بسمه تعالى

1377

-اسم الموضوع: بحار43

............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 1 سطر 1 الى ص 5 سطر 8

[ 1 ]
وفى تاريخ الغفارى : أنه ولد في السابع عشر من ربيع الاول .
4 كف : ولد عليه السلام بالمدينة الاثنين سابع عشر شهر ربيع الاول سنة
ثلاث وثمانين ، وكانت ولادته في زمن عبدالملك بن مروان ، وتوفي عليه السلام يوم
الاثنين في النصف من رجب سنة ثمان وأربعين ومائة ، مسموما في عنب ( 1 ) .
وقال في موضع آخر : ولد عليه السلام في يوم الجمعة غرة شهر رجب ( 2 ) .
5 ثو : ما جيلويه ، عن عمه ، عن الكوفي ، عن ابن فضال ، عن الميثمي
عن أبي بصير قال : دخلت على ام حميد اعزيها بأبي عبدالله عليه السلام فبكت
وبكيت لبكائها ثم قالت : يا أبا محمد لو رأيت أبا عبدالله عليه السلام عند الموت لرأيت عجبا
فتح عينيه ثم قال : أجمعوا لي كل من بيني وبينه قرابة ، قالت : فلم نترك أحدا
إلا جمعناه قالت : فنظر إليهم ثم قال : إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة ( 3 ) .
6 سن : محمد بن علي وغيره ، عن ابن فضال ، عن المثنى ، عن أبي بصير
مثله ( 4 ) .
7 غط : جماعة عن البزو فري ، عن أحمد بن إدريس ، عن ابن عيسى ، عن
ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن هشام بن أحمر ، عن سالمة مولاة أبي عبدالله
جعفر بن محمد عليه السلام قالت : كنت عند أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام حين حضرته
الوفاة واغمي عليه ، فلما أفاق قال : أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين
وهو الافطس سبعين دينارا ، وأعط فلانا كذا ، وفلانا كذا ، فقلت : أتعطي رجلا
* ( هامش ) * ( 1 ) مصباح الكفعمى ص 523 في الجدول .
( 2 ) لم أقف مصباح الكفعمى على ما نقله الشيخ المجلسى رحمه الله عنه ، نعم قال
الكفعمى في ص 512 في حواث شهر رجب : وفى غرته يوم الجمعة ولد الباقر عليه السلام اه
ونص في حوادث شهر ربيع الاول ص 511 فقال وفى سابع عشره كان مولد النبى صلى الله
عليه وآله ومولد الصادق عليه السلام فلاحظ وتأمل .
( 3 ) ثواب الاعمال ص 205 .
( 4 ) المحاسن للبرقى ج 1 ص 80 .
[ 3 ]
حمل عليك بالشفرة ، يريد أن يقتلك ؟ قال : تريدين أن لا أكون من الذين قال
الله عزوجل ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون
سوء الحساب ) ( 1 ) نعم يا سالمة إن الله خلق الله الجنة فطيبها وطيب ريحها وإن
ريحها يوجد من مسيرة ألفي عام ، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ( 2 ) .
8 غط : روى أبوأيوب الخوزي قال : بعث إلي أبوجعفر المنصور في جوف
الليل ، فدخلت عليه وهو جالس على كرسي ، وبين يديه شمعة وفي يده كتاب ، فلما
سلمت عليه رمى الكتاب إلي وهو يبكي وقال : هذا كتاب محمد بن سليمان ، يخبرنا
أن جعفر بن محمد قد مات ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ثلاثا وأين مثل جعفر ؟
ثم قال لي : اكتب فكتبت صدر الكتاب ، ثم قال : اكتب إن كان أوصى إلى رجل
بعينه فقدمه واضرب عنقه ، قال فرجع الجواب إليه : إنه قد أوصى إلى خمسة
أحدهم أبوجعفر المنصور ، ومحمد بن سليمان ، وعبدالله ، وموسى ، ابني جعفر ، و
حميدة فقال المنصور : ليس إلى قتل هؤلاء سبيل ( 3 ) .
9 عم : الكليني ، عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد وغيره ، عن محمد بن
الوليد ، عن يونس ، عن داود بن زربي ، عن أبي أيوب الخوزي مثله ( 4 ) .
10 شا : كان مولد الصادق عليه السلام بالمدينة سنة ثلاث وثمانين ، ومضى في
شوال من سنة ثمان وأربعين ومائة ، وله خمس وستون سنة ، ودفن بالبقيع مع أبيه
وجده وعمه الحسن عليهم السلام وامه ام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وكانت
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الرعد الاية : 21 .
( 2 ) غيبة الشيخ الطوسى ص 128 .
( 3 ) غيبة الشيخ الطوسى ص 129 وأخرجه الكلينى في الكافى ج 1 ص 310 وفيه
( النحوى ) بدل ( الخوزى ) كما أخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 434 بتفاوت
يسير .
( 4 ) اعلام الورى ص 290 وفيه ( الجوزى ) بدل ( الخوزى ) .
[ 4 ]
إمامته أربعا وثلاثين سنة ( 1 ) .
11 قب : داود بن كثير الرقي قال : أتى أعرابي إلى أبي حمزة الثمالي
فسأله خبرا فقال : توفي جعفر الصادق عليه السلام فشهق شهقة واغمي عليه ، فلما أفاق
قال : هل أوصى إلى أحد ؟ قال : نعم أوصى إلى ابنه عبدالله ، وموسى ، وأبي جعفر
المنصور ، فضحك أبوحمزة وقال : الحمدلله الذي هدانا إلى الهدى ، وبين لنا
عن الكبير ودلنا على الصغير ، وأخفى عن أمر عظيم ، فسئل عن قوله فقال : بين
عيوب الكبير ودل على الصغير لاضافته إياه ، وكتم الوصية للمنصور لانه لوسأل
المنصور عن الوصي لقيل : أنت ( 2 ) .
12 ضه ، قب : ولد الصادق عليه السلام بالمدينة ، يوم الجمعة ، عند طلوع الفجر
ويقال : يوم الاثنين ، لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الاول ، سنة ثلاث و
ثمانين ، وقالوا : سنة ست وثمانين ( 3 ) .
13 قب : فأقام مع جده اثنتي عشرة سنة ومع أبيه تسع عشرة سنة ، وبعد
أبيه أيام إمامته أربعا وثلاثين سنة ، فكان في سني إمامته ، ملك إبراهيم بن الوليد
ومروان الحمار ، ثم صارت المسودة من أرض خراسان مع أبي مسلم ، سنة
اثنتين وثلاثين ومائة ، وانتزعوا الملك من بني امية ، وقتلوا مروان الحمار ، ثم
ملك أبوالعباس السفاح أربع سنين وستة أشهر وأياما ، ثم ملك أخوه أبوجعفر
المنصور إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وأياما ، وبعد مضي سنتين من
ملكه ( 4 ) .
14 ضه ، قب : قبض في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة ، وقيل يوم الاثنين
النصف من رجب ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد للشيخ المفيد ص 289 .
( 2 ) المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 434 .
( 3 ) روضة الواعظين ص 253 والمناقب ج 3 ص 399 .
( 4 ) المناقب ج 3 ص 399 .
( 5 ) روضة الواعظين ص 253 والمناقب ج 3 ص 399 .
[ 5 ]
15 قب : وقال أبوجعفر القمي : سمه المنصور ودفن في البقيع ، وقد كمل
عمره خمسا وستين سنة ، ويقال : كان عمره خمسين سنة ، وامه فاطمة بنت القاسم
ابن محمد بن أبي بكر ( 1 ) .
16 كشف : قال محمد بن طلحة : أما ولادته فبالمدينة سنة ثمانين من الهجرة
وقيل : سنة ثلاث وثمانين ، والاول أصح وأما نسبه أبا واما فأبوه أبوجعفر محمد
الباقر ، وامه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ( 2 ) .
وأما عمره فإنه مات في سنة ثمان وأربعين ومائة في خلافة المنصور فيكون
عمره ثلاث وستين سنة ، هذا هو الاظهر ، وقيل غير ذلك ، وقبره بالمدينة بالبقيع


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 5 سطر 9 الى ص 13 سطر 2

وهو القبر الذي فيه أبوه وجده وعمه .
وقال الحافظ عبدالعزيز : امه عليه السلام ام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر
وامها أسماء بنت عبدالرحمن بن أبي بكر ولدعام الجحاف سنة ثمانين ، ومات سنة
ثمان وأربعين ومائة ( 3 ) .
وقال محمد بن سعيد : لما خرج محمد بن عبدالله بن الحسن ، هرب جعفر إلى
ماله بالفرع ، فلم يزل هناك مقيما حتى قتل محمد فلما قتل محمد واطمأن الناس و
أمنوا ، رجع إلى المدينة ، فلم يزل بها حتى مات لسنة ثمان وأربعين ومائة في
خلافة أبي جعفر وهو يومئذ ابن إحدى وسبعين سنة ( 4 )
وقال ابن الخشاب بالاسناد الاول عن محمد بن سنان : مضى أبوعبدالله عليه السلام و
هو ابن خمس وستين سنة ، ويقال : ثمان وستين سنة ، في سنة مائة وثمان وأربعين ، و
كان مولده عليه السلام سنة ثلاث وثمانين من الهجرة ، وكان مقامه مع جده علي بن الحسين
عليه السلام اثني عشرة سنة وأياما ، وفي الثانية كان مقامه مع جده خمس عشرة
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 399 .
( 2 ) كشف الغمة ج 2 ص 369 .
( 3 ) نفس المصدر ج 2 ص 378 .
( 4 ) المصدر السابق ج 2 ص 379 .
[ 6 ]
سنة ، وتوفي أبوجعفر عليه السلام ولابي عبدالله عليه السلام أربع وثلاثون سنة في إحدى الروايتين
وأقام بعد أبيه أربعا وثلاثين سنة ، وكان عمره عليه السلام في إحدى الروايتين خمسا وستين
سنة ، وفي الرواية الاخرى ثمان وستين سنة ، قال لنا الزارع : والاولى هي الصحيحة
وامه ام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ( 1 ) .
17 عم : ولد عليه السلام بالمدينة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الاول
سنة ثلاث وثمانين من الهجرة ، ومضى عليه السلام في النصف من رجب ، ويقال : في شوال
سنة ثمان وأربعين ومائة ، وله خمس وستون سنة ، أقام فيها مع جده وأبيه اثنتي
عشرة سنة ، ومع أبيه بعد جده تسع عشرة سنة ، وبعد أبيه عليه السلام أيام إمامته عليه السلام
أربعا وثلاثين سنة ، وكان في أيام إمامته عليه السلام بقية ملك هشام بن عبدالملك
وملك الوليد بن يزيد بن عبدالملك ، وملك يزيد بن الوليد بن عبدالملك الملقب
بالناقص ، وملك إبراهيم بن الوليد ، وملك مروان بن محمد الحمار ، ثم صارت
المسودة من أهل خراسان مع أبي مسلم سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، فملك أبوالعباس
عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس الملقب بالسفاح ، أربع سنين وثمانية
أشهر ، ثم ملك أخوه أبوجعفر عبدالله الملقب بالمنصور ، إحدى وعشرين سنة وأحد
عشر شهرا ، وتوفي الصادق عليه السلام بعد عشر سنين من ملكه ، ودفن بالبقيع ، مع أبيه
وجده وعمه الحسن عليهم السلام ( 2 ) .
18 . كا : سعد والحميري معا ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن
الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : قبض
أبوعبدالله جعفر بن محمد وهو ابن خمس وستين سنة ، في عام ثمان وأربعين ومائة
وعاش بعد أبي جعفر عليه السلام أربعا وثلاثين سنة ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 2 ص 415 .
( 2 ) اعلام الورى ص 266 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 475 .
[ 7 ]
19 كا : سعد ، عن محمد بن عمرو بن سعيد ، عن يونس بن يعقوب ، عن
أبي الحسن الاول قال : سمعته يقول : أنا كفنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم
فيهما وفي قميص من قمصه وفي عمامة كانت لعلي بن الحسين عليه السلام وفي برد اشتريته
بأربعين دينارا ( 1 ) .
20 كا : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عمرو بن سعيد مثله ، وزاد في آخره :
لوكان اليوم لساوى أربعمائة دينار ( 2 ) .
بيان : شطا اسم قرية بناحية مصر تنسب إليها الثياب الشطوية .
21 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عبدالله بن أحمد ، عن
إبراهيم بن الحسن ، عن وهب بن حفص ، عن إسحاق بن جرير قال : قال
أبوعبدالله عليه السلام كان سعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر ، وأبوخالد
الكابلي من ثقات علي بن الحسين عليه السلام ثم قال : وكانت امي ممن آمنت
واتقت وأحسنت ، والله يحب المحسنين ( 3 ) .
22 كا : العدوة ، عن سهل ، عن عثمان بن عيسى ، عن عدة من أصحابنا
قال : لما قبض أبوجعفر عليه السلام أمر أبوعبدالله عليه السلام بالسراج في البيت الذي كان
يسكنه ، حتى قبض أبوعبدالله عليه السلام ثم أمر أبوالحسن عليه السلام بمثل ذلك في بيت
أبي عبدالله عليه السلام حتى خرج به إلى العراق ، ثم لا أدري ما كان ( 4 ) .
23 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن
أبي إسماعيل السراج ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : قال أبوالحسن الاول
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 1 ص 475 .
( 2 ) المصدر السابق ج 3 ص 149 وأخرجه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 434
والاستبصار ج 1 ص 210 .
( 3 ) المصدر السابق ج 3 ص 472 صدر حديث .
( 4 ) المصدر السابق ج 3 ص 251 وأخرج الصدوق في الفقيه ج 1 ص 97 والطوسى
في التهذيب ج 1 ص 289 .
[ 8 ]
عليه السلام : إنه لما حضر أبي الوفاة قال لي : يا بني إنه لا ينال شفاعتنا من
استخف بالصلاة ( 1 ) .
24 قل : في أدعية شهر رمضان ، وضاعف العذاب على من شرك في دمه
وهو المنصور ( 2 ) .
* ( باب 2 ) *
* ( أسمائه وألقابه وكناه ، وعللها ، ونقش خاتمه ، وحليته ) *
* ( وشمائله صلوات الله عليه ) *
1 ن ( 3 ) لى : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن محمد بن علي الكوفي
عن الحسن بن أبي العقبة الصيرفي ، عن الحسين بن خالد ، عن الرضا عليه السلام قال :
كان نقش خاتم جعفر بن محمد عليه السلام ( الله وليي وعصمتي من خلقه ) ( 4 ) .
2 ع : علي بن أحمد بن محمد ، عن محمد بن هارون الصوفي ، عن عبيدالله بن
موسى الحبال ، عن محمد بن الحسين الخشاب ، عن محمد بن الحصين ، عن المفضل
عن الثمالي ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه
الصادق ، فانه سيكون في ولده سمي له ، يدعي الامامة بغير حقها ، ويسمى
كذابا ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 3 ص 270 .
( 2 ) الاقبال ص 345 .
( 3 ) عيون اخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 56 جزء حديث .
( 4 ) أمالى الصدوق ص 458 .
( 5 ) علل الشرائع ص 234 .
[ 9 ]
3 مع : سمي الصادق صادقا ليتميز من المدعي للامامة بغير حقها ، وهو
جعفر بن علي إمام الفطحية الثانية ( 1 ) .
4 يج : روي عن أبي خالد أنه قال : قلت لعلي بن الحسين عليهما السلام من الامام
بعدك ؟ قال : محمد ابني يبقر العلم بقرا ، ومن بعد محمد جعفر ، اسمه عند أهل
السماء الصادق ، قلت : كيف صار اسمه الصادق ؟ وكلكم الصادقون ؟ فقال :
حدثني أبي ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق ، فإن الخامس من ولده
الذي اسمه جعفر يدعى الامامه اجتراء على الله ، وكذبا عليه ، فهو عندالله جعفر
الكذاب ، المفتري على الله ، ثم بكى علي بن الحسين عليهما السلام فقال : كأني بجعفر
[ جعفر ] الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمرولي الله ، والمغيب في حفظ
الله ، فكان كما ذكر ( 2 ) .
5 قب : كان الصادق عليه السلام ربع القامة ، أزهر الوجه ، حالك الشعر جعد
أشم الانف ، أنزل رقيق البشرة ، دقيق المسربة ، على خده خال أسود ، وعلى
جسده خيلان حمرة ( * ) وكان اسمه جعفر ، ويكنى أبا عبدالله وأبا إسماعيل ، والخاص
أبوموسى ، وألقابه : الصادق ، والفاضل ، والطاهر ، والقائم ، والكافل ، والمنجي
وإليه تنسب الشيعة الجعفرية ، ومسجده في الحلة ( 3 ) .
بيان : رجل ربع : بين الطول والقصر ، والحالك الشديد السواد ، والشمم
ارتفاع قصبة الانف وحسنها ، واستواء أعلاها ، وانتصاب الارنبة ، أوورود الارنبة
وحسن استواء القصبة وارتفاعها ، أو أن يطول الانف ويدق وتسيل روثته
والمسربة بفتح الميم وضم الراء ، الشعر وسط الصدر إلى البطن .
* ( هامش ) * ( 1 ) معانى الاخبار ص 65 .
( 2 ) الخرائج والجرائح ص 195 .
( * ) جمع خال : الشامة في البدن .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 400 .
[ 10 ]
6 كشف : قال محمد بن طلحة : ( 1 ) اسمه عليه السلام جعفر ، وكنيته أبوعبدالله
وقيل : أبوإسماعيل ، وله ألقاب أشهرها الصادق ، ومنها الصابر ، والفاضل
والطاهر .
أقول : ذكر في الفصول المهمة ( 2 ) نحوه وقال : نقش خاتمه : ( ماشاء الله لا
قوة إلا بالله ، أستغفرالله ) ( 3 ) .
7 كف : نقش خاتمه : ( الله خالق كل شئ ) ( 4 ) .
8 مكا : من كتاب اللباس عن أبي الحسن عليه السلام قال : قاوموا خاتم أبي عبدالله
عليه السلام فأخذه أبي بسبعة قال : قلت : سبعة دراهم ؟ قال : سبعة دنانير ( 5 ) .
وعن محمد بن عيسى ، عن صفوان قال : أخرج إلينا خاتم أبي عبدالله عليه السلام
وكان نقشه ( أنت ثقتي فاعصمني من خلقك ) ( 6 ) .
وعن إسماعيل بن موسى قال : كان خاتم جدي جعفر بن محمد عليهما السلام فضة كله
وعليه ( يا ثقتي قني شر جميع خلقك ) وإنه بلغ في الميراث خمسين دينارا زائدا أبي
على عبدالله بن جعفر فاشتراه أبي ( 7 ) .
9 كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن ابن
ظبيان ، وحفص بن غياث ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : في خاتمي مكتوب ( الله خالق
كل شئ ) ( 8 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مطالب السؤول ص 81 .
( 2 ) الفصول المهمة ص 209 .
( 3 ) كشف الغمة ج 2 ص 370 .
( 4 ) مصباح الكفعمى ص 522 .
( 5 ) مكارم الاخلاق ص 95 .
( 6 ) نفس المصدر ص 102 .
( 7 ) المصدر السابق ص 103 .
( 8 ) الكافى ج 6 ص 473 جزء حديث .
[ 11 ]
10 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن عبدالله بن محمد
النهيكي ، عن إبراهيم بن عبدالحميد قال : مربي معتب ومعه خاتم فقلت له :
أي شئ ؟ فقال : خاتم أبي عبدالله عليه السلام فأخذت لاقرأ ما فيه فاذا فيه ( اللهم أنت
ثقتي فقني شر خلقك ) ( 1 ) .
11 كا : أحمد ، عن البزنطي قال : كنت عند الرضا عليه السلام فأخرج إلينا
خاتم أبي عبدالله عليه السلام فاذا عليه ( أنت ثقتي فاعصمني من الناس ) ( 2 ) .
12 د : نقش خاتمه : ( الله عوني وعصمتي من الناس ) وفى نقشه ( أنت
ثقتي فاعصمني من خلقك ) وقيل : ( ربي عصمني من خلقه ) ، وألقابه : الصادق
والفاضل ، والقاهر ، والباقي ، والكامل ، والمنجي ، والصابر ، والفاطر ، والطاهر
وامه ام فروة وقيل : ام القاسم فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر .
* ( هامش ) * ( 1 و 2 ) نفس المصدر ج 6 ص 473 والثانى فيه جزء حديث .
[ 12 ]
( باب 3 )
* ( ( النص عليه صلوات الله عليه ) ) *
1 ن : الطالقاني ، عن الحسين بن إسماعيل ، عن سعيد بن محمد بن نصر
القطان ، عن عبيدالله بن محمد السلمي ، عن محمد بن عبدالرحيم ، عن محمد بن سعيد
ابن محمد ، عن العباس بن أبي عمرو ، عن صدقة بن أبي موسى ، عن أبي نضرة قال :
لما احتضر أبوجعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام عندالوفاة ، دعا بابنه الصادق عليه السلام
ليعهد إليه عهدا فقال له أخوه زيد بن علي عليه السلام : لو امتثلت في تمثال الحسن
والحسين عليهما السلام رجوت أن لا تكون أتيت منكرا فقال له : يا أبا الحسين إن الامانات
ليست بالمثال ، ولا العهود بالرسوم ، وإنما هي امور سابقة عن حجج الله
عزوجل . ( 1 ) .
2 شا : وصى إلى الصادق عليه السلام أبوه أبوجعفر عليه السلام وصية ظاهرة ، ونص
عليه بالامامة نصا جليا ، فروى محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله
جعفر بن محمد عليه السلام قال : لما حضرت أبي الوفاة قال : يا جعفرا وصيك بأصحابي
خيرا . قلت : جعلت فداك والله لادعنهم والرجل منهم يكون في المصر فلا يسأل
أحدا ( 2 ) .
3 عم : الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي
عمير مثله ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) عيون أخيار الرضا عليه السلام ج 1 ص 40 صدر حديث طويل .
( 2 ) الارشاد ص 289 .
( 3 ) اعلام الورى ص 267 وأخرجه الكلينى في الكافى ج 1 ص 306 .
[ 13 ]
بيان : لادعنهم أي لا تركتهم ، والواو في ( والرجل ) للحال ، فلا يسأل
أحدا أي من المخالفين ، أو الاعم شيئا من العلم ، أو الاعم منه ومن المال ، والحاصل


