذي وصفته بما وصفت من الصلاح والورع ؟ فقال :
يا هذا والله ما فعل هذا قط إلا في هذا لااليوم ، فقلت في نفسي : هذا من عملي أنا
جنيته ثم قلت : أنتظره حتى يخرج فلعلي أنال ما أردت إذا خر ج ، فلما خرج
وتلبس دعا بالحمار وأدخل المسلخ ، وركب من فوق الحصير وخرج عليه السلام
فقلت في نفسي : قد والله آذيته ولا أعود أروم ما رمت منه أبدا وصح عزمي على
ذلك ، فلما كان وقت الزوال من ذلك اليوم أقبل على حماره حتى نزل في الموضع
الذى كان ينزل فيه في الصحن ، فدخل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وجاء إلى الموضع الذى كان يصلي فيه في بيت فاطمة عليها السلام وخلع نعليه وقام يصلي ( 1 ) .
بيان : كأن المراد بالصحن الفضاء عند باب المسجد قوله " فوسوس " إنما
نسب ذلك إلى الشيطان لما علم بعد ذلك أنه عليه السلام لم يرض به إما للتقية أو لانه
ليس من المندوبات ، أو لا ظهار حاله والاول أظهر " ولا يجوز " على المجرد أو
التفعيل " هذا الذي وصفته " استفهام تعجبي وغرضه أن مجيئه راكبا إلى الحصير
من علامات التكبر وهو ينافي " أنا جنيته " أي جررته إليه والضمير راجع إلى هذا
في القاموس جنى الذنب عليه جره إليه ( 2 )
37 - قب : ( 3 ) محمد بن الريان قال : احتان المأمون على أبي جعفر عليه السلام
بكل حيلة فلم يمكنه فيه شئ فلما [ اعتل و ] أراد أن يبني ابنته دفع إلي مائة
وصيفة من أجمل مايكن إلى كل واحدة منهن جاما فيه جوهر يستقبلون أبا جعفر
* ( هامش ) * ( 1 ) اصول الكافى ج 1 ص 493 و 494 .
( 2 ) القاموس ج 4 ص 313 .
( 3 ) في المصدر : الكلينى باسناده إلى محمد بن الريان .
[ 62 ]
عليه السلام إذا قعد في موضع الاختان فلم يلتفت إليهن .
وكان رجل يقال له مخارق صاحب صوت وعود وضرب ، طويل اللحية . فدعاه
المأمون فقال : يا أمير المؤمنين إن كان في شئ من أمر الدنيا فأما أكفيك أمره
فقعد بين يدي أبي جعفر عليه السلام فشهق مخارق شهقة اجتمع إليه أهل الدار ، وجعل
يضرب بعوده ويغني ، فلما فعل ساعة وإذا أبوجعفر عليه السلام لا يلتفت إليه ولا يمينا ولا
شمالا ثم رفع رأسه إليه وقال : اتق الله يا ذا العثنون ! قال : فسقط المضراب
من يده والعود ، فلم ينتفع بيده إلى أن مات ( 1 ) .
قال : فسأله المأمون عن حاله قال : لما صاح بي أبوجعفر فزعت فزعة لا أفيق


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 62 سطر 9 الى ص 70 سطر 9

منها أبدا .
كا : علي بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن الريان مثله ( 2 )
بيان : كأن احتياله لا دخاله فيما فيه من اللهو والفسوق ، بنى على أهله
بناء : زفها و " العثنون " اللحية أو ما فضل منها بعد العارضين أو ما نبت على الذقن
وتحته سفلا أو هو طولها " " والعثنون " أيضا شعيرات تحت حنك البعير .
38 - قب : أبوهاشم الجعفري قال : صليت مع أبي جعفر عليه السلام في مسجد
المسيب وصلى بنا في موضع القبلة سواء وذكر أن السدرة التي في المسجد كانت
يابسة ليس عليها ورق فدعا بماء وتهيأ تحت السدرة فعاشت السدرة وأورقت وحملت
من عامها ( 3 ) .
وقال ابن سنان : دخلت على أبي الحسن عليه السلام فقال : يا محمد حدث بآل فرج
حدث ؟ فقلت : مات عمر ، فقال : الحمد لله على ذلك أحصيت له أربعا وعشرين مرة
ثم قال : أو لاتدري ما قال لعنه الله لمحمد بن علي أبي ؟ قال : قلت : لا ، قال : خاطبه
في شئ فقال : أظنك سكران ، فقال أبي : اللهم إن كنت تعلم أني أمسيت لك صائما
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 396 ومابعده زيادة الحقهاالمؤلف - رحمه الله -
من الكافى .
( 2 ) اصول الكافى ج 1 ص 494
( 3 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 396 .
[ 63 ]
فأذقه طعم الحرب وذل الاسر ، فوالله إن ذهبت الايام حتى حرب ماله ، وماكان
له ، ثم أخذ أسيرا فهو ذا مات الخبر ( 1 )
39 - قب ، عم : روى محمد بن أحمد بن يحيى في كتاب نوادر الحكمة عن موسى
ابن جعفر ، عن امية بن علي قال : كنت بالمدينة وكنت أختلف إلى أبي عليه السلام
وأبوالحسن بخراسان وكان أهل بيته وعمومة أبيه يأتونه ويسلمون عليه فدعا يوما
الجارية فقال : قولي لهم : يتهيأون للمأتم ، فلما تفرقوا قالوا : لا سألناه مأتم من ؟
فلما كان من الغد فعل مثل ذلك ، فقالوا مأتم من ؟ قال : مأتم خير من على ظهرها
فأتانا خبر أبي الحسن عليه السلام بعد ذلك بأيام فاذا هو قد مات في ذلك اليوم ( 2 )
وفيه عن حمدان بن سليمان ، عن أبي سعيد الارمني ، عن محمد بن عبدالله بن
مهران قال : قال محمد بن الفرج : كتب إلي أبوجعفر عليه السلام احملوا إلي الخمس
فاني لست آخذه منكم سوى عامي هذا ، فقبض عليه السلام في تلك السنة ( 3 )
40 - كشف : من دلائل الحميري ، عن امية بن علي قال : كنت مع أبي الحسن
بمكة في السنة التي حج فيها ثم صار إلى خراسان ومعه أبوجعفر وأبوالحسن
يودع البيت ، فلما قضى طوافه عدل إلى المقام فصلى عنده فصار أبوجعفر عليه السلام
على عنق موفق يطوف به ، فصار أبوجعفر إلى الحجر فجلس فيه فأطال ، فقال له
موفق : قم جعلت فداك ! فقال : ما اريد أن أبرح من مكاني هذا إلا أن يشاءالله
واستبان في وجهه الغم .
فأتى موفق أبا الحسن عليه السلام فقال له : جعلت فداك ! قد جلس أبوجعفر عليه السلام
في الحجر وهو يأبى أن يقوم ، فقام أبوالحسن عليه السلام فأتى أبا جعفر عليه السلام فقال له :
قم ياحبيبي ! فقال : ما اريد أن أبرح من مكاني هذا ، فقال : بلى يا حبيبي ، ثم
قال : كيف أقوم وقد ودعت البيت وداعا لا ترجع إليه ؟ فقال : قم يا حبيبي
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدرج 4 ص 397 .
( 2 ) المصدرج 4 ص 398 .
( 3 ) المصدرنفسه ، والاسناد غير مذكور فيه .
[ 64 ]
فقام معه ( 1 )
وعن ابن بزيع العطار قال : قال أبوجعفر عليه السلام الفرج بعد المأمون بثلاثين
شهرا ، قال : فنظرنا فمات عليه السلام بعد ثلاثين شهرا .
وعن معمربن خلاد ، عن أبي جعفر أو عن رجل ، عن أبي جعفر عليه السلام الشك
من أبي علي قال : قال أبوجعفر : يامعمرا ركب ! قلت : إلى أين ؟ قال : اركب كما
يقال لك قال : فركبت فانتهيت إلى واد أو إلى وهدة الشك من أبي علي فقال لي :
قف ههنا ، فوقفت فأتاني فقلت له : جعلت فداك أين كنت ؟ قال : دفنت أبي الساعة
وكان بخراسان .
قال قاسم بن عبدالرحمان : وكان زيديا قال : خرجت إلى بغداد فبينا أنا بها
إذ رأيت الناس يتعادون ويتشرفون ويقفون ، فقلت : ما هذا ؟ فقالوا : ابن الرضا
ابن الرضا ، فقلت : والله لا نظرن إليه فطلع على بغل أو بغلة ، فقلت : لعن الله
أصحاب الامامة حيث يقولون إن الله افترض طاعة هذا ، فعدل إلي وقال : يا قاسم
ابن عبدالرحمان " أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر " ( 2 ) فقلت في
نفسي ساحرو الله فعدل إلي فقال : " ءالقي الذكر عليه من بيننابل هو كذاب أشر " ( 3 )
قال : فانصرفت وقلت بالامامة ، شهدت أنه حجة الله على خلقه واعتقدت ( 4 )
41 - كش : أحمد بن علي بن كلثوم السر خسي قال : رأيت رجلا من
أصحابنا يعرف بأبي زينبة فسألني عن أحكم بن بشار المروزي ، وسألني عن قصته
وعن الاثر الذي في حلقه ، وقد كنت رأيت في بعض حلقه شبه الخط كأنه أثر
الذبح ، فقلت له : قد سألته مرارا فلم يخبرني .
قال : فقال : كنا سبعة نفر في حجرة واحدة ببغداد في زمان أبي جعفر الثاني عليه السلام
فغاب عنا أحكم من عند العصر ولم يرجع في تلك الليلة فلما كان في جوف الليل
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 215 .
( 2 و 3 ) القمر : 24 و 25 .
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 216
[ 65 ]
جاءنا توقيع من أبي جعفر عليه السلام أن صاحبكم الخراساني مذبوح مطروح في لبد ( 1 )
في مزبلة كذاوكذا ، فاذهبوا وداووه بكذا وكذا ، فذهبنا فوجدناه مذبوحا
مطروحا كما قال ، فحملناه وداويناه بما أمرنا به فبرأ من ذلك .
قال أحمد بن علي : كان من قصته أنه تمتع ببغداد في دار قوم فعلموا به
فأخذوه وذبحوه ، وأدرجوه في لبد وطرحوه في مزبلة ( 2 )
قب : أبوزينبة مثله ( 3 )
42 - كش : وجدت بخط جبرئيل ابن أحمد : حدثني محمد بن عبدالله بن
مهران ، عن عبدالله بن عامر ، عن شاذويه بن الحسن بن داود القمي قال : دخلت
على أبي جعفر عليه السلام وبأهلي حبل ، فقلت له : جعلت فداك ادع الله أن يرزقني ولدا
ذكرا فأطرق مليا ثم رفع رأسه فقال : اذهب فان الله يرزقك غلاما ذكرا ثلاث
مرات .
قال : فقدمت مكة فصرت إلى المسجد فأتى محمد بن الحسن بن صباح برسالة
من جماعة من أصحابنا منهم صفوان بن يحيى ، ومحمد بن سنان وابن أبي عمير وغيرهم
فأتيتهم فسألوني فخبرتهم بما قال ، فقالوا لي : فهمت عنه ذكرا وذكى ( 4 ) ؟ فقلت :
ذكرا قد فهمت قال ابن سنان : أما أنت سترزق ولدا ذكرا أما إنه يموت على المكان
أو يكون ميتا .
فقال أصحابنا لمحمد بن سنان : أسأت ، قد علمنا الذي علمت ، فأتى غلام في
المسجد ، فقال : أدرك فقد مات أهلك فذهبت مسرعا ووجدتها على شرف الموت
* ( هامش ) * ( 1 ) اللبد - بالكسر - بساط من صوف أو غيره . يجعل على ظهر الفرس تحت السرج
ويعرف باللبادة .
( 2 ) رجال الكشى تحت الرقم 460 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 397 .
( 4 ) في المصدر " ذكرا وزكى " بالزاى وفى بعض النسخ الذى كان عند المصنف قدس
سره " ذكرا وزكر " بالراء كما في هامش نسخة الاصل .
[ 66 ]
ثم لم تلبث أن ولدت غلاما ذكرا ميتا ( 1 )
بيان : قوله ذكرا وذكى لعل المعنى أنه عليه السلام لما قال : غلاما لم يحتج
إلى الوصف بالذكورة ، فقالوا : لعله كان ذكيا من التذكية بمعني الذبح كناية
عن الموت .
43 - كش : حمدويه ، عن أبي سعيد الادمي ، عن محمد بن مر زبان ، عن محمد
ابن سنان ، قال : شكوت إلى الرضا عليه السلام وجع العين فأخذ قرطاسا فكتب إلى
أبي جعفر عليه السلام وهو أقل من يدي ودفع الكتاب إلى الخادم وأمرني أن أذهب معه
وقال : اكتم فأتيناه وخادم قد حمله قال : ففتح الخادم الكتاب ، بين يدي أبي جعفر
عليه السلام قال : فجعل أبوجعفر عليه السلام ينظر في الكتاب ويرفع رأسه إلى السماء
ويقول : ناج . ففعل ذلك مرارا فذهب كل وجع في عيني وأبصرت بصرا لا يبصره
أحد
فقال : قلت لا بي جعفر عليه السلام : جعلك الله شيخا على هذه الامة كما جعل
عيسى بن مريم شيخا على بني إسرائيل ، قال : ثم قلت له : يا شبيه صاحب فطرس
قال : فانصرفت وقد أمرني الرضا عليه السلام أن أكتم فما زلت صحيح النظر حتى أذعت
ما كان من أبي جعفر عليه السلام في أمر عيني فعاودني الوجع
قال : فقلت لمحمد بن سنان : ما غنيت بقولك " يا شبيه صاحب فطرس " ؟
قال : فقال : إن الله غضب على ملك من الملائكة يدعى فطرس فدق جناحه ورومى
به في جزيرة من جزائر البحر ، فلما ولد الحسين عليه السلام بعث الله إلى محمد صلى
الله عليه وآله وسلم ليهنئه بولادة الحسين ، وكان جبرئيل صديقا لفطرس ، فمر
وهو في الجزيرة مطروح فخبره بولادة الحسين عليه السلام وما أمر الله به ، وقال : هل
لك أن أحملك على جناح من أجنحتي وأمضي بك إلى محمد صلى الله عليه وآله يشفع لك ؟ قال :
تهنئة ربه تعالى ثم حدثه بقصة فطرس ، فقال محمد صلى الله عليه وآله لفطرس : امسح جناحك
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 486 .
[ 67 ]
على مهد الحسين وتمسح به ، ففعل ذلك فطرس ، فجبرالله جناحه ورده إلى منزله
مع الملائكة ( 1 ) .
44 - كش : وجدت بخط جبرئيل بن أحمد حدثني محمد بن عبدالله بن
مهران ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ومحمد بن سنان جميعا قالا : كنا بمكة
وأبوالحسن الرضا عليه السلام بها فقلنا له : جعلنا الله فداك نحن خارجون وأنت مقيم فان
رأيت أن تكتب لنا إلى أبي جعفر عليه السلام كتابا نلم به ( 2 ) قال : فكتب إليه فقدمنا
فقلنا للموفق : أخرجه إلينا قال : فأخرجه إلينا وهوفي صدر موفق ، فأقبل يقرؤه
ويطويه ، وينظر فيه ويتبسم ، حتى أتى على آخره كذلك يطويه من أعلاه وينشره
من أسفله .
قال محمد بن سنان : فلما فرع من قراءته حرك رجله وقال : ناج ناج
فقال أحمد : ثم قال ابن سنان عند ذلك : فطر سية فطر سية ( 3 )
45 - كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن
عيسى قال : بعث إلي أبوجعفر عليه السلام غلامه ومعه كتاب فأمرني أن أسير إليه فأتيته
وهو بالمدينة نازل في دار بزيع ، فدخلت وسلمت عليه ، فذكر في صفوان ومحمد
ابن سنان وغيرهما مما قد سمعه غير واحد .
فقلت في نفسي : أستعطفه على زكريا بن آدم لعله أن يسلم مما في هؤلاء
ثم رجعت إلى نفسي فقلت : من أنا أن أتعرض في هذا وشبهه مولاي ، هو أعلم
بما يصنع فقال لي : يا أبا علي ليس على مثل أبي يحيى يعجل ، وكان من خدمته
لا بي عليه السلام ومنزلته عنده وعندي من بعده غير أني احتجت إلى المال فلم يبعث
فقلت : جعلت فداك هوباعث إليك بالمال وقال لي : إن وصلت إليه فأعلمه أن * ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 487 .
( 2 ) يقال : لم بفلان وألم : أى أتاه ونزل به وزاره زيارة غير طويلة . وفى
المصدر المطبوع " فنسلم به
( 3 ) رجال الكشى ص 488 .
[ 68 ]
الذي منعني من بعث المال اختلاف ميمون ومسافر فقال : احمل كتابي إليه ومره
أن يبعث إلي بالمال ، فحملت كتابه إلى زكريا فوجه إليه بالمال .
قال : فقال لي أبوجعفر عليه السلام ابتداء منه : ذهبت الشبهة ، ما لابي ولد غيري
قلت : صدقت جعلت فداك ( 1 ) .
ير : أحمد بن محمد ، عن أبيه مثله ( 2 )
46 - كا : محمد بن يحيى ، وأحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن
أحمد بن الحسين ، عن محمد بن الطيب ، عن عبدالوهاب بن منصور ، عن محمد بن
أبي العلا قال : سمعت يحيى بن أكثم قاضي سامراء ( 3 ) بعد ما جهدت به وناظرته
وحاورته وراسلته وسألته عن علوم آل محمد صلى الله عليه وآله فقال : فبينا أنا ذات يوم دخلت
أطوف بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله فرأيت محمد بن علي الرضا يطوف به ( 4 ) فناظرته في
مسائل عندي فأخرجها إلي فقلت له : والله إني اريد أن أسألك مسألة واحدة
وإني والله لا ستحيي من ذلك ، فقال لي : أنا اخبرك قبل أن تسألني ، تسألني عن
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 497 .
( 2 ) بصائرالدرجات ص 237 .
( 3 ) هومن مشاهير علماء المخالفين ، وله مناظرات مع أبى جعفرعليه السلام كما
سيأتى في الباب الاتى تحت الرقم 3 و 6 قيل : ويظهر من هذا الخبر أنه كان مؤمنا بآل محمد
صلوات الله عليهم سرا . وقوله بعد ما جهدت به اى بالغت في امتحانه ، وفى القاموس :
جهد بزيد : امتحنه .
( 4 ) ربما يستدل به على جواز الطواف بقبور النبى والائمة عليهم السلام وفيه نظر اذ
حمله على الطواف الكامل بعيد بل الظاهر أنه عليه السلام كان يدور من موضع الزيارة إلى
جانب الرجل ليدخل بيت فاطمة عليها السلام كما هو الشايع الان ، والمانع لا يمنع مثل هذا
لكن ماورد في بعض الاخبار : ولا تطف بقبر " ليس بصريح في هذا المعنى اذ يحتمل ان يكون
المراد بالطوف الحدث ، قال في النهاية : الطوف الحدث من الطعام ومنه الحديث : نهى
عن متحدثين على طوفهما . أى عند الغائط . منه رحمه الله في المرآت .
[ 69 ]
الامام ، فقلت : هو والله هذا ، فقال : أنا هو ، فقلت : علامة ، فكان في يده عصا
فنطقت فقالت : إنه مولاي إمام هذا الزمان وهو الحجة ( 1 )
قب : عن محمد بن أبي العلا مثله ( 2 )
47 - يج : روى محمد بن إبراهيم الجعفري ، عن حكيمة بنت الرضا
عليهما السلام قالت : لماتوفي أخي محمد ابن الرضا عليهما السلام صرت يوما إلى امرأته
ام الفضل بسبب احتجت إليها فيه قالت : فبينما نحن نتذاكر فضل محمد وكرمه
وما أعطاه من العلم والحكمة ، إذا قالت امرأته ام الفضل : يا حكيمة اخبرك عن
أبي جعفر ابن الرضا عليه السلام باعجوبة لم يسمع أحد بمثلها ، قلت : وماذاك ؟ قالت :
إنه كان ربما أغارني : مرة بجارية ومرة بتزويج فكنت أشكوه إلى المأمون
فيقول : يا بنية احتملي فانه ابن رسول الله صلى الله عليه وآله .
فبينما أنا ذات ليلة جالسة إذ أتت امرأة فقلت : من أنت ؟ فكأنها قضيب بان
أو غصن خيزران ( 3 ) قالت : أنا زوجة لا بي جعفر ، قلت : من أبوجعفر ؟ قالت :
محمد ابن الرضا عليهما السلام وأنا امرأة من ولد عمار بن ياسر قالت : فدخل على من الغيرة
مالم أملك نفسي فنهضت من ساعتي وصرت إلى المأمون وقد كان ثملا ( 4 ) من الشراب
وقد مضى من الليل ساعات فأخبرته بحالي وقلت له : يشتمني ويشتمك ويشتم العباس
وولده قالت : وقلت ما لم يكن ، فغاظه ذلك مني جدا ولم يملك نفسه من السكر
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 1 ص 353
( 2 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 393 .
( 3 ) البان : شجر سبط القوام لين ، ورقه كورق الصفصاف ، الواحدة بانة ، ويشبه
به القد لطوله ، ولطافة البدن ولينه لنعومته .
وهكذا الخيزران - بضم الزاى - شجر هندى وهو عروق ممتدة في الارض يضرب به
المثل في اللين وفيه لغة اخرى : الخيزور قال ابن الوردى :
أنا كا لخيزور صعب كسره
* وهولين كيفما شئت انفتل
( 4 ) تملاء خ ل .
[ 70 ]
وقام مسرعا فضرب بيده إلى سيفه ، وحلف أنه يقطعه بهذا السيف ما بقي في يده
وصار إليه .
قالت : فندمت عند ذلك فقلت في نفسي : ما صنعت هلكت وأهلكت ، قالت : فعدوت
خلفه لا نظرما يصنع ، فدخل إليه ، وهو نائم فوضع فيه السيف فقطعه قطعة قطعة ، ثم
وضع سيفه على حلقه فذبحه ، وأنا أنظر إليه وياسر الخادم ، وانصرف وهو يز بد ( 1 )
مثل الجمل قالت : فلما رأيت ذلك هربت على وجهي حتى رجعت إلى منزل أبي
فبت بليلة لم أنم فيها إلى أن أصبحت ، قال :
فلما أصبحت دخلت إليه وهو يصلي ، وقد أفاق من السكر ، فقلت له :
يا أمير المؤمنين هل تعلم ما صنعت الليلة ؟ قال : لا والله فما الذي صنعت ويلك ؟ قلت :


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 70 سطر 10 الى ص 78 سطر 10

فانك صرت إلى ابن الرضا عليهما السلام وهو نائم فقطعته إربا إربا ، وذبحته بسيفك
وخرجت من عنده ، قال : ويلك ما تقولين ؟ قلت : أقول مافعلت ، فصاح : ياياسر
ما تقول هذه الملعونة ويلك ؟ قال : صدقت في كل ما قالت : قال : إنالله وإنا إليه
راجعون هلكنا وافتضحنا ، يلك يا ياسر بادر إليه وائتني بخبره .
فركض ثم عاد مسرعا فقال : يا أميرالمؤمنين البشرى قال : وما وراك ؟
قال : دخلت فاذا هو قاعد يستاك ، وعليه قميص ودواج ( 2 ) فبقيت متحيرا في أمره
ثم أردت أن أنظر إلى بدنه هل فيه شئ من الاثر فقلت له : احب أن تهب لي هذا
القميص الذي عليك لا تبرك فيه ، فنظر إلى وتبسم كأنه علم ما أردت بذلك فقال :
أكسوك كسوة فاخرة فقلت : لست اريد غير هذا القميص الذي عليك فخلعه وكشف
بدنه كله فوالله ما رأيت أثرا . فخر المأمون ساجدا ووهب لياسر ألف دينار وقال :
الحمدلله الذي لم يبتلني بدمه .
ثم قال : يا ياسر كلما كان من مجئ هذه الملعونة إلي وبكائهابين يدي
فأذكره وأما مصيري إليه فلست أذكره ، فقال يا ياسر : والله ما زلت تضربه بالسيف
* ( هامش ) * ( 1 ) زبد شدقه وتزبد : خرج زبده وهو ما يعلو الماء وغيره من الرغوة .
( 2 ) الدواج - بالضم - وهكذا الدواج - كزنار - اللحاف الذى يلبس .
[ 71 ]
وأنا وهذه ننظر إليك وإليه حتى قطعته قطعة قطعة ، ثم وضعت سيفك على حلقه
فذبحته وأنت تزبد كما تزبد البعير ، فقال : الحمد لله ثم قال لي : والله لئن عدت
بعدها في شئ مما جرى لا قتلنك ثم قال لياسر : احمل إليه عشرة آلاف دينار
وقد إليه ( 1 ) الشهري الفلاني وسله الركوب إلي ، وابعث إلى الهاشميين و
الاشراف والقواد معه لير كبوا معه إلى عندي ، ويبدعوا بالد خول إليه ، والتسليم
عليه ، ففعل ياسر ذلك ، وصار الجميع بين يديه ، وأذن للجميع ، فقال : يا ياسر
هذا كان العهد بيني وبينه قلت : ياابن رسول الله ليس هذا وقت العتاب ، فوحق
محمد وعلي ماكان يعقل من أمره شيئا
فأذن للاشراف كلهم بالدخول إلا عبدالله وحمزة ابني الحسن لانهما كانا
وقعا فيه عند المأمون ، وسعيا به مرة بعد اخرى ، ثم قام فركب مع الجماعة و
صار إلى المأمون فتلقاه وقبل ما بين عينيه ، وأقعده على المقعد في الصدر ، وأمر أن
يجلس الناس ناحية ، فجعل يعتذر إليه ، فقال أبوجعفر عليه السلام : لك عندي نصيحة
فاسمعها مني قال : هاتها ، قال : اشير عليك بترك الشراب المسكر ، قال : فداك
ابن عمك قد قبلت نصيحتك ( 2 )
بيان : ثمل الرجل بالكسر ثملا إذا أخذ فيه الشراب فهو ثمل أي نشوان
وقال الفيروز آبادي : الشهرية بالكسر ضرب من البراذين .
أقول قال علي بن عيسي ( 3 ) بعد إيراد هذا الخبر : وهذه القصة عندي فيها
نظر وأظنها موضوعة ، فان أبا جعفر عليه السلام إنما كان يتزوج ويتسرى ( 4 )
حيث كان بالمدينة ، ولم يكن المأمون بالمدينة فتشكو إليه ابنته ( 5 )
* ( هامش ) * ( 1 ) " قد " فعل امر من قاد يقود .
( 2 ) مختار الخرائج والجرائح ص 207 و 208 .
( 3 ) هو أبوالحسن بهاء الدين الاربلى صاحب كشف الغمة .
( 4 ) تسرى الرجل تسريا : اخذ سرية ، وهى الامة التى أنزلتها بيتا .
( 5 ) وسيجئ من الارشاد في الباب الاتى - 4 - تحت الرقم 5 أنها كتبت بذلك إلى
أبيها من المدينة ، فتأمل .
[ 72 ]
فان قلت : إنه جاء حاجا قلت : إنه لم يكن ليشرب في تلك الحال وأبوجعفر
عليه السلام مات ببغداد وزوجته معه فاخته أين رأتها بعد موته ؟ وكيف اجتمعتا و
تلك بالمدينة وهذه ببغداد ؟ وتلك الامرأة التي هي من ولد عمار بن ياسر رضي الله
عنه ، في المدينة تزوجها فكيف رأتها ام الفضل فقامت من فورها وشكت إلى أبيها
كل هذا يجب أن ينظر فيه ، انتهى ( 1 )
اقول : كل ماذكره من المقدمات التي بنى عليها رد الخبر في محل المنع
ولا يمكن رد الخبر المشهور المتكرر في جميع الكتب بمحض هذا الاستبعاد ، ثم
اعلم أنه قد مضى بعض معجزاته في باب شهادة أبيه عليهما السلام .
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 219 و 220 .
[ 73 ]
4 * ( باب ) *
* ( تزويجه عليه السلام ام الفضل ، وماجرى في هذا ) *
( المجلس من الاحتجاج والمناظرة )
1 - قب : الخطيب في تاريخ بغداد عن يحيى بن أكثم أن المأمون خطب
فقال :
الحمد لله الذي تصاغرت الامور لمشيته ، ولا إله إلا الله إقرارا بربوبيته
وصلى الله على محمد عبده وخيرته أما بعد فان الله جعل النكاح الذي رضيه لكمال
سبب المناسبة ، ألا وإني قد زوجت زينب ابنتي من محمدبن علي بن موسى الرضا
أمهرناها عنه أربعمائة درهم .
ويقال : إنه عليه السلام كان ابن تسع سنين وأشهر ، ولم يزل المأمون متوافرا على
إكرامه وإجلال قدره ( 1 )
2 - مهج : باسنادناإلى أبي جعفر بن بابويه - ره - عن إبراهيم بن محمد بن
الحارث النوفلي قال : حدثني أبي وكان خادما لعلي بن موسى الرضا عليه السلام لما
زوج المأمون أبا جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا عليه السلام ابنته ، كتب إليه أن لكل
زوجة صداقا من مال زوجها ، وقد جعل الله أموالنا في الاخرة مؤجلة مذخورة
هناك كما جعل أموالكم معجلة في الدنيا وكنز ههنا وقد أمهرت ابنتك الوسائل
إلى المسائل وهي مناجات دفعها إلي أبي قال : دفعها إلي أبي جعفر عليه السلام قال :
دفعها إلي محمد أبي قال : دفعها إلي علي بن الحسين عليه السلام أبي ، قال : دفعها إلي
الحسين أبي قال دفعها إلي الحسن عليه السلام أخي قال دفعها إلي أميرالمؤمنين علي بن
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 382
[ 74 ]
أبيطالب عليه السلام قال : دفعها إلي رسول الله قال : دفعها إلي جبرئيل عليه السلام قال : يامحمد
رب العزة يقرئك السلام ، ويقول لك : هذه مفاتيح كنوز الدنيا والاخرة ، فاجعلها
وسائلك إلى مسائلك ، تصل إلى بغيتك فتنجح في طلبتك ، فلا تؤثرها في حوائج
الدنيا فتبخس بها الحظ من آخرتك ، وهي عشر وسائل [ إلى عشرة مسائل ]
تطرق بها أبواب الرغبات ( 1 ) فتفتح ، وتطلب بها الحاجات فتنجح ، وهذه نسختها
ثم ذكر الادعية على ما سيأتي في موضعها إنشاء الله تعالى .
3 - ج : عن الريان بن شبيب قال : لما أراد المأمون أن يزوج ابنته ام
الفضل أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام بلغ ذلك العباسيين فغلظ عليهم ، واستنكروه
منه ، وخافوا أن ينتهي الامر معه إلى ما انتهى مع الرضا عليه السلام فخاضوا في ذلك
واجتمع منهم أهل بيته الادنون منه ، فقالوا : ننشدك الله يا أمير المؤمنين أن تقيم
على هذا الامر الذي عزمت عليه من تزويج ابن الرضا ( 2 ) فانا نخاف أن يخرج به
عنا أمر قد ملكناه الله عزوجل وينزع منا عزا قد ألبسناه الله وقد عرفت ما بيننا
وبين هؤلاء القوم قديما وحديثا . وماكان عليه الخلفاء الراشدون قبلك ، من تبعيدهم
والتصغيربهم ، وقد كنا في وهلة من عملك مع الرضا عليه السلام ما عملت فكفانا الله المهم
من ذلك فالله الله أن تردنا إلى غم قد انحسر عنا واصرف رأيك عن ابن الرضا
واعدل إلى من تراه من اهل بيتك يصلح لذلك دون غيره ( 3 )
فقال لهم المأمون : أما ما بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه ، ولو
أنصفتم القوم لكانوا أولى بكم ، وأما ماكان يفعله من قبلي بهم ، فقد كان قاطعا
للرحم ، وأعوذ بالله من ذلك ، والله ما ندمت على ما كان مني من استخلاف الرضا
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة الكمبانى قد أثبت هنا رمز يج وهو سهو نشأ من سوء القراءة في نسخة
الاصل .
( 2 ) وقيل انه كان زوجه ابنته قيل وفاة أبيه على بن موسى عليهم السلام كما في تذكرة
سبط ابن الجوزى ص 202 .
( 3 ) قد مر في ج 49 ص 311 من طبعتنا هذه ما ينفع في هذا المقام فراجعه .
[ 75 ]
عليه السلام ولقد سألته أن يقوم بالا مر وأنزعه من نفسي فأبى ، وكان أمر الله قدرا
مقدورا .
وأما أبوجعفر محمد بن علي فقد اخترته لتبريزه على كافة أهل الفضل في العلم
والفضل ، مع صغرسنه ، والا عجوبة فيه بذلك ، وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد
عرفته منه ، فيعلمون أن الرأي ما رأيت فيه .
فقالوا له : إن هذا الفتى وإن راقك منه هديه فانه صبي لامعرفة له ولافقه
فأمهله ليتأدب ثم اصنع ماتراه بعد ذلك . فقال لهم : ويحكم إني أعرف بهذا الفتى
منكم وإن أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى ومواده وإلهامه ، لم تزل آباؤه
أغنياء في علم الدين والادب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال ، فان شئتم فامتحنوا
أبا جعفر بما يتبين لكم به ما وصفت لكم من حاله .
قالوا : قد رضينا لك يا أمير المؤمنين ولا نفسنا بامتحانه ، فخل بيننا وبينه
لننصب من يسأله بحضرنك عن شئ من فقه الشريعة ، فان أصاب في الجواب عنه لم
يكن لنا اعتراض في أمره وظهر للخاصة والعامة سديد رأي أميرالمؤمنين فيه ، وإن
عجزعن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه فقال لهم المأمون : شأنكم وذلك متى
أردتم .
فخرجوا من عنده واجتمع رأيهم على مسألة يحيى بن أكثم ، وهو يومئذ قاضي
الزمان على أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها ، ووعدوه بأموال نفيسة على
ذلك ، وعادوا إلى المأمون وسألوه أن يختار لهم يوما للاجتماع فأجابهم إلى ذلك
فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه وحضر معهم يحيى بن أكثم وأمر المأمون
أن يفرش لا بيجعفر دست ( 1 ) ويجعل له فيه مسورتان ففعل ذلك وخرج أبوجعفر
وهو يومئذ ابن تسع سنين وأشهر فجلس بين المسورتين وجلس يحيى بن أكثم بين
يديه وقام الناس في مراتبهم والمأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر
عليه الصلاة والسلام .
* ( هامش ) * ( 1 ) الدست هناصدر البيت وهو معرب ، يقال له بالفارسية اليوم " شاه نشين "
[ 76 ]
فقال يحيى بن أكثم للمأمون : يأذن لي أميرالمؤمنين أن أسأل أبا جعفر
عن مسألة ؟ فقال له المأمون : استأذنه في ذلك فأقبل عليه يحيى بن أكثم فقال :
أتأذن لي جعلت فداك في مسألة ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام : سل إن شئت .
قال يحيى : ما تقول جعلت فداك في محرم قتل صيدا ؟
فقال أبوجعفر عليه السلام : قتله في حل أو حرم عالما كان المحرم أو جاهلا قتله
عمدا أو خطأ ، حرا كان المحرم أو عبدا صغيرا كان أو كبيرا ، مبتدئا بالقتل أو معيدا
من ذوات الطيركان الصيد أم من غيرها ، من صغار الصيد أم من كبارها مصر اعلى
ما فعل أو نادما ، في الليل كان قتله للصيد أم في النهار ، محرما كان بالعمرة إذ قتله
أو بالحج كان محرما ؟ .
فتحير يحيى بن أكثم وبان في وجهه العجز والانقطاع ولجلج حتى عرف
جماعة أهل المجلس أمره ( 1 ) فقال المأمون : الحمدلله على هذه النعمة والتوفيق لي
في الرأي ثم نظر إلى أهل بيته فقال لهم : أعرفتم الان ما كنتم تنكرونه ؟ ثم أقبل
على أبي جعفر عليه السلام فقال له : أتخطب يا أبا جعفر ؟ فقال : نعم يا أمير المؤمنين فقال له
المأمون : اخطب لنفسك جعلت فداك قدرضيتك لنفسي وأنا مزوجك ام الفضل
ابنتي وإن رغم قوم لذلك .
فقال أبوجعفر عليه السلام : الحمد لله إقرارا بنعمته ، ولا إله إلا الله إخلاصا
لوحدانيته وصلى الله على محمد سيد بريته ، والاصفياء من عترته .
أما بعد فقد كان من فضل الله على الانام ، أن أغناهم بالحلال عن الحرام ، و
قال سبحانه : وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عباد كم وإمائكم إن يكونوا
فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم .
ثم إن محمد بن علي بن موسى يخطب ام الفضل بنت عبدالله المأمون ، وقد
بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد عليها السلام وهو خمس مائة درهم جيادا
فهل زوجته يا أميرالمؤمنين بها على هذا الصداق المذكور ؟ .
* ( هامش ) * ( 1 ) عجزه خ ل .
[ 77 ]
فقال المأمون : نعم قد زوجتك يا أبا جعفر ام الفضل ابنتي على الصداق
المذكور ، فهل قبلت النكاح ؟ قال أبوجعفرعليه السلام : قد قبلت ذلك ورضيت به .
فأمر المأمون أن يقعد الناس على مراتبهم في الخاصة والعامة .
قال الريان : ولم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم
فاذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من فضة مشدودة بالحبال من الابريسم ، على
عجلة مملوة من الغالية ، ثم أمر المأمون أن تخضب لحاء الخاصة من تلك الغالية
ثم مدت إلى دار العامة فتطيبوا منها ووضعت الموائد فأكل الناس وخرجت
الجوائز إلى كل قوم على قدر هم .
فلما تفرق الناس وبقي من الخاصة من بقي ، قال المأمون لابي جعفر عليه السلام :
إن رأيت جعلت فداك أن تذكر الفقه الذي ( 1 ) فصلته من وجوه من قتل المحرم
لنعلمه ونستفيده .
فقال أبوجعفر عليه السلام : نعم إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل وكان الصيد
من ذوات الطير ، وكان من كبارها ، فعليه شاة ، فان أصابه في الحرم فعليه الجزاء
مضاعفا ، وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن وإذا قتله في الحرم
فعليه الحمل وقيمة الفرخ ، فاذا كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة ، و
إن كان نعامة فعليه بدنة وإن كان ظبيا فعليه شاة وإن كان قتل شيئا من ذلك في الحرم
فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة .
وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه ، وكان إحرامه بالحج نحره
بمنى ، وإن كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة ، وجزاء الصيد على العالم والجاهل
سواء وفي العمد عليه المأ ثم وهو موضوع عنه في الخطاء ، والكفارة على الحر في
نفسه ، وعلى السيد في عبده ، والصغير لا كفارة عليه ، وهي على الكبير واجبة
والنادم يسقط ندمه عنه عقاب الاخرة والمصر يجب عليه العقاب في الاخرة .
فقال المأمون : أحسنت يا أبا جعفر أحسن الله إليك فان رأيت أن تسأل يحيى
* ( هامش ) * ( 1 ) فيما فصلته خ ل .
[ 78 ]
عن مسألة كما سألك فقال أبوجعفر عليه السلام ليحيى : أسألك ؟ قال : ذلك إليك جعلت
فداك فان عرفت جواب ما تسألني عنه وإلا استفدته منك .
فقال له أبوجعفر عليه السلام : أخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أول النهار فكان
نظره إليها حراما عليه ، فلما ارتفع النهار حلت له ، فلما زالت الشمس حرمت
عليه ، فلما كان وقت العصر حلت له ، فلما غربت الشمس حرمت عليه ، فلما دخل
طلع الفجر حلت له ، ما حال هذه المرأة وبماذا حلت له وحرمت عليه ؟
فقال له يحيى بن أكثم : لا والله لا أهتدي إلى جواب هذا السؤال ولا أعرف
الوجه فيه ، فان رأيت أن تفيدناه .
فقال أبوجعفر عليه السلام : هذه أمة لرجل من الناس ، نظر إليها أجنبي في أول
النهار فكان نظره إليها حراما عليه ، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 78 سطر 11 الى ص 86 سطر 11

فلما كان عند الظهر أعتقها فحرمت عليه ، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له
فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه ، فلما كان وقت العشاء الاخرة كفر
عن الظهار فحلت له ، فلما كان نصف الليل طلقها واحدة ، فحرمت عليه ، فلما كان
عند الفجر راجعها فحلت له .
قال : فأقبل المأمون على من حضره من أهل بيته فقال لهم : هل فيكم من
يجيب هذه المسألة بمثل هذا الجواب أو يعرف القول فيما تقدم من السؤال ؟ قالوا :
لا والله إن أمير المؤمنين أعلم وما رأى فقال : ويحكم إن أهل هذا البيت خصوا
من الخلق بما ترون من الفضل ، وإن صغرالسن فيهم لا يمنعهم من الكمال
أما علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام وهو ابن عشر سنين ، وقبل منه الاسلام وحكم له به ، ولم يدع أحدا
في سنه غيره ، وبايع الحسن والحسين عليهما السلام وهما ابنادون الست سنين ، ولم يبايع
صبيا غيرهما أولا تعلمون ما اختص الله به هؤلاء القوم وإنهم ذرية بعضها من بعض
يجري لا خرهم مايجري لاولهم ، فقالوا : صدقت يا أمير المؤمنين ثم نهض القوم .
[ 79 ]
فلما كان من الغد أحضر الناس وحضر أبوجعفر عليه السلام وسار القواد والحجاب
والخاصة والعمال لتهنئة المأمون وأبي جعفر عليه السلام فاخرجت ثلا ثة أطباق
من الفضة ، فيها بنادق مسك وزعفران ، معجون في أجواف تلك البنادق رقاع
مكتوبة بأموال جزيلة ، وعطايا سنية ، وإقطاعات ، فأمر المأمون بنثرها على القوم
من خاصته فكان كل من وقع يده بندقة أخرج الرقعة التي فيها والتمسه فأطلق
يده له ، ووضعت البدر ، فنثرما فيها على القواد وغيرهم ، وانصرف الناس وهم أغنياء
بالجوائز والعطايا ، وتقدم المأمون بالصدقة على كافة المساكين ، ولم يزل مكرما
لابي جعفر عليه السلام معظما لقدره مدة حياته ، يؤثره على ولده وجماعة أهل بيته ( 1 )
فس : محمد بن الحسن عن محمد بن عون النصيبي قال : لما أراد المأمون
وذكره نحوه .
شا : روى الحسن بن محمد بن سليمان ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن
الريان بن شبيب مثله ( 2 ) .
بيان : الوهلة الفزغة ، ووهل عنه غلط فيه ، ونسيه وبرز تبريزا فاق
أصحابه فضلا والهدي السيرة والهيأة والطريقة والمسورة بكسر الميم متكأ من أدم .
4 - ف : قال لابي جعفر عليه السلام أبوهاشم الجعفري في يوم تزوج ام الفضل
ابنة المأمون : يا مولاي لقد عظمت علينا بركة هذا اليوم ، فقال : يا أبا هاشم عظمت
بركات الله علينا فيه ، قلت : نعم يا مولاي فما أقول في اليوم ، فقال : تقول فيه خيرا
فانه يصيبك ، قلت : يا مولاي أفعل هذا ولا أخالفه ، قال : إذا ترشد ولا ترى
إلا خيرا ( 3 ) .
5 - شا : روى الناس أن ام الفضل كتبت إلى أبيها من المدينة تشكو
أبا جعفر عليه السلام وتقول : إنه يتسرى علي ويغيرني فكتب المأمون : يا بنية إنا
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحتجاج ص 227 - 229 .
( 2 ) الارشادص 229 - 304 .
( 3 ) تحف العقول ص 479 - ط الاسلامية .
[ 80 ]
لم نزوجك أبا جعفر عليه السلام لتحرم عليه حلالا ، ولا تعاودي لذكر ما ذكرت
بعدها ( 1 ) .
6 - ج : وروي أن المأمون بعدما زوج ابنته ام الفضل أبا جعفر عليه السلام كان
في مجلس وعنده أبوجعفر عليه السلام ويحيى بن أكثم وجماعة كثيرة فقال له يحيى بن
أكثم : ماتقول يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله في الخبر الذي روي أنه نزل جبرئيل عليه السلام
على رسول الله صلى الله عليه وآله وقال يا محمد : إن الله عزوجل يقرئك السلام ويقول لك :
سل أبا بكر هل هو عني راض فاني عنه راض .
فقال أبوجعفر : لست بمنكر فضل أبي بكر ، ولكن يجب على صاحب هذا
الخبر أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع " قد كثرت
علي الكذابة ، وستكثر ، فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ، فإذا
أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي ، فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا
به ، وما خالف كتاب الله وسنتي فلاتأ خذوا به " وليس يوافق هذا الخبر كتاب الله
قال الله تعالى " ولقد خلقنا الانسان ونعلم ماتوسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من
حبل الوريد " ( 2 ) فالله عزوجل خفي عليه رضا أبي بكر من سخطه حتى سأل من
مكنون سره ؟ هذا مستحيل في العقول .
ثم قال يحيى بن أكثم : وقد روي أن مثل أبي بكر وعمر في الارض كمثل
جبرئيل وميكائيل في السماء ، فقال : وهذا أيضا يجب أن ينظر فيه لان جبرئيل
وميكائيل ملكان مقربان لم يعصيا الله قط ولم يفارقا طاعته لحظة واحدة ، وهما
قد أشر كا بالله عزوجل وإن أسلما بعد الشرك ، وكان أكثر أيامهما في الشرك بالله
فمحال أن يشبههما بهما .
قال يحيى : وقد روي أيضا أنهما سيدا كهول أهل الجنة ، فما تقول فيه ؟
فقال عليه السلام : وهذا الخبر محال أيضا لان أهل الجنة كلهم يكونون شبابا ، ولا يكون
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشادص 304 .
( 2 ) ق : 16 .
[ 81 ]
فيهم كهل ، وهذا الخبر وضعه بنوا مية لمضادة الخبر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله
في الحسن والحسين بأنهما سيدا شباب أهل الجنة ( 1 )
فقال يحيى بن أكثم : وروي أن عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة ، فقال
عليه السلام : وهذا أيضا محال لان في الجنة ملائكة الله المقربين ، وآدم ومحمد
وجميع الانبياء والمرسلين لا تضيئ بأنوارهم حتى تضيئ بنور عمر ( 2 ) .
فقال يحيى : وقد روي أن السكينة تنطق على لسان عمر ، فقال عليه السلام : لست
بمنكر فضائل عمر ، ولكن أبابكر أفضل من عمر فقال على رأس المنبر : إن لي
* ( هامش ) * ( 1 ) قال الشيخ قدس سره في تلخيص الشافى : وأما الخبر الذى يتضمن أنهما سيدا
كهول أهل الجنة ، فمن تأمل أصل هذا الخبر بعين انصاف علم أنه موضوع في أيام بنى امية
معارضة لما روى من قوله صلى الله عليه وآله في الحسن والحسين : انهما سيدا شباب أهل
الجنة وأبوهما خير منهما .
وهذا الخبر الذى ادعوه يروونه عن عبيدالله بن عمر ، وحال عبيدالله في الانحراف
عن أهل البيت معروفة ، وهو أيضا كالجار إلى نفسه .
على أنه لا يخلو من أن يريد بقوله " سيدا كهول أهل الجنة " انهما سيدا كهول من
هوفى الجنة ، أو يراد أنهما سيدا من يدخل الجنة من كهول الدنيا .
فان كان الاول فذلك باطل لان رسول الله قد وقفنا - وأجمعت الامة - على أن جميع
أهل الجنة جرد مرد ، وأنه لايدخلها كهل ، وان كان الثانى - فذلك دافع ومناقض للحديث
المجمع على روايته من قوله في الحسن والحسين عليهما السلام " أنهما سيدا شباب أهل الجنة
وأبوهما خير منهما "
لان هذا الخبر يقتضى أنهما سيدا كل من يدخل الجنة اذ كان لا يدخلها الاشباب
فأبوبكر وعمر وكل كهل في الدنيا داخلون في جملة من يكونان عليهما السلام سيديه
والخبر الذى رووه يقتضى أن أبابكر وعمر سيداهما من حيث كانا سيدى الكهول في الدنيا
وهما عليهما السلام من جملة من كان كهلا في الدنيا .
( 2 ) بل الظاهر من قوله تعالى " متكئين عليه الارائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا "
الدهر : 13 وقوله تعالى " هم وأزواجهم في ظلال على الارائك متكئون " يس : 57 أن
الجنة ليس فيها ظلام حتى يحتاج إلى السراج .
[ 82 ]
شيطانا يعتريني فاذا ملت فسددوني ( 1 ) .
فقال يحيى : قد روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال : لولم ابعث لبعث عمر ، فقال
عليه السلام : كتاب الله أصدق من هذا الحديث ، يقول الله في كتابه " وإذ أخذنا من
النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح " ( 2 ) فقد أخذ الله ميثاق النبيين فكيف يمكن أن
يبدل ميثاقه ، وكان الانبياء عليهم السلام لم يشركوا طرفة عين فكيف يبعث بالنبوة من
أشرك وكان أكثر أيامه مع الشرك بالله ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : نبئت وآدم بين
الروح والجسد .
فقال يحيى بن أكثم : وقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال : ما احتبس الوحي عني
قط إلا ظننته قد نزل على آل الخطاب ، فقال عليه السلام : وهذا محال أيضا لانه لا يجوز
أن يشك النبي صلى الله عليه وآله في نبوته ، قال الله تعالى : " الله يصطفي من الملائكة رسلا و
* ( هامش ) * ( 1 ) قد قال ذلك وشبهه غير مرة ، فمن ذلك قوله " انى وليت عليكم ولست بخيركم
فان رأيتمونى على الحق فأعينونى ، وان رأيتمونى على الباطل فسددونى " وقوله : " أما والله
ما أنا بخيركم ولقد كنت لمقامى هذا كارها ، ولوددت أن فيكم من يكفينى ، أفتظنون انى
أعمل فيكم بسنة رسول الله ؟ اذن لا أقوام بها ، ان رسول الله كان يعصم بالوحى ، وكان
معه ملك ، وان لى شيطانا يعترينى ، فاذا غضبت فاجتنبونى أن لا اؤثر في اشعاركم وابشاركم
الا فراعونى فان استقمت فأعينونى ، وان زغت فقومونى .
قال السيد حسين بحر العلوم في هامش تلخيص الشافى ج 2 ص 9 : وبهذه العبارات
وشبهها تجد كتب القوم منها ملاى . راجع مسند احمد ج 1 ص 14 والرياض النضرة ج 1
ص 170 وكنز العمال ج 3 ص 126 وطبقات ابن سعد ج 3 ص 139 والامامة والسياسة
ج 1 ص 16 وتاريخ الطبرى ج 3 ص 210 وسيرة ابن هشام ج 4 ص 340 ( اقول وفى
الطبعة الاخيرة منها ج 2 ص 661 ) وعيون الاخبار ج 2 ص 234 والعقد الفريد ج 2
ص 158 وتاريخ الخلفاء للسيوطى ص 47 والسيرة الحلبية ج 3 ص 388 وشرح ابن
ابى الحديدج 1 ص 134 وتهذيب الكمال ج 1 ص 6 والمجتنى لابن دريد ص 27 وغيرها
كثير من كتب القوم .
( 2 ) الاحزاب : 7 .
[ 83 ]
من الناس " ( 1 ) فكيف يمكن أن تنتقل النبوة ممن اصطفاه الله تعالى إلى من
أشرك به .
قال يحيى بن أكثم : روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال : لونزل العذاب لما نجامنه إلا
عمر ، فقال عليه السلام : وهذا محال أيضا إن الله تعالى يقول : " وما كان الله ليعذبهم و
أنت فيهم ، وماكان الله معذبهم وهم يستغفرون " ( 2 ) فأخبر سبحانه أن لا يعذب
أحدا مادام فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وما داموا يستغفرون الله تعالى ( 3 ) .
7 - البرسى في مشارق الانوار : عن أبي جعفر الهاشمي قال : كنت عند
أبي جعفر الثاني عليه السلام ببغداد فدخل عليه ياسر الخادم يوما وقال : يا سيدنا إن
سيدتنا ام جعفر تستأذنك أن تصير إليها ، فقال للخادم : ارجع فاني في الاثر ثم
قام وركب البغلة وأقبل حتى قدم الباب ، قال : فخرجت ام جعفر اخت المأمون
وسلمت عليه وسألته الدخول على ام الفضل بنت المأمون وقالت : ياسيدي احب
أن أراك مع ابنتي في موضع واحد فتقر عيني .
قال : فدخل والستور تشال بين يديه ، فما لبث أن خرج راجعا وهو يقول :
" فلما رأينه أكبرنه " ( 4 ) قال : ثم جلس فخرجت ام جعفر تعثر في ذيولها ، فقالت :
يا سيدي أنعمت علي بنعمة فلم تتمها ، فقال لها : " أتى أمر الله فلا تستعجلوه " ( 5 )
إنه قد حدث مالم يحسن إعادته ، فارجعي إلى ام الفضل فاستخبريها عنه .
فرجعت ام جعفر فأعادت عليها ما قال ، فقالت : ياعمة وما أعلمه بذاك ؟
ثم قالت : كيف لا أدعو على أبي وقدزوجني ساحرا ثم قالت والله يا عمة إنه لما
طلع علي جماله ، حدث لي ما يحدث للنساء فضربت يدي إلى أثوابي وضممتها .
* ( هامش ) * ( 1 ) الحج : 75 .
( 2 ) الانفال : 33 .
( 3 ) الاحتجاج ص 229 و 230 .
( 4 ) يوسف : 31 .
( 5 ) النحل : 1 .
[ 84 ]
قال : فبهتت ام جعفر من قولها ثم خرجت مذعورة ، وقالت : يا سيدي وما
حدثت لها ؟ قال : هومن أسرارالنساء فقالت : يا سيدي تعلم الغيب ؟ قال : لا قالت : فنزل إليك الوحى ؟ قال : لا ، قالت : فمن أين لك علم مالا يعلمه إلا الله وهي ؟
فقال : وأنا أيضا أعلمه من علم الله ، قال : فلما رجعت ام جعفر قلت : يا سيدي
وماكان إكبار النسوة ؟ قال هو ماحصل لام الفضل من الحيض ( 1 )
* ( هامش ) * ( 1 ) قال الفيروز آبادى : أكبر الصبى : تغوط ، والمرأة حاضت ، والرجل امذى
وأمنى ، وقال بعضهم : ليس ذلك بالمعروف في اللغة والصحيح انه وارد في اشعار العرب .
أقول : هذه المعانى المذكورة من الكنايات فان كبر الصبى بما هو صبى بأن يروح
نفسه ويتغوط ، وكبر المراة بانطلاق حيضها ، وكبر الرجل باحتلامه وهو الامناء والامذاء
ثم بعد ما فشا اللفظ وكثر استعماله في هذه المعانى صار من المجاز المشتهر .
[ 85 ]
5 * ( باب ) * * ( فضائله ، ومكارم اخلاقه ، وجوامع احواله عليه السلام ) *
* ( واحوال خلفاء الجور في زمانه واصحابه ) *
* ( وما جرى بينه وبينهم ) *
1 - ختص : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، قال : لمامات أبوالحسن الرضا عليه السلام
حججنا فدخلنا على أبي جعفر عليه السلام وقد حضر خلق من الشيعة من كل بلد لينظروا
إلى أبي جعفر عليه السلام فدخل عمه عبدالله بن موسى ( 1 ) وكان شيخا كبيرا نبيلا عليه
ثياب خشنة وبين عينيه سجادة ، فجلس وخرج أبوجعفر عليه السلام من الحجرة ، وعليه
قميص قصب ، ورداء قصب ، ونعل حذو ( 2 ) بيضاء .
فقام عبدالله واستقبله وقبل بين عينيه وقامت الشيعة وقعد أبوجعفر عليه السلام على
كرسي ونظر الناس بعضهم إلى بعض تحيرا لصغر سنه .
فانتدب رجل من القول فقال لعمه : أصلحك الله ما تقول في رجل أتى بهيمة ؟
فقال : تقطع يمينه ويضرب الحد ، فغضب أبوجعفر عليه السلام ثم نظر إليه فقال : يا عم
اتق الله اتق الله إنه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عزوجل فيقول لك :
لم أفتيت الناس بما لاتعلم ؟ فقال له عمه : يا سيدي أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه ؟
* ( هامش ) * ( 1 ) كان من اصحاب الرضا والجواد عليهما السلام ، وهوصاحب الكتاب إلى ابن
ابى داود حين كتب اليه في خلق القرآن ، قال ابونصر البخارى : انه ولد موسى بن عبدالله
ابن موسى بن جعفر ، ما اعقب الامنه ، فجميع اولاد عبدالله بن موسى من موسى بن عبدالله
( 2 ) في المصدر : نعل جدد .
[ 86 ]
فقال أبوجعفر عليه السلام : إنما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها فقال : أبي تقطع
يمينه للنبش ويضرب حد الزناء فان حرمة الميتة كحرمة الحية ، فقال : صدقت
يا سيدي وأنا أستغفرالله ( 1 )
فتعجب الناس فقالوا : يا سيدنا أتأذن لنا أن نسألك ؟ فقال : نعم ، فسألوا
في مجلس عن ثلاثين ألف ( 2 ) مسألة فأجابهم فيها وله تسع سنين ( 3 ) .
2 - كا : محمد بن يحيى ومحمد بن أحمد ، عن السياري ، عن أحمد بن زكريا
الصيد لاني ، عن رجل من بني حنيفة من أهل بست وسجستان ( 4 ) قال : رافقت
أبا جعفر في السنة التي حج فيها في أول خلافة المعتصم ، فقلت له وأنا معه على المائدة
وهناك جماعة من أولياء السلطان : إن والينا جعلت فداك رجل يتولا كم أهل البيت
ويحبكم وعلي في ديوانه خراج ، فان رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالاحسان
إلي ، فقال لا أعرفه ، فقلت : جعلت فداك إنه على ماقلت من محبيكم أهل البيت


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 86 سطر 12 الى ص 94 سطر 12

وكتابك ينفعني عنده فأخذ القرطاس فكتب :
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فان موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا
جميلا وإن مالك من عملك ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى إخوانك واعلم أن الله
عزوجل سائلك عن مثاقيل الذر والخردل .
قال : فلما وردت سجستان سبق الخبر إلى الحسين بن عبدالله النيسابوري وهو
الوالي فاستقبلني على فرسخين من المدينة فدفعت إليه الكتاب فقبله ووضعه على
عينيه ، وقال لي : حاجتك ؟ فقلت : خراج علي في ديوانك قال : فأمر بطرحه عني
* ( هامش ) * ( 1 ) سيجئ تفصيل ذلك تحت الرقم 5 عن المناقب .
( 2 ) سيأتى من المصنف رحمه الله بيان وتوجيه لذلك تحت الرقم 6 .
( 3 ) الاختصاص : ص 102 .
( 4 ) بست - بالضم - بلد بسجستان ، وسجستان معرب سكستان ( سكزاستان ) و " سكز "
قوم من الاعاجم كانوا يسكنون هذه البلاد وجبالها ، والنسبة اليها سجزى على الاصل
" سكزى " لا غير واما الاعاجم فيقولون اليوم سيستان وسيستانى .
[ 87 ]
وقال : لا تؤد خراجا مادام لي عمل ، ثم سألني عن عيالي فأخبرته بمبلغهم ، فأمر
لي ولهم بمايقوتنا وفضلا ، فما أديت في عمله خراجا مادام حيا ، ولا قطع عني
صلته حتى مات ( 1 )
3 - يج : روي عن محمد بن الوليد الكرماني قال : أتيت أبا جعفر ابن
الرضا عليهما السلام فوجدت بالباب الذي في الفناء قوما كثيرا فعدلت إلى سافر فجلست
إليه حتى زالت الشمس ، فقمنا للصلاة فلما صلينا الظهر وجدت حسا من
ورائي فالتفت فاذا أبوجعفر عليه السلام فسرت إليه حتى قبلت كفه ، ثم جلس وسأل
عن مقدمي ثم قال : سلم فقلت جعلت فداك قد سلمت فأعاد القول ثلاث مرات :
" سلم ! " فتدار كتها وقلت : سلمت ورضيت يا ابن رسول الله فأجلى الله عما كان
في قلبي حتى لوجهدت ورمت لنفسي أن أعود إلى الشك ما وصلت إليه
فعدت من الغد باكرا فارتفعت عن الباب الاول وصرت قبل الخيل وما
وراي أحد أعلمه ، وأنا أتوقع أن آخذ السبيل إلى الارشاد إليه ، فلم أجد أحدا
أخذ حتى اشتد الحر والجوع جدا ، ختى جعلت أشرب الماء اطفئ به حرما
أجد من الجوع والجوى ، فبينما أنا كذلك إذ أقبل نحوي غلام قد حمل خوانا عليه
طعام وألوان ، وغلام آخر عليه طست وإبريق ، حتى وضع بين يدي وقالا أمرك
أن تأكل فأكلت .
فلما فرغت أقبل فقمت إليه فأمرني بالجلوس وبالا كل ، فأكلت ، فنظر
إلى الغلام فقال : كل معه ينشط ! حتى إذا فرغت ورفع الخوان ، وذهب الغلام
ليرفع ما وقع من الخوان ، من فتات الطعام ، فقال : مه ومه ما كان في الصحراء
فدعه ، ولو فخذشاة ، وماكان في البيت فالقطه ثم قال : سل ! قلت : جعلني الله فداك
ما تقول في المسك ؟
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 5 ص 111 و 112 .
[ 88 ]
فقال : إن أبي أمر أن يعمل له مسك في فارة ( 1 ) فكتب إليه الفضل يخبره
أن الناس يعيبون ذلك عليه فكتب يا فضل أما علمت أن يوسف كان يلبس ديباجا
مزرورا بالذهب ( 2 ) ويجلس على كراسي الذهب فلم ينتقص من حكمته شيئا
وكذلك سليمان ثم أمرأن يعمل له غالية بأربعة آلاف درهم ( 3 )
ثم قلت : ما لمواليكم في موالاتكم ؟ فقال : إن أبا عبدالله عليه السلام كان عنده
غلام يمسك بغلته إذا هو دخل المسجد فبينما هو جالس ومعه بغلة إذ أقبلت رفقة من
خراسان ، فقال له رجل من الرفقة : هل لك يا غلام أن تسأله أن يجعلني مكانك و
أكون له مملو كان وأجعل لك مالي كله ؟ فاني كثير المال من جميع الصنوف اذهب
فاقبضه ، وأنا اقيم معه مكانك فقال : أسأله ذلك .
فدخل على أبي عبدالله فقال : جعلت فداك تعرف خدمتي وطول صحبتي فان
ساق الله إلى خيرا تمنعنيه ؟ قال : اعطيك من عندي وأمنعك من غيري فحكى له قول
الرجل فقال : إن زهدت في خدمتنا ورغب الرجل فينا قبلناه وأرسلناك فلما ولى عنه
دعاه ، فقال له : أنصحك لطول الصحبة ، ولك الخيار ، فاذا كان يوم القيامة كان
رسول الله صلى الله عليه وآله متعلقا بنور الله ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام متعلقا برسول الله ، وكان
الائمة متعلقين بأمير المؤمنين وكان شيعتنا متعلقين بنا يدخلون مدخلنا ، ويردون
موردنا .
فقال الغلام : بل اقيم في خدمتك واؤثر الاخرة على الدنيا وخرج الغلام إلى
الرجل فقال له الرجل : خرجت إلى بغير الوجه الذي دخلت به ، فحكى له قوله
* ( هامش ) * ( 1 ) الفأرة : نافجة المسك ، وفى بعض النسخ : في قارورة ، وفي نسخة الكافى " في بان "
والبان : شجر سبط لقوام لين ورقه كورق الصفصاف ، ولحب ثمره دهن طيب .
( 2 ) المزرور : المشدود بالازرار ، فالمراد أن أزراره كانت من الذهب ، وفى
نسخة الكافى مزردة من الزرد بمعنى السرد والحياكة .
( 3 ) روى هذه القطعة من الحديث الكلينى رحمه الله في الكافى ج 6 ص 517 و 517
وسنده : عدة من أصحابنا ، عن سهل ، عن أبى القاسم الكوفى عمن حدثه ، عن محمد بن
الوليد الكرمانى
[ 89 ]
وأدخله على أبي عبدالله عليه السلام فقبل ولاءه وأمر للغلام بألف دينار ثم قام إليه فودعه
وسأله أن يدعوله ففعل .
فقلت : ياسيدي لولا عيال بمكة وولدي سرني أن اطيل المقام بهذا الباب
فأذن لي وقال لي : توافق غما ثم وضعت بين يديه حقا كان له فأمرني أن أحملها
فتأبيت وظننت أن ذلك موجدة ، فضحك إلي وقال : خذها إليك فانك توافق
حاجة ، فجئت وقد ذهبت نفقتنا شطرمنها فاحتجت إليه ساعة قدمت مكة .
4 - عم ( 1 ) شا : لما توجه أبوجعفر عليه السلام من بغداد منصرفا من عند المأمون
ومعه ام الفضل قاصدا بها إلى المدينة صار إلى شارع باب الكوفة ، ومعه الناس
يشيعونه ، فانتهى إلى دار المسيب عند مغيب الشمس نزل ودخل المسجد وكان في
صحنه نبقة لم تحمل بعد ، فدعا بكوز من الماء فتوضأ في أصل النبقة ( 2 ) فصلى بالناس
صلاة المغرب فقرأ في الاولى منها الحمد ، وإذا جآء نصرالله ، وقرأ في الثانية الحمد
وقل هو الله أحد ، وقنت قبل ركوعه فيها ، وصلى الثالثة وتشهد ثم جلس هنيئة
يذكر الله جل اسمه وقام من غيرأن يعقب وصلى النوافل أربع ركعات وعقب
بعدها ، وسجد سجدتي الشكر ثم خرج .
فلما انتهى إلى النبقة رآها الناس وقد حملت حملا حسنا فتعجبوا من ذلك
وأكلوا منها فوجدوه نبقا حلوا لا عجم له ، وود عوه ومضى عليه السلام من وقته إلى المدينة
فلم يزل بها إلى أن أشخصه المعتصم في أول سنة خمس وعشرين ومائتين إلى بغداد
وأقام بها حتى توفي عليه السلام في آخر ذي القعدة ، من هذه السنة ، فدفن في ظهر جده
أبي الحسن موسى عليهما السلام ( 3 ) .
1 - قب : الجلاو الشفا في خبر أنه لما مضى الرضا عليه السلام جآء محمد بن جمهور
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 338
( 2 ) قد مر تفسير النبقة في ص 57 من هذا المجلد فراجع .
( 3 ) الارشاد ص 304 .
[ 90 ]
العمي والحسن بن راشد وعلي بن مدرك وعلي بن مهزيار وخلق كثير من سائر
البلدان إلى المدينة ، وسألوا عن الخلف بعد الرضا عليه السلام فقالوا : بصريا - وهي قرية
أسسها موسى بن جعفر عليه السلام على ثلاثة أميال من المدينة - فجئنا ودخلنا القصر فاذا
الناس فيه متكابسون ( 1 ) فجلسنا معهم إذ خرج علينا عبدالله بن موسى شيخ فقال
الناس : هذا صاحبنا ؟ ! فقال الفقهاء : قد رويناعن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام أنه لا
تجتمع الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام فليس هذا صاحبنا فجآء حتى
جلس في صدر المجلس .
فقال رجل : ما تقول أعزك الله في رجل أتى حمارة فقال : تقطع يده ويضرب
الحد وينفى من الارض سنة ، ثم قام إليه آخر فقال : ما تقول آجلك الله في رجل
طلق امرأته عدد نجوم السمآء ؟ قال : بانت منه بصدر الجوزاء والنسر الطائر والنسر
الواقع ( 2 ) .
فتحيرنا في جرأته على الخطاء إذا خرج علينا أبوجعفر عليه السلام وهوابن ثمان
* ( هامش ) * ( 1 ) تكابس الرجل : اذاأدخل رأسه في حبيب قميصه . وعلى الشئ : تقحم عليه .
( 2 ) صدر الجوزاء : ثلاثة كواكب . ويقال رأس الجوزاء كما في حديث غيره و
كذلك النسر الطائر ، والنسر الواقع ثلاثة كواكب ، ومعنى كلامه أن الطلاق يقع ثلاثا
لاأزيد .
وأما الجوزاء فهى نجم على صورة معه رجل منطقة وسيف يداها الواقعتان فوق المنطقة
وهى ثلاثة كواكب : كوكبان مضيئان واليسرى أضوء ورجلاه الواقعتان تحت المنطقة
كوكبان مضيئان واليسرى أضوء وما بين يديه من جانب الفوق ثلاثة كواكب صغار متصلة متلاصقه
وهى رأس الجوزاء .
وقال بعضهم : ترى أوائل الليل في الشتاء - اذا استقبلت القبلة صورة من الكواكب
جالبة للنظر جدا كمربع مستطيل ضلعه الاطول نحو سبعة أو ثمانية أذرع من الشمال إلى
الجنوب ، وعرضه نحو ذراعين أوأكثر من اليمين إلى اليسار وعلى زواياه الاربع أربعة
كواكب مضيئة ، وفى مركزه ثلاثة كواكب متصلة موربة ، وتسمى برأس الجوزاء ، وقد
يقال لهذه الصورة الجبار .
[ 91 ]
سنين ، فقمنا إليه فسلم على الناس ، وقام عبدالله بن موسى من مجلسه فجلس بين يديه
وجلس أبوجعفر عليه السلام في صدر المجلس ، ثم قال : سلوا رحمكم الله .
فقام إليه الرجل الاول وقال : ماتقول أصلحك الله في رجل أتى حمارة
قال : يضرب دون الحد ويغرم ثمنها ويحرم ظهرها ونتاجها وتخرج إلى البرية .
حتى تأتي عليها منيتها سبع أكلها ذئب أكلها ثم قال بعد كلام : يا هذا ذاك الرجل
ينبش عن ميتة يسرق كفنها ، ويفجربها ، ويوجب عليه القطع بالسرق والحد بالزناء
والنفي إذا كان عزبا ، فلو كان محصنا لوجب عليه القتل والرجم .
فقال الرجل الثاني : ياابن رسول الله صلى الله عليه وآله ما تقول في رجل طلق امرأته
عدد نجوم السماء ؟ قال : تقرأ القرآن ؟ قال ، نعم ، قال اقرء سورة الطلاق إلى
قوله " وأقيموالشهادة لله " ( 1 ) يا هذا لا طلاق إلا بخمس : شهادة شاهدين عدلين ، في
طهر ، من غير جماع ، بارادة عزم ، ثم قال بعد كلام : يا هذا هل ترى في القرآن
عدد نجوم السمآء ؟ قال : لا ، الخبر .
وقد روى عنه المصنفون نحو أبي بكر أحمد بن ثابت في تاريخه وأبي إسحاق
الثعلبي في تفسيره ومحمد بن مندة بن مهربذ في كتابه ( 2 )
6 - كشف : قال محمد بن طلحة : إن أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام لما توفي
والده علي الرضا عليه السلام وقدم الخليفة إلى بغداد بعد وفاته بسنة اتفق أنه خرج
إلى الصيد فاجتاز بطرف البلد في طريقه ، والصبيان يلعبون ، ومحمد واقف معهم
وكان عمره يومئذ إحدى عشرسنة فما حولها .
فلما أقبل المأمون انصرف الصبيان هاريبن ، ووقف أبوجعفر محمد عليه السلام فلم
يبرح مكانه فقرب منه الخليفة فنظر إليه وكان الله عزو علا قد ألقى عليه مسحة من
قبول ، فوقف الخليفة وقال له : يا غلام مامنعك من الانصراف مع الصبيان ؟ فقال له
محمد مسرعا : يا أمير المؤمنين لم يكن بالطريق ضيق لا وسعه عليك بذهابي ، ولم يكن
* ( هامش ) * ( 1 ) الطلاق : 2 .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 382 - 384
[ 92 ]
لي جريمة فأخشاها ، وظني بك حسن إنك لا تضر من لاذنب له فوقفت .
فأعجبه كلامه ووجهه ، فقال له : مااسمك ؟ قال محمد ، قال : ابن من أنت ؟ قال :
يا أمير المؤمنين أنا ابن علي الرضا عليه السلام فترحم على أبيه وساق جواده إلى وجهته و
كان معه بزاة .
فلما بعد عن العمارة أخذ بازيا فأرسله على دراجة فغاب عن عينه غيبة طويلة
ثم عاد من الجو وفي منقاره سمكة صغيرة وبها بقايا الحياة فعجب الخليفة من ذلك
غاية العجب فأخذها في يده وعاد إلى داره في الطريق الذي أقبل منه ، فلما وصل
إلى ذلك المكان وجد الصبيان على حالهم فانصرفوا كما فعلوا أول مرة وأبوجعفر
لم ينصرف ، ووقف كما وقف أولا ( 1 )
فلما دنامنه الخليفة قال : يامحمد قال : لبيك يا أميرالمؤمنين قال : ما
في يدي ؟ فألهمه الله عزوجل أن قال ياأمير المؤمنين إن الله تعالى خلق بمشيته
في بحر قدرته سمكا صغارا تصيدها بزاة الملوك والخلفاء فيختبرون بها سلالة أهل
النبوة .
فلما سمع المأمون كلامه عجب منه ، وجعل يطيل نظره إليه ، وقال : أنت
ابن الرضا حقا ، وضاعف إحسانه إليه ( 2 )
قال علي بن عيسى : إني رأيت في كتاب لم يحضرني الان اسمه أن البزاة
عادت في أرجلها حيات خضرو أنه سئل بعض الائمة عليهم السلام فقال قبل أن يفصح عن
السؤال : إن بين السمآء والارض حيات خضراء تصيدها بزاة شهب ، يمتحن بها
* ( هامش ) * ( 1 ) هذا بعيد غايته ، فانه عليه السلام قام بأمر الامامة وله ثمان سنين ولم يكن
أن يلعب مع الصبيان ، ولا أن يطلع على لعبهم ولهوهم ، مقيما على ذلك فان الامام لا يلهو
ولا يلعب على أنه كان مقيما بمدينة جده الرسول إلى أن أشخصه المأمون إلى بغداد كمامر
وسيأتى لا أنه ببغداد .
( 2 ) كشف الغمة ج 4 ص 187 و 188 .
[ 93 ]
أولاد الا نبيآء وما هذا معناه والله أعلم ( 1 ) .
وقال الحميري في كتاب الدلائل : روي عن دعبل بن علي أنه دخل على
الرضا عليه السلام فأمر له بشئ فأخذه ولم يحمدالله فقال له : لم لم تحمدالله ؟ قال ثم
دخلت بعده على أبي جعفر عليه السلام فأمرلي بشئ فقلت : الحمدلله فقال : تأدبت .
وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه قال : استأذن على أبي جعفر عليه السلام قوم من
أهل النواحي فأذن لهم فدخلوا فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة
فأجاب وله عشر سنين ( 2 )
قب : عن إبراهيم بن هاشم مثله ( 3 )
كا : علي مثله ( 4 ) .
بيان : قوله : عن ثلاثين ألف مسألة أقول : يشكل هذا بأنه لو كان السؤال و
الجواب عن كل مسألة بيتا واحدا أعني خمسين حرفا لكان أكثر من ثلاث ختمات
للقرآن فكيف يمكن ذلك في مجلس واحد ، ولو قيل : جوابه عليه السلام كان في الاكثر
بلا ونعم ، أو بالا عجاز في أسرع زمان ، ففي السؤال لا يمكن ذلك ، ويمكن الجواب
بوجوه :
الاول أن الكلام محمول على المبالغة في كثرة الاسولة والاجوبة ، فان
عد مثل ذلك مستبعد جدا .
الثاني يمكن أن يكون في خواطر القوم أسولة كثيرة متفقة فلما أجاب عليه السلام
عن واحد فقد أجاب عن الجميع .
الثالث أن يكون إشارة إلى كثرة ما يستنبط من كلماته الموجزة المشتملة على
الاحكام الكثيرة ، وهذا وجه قريب .
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدرص 189 .
( 2 ) المصدرص 217
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 384 .
( 4 ) الكافى ج 1 ص 496 .
[ 94 ]
الرابع أن يكون المراد بوحدة المجلس الوحدة النوعية أو مكان واحد
كمنى وإن كان في أيام متعددة .
الخامس أن يكون مبنيا على بسط الزمان الذي تقول به الصوفية لكنه
ظاهرا من قبيل الخرافات .
السادس أن يكون إعجازه عليه السلام أثر في سرعة كلام القوم أيضا أو كان يجيبهم
بما يعلم من ضمائرهم قبل سؤالهم .
السابع ما قيل : إن المراد السؤال بعرض المكتوبات والطومارات فوقع
الجواب بخرق العادة .
7 - كش : محمد بن مسعود ، عن المحمودي ( 1 ) [ قال : حدثني أبي ] ( 2 )
أنه دخل على ابن أبي دواد ( 3 ) وهو في مجلسه وحوله أصحابه ، فقال لهم ابن
أبي دواد : يا هؤلاء ما تقولون في شئ قاله الخليفة البارحة ، فقالوا : وما ذلك ؟
قال : قال الخليفة : ما ترى الفلانية تصنع إن أخرجنا إليهم أبا جعفر سكران