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 13 سطر 3 الى ص 21 سطر 3

أني لا أرفع يدي عن تربيتهم حتى يصيروا علماء أغنياء لا يحتاجون إلى السؤال ، أو
أخرج من بينهم ، وقد صاروا كذلك .
4 شا : روى أبان بن عثمان ، عن أبي الصباح الكناني قال : نظر أبوجعفر
إلى ابنه أبي عبدالله فقال : ترى هذا ؟ هذا من الذين قال الله تعالى : ( ونريد أن
نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ) ( 1 ) .
5 عم : الكليني ، عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن أبان
مثله ( 2 ) .
6 شا : روى هشام بن سالم ، عن جابر بن يزيد الجعفي قال : سئل أبوجعفر
عليه السلام عن القائم بعده فضرب بيده على أبي عبدالله عليه السلام وقال : هذا والله ولدي
قائم آل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم . وروى علي بن الحكم عن طاهر صاحب أبي جعفر عليه السلام
قال : كنت عنده فأقبل جعفر عليه السلام فقال أبوجعفر : هذا خير البرية ( 3 ) .
7 عم : الكليني ، عن العدة ، عن أحمد ، عن علي بن الحكم مثله ( 4 )
8 كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابنا
عن يونس بن يعقوب ، عن طاهر ، وأحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن فضيل بن
عثمان ، عن طاهر مثله ( 5 ) .
9 شا : روى يونس ، عن عبدالاعلى مولى آل سام ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : إن أبي استودعني ما هناك فلما حضرته الوفاة قال : ادع لي شهودا فدعوت
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 289 والاية في سورة القصص الاية : 5 .
( 2 ) اعلام الورى ص 267 وأخرجه الكلينى في الكافى ج 1 ص 306 .
( 3 ) الارشاد ص 289 .
( 4 ) اعلام الورى ص 268 وأخرجه الكلينى في الكافى ج 1 ص 307 .
( 5 ) الكافى ج 1 ص 307 .
[ 14 ]
أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبدالله بن عمر فقال : اكتب : هذا ما أوصى به يعقوب
بنيه ( يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) وأوصى محمد بن
علي إلى جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه يوم الجمعة
وأن يعممه بعمامته ، وأن يربع قبره ، ويرفعه أربع أصابع ، وأن يحل عنه أطماره
عند دفنه ، ثم قال للشهود : انصرفوا رحمكم الله ، فقلت له : يا أبت ما كان في هذا
بأن يشهد عليه ! فقال : يا بني كرهت أن تغلب ، وأن يقال : لم يوص إليه ، وأردت
أن تكون لك الحجة ( 1 ) .
10 عم الكليني ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس
مثله ( 2 ) .
بيان : أي ما كان محفوظا عنده من الكتب والسلاح ، وآثار الانبياء . فيهم
نافع أي منهم بتغليب قريش على مواليهم ، أو معهم ، وأن يحل عنه أطماره الاطمار
جمع طمر بالكسر ، وهو الثوب الخلق ، والكساء البالي ، من غير صوف ، وضمائر عنه
وأطماره ودفنه : إما راجعة إلى جعفر عليه السلام أي يحل أزرار أثوابه عند إدخال والده
القبر ، فإضافة الدفن إلى الضمير إضافة إلى الفاعل ، أو ضمير دفنه راجع إلى أبي
جعفر عليه السلام إضافة إلى المفعول .
أو الضمائر راجعة إلى أبي جعفر عليه السلام ، فالمراد به حل عقد الاكفان
وقيل : أمره بأن لا يدفنه في ثيابه المخيطة ( ما كان في هذا ) ما نافية أي لم
تكن لك حاجة في هذا بأن تشهد أي إلى أن تشهد ، أو استفهامية أي أي فائدة
كانت في هذا ؟ أن تغلب على بناء المجهول أي في الامامة ، فان الوصية من علاماتها
أو فيما أوصى إليه مما يخالف العامة ، كتربيع القبر أو الاعم .
11 عم : الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 289 .
( 2 ) اعلام الورى ص 268 وأخرجه الكلينى في الكافى ج 1 ص 307 .
[ 15 ]
عن هشام بن سالم ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن
القائم ، فضرب بيده على أبي عبدالله ، ثم قال : هذا والله قائم آل محمد .
قال عنبسة بن مصعب : فلما قبض أبوجعفر عليه السلام دخلت على ابنه أبي عبدالله
فأخبرته بذلك فقال : صدق جابر على أبي ، ثم قال عليه السلام : ترون أن ليس كل
إمام هو القائم بعد الامام الذي قبله ؟ ( 1 ) .
12 نص : علي بن الحسن ، عن هارون بن موسى ، عن علي بن محمد بن
مخلد ، عن الحسن بن علي بن بزيع ، عن يحيى بن الحسن بن فرات ، عن علي بن
هاشم بن البريد ، عن محمد بن مسلم قال : كنت عند أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام
إذ دخل جعفر ابنه ، وعلى رأسه ذؤابة ، وفي يده عصا يلعب بها ، فأخذه الباقر عليه السلام
وضمه إليه ضما ، ثم قال : بأبي أنت وامي لاتلهو ولا تلعب ثم قال لي ، يا محمد
هذا إمامك بعدي فاقتدبه ، واقتبس من علمه ، والله إنه لهو الصادق ، الذي وصفه
لنا رسول الله صلى الله عليه وآله إن شيعته منصورون في الدنيا والآخرة ، وأعداؤه ملعونون
على لسان كل نبي ، فضحك جعفر عليه السلام واحمر وجهه ، فالتفت إلي أبوجعفر
وقال لي : سله ، قلت له : يا ابن رسول الله من أين الضحك ؟ قال : يا محمد العقل
من القلب والحزن من الكبد ، والنفس من الرية ، والضحك من الطحال ، فقمت
وقبلت رأسه ( 2 ) .
13 نص : علي بن الحسن الرازي ، عن محمد بن القاسم ، عن جعفر بن
الحسين بن علي ، عن عبدالوهاب ، عن أبيه همام بن نافع قال : قال أبوجعفر عليه السلام
لاصحابه يوما : إذا افتقدتموني فاقتدوا بهذا ، فهو الامام والخليفة بعدي ، وأشار
إلى أبي عبدالله عليه السلام ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 267 وأخرجه الكلينى في الكافى ج 1 ص 307 .
( 2 ) كفاية الاثر ص 321 .
( 3 ) نفس المصدر ص 321 .
[ 16 ]
* ( باب 4 ) *
* ( ( مكارم سيره ، ومحاسن اخلاقه ، واقرار المخالفين ) ) *
( ( والمؤالفين بفضله ) )
1 ل ( 1 ) ع ( 2 ) لى : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي
عن محمد بن زياد الازدي قال : سمعت مالك بن أنس فقيه المدينة يقول : كنت أدخل
إلى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فيقدم لي مخدة ، ويعرف لي قدرا ويقول : يا مالك
إني احبك ، فكنت أسر بذلك وأحمد الله عليه ، قال : وكان عليه السلام رجلا لا يخلو
من إحدى ثلاث خصال : إما صائما ، وإما قائما ، وإما ذاكرا ، وكان من عظماء
العباد ، وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عزوجل ، وكان كثير الحديث ، طيب
المجالسة ، كثير الفوائد ، فاذا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله اخضر مرة ، واصفر
اخرى حتى ينكره من كان يعرفه ، ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلنه
عندالاحرام ، كان كلماهم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه ، وكاد أن يخر من راحلته
فقلت : قل يا ابن رسول الله ، ولابد لك من أن تقول ، فقال : يا ابن أبي عامر كيف
أجسر أن أقول : لبيك اللهم لبيك ، وأخشى أن يقول عزوجل لي : لالبيك ولا
سعديك ( 3 ) .
2 قب : من كتاب الروضة مثله ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الخصال ص 79 باب الثلاثة .
( 2 ) علل الشرائع ص 234 .
( 3 ) أمالى الصدوق ص 169 . وقد روى القاضى عياض كلمة مالك هذه بتغيير يسير في
كتابه المدارك ص 212 وحكاها عنه أبوزهرة في كتابه مالك ص 28 والخولى في كتابه
مالك ص 94 .
( 4 ) المناقب ج 3 ص 395 ذيل الحديث وص 396 صدر الحديث .
[ 17 ]
3 ب : محمد بن عيسى قال : حدثني حفص بن محمد مؤذن علي بن يقطين
قال : رأيت أبا عبدالله في الروضة ، وعليه جبة خز سفر جلية ( 1 ) .
4 كا : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى مثله ( 2 ) .
5 ب : أحمد وعبدالله ابنا محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب
قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول وهو ساجد : اللهم اغفرلي ولاصحاب أبي ، فاني
أعلم أن فيهم من ينقصني ( 3 ) .
6 ع : أبي عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن عبدالله بن جبلة عن إسحاق
ابن عمار قال : حدثني مسلم مولى لابي عبدالله عليه السلام قال : ترك أبوعبدالله عليه السلام
السواك قبل أن يقبض بسنتين ، وذلك أن أسنانه ضعفت ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 11 وأخرج الحديث الكشى في رجاله ص 271 والسند فيه
هكذا ( حمدويه قال حدثنى محمد بن عيسى ، قال حدثنى حفص أبو محمد مؤذن على بن يقطين
عن على بن يقطين قال الخ ، فالحديث فيه ينتهى سنده إلى على بن يقطين وهو الذى رأى
على الامام جبة خز سفر جلية . كما ان فيه كنية حفص ( أبومحمد ) وذكر في الكافى ومواضع
من قرب الاسناد انه ابن عمر ويعرف بالمؤذن ، وقد روى عنه الحسن بن على بن يقطين خبر
سقوط الامام الصادق عليه السلام عن بغلته حين دفع ووقف عليه الوالى فنهاء الامام عن الوقوف
وسيأتى ذلك عن قريب .
وروى عنه أيضا ابن فضال رسالة الامام الصادق عليه السلام إلى جماعة الشيعة تلك
الرسالة الذهبية التى أمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها وهى أول كتاب
الروضة من الكافى ، ولم ينسب حفص إلى أحد بل اكتفى بوصفه بالمؤذن . فالظاهر ان
ما في الاصل من انه ( ابن محمد ) من سهو القلم والصواب ( أبى محمد ) كما في سند الكشى
فلاحظ .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 452 .
( 3 ) قرب الاسناد ص 101 .
( 4 ) علل الشرايع ص 295 .
[ 18 ]
7 ن : المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني ، عن أبي محمد ، عن آبائه
عن موسى بن جعفر عليهم السلام قال : نعي إلى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ابنه إسماعيل
ابن جعفر ، وهو أكبر أولاده ، وهو يريد أن يأكل وقد اجتمع ندماؤه ، فتبسم ثم دعا
بطعامه ، وقعد مع ندمائه ، وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الايام ، ويحث
ندماءه ، ويضع بين أيديهم ، ويعجبون منه أن لا يروا للحزن أثرا ، فلما فرغ قالوا :
يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا اصبت بمثل هذا الابن ، وأنت كما نرى ؟ ! قال :
ومالي لا أكون كما ترون ، وقد جاءني خبر أصدق الصادقين الصادقين أني ميت وإياكم
إن قوما عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ، ولم ينكروا من تخطفه الموت منهم
وسلموا لامر خالقهم عزوجل ( 1 ) .
8 دعوت الراوندى : كان للصادق عليه السلام ابن فبينا هو يمشي بين يديه
إذ غص فمات ، فبكى وقال : لئن أخذت لقد أبقيت ، ولئن ابتليت لقد عافيت
ثم حمل إلى النساء ، فلما رأينه صرخن ، فأقسم عليهن أن لا يصرخن ، فلما أخرجه
للدفن قال : سبحان من يقتل أولادنا ولا نزداد له إلا حبا ، فلما دفنه قال :
يا بني وسع الله في ضريحك ، وجمع بينك وبين نبيك وقال عليه السلام : إنا قوم نسأل
الله ما نحب فيمن نحب فيعطينا ، فاذا أحب ما نكره فيمن نحب رضينا .
9 ع ( 2 ) لى : النساني عن الاسدي ، عن محمد بن أبي بشر ، عن الحسين بن
الهيثم ، عن المنقري ، عن حفص بن غياث أنه كان إذا حدثنا عن جعفر بن محمد عليه السلام
قال : حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد عليه السلام ( 3 ) .
10 لى : المكتب عن الاسدي ، عن محمد بن أبي بشر ، عن الحسين بن الهيثم
عن المنقري قال : كان علي بن غراب إذا حدثنا عن جعفر بن محمد عليه السلام قال :
حدثني الصادق عن الله جعفر بن محمد عليهما السلام ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) عيون اخبار الرضا ( ع ) ج 2 ص 2 .
( 2 ) علل الشرائع ص 234 .
( 3 و 4 ) أمالى الصدوق ص 243 .
[ 19 ]
11 ع : الحسن بن محمد العلوي ، عن الاسدي مثله ( 1 ) .
12 لى : الطالقاني عن أحمد الهمداني ، عن المنذر بن محمد ، عن جعفر بن
سليمان ، عن أبيه ، عن عمرو بن خالد قال : قال زيد بن علي بن الحسين بن علي
ابن أبيطالب عليهم السلام : في كل زمان رجل منا أهل البيت ، يحتج الله به على خلقه ، و
حجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد ، لا يضل من تبعه ، ولا يهتدي من خالفه ( 2 ) .
13 ن : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن عبدالعظيم
الحسني ، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا ، عن أبيه ، أن جده عليهم السلام قال : دخل
عمرو بن عبيدالبصري على أبي عبدالله عليه السلام فلما سلم وجلس عنده تلاهذه الآية
قوله ( الذين يجتنبون كبائر الاثم ) ( 3 ) ثم سأل عن الكبائر فأجابه عليه السلام فخرج
عمر وبن عبيد وله صراخ من بكائه ، وهو يقول : هلك والله من قال برأيه ، و
نازعكم في الفضل والعلم ( 4 ) .
أقول : سيأتي الخبر بتمامه في باب الكبائر .
14 مع : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة ، عن
أبيه ، عن سفيان بن سعيد قال : سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وكان
والله صادقا كما سمي ، الخبر ( 5 ) .
15 ب : محمد بن عيسى ، عن حفص بن عمر مؤذن علي بن يقطين قال :
كنا نروي أنه يقف للناس في سنة أربعين ومائة خير الناس ، فحججت في تلك السنة
فاذا إسماعيل بن علي بن عبدالله بن العباس واقف قال : فدخلنا من ذلك غم شديدا
* ( هامش ) * ( 1 ) علل الشرائع ص 234 .
( 2 ) أمالى الصدوق ص 243 .
( 3 ) سورة النجم الاية ، 32 .
( 4 ) عيون اخبار الرضا ج 1 ص 285 وفيه الحديث مفصلا مع ذكر المسائل والاجوبة .
( 5 ) معانى الاخبار ص 385 وفيه تمام الحديث وهو في التقية .
[ 20 ]
لما كنا نرويه ، فلم نلبث إذا أبوعبدالله عليه السلام واقف على بغل أو بغلة له ، فرجعت
ابشر أصحابنا فقلنا : هذا خير الناس الذي كنا نرويه ، فلما أمسينا قال إسماعيل
لابي عبدالله عليه السلام : ما تقول يا أبا عبدالله سقط القرص ؟ فدفع أبوعبدالله بغلته وقال له :
نعم ، ودفع إسماعيل بن علي دابته على أثره ، فسارا غير بعيد حتى سقط أبوعبدالله
عليه السلام عن بغله أو بغلته فوقف إسماعيل عليه حتى ركب ، فقال له أبوعبدالله
عليه السلام ورفع رأسه إليه فقال : إن الامام إذا دفع لم يكن له أن يقف إلا
بالمزدلفة ، فلم يزل إسماعيل يتقصد حتى ركب أبوعبدالله ، ولحق به ( 1 ) .
بيان : اندفع الفرس أي أسرع في سيره .
16 لى : ابن موسى ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي قال : سمعت
مالك بن أنس الفقيه يقول : والله ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد عليه السلام زهدا
وفضلا وعبادة ورعا ، وكنت أقصده فيكر مني ويقبل علي فقلت له يوما : يا ابن
رسول الله ما ثواب من صام يوما من رجب إيمانا واحتسابا ؟ فقال : وكان والله إذا
قال صدق حدثني أبي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من صام من
رجب يوما إيمانا واحتسابا غفرله ، فقلت له : يا ابن رسول الله فما ثواب من صام يوما
من شعبان ؟ فقال : حدثني أبي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من
صام يوما من شعبان إيمانا واحتسابا غفر له ( 2 ) .
17 ثو : أبي عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن سعدان بن مسلم
عن معلى بن خنيس قال : خرج أبوعبدالله عليه السلام في ليلة قد رشت السماء وهو يريد
ظلة بني ساعدة ، فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شئ فقال : بسم الله اللهم رده علينا
قال : فأتيته فسلمت عليه فقال : معلى ؟ قلت : نعم جعلت فداك فقال لي : التمس
بيدك فما وجدت من شئ فادفعه إلي ، قال : فاذا أنا بخبز منتشر ، فجعلت أدفع إليه
* ( هامش ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 98 وورد فيه بتفاوت ص 11 وأخرجه الكلينى في الكافى ج 4
ص 541 .
( 2 ) أمالى الصدوق ص 542 .
[ 21 ]
ما وجدت فإذا أنا بجراب من خبز فقلت : جعلت فداك أحمله علي عنك فقال : لا
أنا أولى به منك ، ولكن امض معي قال : فأتينا ظلة بني ساعدة ، فاذا نحن بقوم نيام
فجعل يدس الرغيف والرغيفين تحت ثوب كل واحد منهم حتى أتى على آخرهم


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 21 سطر 4 الى ص 29 سطر 4

ثم انصرفنا فقلت : جعلت فداك يعرف هؤلاء الحق ؟ فقال : لو عرفوا لو اسيناهم
بالدقة ، والدقة هي الملح ( 1 ) .
18 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد مثله ( 2 ) .
بيان : رشت أي أمطرت ، والدس الاخفاء والدقة بالكسر الملح المدقوق و
تمام الخبر في باب الصدقة .
19 ير : الهيثم النهدي ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن وهب قال : كنت
مع أبي عبدالله عليه السلام بالمدينة وهو راكب حماره ، فنزل وقدكنا صرنا إلى السوق
أو قريبا من السوق قال : فنزل وسجد وأطال السجود وأنا أنتظره ، ثم رفع رأسه .
قال : قلت : جعلت فداك رأيتك نزلت فسجدت ؟ ! قال : إني ذكرت
نعمة الله علي قال : قلت : قرب السوق ، والناس يجيئون ويذهبون ؟ ! قال : إنه
لم يرني أحد ( 3 ) .
20 يج : روي أن أبا جعفر عليه السلام كان في الحج ومعه ابنه جعفر عليه السلام فأتاه رجل
فسلم عليه وجلس بين يديه ثم قال ، إني اريد أن أسألك قال : سل ابني جعفرا قال :
فتحول الرجل فجلس إليه ثم قال : أسألك ؟ قال : سل عما بدالك قال : أسألك
عن رجل أذنب ذنبا عظيما قال : أفطر يوما في شهر رمضان متعمدا ؟ قال : أعظم من
ذلك قال : زنى في شهر رمضان ؟ قال : أعظم من ذلك قال : قتل النفس ؟ قال :
أعظم من ذلك قال : إن كان من شيعة علي عليه السلام مشى إلى بيت الله الحرام ، وحلف
* ( هامش ) * ( 1 ) ثواب الاعمال ص 129 . بزيادة فيه .
( 2 ) الكافى ج 4 ص 8 بزيادة فيه .
( 3 ) بصائر الدرجات ج 10 باب 15 ص 145 .
[ 22 ]
أن لايعود ، وإن لم يكن من شيعته فلا بأس ، فقال له الرجل : رحمكم الله يا ولد
فاطمة ثلاثا هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم إن الرجل ذهب فالتفت
أبوجعفر عليه السلام فقال : عرفت الرجل ؟ قال : لا ، قال : ذلك الخضر ، إنما
أردت أن اعرفكه .
بيان : قوله عليه السلام : لا بأس لعل المرادبه أنه ليس كفارة ولا تنفعه ، لا شتراط
قبولها بالايمان ، وما فيه من الكفر أعظم من كل إثم .
21 يج : روي أن أبا عمارة المعروف بالطيان قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام
رأيت في النوم كأن معي قناة قال : كان فيها زج ؟ قلت : لا قال : لو رأيت فيها زجا
لولد لك غلام ، لكنه يولد جارية ، ثم مكث ساعة ، ثم قال : كم في القناة من
كعب ؟ قلت : اثناعشر كعبا قال : تلد الجارية اثنتي عشر بنتا . قال محمد بن يحيى :
فحدثت بهذا الحديث العباس بن الوليد فقال : أنا من واحدة منهن ، ولي أحد
عشر خالة ، وأبوعمارة جدي .
بيان : القناة الرمح ، والزج بالضم الحديدة في أسفله ، والكعب ما بين
الانبوبين من القصب .
22 سن أبي ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابه قال : كان
أبوعبدالله ربما أطعمنا الفراني والاخبصة ، ثم يطعم الخبز والزيت ، فقيل له :
لودبرت أمرك حتى يعتدل فقال : إنما تدبيرنا من الله إذا وسع علينا وسعنا وإذا
قتر قترنا ( 1 ) .
23 كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال مثله ( 2 ) .
بيان : قال الفيروزآبادي : الفرني خبز غليظ مستدير ، أو خبزة مصعنبة
مضمومة الجوانب إلى الوسط ، تشوى ثم تروى سمنا ولبنا وسكرا ، والخبيص طعام
* ( هامش ) * ( 1 ) المحاسن ص 400 .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 279 .
[ 23 ]
معمول من التمر والسمن .
24 سن : محمد بن علي ، عن يونس بن يعقوب ، عن عبدالاعلى قال : أكلت
مع أبي عبدالله عليه السلام فدعا واتي بدجاجة محشوة وبخبيص فقال أبوعبدالله عليه السلام :
هذه اهديت لفاطمة ، ثم قال : يا جارية ائتينا بطعامنا المعروف فجاءت بثريد خل
وزيت ( 1 ) .
25 سن : ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال : أرسل إلينا أبوعبدالله عليه السلام
بقباع من رطب ضخم مكوم ، وبقي شئ فحمض ، فقلت : رحمك الله ما كنا نصنع
بهذا قال : كل وأطعم ( 2 ) .
بيان : القباع كغرات مكيال ضخم .
26 قب : ذكر صاحب كتاب الحلية : الامام الناطق ذو الزمان السابق
أبوعبدالله جعفر بن محمد الصادق ( 3 ) وذكر فيها بالاسناد ، عن أبي الهياج بن بسطام
قال : كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقى لعياله شئ ( 4 ) .
أبوجعفر الخثعمي قال : أعطاني الصادق عليه السلام صرة فقال لي : ادفعها إلى
رجل من بني هاشم ، ولا تعلمه أني أعطيتك شيئا ، قال : فأتيته قال : جزاه الله
خيرا ، ما يزال كل حين يبعث بها فنعيش به إلى قابل ، ولكني لا يصلني جعفر
بدرهم في كثرة ماله .
وفي كتاب الفنون نام رجل من الحاج في المدينة فتوهم أن هميانه سرق
فخرج فرأى جعفر الصادق عليه السلام مصليا ولم يعرفه ، فنعلق به وقال له : أنت أخذت
همياني قال : ما كان فيه ؟ قال : ألف دينار قال : فحمله إلى داره ووزن له ألف دينار
وعاد إلى منزله ، ووجد هميانه ، فعاد إلى جعفر عليه السلام معتذرا بالمال ، فأبى قبوله
* ( هامش ) * ( 1 ) المحاسن ص 400 .
( 2 ) نفس المصدر ص 401 .
( 3 ) حلية الاولياء ج 3 ص 192 .
( 4 ) نفس المصدر ج 3 ص 194 . وأخرجه القرمانى في تاريخه ص 128 .
[ 24 ]
وقال : شئ خرج من يدي لا يعود إلي قال : فسأل الرجل عنه فقيل : هذا جعفر
الصادق عليه السلام قال : لاجرم هذا فعال مثله .
ودخل الاشجع السلمي على الصادق عليه السلام فوجده عليلا فجلس وسأل
[ عن علة مزاجه ] فقال له الصادق عليه السلام : تعد عن العلة واذكر ما جئت له فقال :
ألبسك الله منه عافية * في نومك المعتري وفي أرقك
تخرج من جسمك السقام كما * اخرج ذل الفعال من عنقك
فقال : يا غلام إيش معك ؟ قال : أربع مائة قال : أعطها للاشجع ( 1 ) .
وفي عروس النرماشيري أن سائلا سأله حاجة ، فأسعفها فجعل السائل
يشكره فقال عليه السلام :
إذا ما طلبت خصال الندى * وقد عضك الدهر من جهده .
فلا تطلبن إلى كالح * أصاب اليسارة من كده
ولكن عليك بأهل العلى * ومن ورث المجد عن جده
فذاك إذا جئته طالبا * تحب اليسارة من جده
كتاب الروضة : إنه دخل سفيان الثوري على الصادق عليه السلام فرآه متغير اللون
فسأله عن ذلك فقال : كنت نهيت أن يصعدوا فوق البيت ، فدخلت فاذا جارية من
جواري ممن تربي بعض ولدي قد صعدت في سلم والصبي معها ، فلما بصرت بي
ارتعدت وتحيرت وسقط الصبي إلى الارض فمات ، فما تغير لوني لموت الصبي
وإنما تغير لوني لما أدخلت عليها من الرعب ، وكان عليه السلام قال لها : أنت حرة
لوجه الله لا بأس عليك مرتين .
وروي عن الصادق عليه السلام :
تعصي الاله وأنت تظهر حبه * هذا لعمرك في الفعال بديع
لو كان حبك صادقا لاطعته * إن المحب لمن يحب مطيع
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 394 .
[ 25 ]
وله عليه السلام :
علم المحجة واضح لمريده * وأرى القلوب عن المحجة في عمى
ولقد عجبت لهالك ونجاته * موجودة ولقد عجبت لمن نجا
تفسير الثعلبي روى الاصمعي له عليه السلام :
اثامن بالنفس النفيسة ربها فليس لها في الخلق كلهم ثمن
بها يشترى الجنات إن أنا بعتها * بشئ سواها إن ذلكم غبن
إذا ذهبت نفسي بدنيا أصبتها * فقد ذهبت نفسي وقد ذهب الثمن ( 1 )
ويقال : الامام الصادق ، والعلم الناطق ، بالمكرمات سابق ، وباب السيئات
راتق ، وباب الحسنات فاتق ، لم يكن عيابا ولا سبابا ، ولا صخابا ، ولا طماعا
ولاخداعا ، ولا نماما ، ولا ذماما ، ولا أكولا ، ولاعجولا ، ولا ملولا ، ولا مكثارا ، ولا
ثرثارا ، ولا مهذارا ، ولا طعانا ، ولا لعانا ، ولا همازا ، ولا لما زا ، ولا كنازا .
وروى سفيان الثوري له عليه السلام :
لا اليسر يطرؤنا يوما فيبطرنا * ولا لازمة دهر نظهر الجزعا
إن سرنا الدهر لم نبهج لصحبته * أو ساءنا الدهرلم نظهر له الهلعا
مثل النجوم على مضمار أولنا * إذا تغيب نجم آخر طلعا
ويروى له عليه السلام :
اعمل على مهل فانك ميت * واختر لنفسك أيها الانسانا
فكأن ما قد كان لم يك إذ مضى * وكأن ما هو كائن قد كانا
الصادق عليه السلام : إن عندي سيف رسول الله ، وإن عندي لراية رسول الله
المغلبة ، وإن عندي لخاتم سليمان بن داود ، وإن عندي الطست الذي كان موسى
يقرب بها القربان ، وإن عندي الاسم الذي كان رسول الله إذا وضعه بين المسلمين
والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة ، وإن عندي لمثل الذي
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 2 ص 397 .
[ 26 ]
جاءت به الملائكة ، ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل ، يعني أنه كان
دلالة على الامامة .
وفي رواية الاعمش قال عليه السلام : ألواح موسى عندنا ، وعصا موسى عندنا
ونحن ورثة النبيين .
وقال عليه السلام : علمنا غابر ، ومزبور ، ونكت في القلوب ، ونقر في الاسماع
وإن عندنا الجفر الاحمر ، والجفر الابيض ، ومصحف فاطمة ، وإن عندنا الجامعة
فيها جميع ما يحتاج الناس إليه .
ويروى له عليه السلام :
في الاصل كنا نجوما يستضاء بنا * وللبرية نحن اليوم برهان
نحن البحور التي فيها لغائصكم * در ثمين وياقوت ومرجان
مساكن القدس والفردوس نملكها * ونحن للقدس والفردوس خزان
من شذ عنا فبرهوت مساكنه * ومن أتانا فجنات وولدان ( 1 )
محاسن البرقي قال الصادق عليه السلام لضريس الكناني : لم سماك أبوك ضريسا ؟
قال : كما سماك أبوك جعفرا قال : إنما سماك أبوك ضريسا بجهل ، لان لا بليس
ابنا يقول له ضريس : وإن أبي سماني جعفرا بعلم ، على أنه اسم نهر في الجنة
أما سمعت قول ذي الرمة :
أبكي الوليد أبا الوليد أخا الوليد فتى العشيرة
قد كان غيثا في السنين وجعفرا غدقا وميرة
شوف العروس عن الدامغاني أنه استقبله عبدالله بن المبارك فقال :
أنت يا جعفر فوق المدح والمدح عناء * إنما الاشراف أرض ولهم أنت سماء
جاز حد المدح من قد ولدته الانبياء
الله أظهر دينه وأغره بمحمد * والله أكرم بالخلافة جعفر بن محمد ( 2 )
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 396 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 397 .
[ 27 ]
بيان : اثامن من المثامنة بمعنى المبايعة ، والازمة بالفتح الشدة قوله :
اعمل على مهل أي للدنيا ، والجعفر النهر الصغير ، والكبير الواسع ضد والغدق
محركة : الماء الكثير ، والميرة : ما يمتار من الطعام .
27 جا : المظفر بن محمد ، عن محمد بن همام ، عن أحمد بن ما بنداد ، عن
منصور بن العباس ، عن الحسن بن علي الخزاز ، عن علي بن عقبة ، عن سالم بن
أبي حفصة قال : لما هلك أبوجعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قلت لاصحابي : انتظروني
حتى أدخل على أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام فاعزيه ، فدخلت عليه فعزيته ، ثم
قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ذهب والله من كان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله
فلا يسأل عمن بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله ، لا والله لايرى مثله أبدا قال : فسكت
أبوعبدالله عليه السلام ساعة ، ثم قال : قال الله عزوجل إن من يتصدق بشق تمرة فاربيها
له كما يربي أحدكم فلوه حتى أجعلها له مثل احد ، فخرجت إلى أصحابي
فقلت : ما رأيت أعجب من هذا كنا نستعظم قول أبي جعفر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله
بلا واسطة فقال لي أبوعبدالله عليه السلام : قال الله عزوجل بلا واسطة ( 1 ) .
28 قب : ينقل عن الصادق عليه السلام من العلوم ما لا ينقل عن أحد ، وقد جمع
أصحاب الحديث أسماء الرواة من الثقاة على اختلافهم في الآراء والمقالات ، وكانوا
أربعة آلاف رجل .
بيان ذلك أن ابن عقدة صنف كتاب الرجل لابي عبدالله عليه السلام عددهم فيه
وكان حفص بن غياث إذا حدث عنه قال : حدثني خير الجعافر جعفر بن محمد ، وكان
علي بن غراب يقول : حدثني الصادق جعفر بن محمد .
حلية أبي نعيم إن جعفر الصادق عليه السلام حدث عنه من الائمة والاعلام : مالك
ابن أنس ، وشعبة بن الحجاج ، وسفيان الثوري ، وابن جريج ، وعبدالله بن عمرو
وروح بن القاسم ، وسفيان بن عيينة ، وسليمان بن بلال ، وإسماعيل بن جعفر ، وحاتم
* ( هامش ) * ( 1 ) أمالى المفيد ص 190 .
[ 28 ]
ابن إسماعيل ، وعبدالعزيز بن المختار ، ووهيب بن خالد ، وإبراهيم بن طهمان
في آخرين قال : وأخرج عنه مسلم في صحيحه محتجا بحديثه ( 1 ) .
وقال غيره : روى عنه مالك ، والشافعي ، والحسن بن صالح ، وأبوأيوب
السختياني ( 2 ) ، وعمر بن دينار ، وأحمد بن حنبل ، وقال مالك بن أنس : ما رأت
عين ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق فضلا وعلما
وعبادة وورعا ( 3 ) .
وسأل سيف الدولة عبدالحميد المالكي قاضي الكوفة عن مالك ، فوصفه وقال :
كان جره بنده جعفر الصادق أي الربيب ، وكان مالك كثيرا ما يدعي سماعه وربما
قال : حدثني الثقة يعنيه عليه السلام .
وجاء أبوحنيفة إليه ليسمع منه ، وخرج أبوعبدالله يتوكأ على عصا فقال له
أبوحنيفة : يا ابن رسول الله ما بلغت من السن ما تحتاج معه إلى العصا قال : هو كذلك
ولكنها عصا رسول الله أردت التبرك بها ، فوثب أبوحنيفة إليه وقال له : اقبلها
يا ابن رسول الله ؟ فحسر أبوعبدالله بن ذراعه وقال له : والله لقد علمت أن هذا بشر
رسول الله صلى الله عليه وآله وأن هذا من شعره فما قبلته وتقبل عصا ! .
أبوعبدالله المحدث في رامش أفزاي أن أبا حنيفة من تلامذته وأن امه كانت
في حبالة الصادق عليه السلام قال : وكان محمد بن الحسن أيضا من تلامذته ولاجل ذلك
كانت بنو العباس لم تحترمهما قال : وكان أبويزيد البسطامي طيفور السقاء خدمه
وسقاه ثلاث عشرة سنة ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) حلية الاولياء ج 3 ص 199 .
( 2 ) السجستانى خ ل .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 372 وأخرج ابن حجر كلمة أنس بن مالك بتفاوت يسير في
كتابه تهذيب التهذيب ج 2 ص 104 .
( 4 ) المناقب ج 3 ص 372 .
[ 29 ]
وقال أبوجعفر الطوسي : كان إبراهيم بن أدهم ومالك بن دينار من غلمانه
ودخل إليه سفيان الثوري يوما فسمع منه كلاما أعجبه فقال : هذا والله يا ابن رسول
الله الجوهر ، فقال له : بل هذا خير من الجوهر ، وهل الجوهر إلا حجر ( 1 ) .
بيان : اعلم أن ما ذكره علماؤنا من أن بعض المخالفين كانوا من تلامذة