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 94 سطر 13 الى ص 102 سطر 13

ينشي مضمخا بالخلوق ؟ قالوا : إذن تبطل حجتهم وتبطل مقالتهم ، قلت : إن
الفلانية يخالطوني كثيرا ويفضون إلي بسر مقالتهم وليس يلزمهم هذا الذي
يجري .
* ( هامش ) * ( 1 ) المحمودى هو أبوعلى محمد بن أحمد بن حماد المروزى من أصحاب أبى جعفر
والهادى والعسكرى عليهم السلام ، توفى أبوه أبوالعباس أحمد بن حماد في زمن الهادى
عليه السلام فكتب عليه السلام بعد وفاة أبيه " قد مضى أبوك رضى الله عنه وعنك ، وهو عندناعلى
حالة محمودة ، ولن تبعد من تلك الحال " فلقب بالمحمودى
( 2 ) الظاهر سقوط هذه الجملة التى جعلناها بين العلامتين ، فان الخبر مروى في
الكشى تحت عنوانه لاحمد بن حماد المروزى راجع قاموس الرجال ج 1 ص 302 .
( 3 ) في النسخ في كل المواضع " ابن أبى داود " والصحيح ما في الصلب كمامر ترجمته
في ص 5 من هذا المجلد فراجع ، وكذا ضبطه صحيحاءابن أبى دواد " في نسخة الكشى
المطبوعة جديدا بالنجف الاشرف .
[ 95 ]
قال : ومن أين قلت ؟ قلت : إنهم يقولون : لابد في كل زمان وعلى كل
حال لله في أرضه من حجة يقطع العذر بينه وبين خلقه ، قلت : فان كان في زمان
الحجة من هو مثله أو فوقه في الشرف والنسب كان أدل الدلائل على الحجة قصد
السلطان له من بين أهله ونوعه قال : فعرض ابن أبي دواد هذا الكلام على الخليفة
فقال : ليس في هؤلاء اليوم حيلة لا تؤذوا أبا جعفر ( 1 )
بيان : الفلانية الامامية والرافضة ، وحاصل جواب المحمودي أن الامامية
يقولون بأنه لابد في كل زمان من حجة وكلما تعرض السلطان ليضيع قدرمن
هو بتلك المرتبة كان لهم أدل دليل على أنه الحجة ، حيث يتعرض السلطان له
دون غيره .
8 - يب : أحمد بن محمد ، عن أبي إسحاق إبراهيم ، عن أبي أحمد إسحاق بن
إسماعيل ، عن العباس بن أبي العباس ، عن عبدوس بن أبراهيم قال : رأيت
أبا جعفر الثاني عليه السلام قد خرج من الحمام وهو من قرنه إلى قدمه مثل الورد
من أثر الحناء
9 - مهج : علي بن عبدالصمد ، عن محمد بن أبي الحسن عم والده ، عن جعفر
ابن محمد الدوريستي ، عن والده ، عن الصدوق محمد بن بابويه وأخبرني جدي عن
والده ، عن جماعة من أصحابنا منهم السيد أبوالبركات وعلي بن محمد المعاذي و
محمدبن علي العمري ومحمد بن إبراهيم بن عبدالله المدائني جميعا ، عن الصدوق ، عن
أبيه ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن جده ، عن أبي نصر الهمداني قال : حدثتني
حكيمة بنت محمدبن علي بن موسى بن جعفر عمة أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام
قالت : لما مات محمدبن علي الر ضا عليهما السلام أتيت زوجته ام عيسى بنت المأمون فعزيتها
ووجدتها شديد الحزن والجزع عليه ، تقتل نفسها بالبكاء والعويل ، فخفت عليها
أن تتصدع مرارتها .
فبينما نحن في حديثه وكرمه ، ووصف خلقه ، وما خلقه ، وما أعطاه الله تعالى من الشرف
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 469 .
[ 96 ]
والاخلاص ومنحه من العز والكرامة ، إذ قالت ام عيسى ألا اخبرك عنه بشئ
عجيب وأمر جليل ، فوق الوصف والمقدار ؟ قلت : وما ذاك ؟ قالت : كنت أغار
عليه كثيرا وا راقبه أبدا وربما يسمعني الكلام فأشكو ذلك إلى فيقول : يابنية
احتمليه فانه بضعة من رسول الله صلى الله عليه وآله .
فبينما أنا جالسة ذات يوم إذ دخلت على جارية فسلمت علي فقلت : من أنت ؟
فقالت : أناجارية من ولد عمار بن ياسر وأنا زوجة أبي جعفر محمد بن علي الرضا
زوجك ! فدخلني من الغيرة مالا أقدر على احتمال ذلك ، وهممت أن أخرج وأسيح
في البلاد ، وكاد الشيطان يحملني على الاساءة إليها فكظمت غيظي وأحسنت رفدها
وكسوتها .
فلما خرجت من عندي المرأة ، نهضت ودخلت على أبي ، وأخبرته بالخبر
وكان سكران لا يعقل فقال : يا غلام على بالسيف فاتي به ، فركب وقال : والله
لا قتلنه فلما رأيت ذلك قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ماصنعت بنفسي وبزوجي
وجعلت ألطم حر وجهي ( 1 ) فدخل عليه والدي ومازال يضربه بالسيف ، حتى
قطعه ثم خرج من عنده ، وخرجت هاربة من خلفه ، فلم أرقد ليلتي .
فلما ارتفع النهار أتيت أبي فقلت : أتدري ما صنعت البارحة ؟ قال : وما
صنعت ؟ قلت : قتلت ابن الرضا ابن الرضا ! فبرق عينه وغشي عليه .
ثم أفاق بعد حين ، وقال : ويلك ما تقولين ؟ قلت : نعم والله يا أبت دخلت عليه
ولم تزل تضربه بالسيف حتى قتلته ، فاضطرب من ذلك اضطر ايا شديدا وقال : علي
بياسر الخادم ، فجاء ياسر ، فنظر إليه المأمون وقال : ويلك ما هذا الذي تقول هذه
ابنتي ؟ قال : صدقت يا أمير المؤمنين فضرب بيده على صدره وخده ، وقال : إنا
لله وإنا إليه راجعون هلكنا بالله وعطبنا ، وافتضحنا إلى آخر الابد ، ويلك ياياسر
فانظر ما الخبر والقصة عنه ؟ وعجل علي بالخبرفان نفسي تكاد أن تخرج الساعة .
* ( هامش ) * ( 1 ) حر الوجه - بضم الحاء - ما بدا من الوجنة ، يقال : لطم حروجهه وقال الشاعر :
جلا الحزن عن حرالوجوه فأسفرت * وكانت عليها هبوة لا تبلج .
[ 97 ]
فخرج ياسر وأنا ألطم حروجهي فما كان بأسرع من أن رجع ياسر فقال :
البشرى يا أمير المؤمنين قال : لك البشرى فما عندك ؟ قال ياسر : دخلت عليه فاذا
هو جالس وعليه قميص ودواج وهو يستاك فسلمت على وقلت : يا ابن رسول الله
احب أن تهب لي قميصك هذا اصلي فيه وأتبرك به ، وإنما أردت أن أنظر إليه
وإلى جسده هل به أثر السيف ، فوالله كأنه العاج الذي مسه صفرة ، مابه أثر .
فبكى المأمون طويلا وقال : مابقى مع هذا شي إن هذا لعبرة للاولين
والاخرين وقال : ياياسر أما ركوبي إليه وأخذي السيف ودخولي عليه فاني ذاكر
له ، وخروجى عنه فلا أذكر شيئا غيره ولا أذكر أيضا انصرافي إلى مجلسي ، فكيف
كان أمري وذهابي إليه لعنة الله على هذه الابنة لعناوبيلا ، تقدم إليها وقال لها
يقول لك أبوك : والله لئن جئتني بعد هذا اليوم وشكوت منه أو خرجت بغير إذنه
لا تتقمن له منك ثم سر إلى ابن الرضا وأبلغه عني السلام واحمل إليه عشرين
ألف دينار وقدم إليه الشهري الذي ركبته البارحة ، ثم أمر بعد ذلك الهاشميين أن
يدخلوا عليه بالسلام ويسلموا عليه .
قال ياسر : فأمرت لهم بذلك ودخلت أنا أيضا معهم وسلمت عليه وأبلغت
التسليم ووضعت المال بين يديه ، وعرضت الشهري عليه فنظر إليه ساعة ثم تبسم
فقال : ياياسر هكذا كان العهد بينه وبين أبي وبينى وبينه ، حتى يهجم علي
بالسيف ؟ ! أما علم أن لي ناصرا وحاجزا يحجز بيني وبينه ؟ .
فقلت : يا سيدي يا ابن رسول الله دع عنك هذا العتاب ، فوالله وحق جدك
رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان يعقل شيئا من أمره ، وماعلم أين هومن أرض الله
وقد نذر لله نذرا صادقا ، وحلف أن لايسكر بعد ذلك أبدا فان ذلك من حبائل
الشيطان ، فاذا أنت يا ابن رسول الله أتيته فلا تذكرله شيئا ولا تعاتبه على ماكان
منه فقال عليه السلام : هكذا كان عزمي ورأيي والله ثم دعا بثيابه ولبس ونهض ، وقام معه
الناس أجمعون حتى دخل على المأمون .
فلما رآه قام إليه وضمه إلى صدره ، ورحب به ولم يأذن لا حد في الدخول
[ 98 ]
عليه ، ولم يزل يحدثه ويسامره ، فلماانقضى ذلك قال له أبوجعفر محمد بن علي الرضا
عليهما السلام : ياأميرالمؤمنين قال : لبيك وسعديك ، قال : لك عندي نصيحة فاقبلها
قال المأمون : بالحمد والشكر [ ثم ] قال : فما ذاك يا ابن رسول الله ؟ قال : احب
أن لا تخرج بالليل فاني لاآمن عليك هذا الخلق المنكوس وعندي عقد تحصن به نفسك
وتحترزبه عن الشرور والبلايا والمكاره ، والافات والعاهات ، كما أنقذني الله منك
البارحة ، ولو لقيت به جيوش الروم والترك ، واجتمع عليك وعلى غلبتك أهل
الارض جميعا ما تهيألهم منك شئ باذن الله الجبار ، وإن أحببت وبعثت به إليك لتحترز
به من جميع ما ذكرت لك ، قال : نعم ، فاكتب ذلك بخطك وابعثه إلى قال
عليه السلام : نعم .
قال ياسر : فلما أصبح أبوجعفر عليه السلام بعث إلي فدعاني فلما سرت إليه
وجلست بين يديه دعا برق ظبي تهامة ثم كتب بخطه هذا العقد ، ثم قال :
يا ياسر احمل هذا إلى أمير المؤمنين ! وقل حتى يصاغ له قصبة من فضة منقوش
عليه ما أذكره بعد فاذا أراد شده على عضده فليشده على عضد الايمن ، وليتوضأ
وضوءا حسنا سابغا وليصل أربع ركعات يقرء في كل ركعة فاتحة الكتاب وسبع
مرات آية الكرسي وسبع مرات شهد الله وسبع مرات والشمس وضحيها وسبع
مرات والليل إذا يغشى ، وسبع مرات قال هوالله أحد
فاذا فرغ منها فليشده على عضده الايمن ، عند الشدائد والنوائب بحول الله
وقوته وكل شئ يخافه ويحذره ، وينبغي أن لايكون طلوع القمر في برج العقرب
ولو أنه غزا أهل الروم وملكهم لغلبهم باذن الله وبركة هذا الحرز إلى آخرما أوردته
في كتاب الدعاء ( 1 ) 10 - عيون المعجزات : صفوان ، عن أبي نصر المهداني عن حكيمة بنت
أبي الحسن القرشي وكانت من الصالحات قالت : لما قبض أبوجعفر عليه السلام أتيت
ام الفضل بنت المأمون أو قالت : ام عيسى بنت المأمون فعزيتها فوجدتها شديدة
* ( هامش ) * ( 1 ) مهج الدعوات ص 44 - 48 .
[ 99 ]
الحزن إلى آخر مامر .
11 - قب : صفوان بن يحيى قال : حدثني أبوالهمداني وإسماعيل بن
مهران وخيران الاسباطى عن حكيمة بنت أبي الحسن القرشي ، عن حكيمة بنت
موسى بن عبدالله ، عن حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى التقي عليهم السلام وساق
الحديث نحوه إلى قوله :
فقال ياسر : ما شعر والله فدع عنه عتابك ، فانه لن يسكر أبدا ثم ركب
حتى أتى إلى والدي فرحب به والدي وضمه إلى نفسه ، وقال : إن كنت وجدت
علي فاعف عني واصفح فقال : ما وجدت شيئا وما كان إلا خيرا فقال المأمون :
لا تقربن إليه بخراج الشرق والغرب ، ولا هلكن أعداءه كفارة لما صدر مني ثم
أذن للناس ودعا بالمائدة ( 1 )
بيان : " حر الوجه " ما بدا من الوجنة " وبرق عينه " أي تحير فلم يطرف
" والدواج " كرمان ، وغراب : اللحاف الذي يلبس .
12 - عيون المعجزات : لما قبض الرضا عليه السلام كان سن أبي جعفر عليه السلام نحو
سبع سنين ، فاختلفت الكلمة من الناس ببغداد وفي الامصار ، واجتمع الريان بن
الصلت ، وصفوان بن يحيى ، ومحمد بن حكيم ، وعبدالرحمان بن الحجاج ويونس
ابن عبدالرحمان ، وجماعة من وجوه الشيعة وثقاتهم في دار عبدالرحمان بن
الحجاج في بركة زلول يبكون ويتوجعون من المصيبة ، فقال لهم يونس بن
عبدالرحمان : دعوا البكاء ! من لهذا الامر وإلى من نقصد بالمسائل إلى أن يكبر
هذا ؟ يعني أبا جعفر عليه السلام .
فقام إليه الريان بن الصلت ، ووضع يده في حلقه ، ولم يزل يلطمه ، ويقول
له : أنت تظهر الايمان لنا وتبطن الشك والشرك ، إن كان أمره من الله جل وعلا فلو
أنه كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ العالم وفوقة ، وإن لم يكن من عندالله
فلو عمر ألف سنة فهو واحد من الناس ، هذا مما ينبغي أن يفكر فيه . فأقبلت العصابة
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 394 و 395 .
[100]
عليه تعذله وتوبخه .
وكان وقت الموسم فاجتمع من فقهاء بغداد والامصار وعلمائهم ثمانون رجلا
فخرجوا إلى الحج وقصدوا المدينة ليشاهدوا أبا جعفر عليه السلام فلما وافوا أتوا دار
جعفر الصادق عليه السلام لانها كانت فارغة ، ودخلوها وجلسوا على بساط كبير ، وخرج
إليهم عبدالله بن موسى ، فجلس في صدر المجلس وقام مناد وقال : هذا ابن رسول الله
فمن أراد السؤال فليسأله فسئل عن أشياء أجاب عنها بغير الواجب فورد على الشيعة
ما حيرهم وغمهم ، واضطربت الفقهاء ، وقاموا وهموا بالا نصراف ، وقالوا في أنفسهم :
لو كان أبوجعفر عليه السلام يكمل لجواب المسائل لما كان من عبدالله ما كان ، ومن الجواب
بغير الواجب .
ففتح عليهم باب من صدر المجلس ودخل موفق وقال : هذا أبوجعفر ! فقاموا
إليه بأجمعهم واستقبلوه وسلموا عليه فدخل صلوات الله عليه وعليه قميصان وعمامة
بذؤابتين وفي رجليه نعلان وجلس وأمسك الناس كلهم ، فقام صاحب المسألة فسأله
عن مسائلة فأجاب عنها بالحق ففرحوا ودعواله وأثنوا عليه وقالوا له : إن عمك
عبدالله أفتى بكيت وكيت ، فقال : لا إله إلا الله يا عم إنه عظيم عندالله أن تقف غدا
بين يديه فيقول لك : لم تفتي عبادي بمالم تعلم ، وفي الامة من هو أعلم منك .
وروي عن عمر بن فرج الرخجي ( 1 ) قال : قلت لابي جعفر : إن شيعتك تدعي
أنك تعلم كل ماء في دجلة ووزنه ؟ وكنا على شاطئ دجلة فقال عليه السلام لي : يقدر
الله تعالى أن يفوض علم ذلك إلى بعوضة من خلقه أم لا ؟ قلت : نعم ، يقدر ، فقال : * ( هامش ) * ( 1 ) قال أبوالفرج الاصبهانى في مقاتل الطالبيين : ص 396 ( ط - النجف الاخيرة ) :
استعمل المتوكل على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجى ، فمنع آل أبى طالب من التعرض لمسألة
الناس ، ومنع الناس من البربهم ، وكان يبلغه أن أحدا أبر أحدا منهم بشئ وان قل
الا أنهكه عقوبة واثقله غرما .
حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة ، ثم
يرقعنه ويجلسن على مغازلهن عوارى حواسر ، الخ .
[101]
أنا أكرم على الله تعالى من بعوضة ومن أكثر خلقه .
13 - كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن
إبراهيم بن أبي البلاد قال : دخلت على أبي جعفر ابن الرضا عليهما السلام فقلت له : إني
اريد أن ألصق بطني ببطنك فقال : ههنا يا أبا إسماعيل فكشف عن بطنه وحسرت
عن بطني ، وألصقت بطني ببطنه ، ثم أجلسني ودعا بطبق فيه زينب فأكلت ، ثم أخذ
في الحديث فشكا إلى معدته وعطشت فاستسقيت ماء ، فقال : ياجارية اسقيه من
نبيذي فجاء تني بنبيذ مريس ( 1 ) في قدح من صفر ، فشربته فوجدته أحلى من العسل .
فقلت له : هذا الذي أفسد معدتك ، قال : فقال : هذا تمر من صدقة النبي
صلى الله عليه وآله يؤخذ غدوة فيصب عليه الماء فتمرسه الجارية وأشربه على أثر
الطعام ولسائر نهاري ، فاذا كان الليل أخرجته الجارية فسقته أهل الدار ، فقلت له :
إن أهل الكوفة لا يرضون بهذا ، فقال : وما نبيذهم ؟ قال قلت : يؤخذ التمر فينقى
ويلقى عليه القعوة ، قال : وما القعوة ؟ قلت : الداذي قال : وما الداذي ؟ قلت : حب
يؤتى به من البصرة فيلقى في هذا النبيذ ، حتى يغلى ويسكن ، ثم يشرب فقال :
ذاك حرام ( 2 ) .
14 - يب : روى علي بن مهزيار قال : كتبت إلى أبي جعفر وشكوت إليه
كثرة الزلازل في الاهواز وقلت : ترى لي التحول عنها ؟ فكتب عليه السلام لا تتحو لوا
عنها ، وصوموا الاربعاء والخميس والجمعة واغتسلوا وطهروا ثيابكم وابرزوا يوم
الجمعة وادعوا الله فانه يدفع عنكم قال : ففعلنا فسكنت الزلازل .
15 - كا : أبوعلي الاشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن علي بن
مهزيار ، عن موسى بن القاسم قال : قلت لابي جعفر الثاني عليه السلام : قد أردت أن أطوف
عنك وعن أبيك فقيل لي : إن الاوصياء لا يطاف عنهم ، فقال لي : بل طف ما أمكنك
* ( هامش ) * ( 1 ) المريس - على وزن فعيل - التمر الممروس ، يقال : مرس التمر في الماء : نقعه
ومرثه باليد .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 416 و 417 .
[102]
فان ذلك جائز .
ثم قلت له بعد ذلك بثلاث سنين : إني كنت استأذنتك في الطواف عنك ، و
عن أبيك فأذنت لي في ذلك ، فطفت عنكما ما شاء الله ، ثم وقع في قلبي شئ
فعملت به .
قال : وماهو ؟ قلت : طفت يوما عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ثلاث مرات :
صلى الله على رسول الله ، ثم اليوم الثاني عن أمير المؤمنين ، ثم طفت اليوم الثالث عن
الحسن ، والرابع عن الحسين ، والخامس عن علي بن الحسين ، والسادس عن
أبي جعفر محمد بن علي ، واليوم السابع ، عن جعفر بن محمد ، واليوم الثامن عن أبيك
موسى ، واليوم التاسع عن أبيك علي ، واليوم العاشر عنك يا سيدي ، وهؤلاء الذين
أدين الله بولايتهم ، فقال : إذن والله تدين الله بالدين الذين لا يقبل من العباد غيره .
قلت : وربما طفت عن امك فاطمة ، وربما لم أطف ، فقال : استكثر من
هذا فانه أفضل ما أنت عامله إنشاء الله ( 1 ) .
16 - ن : أبي ، وابن الوليد معا عن محمد العطار ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 102 سطر 14 الى ص 108 سطر 21

قال : قرأت كتاب أبي الحسن الرضا إلى أبي جعفر عليه السلام يا أبا جعفر بلغني أن الموالي
إذا ركبت أخر جوك من الباب الصغير ، وإنما ذلك من بخل بهم لئلا ينال منك أحد
خيرا فأسألك بحقي عليك لا يكن مدخلك ومخرجك إلا من الباب الكبير ، وإذا
ركبت فليكن معك ذهب وفضة ثم لا يسألك أحد إلا أعطيته ومن سألك من عمو متك
أن تبره فلا تعطه أقل من خمسين دينارا والكثير إليك ، ومن سألك من عماتك فلا
تعطها أقل من خمسة وعشرين دينارا والكثير إليك ، إني اريد أن يرفعك الله فأنفق
ولا تخش من ذي العرش إقتارا ( 2 ) .
كا : العدة ، عن البرقي ومحمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، معا ، عن البزنطي
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 4 ص 314 .
( 2 ) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 8 .
[103]
مثله ( 1 ) .
17 - ف : روي أنه حمل لابي جعفر الثاني عليه السلام حمل بزله قيمة كثيرة
فسل في الطريق فكتب إليه الذي حمله يعرفه الخبر ، فوقع بخطه إن أنفسناو
أموالنا من مواهب الله الهنيئة ، وعواريه المستودعة ، يمتع بما متع منها في سرور و
غبطة ، ويأخذ ما أخذ منها في أجر وحسبة ، فمن غلب جزعه على صبره حبط أجره
نعوذ بالله من ذلك ( 2 )
بيان : السلة السرقة الخفية كالاسلال .
18 - شى : عن محمد بن عيسى بن زياد ، قال : كنت في ديوان أبي عباد فرأيت
كتابا ينسخ فسألت عنه فقالوا : كتاب الرضا إلى ابنه عليهما السلام من خراسان ، فسألتهم
أن يدفعوه إلي فاذا فيه :
" بسم الله الرحمن الرحيم أبقاك الله طويلا وأعاذ من عدوك يا ولد ، فداك
أبوك ، قد فسرت لك ( 3 ) مالي وأنا حي رجاء أن ينميك الله بالصلة لقرابتك
ولموالي موسى وجعفر رضي الله عنهما فأما سعيدة فانها امرأة قوية الحزم في النحل ( 4 )
وليس ذلك كذلك قال الله " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضا فيضاعفه له أضعافا
كثيرة " ( 5 ) وقال : " لينفق ذوسعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " ( 6 )
وقد أوسع الله عليك كثيرا يا بني فداك أبوك لا تستر دوني الامور لحبها فتخطئ
حظك والسلام ( 7 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 4 ص 43 .
( 2 ) تحف العقول ص 479
( 3 ) كذا في الاصل ونسخة المصدر ، وأظنه تصحيف " خيرت " والمعنى فوضت
الخيار اليك .
( 4 ) زاد في المصدر المطبوع : والصواب في رقة الفطر ، ولم نظهر على معناه .
( 5 ) البقرة : 245 .
( 6 ) الطلاق : 7 .
( 7 ) تفسير العياشى ج 1 ص 131 و 132
[104]
19 - كش : نصربن الصباح ، عن إسحاق بن محمد البصري ، عن الحسين بن
موسى بن جعفر عليهما السلام قال : كنت عند أبي جعفر عليه السلام بالمدينة وعنده علي بن جعفر
فدنا الطبيب ليقطع له العرق ، فقام علي بن جعفر فقال : يا سيدي يبدء بي لتكون
حدة الحديد في قبلك قال : قلت يهنئك هذا عم أبيه فقطع له العرق ثم أراد
أبوجعفر عليه السلام النهوض فقام علي بن جعفر فسوى له نعليه ، حتى يلبسهما ( 1 ) .
20 - الفصول المهمة : شاعره : حماد ، بوابه ، عمر بن الفرات ، معاصره :
المأمون والمعتصم .
21 - ختص : ابن قولويه ، عن الحسن بن بنان ، عن محمد بن عيسى ، عن أبيه
عن علي بن مهزيار ، عن بعض القميين ، عن محمد بن إسحاق والحسن بن محمد
قالا : خرجنا بعد وفاة زكريا بن آدم إلى الحج فتلقانا كتابه في بعض الطريق :
ذكرت ما جرى من قضاء الله في الرجل المتوفى رحمه الله يوم ولد ويوم قبض ويوم
يبعث حيا فقد عاش أيام حياته عارفا بالحق قائلا به صابرا محتسبا للحق قائما
بما يحب الله ورسوله ومضى رحمة الله عليه غيرنا كث ولا مبدل فجزاه الله أجر نيته
وأعطاه جزاء سعيه ، وذكرت الرجل الموصى إليه فلم يعد ( 2 ) فيه رأينا وعندنا
من المعرفة به أكثر مما وصفت - يعني الحسن بن محمد بن عمران ( 3 ) .
22 - غط : من المحمودين عبدالعزيز بن المهتدي القمي الاشعري خرج فيه
عن أبي جعفر عليه السلام : قبضت والحمد لله وقد عرفت الوجوه التى صارت إليك منها
غفر الله لك ولهم الذنوب ، ورحمنا وإياكم .
وخرج فيه : غفر الله لك ذنبك ، ورحمنا وإياك ورضي عنك برضائي ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 365 .
( 2 ) في المصدر المطبوع : فلم أجد فيه رأينا ، وفى رجال الكشى : ولم تعرف فيه
رأينا . وفى نسخة الكمبانى : فلم يعد فيه ما رأينا مما وعدناه من المعرفة " . وما في
الصلب طبقالنسخة الاصل هو الصواب .
( 3 ) الاختصاص : ص 87 و 88 وتراه في رجال الكشى ص 496 .
( 4 ) كتاب الغيبة : للشيخ الطوسى ص 225 .
[105]
ومنهم علي بن مهزيار الاهوازي وكان محمودا أخبرني جماعة عن التلعكبري
عن أحمد بن علي الرازي ، عن الحسين بن علي ، عن أبي الحسن البلخي ، عن أحمد
ابن ما بندار الاسكافي ، عن العلا المذاري ( 1 ) عن الحسن بن شمون قال : قرأت
هذه الرسالة على علي بن مهزيار ، عن أبي جعفر الثاني بخطه :
بسم الله الرحمن الرحيم يا علي أحسن الله جزاك ، وأسكنك جنته ، ومنعك
من الخزي في الدنيا والاخرة ، وحشرك الله معنا ، يا علي قد بلوتك وخيرتك في
النصيحة والطاعة والخدمة والتوقير والقيام بما يجب عليك ، فلو قلت : إني لم أر
مثلك ، لرجوت أن أكون صادقا ، فجزاك الله جنات الفردوس نزلا ، فما خفي علي
مقامك ، ولاخدمتك ، في الحر والبرد ، في الليل والنهار ، فأسأل الله إذا جمع
الخلائق للقيامة أن يحبوك برحمة تغتبط بها إنه سميع الدعاء ( 2 )
23 - كا ( 3 ) غط : علي بن إبراهيم ، عن أبيه قال : كنت عند أبي جعفر
الثاني عليه السلام إذا دخل إليه صالح بن محمد بن سهل الهمداني وكان يتولى له فقال له :
جعلت فداك اجعلني من عشرة آلاف درهم في حل فاني أنفقتها ، فقال له أبوجعفر
عليه السلام : أنت في حل .
فلما خرج صالح من عنده قال أبوجعفر عليه السلام : أحدهم يثب على مال ( 4 )
آل محمد صلى الله عليه وآله وفقرائهم ومساكينهم وأبنآء سبيلهم فيأخذه ثم يقول : اجعلني في
حل . أتراه ظن بي أني أقول له لا أفعل ، والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن
ذلك سؤالا حثيثا ( 5 )
* ( هامش ) * ( 1 ) المذار - كسحاب - بلد بين واسط والبصرة ، كان بها يوم لمصعب بن الزبير
على أحمر بن شميط البجلى .
( 2 ) كتاب الغيية ص 226 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 548 .
( 4 ) في الكافى : أموال حق آل محمد ، وفى كتاب الغيبة " على آل محمد "
( 5 ) كتاب الغيبة ص 227 .
[106]
24 - قب : كان بابه عثمان بن سعيد السمان ، ومن ثقاته أيوب بن نوح بن
دراج الكوفي وجعفر بن محمد بن يونس الاحول ، والحسين بن مسلم بن الحسن ، و
المختار بن زياد العبدي البصري ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب الكوفي .
ومن أصحابه شاذان بن الخليل النيسابوري ، ونوح بن شعيب البغدادي ، و
محمد بن أحمد المحمودي ، وأبويحيى الجرجاني ، وأبوالقاسم إدريس القمي وعلي
ابن محمد ، وهارون بن الحسن بن محبوب ، وإسحاق بن إسماعيل النيسابوري ، و
أبوحامد أحمد بن إبراهيم المراغي ، وأبوعلي بن بلال ، وعبدالله بن محمد الحصيني
ومحمد بن الحسن بن شمون البصري ( 1 ) .
25 - كش : وجدت في كتاب محمد بن الحسن بن بندار القمي بخطه ، حدثني
الحسين بن محمد بن عامر ، عن خيران الخادم القراطيسي ( 2 ) قال : حججت أيام
أبي جعفر محمد بن علي بن موسى وسألته عن بعض الخدم وكانت له منزلة من
أبي جعفر عليه السلام فسألته أن يوصلني إليه فلما سرنا إلى المدينة قال لي : تهيأ فاني اريد
أن أمضي إلى أبي جعفر عليه السلام فمضيت معه .
فلما أن وافينا الباب ، قال : ساكن في حانوت فاستأذن ودخل ، فلما أبطأ
علي رسوله ، خرجت إلى الباب فسألت عنه فأخبروني أنه قد خرج ومضى فبقيت
متحيرا فاذاأناكذلك إذ خرج خادم من الدار فقال : أنت خيران ؟ فقلت : نعم قال
لي : ادخل !
فدخلت فاذا أبوجعفر عليه السلام قائم على دكان لم يكن فرش له ما يقعد عليه
فجآء غلام بمصلى فألقاه له ، فجلس فلما نظرت إليه تهيبته ودهشت ، فذهبت لاصعد
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 380 وأما محمد بن الحسن بن شمون فهو
أبوجعفر البغدادى كان من الواقفة ، ثم غلا ، وكان ضعيفا جدا فاسدا المذهب ، وأضيف اليه
أحاديث في الوقف . عاش مائة وأربع عشر سنة ، ومات سنة ثمان وخمسين ومائتين ، فعد
من أصحاب الهادى والعسكرى أيضا .
( 2 ) نسبة إلى القراطيس جمع قرطاس ، كانه كان بايع القراطيس .
[107]
الدكان من غير درجة فأشار إلى موضع الدرجة فصعدت وسلمت فرد السلام
ومد إلي يده فأخذتها وقبلتها ووضعتها على وجهي ، وأقعدني بيده فأمسكت يده
مما دخلني من الدهش فتر كها في يدي فلما سكنت خليتها فساء لني .
وكان الريان بن شبيب قال لي : إن وصلت إلى أبي جعفر عليه السلام وقلت له :
مولاك الريان بن شبيب يقرء عليك السلام ويسألك الدعاء له ولولده [ فذكرت
له ذلك ] ( 1 ) فدعا له ولم يدع لولده ، فأعدت عليه فدعا له ولم يدع لولده
فأعدت عليه ثالثا فدعا له ولم يدع لولده ، فود عته وقمت .
فلما مضيت نحو الباب سمعت كلامه ولم أفهم قال : وخرج الخادم في أثري
فقلت له : ما قال سيدي لماقمت ؟ فقال لي : من هذا الذي يرى أن يهدي نفسه هذا
ولد في بلاد الشرك فلما اخرج منها صار إلى من هوشر منهم ، فلما أراد الله أن
يهديه هداه ( 2 )
26 - كش : محمد بن مسعود ، عن سليمان بن حفص ، عن أبي بصير ( 3 )
حماد بن عبدالله القندي ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن علي بن مهزيارقال : كتب
إلي خيران : قدو جهت إليك ثمانية دراهم كانت اهديت إلي من طرسوس ( 4 ) دراهم
منهم [ مبهمة ] وكرهت أن أردها على صاحبها أو احدث فيها حدثا دون أمرك ، فهل
تأمرني في قبول مثلها أم لا ، لا عرفه إنشاء الله تعالى وأنتهي إلى أمرك .
فكتب وقرأته : اقبل منهم إذا اهدي إليك دراهم أو غيرها فان رسول الله
صلى الله عليه وآله لم يرد هدية على يهودي ولا نصراني ( 5 )
* ( هامش ) * ( 1 ) زيادة من المصدر .
( 2 ) رجال الكشى تحت الرقم 505 .
( 3 ) في المصدر " أبى نصر " بدل " أبى نصير " .
( 4 ) مدينة بثغور الشام بين انطاكية وحلب وبلاد الروم ، وبها قبر المأمون العباسى .
( 5 ) رجال الكشى تحت الرقم 505 ص 508 .
[108]
27 - قال البرسي في مشارق الانوار : روي أنه جئ بأبي جعفر عليه السلام إلى
مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله بعد موت أبيه ، وهو طفل ، وجآء إلى المنبر ورقا منه درجة
ثم نطق فقال : أنا محمد بن علي الرضا ، أنا الجواد ، أنا العالم بأنساب الناس في
الاصلاب ، أنا أعلم بسرائر كم وظواهر كم ، وما أنتم صائرون إليه ، علم منحنا به
من قبل خلق الخلق أجمعين ، وبعد فناء السماوات والارضين ، ولولا تظاهر أهل
الباطل ، ودولة أهل الضلال ، ووثوب أهل الشك ، لقلت قولا تعجب منه الا ولون
والاخرون ثم وضع يده الشريفة على فيه ، وقال : يا محمد اصمت كما صمت آباؤك
من قبل .
28 - كش : حمدويه وإبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن خيران الخادم
قال : وجهت إلى سيدي ثمانية دراهم وذكر مثله سواء ( 1 ) وقال : جعلت فداك
إنه ربما أتاني الرجل لك قبله الحق أو قلت يعرف موضع الحق لك ، فيسألني
عما يعمل به ، فيكون مذهبي أخذ ما يتبرع في سر قال : اعمل في ذلك برأيك
فان رأيك رأيي ، ومن أطاعك أطاعني ( 2 ) .
29 - كش : علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن إبراهيم بن محمد
الهمداني قال : كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام أصف له صنع السميع بي ، فكتب بخطه
عجل الله نصرتك ممن ظلمك ، وكفاك مؤنته ، وأبشر بنصر الله عاجلا إنشاء الله و
بالاجر آجلا وأكثر من حمدالله ( 3 ) .
30 - كش : علي بن محمد ، عن محمد بن أحمد ، عن عمر بن علي بن عمر
ابن يزيد ، عن ابراهيم بن محمد قال : وكتب إلي : قد وصل الحساب تقبل الله .
* ( هامش ) * ( 1 ) هذا لفظ الكشى في رجاله . يريد الحديث الذى تقدم تحت الرقم 27 ، فما وقع
بينهما من حديث مشارق الانوار غفلة منه قدس سره .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 108 سطر 22 الى ص 115 سطر 9

( 2 ) رجال الكشى 508 .
( 3 ) رجال الكشى تحت الرقم 506 .
[109]
منك ورضي عنهم ، وجعلهم معنا في الدنيا والاخرة ، وقد بعثت إليك من الدنانير
بكذا ، ومن الكسوة بكذا ، فبارك لك فيه ، وفي جميع نعم الله إليك .
وقد كتبت إلى النضر أمرته أن ينتهي عنك ، وعن التعرض لك ولخلافك
وأعلمته موضعك عندي ، وكتبت إلى أيوب أمرته بذلك أيضا وكتبت إلى موالي
بهمدان كتابا أمرتهم بطاعتك ، والمصير إلى أمرك ، وأن لا وكيل سواك ( 1 )
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر تحت الرقم 506 و 509 .
[111]
* ( تاريخ ) * الامام أبي الحسن الهادي
* ( صلوات الله عليه ) *
[113]
* ( أبواب ) *
* ( تاريخ الامام العاشر ، والنور الزاهر ، والبدر الباهر ) *
* ( ذى الشرف والكرم والمجد والايادى ، أبى الحسن ) *
* ( الثالث على بن محمد النقى الهادى ، صلوات الله ) *
* ( عليه وعلى آبائه وأولاده ما تعاقبت الايام ولليالى ) *
1 * ( باب ) *
* ( أسمائه ، والقابه ، وكناه ، وعللها ، وولادته عليه السلام ) *
1 - مع ( 1 ) ع : سمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون : إن المحلة التى
يسكنها الامامان علي بن محمد والحسن بن علي عليهما السلام بسر من رأى كانت تسمى
عسكر ( 2 ) فلذلك قيل لكل واحد منهما العسكري ( 3 )
2 - قب : اسمه علي وكنيته أبوالحسن لا غيرهما ، ألقابه النجيب ، المرتضى
الهادي ، النقي ، العالم ، الفقيه ، الامين ، المؤتمن ، الطيب ، المتوكل العسكري
ويقال له أبوالحسن الثالث ، الفقيه العسكري .
* ( هامش ) * ( 1 ) معانى الاخبار ص 65
( 2 ) قال الفيروزآبادى : وعسكر اسم سر من رأى ، واليه نسب العسكريان أبوالحسن
على بن محمد بن على بن موسى بن جعفر وولده الحسن وماتا بها .
( 3 ) علل الشرائع ج 1 ص 230
[114]
وكان أطيب الناس مهجة ، وأصدقهم لهجة ، أملحهم من قريب ، وأكملهم من
بعيد ، إذا صمت عليه هيبة الوقار ، وإذا تكلم سيماء البهاء ، وهو من بيت الرسالة
والامامة ، ومقرالوصية والخلافة شعبة من دوحة النبوة منتضاه مرتضاه ، وثمرة
من شجرة الرسالة مجتناه مجتباه ، ولد بصريا من المدينة النصف من ذي الحجة
سنة اثنتي عشرة ومائتين .
ابن عياش يوم الثلثاء الخامس من رجب سنة أربع عشرة وقبض بسر من رأى
الثالث من رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ، وقبل يوم الاثنين ثلاث ليال بقين
من جمادى الاخرة نصف النهار ، وليس عنده إلا ابنه أبومحمد عليهما السلام ، وله يومئذ
أربعون سنة ، وقيل أحد وأربعون وسبعة أشهر .
امه ام ولد يقال لها سمانة المغربية ويقال إن امه المعروفة بالسيدة ام
الفضل فأقام مع أبيه ست سنين وخمسة أشهر ، وبعده مدة إمامته ثلاثا وثلاثين سنة
ويقال وتسعة أشهر ، ومدة مقامه بسرمن رأى عشرين سنة ، وتوفي فيها وقبره
في داره .
وكان في سني إمامته بقية ملك المعتصم ، ثم الواثق ، والمتوكل والمنتصر
والمستعين ، والمعتز ، وفي آخر ملك المعتمد استشهد مسموما وقال ابن بابويه :
وسمه المعتمد ( 1 )
3 - كشف : قال محمد بن طلحة : أما مولده عليه السلام ففي رجب سنة مائتين وأربع
عشرة للهجرة ، وامه ام ولد اسمها سمانة المغربية ، وقيل غير ذلك وأما اسمه
فعلي وأما ألقابه فالناصح ، والمتوكل ، المفتاح ، والنقي والمرتضى ، وأشهرها
المتوكل وكان يخفي ذلك ويأمر أصحابه أن يعرضوا عنه لانه كان لقب الخليفة
يومئذ ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 401
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 230 .
[115]
ومات في جمادى الاخرة لخمس ليال بقين منه من سنة أربع وخمسين ومائتين
في خلافة المعتز فيكون عمره أربعين سنة غير أيام .
كان مقامه مع أبيه ست سنين ، وخمسة أشهر ، وبقي بعد وفات أبيه ثلاثا
وثلاثين سنة وشهورا ، وقبره بسرمن رأى ( 1 )
وقال الحافظ عبدالعزيز : مولده سنة أربع عشرة ومائتين ومات سنة أربع
وخمسين ومائتين فكان عمره أربعين سنة ، قبره بسر من رأى دفن بها في زمن المنتصر
يلقب بالهادي امه سمانة ، ويقال : إنه ولد بالمدينة النصف من ذي الحجة سنة
اثنتي عشرة ومائتين ، وقبض بسر من رأى في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين وله
يومئذ إحدى وأربعون سنة وستة أشهر ، وقبره بسر من رأى في داره ( 2 )


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 115 سطر 10 الى ص 124 سطر 3

وقال ابن الخشاب : ولد أبوالحسن العسكري علي بن محمد في رجب سنة
مائتين وأربع عشرة من الهجرة .
وكان مقامه مع أبيه محمد بن علي ست سنين وخمسة أشهر ، ومضى في يوم
الاثنين لخمس ليال بقين من جمادى الاخرة سنة مائتين وأربع وخمسين من
الهجرة ، وأقام بعد أبيه ثلاثا وثلاثين سنة وسبعة أشهر إلا أياما ، قبره بسر من رأى
امه سمانة ويقال لها : منفرشة المغربية ، لقبه الناصح ، والمرتضى ، والنقي ، و
المتوكل ، يكنى بأبي الحسن ( 3 )
4 - عم : ولد عليه السلام بصريا من المدينة ( 4 ) للنصف من ذي الحجة سنة
اثنتي عشرة ومائتين وفي رواية ابن عياش يوم الثلثا الخامس من رجب ، وامه
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 232 .
( 2 ) المصدر ص 232 .
( 3 ) المصدر ص 244 .
( 4 ) قرية أسسها موسى بن جعفر عليه السلام على ثلاثة اميال من المدينة ، وقد كثر
ذكرها في الحديث ، راجع المناقب ج 4 ص 382 .
[116]
ام ولد ، يقال لها : سمانة ، ولقبه النقي ، والقائم والفقيه ، والامين ، والطيب
ويقال له : أبوالحسن الثالث ( 1 ) .
5 - وقال الشيخ في المصباح : روي أن يوم السابع والعشرين من ذي الحجة
ولد أبوالحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام ، وقال في موضع آخر :
قال ابن عياش خرج إلى أهلي على يد الشيخ الكبير أبي القاسم هذا الدعاء
" اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب محمد بن علي الثاني وابنه علي بن محمد
المنتجب إلى آخر الدعاء "
ثم قال : وذكر ابن عياش أنه كان مولد أبي الحسن الثالث يوم الثاني
من رجب ، وذكر أيضا أنه كان يوم الخامس ، وقال : وروى إبراهيم بن الهاشم
القمي قال : ولد أبوالحسن العسكري عليه السلام يوم الثلثاء لثلاث عشر ليلة مضت من
رجب سنة أربع عشرة ومائتين .
6 - كا : ولد صلى الله عليه للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين
وروي أنه عليه السلام ولد في رجب سنة أربع عشرة ومائتين ( 2 ) وامه ام ولد
يقال لها : سمانة ( 3 ) .
7 - ضه : كان مولده عليه السلام يوم الثلثا للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشر
ومائتين .
8 - الفصول المهمة : صفته أسمر اللون ، نقش خاتمه " الله ربي وهو عصمتي
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 339 .
( 2 ) زاد في المصدر : ومضى لاربع بقين من جمادى الاخرة سنة أربع وخمسين
ومائتين وروى أنه قبض عليه السلام في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ، وله أحد و
أربعون سنة وستة أشهر - وأربعون سنة على المولد الاخر الذى روى . وكان المتوكل
أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سرمن رأى ، فتوفى بها ودفن في داره .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 497
[117]
من خلقه "
9 - كف : ولد عليه السلام يوم الجمعة ثاني رجب وقيل خامسه ، سنة اثنتي عشرة
ومائتين في أيام المأمون ، امه سمانة ، نقش خاتمة " حفظ العهود من أخلاق المعبود
كانت له سرية لاغير ، وكان له خمسة أولاد ، وتوفي يوم الا ثنين ثالث رجب سنة
أربع وخمسين ومائتين سمه المعتز وبابه عثمان بن سعيد .
[118]
2 * ( باب ) * * ( النصوص على الخصوص عليه ) *
* ( صلوات الله عليه ) *
1 - ك : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن الصقر
ابن دلف قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام يقول : إن الامام
بعدي ابني علي أمره أمري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والامامة بعده في ابنه
الحسن ( 1 ) .
2 - عم ( 2 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 3 ) ، عن علي بن إبراهيم
عن أبيه ، عن إسماعيل بن مهران قال : لما خرج أبوجعفر عليه السلام من المدينة إلى
بغداد في الدفعة الاولة من خرجتيه ، قلت له عند خروجه : جعلت فداك إني أخاف
عليك في هذا الوجه ، فالى من الامر بعدك ؟ فكر بوجهه إلي ضاحكا وقال :
ليس [ الغيبة ] حيث ظننت في هذه السنة ، فلما استدعى به إلى المعتصم صرت
إليه فقلت له : جعلت فداك فأنت خارج فإلى من هذا الامر من بعدك ؟ فبكى حتى
اخضلت لحيته ثم التفت إلي فقال : عند هذه يخاف على ، الامر من بعدي إلى
ابني علي ( 4 )
* ( هامش ) * ( 1 ) كمال الدين ج 2 ص 50 في حديث .
( 2 ) اعلام الورى ص 339
( 3 ) الكافى ج 1 ص 323 .
( 4 ) الارشاد المفيد ص 308 .
[119]
3 - عم ( 1 ) شا : ابن قولويه : عن الكليني ( 2 ) عن الحسين بن محمد ، عن
الخيراني ، عن أبيه قال : كنت ألزم باب أبي جعفر عليه السلام للخدمة التي وكلت بها
وكان أحمد بن [ محمد بن ] عيسى الاشعري ( 3 ) يجيئ في السحر من آخر كل
ليلة ليتعرف خبرعلة أبي جعفر عليه السلام وكان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر وبين
الخيراني ( 4 ) إذا حضر قام أحمد وخلابه .
قال الخيراني : فخرج ذات ليلة ، وقام أحمد بن محمد بن عيسى عن المجلس
وخلابي الرسول واستدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام فقال الرسول : مولاك
يقرئك السلام ويقول لك : إني ماض والامر صائر إلى ابني علي وله عليكم بعدي
ماكان لي عليكم بعد أبي ، ثم مضى الرسول .
ورجع أحمد إلى موضعه ، فقال لي : ما الذي قال لك ؟ قلت : خيرا ، قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 340 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 324
( 3 ) أبوجعفر أحمد بن محمد بن عيسى بن عبدالله بن سعد بن مالك بن الاحوص
ابن السائب بن مالك بن عامر الاشعرى من بنى ذخران - بضم الذال - بن عوف بن الجماهر
بالضم - بن الاشعر [ الاشعث ] قال النجاشى : أول من سكن قم من آبائه سعد بن مالك بن
الاحوص ، وكان السائب بن مالك وفد إلى النبى صلى الله عليه وآله وأسلم وهاجرالى الكوفة
وأقام بها .
كان شيخ القميين ورئيسهم الذى يلقى السلطان ، وفقيههم غيرمدافع ، لقى أبا الحسن
الرضا وأبا جعفر الثانى وأبا الحسن الثالث عليهم السلام وله كتب وهو الذى أخرج من قم
أحمد بن أبى عبدالله البرقى وسهل بن زياد الادمى ومحمد بن على الصير في للطعن في
روايتهم .
( 4 ) كذا في نسخة الاصل طبقا لما أخرجه قدس سره من كتاب الارشاد ، لكنه
تصحيف والصحيح كما في نسخة الكافى واعلام الورى " بين أبى جعفر وبين أبى " فان الخيرانى
يذكر القصة عن أبيه
[120]
قد سمعت ما قال ، وأعاد علي ماسمع فقلت : قد حرم الله عليك ما فعلت ( 1 ) لان
الله تعالى يقول " ولا تجسسوا " ( 2 ) فان سمعت فاحفظ الشهادة ، لعلنا نحتاج إليها
يوماماوإياك أن تظهرها إلى وقتها .
قال : أصبحت ( 3 ) وكتبت نسخة الرسالة في عشر رقاع ، وختمتها ودفعتها
إلى وجوه أصحابنا ، وقلت : إن حدث بي حدث الموت قبل أن اطالبكم بها فافتحوها
واعملوا بما فيها .
فلما مضى أبوجعفر عليه السلام لم أخرج من منزلي حتى علمت أن رؤوس العصابة
قد اجتمعوا عند محمد بن الفرج ( 4 ) يتفاوضون في الامر ، فكتب إلي محمد بن
الفرج يعلمني باجتماعهم عنده يقول : لولا مخافة الشهرة لصرت معهم إليك ، فاحب
أن تركب إلي ! فركبت وصرت إليه فوجدت القوم مجتمعين عنده فتجارينا في الباب
فوجدت أكثرهم قد شكوا .
فقلت لمن عنده الرقاع وهو حضور : أخرجوا تلك الرقاع فأخرجوها فقلت
لهم : هذا ما امرت به ، فقال بعضهم : قد كنا نحب أن يكون معك في هذا ا لامر
* ( هامش ) * ( 1 ) فيه ازراء على أحمد بن محمد بن عيسى حيث ادعى أنه استرق السمع لنجواهما
استراق السمع حرام وهكذا فيما سيأتى من انكاره للنص طعن عظيم ، ولكن الظاهر للمتأمل
في الحديث أنه - بعد ضعف السند بل جهالته - متهافت - المعنى من جهات شتى .
منها أن الظاهر من كلام الاشعرى واستفهامه " وما الذى قال لك ؟ " النكير على ماقال ،
خصوصا من قوله بعد ذلك " قد سمعت ماقال " وليس فيما قال الرسول : " مولاك يقرئك السلام
ويقول لك " الخ سر الا النص من الامام الماضى على ابنه أبى الحسن الهادى عليهما السلام
( 2 ) الحجرات : 12 .
( 3 ) في الكافى ونسخة اعلام الورى : فلما أصبح أبى كتب ، وهكذا فيما يأتى بنقل
الخيرانى عن أبيه .
( 4 ) هو محمد بن الفرج الرخجى ثقة من رجال أبى الحسن الرضا " ع " والجواد
والهادى عليهم السلام له كتاب مسائل ، يظهرمن بعض الاخبار أنه كان وكيل أبى الحسن
الهادى " ع " كما سيأتى عن الخرائج في الباب الاتى تحت الرقم 24 و 25 .
[121]
آخر لتيأ كد هذا القول ( 1 ) فقلت لهم : قد أتاكم الله بما تحبون هذا أبوجعفر
الاشعري يشهدلي بسماع هذه الرسالة فسألوه القوم ، فتوقف عن الشهادة فدعوته
إلى المباهلة فخاف منها وقال : قد سمعت ذلك ، وهي مكرمة كنت احب أن
يكون لرجل من العرب ( 2 ) فأما مع المباهلة فلا طريق إلى كتمان الشهادة ، فلم
يبرح القوم حتى سلموا لابي الحسن عليه السلام ( 3 )
والاخبار في هذا الباب كثيرة جدا إن عملنا على إثباتها طال الكتاب ، وفي
إجماع العصابة على إمامة أبي الحسن وعدم من يدعيها سواه في وقته ممن يلتمس
الامر فيه غنى عن إيراد الاخبار بالنصوص على التفصيل ( 4 )
4 - كا : ( 5 ) محمدبن جعفر الكوفي ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن محمد بن
الحسين الواسطي سمع أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر عليه السلام [ يحكي أنه أشهده
على هذه الوصية المنسوخة : ( 6 ) شهد أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر عليه السلام ]
* ( هامش ) * ( 1 ) ظاهر حالهم أنهم لم يثقوا بقوله ، بل كان عندهم متهما حيث لم يقبلوا قوله
حتى بعد ما ظهر ما في الرقاع ، والرجل نفسه كان يعلم ذلك من شأنهم حيث توسل بالرقاع
قبلا إلى صدق كلامه .
( 2 ) ليس لهذا الكلام موقع ، حيث انه بظاهره يدل على أن الاشعرى وهورجل من
العرب كان يحسد لابى الخيرانى وهو من الاعاجم ، أن يظهر النص " على أبى الحسن الهادى
عليه السلام " على يديه ، مع أنه كان شريكه في استماع النص على أن النص لم يكن منحصرا
في هذا الذى سمعه الرجل بل هناك نصوص .
( 3 ) من أعجب العجائب أن القوم لم يثقوا بقول الرجل وحده حتى بعد ما ظهرمن
الرقاع ما ظهر ، ولماأن شهد الاشعرى وهو الذى أنكر النص أولا وكذب الرجل في دعواه
قبلوا قوله وسلموا لابى الحسن " ع " أليس في كذب الاشعرى وانكاره النص أولا مايسقط
شهادته ؟
( 4 ) ارشاد المفيد ص 308
( 5 ) هذا الحديث من مختصات نسخة الصفوانى .
( د ) الضمير المنصوب في " أنه " والمرفوع المستكن في " أشهده " راجع إلى أبى جعفر
[122]
أن أبا جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي
ابن أبي طالب عليهم السلام أشهده أنه أوصى إلى علي ابنه بنفسه وأخواته ( 1 ) وجعل أمر
موسى إذا بلغ إليه ، وجعل عبدالله بن المساور قائما على تركته من الضياع والاموال
والنفقات والرقيق وغيرذلك ، إلى أن يبلغ علي بن محمد ، صير عبدالله بن المساور
ذلك اليوم [ إليه ] يقوم بأمر نفسه وأخواته ( 2 ) ويصير أمر موسى إليه يقوم لنفسه
بعدهما على شرط أبيهما في صدقاته التي تصدق بها ، وذلك يوم الاحد لثلاث
ليال خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين ، وكتب أحمد بن أبي خالد شهادته
بخطه وشهد الحسن بن محمد بن عبدالله بن ( 3 ) الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب ، وهو الجواني على مثل شهادة أحمد بن أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب
وكتب شهادته بيده وشهد نصر الخادم وكتب شهادته بيده ( 4 ) .
* ( هامش ) * عليه السلام والضمير البارز ، راجع إلى أحمد بن ابى خالد والمراد بالوصية المنسوخة هى
الوصية على النحو الذى يذكره احمد بن ابى خالد " صالح "
( 1 ) حاصله أنه أوصى إلى ابنه بامور نفسه وأخواته وتربيتهن وجعل أمر موسى
ابنه إلى موسى عند بلوغه وجعل عبدالله بن المساور قائماعلى التركة ، إلى ان يبلغ على
ابنه فاذا بلغ صير ابن المساور القيام على التركة اليه فيقوم على التركة " وأمر نفسه وأخواته
الاأمر موسى فانه يقوم بأمره لنفسه بعدعلى وابن المساور على ما شرط عليه السلام في صدقاته
وموقوفاته " صالح "
( 2 ) في بعض النسخ " واخوانه " وهكذا فيما سبق ، وهو سهو والصحيح مافى الصلب
طبقا للمصدر ، وذلك لان أبا جعفر الجواد لم يخلف من الذكور الاعليا الهادى وموسى
المبرقع وقد خلف ابنتين : فاطمة وأمامة ومات أبوجعفر الجواد ولابى الحسن الهادى " ع "
ثمان سنين لم يبلغ بعد على مذهب الجمهور ولذلك جعل عبدالله بن المساور قيما على
أمواله وضياعه
( 3 ) الصحيح " عبيدالله بن الحسين - وهو الحسين الاصفر - بن على بن الحسين كما
في عمدة الطالب ، وفيه أن الجوانى نسبة محمدبن عبيدالله ، لا ابنه الحسن
( 4 ) الكافى ج 1 ص 325 .
[123]
بيان : لعله عليه السلام للتقية من المخالفين الجاهلين بقدر الامام عليه السلام ومنزلته
وكماله في صغره وكبره اعتبر بلوغه في كونه وصيا وفوض الامر ظاهرا قبل
بلوغه إلى عبدالله ، لئلا يكون لقضاتهم مدخلا في ذلك فقوله عليه السلام " إذا بلغ " يعنى
أبا الحسن عليه السلام ، وقوله عليه السلام " صير " أي بعد بلوغ الامام عليه السلام صيره عبدالله
مستقلا في ا مور نفسه ووكل امور أخواته إليه قوله و " يصير " بتشديد اليا أي عبدالله
أو الامام عليه السلام " أمر موسى إليه " أي إلى موسى " بعدهما " أي بعد فوت عبدالله والامام
عليه السلام ويحتمل التخفيف أيضا وقوله " على شرط أبيهما " متعلق بيقوم في
الموضعين
5 - عيون المعجزات : روى الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن
أبيه أن أبا جعفر عليه السلام لما أراد الخروج من المدينة إلى العراق ومعاودتها أجلس
أبا الحسن في حجره بعد النص عليه وقال له : ما الذي تحب أن اهدي إليك من
طرائف العراق ؟ فقال عليه السلام : سيفا كأنه شعلة نار ، ثم التفت إلى موسى ابنه
وقال له : ما تحب أنت ؟ فقال : فرسا ، فقال عليه السلام : أشبهني أبوالحسن ، أشبه
هذا امه .
[124]
3 * ( باب ) *
* ( معجزاته ، وبعض مكارم أخلاقه ، ومعالى ) *
* ( اموره صلوات الله عليه ) *


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 124 سطر 4 الى ص 132 سطر 18

1 - عم : السيد أبوطالب محمد بن الحسين الحسيني الجرجاني ، عن والده
الحسين بن الحسن ، عن أبي الحسين طاهر بن محمد الجعفري ، عن أحمد بن محمد
ابن عياش ، عن عبدالله بن أحمد بن يعقوب ، عن الحسين بن أحمد المالكي ، عن
أبي هاشم الجعفري قال : كنت بالمدينة حتى مربها بغا ( 1 ) أيام الواثق في طلب
الاعراب فقال أبوالحسن : اخرجوا بنا حتى ننظر إلى تعبية هذا التركي .
فخرجنا فوقفنا فمرت بنا تعبيته فمر بناتركي فكلمه أبوالحسن عليه السلام
بالتركية فنزل عن فرسه فقبل حافردابته قال : فحلفت التركي وقلت له : ماقال
لك الرجل ؟ قال : هذانبي ؟ قلت : ليس هذا بنبي قال : دعاني باسم سميت به
في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد إلا الساعة ( 2 )
قب : أبوهاشم مثله ( 3 )
2 - ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه قال : دخلت يوما على
المتوكل وهو يشرب فدعاني إلى الشرب فقلت : يا سيدي ما شربته قط قال :
أنت تشرب مع علي بن محمد قال : فقلت له : ليس تعرف من في يدك إنما يضرك
ولا يضره ولم أعد ذلك عليه ( 4 )
* ( هامش ) * ( 1 ) بغا من الاسماء التركية ، كان اسم رجل من قواد المتوكل .
( 2 ) اعلام الورى ص 343 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 408 .
( 4 ) وتراه في مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 417 .
[125]
قال : فلما كان يومامن الايام قال لي الفتح بن خاقان : قد ذكر الرجل
يعني المتوكل - خبر مال يجئ من قم ، وقد أمرني أن أرصده لاخبره له فقل
لي من أي طريق يجئ حتى أجتنبه فجئت إلى الامام علي بن محمد فصادفت عنده
من أحتشمه فتبسم وقال لي : لا يكون إلا خيرا يا أبا موسى لم لم تعد الرسالة
الاولة ؟ فقلت : أجللتك يا سيدي فقال لي : المال يجئ الليلة وليس يصلون
إليه فبت عندي .
فلما كان من الليل وقام إلى ورده قطع الركوع بالسلام وقال لي : قدجاء
الرجل ومعه المال وقد منعه الخادم الوصول إلي فاخرج خذ مامعه فخرجت فاذا
معه زنفيلجة ( 1 ) فيها المال فأخذته دخلت به إليه فقال : قال له : هات الجبة
التي قالت لك القمية إنها ذخيرة جدتها ، فخرجت إليه فأعطانيها فدخلت بها إليه
فقال لي : قل له : الجبة التي أبدلتها منها ردها إلينا فخرجت إليه فقلت له ذلك
فقال : نعم كانت ابنتي استحسنتها فأبدلتها بهذه الجبة وأنا أمضي فأجيئ بها فقال :
اخرج فقل له : إن الله تعالى يحفظ لنا وعلينا هاتها من كتفك فخرجت إلى الرجل
فأخرجتها من كتفه فغشي عليه فخرج إليه فقال له : قد كنت شاكا فتيقنت .
قب : الفتح مثله ( 2 ) .
بيان : " ولم اعد ذلك عليه " أي على أبي الحسن عليه السلام وهو المراد بالرسالة
الاولة لان الملعون لما ذكر ذلك ليبلغه عليه السلام سماه رسالة .
2 - ما : الفحام قال : حدثني المنصوري ، عن عم أبيه وحدثني عمي ، عن
كافور الخادم بهذا الحديث قال : كان في الموضع مجاور الامام من أهل الصنايع
صنوف من الناس ، وكان الموضع كالقرية وكان يونس النقاش يغشى سيدنا الامام
عليه السلام ويخدمه .
* ( هامش ) * ( 1 ) الزنفيلجة - بكسر الزاى وفتح اللام - وهكذا الزنفليجة - كقسطبيلة - وعاء
أدوات الراعى فارسى معرب زنبيله .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 413
[126]
فجاءه يوما يرعد فقال : ياسيدي اوصيك بأهلي خيرا ، قال : وماالخبر ؟
قال : عزمت على الرحيل قال : ولم يا يونس ؟ وهو عليه السلام متبسم قال : قال : موسى
ابن بغاوجه إلي بفص ليس له قيمة أقبلت أن انقشه فكسرته باثنين وموعده غدا
وهو موسى بن بغا إما ألف سوط أو القتل ، قال : امض إلى منزلك إلى غد فما يكون
إلا خيرا .
فلما كان من الغد وافى بكرة يرعد فقال : قد جاء الرسول يلتمس الفص
قال : امض إليه فما ترى إلا خيرا قال : وما أقول يا سيدي ؟ قال : فتبسم
وقال : امض إليه واسمع ما يخبرك به ، فلن يكون إلا خيرا .
قال : فمضى وعاد يضحك قال قال لي يا سيدي : الجواري اختصمن فيمكنك
أن تجعله فصين حتى نغنيك ؟ فقال سيدنا الامام عليه السلام : اللهم لك الحمد إذ جعلتنا
ممن يحمد ك حقا فأيش ( 1 ) قلت له ؟ قال : قلت له : أمهلني حتى أتأمل أمره
كيف أعمله ؟ فقال : أصبت .
4 - ما : الفحام ، عن عمه عمر بن يحيى ، عن كافور الخادم قال : قال لي
الامام علي بن محمد عليهما السلام : اترك لي السطل الفلاني في الموضع الفلاني لاتطهر
منه للصلاة ، أنفذني في حاجة وقال : إذا عدت فافعل ذلك ليكون معدا إذا
تأهبت للصلاة واستلقى عليه السلام لينام وانسيت ما قال لي وكانت ليلة باردة فحسست
به وقد قام إلى الصلاة وذكرت أنني لم أترك السطل ، فبعدت عن الموضع خوفا
من لومه وتألمت له حيث يشقى بطلب الاناء فناداني نداء مغضب فقلت : إنا لله
أيش عذري أن أقول نسيت مثل هذا ولم أجد بدا من إجابته .
فجئت مرعوبا فقال : يا ويلك أما عرفت رسمي أنني لا أتطهر إلا بماء بارد
فسخنت لي ماء فتر كته في السطل ؟ فقلت : والله يا سيدي ما تركت السطل ولا
الماء ، قال : الحمد لله والله لا تركنا رخصة ولارددنا منحة الحمد الله الذي جعلنا من
أهل طاعته ، ووفقناه للعون على عبادته إن النبي صلى الله عليه وآله يقول : إن الله يغضب على
* ( هامش ) * ( 1 ) لغة عامية وكأنه مخفف " أى شئ "
[127]
من لا يقبل رخصه ( 1 )
5 - ما : الفحام عن المنصوري ، عن عم أبيه قال : قصدت الامام عليه السلام
يوما فقلت : ياسيدي إن هذا الرجل قد أطرحني وقطع رزقي ومللني وما أتهم في
ذلك إلا علمه بملا زمتي لك ، وإذا سألته شيئا منه يلزمه القبول منك فينبغي أن
تتفضل علي بمسألته ، فقال : تكفى إنشاءالله .
فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل رسول يتلو رسولا فجئت والفتح
على الباب قائم فقال : يا رجل ما تأوي في منزلك بالليل كدني هذا الرجل مما
يطلبك ، فدخلت وإذا المتوكل جالس على فراشه فقال : يا أبا موسى نشغل عنك و
تنسينا نفسك أي شئ لك عندي ؟ فقلت : الصلة الفلانية والرزق الفلاني وذكرت
أشياء فأمر لي بها وبضعفها .
فقلت للفتح : وافى علي بن محمد إلى ههنا ؟ فقال : لا ، فقلت : كتب رقعة ؟
فقال : لا فوليت منصرفا فتبعني فقال لي : لست أشك أنك سألته دعاء لك فالتمس
لي منه دعاء .
فلما دخلت إليه عليه السلام فقال لي : يا أبا موسى ! هذا وجه الرضا ، فقلت :
ببركتك يا سيدي ، ولكن قالوا لي : إنك ما مضيت إليه ولا سألته ، فقال : إن الله
تعالى علم منا أنا لا نلجأ في المهمات إلا إليه ولا نتوكل في الملمات إلا عليه و
عودنا إذا سألناه الاجابة ، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا .
قلت : إن الفتح قال لي كيت وكيت ، قال : إنه يوالينا بظاهره ، ويجانبنا
بباطنه ، الدعاء لمن يدعوبه : إذا أخلصت في طاعة الله ، واعترفت برسول الله صلى الله عليه وآله
وبحقنا أهل البيت وسألت الله تبارك وتعالى شيئا لم يحرمك قلت : ياسيدي فتعلمني
دعاء أختص به من الادعية قال : هذا الدعاء كثيرا أدعو الله به وقد سألت الله أن
لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي وهو :
" يا عدتي عند العدد ويا رجائي والمعتمد ويا كهفي والسند ، ويا واحد يا
* ( هامش ) * ( 1 ) ورواه ابن شهر آشوب في المناقب ج 4 ص 414 مرسلا .
[128]
أحد ، يا قل هوالله أحد ، وأسألك اللهم بحق من خلقته من خلقك ، ولم تجعل في
خلقك مثلهم أحدا ، أن تصلي عليهم وتفعل بي كيت وكيت ( 1 ) .
بيان : " الدعاء لمن يدعو به " أي كل من يدعو به يستجاب له أو الدعاء
تابع لحال الداعي فاذا لم يكن في الدعاء شرائط الدعاء لم يستجب له فيكون
قوله " إذا أخلصت " مفسرا لذلك وهو أظهر .
6 - ما : الفحام ، عن أحمد بن محمد بن بطة عن خير الكاتب قال : حدثني
سميلة الكاتب وكان قد عمل أخبار سرمن رأى قال : كان المتوكل يركب إلى الجامع
ومعه عدد ممن يصلح للخطابة ، وكان فيهم رجل من ولد العباس بن محمد يلقب
بهريسة وكان المتوكل يحقره فتقدم إليه أن يخطب يوما فخطب فأحسن فتقدم
المتوكل يصلي فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر فجآء فجذب منطقته من ورائه و
قال : يا أمير المؤمنين من خطب يصلي فقال المتوكل : أردنا أن نخجله فأخجلنا
وكان أحد الاشرار فقال يوما للمتوكل : ما يعمل أحد بك أكثر مما تعمله
بنفسك في علي بن محمد فلا يبقى في الدار إلا من يخدمه ولا يتعبونه بشيل ستر ، ولا
فتح باب ، ولاشئ ، وهذا إذا علمه الناس قالوا : لولم يعلم استحقاقه للامر ما فعل به
هذا ، دعه إذا دخل يشيل الستر لنفسه ويمشي كما يمشي غيره ، فتمسه بعض الجفوة
فتقدم أن لا يخدم ولايشال بين يديه ستر ، وكان المتوكل مارئي أحد ممن يهتم
بالخبر مثله .
قال : فكتب صاحب الخبر إليه : أن علي بن محمد دخل الدار فلم يخدم
ولم يشل أحد بين يديه سترا فهب هواء رفع السترله ، فدخل فقال : اعرفوا خبر
خروجه ، فذكر صاحب الخبر هواء خالف ذلك الهواء شال الستر له حتى خرج
فقال : ليس نريد هواء يشيل الستر ، شيلوا الستر بين يديه ( 2 )
قال : ودخل يوما على المتوكل فقال : يا أبا الحسن من أشعر الناس ؟ و
* ( هامش ) * ( 1 ) اخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 4 ص 411 إلى قوله فيعدل بنا .
( 2 ) أخرجه ابن شهرآشوب ملخصا في المناقب ج 4 ص 406 .
[129]
كان قد سأل قبله لابن الجهم فذكر شعراء الجاهلية وشعراء الاسلام فلما سأل الامام
عليه السلام قال : فلان بن فلان العلوي - قال ابن الفحام : وأخوه الحماني
قال : حيث يقول :
لقد فاخرتنا من قريش عصابة * بمط خدود وامتداد أصابع
فلما تنازعنا القضاء قضى لنا * عليهم بما فاهوا نداء الصوامع ( 1 )
قال : ومانداء الصوامع يا أبا الحسن ؟ قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، و
أشهد أن محمدا . . جدي أم جدكم ؟ فضحك المتوكل كثيرا ثم قال : هو جدك
لا ندفعك عنه .
بيان : " ما رئي أحد " على بناء المجهول أي كان المتوكل كثيرا ما يهتم
باستعلام الاخبار ، وكان قد وكل لذلك رجلا يعلمه ، يكتب إليه ، ولعل مط
الخدود وامتداد الاصابع كناية عن التكبر والاستيلاء وبسط اليد .
7 - لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد العلوي ، عن أحمد بن
القاسم ، عن أبي هاشم الجعفري قال : أصابتني ضيقة شديدة فصرت إلى أبي الحسن
علي بن محمد عليه السلام فأذن لي فلما جلست قال : يا أبا هاشم أي نعم الله عزوجل عليك
تريد أن تؤدي شكرها ؟ قال أبوهاشم : فوجمت فلم أدرما أقول له .
فابتدا عليه السلام فقال : رزقك الايمان فحرم بدنك على النار ، ورزقك
العافية فأعانتك على الطاعة ، ورزقك القنوع فصانك عن التبذل ، يا أباهاشم إنما
ابتدأتك بهذا لاني ظننت أنك تريد أن تشكو لي من فعل بك هذا ، وقد أمرت
لك بمائة دينار فخذها ( 2 )
8 - ما : الفحام عن المنصوري ، عن عم أبيه قال : قال يوما الامام علي
ابن محمد عليهما السلام يا أبا موسى اخرجت إلى سرمن رأى كرها ولو اخرجت عنها .
* ( هامش ) * ( 1 ) عليهم بمايهوى نداء الصوامع خ ل .
( 2 ) امالى الصدوق ص 412
[130]
اخرجت كرها قال : قلت : ولم يا سيدي ؟ قال : لطيب هوائها ، وعذوبة مائها ، وقلة
دائها ( 1 ) .
ثم قال : تخرب سر من رأى حتى يكون فيها خان وبقال للمارة و
علامة تدارك خرابها تدارك العمارة في مشهدي من بعدي .
9 - ير : محمد بن عيسى ، عن أبي علي بن راشد قال : قدمت علي أحمال
فأتاني رسوله قبل أن أنظر في الكتب أن اوجهه بها إليه : " سرح إلي بدفتر كذا "
ولم يكن عندي في منزلي دفتر أصلا قال : فقمت أطلب ما لا أعرف بالتصديق له
فلم أقع على شئ فلما ولى الرسول قلت : مكانك فحللت بعض الاحمال فتلقاني
دفتر لم أكن علمت به إلا أني علمت أنه لم يطلب إلا حقا فوجهت به إليه ( 2 ) .
10 - ير : محمدبن الحسين ، عن علي بن مهزيار ، عن الطيب الهادي عليه السلام
قال : دخلت عليه فابتدأني فكلمني بالفارسية ( 3 )
11 - ير : محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار قال : أرسلت إلى أبي الحسن
عليه السلام غلامي وكان سقلابيا فرجع الغلام إلي متعجبا فقلت : ما لك يا بني ؟
قال : كيف لا أتعجب ؟ ما زال يكلمني بالسقلابية كأنه واحد منا ! فظننت أنه
إنما دار بينهم ( 4 ) .
12 - قب : علي بن مهزيار إلى قوله كأنه واحد منا وإنما أراد بهذا
الكتمان عن القوم ( 5 ) .
كشف : من كتاب الدلائل عن علي بن مهزيارمثله ( 6 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) وأخرجه في المناقب ج 4 ص 417 وزاد بعده شعرا في ذلك .
دخلنا كارهين لها فلما * الفناها خرجنا مكرهينا
( 2 ) بصائر الدرجات ص 249 .
( 3 ) المصدر ص 333 .
( 4 ) نفس المصدرص 333 .
( 5 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 408 .
( 6 ) كشف الغمة ج 3 ص 252
[131]
13 - ير : الحسن بن علي السرسوني ، عن إبراهيم بن مهزيار قال : كان
أبوالحسن عليه السلام كتب إلى علي بن مهزيار ، يأمره أن يعمل له مقدار الساعات
فحملناه إليه في سنة ثمان وعشرين فلما صرنا بسيالة كتب يعلمه قدومه ويستأذنه في
المصير إليه وعن الوقت الذي نسير إليه فيه ، واستأذن لا براهيم فورد الجواب بالاذن
أنا نصير إليه بعد الظهر ، فخرجنا جميعا إلى أن صرنا في يوم صائف شديد الحر ومعنا
مسرور غلام علي بن مهزيار .
فلما أن دنوا قصره إذا بلال قائم ينتظرنا وكان بلال غلام أبي الحسن عليه السلام
قال : ادخلوا فدخلنا حجرة وقد نالنا من العطش أمرعظيم فما قعدنا حينا حتى
خرج إلينا بعض الخدم ومعه قلال من ماء أبرد ما يكون فشربنا ثم دعا بعلي بن
مهزيار فلبث عنده إلى بعد العصر ثم دعاني فسملت عليه واستأذنته أن يناولني يده
فاقبلها ، فمديده فقبلتها ودعاني وقعدت ثم قمت فودعته .
فلما خرجت من باب البيت ناداني عليه السلام فقال : يا إبراهيم فقلت : لبيك
يا سيدي فقال : لاتبرح فلم نزل جالسا ومسرور علامنا معنا ، فأمرأن ينصب المقدار
ثم خرج عليه السلام فالقي له كرسي فجلس عليه والقي لعلي بن مهزيار كرسي عن
يساره فجلس ، وقمت أنا بجنب المقدار فسقطت حصاة ( 1 ) فقال مسرور : " هشت "
فقال عليه السلام : " هشت " ثمانية ، فقلنا : نعم يا سيدنا .
فلبثنا عنده إلى المساء ثم خرجنا فقال لعلي : رد إلي مسرورا بالغداة
فوجهه إليه فلما أن دخل قال له بالفارسية " بار خدا جون ؟ " فقلت له " ينك "
يا سيدي فمر نصر فقال : " درببند درببند " فأغلق الباب ثم ألقى رداءه علي
يخفيني من نصر حتى سألني عما أراد فلقيه علي بن مهزيار فقال له : كل هذا
خوفا من نصر ؟ فقال : يا أبا الحسن يكاد خوفي منه خوفي من عمرو بن قرح ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) اى حصاة من حصيات المقدار فقد كان تلقى تلك الالة في كل ساعة حصاة فيعلم
مقدار مضى الساعات باعتداد الحصيات .
( 2 ) بصائر الدرجات ص 337 .
[132]
14 - كا ( 1 ) ير : الحسين محمد ، عن المعلى ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن
علي بن محمد ، عن إسحاق الجلاب ( 2 ) قال : اشتريت لابي الحسن عليه السلام غنما كثيرة
فدعاني فأدخلني من إصطبل داره ( 3 ) إلى موضع واسع لا أعرفه ، فجعلت افرق تلك
الغنم فيمن أمرني به .
فبعثت إلى أبي جعفر ( 4 ) وإلى والدته ، وغيرهما ممن أمرني ثم استأذنته
في الانصراف إلى بغداد إلى والدي ، وكان ذلك يوم التروية ، فكتب إلى :
تقيم غدا عندنا ثم تنصرف قال : فأقمت فلما كان يوم عرفة أقمت عنده وبت ليلة
الاضحى في رواق له ، فلماكان في السحر أتاني فقال لي : يا إسحاق قم ، فقمت
ففتحت عيني فاذا أنا على بابي ببغداد فدخلت على والدي وأتاني أصحابي فقلت .
لهم : عرفت بالعسكر ، وخرجت إلى العيد ببغداد ( 5 )
15 - ير : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن محمد
ابن بحر ( 6 ) عن صالح بن سعيد قال : دخلت على أبي الحسن عليه السلام فقلت : جعلت
فداك في كل الامور أرادوا إطفاء نورك والتقصيربك ، حتى أنزلوك هذا الخان
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 1 ص 489 .
( 2 ) الجلاب - بالفتح والتشديد - من يشترى الغنم ونحوهافى موضع ، يسوقها
إلى موضع آخر ليبيعها ، وفى القاموس : الغنم - محركة - الشاء لاواحد لها من لفظها
الواحدة شاة وهواسم مؤنث للجنس يقع على الذكور والاناث وعليهما جميعا ، والجمع
أغنام وغنوم واغانم منه رحمه الله في المرآت .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 132 سطر 19 الى ص 140 سطر 18

( 3 ) الاصطبل كجرد حل : موقف الدواب ، شامية قاله الفيروز آبادى .
( 4 ) أبوجعفر ابنه الكبير ، واسمه محمد ، مات قبل أبيه عليهما السلام ، وقيل ان
المراد به محمد بن على بن ابراهيم بن موسى بن جعفر .
( 5 ) بصائر الدرجات ص 406 . وأخرجه ابن شهرآشوب في مناقب آل أبى طالب
ج 4 ص 411 مرسلا .
( 6 ) في المصدر : محمد بن يحيى .
[133]
الاشنع خان الصعاليك ، فقال : ههنا أنت يا ابن سعيد ؟ ثم أومأ بيده فقال : انظر
فنظرت فاذا بروضات آنقات ، وروضات ناضرات ، فيهن خيرات عطرات ، وولدان
كأنهن اللؤلؤ المكنون ، وأطيار ، وظباء ، وأنهار تفور ، فحار بصري والتمع
وحسرت عيني ، فقال : حيث كنا فهذا لنا عتيد ، ولسنا في خان الصعاليك ( 1 ) .
عم : ( 2 ) الكليني ، عن الحسين ، مثله ( 3 ) .
ير : الحسين بن محمد ، عن علي بن النعمان بن محمد ، عن أحمد بن محمد
ابن عبدالله ، عن محمد بن يحيى ، عن صالح بن سعيد مثله ( 4 ) .
بيان : " الصعلوك " الفقير أو اللص قوله " ههنا أنت " أي أنت في هذا
المقام من معرفتنا " خيرات " مخفف خيرات لان خير الذي بمعنى أخير لا يجمع
" كأنهن اللؤلؤ المكنون " أي المصون عما يضر به في الصفاء والنقاء " عتيد " :
أي حاضر مهيأ .
أقول : لما قصر علم السائل وفهمه عن إدراك اللذات الروحانية ودرجاتهم
المعنوية ، وتوهم أن هذه الامور مما يحط من منزلتهم ، ولم يعلم أن تلك
الاحوال مما يضاعف منازلهم ودرجاتهم الحقيقية ، ولذاتهم الروحانية ، وأنهم
اجتووا لذات الدنيا ونعيمها ( 5 ) وكان نظره مقصورا على اللذات الدنية الفانية
فلذا أراه عليه السلام ذلك لانه كان مبلغه من العلم
وأما كيفية رؤيته لها فهي محجوبة عنا والخوض فيها لا يهمنا لكن خطر
لنا بقدر فهمنا وجوه :
الاول أنه تعالى أو جد في هذا الوقت لاظهار إعجازه عليه السلام هذه الاشياء .
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ص 406 .
( 2 ) اعلام الورى ص 348 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 498 .
( 4 ) بصائر الدرجات ص 407 .
( 5 ) يقال : اجتوى البلد اجتواء : كره المقام به وان كان في نعمة .
[134]
في الهواء ليراه أن فيعلم أن عروض تلك الاحوال لهم لتسلبمهم ورضاهم بقضاء الله
تعالى وإلا فهم قادرون على إحداث هذه الغرائب ، وأن إمامتهم الواقعية وقدرتهم
العلية ، ونفاذ حكمهم في العالم الادنى والاعلى وخلافتهم الكبرى ، لم تنقص
بما يرى فيهم من الذلة والمغلوبية والمقهورية .
الثاني أن تلك الاشكال أو جدها الله سبحانه في حسه المشترك إيذانا بأن
اللذات الدنيوية عندهم بمثل تلك الخيالات الوهميه كما يرى النائم في طيفه
ما يلتذ به كالتذاذه في اليقظة ، ولذا قال النبي صلى الله عليه وآله : الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا .
الثالث أنه عليه السلام أراه صور اللذات الروحانية التي معهم دائما بما يوافق
فهمه ، فانه كان في منام طويل وغفلة عظيمة عن درجات العارفين ولذاتهم ، كما
يرى النائم العلم بصورة الماء الصافي أو اللبن اليقق والمال بصورة الحية وأمثالها
وهذا قريب من السابق وهذا على مذاق الحكماء والمتألهين
الرابع ما حققته في بعض المواضع وملخصه أن النشآت مختلفة والحواس
في إدراكها متفاوتة ، كما أن النبي صلى الله عليه وآله كان يرى جبرئيل عليه السلام وسائر الملائكة
والصحابة لم يكونوا يرونهم ، وأميرالمؤمنين كان يرى الارواح في وادي السلام
وحبة ( 1 ) وغيره لا يرونهم فيمكن أن يكون جميع هذه الامور في جميع الاوقات
* ( هامش ) * ( 1 ) حبة بن جوين العرنى - منسوب إلى عرينة بن عرين بن بدر بن قسر من خواص
أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وحديثه في وادى السلام مروى في الكافى ج 4 ص 243
وهذا نصه :
قال : خرجت مع أميرالمؤمنين عليه السلام إلى الظهر - يعنى ظهر الكوفة - فوقف
بوادى السلام كانه مخاطب لاقوام ، فقمت بقيامه حتى أعييت ثم جلست حتى مللت ، ثم قمت
حتى نالنى مثل ما نالنى أولا ، ثم جلست حتى مللت .
ثم قمت وجمعت ردائى فقلت : يا أميرالمؤمنين ! انى قد أشفقت عليك من طول القيام
فراحة ساعة ، ثم طرحت الرداء ليجلس عليه ، فقال لى يا حبة ! ان هو الا محادثة مؤمن
أو مؤانسته .
[135]
حاضرة عندهم عليهم السلام ، يرونها ويلتذون بها لكن لما كانت أجساما لطيفة روحانية
ملكوتية لم يكن سائر الخلق يرونها فقوى الله بصر السائل با عجازه عليه السلام
حتى رآها .
فعلى هذا لا يبعد أن يكون في وادي السلام جنات ، وأنهار ، ورياض ، وحياض
تتمتع بها أرواح المؤمنين بأجسادهم المثالية اللطيفة ، ونحن لانراها .
وبهذا الوجه تنحل كثير من الشبه عن المعجزات ، وأخبار البرزخ والمعاد
وهذا قريب من عالم المثال الذي أثبته الاشراقيون من الحكماء والصوفية لكن
بينهما فرق بين .
هذه هي التي خطرت ببالي وأرجو من الله أن يسددني في مقالي وفعالي .
16 - ير : محمد بن أحمد ، عن بعض أصحابنا ، عن معاوية بن حكيم ، عن
أبي المفضل الشيباني ( 1 ) عن هارون بن الفضل قال : رأيت أبا الحسن عليه السلام في اليوم .
* ( هامش ) * قال : قلت : يا أمير المؤمنين وانهم لكذلك ؟ قال : نعم ولو كشف لك لرأيتهم حلقا
حلقا محتبين يتحادثون ، فقلت : أجسام أم أرواح ؟ فقال : أرواح ، وما من مؤمن يموت
في بقعة من بقاع الارض الاقيل لروحه : الحقى بوادى السلام ، وانها لبقعة من جنة عدن .
( 1 ) الشيبانى نسبة إلى شيبان بن ثعلبة ، بطن من بكربن وائل ، من العدنانية ، وهم
بنوشيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على بن بكر بن وائل .
والرجل أبوالمفضل محمد بن عبدالله بن محمد بن عبيدالله بن البهلول بن همام بن
المطلب بن همام بن بحر بن مطر بن مرة - الصغرى - بن همام بن مرة - وكان سيدهم في
الجاهلية - بن ذهل بن شيبان .
قال النجاشى : سافر في طلب الحديث عمره ، أصله كوفى ، وكان في أول أمره ثبتا
ثم خلط ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه ، رأيت هذا النسخ وسمعت منه كثيراثم
توقفت عن الرواية عنه الا بواسطة بينى وبينه .
وقال صاحب الذريعة : ولما كانت ولادة النجاشى سنة 372 ، وكان عمره يوم وفاة
أبى المفضل خمس عشرة سنة ، احتاط أن يروى عنه بلا واسطة بل كان يروى عنه بالواسطة
كما صرح به فلا وجه حينئذ لد عوى أن توقف النجاشى كان لغمز فيه .
[136]
الذي توفي فيه أبوجعفر عليه السلام فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون مضى أبوجعفر
فقيل له : وكيف عرفت ذلك ؟ قال تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها ( 1 )
ير : محمد بن عيسى ، عن أبي الفضل ، عن هارون بن الفضل مثله ( 2 ) .
17 - قب ( 3 ) يج : جعفر الفزاري ، عن أبي هاشم الجعفري قال : دخلت
على أبي الحسن عليه السلام فكلمني بالهندية فلم احسن أن أرد عليه ، وكان بين يديه
ركوة ملاحصا فتناول حصاة واحدة وضعها في فيه ومصها مليا ثم رمى بها الي
فوضعتها في فمي فوالله ما برحت من عنده حتى تكلمت بثلاثة وسبعين لسانا أو لها
الهندية ( 4 )
عم : قال أبوعبدالله بن عياش : حدثني علي بن حبشي بن قوني ، عن
جعفر مثله ( 5 ) .
18 - يج : روي عن أبي هاشم قال كنت عند أبي الحسن عليه السلام وهومجدر
فقلت للمتطبب : " آب كرفت " ثم التفت إلي وتبسم وقال : تظن أن لا يحسن
* ( هامش ) *
وقال ابن الغضائرى : وضاع كثير المناكير ، رأيت كتبه وفيه الاسانيد من دون المتون
والمتون من دون الاسانيد ، وأرى ترك ما ينفرد به .
وقال الخطيب البغدادى : نزل بغداد وحدث بها عن محمد بن جرير الطبرى ومحمد
ابن العباس اليزيدى وامثالهم وعن خلق كثير من المصريين والشاميين . . وكان يضع
الحديث للرافضة ويملى في مسجد الشرقية حدثنى القاضى أبوالعلاء الواسطى قال : كان
أبوالمفضل حسن الهيئة جميل الظاهر ، نظيف اللبسة ، كان مولده سنة 297 ووفاته
سنة 387 .
( 1 ) بصائر الدرجات ص 467 .
( 2 ) المصدر ص 467 نفسها .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 408 .
( 4 ) مختار الخرائج والجرائح ص 237 .
( 5 ) اعلام الورى ص 343 .
[137]
الفارسية غيرك ؟ فقال له المتطبب : جعلت فداك تحسنها ؟ فقال : أما فارسية هذا
فنعم ، قال لك : احتمل الجدري ماء .
19 - يج : روي عن أبي هاشم قال : قال لي أبوالحسن عليه السلام وعلى رأسه
غلام : كلم الغلام بالفارسية وأعرب له فيها ، فقلت للغلام ، " نام توجيست " فسكت
الغلام فقال له أبوالحسن عليه السلام : يسألك ما اسمك ( 1 )
20 - يج : روي عن محمد بن الحسن بن الاشتر العلوي قال : كنت مع
أبي بباب المتوكل ، وأنا صبي في جمع الناس ما بين طالبي إلى عباسي إلى جندي
إلى غير ذلك ، وكان إذا جآء أبوالحسن عليه السلام ترجل الناس كلهم حتى يدخل .
فقال بعضهم لبعض : لم نترجل لهذا الغلام ؟ وما بأشر فنا ولا بأكبرنا ولا
بأسننا ولا بأعلمنا ؟ فقالوا : والله لا ترجلنا له فقال لهم أبوهاشم : والله لترجلن له
صغارا وذلة إذا رأيتموه ، فما هو إلا أن أقبل وبصروا به فترجل له الناس كلهم
فقال لهم أبوهاشم : أليس زعمتم أنكم لا تترجلون له ؟ فقالوا : والله ماملكنا أنفسنا
حتى ترجلنا ( 2 )
عم : محمد بن الحسين الحسيني ، عن أبيه عن طاهر بن محمد الجعفري ، عن
أحمد بن محمد بن عياش في كتابه عن الحسن بن عبد القاهر الطاهري ، عن محمد بن
الحسن مثله ( 3 )
21 - يج : روي أن أبا هاشم الجعفري ( 4 ) كان منقطعا إلى أبي الحسن بعد أبيه
* ( هامش ) * ( 1 ) لم نجده في مختار الخرائج ، وقد أخرج الاخير في البصائرص 338 فراجع .
( 2 ) لم نجده في مختار الخرائج ، وأخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 4 ص 407
ملخصا .
( 3 ) اعلام الورى ص 343 .
( 4 ) هو داود بن القاسم بن اسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبى طالب أبوهاشم الجعفرى
- كان عظيم المنزلة عند الائمة عليهم السلام شريف القدر ثقة ، من أصحاب الرضا والجواد
والهادى والعسكرى وصاحب الامر عليهم السلام وله اخبار ومسائل ، وله شعر جيد فيهم سكن
بغداد وكان مقدما عند السلطان ، وله كتاب روى عنه أحمد بن أبى عبدالله .
[138]
أبي جعفر وجده الرضا عليهم السلام فشكى إلى أبي الحسن عليه السلام ما يلقى من الشوق
إليه إذا انحدر من عنده إلى بغداد ثم قال : يا سيدي ادع الله لي فربما لم أستطع
ركوب الماء فسرت إليك على الظهرو مالي مركوب سوى برذوني هذا على ضعفه
فادع الله أن يقويني على زيارتك ، فقال : قواك الله يا أبا هاشم وقوى برذونك .
قال الراوي : وكان أبوهاشم يصلي الفجر ببغداد ويسير على ذلك البرذون
فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سرمن رأى ، يعود من يومه إلى بغداد
إذا شاء على ذلك البرذون ، فكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت ( 1 )
عم : بالاسناد عن ابن عياش ، عن عبدالله بن عبدالرحمان الصالحي ، عن
أبي هاشم مثله ( 2 )
قب : عن عبدالله الصالحي مثله ( 3 )
22 - يج : روي عن يحيى بن زكريا الخزاعي ، عن أبي هاشم الجعفري قال :
خرجت مع أبي الحسن عليه السلام إلى ظاهر سرمن رأى يتلقى بعض القادمين فأبطأوا
فطرح لابي الحسن عليه السلام غاشية السرج فجلس عليها ، ونزلت عن دابتي وجلست
بين يديه وهو يحدثني ، فشكوت إليه قصريدي وضيق حالي فأهوى بيده إلى رمل
كان عليه جالسا فناولني منه كفا وقال : اتسع بهذايا أبا هاشم واكتم ما رأيت
فخبأته معي ورجعنا فأبصرته فاذا هو يتقد كالنيران ذهبا أحمر ( 4 )
فدعوت صائغا إلى منزلي وقلت له : اسبك لي هذه السبيكة فسبكها وقال لي :
ما رأيت ذهبا أجود من هذا ، وهو كهيئة الرمل فمن أين لك هذا ؟ فما رأيت أعجب
منه ؟ قلت : كان عندي قديما ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج والجرائح ص 237 .
( 2 ) اعلام الورى ص 344 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 409 .
( 4 ) وأخرجه في المناقب ملخصا إلى هنا في ج 4 ص 409 .
( 5 ) مختار الخرائج ص 238 .
[139]
عم : قال ابن عياش : وحدثني علي بن محمد المقعد ، عن يحيى بن زكريا
مثله وزاد في آخره : تدخره لنا عجا ئزنا على طول الايام ( 1 ) .
23 - يج : روي عن أبي يعقوب ، قال : رأيت أبا الحسن مع أحمد بن الخصيب
يتسايران ، وقد قصرعنها أبوالحسن عليه السلام فقال له ابن الخصيب : سر ! فقال أبوالحسن
أنت المقدم ، فما لبثنا إلا أربعة أيام حتى وضع الوهق على ساق ابن الخصيب
وقتل ( 2 ) .
وقد ألح قبل هذا ابن الخصيب على أبي الحسن في الدار التي نزلها وطالبه
بالا نتقال منها ، وتسليمها إليه . فقال أبوالحسن : لاقعدن لك من الله مقعدا
لا تبقى لك معه باقية ، فأخذه الله في تلك الايام وقتل ( 3 ) .
عم ( 4 ) شا : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي يعقوب مثله ( 5 )
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 343 .
( 2 ) أحمد بن الخصيب كان من قواد المتوكل ، ولما قتل المتوكل وقعد المنتصر
مكانه استوزره ونفى عبدالله بن يحيى بن خاقان ، وكانت مدة خلافة المنتصر ستة أشهر
ويومين ، وقيل ستة أشهر سواء فلما توفى دبر أحمد بن الخصيب حتى اتفق الاتراك والموالى
على أن لا يتولى الخلافة أحد من ولد المتوكل لئلا يطلب منهم دم أبيه فاجتمعوا على أحمد
ابن محمد بن المعتصم وهو المستعين فبايعوه في أواخر ربيع الاول من سنة ثمان وأربعين
ومائتين .
وقال صاحب الكامل : في هذه السنة غضب الموالى على أحمد بن الخصيب في جمادى
الاخرة واستصفى ماله ومال ولده ونفى إلى قريطش .
فالظاهر على ما ذكرنا أن هذا كان في زمان المستعين قاله المؤلف قدس سره في
مرآت العقول : ج 1 ص 418 والرواية في الكافى ج 1 ص 501 .
( 3 ) مختار الخرائج ص 238 .
( 4 ) اعلام الورى ص 342 .
( 5 ) الارشاد ص 311 .
[140]
بيان : " الوهق " بالتحريك وقد يسكن حبل ( 1 ) وفي بعض النسخ الدهق
بالدال وهو خشبتان يغمزبهما الساق فارسيته اشكنجه ( 2 ) .
24 - قب : أبويعقوب قال : رأيت محمد بن الفرج ينظر إليه أبوالحسن عليه السلام
نظرا شافيا فاعتل من الغد ، فدخلت عليه فقال : أن أباالحسن عليه السلام قد أنفذ إليه
بثوب فأرانيه مدرجا تحت ثيابه ، قال : فكفن فيه والله ( 3 ) .
عم : أحمد بن محمد ، عن أبي يعقوب مثله ( 4 ) .
25 - يج : روي عن محمد بن الفرج أنه قال : إن قال : إن أباالحسن كتب إلي : أجمع
أمرك ، وخذ حذرك ، قال : فأنا في جمع أمري لست ما الذي أراد فيما كتب
به إلي حتى ورد علي رسول حملنى من مصر مقيدا مصفدا بالحديد ، وضرب
على كل ما أملك .
فمكثت في السجن ثماني سنين ثم ورد علي كتاب من أبي الحسن عليه السلام وأنا
في الحبس " لا تنزل في ناحية الجانب الغربي " فقرأت الكتاب فقلت في نفسي : يكتب
إلي أبوالحسن عليه السلام بهذا وأنا في الحبس إن هذا العجيب ! فما مكثت إلا أياما
يسيرة حتى افرج عني ، وحلت قيودي ، وخلي سبيلي .
ولما رجع إلى العراق لم يقف ببغداد لما أمره أبوالحسن عليه السلام وخرج إلى
سر من رأى .
قال : فكتبت إليه بعد خروجي أسأله أن يسأل الله ليرد علي ضياعي فكتب
إلي سوف يرد عليك ، وما يضرك أن لا ترد عليك .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 140 سطر 19 الى ص 148 سطر 18

قال علي بن محمد النوفلي : فلما شخص محمد بن الفرج إلى العسكر كتب له
* ( هامش ) * ( 1 ) حبل في طرفيه انشوطة يطرح في عنق الدابة والانسان حتى تؤخذ قيل هومعرب
وهك بالفارسية .
( 2 ) هذا نص القاموس ج 3 ص 233 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 414 .
( 4 ) اعلام الورى ص 342 .
[141]
برد ضياعه ، فلم يصل الكتاب إليه حتى مات ( 1 )
عم ( 2 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 3 ) ، عن الحسين بن محمد ، عن
المعلى ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن علي بن محمد النوفلي ، عن محمد بن
الفرج مثله ( 4 )
ثم قال : قال علي بن محمد النوفلي : كتب أحمد ( 5 ) بن الخصيب إلى
محمد بن الفرج ( 6 ) بالخروج إلى العسكر فكتب إلى أبي الحسن عليه السلام يشاوره
فكتب إليه أبوالحسن عليه السلام : اخرج فان فيه فرجك إنشاء الله . فخرج فلم يلبث
إلا يسيرا حتى مات ( 7 ) .
26 - يج : حدث جماعة من أهل إصفهان منهم أبوالعباس أحمد بن النضر
وأبوجعفر محمد بن علوية قالوا : كان باصفهان رجل يقال له : عبدالرحمان وكان
شيعيا قيل له : ما السبب الذي أو جب عليك بإمامة علي النقي دون غيره من
أهل الزمان ؟ قال : شاهدت ما أوجب علي وذلك أني كنت رجلا فقيرا وكان
لي لسان وجرأة ، فأخرجني أهل إصفهان سنة من السنين مع آخرين إلى باب
المتوكل متظلمين .
* ( هامش ) * ( 1 ) لم نجده في مختار الخرائج .
( 2 ) اعلام الورى ص 342 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 500 .
( 4 ) الارشادص 311
( 5 ) على بن الخصيب خ ل .
( 6 ) الطاهر أنه محمد بن الفرج الرخجى كما وصفه في الارشاد ، فهو أخو عمربن
الفرج الذى مر ذكره في ص 100 عن مقاتل الطالبيين ، لكنه كان من أعاظم أصحابنا كمامر
في ص 120 في حديث الخيرانى ، سكن بغداد الجانب الغربى ، ثم خرج إلى سر من رأى
وقبض بها .
( 7 ) رواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 500 وفيه أحمد بن الخضيب ، وابن شهر آشوب
في المناقب ج 4 ص 409 ، راجع الارشاد ص 311 .
[142]
فكنا بباب المتوكل يوما إذا خرج الامر باحضار علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام
فقلت لبعض من حضره : من هذا الرجل الذي قد أمر باحضاره ؟ فقيل : هذا رجل
علوي تقول الرافضة بامامته ، ثم قال : ويقد رأن المتوكل يحضره للقتل فقلت :
لا أبرح من ههنا حتى أنظر إلى هذا الرجل أي رجل هو ؟
قال : فأقبل راكبا على فرس ، وقد قام الناس يمنة الطريق ويسرتها صفين
ينظرون إليه ، فلما رأيته وقع حبه في قلبي فجعلت أدعو في نفسي بأن يدفع الله
عنه شر المتوكل ، فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلى عرف دابته لاينظر يمنة
ولايسرة ، وأنا دائم الدعاء . فلما صار إلي أقبل بوجهه إلي وقال : استجاب الله
دعاءك ، وطول عمرك ، وكثر مالك وولدك قال : فار تعدت ووقعت بين أصحابي
فسألوني وهم يقولون : ماشأنك ؟ فقلت : خيرولم اخبر بذلك .
فانصرفنا بعد ذلك إلى إصفهان ، ففتح الله علي وجوها من المال ، حتى أنا
اليوم أغلق بابي على ما قيمته ألف ألف درهم ، سوى مالي خارج داري ، ورزقت
عشرة من الاولاد ، وقد بلغت الان من عمري نيفا وسبعين سنة وأنا أقول بامامة
الرجل على الذي علم ما في قلبي ، واستجاب الله دعآءه في ولي ( 1 ) .
27 - يج : روي يحيى بن هرثمة ، قال : دعاني المتوكل قال : اختر
ثلاث مائة رجل ممن تريد واخرجوا إلى الكوفة ، فخلفوا أثقالكم فيها ، واخرجوا
إلى طريق البادية إلى المدينة ، فأحضروا علي بن محمد بن الرضا إلى عندي مكرما
معظما مبجلا .
قال : ففعلت وخرجنا وكان في أصحابي قائد من الشراة ( 2 ) وكان لي تكاتب يتشيع
وأنا على مذهب الحشوية وكان ذلك الشاري يناظر ذلك الكاتب وكنت أستريح
إلى مناظر تهما لقطع الطريق .
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج والجرائح ص 209 .
( 2 ) هم الخوارج ، الواحد شار ، سموا بذلك لقولهم شرينا انفسنا في طاعة الله .
[143]
فلما صرنا إلى وسط الطريق قال الشاري للكاتب : أليس من قول صاحبكم
علي بن أبي طالب أنه ليس من الارض بقعة إلا وهي قبر أو سيكون قبرا ؟ فانظر
إلى هذه التربة ( 1 ) أين من يموت فيها حتى يملا ها الله قبورا كما يزعمون ؟
قال : فقلت للكاتب : هذا من قولكم ؟ قال : نعم : قلت : صدق أين يموت
في هذه التربة العظيمة حتى يمتلئ قبورا وتضاحكنا ساعة إذ انخذل الكاتب
في أيدينا .
قال : وسرنا حتى دخلنا المدينة ، فقصدت باب أبي الحسن علي بن محمد بن
الرضا عليهم السلام فدخلت عليه فقرأ كتاب المتوكل فقال : انزلوا وليس من جهتي
خلاف قال : فلما صرت إليه من الغد وكنا في تموز أشد ما يكون من الحر فاذا
بين يديه ، خياط وهويقطع من ثياب غلاظ خفاتين له ( 2 ) ولغلمانه ، ثم قال
للخياط : أجمع عليها جماعة من الخياطين ، واعمد على الفراغ منها يومك هذا
وبكربها إلي في هذا الوقت ثم نظر إلي وقال : يا يحيى اقضوا وطركم من المدينة
في هذا اليوم واعمد على الرحيل غدا في هذا الوقت .
قال : فخرجت من عنده وأنا أتعجب من الخفاتين وأقول في نفسي : نحن في
تموز وحر الحجاز وإنما بيننا وبين العراق مسيرة عشرة أيام فما يصنع بهذه الثياب ؟
ثم قلت في نفسي : هذارجل لم يسافر ، وهو يقدر أن كل سفر يحتاج فيه إلى مثل
هذه الثياب والعجب من الرافضة حيث يقولون بامامة هذا مع فهمه هذا .
فعدت إليه في الغد في ذلك الوقت ، فاذا الثياب قد احضرت ، فقال لغلمانه :
ادخلوا وخذوالنا معكم لبابيد وبرانس ثم قال : ارحل يا يحيى فقلت : في نفسي
هذا أعجب من الاول أيخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتى أخذ معه اللبابيد
والبرانس ؟ .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر " البرية " بدل التربة ، وهو الظاهر .
( 2 ) الخفاتين جمع خفتان وهو الدرع من اللبد .
[144]
فخرجت وأنا أستصغر فهمه ، فعبرنا حتى إذا وصلنا ذلك الموضع الذي وقعت
المناظرة في القبور ارتفعت سحابة واسودت وأرعدت وأبرقت حتى إذا صارت على
رؤسنا أرسلت علينا بردا مثل الصخور ( 1 ) وقد شد على نفسه وعلى غلمانه الخفاتين
ولبسوا اللبابيد والبرانس ، قال لغلمانه ادفعوا إلى يحيى لبادة وإلى الكاتب برنسا
وتجمعنا والبرد يأخذنا حتى قتل من أصحابي ثمانين رجلا وزالت ورجع الحر
كما كان
فقال لي : يا يحيى أنزل من بقي من أصحابك ليدفن من قدمات من أصحابك
فهكذا يملا الله البرية قبورا قال : فرميت نفسي عن دابتي وعدوت إليه وقبلت
ركابه ورجله وقلت : أنا أشهد أن لاإله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنكم
خلفاء الله في أرضه ، وقد كنت كافرا وإنني الان قد أسلمت على يديك يا مولاي
قال يحيى : وتشيعت ولزمت خدمته إلى أن مضى ( 2 )
28 - يج : روى هبة الله بن أبي منصور الموصلي أنه كان بديار ربيعة كاتب
نصراني وكان من أهل كفر توثا ( 3 ) يسمى يوسف بن يعقوب وكان بينه وبين والدي
صداقة ، قال : فوافى فنزل عند والدي فقال له : ما شأنك قدمت في هذا الوقت ؟
قال : دعيت إلى حضرة المتوكل ولا أدري ما يراد مني إلا أني اشتريت نفسي
من الله بمائة دينار ، وقد حملتها لعلي بن محمد بن الرضا عليهم السلام معي فقال له والدي :
قد وفقت في هذا .
قال : وخرج إلى حضرة المتوكل وانصرفت إلينا بعد أيام قلائل فرحا
مستبشرا فقال له والدي : حدثني حديثك ، قال : صرت إلى سر من رأى وما
دخلتها قط فنزلت في دار وقلت احب أن اوصل المائة إلى ابن الرضا عليه السلام قبل
* ( هامش ) * ( 1 ) البرد - بالتحريك - حب الغمام فقد يكون كبيرا مثل الصخور .
( 2 ) مختار الخرائج والجرائح ص 209 .
( 3 ) كفر توثا - قرية كبيرة من اعمال الجزيرة ، بينها وبين دارا خمسة فراسخ ، و
كفر توثا ايضا من قرى فلسطين .
[145]
مصيري إلى باب المتوكل وقبل أن يعرف أحد قدومي قال : فعرفت أن المتوكل
قد منعه من الركوب وأنه ملازم لداره فقلت : كيف أصنع ؟ رجل نصراني يسأل
عن دار ابن الرضا ؟ لا آمن أن يبدر بي فيكون ذلك زيادة فيما احاذره .
قال : ففكرت ساعة في ذلك فوقع في قلبي أن أركب حماري وأخرج في
البلد ولا أمنعه من حيث يذهب لعلي أقف على معرفة داره من غير أن أسأل أحدا
قال : فجعلت الدنانير في كاغذة وجعلتها في كمي وركبت فكان الحمار يتخرق
الشوارع والاسواق يمر حيث يشاء إلى أن صرت إلى باب دار ، فوقف الحمار
فجهدت أن يزول فلم يزل ، فقلت للغلام : سل لمن هذه الدار ، فقيل : هذه دار ابن
الرضا ! فقلت : الله أكبر دلالة والله مقنعة .
قال : وإذا خادم أسود قد خرج فقال : أنت يوسف بن يعقوب ؟ قلت : نعم
قال : انزل فنزلت فأقعدني في الدهليز فدخل فقلت في نفسي : هذه دلالة اخرى
من أين عرف هذا الغلام اسمي وليس في هذا البلد من يعرفني ولادخلته قط .
قال : فخرج الخادم فقال : مائة دينار التي في كمك في الكاغذ هاتها ! فناولته
إياها قلت : وهذه ثالثة ثم رجع إلي وقال : ادخل فدخلت إليه وهو في مجلسه
وحده فقال : يا يوسف ما آن لك ؟ فقلت : يا مولاي قدبان لي من البرهان ما فيه
كفاية لمن اكتفى ، فقال : هيهات إنك لا تسلم ولكن سيسلم ولدك فلان ، وهو من
شيعتنا ، يا يوسف إن أقواما يزعمون أن ولايتنا لا تنفع أمثالكم ، كذبوا والله إنها
لتنفع أمثالك امض فيما وافيت له فانك سترى ما تحب قال : فمضيت إلى باب
المتوكل فقلت كل ما أردت فانصرفت .
قال : هبة الله : فلقيت ابنه بعد هذا - يعني بعد موت والده - والله وهو مسلم حسن
التشيع فأخبرني أن أباه مات على النصرانية ، وأنه أسلم بعد موت أبيه ، وكان
يقول : أنا بشارة مولاي عليه السلام ( 1 ) .
29 - يج : روى أبوهاشم الجعفري أنه ظهر برجل من أهل سر من رأى
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج والجرائح ص 210 .
[146]
برص فتنغص عليه عيشه ، فجلس يوما إلى أبي علي الفهري فشكا إليه حاله فقال
له : لو تعرضت يوما لابي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فسألته أن يدعو لك
لرجوت أن يزول عنك .
فجلس له يوما في الطريق وقت منصرفه من دار المتوكل فلما رآه قام ليدنو
منه فيسأله ذلك فقال : تنح عافاك الله وأشار إليه بيده تنح عافاك الله تنح عافاك الله
ثلاث مرات فأبعد الرجل ولم يجسر أن يدنومنه وانصرف ، فلقي الفهري فعرفه
الحال وماقال ، فقال : قد دعا لك قبل أن تسأل فامض فانك ستعافى فانصرف
الرجل إلى بيته فبات تلك الليلة فلما أصبح لم يرعلى بدنه شيئا من ذلك .
30 - يج : روى أبوالقاسم بن أبي القاسم البغدادي ، عن زرارة ( 1 ) حاحب
المتوكل أنه قال : وقع رجل مشعبذ من ناحية الهند إلى المتوكل يلعب بلعب
الحق ( 2 ) لم يرمثله ، وكان المتوكل لعابا فأراد أن يخجل علي بن محمد بن الرضا
فقال لذلك الرجل : إن أنت أخجلته أعطيتك ألف دينار زكية ( 3 ) .
قال : تقدم بأن يخبز رقاق خفاف واجعلها على المائدة وأقعدني إلى جنبه
ففعل وأحضر علي بن محمد عليهما السلام وكانت له مسورة ( 4 ) عن يساره كان عليها صورة
أسد وجلس اللاعب إلى جانب المسورة فمد علي بن محمد عليه السلام يده إلى رقاقة
فطيرها ذلك الرجل ومد يده إلى اخرى فطيرها فتضاحك الناس .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدرءزراقه " .
( 2 ) الحق والحقة - بالضم - الوعاء من خشب ، وكأن المشعبذين كانوا يلعبون بالحقة
نحوا من اللعب : يجعلون فيها شيئا بعيان الناس ثم يفتحونها وليس فيها شئ ، أو كان آلات
لعبهم في حقة مخصوصة ، فسموا بذلك ، ولذلك يعرفون عند الاعاجم به " حقه باز " أى
اللاعب بالحقة .
هذا ان كان لفظ الحق بالضم . كما في نسخة المصنف قدس سره ، وان كان لفظ
الحق بالفتح فهو بمعنى ضد الباطل كانه يريد أنه كان يلعب ويكون لافعاله حقيقة لاتخييلا .
( 3 ) في المصدر : ركنية .
( 4 ) المسورة والمسور - كمكنسة ومنبر - متكأ من جلد يتكئون عليه .
[147]
فضرب علي بن محمد عليهما السلام يده على تلك الصورة التي في المسورة ، وقال :
خذه فوثبت تلك الصورة من المسورة فابتلعت الرجل ، وعادت في المسورة
كما كانت .
فتحير الجميع ونهض علي بن محمد عليهما السلام فقال له المتوكل : سألتك إلا
جلست ورددته فقال : والله لا ترى بعدها أتسلط أعداء الله على أوليآء الله ، وخرج
من عنده فلم يرالرجل بعد [ ذلك ] ( 1 )
31 - يج : روي أنه أتاه رجل من أهل بيته يقال له معروف ، وقال : أتيتك
فلم تأذن لي ، فقال : ماعلمت بمكانك واخبرت بعد انصرافك وذكر تني بما لا ينبغى
فحلف ما فعلت ، فقال أبوالحسن عليه السلام : فعلمت أنه حلف كاذبا فدعوت الله عليه :
اللهم إنه حلف كاذبا فانتقم منه ، فمات الرجل من الغد .
32 - يج : روى أبوالقاسم البغدادي عن زرارة ( 2 ) قال : أراد المتوكل : أن
يمشي علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام يوم السلام فقال له وزيره : إن في هذا شناعة
عليك وسوء قالة فلا تفعل ، قال : لابد من هذا ، قال : فان لم يكن بد من هذا
فتقدم بأن يمشي القواد والاشراف كلهم ، حتى لا يظن الناس أنك قصدته بهذا
دون غيره ، ففعل ومشى عليه السلام وكان الصيف وفوافى الدهليز وقد عرق .
قال : فلقيته فأجلسته في الدهليز ومسحت وجهه بمنديل وقلت : ابن عمك لم
يقصدك بهذا دون غيرك ، فلا تجد عليه في قلبك فقال : إيها عنك " تمتعوا في داركم
ثلاثة أيام ، ذلك وعدغير مكذوب " ( 3 )
قال زرارة : وكان عندي معلم بتشيع وكنت كثيرا امازحه بالرافضي فانصرفت
إلى منزلي وقت العشاء وقلت : تعال يا رافضي حتى احدثك بشئ سمعته اليوم
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج ص 210 .
( 2 ) الظاهر أنه مصحف زرافة كمامر . وهكذا فيما يأتى .
( 3 ) هود 65
[148]
من إمامكم ، قال لي وماسمعت ؟ فأخبرته بما قال ، فقال : أقول لك فاقبل نصيحتي
قلت : هاتها قال : إن كان علي بن محمد قال بما قلت فاحترز واخزن كل ما تملكه
فان المتوكل يموت أو يقتل بعد ثلاثة أيام ، فغضبت عليه وشتمته وطردته من بين
يدي فخرج .
فلما خلوت بنفسي ، تفكرت وقلت : ما يضرني أن آخذ بالحزم ، فان
كان من هذا شئ كنت قد أخذت بالحزم ، وإن لم يكن لم يضرني ذلك قال :
فركبت إلى دار المتوكل فأخرجت كل ما كان لي فيها وفرفت كل ماكان في
داري إلى عند أقوام أثق بهم ، ولم أترك في داري إلا حصيرا أقعد عليه .
فلما كانت الليلة الرابعة قتل المتوكل وسلمت أنا ومالي وتشيعت عند
ذلك ، فصرت إليه ، ولزمت خدمته ، وسألته أن يدعولي وتواليته حق الولاية .
بيان : " إيها عنك " بكسر الهمزة أي اسكت وكف وإذا أردت التبعيد
قلت : " أيها " بفتح الهمزة بمعنى هيهات .
33 - يج : روي عن أبي القاسم بن القاسم عن خادم علي بن محمد عليهما السلام قال :
كان المتوكل يمنع الناس من الدخول إلى علي بن محمد فخرجت يوما وهو في دار
المتوكل فاذا جماعة من الشيعة جلوس خلف الدار فقلت : ما شأنكم جلستم ههنا
قالوا : ننتظر انصراف مولانا لننظر إليه ونسلم عليه وننصرف قلت لهم : إذا رأيتموه
تعرفونه ؟ قالوا : كلنا نعرفه .
فلما وافى أقاموا إليه فسلموا عليه ، ونزل فدخل داره ، وأراد اولئك الانصراف


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 148 سطر 19 الى ص 156 سطر 18

فقلت : يا فتيان اصبروا حتى أسألكم أليس قد رأيتم مولاكم ؟ قالوا : نعم ، قلت :
فصفوه ، فقال واحد : هو شيخ أبيض الرأس أبيض مشرب بحمرة ، وقال آخر : لاتكذب
ما هو إلا أسمر أسود اللحية ، وقال الاخر : لا لعمري ما هو كذلك هو كهل مابين
البياض والسمرة ، فقلت : أليس زعمتم أنكم تعرفونه انصرفوا في حفظ الله .
34 - يج : روى أبوهاشم الجعفري : أنه كان للمتوكل مجلس بشبابيك
كيما تدور الشمس في حيطانه ، قد جعل فيها الطيورالتي تصوت ، فاذا كان يوم السلام
[149]
جلس في ذلك المجلس فلا يسمع ما يقال له ولا يسمع ما يقول لاختلاف أصوات تلك
الطيور ، فاذا وافاه علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام سكتت الطيور فلا يسمع منها صوت
واحد إلى أن يخرج ، فاذا خرج من باب المجلس عادت الطيور في أصواتها .
قال : وكان عنده عدة من القوابج ( 1 ) في الحيطان [ فكان يجلس في مجلس له
عال ، ويرسل تلك القوابج تقتتل ، وهو ينظر إليها ويضحك منها ، فاذا وافى علي بن
محمد عليه السلام ذلك المجلس لصقت القوابج بالحيطان ] ( 2 ) فلا تتحرك من مواضعها
حتى ينصرف فاذا انصرف عادت في القتال ( 3 )
35 - يج : روي أن أبا هاشم الجعفري قال : ظهرت في أيام المتوكل
امرأة تدعي أنها زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال المتوكل : أنت امرأة
شابة وقد مضى من وقت رسول الله صلى الله عليه وآله ما مضى من السنين ، فقالت : إن رسول -
الله صلى الله عليه وآله مسح علي وسأل الله أن يرد علي شبابي في كل أربعين سنة ، ولم أظهر
للناس إلى هذه الغاية فلحقتني الحاجة فصرت إليهم .
فدعا المتوكل مشايخ آل أبي طالب وولد العباس وقريش وعرفهم حالها
فروى جماعة وفاة زينب في سنة كذا ، فقال لها : ما تقولين في هذه الرواية ؟
فقالت : كذب وزور ، فان أمري كان مستورا عن الناس فلم يعرف لي
حياة ولاموت ، فقال لهم المتوكل : هل عندكم حجة على هذه المرأة غير هذه
الرواية ؟ فقالوا : لا ، فقال : هو برئ من العباس إن لا أنزلها عما ادعت إلا
بحجة .
قالوا : فأحضر ابن الرضا عليه السلام فلعل عنده شيئا من الحجة غيرما عندنا فبعث
إليه فحضر فأخبره بخبر المرأة فقال : كذبت فان زينب توفيت في سنة كذا في شهر
كذا في يوم كذا قال : فان هؤلاء قدرووا مثل هذه وقد حلفت أن لا أنزلها إلا
* ( هامش ) * ( 1 ) القوابج جمع القبج معرب كبك ، وهو الحجل او الكروان .
( 2 ) ما بين العلامتين ساقط من النسخ ، أضفناه من المصدر .
( 3 ) مختار الخرائج ص 210 .
[150]
بحجة تلزمها .
قال : ولا عليك فههنا حجة تلزمها وتلزم غيرها ، قال : وما هي ؟ قال : لحوم
بني فاطمة محرمة على السباع فأنزلها إلى السباع فان كانت من ولد فاطمة فلا
تضرها فقال لها : ما تقولين ؟ قالت : إنه يريد قتلي قال : فههنا جماعة من ولد الحسن
والحسين عليهما السلام فأنزل من شئت منهم ، قال : فوالله لقد تغيرت وجوه الجميع فقال
بعض المبغضين : هو يحيل على غيره لم لا يكون هو ؟
فمال المتوكل إلى ذلك رجاء أن يذهب من غير أن يكون له في أمره صنع
فقال : يا أبا الحسن لم لا تكون أنت ذلك ؟ قال : ذاك إليك قال : فافعل ! قال :
أفعل فاتي بسلم وفتح عن السباع وكانت ستة من الاسد فنزل أبوالحسن إليها فلما
دخل وجلس صارت الاسود إليه فرمت بأنفسها بين يديه ، ومدت بأيديها ، ووضعت
رؤوسها بين يديه فجعل يمسح على رأس كل واحد منها ، ثم يشير إليه بيده إلى
الاعتزال فتعتزل ناحية حتى اعتزلت كلها وأقامت بازائه .
فقال له الوزير : ما هذا صوابا فبادر باخراجه من هناك ، قبل أن ينتشر خبره
فقال له : يا أبا الحسن ما أردنا بك سوءا وإنما أردنا أن نكون على يقين مما قلت
فاحب أن تصعد ، فقام وصار إلى السلم وهي حوله تتمسح بثيابه .
فلما وضع رجله على أول درجة التفت إليها وأشار بيده أن ترجع ، فرجعت
وصعد فقال : كل من زعم أنه من ولد فاطمة فليجلس في ذلك المجلس ، فقال
لها المتوكل : انزلي ، قالت : الله الله ادعيت الباطل ، وأنا بنت فلان حملني الضر
على ما قلت ، قال المتوكل : القوها إلى السباع فاستوهبتها والدته ( 1 ) .
36 - شا ، يج : روي عن محمد بن علي قال : أخبرني زيد بن علي بن الحسين بن
زيد قال : مرضت فدخل علي الطبيب ليلا ووصف لي دواء آخذه في السحر كذا
وكذا يوما ، فلم يمكني تحصيله من الليل ، وخرج الطبيب من الباب ، فورد صاحب
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج ص 210 و 211 .
[151]
أبي الحسن عليه السلام في الحال ومعه صرة فيها ذلك الدواء بعينه فقال لي : أبوالحسن
يقرئك السلام ويقول خذ هذا الدواء كذا يوما ، فشربت فبرأت .
قال محمد : قال زيد : أين الغلاة عن هذا الحديث . ( 1 ) ؟
قب : زيد مثله ( 2 ) .
37 - يج : ( 3 ) روي عن خيران الا سباطي قال : قدمت المدينة على
أبي الحسن عليه السلام فقال لي : ما فعل الواثق ؟ قلت : هو في عافية ، قال : وما يفعل
جعفر ؟ قلت تركته أسوء الناس حالا في السجن قال : وما يفعل ابن الزيات ؟
قلت : الامر أمره وأنا منذ عشرة أيام خرجت من هناك قال : مات الواثق ، وقد
قعد المتوكل جعفر ، وقتل ابن الزيات ( 4 ) قلت : متى ؟ قال : بعد خروجك بستة
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 312 . ورواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 502 .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 408 .
( 3 ) مختار الخرائج ص 211 .
( 4 ) الواثق هو هارون بن المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدى بن المنصور بن
محمد بن على بن عبدالله بن العباس : التاسع من الخلفاء العباسية .
قال في الكامل : بويع في اليوم الذى توفى فيه أبوه ، وذلك يوم الخميس لثمان
عشرة مضت من ربيع الاول سنة سبع وعشرين ومائتين كان يكنى أبا جعفر ، وامه أم ولد رومية
تسمى قراطيس ، وتوفى لست بقين من ذى الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، فكانت خلافته
خمس سنين وتسعة أشهر وخمسة ايام ، وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة ، وقيل كان ستا
وثلاثين .
وقال : قبض المتوكل على محمد بن عبدالملك الزيات وحبسه لتسع خلون من صفر
وكان سببه أن الواثق استوزر محمد بن عبدالملك وفوض الامور كلها اليه ، وكان الواثق قد
غضب على أخيه جعفر المتوكل ووكل عليه من يحفظه ويأتيه بالاخبار ، فأتى المتوكل إلى
محمد بن عبدالملك يسأله أن يكلم الواثق ليرضى عنه فوقف بين يديه لا يكلمه ثم أشار عليه
بالقعود فقعد .
[152]
أيا او كان كذلك ( 1 ) .
38 - يج : روي عن علي بن جعفر قال : قلت لابي الحسن عليه السلام : أينا أشد
حبا لدينه ؟ قال : أشدكم حبا لصاحبه في حديث طويل ثم قال : يا علي إن هذا
* ( هامش ) * فلما فرغ من الكتب الذى بين يديه ، التفت اليه كالمتهدد ، وقال : ماجاء بك ؟ قال :
جئت تسأل أميرالمؤمنين في الرضا عنى ، قال لمن حوله : انظروا يغضب أخاه ثم يسألنى
أن استرضيه ، اذهب فانك اذا صلحت رضى عنك .
فقام عنه حزينا فأتى احمد بن أبى دواد ، فقام اليه أحمد واستقبله إلى باب البيت
وقبله ، وقال : ما حاجتك جعلت فداك ؟ قال : جئت لتسترضى بأمير المؤمنين ، قال . أفعل
ونعمة عين وكرامة فكلم أحمد الواثق فوجده لم يرض عنه ، ثم كلمه فيه ثانية فرضى
عنه ، وكساه .
ولما خرج المتوكل من عند ابن الزيات كتب إلى الواثق ان جعفرا اتانى في
زى المخنثين ، له شعر فقام يسألنى أن أسأل أمير المؤمنين الرضا عنه ، فكتب اليه الواثق :
ابعث اليه فأحضره ومرمن يجز شعره فيضرب به وجهه ، وقال المتوكل : لما أتانى رسوله
لبست سوادا جديدا وأتيته رجاء أن يكون قد أتاه الرضا عنى ، فاستدعا حجاما فأخذ
شعرى على السواد الجديد ، ثم ضرب به وجهى .
فلما ولى المتوكل الخلافة أجهل ذلك حتى كان صفر ، فأمر أيتاخ بأخذ ابن الزيات
وتعذيبه ، فاستحضره فركب يظن أن الخليفة يطلبه ، فلما حاذى دار أيتاخ عدل به اليه
فخاف فأدخله حجرة ووكل عليه ، وأرسل إلى منازله من أصحابه من هجم عليهم وأخذ
كل مافيها ، واستصفى أمواله وأملاكه في جميع البلاد ، وكان شديد الجزع كثير البكاء .
ثم سوهر ينخس بمسلة لئلا ينام ، ثم ترك فنام يوما وليلة . ثم سوهر ثم جعل في
تنور كان عمله هو ، عذب به ابن أسباط المصرى ، وأخذ ماله ، وكان من خشب فيه مسامير .
من حديد أطرافها إلى داخل التنور ، تمنع من يكون فيه من الحركة وكان ضيقا بحيث
ان الانسان كان يمد يديه إلى فوق رأسه ، ليقدر على دخوله لضيقه ، ولا يقدر أن يجلس
فيه ، فبقى أياما ومات ، وكان حبسه لتسع خلون من صفر وموته لاحدى عشرة ليلة بقيت
من ربيع الاول ، وقيل أنه لما دفن نبشته الكلاب وأخذت لحمه .
( 1 ) رواه ابن شهر آشوب في المناقب ج 4 ص 410 ، والكلينى في الكافى ج 1
ص 498 .
[153]
المتوكل يبنى بين المدينة بناء لايتم ، ويكون هلاكه قبل تمامه على يدفرعون من
فراعنة الترك .
39 - يج : روي عن أحمد بن عيسى الكاتب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله
فيمايرى النائم كأنه نائم في حجري ، وكأنه دفع إلي كفا من تمر عدده خمس و
عشرون تمرة ، قال : فما لبثت إلا وأنا بأبي الحسن علي بن محمد عليه السلام ومعه قائد
فأنزله في حجرتي وكان القائد يبعث ويأخذ من العلف من عندي فسألني يوما : كم
لك علينا ؟ قلت : لست آخذ منك شيئا فقال لي : أتحب أن تدخل إلى هذا العلوي
فتسلم عليه ؟ قلت : لست أكره ذلك .
فدخلت فسلمت عليه ، وقلت له : إن في هذه القرية كذاوكذا من مواليك
فان أمرتنا بحضور هم فعلنا ، قال : لا تفعلوا قلت : فان عندنا تمورا جيادا فتأذن
لي أن أحمل لك بعضها فقال : إن حملت شيئا يصل إلي ولكن احمله إلى القائد
فانه سيبعث إلي منه فحملت إلى القائد أنواعا من التمر وأخذت نوعا جيدا في
كمي وسكرجة من زبد فحملته إليه ، ثم جئت فقال القائد : أتحب أن تدخل على
صاحبك ؟ قلت : نعم فدخلت فاذا قدامه من ذلك التمر الذي بعثت به إلى القائد
فأخرجت التمر الذي كان معي والزبد فوضعته بين يديه ، فأخذ كفا من تمر
فدفعه إلي وقال : لو زادك رسول الله صلى الله عليه وآله لزدناك ، فعددته فاذا هي كما رأيت
في النوم لم يزد ولم ينقص .
40 - يج : روي عن أحمد بن هارون قال : كنت جالسا اعلم غلاما من غلمانه
في فازة داره ، إذ دخل علينا أبوالحسن عليه السلام راكبا على فرس له ، فقمنا إليه
فسبقنا فنزل قبل أن ندنو منه فأخذ عنان فرسه بيده فعلقه في طنب من أطناب
الفازة ثم دخل فجلس معنا فأقبل علي وقال : متى رأيك أن تنصرف إلى المدينة ؟
فقلت : الليلة قال : فأكتب إذا كتابا معك توصله إلى فلان التاجر ، قلت : نعم
قال : ياغلام هات الدوات والقر طاس ، فخرج الغلام ليأتي بهما من دار اخرى .
فلما غاب الغلام صهل الفرس وضرب بذنبه فقال له بالفارسية ما هذا الغلق ؟
[154]
فصهل الثانية فضرب بيده ، فقال له بالفارسية : اقلع فامض إلى ناحية البستان وبل
هناك ورث وارجع فقف هناك مكانك ، فرفع الفرس رأسه وأخرج العنان من موضعه
ثم مضى إلى ناحية البستان حتى لانراه في ظهر الفازة فبال وراث وعاد إلى
مكانه .
فدخلني من ذلك ما الله به عليم ، فوسوس الشيطان في قلبي فقال : يا أحمد
لا يعظم عليك ما رأيت إن ما أعطى الله محمدا وآل محمد أكثر مما أعطى داود ، و
آل داود ، قلت : صدق ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فما قال لك ؟ وما قلت له فقد فهمته
فقال قال لي الفرس : قم فاركب إلى البيت حتى تفرغ عني قلت : ما هذا الغلق ؟
قال : قدتعبت قلت : لي حاجة اريد أن أكتب كتابا إلى المدينة فاذا فرغت ركبتك
قال : إني اريد أن أروث وأبول وأكره أن أفعل ذلك بين يديك ، فقلت : اذهب
إلى ناحية البستان فافعل ما أردت ثم عد إلى مكانك ففعل الذي رأيت .
ثم أقبل الغلام بالدوات والقرطاس ، وقد غابت الشمس ، فوضعها بين يديه
فأخذ في الكتابة حتى أظلم الليل فيما بيني وبينه ، فلم أر الكتاب ، وظننت أنه
أصابه الذي أصابني فقلت للغلام : قم فهات شمعة من الدار حتى يبصر مولاك كيف
يكتب ، فمضى ، فقال للغلام : ليس إلى ذلك حاجة .
ثم كتب كتابا طويلا إلى أن غاب الشفق ، ثم قطعه فقال للغلام : أصلح و
أخذ الغلام الكتاب ، وخرج إلى الفازة ليصلحه ثم عاد إليه وناوله ليختمه فختمه
من غير أن ينظر الخاتم مقلوبا أو غير مقلوب ، فناولني ، فقمت لا ذهب فعرض في قلبي
قبل أن أخرج من الفازة اصلي قبل أن آتي المدينة قال : يا أحمد صل المغرب و
العشاء الاخرة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله واطلب الرجل في الروضة فانك توافقه
إنشاء الله .
قال : فخرجت مبادرا فأتيت المسجد وقد نودي العشاء الاخرة ، فصليت
المغرب ، ثم صليت معهم العتمة وطلبت الرجل حيث أمرني فوجدته فأعطيته
ا لكتاب وأخذه وفضه ليقرأه ، فلم يستبن قراءته في ذلك الوقت ، فدعا بسراج
[155]
فأخذته وقرأته عليه في السراج في المسجد ، فاذا خط مستوليس حرف ملتصقا
بحرف وإذا الخادتم مستوليس بمقلوب فقال لي الرجل : عد إلي غدا حتى أكتب
جواب الكتاب ، فغدوت فكتب الجواب فجئت به إليه ، فقال : أليس قد وجدت
الرجل حيث قلت لك ؟ فقلت : نعم ، قال : أحسنت ( 1 ) .
41 - يج : روي عن محمد بن الفرج قال : قال لي علي بن محمد عليهما السلام إذا أردت
أن تسأل مسالة فاكتبها ، وضع الكتاب تحت مصلاك ، ودعه ساعة ، ثم أخرجه
وانظر قال : ففعلت فوجدت جواب ما سألت عنه موقعا فيه .
42 - اقول : روى السيد بن طاووس في كشف المحجة باسناده من كتاب
الرسائل للكليني عمن سماه قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أن الرجل يحب
أن يفضي إلى إمامه ما يحب أن يفضي إلى ربه ، قال : فكتب ، إن كان لك حاجة
فحرك شفتيك فان الجواب يأتيك .
43 - يج : روي عن أبي محمد الطبري قال : تمنيت أن يكون لي خاتم من
عنده عليه السلام فجآءني نصر الخادم بدر همين ، فصغت خاتما فدخلت على قوم يشربون
الخمرفتعلقوا بي حتى شربت قدحا أو قدحين ، فكان الخاتم ضيقا في أصبعي
لا يمكنني إدارته للوضوء ، فأصبحت وقد افتقدته ، فتبت إلى الله
44 - يج : روي أن المتوكل أو الواثق أو غيرهما أمر العسكر ( 2 ) وهم تسعون
ألف فارس من الاتراك الساكنين بسر من رأى أن يملا كل واحد مخلاة فرسه
من الطين الاحمر ، ويجعلوا بعضه على بعض في وسط تربة واسعة هناك ، ففعلوا .
فلما صار مثل جبل عظيم واسمه تل المخالي ( 3 ) صعد فوقه ، واستدعى
أبا الحسن واستصعده ، وقال : استحضرتك لنظارة خيولي وقد كان أمرهم أن يلبسوا
التجافيف ويحملوا الاسلحة وقد عرضوا بأحسن زينة ، وأتم عدة ، وأعظم هيبة
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج ص 211
( 2 ) في المصدر المطبوع : أن المتوكل قتل الوارثق وأمر العسكر الخ .
( 3 ) المخالى جمع المخلاة وهى ما يجعل فيه العلف ويعلق في عنق الدابة لتعتلفه .
[156]
وكان غرضه أن يكسر قلب كل من يخرج عليه وكان خوفه من أبي الحسن عليه السلام
أن يأمر أحدا من أهل بيته أن يخرج على الخليفة .
فقال له أبوالحسن عليه السلام : وهل أعرض عليك عسكري ؟ قال : نعم ، فدعا
الله سبحانه فاذا بين السمآء والارض من المشرق والمغرب ملائكة مدججون
فغشي على الخليفة ، فلما أفاق قال أبوالحسن عليه السلام : نحن لا نناقشكم في الدنيا
نحن مشتغلون بأمر الاخرة فلا عليك شئ مما تظن
بيان : " التجافيف " جمع التجفاف بالكسر وهو آلة للحرب يلبسه الفرس
والانسان ليقيه في الحرب ومدججون بتشديد الجيم المفتوحة يقال فلان مدجج أي
شاك في السلاح .
45 - يج : روى أبومحمد البصري عن أبي العباس خال شبل كاتب إبراهيم
ابن محمد قال : كنا أجرينا ذكر أبي الحسن عليه السلام فقال لي : يا أبا محمد لم أكن في
شئ من هذا الامر وكنت أعيب على أخي ، وعلى أهل هذا القول عيبا شديدا
بالذم والشتم إلى أن كنت في الوفد الذين أو فد المتوكل إلى المدينة في إحضار
أبي الحسن عليه السلام فخرجنا إلى المدينة .
فلما خرج وصرنا في بعض الطريق وطوينا المنزل وكان منزلا صائفا شديد
الحر فسألناه أن ينزل فقال : لا ، فخرجناولم نطعم ولم نشرب فلما اشتد الحر و
الجوع والعطش فبينما ونحن إذ ذلك في أرض ملساء لانرى شيئا ولا ظل ولاماء
نستريح فجعلنا نشخص بأبصارنا نحوه قال : وما لكم أحسبكم جياعا وقد عطشتم


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 156 سطر 19 الى ص 164 سطر 18

فقلنا : إي والله يا سيدنا قد عيينا قال : عرسوا ! وكلوا واشربوا .
فتعجب من قوله ونحن في صحراء ملساء لانرى فيها شيئا نستريح إليه ، ولا
نرى ماءا ولا ظلا ، فقال : مالكم عرسوا فابتدرت إلى القطار لانيخ ثم التفت
وإذا أنا بشجرتين عظيمتين تستظل تحتهما عالم من الناس وإني لا عرف موضعهما
أنه أرض براح قفراء ، وإذا بعين تسيح على وجه الارض أعذب ماء وأبرده .
فنزلنا وأكلنا وشربنا واسترحنا ، وإن فينا من سلك ذلك الطريق مرارا
[157]
فوقع في قلبي ذلك الوقت أعاجيب ، وجعلت أحد النظر إليه وأتأمله طويلا وإذا
نظرت إليه تبسم وزورى وجهه عني .
فقلت في نفسي : والله لا عرفن هذا كيف هو ؟ فأتيت من وراء الشجرة فدفنت
سيفي ووضعت عليه حجرين وتغوطت في ذلك الموضع وتهيأت للصلاة ، فقال
أبوالحسن عليه السلام : استرحتم ؟ قلنا : نعم ، قال : فارتحلوا على اسم الله ، فارتحلنا .
فلما أن سرنا ساعة رجعت على الاثر فأتيت الموضع فوجدت الاثر والسيف
كما وضعت والعلامة وكأن الله لم يخلق ثم شجرة ولاماءا ولا ظلالا ولا بللا
فتعجبت من ذلك ، ورفعت يدي إلى السماء فسألت الله الثبات على المحبة والايمان
به ، والمعرفة منه ، وأخذت الاثر فلحقت القوم
فالتفت إلي أبوالحسن عليه السلام وقال : يا أبا العباس فعلتها ؟ قلت : نعم يا
سيدي ، لقد كنت شاكا وأصبحت أنا عند نفسي من أغني الناس في الدنيا والاخرة
فقال : هو كذلك هم معدو دون معلومون لا يزيد رجل ولا ينقص ( 1 )
بيان : " هم معدو دون " أي الشيعة وأنت كنت منهم .
46 - يج : روي عن داود بن أبي القاسم قال : دخلت على أبي الحسن صاحب
العسكر عليه السلام فقال لي : كلم هذا الغلام بالفارسية فانه زعم أنه يحسنها
فقلت للخادم " زانوي تو جيست " فلم يجب ، فقال له : يسألك ويقول : ركبتك
ما هي ؟ ( 2 )
47 - مصبا ، قب ، يج : روى إسحاق بن عبدالله العلوي العريضي ( 3 ) قال :
ركب أبي وعمومتي إلى أبي الحسن علي بن محمد وقد اختلفوا في الاربعة أيام
التي تصام في السنة ، وهو مقيم بصريا قبل مصيره إلى سر من رأى ، فقال : جئتم
تسألوني عن الايام التي تصام في السنة ؟ فقالوا : ما جئنا إلا لهذا ، فقال : اليوم
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج ص 212 .
( 2 ) لم نجده في مختار الخرائج ورواه الصغار في البصائر ص 338 .
( 3 ) العريضى - نسبة إلى عريض وهو قرية على أربعة أميال من المدينة .
[158]
السابع عشر من ربيع الاول ، وهو اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ، واليوم
السابع والعشرون من رجب ، وهو اليوم الذي بعث فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ، واليوم
الخامس والعشرون من ذي القعدة ، وهو اليوم الذي دحيت فيه الارض ، واليوم
الثامن عشر من ذي الحجة وهو [ يوم ] الغدير ( 1 )
48 - عم ( 2 ) شا : ابن قولويه عن الكليني ( 3 ) ، عن الحسين بن محمد ، عن
المعلى ، عن الوشاء ، عن خيران الا سباطي قال : قدمت على أبي الحسن علي بن محمد
عليهما السلام المدينة ، فقال لي : ما خبر الواثق عندك ؟ قلت : جعلت فداك خلفته في
عافية أنا من أقرب الناس عهدا به عهدي به منذ عشرة أيام ، فقال لي : إن أهل
المدينة يقولون إنه مات فلما قال إن الناس يقولون إنه مات علمت أنه يعني
نفسه ، ثم قال لي : مافعل جعفر ؟ قلت : تركته أسوء الناس حالا في السجن ، قال :
فقال لي : إنه صاحب الامر ثم قال : ما فعل ابن الزيات ؟ قلت : الناس معه
والامر أمره فقال : أما إنه شؤم عليه .
قال : ثم إنه سكت وقال : لا بد أن يجري مقادير الله وأحكامه ، ياخيران
مات الواثق وقد قعد المتوكل جعفر ، وقد قتل ابن الزيات ، قلت : متى جعلت
فداك ؟ قال : بعد خروجك بستة أيام ( 4 )
49 - كا : الحسين بن الحسن الحسيني عن يعقوب بن ياسر قال : كان المتوكل
يقول : ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا وجهدت أن يشرب معي وينادمني فامتنع
فامتنع ، وجهدت أن آخذ فرصة في هذا المعنى ، فلم أجدها ، فقالوا له : فان لم تجد
من ابن الرضا ما تريده في هذه الحالة فهذا أخوه موسى قصاف عزاف ( 5 ) يأكل
* ( هامش ) * ( 1 ) راجع مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 417 .
( 2 ) اعلام الورى ص 341 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 498 .
( 4 ) الارشادص 309 .
( 5 ) أى مقيم في الاكل والشرب لعاب بالملاهى كالعود والطنبور ، وقدكان رحمه الله
كذلك كان يكنى بأبى جعفر ويلقب بالمبرقع لانه كان أرخى على وجهه برقعا وهو أول من
[159]
ويشرب ويتعشق قال : ابعثوا إليه وجيئوا به حتى نموه به على الناس ، ونقول :
ابن الرضا .
فكتب إليه واشخص مكرما وتلقاه جميع بني هاشم والقواد والناس على أنه
إذا وافى أقطعه قطيعة ، وبنى له فيها وحول الخمارين والقيان إليه ، ووصله وبره
وجعل له منزلا سريا حتى يزوره هوفيه .
فلما وافى موسى تلقاه أبوالحسن في قنطرة وصيف ، وهو موضع يتلقى فيه
القادمون فسلم عليه ووفاه حقه ثم قال له : إن هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك
ويضع منك ، فلا تقرله أنك شربت نبيذا قط فقال له موسى : فاذا كان دعانى
لهذا فما حيلتي ؟ قال : فلا تضع من قدرك ولا تفعل ، فانما أراد هتكك فأبى عليه
فكرر عليه القول والوعظ وهو مقيم على خلافه ، فلما رأى أنه لا يجيب قال : أما
إن هذا مجلس لا تجتمع أنت وهو عليه أبدا .
فأقام موسى ثلاث سنين يبكر كل يوم فيقال : فد تشاغل اليوم فرح ( 1 )
فيروح فيقال : قد سكر فبكر ! فيبكر فيقال : قد شرب دواء ( 2 ) فمازال على هذا
* ( هامش ) * جاء إلى قم من السادات الرضوية ، خرج من الكوفة في سنة 256 وجاء إلى قم واستقربها
ولم ينتقل منها حتى مات بها ليلة الاربعاء آخر ربيع الاخر في اليوم الثانى والعشرين سنة
296 ودفن بالدار المعروفة بدار محمد بن الحسن بن أبى خالد الاشعرى الملقب بشنبولة
بعد أن صلى عليه أمير قم العباس بن عمرو الغنوى ، ومن بعده ماتت بريهة زوجته فدفنت
بجنب قبر زوجها . وقد مر في ص 3 و 4 من هذا المجلد ماينفع في هذا المقام .
( 1 ) أمر من راح يروح : أى جاء بالعشى ، والمعنى أنه كان يجئ الصبح فيقال له
انه مشغول فيجئ بالعصر مرة اخرى ، وهكذا في كل يوم مرتين .
( 2 ) قال الشيخ أبونصر البخارى في سر السلسلة : ( المطبوع بالنجف الاشرف ص 41 )
وكان موسى المبرقع يلبس السواد ، واختص بخدمة المتوكل ومنادمته ، مع تحامل المتوكل
على أمير المؤمنين على بن أبى طالب وأولاده عليهم السلام .
[160]
ثلاث سنين حتى قتل المتوكل ولم يجتمع معه عليه ( 1 ) .
بيان : قوله " أعيانى " أي أعجزني وحيرني ، والمراد بالشرب شرب الخمر
والنبيذ و " المنادمة " المجالسة على الشراب ، وكأن المراد هنا الحضور في مجلس
الشرب وإن لم يشرب ، وموسى هو المشهور بالمبرقع وقبره بقم معروف .
قال في عمدة الطالب : وأما موسى المبرقع ابن محمد الجواد وهو لام ولدمات
بقم ، وقبره بها ويقال لولده الرضويون ، وهم بقم إلا من شذ منهم إلى غيرها .
قال الحسن بن علي القمي في ترجمة تاريخ قم نقلا عن الرضائية للحسين
ابن محمد بن نصر : أول من انتقل من الكوفة إلى قم من السادات الرضوية
كان أبا جعفر موسى بن محمد بن علي الرضا عليهم السلام في سنة ست وخمسين ومائتين
وكان يسدل على وجهه برقعا دائما فأرسلت إليه العرب أن اخرج من مدينتنا
وجوارنا ، فرفع البرقع عن وجهه فلم يعرفوه فانتقل عنهم إلى كاشان فأكرمه أحمد
ابن عبدالعزيز بن دلف العجلى فرحب به ، وألبسه خلاعا فاخرة ، وأفراسا جيادا
ووظفه في كل سنة ألف مثقال من الذهب وفرسا مسرجا .
فدخل قم بعد خروج موسى منه أبو الصديم الحسين بن علي بن آدم ورجل
آخر من رؤساء العرب وأنبآهم على إخراجه فأرسلوا رؤساء العرب لطلب موسى
وردوه إلى قم واعتذروا منه وأكرموه واشتروا من مالهم له دارا ووهبوا له
* ( هامش ) * وقال أبوالفرج في مقاتل الطالبيين : كان المتوكل شديد الوطأة على آل أبى طالب
غليظا على جماعتهم ، مهتما بامورهم ، شديد الغيظة والحقد عليهم ، وسوء الظن والتهمة لهم
واتفق له أن عبيدالله بن يحيى بن خاقان وزيره يسيئ الرأى فيهم ، فحسن له القبيح في
معاملتهم ، فبلغ فيهم مالم يبلغه أحد من خلفاء بنى العباس قبله ، وكان من ذلك ان كرب
قبر الحسين - عليه السلام - وعفى آثاره ، ووضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون احدا
زاره الا اتوه به ، فقتله او انهكه عقوبة .
( 1 ) الكافى ج 1 ص 502 ، وتراه في المناقب ج 4 ص 409 الارشاد ص 312
اعلام الورى ص 345 .
[161]
سهاما من قرى هنبرد واندريقان وكارجة وأعطوه عشرين ألف درهم واشترى
ضياعا كثيرة
فأتته أخواته زينب ، وام محمد ، وميمونة بنات الجواد عليه السلام ونزلن
عنده فلما متن دفن عند فاطمة بنت موسى عليهما السلام وأقام موسى بقم حتى مات ليلة
الاربعاء لثمان ليال بقين من ربيع الاخر سنة ست وتسعين ومائتين ، ودفن في داره
وهو المشهد المعروف اليوم .
50 - نجم : روينا باسنادنا إلى محمد بن جرير الطبرى باسناده قال : حدثني
أبوالحسن محمد بن إسماعيل بن أحمد القهقلي الكاتب بسر من رأى سنة ثمان و
ثلاثين وثلاثمائة قال : حدثني أبي قال : كنت بسرمن رأى أسير في درب الحصا
فرأيت يزداد الطبيب النصراني تلميذ بختيشوع وهو منصرف من دار موسى بن بغا
فسايرني وأفضى الحديث إلى أن قال لي : أترى هذا الجدار ؟ تدري من صاحبه ؟
قلت : ومن صاحبه ؟ قال : هذا الفتى العلوي الحجازي - يعني علي بن محمد بن
الرضا عليهم السلام - وكنا نسير في فناء داره .
قلت ليزداد : نعم فما شأنه ؟ قال : إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو ، قلت : فكيف
ذلك ؟ قال اخبرك عنه باعجوبة لن تسمع ( 1 ) بمثلها أبدا ولاغيرك من الناس
ولكن لي الله عليك كفيل وراع أن لا تحدث به أحدا فاني رجل طبيب ، ولي معيشة
أرعاها عند السلطان ، وبلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا منه لئلا ينصرف
إليه وجوه الناس فيخرج هذا الامر عنهم ، يعني بني العباس ، قلت : لك علي ذلك
فحدثني به ، وليس عليك بأس إنما أنت رجل نصراني لايتهمك أحد فيما تحدث
به عن هؤلاء القوم قال : نعم اعلمك .
إني لقيته منذ أيام وهو على فرس أدم ، وعليه ثياب سود ، وعمامة سوداء
وهو أسود اللون ، فلما بصرت به وقفت إعظاما له وقلت في نفسي - لا وحق المسيح
ماخرجت من فمي إلى أحد من الناس - قلت في نفسي ثياب سوداء ودابة سوداء
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة الكمبانى : لم أستمع ، وهو تصحيف .
[162]
ورجل أسود ، [ سوادفي ] سواد في سواد ، فلما بلغ إلي نظر إلي وأحد النظر
وقال : قلبك أسود مما ترى عيناك من سواد في سواد في سواد .
قال أبي رحمه الله : فقلت له : أجل فلا تحدث به أحدا ، فما صنعت وماقلت
له ؟ قال أسقطت في يدي فلم احر جوابا ، قلت له : فما ابيض قلبك لما شاهدت ؟
قال : الله أعلم .
قال أبي : فلما اعتل يزداد بعث إلي فحضرت عنده فقال : إن قلبي قد
ابيض بعد سواد فأنا أشهد أن لاإله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا
رسول الله صلى الله عليه وآله وأن علي بن محمد حجة الله على خلقه ، وناموسه الاعظم ، ثم
مات في مرضه ذلك ، وحضرت الصلاة عليه رحمه الله .
41 - قب : قال أبوعبدالله الزيادي : لماسم المتوكل ، نذرالله إن رزقه الله
العافية أن يتصدق بمال كثير ، فلما عوفي اختلف الفقهاء في المال الكثير فقال
له الحسن حاجبه : إن أتيتك يا أميرالمؤمنين بالصواب فما لي عندك ؟ قال : عشرة آلاف
درهم وإلا ضربتك مائة مقرعة قال : قد رضيت فأتى أبا الحسن عليه السلام فسأله عن ذلك
فقال : قال له : يتصدق بثمانين درهما ( 1 ) فأخبر المتوكل فسأله ما العلة ؟ فأتاه
* ( هامش ) * ( 1 ) قال سبط ابن الجوزى في تذكرة خواص الامة ص 202 : قال يحيى بن هرثمة :
فاتفق مرض المتوكل بعد ذلك - يعنى بعد اشخاص الامام أبى الحسن الهادى عليه السلام
إلى سامراء - بمدة فنذر ان عوفى ليصدقن بدراهم كثيرة .
فعوفى ، فسأل الفقهاء عن ذلك ، فلم يجد عندهم فرجا فبعث إلى على عليه السلام
فسأله فقال : يتصدق بثلاثة وثمانين دينارا ، فقال المتوكل من أين لك هذا ؟ فقال : من
قوله تعالى : " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين " والمواطن الكثيرة هى هذه الجملة .
وذلك لان النبى " ص " غزى سبعا وعشرين غزاة وبعث خمسا وخمسين سرية ، وآخر
غزواته يوم حنين فعجب المتوكل والفقهاء من هذا الجواب ، وبعث اليه بمال كثير ، فقال
على : هذا الواجب فتصدق أنت بما أحببت .
اقول : والصحيح من الجواب ، هوالثمانون ، كما في روايات الخاصة وذلك لان
[163]
فسأله قال : إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله : " لقد نصر كم الله في مواطن كثيرة " ( 1 )
فعددنا مواطن رسول الله صلى الله عليه وآله فبلغت ثمانين موطنا ، فرجع إليه فأخبر ففرح و
أعطاه عشرة آلاف درهم ( 2 ) .
* ( هامش ) * الملاك عدد المواطن التى نصرالله المسلمين إلى يوم نزول هذه الاية ، لاتمام غزوات
الرسول وسراياه .
( 1 ) براءة : 25 .
( 2 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 402 ، وقد رواه الكلينى في الكافى ج 7 ص 463
وهذا انصه :
على بن ابراهيم ، عن ابيه ، عن بعض اصحابه ذكره قال : لماسم المتوكل نذر ان
عوفى ان يتصدق بمال كثير ، فلما عوفى سأل الفقهاء عن حد المال الكثير فاختلفوا عليه
فقال بعضهم : مائة الف ، وقال بعضهم : عشرة آلاف ، فقالوا فيه اقاويل مختلفة ، فاشتبه
عليه الامر فقال رجل من ندمائه يقال له : صفعان الا تبعث إلى هذا الاسود فتسأل عنه .
فقال له المتوكل : من تعنى ويحك ؟ فقال له : ابن الرضا ، فقال له : وهو يحسن من
هذا شيئا ؟ فقال : ان اخرجك من هذا فلى عليك كذاوكذا ، والا فاضر بنى مائة مقرعة
فقال المتوكل : قدرضيت ، يا جعفر بن محمود ! صر اليه وسله عن حد المال الكثير .
فصار جعفر بن محمود إلى ابى الحسن على بن محمد عليه السلام فسأله عن حد المال
الكثيرفقال : الكثير ثمانون ، فقال له جعفر : ياسيدى : انه يسألنى عن العلة فيه ، فقال
له ابوالحسن عليه السلام : ان الله عزوجل يقول : لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ، فعددنا
تلك المواطن فكانت ثمانين .
أقول : وقد أفتى بذلك اصحابنا رضوان الله عليهم : قال الشهيد في محكى الدروس :
ولو نذر الصدقة من ماله بشئ كثير فثمانون درهما ، لرواية ابى بكر الحضرمى عن ابى الحسن
عليه السلام ، ولوقال : بمال كثير ففى قضية الهادى " ع " مع المتوكل ثمانون ، وردها ابن
ادريس إلى ما يعامل به ان كان درهما اودينارا ، وقال الفاضل : المال المطلق ثمانون درهما
والمقيد بنوع ثمانون من ذلك .
[164]
وقال المتوكل لابن السكيت ( 1 ) : سل ابن الرضا مسألة عوصاء بحضرتي
فسأله فقال : لم بعث الله موسى بالعصا وبعث عيسى عليه السلام بابراء الاكمه والابرص
وإحياء الموتى ، وبعث محمدا بالقرآن والسيف ؟ .
فقال أبوالحسن عليه السلام : بعث الله موسى عليه السلام بالعصا واليد البيضاء في زمان
الغالب على أهله السحر ، فأتاهم من ذلك ما قهر سحرهم وبهرهم ، أثبت الحجة
عليهم ، وبعث عيسى عليه السلام بابراء الاكمه والابرص وإحياء الموتى باذن الله في
زمان الغالب على أهله الطب فأتاهم من إبراء الاكمه والابرص وإحياء الموتى
باذن الله فقهر هم وبهزهم ، وبعث محمدا بالقرآن والسيف في زمان الغالب على
* ( هامش ) * أقول : لو اوصى أونذرلله بالكثير فأقل شى يجب في ماله : الثمانون لا انه ان زاد
عليه فليس به ، وانما قال " ع " بالثمانين فان المرجع الوحيد الذى يرفع الاختلاف من
العرف هوالقرآن المجيد وقد اطلق الكثير في مورد الثمانين : فنعلم ان الثمانين كثير
قطعا بشهادة الله العزيز في كتابه واما اقل من ذلك فهو مختلف فيه ، وليس عليه شاهد .
( 1 ) أبويوسف يعقوب بن اسحاق الدور قى الاهوازى الامامى النحوى اللغوى الاديب
كان ثقة جليلا من العظماء ، وكان حامل لواء الادب والشعر ، وله تصانيف مفيدة منها تهذيب
الالفاظ واصلاح المنطق .
قال ابن خلكان : قال بعض العلماء : ماعبر على جسر بغداد كتاب من اللغة مثل
اصلاح المنطق ، وقال أبوالعباس المبرد : ما رأيت للبغداديين كتابا أحسن من كتاب ابن
السكيت في المنطق .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 164 سطر 19 الى ص 172 سطر 18