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 29 سطر 5 الى ص 37 سطر 5

الائمة عليهم السلام وخدمهم وأتباعهم ، ليس غرضهم مدح هؤلاء المخالفين أو إثبات كونهم
من المؤمنين ، بل الغرض أن المخالفين أيضا يعترفون بفضل الائمة عليهم السلام وينسبون
أئمتهم وأنفسهم إليهم لاظهار فضلهم وعلمهم ، وإلا فهؤلاء المبتدعين أشهر في الكفر
والعناد من إبليس وفرعون ذي الاوتاد .
29 قب : الترغيب والترهيب عن أبي القاسم الاصفهاني أنه دخل عليه
سفيان الثوري فقال عليه السلام : أنت رجل مطلوب ، وللسلطان علينا عيون ، فاخرج
عنا غير مطرود ، القصة .
ودخل عليه الحسن بن صالح بن حي فقال له : يا ابن رسول الله ما تقول
في قوله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم ) ( 2 ) من
اولو الامر الذين أمر الله بطاعتهم ؟ قال : العلماء ، فلما خرجوا قال الحسن : ما صنعنا
شيئا ألا سألناه من هؤلاء العلمآء ، فرجعوا إليه فسألوه فقال : الائمة منا
أهل البيت .
وقال نوح بن دراج لابن أبي ليلى : أكنت تاركا قولا قلته ، أو قضاء قضيته
لقول أحد ؟ قال : لا إلا رجل واحد ، قلت : من هو ؟ قال : جعفر بن محمد .
الحلية قال عمرو بن أبي المقدام : كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه
من سلالة النبيين ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 373 .
( 2 ) سورة النساء الاية : 59 .
( 3 ) حلية الاولياء ج 3 ص 193 وأخرج قول عمرو بن أبى المقدام ابن حجر في
كتابه تهذيب التهذيب ج 2 ص 104 .
[ 30 ]
ولا تخلو كتب أحاديث وحكمة وزهد وموعظة من كلامه ، يقولون قال جعفر
ابن محمد الصادق عليه السلام ذكره النقاش والثعلبي والقشيري والقزويني في تفاسيرهم .
وذكر في الحلية ( 1 ) والابانة ، وأسباب النزول ، والترغيب والترهيب ، وشرف
المصطفى ، وفضائل الصحابة ، وفي تاريخ الطبري والبلاذري ، والخطيب ، ومسند
أبي حنيفه ، واللالكاني ، وقوت القلوب ، ومعرفة علوم الحديث لابن البيع ( 2 )
وقدروت الامة بأسرها عنه دعاء ام داود .
* ( هامش ) * ( 1 ) ذكر فيها من ص 192 إلى ص 206 .
( 2 ) لقد نقل المؤلف رحمه الله عن الحافظ ابن شهر آشوب اسماء عدة قليلة من الكتب
التى وردفيها ذكر الامام الصادق عليه السلام واقتصاره عليها لا يعنى انه لم يرد للامام ذكر
في غيرها ، بل من النادر ان نجد كتابا من كتب التفسير أو الحديث ، أو الاخلاق ، أو الاداب
أو التاريخ ، أو التراجم ، أو الفلسفة الاسلامية ، بل وحتى بعض كتب الطب والرياضيات
الا ونجده مزينا بذكر الامام الصادق عليه السلام ، ورأيت من الخير أن أثبت قائمة باسماء
بعض الكتب التى وردفيها ذكره عليه السلام اما بالرواية عنه ، أو الاستشهاد بقوله ، أو الحكاية
عن رأيه ، أو الترجمة له ، وجلها من غير كتب الشيعة ، وهذا مما يحضرنى عاجلا ولا يسعنى
في المقام الاستقراء التام ، فانه مما يطول به المقام .
1 تاريخ ابن الاثير الجزرى \ \ \ 2 تاريخ ابن كثير الشامى
3 تاريخ اليعقوبى \ \ \ 4 تاريخ ابن عساكر
5 تاريخ ابن الوردى \ \ \ 6 تاريخ ابن خلكان
7 تاريخ القرمانى \ \ \ 8 مروج الذهب
9 تهذيب التهذيب لابن حجر \ \ \ 10 تذكرة الحفاظ للذهبى
11 تقريب التهذيب لابن حجر \ \ \ 12 لسان الميزان لابن حجر
13 ميزان الاعتدال للذهبى \ \ \ 14 تهذيب الاسماء واللغات للنووى
15 الجمع بين رجال الصحيحين للمقدسى \ \ \ 16 صفة الصفوة لابن الجوزى
17 مناقب أبى حنيفة للموفق بن أحمد \ \ \ 18 مناقب أبي حنيفة للكردرى
19 مناقب أبى حنيفة للبزاز \ \ \ 20 جامع اسانيد أبي حنيفة
[ 31 ]
عبدالغفار الحازمي وأبوالصباح الكناني قال عليه السلام : إني أتكلم على سبعين
* ( هامش ) * 21 الحيوان للجاحظ \ \ \ 22 رسائل للجاحظ .
23 البيان والتبين للجاحظ \ \ \ 24 مقدمة ابن خلدون
25 الفصل لابن حزم \ \ \ 26 الملل والنحل للشهرستانى
27 النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى \ \ \ 28 مناهج التوسل للبسطامى
29 الصواعق المحرقة لابن حجر \ \ \ 30 المواهب اللدنية للزرقانى
31 مرآة الجنان لليافعى \ \ \ 32 خلاصة تهذيب الكمال للخزرجى
33 الطبقات الكبرى للشعرانى \ \ \ 34 التوسل والوسيلة لابن تيمية
35 عيون الادب والسياسة لابن هذيل \ \ \ 36 المدارك للقاضى عياض
37 تذكرة ابن حمدون \ \ \ 38 الاثار لابى يوسف .
39 الاثار لمحمد بن الحسن الشيبانى \ \ \ 40 الاصابة لابن حجر
41 الفهرست لابن النديم \ \ \ 42 الكواكب الدرية للمناوى
43 شرح الشفاء للخفاجى \ \ \ 44 نور الابصار للشبلنجى
45 عيون الاخبار لابن قتيبة \ \ \ 46 أمالى القالى
47 نيل الاوطار للشوكانى \ \ \ 48 اتحاف الاشراف للشبراوى
49 جوهرة الكلام للقرا غزلى \ \ \ 50 تاريخ العرب لمير على النهدى
51 مشارق الانوار للحمزاوى \ \ \ 52 التشريع الاسلامى للخضرى
53 صحاح الاخبار للرفاعى \ \ \ 54 دائرة المعارف لفريد وجدى
55 تاريخ العلويين لمحمد أمين غالب \ \ \ 56 مختصر التحفة الاثنى عشرية للالوسى
57 كتاب مالك بن انس للخولى \ \ \ 58 كتاب مالك بن أنس لمحمد أبوزهرة
59 رشفة الصادى للحضرمى \ \ \ 60 روضة الاحباب لببكلى زاده
61 روض الزهر للبرزنجى \ \ \ 62 زاد الاحباب للفاروقى
63 سير النبى والاول والاصحاب لابراهيم \ \ \ 64 الشرف المؤبد للنبهانى
الحلبى 65 الصراط السوى للشيخانى
66 الصفوة للمناوى \ \ \ 67 الطراز الاوفى لاحمد بن زين العابدين
68 طراز الذهب للخوارزمى المتخلص بغالب \ \ \ 69 العذب الزلال لعمر الحلبى
[ 32 ]
وجها لي من كلها المخرج ( 1 ) .
سئل عن محمد بن عبدالله بن الحسن فقال عليه السلام : ما من نبي ولا وصي ولا
ملك إلا وهو في كتاب عندي يعني مصحف فاطمة ، والله ما لمحمد بن عبدالله فيه
اسم ( 2 ) وأنشأ الصادق عليه السلام يقول :
وفينا يقينا يعد الوفاء * وفينا تفرخ أفراخه
رأيت الوفاء يزين الرجال * كما زين العذق شمراخه ( 3 )
* ( هامش ) * 70 عقد الجواهر للعيدروسى \ \ \ 71 عقد اللال للعيدروسى
72 عقود اللال للتونسى \ \ \ 73 الفتح المبين للدهلوى
74 الفرائد الجوهوية لميرغنى المحجوب \ \ \ 75 مشارق الانوار للاجهورى
76 مصباح النجا لمحمد شاه عالم \ \ \ 77 معراج الوصول للزرندى
78 مفتاح النجا للبدخشى \ \ \ 79 نزل الابرار للبدخشى
80 وسيلة المال للحضمرى \ \ \ 81 ينابيع المودة للقندوزى
وغيرها من مئات الكتب التى إلايسعنى حصرها أما الكتب التى خصت الامام الصادق
بالبحث فهى :
1 الامام الصادق : لرمضان لاوند
2 طب الامام الصادق للشيخ محمد الخليلى .
3 الامام الصادق لمحمد أبوزهرة .
4 حياة الامام الصادق للمرحوم الشيخ محمد حسين المظفر .
5 الامام الصادق ملهم علم الكمياء : لمحمد يحيى الهاشمى .
6 حياة الصادق للشيخ موسى السبينى .
7 جعفر بن محمد : لعبد العزيز سيد الاهل .
8 واجمعها كتاب الامام الصادق والمذاهب الاربعة للشيخ أسد حيدر .
( 1 ) المناقب ج 3 ص 373 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 374 .
( 3 ) المصدر السابق ج 3 ص 393 .
[ 33 ]
وقال المنصور للصادق عليه السلام : قد استدعاك أبومسلم لاظهار تربة علي عليه السلام
فتوقفت تعلم أم لا ؟ إن في كتاب علي أنه يظهر في أيام عبدالله بن جعفر
الهاشمي ، ففرح المنصور بذلك ، ثم إنه عليه السلام أظهر التربة ، فأخبر المنصور بذلك
وهو في الرصافة ، فقال : هذا هو الصادق فليزر المؤمن بعد هذا إن شاء الله ، فلقبه
بالصادق عليه السلام ( 1 ) .
ويقال : إنما سمي صادقا لانه ما جرب عليه قط زلل ولا تحريف ( 2 ) .
30 كشف : عن محمد بن طلحة قال : قال الهياج بن بسطام : كان جعفر بن
محمد عليه السلام يطعم حتى لا يبقى لعياله شئ ( 3 ) .
وعن عبدالعزيز بن الاخضر ، عن عمرو بن أبي المقدام قال : كنت إذا نظرت
إلى جعفر بن محمد عليه السلام علمت أنه من سلالة النبيين .
وقال البرذون بن شبيب النهدي واسمه جعفر قال : سمعت جعفر بن محمد
عليه السلام يقول : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين قال : ( وكان
أبوهما صالحا ) ( 4 ) .
وعن صالح بن الاسود قال : سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول : سلوني قبل أن
تفقدوني فانه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي ( 5 ) .
ومن كتاب الدلائل للحميري عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه السلام في
قوله ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا
تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم تو عدون ) ( 6 ) قال أبوعبدالله عليه السلام : أما والله
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 3 ص 393 .
( 2 ) المصدر السابق ج 3 ص 394 .
( 3 ) كشف الغمة ج 2 ص 372 .
( 4 ) نفس المصدر ج 2 ص 379 .
( 5 ) نفس المصدر ج 2 ص 380 .
( 6 ) سورة فصلت الاية : 30 .
[ 34 ]
لربما وسدنا لهم الوسائد في منازلنا .
وعن الحسين بن العلاء القلانسي قال أبوعبدالله عليه السلام : يا حسين وضرب بيده
إلى مساور في البيت فقال : مساور طالما والله اتكأت عليها الملائكة وربما التقطنا
من زغبها .
وعن عبدالله بن النجاشي قال : كنت في حلقة عبدالله بن الحسن فقال :
يا ابن النجاشي اتقوا الله ، ما عندنا إلا ما عند الناس قال : فدخلت على أبي عبدالله
عليه السلام فأخبرته بقوله فقال : والله إن فينا من ينكب في قلبه ، وينقر في اذنه
وتصافحه الملائكة ، فقلت : اليوم ؟ أو كان قبل اليوم ؟ فقال : اليوم ، والله يا ابن
النجاشي ( 1 ) .
وعن جرير بن مرازم قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام إني اريد العمرة فأوصني
فقال : اتق الله ولا تعجل ، فقلت : أو صني ! فلم يزدني على هذا ، فخرجت من عنده
من المدينة فلقيني رجل شامي يريد مكة فصحبني ، وكان معي سفرة فأخرجتها وأخرج
سفرته وجعلنا نأكل ، فذكر أهل البصرة فشتمهم ، ثم ذكر أهل الكوفة فشتمهم
ثم ذكر الصادق عليه السلام فوقع فيه ، فأردت أن أرفع يدي فاهشم أنفه واحدث نفسي
بقتله أحيانا ، فجعلت أتذكر قوله : اتق الله ولا تعجل ، وأنا أسمع شتمه ، فلم أعد
ما أمرني ( 2 ) .
31 كش : عن طاهر بن عيسى ، عن جعفر بن أحمد ، عن أبي الخير ، عن علي
ابن الحسن ، عن العباس بن عامر ، عن مفضل بن قيس بن رمانة قال : دخلت على
أبي عبدالله عليه السلام فشكوت إليه بعض حالي وسألته الدعاء فقال : يا جارية هاتي
الكيس الذي وصلنا به أبوجعفر ، فجاءت بكيس فقال : هذا كيس فيه أربعمائة
دينار ، فاستعن به قال : قلت : والله جعلت فداك ، ما أردت هذا ، ولكن أردت
الدعاء لي فقال لي : ولا أدع الدعاء ، ولكن لا تخبر الناس بكل ما أنت فيه
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 2 ص 416 .
( 2 ) كشف الغمة ج 2 ص 416 .
[ 35 ]
فتهون عليهم ( 1 ) .
32 كا : علي بن محمد وأحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن مثله ( 2 ) .
33 كشف : من كتاب دلائل الحميري ، عن عبدالاعلى ، وعبيدة بن بشر
قالا : قال أبوعبدالله عليه السلام ابتداء منه : والله إني لاعلم ما في السموات وما في الارض
وما في الجنة وما في النار ، وما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة ، ثم سكت
ثم قال : أعلمه عن كتاب الله أنظر إليه هكذا ، ثم بسط كفه وقال : إن الله يقول
( فيه تبيان كل شئ ) ( 3 ) .
وعن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبدالله عليه السلام إن الله بعث محمدا نبيا فلا نبي
بعده ، أنزل عليه الكتاب فختم به الكتب فلا كتاب بعده ، أحل فيه حلاله ، وحرم
فيه حرامه ، فحلاله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة فيه
نبأما قبلكم ، وخبرما بعدكم ، وفصل ما بينكم ، ثم أومأ بيده إلى صدره ، وقال :
نحن نعلمه ( 4 ) .
34 كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد ، عن محمد بن أحمد ، عن أبي
إسحاق ، عن علي بن معبد ، عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام بمنى
عن خمسمائة حرف من الكلام ، فأقبلت أقول : يقولون كذا وكذا ، قال : فيقول
لي قل كذا ، فقلت : هذا الحلال والحرام والقرآن ، أعلم أنك صاحبه ، وأعلم
الناس به ، فهذا الكلام من أين ؟ فقال : يحتج الله على خلقه بحجة لايكون عنده
كلما يحتاجون إليه ؟ ! ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 121 .
( 2 ) الكافى ج 4 ص 21 .
( 3 ) هذا اقتباس معنى الاية وهى قوله تعالى : ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ
( سورة النحل الاية : 89 ) .
( 4 ) كشف الغمة ج 2 ص 430 .
( 5 ) رجال الكشى ص 176 .
[ 36 ]
35 كش : طاهر بن عيسى الوراق ، عن محمد بن أيوب ، عن صالح بن أبي
حماد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن زيد الشحام قال : رآني
أبوعبدالله عليه السلام وأنا اصلي فأرسل إلي ودعاني فقال لي : من أين أنت ؟ قلت : من
مواليك قال : فأي موالي ؟ قلت : من الكوفة ، فقال : من تعرف من الكوفة ؟ قلت :
بشير النبال ، وشجرة قال : وكيف صنيعتهما إليك ؟ قلت : وما أحسن صنيعتهما إلي
قال : خير المسلمين من وصل وأعان ونفع ، مابت ليلة قط والله وفي مالي حق
يسألنيه ثم قال : أي شئ معكم من النفقه ؟ قلت : عندي مائتا درهم قال : أرنيها
فأتيته بها ، فزادني فيها ثلاثين درهما ودينارين ثم قال : تعش عندي فجئت فتعشيت
عنده قال : فلما كان من القابلة لم أذهب إليه ، فأرسل إلي فدعاني من غده فقال :
مالك لم تأتني البارحة ؟ قد شفقت علي قلت : لم يجئني رسولك فقال : أنا رسول
نفسي إليك ، ما دمت مقيما في هذه البلدة ، أي شئ تشتهي من الطعام ؟ قلت :
اللبن ، فاشترى من أجلي شاتا لبونا قال : فقلت له : علمني دعاء قال : اكتب :
( بسم الله الرحمن الرحيم يا من أرجوه لكل خير ، وآمن سخطه عند كل عثرة
يا من يعطي الكثير بالقليل ، ويا من أعطى من سأله تحننا منه ورحمة ، يا من أعطى
من لم يسأله ولم يعرفه ، صل على محمد وأهل بيته ، وأعطني بمسألتك خير الدنيا وجميع
خير الآخرة ، فانه غير منقوص ما أعطيت ، وزدني من سعة فضلك ، يا كريم ) ثم
رفع يديه فقال : ( يا ذا المن والطول ، يا ذا الجلال والاكرام ، ياذا النعماء والجود
ارحم شيبتي من النار ) ، ثم وضع يديه على لحيته ولم يرفعهما إلا وقد امتلاظهر
كفيه دموعا ( 1 ) .
36 كش : محمد بن مسعود ، عن الحسين بن أشكيب ، عن عبدالرحمن بن حماد
عن محمد بن إسماعيل الميثمي ، عن حذيفة بن منصور ، عن سورة بن كليب قال : قال لي
زيد بن علي عليه السلام : يا سورة كيف علمتم أن صاحبكم على ما تذكرون ؟ قال : فقلت :
على الخبير سقطت قال : فقال : هات ، فقلت له : كنا نأتي أخاك محمد بن علي عليهما السلام
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 235 .
[ 37 ]
نسأله فيقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقال الله عزوجل في كتابه ، حتى مضى أخوك
فأتيناكم آل محمد وأنت فيمن أتينا ، فتخبرونا ببعض ، ولا تخبرونا بكل الذي
نسألكم عنه ، حتى أتينا ابن أخيك جعفرا فقال لنا كما قال أبوه : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وقال تعالى ، فتبسم وقال : أما والله إن قلت هذا ، فان كتب
علي صلوات الله عليه عنده ( 1 ) .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 37 سطر 6 الى ص 45 سطر 6

37 قب : المرشد أبويعلى الجعفري ، وأبوالحسين الكوفي ، وأبوجعفر
الطوسي عن سورة مثله ( 2 ) .
38 كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد جميعا ، عن القاسم بن محمد
عن سليمان بن داود ، عن حفص بن غياث قال : رأيت أبا عبدالله عليه السلام يتخلل بساتين
الكوفة فانتهى إلى نخلة ، فتوضأ عندها ، ثم ركع وسجد ، فأحصيت في سجوده
خمسمائة تسبيحة ، ثم استند إلى النخلة فدعا بدعوات ، ثم قال : يا حفص إنها
والله النخلة التي قال الله جل ذكره لمريم عليها السلام ( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط
عليك رطبا جنيا ) ( 3 ) .
39 كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن الحسن بن علي
عن يونس بن يعقوب ، عن سليمان بن خالد ، عن عامل كان لمحمد بن راشد قال :
حضرت عشاء جعفر بن محمد عليهما السلام في الصيف فاتي بخوان عليه خبز ، واتي بقصعة فيها
ثريد ولحم يفور ، فوضع يده فيها ، فوجدها حارة ، ثم رفعها وهو يقول : نستجير
بالله من النار ، نعوذ بالله من النار ، نحن لا نقوى على هذا فكيف النار ؟ ! وجعل
يكرر هذا الكلام حتى أمكنت القصعة فوضع يده فيها ، ووضعنا أيدينا حتى
أمكنتنا ، فأكل وأكلنا معه ، ثم إن الخوان رفع فقال : يا غلام ائتنا بشئ فاتي
بتمر في طبق ، فمددت يدي فإذا هو تمر فقلت : أصلحك الله هذا زمان الاعناب و
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ص 239 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 374 .
( 3 ) الكافى ج 8 ص 143 وفيه الاية في سورة مريم الاية : 25 .
[ 38 ]
والفاكهة ! قال : إنه تمر ، ثم قال : ارفع هذا وائتنا بشئ فاتي بتمر في طبق
فمددت يدي فقلت : هذا تمر فقال : إنه طيب ( 1 ) .
40 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم
قال : كان أبوعبدالله عليه السلام إذا أعتم وذهب من الليل شطره ، أخذ جرابا فيه
خبز ولحم والدراهم فحمله على عنقه ، ثم ذهب إلى أهل الحاجة من أهل المدينة
فقسمه فيهم ولا يعرفونه ، فلما مضى أبوعبدالله عليه السلام فقدوا ذلك فعلموا أنه كان
أبوعبدالله صلوات الله عليه ( 2 ) .
بيان : أعتم أي دخل في عتمة الليل وهي ظلمته .
41 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن وهبان ، عن
عمه هارون بن عيسى قال : قال أبوعبدالله عليه السلام لمحمد ابنه : كم فضل معك من
تلك النفقة ؟ قال : أربعون دينارا قال : اخرج وتصدق بها قال : إنه لم يبق معي
غيرها قال : تصدق بها ، فان الله عزوجل يخلفها ، أما علمت أن لكل شئ
مفتاحا ؟ ومفتاح الرزق الصدقة ، فتصدق بها ، ففعل فما لبث أبوعبدالله عليه السلام إلا
عشرة حتى جاءه من موضع أربعة آلاف دينار ، فقال : يا بني أعطينا لله أربعين
دينارا فأعطانا الله أربعة آلاف دينار ( 3 ) .
42 كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن أبي الاصبغ ، عن
بندار بن عاصم رفعه عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال : ما توسل إلي أحد بوسيلة و
لاتذرع بذريعة أقرب له إلى ما يريده مني ، من رجل سلف إليه مني يد أتبعتها اختها
وأحسنت ربها ، فاني رأيت منع الاواخر ، يقطع لسان شكر الاوائل ، ولا سخت
نفسي برد بكر الحوائج ، وقد قال الشاعر :
وإذا بليت ببذل وجهك سائلا * فابذله للمتكرم المفضال
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 8 ص 164 .
( 2 ) نفس المصدر ج 4 ص 8 .
( 3 ) المصدر السابق ج 4 ص 9 .
[ 39 ]
إن الجواد إذا حباك بموعد * أعطاكه سلسا بغير مطال
وإذا السؤال مع النوال قرنته * رجح السؤال وخف كل نوال ( 1 )
بيان : ( وأحسنت ربها ) أي تربيتها بعدم المنع بعد ذلك العطاء ، فان منع
النعم للاواخر يقطع لسان شكرا لمنعم عليه على النعم الاوائل ، ولما ذكرأنه يحب
إتباع النعمة بالنعمة بين أنه لايرد بكر الحوائج أيضا أي الحاجة الاولى التي
لم يسأل السائل قبلها ، والسلس ككتف السهل اللين المنقاد .
43 كا : علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن
عمرو بن أبي المقدام قال : رأيت أبا عبدالله عليه السلام قداتي بقدح من ماء فيه ضبة من
فضة ، فرأيته ينزعها بأسنانه ( 2 ) .
بيان : ضبة الفضة : القطعة منها تلصق بالشئ .
44 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن هارون
ابن الجهم قال : كنا مع أبي عبدالله بالحيرة حين قدم على أبي جعفر المنصور ، فختن
بعض القواد ابنا له ، وصنع طعاما ودعا الناس ، وكان أبوعبدالله عليه السلام فيمن دعا
فبينما هو على المائدة يأكل ومعه عدة في المائدة ، فاستسقى رجل منهم ماء ، فاتي
بقدح فيه شراب لهم ، فلما أن صار القدح في يد الرجل قام أبوعبدالله عليه السلام عن
المائدة فسئل عن قيامه فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ملعون من جلس على مائدة
يشرب عليها الخمر .
وفي رواية اخرى ملعون ملعون ، من جلس طائعا على مائدة يشرب عليها
الخمر ( 3 ) .
45 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عمر بن عبدالعزيز
عن رجل ، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال : أكلنا مع أبي عبدالله عليه السلام فاتينا
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 4 ص 24 .
( 2 ) المصدر السابق ج 6 ص 267 وأخرجه الشيخ في التهذيب ج 9 ص 91 .
( 3 ) المصدر السابق ج 6 ص 268 .
[ 40 ]
بقصعة من أرز فجعلنا نعذر ( 1 ) فقال : ما صنعتم شيئا إن أشدكم حبا لنا أحسنكم
أكلا عندنا ، قال عبدالرحمن : فرفعت كشحة المائدة ، فأكلت فقال : نعم الآن ثم
أنشأ يحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله اهدي له قصعة أرز من ناحية الانصار فدعا سلمان
والمقداد وأباذر رحمهم الله ، فجعلوا يعذرون في الاكل فقال : ما صنعتم شيئا أشدكم
حبا لنا أحسنكم أكلا عندنا ، فجعلوا يأكلون أكلا جيدا ثم قال أبوعبدالله عليه السلام
رحمهم الله ورضي الله عنهم وصلى عليهم ( 2 ) .
بيان : لعل المراد بكشحة المائدة جانبها أو المراد أكل ما يليه من الطعام .
والكشح : ما بين الخاصرة إلى الصلع الخلف .
46 كا : علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن عدة من أصحابه
عن يونس بن يعقوب ، عن عبدالله بن سليمان الصيرفي قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام
فقدم إلينا طعاما فيه شواء وأشياء بعده ، ثم جاء بقصعة من أرزفأكلت معه فقال :
كل قلت : فدأكلت قال : كل ، فانه يعتبر حب الرجل لاخيه بانبساطه في
طعامه ، ثم حازلي حوزا باصبعه من القصعة ، فقال لي : لتأكلن ذا بعد ما أكلت
فأكلته ( 3 ) .
47 كا : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس
عن أبي الربيع قال : دعا أبوعبدالله عليه السلام بطعام ، فاتي بهريسة فقال لنا : ادنوا
وكلوا قال : فأقبل القوم يقصرون فقال عليه السلام : كلوا ، فإنما تستبين مودة الرجل
لاخيه في أكله قال : فأقبلنا نغص أنفسنا كما يغص الابل ( 4 ) .
48 كا : عدة من أصحابنا ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي سعيد
عن أبي حمزة قال : كنا عند أبي عبدالله عليه السلام جماعة فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله
* ( هامش ) * ( 1 ) عذر في الامر تعذيرا ، اذا قصر ولم يجتهد .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 278 .
( 3 ) الكافى ج 6 ص 279 .
( 4 ) نفس المصدر ج 6 ص 279 .
[ 41 ]
لذاذة وطيبا ، واوتينا بتمر ننظر فيه إلى وجوهنا ، من صفائه وحسنه فقال رجل :
لتسألن عن هذا النعيم الذي نعمتم به عند ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أبوعبدالله عليه السلام :
الله أكرم وأجل من أن يطعمكم طعاما فيسو غكموه ثم يسألكم عنه ، ولكن يسألكم
عما أنعم عليكم بمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله ( 1 ) .
49 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن موسى ، عن ذبيان بن حكيم ، عن موسى
النميري ، عن ابن أبي يعفور قال : رأيت عند أبي عبدالله عليه السلام ضيفا ، فقام يوما في
بعض الحوائج ، فنهاه عن ذلك وقام بنفسه إلى تلك الحاجة ، وقال : نهى رسول الله
صلى الله عليه وآله عن أن يستخدم الضيف ( 2 ) .
50 كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدة الواسطي
عن عجلان قال : تعشيت مع أبي عبدالله عليه السلام بعد عتمة ، وكان يتعشى بعد عتمة
فاتي بخل وزيت ولحم بارد ، فجعل ينتف اللحم فيطعمنيه ، ويأكل هو الخل والزيت
ويدع اللحم فقال : إن هذا طعامنا وطعام الانبياء ( 3 ) .
51 كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب
عن عبدالاعلى قال : أكلت مع أبي عبدالله عليه السلام فقال : يا جارية ائتينا بطعامنا المعروف
فاتي بقصعة فيها خل وزيت ، فأكلنا ( 4 ) .
52 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن النعمان
عن بعض أصحابنا قال : شكوت إلى أبي عبدالله عليه السلام الوجع فقال : إذا أويت إلى
فراشك فكل سكرتين قال : ففعلت ذلك فبرأت ، فخبرت بعض المتطببين وكان أفره
أهل بلادنا فقال : من أين عرف أبوعبدالله عليه السلام هذا ؟ هذا من مخزون علمنا ، أما
إنه صاحب كتب ، فينبغي أن يكون أصابه في بعض كتبه ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 6 ص 283 .
( 2 4 ) نفس المصدر ج 6 ص 328 .
( 5 ) المصدر السابق ج 6 ص 333 ، والفاره الحاذق بالشئ .
[ 42 ]
53 كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن
سنان ، عن عبدالله بن سليمان قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجبن فقال : لقد سألتني
عن طعام يعجبني ، ثم أعطى الغلام درهما فقال : يا غلام ابتع لنا جبنا ، ودعا
بالغداء فتغدينا معه ، واتي بالجبن فأكل وأكلنا ( 1 ) .
54 كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار وغيره ، عن
يونس ، عن هشام بن الحكم ، عن زرارة قال : رأيت داية أبي الحسن موسى عليه السلام
تلقمه الارز وتضربه عليه ، فغمني ما رأيته ، فلما دخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال
لي : أحسبك غمك الذي رأيت من داية أبي الحسن موسى عليه السلام ؟ فقلت له : نعم
جعلت فداك فقال لي : نعم الطعام الارز ، يوسع الامعاء ، ويقطع البواسير ، وإنا
لنغبط أهل العراق بأكلهم الارز والبسر ، فانهما يوسعان الامعاء ويقطعان
البواسير ( 2 ) .
55 كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن ابن فضال ، عن
محمد بن الحسين بن كثير الخزاز ، عن أبيه قال : رأيت أبا عبدالله عليه السلام وعليه قميص
غليظ خشن تحت ثيابه ، وفوقه جبة صوف ، وفوقها قميص غليظ فمسستها فقلت :
جعلت فداك إن الناس يكرهون لباس الصوف فقال : كلا كان أبي محمد بن علي
عليهما السلام يلبسها ، وكان علي بن الحسين صلوات الله عليه يلبسها ، وكانوا عليهم السلام
يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصلاة ونحن نفعل ذلك ( 3 ) .
56 كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن مسمع بن
عبدالملك قال : كنا عند أبي عبدالله عليه السلام بمنى ، وبين أيدينا عنب نأكله ، فجاء
سائل فسأله فأمر بعنقود فأعطاه فقال السائل : لا حاجة لي في هذا إن كان درهم
قال : يسع الله عليك ، فذهب ، ثم رجع فقال : ردوا العنقود فقال : يسع الله لك
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 6 ص 339 .
( 2 ) المصدر السابق ج 6 ص 341 .
( 3 ) المصدر السابق ج 6 ص 450 .
[ 43 ]
ولم يعطه شيئا ، ثم جاء سائل آخر ، فأخذ أبوعبدالله عليه السلام ثلاث حبات عنب
فناولها إياه ، فأخذها السائل من يده ثم قال : الحمدلله رب العالمين الذي رزقني
فقال أبوعبدالله عليه السلام : مكانك فحثا ملء كفيه عنبا فناولها إياه ، فأخذها السائل
من يده ، ثم قال : الحمدلله رب العالمين الذي رزقني ، فقال أبوعبدالله عليه السلام :
مكانك يا غلام ! أي شئ معك من الدراهم ؟ فاذا معه نحو من عشرين درهما فيما
حزرناه ( 1 ) أو نحوها فناولها إياه فأخذها .
ثم قال : الحمدلله ، هذا منك وحدك لا شريك لك فقال أبوعبدالله عليه السلام :
مكانك فخلع قميصا كان عليه فقال : البس هذا ، فلبسه فقال : الحمدلله الذي
كساني وسترني يا أبا عبدالله أو قال : جزاك الله خيرا ، لم يدع لابي عبدالله عليه السلام
إلا بذا ، ثم انصرف ، فذهب قال : فظننا أنه لو لم يدع له لم يزل يعطيه لانه
كلما كان يعطيه حمدالله أعطاه ( 2 ) .
57 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن مالك
ابن عطية ، عن بعض أصحاب أبي عبدالله عليه السلام قال : خرج إلينا أبوعبدالله عليه السلام و
هو مغضب فقال : إني خرجت آنفا في حاجة فتعرض لي بعض سودان المدينة فهتف
بي : لبيك يا جعفر بن محمد لبيك ، فرجعت عودي على بدئي إلى منزلي خائفا ذعرا
مما قال ، حتى سجدت في مسجدي لربي ، وعفرت له وجهي ، وذلك له نفسي
وبرئت إليه مما هتف بي ، ولو أن عيسى بن مريم عدا ما قال الله فيه إذا لصم صما
لايسمع بعده أبدا ، وعمي عمى لا يبصر بعده أبدا ، وخرس خرسا لا يتكلم بعده أبدا
ثم قال : لعن الله أبا الخطاب وقتله بالحديد ( 3 ) .
بيان : قال الجوهري : رجع عودا على بدء ، وعوده على بدئه : أي لم ينقطع
ذهابه ، حتى وصله برجوعه .
* ( هامش ) * ( 1 ) حزر الشئ حزرا : قدره بالحدس .
( 2 ) الكافى ج 4 ص 49 .
( 3 ) نفس المصدر ج 8 ص 225 .
[ 44 ]
أقول : لعله كان من أصحاب أبي الخطاب ، ويعتقد الربوبية فيه عليه السلام فناداه
بما ينادي الله تعالى به في الحج ، فاضطرب عليه السلام لعظيم ما نسب إليه وسجد مبرئا
نفسه عندالله من ذلك ، ولعن أبا الخطاب لانه كان مخترع هذا المذهب الفاسد .
58 كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان
عن غلام أعتقه أبوعبدالله عليه السلام : هذا ما أعتق جعفر بن محمد أعتق غلامه السندي فلانا
على أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن البعث
حق ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وعلى أنه يوالي أولياء الله ويتبرأ
من أعداء الله ، ويحل حلال الله ، ويحرم حرام الله ، ويؤمن برسل الله ، ويقر بما
جاء من عندالله ، أعتقه لوجه الله لا يريد به منه جزاءا ولا شكورا ، وليس لاحد عليه
سبيل إلا بخير ، شهد فلان ( 1 ) .
59 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن
إبراهيم بن أبي البلاد قال : قرأت عتق أبي عبدالله عليه السلام فإذا هو شرحه : هذا ما
أعتق جعفر بن محمد ، أعتق فلانا غلامه لوجه الله ، لايريد منه جزاء ولا شكورا
على أن يقيم الصلاة ويؤدي الزكاة ، ويحج البيت ، ويصوم شهر رمضان ، ويتوالى
أوليآء الله ويتبرأ من أعداء الله ، شهد فلان بن فلان وفلان وفلان ثلاثة ( 2 ) .
60 كا : الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، ومحمد بن يحيى ، عن
أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل جميعا ، عن سعدان بن مسلم ، عن
بعض أصحابنا قال : لما قدم أبوعبدالله عليه السلام الحيرة ، ركب دابته ومضى إلى
الخورنق ، ونزل فاستظل بظل دابته ، ومعه غلام له أسود وثم رجل من أهل
الكوفة قد اشترى نخلا فقال للغلام : من هذا ؟ قال له : هذا جعفر بن محمد عليهما السلام
فجاء بطبق ضخم فوضعه بين يديه عليه السلام فقال للرجل : ما هذا ؟ قال : هذا البرني
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 6 ص 181 .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 181 .
[ 45 ]
فقال : فيه شفآء ونظر إلى السابري فقال : ما هذا ؟ فقال : السابري فقال : هذا
عندنا البيض ، وقال للمشان : ما هذا ؟ فقال الرجل : المشان ، فقال : هذا عندنا
ام جرذان ، ونظر إلى الصرفان فقال : ما هذا ؟ فقال الرجل : الصرفان فقال : هو
عندنا العجوة ، وفيه شفاء ( 1 ) .
61 كا : أبوعلي الاشعري ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة
ابن منصور قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام بالحيرة ، فأتاه رسول أبي العباس الخليفة