الزمه المتوكل تأديب ولده المعتز بالله ، فقال له يوما : أيما أحب اليك ؟ ابناى هذان
- يعنى المعتز والمؤيد - ام الحسن والحسين ؟ فقال ابن السكيت : والله ان قنبرا خادم
على بن أبى طالب خير منك ومن ابنيك ، فقال المتوكل للاتراك : سلوا لسانه من قفاه !
ففعلوا فمات .
وقيل : بل أثنى على الحسن والحسين عليهما السلام ولم يذكر ابنيه فأمر المتوكل
الاتراك فداسوا بطنه ، فحمل إلى داره فمات بعد غد ذلك .
[165]
أهله السيف والشعر فأتاهم من القرآن الزهر والسيف القاهرما بهر به شعرهم
وبهرسيفهم وأثبت الحجة به عليهم .
فقال بان السكيت : فما الحجة الان ؟ قال : العقل يعرف به الكاذب على الله
فيكذب .
فقال يحيى بن أكثم : ما لابن السكيت ومناظرته ؟ وإنما هو صاحب نحو
وشعر ولغة ، ورفع قرطاسا فيه مسائل فأملا علي بن محمد عليه السلام على ابن السكيت
جوابها وأمره أن يكتب .
سألت عن قول الله تعالى " قال الذي عنده علم من الكتاب " ( 1 ) فهو آصف بن
برخيا ولم يعجز سليمان عن معرفة ماعرف آصف ، ولكنه أحب أن يعرف امته
من الجن والانس أنه الحجة من بعده ، وذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر
الله ففهمه ذلك ، لئلا يختلف في إمامته وولايته من بعده ، ولتأ كيد الحجة على
الخلق
وأما سجود يعقوب لولده فان السجود لم يكن ليوسف وإنما كان ذلك من
يعقوب وولده طاعة لله تعالى وتحية ليوسف عليهما السلام كما أن السجود من
الملائكة لم يكن لادم عليه السلام فسجود يعقوب وولده ويوسف معهم شكرا لله تعالى
باجتماع الشمل ألم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت : " رب قد آتيتني من
الملك " ( 2 ) الاية .
وأما قوله " فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤن الكتاب ( 3 )
فان المخاطب بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن في شك مما أنزل الله إليه ، ولكن
قالت الجهلة : كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة ولم لم يفرق بينه وبين الناس في
الاستغناء عن المأ كل والمشرب ، والمشي في الاسواق ، فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله
* ( هامش ) * ( 1 ) النمل : 40 .
( 2 ) يوسف : 101 .
( 3 ) يونس : 94 .
[166]
فاسأل الذين يقرؤن الكتاب بمحضر من الجهلة هل بعث الله نبيا قبلك إلا وهو
يأكل الطعام ، ويشرب الشراب ، ولك بهم اسوة يا محمد .
وإنما قال : " فان كنت في شك " ولم يكن ( 1 ) للنصفة كما قال : " قل
تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم " ( 2 ) ولو قال : " تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم
لم يكونوا يجيبوا إلى المباهلة ، وقد علم الله أن نبيه مؤدعنه رسالته وما هومن
الكاذبين وكذلك عرف النبي صلى الله عليه وآله بأنه صادق فيما يقول ولكن أحب أن ينصف
من نفسه .
وأما قوله : " ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام " ( 3 ) الاية فهو كذلك
لو أن أشجار الدنيا أقلام والبحر مداد يمده سبعة أبحر حتى انفجرت الارض
عيونا كما انفجرت في الطوفان ، ما نفدت كلمات الله وهي عين الكبريت ، وعين
اليمن ، وعين وبرهوت ، وعين طبرية ، وحمة ماسيدان ، تدعى لسان ، وحمة
إفر يقية تدعى بسيلان ، وعين باحوران ونحن الكلمات التي لاتدرك فضائلنا ولا
تستقصى .
وأما الجنة ففيها من المآكل والمشارب والملاهي ، وماتشتهيه الا نفس وتلد
الاعين وأباح الله ذلك لادم ، والشجرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته أن لا يأكلا
منها شجرة الحسد ، عهد الله إليهما أن لاينظرا إلى من فضل الله عليهما ، وعلى خلائقه
بعين الحسد " فنسي ولم نجد له عزما " ( 4 )
وأما قوله : " أويزو جهم ذكرانا وإناثا " ( 5 ) فان الله تعالى زوج الذكران
المطيعين ، ومعاذ الله أن يكون الجليل العظيم عنى ما لبست على نفسك بطلب
* ( هامش ) * ( 1 ) أى والحال أنه صلى الله عليه وآله لم يكن في شك .
( 2 ) آل عمران : 61 .
( 3 ) لقمان : 27 .
( 4 ) طه : 115 .
( 5 ) الشورى : 50 .
[167]
الرخص ، لا رتكاب المحارم " ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم
القيامة ويخلد فيه مهانا " ( 1 ) إن لم يتب .
فأما شهادة امرأة وحدها التي جازت فهي القابلة التي جازت شهادتها مع الرضا
فان لم يكن رضا فلا أقل من امرأتين تقوم المرأتان بدل الرجل للضرورة ، لان
الرجل لايمكنه أن يقوم مقامها ، فان كان وحدها قبل قولها مع يمينها .
وأما قول علي عليه السلام في الخنثى فهو كما قال : يرث من المبال ، وينظر إليه
قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرءاتا وتقوم الخنثى خلفهم عريانة ، وينظرون
إلى المرأة فيرون الشئ ويحكمون عليه .
وأما الرجل الناظر إلى الراعي وقد نزا على شاة ، فان عرفها ذبحهاو
أحرقها ، وإن لم يعرفها قسمها الامام نصفين وساهم بينهما ، فان وقع السهم على
أحد القسمين فقد انقسم النصف الاخر ثم يفرق الذي وقع عليه السهم نصفين
فيقرع بينهما فلا يزال كذلك حتى يبقى اثنان فيقرع بينهما فأيهما وقع السهم
عليها ذبحت واحرقت وقد نجى سائرها وسهم الامام سهم الله لا يخيب .
وأما صلاة الفجر والجهر فيها بالقراءة لان النبي صلى الله عليه وآله كان يغلس بها
فقراءتها من الليل .
وأما قول أمير المؤمنين : بشر قاتل ابن صفية بالنار ( 2 ) لقول رسول الله صلى الله عليه وآله
* ( هامش ) * ( 1 ) الفرقان : 69 .
( 2 ) هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى الاسدى يكنى أبا عبدالله
وكان امه صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله " ص " فهوا بن عمة رسول الله وابن اخى خديجة
بنت خويلد زوج الرسول " ص "
شهدا الجمل مقاتلا لعلى عليه السلام فناداه على ودعاه فانفرد به وقال له : أتذكر اذا
كنت أنا وأنت مع رسول الله " ص " فنظر إلى وضحك وضحكت ، فقلت أنت : لا يدع ابن
أبى طالب زهوه ، فقال : ليس بمزه ، ولتقاتلنه وأنت له ظالم ؟
فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال فنزل بوادى السباع ، وقام يصلى فأتاه ابن
[168]
وكان ممن خرج يوم النهروان ، فلم يقتله أمير المؤمنين عليه السلام بالبصرة لانه علم
* ( هامش ) * جرموز فقتله ، وجاء بسيفه ورأسه إلى على عليه السلام فقال عليه السلام : ان هذا سيف طالما
فرج الكرب عن رسول الله " ص "
ثم قال : بشر قاتل ابن صفية بالنار ، وكان قتله يوم الخميس لعشر خلون من جمادى
الاولى من سنة ست وثلاثين .
وقيل : ان ابن جرموز استأذن على على عليه السلام فلم يأذن له وقال للاذن : بشره
بالنار فقال :
أتيت عليا برأس الزبير * أرجو لديه به الزلفه
فبشربالنار اذ جئته * فبئس البشارة والتحفه
وسيان عندى : قتل الزبير * وضرطة عنز بذى الجحفه
وقيل ان الزبير لما فارق الحرب وبلغ سفوان أتى انسان إلى الاحنف بن قيس
فقال : هذا الزبير قدلقى بسفوان ، فقال الاحنف : ماشاء الله كان ، قد جمع بين المسلمين
حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف ثم يلحق ببيته وأهله ؟ !
فسمعه ابن جرموز وفضالة بن حابس ونفيع بن غواة من تميم فركبوا ، فأتاه ابن
جرموز من خلفه فطعنه طعنة خفيفة ، وحمل عليه الزبير وهو على فرس له يقال له : ذو
الخمار حتى اذا ظن أنه قاتله ، ناد صاحبيه فحملوا عليه فقتلوه ، بل الظاهر من بعض
الاخبار ان ابن جرموز قتله في النوم ، وقد روى المسعودى في مروج الذهب أن عاتكة
بنت زيد بن عمرو بن نفيل وكانت تحت عبدالله بن أبى بكر فخلف عليها عمر ثم الزبير قالت
في ذلك :
غدر ابن جرموز بفارس بهمة * يوم اللقاء وكان غير مسدد
يا عمرو ! لو نبهته لو جدته * لا طائشا رعش الجنان ولا اليد
هبلنك امك ان قتلت لمسلما * حلت عليك عقوبة المتعمد
ما ان رأيت ولا سمعت بمثله * فيمن مضى ممن يروح ويغتدى
أقول : انما قال عليه السلام : بشر قاتل ابن صفية بالنار ، لان القاتل وهو عمرو بن
جرموز - مع أعوانه - قتله غدرا وغيلة ومغافصة ، بعد ما ترك الزبير القتال فهومن أهل
[169]
أنه يقتل في فتنة النهروان ( 1 )
* ( هامش ) * النار من جهتين : الاول لقول رسول الله " ص " : الايمان قيد الفتك ، فمن فتك مسلما وقتله غيلة كان
بمنزلة من قتل مسلما متعمدا لاسلامه ، فهو من أهل النار ، ولوكان المقتول ظالما
مهدور الدم .
والثانى لما سيجيئ في كلام الهادى " ع " من أن ولى الامر ، وهو أمير المؤمنين أقضى
هذه الامة حكم بأن من ألقى سلاحه فهو آمن ، ومن دخل داره فهو آمن ، وقد كان الزبير
بعد تركه القتال وانعزاله عن المعركة كالتائب من ذنبه وبمنزلة من ألقى سلاحه ودخل
داره .
فالذى قتله انما قتله غدرا وبغيا وعدوانا فهو من أهل النار وانما لم يقتله أمير
المؤمنين عليه السلام به ولم يقد منه ، لانه كان جاهلا بذلك كله ، متأولا يعتقد أن قتله واجب
وهو مهدور الدم . لاجل أنه أجلب عليه امامه أمير المؤمنين وخرج عليه بالسيف ، ولم يظهر
توبة ولم يستغفر عند وليه أمير المؤمنين .
لكنه كان مقصرا في جهالته ذلك ، حيث ان عتزاله كان بمسمع ومرأى من
أميرالمؤمنين ولم يحكم فيه بشئ ولا هو استأمره عليه السلام في قتله ، مع وجوده بين
ظهرانيهم والله أعلم
وأما الزبير فالظاهر من الاحاديث أنه ندم عن فعله ندامة قطعية بحيث التزم العار
فرارا من النار ، لكنه لم يظهر منه توبة ولا استغفار ، ولو كان أراد التوبة والاستغفار ، كان
عليه أن يفئ أولاد إلى أميرالمؤمنين " ع " ويستغفره مما فعله ، ويجدد بيعته ، فلم يفعل
وقد روى المفيد قدس سره في جمله أنه لما رأى أمير المؤمنين رأس الزبير وسيفه
قال للاحنف : ناولنى السيف فناوله ، فهزه وقال ، سيف طالما قاتل بين يدى النبى " ص
ولكن الحين ومصارع السوء ، ثم تفرس في وجه الزبير وقال : لقد كان لك بالنبى صحبة
ومنه قرابة ، ولكن دخل الشيطان منخرك فأوردك هذا المورد .
( 1 ) قال ابن الجزرى في اسد الغابة : وكثير من الناس يقولون : ان ابن جرموز
قتل نفسه ، لما قال له على " بشر قاتل ابن صفية بالنار " وليس كذلك ، وانما عاش بعد ذلك
[170]
وأما قولك إن عليا عليه السلام قاتل أهل صفين مقبلين ومدبرين ، وأجهز
على جريحهم وأنه يوم الجمل الم يتبع موليا ولم يجهز على جريحهم ، وكل من
ألقى سيفه وسلاحه آمنه ، فان أهل الجمل قتل إمامهم ولم يكن لهم فئة يرجعون
إليها ، وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ، ولا محتالين ، ولا متجسسين
ولا مبارزين ، فقد رضوا بالكف عنهم ، فكان الحكم فيه رفع السيف والكف عنهم
إذ لم يطلبوا عليه أعوانا .
وأهل صفين يرجعون إلى فئة مستعدة وإمام منتصب ، يجمع لهم السلاح
من الرماح ، والدروع ، والسيوف ، ويستعد لهم ، ويسني لهم العطاء ويهيئ
لهم الاموال ، ويعقب مريضهم ، يجبر كسيرهم ، ويداوي جريحهم ، ويحمل راجلهم
ويكسو حاسرهم ، ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم .
فان الحكم في أهل البصرة الكف عنهم لما ألقوا أسلحتم إذ لم تكن لهم
فئة يرجعون إليها ، والحكم في أهل صفين أن يتبع مدبرهم ، ويجهز على جريحهم
فلا يساوى بين الفريقين في الحكم ، ولولا أميرالمؤمنين عليه السلام وحكمه في أهل صفين
والجمل ، لماعرف الحكم في عصاة أهل التوحيد فمن أبى ذلك عرض على السيف .
وأما الرجل الذي أقر باللواط ( 1 ) فانه أقر بذلك متبرعا من نفسه ، و
* ( هامش ) * حتى ولى مصعب بن الزبير البصرة فاختفى ابن جرموز فقال مصعب : ليخرج فهو آمن
أيظن أنى أقيده بأبى عبدالله - يعنى أباه الزبير - ليساسواء .
( 1 ) روى الكلينى في الكافى ج 7 ص 201 عن على بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن
ابن محبوب ، عن ابن رئاب عن مالك بن عطية ، عن أبى عبدالله عليه السلام قال : بينا
أميرالمؤمنين " ع " في ملاء من أصحابه اذا أتاه رجل فقال : يا أميرالمؤمنين انى قد أوقبت
على غلام فطهرنى ! فقال له : يا هذا امض إلى منزلك لعل مرارا هاج بك .
فلما كان من غد عاد اليه فقال له : يا أمير المؤمنين انى أو قبت على غلام فطهرنى !
فقال له : ياهذا امض إلى منزلك لعل مرارا هاج بك حتى فعل ذلك ثلاثا بعد مرته
الاولى .
[171]
لم تقم عليه بينة ولا أخذه سلطان وإذا كان للامام الذي من الله أن يعاقب في الله فله
أن يعفو في الله ، أما سمعت الله يقول لسليمان " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير
حساب " ( 1 ) فبدأ بالمن قبل المنع ( 2 ) .
* ( هامش ) * فلما كان في الرابعة قال : يا هذا ان رسول الله صلى الله عليه وآله حكم في مثلك
بثلاثة أحكام فاختر أيهن شئت ، قال : وماهن يا أمير المؤمنين ؟ قال : ضربة بالسيف في عنقك
بالغة ما بلغت ، أودهداه من جبل مشدود اليدين والرجلين ، أو احراق بالنار فقال : يا
أمير المؤمنين أيهن أشد على ؟ قال : الاحراق بالنار ، قال : فانى قد اخترتها يا أمير المؤمنين
قال : فخذ أهبتك فقال : نعم .
فقام فصلى ركعتين ثم جلس في تشهده فقال : اللهم انى قد أتيت من الذنب ما قد علمته
وانى تخوفت من ذلك فجئت إلى وصى رسولك وابن عم نبيك فسألته أن يطهرنى فخيرنى
بين ثلاثة أصناف من العذاب ، اللهم فانى قد اخترت أشدها اللهم فانى أسألك أن تجعل ذلك
كفارة لذنوبى ، وأن لا تحرقنى بنارك في آخرتى .
ثم قام وهو باك حتى جلس في الحفرة التى حفرها له أمير المؤمنين " ع " وهو يرى
النار يتأجج حوله .
قال : فبكى أميرالمؤمنين عليه السلام وبكى أصحابه جميعا ، فقال له أمير المؤمنين
عليه السلام : قم يا هذا فقد أبكيت ملائكة السماء وملائكة الارض ، فان الله قد تاب عليك
فقم ولا تعادون شيئا مما قد فعلت .
( 1 ) ص : 39 .
( 2 ) قال سبط ابن الجوزى في التذكرة ص 203 : قال يحيى بن هبيرة [ هرثمة ] :
تذاكر الفقهاء بحضرة المتوكل : من خلق رأس آدم عليه السلام ؟ فلم يعرفوا من حلقه فقال
المتوكل : أرسلوا إلى على بن محمد بن على الرضا ، فأحضروه فحضر فقالوه ، فقال
حدثنى أبى ، عن جدى ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه قال : ان الله امر جبرئيل أن
ينزل بياقوتة من يواقيت الجنة ، فنزل بها فمسح بها رأس آدم ، فتناثر الشعر منه ، فحيث
بلغ نورها صار حرما ، وقدروى هذا المعنى مرفوعا إلى رسول الله " ص "
[172]
فلما قرأه ابن أكثم قال للمتوكل : ما نحب أن تسأل هذا الرجل عن
شئ بعد مسائلي ، فانه لا يرد عليه شئ بعدها إلا دونها ، وفي ظهور علمه تقوية
للرافضة ( 1 ) .
جعفربن رزق الله قال : قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة
فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم فقال يحيى بن أكثم : الايمان يمحو ما قبله ، وقال
بعضهم : يضرب ثلاثة حدود ، فكتب المتوكل إلى علي بن محمد النقي يسأله فلما
قرأ الكتاب كتب : يضرب حتى يموت ، فأنكر الفقهاء ذلك ، فكتب إليه يسأله عن
العلة فقال : " بسم الله الرحمن الرحيم فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده
وكفرنا بما كنا به مشركين ( 2 ) " السورة قال : فأمر المتوكل فضرب حتى
مات ( 3 ) .
أبوالحسن بن سهلويه ( 4 ) البصري المعروف بالملاح قال : دلني أبوالحسن
وكنت واقفيا فقال : إلى كم هذه النومة ؟ أما آن لك أن تنتبه منها ، فقدح في
قلبي شيئا وغشي علي وتبعت الحق ( 5 ) .
52 - قب : داود بن القاسم الجعفري قال : دخلت عليه بسر من رأى وأنا
اريد الحج لاودعه ، فخرج معي ، فلما انتهى إلى آخر الحاجز نزل ، فنزلت
معه ، فخط بيده الارض خطة شبيهة بالدائرة ، ثم قال لي : يا عم خذ ما في هذه
يكون في نفقتك ، وتستعين به على حجك ، فضربت بيدي فاذا سبيكة ذهب فكان
فيها مائتا مثقال .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 172 سطر 19 الى ص 180 سطر 18

* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 403 - 405 .
( 2 ) غافر : 84 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 405 و 406 .
( 4 ) في المصدر . سعيد بن سهل البصرى .
( 5 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 407 .
[173]
دخل أبوعمرو عثمان بن سعيد وأحمد بن إسحاق الاشعري وعلي بن جعفر
الهمداني على أبي الحسن العسكري ، فشكى إليه أحمد بن إسحاق دينا عليه
فقال يا [ أبا ] عمرو - وكان كيله - ادفع إليه ثلاثين ألف دينار ، وإلى علي بن
جعفر ثلاثين ألف دينار ، وخذ أنت ثلاثين ألف دينار ، فهذه معجزة لا يقدر عليها
إلا الملوك ، وماسمعنا بمثل هذا العطاء ( 1 ) .
53 - قب : وجه المتوكل عتاب بن أبي عتاب إلى المدينة يحمل علي بن محمد عليهما السلام إلى سر من رأى ، وكانت الشيعة يتحدثون أنه يعلم الغيب وكان في
نفس عتاب من هذاشئ فلمافصل من المدينة رآه وقد لبس لبادة ، والسماء
صاحية ، فماكان بأسرع من أن تغيمت وأمطرت فقال عتاب : هذا واحد .
ثم لما وافى شط القاطول ، ( 2 ) رآه مقلق القلب ، فقال له : مالك يا أبا
أحمد ؟ فقال : قلبي مقلق بحوائج التمستها من أميرالمؤمنين ، قال له : فان حوائجك
قد قضيت ، فما كان بأسرع من أن جاءته البشارات بقضاء حوائجه ، فقال : الناس
يقولون : إنك تعلم الغيب وقد تبينت من ذلك خلتين ( 3 ) .
المعتمد في الاصول قال علي بن مهزيار : وردت العسكر وأنا شاك في الامامة
فرأيت السلطان قد خرج إلى الصيد في يوم من الربيع إلا أنه صائف ، والناس
عليهم ثياب الصيف ، وعلى أبي الحسن عليه السلام لبادة وعلى فرسه تجفاف لبود ، وقد
عقد ذنب الفرسة والناس يتعجبون منه ، ويقولون : ألا ترون إلى هذا المدني وما
قد فعل بنفسه ؟ فقلت في نفسي : لو كان هذا إماما ما فعل هذا .
فلما خرج الناس إلى الصحراء لم يلبثوا إلاأن ارتفعت سحابة عظيمة هطلت
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدرج 4 ص 407 .
( 2 ) في النسخ : قاطون ، وهو سهو والصحيح قاطول كما في الصلب ، وهو موضع
على دجلة ، أو هو اسم لتمام النهر المشقوق الفرعى من دجلة إلى النهر وانات .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 413
[174]
فلم يبق أحد إلا ابتل حتى غرق بالمطر ، وعاد عليه السلام وهو سالم من جميعه فقلت
في نفسي : يوشك أن يكون هو الامام ، ثم قلت : اريد أن أسأله عن الجنب إذا عرق
في الثوب ، فقلت في نفسي إن كشف وجهه فهو الامام ، فلما قرب مني كشف وجهه
ثم قال : إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام لايجوز الصلاة فيه ، و
إن كان جنابته من حلال فلا بأس فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة ( 1 ) .
54 - قب : في كتاب البرهان عن الدهني أنه لما ورد به عليه السلام سرمن رأى
كان المتوكل برا به ووجه إليه يوما بسلة فيهاتين ، فأصاب الرسول المطر
فدخل إلى المسجد ثم شرهت نفسه إلى التين ، ففتح السلة وأكل منها ، فدخل
وهو قائم يصلي فقال له بعض خدمه : ما قصتك فعرفه القصة قال له : أو ما علمت أنه
قد عرف خبرك وما أكلت من هذا التين فقامت على الرسول القيامة ، ومضى مبادرا
إلى منزله حتى إذا سمع صوت البريد ارتاع هو ومن في منزله بذلك ، الخبر ( 2 ) .
الحسين بن علي : أنه أتى النقي عليه السلام رجل خائف وهو يرتعد ويقول : إن
ابني اخذ بمحبتكم والليلة يرمونه من موضع كذا ويدفنونه تحته ، قال : فما تريد ؟
قال : ما يريد الابوان ، فقال : لابأس عليه اذهب فان ابنك يأتيك غدا .
فلما أصبح أتاه ، ابنه فقال : يا بني ما شأنك ؟ قال : لما حفروا القبرو
شدو الي الا يدي أتاني عشرة أنفس مطهرة معطرة ، وسألوا عن بكائي فذكرت
لهم ، فقالوا : لوجعل الطالب مطلوبا تجرد نفسك وتخرج وتلزم تربة النبي عليه السلام ؟
قلت : نعم فأخذوا الحاجب فرموه من شاهق الجبل ولم يسمع أحد جزعه ولا رأوا
الرجال وأوردوني إليك وهم ينتظرون خروجي إليهم ، وودع أباه وذهب .
فجاء أبوه إلى الامام وأخبره بحاله فكان الغوغاء تذهب وتقول : وقع
كذا وكذا والامام عليه السلام يتبسم ويقول : إنهم لا يعلمون ما نعلم ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر نفسه ص 414 .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 415 .
( 3 ) المناقب ج 4 ص 416 .
[175]
بيان : " الغوغاء " السفلة من الناس ، والمتسر عين إلى الشر .
55 - كشف : قال محمد بن طلحة : خرج عليه السلام يوما من سرمن رأى إلى
قرية لمهم عرض له ، فجآء رجل من الاعراب يطلبه فقيل له قد ذهب إلى الموضع
الفلاني فقصده فلما وصل إليه قال له ما حاجتك ؟ فقال : أنا رجل من أعراب
الكوفة المتمسكين بولاية جدك علي بن أبيطالب عليه السلام وقد ركبني دين فادح
أثقلني حمله ، ولم أر من أقصده لقضائه سواك .
فقال له أبوالحسن : طب نفسا وقر عينا ثم أنزله فلما أصبح ذلك اليوم
قال له أبوالحسن عليه السلام : اريد منك حاجة الله الله أن تخالفني فيها ، فقال الاعرابي
لا اخالفك فكتب أبوالحسن عليه السلام ورقة بخطه معترفا فيها أن عليه للاعرابي
مالا عينه فيها يرجح على دينه ، وقال : خذ هذا الخط فاذا وصلت إلى سرمن
رأى احضر إلي وعندي جماعة ، فطالبني به وأغلظ القول علي في ترك إبقائك إياه
الله الله في مخالفتي فقال : أفعل ، وأخذ الخط .
فلما وصل أبوالحسن إلى سرمن رأى ، وحضر عنده جماعة كثيرون من
أصحاب الخليفة وغيرهم ، حضر ذلك الرجل وأخرج الخط وطالبه وقال كما
أوصاه فألان أبوالحسن عليه السلام له القول ورفقه ، وجعل يعتذر ، ووعده بوفائه و
طيبة نفسه ، فنقل ذلك إلى الخليفة المتوكل فأمر أن يحمل إلى أبي الحسن عليه السلام
ثلاثون ألف درهم .
فلما حملت إليه تركها إلى أن جاء الرجل فقال : خذ هذا المال واقض
منه دينك ، وأنفق الباقى على عيالك وأهلك ، واعذرنا ، فقال له الاعرابي : يا ابن
رسول الله والله إن أملي كان يقصر عن ثلث هذا ، ولكن الله اعلم حيث يجعل
رسالته ، وأخذ المال وانصرف ( 1 ) .
ومن كتاب الدلائل للحميري عن الحسن بن علي الوشاء قال : حدثتني ام
محمد مولاة أبي الحسن الرضا بالحير وهي مع الحسن بن موسى قالت : جاء أبوالحسن
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 230 و 231 .
[176]
عليه السلام قدرعب حتى جلس في حجر ام أبيها بنت موسى ، فقالت له : مالك ؟
فقال لها : مات أبي والله الساعة ، فقالت له : لاتقل هذا ، قال : هووالله كما أقول
لك ، فكتبنا ذلك اليوم فجآءت وفاة أبي جعفر عليه السلام في ذلك اليوم
وكتب إليه محمد بن الحسين بن مصعب المدائني يسأله عن السجود على
الزجاج ، قال : فلما نفذ الكتاب حدثت نفسي أنه مما أنبتت الارض ، وأنهم
قالوا لابأس بالسجود على ما أنبتت الارض قال : فجآء الجواب : لاتسجد عليه
وإن حدثت نفسك أنه مما تنبت الارض ، فانه من الرمل والملح ، والملح
سبخ ( 1 ) .
وعن علي بن محمد النوفلي قال : سمعته يقول : اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون
حرفا وإنما كان عند آصف منه حرف واحد ، فتكلم به فانخرقت له الارض فيما
بينه وبين سبا ، فتناول عرش بلقيس حتى صيرة إلى سليمان ثم بسطت له الارض
في أقل من طرفة عين ، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا ، وحرف واحد عندالله عز
وجل استأثر به في علم الغيب ( 2 ) .
وعن فاطمة ابنة الهيثم قالت : كنت في دار أبي الحسن عليه السلام في الوقت الذي
ولد فيه جعفر فرأيت أهل الدار قد سروا به ، فقلت : يا سيدي مالي أراك غير
مسرور ؟ فقال : هوني عليك فسيضل به خلق كثير ( 3 )
حدث محمد بن شرف قال : كنت مع أبي الحسن عليه السلام أمشي بالمدينة فقال
لي : ألست ابن شرف ؟ قلت : بلى ، فأردت أن أسأله عن مسألة فابتدأني من غير أن
أسأله فقال : نحن على قارعة الطريق وليس هذا موضع مسألة .
محمد بن الفضل البغدادي قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أن لنا حانوتين .
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ص 245 .
( 2 ) وتراه في المناقب ج 4 ص 406
( 3 ) هو جعفر الكذاب الذى ادعى الامامة بعد أخيه الحسن بن على ، وأحرزميراثه
مع علمه ورؤيته بوجود القائم المهدى عليه السلام وكانت وفاته سنة 281 .
[177]
خلفهما لنا والدنا رضي الله عنه ، وأردنا بيعهما وقد عسر ذلك علينا ، فادع الله يا سيدنا أن ييسرالله لنا بيعهما باصلاح الثمن ، ويجعل لنافي ذلك الخيرة ، فلم يجب عنهما
بشئ ، وانصرفنا إلى بغداد والحانوتان قد احترقا .
أيوب بن نوح قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أن لي حملا فادع الله أن
يرزقني ابنا فكتب إلي : إذا ولد فسمه محمدا ، قال : فولد ابن فسميته محمدا ( 1 ) .
قال : وكان ليحيى بن زكريا حمل فكتب إليه : أن لي حملا فادع الله أن
يرزقني ابنا فكتب إليه : رب ابنة خير من ابن ، فولدت له ابنة .
أيوب بن نوح قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : قد تعرض لي جعفر بن
عبدالواحد القاضي وكان يؤذيني بالكوفة أشكو إليه ماينالني منه من الاذى ، فكتب
إلي : تكفى أمره إلى شهرين ، فعزل عن الكوفة في شهرين واسترحت منه ( 2 ) .
يج : عن أيوب مثل الخبرين ( 3 ) .
56 - كشف : من كتاب الدلائل [ عن أيوب ، قال ] ( 4 ) قال فتح بن يزيد
الجرجاني : ضمني وأبا الحسن عليه السلام الطريق منصر في من مكة إلى خراسان ، وهو
صائر إلى العراق فسمعته وهو يقول : من اتقى الله يتقى ، ومن أطاع الله يطاع .
قال : فتلطفت في الوصول إليه فسلمت عليه فرد علي السلام وأمرني
بالجلوس وأول ما ابتدأني به أن قال : يافتح من أطاع الخالق لم يبال بسخط
المخلوق ، ومن أسخط الخالق فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق ، وإن
الخالق لايوصف إلا بما وصف ونفسه ، وأنى يوصف الخالق الذي يعجز الحواس
أن تدركه ، والاوهام أن تناله ، والخطرات أن تحده ، والابصار عن الاحاطة به .
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمه ج 3 ص 246 .
( 2 ) المصدرنفسه ص 247 .
( 3 ) لم نجده في مختار الخرائج .
( 4 ) مابين العلامتين لا يوجد في المصدر .
[178]
جل عما يصفه الواصفون ، وتعالى عما ينعته الناعتون ، نأى في قربه ، و
قرب في نأيه ، فهو في نأيه قريب ، وفي قربه بعيد ، كيف الكيف فلا يقال كيف و
أين الاين فلا يقال أين ، إذ هو منقطع الكيفية والاينية .
هوالواحد الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، فجل جلاله .
بل كيف يوصف بكنهه محمد صلى الله عليه وآله وقد قرنه الجليل باسمه ، وشركه في عطائه
وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته ، إذ يقول " وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله
من فضله " ( 1 ) وقال : يحكي قول من ترك طاعته ، وهو يعذ به بين أطباق نيرانها
وسرابيل قطرانها " ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا " ( 2 ) أم كيف يوصف بكنهه من قرن
الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر
منكم " ( 3 ) وقال : " ولورده إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم " ( 4 ) وقال :
" إن الله يأمر كم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها " ( 5 ) وقال : " فاسألوا أهل الذكر
إن كنتم لا تعلمون " ( 6 )
يافتح كمالا يوصف الجليل جل جلاله . والرسول ، الخليل ، وولد البتول
فكذلك لايوصف المؤمن المسلم لامرنا ، فنبينا أفضل الانبياء وخليلنا أفضل
الاخلاءو [ وصينا ] أكرم الاوصياء ، واسمهما ( 7 ) أفضل الاسماء وكنيتهما
أفضل الكنى وأحلاها ، لولم يجالسنا إلا كفو لم يجالسنا أحد ، ولولم يزوجنا
إلا كفولم يزوجنا أحد .
* ( هامش ) * ( 1 ) براءة : 74 .
( 2 ) الاحزاب : 66 .
( 3 ) النساء : 59 .
( 4 ) النساء : 83 .
( 5 ) النساء : 58 .
( 6 ) النحل : 43 .
( 7 ) في المصدر : واسمها افضل الاسماء ، وكنيتها الخ .
[179]
أشد الناس تواضعا ، أعظمهم حلما وأنداهم كفا وأمنعهم كنفا ، ورث عنهما
أوصياؤهما علمهما ، فاردد إليهما الامر ، وسلم إليهم ، أماتك الله مماتهم ، وأحياك
حياتهم . إذا شئت ( 1 ) رحمك الله .
قال فتح : فخرجت فلما كان الغد تلطفت في الوصول إليه فسلمت عليه فرد
السلام فقلت : يا ابن رسول الله أتأذن في مسألة اختلج في صدري أمرها ليلتي ؟ قال :
سل ! وإن شرحتها فلي وإن أمسكتها فلي ، فصحح نظرك ، وتثبت في مسألتك
واصغ إلى جوابها سمعك ، ولاتسأل مسألة تعنيت واعتن بما تعتني به ، فان العالم
والمتعلم شريكان في الرشد ، مأموران بالنصيحة ، منهيان عن الغش .
وأما الذي اختلج في صدرك ، فان شاء العالم أنبأك ، إن الله لم يظهر على
غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ، فكل ما كان عندالرسول كان عند العالم
وكل ما اطلع عليه الرسول فقد اطلع أوصياءه عليه ، كيلا تخلو أرضه من حجة
يكون معه علم يدل على صدق مقالته ، وجواز عدالته .
يافتح عسى الشيطان أراد اللبس عليك ، فأوهمك في بعض ما أودعتك ، وشكك
في بعض ما أنبأتك ، حتى أراد إزالتك عن طريق الله ، وصراطه المستقيم ؟ فقلت :
" متى أيقنت أنهم كذا فهم أرباب ، " معاذ الله إنهم مخلوقون مربوبون ، مطيعون لله
داخرون راغبون ، فإذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به .
فقلت له : جعلت فداك ! فرجت عني ، وكشفت مالبس الملعون علي
بشرحك فقد كان أوقع في خلدي أنكم أرباب قال : فسجد أبوالحسن عليه السلام وهو
يقول في سجوده : راغما لك يا خالقي داخرا خاضعا ، قال : فلم يزل كذلك حتى
ذهب ليلي .
ثم قال : يا فتح كدت أن تهلك وتهلك ، وماضر عيسى عليه السلام إذا هلك
من هلك ( 2 ) انصرف إذا شئت رحمك الله قال : فخرجت وأنا فرح بما كشف الله
* ( هامش ) * ( 1 ) اى اذا شئت أن تخرج فاخرج .
( 2 ) اذا هلك النصارى . خ ل .
[180]
عني من اللبس بأنهم هم ، وحمدت الله على ما قدرت عليه .
فلماكان في المنزل الاخر ، دخلت عليه وهو متكئ ، وبين يديه حنطة مقلوة
يعبث بها ، وقد كان أوقع الشيطان في خلدي أنه لاينبغي أن يأكلوا ويشربوا إذ كان
ذلك آفة ، والامام غير ذي آفة ، فقال : اجلس يافتح فان لنا بالرسل اسوة كانوا
يأكلون ويشربون ، ويمشون في الاسواق ، وكل جسم مغذو بهذا إلا الخالق
الرازق ، لانه جسم الاجسام ، وهو لم يجسم ، ولم يجزء بتناه ، ولم يتزايد ولم
يتناقص ، مبرء من ذاته ماركب في ذات من جسمه .
الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، منشئ
الاشياء ، مجسم الاجسام ، وهوالسميع العليم ، اللطيف الخبير ، الرؤف الرحيم
تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا .
لوكان كما يوصف لم يعرف الرب من المربوب ولا الخالق من المخلوق
ولا المنشئ من المنشأ ، لكنه فرق بينه وبين من جسمه ، وشيأ الاشياء إذ كان
لا يشبهه شئ يرى ، ولا يشبه شيئا ( 1 ) .
محمد بن الريان بن الصلت قال : كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أستأذنه في
كيد عدو ، ولم يمكن كيده ، فنهاني عن ذلك وقال كلاما معناه : تكفاه ، فكفيته
والله أحسن كفاية : ذل وافتقر ومات أسوء الناس حالا في دنياه ودينه ( 2 ) .
علي بن محمد الحجال قال : كتبت إلى أبي الحسن : أنا في خدمتك وأصابني
علة في رجلي لا أقدر على النهوض والقيام بما يجب ، فان رأيت أن تدعو الله أن


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 180 سطر 19 الى ص 188 سطر 18

يكشف علتي ويعينني على القيام بما يجب علي وأداء الامانة في ذلك ، ويجعلني من
تقصيري من غير تعمد مني ، وتضييع مالا أتعمده من نسيان يصيبني في حل ويوسع
علي وتدعولي بالثبات على دينه الذي ارتضاه لنبيه عليه السلام فوقع : كشف الله عنك وعن
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 247 - 251 .
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 251
[181]
أبيك ، قال : وكان بأبي علة ولم أكتب فيها فدعاله ابتداء ( 1 )
وعن داود الضرير قال : أردت الخروج إلى مكة ، فودعت أباالحسن بالعشي
وخرجت فامتنع الجمال تلك الليلة ، وأصبحت فجئت اودع القبر فاذا رسوله
يدعوني فأتيته واستحييت وقلت : جعلت فداك إن الجمال تخلف أمس فضحك
وأمرني بأشياء وحوائج كثيرة ، فقال : كيف تقول ؟ فلم أحفظ مثلها قال لي ( 2 )
فمد الدواة وكتب بسم الله الرحمن الرحيم أذكر إن شاء الله والامر بيدك كله
فتبسمت ، فقال لي : مالك ؟ فقلت له : خير ، فقال : أخبرني فقلت له : ذكرت
حديثا حدثني رجل من أصحابنا أن جدك الرضا عليه السلام كان إذا أمر بحاجته كتب
بسم الله الرحمن الرحيم اذكر إن شاء الله ، فتبسم فقال : يا داود لو قلت لك إن
تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا ( 3 ) .
بيان : قوله عليه السلام " كيف تقول " أي سأله عليه السلام عماأوصى إليه هل حفظه ؟
ولعله كان " ولم أحفظ مثل ما قال لي " فصحف فكتب عليه السلام ذلك ليقرأه لئلا ينسى
أو كتب ليحفظ بمحض تلك الكتابة باعجازه عليه السلام وعلى ما في الكتاب يحتمل أن
يكون المعنى أنه لم يكن قال لي سابقا شيئا أقوله في مثل هذا المقام ، ويحتمل أن
يكون كيف تتولى كما كان المأخوذ منه يحتمل ذلك ، أي كيف تتولى تلك الاعمال
وكيف تحفظها ؟
وأما التعرض لذكر التقية فهو إما لكون عدم كتابة الحوائج والتعويل على
حفظ داود للتقية ، أو لامر آخر لم يذكر في الخبر .
57 - عم : في كتاب الواحدة ، عن الحسن بن جمهور العمي ( 4 ) قال : حدثني
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدرنفسه ص 251 .
( 2 ) في المصدر : " مثلما قال لى "
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 252 .
( 4 ) قال في معجم قبائل العرب : العم : بطن اختلف في نسبهم ، فقيل : انهم نزلوا
بنى تميم بالبصرة في أيام عمر بن الخطاب ، فأسلموا ، وغزوا مع المسلمين ، وحسن
[182]
أبوالحسين سعيد بن سهل البصري وكان يلقب بالملاح قال : وكان يقول بالوقف
جعفر بن القاسم الهاشمي البصري وكنت معه بسرمن رأى إذ رآه أبوالحسن عليه السلام
في بعض الطرق ، فقال له : إلى كم هذه النومة ؟ أماآن لك أن تنتبه منها ؟ فقال
لي جعفر : سمعت ما قال لي علي بن محمد ؟ قد والله قدح في قلبي شيئا .
فلما كان بعد أيام حدث لبعض أولاد الخليفة وليمة فدعانا فيها ، ودعا
أبا الحسن معنا ، فدخلنا فلما رأوه أنصتوا إجلالا له ، وجعل شاب في المجلس
لايوقره ، وجعل يلغط ( 1 ) ويضحك ، فأقبل عليه وقال له : يا هذا تضحك ملء فيك
وتذهل عن ذكرالله وأنت بعد ثلاثة من أهل القبور ؟ قال : فقلنا هذا دليل حتى ننظر
مايكون ( 2 ) .
قال : فأمسك الفتى وكف عما هو عليه ، وطعمنا وخرجنا ، فلما كان بعد
يوم اعتل الفتى ومات في اليوم الثالث من أول النهار ، ودفن في آخره .
وحدثني سعيد أيضا قال : اجتمعنا أيضا في وليمة لبعض أهل سرمن رأى و
أبوالحسن عليه السلام معنا ، فجعل رجل يعبث ويمزح ، ولايرى له جلالة فأقبل على جعفر
فقال : أما إنه لا يأكل من هذا الطعام ، وسوف يرد عليه من خبر أهله ما ينغص عليه
* ( هامش ) * بلاؤهم ، فقال الناس : أنتم ، وان لم تكونوا من العرب واخواننا وأهلنا ، أنتم
الانصار والاخوان وبنو العم . فلقبوا بذلك ، وصاروا في جملة العرب .
وقالوا : العم لقب مالك بن حنظلة ، وقالوا : لقب مرة بن مالك ، وهم العميون
في تميم ، وقال أبوعبيدة : مرة بن وائل بن عمرو بن مالك بن حنظلة بن فهم ، من الازد
وهم : بنوالعم في تميم ، ثم قالوا : مرة بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم .
( 1 ) في بعض النسخ " يلفظ " وهو تصحيف ، واللغط : الصوت والجلبة ، أوهو اصوات
مبهمة لاتفهم ، والكلام الذى لا يبين .
( 2 ) اعلام الورى ص 346 .
[183]
عيشه ، قال : فقدمت المائدة قال جعفر : ليس بعد هذا خبر ، قد بطل قوله ، فوالله
لقد غسل الرجل يده وأهوى إلى الطعام فاذا غلامه قد دخل من باب البيت يبكي
وقال له : الحق امك فقد وقعت من فوق البيت ، وهي بالموت ، قال جعفر : فقلت
والله لا وقفت بعد هذا وقطعت عليه ( 1 )
قب : عن سعيد بن سهل مثل الخبرين ( 2 ) .
58 - كش : محمد بن مسعود قال : قال يوسف بن السخت كان علي بن جعفر
وكيلا لابي الحسن صلوات الله عليهما وكان رجلا من أهل همينيا ( 3 ) قرية
من قرى سواد بغداد فسعي به إلى المتوكل فحبسه فطال حبسه واحتال ( 4 ) من
قبل عبدالرحمن بن خاقان بمال ضمنه عنه ثلاثة ألف دينار ، وكلمه عبيدالله ( 5 )
فعرض حاله على المتوكل فقال : يا عبيدالله لو شككت فيك لقلت إنك رافضي
هذا وكيل فلان وأنا على قتله .
قال : فتأدى الخبر إلى علي بن جعفر فكتب إلى أبي الحسن عليه السلام يا سيدي
الله الله في ، فقد والله خفت أن أرتاب ، فوقع في رقعته أما إذا بلغ بك الامر
ما أرى فسأقصد الله فيك ، وكان هذا في ليلة الجمعة .
فأصبح المتوكل محموما فازدادت عليه حتى صرخ عليه يوم الاثنين فأمر
بتخلية كل محبوس عرض عليه اسمه حتى ذكر هو علي بن جعفر وقال لعبيد الله
لم لم تعرض علي أمره ؟ فقال : لا أعود إلى ذكره أبدا قال : خل سبيله الساعة
وسله أن يجعلني في حل فخلي سبيله ، وصار إلى مكة بأمر أبي الحسن عليه السلام مجاورا
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدرنفسه ص 347 .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 414 و 415 .
( 3 ) همينيا - بضم الهاء وفتح الميم وسكون الياء - قرية كبيرة في ضفة دجلة
فوق النعمانية .
( 4 ) اى قبل الحوالة .
( 5 ) يعنى عبيدالله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل .
[184]
بها وبرأ المتوكل من علته ( 1 ) .
59 - كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد القمي ، عن محمد بن أحمد ، عن
أبي يعقوب يوسف بن السخت ، عن العباس ، عن علي بن جعفرقال : عرضت أمري
على المتوكل فأقبل على عبيدالله بن يحيى بن خاقان فقال : لاتتعبن نفسك بعرض
قصة هذا وأشباهه ، فان عمك أخبرني أنه رافضي وأنه وكيل علي بن محمد وحلف
أن لايخرج من الحبس إلا بعد موته .
فكتبت إلى مولانا أن نفسي قد ضاقت ، وأني أخاف الزيغ فكتب إلى :
أما إذا بلغ الامرمنك ما أرى فسأقصد الله فيك ، فما عادت الجمعة حتى اخرجت
من السجن ( 2 )
60 - كا : محمد بن يحيى عن محمدبن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي
علي بن راشد ، عن صاحب العسكر قال : قلت له : جعلت فداك نؤتى بالشئ فيقال
هذاكان لابي جعفر عندنا فكيف نصنع ؟ فقال : ماكان لابي جعفر عليه السلام بسبب
الامامة فهو لي ، وما كان غير ذلك فهو ميراث على كتاب الله وسنة نبيه ( 3 )
61 - كا : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله
قال : كان عبدالله بن هليل ( 4 ) يقول بعبدالله ( 5 ) فصار إلى العسكر ، فرجع
عن ذلك ، فسألته عن سبب رجوعه ، فقال : إني عرضت لابي الحسن عليه السلام أن أسأله
عن ذلك فوافقني في طريق ضيق ، فمال نحوى حتى إذا حاذاني أقبل نحوي بشئ
من فيه فوقع على صدري فأخذته فاذا هو رق فيه مكتوب : " ما كان هنالك
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 505 .
( 2 ) رجال الكشى ص 506 .
( 3 ) الكافى ج 7 ص 59 .
( 4 ) ضبطه بعضهم بضم الهاء وشد اللام ، ولعله على وزن التصغير .
( 5 ) يعنى بامامة عبدالله الا فطح .
[185]
ولاكذلك " ( 1 )
62 - مشارق الانوار : عن محمد بن داود القمي ومحمد الطلحي قالا : حملنا مالا
من خمس ونذر وهدايا وجواهر اجتمعت في قم وبلادها ، وخرجنا نريد بها سيدنا
أبا الحسن الهادي عليه السلام فجاءنا رسوله في الطريق أن ارجعوا فليس هذاوقت
الوصول فرجعنا إلى قم وأحرزنا ما كان عندنا ، فجاءناأمره بعد أيام ان قد أنفذنا
إليكم إبلا عيرا فاحملوا عليها ماعندكم ، وخلوا سبيلها .
قال : فحملناها وأودعناها الله فلما كان من قابل ، قدمنا عليه فقال : انظروا
إلى ماحملتم إلينا فنظرنا فاذا المنايح ( 2 ) كماهي .
63 - عيوم المعجزات ، عن أبي جعفر بن حرير الطبري ، عن عبدالله بن محمد
البلوي ، عن هاشم بن زيد قال : رأيت علي بن محمد صاحب العسكر وقد اتي بأكمه
فأبرأه ، ورأيته تهيئ من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيطير فقلت له : لا فرق بينك
وبين عيسى عليه السلام فقال : أنا منه وهو مني .
حدثني أبوالتحف المصري يرفع الحديث برجاله إلى محمد بن سنان الرامزي
رفع الله درجته قال : كان أبوالحسن علي بن محمد عليهما السلام حاجاولما كان في انصرافه
إلى المدينة ، وجد رجلا خراسانيا واقفا على حمارله ميت يبكي ويقول : على ماذا
أحمل رحلي ، فاجتاز عليه السلام به فقيل له : هذا الرجل الخراساني ممن يتولاكم أهل
البيت فدنا من الحمار الميت فقال : لم تكن بقرة بني إسرائيل بأكرم على الله تعالى
مني وقد ضرب ببعضها الميت فعاش ثم وكزه برجله اليمنى وقال : قم باذن الله
فتحرك الحمار ثم قام ووضع الخراساني رحله عليه ، وأتى به المدينة ، وكلما
مر عليه السلام أشاروا عليه بأصبعهم ، وقالوا : هذا الذي أحيى حمار الخراساني .
عن الحسن بن إسماعيل شيخ من أهل النهرين قال : خرجت أنا ورجل من
* ( هامش * ) ( 1 ) الكافى ج 1 ص 355
( 2 ) المنابح : جمع المنيحة ، الهدايا والمطايا .
[186]
أهل قريتي إلى أبي الحسن بشئ كان معنا وكان بعض أهل القرية قد حملنا رسالة
ودفع إلينا ماأوصلناه ، وقال : تقرؤنه مني السلام وتسألونه عن بيض الطائر
الفلاني من طيور الاجام ، هل يجوز أكلها أم لا ؟
فسلمنا ماكان معنا إلى جارية ، وأتاه رسول السلطان فنهض ليركب وخرجنا
من عنده ولم نسأله عن شئ فلما صرنا في الشارع لحقنا عليه السلام وقال لرفيقي بالنبطية
أقرئه مني السلام وقل له : بيض الطائر الفلاني لاتأكله فانه من المسوخ .
وروي أن رجلا من أهل المداين كتب إليه يسأله عما بقي من ملك
المتوكل فكتب عليه السلام : بسم الله الرحمن الرحيم قال : " تزرعون سبع سنين دأبا فما
حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون * ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد
يأكلن من قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث
الناس وفيه يعصرون " فقتل في أول الخامس عشر .
64 - جش : جعفر بن محمد المؤدب ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن يحيى
الاودي قال : دخلت مسجد الجامع لا صلي الظهر .
فلما صليته رأيت حرب بن الحسن الطحان ، وجماعة من أصحابنا جلوسا
فملت إليهم فسلمت عليهم وجلست ، وكان فيهم الحسن بن سماعة ( 1 ) فذكروا
أمر الحسن بن علي عليهما السلام وما جرى عليه ثم من بعد زيد بن علي وماجرى عليه
ومعنا رجل غريب لانعرفه فقال : ياقوم عندنا رجل علوي بسر من رأى من أهل
المدينة ما هو إلا ساحر أو كاهن فقال له ابن سماعة : بمن يعرف ؟ قال علي بن
محمد بن الرضا .
فقال له الجماعة : فكيف تبينت ذلك منه ؟ قال : كنا جلوسا معه على
باب داره وهو جارنا بسر من رأى نجلس إليه في كل عشية نتحدث معه ، إذ
* ( هامش ) * ( 1 ) هوأبومحمد الحسن بن محمد بن سماعة الكندى الصير في من شيوخ الواقفة
كثير الحديث فقيه ثقة ، كان يعاند في الوقف ويتعصب قال النجاشى بعد ذكر الحديث فأنكر
الحسن بن سماعة ذلك لعناده .
[187]
مربنا قائد من دار السلطان ، ومعه خلع ومعه جمع كثير من القواد والرجالة
والشاكرية ( 1 ) وغيرهم .
فلما رآه علي بن محمد وثب إليه وسلم عليه وأكرمه فلما أن مضى قال لنا :
هو فرح بما هو فيه وغدا يدفن قبل الصلاة .
فعجبنامن ذلك فقمنا من عنده فقلنا هذا علم الغيب فتعاهدنا ثلاثة إن لم
يكن ما قال أن نقتله ونستريح منه ، فاني في منزلي وقد صليت الفجرإذ سمعت
غلبة فقمت إلى الباب فاذا خلق كثير من الجند وغيرهم ، وهم يقولون مات فلان
القائد البارحة سكر وعبر من موضع إلى موضع فوقع واندقت عنقه فقلت : أشهد
أن لاإله إلا الله وخرجت أحضره وإذا الرجل كان كما قال أبوالحسن ميت
فما برحت حتى دفنته ورجعت ، فتعجبنا جميعا من هذه الحال وذكر الحديث
بطوله ( 2 ) .
65 - ق : أبوالفتح غازي بن محمد الطرائفي ، عن علي بن عبدالله الميموني
عن محمد بن علي بن معمر ، عن علي بن يقطين بن موسى الاهوازي قال : كنت
رجلا أذهب مذاهب المعتزلة ، وكان يبلغني من أمر أبي الحسن علي بن محمد
ما أستهزئ به ولا أقبله ، فدعتني الحال إلى دخولي بسر من رأى للقاء السلطان
فدخلتها ، فلما كان يوم وعد السلطان الناس أن يركبوا إلى الميدان .
فلما كان من غد ركب الناس في غلائل القصب ، بأيديهم المراوح ( 3 ) وركب
أبوالحسن عليه السلام في زي الشتاء وعليه لباد وبرنس ، وعلى سرجه تجفاف طويل
وقد عقد ذنب دابته ، والناس يهزؤن به وهو يقول : " ألا إن موعدهم الصبح أليس
* ( هامش ) * ( 1 ) الشاكرى - بفتح الكاف - معرب جاكر بالفارسية ومعناه الاجير والمستخدم
والجمع شاكرية .
( 2 ) رجال النجاشى ص 32 - الطبعة الحروفية بالمطبعة المصطفوية .
( 3 ) المراوح جمع مروح : آلة يحرك بها المريح ليتبرد به عند اشتداد الحر .
[188]
الصبح بقريب " ( 1 )
فلما توسطوا الصحراء وجازوا بين الحائطين ، ارتفعت سحابة وأرخت
السماء عزاليها ، وخاضت الدواب إلى ركبها في الطين ، ولو ثتهم أذنا بها ، فرجعوا
في أقبح زي ، ورجع أبوالحسن عليه السلام في أحسن زي ، ولم يصبه شئ مما أصابهم
فقلت : إن كان الله عزوجل اطلعه على هذا السر فهو حجة .
ثم إنه لجأ إلى بعض السقايف ، فلما قرب نحى البرنس ، وجعله على
قربوس سرجه ثلاث مرات ( 2 )
ثم التفت إلي وقال : إن كان من حلال فالصلاة
في الثوب حلال ، وإن كان من حرام فالصلاة في الثوب حرام ، فصد قته وقلت بفضله
ولزمته .
بيان : " الغلالة " بالكسر شعار تحت الثوب " والقصب " محركة ثياب ناعمة
من كتان و " التجفاف " بالكسر آلة للحرب يلبسه الفرس والانسان ليقيه في الحرب
والمراد هناما يلقى على السرج وقاية من المطر ، والظاهر أن المراد بالسر ما أضمر
من حكم عرق الجنب كمامر في الاخبار السابقة ، ويحتمل أن يكون المراد به
نزول المطر وسيأتي الخبر بتمامه في كتاب الدعاء إن شاء الله .
* ( هامش ) * ( 1 ) هود : 81 .
( 2 ) كانه يريد بالبرنس قلنسوته فقط ، وكان قدنوى في ضميره أنه عليه السلام ان
أخذ قلنسوة برنسه من رأسه ، وجعله على قربوس سرجه ثلاث مرات ! فهو الحجة ، ثم انه


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 188 سطر 19 الى ص 196 سطر 18

يسأله عن عرق الجنب أيصلى فيه أم لا ؟ وقد مر نظير ذلك فيما مضى ص 174 .
[189]
4 * ( باب ) *
* ( ما جرى بينه وبين خلفاء زمانه وبعض احوالهم ) *
* ( وتاريخ وفاته صلوات الله عليه ) *
1 - عم : ذكر الحسن بن محمد جمهور العمي ( 1 ) في كتاب الواحدة قال :
حدثني أخي الحسين بن محمد قال : كان لي صديق مؤدب لولد بغا أو وصيف الشك
مني فقال لي : قال لي الامير منصرفه من دار الخليفة : حبس أمير المؤمنين هذا الذي
يقولون ابن الرضا اليوم ، ودفعه إلى علي بن كركر ، فسمعته يقول : أنا أكرم
على الله من ناقة صالح " تمتعوا في دار كم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " ( 2 )
وليس يفصح بالاية ولا بالكلام ، أي شئ هذا ؟ قال : قلت أعزك الله توعد
انظر ما يكون بعد ثلاثة أيام .
فلما كان من الغد أطلقه واعتذر إليه فلما كان في اليوم الثالث وثب عليه
ياغز ، ويغلون ، وتامش ، وجماعة معهم فقتلوه وأقعدوا المنتصر ولده خليفة ( 3 )
* ( هامش ) * ( 1 ) هو أبومحمد الحسن بن محمد بن جمهور العمى بصرى ثقة في نفسه ، ينسب
إلى بنى العم من تميم ، روى عن الضعفاء ، ويعتمد على المراسيل ، ذكره أصحابنا بذلك
وقالوا : كان أوثق من أبيه وأصلح
قال النجاشى : له كتاب الواحدة أخبرنا أحمد بن عبدالواحد وغيره عن أبى طالب
الانبارى عن الحسن بالواحدة .
( 2 ) هود : 65 .
( 3 ) اعلام الورى ص 346 .
[190]
قال : وحدثني سعيد بن سهل قال : رفع زيد بن موسى إلى عمر بن الفرج
مرارا يسأله أن يقدمه على ابن أخيه ويقول : إنه حدث ، وأنا عم أبيه فقال عمر
ذلك لابي الحسن عليه السلام فقال : افعل واحدة أقعدني غدا قبله ، ثم انظر فلما كان
من غد أحضر عمر أبا الحسن عليه السلام فجلس في صدر المجلس ثم أذن لزيد بن موسى
فدخل فجلس بين يدي أبي الحسن عليه السلام .
فلما كان يوم الخميس أذن لزيد بن موسى قبله فجلس في صدر المجلس ثم
أذن لابي الحسن عليه السلام فدخل ، فلما رآه زيد قام من مجلسه وأقعده في مجلسه
وجلس بين يديه ( 1 )
2 - قب : أبومحمد الفحام قال : سأل المتوكل ابن الجهم : من أشعر الناس ؟
فذكر شعراء الجاهلية والاسلام ثم إنه سأل أبا الحسن عليه السلام فقال : الحماني ( 2 )
حيث يقول :
لقد فاخرتنا من قريش عصابة * بمط خدود وامتداد أصابع
فلما تنازعنا المقال قضى لنا * عليهم بما يهوي نداء الصوامع
ترانا سكوتا والشهيد بفضلنا * عليهم جهير الصوت في كل جامع
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 347 .
( 2 ) الحمانى - بكسر الحاء وشد الميم نسبة إلى حمان بن عبدالعزى بطن من
تميم من العد نانية - أبوزكريا يحيى بن عبدالحميد بن عبدالرحمان بن ميمون الكوفى
قدم بغداد وحدت بها عن جماعة كثيرة منهم سفيان بن عيينة وأبوبكر بن عياش ووكيع
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد ، وأورد روايات عن يحيى بن معين أنه قال يحيى بن
عبدالحميد الحمانى صدوق ثقة .
مات سنة 288 بسرمن رأى في شهر رمضان وكان أول من مات بسامراء من المحدثين
الذين اقدموا ، له كتاب في المناقب يروى عنه أحمد بن ميثم ، وقال النجاشى : له كتاب
أخبرناه جماعة عن محمد بن على بن الحسين ، عن محمد بن موسى المتوكل ، عن موسى
ابن أبى موسى الكوفى ، عن محمد بن أيوب عنه به .
[191]
فان رسول الله أحمد جدنا * ونحن بنوه كالنجوم الطوالع ( 1 )
قال : وما نداء الصوامع ؟ يا أبا الحسن ! قال : أشهد أن لاإله إلا الله
وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله جدي أم جدك ؟ فضحك المتوكل ، ثم قال :
هوجدك ، لا ندفعك عنه ( 2 )
3 - كش : أحمد بن علي بن كلثوم ، عن إسحاق بن محمد ، عن محمد بن الحسن بن
شمون وغيره قال : خرج أبومحمد عليه السلام في جنازة أبي الحسن عليه السلام وقميصه مشقوق
فكتب إليه أبوعون الابرش قرابة نجاح بن سلمة من رأيت أو بلغك من الائمة شق
ثوبه في مثل هذا ؟ فكتب إليه أبومحمد عليه السلام : يا أحمق وما يدريك ما هذا قد شق
موسى على هارون ( 3 ) .
3 - كش : أحمد بن علي ، عن إسحاق ، عن ابراهيم بن الخضيب الانباري
قال : كتب أبوعون الابرش قرابة نجاح بن سلمة إلى أبي محمد عليه السلام أن الناس قد
استوهنوا ( 4 ) من شقك على أبي الحسن عليه السلام فقال : يا أحمق ما أنت وذاك ؟ قد
شق موسى على هارون عليه السلام إن من الناس من يولد مؤمنا ، ويحيى مؤمنا ويموت
مؤمنا ، ومنهم من يولد كافرا ويحيى كافرا ، ويموت كافرا ، ومنهم من يولد مؤمنا
ويحيى مؤمنا ، ويموت كافرا ، وإنك لاتموت حتى تكفر ، ويتغير عقلك .
فما مات حتى حجبه ولده عن الناس ، وحبسوه في منزله في ذهاب العقل
والوسوسة ، والكثرة التخليط ، ويرد على أهل الامامة وانكشف عما كان عليه ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) ظاهر الاشعار أن قائلها رجل من العلويين ، والحمانى ليس بعلوى فانه من تميم
كماعرفت ، فالصحيح مامر في نسخة أمالى الشيخ الطوسى - قدس سره - ص 129 من
هذا لمجلد ، وفيه : " فلما سأل الامام عليه السلام ، قال : فلان بن فلان العلوى - قال :
ابن الفحام - وأخوه الحمانى ، حيث يقول " الخ .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 406 .
( 3 ) رجال الكشى ص 479 .
( 4 ) في المصدرالمطبوع : قد استوحشوا .
( 5 ) رجال الكشى ص 480 .
[192]
4 - مصبا : روى إبراهيم بن هاشم القمي قال : توفي أبوالحسن علي بن محمد
صاحب العسكر عليه السلام يوم الاثنين لثلاث خلون من رجب سنة أربع وخمسين ومائتين
وقال ابن عياش : في اليوم الثالث من رجب سنة أربع وخمسين ومائتين
كانت وفات سيدنا أبي الحسن علي بن محمد صاحب العسكر عليه السلام وله يومئذ إحدى
وأربعون سنة .
5 - مهج : من نسخة عتيقة حدثني محمد بن محمد بن محسن ، عن أبيه ، عن
محمد بن إبراهيم بن صدقة ، عن سلامة بن محمد الازدي عن أبي جعفر بن عبدالله
العقيلي عن محمد بن بريك الرهاوي ، عن عبدالواحد الموصلى ، عن جعفر بن
عقيل بن عبدالله العقيلي ، عن أبي روح النسائي ، عن أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام
أنه دعا على المتوكل فقال بعد أن حمدالله وأثنى عليه : اللهم إنى وفلانا عبدان
من عبيدك ، إلى آخر الدعاء .
ووجدت هذا الدعاء مذكورا بطريق آخر هذا لفظه ذكر باسناده عن زرافة حاجب
المتوكل ( 1 ) وكان شيعيا أنه قال : كان المتوكل لحظوة الفتح بن خاقان عنده وقربه
منه دون الناس جميعا ودون ولده وأهله ، وأراد أن يبين موضعه عندهم فأمر
جميع مملكته من الاشراف من أهله وغيرهم ، والوزراء والامراء والقواد وسائر
العساكر ووجوه الناس ، أن يزينوا بأحسن التزيين ويظهروا في أفخر عددهم
وذخائرهم ، ويخرجوا مشاة بين يديه وأن لاير كب أحد إلا هو والفتح بن خاقان
خاصة بسر من رأى ومشى الناس بين أيديهما على مراتبهم رجالة وكان يوما
قائظا شديد الحروأخرجوا في جملة الا شراف أبا الحسن علي بن محمد عليه السلام
وشق عليه ما لقيه من الحر والزحمة .
قال زرافة : فأقبلت إليه وقلت له : يا سيدي يعز والله علي ماتلقى من هذه
الطغاة ، وما قد تكلفته من المشقة وأخذت بيده فتوكأ علي وقال : يا زرافة .
* ( هامش ) * ( 1 ) مرنظير ذلك عن الخرائج في ص 147 ، فراجع .
[193]
ما ناقة صالح عندالله بأكرم مني أو قال بأعظم قدرا مني ، ولم أزل اسائله وأستفيد
منه واحادثه إلى أن نزل المتوكل من الركوب ، وأمر الناس بالا نصراف .
فقدمت إليهم دوابهم فركبوا إلى منازلهم وقدمت بغلة له فركبها وركبت
معه إلى داره فنزل ودعته وانصرفت إلى داري ولولدي مؤدب يتشيع من أهل
العلم والفضل ، وكانت لي عادة باحضاره عند الطعام فحضر عند ذلك ، وتجارينا
الحديث وما جرى من ركوب المتوكل والفتح ، ومشي الاشراف وذوي الاقدار
بين أيديهما وذكرت له ما شاهدته من أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام وما سمعته من
قوله : " ما ناقة صالح عندالله بأعظم قدرا مني "
وكان المؤدب يأكل معي فرفع يده ، وقال : بالله إنك سمعت هذا اللفظ
منه ؟ فقلت له : والله إني سمعته يقوله فقال لي : اعلم أن المتوكل لايبقى في مملكته
أكثر من ثلاثة أيام ويهلك فانظر في أمرك واحرزما تريد إحرازه وتأهب لامر ك
كي لا يفجؤكم هلاك هذا الرجل فتهلك أموالكم بحادثة تحدث ، أو سبب
يجري
فقلت له : من أين لك ذلك ؟ فقال لي : أما قرأت القرآن في قصة الناقة
وقوله تعالى " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " ( 1 ) ولا يجوز
أن تبطل قول الامام .
قال زرافة : فوالله ماجاء اليوم الثالث حتى هجم المنتصر ومعه بغاء ووصيف
والاتراك على المتوكل ، فقتلوه وقطعوه ، والفتح بن خاقان جميعا قطعا حتى لم
يعرف أحدهما من الاخر وأزال الله نعمته ومملكته فلقيت الامام أبا الحسن عليه السلام
بعد ذلك وعرفته ماجرى مع المؤدب ، وما قاله ، فقال : صدق إنه لما بلغ مني
الجهد رجعت إلى كنوز نتوارثها من آبائنا هي أعز من الحصون والسلاح والجنن
وهو دعاء المظلوم على الظالم ، فدعوت به عليه فأهلكه الله فقلت : يا سيدي إن
* ( هامش ) * ( 1 ) هود الاية : 65 .
[194]
رأيت أن تعلمنيه فعلمنيه إلى آخرما أوردته في كتاب الدعاء ( 1 )
ق : باسناده عن زرافة مثله .
6 - ع ، ل : ابن المتوكل ، عن علي بن إبراهيم ، عن عبدالله بن أحمد
الموصلي ، عن الصقربن أبي دلف الكرخي قال : لما حمل المتوكل سيدنا أبا
الحسن العسكري عليه السلام جئت أسأل عن خبره ، قال : فنظر إلى الزرافي وكان
حاجبا للمتوكل فأمرأن ادخل إليه فادخلت إليه ، فقال : ياصقر ما شأنك ؟ فقلت :
خير أيها الاستاذ ، فقال : اقعد فأخذني ما تقدم وما تأخر ، وقلت : أخطأت في
المجئ .
قال : فوحى الناس عنه ثم قال لي : ما شأنك وفيم جئت ؟ قلت لخير ما فقال
لعلك تسأل عن خبر مولاك ؟ فقلت له : ومن مولاي ؟ مولاي أمير المؤمنين ، فقال :
اسكت ! مولاك هو الحق فلا تحتشمني فاني على مذهبك ، فقلت : الحمد لله .
قال : أتحب أن تراه ؟ قلت : نعم قال : اجلس حتى يخرج صاحب البريد
من عنده .
قال : فجلست فلما خرج قال لغلام له : خذبيد الصقر وأدخله إلى الحجرة
التي فيها العلوي المحبوس ، وخل بينه وبينه ، قال : فأدخلني إلى الحجرة وأو مأ
إلى بيت فدخلت فاذا هو جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور قال : فسلمت
عليه فرد علي ثم أمرني بالجلوس ثم قال لي : يا صقرما أتى بك ؟ قلت : سيدي
جئت أتعرف خبرك ؟ قال : ثم نظرت إلى القبر فبكيت فنظر إلي فقال : يا صقر
لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء الان ، فقلت : الحمد لله .
ثم قلت : يا سيدي حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وآله لا أعرف معناه ، قال : وما
هو ؟ فقلت : قوله صلى الله عليه وآله " لاتعادوا الايام فتعاديكم " ما معناه ؟ فقال : نعم الايام
نحن ما قامت السماوات والارض ، فالسبت اسم رسول الله صلى الله عليه وآله والاحد كناية
* ( هامش ) * ( 1 ) مهج الدعوات ص 330 - 332 .
[195]
عن أمير المؤمنين عليه السلام ، والاثنين الحسن والحسين ، والثلثا علي بن الحسين ، ومحمد
ابن علي وجعفر بن محمد ، والاربعاء موسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي
وأنا ، والخميس ابني الحسن بن علي ، والجمعة ابن ابني ، وإليه تجمع عصابة الحق
وهو الذي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا .
فهذا معنى الايام ، فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الاخرة ثم قال عليه السلام
ودع واخرج ، فلا آمن عليك ( 1 )
ك : الهمداني عن علي بن إبراهيم مثله ( 2 )
بيان : قوله : " فأخذني ما تقدم وما تأخر " أي صرت متفكرا فيما تقدم من
الامور ، وما تأخر منها ، فاهتممت لهاجميعا والحاصل أني تفكرت فيما يترتب
على مجيئي من المفاسد ، فندمت على المجئ .
ويحتمل أن يكون " فأخذبي " بالباء أي سأل عني سئوالات كثيرة عما
نقدم وعما تأخر فظننت أنه تفطن بسبب مجيئي فندمت " فوحى الناس " أي أشار
إليهم أن يبعدوا عنه ، ويمكن أن يقرء الناس بالرفع أي أسرع الناس في الذهاب
فان الوحي يكون بمعنى الاشارة ، وبمعني الاسراع ، ويمكن أن يقرء على بناء
التفعيل أي عجل الناس في الانصراف عنه و " صاحب البريد " الرسول المستعجل
إذ البريد يطلق على الرسول وعلى بغلته .
7 - يج : روى أبوسليمان عن ابن أورمة قال : خرجت أيام المتوكل
إلى سرمن رأى فدخلت على سعيد الحاجب ودفع المتوكل أبا الحسن إليه
ليقتله ، فلما دخلت عليه قال : أتحب أن تنظر إلى إلهك ؟ قلت : سبحان الله الذي
لا تدركه الابصار ، قال : هذا الذي تزعمون أنه إمامكم ! قلت : ما أكره ذلك
قال : قد امرت بقتله وأنا فاعله غدا ، وعنده صاحب البريد ، فاذا خرج فادخل
* ( هامش ) * ( 1 ) ورواه في معانى الاخبار ص 123 وهكذا رواه الطبرسى في اعلام الورى
ص 411 .
( 2 ) كمال الدين ج 2 ص 54 .
[196]
إليه ولم ألبث أن خرج ، قال : ادخل .
فدخلت الدار التي كان فيها محبوسا فاذا بحياله قبر يحفر ، فدخلت وسلمت
وبكيت بكاءا شديدا فقال : ما يبكيك ؟ قلت : لما أرى ، قال : لاتبك لذلك ، لايتم
لهم ذلك ، فسكن ماكان بي فقال : إنه لا يلبث أكثر من يومين ، حتى يسفك الله
دمه ودم صاحبه الذي رأيته ، قال : فوالله ما مضى غير يومين حتى قتل .
فقلت لابي الحسن عليه السلام : حديث رسول الله صلى الله عليه واله " لا نعادوا الايام فتعاديكم
قال : نعم إن لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله تأويلا .
أما السبت فرسول الله صلى الله عليه وآله والاحد أميرالمؤمنين عليه السلام ، والاثنين الحسن
والحسين عليهما السلام والثلثا علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد ، والا ربعاء
موسى بن جعفر وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وأنا علي بن محمد ، والخميس ابني
الحسن ، والجمعة القائم منا أهل البيت ( 1 )
8 - يج : روى أبوسعيد سهل بن زياد قال : حدثنا أبوالعباس فضل بن أحمد بن
إسرائيل الكاتب ونحن في داره بسامره فجرى ذكر أبي الحسن فقال : يا أبا سعيد
إني احدثك بشئ حدثني به أبي قال : كنا مع المعتز وكان أبي كاتبه فدخلنا
الدار ، وإذا المتوكل على سريره قاعد ، فسلم المعتز ووقف ووقفت خلفه ، و
كان عهدي به إذا دخل رحب به ويأمر بالقعود فأطال القيام ، وجعل يرفع رجلا
ويضع اخرى وهو لايأذن له بالقعود .
ونظرت إلى وجهه يتغير ساعة بعد ساعة ويقبل عليه الفتح بن خاقان ويقول :


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 196 سطر 19 الى ص 204 سطر 18