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 45 سطر 7 الى ص 53 سطر 7

يدعوه فدعا بممطر أحد وجهيه أسود والآخر أبيض ، فلبسه ثم قال أبوعبدالله عليه السلام :
أما إني ألبسه ، وأنا أعلم أنه لباس أهل النار ( 2 ) .
62 كا : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن
الميثمي ، عن الحسين بن المختار قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : اعمل لي قلانس بيضاء
ولا تكسرها ، فإن السيد مثلي لا يلبس المكسر ( 3 ) .
63 كا : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن
يقطين ، عن الفضل بن كثير المدائني ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : دخل
عليه بعض أصحابه فرأى عليه قميصا فيه قب قد رقعه ، فجعل ينظر إليه فقال له
أبوعبدالله عليه السلام : مالك تنظر ؟ فقال : قب يلقى في قميصك ؟ ! قال : فقال : اضرب
يدك إلى هذا الكتاب فاقرأ ما فيه ، وكان بين يديه كتاب أو قريب منه ، فنظر
الرجل فيه فاذا فيه : لا إيمان لمن لاحياء له ، ولا مال لمن لا تقدير له ، ولا جديد
لمن لا خلق له ( 4 ) .
بيان : القب : ما يدخل في حبيب القميص من الرقاع .
64 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن يعقوب .
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 6 ص 347 .
( 2 ) المصدر السابق ج 6 ص 449 والممطر كمنبر ثوب يلبس في المطر يتوفى به .
( 3 ) المصدر السابق ج 6 ص 462 .
( 4 ) المصدر السابق ج 6 ص 460 .
[ 46 ]
السراج ، قال : كنا نمشي مع أبي عبدالله عليه السلام وهو يريد أن يعزي ذا قرابة له
بمولود له ، فانقطع شسع نعل أبي عبدالله عليه السلام فتناول نعله من رجله ، ثم مشى
حافيا ، فنظر إليه ابن أبي يعفور ، فخلع نعل نفسه من رجله ، وخلع الشسع منها
وناولها أبا عبدالله عليه السلام فأعرض عنه كهيئة المغضب ، ثم أبى أن يقبله ، وقال : لا
إن صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها ، فمشى حافيا حتى دخل على الرجل الذي
أتاه ليعزيه ( 1 ) .
65 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن
فضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمار قال : رأيت أبا عبدالله عليه السلام يختضب بالحناء
خضابا قانيا ( 2 ) .
66 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن سجيم
عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول وهو رافع يده إلى السمآء :
رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا لا أقل من ذلك ، ولا أكثر ، قال : فما كان
بأسرع من أن تحدر الدموع من جوانب لحيته ثم أقبل علي فقال : يا ابن أبي يعفور
إن يونس بن متى وكله الله عزوجل إلى نفسه أقل من طرفة عين ، فأحدث ذلك
الذنب ، قلت : فبلغ به كفرا ؟ أصلحك الله قال : لا ، ولكن الموت على تلك الحال
هلاك ( 3 ) .
67 كا : محمد بن يحيى ، رفعه ، عن عبدالله بن مسكان قال : كنا جماعة من
أصحابنا دخلنا الحمام فلما خرجنا لقينا أبوعبدالله عليه السلام فقال لنا : من أين أقبلتم ؟
فقلنا له : من الحمام فقال : أنقى الله غسلكم ، فقلنا له : جعلنا فداك . وإنا جئنا
معه حتى دخل الحمام ، فجلسنا له حتى خرج ، فقلنا له : أنقى الله غسلك ! فقال :
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 6 ص 464 .
( 2 ) المصدر السابق ج 6 ص 481 وفى الاصل ( أبا جعفر ) وفى الهامش عن بعض
النسخ : ( أبا عبدالله ) .
( 3 ) المصدر السابق ج 2 ص 581 .
[ 47 ]
طهركم الله ( 1 ) .
68 كا : العدة ، عن البرقي ، عن بعض أصحابه ، عن ابن أسباط ، عن
عبدالله بن عثمان أنه رأى أبا عبدالله عليه السلام أحفى شاربه حتى ألصقه بالعسيب ( 2 ) .
بيان : العسيب منبت الشعر .
69 كا : الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن أبي بصير
قال : دخل أبوعبدالله عليه السلام الحمام فقال له صاحب الحمام : أخليه لك ؟ فقال :
لا حاجة لي في ذلك ، المؤمن أخف من ذلك ( 3 ) .
70 كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن النعمان ، عن
يعقوب بن شعيب ، عن حسين بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : في
كم أقرأ القرآن ؟ فقال : اقرأه أخماسا ، اقرأه أسباعا أما إن عندى مصحف مجزء
أربعة عشر جزءا ( 4 ) .
71 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابه رواه عن
رجل من العامة قال : كنت اجالس أبا عبدالله عليه السلام فلا والله ما رأيت مجلسا أنبل
من مجالسه قال : فقال لي ذات يوم : من أين تخرج العطسة ؟ فقلت : من الانف
فقال لي : أصبت الخطاء فقلت : جعلت فداك ، من أين تخرج ؟ فقال : من جميع
البدن ، كما أن النطفة تخرج من جميع البدن ، ومخرجها من الاحليل ثم قال :
أما رأيت الانسان إذا عطس نفض أعضاؤه ، وصاحب العطسة يأمن الموت سبعة
أيام ( 5 ) .
72 كا : أبوعبدالله الاشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 6 ص 500 .
( 2 ) المصدر السابق ج 6 ص 487 .
( 3 ) المصدر السابق ج 6 ص 503 .
( 4 ) المصدرالسابق ج 2 ص 617 .
( 5 ) المصدر السابق ج 2 ص 657 .
[ 48 ]
ابن عثمان قال : جلس أبوعبدالله عليه السلام متوركا رجله اليمنى على فخذه اليسرى
فقال له رجل : جعلت فداك هذه جلسة مكروهة ؟ ! فقال : لا إنما هو شئ قالته
اليهود ، لما أن فرغ الله عزوجل من خلق السماوات والارض ، واستوى على
العرش جلس هذه الجلسة ليستريح فأنزل الله عزوجل ( ألله لا إله إلا هو الحي
القيوم لا تأخذه سنة ولانوم ) ( 1 ) وبقي أبوعبدالله عليه السلام متوركا كماهور ( 2 ) .
73 كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مرازم بن حكيم قال : أمر
أبو عبدالله عليه السلام بكتاب في حاجة فكتب ، ثم عرض عليه ولم يكن فيه استثناء
فقال : كيف رجوتم أن يتم هذا وليس فيه استثناء ؟ انظروا كل موضع لا يكون
فيه استثناء فاستثنوا فيه ( 3 ) .
74 كا : العدة ، عن البرقي ، عن علي بن حسان ، عن عبدالرحمان بن
كثير قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فدخل عليه مهزم فقال لي أبوعبدالله عليه السلام :
ادع لنا الجارية ، تجيئنا بدهن وكحل ، فدعوت بها ، فجاءت بقرورة بنفسج ، وكان
يوما شديد البرد فصب مهزم في راحته منها ، ثم قال : جعلت فداك هذا بنفسج
وهذا البرد الشديد ! ! فقال : وما باله يامهزم ! ! فقال : إن متطببينا بالكوفة
يزعمون أن البنفسج بارد فقال : هو بارد في الصيف ، لين حار في الشتاء ( 4 ) .
75 كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن
إسحاق بن عمار وابن أبي عمير ، عن ابن اذينة قال : شكا رجل إلى أبي عبدالله عليه السلام
شقاقا في يديه ورجليه فقال له : خذ قطنة فاجعل فيها بانا وضعها على سرتك فقال
إسحاق بن عمار : جعلت فداك ، أن يجعل البان في قطنة ويجعلها في سرته ؟ فقال :
أما أنت يا إسحاق فصب البان في سرتك فانها كبيرة ، قال ابن اذينة : لقيت الرجل
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة البقرة الاية : 255 .
( 2 ) الكافى ج 2 ص 661 .
( 3 ) نفس المصدر ج 2 ص 673 .
( 4 ) المصدر السابق ج 6 ص 521 .
[ 49 ]
بعد ذلك ، فأخبرني أنه فعله مرة واحدة ، فذهب عنه ( 1 ) .
76 كا : الحسين بن محمد ، عن عبدالله بن عامر ، عن علي بن مهزيار
عن الحسين بن محمد بن مهزيار ، عن قتيبة الاعشى قال : أتيت أبا عبدالله عليه السلام
أعود ابنا له ، فوجدته على الباب ، فاذا هو مهتم حزين فقلت : جعلت فداك كيف
الصبي ؟ فقال : والله إنه لما به ثم دخل فمكث ساعة ثم خرج إلينا وقد أسفر
وجهه ، وذهب التغير والحزن قال : فطمعت أن يكون قد صلح الصبي فقلت :
كيف الصبي جعلت فداك ؟ فقال : لقد مضى لسبيله ، فقلت : جعلت فداك لقد كنت
وهو حي مهتما حزينا ، وقد رأيت حالك الساعة ، وقد مات ، غير تلك الحال
فكيف هذا ؟ فقال : إنا أهل بيت إنما نجزع قبل المصيبة ، فاذا وقع أمر الله رضينا
بقضائه ، وسلمنا لامره ( 2 ) .
77 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الكاهلي
عن أبي الحسن عليه السلام قال : كان أبي يبعث امي وام فروة تقضيان حقوق أهل
المدينة ( 3 ) .
78 كا : علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار
عن العلا بن كامل قال : كنت جالسا عند أبي عبدالله عليه السلام فصرخت الصارخة من
الدار ، فقام أبو عبدالله عليه السلام ثم جلس ، فاسترجع ، وعاد في حديثه ، حتى فرغ
منه ثم قال : إنا لنحب أن نعافى في أنفسنا وأولادنا وأموالنا ، فإذا وقع القضاء
فليس لنا أن نحب مالم يحب الله لنا ( 4 ) .
79 كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن داود بن
فرقد ، عمن حدثه ، عن ابن شبرمة قال : ما ذكرت حديثا سمعته عن جعفر بن محمد
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 6 ص 523 .
المصدر السابق ج 3 ص 225 .
( 3 ) المصدر السابق ج 3 ص 217 ذيل حديث .
( 4 ) المصدر السابق ج 3 ص 226 .
[ 50 ]
إلا كاد أن يتصدع قلبي ، قال : حدثني أبي ، عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وقال
ابن شرمة واقسم بالله ما كذب أبوه على جده ، ولا جده على رسول الله صلى الله عليه وآله قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من عملبالمقائيس فقد هلك وأهلك ، ومن أفتى وهو لا يعلم
الناسخ من المنسوخ ، والمحكم من المتشابه ، فقد هلك وأهلك ( 1 ) .
80 كا : الحسين بن محمد ، عن عبدالله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن
ابن فضال ، عن أحمد بن عمر الحلبي ، عن أبيه ، عن أبان بن تغلب قال : دخلت
على أبي عبدالله عليه السلام وهو يصلي ، فعددت له في الركوع والسجود ستين
تسبيحة ( 2 ) .
81 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير
عن حمزة بن حمران ، والحسن بن زياد قالا : دخلنا على أبي عبدالله عليه السلام وعنده
قوم ، فصلى بهم العصر ، وقد كنا صلينا ، فعدد ناله في ركوعه سبحن ربي العظيم
أربعا أو ثلاثا وثلاثين مرة وقال أحمدهما في حديثه ( وبحمده ) في الركوع
والسجود سواء ( 3 ) .
82 كا : علي ، عن أبيه ، عن يحيى بن أبي عمران ، عن يونس ، عن بكار
ابن بكر ، عن موسى بن أشيم قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فسأله رجل عن آية
من كتاب الله عزوجل ، فأخبره بها ، ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية
فأخبره بخلاف ما أخبر الاول ، فدخلني من ذلك ما شآءالله ، حتى كأن قلبي
يشرع بالسكاكين فقلت في نفسي : تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه
وجئت إلى هطا يخطئ هذا الخطأ كله ، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن
تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي ، فسكنت نفسي ، فعلمت أن ذلك
منه تقية ، قال : ثم التفت إلي فقال لي : يا ابن أشيم إن الله عزوجل فوض إلى
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 1 ص 43 .
( 2 و 3 ) المصدر السابق ج 1 ص 329 .
[ 51 ]
سليمان بن داود عليه السلام فقال : ( هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ) ( 1 ) وفوض
إلى نبيه صلى الله عليه وآله فقال : ( وما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا ) ( 2 ) فما
فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا ( 3 ) .
83 كا : أحمد بن إدريس وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن علي بن الريان
عن أبيه ، عن يونس أو غيره عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : جعلت
فداك بلغني أنك كنت تفعل في غلة عين زياد شيئا ، وأنا احب أن أسمعه منك قال :
فقال لي : نعم كنت آمر إذا أدركت الثمرة أن يثلم في حيطانها الثلم ليدخل الناس
ويأكلوا ، وكنت آمر في كل يوم أو يوضع عشر بنيات ، يقعد على كل بنية عشرة
كلما أكل عشرة جاء عشرة اخرى يلقى لكل نفس منهم مد من رطب ، وكنت
آمر لجيران الضيعة كلهم الشيخ ، والعجوز ، والصبي ، والمريض ، والمرأة ، ومن
لا يقدر أن يجئ فيأكل منها ، لكل إنسان منهم مد ، فإذا كان الجذاد وفيت
القوام ، والو كلاء ، والرجال اجرتهم ، وأحمل الباقي إلى المدينة ، ففرقت في
أهل البيوتات ، والمستحقين ، الراحلتين والثلاثة والاقل والاكثر على قدر
استحقاقهم ، وحصل لي بعد ذلك أربعمائة دينار ، وكان غلتها أربعة آلاف دينار ( 4 ) .
بيان : في بعض النسخ بنيات بالباء الموحدة ، ثم النون ، ثم الياء المثناة
التحتانية على بناء التصغير .
قال في النهاية في الحديث ( 5 ) أنه سأل رجلا قدم من الثغر هل شرب الجيش
في البنيات الصغار ؟ قال : لا إن القوم ليؤتون بالاناء فيتداو لونه حتى يشربوه
كلهم ، البنيات ههنا الاقداح الصغار وقال : بسطنا له بناء أي نطعا ، هكذا جاء
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة ص الاية : 39 .
( 2 ) سورة الحشر الاية : 7 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 265 .
( 4 ) الكافى ج 3 ص 569 .
( 5 ) النهاية في اللغة ج 1 ص 96 .
[ 52 ]
تفسيره ويقال له أيضا المبناة انتهى .
وفي بعض النسخ ثبنه بالثاء المثلثة ثم الباء الموحدة فالنون ، وهو أظهر
قال الفيروزآبادي ( 1 ) ثبن الثوب يثبنه ثبنا وثبانا بالكسر ثنى طرفه ، وخاطه ، أو جعل
في الوعاء شيئا وحمله بين يديه والثبين والثبان بالكسر ، والثبنة بالضم الموضع الذي
تحمل فيه من ثوبك تثنيه بين يديك ، ثم تجعل فيه من التمر أو غيره وقد أثبنت في
ثوبي ، وقال الجزري ( 2 ) في الحديث إذا مر أحدكم بحائط فليأكل منه ولا تتخذ
ثبانا ، الثبان الوعاء الذي يحمل فيه الشئ ، ويوضع بين يدي الانسان ، يقال :
ثبنت الثوب أثبنه ثبنا وثبانا ، وهو أنتعطف ذيل قميصك فتجعل فيه شيئا تحمله
الواحدة ثبنة ، انتهى .
فيحتمل أن يكون الثبنات تصحيف الثبان أو يقال إنه قد يجمع هكذا أيضا
كغرفة على غرفات ، ولبنة على لبنات .
84 كا : علي بن محمد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن غير واحد ، عن
علي بن أسباط ، عمن رواه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان بيني وبين رجل قسمة
أرض ، وكان الرجل صاحب نجوم وكان يتوخى ساعة السعود فيخرج فيها وأخرج
أنا في ساعة النحوس ، فاقتسمنا فخرج لي خير القسمين ، فضرب الرجل بيده اليمنى
على اليسرى ، ثم قال : ما رأيت كاليوم قط ! قلت : ويك ألا أخبرك ذاك ؟ قال :
إني صاحب نجوم أخرجتك في ساعة النحوس ، فخرجت أنا في ساعة السعود ، ثم
قسمنا ، فخرج لك خير القسمين فقلت : ألا احدثك بحديث حدثني به أبي عليه السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من سره أن يدفع الله عنه نحس يومه ، فليفتتح يومه بصدقة
يذهب اللهبها عنه نحس يومه ، ومن أحب أن يذهب الله عنه نحس ليلته فليفتتح
ليلته بصدقة ، يدفع الله عنه نحس ليلته . فقلت : إني افتتحت خروجي بصدقة ، فهذا
* ( هامش ) * ( 1 ) القاموس ج 4 ص 206 .
( 2 ) النهاية ج 1 ص 125 .
[ 53 ]
خير لك من علم النجوم ( 1 ) .
بيان : ألا أخبرك ذالك : أي أخبرك ذاك العلم الذي تدعيه بما هو خيرلك
وفي بعض النسخ ألا خبرك ذاك ؟ فلعله بضم الخاء أي ليس علمك نفعه هذا الذي ترى
وفي بعضها خيرك أي أليس خيرك في تلك القسمة التي وقعت ؟ .
وفي بعض النسخ ويل الآخر ما ذاك ؟ ووجه بأن من قاعدة العرب أنه إذا أراد
حكاية ما لايناسب مواجهة المحكي له به يغيره هكذا ، كما يعبر عن ويلي بقولهم
ويله ، فعبر عن ويلك عند نقل الحكاية للراوي بقوله : ويل الآخر .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 53 سطر 8 الى ص 61 سطر 8

85 كا : أحمد بن إدريس وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن نوح بن
عبدالله ، عن الذهلي ، رفعه أن أبي عبدالله عليه السلام قال : المعروف ابتداء ، وأما من أعطيته
بعد المسألة فإنما كافيته بما بذل لك من وجهه ، يبيت ليلته أرقا متململا ، يمثل بين
الرجاء واليأس ، لايدري أين يتوجه لحاجته ، ثم يعزم بالقصد لها فيأتيك ، وقبله
يرجف ، وفرائصه ترعد ، قدترى دمه في وجهه ، لا يدري أيرجع بكآبة أم بفرح ( 2 ) .
86 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن شعيب ، عن
الحسين بن الحسن ، عن عاصم ، عن يونس ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه كان
يتصدق بالسكر فقيل له : أتتصدق بالسكر ؟ فقال : نعم إنه ليس شئ أحب إلي
منه ، فأنا احب أن أتصدق بأحب الاشياء إلي ( 3 ) .
87 ما : أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن فضال
عن العباس بن عامر ، عن أحمد بن رزق ، عن يحيى بن العلاقال : كان أبوعبدالله عليه السلام
مريضا مدفنا فأمرفا خرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فكان فيه ، حتى أصبح ليلة ثلاث
وعشرين من شهر رمضان ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 4 ص 6 .
( 2 ) نفس المصدر ج 4 ص 23 .
( 3 ) المصدر السابق ج 4 ص 61 .
( 4 ) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 66 .
[ 54 ]
88 ما : بالاسناد المتقدم عن العباس ، عن أبي جعفر الخثعمي قريب إسماعيل
ابن جابر قال : أعطاني أبوعبدالله عليه السلام خمسين دينارا في صرة فقال : ادفعها إلى رجل
من بني هاشم ولا تعلمه أني أعطيتك شيئا قال : فأتيته فقال : من أين هذا جزاه الله
خيرا فما يزال كل حين يبعث بها فيكون مما نعيش فيه إلى قابل ، ولكن لايصلني
جعفر بدرهم في كثرة ماله ( 1 ) .
89 كا : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن عبدالله بن الفضل النوفلي ، عن
الحسن بن راشد قال : كان أبوعبدالله عليه السلام إذا صام تطيب بالطيب ، ويقول : الطيب
تحفة الصائم ( 2 ) .
90 كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق
ابن عمار ، عن معتب ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال : اذهب فأعط عن عيالنا الفطرة
وأعط عن الرقيق ، وأجمعهم ، ولا تدع منهم أحدا ، فانك إن تركت منهم إنسانا تخوفت
عليه الفوت ، قلت : وما الفوت ؟ قال : الموت ( 3 ) .
91 كا : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن القاسم بن إبراهيم ، عن ابن
تغلب قال : كنت مع أبي عبدالله عليه السلام مزاملة فيما بين مكة والمدينة ، فلما انتهى
إلى الحرم نزل واغتسل ، وأخذ نعليه بيديه ، ثم دخل الحرم حافيا ( 4 ) .
92 كا : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن حماد
ابن عثمان قال : حضرت أبا عبدالله عليه السلام وقال له رجل : أصلحك الله ذكرت أن علي
ابن أبي طالب عليه السلام كان يلبس الخشن : يلبس القميص بأربعة دراهم ، وما أشبه ذلك
ونرى عليك اللباس والجديد ؟ ! فقال له : إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس ذلك
في زمان لا ينكر ، ولو لبس مثل ذلك اليوم شهربه فخير لباس كل زمان لباس
* ( هامش ) * ( 1 ) امالى ابن الشيخ الطوسى ص 66 .
( 2 ) الكافى ج 4 ص 113 .
( 3 ) نفس المصدر ج 4 ص 174 .
( 4 ) المصدر السابق ج 4 ص 398 .
[ 55 ]
أهله ، غير أن قائمنا أهل البيت عليه السلام إذا قام لبس ثياب علي عليه السلام وسار بسيرة
أميرالمؤمنين علي عليه السلام ( 1 ) .
93 كا : أحمد بن مهران ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني ، عن علي بن
أسباط ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن زيد الشحام قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام
ونحن في الطريق في ليلة الجمعة : اقرأ فانها ليلة الجمعة قرآنا ، فقرأت : ( إن يوم
الفصل ميقاتهم أجمعين يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولاهم ينصرون إلا من رحم
الله ) ( 2 ) فقال أبوعبدالله عليه السلام نحن والله الذي يرحم الله ونحن والله الذي استثنى الله
ولكنا نغني عنهم ( 3 ) .
94 كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال : عن الحسن بن الجهم ، عن
منصور ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : مربي أبي وأنا بالطواف ، وأنا
حدث وقد اجتهدت في العبادة ، فرآني وأنا أتصاب عرقا فقال لي : يا جعفر يا بني
إن الله إذا أحب عبدا أدخله الجنة ، ورضي منه باليسير ( 4 ) .
95 كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البخترى وغيره
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : اجتهدت في العبادة وأنا شاب ، فقال لي أبي : يا بني دون
ما أراك تصنع ، فان الله عزوجل إذا أحب عبدا رضي منه باليسير ( 5 ) .
96 كا : العدة ، عن سهل ، عن الدهقان ، عن درست ، عن عبدالاعلى مولى
آل سام قال : استقبلت أبا عبدالله عليه السلام في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحر
فقلت : جعلت فداك ، حالك عندالله عزوجل وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله وأنت
تجهد نفسك في مثل هذا اليوم ! ! فقال : يا عبدالاعلى خرجت في طلب الرزق
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 6 ص 444 .
( 2 ) سورة الدخان الاية : 40 و 41 و 42 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 423 .
( 4 ) نفس المصدر ج 2 ص 86 .
( 5 ) المصدر السابق ج 2 ص 87 .
[ 56 ]
لاستغني عن مثلك ( 1 ) .
97 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبدالله الحجال
عن حفص بن أبي عايشة قال : بعث أبوعبدالله عليه السلام غلاما له في حاجة ، فأبطأ فخرج
أبوعبدالله عليه السلام على أثره لما أبطأ ، فوجده نائما فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه
فلما اتنبه قال له أبوعبدالله عليه السلام : يا فلان ، والله ما ذلك لك . تنام الليل والنهار ؟
لك الليل ، ولنا منك النهار ( 2 ) .
98 قب : عن حفص مثله ( 3 ) .
99 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان . عن إسماعيل
ابن جابر قال : أتيت أبا عبدالله عليه السلام وإذا هو في حائط له ، بيده مسحاة ، وهو يفتح
بها الماء ، وعليه قميص شبه الكرابيس ، كأنه مخيط عليه من ضيقه ( 4 ) .
100 كا : العدة ، عن سهل ، عن علي بن أسباط ، عن محمد بن عذافر ، عن أبيه
قال : أعطى أبوعبدالله عليه السلام أبي ألفا وسبعمائة دينار فقال له : اتجرلي بها ، ثم قال :
أما إنه ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوبا فيه ولكني أحببت أن يراني
الله عزوجل متعرضا لفوائده ، قال : فربحت له فيه مائة دينار ، ثم لقيته فقلت له :
قد ربحت لك فيها مائة دينار قال : ففرح أبوعبدالله عليه السلام بذلك فرحا شديدا ، ثم
قال لي : أثبتها في رأس مالي قال : فمات أبي والمال عنده ، فأرسل إلي أبوعبدالله عليه السلام
وكتب : عافانا الله وإياك ، إن لي عند أبي محمد ألفا وثمان مائة دينار . أعطيته يتجر
بها فادفعها إلى عمر بن يزيد ، قال : فنظرت في كتاب أبي فإذا فيه : ( لابي موسى
عندي ألف وسبعمائة دينار ، واتجرله فيها مائة دينار ، عبدالله بن سنان ، وعمر بن يزيد
يعرفانه ) ( 4 ) * ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 5 ص 74 .
( 2 ) المصدر السابق ج 8 ص 87 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 395 وفى المطبوعة في النجف جعفر بن أبي عائشة .
( 4 و 5 ) الكافى ج 5 ص 76 .
[ 57 ]
101 كا : العدة ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن
القاسم بن سليمان قال : حدثني جميل بن صالح ، عن أبي عمرو الشيباني قال : رأيت
أبا عبدالله عليه السلام وبيده مسحاة وعليه إزار غليظ يعمل في حائط له ، والعرق يتصاب
عن ظهره فقلت : جعلت فداك اعطني أكفك ، فقال لي : إني احب أن يتأذى
الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة ( 1 ) .
102 كا : علي بن محمد ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن إسماعيل ، عن
محمد بن عذافر ، عن أبيه مثله مع اختصار ( 2 ) .
103 . كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن داود بن سرحان
قال : رأيت أبا عبدالله عليه السلام يكيل تمرا بيده فقلت : جعلت فداك لو أمرت بعض ولدك
أو بعض مواليك فيكفيك ( 3 ) .
104 كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان بن يحيى
عن عبدالحميد بن سعيد قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن عظام الفيل يحل بيعه أو
شراؤه ، الذي يجعل منه الامشاط ؟ فقال : لا بأس ، قد كان لابي منه مشط أو
أمشاط ( 4 ) .
105 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان
عن شعيب قال : تكارينا لابي عبدالله عليه السلام قوما يعملون في بستان له وكان أجلهم إلى
العصر فلما فرغوا قال لمعتب : أعطهم اجورهم قبل أن يجف عرقهم ( 5 ) .
106 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن أبي حنيفة
سائق الحاج قال : مربنا المفضل وأنا وختني نتشاجر في ميراث ، فوقف علينا ساعة
ثم قال لنا : تعالوا إلى المنزل فأتيناه ، فأصلح بيننا بأربعة مائة درهم ، فدفعها
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 5 ص 76 .
( 2 ) نفس المصدر ج 5 ص 77 .
( 3 ) المصدر السابق ج 5 ص 87 بزيادة فيه .
( 4 ) المصدر السابق ج 5 ص 226 وأخرجه الشيخ في التهذيب ج 7 ص 133 .
( 5 ) المصدر السابق ج 5 ص 289 .
[ 58 ]
إلينا من عنده ، حتى إذا استوثق كل واحد منا من صاحبه قال : أما إنها ليست
من مالي ، ولكن أبوعبدالله عليه السلام أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا في شئ أن
اصلح بينهما ، وأفتديهما من ماله ، فهذا من مال أبي عبدالله عليه السلام ( 1 ) .
107 كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن النضر بن سويد ، عن عمرو
ابن أبي المقدام قال : رأيت أبا عبدالله عليه السلام يوم عرفة بالموقف ، وهو ينادي بأعلا
صوته ( أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان الامام ، ثم كان علي بن أبيطالب عليه السلام
ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم هه ) فينادي
ثلاث مرات لمن بين يديه ، وعن يمينه ، وعن يساره ، ومن خلفه ، اثني عشرصوتا وقال
عمرو : فلما أتيت منى سألت أصحاب العربية عن تفسيرهه فقالوا : هه لغة بني فلان
أنا فاسألوني قال : ثم سألت غيرهم أيضا من أهل العربية ، فقالوا مثل ذلك ( 2 ) .
108 تم : روي أن مولانا الصادق عليه السلام كان يتلو القرآن في صرته ، فغشي
عليه ، فلما أفاق سئل ما الذي أوجب ما انتهت حاله إليه ؟ فقال ما معناه : مازلت
اكررآيات القرآن حتى بلغت إليحال كأنني سمعتها مشافهة ممن أنزلها .
109 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن معمر بن خلاد
قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : إن رجلا أتى جعفرا صلوات الله عليه شبيها
بالمستنصح له فقال له : يا أبا عبدالله كيف صرت اتخذت الاموال قطعا متفرقة ، ولو
كانت في موضع واحد كان أيسر لمؤنتها وأعظم لمنفعتها ، فقال أبوعبدالله عليه السلام :
اتخذتها متفرقة ، فإن أصاب هذا المال شئ سلم هذا ، والصرة تجمع هذا كله ( 3 ) .
110 كا : علي بن محمد ، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر ، عن عبدالله
ابن حماد ، عن عمر بن يزيد قال : أتى رجل أبا عبدالله عليه السلام يقتضيه وأنا عنده
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 2 ص 209 .
( 2 ) الكافى ج 4 ص 466 .
( 3 ) المصدر السابق ج 5 ص 91
[ 59 ]
فقال له : ليس عندنا اليوم شئ ، ولكنه يأتينا خطر ( 1 ) ووسمة ( 2 ) فيباع ، ونعطيك
إنشاء الله فقال له الرجل : عدني فقال : كيف أعدك وأنا لما لا أرجو أرجى مني لما
أرجو ( 3 ) .
111 كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن أحمد بن النضر
عن أبي جعفر الفزاري قال : دعا أبوعبدالله عليه السلام مولى له يقال له : مصادف ، فأعطاه
ألف دينار وقال له : تجهز حتى تخرج إلى مصر ، فان عيالي قد كثروا قال :
فتجهز بمتاع ، وخرج مع التجار إلى مصر ، فلما دنوا من مصر استقبلهم قافلة
خارجة من مصر ، فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله في المدينة ، وكان متاع العامة
فأخبروهم أنه ليس بمصر منه شئ فتحالفوا وتعاقدوا على أن لا ينقصوا متاعهم من
ربح دينار دينارا ، فلما قبضوا أموالهم انصرفوا إلى المدينة ، فدخل مصادف على
أبي عبدالله عليه السلام ومعه كيسان في كل واحد ألف دينار فقال : جعلت فداك هذا رأس
المال ، وهذا الآخر ربح فقال : إن هذا الربح كثير ، ولكن ما صنعتم في المتاع ؟
فحدثه كيف صنعوا وكيف تحالفوا ، فقال : سبحان الله تحلفون على قوم مسلمين
ألا تبيعوهم إلا بربح الدينار دينارا ؟ ! ثم أخذ أحد الكيسين فقال : هذا رأس مالي
ولا حاجة لنا في هذا الربح ، ثم قال : يا مصادف مجالدة السيوف ، أهون من طلب
الحلال ( 4 ) .
112 كا : محمد بن يحيى ، عن علي بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن
جهم بن أبي جهم ، عن معتب قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام وقد تزيد السعر بالمدينة :
كم عندنا من طعام ؟ قال : قلت : عندنا ما يكفينا أشهر كثيرة قال : أخرجه وبعه
* ( هامش ) * ( 1 ) الخطر : بالكسر ، نبات يختضب به .
( 2 ) الوسمة : بكسر السين وهى أفصح من التسكين نبت يخضب بورقه ويقال هو
العظلم ، وأنكر الازهرى السكون .
( 3 ) الكافى ج 5 ص 96 .
( 4 ) نفس المصدر ج 5 ص 161 .
[ 60 ]
قال : قلت له : وليس بالمدينة طعام ! ! قال : بعه ، فلما بعته قال : اشترمع الناس
يوما بيوم وقال : يا معتب اجعل قوت عيالي نصفا شعيرا ونصفا حنطة ، فإن الله
يعلم أني واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها ، ولكني احب أن يراني الله قد أحسنت
تقدير المعيشة ( 1 ) .
113 كا : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن أحمد بن حماد ، عن
محمد بن مرازم ، عن أبيه أو عمه قال : شهدت أبا عبدالله عليه السلام وهو يحاسب وكيلا له
والوكيل يكثر أن يقول : والله ما خنت فقال له أبوعبدالله عليه السلام : يا هذا خيانتك
وتضييعك علي مالي سواء إلا أن الخيانة شرها عليك ( 2 ) .
114 نبه : الفضل بن أبي قرة قال : كان أبوعبدالله عليه السلام يبسط رداءه وفيه
صرر الدنانير فيقول للرسول : اذهب بها إلى فلان وفلان ، من أهل بيته ، وقل
لهم : هذه بعث بها إليكم من العراق ، قال : فيذهب بها الرسول إليهم فيقول ما قال
فيقولون : أما أنت فجزاك الله خيرا بصلتك قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأما جعفر فحكم
الله بيننا وبينه ، قال : فيخر أبوعبدالله عليه السلام ساجدا ويقول : اللهم أذل رقبتى
لولد أبي ( 3 ) .
115 ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن
إبراهيم ، عن الحسن بن الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن
هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لوددت أني وأصحابي في فلاة من الارض
حتى نموت ، أو يأتي الله بالفرج ( 4 ) .
116 د : قال الثوري لجعفر بن محمد : يا ابن رسول الله اعتزلت الناس ! ! فقال :
يا سفيان ، فسد الزمان ، وتغير الاخوان ، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد .
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 5 ص 166 .
( 2 ) المصدر السابق ج 5 ص 304 .
( 3 ) تنبيه الخواطر ص 490 .
( 4 ) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 58 .
[ 61 ]
ثم قال :
ذهب الوفاء ذهاب أمس الذاهب * والناس بين مخاتل وموارب
يفشون بينهم المودة والصفا * وقلوبهم محشوة بعقارب
وقال الواقدي : جعفر من الطبقة الخامسة من التابعين .
أقول : روى البرسى في مشارق الانوار أن فقيرا سأل الصادق عليه السلام فقال
لعبده : ما عندك ؟ قال : أربعمائة درهم ، قال : أعطه إياها ، فأعطاه ، فأخذها وولى
شاكرا فقال لعبده : أرجعه ، فقال : يا سيدي سألت فأعطيت فماذا بعد العطا ؟
فقال له : رسول الله صلى الله عليه وآله : خير الصدقة ما أبقت غنى ، وإنالم نغنك ، فخذ هذا