هذا الذي تقول فيه ما تقول ، ويردد القول ، والفتح مقبل عليه يسكنه ، يقول :
مكذوب عليه يا أمير المؤمنين وهو يتلظى ويقول : والله لا قتلن هذا المرائي الزنديق
وهو يدعي الكذب ، ويطعن في دولتي ثم قال : جئني بأربعة من الخزر فجئ بهم
ودفع إليهم أربعة أسياف ، وأمرهم أن يرطنوا بألسنتهم إذا دخل أبوالحسن ويقبلوا
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج ص 212 .
[197]
عليه بأسيافهم فيخبطوه ، وهو يقول : والله حرقنه بعد القتل ، وأنا منتصب قائم
خلف المعتز من وراء الستر .
فما علمت إلا بأبي الحسن قد دخل ، وقد بادر الناس قدامه ، وقالوا : قدجاء
والتفت فاذا أنا به وشفتاه يتحر كان ، وهو غير مكروب ولا جازع ، فلما بصر به
المتوكل رمى بنفسه عن السرير إليه ، وهو سبقه وانكب عليه فقبل بين عينيه
ويده ، وسيفه بيده وهو يقول : ياسيدي يا ابن رسول الله يا خير خلق الله يا ابن
عمي يا مولاي يا أبا الحسن ! وأبوالحسن عليه السلام يقول : اعيذك يا أميرالمؤمنين
بالله [ اعفني ] ( 1 ) من هذا ، فقال : ما جآء بك يا سيدي في هذا الوقت قال : جاءني
رسو لك فقال : المتوكل يدعوك ؟ فقال : كذب ابن الفاعلة ارجع يا سيدي من
حيث شئت يا فتح ! يا عبيدالله ! يا معتز شيعوا سيدكم وسيدي .
فلما بصربه الخزر خروا سجدا مذعنين فلما خرج دعاهم المتوكل ثم
أمر الترجمان أن يخبره بمايقولون ، ثم قال لهم : لم لم تفعلوا ما امرتم ؟ قالوا :
شدة هيبته رأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن نتأملهم ، فمنعنا ذلك عما
أمرت به ، وامتلات قلوبنا من ذلك ، فقال المتوكل : يا فتح هذا صاحبك ، وضحك
في وجه الفتح وضحك الفتح في وجهه ، فقال : الحمد لله الذي بيض وجهه ، وأنار
حجته ( 2 )
9 - شا : كان مولد أبي الحسن الثالث عليه السلام بصريا من مدينة الرسول صلى الله عليه وآله
للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشر ومائتين وتوفي بسر من رأى في رجب من
سنة أربع وخمسين ومائتين ، وله يومئذ إحدى وأربعون سنة .
وكان المتوكل قد أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سر من
رأى ، فأقام بها حتى مضى لسبيله وكان مدة إمامته ثلاثا وثلاثين سنة ، وامه ام
* ( هامش ) * ( 1 ) الزيادة من المصدر .
( 2 ) مختار الخرائج ص 212 و 213 .
[198]
ولد يقال لها سمانة ( 1 ) .
10 - عم ، ( 2 ) شا : ابن قولويه عن الكليني ( 3 ) عن علي بن محمد ، عن إبراهيم
ابن محمد الطاهري قال : مرض المتوكل من خراج ( 4 ) خرج به ، فأشرف منه
على التلف ، فلم يجسر أحد أن يمسه بحديدة ، فنذرت امه إن عوفي أن يحمل
إلى أبي الحسن على بن محمد عليه السلام ملا جليلا من مالها .
وقال له الفتح بن خاقان ( 5 ) : لو بعثت إلى هذا الرجل يعني أبا الحسن
فسألته فانه ربما كان عنده صفة شئ يفرج الله به عنك ، قال : ابعثوا إليه فمضى
الرسول ورجع ، فقال : خذوا كسب الغنم ( 6 ) فديفوه بمآء ورد ، وضعوه على
الخراج فانه نافع باذن الله .
فجعل من بحضرة المتوكل يهزء من قوله ، فقال لهم الفتح : وما يضر من
تجربة ماقال ، فوالله إني لا رجو الصلاح به فاحضر الكسب ، وديف بماء الورد
ووضع على الخراج ، فانفتح وخرج ماكان فيه ، وبشرت ام المتوكل بعافيته
فحملت إلى أبي الحسن عليه السلام عشرة آلاف دينار تحت ختمها فاستقل المتوكل
من علته .
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشادص 307
( 2 ) اعلام الورى ص 344 ورواه ابن شهر آشوب ملخصا في ج 4 ص 415 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 499 .
( 4 ) الخراج - كغراب - القروح والدما ميل العظيمة
( 5 ) قال المسعودى : كان الفتح بن خاقان التركى مولى المتوكل اغلب الناس
عليه ، وأكثرهم تقدما عنده ، ولم يكن الفتح مع هذه المنزلة ممن يرحى خيره ، أو يخاف
شره ، وكان له نصيب من العلم ، منزلة من الادب وألف كتابا في أنواع من الاداب و
ترجمه بكتاب البستان .
( 6 ) في المصباح : الكسب - وزان قفل : ثفل الدهن ، وهو معرب وأصله الكشب
بالشين المعجمة .
[199]
فلما كان بعد أيام سعى البطحائي ( 1 ) بأبي الحسن عليه السلام إلى المتوكل
فقال : عنده سلاح وأموال ، فتقدم المتوكل إلى سعيد الحاجب أن يهجم ليلا
عليه ، ويأخذ ما يجد عنده من الاموال والسلاح ، ويحمل إليه
فقال إبراهيم بن محمد : قال لي سعيد الحاجب : صرت إلى دار أبي الحسن عليه السلام
بالليل ، ومعى سلم ، فصعدت منه إلى السطح ، ونزلت من الدرجة إلى بعضها في
الظلمة ، فلم أدر كيف أصل إلى الدار فناداني أبوالحسن عليه السلام من الدار : ياسعيد
مكانك حتى يأتوك بشمعة فلم ألبث أن أتوني بشمعة فنزلت فوجدت عليه جبة
من صوف وقلنسوة منها وسجادته على حصير بين يديه وهو مقبل على القبلة فقال
لي : دونك بالبيوت .
فدخلتها وفتشتها فلم أجد فيها شيئا ، ووجدت البدرة مختومة بخاتم ام
المتوكل وكيسا مختوما معها ، فقال أبوالحسن عليه السلام : دونك المصلى فرفعت
فوجدت سيفا في جفن غير ملبوس ، فأخذت ذلك وصرت إليه
فلما نظر إلى خاتم امه على البدرة بعث إليها ، فخرجت إليه ، فسألهاعن
البدرة ، فأخبرني بعض خدم الخاصة أنها قالت له : كنت نذرت في علتك إن
عوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها إليه وهذا خاتمك على
الكيس ما حركها .
* ( هامش ) * ( 1 ) هو أبوعبدالله محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن أميرالمؤمنين
عليهما السلام . وهو وأبوه وجده كانوا مظاهرين لبنى العباس على سائر أولاد أبى طالب .
قال في عمدة الطالب : كان الحسن بن زيد أمير المدينة من قبل المنصور الدوا نيقى
وكان مظاهرا لبنى العباس على بنى عمه الحسن المثنى ، وهو أول من لبس السواد من
العلويين .
وقال في القاسم بن الحسن : أنه كان زاهدا عابدا ورعا ، الا أنه كان مظاهرا
لبنى العباس على بنى عمه الحسن ، وقال في محمد بن القاسم : أنه يلقب بالبطحانى - منسوبا
إلى بطحاء - أو إلى البطحان - واد بالمدينة ، قال العمرى : وأحسب أنهم نسبوه إلى أحد
هذين الموضعين لادمانه الجلوس فيه وكان محمد البطحانى فقيها .
[200]
وفتح الكيس الاخر وكان فيه أربع مائة دينار ، فأمر أن يضم إلى البدرة
بدرة اخرى وقال لي : احمل ذلك إلى أبي الحسن واردد عليه السيف والكيس بما
فيه ، فحملت ذلك إليه واستحييت منه ، وقلت : ياسيدي عز علي بدخول دارك
بغير إذنك ، ولكني مأموربه ، فقال لي " سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " ( 1 )
يج : عن إبراهيم بن محمد مثله .
دعوات الراوندى : مرسلا مثله .
بيان : قوله " كسب الغنم " الكسب بالضم عصارة الدهن ، ولعل المراد
هنا ما يشبهها مما يتلبد من السرقين تحت أرجل الشاة " والدوف " الخلط والبل
بماء ونحوه ، قوله " واستقل " في ربيع الشيعة استبل أي حسنت حاله بعد الهزال
قوله : عز علي أي اشتد على .
11 - شا : كان سبب شخوص أبي الحسن عليه السلام من المدينة إلى سر من رأى
أن عبدالله بن محمد كان يتولى الحرب والصلاة في مدينة الرسول صلى الله عليه وآله فسعى بأبي
الحسن إلى المتوكل ، وكان يقصده بالاذى ، وبلغ أبا الحسن عليه السلام سعايته به
فكتب إلى المتوكل يذكر تحامل عبدالله بن محمد عليه وكذبه فيما سعى به ، فتقدم
المتوكل بإ جابته عن كتابه ودعائه فيه إلى حضور العسكر على جميل من الفعل
والقول فخرجت نسخة الكتاب وهي :
" بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد ، فان أمير المؤمنين عارف بقدرك راع
لقرابتك ، موجب لحقك ، مؤثر من الامور فيك وفي أهل بيتك ، ما يصلح الله به
حالك وحالهم ، يثبت به [ من ] عزك وعزهم ويدخل الامن عليك وعليهم
يبتغي بذلك رضا ربه ، وأداء ما فرض عليه فيك وفيهم .
فقد رأى أمير المؤمنين صرف عبدالله بن محمد عما كان يتولى من الحرب و
الصلاة بمدينة الرسول ، اذ كان على ماذكرت من جهالته بحقك ، واستخفافه
بقدرك ، وعند ماقرفك به ونسبك إليه من الامر الذي قد علم أمير المؤمنين براءتك
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 309 و 310 .
[201]
منه وصدق نيتك في برك وقولك ( 1 ) وأنك لم تؤهل نفسك لما قرفت بطلبه .
وقد ولى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل ، وأمره
بإكرامك وتبجيلك ، والانتهاء إلى أمرك ورأيك ، والتقرب إلى الله وإلى أمير
المؤمنين بذلك ، وأمير المؤمنين مشتاق إليك ، يحب إحداث العهد بك ، والنظر
إلى وجهك .
فان نشطت لزيارته والمقام قبله ، ما أحببت ، شخصت ومن اخترت من
أهل بيتك ومواليك وحشمك على مهلة وطمأنينة ، ترحل إذا شئت ، وتنزل إذا شئت
وتسير كيف شئت ، فان أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين و
من معه من الجند يرحلون برحيلك ، يسيرون بمسيرك ، فالامر في ذلك إليك ، و
قد تقدمنا إليه بطاعتك .
فاستخر الله حتى توافي أمير المؤمنين فما أحد من إخوته وولده وأهل بيته
وخاصته ألطف منه منزلة ولا أحمد له أثرة ولا هو لهم أنظر ، وعليهم أشفق ، وبهم
أبر ، وإليهم أسكن منه إليك ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته .
وكتب إبراهيم بن العباس ( 2 ) في جمادى الاخرى سنة ثلاث وأربعين
ومائتين .
فلما وصل الكتاب إلى أبي الحسن عليه السلام تجهز للرحيل ( 3 ) وخرج معه
* ( هامش ) * ( 1 ) في الكافى : " في ترك محاولته " .
( 2 ) رواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 501 ، وهنا ينتهى لفظه ، والسند فيه هكذا :
محمد بن يحيى ، عن بعض أصحابنا ، قال : أخذت نسخة كتاب المتوكل إلى أبى الحسن
الثالث " ع " من يحيى بن هرثمة في سنة ثلاث وأربعين ومائتين ، وهذه نسخته ! الخ
( 3 ) قال سبط ابن الجوزى في التذكرة ص 202 : قال علماء السير : وانما اشخصه
المتوكل من مدينة رسول الله إلى بغداد ، لان المتوكل كان يبغض عليا ودريته ، فبلغه مقام
على بالمدينة ، وميل الناس اليه ، فخاف منه ، فدعا يحيى بن هرثمة وقال : اذهب إلى
المدينة وانظرفى حاله وأشخصه الينا .
[202]
يحيى بن هرثمة حتى وصل سرمن رأى ، فلما وصل إليها تقدم المتوكل بأن
يحجب عنه في يومه ، فنزل في خان يقال له خان الصعاليك ، وأفام به يومه ، ثم
تقدم المتوكل بافراد دارله ، فانتقل إليها ( 1 ) .
أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد
عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن محمد بن يحيى ، عن صالح بن
سعيد قال : دخلت على أبي الحسن عليه السلام يوم وروده فقلت له : جعلت فداك في كل
الامور أرادوا إطفاء نورك ، والتقصير بك ، حتى أنزلوك هذا المكان الاشنع
* ( هامش ) * قال يحيى : فذهبت إلى المدينة ، فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما ماسمع
الناس بمثله خوفا على على - عليه السلام - وقامت الدنيا عليه ساق ، لانه كان محسنا اليهم
ملازما للمسجد ، لم يكن عنده ميل إلى الدنيا .
قال يحيى : فجعلت أسكنهم وأحلف لهم : أنى لم أؤمر فيه بمكروه ، وأنه لابأس
عليه ثم فتشت منزله ، فلم اجد فيه الامصاحف وادعية وكتب العلم ، فعظم في عينى وتوليت .
خدمته بنفسى ، وأحسنت عشرته .
فلما قدمت به بغداد بدأت باسحاق بن ابراهيم الطاهرى - وكان واليا على بغداد -
فقال لى : يا يحيى ! ان هذا لرجل قدولده رسول الله ، والمتوكل من تعلم ، فان حرضته
عليه قتله . وكان رسول الله خصمك يوم القيامة ، فقلت له : والله ما وقفت منه الاعلى كل
أمر جميل
ثم صرت به إلى سرمن رأى فبدأت بوصيف التركى فأخبرته بوصوله ، فقال : والله
لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها الاسواك ، فتعجبت كيف وافق قوله قول اسحاق .
فلما دخلت على المتوكل سألنى عنه فأخبرته بحسن سيرته وسلامة طريقه وورعه و
زهادته وانى فنشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف وكتب العلم ، وان أهل المدينة
خافوا عليه .
فأكرمه المتوكل ، وأحسن جائزته ، وأجزل بره ، وأنزله معه سرمن رأى
( 1 ) تراه في اعلام الورى ص 347 و 348 ، فراجع .
[203]
خان الصعاليك .
فقال : ههنا أنت يا ابن سعيد ؟ ثم أومأ بيده فاذا أنا بروضات أنيقات ، وأنهار
جاريات وجنات فيها خيرات عطرات ، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون ، فحار
بصري ، وكثر عجبي فقال عليه السلام لي : حيث كنا فهذا لنايا ابن سعيد ، لسنا في خان
الصعاليك .
وأقام أبوالحسن عليه السلام مدة مقامه بسر من رأى مكرما في ظاهر حاله
يجتهد المتوكل في إيقاع حيلة به ، فلا يتمكن من ذلك ، وله معه أحاديث يطول
بذكرها الكتاب ، فيها آيات له وبينات ، إن عمدنا لايراد ذلك خرجنا عن الغرض
فيما نحوناه .
وتوفي أبوالحسن عليه السلام في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ، ودفن في
داره بسر من رأى ، وخلف من الولد أبا محمد الحسن ابنه وهو الامام بعده والحسين
ومحمد وجعفر ، وابنته عائشة ، وكان مقامه في سرمن رأى إلى أن قبض عشر سنين
وأشهرا وتوفي وسنه يومئذ على ما قدمناه إحدى وأربعين سنة ( 1 )
12 - قب : أبومحمد الفحام بالاسناد عن سلمة الكاتب قال : قال خطيب
يلقب بالهريسة للمتوكل : ما يعمل أحدبك ما تعمله بنفسك في علي بن محمد ، فلا
في الدارإلا من يخدمه ، ولا يتعبونه يشيل الستر لنفسه ، فأمر المتوكل بذلك فرفع
صاحب الخبر أن علي بن محمد دخل الدار ، فلم يخدم ولم يشل أحد بين يديه الستر
فهب هواء فرفع الستر حتى دخل وخرج ، فقال : شيلوا له الستر بعد ذلك فلا
نريد أن يشيل له الهواء ( 2 )
وفي تخريج أبي سعيد العامري رواية عن صالح بن الحكم بياع السابري
قال : كنت واقفيا فلما أخبرني حاجب المتوكل بذلك أقبلت أستهزئ به إذ
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 313 و 314 .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 406
[204]
خرج أبوالحسن فتبسم في وجهي من غير معرفة بيني وبينه ، وقال : يا صالح إن
الله تعالى قال في سليمان " وسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب " و
نبيك وأوصياء نبيك أكرم على الله تعالى من سليمان ، قال : وكأنما انسل من
قلبي الضلالة ، فتركت الوقف .
الحسين بن محمد قال : لما حبس المتوكل أبا الحسن عليه السلام ودفعه إلى علي
ابن كركر قال أبوالحسن : أنا أكرم على الله من ناقة صالح " تمتعوا في داركم
ثلثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " ( 1 ) فلما كان من الغد أطلقه واعتذر إليه فلما
كان في اليوم الثالث وثب عليه ياغز وتامش ومعطون ، فقتلوه وأقعدوا المنتصر ولده
خليفة .
وفي رواية أبي سالم أن المتوكل أمر الفتح بسبه فذكر الفتح له ذلك فقال :
قل " تمتعوا في دار كم ثلاثة أيام " الاية وأنهى ذلك إلى المتوكل ، فقال : أقتله
بعد ثلاثة أيام ، فلما كان اليوم الثالث قتل المتوكل والفتح ( 3 ) .
13 - قب : أبوالهلقام وعبدالله بن جعفر الحميري والصقر الجبلي وأبوشعيب
الحناط وعلي بن مهزيار قالوا كانت زينب الكذابة تزعم أنها ابنة علي بن أبي
طالب عليه السلام فأحضرها المتوكل وقال : اذكري نسبك ، فقالت : أنا زينب ابنة
علي عليه السلام وأنها كانت حملت إلى الشام ، فوقعت إلى بادية من بني كلب فأقامت
بين ظهر انيهم .
فقال لها المتوكل : إن زينب بنت علي قديمة ، وأنت شابة ؟ فقالت : لحقتني


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 204 سطر 19 الى ص 212 سطر 18

دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله بأن يرد شبابي في كل خمسين سنة ، فدعا المتوكل وجوه
آل أبي طالب ، فقال : كيف يعلم كذبها ؟ فقال الفتح : لا يخبرك بهذا إلا ابن الرضا
عليه السلام فأمر باحضاره وسأله فقال عليه السلام : إن في ولد علي عليه السلام علامة ، قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) هود : 65 .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 407 .
[205]
وماهي ؟ قال : لاتعرض لهم السباع ، فألقها إلى السباع ، فان لم تعرض لها فهى
صادقة ، فقالت : يا أمير المؤمنين الله الله في فانما أراد قتلي ، وركبت الحمارو جعلت
تنادي : ألا إنني زينب الكذابة .
وفي رواية أنه عرض عليها ذلك فامتنعت فطر حت للسباع فأكلتا .
قال علي بن مهزيار فقال علي بن الجهم : جرب هذا على قائله فاجيعت
السباع ثلاثة أيام ثم دعا بالامام عليه السلام وأخرجت السباع فلما رأته لاذت و
تبصبصت بآذانها ، فلم يلتفت الامام عليه السلام إليها ، وصعد السقف وجلس عند المتوكل
ثم نزل من عنده ، والسباع تلوذبه ، وتبصبص حتى خرج عليه السلام وقال : قال النبى
صلى الله عليه وآله : حرم لحوم أو لادي على السباع ( 1 ) .
14 - قب : قال أبوجنيد : أمرني أبوالحسن العسكري بقتل فارس بن حاتم
القزويني فناولني دارهم وقال : اشتربها سلاحا واعرضه علي فذهبت فاشتريت
سيفا فعرضته عليه ، فقال : رد هذا وخذ غيره ، قال : ورددته وأخذت مكانه ساطورا
فعرضته عليه ، فقال : هذانعم ، فجئت إلى فارس ، وقد خرج من المسجد بين الصلاتين
المغرب والعشاء الاخرة فضربته على رأسه فسقط ميتا ورميت الساطور ، واجتمع
الناس واخذت إذ لم يوجد هناك أحد غيري فلم يروا معي سلاحا ولا سكينا ولاأثر
الساطور ، ولم يروا بعد ذلك فخليت ( 2 )
15 - كا : مضى عليه السلام لاربع بقين من جمادى الاخرة سنة أربع وخمسين و
مائتين وله إحدى وأربعون سنة ، وستة أشهر أو أربعون سنة ، على المولد الاخر
الذي روي ، وكان المتوكل أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سر
من رأى فتوفي بها عليه السلام ودفن في داره ( 3 ) .
16 - ضه : توفي عليه السلام بسر من رأى لثلاث ليال خلون نصف النهار من
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 416 .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 417 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 497 .
[206]
رجب ، سنة أربع وخمسين ومائتين ، وله يومئذ إحدى وأربعون سنة وسبعة أشهر
وكانت مدة إمامته ثلاثا وثلاثين سنة ، وكانت مده مقامه بسرمن رأى إلى أن
قبض عليه السلام عشرين سنة وأشهرا .
17 - الدروس : امه سمانة ، ولد بالمدينة منتصف ذي الحجة سنة اثنتي عشرة
ومائتين وقبض بسرمن رأى في يوم الاثنين ثالث رجب سنة أربع وخمسين ومائتين
ودفن في داره بها
18 - قب : في آخر ملك المعتمد استشهد مسموما وقال ابن بابويه : وسمه
المعتمد ( 1 ) .
19 - قل : في أدعية شهر رمضان : وضاعف العذاب على من شرك في دمه و
هوالمتوكل .
20 - كشف : قال الحافظ عبدالعزيز : قال علي بن يحيى بن أبي منصور : كنت
[ يوما ] بين يدي المتوكل ، ودخل علي بن محمد بن علي بن موسى عليهم السلام فلما جلس
قال له المتوكل : ما يقول ولد أبيك في العباس بن عبدالمطلب ؟ قال : مايقول ولد
أبي يا أمير المؤمنين في رجل فرض الله تعالى طاعة نبيه على جميع خلقه ، وفرض
طاعته على نبيه صلى الله عليه وآله ( 2 ) .
21 - عم : قبض عليه السلام بسر من رأى في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين و
له يومئذ إحدى وأربعون سنة وأشهر ، وكان المتوكل قد أشخصه مع يحيى بن
هرثمة بن أعين من المدينة إلى سرمن رأى فأقام بها حتى مضى لسيبله وكانت
مدة إمامته ثلاثا وثلاثين سنة ، وكان في أيام إمامته بقية ملك المعتصم ، ثم ملك
الواثق خمس سنين وسبعة أشهر ، ثم ملك المتوكل أربع عشرة سنة ، ثم ملك ابنه
المنتصر أشهرا ، ثم ملك المستعين وهو أحمد بن محمد بن المعتصم سنتين وتسعة أشهر
ثم ملك المعتز وهو الزبير بن المتوكل ثماني سنين وستة أشهر ، وفي آخر ملكه
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 401
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 232 .
[207]
اشتشهد ولي الله علي بن محمد عليهما السلام ، ودفن في داره بسر من رأى ، وكان مقامه عليه السلام
بسرمن رأى إلى أن توفي عشرين سنة وأشهرا ( 1 ) .
22 - مروج الذهب للمسعودي : كانت وفاة أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام
في خلافة المعتز بالله ، وذلك يوم الاثنين لاربع بقين من جمادى الاخرة ، سنة
أربع وخمسين ومائتين وهو ابن أربعين سنة ، وقيل ابن اثنتين وأربعين سنة ، و
قيل أقل من ذلك ، وسمعت في جنازته جارية سوداء وهي تقول : ماذا لقينا من يوم
الاثنين ، وصلى عليه أحمد ابن المتوكل على الله في شارع أبي أحمد ، ودفن هناك
في داره بسامراء ( 2 ) .
وحدثنا ابن أبي الازهر ، عن القاسم بن أبي عباد ، عن يحيى بن هرثمة قال : وجهني المتوكل إلى المدينة لاشخاص علي بن محمد بن علي بن موسى عليه السلام لشئ
بلغه عنه ، فلما صرت إليها ضج أهلها وعجوا ضجيجا وعجيجا ماسمعت مثله فجعلت
اسكنهم وأحلف أني لم اؤمر فيه بمكروه ، وفتشت منزله ، فلم اصب فيه إلا
مصاحف ودعاء وما أشبه ذلك ، فأشخصته وتوليت خدمته ، وأحسنت عشرته .
فبينا أنافي يوم من الايام والسماء صاحية والشمس طالعة ، إذا ركب وعليه
ممطر قد عقد ذنب دابته فتعجبت من فعله ، فلم يكن من ذلك إلا هنيئة حتى جاءت
سحابة فأرخت عزاليها ، ونالنا من المطر أمر عظيم جدا فالتفت إلي فقال : أنا أعلم
أنك أنكرت ما رأيت ، وتوهمت أني أعلم من الامر مالم تعلم ، وليس ذلك كما
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 339 .
( 2 ) سامرا بلدة شرقى دجلة من ساحلها ، وقد يقال سامرة ، واصلها لغة اعجمية
ونظيرها " تامرا " اسم طسوج من سواد بغداد واسم لاعالى نهر ديالى ، نهر واسع كان يحمل
السفن في أيام المدود ، وهذا وزن ليس في أوزان العرب له مثال .
لكنه قد لعبت بها يد أدباء العرب ، وصرفوها ، فقالوا : سرمن رأى : إلى سرور لمن
رأى : وسرمن رأى ، على انه فعل ماض وسرمن راى ، على انه مصدر مجرد ، وقيل :
أصله : ساء من رأى .
[208]
ظننت ولكني نشأت بالبادية ، فأنا أعرف الرياح التي تكون في عقبها المطرفتأ هبت
لذلك .
فلما قدمت إلى مدينة السلام بدأت باسحاق بن إبراهيم الطاهري وكان
على بغداد ، فقال : يا يحيى إن هذا الرجل قدولده رسول الله صلى الله عليه وآله والمتوكل
من تعلم ، وإن حرضته عليه قتله ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله خصمك ، فقلت : والله
ما وقفت منه إلا على أمر جميل .
فصرت إلى سامراء فبدأت بوصيف التركي وكنت من أصحابه ، فقال لي :
والله لئن سقط من رأس هذا الرجل شعرة لا يكون الطالب بها غيري ، فتعجبت
من قولهما وعرفت المتوكل ما وقفت عليه من أمره ، وسمعته من الثناء فأحسن
جائزته ، وأظهر بره وتكرمته .
وحدثني محمد بن الفرج عن أبي دعامة ، قال : أتيت علي بن محمد عليه السلام عائدا
في علته التي كانت وفاته بها ، فلما هممت بالانصراف قال لي : يا أبادعامة قد وجب
علي بن حقك ألا احدثك بحديث تسر به ؟ قال : فقلت له : ما أحوجني إلى ذلك
يا ابن رسول الله
قال : حدثني أبي محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن موسى قال : حدثني
أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن
على قال : حدثني أبي علي بن الحسين قال : حدثني أبي الحسين بن علي قال :
حدثني أبي علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : ياعلي اكتب
فقلت : ما أكتب ؟ فقال : كتب بسم الله الرحمن الرحيم الايمان ما وقر في القلوب
وصد فنه الاعمال ، والاسلام ماجرى على اللسان ، وحلت به المناكحة .
قال أبودعامة : فقلت : يا ابن رسول الله والله ما أدري أيهما أحسن ؟ الحديث
أم الاسناد ؟ فقال : إنها لصحيفة بخط علي بن أبي طالب عليه السلام وإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله
نتوارثهما صاغر عن كابر .
[209]
قال المسعودي : وقد ذكرنا خبر علي بن محمد مع زينب الكذابة بحضرة
المتوكل ونزوله إلى بركة السباع ، وتذللها له ، ورجوع زينب عما ادعته من
أنها ابنة للحسين ، وأن الله أطال عمرها إلى ذلك الوقت : في كتابا أخبار الزمان
وقيل : إنه عليه السلام مات مسموما .
23 - عيون المعجزات : روي أن بريحة العباسي كتب إلى المتوكل :
إن كان لك في الحرمين حاجة فأخرج علي بن محمد منها فانه قد دعا الناس إلى نفسه
واتبعه خلق كثير ، ثم كتب إليه بهذا المعنى زوجة ( 1 ) المتوكل فنفذ يحيى بن
هرثمة وكتب معه إلى أبي الحسن عليه السلام كتابا جيدا يعرفه أنه قداشتاق إليه و
سأله القدوم عليه وأمر يحيى بالمسير إليه وكتب إلى بريحة يعرفه ذلك .
فقدم يحيى المدينة ، وبدأ ببريحة ، وأصل الكتاب إليه ثم ركبا جميعا إلى
أبي الحسن عليه السلام وأوصلا إليه كتاب المتوكل فاستأجلها ثلاثة أيام ، فلما كان بعد
ثلاثة عادا إلى داره فوجدا الدواب مسرجة والاثقال مشدودة ، قد فرغ منها
فخرج صلوات الله عليه متوجها إلى العراق ومعه يحيى بن هرثمة .
وروي أنه لما كان في يوم الفطر في السنة التي قتل فيها المتوكل أمر المتوكل
بني هاشم بالنرجل والمشي بين يديه ، وإنما أراد بذلك أن يترجل أبوالحسن
عليه السلام .
فترجل بنوهاشم وترجل أبوالحسن عليه السلام واتكأ على رجل من مواليد
فأقبل عليه الها شميون وقالوا : يا سيدنا ما في هذاالعالم أحد يستجاب دعاؤه ويكفينا
الله ، به تعزز هذا ، قال لهم أبوالحسن عليه السلام : في هذا العالم من قلامة ظفره أكرم
على الله من ناقة ثمود لماعقرت الناقة صالح الفصيل إلى الله تعالى فقال الله سبحانه :
" تمتعوا في دار كم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " ( 2 ) فقتل المتوكل يوم
الثالث .
* ( هامش ) * ( 1 ) فوجه خ ل .
( 2 ) هود : 65 .
[210]
وروي أن المتوكل قتل في الرابع من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين ( 1 ) في سبع وعشرين سنة من إمامة أبي الحسن عليه السلام وبويع لابنه محمد بن جعفر المنتصر
وملك سبعة أشهر ومات ، وبويع لاحمد المستعين بن المعتصم وكان ملكه أربع
سنين ثم خلع وبويع للمعتز بن المتوكل ، وروي أن اسمه الزبير في سنة اثنتين
وخمسين ومائتين وذلك في اثنتين وثلاثين سنة من إمامة أبي الحسن عليه السلام في سنة
أربع وخمسين ومائتين وأحضر ابنه أبا محمد الحسن عليه السلام وأعطاه النور والحكمة
ومواريث الانبياء والسلاح ، ونص عليه وأوصى إليه بمشهد ثقات من أصحابه
ومضى عليه السلام وله أربعون سنة ودفن بسر من رأى .
* ( هامش ) * ( 1 ) قال ابن جوزى في التلقيح : قتل المتوكل ليلة الاربعاء ، لاربع خلون ، من
شوال سنة تسع وأربعين ومائتين ، وولى بعده المنتصر ابنه وكان خلافته ستة أشهر ، وولى بعده
المستعين وكانت خلافته ثلاث سنين وتسعة أشهر ، وولى بعده المعتز وكانت خلافته ثلاث
سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما
وكيف كان فقد كان في قتل المتوكل - وهو بدعاء الهادى عليه السلام - فرجا ومخرجا
لال أبى طالب كلهم ، حيث عطف المنتصر عليهم ، وأحسن اليهم ووجه بمال فرقه فيهم ، وكان
يؤثر - كما ذكره في المقاتل - مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادة مذهبه طعنا عليه
ونصرة لفعله .
وكان يظهر الميل إلى أهل هذا البيت ويخالف أباه في افعاله ، فلم يجرمنه على احد
منهم قتل او حبس ولا مكروه فيما بلغنا والله اعلم
وقال الطبرى : ان المنتصر لماولى الخلافة كان اول شئ احدث من الامور عزل
صالح بن على ، عن المدينة ، وتولية على بن الحسين بن اسماعيل بن العباس بن محمد اياها
فذكر عن على بن الحسين انه قال :
دخلت عليه اودعه فقال لى : يا على انى اوجهك إلى لحمى ودمى ، ومد جلد ساعده
وقال : إلى هذا وجهتك ، فانظر كيف تكون للقوم . وكيف تعاملهم - يعنى آل ابى طالب -
فقلت : ارجوان امتثل راى اميرالمؤمنين فيهم انشاء الله ، فقال : اذا تسعد بذلك عندى .
[211]
24 - البرسى في مشارق الانوار : عن محمد بن الحسن الجهني قال : حضر مجلس
المتوكل مشعبذ هندي فلعب عنده بالحق فأعجبه فقال له المتوكل : يا هندي
الساعة يحضر مجلسنا رجل شريف فاذا حضر فالعب عنده بما يخجله .
قال : فلما حضر أبوالحسن عليه السلام المجلس لعب الهندي فلم يلتقت إليه
فقال له : يا شريف ما يعجبك لعبي ؟ كأنك جائع ، ثم أشار إلى صورة مدورة
البساط على شكل الرغيف ، وقال : يا رغيف مر إلى هذا الشريف ، فارتفعت
الصورة فوضع أبوالحسن عليه السلام يده على صورة سبع في البساط وقال : قم فخذ هذا
فصارت الصورة سبع وابتلع الهندي وعاد إلى مكانه في البساط فسقط المتوكل لوجهه
وهرب من كان قائما .
اقول : قال المسعودي في مروج الذهب : سعي إلى المتوكل بعلي بن محمد
الجواد عليهما السلام أن في منزله كتبا وسلاحا من شيعته من أهل قم ، وأنه عازم على
الوثوب بالدولة ، فبعث إليه جماعة من الاتراك ، فهجموا داره ليلا فلم يجدوا
فيها شيئا ووجدوه في بيت مغلق عليه ، وعليه مدرعة من صوف ، وهو جالس على
الرمل والحصا وهو متوجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن .
فحمل على حاله تلك إلى المتوكل وقالواله : لم نجد في بيته شيئا ووجدناه
يقرء القرآن مستقبل القبلة ، وكان المتوكل جالسا في مجلس الشرب فدخل عليه
والكاس في يد المتوكل .
فلما رآه هابه وعظمه وأجلسه إلى جانبه ، وناوله الكاس التي كانت في يده
فقال : والله ما يخامر لحمي ودمي قط ، فاعفني فأعفاه ، فقال : أنشدني شعرا فقال
عليه السلام : إني قليل الرواية للشعر فقال : لابد فأنشده عليه السلام وهو جالس عنده :
باتوا على قلل الاجبال تحرسهم * غلب الرجال فلم تنفعهم القلل .
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم * وأسكنوا حفرا يابئسما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد دفنهم * أين الاساور والتيجان والحلل .
[212]
أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب ا لاستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود تقتتل
قد طال ما أكلوا دهرا وقد شربوا * وأصبحوا اليوم بعد الاكل قد اكلوا
قال : فبكى المتوكل حتى بلت لحيته دموع عينيه ، وبكى الحاضرون ، و
دفع إلى علي عليه السلام أربعة آلاف دينار ، ثم رده إلى منزله مكرما ( 1 ) .
اقول : روى الكراجكي في كنز الفوائد وقال : فضرب المتوكل بالكأس
* ( هامش ) * ( 1 ) روى المسعودى عن المبرد قال : وردت سرمن رأى فادخلت على المتوكل
وقد عمل فيه الشراب ، وبين يديه المتوكل البحترى الشاعر فابتدا ينشده قصيدة يمدح بها
المتوكل أولها :
عن أى ثغر تبتسم * وبأى طرف تحتكم
حسن يضبئ بحسنه * والحسن أشبه بالكرم
قل للخليفة جعفر * المتوكل ابن المعتصم
المرتضى ابن المجتبى * والمنعم بن المنتقم
إلى أن قال :
نلنا الهدى بعد العمى * بك والغنى بعد العدم
فلما انتهى ، مشى القهقرى للانصراف ، فوثب أبوالعنبس فقال : يا أمير المؤمنين تأمر
برده ، فقد والله عارضته في قصيدته هذه ، فأمر برده فأخذ أبوالعنبس ينشد :
من اى سلح تلتقم * وبأى كف تلتطم


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 212 سطر 19 الى ص 220 سطر 18

أدخلت رأس البحترى * أبى عبادة في الرحم
ووصل ذلك بما اشبهه من الشتم ، فضحك المتوكل حتى استلقى على قفاه ، وفحص
برجله اليسرى وقال يدفع إلى ابى العنبس عشرة آلاف درهم ، فقال الفتح : ياسيدى البحترى
الذى هجى واسمع المكروه ينصرف خائيا ؟ قال : ويدفع إلى البحترى عشرة آلاف
درهم .
[213]
الارض وتنغص عيشه في ذلك اليوم ( 1 )
25 - كتاب الاستدراك : عن ابن قولويه باسناده إلى محمد بن العلا السراج
قال : أخبرني البختري قال : كنت بمنبج ( 2 ) بحضرة المتوكل إذ دخل عليه
رجل من أولاد محمد ابن الحنفية حلو العينين ، حسن الثياب ، قد قرف عنده بشئ
فوقف بين يديه والمتوكل مقبل على الفتح يحدثه .
فلماطال وقوف الفتى بين يديه وهو لا ينظر إليه قال له : يا أميرالمؤمنين
إن كنت أحضرتني لتأديبي فقد أسأت الادب ، وإن كنت قد أحضرتني ليعرف من
بحضرتك من أو باش الناس استهانتك بأهلي فقد عرفوا .
فقال له المتوكل : والله يا حنفي لولا ما يثنيني عليك من أوصال الرحم
ويعطفني عليك من مواقع الحلم لانتزعت لسانك بيدي ، ولفرقت بين رأسك وجسدك
ولوكان بمكانك محمد أبوك قال : ثم التفت إلى الفتح فقال : أماترى مانلقاه من آل
أبي طالب ؟ إما حسني يجذب إلى نفسه تاج عز نقله الله إلينا قبله ، أو حسيني يسعى
في نقض ما أنزل الله إلينا قبله أو حنفي يدل بجهله أسيافنا على سفك دمه .
فقال له الفتى : وأي حلم تركته لك الخمور وإدمانها ؟ أم العيدان وفتيانها
ومتى عطفك الرحم على أهلي وقد ابتززتهم فدكا إرثهم من رسول الله صلى الله عليه وآله فورثها
أبوحرملة ، وأما ذكرك محمدا أبي فقد طفقت تضع عن عز رفعه الله ورسوله ، وتطاول
شرفا تقصر عنه ولا تطوله ، فأنت كما قال الشاعر :
فغض الطرف إنك من نمير * فلا كعبا بلغت ولا كلابا
ثم ها أنت تشكو لي علجك هذا ما تلقاه من الحسني والحسيني والحنفي
فلبئس المولى ولبئس العشير .
ثم مدرجليه ثم قال : هاتان رجلاي لقيدك ، وهذه عنقي لسيفك ، فبوء باثمي
* ( هامش ) * ( 1 ) ورواه سبط ابن الجوزى في التذكره ص 203 نقلا عن المسعودى في
مروج الذهب .
( 2 ) منبج - كمجلس - اسم موضع من أعمال الشام .
[214]
وتحمل ظلمي فليس هذا أول مكروه أوقعته أنت وسلفك بهم ، يقول الله تعالى
" قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " ( 1 ) فوالله ما أجبت رسول الله
صلى الله عليه وآله عن مسألته ولقد عطفت بالمودة على غير قرابته ، فعما قليل ترد
الحوض ، فيذودك أبي ويمنعك جدي صلوات الله عليهما .
قال : فبكى المتوكل ثم قام فدخل إلى قصر جواريه ، فلما كان من الغد
أحضره وأحسن جائزته وخلى سبيله .
26 - ومن الكتاب المذكور بإسناده أن المتوكل قيل له : إن أبا الحسن
يعني علي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام يفسر قول الله عزوجل " يوم يعض الظالم على
يديه " ( 2 ) الايتين في الاول والثاني ، قال : فكيف الوجه في أمره ؟ قالوا : تجمع
له الناس وتسأله بحضرتهم فان فسرها بهذا كفاك الحاضرون أمره وإن فسرها
بخلاف ذلك افتضح عند أصحابه ، قال : فوجه إلى القضاة وبني هاشم والاولياء
وسئل عليه السلام فقال : هذان رجلان كنى عنهما ، ومن بالستر عليهما أفيحب أمير المؤمنين
أن يكشف ما ستره الله ؟ فقال : لا احب .
كتاب المقتضب لابن عياش - رحمه الله - قال : لمحمد بن إسماعيل بن صالح
الصيمري رحمه الله قصيدة يرثي بها مولانا أبا الحسن الثالث عليه السلام ويعزي ابنه
أبا محمد عليه السلام أو لها :
الارض خوفا زلزلت زلزالها * وأخرجت من جزع أثقالها
إلى أن قال :
عشر نجوم أفلت في فلكها * ويطلع الله لنا أمثالها
بالحسن الهادي أبي محمد * تدرك أشياع الهدى آمالها
وبعده من يرتجى طلوعه * يظل جواب الفلا أجزالها
ذوالغيبتين الطول الحق التي * لا يقبل الله من استطالها
يا حجج الرحمان إحدى عشرة * آلت بثاني عشرها مآلها .
* ( هامش ) * ( 1 ) الشورى : 23 .
( 2 ) الفرقان : 27 .
[215]
5 * ( باب ) *
* ( احوال اصحابه واهل زمانه ) *
* ( صلوات الله عليه ) *
1 - ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن سهل بن يعقوب بن إسحاق الملقب
بأبي نواس المؤدب في المسجد المعلق في صفة سبق ( 1 ) بسر من رأى قال المنصوري :
وكان يلقب بأبي نواس لانه كان يتخالع ويتطيب مع الناس ، ويظهر التشيع
على الطيبة فيأ من على نفسه .
فلما سمع الامام عليه السلام لقبني بأبي نواس قال : يا أبا السرى أنت أبونواس
الحق ومن تقدمك أبونواس الباطل .
قال : فقلت له ذات يوم : يا سيدي قدوقع لي اختيارات الايام ، عن سيدنا
الصادق عليه السلام مما حدثني به الحسن بن عبدالله بن مطهر ، عن محمد بن سليمان
الديلمي ، عن أبيه ، عن سيدنا الصادق عليه السلام في كل شهر فأعرضه عليك ؟ فقال
لي : افعل .
فلما عرضته عليه وصححته قلت له : ياسيدي في أكثر هذه الايام قواطع
عن المقاصد لما ذكر فيها من التخذير والمخاوف فتدلني على الاحتراز من المخاوف
فيها ، فانما تدعوني الضرورة إلى التوجه في الحوائج فيها ، فقال لي : يا سهل
إن لشيعتنا بولايتنا لعصمة ، لوسلكوا بها في لجة البحار الغامرة ، وسباسب البيد
* ( هامش ) * ( 1 ) شبيب خ ل .
[216]
الغائرة ، بين سباع وذئاب ، وأعادي الجن والانس ، لامنوا من مخاوفهم بولايتهم
لنا ، فثق بالله عزوجل ، واخلص في الولاء لائمتك الطاهرين فتوجه حيث شئت .
بيان : سيأتي الخبر بتمامه مع شرحه في كتاب الدعاء وقال الفيروز آبادي
" النواس " ككتان المضطرب المسترخي .
2 - قب : بابه محمد بن عثمان العمري ومن ثقاته أحمد بن حمزة بن اليسع
وصالح بن محمد الهمداني ومحمد بن جزك الجمال ، ويعقوب بن يزيد الكانب ، و
أبوالحسين بن هلال ، وإبراهيم بن إسحاق ، وخيران الخادم ، والنضر بن محمد
الهمداني .
ومن وكلائه جعفر بن سهيل الصيقل .
ومن أصحابه داود بن زيد ، وأبوسليمان زنكان ، والحسين بن محمد المدائني
وأحمد بن إسماعيل بن يقطين ، وبشربن بشار النيشابوري الشاذاني ، وسليم بن
جعفر المروزي والفتح بن يزيد الجرجاني ومحمد بن سعيد بن كلثوم ، وكان
متكلما ومعاوية بن حكيم الكوفي ، وعلي بن معد بن معبد البغدادي وأبوالحسن
ابن رجا العبر تائي ( 1 ) .
3 - الفصول المهمة : شاعره العو في والديلمي ، بو ابه عثمان بن سعيد
4 - كتاب مقتضب الاثر لا حمد بن محمد بن عياش ، عن عبدالمنعم بن النعمان
العبادي قال : أنشدني الحسن بن مسلم أن أبا الغوث المنبجي ( 2 ) شاعر آل محمد
صلوات الله عليهم أنشده بعسكر سرمن رأى قال الحسن : واسم أبي الغوث أسلم
ابن محرز ( 3 ) من أهل منبج ، وكان البحتري ( 4 ) يمدح الملوك وهذا يمدح
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 402 .
( 2 ) قال الجوهرى : منبج اسم موضع ، فاذا نسبت اليه فتحت الباء وقلت : كساء
منبحانى ، اخرجوه مخرج مخبرانى ومنظرانى .
( 3 ) كذا في نسخة الاصل ، وعنونه صاحب الكنى والالقاب ، وقال : أسلم بن مهوز
المنبجى شاعر يمدح آل محمد عليهم السلام .
( 4 ) هو أبوعبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائى الشاعر المعروف كان من فحول
[217]
آل محمد صلى الله عليهم وكان البختري أبوعباد ينشد هذه القصيدة لا بي الغوث :
ولهت إلى رؤيا كم وله الصادي * يذاد عن الورد الروي بذواد
محلى عن الورد اللذيذ مساغه * إذا طاف وراد به بعد وراد
فأعلمت فيكم كل هوجاء جسرة * ذمول السرى يقتاد في كل مقتاد
أجوب بها بيد الفلا وتجوب بي * إليك ومالي غيرذكرك من زاد
فلما تراءت سرمن راى تجشمت * إليك فعوم الماء في مفعم الوادي
فآدت إلى تشتكي ألم السرى * فقلت اقصري فالعزم ليس بمياد
إذاما بلغت الصادقين بني الرضا * فحسبك من هاد يشير إلى هاد
مقاويل إن قالوا بهاليل إن عوا * وفاة بميعاد كفاة بمرتاد
إذا أوعدوا أعفوا وإن وعدوا وفوا * فهم أهل فضل عند وعد وإيعاد
كرام إذا ما أنفقوا المال أنفدوا * وليس لعلم أنفقوه من انفاد
ينابيع علم الله أطواد دينه * فهل من نفاد إن علمت لاطواد
نجوم متى نجم خبا مثله بدا * فصلى على الخابي المهيمن والبادي
عباد لمولاهم موالي عباده * شهود عليهم يوم حشر وإشهاد
هم حجج الله اثنتى عشرة متى * عددت فثاني عشرهم خلف الهادي
بميلاده الانباء جاءت شهيرة * فأعظم بمولود وأكرم بميلاد
* ( هامش ) * شعراء القرن الثالث معاصرا لابى تمام ، ومن الادباء من يفضله على أبى تمام .
قال ابن خلكان : قيل للبحترى : أيما أشعر ؟ أنت أم أبوتمام ؟ فقال : جيده خير
من جيدى ، ورديئى خير من رديئه ، وكان يقال لشعر البحترى سلاسل الذهب ، وهو في
الطبقة العليا ، ويقال انه قيل لابى العلاء المعرى : أى الثلاثة اشعر ؟ ابوتمام ، ام البحترى
ام المتنبئ ؟ فقال : المتنبئ وابوتمام حكيمان وانما الشاعر البحترى .
ولد سنة 206 بمنبج من اعمال الشام وتخرج بها ، ثم خرج إلى العراق ، ومدح
جماعة من الخلفاء او لهم المتوكل وخلقا كثيرا من الاكابر والرؤساء توفى بالسكتة في
منبج 284 .
[218]
بيان : في القاموس " المنبج " كمجلس موضع ، والصادي العطشان ، الذود
الدفع ، وحلاه عن الماء بالتشديد مهموزا طرده ومنعه ، و " الهوجاء " الناقة المسرعة
و " الجسر " بالفتح العظيم من الابل ، والانثى جسرة .
و " الذميل " كأمير السوق اللين ، ذمل يذميل ويذمل ذملا وذمولا وناقة
ذمول ، ويقال قدته واقتدته فاقتاد ، وجوب البلاد قطعها ، " والبيد " جمع البيدا
وهي الفلاة وأفعم الاناء ملاه كفعمه وفعوم مفعول مطلق لتجشمت من غير لفظه
أوصفة لمصدر محذوف ، بنزع الخافض .
وآداه على فلان أعداه وأعانه وآدني عليه بالمد أي قوني ، ولعله استعمل
هنا بمعنى الطلب ، أو من آد يئيد أيدا بمعنى اشتد وقوي .
قوله " ليس بمياد " أي مضطرب ، وقال " البهلول كسر سور الضحاك ، و
السيد الجامع لكل خير ( 1 ) والاطواد جمع الطود وهو الجبل العظيم ، وخبت النار
طفئت ، وهنا استعير للغروب ، و " المهيمن " فاعل صلى والبادي عطف على الخابي .
5 - مروج الذهب : قال المسعودي : كان بغا من الاتراك من غلمان المعتصم
يشهد الحروب العظام ، يباشرها بنفسه ، فيخرج منها سالما ولم يكن يلبس على
بدنه شيئا من الحديد ، فعذل في ذلك فقال : رأيت في نومي النبي صلى الله عليه وآله ومعه جماعة
من أصحابه فقال : يا بغا أحسنت إلى رجل من امتي فدعا لك بدعوات استجيبت
له فيك .
قال : فقلت : يا رسول الله ومن ذلك الرجل ؟ قال : الذي خلصته من السباع
فقلت : يا رسول الله صلى الله عليه وآله سل ربك أن يطيل عمري ، فشال يده نحو السمآء ، و
قال : اللهم أطل عمره وأنسئ في أجله فقلت : يا رسول الله خمس وتسعون سنة
فقال خمس وتسعون سنة .
فقال رجل كان بين يديه : " ويوقى من الافات " فقال النبي صلى الله عليه وآله ويوقى
من الافات ، فقلت للرجل : من أنت ؟ فقال : أنا علي بن أبي طالب فاستيقظت من
* ( هامش ) * ( 1 ) القاموس ج 3 ص 339 .
[219]
نومي وأنا أقول علي بن أبي طالب .
وكان بغا كثير التعطف والبر على الطالبيين ، فقيل له : ماكان ذلك الرجل
الذي خلصته من السباع ؟ قال : اتي المعتصم بالله برجل قدرمي ببدعة فجرت بينهم
في الليل مخاطبة في خلوة ، فقال لي المعتصم : خذه فألقه إلى السباع ، فأتيت بالرجل
إلى السباع لالقيه إليها ، وأنا مغتاظ عليه ، فسمعته يقول : اللهم إنك تعلم أني
ما كلمت إلافيك ، ولا نصرت إلا دينك ، ولا اتيت إلا من تو حيدك ، ولم ارد غيرك
تقربا إليك بطاعتك ، وإقامة الحق على من خالفك أفتسلمني ؟
قال : فار تعدت وداخلني له رقة ، وعلى قلبي منه وجع ، فجذبته عن طريق
بركة السباع ، وقد كدت أن أزخ به فيها ، واتيت به إلى حجرتي فأخفيته وأتيت
المعتصم فقال : هيه ؟ فقلت : ألقيته ، قال : فما سمعته يقول ؟ قلت : أنا أعجمي وكان
يتكلم بكلام عربي ما كنت أعلم ما يقول ؟ وقد كان الرجل أغلظ للمعتصم في
خطابه .
فلما كان في السحر قلت للرجل : قدفتحت الابواب وأنا مخرجك مع رجال
الحرس ، وقد آثرتك على نفسي ووقيتك بروحي فاجهد أن لا تظهر في أيام المعتصم
قال : نعم ، قلت : فما خبرك ؟ قال : هجم رجل من عما لنا في بلدنا على ارتكاب المحارم
والفجور ، إماتة الحق ونصر الباطل ، فسرى ذلك في فساد الشريعة وهدم التوحيد
فلم أجد ناصرا عليه فهجمت في ليلة عليه فقتلته لان جرمه كان مستحقا في الشريعة
أن يفعل به ذلك فاخذت فكان ما رأيت .
6 - ما : الفحام قال : كان أبوالطيب أحمد بن محمد بن بوطير رجلا من
أصحابنا ، وكان جده بوطير غلام الامام أبي الحسن علي بن محمد وهو سماه بهذا
الاسم وكان ممن لايدخل المشهد ، ويزور من وراء الشباك ، ويقول : للدار
صاحب حتى اذن له ، وكان متأدبا يحضر الديوان وكان إذا طلب من الانسان
حاجة فان أنجزها شكر وسر ، وإن وعده عاد إليه ثانية ، فان أنجزها وألا عاد
الثالثة ، فان أنجزهاوإلا قام في مجلسه إن كان ممن له مجلس أوجمع الناس فأنشد :
[220]
أعلى الصراط تريد رعية ذمتي * أم في المعاد تجود بالانعام
إني لدنيائي اريدك فانتبه * يا سيدي من رقدة النوام
7 - غط : من المحمودين أيوب بن نوح بن دراج ذكر عمرو بن سعيد المدائني
وكان فطحيا قال : كنت عند أبي الحسن العسكري عليه السلام بصريا إذ دخل أيوب
ابن نوح ووقف قدامه فأمره بشئ ، ثم انصرف والتفت إلي أبوالحسن عليه السلام وقال
يا عمرو إن أحببت أن تنظر إلى رجل من أهل الجنة فانظر إلى هذا
ومنهم علي بن جعفر الهماني وكان فاضلا مرضيا من وكلاء أبي الحسن و
أبي محمد عليهما السلام روى أحمد بن علي الرازي عن علي بن مخلد الايادي قال : حدثني
أبوجعفر العمري قال : حج أبوطاهر بن بلال فنظر إلى علي بن جعفر وهو ينفق
النفقات العظيمه ، فلما انصرف كتب بذلك إلى أبي محمد عليه السلام فوقع في رقعته قد
كنا أمرنا له بمائة ألف دينار ثم أمرنا له بمثلها فأبى قبوله إبقاء علينا ، ماللناس
والدخول من أمرنا فيما لم ندخلهم فيه قال ودخل على أبي الحسن العسكري فأمر
له بثلاثين ألف دينار ( 1 ) .
ومنهم أبوعلي بن راشد أخبرني ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن بن الوليد
عن الصفار ، عن محمد بن عيسى قال : كتب أبوالحسن العسكري إلى الموالي ببغداد
والمدائن والسواد وما يليها : قد أقمت أبا علي بن راشد مقام علي بن الحسين بن
عبدربه ، ومن قبله من وكلائي ، وقد أو جبت في طاعته طاعتي ، وفي عصيانه الخروج
إلى عصياني ، وكتبت بخطي ( 2 ) .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 220 سطر 19 الى ص 228 سطر 18

وروى محمد بن يعقوب رقعة إلى محمد بن فرج قال : كتبت إليه أسأله عن أبي
علي بن راشد ، وعن عيسى بن جعفر ، وعن ابن بند ، وكتب إلى : ذكرت ابن راشد
رحمه الله إنه عاش سعيدا ومات شهيدا . ودعا لابن بند ، والعاصمي وابن بند ضرب
* ( هامش ) * ( 1 ) غيبة الشيخ ص 226 .
( 2 ) المصدر ص 227 .
[221]
بعمود وقتل وابن عاصم ضرب بالسياط على الجسر ثلاث مائة سوط ورمي ، به في
الدجلة ( 1 ) .
8 - غط : من المذمومين فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني ( 2 ) على ما رواه
عبدالله بن جعفر الحميري قال : كتب أبوالحسن العسكري عليه السلام إلى علي بن
* ( هامش ) * ( 1 ) ورواه الكشى في رجاله ص 502 .
( 2 ) روى الكلينى في الكافى ج 1 ص 496 عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد
عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن محمد بن سنان قال : دخلت على أبى الحسن " ع "
- يعنى الهادى عليه السلام - فقال : يا محمد ! حدث بآل فرج حدث ؟ فقلت : مات عمر ،
فقال : الحمدلله - حتى أحصيت له أربعا وعشرين مرة - فقلت : ياسيدى لو علمت أن هذا
يسرك لجئت حافيا أعدو اليك .
قال : يا محمد : أولا تدرى ما قال لعنه الله لمحمد بن على أبى ؟ قال : قلت : لا ،
قال : خاطيه في شئ فقال : اظنك سكران ، فقال أبى : اللهم ان كنت تعلم أنى أمسيت
لك صائما فأذقه طعم الحرب ، وذل الاسر "
فوالله ان ذهبت الايام حتى حرب ماله ، وما كان له ، ثم أخذ أسيرا وهو ذا قد مات
- لارحمه الله - وقد أدال الله عزوجل منه ، وما زال يديل أولياءه من أعدائه .
قال المسعودى : في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين ، سخط المتوكل على عمر بن
الفرج الرخجى ، وكان من عليه الكتاب ، وأخذ منه مالا وجواهرا مائة ألف وعشرين ألف
دينار ، وأخذ من أخيه نحو مائة ألف دينار وخمسين ألف دينار ، ثم صالح عمر على احدى
عشر ألف درهم على أن يرد عليه ضياعه .
ثم غضب عليه مرة ثانية ، ثم امر أن يصفع في كل يوم فاحصى ما صفع فكانت ستة آلاف
صفعة ، والبس جبة صوف ، ثم رضى عنه ثم سخط عليه ثالثة واحدر إلى بغداد ، وأقام بها
حتى مات .
أقول : الصفع : الضرب على القفا بجمع الكف ، وقيل هو أن يبسط كفه فيضرب
وهذا من نهاية الذل والهوان كما دعا عليه أبوجعفر الجواد " ع "
[222]
عمرو القزويني بخطه اعتقد فيما تدين الله به أن الباطن عندي حسب ما أظهرت لك
فيمن استنبأت عنه ، وهو فارس لعنه الله ، فانه ليس يسعك إلا الاجتهاد في لعنه ، و
قصده ومعاداته ، والمبالغة في ذلك بأكثر ما تجد السبيل إليه ، ماكنت آمر أن يدان
الله بأمر غير صحيح ، فجد وشد في لعنه وهتكه ، وقطع أسبابه ، وسد أصحابنا عنه ، و
إبطال أمره ، وأبلغهم ذلك مني واحكه لهم عني وإني سائلكم بين يدي الله عن هذا
الامرالمؤكد فويل للعاصي وللجاحد ، وكتبت بخطي ليلة الثلثا لتسع ليال من
شهر ربيع الاول سنة خمسين ومائتين ، وأنا أتوكل على الله وأحمده كثيرا ( 1 ) .
9 - عم : روى عبدالله بن عياش باسناده عن أبي الهاشم الجعفري فيه وقد
اعتل :
مادت الارض لي وآدت فؤادي * واعترتني موارد العرواء
حين قيل الامام نضو عليل * قلت نفسى فدته كل الفداء
مرض الدين لاعتلالك واعتل * وغارت له نجوم السمآء
عجبا إن منيت بالداء والسقم * وأنت الامام حسم الداء
أنت آسي الا دوا ، في الدين والدنيا * ومحبي الاموات والاحياء
في أبيات ( 2 )
بيان : " مادت " أي اضطربت " وآدت " أي أثقلت ، " والعرواء " بضم العين
وفتح الراء قرة الحمى ، مسها في أول ما تأخذ بالرعده ، و " النضو " بكسر النون
المهزول " والاسي " الطبيب .
1 - كش : وجدت بخط جبرئيل بن أحمد حدثني محمد بن عيسى اليقطيني قال :
كتب عليه السلام إلى علي بن بلال في سنة اثنتين وثلاثين ومائتين " بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله إليك وأشكو طوله وعوده ، واصلي على محمد النبي وآله صلوات الله ورحمته
عليهم ، ثم إني أقمت أبا علي مقام حسين بن عبدربه فائتمنته على ذلك بالمعرفة
* ( هامش ) * ( 1 ) غيبة الشيخ ص 228 .
( 2 ) اعلام الورى ص 348 .
[223]
بما عنده [ و ] الذي لا يقدمه أحد .
وقد أعلم أنك شيخ ناحيتك فأحببت إفرادك وإكرامك بالكتاب بذلك
فعليك بالطاعة له ، والتسليم إليه جميع الحق قبلك ، وأن تحض موالي على ذلك
وتعرفهم من ذلك ما يصير سببا إلى عونه وكفايته ، فذلك توفير علينا ، ومحبوب
لدينا ، ولك به جزاء من الله وأجر ، فان الله يعطي من يشاء أفضل الا عطآء والجزاء
برحمته ، أنت في وديعة الله ، وكتبت بخطي وأحمد الله كثيرا ( 1 ) .
11 - كش : محمد بن مسعود ، عن محمد بن نصير ، عن أحمد بن محمد بن عيسى
قال : نسخة الكتاب مع ابن راشد إلى جماعة الموالي الذينهم ببغداد المقيمين بها و
المدائن والسواد وما يليها : أحمد الله إليكم ما أنا عليه من عافية وحسن عائدته ، و
اصلي على نبيه وآله أفضل صلواته وأكمل رحمته ورأفته ، وإني أقمت أبا علي بن
راشد مقام الحسين بن عبدربه ، ومن كان قبله من وكلائي وصار في منزلته عندي ، و
وليته ما كان يتولاه غيره من وكلائي قبلكم ، ليقبض حقي وارتضيته لكم ، وقدمته
في ذلك وهو أهله وموضعه .
فصيروا رحمكم الله إلى الدفع إليه ذلك وإلي ، وأن تجعلوا له على أنفسكم
علة ، فعليكم بالخروج عن ذلك ، والتسرع إلى طاعة الله وتحليل أموالكم والحقن
لدمائكم " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا
الله لعلكم ترحمون ، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
فقد أوجبت في طاعته طاعتي ، والخروج إلى عصيانه الخروج إلى عصياني ، فالزموا
الطريق يأجر كم الله ويزيدكم من فضله فان الله بما عنده واسع كريم ، متطول
على عباده رحيم ، نحن وأنتم في وديعة الله وحفظه وكتبته بخطي والحمد لله
كثيرا ( 2 )
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 432 .
( 2 ) رجال الكشى ص 433
[224]
وفي كتاب آخر : وأنا آمرك يا أيوب بن نوح أن تقطع الا كثار بينك وبين
أبي على وأن يلزم كل واحد منكما ما وكل به وامر بالقيام فيه بأمر ناحيته فانكم
إن انتهيتم إلى كل ما امرتم به استغنيتم بذلك عن معاودتي وآمرك يا أبا علي بمثل
ما آمرك به يا أيوب أن لا تقبل من أحد من أهل بغداد والمدائن شيئا يحملونه ولا
تلي لهم استيذانا علي ومر من أتاك بشئ من غير أهل ناحيتك أن يصيره إلى الموكل
بناحيته وآمرك يا أبا علي بمثل ما أمرت به أيوب وليقبل كل واحد منكما ما
أمرته به ( 1 ) .
12 - مهج : محمد بن جعفر بن هشام الاصبغي عن اليسع بن حمزة القمي قال
أخبرني عمرو بن مسعدة وزير المعتصم الخليفة أنه جآء علي بالمكروه الفظيع حتى
تخوفته على إراقة دمي وفقر عقبي فكتبت إلى سيدي أبي الحسن العسكري عليه السلام
أشكوا إليه ما حل بي فكتب إلي لاروع عليك ولا بأس فادع الله بهذه الكلمات
يخلصك الله وشيكا مما وقعت فيه ويجعل لك فرجا فان آل محمد صلى الله عليه وآله يدعون بها
عند إشراف البلاء وظهور الاعداء وعند تخوف الفقر وضيق الصدر قال اليسع بن
حمزة : فدعوت الله بالكلمات التي كتب إلي سيدي بها في صدر النهار فوالله مامضى
شطره حتى جاءني رسول عمرو بن مسعدة فقال لي : أجب الوزير فنهضت ودخلت
عليه .
فلما بصرني تبسم إلي وأمر بالحديد ففك عني والا غلال فحلت مني وأمرني
بخلعة من فاخرثيابه وأتحفني بطيب ثم أدناني وقربني وجعل يحدثني ويعتذر
إلي ورد علي جميع ما كان استخرجه مني وأحسن رفدي وردني إلى الناحية
التي كنت أتقلدها وأضاف إليها الكورة التي تليها ثم ذكر الدعآء ( 2 )
13 - كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أبي هاشم الجعفري قال :
بعث إلي أبوالحسن عليه السلام في مرضه وإلى محمد بن حمزة فسبقنى إليه محمد بن حمزة
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر ص 433 .
( 2 ) مهج الدعوات ص 338 .
[225]
فأخبرني محمد ما زال يقول : ابعثوا إلى الحير وقلت لمحمد ألا قلت له أنا أذهب
إلى الحير ، ثم دخلت عليه وقلت له : جعلت فداك أنا أذهب إلى الحير ، فقال :
انظروا في ذاك ، ثم قال : إن محمدا ليس له سرمن زيد بن علي وأنا أكره أن
يسمع ذلك .
قال : فذكرت ذلك لعلي بن بلال ، فقال : ما كان يصنع الحير هو الحير
فقدمت العسكر فدخلت عليه ، فقال لي : اجلس حين أردت القيام ، فلما رأيته
أنس بي ذكرت له قول علي بن بلال فقال لي : ألا قلت له : إن رسول الله صلى الله عليه وآله
كان يطوف بالبيت ويقبل الحجر ، وحرمة النبي صلى الله عليه وآله والمؤمن أعظم من حرمة
البيت ، وأمره الله عزوجل أن يقف بعرفة وإنما هي مواطن يحب الله أن يذكر
فيها فأنا احب أن يدعى لي حيث يحب الله أن يدعى فيها .
وذكر عنه أنه قال : ولم أحفظ عنه قال : إنما هذه مواضع يحب الله أن
يتعبد فيها فأنا احب أن يدعى لي حيث يحب الله أن يعبد ، هلا قلت له : كذا
قال : قلت : جعلت فداك لوكنت احسن مثل هذا لم أرد الامر عليك هذه ألفاظ
أبي هاشم ليست ألفاظه ( 1 ) .
بيان : " ابعثوا إلى الحير " أي ابعثوا رجلا إلى حائر الحسين عليه السلام يدعولي
هناك ، قوله عليه السلام : " انظروا في ذاك " يعني أن الذهاب إلى الحير مظنة للاذى
والضرر ، فانظروا في ذلك ، ولا تبادروا إليه لان المتوكل لعنه الله كان يمنع
الناس من زيارته عليه السلام أشد المنع ، قوله عليه السلام " ليس له سرمن زيد بن على " ( 2 )
لعله كناية عن خلوص التشيع فانه بذل نفسه لاحياء الحق ويحتمل أن تكون
من تعليلية أي ليس هو بموضع سر لانه يقول بامامة زيد .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 4 ص 567 و 568 .
( 2 ) قيل : في بعض النسخ " ليس له شر من زيد بن على " اى ليس له شرمن جهته
وانما هومن قبل نفسه حيث لم يجب امامه في الذهاب إلى الحائر .
[226]
قوله " ماكان يصنع الحير " أي هو في الشرف مثل الحير ، فأي حاجة له في
أن يدعى له في الحير ، قوله " وذكرعنه " أي ذكر سهل ، عن أبي هاشم أنه قال :
لم أحفظ أنه قال ، وإنما هي مواطن إلى آخر الكلام ، أو قال إنما هذه مواضع
أوأنه حفظ الكلام الاول وشك في أنه هل قال الكلام الاخرأم لا ، ويمكن
أن يقرء " ذكر " على بناء المجهول أي قال سهل : إنه نقل غيري عن أبي هاشم هذه
الفقرة ولم أحفظ أنا عنه ، قوله " هذه ألفاظ أبي هاشم " أي نقل بالمعنى ، ولم يحفظ
اللفظ .
[227]
6 * ( باب ) *
* ( احوال جعفروسائراولاده ) *
* ( صلوات الله عليه ) *
1 - ج : الكليني ، عن إسحاق بن يعقوب ( 1 ) قال : سألت محمد بن عثمان
العمري رحمه الله أن يوصل إليه عليه السلام سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد
التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عليه السلام " أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك الله
من أمر المنكرين من أهل بيتنا وبني فاعلم أنه ليس بين الله عزوجل وبين
أحد قرابة ، ومن أنكرني فليس مني ، وسبيله سبيل ابن نوح ، وأما سبيل عمي جعفر
وولده فسيل إخوة يوسف عليه السلام " ( 2 ) .
2 - ج : عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي خالد الكابلي قال : سألت علي بن
الحسين صلوات عليه : من الحجة والامام بعدك ؟ فقال : ابني محمد ، واسمه في
التوارة الباقر يبقرالعلم بقرا هو الحجة والامام بعدي ، ومن بعد ابنه محمد جعفر
واسمه عند أهل السماء الصادق .
فقلت له : يا سيدي كيف صار اسمه الصادق وكلكم صادقون ؟ فقا ل : حدثني
أبي عن أبيه عليهما السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي
ابن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق فان الخامس من ولده الذي
* ( هامش ) * ( 1 ) رواه الشيخ في الغيبة عن الكلينى ص 188 في حديث .
( 2 ) الاحتجاج ص 163 - ط النجف .
[228]
اسمه جعفر يدعي الامامة اجتراء على الله وكذبا عليه ، فهو عندالله جعفر الكذاب
المفتري على الله ، المدعي لما ليس له بأهل ، المخالف على أبيه ، والحاسد لاخيه
ذلك الذي يكشف سر الله ، عند غيبة ولي الله .
ثم بكى علي بن الحسين عليه السلام بكاء شديدا ثم قال : كأني بجعفر الكذاب
وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي الله ، والمغيب في حفظ الله والتوكيل
بحرم أبيه جهلا منه بولادته ، وحرصاعلى قتله إن ظفر به ، طمعا في ميراث أبيه
حتى يأخذه بغير حقه الخبر ( 1 ) .
وقد مضى بأسانيد في باب نص علي بن الحسين على الائمة عليهم السلام ( 2 ) .
3 - ج : سعد بن عبدالله الاشعري ، عن الشيخ الصدوق أحمد بن إسحاق
ابن سعد الاشعري رحمة الله عليه أنه جاءه بعض أصحابنا يعلمه بأن جعفر بن علي
كتب إليه كتابا يعرفه نفسه ، ويعلمه أنه القيم بعد أخيه ، وأن عنده من علم
الحلال والحرام ما يحتاج إليه وغير ذلك من العلوم كلها ( 3 )
قال أحمد بن إسحاق : فلما قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحتجاج ص 173 .
( 2 ) راجع ج 36 ص 386 من هذه الطبعة الباب 44 من تاريخ أميرالمؤمنين
عليه السلام .
( 3 ) كان - رحمه الله - معروفا بحب الجاه وطلب الدنيا وصرف أكثر عمره مع الاوباش
والاجامرة ولعب الطنبور وسائر ما هو غير مشروع ، ولكن كان متظاهرا بامامة أخيه الحسن


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 228 سطر 19 الى ص 236 سطر 18

العسكرى عليه السلام .
ثم من بعد وفاته عليه السلام ادعى الامامة وكان يجبر الناس على اطاعته والقول بامامته
بل سأل وزير الخليفة أن يعرفه بأنه وارث أخيه منحصرا ، ليثبت له عند الناس العوام
امامته ، فزبره الوزير عن لك واستخف به كما سيأتي عن حديث أحمد بن عبيدالله الخاقان
في باب وفاة العسكرى عليه السلام تحت الرقم 1 . وقد أراد أن يصلى على جنازة أخيه
الحسن العسكرى فمنعه عن ذلك الحجة الغائب صاحب الامر عليه السلام .
[229]
وصيرت كتاب جعفر في درجة ، فخرج إلى الجواب في ذلك :
" بسم الله الرحمن الرحيم أتاني كتابك أبقاك الله والكتاب الذي في درجه
وأحاطت معرفتي بما تضمنه على اختلاف ألفاظه ، وتكرر الخطاء فيه . ولو تدبرته
لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه ، والحمدلله رب العالمين حمدا لاشريك له على
إحسانه إلينا وفضله علينا ، أبى الله عزوجل للحق إلا تماما ، وللباطل إلا زهوقا
وهو شاهد علي بما أذكره ، ولي عليكم بما أقوله إذا اجتمعنا ليوم لاريب فيه ، و
سألنا عما نحن فيه ، مختلفون ، وأنه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه
ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعا إمامة مفترضة ، ولا طاعة ولاذمة ، وسابين
لكم جملة تكتفون بها إنشاء الله
يا هذا يرحمك الله إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا ، ولا أمهلهم سدى
بل خلقهم بقدرته ، وجعل لهم أسماعا وأبصارا وقلوباوألبابا ، ثم بعث إليهم النبيين
عليهم السلام مبشرين ومنذرين ، يأمرونهم بطاعته ، وينهونهم عن معصيته ويعرفونهم
ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم ، وأنزل عليهم كتابا وبعث إليهم ملائكة وباين
بينهم وبين من بعثهم بالفضل الذي لهم عليهم ، وما آتاهم من الدلائل الظاهرة ، و
البراهين الباهرة ، والايات الغالبة .
فمنهم من جعل عليه النار بردا وسلاما ، واتخذه خليلا ، ومنهم من كلمه
تكليما وجعل عصاه ثعبانا مبينا ، ومنهم من أحيى الموتى باذن الله وأبرأ الاكمه
والابرص باذن الله ، ومنهم من علمه منطق الطير ، واوتي من كل شئ .
ثم بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين وتمم به نعمته ، وختم به أنبياءه ورسله إلى
الناس كافة ، وأظهر من صدقه ما ظهر ، وبين من آياته وعلاماته مابين ، ثم قبضه
حميدا فقيدا سعيدا وجعل الامر من بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيه ووارثه علي
ابن أبي طالب ثم إلى الاوصياء من ولده واحدا بعد واحد ، أحيابهم دينه ، وأتم
بهم نوره ، وجعل بينهم وبين إخوتهم وبني عمهم والادنين فالادنين من ذوي أرحامهم
فرقابينا تعرف به الحجة من المحجوج ، والامام من المأموم .
[230]
بأن عصمهم من الذنوب ، وبرأهم من العيوب ، وطهرهم من الدنس و
نزههم من اللبس ، وجعلهم خزان علمه ، ومستودع حكمته ، وموضع سره ، وأيدهم
بالدلائل ، ولولا ذلك لكان الناس على سواء ولادعى أمرالله عزوجل كل واحد
ولما عرف الحق من الباطل ، ولا العلم من الجهل .
وقد ادعى هذا المبطل المدعي على الله الكذب بما ادعاه ، فلا أدري بأية
حالة هي له رجاء أن يتم دعواه أبفقه في دين الله ، فوالله ما يعرف حلالا من حرام
ولا يفرق بين خطأ وصواب ، أم بعلم فما يعلم حقا من باطل ، ولا محكما من متشابه
ولا يعرف حد الصلاة ووقتها ، أم بورع فالله شهيد على تركه لصلاة الفرض أربعين
يوما يزعم ذلك لطلب الشعبذة ، ولعل خبره تأدى إليكم ، وهاتيك ظروف مسكره
منصوبة ، وآثار عصيانه لله عزوجل مشهودة قائمة ، أم بآية فليأت بها أم بحجة
فليقمها أم بدلالة فليذ كرها .
قال الله عزوجل في كتابه العزيز : " بسم الله الرحمن الرحيم حم * تنزيل
الكتاب من الله العزيز الحكيم * ما خلقنا السموات والارض وما بينهما إلا بالحق
وأجل مسمى والذين كفروا عما انذروا معرضون * قل أفرأيتم ماتدعون من دون
الله أروني ماذا خلقوا من الارض أم لهم شرك في السموات ائتوني بكتاب من قبل
هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين * ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا
يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء
وكانوا بعبادتهم كافرين ( 1 ) .
فالتمس تولى الله توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك ، وامتحنه واسأله آية
من كتاب الله يفسرها أوصلاة يبين حدودها ، وما يجب فيها لتعلم حاله ومقداره
ويظهر لك عواره ونقصانه والله حسيبه .
حفظ الله الحق على أهله ، وأقره في مستقره ، وقد أبى الله عزوجل أن
يكون الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام وإذا أذن الله لنافي القول ظهر
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحقاف : 1 - 6 .
[231]
الحق واضمحل الباطل وانحسر عنكم ، وإلى الله أرغب في الكفاية ، وجميل الصنع
والولاية ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ( 1 ) .
4 - غط : جماعة عن التلعكبري ، عن الاسدي ، عن سعد بن عبدالله ، عن
أحمد بن إسحاق مثله ( 2 ) .
5 - ك : ابن الوليد ، عن سعد ، عن جعفر بن محمد بن الحسن بن الفرات
عن صالح بن محمد بن عبدالله بن محمد بن زياد ، عن امه فاطمة بنت محمد بن الهيثم
المعروف بابن سبانة قالت : كنت في دار أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام في
الوقت الذي ولد فيه جعفر فرأيت أهل الدار قدسر وابه ، فصرت إلى أبي الحسن عليه السلام
فلم أره مسرورا بذلك ، فقلت له : يا سيدي مالي أراك غير مسرور بهذا المولود ؟
فقال عليه السلام : يهون عليك أمره ، فانه سيضل خلقا كثيرا .
6 - عم ( 3 ) شا : خلف أبوالحسن عليه السلام من الولد أبا محمد الحسن ابنه ، و
هو الامام بعده ، والحسين ، ومحمدا ( 4 ) وجعفرا وابنته عائشة ( 5 )
7 - قب ( 6 ) : أولاده : الحسن الامام عليه السلام والحسين ، ومحمد وجعفر
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحتجاج ص 162 و 163 .
( 2 ) غيبة الشيخ ص 184 - 188 .
( 3 ) اعلام الورى ص 349 ، وفيه : " وابنته علية "
( 4 ) أما الحسين فقد كان ممتازا في الديانة من سائر أقرانه وأمثاله تابعا لاخيه
الحسن ، معتقدا بامامته ، ودفن في حرم العسكريين عليهما السلام تحت قدميهما وعن
بعض كتب الانساب أن هارون بن على الواقع في الميدان العتيق باصبهان هو من أولاد
أبى الحسن الهادى عليه السلام .
وأما محمد فجلالته وعظم شأنه أكثر من أن يذكر ، سيجئ في باب النصوص على
امامة أبى محمد عليه السلام ماينبئ عن علومقامه وترشحه لمقام الامامة وقبره مزارمعروف
في بلد التى هى مدينة قديمة على يسار دجلة والعامة والخاصة يعظمون مشهده الشريف و
يقطعون خصوماتهم التى تقع بينهم بالحلف به والحضور في مشهده ، ويعبرون عنه بسبع الدجيل
( 5 ) الارشاد ص 314 .
( 6 ) في النسخة المشهورة بكمبانى قد جعل ما عن المناقب بعد البيان الاتى لخبر
الكافى وما في الصلب هو المطابق لنسخة الاصل .
[232]
الكذاب وابنته علية ( 1 ) .
8 - كا : علي بن محمد قال : باع جعفر فيمن باع صبية جعفرية كانت في الدار
يربونها ، فبعث بعض العلويين وأعلم المشتري خبرها ، فقال المشتري : قد طابت
نفسي بردها ، وأن لا ارزا من ثمنهاشيئا فخذها ، فذهب العلوي فأعلم أهل
الناحية الخبر ، فبعثوا إلى المشترى بأحد وأربعين دينارا فأمروه بدفعها إلى
صاحبها ( 2 ) .
بيان : جعفر هو الكذاب " فيمن باع " أي من مماليك أبي محمد عليه السلام " جعفرية "
أي من أولاد جعفر الطيار رضي الله عنه " خبرها " أي كونها حرة علوية " وأن
لا ارزأ " الواو للحال أو بمعنى مع ، والفعل على بناء المجهول أي بشرط أن لا
انقص من ثمنها الذي أعطيت جعفرا شيئا " فأمروه " أي العلوي بدفعها أي الصبية .
إلى صاحبها أي وليها من آل جعفر .
اقول : قد أوردنا بعض أخبار ذم جعفر في باب علل أسماء الصادق ( 3 )
وباب وفاة أبي محمد العسكري عليهما السلام .
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 402 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 524 .
( 3 ) راجع ج 47 ص 8 من طبعتنا هذه .
[233]
* ( تاريخ ) *
الامام أبي محمد العسكري
* ( صلوات الله عليه ) *
[235]
* ( أبواب ) *
* ( تاريخ الامام الحادى عشر ، وسبط سيد البشر ، ووالد ) *
* ( الخلف المنتظر ، وشافع المحشر ، السيد الرضى ) *
* ( الزكى ، ابى محمد الحسن بن على العسكرى ) *
* ( صلوات الله عليه وعلى آبائه الكرام ، خلفه ) *
* ( خاتم الائمة الاعلام ، ماتعاقبت الليالى والايام ) *
1 * ( باب ) *
* ( ولادته ، واسمائه ، ونقش خاتمه ، واحوال امه ) *
* ( وبعض جمل احواله عليه السلام ) *
1 - ع : سمعت مشايخنا رضي الله عنهم أن المحلة التي يسكنها الامامان علي
ابن محمد والحسن بن علي عليهما السلام بسرمن رأى كانت تسمى عسكر ، فلذلك قيل
لكل واحد منهما العسكري ( 1 ) .
2 - شا : كان مولد أبي محمد عليه السلام بالمدينة في شهر ربيع الاول سنة ثلاثين
ومائتين ، وامه ام ولد يقال لها حديثة ( 2 ) وكانت مدة خلافته ست سنين ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) علل الشرائع الباب 176 .
( 2 ) في نسخة الكافى " حديث " منه رحمه الله
( 3 ) الارشاد ص 315
[236]
3 - مصبا : يوم العاشر من شهر ربيع الاخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين
من الهجرة كان مولد أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا عليهم السلام
4 - قل : من كتاب حدائق الرياض للمفيد مثله .
5 - الدروس : امه عليه السلام حديث ولد بالمدينة في شهرربيع الاخر ، وقيل
يوم الاثنين رابعه .
5 - قب : ألقابه عليه السلام : الصامت ، الهادي ، الرفيق ، الزكي ، النقي
كنيته أبومحمد ، وكان هو وأبوه وجده يعرف كل منهم في زمانه بابن الرضا عليه السلام امه
ام ولد يقال لها حديث ، وولده القائم عليه السلام لاغير ( 1 ) .
ميلاده يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الاخر بالمدينة ، وقيل : ولد
بسر من رأى سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، مقامه مع أبيه ثلاث وعشرون سنة ، و
بعد أبيه أيام إمامته ست سنين ، وكان في سني إمامته بقية أيام المعتز أشهرا ثم
ملك المهتدي ، والمعتمد ، وبعد مضي خمس سنين من ملك المعتمد قبض عليه السلام ويقال :
استشهد ، ودفن مع أبيه بسر من رأى ، وقد كمل عمره تسعة وعشرين سنة ويقال :
سنة ثمان وعشرين ، مرض في أول شهر ربيع الاول سنة ستين ومائتين ، وتوفي
يوم الجمعة لثمان خلون منه ( 3 ) .
7 - كشف : قال محمد بن طلحة : مولده في سنة إحدى وثلاثين ومائتين للهجرة
وامه ام ولد يقال لها سوسن ، وكنيته أبومحمد ، ولقبه الخالص ( 3 )
وتوفي في الثامن من ربيع الاول من سنة ستين ومائتين ، فيكون عمره


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 236 سطر 19 الى ص 244 سطر 18

تسعا وعشرين سنة كان مقامه مع أبيه ثلاثا وعشرين سنة وأشهرا ، وبقي بعد أبيه
خمس سنين وشهورا ، وقبره بسر من رأى ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 421 .
( 2 ) المصدرج 4 ص 422 .
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 271 .
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 272
[237]
وقال الحافظ عبدالعزيز ( 1 ) : يلقب بالعسكري مولده سنة إحدى وثلاثين
ومائتين ، وتوفي سنة ستين ومائتين ، في زمن المعتز ، وقبره بسامراء ، وقيل :
مولده سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، وقبض بسرمن رأى لثمان خلون من شهر ربيع
الاول سنة ستين ومائتين ، وكان سنه يومئذ ثمان وعشرين سنة وامه ام ولد
يقال لها : حريبة ، وقبره إلى جانب قبر أبيه بسرمن رأى ( 2 )
وقال ابن الخشاب : ولد أبومحمد عليه السلام في سنة إحدى وثلاثين ومائتين ، وتوفي
يوم الجمعة ، وقال بعض الرواة في يوم الاربعا لثمان ليال خلون من ربيع الاول
سنة مائتين وستين ، فكان عمره تسعا وعشرين سنة ، منها بعد أبيه خمس سنين و
ثمانية أشهر وثلاثة عشر يوما ، قبره بسرمن رأى ، امه سوسن ( 3 ) .
وقال الحميري في كتاب الدلائل : ولد أبوالحسن بن علي عليهما السلام في
شهرربيع الاخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ، وقبض يوم الجمعة لثمان خلون من
شهرربيع الاول سنة ستين ومائتين ، وهو ابن ثمان وعشرين سنة ( 4 )
8 - عم : كان مولده عليه السلام بالمدينة يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر
ربيع الاخر اثنتين وثلاثين ومائتين وقبض عليه السلام بسر من رأى لثمان خلون من
* ( هامش ) * ( 1 ) هو أبومحمد عبدالعزيز بن أبى نصرالمبارك بن أبى القاسم محمود الحافظ
الجنا بذى الاصل - نسبة إلى كناباد - البغدادى المولد والدار ، صنف مصنفات كثيرة في علم
الحديث مفيدة ، وأخذ من الخطيب في كثير من كتبه ولد سنة 526 ومات سادس شهر
شوال سنة 611 .
قال في الكنى والالقاب ج 1 ص 204 : ومن مصنفاته كتاب معالم العترة النبوية
العلية ومعارف أئمة أهل البيت الفاطمية العلوية ، ينقل منه كثيرا الشيخ الاربلى في
كشف الغمة ، وقال : أرويه اجازة عن الشيخ تاج الدين على بن أنجب بن الساعى عن
مصنفه .
( 2 ) المصدرج 3 ص 273 .
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 292 .
( 4 ) المصدر ج 3 ص 308 .
[238]
شهر ربيع الاول سنة ستين ومائتين ، وله يومئذ ثمان وعشرون سنة ، وامه ام ولد
يقال لها حديث ، وكانت مدة خلافته ست سنين .
ولقبه الهادي ، والسراج ، والعسكري ، وكان وأبوه وجده عليهم السلام يعرف كل
منهم في زمانه بابن الرضا .
وكانت في سني إمامته بقية ملك المعتز أشهرا ثم ملك المهتدي أحد عشر شهرا
وثماني وعشرين يوما ، ثم ملك أحمد المعتمد على الله ابن جعفر المتوكل عشرين
سنة وأحد عشر شهرا وبعد مضي خمس سنين من ملكه ، قبض الله وليه أبا محمد عليه السلام
ودفن في داره بسر من رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه عليهما السلام .
وذهب كثير من أصحابنا إلى أنه عليه السلام قبض مسموما وكذلك أبوه وجده و
جميع الائمة عليهم السلام خرجوا من الدنيا على الشهادة واستدلوا في ذلك بماروي عن
الصادق عليه السلام من قوله " والله مامنا إلا مقتول شهيد " والله أعلم بحقيقة ذلك ( 1 )
9 - الفصول المهمة : صفته بين السمرة والبياض ، خاتمه " سبحان من له
مقاليد السموات والارض
" 10 - كا : ولد عليه السلام في بيع الاخر سنة اثنتين ومائتين وامه ام ولد
يقال لهاحديث ( 2 ) .
11 - عيون المعجزات : اسم امه على مارواه أصحاب الحديث سليل رضي الله
عنها ، وقيل : حديث والصحيح سليل ، وكانت من العارفات الصالحات ، وروي أنه
عليه السلام ولد في سنة إحدى وثلاثين ومائتين .
12 - كف : ولد عليه السلام يوم الاثنين رابع ربيع الثاني سنة اثنتين وثلاثين
ومائتين وقيل في عاشر ربيع الثاني ، نقش خاتمه " أنا الله شهيد " ( 3 ) بابه عثمان
ابن سعيد .
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 349
( 2 ) الكافى ج 1 ص 503 وفى بعض النسخ من الكافى زيادة [ وقيل : سوسن ]
( 3 ) في نسخة الكمبانى " ان الله شهيد "
[239]
2 * ( باب ) *
* ( النصوص على الخصوص عليه ) *
* ( صلوات الله عليه ) *
1 - ك : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن الصقر بن
دلف قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول : إن الامام بعدي
ابني علي : أمره أمري وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والامامة بعده في ابنه
الحسن ( 1 ) .
3 - ك ، لى ، يد : علي بن أحمد بن محمد وعلي بن عبدالله الوراق معا عن
محمد بن هارون الصوفي ، عن عبدالله بن موسى الروياني ، عن عبدالعظيم بن عبدالله
الحسني ، عن علي بن محمد عليه السلام أنه قال : الامام من بعدي الحسن ابني ، فكيف
للناس بالخلف من بعده الخبر ( 2 ) .
4 - ك : الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن عبدالله بن أحمد الموصلي
عن الصقر بن دلف قال : سمعت علي بن محمد بن علي الرضا عليهم السلام يقول : الامام بعدي
الحسن ، وبعد الحسن ابنه القائم ، الذي يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا
وظلما ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) كمال الدين ج 2 ص 50 .
( 2 ) راجع كمال الدين ج 2 ص 51 والحديث طويل .
( 3 ) كمال الدين ج 2 ص 55 .
[240]
نص : محمد بن عبدالله بن حمزة ، عن عمه الحسن ، عن علي بن إبراهيم
مثله ( 1 ) .
5 - ك : ابن الوليد ، عن سعد ، عن محمد بن أحمد العلوي ، عن أبي هاشم
الجعفري قال : سمعت أبا الحسن صاحب العسكر عليه السلام يقول : الخلف من بعدي ابني
الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ، فقلت : ولم جعلني الله فداك ؟ فقال :
لانكم لاترون شخصه ولايحل لكم ذكره باسمه ، قلت : فكيف نذكره ؟ قال :
قولوا : الحجة من آل محمد صلى الله عليه وآله ( 2 ) .
غط : سعد مثله ( 3 ) .
شا : ابن قولويه عن الكليني ( 4 ) عن علي بن محمد ، عن رجل ذكره ، عن
محمد بن أحمد العلوي مثله ( 5 )
عم : في كتاب أبي عبدالله بن عياش ، عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن سعد
عن محمد بن أحمد العلوي مثله ( 6 ) .
6 - ير : الحسين بن محمد ، عن المعلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله
عن أحمد بن الحسين ، عن علي بن عبدالله بن مروان الا نباري قال : كنت حاضرا
عند مضى أبي جعفر ابن أبي الحسن فجاء أبوالحسن عليه السلام فوضع له كرسي فجلس
عليه ، وأبومحمد قائم في ناحية ، فلما فرغ من أبي جعفر ، التفت أبوالحسن عليه السلام
إلى أبي محمد عليه السلام فقال : يا بنى أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا ( 7 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) كفاية الاثرص 326 .
( 2 ) كمال الدين ج 2 ص 362 .
( 3 ) غيبة الشيخ ص 131 .
( 4 ) الكافى ج 1 ص 332
( 5 ) الارشادص 317 .
( 6 ) اعلام الورى ص 351 و 352 .
( 7 ) بصائر الدرجات ص 473
[241]
عم ( 1 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 2 ) عن الحسن بن محمد ، عن المعلي
مثله ( 3 ) .
بيان : " فقد أحدث فيك أمرا " أي جعلك إماما بموت أخيك الا كبر قبلك ( 4 )
7 - غط : سعد عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت عند أبي الحسن العسكري
عليه السلام وقت وفاة ابنه : أبي جعفر ، وقد كان أشار إليه ودل عليه ، وإني لافكر
في نفسي ، وأقول هذه قصة أبي إبراهيم وقصة إسماعيل فأقبل علي أبوالحسن عليه السلام
وقال : نعم يا أبا هاشم بدالله في أبي جعفر وصير مكانه أبا محمد كما بداله في إسماعيل بعد
مادل عليه أبوعبدالله عليه السلام ونصبه ، وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون
أبومحمد ابني الخلف من بعدي ، عنده ما تحتاجون إليه ، ومعه آلة الامامة
والحمدلله ( 5 ) .
شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 6 ) عن علي بن محمد ، عن إسحاق بن محمد ، عن
أبي هاشم الجعفري مثله ( 7 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 350 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 326 .
( 3 ) الارشادص 315 و 316 .
( 4 ) الاصح ان يقال : أحدث فيك أمرا : أى لطفا ونعمة ، وذلك لان المعروف بين
شيعتنا بنص الباقر عليه السلام أن الامامة في الولد الاكبر ، ولولم يمض ابوجعفر اخوك
الاكبر ، لا ختلف فيك الشيعة كما اختلفوا بعد ابى عبدالله الصادق عليه السلام .
واما جعل الامامة فهو بارادة الله عزوجل ، وقداخذ ميثاق كل واحد منهم عليهم السلام
في الذر ، ليس للامام الماضى فيه صنع ، والمراد بالبداء هو ما يرجع إلى نحو ماقلنا ، كما
سيجئ بيان ذلك .
( 5 ) غيبة الشيخ ص 130 .
( 6 ) الكافى ج 1 ص 327 .
( 7 ) الارشاد ص 317 .
[242]
8 - غط : سعد ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن سيار بن محمد البصري ، عن
علي بن عمرو النوفلي قال : كنت مع أبي الحسن العسكري عليه السلام في داره فمر
علينا أبوجعفر فقلت له : هذا صاحبنا ؟ فقال : لا صاحبكم الحسن ( 1 ) .
كشف : من دلائل الحميري عن النوفلي مثله ( 2 ) .
9 - غط : سعد عن هارون بن مسلم ، عن أحمد بن رجا صاحب الترك
قال : قال أبوالحسن عليهم السلام : الحسن ابني القائم من بعدي ( 3 ) .
10 - غط : سعد ، عن أحمد بن عيسى العلوي من ولد علي بن جعفر قال :
دخلت على أبي الحسن عليه السلام بصريا فسلمنا عليه ، فاذا نحن بأبي جعفر وأبي محمد قد
دخلا ، فقمنا إلى أبي جعفر لنسلم عليه ، فقال أبوالحسن عليه السلام ليس هذاصاحبكم
عليكم بصاحبكم ، وأشار إلى أبي محمد عليه السلام ( 4 ) .
11 - غط : سعد ، عن علي بن محمد الكليني ( 5 ) عن إسحاق بن محمد النخعي ، عن
شاهويه بن عبدالله الجلاب قال : كنت رويت عن أبي الحسن العسكري عليه السلام في
أبي جعفر ابنه روايات تدل عليه ، فلما مضى أبوجعفر قلقت لذلك ، وبقيت متحيرا
لا أتقدم ولا أتأخر ، وخفت أن أكتب إليه في ذلك ، فلا أدري ما يكون .
فكتبت إليه أسأله الدعاء أن يفرج الله عنا في أسباب من قبل السلطان كنا
نغتم بها في غلماننا فرجع الجواب بالدعاء ورد الغلمان علينا ، وكتب في آخر
الكتاب : أردت أن تسأل عن الخلف بعد مضي أبي جعفر ، وقلقت لذلك ، فلا تغتم
فان الله لايضل قوما بعد إذهذاهم حتى يتبين لهم ما يتقون .
* ( هامش ) * ( 1 ) غيبة الطوسى ص 129 و 130 .
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 301 .
( 3 ) غيبة الشيخ الطوسى ص 130 .
( 4 ) المصدر نفسه ص 130 .
( 5 ) هو ابوالحسن على بن محمد بن ابراهيم بن ابان الرازى الكلينى المعروف بعلان
ثقة عين من أصحابنا له كتاب أخبار القائم عليه السلام .
[243]
صاحبكم بعدي أبومحمد ابني وعنده ما تحتاجون إليه يقدم الله ما يشاء ، و
يؤخر ما يشاء " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " قد كتبت بما فيه
بيان وقناع لذي عقل بقظان ( 1 ) .
شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 2 ) عن علي بن محمد عن إسحاق مثله ( 3 ) .
12 - غط : ابن أبي الخطاب ، عن ابن أبي الصهبان قال : لما مات أبوجعفر
محمد بن علي بن محمد بن علي بن موسى وضع لابي الحسن علي بن محمد كرسي فجلس
عليه وكان أبومحمد الحسن بن علي قائما في ناحية فلما فرغ من غسل أبي جعفر
التفت أبوالحسن إلى أبي محمد فقال : يا بني أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك
أمرا ( 4 ) .
13 - عم ( 5 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 6 ) عن علي بن محمد ، عن
جعفر بن محمد الكوفي عن يسار بن أحمد البصري ، عن علي بن عمر النوفلي قال :
كنت مع أبي الحسن عليه السلام في صحن داره فمر بناابنه محمد فقلت : جعلت فداك هذا
صاحبنا بعدك ؟ فقال : لا صاحبكم بعدي الحسن ( 7 ) .
14 - عم ( 8 ) شا : بالاسناد ، عن يسار بن أحمد ( 9 ) عن عبدالله بن محمد .
* ( هامش ) * ( 1 ) غيبة الشيخ ص 131 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 328
( 3 ) الارشاد ص 317 . ورواه الطبرسى في اعلام الورى ملخصا ص 351 .
( 4 ) كتاب الغيبة ص 131 و 132 .
( 5 ) اعلام الورى ص 350 .
( 6 ) الكافى ج 1 ص 325 و 326 .
( 7 ) الارشاد ص 315 .
( 8 ) اعلام الورى ص 350 .
( 9 ) في الكافى " بشار بن احمد ، في المواضع ، وفى اعلام الورى المطبوع هكذا
" بشاربن احمد " وفى هامش نسخة الاصل " سنان بن احمد " نقلا عن نسخة اعلام الورى
وقد كان نسخة الاصل منه عنده قدس سره فتحرر .
[244]
الاصفهاني قال : قال لي أبوالحسن عليه السلام : صاحبكم بعدي الذي يصلي علي قال :
ولم نعرف أبا محمد قبل ذلك قال : فخرج أبومحمد بعد وفاته فصلى عليه ( 1 ) .
15 - عم ( 2 ) شا : بالاسناد عن يسار بن أحمد ، عن موسى بن جعفر بن وهب ، عن
علي بن جعفر قال : كنت حاضرا أبا الحسن عليه السلام لما توفي ابنه محمد فقال للحسن :
يا بني أحدث شكرا فقد أحدث فيك أمرا ( 3 ) .
16 - عم ( 4 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ، عن علي بن محمد ، عن أحمد
القلانسي ، عن علي بن الحسين بن عمر ، عن علي بن مهزيار قال : قلت لابي الحسن
عليه السلام : إن كان كون - وأعوذ بالله - فالى من ؟ قال : عهدي إلى الاكبر من
ولدي يعني الحسن عليه السلام ( 5 ) .
17 - عم ( 6 ) قب ( 7 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 8 ) عن علي بن محمد ، عن
أبي محمد الاسترابادي ، عن علي بن عمرو والعطار قال : دخلت على أبي الحسن عليه السلام
وابنه أبوجعفر في الاحياء وأنا أظن أنه الخلف من بعده فقلت : جعلت فداك من
أخص من ولدك ؟ فقال : لاتخصوا أحدا من ولدي حتى يخرج إليكم أمري قال :
فكتبت إليه بعد : فيمن يكون هذا الامر ؟ قال : فكتب إلي : الاكبر من ولدي وكان
أبومحمد عليه السلام أكبر من جعفر ( 9 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشادص 315 .
( 2 ) اعلام الورى ص 350 .
( 3 ) الارشاد ص 315 .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 244 سطر 19 الى ص 252 سطر 18

( 4 ) اعلام الورى ص 350 .
( 5 ) الارشاد ص 316 .
( 6 ) اعلام الورى ص 350 و 351 .
( 7 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 422 و 423
( 8 ) الكافى ج 1 ص 326 .
( 9 ) الارشادص 316 والمراد بجعفر هذا هو المشهور بالكذاب .
[245]
بيان : قوله " فكتبت إليه بعد ، أي بعد فوت أبي جعفر .
18 - عم ( 1 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 2 ) عن محمد بن يحيى وغيره
عن سعيد بن عبدالله ، عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحسين الافطس أنهم
حضروا يوم توفي محمد بن علي بن محمد دار أبي الحسن عليه السلام وقد بسط له في صحن داره
والناس جلوس حوله ، فقالوا : قدرناأن يكون حوله من آل أبي طالب وبني العباس
وقريش مائة وخمسون رجلا سوى مواليه وسائر الناس إذ نظر إلى الحسن بن علي
وقد جاء مشقوق الجيب حتى جاء عن يمينه ، ونحن لانعرفه .
فنظر إليه أبوالحسن عليه السلام بعد ساعة من قيامه ، ثم قال : يا بني أحدث
لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا : فبكى الحسن عليه السلام واسترجع ، وقال : الحمد لله
رب العالمين وإياه أشكرتمام نعمه علينا ، وإنا لله وإنا راجعون
فسألنا عنه فقيل لنا : هذا الحسن ابنه ، وقد رناله في ذلك الوقت عشرين سنة
ونحوها فيومئذ عرفناه وعلمنا أنه قد أشار إليه بالامامة ، وأقامه مقامه ( 3 ) .
19 - عم ( 4 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 5 ) عن علي بن محمد ، عن إسحاق
ابن محمد بن يحيى بن رئاب ، عن أبي بكر الفهفكي قال : كتب إلي
أبوالحسن عليه السلام " أبومحمد ابني أصح آل محمد غريزة ، وأو ثقهم حجة ، وهو الاكبر
من ولدي ، وهو الخلف ، وإليه ينتهي عرى الامامة وأحكامها ، فماكنت سائلي منه
فاسأله عنه ، وعنده ما تحتاج إليه " ( 6 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 351 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 326 و 327 .
( 3 ) الارشاد ص 316 .
( 4 ) اعلام الورى ص 351 . وزاد بعده ومعه آلة الامامة .
( 5 ) الكافى ج 1 ص 326 و 327
( 6 ) الارشاد ص 317 .
[246]
20 - عم ( 1 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 2 ) ، عن علي بن محمد ، عن
إسحاق بن محمد ، عن محمد بن يحيى قال : دخلت على أبي الحسن عليه السلام بعد مضي
أبي جعفر ابنه فعزيته عنه ، وأبومحمد جالس ، فبكى أبومحمد فأقبل عليه أبوالحسن عليه السلام
فقال : إن الله قد جعل فيك خلفا منه فاحمد الله ( 3 )
21 - عم : الكليني ، عن علي بن محمد بن أحمد النهدي ، عن يحيى بن يسار
القنبري قال : أوصى أبوالحسن عليه السلام إلى ابنه الحسن عليه السلام قبل مضيه بأربعة أشهر
وأشار إليه بالامر من بعده ، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي ( 4 ) .
شا ( 5 ) : ابن قولويه ، عن الكليني مثله ( 6 ) .
غط : يحيى بن بشار العنبري مثله ( 7 )
* ( هامش ) * ( 1 ) لم نجده في مظانه من اعلام الورى .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 327 .
( 3 ) الارشاد ص 316 و 317 .
( 4 ) اعلام الورى ص 351 .
( 5 ) الارشادص 351 .
( 6 ) الكافى ج 1 ص 325 .
( 7 ) غيبة الشيخ ص 130 .
[247]
2 * ( باب ) *
* ( معجزاته ومعالى اموره ) *
* ( صلوات الله عليه ) *
1 - ك : حدثنا أبوجعفر محمد بن عيسى بن أحمد الزرجي قال : رأيت
بسر من رأى رجلا شابا في المسجد المعروف بمسجد زبيد ، في شارع السوق ، و
ذكر أنه هاشمي من ولد موسى بن عيسى لم يذكر أبوجعفر اسمه ، وكنت اصلي
فلما سلمت قال لي : أنت قمي أوزائر ؟ ( 1 ) قلت : أنا قمي مجاور بالكوفة في
مسجد أمير المؤمنين عليه السلام فقال لي : تعرف دار موسى بن عيسى التي بالكوفة ؟
فقلت : نعم ؟ فقال : أنا من ولده .
قال : كان لي أب وله أخوان ، وكان أكبر الاخوين ذامال ، ولم يكن للصغير
مال ، فدخل على أخيه الكبير فسرق منه ست مائة دينار فقال الاخ الكبير : أدخل
على الحسن بن علي بن محمد الرضا عليهم السلام وأسأله أن يلطف للصغير لعله أن
يرد مالي فانه حلو الكلام فلما كان وقت السحر بدالي عن الدخول على الحسن
ابن علي عليهما السلام وقلت : أدخل على أسباس التركي صاحب السلطان و
أشكو إليه .
قال : فدخلت على أسباس التركي وبين يديه نرد يلعب به ، فجلست أنتظر
فراغه ، فجاءني رسول الحسن بن علي عليهما السلام فقال : أجب ! فقام معه فلما دخل على
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر المطبوع : أنت قمى أورازى ؟
[248]
الحسن قال له : كان لك إلينا أول الليل حاجة ثم بدالك عنها وقت السحر ، اذهب
فان الكيس الذي اخذ من مالك رد ، ولا تشك أخاك وأحسن إليه وأعطه ، فان
لم تفعل فابعثه إلينا لنعطيه فلما خرج تلقاه غلامه يخبره بوجود الكيس .
قال أبوجعفر الزرجي : فلما كان من الغد ، حملني الهاشمي إلى منزله و
أضافني ثم صاح بجارية وقال : يا غزال أو يازلال ، فاذا أنا بجارية مسنة فقال لها :
يا جارية حدثي مولاك بحديث الميل والمولود ، فقالت : كان لنا طفل وجع فقالت
لي مولاتي : ادخلي إلى دار الحسن بن علي عليهما السلام فقولي لحكيمة تعطينا شيئا يستشفي
به مولودنا .
فدخلت عليها فسألتها ذلك : فقالت حكيمة : ائتوني بالميل الذي كحل به
المولود الذي ولد البارحة يعني ابن الحسن بن علي عليه السلام فاتيت بالميل فدفعته
إلي وحملته إلى مولاتي وكحلت به المولود ، فعوفي وبقي عندنا وكنا نستشفي
به ثم فقدناه .
قال أبوجعفر الزرجي : فلقيت في مسجد الكوفة أبا الحسن بن يرهون
البرسي فحدثته بهذا الحديث عن الهاشمي فقال : قد حدثني هذا الهاشمي بهذه
الحكاية حذو النعل بالنعل سواء من غير زيادة ولا نقصان ( 1 ) .
بيان : قوله " أوزائر " لعل الهمزة للاستفهام دخلت على واو العاطفة أي
أو أنت جئت للزيارة أو كلمة " أو " للاضراب بمعنى بل ، قوله " فلما كان وقت السحر
بدالي " هذا كلام الرواي ، وقوله " فقام " رجوع إلى سياق أول الكلام .
2 - قب ( 2 ) يج ( 3 ) غط : عمرو بن محمد بن ريان ( 4 ) الصيمري قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) كمال الدين ج 2 ص 194 و 195 .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 430
( 3 ) مختار الخرائج والجرائح ص 214 .
( 4 ) في بعض النسخ كما في المناقب - عمرو بن محمد بن زياد الصميرى .
[249]
دخلت على أبي أحمد عبيدالله بن عبدالله بن طاهر وبين يديه رقعة أبي محمد عليه السلام فيها
" إني نازلت الله في هذا الطاغي يعني المستعين ( 1 ) وهو آخذه بعد ثلاث " فلما كان
* ( هامش ) * ( 1 ) بويع المستعين أحمد بن محمد بن المعتصم في اليوم الذى توفى فيه المنثصر يوم
الاحد لخمس خلون من ربيع الاخر سنة ثمان وأربعين ومائتين ، وكان بغا ووصيف من
الاتراك متوليين لامر الخلافة في زمانه وأنزلاه في دار السلام ، دار محمد بن عبدالله
ابن طاهر .
فاضطربت الاتراك والفراعنة وغيرهم من نظرائهم من الموالى بسامراء ، فأجمعوا
على بعث جماعة منهم اليهم يسألونه الرجوع إلى دار ملكه ، واعترفوا بذنوبهم ، وتضمنوا
أن لا يعودوا ولا غيرهم من نظرائهم إلى شئ مما أنكر عليهم ، وتذللوا له فأجينوا
بما يكرهون .
فانصرفوا إلى سرمن رأى فأعلموا أصحابهم وآيسوهم من رجوع الخليفة ، وقد كان
المستعين أغفل أمر المعتز والمؤيد حين انحدر إلى بغداد ، ادلم يأخذهما معه ، وقد كان
حذر من محمد بن الواثق فأحدره معه ، ثم انه هرب منه في حال الحرب .
فأجمع الموالى على اخراج المعتز والمبايعة له فأنزلوه مع أخيه المؤيد من الحبس
وبايعوه في يوم الاربعاء لاحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة احدى وخمسين ومائتين
وركب في غد ذلك اليوم إلى دار العامة ، فأخذ البيعة على الناس ، وخلع على أخيه المؤيد
وعقد له عقد ين أسود وأبيض ، وأحدر أخاه أبا أحمد مع عدة من الموالى لحرب المستعين
فسار إلى بغداد فلم تزل الحرب بينهم وأمور المعتز تقوى وحال المستعين تضعف .
فلما راى محمد بن عبدالله بن طاهر ذلك كاتب المعتز إلى الصلح على خلع المستعين
فجرى بينهم العهود ، فخلع المستعين نفسه من الخلافة في ليلة الخميس لثلاث خلون من
المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين وأحدر هو وعياله إلى واسط بمقتضى الشرط ، ثم بعث
المعتزفى شهر رمضان من هذه السنة سعيد بن صالح حتى أعرض المستعين قرب سامرا فاجتز
رأسه وحمله إلى المعتز بالله وكان ابن خمس وثلاثين سنة .
[250]
اليوم الثالث خلع ، وكان من أمره ماكان إلى أن قتل ( 1 ) .
توضيح قال الجزري : فيه نازلت ربي في كذا أي راجعته وسألته مرة
بعد مرة ، وهو مفاعلة من النزول عن الامر ، أو من النزال في الحرب ، وهو تقابل
القرنين .
3 - قب ( 2 ) غط : سعد ، عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت عند أبي محمد
عليه السلام فقال : إذا قام القائم أمر بهدم المنائر والمقاصير التي في المساجد فقلت
في نفسي : لاي معنى هذا ؟ فأقبل علي فقال : معنى هذا أنها محدثة مبتدعة ، لم
يبنها نبي ولا حجة ( 3 ) .
كشف : من دلائل الحميري ، عن أبي هاشم مثله ( 4 ) .
عم : من كتاب أحمد بن محمد بن عياش ، عن العطار ، عن سعد والحميري
معا عن الجعفري مثله ( 5 ) .
4 - قب ( 6 ) غط : سعد عن أبي هاشم الجعفري قال : سمعت أبا محمد عليه السلام
يقول : من الذنوب التي لاتغفر قول الرجل ليتني لا اؤ اخذ إلا بهذا ، فقلت في
نفسي : إن هذا لهوالدفيق ، ينبغي للرجل أن يتفقد من أمره ومن نفسه كل
شئ فأقبل علي أبومحمد عليه السلام فقال : يا أبا هاشم صدقت فالزم ما حدثت به نفسك
فان الاشراك في الناس أخفى من دبيب الذر على الصفا ، في الليلة الظلماء ومن
دبيب الذر على المسح الاسود ( 7 )
* ( هامش ) * ( 1 ) غيبة الشيخ ص 132 وأخرجه الاربلى في كشف الغمة عن دلائل الحميرى ج 3
ص 295 .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 437 .
( 3 ) غيبة الشيخ ص 133
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 296 .
( 5 ) اعلام الورى ص 355 .
( 6 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 439 .
( 7 ) غيبة الشيخ ص 133 .
[251]
كشف : من دلائل الحميري ، عن الجعفري مثله ( 1 ) .
عم : من كتاب ابن عياش بالاسناد المتقدم مثله ( 2 ) .
5 - غط : سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد قال :
أخبرني أبوالهيثم بن سبانه أنه كتب إليه لما أمر المعتز بدفعه إلى سعيد الحاجب
عند مضيه إلى الكوفة وأن يحدث فيه ما يحدث به الناس بقصر ابن هبيرة " جعلني "
الله فداك ، بلغنا خبر قد أقلقنا وأبلغ منا " فكتب إليه عليه السلام بعد ثالث يأتيكم الفرج
فخلع المعتز اليوم الثالث ( 3 ) .
6 - غط : جماعة ، عن التلعكبري رحمه الله قال : كنت في دهليز أبي علي
محمد بن همام رحمه الله على دكة إذمر بناشيخ كبير عليه دارعة ، فسلم على أبي علي
ابن همام فرد عليه السلام ومضى ، فقال لي : أتدري من هو هذا ؟ فقلت : لافقال
لي : هذا شاكرى لسيدنا أبي محمد عليه السلام أفتشتهي أن تسمع من أحاديثه عنه شيئا ؟
قلت : نعم ، فقال لي : معك شئ تعطيه ؟ فقلت له : معي درهمان صحيحان ، فقال :
هما يكفيانه .
فمضيت خلفه فلحقته فقلت له : أبوعلي يقول لك تنشط للمصير إلينا ؟ فقال :
نعم ، فجئنا إلى أبي علي بن همام فجلس إليه فغمزني أبوعلي أن أسلم إليه
الدرهمين فقال لي : ما يحتاج إلى هذا ، ثم أخذهما فقال له أبوعلي بن همام يا
باعبدالله محمد ! حدثنا عن أبي محمد بما رأيت .
فقال : كان استاذي صالحا من بين العلويين لم أرقط مثله ، وكان يركب
بسرج صفته بزيون مسكي وأزرق ، قال : وكان يركب إلى دار الخلافه بسر من
رأى في كل اثنين وخميس قال : وكان يوم النوبة يحضر من الناس شئ عظيم ، و
يغص الشارع بالدواب والبغال والحمير والضجة ، فلا يكون لاحد موضع يمشي
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمه ج 3 ص 298 .
( 2 ) اعلام الورى ص 355 و 356 .
( 3 ) غيبة الشيخ ص 134 .
[252]
ولا يدخل بينهم .
قال : فاذا جاء استاذي سكنت الضجة ، وهدأ صهيل الخيل ونهاق الحمير
قال : وتفرقت البهائم حتى يصير الطريق واسعا لايحتاج أن يتوقى من الدواب
نحفه ليز حمها ثم يدخل فيجلس في مرتبته التي جعلت له ، فاذا أراد الخروج و
صاح البوابون : هاتوا دابة أبي محمد ، سكن صياح الناس وصهيل الخيل ، وتفرقت
الدواب حتى يركب ويمضي .
وقال الشاكري : واستدعاه يوما الخليفة وشق ذلك عليه وخاف أن يكون
قد سعى به إليه بعض من يحسده على مرتبته ، من العلويين والهاشميين ، فركب
ومضى إليه ، فلما حصل في الدار قيل له : إن الخليفة قد قام ولكن اجلس في مرتبتك
أو انصرف قال : فانصرف وجاء إلى سوق الدواب وفيها من الضجة والمصادمة
واختلاف الناس شئ كثير .
فلما دخل إليها سكن الناس ، وهدأت الدواب قال : وجلس إلى نخاس
كان يشتري له الدواب قال : فجئ له بفرس كبوس لايقدر أحد أن يدنومنه قال :
فباعوه إياه بوكس ، فقال لي : يا محمد قم فأطرح السرج عليه قال : فقلت : إنه
لايقول لي ما يؤذيني ، فحللت الحزام ، وطرحت السرج فهدأ ولم يتحرك وجئت
به لامضي به فجاء النخاس فقال لي : ليس يباع ، فقال لي : سلمه إليهم ، قال :
فجاء النخاس ليأخذه فالتفت إليه التفاتة ذهب منه منهمزما .
قال : وركب ومضينا فلحقنا النخاس فقال : صاحبه يقول أشفقت أن يرد فان


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 252 سطر 19 الى ص 260 سطر 18

كان علم ما فيه من الكبس فليشتره فقال له استاذي قد علمت ، فقال : قد بعتك فقال
لي : خذه فأخذته فجئت به إلى الاصطبل فما تحرك ولا آذاني ببركة استاذي .
فلما نزل جاء إليه وأخذ اذنه اليمنى فرقاه ثم أخذ اذنه اليسرى فرقاه
فوالله لقد كنت أطرح الشعير له فأفرقه بين يديه ، فلا يتحرك ، هذا ببركة استاذي .
قال أبومحمد : قال أبوعلي بن همام : هذا الفرس يقال له الصؤل ( 1 ) قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) قال في الصحاح ص 1747 قال أبو زيد : صؤل البعير - بالهمز - يصؤل صآلة :
اذا صار يقتل الناس ويعدو عليهم ، فهوجمل صؤول .
[253]
يرجم بصاحبه حتى يرجم به الحيطان ويقوم على رجليه ويلطم صاحبه .
قال محمد الشاكري : كان استاذي أصلح من رأيت من العلويين والهاشميين
ما كان يشرب هذا النبيذ ، كان يجلس في المحراب ويسجد فأنام وأنتبه وأنام وهو
ساجد ، وكان قليل الاكل ، كان يحضره التين والعنب والخوخ وماشا كله ، فيأكل
منه الواحدة والثنتين ويقول : شل هذا يا محمد إلى صبيانك ، فأقول هذاكله ؟ فيقول
خذه ما رأيت قط أسدى منه ( 1 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي صفة الدار والسرج معروف ( 2 ) وقال البزيون
كجرد حل وعصفور السندس ، وقوله " نحفه ليزحمها " لعله بيان للتوقي أي كان
لا يحتاج إلى ذلك ، والاحتمال الاخر ظاهر " والكبوس " لعله معرب جموش
ولم أظفرله في اللغة على معنى يناسب المقام ( 3 ) ويحتمل أن يكون كيوس بالياء
المثناة من الكيس خلاف الحمق فان الصعوبة وقلة الانقياد يكون غالبا في الانسان
مع الكياسة ، وأبومحمد كنية للتلعكبري قوله " شل هذا " أي ارفعه ويقال : أسدى
إليه أي أحسن .
7 - غط : الفزاري عن محمد بن جعفر بن عبدالله ، عن محمد بن أحمد الانصاري
قال : وجه قوم من المفوضة والمقصرة كامل بن إبرهيم المدني إلى أبي محمد عليه السلام
قال كامل : فقلت في نفسي أسأله لايدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي ؟
قال : فلما دخلت على سيدي أبي محمد ، نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه فقلت
في نفسي : ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ؟ ويأمرنا نحن بمواساة الاخوان
وينهانا عن لبس مثله ، فقال متبسما : يا كامل وحسر ذراعيه فاذا مسح أسود خشن
على جلده ، فقال : هذا لله وهذا لكم ، تمام الخبر .
* ( هامش ) * ( 1 ) غيبة الشيخ ص 139 و 140 .
( 2 ) راجع القاموس ج 3 ص 163 ، وقال غيره : هى ما غشى به بين القربوسين
وهما مقدمه ومؤخره .
( 3 ) ولعله فعول من الكبس بمعنى الاقتحام على الشئ .
[254]
8 - قب ، يج : قال أبوهاشم : ما دخلت قط على أبي الحسن وأبي محمد عليهما السلام
إلا رأيت منهما دلالة وبرهانا ، فدخلت على أبي محمد وأنا اريد أن أسأله ما أصوغ
به خاتما أتبرك به ، فجلست وأنسيت ما جئت له ، فلما أردت النهوض رمى إلي
بخاتم ، وقال : أردت فضة فأعطيناك خاتما وربحت الفص والكرى ، هناك الله ( 1 ) .
عم : من كتاب ابن عياش بالاسناد المتقدم مثله ( 2 ) .
9 - يج : قال أبوهاشم قلت في نفسي : أشتهي أن أعلم مايقول أبومحمد في
القرآن أهو مخلوق أم غير مخلوق ؟ فأقبل علي فقال : أما بلغك ما روي عن
أبي عبدالله عليه السلام لما نزلت قل هوالله أحد خلق لها أربعة ألف جناح ، فما كانت تمر
بملاء من الملائكة إلا خشعوا لها ، وقال : هذه نسبة الرب تبارك وتعالى ( 2 ) .
10 - قب ، يج : عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت في الحبس مع جماعة
فحبس أبومحمد عليه السلام وأخوه جعفر فخففنا له وقبلت وجه الحسن ، وأجلسته على
مضربة كات عندي ، وجلس جعفر قريبا منه فقال جعفر : واشيطناه ، بأعلى صوته
يعني جارية له ، فضجره أبومحمد وقال له : اسكت وإنهم رأوا فيه أثر السكر ( 4 )
وكان المتولي حبسه صالح بن وصيف وكان معنا في الحبس رجل جمحي
يدعي أنه علوي فالتفت أبومحمد وقال : لولا أن فيكم من ليس منكم لا علمتكم متى
يفرج الله عنكم وأومأ إلى الجمحي فخرج ، فقال أبومحمد هذا الرجل ليس منكم
فاحذروه فان في ثيابه قصة قد كتبهاإلى السلطان يخبره بماتقولون فيه ، فقام
بعضهم ففتش ثيابه ، فوجد فيها القصة يذكرنا فيها بكل عظيمة ، ويعلمه أنا نريد
أن ننقب الحبس ونهرب ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 437 .
( 2 ) اعلام الورى ص 356 .
( 3 ) مختار الخرائج ص 239 .
( 4 ) المصدرص 238 .
( 5 ) نفس المصدرص 238 .
[255]
وقال أبوهاشم : كان الحسن يصوم فاذا أفطر أكلنا معه وما كان يحمله إليه غلامه
في جونة مختومة ، فضعفت يوما عن الصوم فأفطرت في بيت آخر على كعكة ، وما
شعربي أحد ، ثم جئت فجلست معه ، فقال لغلامه : أطعم أباهاشم شيئا فانه مفطر
فتبسمت ، فقال : مماتضحك يا أبا هاشم إذا أردت القوة فكل اللحم فان الكعك
لاقوة فيه ، فقلت : صدق الله ورسوله وأنتم عليكم السلام فأكلت فقال : أفطر ثلاثا
فان له المنة لاترجع لمن أنهكه الصوم في أقل من ثلاث .
فلما كان في اليوم الذي أراد الله أن يفرج عنه جاءه الغلام فقال : ياسيدي
أحمل فطورك ، قال : احمل وما أحسبنا نأكل منه ، فحمل الطعام الظهر ، وأطلق عنه
العصر ، وهوصائم ، فقالوا : كلوا هداكم ( 1 ) الله ( 2 ) .
عم : من كتاب أحمد بن محمد بن عياش ، عن أحمد بن زياد الهمداني
عن علي بن إبراهيم ، عن أبي هاشم الجعفري مثله ( 3 ) .
بيان : " فخففناله " أي أسرعنا إلى خدمته ، وفي بعض النسخ " فحففنا به "
بالحاء المهملة من قولهم حفه أي أطاف به ، " والجونة " الخابية مطلية بالقار ، و
" المنة " بالضم القوة .
11 - قب ( 4 ) يج : قال أبوهاشم سأله الفهفكي ما بال المرأة المسكينة الضعيفة
تأخذ سهما واحدا ويأخد الرجل سهمين ؟ قال : لان المرأة ليس لها جهاد ولانفقة .
* ( هامش ) * ( 1 ) هناكم الله خ ل .
( 2 ) مختارالخرائج ص 238 و 239 وقد رواه ابن شهر آشوب في المناقب ج 4
ص 430 و 439 ملخصا فراجع .
( 3 ) اعلام الورى ص 354 - 355 .
( 4 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 437 ورواه الكلينى في الكافى ج 7 ص 85 عن
على بن محمد ، عن محمد بن أبى عبدالله ، عن اسحاق بن محمد النخعى .
[256]
ولاعليها معقلة ( 1 ) إنما ذلك على الرجال فقلت في نفسي : قد كان قيل لي إن ابن
أبي العوجا سأل أبا عبدالله عليه السلام عن هذه المسألة فأجابه بمثل هذا الجواب .
فأقبل عليه السلام علي فقال : نعم هذه مسألة ابن أبي العوجا ( 2 ) والجواب منا
واحد إذا كان معنى المسألة واحدا ، جرى لاخرنا ما جرى لاولنا ، وأولنا وآخرنا
في العلم والامر سواء ، ولرسول الله وأمير المؤمنين فضلهما ( 3 ) .
كشف : من دلائل الحميري ، عن الجعفري مثله ( 4 )
عم : من كتاب ابن عياش بالاسناد المذكور مثله ( 5 ) .
12 - يج : قال أبوهاشم : سمعت أبا محمد يقول : إن الله ليعفو يوم القيامة عفوا
[ لا ] يحيط على العباد حتى يقول أهل الشرك " والله ربنا ما كنا مشركين " ( 6 )
فذكرت في نفسي حديثا حدثني به رجل من أصحابنا من أهل مكة أن رسول الله
* ( هامش ) * ( 1 ) المعقلة - بضم القاف - الغرم ، يقال : صاردمه معقلة على قومه اى صاروا يدونه
يؤدون من أموالهم ، وأصل العقل الامساك والاستمساك كعقل البعير بالعقال ، وعقل الدواء
البطن ، كما قيل للحصن معقل ، وباعتبار عقل البعير قيل عقلت المقتول : اعطيت ديته .
وقيل أصله أن تعقل الابل بفناء ولى الدم ، وقيل بل بعقل الدم أن يسفك ثم سميت
الدية باى شئ كان عقلا ، وسمى الملتزمون له عاقلة ، وهم قرابة الرجل من قبل الاب
الذى يعطون دية من قتله خطأ .
( 2 ) رواه الكلينى في الكافى ج 7 ص 85 ، باسناده عن الاحول قال : قال لى ابن
أبى العوجاء : ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهما واحدا ويأخذ الرجل سهمين ؟
قال : فذكره بعض أصحابنا لابى عبدالله عليه السلام فقال : ابن المرأة ليس عليها جهاد ، ولا
نفقة ولامعقلة وانما ذلك على الرجال ، ولذلك جعل للمرأة سهما واحدا وللرجل
سهمين .
( 3 ) مختار الخرائج ص 239 .
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 299 .
( 5 ) اعلام الورى ص 355 .
( 6 ) الانعام : 23 .
[257]
صلى الله عليه وآله قرأ " إن الله يغفر الذنوب جميعا " ( 1 ) فقال الرجل ومن
أشرك ، فأنكرت ذلك ، وتنمرت للرجل ، فأنا أقول في نفسي إذا أقبل علي عليه السلام
فقال : " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفرما دون ذلك لمن يشاء " ( 2 ) بئسما قال
هذا ، وبئسما روى ( 3 )
13 - قب ( 4 ) يج : قال أبوهاشم : سأل محمد بن صالح أبا محمد عليه السلام عن
قوله تعالى : " لله الامر من قبل ومن بعد " ( 5 ) فقال عليه السلام : له الامر من قبل
أن يأمربه ، وله الامر من بعد أن يأمر به بما يشاء ، فقلت في نفسي : هذا قول الله
" ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين " ( 6 ) فأقبل علي فقال : هوكما
أسررت في نفسك " ألا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين " قلت : أشهد
أنك حجة الله وابن حجته في خلقه ( 7 )
14 - يج : قال أبوهاشم : سأله محمد بن صالح عن قوله تعالى " يمحوالله ما
يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب " ( 8 ) فقال : هل يمحو إلا ماكان ؟ وهل يثبت إلا
مالم يكن ؟ فقلت في نفسي هذاخلاف قول هشام بن الحكم إنه لايعلم بالشئ حتى
يكون ، فنظر إلي فقال : تعالى الجبار الحاكم العالم بالاشياء قبل كونها قلت : أشهد
أنك حجة الله ( 9 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الزمر : 53 .
( 2 ) النساء : 48 .
( 3 ) مختار الخرائج ص 239 .
( 4 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 436 .
( 5 ) الروم : 4 .
( 6 ) الاعراف : 54 .
( 7 ) مختار الخرائج ص 239 .
( 8 ) الرعد : 39 -
( 9 ) مختار الخرائج ص 239 .
[258]
15 - قب : قال أبوهاشم : خطر ببالي أن القرآن مخلوق أم غير مخلوق ؟
فقال أبومحمد عليه السلام : يا أبا هاشم الله خالق كل شي ء وما سواه مخلوق ( 1 ) .
16 - قب ( 2 ) يج : قال أبوهاشم رحمه الله : سمعته يقول إن في الجنة بابا
يقال له المعروف ، لايدخله إلا أهل المعروف ، فحمدت الله في نفسي وفرحت بما
أتكلف من حوائج الناس ، فنظر إلي وقال : نعم ، فدم على ما أنت عليه ، فان
أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الاخرة ، جعلك الله منهم يا أبا هاشم و
رحمك ( 3 ) .
كشف : من دلائل الحميري عن الجعفري مثله ( 4 ) .
عم : من كتاب ابن عياش بالاسناد المتقدم مثله ( 5 ) .
17 - يج : قال أبوهاشم : أدخلت الحجاج بن سفيان العبدي على أبي محمد
عليه السلام فسأله المبايعة ، قال : ربما بايعت الناس فتواضعتهم المواضعة إلى
الاصل ، قال : لابأس ، الدينار بالد ينارين ، معها خرزة ، فقلت في نفسي : هذا شبه
ما يفعله المربيون فالتفت إلي فقال : إنما الربا الحرام ما قصدته ، فاذا جاوز
حدود الربا وزوي عنه فلا بأس ، الدينار بالد ينارين ، يدا بيد ، ويكره أن لايكون
بينهما شئ يوقع عليه البيع ( 6 )
18 - يج : روي عن أبي هاشم أنه سأله عن قوله تعالى : " ثم أورثنا الكتاب
الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ، ومنهم مقتصد ، ومنهم سابق بالخيرات
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 436 .
( 2 ) كتاب المناقب ج 4 ص 432
( 3 ) مختار الخرائج ص 239 .
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 297 و 298 و 299 وهكذا سائر ما رواه عن أبى هاشم
الجعفرى .
( 5 ) اعلام الورى ص 356 .
( 6 ) مختار الخرائج ص 239 .
[259]
باذن الله " ( 1 ) قال : كلهم من آل محمد ، الظالم لنفسه الذين لايقر بالامام ، المقتصد
العارف بالامام ، والسابق بالخيرات الامام ، فجعلت افكر في نفسي عظم ما أعطى
الله آل محمد صلى الله عليه وآله وبكيت فنظر إلى وقال : الامر أعظم مما حدثت به نفسك ، من
عظم شأن آل محمد صلى الله عليه وآله فاحمد الله أن جعلك متمسكا بحبلهم تدعى يوم القيامة بهم
إذ ادعى كل اناس بامامهم إنك على خير ( 2 ) .
كشف : من دلائل الحميري عن الجعفري مثله ( 3 ) .
19 - يج : عن أبي هاشم الجعفري قال : لمامضى أبوالحسن عليه السلام صاحب
العسكر اشتغل أبو محمد ابنه بغسله وشأنه وأسرع بعض الخدم إلى أشياء احتملوها
من ثياب ودراهم وغيرهما ، فلما فرغ أبومحمد من شأنه صار إلى مجلسه ، فجلس ، ثم
دعا اولئك الخدم ، فقال : إن صدقتموني فيما أسألكم عنه ، فأنتم آمنون من
عقوبتي وإن أصررتم على الجحود دللت على كل ما أخذه كل واحد منكم و
عاقبتكم عند ذلك بما تستحقونه مني .
ثم قال : يافلان أخذت كذاوكذا وأنت يافلان أخذت كذاوكذا ، قالوا :
نعم ، قالوا فردوه ، فذكر لكل واحد منهم ما أخذه وصار إليه ، حتى رد واجميع
ما أخذوه ( 4 ) .
20 - يج : روى أبوهاشم أنه ركب أبومحمد عليه السلام يوما إلى الصحراء فركبت
معه ، فبينما يسير قدامي ، وأنا خلفه ، إذ عرض لي فكر في دين كان علي قد حان
أجله فجعلت افكر في أي وجه قضاؤه ، فالتفت إلي وقال : الله يقضيه ثم انحنى
على قربوس سرجه فخط بسوطه خطة في الارض فقال : يا أبا هاشم انزل فخذ
واكتم فنزلت وإذا سبيكة ذهب ، قال : فوضعتها في خفي وسرنا .
* ( هامش ) * ( 1 ) فاطر : 32
( 2 ) مختار الخرائج ص 239 .
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 296 و 297 .
( 4 ) لم نجده في مختار الخرائج .
[260]
فعرض لي الفكر فقلت : إن كان فيها تمام الدين وإلا فاني ارضي صاحبه
بها ، ويجب أن ننظر في وجه نفقة الشتاء ، وما نحتاج إليه فيه من كسوة وغيرها
فالتفت إلي ثم انحنى ثانية فخط بسوطه مثل الاولى ثم قال : انزل وخذ واكتم
قال : فنزلت فاذا بسبيكة ( 1 ) فجعلتها في الخف الاخر وسرنا يسيرا ثم انصرف إلى
منزله وانصرف إلى منزلي .
فجلست وحسبت ذلك الدين ، وعرفت مبلغه ، ثم وزنت سبيكة الذهب
فخرج بقسط ذلك الدين ما زادت ولا نقصت ثم نظرت مانحتاج إليه لشتوتي من
كل وجه فعرفت مبلغه الذي لم يكن بدمنه على الاقتصاد بالانقتير ولا إسراف
ثم وزنت سبيكة الفضة فخرجت على ما قدرته ما زادت ولانقصت .
21 - يج : حدث بطريق متطبب بالري ( 2 ) قد أتى عليه مائة سنة ونيف
وقال : كنت تلميذ بختيشوع طبيب المتوكل ، وكان يصطفيني فبعث إليه الحسن
ابن علي بن محمد بن علي الرضا عليهم السلام أن يبعث إليه بأخص أصحابه عنده ليفصده
* ( هامش ) * ( 1 ) يعنى سبيكة من الفضة ، لما سيأتى بعد ذلك .
( 2 ) أخرج هذا الحديث من الخرايج لان فيه تفصيلا ، وما نقله الكلينى في الكافى
يخالف ذلك في كثير من المواضع قال حدثنى على بن محمد ، عن الحسن بن الحسين قال
حدثنى محمد بن الحسن بن المكفوف قال : حدثنى بعض أصحابنا ، عن بعض فصادى العسكر
من النصارى أن أبا محمد عليه السلام بعث إلى يوما في وقت صلاة الطهر ، فقال لى : افصد
هذا العرق ؟ قال : وناولنى عرقا لم أفهمه من العرق التى تفصد .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 260 سطر 19 الى ص 268 سطر 18

فقلت في نفسى : ما رأيت أمرا أعجب من هذا ، يأمرنى أن أفصد في وقت الظهر وليس
بوقت فصد ، والثانية عرق لاأفهمه ، ثم قال لى : انتظر وكن في الدار ، فلما أمسى دعانى
وقال لى : سرح الدم ، فسرحت ثم قال لى : أمسك فأمسكت ثم قال لى : كن في الدار
فلما كان نصف الليل أرسل إلى وقال لى : سرح الدم ! قال : فتعجب أكثر من عجبى
الاول ، وكرهت أن أسأله ، قال : فسرحت فخرج دم أبيض كأنه الملح ، قال : ثم قال
لى : احبس قال فحبست قال : ثم قال : كن في الدار .
[261]
فاختارني وقال : قد طلب مني ابن الرضا من يفصده ، فصر إليه وهو أعلم في يومنا
هذا بمن هو تحت السماء ، فاحذر أن لا تعترض عليه فيما يأمرك به .
فمضيت إليه فأمرني إلى حجرة وقال : كن إلى أن أطلبك ، قال : وكان الوقت
الذي دخلت إليه فيه عندي جيدا محمودا للفصد ، فدعاني في وقت غير محمود له ، و
أحضر طستا عظيما ففصدت الاكحل فلم يزل الدم يخرج حتى امتلا الطست ، ثم
قال لي : اقطع فقطعت وغسل يده وشدها ، وردني إلى الحجرة ، وقدم من الطعام
الحار والبارد شئ كثير ، وبقيت إلى العصر ثم دعاني فقال : سرح ! ودعا بذلك
الطست فسرحت وخرج الدم إلى أن امتلا الطست فقال : اقطع فقطعت وشديده
وردني إلى الحجرة ، فبت فيها .
فلما أصبحت وظهرت الشمس دعاني وأحضر ذلك الطست ، وقال : سرح
فسرحت ، فخرج مثل اللبن الحليب إلى أن امتلا الطست ، فقال : اقطع فقطعت
فشديده ، وقدم لي بتخت ثياب وخمسين دينارا ، وقال : خذ هذا وأعذر وانصرف
فأخذت وقلت : يأمرني السيد بخدمة ؟ قال نعم ، تحسن صحبة من يصحبك من
دير العاقول !
فصرت إلى بختيشوع ، وقلت له القصة فقال : اجتمعت الحكماء على أن
أكثر ما يكون في بدن الانسان سبعة أمناء من الدم ( 1 ) وهذا الذي حكيت
* ( هامش ) * فلما أصبحت أمر قهرمانه أن يعطينى ثلاثة دنانير ، فأخذتها وخرجت حتى أتيت ابن
بختيشوع النصرانى ، فقصصت عليه القصة ، قال : فقال لي : والله ما أفهم ما تقول ، ولا
أعرفو في شئ من الطب ، ولاقرأته في كتاب ، ولاأعلم في دهرنا أعلم بكتب النصرانية من
فلان الفارسى فاخرج اليه .
قال : فاكتريت زورقا إلى البصرة ، وأتيت الاهواز ثم صرت إلى فارس إلى صاحبى
فأخبرته الخبر ، قال فقال : أنظرنى أياما فأنظرته ، ثم أتيته متقاضياقال : فقال لى :
ان هذا الذى تحكيه عن هذا الرجل فعله المسيح في دهره مرة .
( 1 ) الامناء : جمع المناء كيل يكال به السمن وغيره ، أو ميزان يوزن به ، رطلان
قال في الصحاح ص 2497 أنه أفصح من المن وقال غيره : وهو كالمن في لغة تميم .
[262]
لو خرج من عين ماء لكان عجبا ، وأعجب ما فيه اللبن ، ففكر ساعة ثم مكثنا ثلاثة
أيام بلياليها نقرء الكتب على أن نجد لهذه القصة ذكرا في العالم ، فلم نجد ثم
قال : لم يبق اليوم في النصرانية أعلم بالطب من راهب بدير العاقول ، فكتب إليه
كتابا يذكرفيه ماجرى .
فخرجت وناديته فأشرف علي وقال : من أنت ؟ قلت : صاحب بختيشوع ، قال :
معك كتابة ؟ قلت : نعم فأرخى لي زنبيلا فجعلت الكتاب فيه فرفعه فقرأ الكتاب
ونزل من ساعته فقال : أنت الرجل الذي فصدت ؟ قلت : نعم ، قال : طوبى لامك
وركب بغلا ومر .
فوافينا سر من رأى وقد بقي من الليل ثلثه قلت : أين تحب ؟ دار استاذنا
أو دار الرجل ، فصرنا إلى بابه ، قبل الاذان ، ففتح الباب وخرج إلينا غلام أسود
وقال : أيكما راهب دير العاقول ؟ فقال : أنا جعلت فداك ، فقال : انزل ، وقال لي
الخادم : احتفظ بالبغلتين وأخذ بيده ودخلا .
فأقمت إلى أن أصبحنا وارتفع النهار ثم خرج الراهب ، وقد رمى بثياب
الرهبانية ، ولبس ثيابا بيضا وقد أسلم ، فقال : خذبي الان إلى دار استاذك فصرنا
إلى دار بختيشوع فلما رآه بادر يعدو إليه ثم قال : ما الذين أزالك عن دينك ؟ قال :
وجدت المسيح ، فأسلمت على يده ، قال : وجدت المسيح ؟ ! قال : أو نظيره فان
هذه الفصدة لم يفعلها في العالم إلا المسيح ، وهذا نظيره في آياته وبراهينه
ثم انصرف إليه ولزم خدمته إلى أن مات ( 1 ) .
22 - يج : روى أحمد بن محمد ، عن جعفر بن الشريف الجرجاني قال :
حججت سنة فدخلت على أبي محمد عليه السلام بسرمن رأى ، وقد كان أصحابنا حملوا
معي شيئا من المال ، فأردت أن أسأله إلى من أدفعه ؟ فقال قبل أن أقول ذلك :
ادفع مامعك إلى المبارك خادمي .
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج ص 213 .
[263]
قال : ففعلت وخرجت وقلت : إن شيعتك بجرجان يقرءون عليك السلام
قال : أو لست منصرفا بعد فراغك من الحج ؟ قلت : بلى قال : فانك تصير إلى جرجان
من يومك هذا إلى مائة وسبعين يوما وتدخلها يوم الجمعة لثلاث ليال يمضين من
شهر ربيع الاخر في أول النهار فأعلمهم أني اوافيهم في ذلك اليوم في آخر النهار
وامض راشدا فان الله سيسلمك ويسلم مامعك ، فتقدم على أهلك وولدك ، ويولد
لولدك الشريف ابن فسمه الصلت بن الشريف بن جعفر بن الشريف وسيبلغ الله به
ويكون من أوليائنا .
فقلت : يا ابن رسول الله إن إبراهيم بن إسماعيل الجرحاني هومن شيعتك
كثير المعروف إلى أوليائك يخرج إليهم في السنة من ماله أكثر من مائة ألف
درهم ، وهو أحد المتقلبين في نعم الله بجرجان ، فقال : شكر لله لابي إسحاق
إبراهيم بن إسماعيل صنيعه إلى شيعتنا ، وغفرله ذنوبه ، ورزقه ذكرا سويا قائلا
بالحق فقل له : يقول لك الحسن بن علي : سم ابنك أحمد
فانصرفت من عنده وحججت فسلمني الله حتى وافيت جرحان في يوم الجمعة
في أول النهار من شهر ربيع الاخر على ماذكره عليه السلام وجاءني أصحابنا يهنؤني
فوعدتهم أن الامام عليه السلام وعدني أن يوافيكم في آخر هذااليوم فتأهبوا لما
تحتا جون إليه ، واغدوا في مسائلكم وحوائجكم كلها .
فلما صلوا الظهر والعصر اجتمعوا كلهم في داري ، فوالله ما شعرنا إلا وقد
وافانا أبومحمد عليه السلام فدخل إلينا ونحن مجتمعون فسلم هو أو لا علينا ، فاستقبلناه
وقبلنا يده ، ثم قال : إني كنت وعدت كنت وعدت جعفر بن الشريف أن اوافيكم في آخر
هذا اليوم ، فصليت الظهر والعصر بسر من رأى ، وصرت إليكم لاجدد بكم عهدا
وها وأنا قد جئتكم الان ، فاجمعوا مسائلكم وحوائجكم كلها .
فأول من ابتدأ المسألة النضر بن جابر قال : يا ابن رسول الله إن ابني
جابرا اصيب ببصره منذ شهر فادع الله له أن يرد إليه عينيه ، قال : فهاته فمسح
بيده على عينيه فعاد بصيرا ثم تقدم رجل فرجل يسألونه حوائجهم وأجابهم إلى
[264]
كل ما سألوه حتى قضى حوائج الجميع ، ودعالهم بخير ، فانصرف من يومه
ذلك ( 1 ) .
23 - قب ( 2 ) يج : روي عن علي ( 2 ) بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن
علي قال : صحبت أبا محمد من دار العامة إلى منزله ، فلما صار إلى الدار وأردت
الانصراف ، قال : أمهل ، فدخل ثم أذن لي فدخلت فأعطاني مائتي دينار ، وقال :
اصرفها في ثمن جارية فان جاريتك فلانة قد ماتت وكنت خرجت من المنزل و
عهدي بهاأنشط ما كانت فمضيت فاذا الغلام قال : ماتت جاريتك فلانة الساعة ، قلت :
ما حالها ؟ قيل : شربت ماء فشرقت فماتت ( 4 )
24 - قب ( 5 ) يج : روى الحسن بن ظريف أنه قال اختلج في صدري مسألتان
وأردت الكتاب بهما إلى أبي محمد عليه السلام فكتبت أسأله عن القائم بم يقضي وأين مجلسه
وأردت أن أسأله عن رقية الحمى الربع ، فأغفلت ذكر الحمى ، فجاء الجواب :
سألت عن القائم إذا قام يقضي بين الناس بعلمه كقضاء داود عليه السلام ولايسأل البينة ، وكنت أردت أن تسأل عن الحمى الربع فأنسيت فاكتب ورقة وعلقها على المحموم
يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم " فكتبت وعلقت على المحموم فبرأ ( 6 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج ص 213
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 431 .
( 3 ) هو على الاحول ، وأبوه زيد هو الملقب بالشبيه النسابة ، كان فاضلا صنف كتاب
المقاتل والمبسوط في علم النسب ، وتنتهى اليه سلسلة عظيمة ، وعلى أبوه كان من ولد
الحسين الملقب بذى الدمعة ابن زيد الشهيد ابن زين العابدين عليه السلام ، منه رحمه الله
في المرآت .
( 4 ) مختارالخرائج ص 214 .
( 5 ) كتاب المناقب ج 4 ص 431 .
( 6 ) لم نجده في مختار الخرائج .
[265]
عم ( 1 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 2 ) عن علي بن محمد ، عن الحسن بن
ظريف مثله ( 3 ) .
25 - قب ( 4 ) يج : روي عن أحمد بن الحارث القزويني قال : كنت مع
أبي بسر من رأى وكان أبي يتعاطى البيطرة في مربط أبي محمد ، وكان عند المستعين
بغل لم يرمثله حسنا وكبرا ، وكان يمنع ظهره واللجام ، وجمع الرواض فلم
تكن لهم حيلة في ركوبه .
فقال له بعض ندمائه : ألا تبعث إلى الحسن بن الرضا حتى يجئ فإما أن
يركبه وإما يقتله فبعث إلى أبي محمد عليه السلام ومضى معه أبي .
فلما دخل الدار نظر أبومحمد عليه السلام إلى البغل واقفا في صحن الدار ، فوضع
يده على كتفه ، فعرق البغل ثم صار إلى المستعين فرحب به وقال : الجم هذا البغل
فقال أبومحمد عليه السلام لابي : ألجمه فقال المستعين ألجمه أنت يا أبا محمد فقام أبومحمد فوضع
طيلسانه فألجمه ثم رجع إلى مجلسه ، فقال يا أبا محمد أسرجه ، فقال أبومحمد لابي
أسرجه ، فقال المستعين : أسرجه أنت يا أبا محمد ؟ فقام أبومحمد عليه السلام ثانية فأسرجه
ورجع .
فقال : ترى أن تركبه ؟ قال : نعم فركبه أبومحمد عليه السلام من غير أن يمتنع
عليه ثم ركضه في الدار ثم حمله عليه الهملجة ( 5 ) فمشى أحسن مشي ، ثم نزل
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 357 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 509 .
( 3 ) الارشاد ص 323 .
( 4 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 438 .
( 5 ) في المصباح : هملج البرذون هملجة : مشى مشية سهلة في سرعة ، وقال في
مختصرالعين : الهملجة حسن سير الدابة ، وكلهم قالوا في اسم الفاعل هملاج بكسر الهاء
للذكر والانثى ، وهو يقتضى أن اسم الفاعل لم يجئ على قياسه وهو مهملج ، منه
رحمه الله .
[266]
فرجع إليه فقال المستعين : قد حملك عليه أمير المؤمنين فقال أبومحمد لابي : خذه
فأخذه وقاده ( 1 ) .
شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 2 ) عن علي بن محمد ، عن محمد بن علي بن
إبراهيم ، عن أحمد بن الحارث مثله ( 3 ) .
26 - قب ( 4 ) يج : روي عن علي بن زيد بن [ علي بن ] الحسين بن زيد
ابن علي قال : كان لي فرس وكنت به معجبا اكثر ذكره في المجالس ، فدخلت على
أبي محمد عليه السلام يوما فقال : ما فعل فرسك ؟ قلت : هوذا على بابك الان ( 5 ) فقال :
استبدل به قبل المساء إن قدرت على مشتر لاتؤخر ذلك .
ودخل [ علينا ] داخل فانقطع الكلام ، قال : فقمت متفكرا ومضيت إلى
منزلي فأخبرت أخي بذلك ، فقال : لاأدري ما أقول في هذا ؟ وشححت به ( 6 ) .
فلما صليت العتمة جاءني السائس وقال : نفق فرسك الساعة ، فاغتممت و
علمت أنه عنى هذا بذلك القول .
* ( هامش ) * ( 1 ) قال المؤلف قدس سره في المرآت أقول : يشكل هذا بأن الظاهر أن هذه
الواقعة كانت في أيام امامة أبى محمد بعد وفاة أبيه عليهما السلام وهما كانتا في جمادى الاخرة
سنة أربع وخمسين ومائتين كما ذكره الكلينى وغيره فكيف يمكن أن يكون هذه في زمان
المستعين .
فلا بد اما من تصحيف المعتز بالمستعين ، وهما متقاربان ، صورة ، أو تصحيف
أبى الحسن بالحسن والاول أظهر ، للتصريح بأبى محمد في مواضع ، وكون ذلك قبل
امامته عليه السلام في حياة والده وان كان ممكنا لكنه بعيد .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 507 .
( 3 ) ارشاد المفيد ص 321
( 4 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 430 و 431 .
( 5 ) زاد في الكافى : وعنه نزلت .
( 6 ) في الكافى " ونفست على الناس ببيعه "
[267]
ثم دخلت على أبى محمد عليه السلام [ من الغد ] وأقول في نفسي : ليته أخلف علي
دابة ( 1 ) فقال قبل أن أتحدث بشئ : نعم نخلف عليك ، يا غلام أعطه برذوني
الكميت ثم قال : هذا أخير من فرسك وأطول عمرا وأوطأ ( 2 ) .
عم ( 3 ) شا : ابن قولويه عن الكليني ( 4 ) عن علي بن محمد ، عن إسحاق بن محمد
عن علي بن زيد بن علي بن الحسين مثله ( 5 ) .
بيان : لعل أمره عليه السلام بالا ستبدال لمحض إظهار الاعجاز لعلمه بأنه لايفعل
ذلك أو يقال لعله لم يكن يموت عند المشتري ، أو أنه علم أن المشتري يكون من
المخالفين .
27 - قب ( 6 ) يج : روى أبوهاشم الجعفري قال : شكوت إلى أبي محمد عليه السلام
ضيق الحبس وشدة القيد ، فكتب إلي أنت تصلي الظهر في منزلك ، فاخرجت عن
السجن وقت الظهر ، فصليت في منزلي ( 7 ) .
وكنت مضيقا فأردت أن أطلب منه معونة في الكتاب الذي كتبته فاستحييت
فلما صرت إلى منزلي وجه إلي بمائة دينار ، وكتب إلي : إذا كانت لك حاجة
فلا تستحي واطلبها تأتيك على ماتحب أن تأتيك ( 8 )
عم ( 9 ) شا : روى إسحاق بن محمد النخعي ، عن أبي هاشم مثله ( 10 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) زاد في الكافى : اذ كنت اغتممت بقوله ، فلما جلست قال نعم نخلف .
( 2 ) مختار الخرائج ص 214 .
( 3 ) اعلام الورى ص 352 .
( 4 ) الكافى ج 1 ص 510
( 5 ) ارشاد المفيد ص 323 .
( 6 ) مختار الخرائج ص 214 .
( 7 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 432 .
( 8 ) المصدرص 439 .
( 9 ) اعلام الورى ص 354 .
( 10 ) الارشاد ص 322 .
[268]
28 - قب ( 1 ) يج : روي عن أبي حمزة نصير الخادم قال : سمعت أبا محمد
عليه السلام غير مرة يكلم غلمانه وغيرهم بلغاتهم وفيهم روم وترك وصقالبة ، فتعجبت
من ذلك وقلت هذا ولد بالمدينة ، ولم يظهر لاحد حتى قضى أبوالحسن ولا رآه
أحد فكيف هذا ؟ احدث بهذا نفسي فأقبل علي وقال : إن الله بين حجته من بين
سائر خلقه وأعطاه معرفة كل شئ فهو يعرف اللغات ، والانساب والحوادث
ولولا ذلك لم يكن بين الحجة والمحجوج فرق ( 2 ) .
عم ( 3 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 4 ) عن علي بن محمد ، عن أحمد بن
محمد الاقرع ، عن أبي حمزة نصير الخادم مثله ( 5 ) .
29 - يج : روي أن أبا محمد عليه السلام سلم إلى نحرير فقالت له امرأته : اتق
الله فانك لاتدري من في منزلك ؟ - وذكرت عبادته وصلاحه وإني أخاف عليك
منه ، فقال : لا رمينه بين السباع ثم استأذن في ذلك فاذن له ، فرمي به إليها ولم
يشكوا في أكلها له ، فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال ، فوجدوه قائما يصلي وهي
حوله فأمر باخراجه ( 6 ) .
30 - يج : روى أبوسليمان داود بن عبدالله قال : حدثنا المالكي عن ابن
الفرات قال : كنت بالعسكر قاعدا في الشارع وكنت أشتهي الولد شهوة شديدة فأقبل
أبومحمد فارسا فقلت : تراني ارزق ولدا ؟ فقال برأسه : نعم ، فقلت : ذكرا ؟ فقال
برأسه : لا فولدت لي ابنة ( 7 )
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 428 .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 268 سطر 19 الى ص 276 سطر 18