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 61 سطر 9 الى ص 69 سطر 9

الخاتم فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم ، فإذا احتجت فبعه بهذه القيمة ( 1 ) .
117 ين : ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الصيقل قال : كنت عند أبي عبدالله
عليه السلام جالسا فبعث غلاما له عجميا في حاجة إلى رجل ، فانطلق ثم رجع فجعل
أبوعبدالله عليه السلام يستفهمه الجواب ، وجعل الغلام لا يفهمه مرارا قال : فلما رأيته
لا يتعبر لسانه ولا يفهمه ظننت أنه عليه السلام سيغضب عليه ، قال : وأحد عليه السلام النظر إليه
ثم قال : أما والله لئن كنت عبي اللسان فما أنت بعيي القلب ، ثم قال : إن الحياء
والعفاف والعي عي اللسان لا عي القلب من الايمان ، والفحش والبذاء السلاطة
من النفاق ( 2 ) .
118 كتاب قضاء الحقوق للصورى : عن إسحاق بن إبراهيم بن يعقوب
قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وعنده المعلى بن خنيس إذ دخل عليه رجل من أهل
خراسان فقال : يا ابن رسول الله أنا من مواليكم أهل البيت ، وبيني وبينكم شقة بعيدة
وقد قل ذات يدي ، ولا أقدر أن أتوجه إلى أهلي إلا أن تعينني قال : فنظر أبوعبدالله
عليه السلام يمينا وشمالا وقال : ألا تسمعون ما يقول أخوكم ؟ إنما المعروف
* ( هامش ) * ( 1 ) مشارق الانوار ص 113 .
( 2 ) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الاهوازى : في أواخر باب الصمت الا بخير ، وترك
الرجل مالا يعنيه ، والنميمة . وهو أول باب من الكتاب .
[ 62 ]
ابتداء فأما ما أعطيت بعد ما سأل ، فإنما هو مكافاة لما بذل لك من [ ماء ] وجهه
ثم قال : فيبيت ليلته متأرقا متململا بين اليأس والرجاء لا يدري أين يتوجه
بحاجته ، فيعزم على القصد إليك ، فأتاك وقلبه يجب ( 1 ) وفرائصه ترتعد ، وقد نزل
دمه في وجهه ، وبعد هذا فلا يدري أينصرف من عندك بكآبة الرد ، أم بسرور النجح
فأن أعطيته رأى أنك قد وصلته ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : والذي فلق الحبة
وبرأ النسمة وبعثني بالحق نبيا ، لما يتجشم من مسألته إياك ، أعظم مما ناله من
معروفك . قال : فجمعوا للخراساني خمسة آلاف درهم ، ودفعوها إليه .
* ( هامش ) * ( 1 ) الوجيب : اضطراب القلب وشدة خفقانه ، وفي الضحاح : وجب القلب وجيبا
اضطرب .
[ 63 ]
* ( باب 5 ) *
* ( ( معجزاته واستجابة دعواته ، ومعرفته بجميع اللغات ) ) *
* ( ( ومعالى اموره صلوات الله عليه ) ) *
1 ب : محمد بن عيسى ، عن بكر بن محمد الازدي قال : عرض لقرابة لي ونحن
في طريق مكة وأحسبه قال : بالر بذة ( 1 ) فلما صرنا إلى أبي عبدالله عليه السلام ذكرنا
ذلك له ، وسألناه الدعآء له ، ففعل ، قال بكر : فرأيت الرجل حيث عرض ( 2 ) له
ورأيته حيث أفاق ( 3 ) .
2 جا ( 4 ) ما : المفيد ، عن الصدوق ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن
البرقي ، عن أبيه قال : حدثني من سمع حنان بن سدير يقول : سمعت أبي سدير
الصيرفي يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرى النائم ، وبين يديه طبق مغطى
* ( هامش ) * ( 1 ) الربذة : بفتح أوله وثانيه ، وذال معجمة مفتوحة ، من قرى المدينة ، على
ثلاثة أميال منها ، قريبة من ذات عرق ، على طريق الحجاز ، اذا رحلت من فيد تريد مكة
وبها قبر الصحابى الجليل أبى ذر جندب بن جنادة الغفارى ( رضى الله عنه ) أخرجه اليها
عثمان بن عفان كرها ، وليس بها ضرع ولا زرع ولا ثاغية ولا راغية ، أرض جرداء فاحلة
فبقى بها منفيا حتى مات رحمه الله وتولى غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه طائفة من المؤمنين
بشهادة النبى صلى الله عليه وآله لهم بذلك وهم مالك الاشتر وصحبه ، وقد سكنها اناس
جاوروا قبر ابى ذر فكانت آهله حتى سنة ( 319 ) حيث خرجها القرامطة لعنهم الله فيما خربوا
من آثار الاسلام وبلاد المسلمين .
( 2 ) العرض بالفتح الجنون ، وفى القاموس عرض له الغول ظهرت .
( 3 ) قرب الاسناد ص 11 .
( 4 ) امالى الشيخ المفيد ص 179 .
[ 64 ]
بمنديل ، فدنوت منه وسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم كشف المنديل عن الطبق فإذا
فيه رطب فجعل يأكل منه ، فدنوت منه فقلت : يا رسول الله ناولني رطبة ، فناولني
واحدة فأكلتها ثم قلت : يا رسول الله ناولني اخرى فناولنيها فأكلتها ، وجعلت
كلما أكلت واحدة سألته اخرى ، حتى أعطاني ثماني رطبات فأكلتها ، ثم طلبت
منه اخرى فقال لي : حسبك ! قال : فانتبهت من منامي ، فلما كان من الغد ، دخلت
على جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وبين يديه طبق مغطى بمنديل ، كأنه الذي رأيته
في المنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، ثم كشف عن
الطبق فاذا فيه رطب ، فجعل يأكل منه فعجبت لذلك ، فقلت : جعلت فداك ناولني
رطبة ، فناولني فأكلتها ، ثم طلبت اخرى فناولني فأكلتها ، وطلبت اخرى حتى
أكلت ثماني رطبات ، ثم طلبت منه اخرى فقال لي : لوزادك جدي رسول الله صلى الله عليه وآله
لزدناك فأخبرته الخبر فتبسم تبسم عارف بما كان ( 1 ) .
3 ما : المفيد ، عن علي بن بلال ، عن علي بن سليمان ، عن أحمد بن القاسم
عن أحمد بن محمد السياري ، عن محمد بن خالد البرقى ، عن سعيد بن مسلم ، عن داود
ابن كثير الرقي قال : كنت جالسا عند أبي عبدالله عليه السلام إذ قال لي مبتدئا من قبل
نفسه : يا داود لقد عرضت علي أعمالكم يوم الخميس فرأيت فيما عرض علي من
عملك صلتك لابن عمك فلان ، فسرني ذلك إني علمت أن صلتك له أسرع لفناء
عمره وقطع أجله ، قال داود : وكان لي ابن عم معاندا خبيثا بلغني عنه وعن عياله
سوء حال فصككت له نفقة قبل خروجي إلى مكة فلما صرت بالمدينة خبرني أبوعبدالله
عليه السلام بذلك ( 2 ) .
4 ما : أبوالقاسم بن شبل ، عن ظفر بن حمدون ، عن إبراهيم بن إسحاق
عن ابن أبي عمير ، عن سدير الصير في قال : جاءت امرأة إلى أبي عبدالله عليه السلام فقالت
له : جعلت فداك ، أبي وامي وأهل بيتي نتولا كم ، فقال لها أبوعبدالله عليه السلام :
* ( هامش ) * ( 1 ) امالى الشيخ الطوسى ص 70 .
( 2 ) نفس المصدر ص 263 .
[ 65 ]
صدقت ، فما الذي تريدين ؟ قالت له المرأة : جعلت فداك يا ابن رسول الله أصابني
وضح في عضدي ، فادع الله أن يذهب به عني قال أبوعبدالله : اللهم إنك تبرئ
الاكمه والابرص ، وتحيي العظام وهي رميم ، ألبسها من عفوك وعافيتك ماترى
أثر إجابة دعائي فقالت المرأة : والله لقد قمت ، ومابي منه قليل ولا كثير ( 1 ) .
5 ير : عبدالله بن محمد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن بشر ، عن فضالة ، عن
محمد بن مسلم ، عن المفضل بن عمر قال : حمل إلى أبي عبدالله عليه السلام مال من
خراسان مع رجلين من أصحابه ، لم يزالا يتفقدان المال حتى مرا بالري ، فرفع
إليهما رجل من أصحابهما كيسافيه ألفا درهم ، فجعلا يتفقدان في كل يوم الكيس
حتى دنيا من المدينة ، فقال أحدهما لصاحبه : تعال حتى ننظر ما حال المال ؟
فنظرا فاذا المال على حاله ما خلاكيس الرازي ، فقال أحدهما لصاحبه : الله المستعان
ما نقول الساعة لابي عبدالله عليه السلام ؟ فقال أحدهما : إنه عليه السلام كريم ، وأنا
أرجوأن يكون علم نقول عنده ، فلما دخلا المدينة قصدا إليه ، فسلما إليه المال
فقال لهما : أين كيس الرازي ؟ فأخبراه بالقصه ، فقال لهما : إن رأيتما الكيس
تعرفانه ؟ قالا : نعم ، قال : يا جارية علي بكيس كذا وكذا ، فأخرجت الكيس
فرفعه أبوعبدالله عليه السلام إليهما فقال : أتعرفانه ؟ قالا : هو ذاك قال : إني احتجت
في جوف الليل إلى مال ، فوجهت رجلا من الجن من شيعتنا فأتاني بهذا الكيس
من متاعكما ( 2 ) .
6 يج : عن المفضل مثله .
7 ير : أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن حماد بن عثمان
قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : تظهر الزنادقة سنة ثمانية وعشرين ومائة وذلك
لاني نظرت مصحف فاطمة عليها السلام ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ص 259 .
( 2 ) بصائر الدرجات ج 2 باب 18 ص 27 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 باب 14 ص 42 وهو صدر حديث .
[ 66 ]
بيان : لعل المراد ابن أبي العوجاء وأضرابه الذين ظهروا في أواسط زمانه
عليه السلام .
8 ير : ابن يزيد ، عن الوشاء ، عن ابن أبي حمزة قال : خرجت بأبي بصير
أقوده إلى باب أبي عبدالله عليه السلام قال : فقال لي : لاتتكلمولا تقل شيئا فانتهيت به إلى
الباب ، فتنحنح فسمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : يا فلانة افتحي لابي محمد الباب قال :
فدخلنا والسراج بين يديه ، فاذا سفط بين يديه مفتوح قال : فوقعت علي الرعدة
فجعلت أرتعد فرفع رأسه إلي فقال : أبزاز أنت ؟ قلت : نعم جعلني الله فداك قال :
فرمى إلي بملاءة قوهية ( 1 ) كانت على المرفقة فقال : اطو هذه فطويتها ثم قال :
أبزاز أنت ؟ وهو ينظر في الصحيفة قال : فازددت رعدة ، قال : فلما خرجنا قلت :
يا أبا محمد ما رأيت كمامر بي الليلة ، إني وجدت بين يدي أبي عبدالله عليه السلام سفطا
قد أخرج منه صحيفة ، فنظر فيها فكلما نظر فيها أخذتني الرعدة ، قال : فضرب
أبو بصير يده على جبهته ثم قال : ويحك ألا أخبرتني ، فتلك والله الصحيفة التي فيها
أسامي الشيعة ، ولو أخبرتني لسألته أن يريك اسمك فيها ( 2 ) .
9 ير : إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حماد ، عن أبي بصير وداود الرقي
عن معاوية بن عمار ومعاوية بن وهب ، عن ابن سنان قال : كنا بالمدينة ، حنى بعث
داود بن علي إلى المعلى بن خنيس فقتله . فجلس أبوعبدالله عليه السلام فلم يأته شهرا قال :
فبعث إليه أن ائتني فأبى أن يأتيه ، فبعث إليه خمس نفر من الحرس فقال : ائتوني
به ، فإن أبى فائتوني به أو برأسه ، فدخلوا عليه وهو يصلي ونحن نصلي معه الزوال
فقالوا أجب داود بن علي قال : فإن لم اجب ؟ قال : أمرنا أن نأتيه برأسك فقال :
وما أظنكم تقتلون ابن رسول الله ، قالوا : ما ندري ما تقول ، وما نعرف إلا الطاعة
* ( هامش ) * ( 1 ) نسبة إلى قوهستان معرب كوهستان ويعنى موضع الجبال وهى كورة بين
نيسابور وهراة وقصبتها قاين ، وأيضا بلد بكرمان قرب جيرفت ، ومنه ثوب قوهى فما ينسج
بها أو كل ثوب أشبهه يقال له قوهى وان لم يكن من قوهستان .
( 2 ) بصائر الدرجات ج 4 باب 3 ص 46 .
[ 67 ]
قال : انصرفوا فانه خيرلكم في دنياكم وآخرتكم ، قالوا : والله لا ننصرف حتى
نذهب بك معنا أو نذهب برأسك قال : فلما علم أن القوم لا يذهبون إلا بذهاب
رأسه وخاف على نفسه ، قالوا : رأيناه قد رفع يديه ، فوضعهما على منكبيه ، ثم
بسطهما ، ثم دعا بسبابته فسمعناه يقول : الساعة الساعة ، فسمعنا صراخا عاليا
فقالوا له : قم ! فقال لهم : أما إن صاحبكم قدمات ، وهذا الصراخ عليه ، فابعثوا
رجلا منكم ، فإن لم يكن هذا الصراخ عليه ، قمت معكم ، قال : فبعثوا رجلا
منهم فما لبث أن أقبل فقال : يا هؤلاء قدمات صاحبكم ، وهذا الصراخ عليه فانصرفوا
فقلت له : جعلنا الله فداك ما كان حاله ؟ قال : قتل مولاي المعلى بن خنيس ، فلم آته
منذ شهر فبعث إلي أن آتيه ، فلما أن كان الساعة لم آته ، فبعث إلي ليضرب عنقي
فدعوت الله باسمه الاعظم ، فبعث الله إليه ملكا بحربة فطعنه في مذاكيره فقتله
فقلت له : فرفع اليدين ماهو ؟ قال : الابتهال فقلت : فوضع يديك وجمعها ؟ فقال :
التضرع ، قلت : ورفع الاصبع قال : البصبصة ( 1 ) .
10 ير : أحمد بن محمد ، عن بكر ، عمن رواه ، عن عمر بن يزيد قال : دخلت
على أبي عبدالله عليه السلام فبسط رجليه وقال : اغمزها يا عمر قال : فأضمرت في نفسي أن
أسأله عن الامام بعده قال : فقال : يا عمر لا اخبرك عن الامام بعدي ( 2 ) .
11 ير : محمد بن علي ، عن عمه محمد بن عمر ، عن عمر بن يزيد قال : كنت عند
أبي عبدالله عليه السلام ليلة من الليالي ، ولم يكن عنده أحد غيري ، فمد رجله في حجري
فقال : اغمزها يا عمر ! قال : فغمزت رجله ، فنظرت إلى اضطراب في عضلة ساقيه
فأردت أن أسأله إلى من الامر من بعده ، فأشار إلي فقال : لا تسألني في هذه الليلة
عن شئ فاني لست اجيبك ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 5 باب 2 ص 58 .
( 2 ) المصدر السابق ج 5 باب 10 ص 63 .
( 3 ) المصدر السابق ج 5 باب 10 ص 63 .
[ 68 ]
12 كشف : من كتاب الدلائل للحميري عن عمر بن يزيد مثله ( 1 )
13 ير : إبراهيم بن هاشم ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن إبراهيم بن محمد ، عن شهاب
ابن عبد ربه قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام وأنا اريد أسأله عن الجنب يغرف الماء
من الحب ، فلما صرت عنده انسيت المسألة فنظر إلي أبوعبدالله عليه السلام فقال :
يا شهاب لا بأس أن يغرف الجنب من الحب ( 2 ) .
14 يج : عن شهاب مثله .
15 ير : أحمد بن محمد ، عن الاهوازي ، عن الحسين بن بردة ، وعن جعفر
ابن بشير الخزاز ، عن إسماعيل بن عبدالعزيز قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يا إسماعيل
ضع لي في المتوضأ ماءا قال : فقمت فوضعت له ، قال : فدخل ، قال : فقلت في يفسي
أنا أقول فيه كذا وكذا ويدخل المتوضأ يتوضأ ، قال : فلم يلبث أن خرج فقال :
يا إسماعيل لا ترفع البناء فوق طاقته فينهدم ، اجعلونا مخلوقين وقولوا فينا ماشئتم
فلن تبلغوا ، فقال إسماعيل : وكنت أقول إنه وأقول وأقول ( 3 ) .
16 كشف : من كتاب الدلائل للحميري ، عن عبدالعزيز مثله ( 4 ) .
بيان : قوله ( إنه ) أي أنه الرب تعالى الله عن ذلك ، ( وأقول ) أي لم أرجع
بعد عن هذا القول أو المعنى أني كنت مصرا على هذا القول .
17 ير : أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين
ابن أحمد بن أسدبن أبي العلا ، عن هشام بن أحمد قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام
وأنا اريد أن أسأله عن المفضل بن عمرو هوفي مصنعة له ، في يوم شديد الحر ، والعرق
يسيل على خده ، فيجزي على صدره ، فابتدأني فقال : نعم والله الرجل المفضل بن
عمر ، نعم والله الذي لا إله إلا هو الرجل المفضل بن عمر الجعفي ، حتى أحصيت
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 2 ص 422 .
( 2 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 63 .
( 3 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 63 .
( 4 ) كشف الغمة ج 2 ص 427 .
[ 69 ]
بضعا وثلاثين مرة ، يقولها ويكررها ، وقال : إنما هو والد بعدوالد ( 1 ) .
بيان : المصنعة الحوض يجمع فيه ماء المطر والاصوب ( في ضيعة ) كما في بعض
النسخ .
18 ير : محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن شهاب بن عبد ربه قال :
أتيت أبا عبدالله عليه السلام أسأله فابتدأني فقال : إن شئت فسل يا شهاب ، وإن شئت أخبرناك
بما جئت له ، قلت : أخبرني جعلت فداك قال : جئت لتسأل عن الجنب يغرف الماء
من الحب بالكوز ، فيصيب يده الماء ؟ قلت : نعم قال : ليس به بأس قال : وإن شئت
سل ، وإن شئت أخبرتك قال : قلت له : أخبرني قال : جئت تسأل عن الجنب يسهو
ويغمريده في الماء قبل أن يغسلها ؟ قلت : وذاك جعلت فداك قال : إذا لم يكن أصاب