( 2 ) مختار الخرائج ص 214 .
( 3 ) اعلام الورى ص 356 .
( 4 ) الكافى ج 1 ص 509 .
( 5 ) ارشاد المفيد ص 322 .
( 6 ) لا يوجد في مختار الخرائج ، وتراه في الكافى ج 1 ص 513 .
( 7 ) مختار الخرائج ص 214 .
[269]
كشف : من دلائل الحميري ، عن جعفر بن محمد قال : كنت قاعدا وذكر
نحوه ( 1 ) .
31 - يج : روي أبوسليمان ، عن علي بن يزيد المعروف بابن رمش قال :
اعتل ابني أحمد وركبت بالعسكر وهو ببغداد فكتبت إلى أبي محمد أسأله الدعاء
فخرج توقيعه : أو ما علم أن لكل أجل كتابا ؟ فمات الابن ( 2 ) .
32 - يج : روى أبوسليمان المحمودي قال : كتبت إلى أبي محمد عليه السلام
أسأله الدعاء بأن ارزق ولدا فوقع : رزقك الله ولدا وأصبرك عليه ، فولد لي ابن
ومات ( 3 ) .
33 - يج : روي عن محمد بن علي بن إبراهيم الهمداني قال : كتبت إلى أبي
محمد عليه السلام أسأله التبرك بأن يدعو أن ارزق ولدا من بنت عم لي ، فوقع : رزقك
الله ذكرانا فولد لي أربعة ( 4 ) .
34 - يج : روي عن علي بن جعفر ، عن حلبى ( 5 ) قال : اجتمعنا بالعسكر
وترصدنا لابي محمد عليه السلام يوم ركوبه ، فخرج توقيعه : ألا لا يسلمن علي أحد ، ولا
يشير إلي بيده ولا يومئ فانكم لاتؤمنون على أنفسكم ، قال : وإلى جانبي شاب
فقلت : من أين أنت ؟ قال من المدينة ، قلت : ما تصنع ههنا ؟ قال : اختلفوا عندنا
في أبي محمد عليه السلام فجئت لا راه وأسمع منه أو أرى منه دلالة ليسكن قلبي وإني لولد
أبي ذر الغفاري .
فبينما نحن كذلك إذ خرج أبومحمد عليه السلام مع خادم له فلما حاذانا نظر إلى
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 306 .
( 2 ) لا يوجد في مختار الخرائج وقد أخرجه الاربلى في كشف الغمة ج 3
ص 310 .
( 3 ) أخرجه في كشف الغمة ج 3 ص 310 .
( 4 ) تراه في كشف الغمة ج ص 310
( 5 ) كذا في الاصل .
[270]
الشاب الذي بجنبي ، فقال : أغفاري أنت ؟ قال : نعم ، قال : ما فعلت امك
حمدوية ، فقال : صالحة ، ومر . فقلت للشاب : أكنت رأيته قط وعرفته بوجهه
قبل اليوم ؟ قال : لا ، قلت : فينفعك هذا ؟ قال : ودون هذا .
25 - يج : روى يحيى بن المر زبان قال : التقيت مع رجل من أهل السيب
سيماه الخير ( 1 ) فأخبرني أنه كان له ابن عم ينازعه في الامامة والقول في أبي محمد
عليه السلام وغيره فقلت : لا أقول به أو أرى منه علامة ، فوردت العسكر في حاجة
فأقبل أبو محمد عليه السلام فقلت في نفسي متعنتا : إن مديده إلى رأسه ، فكشفه ثم نظر
ورده قلت به .
فلما حاذاني مديده إلى رأسه فكشفه ، ثم برق عينيه في ثم ردهما ثم
قال : يايحيى ما فعل ابن عمك الذي تنازعه في الامامة ؟ قلت : خلفته صالحا قال :
لا تنازعه ثم مضى .
36 - يج : روي عن ابن الفرات قال : كان لي على ابن عمي عشرة آلاف درهم
فكتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله الدعاء لذلك فكتب إلى أنه راد عليك ما لك و
هو ميت بعد جمعة قال : فرد علي ابن عمي مالي ، فقلت : ما بدالك في رده وقد
منعتنيه ؟ قال : رأيت أبا محمد عليه السلام في النوم فقال : إن أجلك قددنا فرد على ابن
عمك ماله ( 2 ) .
37 - قب ( 3 ) يج : روي عن علي بن الحسن بن سابور قال : قحط الناس
بسرمن رأى في زمن الحسن الاخير عليه السلام فأمر الخليفة الحاجب ، وأهل المملكة
أن يخرجوا إلى الاستسقاء ، فخرجوا ثلاثة أيام متوالية إلى المصلى ويدعون
فما سقوا .
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة الاصل وهكذا نسخة الكمبانى : من أهل السبت سماه أبا الخير "
وما في المتن هو الصواب طبقا لنسخة الاربلى في كشف الغمة ج 3 ص 311 .
( 2 ) أخرجه الاربلى في كشف الغمة ج 3 ص 311
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 425 .
[271]
فخرج الجاثليق في اليوم الرابع إلى الصحراء ، ومعه النصارى والرهبان
وكان فيهم راهب فلما مديده هطلت السماء بالمطر فشك أكثر الناس ، وتعجبوا
وصبوا إلى دين النصرانية ، فأنفذ الخليفة إلى الحسن عليه السلام وكان محبوسا فاستخرجه
من محبسه وقال : الحق امة جدك فقد هلكت فقال : إني خارج في الغد ومزيل
الشك إنشاء الله تعالى .
فخرج الجاثليق في اليوم الثالث والرهبان معه وخرج الحسن عليه السلام عليه السلام في نفر
من أصحابه فلما بصر بالراهب وقد مديده أمر بعض مماليكه أن يقبض على
يده اليمنى ويأخذ ما بين أصبعيه ففعل وأخذ من بين سبابتيه عظما أسود ، فأخذه
الحسن عليه السلام بيده ثم قال له : استسق الان ، فاستسقى وكان السماء متغيما فتقشعت
وطلعت الشمس بيضاء .
فقال الخليفة : ما هذا العظم يا أبا محمد ؟ قال عليه السلام : هذا رجل مربقبرنبي من
الانبياء فوقع إلى يده هذا العظم ، وما كشف من عظم نبي إلا وهطلت السماء
بالمطر ( 1 )
بيان : صبا إلى الشئ مال .
38 - يج : روى أبوسليمان قال : حدثنا أبوالقاسم الحبشي قال : كنت
أزور العسكر في شعبان في أوله ثم أزور الحسين عليه السلام في النصف ، فلما كان في
سنة من السنين ، وردت العسكر قبل شعبان ، ظننت أني لا أزوره في شعبان .
فلما دخل شعبان قلت : لا أدع زيارة كنت أزورها ، خرجت إلى العسكر
وكنت إذا وافيت العسكر أعلمتهم برقعة أو رسالة فلما كان في هذه المرة قلت :
أجعلها زيارة خالصة لا أخلطها بغيرها ، وقلت لصاحب المنزل : احب أن لا تعلمهم
بقدومي .
فلما أقمت ليلة جاءني صاحب المنزل بدينارين وهو يتبسم متعجبا ويقول :
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج ص 214 ، واخرجه في كشف الغمة ج 3 ص 311 .
[272]
بعث إلي بهذين الدينار وقيل لي : ادفعهما إلى الحبشي وقل له : من كان في طاعة
الله كان الله في حاجته ( 1 )
39 - يج : روى إسحاق بن يعقوب ، عن بذل مولى أبي محمد عليه السلام قال :
رأيت من رأس أبي محمد عليه السلام نورا ساطعا إلى السماء وهو نائم ( 2 ) .
كشف : من كتاب الدلائل مثله ( 3 ) .
40 - يج : روي عن علي بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد قال : دخلت
على أبي محمد عليه السلام يوما فاني جالس عنده إذا ذكرت منديلا كان معي فيه خمسون
دينارا ، فتقلقلت لها ، وما تكلمت بشئ ولا أظهرت ما خطر ببالي فقال أبومحمد :
محفوظة إنشاء الله فأتيت المنزل فردها إلي أخي ( 4 ) .
كشف : من دلائل الحميري عن علي مثله ( 5 ) .
41 - قب ( 6 ) يج : روي أبي العيناء محمد بن القاسم الهاشمي قال : كنت أدخل
على أبي محمد عليه السلام فأعطش واجله أن أدعو بالماء فيقول : ياغلام اسقه ، وربما
حدثت نفسي بالنهوض فافكر في ذلك فيقول : ياغلام دابته ( 7 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج ص 215 .
( 2 ) المصدر ص 215 .
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 307 .
( 4 ) مختار الخرائج ص 215 .
( 5 ) كشف الغمة ج 3 ص 305
( 6 ) المناقب ج 4 ص 433 .
( 7 ) لم نجده في مختار الخرائج ، ورواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 512 ، وفيه
توصيف أبى العيناء أنه مولى عبدالصمد بن على ، عتاقة والرجل أبوعبدالله محمد بن
القاسم بن خلاد الاهوازى البصرى من تلامذة أبى عبيدة والاصمعى وأبى زيد الانصارى .
كان من أوحد عصره في الشعر والفنون الادبية وكان في عداد الظرفاء والاذكياء
وكان حاضر الجواب ، يجيب أكثر المطالب بالقرآن المجيد ، ويستشهد به كثيرا .
[273]
42 - يج : روي عن أبي بكر الفهفكي قال : أردت الخروج بسر من رأى
لبعض الاموروقد طال مقامي بها فغدوت يوم الموكب ، وجلست في شارع أبي قطيعة
ابن داود إذ طلع أبومحمد عليه السلام يريد دارالعامة فلما رأيته قلت في نفسي : أقول له : يا سيدي إن كان الخروج عن سرمن رأى خيرا فأظهر التبسم في وجهي .
فلما دنا مني تبسم تبسما جيدا فخرجت من يومي فأخبرني أصحابنا
أن غريما كان له عندي مال قدم يطلبني ولو ظفر بي يهتكني لان ما له لم يكن
عندي شاهدا . ( 1 )
43 - يج : روي عن عمر بن أبي مسلم قال : كان سميع المسمعي يؤذيني
كثيرا ويبلغني عنه ما أكره ، وكان ملاصقا لداري ، فكتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله
* ( هامش ) *
وقال السيد المرتضى رضوان الله عليه في أماليه المسمى بالغرر والدرر أن أبا العيناء
محمد بن القاسم اليمامى كان من أحضر الناس جوابا وأجودهم بديهة وأملحهم نادرة ، قال :
لما دخلت على المتوكل دعوت له وكلمته فاستحسن خطابى ، فقال يا محمد بلغنى أن فيك
شرا .
فقلت يا أمير المؤمنين ان يكن الشر : ذكر المحسن باحسانه والمسى ء باساءته فقد
زكى الله تعالى وذم فقال في التزكية " نعم العبد انه اواب " وقال في الذم " هما زمشاء بنميم
مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم " .
وان كان الشر كفعل العقرب فلسع النبى والذمى بطبع لايتميز فقد صان الله عبدك من
ذلك . وكيف كان فالرجل من موالى عبدالصمد بن على بن عبدالله بن العباس ، أعتقه فصار
له ولاؤه ، فقيل له الهاشمى انتهى .
وحكى عنه انه عمى في حدود الاربعين من عمره ، فسئل يوما : ما ضرك العمى ؟
فقال شيئان : أحدهما أنه فات منى السبق بالسلام ، والثانى أنه ربما ناظرت الرجل فهو
يكفهروجهه ويعبس ويظهر الكراهية ، وأنا لاأراه حتى أقطع الكلام توفى بالبصرة سنة
283 أو 284 .
( 1 ) مختار الخرائج ص 215 .
[274]
الدعاء بالفرج منه ، فرجع الجواب : أبشر بالفرج سريعا ، ويقدم عليك مال من
ناحية فارس ، وكان لي بفارس ابن عم تاجر لم يكن له وارث غيري فجاءني ماله
بعد مامات بأيام يسيرة .
ووقع في الكتاب : استغفر الله وتب إليه مما تكلمت به ، وذلك أني كنت
يوما مع جماعة من النصاب فذكروا أبا طالب حتى ذكروا مولاي فخضت معهم
لتضعيفهم أمره ، فتركت الجلوس مع القوم ، وعلمت أنه أراد ذلك . ( 1 )
44 - يج : روي عن الحجاج بن يوسف ( 2 ) العبدي قال : خلفت ابني
بالبصرة عليلا وكتبت إلى أبي محمدا أسأله الدعاء لابني فكتب إلي : رحم الله ابنك إن
كان مؤمنا قال الحجاج : فورد علي كتاب من البصرة أن ابني مات في ذلك اليوم
الذي كتب إلي أبومحمد بموته ، وكان ابني شك في الامامة للاختلاف الذي جرى
بين الشيعة ( 3 ) .
كشف : من دلائل الحميري عن الحجاج مثله ( 4 ) .
45 - يج : روي عن محمد بن عبدالله قال : وقع أبومحمد عليه السلام وهوصغير في بئر
الماء وأبوالحسن عليه السلام في الصلاة ، والنسوان يصرخن ، فلما سلم قال : لابأس
فرأوه وقد ارتفع الماء إلى رأس البئر وأبومحمد على رأس الماء يلعب بالماء .
46 - يج : روي عن أحمد بن محمد مطهرقال : كتب بعض أصحابنا إلى
أبي محمد عليه السلام من أهل الجبل يسأله عمن وقف على أبي الحسن موسى أتوالاهم أم
أتبر " منهم ؟ فكتب : أتترحم على عمك ؟ لارحم الله عمك ، وتبرء منه أنا إلى الله
منهم برئ ، فلا تتوالاهم ، ولا تعدمر ضاهم ، ولا تشهد جنائزهم ، ولا تصل على
أحد منهم مات أبدا .
* ( هامش ) * ( 1 ) مختار الخرائج ص 215 .
( 2 ) الحجاج بن سفيان العبدى ، ح .
( 3 ) المصدرص 215 .
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 301 .
[275]
سواء من جحد إماما من الله أوزاد إماما ليست إمامته من الله ، وحجد
أو قال ثالث ثلاثة ( 1 ) إن الجاحد أمر آخرنا جاحد أمر أولنا ، والزائد فينا
كالنا قص الجاحد أمرنا ، وكان هذا السائل لم يعلم أن عمه كان منهم فأعلمه
ذلك ( 2 ) .
47 - يج : من معجزاته أن قبور الخلفاء من بني العباس بسرمن رأى عليها
من زرق الخفافيش والطيور مالا يحصى ، وينقى منها كل يوم ، ومن الغد تكون
القبور مملوءة زرقا ، ولايرى على رأس قبة العسكريين ولا على قباب مشاهد
آبائهما عليهم السلام زرق طير ، فضلا على قبور هم إلهاما للحيوانات إجلا لالهم . ( 3 )
48 - يج : روي عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه عن جده ، عن
عيسى بن صبيح قال : دخل الحسن العسكري عليه السلام علينا الحبس وكنت به عارفا
وقال : لك خمس وستون سنة وأشهرا ويوما ، وكان معي كتاب دعاء وعليه تاريخ
مولدي وإنني نظرت فيه فكان كما قال
وقال : هل رزقت من ولد ؟ قلت : لا ، قال : اللهم ارزقه ولدا يكون له
عضدا فنعم العضد الولد ثم تمثل :
من كان ذا عضد يدرك ظلامته * إن الذليل الذي ليست له عضد
قلت : ألك ولد ؟ قال : إي والله سيكون في ولد يملا الارض قسطا وعدلا
فأما الان فلا ، ثم تمثل :
* ( هامش ) * ( 1 ) كذا في نسخة الاصل وكأن المراد بقوله " وجحدأو قال " الخ أن : وسواء
من جحد الله ، أوقال انه ثالث ثلاثة ، فسوى بين الامام والاله ، فمن زاد اماما ليست امامته
من الله كان كمن زاد الها غيرالله ، ومن جحد اماما كان كمن حجد الله عزوجل . واما نسخة
الكشف فهى هكذا : من جحد اماما من الله أوزاد اماما ليست امامته من الله كان كمن قال :
ان الله ثالث ثلاثة .
( 2 ) أخرجه في كشف الغمة ج 3 ص 312 .
( 3 ) مختارالخرائج ص 215 و 216 .
[276]
لعلك يوما أن تراني كأنما * بني حوالي الاسود اللوابد
فان تميما قبل أن يلد الحصى ( 1 ) * أقام زمانا وهوفي الناس واحد
بيان : اللبدة بالكسر الشعر المتراكب بين كتفيه ، والاسد ذولبدة ، و أبولبد
كصرد وعنب الاسد ، والحصى صغار الحجارة والعدد الكثير ويقال : نحن أكثر منهم
حصى أي عددا . ( 2 )
49 - يج : روي أن رجلا من موالي أبي محمد العسكري عليه السلام دخل
عليه يوما وكان حكاك الفصوص ، فقال : يا ابن رسول الله إن الخليفة دفع إلي
فيروزجا أكبر ما يكون ، وأحسن ما يكون ، وقال : انقش عليه كذا وكذا ، فلما
وضعت عليه الحديد صارنصفين وفيه هلاكي ، فادع الله لي ، فقال : لاخوف عليك
إنشاء الله .
قال : فخرجت إلى بيتي ، فلما كان من الغد دعاني الخليفة وقال لي : إن
حظيتين اختصمتا في ذلك الفص ، ولم ترضيا إلا أن تجعل ذلك نصفين بينهما
فاجعله وانصرفت وأخذت وقد صار قطعتين فأخذتهما ورجعت بهما إلى دار الخلافة
فرضيتا بذلك ، وأحسن الخليفة إلي بسبب ذلك فحمدت الله .
بيان : " الحظوة " بالضم والكسر المكانة والمنزلة ، وهي حظيتي
50 - قب ، يج : روي عن محمد بن الحسن بن ذوير ، عن أبيه قال : كان يغشى
أبا محمد العسكري بسر من رأى كثيرا وأنه أتاه يوما فوجده وقد قدمت إليه دابته
ليركب إلى دار السلطان ، وهو متغير اللون من الغضب ، وكان بجنبه رجل من


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 276 سطر 19 الى ص 284 سطر 18

العامة وإذا ركب دعاله وجاء بأشياء يشنع بها عليه وكان عليه السلام يكره ذلك .
فلما كان في ذلك اليوم ، زاد الرجل في الكلام وألح فسار حتى انتهى .
* ( هامش ) * ( 1 ) هو تميم بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
ينسب اليه قبيلة تميم أكثر قبائل العدنانية عددا .
( 2 ) قال الاعشى يفضل عامرا عليه علقمة :
ولست بالاكثر منهم حصى * وانما العزة للكاثر
[277]
إلى مفرق الطريقين ، وضاق على الرجل أحدهما من كثرة الدواب فعدل إلى
طريق يخرج منه ويلقاه فيه ، فدعا عليه السلام بعض خدمه وقال له : امض وكفن هذا
فتبعه الخادم .
فلما انتهى عليه السلام إلى السوق ، ولحق معه ، خرج الرجل من الدرب
ليعارضه ، وكان في الموضع بغل واقف فضربه البغل فقتله ، ووقف الغلام فكفنه
كما أمره ، وسار عليه السلام وسرنا معه . ( 1 )
51 - شا : ابن قولويه عن الكليني ( 2 ) عن علي بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل
ابن إبراهيم بن موسى قال : كتب أبومحمد الحسن إلى أبي القاسم إسحاق بن جعفر
الزبيري قبل موت المعتز بنحو من عشرين يوما : الزم بيتك حتى حدث الحادث
فلما قتل بريحة كتب إليه : قد حدث الحادث فما تأمرني ؟ فكتب إليه : ليس هذا
الحادث الحادث الاخر فكان من المعتز ما كان ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 43 ، وفيه : " أبوالحسن الموسوى الحيرى ، عن
أبيه قال : قدمت إلى أبى محمد دابة ليركب الخ وألفاظ الحديث للخرائج على السيرة
التى التزمها قدس سره في امثال هذه المواضع فانه اذا رمز لاكثر من واحد من المصادر
فانما ينقل لفظ المصدر الذى ذكره اخيرا
( 2 ) الكافى ج 1 ص 506 .
( 3 ) قال ابن الجوزى : استخلف محمد بن المتوكل الملقب بالمعتز بالله في المحرم
سنة اثنتين وخمسين ومائتين ، وقتل في الثانى من شهر رمضان او غرة شعبان سنة خمس وخمسين
ومائتين انتهى .
وقال المسعودى في كيفية قتله : فمنهم من قال : منع في حبسه من الطعام والشراب
فمات ، ومنهم من قال انه حقن بالماء الحار المغلى فمن أجل ذلك حين أخرج إلى الناس
وجدوا جوفه وارما .
والاشهر عند العباسيين انه ادخل حماما واكره على دخوله اياه ، وكان الحمام محميا
ثم منع الخروج منه ، ثم تنازع هؤلاء فمنهم من قال انه ترك في الحمام حتى فاضت نفسه
[278]
قال وكتب إلى رجل آخر يقتل محمد بن داود ( 1 ) قبل قتله بعشرة أيام
فلما كان اليوم العاشر قتل ( 2 ) .
52 - شا ، ابن قولويه عن الكليني ( 3 ) عن علي بن إبراهيم المعروف بابن
الكردي ، عن محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال : ضاق بنا الامر
قال لي أبي : امض بنا حتى نصير إلى هذا الرجل يعني أبا محمد عليه السلام فانه قد وصف
عنه سماحة .
فقلت : تعرفه ؟ فقال لي : ما أعرفه ولا رأيته قط ، قال : فقصدناه ، قال
أبي وهو في طريقه : ما أحوجنا إلى أن يأمر لنا بخمس مائة درهم : مائتي درهم
للكسوة ، ومائتي درهم للدقيق ، ومائة درهم للنفقة ، وقلت في نفسي : ليته أمرلي
بثلاث مائة درهم : مائة أشتري بها حمارا ومائة للنفقة ، ومائة للكسوة ، وأخرج
إلى الجبل . ( 4 ) .
فلما وافينا الباب خرج إلينا غلامه ، وقال : يدخل علي بن إبراهيم وابنه محمد
فلما دخلنا عليه وسلمنا قال لابي : يا علي ما خلفك عنا إلى هذا الوقت ؟ قال :
يا سيدي استحييت أن ألقاك على هذه الحال ، فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه
فناول أبي صرة وقال : هذه خمس مائة مائتان للكسوة ، ومائتان للدقيق ، ومائة
* ( هامش ) * ومنهم من ذكر أنه أخرج من بعد ما كادت نفسه أن تتلف ، فاسقى شربة ماء بثلج فتناثر
كبده فخمد من فوره ، وقيل مات في الحبس حتف أنفه انتهى
وبريحة كان من مقدمى الاتراك الذين قربهم الخلفاء منه رحمه الله في مرآت العقول
( 1 ) لايعرف الرجل ، ولعله تصحيف محمد بن أبى دواد ، وهومحمد بن أحمد بن
أبى دواد ، القاضى ، وقوله " قبل قتله بعشرة أيام " ظرف لقوله " كتب "
( 2 ) الارشاد ص 320 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 506 .
( 4 ) يعنى بالجبل بلاد الجبل ، وهى همدان وقزوين وقرمسيين وما والاها ، وحدودها
آذربيجان ، وعراق العرب ، وخوزستان ، وفارس وبلاد الديلم .
[279]
للنفقة ، وأعطاني صرة وقال : هذه ثلاث مائة درهم فاجعل مائة في ثمن حمار
ومائة للكسوة ، ومائة للنفقة ، ولا تخرج إلى الجبل وصر إلى سورا ( 1 ) .
قال : فصارإلى سورا وتزوج امرأة منها فدخله اليوم أربعة آلاف دينار
ومع هذا يقول بالوقف .
قال محمد بن إبراهيم الكردي : أتريد أمرا أبين من هذا ؟ فقال : صدقت ولكنا
على أمر قد جرينا عليه ( 2 ) .
53 - قب ( 3 ) شا : أبوعلي بن راشد عن أبي هاشم الجعفري قال : شكوت إلى
أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام الحاجة فحك بسوطه الارض فأخرج منها سبيكة
فيها نحو الخمس مائة دينار ، فقال : خذها يا أبا هاشم وأعذرنا ( 4 ) .
54 - شا : ابن قولويه عن الكليني ( 5 ) عن على بن محمد ، عن عبدالله بن
صالح ، عن أبيه ، عن أبي علي المطهري أنه كتب إليه من القادسية ( 6 ) يعلمه
انصراف الناس عن المضي إلى الحج وأنه يخاف العطش إن مضى فكتب إليه عليه السلام
امضوا ولا خوف عليكم إنشاء الله فمضى من بقي سالمين ولم يجدوا عطشا ( 7 )
( 1 ) سورى كطوبى موضع بالعراق وهو من بلد السر يانيين ، وموضع من أعمال
بغداد ، وقد يمد ، راجع ج 2 ص 54 من القاموس .
( 2 ) الارشادص 320 و 321 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 431 .
( 4 ) ارشاد المفيد ص 322 ، وقد رواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 507 ، وفيه :
فحك بسوطه الارض قال : وأحسبه غطاه بمنديل وأخرج خمسمائة دينار الخ .
( 5 ) الكافى ج 1 ص 507 و 508 .
( 6 ) قال الفيروزآبادي : القادسية بلدة قرب الكوفة ، مربها ابراهيم عليه السلام فوجد
بها عجوزا فغسلت رأسه ، فقال : قدست من أرض فسميت بالقادسية ، ودعا لها أن تكون محلة
الحاج ، راجع ج 2 ص 239 .
( 7 ) الارشاد ص 322 .
[280]
55 - شا : بالاسناد عن علي بن محمد ( 1 ) عن علي بن الحسين بن الفضل
قال : نزل بالجعفري من آل جعفر ( 2 ) خلق كثير لاقبل له بهم ، فكتب إلى
أبي محمد عليه السلام يشكو ذلك فكتب إليه : تكفونهم انشاء الله قال : فخرج إليه في نفر
يسير ، والقوم يزيدون على عشرين ألف نفس ، وهو في أقل من ألف فاستباحهم . ( 3 )
بيان : استباحهم " أي استأصلهم .
56 - شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 4 ) عن علي بن محمد ، عن إسحاق بن
محمد ، عن إسماعيل بن محمد بن علي بن إسماعيل بن علي بن عبدالله بن العباس قال :
قعدت لابي محمد عليه السلام على ظهر الطريق فلما مربي شكوت إليه الحاجة ، وحلفت
أنه ليس عندي درهم فما فوقه ، ولا غداء ولا عشاء قال فقال : تحلف بالله كاذبا
وقد دفنت مائتي دينار ؟ وليس قولي هذا دفعا لك عن العطية أعطه يا غلام ما معك
فأعطاني غلامه مائة دينار .
* ( هامش ) * ( 1 ) الاسناد في كتاب الارشاد هكذا : أخبرنى أبوالقاسم - جعفر بن محمد بن
قولويه - عن محمد بن يعقوب ، عن على بن محمد ، والحديث في الكافى ج 1
ص 508 .
( 2 ) المراد بجعفر بن أبى طالب الطيار ، وقيل : لعل المراد بجعفر ، ابن المتوكل
لانه أراد المستعين قتل من يحتمل ان يدعى الخلافة وقتل جمعا من الامراء ، وبعث
جيشا لقتل الجعفرى وهو رجل من أولاد جعفر المتوكل ، استبصر الحق ونسب نفسه إلى
جعفر الصادق عليه السلام باعتبار المذهب ، فلما حوصر بنزول الجيش بساحته كتب إلى
أبى محمد عليه السلام وسأله الدعاء لدفع المكروه فأجاب عليه السلام بالمذكور في هذا
الحديث انتهى .
قال المصنف قدس سره في المرآت بعد نقل هذا الكلام : ولا أدرى أنه رحمه الله
قال هذا تخمينا ، أورآه في كتاب لم أظفر عليه .
( 3 ) الارشاد 322 .
( 4 ) الكافى ج 1 ص 509 .
[281]
ثم أقبل علي فقال : إنك تحرم الدنانير التي دفنتها أحوج ما تكون إليها
وصدق عليه السلام وذلك أني أنفقت ما وصلني به ، واضطررت ضرورة شديدة إلى شئ
أنفقه ، وانغلقت علي أبواب الرزق ، فنبشت عن الدنانير التي كنت دفنتها فلم
أجدها فنظرت فإذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها ، وهرب فما قدرت منها
على شئ ( 1 )
يج : عن إسماعيل مثله .
57 - نجم : نقلت من خط من حدثه محمد بن هارون بن موسى
التلعكبري قال : حدثنا محمد بن هارون قال : أنفذني والدي مع بعض
أصحاب أبي القلا صاعد النصراني لاسمع منه ما روى عن أبيه من حديث مولانا
أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام فأوصلني إليه فرأيت رجلا معظما وأعلمته
السبب في قصدي فأدناني وقال :
حدثني أبي أنه خرج وإخوته وجماعة من أهله من البصرة إلى سر من رأى
للظلامة من العامل فإذا ( 2 ) بسرمن رأى في بعض الايام إذا بمولانا أبي محمد عليه السلام
على بغلة ، وعلى رأسه شاشة ، وعلى كتفه طيلسان ، فقلت في نفسي : هذا الرجل يدعي
بعض المسلمين أنه يعلم الغيب ، وقلت : إن كان الامر على هذا فيحول مقدم الشاشة
إلى مؤخرها ، ففعل ذلك .
فقلت : هذا اتفاق ولكنه سيحول طيلسانه الايمن إلى الايسر والا يسر إلى
الايمن ففعل ذلك وهو يسير ، وقد وصل إلى فقال : يا صاعد لم تشغل بأكل
حيدانك عما لاأنت منه ولا إليه وكنا نأكل سمكا .
هذا لفظة حديثه نقلناه كما رأيناه ورويناه ، ومن عرف كيف عرفناه كان
كمن شاهد ذلك وسمعه ورآه ، وأسلم صاعد بن مخلد وكان وزيرا للمعتمد
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 323 .
( 2 ) فاذا أناظ .
[282]
بيان : قوله : لم لا تشغل بأكل حيدانك " كذا كان في المنقول منه
ولعله تصحيف ( 1 ) جيداتك أي اللحوم الجيدة أوحنذاتك من قولهم حنذت الشاة
حنذا أي شويتها وجعلت فوقها حجارة محماة لينضجها ، فهي حنيذ ووصف السمك
بأنه لا أنت منه ولا إليه ، لانه يحصل من الماء ويعيش فيه ، وأصل الانسان من
التراب ، ومرجعه إليه ، فلا يوافقه في الطبع
58 - نجم : روينا بإسنادنا إلى عبدالله بن جعفر الحميري في كتاب الدلائل
بإسناده عن الكليني ، عن إسحاق بن محمد ، عن عمرو بن أبي مسلم أبي علي قال :
كتبت إلى أبي محمد عليه السلام وجاريتي حامل أسأله أن يسمي ما في بطنها فكتب : سم
ما في بطنها إذا ظهرت .
ثم ماتت بعد شهر من ولادتها فبعث إلي بخمسين دينارا على يد محمد بن سنان
الصواف ، وقال : اشتر بهذه جارية .
59 - قب : كافور الخادم قال : كان يونس النقاش يغشى سيدنا الامام
ويخدمه فجاءه يوما يرعد فقال : يا سيدي اوصيك بأهلي خيرا قال : وما الخبر ؟ قال
عزمت على الرحيل ، قال : ولم يا يونس ؟ وهو يتبسم قال : وجه إلى ابن بغابفص
ليس له قيمة أقبلت انقشه فكسرته باثنين ، وموعده غدا وهوابن بغا إما ألف
سوط أو القتل ، قال : امض إلى منزلك إلى غد ، فرح لا يكون إلا خيرا .
فلما كان من الغد وافاه بكرة يرعد ، فقال : قد جاء الرسول يلتمس
الفص فقال : امض إليه فلن ترى إلا خيرا قال : وما أقول له يا سيدي ؟ قال :
فتبسم وقال : امض إليه واسمع ما يخبرك به ، فلا يكون إلا خبرا .
قال : فمضى وعاد يضحك وقال قال لي يا سيدي : الجواري اختصمن فيمكنك
أن تجعله اثنين حتى نغنيك فقال الامام عليه السلام : اللهم لك الحمد إذ جعلتنا ممن
يحمدك حقا فأيش قلت له ؟ قال : قلت له : حتى أتأمل أمره فقال : أصبت ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) ولعله تصحيف " حيتانك " لقربه في الصورة ، وهو السمك .
( 2 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 427 .
[283]
بيان قد أوردنا هذه القصة بعينها في معجزات أبي الحسن الهادي عليه السلام
وهو الظاهر لان كافور من أصحابه عليه السلام .
60 - قب : أبوهاشم الجعفري ، عن داود بن الاسود قال : دعاني سيدي
أبومحمد عليه السلام فدفع إلي خشبة كأنها رجل باب مدورة طويلة ملء الكف فقال :
صربهذه الخشبة إلى العمري فمضيت فلما صرت في بعض الطريق عرض لي سقاء
معه بغل ، فزاحمني البغل على الطريق ، فناداني السقاء ضح على البغل ( 1 ) فرفعت
الخشبة التي كانت معي فضربت بها البغل ، فانشقت فنظرت إلى كسرها فإذا فيها
كتب فبادرت سريعا فرددت الخشبة إلى كمي فجعل السقاء يناديني ويشتمني
ويشتم صاحبي
فلما دنوت من الدار راجعا استقبلني عيسى الخادم عند الباب الثاني فقال :
يقول لك مولاي أعزه الله : لم ضربت البغل وكسرت رجل الباب ؟ فقلت له : يا سيدي
لم أعلم ما في رجل الباب ، فقال : ولم احتجت أن تعمل عملا تحتاج أن تعتذرمنه
إياك بعدها أن تعود إلى مثلها ، وإذا سمعت لنا شاتما فامض لسبيلك التي امرت
بها وإياك أن تجاوب من يشتمنا أو تعرفه من أنت ، فانا ببلد سوء ، ومصر سوء
وامض في طريقك فان أخبارك وأحوالك ترد إلينا فاعلم ذلك . ( 2 )
إدريس بن زياد الكفر توثائي قال : كنت أقول فيهم قولا عظيما فخرجت
إلى العسكر للقاء أبي محمد عليه السلام فقدمت ، وعلي أثر السفر ووعثاؤه ، فألقيت نفسي
* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخ " صح على البغل " وفيه تصحيف ، والصحيح كما في الصلب : " ضح عن
البغل " امر من التضحية ، وهى تخلية السبيل والتأنى والتأخر عنه ، وقال الجوهرى :
ضحيت عن الشئ : رفقت به ، وضح رويدا اى لاتعجل ، وقال زيد الخيل الطائى :
ولو أن نصرا اصلحت ذات بينها * لضحت رويدا عن مطالبها عمرو
وهذا المعنى هو المناسب للمقام ، فان السقاء انما ناداه بذلك طلبا منه أن يخلى
السبيل للبغل لا أن يصيح على البغل .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 427 و 428 .
[284]
على دكان حمام فذهب بي النوم ، فما انتبهت إلا بمقرعة أبي محمد عليه السلام قد قرعني
بهاحتى استيفظت فعرفته صلى الله عليه فقمت قائما اقبل قدمه وفخذه وهو راكب
والغلمان من حوله .
فكان أول ما تلقاني به أن قال : يا إدريس " بل عباد مكرمون لا يسبقونه
بالقول وهم بأمره يعملونء ( 1 ) فقلت : حسبي يا مولاي وإنما جئت أسألك عن
هذا . قال : فتركني ومضى . ( 2 )
[ عن ] محمد بن موسى قال : شكوت إلى أبي محمد عليه السلام مطل غريم لي ، فكتب
إلي : عن قريب يموت ، ولايموت حتى يسلم إليك مالك عنده ، فما شعرت إلا وقد
دق علي الباب ، ومعه مالي . وجعل يقول : اجعلني في حل مما مطلتك ، فسألته
عن موجبه فقال : إني رأيت أبا محمد عليه السلام في منامي وهو يقول لي : ادفع إلى محمد بن
موسى ماله عندك ، فان أجلك قد حضر واسأله أن يجعلك في حل من مطلك ( 3 ) .
حمزة بن محمد السروي قال : أملقت وعزمت على الخروج إلى يحيى بن
محمد ابن عمى بحران وكتبت أسأله أن يدعولي فجاء الجواب : لاتبرح فإن الله
يكشف مابك ، وابن عمك قدمات ، وكان كما قال ووصلت إلى تركته ( 4 )
إسحاق قال : حدثني يحيى القنبري قال : كان لابي محمد عليه السلام وكيل قد
اتخذ معه في الدار حجرة يكون معه خادم أبيض فراود الوكيل الخادم على
نفسه ، فأبى أن يأتيه ، إلا بنبيذ ، فاحتل له بنبيذ ، ثم أدخله عليه وبينه وبين
أبي محمد عليه السلام ثلاثة أبواب مغلقة .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 284 سطر 19 الى ص 292 سطر 18

قال : فحدثني الوكيل قال : إني لمنتبه إذا أنا بالابواب تفتح حتى جاء
* ( هامش ) * ( 1 ) الانبياء : 26 و 27 .
( 2 ) المناقب ج 4 ص 428 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 429 .
( 4 ) المناقب ج 4 ص 429 .
[285]
بنفسه ، فوقف على باب الحجرة ثم قال : يا هؤلاء خافوا الله فلما أصبحنا أمرببيع
الخادم وإخراجي من الدار . ( 1 )
سفيان بن محمد الضبعي ( 2 ) قال : كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله عن الوليجة
وهو قول الله عزوجل : " ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين
وليجة ( 3 )
قلت في نفسي لافي الكتاب : من ترى المؤمن ههنا ، فرجع الجواب : الوليجة
التي تقام دون ولي الامر ، وحدثتك نفسك عن المؤمنين ، من هم في هذا الموضع ؟
فهم الائمة يؤمنون على الله فيجيز أمانهم . ( 4 )
أشجع بن الاقرع قال : كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله أن يدعو الله لي من
وجع عيني وكانت إحدى عيني ذاهبة ، والاخرى على شرف هار ، فكتب إلي :
حبس الله عليك عينيك ، فأقامت الصحيحة ، ووقع في آخر الكتاب : آجرك الله
وأحسن ثوابك فاغتممت بذلك ولم أعرف في أهلي أحدا مات فلما كان بعد أيام
جاءني وفاة ابني طيب ، فعلمت أن التعزية له ( 5 ) .
عمربن [ أبي ] مسلم قال : قدم علينا بسر من رأى رجل من أهل مصر يقال
له سيف بن الليث ، يتظلم إلى المهدي في ضيعة له غصبها شفيع الخادم وأخرجه منها
فأشرنا إليه أن يكتب إلى أبي محمد عليه السلام يسأله تسهيل أمرها فكتب إليه أبو محمد عليه السلام ،
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 433 ، ورواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 511
( 2 ) في المصدر المطبوع : الصيفى . وقد روى القصة في الكافى ج 1 ص 508 وفيه
الضبعى ، طبقا للمتن .
( 3 ) براءة : 15 .
( 4 ) المصدرج 4 ص 432 ، وفيه : فهم الائمة الذين يؤمنون على الله ، فنحن
اياهم .
( 5 ) كتاب المناقب لابن شهر آشوب ج 4 ص 432 ورواه الكلينى في الكافى ج 1
ص 510 .
[286]
لابأس عليك ضيعتك ترد عليك فلا تتقدم إلى السلطان وأت الوكيل الذي في
يده الضيعة ، خوفه بالسلطان الاعظم الله رب العالمين .
فلقيه فقال له الوكيل الذي في يده الضيعة : قد كتب إلى عند خروجك أن
أطلبك وأن أرد الضيعة عليك فردها عليه بحكم القاضي ابن أبي الشوارب ( 1 )
وشهادة الشهود ، ولم يحتج أن يتقدم إلى المهتدي ، فصارت الضيعة له ( 2 ) .
علي بن محمد عن بعض أصحابنا قال : كتب محمد بن حجر إلى أبي محمد عليه السلام
يشكو عبدالعزيز بن دلف ويزيد بن عبدالله فكتب إليه : أما عبدالعزيز فقد كفيته
وأما يزيد فان لك وله مقاما بين يدي الله عزوجل ، فمات عبدالعزيز وقتل
يزيد محمد بن حجر . ( 3 )
أحمد بن إسحاق قال : دخلت إلى أبي محمد عليه السلام فسألته أن يكتب لانظر إلى
خطه فأعرفه إذا ورد ، فقال : نعم ثم قال : يا أحمد إن الخط سيختلف عليك ما بين
القلم الغليظ والقلم الدقيق فلا تشكن ، ثم دعا بالدواة ، فقلت في نفسي : أستوهبه
القلم الذي كتب به ، فلما فرغ من الكتابة أقبل يحدثني - وهو يمسح القلم بمنديل
الدواة - ساعة ، ثم قال : هاك يا أحمد فناولنيه [ فتناولته ] الخبر . ( 4 )
61 - كا : محمد بن يحيى عن أحمد بن إسحاق ( 5 ) مثله إلى قوله فناولنيه
* ( هامش ) * ( 1 ) هو أحمد بن محمد بن عبدالله الاموى كان قاضى بغداد من عهد المتوكل إلى زمن
المقتدر ، توفى سنة 317 ، وبنو ابى الشوارب بيت مشهور ببغداد .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 432 و 433 ، وقد رواه الكلينى في الكافى ج 1
ص 511
( 3 ) المصدرص 433 ، وتراه في الكافى ج 1 ص 513 .
( 4 ) كتاب المناقب ج 4 ص 433 و 434 .
( 5 ) أبوعلى أحمد بن اسحاق بن عبدالله بن سعد مالك بن الاحوص الاشعرى
القمى ، كان وافدالقميين ، روى عن أبى جعفر الثانى وأبى الحسن الثالث عليهما السلام
وكان من خاصة أبى محمد العسكرى عليه السلام ، وله كتب .
[287]
فقلت : جعلت فداك إني أغتم بشئ يصيبني في نفسي ، وقد أردت أن أسأل أباك
فلم يقض لي ذلك ، فقال : وما هو ياأحمد ؟
فقلت سيدي روي لنا عن آبائك أن نوم الانبياء على أقفيتهم ونوم المؤمنين
على أيمانهم ، ونوم المنافقين على شمائلهم ( 1 ) ونوم الشياطين على وجوههم فقال :
كذلك هو ، فقلت : سيدي فاني أجتهد أن أنام على يميني فما يمكنني ، ولا
يأخذني النوم عليها .
فسكت ساعة ثم قال : يا أحمد ادن مني فدنوت منه ، فقال : أدخل يدك
تحت ثيابك فأدخلتهافأخرج يده من تحت ثيابه ، وأدخلها تحت ثيابي فمسح بيده
اليمنى على جابني الايسر ، وبيده اليسرى على جابني الايمن ثلاث مرات .
فقال أحمد : فما أقدر أن أنام على يساري منذ فعل بي ذلك ، وما يأخذني نوم
عليها أصلا . ( 2 )
* ( هامش ) * والرجل ثقة ثقة وهو ابن عم أحمد بن محمد بن عيسى الاشعرى القمى الذى مر ترجمته
في ص 119 ، من هذا المجلد .
استأذن الصاحب عليه السلام على يد الحسين بن روح النو بختى للحج ، فاذن له
ونعى اليه نفسه ، فلما انصرف من الحج ، وبلغ حلوان مات بها ، وقد روى في خبر -
أخرجه المؤلف قدس سره بابا عليحدة في ج 52 ص 78 - 89 من طبعتنا هذه - أنه ممن
تشرف بخدمة صاحب الامر ، ولم يصح ذلك ، ومن أراد فله أن يراجع ما علقناه على
ذلك الخبر .
( 1 ) وذلك لانهم يعتمدون على قول الاطباء اليونانيين أكثر من اعتمادهم على
قول صاحب الشريعة ، ومن طبهم أن ينام الرجل أولا على اليمين قليلا لينحدرالغذاء
إلى قعر المعدة ويتمكن فم المعدة من الانسداد الكامل ، ثم يتحول إلى اليسار ليقع الكبد
على المعدة فيسخنها بحرارتها إلى أن ينهضم الغذاء ويصير كيموسا ، ثم يتحول إلى جانب
اليمنى لينحدر الغذاء إلى الكبد بميله الطبيعى فان الكبد في يسار المعدة ، ثم بعد قليل
يتحول إلى اليسار إلى آخر ما يقولون في ذلك .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 513 و 514 .
[288]
بيان : " ما بين القلم " أي اختلافا كائنا فيما بينهما ، الحاصل أنه انظر إلى
اسلوب الخط ولا تلتفت إلى الجلاء والخفاء ، ولا تلتفت بسببهما وفي الكافي ثم
دعا بالدواة فكتب وجعل يستمد إلى مجرى الدواة ، فقلت الخ كأن المعنى يأخذ
المداد من قعر الدواة جارا القلم إلى فم الدواة لقلة مدادها ، أو لعدم الحاجة إلى
العود سريعاو " هاك " اسم فعل بمعنى خذ " أدخل يدك " أي أخرج يديك من كميك
فأخرج عليه السلام أيضا يديه من كميه ليلمس بجميع يديه الشريفتين جميع جنبي
أحمد ويديه .
62 - قب : شاهويه بن عبدربه قال : كان أخي صالح محبوسا فكتبت إلى سيدي
أبي محمد عليه السلام أسأله أشياء فأجابني عنها ، وكتب إن أخاك يخرج من الحبس يوم
يصلك كتابي هذا ، وقد كنت أردت أن تسألني عن أمره فأنسيت ، فبينا أنا أقرء
كتابه إذا اناس جاؤوني يبشرونني بتخلية أخي ، فتلقيته وقرأت عليه الكتاب ( 1 )
أبوالعباس ومحمد بن القاسم قال : عطشت عند أبي محمد عليه السلام ولم تطب نفسي أن
يفوتني حديثه ، وصبرت على العطش ، وهو يتحدث فقطع الكلام ، وقال : ياغلام
اسق أبا العباس ماء ( 2 )
علي بن أحمد بن حماد قال : خرج أبومحمد في يوم مصيف راكبا وعليه
جفاف ( 3 ) وممطر ، فتكلموا في ذلك فلما انصرفوا من مقصدهم امطروا في طريقهم
وابتلوا سواه ( 4 )
محمد بن عباس قال : تذاكرنا آيات الامام عليه السلام فقال ناصبي : إذا أجاب عن
كتاب أكتبه بلا مداد علمت أنه حق فكتبنا مسائل وكتب الرجل بلامداد على * ( هامش ) * ( 1 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 438
( 2 ) المناقب ج 4 ص 439
( 3 ) كذا في النسخ وقد مرفى أحاديث كما في المطبوع من المصدر : " التجفاف "
وهو آلة للحرب تلبسها الفرس والانسان يتقى بها كأنها درع .
( 4 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 439 .
[289]
ورق وجعل في الكتب ، وبعثنا إليه فأجاب عن مسائلنا وكتب على ورقة اسمه واسم
أبويه ، فدهش الرجل فلما أفاق اعتقد الحق ( 1 )
الجلا والشفا قال أبوجعفر العمري : إن أبا طاهربن بلبل حج فنظر إلى
علي بن جعفر الهمداني وهو ينفق النفقات العظيمة ، فلما انصرف كتب بذلك إلى
أبي محمد عليه السلام فوقع في رقعته : قد أمرناله بمائة ألف دينار ، ثم أمرنا لك بمثلها
وهذايدل على أن كنوز الارض تحت أيديهم ( 2 )
63 - كشف : من كتاب دلائل الحميري ، عن علي بن عمر النوفلي
قال : كنت مع أبي الحسن عليه السلام في صحن داره ، فمر علينا جعفر ، فقلت :
جعلت فداك هذا صاحبنا ؟ قال : لا صاحبكم الحسن ( 3 )
وعن محمد بن درياب الرقاشي قال : كتبت إلى أبي محمد أسأله عن المشكوة
وأن يدعو لا مرأتي وكانت حاملا على رأس ولدها ، أن يرزقني الله ذكرا
وسألته أن يسميه فرجع الجواب : المشكوة قلب محمد صلى الله عليه وآله ولم يجبني عن امرأتي
بشئ وكتب في آخر الكتاب : عظم الله أجرك ، وأخلف عليك ، فولدت ولدا
ميتا وحملت بعده فولدت غلاما ( 4 )
قال عمر بن أبي مسلم : كان سميع المسمعي يؤذيني كثيرا ويبلغني عنه ما أكره
وكان ملاصقا لداري فكتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله الدعاء بالفرج منه ، فرجع
الجواب ، أبشر بالفرج سريعا ، وأنت مالك داره ، فمات بعد شهر واشتريت داره
فوصلتها بداري ببركته ( 5 )
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدرص 440 وفيه " محمد بن عياش " بدل " محمد بن عباس "
( 2 ) المناقب ج 4 ص 424 .
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 310 ولا يخفى أنه لايناسب الباب وانما يناسب باب
النصوص .
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 301 .
( 5 ) كشف الغمة ج 3 ص 302 .
[290]
عن محمد بن عبدالعزيز البلخي قال : أصبحت يوما فجلست في شارع الغنم فاذا
بأبي محمد عليه السلام قد أقبل من منزله يريد دار العامة ، فقلت في نفسي : ترى إن صحت
أيها الناس هذا حجة الله عليكم فاعرفوه ، يقتلوني ؟ فلما دنا مني أومأ بأصبعه
السبابة على فيه أن اسكت ! ورأيته تلك الليلة يقول إنما هو الكتمان أو القتل
فاتق الله على نفسك ( 1 )
يج : عن محمد بن عبدالعزيز مثله ( 2 )
64 - كشف : من كتاب الدلائل حدث محمد بن الاقرع قال : كتبت إلى أبي محمد
أسأله عن الامام هل يحتلم ؟ وقلت في نفسي بعدما فصل الكتاب : الاحتلام شيطنة
وقد أعاذ الله أولياءه من ذلك ، فرد الجواب : الائمة حالهم في المنام ، حالهم في اليقظة
لايغير النوم منهم شيئا قد أعاذ الله أولياءه من لمة الشيطان كما حدثتك نفسك ( 3 )
يج : عن محمد بن أحمد الاقرع مثله ( 4 ) .
65 - كشف : من كتاب الدلائل عن أبي بكر قال : عرض علي صديق أن
أدخل معه في شراء ثمار من نواحي شتى فكتبت إلى أبي محمد عليه السلام أستأذنه فكتب :
لا تدخل في شئ من ذلك ، وما أغفلك عن الجراد والحشف ؟ فوقع الجراد فأفسده
وما بقي منه تحشف ، وأعاذني الله من ذلك ببركته
حدثني الحسن بن طريف قال : كتبت إلى أبي محمد أسأله : ما معنى قول رسول
الله صلى الله عليه وآله لامير المؤمنين " من كنت مولاه فعلي مولاه " قال : أراد بذلك أن جعله
علما يعرف به حزب الله عند الفرقة ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدرنفسه ص 302 .
( 2 ) مختار الخرائج والجرائح ص 215 .
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 302
( 4 ) مختار الخرائج ص 215 ، ورواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 509
( 5 ) كشف الغمة ج 3 303 .
[291]
قال : وكتبت إلى أبي محمد عليه السلام وقد تركت التمتع ثلاثين سنة ، وقد نشطت
لذلك ، وكان في الحي امرءة وصفت لي بالجمال ، فمال إليها قلبي ، وكانت عاهرا
لاتمنع يد لامس ، فكرهتها ثم قلت قد قال : تمتع بالفاجرة ، فانك تخرجها من
من حرام إلى حلال ، فكتبت إلى أبي محمد اشاوره في المتعة ، وقلت : أيجوز بعد هذه
السنين أن أتمتع ؟
فكتب : إنما تحيي سنة وتميت بدعة ، ولابأس وإياك وجارتك المعروفة
بالعهر ( 1 ) وإن حدثتك نفسك ، إن آبائي قالوا : تمتع بالفاجرة فانك تخرجها
من حرام إلى حلال فهذه امرءة معروفة بالهتك ، وهي جارة وأخاف عليك استفاضة
الخبر فيها ، فتركتها ولم أتمتع بها وتمتع بهاشاذان بن سعد رجل من إخواننا و
* ( هامش ) * ( 1 ) اختلف أصحابنا في ذلك ، فمنهم من منع عن انكاح الزانى ونكاح الزانية
مطلقا لقوله تعالى في سورة النور 3 : " الزانى لاينكح الازانية أومشركة ، والزانية لا
ينكحها الازان أومشرك وحرم ذلك على المؤمنين .
ومنهم من أجاز ذلك مطلقا للاحاديث الواردة في ذلك وادعاء نسخ الاية بقوله تعالى
" وانكحوا الايامى منكم " الاية أو بالاحاديث المروية في جواز ذلك كالحديث المروى
المشهور عند راوى هذا الحديث .
والصحيح أن الاية ليست بمنسوخة لابا لآية ولا بالا حاديث لعدم المنافاة بين مقتضاهما
والمراد بالزانى والزانية في هذه الآية ، الثالث المتحقق في ذلك ، كأن يثبت زناهما
عند الحاكم العدل فيجرى عليهما حد الزناء فيكون شهادة العدول واجراء الحد عليهما
موجبا لتحقق العنوان فيهما ، أو يكونا من المشهورين بذلك عند العرف يعلمه كل أحد كان
تكون الجارية ذات علم كما كن في الجاهلية ، أو في بيوت معدة لذلك كالقلاع والمحلات
المرسومة الآن لذلك ، أو يكون الناكح هو الذى زنى بالمرءة قبل ذلك ، فيكون تحقق
العنوان عنده وجدانيا .
فعلى أحد هذه الموارد الثلاث تحكم الاية بتحريم النكاح ، وما سوى ذلك مما قد
يزنى الرجل وتزنى المرءة ويكون زناهما مخفيا فخارج عن مدلول الاية الشريفة فتأمل .
[292]
جيراننا فاشتهر بها حتى علا أمره ، وصار إلى السلطان وغرم بسببها مالا نفيسا
وأعاذني الله من ذلك ببركة سيدي ( 1 ) .
وعن سيف بن الليث قال : خلفت ابنا لي عليلا بمصرعند خروجي منها ، و
ابنا لي آخر أسن منه ، هو كان وصيي وقيمي على عيالي وضياعي ، فكتبت إلى
أبي محمد عليه السلام وسألته الدعاء لابني العليل ، فكتب إلي : قد عو في الصغير ومات الكبير
وصيك وقيمك ، فاحمد الله ولاتجزع فيحبط أجرك .
فورد على الكتاب بالخبر أن ابني عوفي من علته ، ومات ابني الكبير يوم
ورد علي جواب أبي محمد عليه السلام ( 2 )
قب : عن سيف مثله ( 3 ) .
66 - كشف : من كتاب الدلائل عن محمد بن حمزة السروري قال : كتبت
على يد أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري وكان لي مواخيا إلى أبى طالب عليه السلام أسأله
أن يدعولي بالغنى ، وكنت قد أملقت ، فأوصلها وخرج إلي على يده : أبشر فقد
أجلك الله تبارك وتعالى بالغنى ، مات ابن عمك يحيى بن حمزة ، وخلف مائة ألف
درهم ، وهي واردة عليك فاشكرالله ، وعليك بالاقتصاد ، وإياك والاسراف فانه من
فعل الشيطنة .
فوزد علي بعد ذلك قادم معه سفاتج من حران فاذا ابن عمي قد مات في
اليوم الذي رجع إلي أبوهاشم بجواب مولاي أبي محمد ، واستغنيت وزال الفقر عني
كما قال سيدي فأديت حق الله في مالي ، وبررت إخواني وتماسكت بعد ذلك


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 292 سطر 19 الى ص 300 سطر 18

- وكنت مبذرا - كما أمرني أبومحمد ( 4 ) * ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 303 و 304 .
( 2 ) كشف الغمة ص 3 ص 304 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 433 . ورواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 509 .
في حديث
( 5 ) كشف الغمة ج 3 ص 304 .
[293]
وعن محمد بن صالح الخثعمي قال : كتبت إلى أبي محمد أسأله عن البطيخ وكنت
به مشغوفا فكتب إلي : لا تأكله على الريق فانه يولد الفالج ، وكنت اريد أن أسأله
عن صاحب الزنج خرج بالبصرة فنسيت حتى نفذ كتابي إليه ، فوقع : صاحب
الزنج ( 1 ) ليس من أهل البيت ( 2 ) .
قب : عن محمد بن صالح مثله ( 3 ) .
67 - كشف : من كتاب الدلائل عن محمد بن الربيع الشيباني قال : ناظرت رجلا
من الثنوية بالاهواز ثم قدمت سر من رأى ، وقد علق بقلبي شئ من مقالته فاني
لجالس على باب أحمد بن الخضيب إذ أقبل أبومحمد عليه السلام من دار العامة يوم الموكب
فنظر إلي وأشار بسبابته " أحد أحد فوحده " فسقطت مغشيا علي ( 4 ) .
يج : عن محمد بن الربيع مثله ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) هو الذى كان يزعم أنه على بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن على بن
الحسن بن على بن أبى طالب عليه السلام ، وهو الذي يؤمى اليه في نهج البلاغة في أخبار
الملاحم بالبصرة حيث يقول عليه السلام : يا أحنف كأنى به وقد ساربا لجيش الذى لا يكون
له غبار ولا لجب ، ولا قعقعة لجم ولا حمحمة خيل ، يثيرون الارض بأقدامهم كأنها أقدام
النعام .
قال ابن أبى الحديد في شرح النهج ج 2 ص 311 : خرج في فرات البصرة سنة
255 ، فتبعه الزنج الذين كانوا يكبسون السباخ في البصرة ، ثم ذكران جمهور النسابين
اتفقوا على أنه من عبدالقيس وأنه على بن عبدالرحيم وامه اسدية من اسد بن خزيمة ، جدها
محمد بن حكيم الاسدى ، من أهل الكوفة أحد الخارجين مع زيد بن على بن الحسين .
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 305 .
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 428 .
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 305 .
( 5 ) لم نجده في مختار الخرائج ، ورواه الكلينى في الكافى ج 1 ص 511 .
وفيه " محمد بن الربيع السائى " وهو الصحيح نسبة إلى ساية - قرية بمكة أو واد بين
الحرمين ، عنونه الشيخ في رجاله وقال : محمد بن الربيع بن سويد السائى من أصحاب
العسكرى عليه السلام .
[294]
68 - كشف : من كتاب الدلائل عن علي بن محمد بن الحسن قال : وافت جماعة
من الاهواز من أصحابنا وكنت معهم وخرج السلطان إلى صاحب البصرة فخرجنا
لننظر إلى أبى محمد عليه السلام فنظرنا إليه ماضيا معه ، وقعدنا بين الحائطين بسر من رأى
ننظر رجوعه ، فرجع فلما حاذانا وقرب منا وقف ومديده إلى قلنسوته فأخذها
عن رأسه وأمسكها بيده ( 1 ) وأمريده الاخرى على رأسه ، وضحك في وجه
رجل منا .
فقال الرجل مبادرا : أشهد أنك حجة الله وخيرته فقلنا : يا هذاما شأنك ؟
قال : كنت شاكا فيه ، فقلت نفسي : إن رجع وأخذ القلنسوة عن رأسه قلت :
بامامته ( 2 ) .
يج : عن علي بن محمد مثله ( 3 )
69 - كشف : من دلائل الحميري عن أبي سهل البلخي قال : كتب رجل إلى
أبي محمد ، يسأله الدعاء لو الديه ، وكانت الام غالية والاب مؤمنا ، فوقع : رحم
الله والدك .
وكتب آخر يسأل الدعاء لوالديه وكانت الام مؤمنة ، والاب ثنويا فوقع
رحم الله والدتك ، والتاء منقوطة ( 4 ) .
وحدث أبويوسف الشاعر القصير شاعر المتوكل قال : ولد لي غلام وكنت
مضيقا فكتبت رقاعا إلى جماعة أسترفدهم ، فرجعت بالخيبة قال قلت : أجئ فأطوف
حول الدار طوفة وصرت إلى الباب فخرج أبوحمزة ومعه صرة سوداء فيها أربع
مائة درهم ، فقال : يقول لك سيدي : أنفق هذه على المولود ، بارك الله لك فيه .
* ( هامش ) * ( 1 ) وفى الخرائج : بيده الاخرى ووضعها على رأسه وضحك
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 305 و 306 .
( 3 ) مختار الخرائج والجرائج ص 215
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 306 .
[295]
حدث أبوالقاسم علي بن راشد ( 1 ) قال : خرج رجل من العلويين من
سرمن رأى في أيام أبي محمد إلى الجبل يطلب الفضل ، فتلقاه رجل من همدان فقال
له : من أين أقبلت ؟ قال : من سرمن رأى قال : هل تعرف درب كذاوموضع كذا
قال : نعم ، فقال : عندك من أخبار الحسن بن علي شئ ؟ قال : لا ، قال : فما
أقدمك الجبل ؟ قال : طلب الفضل قال : فلك عندي خمسون دينارا فاقبضها وانصرف
معي إلى سر من رأى حتى توصلني إلى الحسن بن علي عليه السلام فقال : نعم .
فأعطاه خمسين دينارا وعاد العلوي معه فوصلا إلى سر من رأى فاستأذنا
على أبي محمد عليه السلام فأذن لهما ، فدخلا وأبومحمد عليه السلام قاعد في صحن الدار
فلما نظر إلى الجبلي قال له : أنت فلان بن فلان ؟ قال : نعم ، قال : أوصى
إليك أبوك وأوصى لنا بوصية ، فجئت تؤديها ، ومعك أربعة آلاف دينار هاتها !
فقال الرجل : نعم فدفع إلى المال ثم نظر إلى العلوي فقال : خرجت إلى الجبل تطلب الفضل فأعطاك هذا الرجل خمسين دينارا فرجعت معه ، ونحن نعطيك خمسين
دينارا فأعطاه ( 2 )
وعن محمد بن عبدالله قال : لما أمرسعيد بحمل أبي محمد إلى الكوفة كتب إليه
أبوالهيثم : جعلت فداك بلغنا خبرأقلقنا ، وبلغ منا ، فكتب : بعد ثلاث يأتيكم الفرج
فقتل المعتز يوم الثالث .
قال : وفقد له غلام صغير فلم يوجد ، فاخبر بذلك ، فقال : اطلبوه من
البركة ، فطلب فوجدوه في بركة الدار ميتا .
قال : وانتهبت خزانة أبي الحسن بعد ما مضى فأخبربذلك فأمر بغلق الباب
ثم دعا بحرمه وعياله فجعل يقول لواحد واحد : رد كذا وكذا ، ويخبره بما
أخذ فردوا حتى مافقد شيئا ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : " ابوالقاسم كاتب راشد "
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 307 .
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 292 .
[296]
يج : عن محمد بن عبدالله إلى قوله ميتا ( 1 ) .
70 - كشف : من كتاب الدلائل : حدث هارون بن مسلم قال : ولد لابني
أحمد ابن فكتبت إلى أبي محمد عليه السلام وذلك بالعسكر اليوم الثاني من ولادته أسأله أن
يسميه ويكنيه ، وكان محبتي أن اسميه جعفرا واكنيه بأبي عبدالله ، فوافاني
رسوله في صبيحة اليوم السابع ، ومعه كتاب : سمه جعفرا وكنه بأبي عبدالله ودعا
لي ( 2 ) .
وحدثني القاسم الهروي قال : خرج توقيع من أبي محمد عليه السلام إلى بعض بني
أسباط قال : كتبت إليه اخبره عن اختلاف الموالي وأسأله إظهار دليل ، فكتب إلي :
وإنما خاطب الله عزوجل العاقل ليس أحد يأتي بآية أو يظهر دليلا أكثر مما
جاء به خاتم النبيين وسيد المرسلين فقالوا ساحر وكاهن وكذاب ، وهدى الله من
اهتدى ، غير أن الادلة يسكن إليها كثير من الناس ، وذلك أن الله عزوجل يأذن
لنا فنتكلم ، ويمنع فنصمت .
ولو أحب أن لايظهر حقا ما بعث النبيين مبشرين ومنذرين ، فصدعوا بالحق
في حال الضعف والقوة ، وينطقون في أوقات ليقضي الله أمره ، وينفذ حكمه .
الناس في طبقات شتى والمستبصر على سبيل نجاة متمسك بالحق متعلق بفرع
أصيل ، غير شاك ولا مرتاب ولا يجد عنه ملجأ ، وطبقة لم تأخذ الحق من أهله فهم
كراكب البحر يموج عند موجه ، ويسكن عند سكونه ، وطبقة استحوذ عليهم
الشيطان ، شأنهم الرد على أهل الحق ، ودفع الحق بالباطل ، حسدا من عند
أنفسهم ، فدع من ذهب [ يذهب ] يمينا وشمالا ، فالراعي إذاأراد أن يجمع غنمه
جمعها في أهون السعي .
ذكرت ما اختلف فيه موالى فاذا كانت الوصية والكبر فلاريب ، ومن جلس
مجالس الحكم فهو أولى بالحكم ، أحسين رعاية من استرعيت ، وإياك والاذاعة ، و * ( هامش ) * ( 1 ) لم نجده في مختار الخرائج .
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 293 .
[297]
طلب الرئاسة ، فانهما يدعوان إلى الهلكة ذكرت شخوصك إلى فارس فاشخص خار
الله لك ، وتدخل مصر إنشاء الله آمنا ، واقرأ من تثق به من موالي السلام ومرهم
بتقوى الله العظيم ، وأداء الامانة ، وأعلمهم أن المذيع علينا حرب لنا .
قال : فلما قرأت " وتدخل مصرإنشاء الله " لم أعرف معنى ذلك ، فقدمت
إلى بغداد ، وعزيمتي الخروج إلى فارس ، فلم يتهيأ ذلك ، فخرجت إلى مصر ( 1 ) .
يج : عن أبي القاسم الهروي مثله ( 2 )
71 - كشف : من دلائل الحميري ، عن علي بن محمد بن زياد أنه خرج إليه
توقيع أبي محمد عليه السلام : فتنة تخصك فكن حلسا من أحلاس بيتك ، قال : فنابتني نائبة
فزعت منها ، فكتبت إليه أهي هذه ؟ فكتب : لا ، أشد من هذه ، فطلبت بسبب جعفر بن
محمود ( 3 ) ونودي علي : من أصابني فله مائة ألف درهم ( 4 ) .
يج : روى علي بن محمد زياد مثله ( 5 ) .
بيان : قال الجوهري : أحلاس البيوت ما يبسط تحت حر الثيات وفي الحديث
كن حلس بيتك أي لا تبرح .
72 - كشف : من دلائل الحميري حدث محمد بن علي الصيمري قال : دخلت
على أبي أحمد عبيدالله بن عبدالله وبين يديه رقعة أبي محمد عليه السلام فيه : إني نازلت الله
في هذا الطاغي يعني الزبيري ، هو آخذه بعد ثلاث فلما كان في اليوم الثالث فعل
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 293 و 294 .
( 2 ) مختار الخرائج ص 291 .
( 3 ) جعفر بن محمد خ ل ، وجعفر بن محمود كان من أصحاب الخليفة ، وقد ذكر
في حديث المتوكل مع أبى الحسن الهادى حين سأله عن المواطن الكثيرة راجع ص 163 .
فيما سبق
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 294 و 295 .
( 5 ) لم نجده في مختار الخرائج المطبوع .
[298]
به ما فعل . ( 1 )
وعنه قال : كتب إلي أبومحمد عليه السلام : فتنة تظلكم فكونوا على اهبة ، فلما كان
بعد ثلاثة أيام وقع بين بني هاشم وكانت لهم هنة لها شأن فكتبت إليه أهي هذه ؟
قال : لا ، ولكن غير هذه ، فاحترسوا ! فلما كان بعد أيام كان من أمر المعتز ما
كان . ( 2 )
وعن جعفر بن محمد القلانسي قال : كتب أخي محمد إلى أبي محمد عليه السلام وامرأته
حامل مقرب ، أن يدعو الله أن يخلصها ويرزقه ذكرا ويسميه فكتب يدعو الله بالصلاح
ويقول : رزقك الله ذكرا سويا ونعم الاسم محمد ، وعبدالرحمن .
فولدت اثنين في بطن أحدهما في رجله زوائد في أصابعه ، والاخر سوي
فسمى واحدا محمدا والاخر صاحب الزوايد ، عبدالرحمن .
وعن جعفر بن محمد القلانسي قال : كتبت إلى أبي محمد مع محمد بن عبدالجبار
وكان خادما يسأله عن مسائل كثيرة ، وسأله الدعاء لاخ خرج إلى أرمنية يجلب
غنما فورد الجواب بما سأل ، ولم يذكر أخاه فيه بشئ فورد الخبر بعد ذلك أن
أخاه مات يوم كتب أبومحمد جواب المسائل ، فعلمنا أنه لم يذكره لانه علم
بموته ( 3 )
وعن أبي هاشم قال : كتب إليه بعض مواليه يسأله أن يعلمه دعاء فكتب إليه
أن ادع بهذه الدعاء " يا أسمع السامعين ، ويا أبصر المبصرين ، يا عز الناظرين
ويا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا أحكم الحاكمين ، صل على محمد
وآل محمد ، وأوسع لي في رزقي ، ومدلي في عمري ، وامنن على برحمتك
واجعلني ممن تنتصر به لدينك ، ولا تستبدل بي غيري " .
قال أبوهاشم : فقلت في نفسي اللهم اجعلني في حزبك وفي زمرتك ، فأقبل علي .
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 295 .
( 2 ) المصدر نفسه ص 295 .
( 3 ) المصدر ج 3 ص 296 .
[299]
أبومحمد عليه السلام فقال : أنت في حزبه وفي زمرته ، إذ كنت بالله مؤمنا ، ولرسوله مصدقا
ولا وليائه عارفا ، ولهم تابعا ، فأبشر ثم أبشر . ( 1 )
وعن محمد بن الحسن بن ميمون ( 2 ) قال : كتبت إليه أشكو الفقر ثم قلت في
نفسي : أليس قد قال أبوعبدالله : الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا ، والقتل معنا
خير من الحياة مع عدونا ، فرجع الجواب : إن الله عزوجل يخص أولياءنا
إذا تكاثقت ذبوبهم بالفقر ، وقد يعفو عن كثير منهم ، كما حدثتك نفسك : الفقر
معنا خير من الغنى مع عدونا ، ونحن كهف لمن التجأ إلينا . ونور لمن استبصر بنا
وعصمة لمن اعتصم بنا ، من أحبنا كان معنا في السنام الاعلى ، ومن انحرف عنا
فإلى النار . ( 3 )
73 - كش : أحمد بن علي بن كلثوم ، عن إسحاق بن محمد ، عن محمد بن
الحسن بن شمون مثله . ( 4 )
وقال محمد بن الحسن : لقيت من علة عيني شدة فكتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله
أن يدعولي فلما نفذ الكتاب قلت في نفسي : ليتني كنت سألته أن يصف لي كحلا
أكحلها ، فوقع بخطه يدعولي بسلامتها إذ كانت إحداهما ذاهبة ، وكتب بعده :
أردت أن أصف لك كحلا عليك بصبر مع الاثمد كافورا وتوتيا فانه يجلو ما فيها
من الغشاء ، وييبس الرطوبة ، قال : فاستعملت ما أمرني به عليه السلام فصحت
والحمد لله . ( 5 )
74 - كش : سعد بن جناح الكشي قال : سمعت محمد بن إبراهيم الوراق
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 3 ص 299 و 300 ورواه ابن شهر آشوب في مناقب آل أبى طالب
ج 4 ص 439 .
( 2 ) الصحيح محمد بن الحسن بن شمون كما سيأتى .
( 3 ) المصدر ج 3 ص 300 و 301 ورواه ابن شهر آشوب في المناقب ج 4 ص 435
( 4 ) رجال الكشى ص 448 وتراه في مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 435 .
( 5 ) المصدر ص 448 .
[300]
السمر قندي يقول : خرجت إلى الحج فأردت أن أمر على رجل كان من أصحابنا
معروف بالصدق ، والصلاح والورع والخير يقال : بورق البو شنجاني ( 1 ) قرية من
قرى هراة - وأزوره واحدث به عهدي .
قال : فأتيته فجرى ذكر الفضل بن شاذان فقال بورق وكان الفضل بن شاذان
به بطن شديد العلة ويختلف في الليل مائة مرة إلى مائة وخمسين مرة فقال له بورق
خرجت حاجا فأتيت محمد بن عيسى العبيدى فرأيته شيخا فاضلا في أنفه اعوجاج
وهو القنا ، ومعه عدة رأيتهم مغتمين ومحزونين .
فقلت لهم : مالكم ؟ فقالوا : إن أبا محمد عليه السلام قد حبس ، قال بورق فحججت
ورجعت ثم أتيت محمد بن عيسى ووجدته قد انجلى ما كنت رأيت به ، فقلت : ما
الخبر ؟ فقال : قد خلي عنه .
قال بورق : فخرجت إلى سر من رأى ومعي كتاب يوم وليلة فدخلت على
أبي محمد عليه السلام وأريته ذلك الكتاب فقلت له : جعلت فداك إن رأيت أن تنظرفيه
فنظر فيه وتصفحه ورقة ورقة ، وقال : هذا صحيح ينبغي أن يعمل به ، فقلت له :
الفضل بن شاذان شديد العلة ، ويقولون إنه من دعوتك بموجدتك عليه لما ذكروا
عنه ، أنه قال : وصي إبراهيم خير من وصي محمد صلى الله عليه وآله ، ولم يقل جعلت فداك
هكذا كذبوا عليه فقال : نعم كذبوا عليه [ و ] رحم الله الفضل رحم الله الفضل .
قال بورق : فرجعت فوجدت الفضل قدمات في الايام التي قال أبو محمد عليه السلام
رحم الله الفضل . ( 2 )


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 300 سطر 19 الى ص 308 سطر 18

75 - كش : أحمد بن علي بن كلثوم ، عن إسحاق بن محمد ، عن الفضل بن
الحارث قال : كنت بسر من رأى وقت خروج سيدي أبي الحسن فرأينا أبا محمد
عليه السلام ماشيا قد شق ثوبه ، فجعلت أتعجب من جلالته وهوله أهل ، ومن
* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخ هنا تصحيف ، والصحيح ما في الصلب ، وبوشنج بفتح الشين بيندة
نزيهة في واد مشجر من نواحى هراة بينهما عشرة فراسخ .
( 2 ) رجال الكشى ص 451 و 452 .
[301]
شدة اللون والادمة ، واشفق عليه من التعب
فلما كان من الليل رأيته عليه السلام في منامي ، فقال : اللون الذي تعجبت منه
اختبار من الله لخلقه ، يختبربه كيف يشاء وإنها لعبرة لاولي الابصار لايقع فيه على
المختبر ذم ( 1 ) ولسنا كالناس فنتعب مما يتعبون نسأل الله الثبات والتفكر في خلق
الله ، فان فيه متسعا إن كلامنا في النوم مثل كلامنا في اليقظة . ( 2 )
76 - كش : عن علي بن سليمان بن رشيد العطار البغدادي قال : كان عروة
ابن يحيى ( 3 ) يلعنه أبومحمد عليه السلام وذلك أنه كانت لابي محمد عليه السلام خزانة وكان
يليها أبوعلي بن راشد رضي الله عنه فسلمت إلى عروة فأخذها لنفسه ، ثم أحرق
باقي ما فيها يغايظ بذلك أبا محمد عليه السلام فلعنه وبرئ منه ، ودعا عليه ، فما امهل
يومه ذلك وليلته ، حتى قبضه الله إلى النار .
فقال عليه السلام : جلست لربي في ليلتي هذه كذا وكذا جلسة فما انفجر عمود
الصبح ولا انطفئ ذلك النار حتى قتل الله عروة لعنه الله . ( 4 )
77 - جش : هارون بن موسى ، عن محمد بن همام قال : كتب أبي إلى أبي محمد
الحسن بن علي العسكرى عليهما السلام يعرفه أنه ما صح له حمل بولد ، ويعرفه أن له
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة الاصل ، وهكذا مناقب ابن شهرآشوب نقلا عن الكشى : " اللون
الذى تعجبت منه اختيار من الله لخلقه ، يجريه كيف يشاء ، وانها تغيير [ لعبرة ] في الابصار
لا يقع فيه غير المختبر ذم ، وفيه تصحيف ، وما في الصلب صححناه من المصدر المطبوع
جديدا بالنجف الاشرف .
( 2 ) رجال الكشى ص 481 ورواه ابن شهر آشوب في مناقب آل أبى طالب ج 4
ص 434
( 3 ) هو المعروف بالدهقان وكان يكذب على أبى الحسن الهادى وأبى محمد العسكرى
عليهما السلام ، كان في أوائل أمره مستقيم الطريقة ، وكيلا لابى محمد العسكرى عليه السلام
ثم عدا على أمواله عليه السلام وانحرف عنه فخرج التوقيع بلعنه .
( 4 ) رجال الكشى ص 480 .
[302]
حملا ويسأله أن يدعو الله في تصحيحه وسلامته ، وأن يجعله ذكرا نجيبا من مواليهم
فوقع على رأس الرقعة بخط يده : قد فعل الله ذلك فصح الحمل ذكرا . ( 1 )
78 - عم : أحمد بن محمد بن عياش ، عن أحمد بن محمد العطار ومحمد بن
أحمد بن مصقلة ، عن سعد بن عبدالله ، عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري قال :
كنت عند أبي محمد عليه السلام فاستوذن لرجل من أهل اليمن فدخل عليه رجل جميل طويل
جسيم ، فسلم عليه بالولاية فرد عليه بالقبول وأمره بالجلوس فجلس إلى جنبي .
فقلت في نفسي : ليت شعري من هذا ؟ فقال أبومحمد عليه السلام : هذا من ولد الاعرابية
صاحبة الحصاة التي طبع آبائي فيها ، ثم قال : هاتهافأخرج حصاة ، وفي جانب
منها موضع أملس ، فأخذها وأخرج خاتمه فطبع فيها فانطبع ، وكأني أقرء الخاتم
الساعة " الحسن بن علي "
فقلت لليماني : رأيته قط ؟ قال : لا والله وإني منذ دهر لحريص على رؤيته
حتى كان الساعة أتاني شاب لست أراه ، فقال : قم فادخل فدخلت ثم نهض وهو .
يقول : رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ذرية بعضها من بعض ، أشهد أن حقك
لواجب كوجوب حق أميرالمؤمنين والائمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين وإليك
انتهت الحكمة والامامة ، وإنك ولي الله الذي لا عذر لاحد في الجهل به .
فسألت عن اسمه فقال : اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم
ابن ام غانم وهي الاعرابية اليمانية صاحبة الحصاة التي ختم فيها أمير المؤمنين عليه السلام
وقال أبوهاشم الجعفري في ذلك :
بدرب الحصا مولى لنا يختم الحصى * له الله أصفى بالدليل وأخلصا
وأعطا رايات الامامة كلها * كموسى وفلق البحر واليد والعصا
وما قمص الله النبيين حجة * ومعجزة إلا الوصيين قمصا
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال النجاشى ص 295 ، وبعده قال هارون بن موسى : أراني أبوعلى ابن همام
الرقعة والخط وكان محققا ، والظاهر أن الحمل كان محمد بن همام .
[303]
فمن كان مرتابا بذاك فقصره * من الامر أن يتلو الدليل ويفحصا ( 1 )
في أبيات ، قال أبوعبدالله بن عياش ، هذه ام غانم صاحبة الحصاة غير تلك
صاحبة الحصاة وهي ام الندى حبابة بنت جعفر الوالبية الاسدية وهي غير صاحبة
الحصاة الاولى التي طبع فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين ، فانها ام سليم و
كانت وارثة الكتب فهن ثلاث ولكل واحدة منهن خبر ، قد رويته ولم أطل الكتاب
بذكره . ( 2 )
غط : سعد عن أبي هاشم الجعفري إلى قوله ختم فيها أمير المؤمنين ( 3 ) .
كشف من دلائل الحميري عن أبى هاشم مثله . ( 4 )
يج : عن أبي هاشم مثله ( 5 ) .
79 - غط : سعد عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت محبوسا مع أبي محمد عليه السلام
في حبس المهتدي ابن الواثق فقال : يا أبا هاشم إن هذا الطاغي أراد أن يتعبث
بالله في هذه الليلة وقد بتر الله عمره ، وجعله الله للقائم من بعده - ولم يكن له
ولد - وسا رزق ولدا قال أبوهاشم : فلما أصبحنا شغب الاتراك على المهتدي ، فقتلوه
وولي المعتمد مكانه ، وسلمنا الله . ( 6 )
قب : مرسلا مثله ( 7 )
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر المطبوع :
وان كنت مرتابا بذاك فقصره * من الامر أن تتلو الدليل وتفحصا
( 2 ) اعلام الورى ص 353 .
( 3 ) غيبة الشيخ ص 132
( 4 ) كشف الغمة ج 3 ص 314 و 315 .
( 5 ) لم نجده في مختار الخرائج ، ورواه ابن شهر آشوب في كتاب المناقب ج 4
ص 441 .
( 6 ) غيبة الشيخ ص 132 و 133
( 7 ) المناقب ج 4 ص 430 .
[304]
بيان : الشغب تهييج الشر .
80 - عيون المعجزات : عن أبي هاشم ، قال : دخلت على أبي محمد عليه السلام وكان
يكتب كتابا فحان وقت الصلاة ، الاولى فوضع الكتاب من يده وقام عليه السلام إلى
الصلاة فرأيت القلم يمر على باقي القرطاس من الكتاب ويكتب حتى انتهى إلى
آخره فخررت ساجدا فلما انصرف من الصلاة أخذ القلم بيده وأذن للناس .
وحدثني أبو التحف المصري يرفع الحديث برجاله إلى أبي يعقوب إسحاق
ابن أبان قال : كان أبومحمد عليه السلام يبعث إلى أصحابه وشيعته صيروا إلى موضع كذا
وكذا ، وإلى دار فلان بن فلان العشاء والعتمة في ليلة كذا فانكم تجدوني هناك
وكان الموكلون به لايفارقون باب الموضع الذي حبس فيه عليه السلام بالليل والنهار
وكان يعزل في كل خمسة أيام الموكلين ويولي آخرين بعد أن يجدد عليهم
الوصية بحفظه ، والتوفر على ملازمة بابه .
فكان أصحابه وشيعته يصيرون إلى الموضع وكان عليه السلام قد سبقهم إليه ، فيرفعون
حوائجهم إليه ، فيقضيها لهم على منازلهم وطبقاتهم ، وينصرفون إلى أما كنهم بالايات
والمعجزات وهو عليه السلام في حبس الاضداد .
81 - مشارق الانوار : عن علي بن عاصم الاعمى الكوفي قال : دخلت
على أبي محمد العسكرى عليه السلام فقال لي : يا علي بن عاصم انظر إلى ما تحت قدميك
فانك على بساط قد جلس فيه كثير من النبيين والمرسلين ، والائمة الراشدين
قال فقلت : يا سيدي لا أنتعل ما دمت في الدنيا إكراما لهذا البساط فقال يا علي
إن هذا النعل الذي في رجلك نعل نجس ملعون لا يقر بولايتنا .
قال : فقلت في نفسي ليتني أرى هذا البساط فعلم ما في ضميري فقال : ادن مني
فدنوت منه ، فمسح يده الشريفة على وجهي فصرت بصيرا ، قال : فرأيت في البساط
أقداما وصورا ، فقال : هذا قدم آدم ، وموضع جلوسه وهذا أثر هابيل ، وهذا
أثر شيث ، وهذا أثر نوح ، وهذا أثر قيدار ، وهذا أثر مهلائيل ، وهذا أثر يارة
[305]
وهذا أثر خنوخ ، وهذا أثر إدريس ، وهذا أثر متوشلخ ، وهذا أثر سام ، وهذا
أثر ارفخشد ، وهذا أثر هود ، وهذا أثر صالح ، وهذا أثر لقمان ، وهذا أثر إبراهيم
وهذا أثر لوط ، وهذا أثر إسماعيل ، وهذا أثر إلياس ، وهذا أثر إسحاق ، وهذا
أثر يعقوب وهذا أثر يوسف ، وهذا أثر شعيب ، وهذاأثر موسى ، وهذاأثر
يوشع بن نون ، وهذاأثر طالوت ، وهذا أثر داود ، وهذا أثر سليمان ، وهذا
أثر الخضر ، وهذاأثر دانيال ، وهذا أثر اليسع ، وهذا أثر ذي القرنين الاسكندر
وهذا أثر شابور بن أردشير وهذا أثر لوى ، وهذا أثر كلاب ، وهذا أثر قصي ، و
هذا أثر عدنان ، وهذا أثر عبد مناف ، وهذا أثر عبدالمطلب ، وهذا أثر عبدالله ، و
هذا أثر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا أثر أميرالمؤمنين عليه السلام وهذا أثر الاوصياء من
بعده إلى المهدي عليهم السلام لانه قد وطأه وجلس عليه ، ثم قال : انظر إلى الاثار
واعلم أنها آثاردين الله ، وأن الشاك فيهم كالشاك في الله ، ومن جحدهم كمن جحد
الله ، ثم قال : اخفض طرفك يا علي فرجعت محجوبا كما كنت .
[306]
4 * ( باب ) *
* ( مكارم اخلاقه ، ونوادر احواله ، وما جرى بينه وبين ) *
* ( خلفاء الجور وغيرهم ، واحوال اصحابه واهل زمانه ) *
* ( صلوات الله عليه ) *
1 - غط : جماعة عن التلعكبري عن أحمد بن علي الرازي ، عن الحسين بن
علي ، عن أبي الحسن الايادي قال : حدثني أبوجعفر العمري رضي الله عنه أن أبا
طاهربن بلبل حج فنظر إلى علي بن جعفر الهماني ( 1 ) وهوينفق النفقات العظيمة
فلما انصرف كتب بذلك إلى أبي محمد عليه السلام فوقع في رقعته : قد أمرنا له بمائة ألف
دينار ثم أمرنا له بمثلها فأبى قبولها إبقاء علينا ، ماللناس والد خول في أمرنا ، فيما
لم ندخلهم فيه ؟ ( 2 ) .
2 - غط : روى سعد بن عبدالله قال : حدثني جماعة منهم أبوهاشم داود بن
القاسم الجعفري والقاسم بن محمد العباسي ومحمد بن عبيدالله ومحمد بن إبراهيم العمري
وغيرهم ممن كان حبس بسبب قتل عبدالله بن محمد العباسي أن أبا محمد عليه السلام وأخاه
جعفر ادخلا علهيم ليلا .
* ( هامش ) * ( 1 ) عنونه ابن داود في القسم الثانى من رجاله تحت الرقم 323 وقال : منسوب
إلى همينيا قرية من سواد بغداد .
( 2 ) غيبة الشيخ ص 141 و 226 ، وقد أخرجه المؤلف فيما سبق ص 220 ، من
هذا المجلد .
[307]
قالوا : كنا ليلة من الليالي جلوسا نتحدث إذ سمعنا حركة باب السجن
فراعنا ذلك ، وكان أبوهاشم عليلا ، فقال لبعضنا : اطلع وانظر ما ترى ؟ فاطلع
إلى موضع الباب فاذا الباب فتح ، وإذا هو برجلين قد ادخلا إلى السجن ورد
الباب واقفل ، فقال : فدنا منهما فقال : من أنتما ؟ فقال أحدهما : أناالحسن بن
علي وهذا جعفربن علي فقال لهما : جعلني الله فداكما إن رأيتما أن تدخلا البيت
وبادر إلينا وإلى أبي هاشم فأعلمنا ودخلا .
فلما نظر إليهما أبوهاشم قام عن مضربة كانت تحته ، فقبل وجه أبي محمد عليه السلام
وأجلسه عليها ، فجلس جعفر قريبا منه ، فقال جعفر : واشطناه بأعلى صوته يعنى
جارية له ، فزجره أبومحمد عليه السلام وقال له : اسكت وإنهم رأوا فيه آثار السكر ، وأن
النوم غلبه وهو جالس معهم ، فنام على تلك الحال ( 1 ) .
3 - غط : محمد بن يعقوب قال : خرج إلى العمري في توقيع طويل اختصرناه
" ونحن نبرء من ابن هلال لعنه الله وممن لايبرء منه ، فأعلم الاسحاقي وأهل بلده
مما أعلمناك من حال هذا الفاجر ، وجميع من كان سألك ويسألك عنه " ( 2 ) .
4 - عم ( 3 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 4 ) عن علي بن محمد ، عن محمد بن
إسماعيل العلوي قال : جلس أبومحمد عليه السلام عند علي بن أوتاش ( 5 ) وكان شديد
العداوة لال محمد عليهم السلام غليظا على آل أبي طالب ، وقيل له افعل به وافعل ، قال :
فما أقام إلا يوما حتى وضع خده له ، وكان لايرفع بصره إليه إجلالا وإعظاما
وخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرة وأحسنهم قولا فيه ( 6 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) غيبة الشيخ ص 147
( 2 ) غيبة الشيخ ص 228 .
( 3 ) اعلام الورى ص 359 .
( 4 ) الكافى ج 1 ص 508 .
( 5 ) او تامش خ ل ، وفى الكافى نارمش .
( 6 ) ارشاد المفيد ص 322 .
[308]
5 - عم ( 1 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 2 ) عن علي بن محمد ، عن محمد بن
الحسن بن شمون ، عن أحمد بن محمد قال : كتبت إلى أبي الحسن حين أخذ المهتدي
في قتل الموالي : ياسيدي الحمد لله الذي شغله عنا فقد بلغني أنه يهددك ويقول : والله
لاجلينكم عن جدد الارض فوقع أبومحمد عليه السلام بخطه : ذلك أقصر لعمره ، عد من
يومك هذا خمسة أيام ويقتل في اليوم السادس ، بعد هوان واستخفاف يمربه ( 3 )
وكان كما قال عليه السلام ( 4 ) .
6 - عم ( 5 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 6 ) عن علي بن محمد ، عن
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال : دخل العباسيون ، على
صالح بن وصيف ، ودخل صالح بن علي وغيره من المنحرفين عن هذه الناحية على
صالح بن وصيف عند ما حبس أبومحمد عليه السلام فقال له : ضيق عليه ولاتوسع ! فقال
لهم صالح : ما أصنع به ؟ وقد وكلت به رجلين شر من قدرت عليه ، فقد صارا من العبادة
والصلاة إلى أمر عظيم .
ثم أمر باحضار الموكلين ، فقال لهما : ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل ؟
فقالا له : ما نقول في رجل يصوم نهاره ، ويقوم ليله كله ، لايتكلم ولايتشاغل بغير
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 356 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 510 .
( 3 ) المهتدى هو محمد بن الواثق بن المعتصم بن هارون الرشيد بويع في آخر
رجب أو في شعبان سنة وخمس وخمسين ومائتين ، وشرع في قتل مواليه من الترك ، فخرجوا


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 308 سطر 19 الى ص 316 سطر 18

عليه في رجب سنة ست وخمسين ومائتين ، وقتلوا صالح بن وصيف ، وكان أعظم أمرائه ،
ومحل اعتماده في مهماته ، وعلقوا رأسه في باب المهتدى لهوانه واستخفافه ، وتغافل فقتلوه
بعد ذلك أقبح قتل .
( 4 ) الارشاد ص 424 .
( 5 ) اعلام الورى ص 360 .
( 6 ) الكافى ج 1 ص 512 .
[309]
العبادة ، فاذا نظر الينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا مالا نملكه من أنفسنا ، فلما سمع
ذلك العباسيون انصرفوا خاسئين ( 1 ) .
7 - عم ( 2 ) شا : بهذا الاسناد ( 3 ) عن علي بن محمد ، عن جماعة من أصحابنا
قالوا : سلم أبومحمد عليه السلام إلى نحرير ( 4 ) وكان يضيق عليه ويؤذيه ، فقالت له
امرءته : اتق الله فانك لاتدري من في منزلك ؟ وذكرت له صلاحه وعبادته وقالت :
إني أخاف عليك منه ، فقال : والله لا رمينه بين السباع ، ثم استأذن في ذلك فأذن
له ، فرمى به إليها فلم يشكوا في أكلها ، فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال ، فوجدوه
عليه السلام قائما يصلي وهي حوله ، فأمربإخراجه إلى داره ( 5 ) .
8 - قب : مرسلا مثله .
ثم قال : وروي أن يحيى بن قتيبة الاشعري أتاه بعد ثلاث مع الاستاذ
فوجداه يصلي والاسواد حوله ، فدخل الاستاذ الغيل فمزفوه ، وأكلوه ، وانصرف
يحيى في قومه إلى المعتمد ، فدخل المعتمد على العسكري عليه السلام وتضرع إليه و
سأل أن يدعوله بالبقاء عشرين سنة في الخلافة ، فقال عليه السلام : مدالله في عمرك فاجيب
وتوفي بعد عشرين سنة ( 6 ) .
9 - قب : من ثقاته : علي بن جعفر قيم لابي الحسن ( 7 ) وأبوهاشم داود بن
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 324 .
( 2 ) اعلام الورى ص 360
( 3 ) الكافى ج 1 ص 513 .
( 4 ) النحرير - بالكسر - الحاذق الماهر المجرب المتقن البصير ، وبمعناه الاستاذ
كما سيجئ في رواية المناقب .
( 5 ) ارشاد المفيد ص 324 و 325 .
( 6 ) مناقب آل ابى طالب ج 4 ص 430 .
( 7 ) الظاهر أنه على بن جعفر الهمانى كما مر ترجمته تحت الرقم 1 - من هذا
الباب وهكذا ص 220 فيما سبق ، وهو الذى كان في حبس المتوكل وخاف القتل والشك في
[310]
القاسم الجعفري ، وقد رأى خمسة من الائمة ، وداود بن أبي يزيد النيسابوري ، و
محمد بن علي بن بلال ، وعبدالله بن جعفر الحميري القمي ، وأبوعمرو عثمان بن
سعيد العمري الزيات والسمان ، وإسحاق بن الربيع الكوفي ، وأبوالقاسم
جابر بن يزيد الفارسي ، وإبراهيم بن عبيد الله بن إبراهيم النيسابوري .
ومن وكلائه محمد بن أحمد بن جعفر ، وجعفربن سهيل الصيقل ، وقد أدركا
أباه وابنه .
ومن أصحابه : محمد بن الحسن الصفار وعبدوس العطار ، وسري بن سلامة
النيسابوري ، وأبوطالب الحسن بن جعفر الفافاي ، وأبوالبختري مؤدب ولد
الحجاج .
وبابه : الحسين بن روح النيبختي ( 1 ) .
وخرج من عند أبي محمد عليه السلام في سنة خمس وخمسين كتابا ترجمته " رسالة
المنقبة " ( 2 ) يشتمل على أكثر علم الحلال والحرام ، وأوله أخبرني علي بن محمد
ابن علي بن موسى .
وذكر الخيبري في كتاب سماه مكاتبات الرجال عن العسكر يين قطعة من
أحكام الدين ( 3 ) .
* ( هامش ) * دينه ، فوعده أبوالحسن الهادى عليه السلام - كما مر في ص 183 و 184 أن يقصد الله فيه
فحم المتوكل وأمر بتخلية من كان في السجن وتخليته بالخصوص .
وقد احتمل بعضهم اتحاده مع على بن جعفر الدهقان الذى ورد لعنه وسبق فيمامر .
( 1 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 423 ونو بخت ونيبخت ، حكمه حكم نوروز ونيروز
ان كسرنا النون - تبعا للفظ الدرى - تابعت الو او الكسرة ، فصارت ياءا وقيل : نيبخت
ونيروز ، وان فتحناها كما يفتحونها الاعاجم اليوم بقيت الو او على جالها وقيل نوروز
ونوبخت .
( 2 ) في المصدر المطبوع " رسالة المقنعة "
( 3 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 424
[311]
أبوالقاسم الكوفي في كتاب التبديل أن إسحاق الكندي كان فيلسوف
العراق في زمانه أخذ في تأليف تناقض القرآن ، وشغل نفسه ، بذلك ، وتفرد به في
منزله ، وإن بعض تلامذته دخل يوما على الامام الحسن العسكري عليه السلام فقال له
أبومحمد عليه السلام : أما فيكم رجل رشيد يردع استاذكم الكندي فما أخذ فيه من تشاغله
بالقرآن ؟ فقال التلميذ : نحن من تلامذته كيف يجوز منا الاعتراض عليه في هذا
أو في غيره ؟
فقال أبومحمد عليه السلام : أتؤدي إليه ما القيه إليك ؟ قال : نعم ، قال : فصر
إليه ، وتلطف في مؤانسته ومعونته على ما هو بسبيله ، فاذا وقعت الانسة في ذلك
فقل : قد حضرتني مسألة أسالك عنها فانه يستدعي ذلك منك فقل له : إن أتاك هذا
المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم به منه غير المعاني التي
قد ظننتها أنك ذهبت إليها ؟ فانه سيقول إنه من الجائز لانه رجل يفهم إذا سمع
فاذاأوجب ذلك فقل له : فما يدريك لعله قد أراد غير الذي ذهبت أنت إليه ، فتكون
واضعا لغير معانيه .
فصار الرجل إلى الكندي وتلطف إلى أن ألقى عليه هذه المسألة ، فقال له :
أعد علي ! فأعاد عليه ، فتفكر في نفسه ، ورأى ذلك محتملا في اللغة ، وسائغا في
النظر ( 1 ) .
10 - عم : من كتاب أحمد بن محمد بن العياش قال : كان أبوهاشم الجعفري
حبس مع أبي محمد عليه السلام كان المعتز حبسهما مع عدة من الطالبيين في سنة ثمان و
خمسين ومائتين وقال :
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 4 ص 424 ، وبعده : فقال : أقسمت عليك الا أخبرتنى من أين
لك ؟ فقال : انه شئ عرض بقلبى فأوردته عليك فقال : كلا ، ما مثلك من اهتدى إلى هذا
ولا من بلغ هذه المنزلة فعرفنى من أين لك هذا ؟ فقال : أمرنى به أبومحمد ، فقال :
الان جئت به ، وما كان ليخرج مثل هذا الامن ذلك البيت ، ثم انه دعا بالناروأحرق جميع
ما كان ألفه .
[312]
حدثنا أحمد بن زياد الهمداني عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن داود بن
القاسم قال : كنت في الحبس المعروف بحبس خشيش في الجوسق الاحمر أنا والحسن
ابن محمد العقيقي ومحمد بن إبراهيم العمري وفلان وفلان إذ دخل علينا أبومحمد الحسن
وأخوه جعفر فحففنا به ، وكان المتولي لحبسه صالح بن وصيف وكان معنا في الحبس
رجل جمحي يقول : إنه علوي ، قال : فالتفت أبومحمد فقال : لولا أن فيكم من
ليس منكم لاعلمتكم متى يفرج عنكم ، وأمأ إلى الجمحي أن يخرج فخرج .
فقال أبومحمد : هذاالرجل ليس منكم فاحذروه ، فان في ثيابة قصة قد كتبها
إلى السلطان يخبره بما تقولون فيه ، فقام بعضهم ففتش ثيابه ، فوجد فيها القصة
يذكرنا فيها بكل عظيمة ( 1 ) .
بيان : الظاهر أن في التاريخ اشتباها وتصحيفا فان المعتز قتل قبل ذلك
بأكثر من ثلاث سنين ، وأيضا ذكرفيه أن هذا الحبس كان بتحريك صالح بن وصيف
وقتل هو أيضا قبل ذلك بسنتين وأو أكثر فالظاهر اثنين أو ثلاث وخمسين ، أو كان المعتمد
مكان المعتز فان التاريخ يوافقه لكن لم يكن صالح في هذا التاريخ حيا .
وفي القاموس " الجوسق " القصر وقلعة ، ودار بنيت للمقتدر في دار الخلافة
في وسطها بركة من الرصاص ثلاثون ذراعا في عشرين ( 2 ) .
11 - مهج : من كتاب الاوصياء لعلي بن محمد بن زياد الصيمري قال : لما
هم المستعين في أمر أبي محمد عليه السلام بماهم وأمر سعيد الحاجب بحمله إلى الكوفة ، و
أن يحدث عليه في الطريق حادثة انتشر الخبر بذلك في الشيعة فأقلقهم ، وكان بعد
مضي أبي الحسن عليه السلام بأقل من خمس سنين .
فكتب إليه محمد بن عبدالله والهيثم بن سيابة : بلغنا جعلنا الله فداك خبر أقلقنا
وغمنا ، وبلغ منا فوقع : بعد ثلاث يأتيكم الفرج ، قال : فخلع المستعين في
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 354 .
( 2 ) القاموس ج 3 ص 217 .
[313]
اليوم الثالث ، وقعد المعتز وكان كما قال ( 1 ) .
وروى أيضا الصيمري في الكتاب المذكور في ذلك ما هذا لفظه ، وحدث محمد
عمر الكاتب عن علي بن محمد بن زياد الصيمري صهر جعفر بن محمود الوزير على
ابنته ام أحمد وكان رجلا من وجوه الشيعة وثقاتهم ومقدما في الكتاب والادب و
العلم والمعرفة .
قال : دخلت على أبي أحمد عبيد الله بن عبدالله بن طاهر ، وبين يديه رقعة
أبي محمد عليه السلام فيها : إني نازلت الله عزوجل في هذا الطاغي يعني المستعين ، وهو
آخذه بعد ثلاث ، فلما كان في اليوم الثالث خلع ، وكان من أمره ما رواه الناس
في إحداره إلى واسط وقتله ( 2 ) .
وروى الصيمري أيضا عن أبي هاشم قال : كنت محبوسا عند أبي محمد في حبس
المتهدي فقال لي : يا أبا هاشم إن هذا الطاغي أراد أن بعث بالله عزوجل في هذه
الليلة وقد بترالله عمره ، وجعلته للمتولي بعده ، وليس لي ولد سيرزقني الله ولدا
بكرمه ولطفه ، فلما أصبحنا شغب الاتراك على المهتدي وأعانهم الامة لما عرفوا
من قوله بالاعتزال القدر ، وقتلوه ونصبوا مكانه المعتمد ، وبايعوا له ، وكان المهتدي
قد صحح العزم على قتل أبي محمد عليه السلام فشغله الله بنفسه حتى قتل ، ومضى إلى أليم
عذاب الله ( 3 )
وروي أيضا عن الحميرى عن الحسن بن علي بن إبراهيم بن مهزيار ، عن
محمد بن أبي الزعفران ، عن ام أبي محمد عليهما السلام قال : قال لي يوما من الايام
تصيبني في سنة ستين ومائتين حزازة أخاف أن أنكب منها نكبة ، قالت : وأظهرت
الجزع وأخذني البكاء ، فقال : لابد من وقوع أمر الله ، لاتجزعي .
فلما كان في صفر سنة ستين أخذها المقيم والمقعد ، وجعلت تخرج في الاحايين
إلى خارج المدينة ، وتجسس الاخبار حتى ورد عليها الخبر ، حين حبسه المعتمد
* ( هامش ) * ( 1 ) مهج الدعوات ص 341 .
( 2 ) مهج الدعوات ص 342 .
( 3 ) مهج الدعوات ص 343
[314]
في يدعى علي بن جرين وحبس جعفرا أخاه معه وكان المعتمد يسأل عليا عن أخباره
في كل وقت فيخبره أنه يصوم النهار ، ويصلي الليل .
فسأله يوما من الايام عن خبره فأخبره بمثل ذلك ، فقال له : امض الساعة
إليه وأقرئه مني السلام ، وقل له : انصرف إلى منزلك مصاحبا قال علي بن جرين
فجئت إلى باب الحبس فوجدت حمارا مسرجا فدخلت عليه فوجدته جالسا وقد لبس
خفه وطيلسانه وشاشته فلما رآني نهض فأديت إليه الرسالة فركب .
فلما استوى على الحمار وقف فقلت له : ما وقوفك يا سيدي ؟ فقال لي :
حتى يجئ جعفر ، فقلت : إنما أمرني باطلاقك دونه ، فقال لي : ترجع إليه
فتقول له : خرجنا من دار واحدة جميعا فإذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك ما
لاخفاء به عليك فمضى وعاد ، فقال له : يقول لك : قد أطلقت جعفرا لك لاني
حبسته بجنايته على نفسه وعليك ، وما يتكلم به ، وخلى سبيله فصار معه إلى داره ( 1 )
وذكر الصيمري أيضا عن المحمودي قال : رأيت خط أبي محمد عليه السلام لما
خرج من حبس المعتمد : " يريدون ليطفؤا نورالله بأفواههم والله متم نوره
ولوكره الكافرون " ( 2 ) .
وذكر نصر بن علي الجهضمي وهو من ثقات المخالفين في مواليد الائمة
عليهم السلام : ومن الدلائل ماجاء عن الحسن بن علي العسكرى عند ولادة م ح م د
ابن الحسن : زعمت الظلمة أنهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل ، كيف رأوا قدرة القادر
وسماه المؤكل ( 3 ) .
12 - البرسى : في المشارق عن الحسن بن حمدان ، عن أبي الحسن الكرخي
قال : كان أبي بزازا في الكرخ ، فجهزني بقماش إلى سر من رأى ، فلما دخلت
* ( هامش ) * ( 1 ) مهج الدعوات ص 343 .
( 2 ) المصدرص 344 .
( 3 ) نفس المصدرص 345 . وقد رواه الشيخ - قدس سره - في غيبته ص 144
و 149 ، فراجع .
[315]
إليها جاءني خادم فناداني باسمي واسم أبي وقال : أجب مولاك ، قلت : ومن مولاي
حتى اجيبه ؟ فقال : ما على الرسول إلا البلاغ .
قال : فتبعته فجاء بي إلى دار عالية البناء لا أشك أنها الجنة ، وإذا رجل
جالس على بساط أخضر ، ونور جماله يغشى الابصار ، فقال لي : إن فيما حملت من
القماش حبرتين إحداهما في مكان كذا والاخرى في مكان كذا في السفط الفلاني و
في كل واحدة منهن رقعة مكتوبة فيها ثمنها وربحها وثمن إحداهما ثلاثة وعشرون
دينارا والربح ديناران ، وثمن الاخرى ثلاثة عشر دينارا والربح كالا ولى فاذهب
فأت بهما .
قال الرجل : فرجعت فجئت بهما إليه فوضعتهما بين يديه ، فقال لي : اجلس
فجلست لا أستطيع النظر إليه إجلا لا لهيبته ، قال : فمديده إلى طرف البساط وليس
هناك شئ وقبض قبضة وقال : هذا ثمن حبرتيك وربحهما ، قال : فخرجت وعددت
المال في الباب ، فكان المشترى والربح كما كتب والدي لايزيد ولاينقص .
13 - مروج الذهب : قال ذكر محمد بن علي الشريعي وكان ممن بلي
بالمهتدي ، وكان حسن المجلس عارفا بأيام الناس وأخبارهم ، قال : كنت أبايت
المهتدي كثيرا فقال لي ذات ليلة : أتعرف خبر نوف الذي حكا عن علي بن أبي طالب
عليه السلام حين كان يبايته ؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين ذكر نوف قال رأيت عليا عليه السلام
قد أكثر الخروج والدخول والنظر إلى السماء ثم قال لي يانوف أنائم أنت ؟ قال
قلت : بل أرمقك بعيني منذ الليلة يا أميرالمؤمنين .
فقال لي : يانوف طوبى للزاهدين في الدنيا والراغبين في الاخرة اولئك قوم
اتخذوا أرض الله بساطا ، وترابها فراشا ، وماءها طيبا ، والكتاب شعارا ، الدعاء
دثارا ثم تركوا الدنياتركا على منهاج المسيح عيسى بن مريم عليه السلام
يا نوف إن الله جل وعلا أوحى إلى عبده المسيح أن قل لبني إسرائيل لا
تدخلوا بيوتي إلا بقلوب خاضعة ، وأبصار خاشعة ، وألف نقية ، وأعلمهم أني
[316]
لا اجيب لا حد منهم دعوة ، ولا حد قبله مظلمة ( 1 )
قال محمد بن علي : فوالله لقد كتب المهتدي الخبربخطه ولقد كنت أسمعه
في جوف الليل وقد خلابربه وهو يبكي ويقول : يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا
والراغبين في الاخرة إلى أن كان من أمر مع الا تراك ما كان .
اقول : روي في بعض مؤلفات أصحابنا عن علي بن عاصم الكوفي لاعمى قال :
دخلت على سيدي الحسن العسكري فسلمت عليه فرد علي السلام وقال : مرحبا
بك يا ابن عاصم اجلس هنيئا لك يا ابن عاصم أتدري ما تحت قدميك ؟ فقلت : يامولاي
إني أرى تحت قدمي هذا البساط كرم الله وجه صاحبه ، فقال لي : يا ابن عاصم اعلم
أنك على بساط جلس عليه كثير من النبيين والمرسلين ، فقلت : يا سيدي ليتني كنت
لا افارقك ما دمت في دار الدنيا ثم قلت في نفسى ليتني كنت أرى هذا البساط فعلم
الامام عليه السلام ما في ضميري فقال : ادن مني فدنوت منه فمسح يده على وجهي فصرت
بصيرا باذن الله .
قال : هذا قوم أبينا آدم ، وهذا أثر هابيل ، وهذا أثر شيث ، وهذا أثر إدريس
وهذا أثر هود ، وهذا أثر صالح ، وهذا أثر لقمان ، وهذا أثر إبراهيم ، وهذا أثر
لوط ، وهذا أثر شعيب وهذا أثر موسى ، وهذا أثر داود ، وهذا أثر سليمان ، وهذا
أثر الخضر ، وهذا أثر دانيال ، وهذا أثر ذي القرنين ، وهذاأثر عدنان ، وهذا أثر
عبدالمطلب وهذاأثر عبدالله ، وهذا أثر عبد مناف ، وهذاأثر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله
وهذاأثر جدي علي بن أبي طالب عليه السلام .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 316 سطر 19 الى ص 325 سطر 5

قال علي بن عاصم : فأهويت على الاقدام كلها فقبلتها ، وقبلت يد
الامام عليه السلام وقلت له : إني عاجز عن نصرتكم بيدي ، وليس أملك غير موالاتكم
والبراءة من أعدائكم ، واللعن لهم في خلواتي ، فكيف حالي يا سيدي ؟ فقال عليه السلام :
حدثني أبي عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من ضعف على نصرتنا أهل البيت ولعن
في خلواته أعداءنا بلغ الله صوته إلى جميع الملائكة ، فكلما لعن أحد كم أعداءنا
* ( هامش ) * ( 1 ) تراها في نهج البلاغة تحت الرقم 104 من الحكم والمواعظ .
[317]
صاعدته الملائكة ، ولعنوا من لايلعنهم ، فاذا بلغ صوته إلى الملائكة استغفروا له
وأثنوا عليه ، وقالوا : اللهم صل على روح عبدك هذا الذي بذل في نصرة أوليائه
جهده ولو قدر على أكثر من ذلك لفعل ، فإذا النداء من قبل الله تعالى يقول : يا
ملائكتي إني قد أحببت دعاء كم في عبدي هذا ، وسمعت نداء كم وصليت على روحه
مع أرواح الابرار ، وجعلته من المصطفين الاخيار .
14 - قب : كتب أبومحمد عليه السلام إلى أهل قم وآبة : ( 1 ) إن الله تعالى بجوده
ورأفته قد من على عباده بنبيه محمد بشيرا ونذيرا ، ووفقكم لقبول دينه وأكرمكم
بهدايته ، وغرس في قلوب أسلافكم الماضين رحمة الله عليهم وأصلابكم الباقين تولى
كفايتهم وعمرهم طويلا في طاعته ، حب العترة الهادية ، فمضى من مضى على وتيرة
الصواب ، ومنهاج الصدق ، وسبيل الرشاد .
فوردوا موارد الفائزين ، اجتنوا ثمرات ما قدموا ، ووجدوا غب ما
أسلفوا .
ومنها : فلم يزل نيتنا مستحكمة ، ونفوسنا إلى طيب آرائكم ساكنة والقرابة
الواشجة بيننا وبينكم قوية . وصية اوصي بها أسلافنا وأسلافكم ، وعهد عهد إلى
شباننا ومشايخكم ، فلم يزل على جملة كاملة من الاعتقاد ، لما جعلنا الله عليه من
الحال القريبة ، والرحم الماسة ، يقول العالم سلام الله عليه إذ يقول " المؤمن
أخو المؤمن لامه وأبيه " ( 2 )
ومما كتب عليه السلام إلى علي بن الحسين بن بابويه القمي واعتصمت بحبل الله
بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والجنة
للموحدين والنار للملحدين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، ولا إله إلا الله أحسن
الخالقين ، والصلاة على خير خلقه محمد وعترته الطاهرين
* ( هامش ) * 7 ( 1 ) آبة : بليدة تقابل ساوة ، تعرف بين العامة بآوه قاله الحموى في
معجم البلدان .
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 425 .
[318]
منها : وعليك بالصبر وانتظار الفرج ، فان النبي صلى الله عليه وآله قال : أفضل أعمال
امتى انتظار الفرج ، ولا تزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي الذي بشربه
النبي صلى الله عليه وآله " يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما " فاصبر يا شيخي يا
أبا الحسن على أمر جميع شيعتي بالصبر فإن الارض لله يورثها من يشاء من عباده
والعاقبة للمتقين ، والسلام عليك وعلى جميع شيعتنا ، ورحمة الله وبركاته ، وصلى
الله على محمد وآله . ( 1 )
15 - كش : علي بن محمد بن قتيبة ، عن أحمد بن إبراهيم المراغي قال :
ورد على القاسم بن العلا نسخة ما كان خرج من لعن ابن هلال ، وكان ابتداء ذلك
أن كتب عليه السلام إلى قوامه بالعراق : احذروا الصو في المتصنع .
قال : وكان شأن أحمد بن هلال أنه قد كان حج أربعا وخمسين حجة
عشرون منها على قدميه ، قال : وكان رواة أصحابنا بالعراق لقوه وكتبوا منه .
فأنكروا ما ورد في مذمته ، فحملوا القاسم بن العلا على أن يراجع في أمره .
فخرج إليه :
" قد كان أمرنا نفذ إليك في المتصنع ابن هلال لارحمه الله بما قد علمت لم
يزل لا غفر الله له ذنبه ، ولا أقاله عثرته ، دخل في أمرنا بلا إذن منا ولا رضى
يستبد برأيه فيتحامى من ديوننا ، لا يمضي من أمرنا إياه إلا بما يهواه ويريد
أرداه الله في نار جهنم ، فصبرنا عليه حتى بترالله عمره بدعوتنا .
وكنا قد عرفنا خبره قوما من موالينا في أيامه لارحمه الله ، أمرنا هم بالقاه
ذلك إلى الخلص من موالينا ، ونحن نبرء إلى الله من ابن هلال لارحمه الله ، وممن
لايبرء منه .
وأعلم الاسحاقي سلمه وأهل بيته مما أعلمناك من حال أمر هذا الفاجر
وجميع من كان سألك ويسألك عنه ، من أهل بلده ، والخارجين ، ومن كان
يستحق أن يطلع على ذلك ، فانه لا عذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يؤديه
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدرص 425 و 426
[319]
عنا ثقاتنا ، قد عرفوا بأننا نفاوضهم سرنا ، ونحمله إياه إليهم ، وعرفنا ما يكون
من ذلك إنشاء الله " .
قال : وقال أبوحامد : فثبت قوم على إنكار ما خرج فيه ، فعاودوه فيه ، فخرج
" لا شكر الله قدره لم يدع المرزئة بأن لا يزيغ قلبه بعد أن هداه ، وأن يجعل ما من به
عليه مستقرا ، ولا يجعله مستودعا ، وقد علمتم ما كان من أمر الدهقان عليه لعنة الله
وخدمته وطول صحبته ، فأبدله الله بالايمان كفرا حين فعل ما فعل ، فعا جله الله بالنقمة
ولم يمهله " ( 1 ) .
16 - كش : حكى بعض الثقات بنيسابور أنه خرج لاسحاق بن إسماعيل
من أبي محمد عليه السلام توقيع : يا إسحاق بن إسماعيل سترنا الله وإياك بستره ، وتولاك
في جميع امورك بصنعه قد فهمت كتابك رحمك الله ، ونحن بحمد الله ونعمته أهل بيت
نرق على موالينا ، ونسر بتتابع إحسان الله إليهم وفضله لديهم ، ونعتد بكل نعمة
ينعمها الله عزوجل عليهم .
فأتم الله عليكم بالحق ومن كان مثلك ممن قد رحمه وبصره بصيرتك ، ونزع
عن الباطل ، ولم يعم ( 2 ) في طغيانه بعمه ، فإن تمام النعمة دخولك الجنة ، وليس
من نعمة وإن جل أمرها وعظم خطرها إلا والحمد لله تقدست أسماؤه عليها يؤدى
شكرها .
وأنا أقول : الحمدلله مثل ما حمد الله به حامد إلى أبدا لابد ، بما من به عليك
من نعمته ، ونجاك من الهلكة وسهل سبيلك على العقبة ، وأيم الله إنها لعقبة كؤد
شديد أمرها ، صعب مسلكها ، عظيم بلاؤها ، طويل عذابها ، قديم في الزبر الاولى
ذكرها .
ولقد كانت منكم امور في أيام الماضي إلى أن مضى لسبيله صلى الله على روحه
وفي أيامي هذه كنتم فيها غير محمودي الشأن ولا مسددي التوفيق ، واعلم يقينا
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 449 و 450
( 2 ) ولم يقم خ ل .
[320]
يا إسحاق أن من خرج من هذه الحياة الدنيا أعمى فهو في الاخرة أعمى وأضل
سبيلا .
إنها يا ابن اسماعيل ليس تعمى الابصار ، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور
وذلك قول الله عزوجل في محكم كتابه للظالم ، رب لم حشرتني أعمى وقد كنت
بصيرا " قال الله عزوجل " كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى " ( 1 )
وأي آية يا إسحاق أعظم من حجة الله عزوجل على خلقه ، وأمينه في بلاده ، و
شاهد على عباده ، من بعد ما سلف من آبائه الاولين من النبيين وآبائه الاخرين
من الوصيين ، عليهم أجمعين رحمة الله وبركاته .
فأين يتاه بكم ؟ وأين تذهبون كالا نعام على وجوهكم ؟ عن الحق تصدفون
وبالباطل تؤمنون ، وبنعمة الله تكفرون ، أو تكذبون ، فمن يؤمن ببعض الكتاب
ويكفر ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم ومن غير كم إلا خزي في الحياة الدنيا
الفانية ، وطول عذاب الاخرة الباقية ، وذلك والله الخزي العظيم .
إن الله بفضله ومنه لما فرض عليكم الفرائض ، لم يفرض ذلك عليكم لحاجة
منه إليكم ، بل رحمة منه لا إله إلا هو عليكم ، ليميز الله الخبيث من الطيب وليبتلي
ما في صدور كم ، وليمحص ما في قلوبكم ولتألفوا ( 2 ) إلى رحمته ، ولتتفاضل
منارلكم في جنته .
ففرض عليكم الحج والعمرة وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والصوم ، و
الولاية ، وكفابهم لكم بابا ليفتحوا أبواب الفرائض ، ومفتاحا إلى سبيله ، ولولا
محمد صلى الله عليه وآله والاوصياء من بعده لكنتم حيارى كالبهائم ، لاتعرفون فرضا من الفرائض
وهل يدخل قرية إلا من بابها .
فلما من عليكم باقامة الاولياء بعد نبيه ، قال الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله
* ( هامش ) * ( 1 ) طه : 126 .
( 2 ) ولتتسا بقوا ، خ ل .
[321]
اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " ( 1 )
وفرض عليكم لاوليائه حقوقا أمركم بأدائها إليهم ، ليحل لكم ما وراء ظهور كم
من أزواجكم وأموالكم ومأكلكم ومشربكم ، ويعرفكم بذلك النماء والبركة و
الثروة ، وليعلم من يطيعه منكم بالغيب ، قال الله عزوجل " قل لا أسألكم عليه أجرا
إلا المودة في القربى ( 2 ) .
واعلموا أن من يبخل فانما يبخل على نفسه ، وأن الله هو الغني وأنتم
الفقراء لا إله إلا هو .
ولقد طالت المخاطبة فيما بيننا وبينكم فيما هو لكم وعليكم ، ولولا ما يجب
من تمام النعمة من الله عزوجل عليكم ، لما أريتكم مني خطا ولاسمعتم منى حرفا
من بعد الماضي عليه السلام .
أنتم في غفلة عما إليه معاد كم ، ومن بعد الثاني رسولي وما ناله منكم حين
أكرمه الله بمصيره إليكم ، ومن بعد إقامتي لكم إبراهيم ابن عبدة ، وفقه الله لمرضاته
وأعانه على طاعته ، وكتابه الذي حمله محمد بن موسى النيسابوري والله المستعان
على كل حال ، وإني أراكم مفرطين في جنب الله فتكونون من الخاسرين .
فبعدا وسحقا لمن رغب عن طاعة الله ، ولم يقبل مواعظ أوليائه ، وقد أمر كم الله
عزوجل بطاعته لا إله إلا هو ، وطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وبطاعة اولي الامر عليهم السلام فرحم
الله ضعفكم وقلة صبركم عما أمامكم فما أغر الانسان بربه الكريم ، واستجاب الله
تعالى دعائي فيكم ، وأصلح امور كم على يدي ، فقد قال الله جل جلاله ، يوم ندعو
كل اناس بامامهم " ( 3 ) وقال جل جلاله : " و [ كذلك ] جعلنا كم امة وسطا
لتكو نوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " ( 4 ) وقال الله جل جلاله
* ( هامش ) * ( 1 ) المائدة : 3 .
( 2 ) الشورى : 23 .
( 3 ) الاسراء : 71 .
( 4 ) البقرة : 143 .
[322]
كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف ، وتنهون عن المنكر " ( 1 )
فما احب أن يدعو الله جل جلاله بي ولا بمن هو في أيامي إلا حسب رقتي
عليكم ، وما انطوى لكم عليه من حب بلوغ الامل في الدارين جميعا ، والكينونة
معنا في الدنيا والاخرة
فقد - يا إسحاق ! يرحمك الله ويرحم من هووراءك - بينت لك بيانا وفسرت
لك تفسيرا ، وفعلت بكم فعل من لم يفهم هذا الامر قط ولم يدخل فيه طرفة عين ، و
لو فهمت الصم الصلاب بعض ما في هذا الكتاب ، لتصدعت قلقا خوفا من خشية الله
ورجوعا إلى طاعة الله عزوجل ، فاعموا من بعد ماشئتم فسيرى الله عملكم ورسوله
والمومنون ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون والعاقبة
للمتقين والحمد لله كثيرا رب العالمين .
وأنت رسولي يا إسحاق إلى إبراهيم بن عبده وفقه الله أن يعمل بماورد عليه
في كتابي مع محمد بن موسى النيسابوري إنشاء الله ورسولي نفسك وإلى كل
من خلفت ببلدك أن تعملوا بما ورد عليكم في كتابي مع محمد بن موسى النيسابوري
إن شاء الله .
ويقرء إبراهيم بن عبده كتابي هذا على من خلفه ببلده حتى لا يتساءلون ، و
بطاعة الله يعتصمون ، والشيطان بالله عن أنفسهم يجتنبون ولا يطيعون ، وعلى إبراهيم
ابن عبده سلام الله ورحمته وعليك يا إسحاق ، وعلى جميع موالي السلام كثيرا
سدد كم الله جميعا بتوفيقه .
وكل من قرء كتابنا هذا من موالي من أهل بلدك ، ومن هو بنا حيتكم ونزع
عما هو عليه من الانحراف عن الحق فليؤد حقوقنا إلى إبراهيم ، وليحمل ذلك
إبراهيم بن عبده إلى الرازي رضي الله عنه أو إلى من يسمي له الرازي ، فان ذلك
عن أمري ورأيي إنشاء الله .
* ( هامش ) * ( 1 ) آل عمران : 110 .
[323]
ويا إسحاق اقرأ كتابي على البلالي رضي الله عنه فانه الثقة المأمون ، العارف
بما يجب عليه ، واقرءه على المحمودي عافاه الله فما أحمدنا له لطاعته ، فاذاوردت
بغداد فاقرءه على الدهقان وكيلنا وثقتنا ، والذي يقبض من موالينا وكل من
أمكنك من موالينا فأقرئهم هذا الكتاب ، وينسخه من أراد منهم نسخة إنشاء الله
ولا يكتم أمرهذا عمن شاهده من موالينا ، إلا من شيطان مخالف لكم ، فلا تنثرن
الدر بين أظلاف الخنازير ، ولا كرامة لهم .
وقد وقعنا في كتابك بالوصول والدعاء لك ولمن شئت ، وقد أجبنا سعيدا ( 1 )
عن مسألته والحمد لله فما ذا بعد الحق إلا الضلال ، فلا تخرجن من البلد حتى تلقى
العمري رضي الله عنه برضاي عنه ، وتسلم عليه ، وتعرفه ويعرفك ، فانه الطاهر
الامين العفيف القريب منا وإلينا . فكل ما يحمل إلينا من شئ من النواحي فاليه
يصير آخر أمره ، ليوصل ذلك إلينا ، والحمد لله كثيرا .
سترنا الله وإياكم يا إسحاق بستره وتولاك في جميع امورك بصنعه ، والسلام
عليك وعلى جميع موالى ورحمة الله وبركاته ، وصلى الله على سيدنا النبي صلى الله
عليه وآله وسلم تسليما كثيرا ( 2 ) 17 - تاريخ قم : للحسن بن محمد القمي قال : رويت عن مشايخ قم أن
الحسين بن الحسن بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليه السلام كان بقم
يشرب الخمر علانية فقصد يوما لحاجة باب أحمد بن إسحاق الاشعري وكان وكيلا
في الاوقاف بقم فلم يأذن له ورجع إلى بيته مهموما .
فتوجه أحمد بن إسحاق إلى الحج فلما بلغ سر من رأى استأذن على
أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام فلم يأذن له فبكى أحمد لذلك طويلا وتضرع
حتى أذن له .
* ( هامش ) * ( 1 ) شيعتنا خ ل .
( 2 ) رجال الكشى ص 481 - 485 .
[324]
فلما دخل قال : يا ابن رسول الله لم منعتني الدخول عليك ؟ وأنا من
شيعتك ومواليك ؟ قال عليه السلام : لانك طردت ابن عمنا عن بابك ، فبكى أحمد و
حلف بالله أنه لم يمنعه من الدخول عليه إلا لان يتوب من شرب الخمر ، قال :
صدقت ولكن لابد عن إكرامهم واحترامهم ، على كل حال ، وأن لا تحقرهم ولا
تستهين بهم ، لانتسابهم إلينا فتكون من الخاسرين .
فلما رجع أحمد إلى قم أتاه أشرافهم ، وكان الحسين معهم فلما رآه أحمد
وثب إليه واستقبله وأكرمه وأجلسه في صدر المجلس ، فاستغرب الحسين ذلك منه و
استبدعه وسأله عن سببه فذكرله ما جرى بينه وبين العسكري عليه السلام في ذلك .
فلما سمع ذلك ندم من أفعاله القبيحة ، وتاب منها ، ورجع إلى بيته وأهرق
الخمور وكسر آلاتها ، وصار من الاتقياء المتور عين ، والصلحاء المتعبدين ، وكان
ملازما للمساجد معتكفا فيها ، حتى أدركه الموت ، ودفن قريبا من مزار فاطمة
رضي الله عنهما .
[325]
5 * ( باب ) *
* ( وفاته صلوات الله عليه والرد على من ينكرها ) *
1 - ك : أبي وابن الوليد معا عن سعد بن عبدالله قال : حدثنا من حضر موت
الحسن بن علي بن محمد العسكري ودفنه ممن لايوقف على إحصاء عددهم ، ولايجوز
على مثلهم التواطئ بالكذب .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 325 سطر 6 الى ص 333 سطر 18

وبعد فقد حضرنا في شعبان سنة ثمان وسبعين ومائتين وذلك بعد مضي أبي محمد
الحسن بن علي العسكري عليهما السلام بثمانية عشر سنة أو أكثر مجلس أحمد بن عبيدالله
ابن خاقان ، وهو عامل السلطان يومئذ على الخراج والضياع بكورة قم ، وكان من
أنصب خلق الله وأشد هم عداوة لهم .
فجرى ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسر من رأى ، ومذاهبهم وصلاحهم
وأقدارهم عند السلطان ، فقال أحمد بن عبيدالله : ما رأيت ولا عرفت بسر من رأى
رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا ولاسمعت به في هديه
وسكونه ، وعفافه ، ونبله ، وكرمه ، عند أهل بيته ، والسلطان وجميع بني هاشم ، و
تقديمهم إياه على ذوي السن منهم والخطر ، وكذلك القواد والوزراء والكتاب
وعوام الناس .
وإني كنت قائما ذات يوم على رأس أبي وهو يوم مجلسه للناس ، إذ دخل
عليه حجابه فقالوا له : ابن الرضا على الباب فقال بصوت عال : ائذنوا له فدخل .
[326]
رجل أسمر أعين حسن القامة ، جميل الوجه ، جيد البدن ، حدث السن ، له
جلالة وهيبة .
فلما نظر إليه أبي قام فمشى إليه خطوات ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني
هاشم ، ولا بالقواد ولا بأولياء العهد ، فلما دنامنه عانقه وقبل وجهه ، ومنكبيه ، وأخذ بيده وأجلسه على مصلاه الذي كان عليه وجلس إلى جنبه مقبلا عليه بوجهه
وجعل يكلمه ويكنيه ويفديه بنفسه وأبويه ، وأنا متعجب مما أرى منه إذ دخل
عليه الحجاب فقالوا : الموفق قد جاء ( 1 ) .
وكان الموفق إذا جاء ودخل على أبي تقدم حجابه وخاصة قواده ، فقاموا
بين مجلس أبي وبين الدار سماطين إلى أن يدخل ويخرج ، فلم يزل أبي مقبلا
عليه يحدثه حتى نظر إلى غلمان الخاصة فقال حينئذ : إذا شئت فقم جعلني الله فداك
يا أبا محمد ثم قال لغلمانه : خذوا به خلف السماطين لئلا يراه الامير يعني الموفق
وقام أبي فعانقه وقبل وجهه ومضى .
فقلت لحجاب أبي وغلمانه : ويلكم من هذا الذي ( 2 ) فعل به أبي هذا الذي
فعل ؟ فقالوا : هذارجل من العلوية يقال له : الحسن بن على يعرف بابن الرضا
فازددت تعجبا فلم أزل يومي ذلك قلقا متفكرا في أمره وأمر أبي وما رأيت منه
حتى كان الليل ، وكانت عادته أن يصلي العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج من
المؤامرت وما يرفعه إلى السلطان
فلما نظر وجلس جئت فجلست بين يديه ( 3 ) فقال : يا أحمد ألك حاجة ؟ قلت :
نعم يا أبه ، إن أذنت ، سألتك عنها ، فقال : قد أذنت لك يا بني فقل ما إحببت فقلت :
يا أبه من الرجل الذي رأيتك الغداة فعلت به ما فعلت من الا جلال والاكرام و
* ( هامش ) * ( 1 ) الموفق هو أخو الخليفة المعتمد على الله : أحمد بن المتوكل ، وكان صاحب
حيشه .
( 2 ) في الكافى : ويلكم من هذا الذى كنيتموه على أبى .
( 3 ) زاد في اعلام الورى : وليس عنده أحد .
[327]
التبجيل ، وفديته بنفسك وأبويك ؟ فقال : يا بني ذلك ابن الرضا ، ذاك إمام
الرافضة ، فسكت ساعة فقال : يا بني لوزالت الخلافة عن خلفاء بني العباس ما
استحقها أحد من بني هاشم غير هذا ، فان هذا يستحقها في فضله ، وعفانه وهديه
وصيانة نفسه ، وزهده ، وعبادته ، وجميل أخلاقه ، وصلاحه ، ولو رأيت أباه لرأيت
رجلا جليلا نبيلا خيرا فاضلا .
فازددت قلقا وتفكرا وغيظا على أبي مما سمعت منه فيه ، ولم يكن لي همة
بعد ذلك إلا السؤال عن خبره ، والبحث عن أمره ، فما سألت عنه أحدامن نبي -
هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلا وجدته عندهم في غاية
الاجلال والاعظام ، والمحل الرفيع ، والقول الجميل ، والتقديم له على ( 1 )
أهل بيته ومشايخه وغيرهم ، وكل يقول : هو إمام الرافضة ، فعظم قدره عندي إذ
لم أرله وليا ولا عدوا إلا وهو يحسن القول فيه ، والثناء عليه .
فقال له بعض أهل المجلس من الاشعريين : يا بابكر فماحال أخيه جعفر ؟
فقال : ومن جعفر فيسأل عن خبره أو يقرن به ؟ إن جعفرا معلن بالفسق ، ما جن
شريب للخمور ، أقل من رأيت من الرجال ، وأهتكهم لستره بنفسه فدم
خمار ( 2 ) قليل في نفسه ، خفيف .
والله لقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي ما تعجبت
منه ، وما ظننت أنه يكون .
وذلك أنه لما اعتل بعث إلى أبي أن ابن الرضا قد اعتل ، فركب
من ساعته مبادرا إلى دار الخلافة ، ثم رجع مستجعلا ومعه خمسة نفر من خدم
أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته ، فمنهم نحرير ( 3 ) وأمرهم بلزوم دار الحسن
* ( هامش ) * ( 1 ) في اعلام الورى : على جميع أهل بيته
( 2 ) سيجئ في بيان المؤلف قدس سره بيان ذلك ، وفى المصدر المطبوع هكذا :
فدم حمار " يعنى كنك وأحمق " !
( 3 ) في نسخة اعلام الورى والارشاد : فيهم نحرير ، وقد مر أنه كان رائضا للسباع
[328]
ابن علي وتعرف خبره وحاله وبعث إلى نفر من المتطببين فأمر هم بالاختلاف
إليه ، وتعاهده في صباح ومساء .
فلما كان بعد ذلك بيومين جاءه من أخبره أنه قد ضعف ، فركب حتى بكر
إليه ثم أمر المتطببين بلزومه ، وبعث إلى قاضي القضاة فأحضرء مجلسه ، وأمره
أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأما نته وورعه فأحضرهم فبعث
بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلا ونهارا .
فلم يزالوا هناك حتى توفي لايام مضت من شهر ربيع الاول من سنة
ستين ومائتين فصارت سرمن رأى ضجة واحدة " مات ابن الرضا " .
وبعث السلطان إلى داره من يفتشها ويفتش حجرها ، وختم على جميع ما فيها
وطلبوا أثر ولده ، وجاؤا بنساء يعرفن الحبل ، فدخلن على جواريه فنظر إليهن
فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حبل ، فأمربها فجعلت في حجرة ووكل بها
نحريرالخادم وأصحابه ، ونسوة معهم ( 1 ) ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته ، وعطلت
الاسواق ، وركب أبي وبنوهاشم ، والقواد والكتاب وسائر الناس إلى جنازته
فكانت سر من رأى يومئذ شبيها بالقيامة .
فلما فرغوا من تهيئته ، بعث السلطان إلى أبي عيسى ابن المتوكل ، فأمره
بالصلاه عليه ، فلما وضعت الجنازة للصلاة ، دنا أبوعيسى منها فكشف عن وجهه
فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء
والمعدلين ، وقال : هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه على فراشه
حضره من خدم أميرالمؤمنين وثقاته فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان ، ومن
القضاة فلان وفلان .
ثم غطى وجهه ، وقام فصلى عليه وكبر عليه خمسا وأمر بحمله ، وحمل
من وسط داره ، ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه .
* ( هامش ) * ( 1 ) دخل جعفر بن على على المعتمد وكشف له عن حال ابن أخيه الحجة عليه السلام فوجه
المتعمد خدمه فقبضوا على صقيل الجارية ، وطالبوها بالصبى فأنكرته وادعت بها حملابها
[329]
فلما دفن وتفرق الناس اضطرب السلطان وأصحابه في طلب ولده وكثر
التفتيش في المنازل ، والدور ، وتوقفوا عن قسمة ميراثه ، ولم يزل الذين وكلوا
بحفظ الجارية التي توهموا عليه الحبل ملازمين لها سنتين ، وأكثر حتى تبين
لهم بطلان الحبل فقسم ميراثه بين امه وأخيه جعفر ، وادعت امه وصيته وثبت ذلك
عند القاضي ، والسلطان على ذلك يطلب أثر ولده .
فجاء جعفر بعد قسمة الميراث إلى أبي وقال له : اجعل لي مرتبة أبي وأخي
واوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار ، فزبره أبى وأسمعه وقال له : يا أحمق
إن السلطان أعزه الله جرد سيفه وسوطه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة
ليرد هم عن ذلك ، فلم يقدر عليه ، ولم يتهيأله صرفهم عن هذا القول فيهما ، وجهد
أن يزيل أباك وأخاك عن تلك المرتبة ، فلم يتهيأله ذلك ، فان كنت عند شيعة أبيك
وأخيك إماما فلا حاجة بك إلى سلطان يرتبك مراتبهم ، ولا غير سلطان ، وإن لم
تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بها .
واستقله عند ذلك ، واستضعفه ، وأمر أن يحجب عنه ، فلم يأذن له بالدخول
عليه حتى مات أبي ، وخرجنا والامر على تلك الحال ، والسلطان يطلب أثر ولد
الحسن بن علي حتى اليوم ( 1 ) .
2 - عم ( 2 ) شا : ابن قولويه ، عن الكليني ( 3 ) ، عن الحسن بن محمد الاشعري
ومحمد بن يحيى وغيرهما قالوا : كان أحمد بن عبيد الله بن خاقان على الضياع والخراج
* ( هامش ) * لتفظى على حال الصبى ، فسلمت إلى ابن أبى الشوارب القاضى ، وبغتهم موت عبدالله بن يحيى
ابن خاقان فجاءة وخرو ج صاحب الزنج بالبصرة فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن
أيديهم .
( 1 ) كمال الدين ج 1 ص 120 - 125
( 2 ) اعلام الورى ص 357 - 359 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 503 - 506 .
[330]
بقم ، وذكر مثله ( 1 ) .
بيان : " سماط القوم " بالكسر صفهم ، والفدم العيي عن الكلام في ثقل
ورخاوة وقلة فهم - والغليظ الاحمق الجا في ( 2 ) و " الزبر " المنع و " أسمعه "
أي شتمه .
واقول : ذكر الشيخ في فهر سته في ترجمة أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن
خاقان " له مجلس يصف فيه أبا محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام أخبرنا به ابن
أبي جيد عن ابن الوليد ، عن عبدالله بن جعفر الحميري قال : حضرت وحضر جماعة
من آل سعد بن مالك ، وآل طلحة ، وجماعة من التجار في شعبان لاحدى عشرة
ليلة مضت من سنة ثمان وسبعين ومائتين مجلس أحمد بن عبيدالله بكورة قم فجرى
ذكر من كان بسر من رأى من العلوية وآل أبي طالب ، فقال : أحمد بن عبيد الله :
ما كان بسر من رأى رجل من العلوية مثل رجل رأيته يوما عند أبي عبيد الله بن
يحيى يقال له الحسن بن علي عليهما السلام ثم وصفه وساق الحديث " انتهى
وقال النجاشي في فهرسته : أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان ذكره
أصحابا في المصنفين وأن له كتابا يصف فيه سيدنا أبا محمد لم أر هذا الكتاب ( 3 ) .
2 - ير : الحسن بن علي الزيتوني ، عن إبراهيم بن مهزيار وسهل بن
الهرمزان ، عن محمد بن أبي الزعفران ، عن ام أبي محمد عليه السلام قالت : قال لي أبومحمد
يوما من الايام تصيبني في سنة ستين حزازة أخاف أن أنكب فيها نكبة ، فان
سلمت منها فالى سنة سبعين ، قالت : فأظهرت الجزع ، وبكيت فقال : لابد لي من
وقوع أمر الله ، فلا تجزعي .
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 318 - 320 وبعده : وهو لايجد إلى ذلك سبيلا ، وشيعته مقيمون
على أنه مات وخلف ولدا يقوم مقامه في الامامة وقدرواه ملخصا في المناقب ج 4 ص 423
وهكذا سائر الكتب .
( 2 ) كل ذلك تفسير للفدم .
( 3 ) رجال النجاشى ص 68 .
[331]
فلما أن كان أيام صفر أخذها المقيم المقعد ، وجعلت تقوم وتقعد ، وتخرج
في الاحايين إلى الجبل ، وتجسس الاخبار حتى ورد عليها ، الخبر ( 1 ) .
بيان : أخذها المقيم المقعده " أي الحزن الذي يقيمها ويقعدها .
3 - ك : وجدت مثبتا في بعض الكتب المصنفة في التواريخ ولم أسمعه عن
محمد بن الحسين بن عباد أنه قال : مات أبومحمد عليه السلام يوم الجمعة مع صلاة الغداة
وكان في تلك الليلة قد كتب بيده كتبا كثيرة إلى المدينة وذلك في شهر ربيع
الاول لثمان خلون سنة ستين ومائتين للهجرة ، ولم يحضره في ذلك الوقت إلا
صقيل الجارية ، وعقيد الخادم ، ومن علم الله غيرهما .
قال عقيد : فدعا بماء قد اغلي بالمصطكي فجئنا به إليه ، فقال : أبدأ بالصلاة
جيئوني فجئنا به ، وبسطنا في حجره المنديل وأخذ من صقيل الماء ، فغسل به وجهه
وذراعيه مرة مرة ومسح على رأسه وقدميه مسحا وصلى صلاة الصبح على فراشه
وأخذ القدح ليشرب فأقبل القدح يضرب ثناياه ، ويده ترعد ، فأخذت صقيل القدح
من يده ، ومضى من ساعته صلى الله عليه ودفن في داره بسرمن رأى إلى جانب
أبيه عليه السلام وصار إلى كرامة الله جل جلاله ، وقد كمل عمره تسعا وعشرين سنة .
قال : وقال لي ابن عباد : في هذا الحديث : قدمت ام أبي محمد عليه السلام من المدينة
واسمها حديث حين اتصل بها الخبر إلى سر من رأى ، فكانت لها أقا صيص يطول
شرحها مع أخيه جعفر من مطالبته إياها بميراثه ، وسعايته بها إلى السلطان ، وكشف
ما أمر الله عزوجل بستره .
وادعت عند ذلك صقيل أنها حامل فحملت إلى دار المعتمد فجعلن نساء
المعتمد وخدمه ونساء الموفق وخدمه ونساء القاضي ابن أبي الشوارب يتعاهدن
أمرها في كل وقت ، ويراعونه إلى أن دهمهم أمر الصفار ( 2 ) وموت عبيد الله
ابن يحيى بن خاقان بغتة ، وخروجهم عن سر من رأى ، وأمر صاحب الزنج
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائرالدرجات ص 482 .
( 2 ) يعنى يعقوب بن ليث الصفار الذى خرج على العباسية .
[332]
بالبصرة وغير ذلك فشغلهم عنها ( 1 ) .
4 - ك : قال أبوالحسن علي بن محمد بن حباب ( 2 ) : حدثنا أبوالاديان
قال : كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وأحمل كتبه إلى الامصار ، فدخلت
إليه في علته التي توفي فيها صلوات الله عليه فكتب معي كتبا وقال : تمضي بها إلى
المدائن فانك ستغيب خمسة عشر يوما فتدخل إلى سر من رأى يوم الخامس عشر
وتسمع الواعية في داري ، وتجدني على المغتسل .
قال أبوالاديان : فقلت : يا سيدي فاذا كان ذلك فمن ؟ قال : من طالبك
بجوابك كتبي ، فهو القائم بعدي ؟ فقلت : زدني ، فقال من يصلي علي فهو
القائم بعدي ، فقلت : زدني ، فقال : من أخبر بما في الهميان فهوالقائم بعدي .
ثم منعتني هيبته أن أسأله ما في الهميان ؟ وخرجت بالكتب إلى المدائن
وأخذت جواباتها ، ودخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما قال لي عليه السلام فاذا
أنابالواعية في داره وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار ، والشيعة حوله يعزونه
ويهنؤنه .
فقلت في نفسي : إن يكن هذا الامام فقد حالت الامامة ، لاني كنت أعرفه
بشرب النبيذ ، ويقامر في الجوسق ، ويلعب بالطنبور ، فتقدمت فعزيت وهنيت
فلم يسألني عن شئ ثم خرج عقيد فقال : يا سيدي قد كفن أخوك فقم للصلاة عليه
فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمان والحسن بن علي قتيل
المعتصم المعروف بسلمة .
فلما صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي عليه السلام على نعشه مكفنا ، فتقدم
جعفر بن علي ليصلي على أخيه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة ، بشعره
قطط بأسنانه تفليج ، فجبذ رداء جعفر بن على وقال : تأخر ياعم فأنا أحق بالصلاة
* ( هامش ) * ( 1 ) كمال الدين ج 2 ص 149 - 150 .
( 2 ) في المصدر المطبوع : خشاب .
[333]
على أبي فتأخر جعفر ، وقد اربد وجهه ، فتقدم الصبي فصلى عليه ، ودفن إلى
جانب قبرأبيه .
ثم قال : يا بصري هات جوابات الكتب التي معك ، فدفعتها إليه ، وقلت
في نفسي : هذه اثنتان بقي الهميان ، ثم خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر
فقال له حاجز الوشاء : يا سيدي من الصبي ؟ ليقيم عليه الحجة فقال : والله
ما رأيت قط ولاعرفته .
فنحن جلوس إذ قدم نفرمن قم ، فسألوا عن الحسن بن علي فعرفوا موته
فقالوا : فمن ؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلموا عليه وعزوه وهنؤوه ، وقالوا
معنا كتب ومال ، فتقول : ممن الكتب ؟ وكم المال ؟ فقام ينفض أثوابه ويقول :
يريدون منا أن نعلم الغيب .
قال : فخرج الخادم فقال : معكم كتب فلان وفلان ، وهميان فيه ألف
دينار ، عشرة دنانير منها مطلية ( 1 )
فدفعوا الكتب والمال ، وقالوا : الذي وجه بك
لاجل ذلك هو الامام .
فدخل جعفر بن علي على المعتمد وكشف له ذلك فوجه المعتمد خدمه
فقبضوا على صقيل الجارية ، وطالبوها بالصبي فأنكرته وادعت حملا بها لتغطي
على حال الصبي فسلمت إلى ابن أبي الشوارب القاضي ، وبغتهم موت عبيد الله بن
يحيى بن خاقان ، فجاءة وخروج صاحب الزنج بالبصرة ، فشغلوا بذلك عن


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 46 من ص 333 سطر 19 الى ص 340 سطر 18

الجارية ، فخرجت عن أيديهم والحمدلله رب العالمين لاشريك له ( 2 ) .
بيان : " الجوسق " القصر ، " وجبذ " أي جذب وفي النهاية اربد وجهه أي
تغير إلى الغبرة ، وقيل الربدة لون بين السواد والغبرة .
اقول : أوردنا بعض الاخبار في ذلك في باب من رأى القائم عليه السلام ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مطلسة ظ ، والدينار المطلس الذى انمحى أثر نقشه .
( 2 ) كمال الدين ج 1 ص 150 - 152 .
( 3 ) راجع ج 52 ص 16 و 42 و . . من طبعتنا هذه .
[334]
5 - شا : مرض أبومحمد الحسن في أول شهر ربيع الاول سنة ستين ومات في
يوم الجمعة لثمان خلون من هذا الشهر في السنة المذكورة ، وله يوم وفاته ثمان
وعشرون سنة فدفن في البيت الذي دفن أبوه من دارهما بسر من رأى ، وخلف ابنه
المنتظر لدولة الحق .
وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت ، وشدة طلب سلطان الزمان
له ، واجتهاده في البحث عن أمره ، لماشاع من مذهب الشيعة الامامية فيه ، وعرف
من انتظارهم له ، فلم يظهر ولده عليه السلام في حياته ، ولاعرفه الجمهور بعد وفاته .
وتولى جعفر بن على أخو أبي محمد عليه السلام أخذ تركته ، وسعى في حبس جواري
أبي محمد عليه السلام واعتقال حلائله ، وشنع على أصحابه بانتظارهم ولده ، وقطعهم بوجوده
والقول بامامته ، وأغرى بالقوم حتى أخافهم وشددهم ، وجرى على مخلفي
أبي الحسن عليه السلام بسبب ذلك كل عظيمة من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف
وذل ولم يظفر السلطان منهم بطائل .
وحاز جعفر ظاهر تركة أبي محمد عليه السلام واجتهد في القيام على الشيعة مقامه
فلم يقبل أحد منهم ذلك ، ولا اعتقدوه فيه ، فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة
أخيه ، وبذل مالا جليلا وتقرب بكل ما ظن أنه يتقرب به ، فلم ينتفع بشئ
من ذلك .
ولجعفرأخبار كثيرة في هذا المعنى رأيت الاعراض عن ذكرها ، لاسباب
لايحتمل الكتاب شرحها ، وهي مشهورة عند الامامية ومن عرف أخبار الناس من
العامة وبالله أستعين . ( 1 )
6 - نص : على بن محمد الدقان عن العطار ، عن أبيه ، عن الفزاري ، عن
محمد بن أحمد المدائني ، عن أبي غانم قال : سمعت أبا محمد عليه السلام يقول : في سنة مائتين
وستين تفترق شيعتي وفيها قبض أبومحمد عليه السلام ، وتفرقت شيعته وأنصاره ، فمنهم .
من انتهى إلى جعفر ، ومنهم من أتاه وشك ، ومنهم من وقف على الحيرة ، ومنهم
* ( هامش ) * ( 1 ) ارشاد المفيد ص 325 .
[335]
من ثبت على دينه بتوفيق الله عزوجل . ( 1 )
7 - مصبا : في أول يوم من ربيع الاول كانت وفاة أبي محمد الحسن بن علي
العسكري عليه السلام ومصير الامر إلى القائم بالحق عليه السلام .
8 - قل : ذكر الشيخ الثقة محمد بن جرير الطبرى الامامي في كتاب التعريف
ومحمد بن هارون التلعكبرى وحسين بن حمدان الخطيب والمفيد في كتاب
مولد النبي والاوصياء والشيخ في التهذيب وحسين بن خزيمة ، ونصربن علي
الجهضمي في كتاب المواليد وكذلك الخشاب في كتاب المواليد وابن شهر آشوب
في كتاب المواليد أن وفاة مولانا الحسن العسكرى عليه السلام كانت لثمان ليال خلون
من شهر ربيع الاول .
9 - الدروس : قبض عليه السلام بسر من رأى يوم الاحد ، وقال المفيد يوم الجمعة
ثامن شهر ربيع الاول سنة ستين ومائتين .
10 - كا : قبض عليه السلام يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الاول
سنة ستين ومائتين وهو ابن ثمان وعشرين سنة ، ودفن في داره في البيت الذي دفن
فيه أبوه عليهما السلام بسر من رأى ( 2 )
11 - ضه : مثله ، وقال وكانت مدة خلافته ست سنين ، ومرض في أول شهر
ربيع الاول وتوفي يوم الجمعة .
12 - كف : توفي عليه السلام في أول يوم من ربيع الاول وقال في موضع آخر
في يوم الجمعة ثامنه ، سمه المعتمد .
13 - عيون المعجزات : عن أحمد بن إسحاق بن مصقلة قال : دخلت على
أبي محمد عليه السلام فقال لي : يا أحمد ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك .
* ( هامش ) * ( 1 ) كفاية الاثرص 326 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 503
[336]
والارتياب ؟ قلت : لما ورد الكتاب بخبر مولد سيدنا عليه السلام ، لم يبق منا رجل ولا
امرءة ولا غلام بلغ الفهم إلا قال بالحق قال عليه السلام : أما علمتم أن الارض لاتخلو
من حجة الله تعالى .
ثم أمر أبومحمد عليه السلام والدته بالحج في سنة تسع وخمسين ومائتين وعرفها
ما يناله في سنة ستين ، ثم سلم الاسم الا عظم والمواريث والسلاح إلى القائم الصاحب
عليه السلام ، وخرجت ام أبي محمد إلى مكة وقبض عليه السلام في شهر ربيع الاخر سنة
ستين ومائتين ودفن بسرمن رأى إلى جانب أبيه صلوات الله عليهما ، وكان من مولده
إلى وقت مضيه تسع وعشرون سنة .
14 - مروج الذهب : في سنة ستين ومائتين قبض أبومحمد الحسن بن علي عليهما السلام
في خلافة المعتمد ، وهو ابن تسع وعشرين سنة ، وهو أبوالمهدي المنتظر ، والامام
الثاني عشر ، عند القطعية من الامامية ، وهم جمهور الشيعة ، وقد تنازع هؤلاء في
المنتظر من آل محمد بعد وفاة الحسن بن علي عليهما السلام وافترقوا على عشرين فرقة ( 1 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) افترق الناس بعد وفاة أبى محمد العسكرى عليه السلام إلى فرق .
فرقة أنكرت وفاته ، ووقفت عليه ، وادعت انه القائم المنتظر ، وقد عقد المؤلف
قدس سره هذا الباب لاجلهم أيضا حيث قال : والرد على من ينكرها .
فرقة اعترفت بموته ، وزعمت أنه عاش من جديد ، فهو الامام المنتظر .
فرقة قالت بانقطاع الامامة من آل محمد " ص " بعده عليه السلام والمرجع للامة :
الاخبار المروية عن أهل البيت عليهم السلام .
فرقة ساقت الامامة إلى أخيه جعفربوصية من قبل ابيهما على الهادى عليهما السلام
فرقة قالت بامامة جعفر لكنه بوصية من قبل أخيه أبى محمد العسكرى عليه السلام
فرقة قالت بامامة ولده على بن الحسن العسكرى وأنه القائم المنتظر ، والاختلاف
بينهم وبين القطعية من الامامية بامامة المهدى المنتظرم ح م د لفظى .
فرقة أنكرت امامة الحسن عليه السلام - لاجل أن الامام لا يكون الا عن عقب ، وهو
عليه السلام لم يظهر له ولد حتى يكون اماما صامتا في حياة أبيه - وادعت أن أخاه محمد
[337]
* ( دفع شبهة ) *
اقول : قد وقعت داهية عظمى ، وفتنة كبرى ، في سنة ست ومائة بعد الالف
من الهجرة في الروضة المنورة بسرمن رأى ، وذلك أنه لغلبة الاروام وأجلاف
العرب على سر من رأى ، وقلة اعتنائهم ، باكرام الروضة المقدسة ، وجلاء
السادات والاشراف لظلم الاروام ( 1 ) عليهم منها وضعوا ليلة من الليالي سراجا
داخل الروضة المطهرة في غير المحل المناسب له فوقعت من الفتيلة نار على بعض
الفروش أو الاخشاب ولم يكن أحد في حوالي الروضة فيطفيها .
فاحترقت الفروش والصناديق المقدسة والاخشاب والابواب وصار ذلك فتنة
لضعفاء العقول من الشيعة والنصاب من المخالفين جهلا منهم بأن أمثال ذلك لايضر
بحال هؤلاء الاجلة الكرام ، ولا يقدح في رفعة شأنهم عند الملك العلام ، وإنما
ذلك غضب على الناس ، ولا يلزم ظهور المعجز في كل وقت ، وإنما هو تابع للمصالح
الكلية والاسرار في ذلك خفية ، وفيه شدة تكليف ، افتتان وامتحان للمكلفين
وقد وقع مثل ذلك في الروضة المقدسة النبوية بالمدينة أيضا صلوات الله
على مشرفها وآله .
* ( هامش ) * بن على أوصى إلى غلام لابيه اسمه نفيس أن يدفع الكتب والسلاح إلى جعفر بن على بعد
موت أبيه على عليه السلام وأن هذا الامر عن تفاهم مع أبيه على عليه السلام فجعفر هو الامام
بعد أبيه .
فرقة ارتبك الامر عليهم فلم يدروا ان الامامة بعد أبى محمد عليه السلام في صلبه أم
ترجع إلى أخيه جعفر وأولاده فتوقفت إلى غير ذلك من الفرق ، وقد فصل المؤلف قدس
سره القول في ذلك نقلا عن الفصول المختارة في ج 37 من تاريخ أميرالمؤمنين ص 20
- 28 ، فراجع .
( 1 ) يريد رجال دولة الروم .
[338]
قال الشيخ الفاضل الكامل السديد يحيى بن سعيد قدس الله روحه في كتاب
جامع الشرائع في باب اللعان أنه إذا وقع بالمدينة يستحب أن يكون بمسجدها عند
منبره عليه السلام .
ثم قال : وفي هذه السنة وهي سنة أربع وخمسين وست مائة في شهر رمضان احترق
المنبر وسقوف المسجد ثم عمل بدل المنبر .
وقال صاحب كتاب عيون التواريخ من أفاضل المخالفين في وقايع السنة الرابع
والخمسين والستمائة : وفي ليلة الجمعة أول ليلة من شهر رمضان احترق مسجد
رسول الله صلى الله عليه وآله في المدينة ، وكان ابتداء حريقه من زاوية الغربية من الشمال ، وكان
أحد القومة قد دخل خزانة ومعه نار فعلقت في بعض الالات ، ثم اتصلت بالسقف
بسرعة ، ثم دبت في السقوف آخذة مقبلة فأعجلت الناس عن قطعها .
فما كان إلا ساعة حتى احترق سقوف المسجد أجمع ، ووقع بعض أساطينه
وذاب رصاصها ، وكل ذلك قبل أن ينام الناس ، واحتراق سقف الحجرة النبوية على
ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، ووقع ما وقع منه بالحجرة ، وبقي على حاله ، وأصبح
الناس يوم الجمعة فعزلوا موضع الصلاة انتهى .
والقرامطة هدموا الكعبة ، ونقلوا الحجر الاسود ، ونصبوها في مسجد الكوفة
وفي كل ذلك لم تظهر معجزة في تلك الحال ، ولم يمنعوا من ذلك على الاستعجال ، بل
ترتب على كل منها آثار غضب الله تعالى في البلاد والعباد بعدها بزمان ، كما أن في
هذا الاحتراق ظهرت آثار سخط الله على المخالفين في تلك البلاد ، فاستولى الاعراب
على الروم وأخذوا منهم أكثر البلاد ، وقتلوا منهم جما غفيرا وجمعا كثيرا ، وتزداد في
كل يوم نائرة الفتنة . والنهب والغارة ، في تلك الناحية ، اشتعالا
وقد استولى الافرنج على سلطانهم مرارا وقتلوا منهم خلقا كثيرا وكل هذه
الامور من آثار مساهلتهم في امور الدين . وقلة اعتنائهم بشأن أئمة الدين سلام الله
عليهم أجمعين .
[339]
وكفى شاهدا لما ذكرنا من أن هذه الامور من آثار غضب الله تعالى استيلاء
بخت نصر على بيت المقدس ، وتخريبه إياه ، وهتك حرمته له ، مع أنه كان من
أبنية الانبياء والاوصياء عليهم السلام ، وأعظم معابدهم ومساجدهم ، وقبلتهم في صلاتهم
وقتل آلافا من أصفياء بني إسرائيل ، وصلحائهم وأخيارهم ، ورهبانهم .
وكل ذلك لعدم متابعتهم للانبياء عليهم السلام وترك نصرتهم ، والاستخفاف بشأنهم
وشتمهم وقتلهم .
ثم إن هذا الخبر الموحش لما وصل إلى سلطان المؤمنين ، ومروج مذهب
آبائه الائمة الطاهرين ، وناصرالدين المبين ، نجل المصطفين ، السلطان حسين
برأه الله من كل شين ومين ، عد ترميم تلك الروضة البهية ، وتشييدها فرض العين
فأمر باتمام صناديق أربعة في غاية الترصيص والتزيين ، وضريح مشبك كالسماء ذات
الحبك ، زينة للناظرين ، ورجوما للشياطين ، وفقه الله تعالى لتأسيس جميع
مشاهد آبائه الطاهرين ، وترويج آثارهم في جميع العالمين .
* * * وقدكان ( 1 ) تم المجلد الثاني عشرمن كتاب بحار الانوار على يدي مؤلفه
أفقر عباد الله إلى رحمة ربه الغني محمد باقر بن محمد تقي عفى الله عن
جرائمهما ، وحشرهما مع أئمتهما ، في يوم الجمعة سابع عشر
شهر ذي الحجة الحرام من شهور سنة سبع وسبعين بعد
الالف من الهجرة المقدسة ، والحمدلله أو لا
وآخرا وصلى الله على محمد وأهل بيته الطاهرين .
* ( هامش ) * ( 1 ) هذه الشبهة وجوابها مما ألحقه المؤلف بعد ثلاثين ( ما بين سنة 1077 وسنة 1106 ) من تمام الكتاب - أقلا - بهذا الموضع ، ولذلك يقول : قد كان تم " راجع
الصفحة الفتو غرافية من الاصل في مقدمة هذا الكتاب .
[340]
كلمة المصحح :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله وآله الطاهرين ، وبعد
فهذا هوالجزء الثاني من المجلد الثاني عشر من كتاب بحارالانوار حسب تجزئة
المؤلف - رضوان الله عليه - والجزء المتمم للخمسين حسب تجزئتنا ، يحتوي على
أبواب :
1 - تاريخ الامام التاسع أبي جعفر محمد بن علي الجواد -
2 - تاريخ الامام العاشر أبي الحسن علي بن محمد الهادي -
- 3 تاريخ الامام الحادي عشر أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات
الله وسلامه عليهم .
وقد اعتمدنا في تصحيح هذا المجلد وتنقيحه على النسخة الاصيلة وهي التي
بخط يد المؤلف رضوان الله عليه - لخزانة كتب الفاضل البحاث الوجيه الموفق
الميرزا فخرالدين النصيرى الاميني أبقاه الله لحفظ كتب السلف ، عن الضياع
والتلف ، فقد تفضل سماحته بالنسخة وأودعناها لعرض النسخة ومقابلتها خدمة
للدين وأهله فجزاه الله عن الاسلام والمسلمين خير جزاء المحسنين
ومعذلك راجعنا مصادر الكتاب وعينا مواضع النص من المصدر في الذيل
وعلقنا على لغاته المشكلة ومواضعه المبهمة ما لا يستغني عنه الباحث ، وفي بعض
هذه المواضع نقلنا من شرح اصول الكافي للعلامة ملا صالح المازندراني ، وجعلنا له
رمز " صالح " وهكذا مرآت العقول للمؤلف رضوان الله عليه أيضا مصرحا بذلك .
اللهم ما بنا من نعمة فمنك وحدك لاشريك لك ، أتمم لنا نعمتك وإحسانك
وآتنا ماوعدتنا على رسلك ، إنك لاتخلف الميعاد .
محمد الباقر البهبودى
شوال المكرم 1385