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 69 سطر 10 الى ص 77 سطر 10

يده شئ فلا بأس بذاك ، سل وإن شئت أخبرتك قلت : أخبرني قال : جئت لتسألني
عن الجنب يغتسل ، فيقطر الماء من جسمه في الاناء ، أو ينضع الماء من الارض فيقع في
الاناء ؟ قلت : نعم جعلت فداك قال : ليس بهذا بأس كله ، فسل وإن شئت أخبرتك
قلت : أخبرني قال : جئت لتسألني عن الغدير يكون في جانبه الجيفة أتوضأ منه
أولا ؟ قلت : نعم قال : فتوضأ من الجانب الآخر إلا أن يغلب على الماء الريح
وجئت لتسأل عن الماء الراكد من البئر قال : فما لم يكن فيه تغيير أو ريح غالبة
قلت : فما التغيير ؟ قال : الصفرة ، فتوضأ منه ، وكلما غلب عليه كثرة الماء فهو
طاهر ( 2 ) .
19 قب : عن شهاب مثله ( 3 ) .
20 ير : أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال قال :
اختلف الناس في جابر بن يزيد ، وأحاديثه وأعاجيبه قال : فدخلت على أبي عبدالله
عليه السلام وأنا اريد أن أسأله عنه ، فابتدأني من غير أن أسأله رحم الله جابر بن
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 64 بتفاوت يسير .
( 2 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 64 .
( 3 ) المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 347 .
[ 70 ]
يزيد الجعفي ، كان يصدق علينا ، ولعن الله المغيرة بن سعيد كان يكذب علينا ( 1 ) .
21 ير : أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن إبراهيم بن الفضل ، عن عمر
ابن يزيد قال : كنت عند أبي عبدالله وهو وجع فولاني ظهره ، ووجهه إلى الحائط
فقلت في نفسي : ما أدري ما يصيبه في مرضه ، وما سألته عن الامام بعده ، فأنا افكر في
ذلك ، إذ حول وجهه إلي فقال : إن الامر ليس كما تظن ليس علي من وجعي
هذا بأس ( 2 ) .
22 ير : الحسين بن علي ، عن عيسى ، عن مروان ، عن الحسين بن موسى
الحناط قال : خرجت أنا وجميل بن دراج وعائذ الاحمسي حاجين قال : وكان
يقول عائذ لنا : إن لي حاجة إلى أبي عبدالله عليه السلام اريد أن أسأله عنها ، قال :
فدخلنا عليه ، فلما جلسنا قال لنا مبتدئا : من أتى الله بما افترض عليه لم يسأله عما سوى
ذلك قال : فغمزنا عائذ ، فلما قمنا قلنا : ما حاجتك ؟ قال : الذي سمعنا منه إني
رجل لا اطيق القيام بالليل ، فخفت أن أكون مأثوما مأخوذا به فأهلك ( 3 ) .
23 كشف : من كتاب الدلائل للحميري ، عن عائذ مثله ( 4 ) .
24 قب : سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن فضال ، عن هارون بن مسلم ، عن
الحسن بن موسى الحناط مثله ( 5 ) .
25 ير علي بن حسان ، عن جعفر بن هارون الزيات قال : كنت أطوف
بالكعبة فرأيت أبا عبدالله عليه السلام فقلت في نفسي : هذا هو الذي يتبع ، والذي هو
كذا وكذا قال : فما علمت به حتى ضرب يده على منكبي ، ثم أقبل علي وقال :
( أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر ) ( 6 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 64 .
( 2 ) نفس المصدر ج 5 باب 10 ص 64 .
( 3 ) المصدر السابق ج 5 باب 10 ص 64 .
( 4 ) كشف الغمة ج 2 ص 424 .
( 5 ) وأخرجه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 10 .
( 6 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65 .
[ 71 ]
26 ير : أحمد بن محمد ، عن الاهوازي ، عن ابن فضال ، عن أسد بن أبي العلا
عن خالد بن نجيح الجوان قال : كنا عند أبي عبدالله عليه السلام وأنا أقول في نفسي : ليس
يدرون هؤلاء بين يدي من هم ؟ قال : فأدناني حتى جلست بين يديه ثم قال : يا هذا
إن لي ربا أعبده ثلاث مرات ( 1 ) .
أقول : سيأتي باسناد آخر في باب أحوال أصحابه عليه السلام .
27 ير : محمد بن الحسين ويعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن
اذينة ، عن عبدالله النجاشي قال : أصابت جبة لي من نضح بول شككت فيه ، فغمرتها
ماءا في ليلة باردة فلما دخلت على أبي عبدالله عليه السلام ابتدأني فقال : إن الفرو إذا
غسلته بالماء فسد ( 2 ) .
28 ير : إبراهيم بن هاشم ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن إبراهيم بن محمد الاشعري
عن أبي كهمس قال : كنت نازلا بالمدينة في دار فيها وصيفة كانت تعجبني فانصرفت
ليلا ممسيا فاستفتحت الباب ففتحت لي فمددت يدي فقبضت على ثديها ، فلما كان
من الغد دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقال : يا أبا كهمس تب إلى الله مما صنعت
البارحة ( 3 ) .
29 ير : محمد بن عبدالجبار ، عن أبي القاسم ، عن محمد بن سهل ، عن إبراهيم
ابن أبي البلاد ، عن مهزم قال : كنا نزولا بالمدينة ، وكانت جارية لصاحب المنزل
تعجبني وإني أتيت الباب فاستفتحت ، ففتحت لي الجارية ، فغمزت ثديها ، فلما
كان من الغد دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقال : يا مهزم أين كان أقصى أثرك
اليوم ؟ فقلت له : ما برحت المسجد ، فقال : أما تعلم أن أمرنا هذا لاينال إلا
بالورع ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65 .
( 2 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65 .
( 3 و 4 ) نفس المصدر ج 5 باب 11 ص 65 .
[ 72 ]
30 قب : عن مهزم مثله ( 1 ) .
31 عم : من كتاب نوادر الحكمة باسناده عن إبراهيم مثله ( 2 ) .
بيان : لعل المعنى أين كان في الليل أقصى أثرك ، ومنتهى عملك في هذا
اليوم ، من التقوى والعبادة ، أو أين كان اليوم آخر فعلك البارحة ، ومهزم لم يفهم
كلامه عليه السلام إلا بعد إتمامه ، ويحتمل أن يكون قوله أقصى أثرك سؤالا عن فعله
في هذا اليوم ثم أشار إلى ما فعله في الليلة الماضية بقوله : أما تعلم .
32 ير : محمد بن عبدالجبار ، عن الحسن بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن
الميثمي ، عن إبراهيم بن مهزم قال : خرجت من عند أبي عبدالله عليه السلام ليلة ممسيا فأتيت
منزلي بالمدينة ، وكانت امي معي ، فوقع بيني وبينها كلام ، فأغلظت لها ، فلما
أن كان من الغد صليت الغداة ، وأتيت أبا عبدالله عليه السلام فلما دخلت عليه فقال لي
مبتدئا : يا أبا مهزم مالك والوالدة أغلظت في كلامها البارحة ، أما علمت أن بطنها
منزل قد سكنته ، وأن حجرها مهد قد غمزته ، وثديها وعاء قد شربته ؟ قال : قلت :
بلى قال : فلا تغلظ لها ( 3 ) .
33 ير : محمد بن الحسين ، عن حارث الطحان قال : أخبرني أحمد ، وكان
من أصحاب أبي الجارود عن الحارث بن حصيرة الازدي ، قال قدم رجل من أهل
الكوفة إلى خراسان فدعا الناس إلى ولاية جعفر بن محمد عليه السلام ففرقة أطاعت وأجابت
وفرقة جحدت وأنكرت ، وفرقة ورعت ووقفت قال : فخرج من كل فرقة رجل
فدخلوا على أبي عبدالله عليه السلام قال : فكان المتكلم منهم الذي ورع ووقف ، وقدكان
مع بعض القوم جارية فخلا بها الرجل ووقع عليها ، فلما دخلنا على أبي عبدالله عليه السلام
وكان هو المتكلم فقال له : أصلحك الله قدم علينا رجل من أهل الكوفة فدعا الناس
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 353 .
( 2 ) اعلام الورى ص 268 .
( 3 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 11 ص 66 .
[ 73 ]
إلى طاعتك وولايتك فأجاب قوم ، وأنكر قوم ، وورع قوم ووقفوا ، قال : فمن أي
الثلاث أنت ؟ قال : أنا من الفرقه التي ورعت ووقفت ، قال : فأين كان ورعك ليلة
كذا وكذا ؟ قال : فارتاب الرجل ( 1 ) .
34 ير : محمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن عمار السجستاني
قال : كان عبدالله النجاشي منقطعا إلى عبدالله بن الحسن يقول بالزيدية ، فقضي
أني خرجت وهو إلى مكة ، فذهب هذا إلى عبدالله بن الحسن ، وجئت أنا إلى
أبي عبدالله عليه السلام قال : فلقيني بعد فقال : استأذن لي على صاحبك ، قلت لابي عبدالله عليه السلام
إنه سألني الاذن له عليك قال : فقال : ائذن له قال : فدخل عليه فسأله فقال له
أبوعبدالله عليه السلام : ما دعاك إلى ماصنعت ، تذكر يوم كذا يوم مررت على باب قوم
فسال عليك ميزاب من الدار ، فسألتهم فقالوا : إنه قذر ، فطرحت نفسك في النهر
مع ثيابك وعليك مصبغة ، فاجتمعوا عليك الصبيان يضحكونك ويضحكون منك ؟
قال عمار : فالتفت الرجل إلي فقال : ما دعاك أن تخبر بخبري أبا عبدالله عليه السلام
قال : قلت لا والله ما أخبرته ، هوذا قدامي يسمع كلامي قال : فلما خرجنا قال
لي : يا عمار هذا صاحبي دون غيره ( 2 ) .
35 قب ( 3 ) يج : مرسلا مثله ( 4 ) .
36 ير : علي بن إسماعيل ، عن ابن بزيع ، عن سعدان بن مسلم ، عن شعيب
العقر قوفي قال : بعث معي رجل بألف درهم فقال : إني احب أن أعرف فضل أبي
عبدالله على أهل بيته قال : خذ خمسة دراهم ستوقة اجعلها في الدراهم ، وخذ من
الدراهم خمسة فصرها في لبنة قميصك ، فانك ستعرف فضله ، فأتيت بها أبوعبدالله
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 11 ص 66 .
( 2 ) نفس المصدر ج 5 باب 11 ص 66 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 348 .
( 4 ) الخرائج والجرائح ص 242 .
[ 74 ]
عليه السلام فنشرها وأخذ الخمسة فقال : هاك خمستك ، وهات خمستنا ( 1 ) .
37 قب ( 2 ) يج : شعيب مثله .
38 كشف : من كتاب الدلائل للحميري ، عن شعيب مثله ( 3 ) .
بيان : قال الجزري ( 4 ) لبنة القميص رقعة تعمل موضع جيبه .
39 ير : عمر بن علي ، عن عمه عمير ، عن صفوان بن يحيى ، عن جعفر بن
محمد بن الاشعث قال : تدري ما كان سبب دخولنا في هذا الامر ومعرفتنا به ، وما كان
عندنا فيه ذكر ، ولا معرفة بشي ء مما عند الناس ؟ قال : قلت : ما ذاك ؟ قال : إن
أبا جعفر يعني أبا الدوانيق قال لابي محمد بن الاشعث : يا محمد ابغ لي رجلا له عقل
يؤدي عني ، فقال له أبي : قد أصبته لك ، هذا فلان بن مهاجر ، خالي قال : ائتني به
قال : فأتاه بخاله فقال له أبوجعفر : يا ابن مهاجر خذ هذا المال فأعطاه الوف دنانير
أو ما شاء الله من ذلك وائت المدينة والق عبدالله بن الحسن وعدة من أهل بيته فيهم
جعفر بن محمد فقل لهم : إني رجلا غريب من أهل خراسان ، وبها شيعة من شيعتكم وجهوا
إليك بهذا المال ، فادفع إلى كل واحد منهم على هذا الشرط ، كذا وكذا فإذا
قبضوا المال فقل : إني رسول واحب أن يكون معي خطوطكم بقبضكم ما قبضتم مني
قال : فأخذ المال وأتى المدينة ثم رجع إلى أبي جعفر ، وكان محمد بن الاشعث عنده فقال
أبوجعفر : ما وراك ؟ قال : أتيت القوم وفعلت ما أمرتني به وهذه خطوطهم بقبضهم
المال ، خلا جعفر بن محمد ، فاني أتيته وهو يصلي في مسجد الرسول الله صلى الله عليه وآله ، فجلست
خلفه وقلت ينصرف فأذكر له ما ذكرت لاصحابه فعجل وانصرف ، ثم التفت إلي
فقال : يا هذا اتق الله ولا تغرن أهل بيت محمد ، وقل لصاحبك : اتق الله ولا تغرن أهل بيت
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 11 ص 66 ، وستوقة ودرهم ستوقة كتنور وقدوس
زيف بهرج ملبس بالفضة .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 354 .
( 3 ) كشف الغمة ج 2 ص 425 .
( 4 ) نهاية اللغة لابن الاثير ج 4 ص 47 بتفاوت .
[ 75 ]
محمد ، فانهم قريبو العهد بدولة بني مروان ، وكلهم محتاج قال : فقلت : وما ذا
أصلحك الله فقال : ادن مني فأخبرني بجميع ماجرى بيني وبينك ، حتى كأنه
كان ثالثنا ، قال : فقال أبوجعفر : يا ابن مهاجر اعلم أنه ليس من أهل بيت النبوة
إلا وفيهم محدث ، وإن جعفر بن محمد محدث اليوم ، فكانت هذه دلالة أنا قلنا بهذه
المقالة ( 1 ) .
40 يج : مرسلا مثله ( 2 ) .
41 كا : أبوعلي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان مثله ( 3 ) .
42 قب : عن صفوان مثله ( 4 ) .
43 ير : أحمد بن موسى ، عن محمد بن أحمد المعروف بغزال ، عن أبي عمر
الدماري ، عمن حدثه قال : جاء رجل إلى أبي عبدالله عليه السلام وكان له أخ جارودي
فقال له أبوعبدالله عليه السلام : كيف أخوك ؟ قال : جعلت فداك خلفته صالحا ، قال :
وكيف هو ؟ قال : قلت : هو مرضي في جميع حالاته ، وعنده خير إلا أنه لا يقول
بكم ، قال : وما يمنعه ؟ قال : قلت : جعلت فداك يتورع من ذلك قال : فقال لي :
إذا رجعت إليه فقل له : أين كان ورعك ليلة نهر بلخ أن تتورع ؟ قال : فانصرفت
إلى منزله فقلت لاخي : ما كانت قصتك ليلة نهر بلخ ؟ أتتورع من أن تقول بامامة
جعفر عليه السلام ، ولا تتورع من ليلة نهر بلخ ؟ قال : ومن أخبرك ؟ قلت : إن أبا عبدالله
عليه السلام سألني فأخبرت أنك لا تقول به تورعا فقال لي قل له : أين كان ورعك ليلة
نهر بلخ ؟ فقال : يا أخي أشهد أنه كذا كلمة لايجوز أن تذكر قال : قلت : ويحك
اتق الله ، كل ذا ، ليس هو هكذا قال : فقال : ما علمه ؟ والله ما علم به أحد من خلق الله
إلا أنا والجارية ورب العالمين ، قال : قلت : وما كانت قصتك ؟ قال : خرجت من
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 11 ص 66 .
( 2 ) الخرائج والجرائح ص 242 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 475 .
( 4 ) المناقب ج 3 ص 348 .
[ 76 ]
وراء النهر وقد فرغت من تجارتي ، وأنا اريد بلخ فصحبني رجل معه جارية له حسنا
حتى عبرنا نهر بلخ فأتيناه ليلا فقال الرجل مولى الجارية : إما أحفظ عليك وتقدم
أنت وتطلب لنا شيئا ، وتقتبس نارا ، أو تحفظ علي وأذهب أنا قال : فقلت أنا أحفظ
عليك ، واذهب أنت . قال : فذهب الرجل ، وكنا إلى جانب غيضة ( 1 ) فأخذت
الجارية فأدخلتها الغيضة وواقعتها ، وانصرفت إلى موضعي ثم أتا مولاها فاضطجعنا
حتى قدمنا العراق ، فما علم به أحد ولم أزل به حتى سكن ، ثم قال به ، وحججت
من قابل فأدخلته إليه فأخبره بالقصة فقال : تستغفرالله ولا تعو د ، واستقامت
طريقته ( 2 ) .
بيان : قوله ( إنه كذا ) لعله نسبه عليه السلام إلى السحر والكهانة قوله ( كل ذا )
أي أتظن به وتنسب إليه كل ذا ، ويحتمل أن يكون نسبه عليه السلام إلى الربوبية فقال :
تقول فيه وتغلو كل ذا .
44 ير : أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن غير واحد ، عن أبي
بصير قال : قدم إلينا رجل من أهل الشام فعرضت عليه هذا الامر فقبله ، فدخلت
عليه وهو في سكرات الموت فقال لي : يا أبا بصير قد قبلت ما قلت لي فكيف لي
بالجنة ؟ فقتل : أنا ضامن لك على أبي عبدالله عليه السلام بالجنة ، فمات ، فدخلت على
أبي عبدالله عليه السلام فابتدأني فقال لي : قد وفي لصاحبك بالجنة ( 3 ) .
45 ير : موسى بن الحسن ، عن أحمد بن الحسين ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن
عبدالله بن بكير ، عن عمر بن بويه ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
كان أبوعبدالله البلخي معه فانتهى إلى نخلة خاوية فقال : أيتها النخلة السامعة
المطيعة لربها أطعمينا مما جعل الله فيك ، قال : فتساقط علينا رطب مختلف ألوانه
* ( هامش ) * ( 1 ) الغيضة : الاجمة وهى مغيض ماء تجمع فيه الشجر والجمع غياض واغياض .
( 2 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 12 ص 68 .
( 3 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 12 ص 68 .
[ 77 ]
فأكلنا حتى تضلعنا ، فقال البلخي : جعلت فداك سنة فيكم كسنة مريم ( 1 ) .
46 قب : سليمان مثله ( 2 ) .
بيان : تضلع : امتلا شبعا حتى بلغ الطعام أضلاعه .
47 ير : ابن يزيد ، عن الوشاء ، عن البطائني قال : خرجت بأبى بصير أقوده
إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : فقال : لا تكلم ولا تقل شيئا فانتهيت به إلى الباب فتنحنح
فسمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : يا فلانة افتحي لابي محمد قال : فدخلنا والسراج بين
يديه وإذا سفط بين يديه مفتوح قال : فوقعت علي الرعدة ، فجعلت أرتعد فرفع
رأسه إلي فقال : أبزاز أنت ؟ فقلت : نعم جعلت فداك ( 3 ) .
48 قب ، يج : البطائني مثله .
49 ير : أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي اسامة


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 77 سطر 11 الى ص 85 سطر 11

قال : قال لي أبوعبدالله : يازيدكم أتى عليك من سنة ؟ قلت : جعلت فداك كذا
سنة قال : يا أبا اسامة جدد عبادة ربك ، وأحدث توبة فبكيت فقال لي : ما يبكيك
يازيد ؟ قلت : نعيت إلي نفسي قال : يازيد أبشر ، فانك من شيعتنا وأنت في الجنة ( 4 )
50 قب : عن أبي اسامة مثله ( 5 ) .
51 ير : جعفر بن إسحاق ، عن عثمان بن علي ، عن خالد بن نجيح قال :
قلت : إن أصحابنا قد قدموا من الكوفة ، فذكروا أن المفضل شديد الوجع ، فادع
الله له قال : قد استراح ، وكان هذا الكلام بعدموته بثلاثة أيام ( 6 ) .
52 ير : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن عبدالله ، عن عبدالله
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 5 باب 13 ص 69 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 366 .
( 3 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 14 ص 70 .
( 4 ) نفس المصدر ج 6 باب 1 ص 73 .
( 5 ) المناقب ج 3 ص 350 بزيادة في آخره .
( 6 ) بصائر الدرجات ج 6 باب 1 ص 73 .
[ 78 ]
ابن إسحاق ، عن علي ، عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يا أبا محمد ما فعل أبو
حمزة ؟ قال : جعلت فداك خلفته صالحا فقال : إذار جعت إليه فاقرأه السلام ، وأعلمه
أنه يموت يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا ، قال أبوبصير : جعلت فداك لقد كان فيه
انس وكان لكم شيعة ، قال : صدقت يا أبا محمد ما عندنا خيرله ، قلت : جعلت فداك
شيعتكم ؟ قال : نعم إذا خاف الله ، وراقبه ، وتوقى الذنوب ، فإذا فعل ذلك كان معنا في
درجتنا ، قال أبوبصير : فرجعت فما لبث أبوحمزة حتى هلك تلك الساعة في ذلك
اليوم ( 1 ) .
53 قب : عن أبي بصير مثله ( 2 ) .
54 كشف : من كتاب الدلائل للحميري ، عن أبي بصير مثله ( 3 ) .
55 ير : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن ميسر قال :
قال أبوعبدالله عليه السلام : يا ميسر لقد زيد في عمرك ، فأي شئ ، تعمل ؟ قال : كنت أجيرا
وأنا غلام بخمسة دراهم ، فكنت اجريها على خالي ( 4 ) .
56 ير : الحسن بن علي ، عن أبي الصباح ، عن زيد الشحام قال : دخلت
على أبي عبدالله عليه السلام فقال : يا زيد جدد عبادة وأحدث توبة ، قال : نعيت إلي
نفسي جعلت فداك قال : فقال يازيد ما عندنا خير لك وأنت من شيعتنا ، قال : وقلت :
وكيف لي أن أكون من شيعتكم ؟ قال : فقال لي : أنت من شيعتنا ، إلينا الصراط
والميزان ، وحساب شيعتنا ، والله لانا أرحم بكم منكم بأنفسكم ، كأني أنظر
إليك ورفيقك في درجتك في الجنة ( 5 ) .
57 ير : أحمد بن محمد ، عن العباس ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن
المختار ، عن أبي بصير قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام : تريد أن تنظر بعينك إلى السماء ؟
* ( هامش ) * ( 1 و 4 و 5 ) بصائر الدرجات ج 6 باب 1 ص 73 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 349 .
( 3 ) كشف الغمة ج 2 ص 420 .
[ 79 ]
قلت : نعم قال : فمسح يده على عيني فنظرت إلى السماء ( 1 ) .
58 ير : محمد بن الحسين ، عن عبدالله بن جبلة ، عن علي بن أبي حمزة ، عن
أبي بصير قال : حججت مع أبي عبدالله عليه السلام فلما كنا في الطواف قلت له : جعلت
فداك يا ابن رسول الله ، يغفرالله لهذا الخلق ، فقال : يا أبا بصير إن أكثر من ترى
قردة وخنازير ، قال : قلت له : ارنيهم قال : فتكلم بكلمات ثم أمر يده على بصري
فرأيتهم قردة وخنازير فهالني ذلك ، ثم أمريده على بصري فرأيتهم كما كانوا في
المرة الاولى ثم قال : يا أبا محمد أنتم في الجنة تحبرون ، وبين أطباق النار تطلبون
فلا توجدون ، والله لا يجتمع في النار منكم ثلاثة لا والله ، ولا إثنان لا والله ، ولا
واحد ( 2 ) .
بيان : الحبر : بالفتح السرور والنعمة .
59 ير : محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن أبيه ، عن أبي بصير
قال : تجسست جسد أبي عبدالله عليه السلام ومناكبه قال : فقال : يا أبا محمد تحب أن
تراني ؟ فقلت : نعم جعلت فداك قال : فمسح يده على عيني فإذا أنا أنظر إليه ، قال :
فقال : يا أبا محمد لولاشهرة الناس لتركتك بصيرا على حالك ، ولكن لا تستقيم قال :
ثم مسح يده على عيني فإذا أنا كما كنت ( 3 ) .
60 قب : عن موسى مثله ( 4 ) .
61 ير : أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن جميل بن دراج
قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فدخلت عليه امرأة فذكرت أنها تركت ابنها بالملحفة
على وجهه ميتا ، قال لها : لعله لم يمت فقومي فاذهبي إلى بيتك ، واغتسلي وصلي
ركعتين ، وادعي وقولي ( يا من وهبه لي ولم يك شيئا ، جد دلي هبته ) ثم حركيه
* ( هامش ) * ( 1 و 2 ) نفس المصدر ج 6 باب 3 ص 75 .
( 3 ) المصدر السابق ج 6 باب 3 ص 76 .
( 4 ) المناقب ج 3 ص 364 .
[ 80 ]
ولا تخبري بذلك أحدا قال : ففعلت فجاءت فحركته ، فاذا هو قد بكى ( 1 ) .
62 قب : عن جميل مثله ( 2 ) .
63 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد مثله ( 3 ) .
64 ير : عبدالله بن محمد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي محمد بريد ، عن داود
ابن كثير الرقي قال : حج رجل من أصحابنا فدخل على أبي عبدالله عليه السلام
فقال : فداك أبي وامي إن أهلي قد توفيت وبقيت وحيدا فقال أبوعبدالله عليه السلام :
أفكنت تحبها ؟ قال : نعم جعلت فداك قال : ارجع إلى منزلك فإنك سترجع
إلى المنزل وهي تأكل ، قال : فلما رجعت من حجتي ودخلت منزلي رأيتها قاعدة
وهي تأكل ( 4 ) .
65 قب : بصائر الدرجات ، عن سعد القمي باسناده عن داود مثله ، وزاد في
آخره : وبين يديها طبق عليه تمر وزبيب ( 5 ) .
66 ير : محمد بن عيسى ، عن داود بن القاسم قال : كنت معه فرأى محمدا
وعليا أبوعبدالله عليه السلام فقال : يا أبا هاشم هذان الرجلان من إخوانك ؟ قلت :
نعم ، فبينا نحن نسير إذا استقبلنا رجل من ولد إسحاق بن عمار فقال : يا أبا هاشم
هذا واحد ليس من إخوانك ( 6 ) .
67 ير : أحمد بن محمد ، عن أبي القاسم وعبدالله بن عمران ، عن محمد بن
بشير ، عن رجل ، عن عمار الساباطي قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام : يا عمار أبومسلم
فظلله ، وكساه فكسحه بساطورا ، قلت : جعلت فداك ما رأيت نبطيا أفصح منك !
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 6 باب 4 ص 76 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 365 .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 474 .
( 4 ) البصائر ج 6 باب 4 ص 76 .
( 5 ) المناقب ج 3 ص 365 .
( 6 ) بصائر الدرجات ج 6 باب 8 ص 82 .
[ 81 ]
فقال : يا عمار وبكل لسان ( 1 ) .
68 ير : الحسن بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي بن شريف ، عن علي بن
أسباط ، عن إسماعيل بن عباد ، عن عامر بن علي الجامعي قال : قلت لابي عبدالله
عليه السلام : جعلت فداك إنا نأكل ذبائح أهل الكتاب ولا ندري يسمون عليها
أم لا ؟ فقال : إذا سمعتهم قدسموا فكلوا ، أتدري ما يقولون على ذبائحهم ؟ فقلت :
لا ، فقرأ كأنه شبه يهودي قد هذها ثم قال : بهذا امروا فقلت : جعلت فداك
إن رأيت أن نكتبها قال : اكتب : نوح أيوا أدينوا يلهيز مالحوا عالم أشر سوا أو رضوا
بنوا [ يوسعه ] موسق ذعال أسحطوا ( 2 ) .
بيان : الهذ سرعة القراءة .
69 ير : النهدي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن رجل من أهل بيرما ( 3 )
قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فودعته ، وخرجت حتى بلغت الاعوض ( 4 ) ثم
ذكرت حاجة لي فرجعت إليه والبيت غاص بأهله ، وكنت أردت أن أسأله عن
بيوض ديوك الماء فقال لي : ( يابت ) يعني البيض ( دعانا ميتا ) يعني ديوك الماء
( بناحل ) يعني لاتأكل ( 5 ) .
70 قب : عن رجل من أهل دوين مثله ( 6 ) .
71 ير : أحمد بن الحسين ، عن الحسن بن برا ، عن أحمد بن محمد بن
أبي نصر قال : حدثني رجل من أهل جسر بابل قال : كان في القرية رجل يؤذيني
* ( هامش ) * ( 1 و 2 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 11 ص 95 .
( 3 ) بيرما : كذا في الاصل والمصدر والظاهرانه تحريف ( بيرحا ) قيل هى ارض
لابى طلحة بالمدينة ، وقيل هو موضع بقرب المسجد يعرف بقصر بنى جديلة ( لا حظ معجم
البلدان ج 2 ص 327 328 ) .
( 4 ) الاعوص : موضع قرب المدينة على أميال منها يسيرة .
( 5 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 11 ص 96 .
( 6 ) المناقب ج 3 ص 347 .
[ 82 ]
ويقول : يا رافضي ، ويشتمني ، وكان يلقب بقرد القرية قال : فحججت سنة ، فدخلت
على أبي عبدالله عليه السلام فقال ابتداء : قوفه ما نامت ، قلت : جعلت فداك متى ؟ قال :
في الساعة ، فكتبت اليوم والساعة ، فلما قدمت الكوفة تلقاني أخي فسألته عمن
بقي وعن من مات فقال لي : قوفه ما نامت ، وهي بالنبطية قرد القرية مات فقلت له :
متى ؟ فقال لي : يوم كذا وكذا ، وكان في الوقت الذي أخبرني به أبوعبدالله عليه
السلام ( 1 ) .
72 ختص ( 2 ) ير : محمد بن عبدالجبار ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن فضالة
عن مسمع كردين ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : دخلت عليه وعنده إسماعيل قال :
ونحن إذ ذاك نأتم به بعد أبيه ، فذكر في حديث طويل أنه سمع رجل أبا عبدالله
عليه السلام خلاف ماظن فيه قال : فأتيت رجلين من أهل الكوفه كانا يقولان به
فأخبرتهما فقال واحد منهما : سمعت وأطعت ورضيت وسلمت ، وقال الآخر وأهوى
بيده إلى جيبه فشقه ثم قال : لا والله لا سمعت ولا أطعت ولا رضيت حتى أسمعه منه
قال : ثم خرج متوجها إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : وتبعته ، فلما كنا بالباب فاستاذنا
فأذن لي فدخلت قبله ، ثم أذن له فدخل فلما دخل قال له أبوعبدالله عليه السلام : يا
فلان أيريد كل امرئ منكم أن يؤتى صحفا منشرة ؟ إن الذي أخبرك به فلان
الحق قال : جعلت فداك إني أشتهي أن أسمعه منك قال : إن فلانا إمامك
وصاحبك من بعدي ، يعني أبا الحسن ، فلايد عيها فيها بيني وبينه إلا كاذب مفتر
فالتفت إلى الكوفي ، وكان يحسن كلام النبطية ، وكان صاحب قبالات فقال لي :
ذرقه فقال أبوعبدالله عليه السلام : إن ذرقه بالنبطية : خذها ، أجل فخذها فخرجنا من
عنده ( 3 ) .
73 ير : محمد بن هارون ، عن ابن أبي نجران ، عن أبي هارون العبدي
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 11 ص 96 .
( 2 ) الاختصاص ص 290 .
( 3 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 12 ص 97 .
[ 83 ]
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال لبعض غلمانه في شئ جرى : لئن انتهيت
وإلا ضربتك ضرب الحمار قال : جعلت فداك وما ضرب الحمار ؟ قال : إن نوحا
عليه السلام لما أدخل السفينة من كل زوجين اثنين جاء إلى الحمار فأبى أن يدخل
فأخذ جريدة من نخل ، فضربه ضربة واحدة وقال له : عبسا شاطانا ، أي ادخل
يا شيطان ( 1 ) .
74 ير : عبدالله بن جعفر ، عن أحمد بن محمد بن إسحاق الكرخي ، عن
عمه محمد بن عبدالله بن جابر الكرخي وكان رجلا خيرا كاتبا كان لاسحاق بن عمار
ثم تاب من ذلك ، عن إبراهيم الكرخي قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فقال لي :
يا إبراهيم أين تنزل من الكرخى ؟ قلت : في موضع يقال له : شادروان قال : فقال
لي : تعرف قطفتا ؟ ( 2 ) قال : إن أميرالمؤمنين عليه السلام حين أتى أهل النهروان نزل
قطفتا ، فاجتمع إليه أهل بادوريا ( 3 ) فشكوا إليه ثقل خراجهم ، وكلموه بالنبطية
وأن لهم جيرانا أو سع أرضا وأقل خراجا ، فأجابهم بالنبطية : رعر روظأمن عوديا
قال : فمعناه رب رجز صغير خير من رجز كبير ( 4 ) .
بيان : الرجز نوع من الشعر معروف ولعله عليه السلام ذكره على وجه التمثيل
ويحتمل أن يكون مثلا معروفا .
75 ير : محمد بن عبدالجبار ، عن اللؤلؤي ، عن أحمد بن الحسن ، عن
الفيض بن المختار في حديث له طويل في أمر أبي الحسن عليه السلام حتى قال له : هو صاحبك
الذي سألت عنه ، فقم فأقر له بحقه ، فقمت حتى قبلت رأسه ويده ، ودعوت الله
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 7 باب 11 ص 96 .
( 2 ) قطفتا : بالفتح ثم الضم ، والفاء ساكنة ، وتاء مثناة من فوق ، والقصر : محلة
كبيرة ذات أسواق بالجانب الغربى من بغداد .
( 3 ) بادوريا : بالواو والراء وياء وألف : طسوج من كورة الاستان بالجانب الغربى
من بغداد .
( 4 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 11 ص 96 .
[ 84 ]
له ، قال أبوعبدالله عليه السلام : أما إنه لم يؤذن له في ذلك ، فقلت : جعلت فداك باخبر
به أحدا ؟ فقال : نعم أهلك وولدك ورفقاءك ، وكان معي أهلي وولدي ، وكان يونس
ابن ظبيان من رفقائي ، فلما أخبرتهم حمدوا الله على ذلمك ، وقال يونس : لا والله
حتى نسمع ذلك منه ، وكانت به عجلة فخرج فاتبعته فلما انتهيت إلى الباب سمعت
أبا عبدالله عليه السلام يقول له وقد سبقني : يا يونس الامر كما قال لك فيض رزقه رزقه
قال : فقلت : قد فعلت ، والرزقه بالنبطية أي خذه إليك ( 1 ) .
76 ير : الحسن بن علي ، عن أحمد بن هلال ، عن عثمان بن عيسى ، عن
اين مسكان ، عن يونس بن ظبيان قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : أول خارجة
خرجت على موسى بن عمران بمرج دانق وهو بالشام ، وخرجت على المسيح
بحران ، وخرجت على أميرالمؤمنين بالنهروان ، ويخرج على القائم بالدسكرة
دسكرة الملك ، ثم قال لي : كيف مالح دير بير ماكي مالح ، يعني عند قريتك
وهو بالنبطية ، وذاك ان يونس كان من قرية دير بيرء ما فقال الدسكرة ، أي عند
دير بيرما ( 2 ) .
77 قب ( 3 ) ير : محمد بن أحمد ، عن أبي عبدالله قال : دخل عليه قوم من
أهل خراسان فقال ابتداء من غير مسألة : من جمع مالا من مهاوش أذهبه الله في
نهابر ، فقالوا : جعلنا فداك لا نفهم هذا الكلام فقال عليه السلام ( از باد آيد بدم
بشود ) ( 4 ) .
78 عم : من كتاب نوادر الحكمة عن أحمد بن قابوس ، عن أبيه عنه عليه السلام
مثله ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 11 ص 96 .
( 2 ) نفس المصدر ج 7 باب 11 ص 96 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 346 .
( 4 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 11 ص 96 .
( 5 ) أعلام الورى ص 270 .
[ 85 ]
بيان : قال الفيروزآبادي : ( 1 ) المهاوش ما غصب وسرق ، وقال : النهابر
المهالك .
79 ير : أحمد بن محمد ، عن الاهوازي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي
عن أخي مليح ، عن فرقد قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وقد بعث غلاما
أعجميا ، فرجع إليه فجعل يغير الرسالة فلا يخبرها حتى ظننت أنه سيغضب فقال
له : تكلم بأي لسان شئت فإنى أفهم عنك ( 2 ) .
80 ير : أحمد بن محمد ، عن أحمد بن يوسف ، عن داود الحداد ، عن فضيل
ابن يسار ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كنت عنده إذ نظرت إلى زوج حمام عنده
فهدر الذكر على الانثى فقال لي : أتدري ما يقول ؟ قلت : لا ، قال : يقول : يا سكني
وعرسي ، ما خلق أحب إلي منك ، إلا أن يكون مولاي جعفر بن محمد عليهما السلام ( 3 ) .
81 ير : أحمد بن محمد ، عن الاهوازي والبرقي ، عن النضر ، عن يحيى


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 85 سطر 12 الى ص 93 سطر 12

الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن عبدالله بن فرقد قال : خرجنا مع أبي عبدالله عليه السلام
متوجهين إلى مكة ، حتى إذا كنا بسرف ( 4 ) استقبله غراب ينعق في وجهه ، فقال :
مت جوعا ما تعلم شيئا إلا ونحن نعلمه إلا أنا أعلم بالله منك ، فقلنا : هل كان
في وجهه شئ ؟ قال : نعم سقطت ناقة بعرفات ( 5 ) .
82 ير : محمد بن الحسين ، عن داود بن فرقد ، عن عبدالله مثله ( 6 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) القاموس ج 2 ص 294 وقد ورد ذكر ( النهابر ) في القاموس ج 2 ص 151 .
( 2 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 12 ص 97 وفيه ( فلا يخبرنا ) بد ( يخبرها ) .
( 3 ) نفس المصدر ج 7 باب 14 ص 98 .
( 4 ) سرف : ككتف موضع قريب من التنعيم وهو من مكة على عشرة اميال وقيل اقل
وقيل اكثر .
( 5 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 14 ص 99 .
( 6 ) نفس المصدر ج 7 باب 14 ص 99 .
[ 86 ]
83 قب : ابن فرقد مثله ( 1 ) .
84 ير : أحمد بن محمد ، عن سعيد بن جناح ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص
ابن البختري ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر قال : سمعت فاختة تصيح من
دار أبي عبدالله عليه السلام فقال : أتدرون ما تقول هذه الفاختة ؟ قال : قلت : لا ، قال :
تقول : فقدتكم ، أما إنا لنفقدنها قبل أن تفقدنا ، قال : فأمر بها فذبحت ( 2 ) .
أقول : قد أوردنا مثله بأسانيد في باب الحمام من كتاب الحيوان .
85 ير : أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة ، عن سالم مولى أبان
بياع الزطي قال : كنا في حائط لابي عبدالله عليه السلام ونفر معي قال : فصاحت
العصافير فقال : أتدري ما تقول ؟ فقلنا : جعلنا الله فداك لا ندري ما تقول قال : تقول :
اللهم إنا خلق من خلقك لابد لنا من رزقك فأطعمنا واسقنا ( 3 ) .
86 ير : أحمد بن الحسن ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن عبدالله بكير ، عن
عمر بن توبة ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان معنا أبوعبدالله
البلخي ، ومعه ( 4 ) إذا هو بظبي يثغو ( 5 ) ويحرك ذنبه فقال له أبوعبدالله عليه السلام :
أفعل إن شاء الله قال : ثم أقبل علينا فقال : علمتم ما قال الظبي ؟ قلنا : الله ورسوله
وابن رسوله أعلم فقال : إنه أتاني فأخبرني أن بعض أهل المدينة نصب شبكة
لانثاه ، فأخذها ولها خشفان لم ينهضا ، ولم يقويا للرعي ، قال : فيسألني أن أسألهم
أن يطلقوها ، وضمن لي أن إذا أرضعت خشفيها حتى يقويا أن يردها عليهم قال :
فاستحلفته قال : برئت من ولايتكم أهل البيت إن لم أف ، وأنا فاعل ذلك به
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 346 .
( 2 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 14 ص 99 واخرجه ابن شهر آشوب في المناقب
ج 3 ص 346 .
( 3 ) نفس المصدر ج 7 باب 14 ص 99 .
( 4 ) كذا .
( 5 ) الثغاء : بالضم صوت الشاء والمعز وما شاكلها .
[ 87 ]
إن شاء الله ، فقال البلخي : سنة فيكم كسنة سليمان عليه السلام ( 1 ) .
87 قب : عن سليمان مثله ( 2 ) .
88 ختص ( 3 ) ير : أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن الحميري
عن يونس بن ظبيان ، والمفضل بن عمر ، وأبي سلمة السراج ، والحسين بن ثوير بن
أبي فاختة قالوا : كنا عند أبي عبدالله عليه السلام فقال : لنا خزائن الارض ومفاتيحها
ولو شئت أن أقول بإحدي رجلي أخرجي ما فيك من الذهب لاخرجت ، قال :
فقال : بإحدى رجليه فخطها في الارض خطا فانفجرت الارض ثم قال بيده
فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر فتناولها فقال : انظروا فيها حسا حسنا حتى لاتشكوا
ثم قال : انظروا في الارض فإذا سبائك في الارض كثيرة ، بعضها على بعض يتلالا
فقال له بعضنا : جعلت فداك اعطيتم كل هذا وشيعتكم محتاجون ! ؟ فقال : إن
الله سيجمع لنا ولشيعتنا الدنيا والآخرة ، ويدخلهم جنات النعيم ، ويدخل عدونا
الجحيم ( 4 ) .
89 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد مثله ( 5 ) .
90 قب : عنهم مثله ( 6 ) .
91 ختص ( 7 ) ير : ابن أبي الخطاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن
القاسم ، عن حفص الابيض التمار قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام أيام صلب المعلى
ابن خنيس قال : فقال لي : يا أبا حفص إني أمرت المعلى بن خنيس بأمر فخالفني
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 7 باب 15 ص 100 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 324 بتفاوت .
( 3 ) الاختصاص ص 269 .
( 4 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 2 ص 109 .
( 5 ) الكافى ج 1 ص 474 .
( 6 ) المناقب ج 3 ص 369 .
( 7 ) الاختصاص ص 321 .
[ 88 ]
فابتلي بالحديد إني نظرت إليه يوما وهو كئيب حزين ، فقلت له : مالك يا معلى ؟
كأنك ذكرت أهلك ومالك وولدك وعيالك ؟ قال : أجل قلت : ادن مني فدنا مني
فمسحت وجهه فقلت : أين تراك ؟ قال : أراني في بيتي ، هذه زوجتي ، وهذا ولدي
فتركته حتى تملاء منهم واستترت منهم ، حتى نال منها ما ينال الرجل من أهله
ثم قلت له : ادن مني فدنا مني فمسحت وجهه فقلتا : أين تراك ؟ فقال : أراني
معك في المدينة هذا بيتك ، قال : قلت له : يا معلى إن لنا حديثا من حفظ علينا
حفظ الله عليه دينه ودنياه ، يا معلى لا تكونوا أسرى في أيدي الناس بحديثنا إن شاؤا
أمنوا عليكم وإن شاؤا قتلوكم ، يا معلى إنه من كتم الصعب من حديثنا ، جعله الله
نورا بين عينيه ورزقه الله العزة في الناس ، ومن أذاع الصعب من حديثنا لم يمت
حتى يعضه السلاح أو يموت كبلا ( 1 ) يا معلى بن خنيس وأنت مقتول فاستعد ( 2 ) .
92 كش : إبراهيم بن محمد بن العباس ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري
عن ابن أبي الخطاب مثله ( 3 ) .
93 ختص ( 4 ) ير : الحسن بن أحمد ، عن سلمة ، عن الحسن بن علي
ابن بقاح ، عن ابن جبلة ، عن عبدالله بن سنان قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام فقال :
لي حوض ما بين بصرى إلى صنعاء ، أتحب أن تراه ؟ قلت : نعم جعلت فداك ، قال :
فأخذ بيدي وأخرجني إلى ظهر المدينة ، ثم ضرب برجله ، فنظرت إلى نهريجري
لا ندرك حافتيه إلا الموضع الذي أنا فيه قائم ، فانه شبيه بالجزيرة ، فكنت أنا
وهو وقوفا ، فنظرت إلى نهريجري جانبه ماء أبيض من الثلج ، ومن جانبه هذا
لبن أبيض من الثلج ، وفي وسطه خمر أحسن من الياقوت ، فما رأيت شيئا أحسن
* ( هامش ) * ( 1 ) الكبل : القيد ، ويكسر ، أو أعظمه جمع كبول . وكبله حبسه في سجن ، وهو
المراد به في المقام .
( 2 ) بصائر الدرجات ج 8 باب 13 ص 118 .
( 3 ) رجال الكشى ص 240 .
( 4 ) الاختصاص : ص 321 .
[ 89 ]
من تلك الخمر بين اللبن والماء فقلت له : جعلت فداك من أين يخرج هذا ومجراه ؟
فقال : هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه أنهار في الجنة ، عين من ماء ، وعين
من لبن ، وعين من خمر ، تجري في هذا النهر ، ورأيت حافتيه عليهما شجر ، فيهن حور
معلقات ، برؤوسهن شعر ما رأيت شيئا أحسن منهن ، وبأيد يهن آنية ما رأيت آنية
أحسن منها ليست من آنية الدنيا ، فدنا من إحداهن فأومأ بيده لتسقيه ، فنظرت
إليها ، وقد مالت لتغرف من النهر ، فمالت الشجرة معها ، فاغترفت ثم ناولته
فشرب ثم ناولها ، وأو مأ إليها ، فمالت لتغرف فمالت الشجرة معها ثم ناولته
فناولني فشربت ، فما رأيت شرابا كان ألين منه ، ولا ألذمنه ، وكانت رائحته رائحة
المسك ، فنظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب ، فقلت له : جعلت
فداك ما رأيت كاليوم قط ، ولا كنت أرى أن الامر هكذا ، فقال لي : هذا أقل ما
أعده الله لشيعتنا ، إن المؤمن إذا توفي صارت روحه إلى هذا النهر ، ورعت في
رياضه ، وشربت من شرابه ، وإن عدونا إذا توفي صارت روحه إلى وادي برهوت
فاخلدت في عذابه واطعمت من زقومه ، واسقيت من حميمه ، فاستعيذوا بالله من
ذلك الوادي ( 1 ) .
94 ختص : جعفر بن محمد بن مالك ، عن أحمد بن المؤدب من ولد الاشتر
عن محمد بن عمار الشعراني ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبدالله
عليه السلام وعنده رجل من أهل خراسان ، وهو يكلمه بلسان لا أفهمه ، ثم رجع إلى
شئ فهمته فسمعت أبا عبدالله يقول : اركض برجك الارض فاذا نحن بتلك الارض
على حافتيها فرسان ، قدو ضعوا رقابهم على قرابيس سروجهم ، فقال أبوعبدالله عليه السلام
هؤلاء من أصحاب القائم عليه السلام ( 2 ) .
95 ختص : الحسن بن علي الزيتوني ، ومحمد بن أحمد بن أبي قتادة ، عن
أحمد بن هلال ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن عطية قال : كان أبوعبدالله عليه السلام
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 8 باب 13 ص 118 .
( 2 ) الاختصاص ص 325 .
[ 90 ]
واقفا على الصفا ، فقال له عباد البصري : حديث يروى عنك قال : وما هو ؟ قال :
قلت : حرمة المؤمن أعظم من حرمة هذه البنية قال : قد قلت ذلك ، إن المؤمن
لو قال لهذه الجبال أقبلي أقبلت ، قال : فنظرت إلى الجبال قد أقبلت فقال لها :
على رسلك إني لم اردك ( 1 ) .
96 ختص ( 2 ) ير : عنه ، عن محمد بن مثنى ، عن أبيه ، عن عثمان بن يزيد ، عن
جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل ( وكذلك نري إبراهيم
ملكوت السموات والارض ) ( 3 ) قال : وكنت مطرقا إلى الارض ، فرفع يده إلى
فوق ثم قال لي : ارفع رأسك فرفعت رأسي ، فنظرت إلى السقف قد انفجر حتى
خلص بصري إلى نور ساطع حار بصري دونه ، قال : ثم قال لي : رأي إبراهيم عليه السلام
ملكوت السماوات والارض هكذا ثم قال لي : أطرق فأطرقت ثم قال لي :
ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا السقف على حاله ، قال : ثم أخذ بيدي وقام
وأخرجني من البيت الذي كنت فيه ، وأدخلني بيتا آخر فخلع ثيابه التي كانت عليه
ولبس ثيابا غيرها ، ثم قال لي : غمض بصرك فغمضت بصري وقال لي : لا تفتح
عينيك ، فلبثت ساعة ثم قال لي : أتدري أين أنت ؟ قلت : لا جعلت فداك ، فقال
لي : أنت في الظلمة التي سلكها ذو القرنين ، فقلت له : جعلت فداك أتاذن لي أن
أفتح عيني ؟ فقال لي : افتح فانك لاترى شيئا ففتحت عيني فاذا أنا في الظلمة لا أبصر
فيها موضع قدمي ثم سار قليلا ووقف فقال لي : هل تدري أين أنت ؟ قلت : لا قال :
أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر عليه السلام وسرنا وخرجنا من ذلك العالم
إلى عالم آخر فسلكنا فيه فرأينا كهيئة عالمنا في بنائه ، ومساكنه وأهله ، ثم خرجنا
إلى عالم ثالث كهيئة الاول والثاني حتى وردنا خمسة عوالم قال : ثم قال : هذه
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 325 .
( 2 ) المصدر السابق ص 323 وأخرجه السيد هاشم البحرانى في تفسير البرهان ج 1
ص 532 .
( 3 ) الانعام : 75 .
[ 91 ]
ملكوت الارض ولم يرها إبراهيم عليه السلام وإنما رأى ملكوت السماوات وهي اثنى
عشر عالما كل عالم كهيئة ما رأيت كلما مضى منا إمام سكن أحد هذه العوالم
حتى يكون آخرهم القائم في عالمنا الذي نحن ساكنوه قال : ثم قال لي : غض
بصرك فغضضت بصري ، ثم أخذ بيدي فاذا نحن في البيت الذي خرجنا منه فنزع
تلك الثياب ، ولبس الثياب التي كانت على ، وعدنا إلى مجلسنا فقلت : جعلت فداك
كم مضى من النهار قال عليه السلام : ثلاث ساعات ( 1 ) .
بيان : قوله عليه السلام : ( ولم يرها إبراهيم ) لعل المعنى أن إبراهيم لم ير
ملكوت جميع الارضين وإنما رأى ملكوت أرض واحد ، ولذا أتى الله تعالى الارض
بصيغة المفرد ويحتمل أن يكون في قراءتهم عليهم السلام الارض بالنصب .
97 ير : أحمد بن محمد ، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي ، عن محمد بن
عمار ، عن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فركض برجله الارض فاذا
بحرفيه سفن من فضة ، فركب وركبت معه ، حتى انتهى إلى موضع فيه خيام من
فضة ، فدخلها ثم خرج ، فقال : رأيت الخيمة التي دخلتها أولا ؟ فقلت : نعم قال :
تلك خيمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والاخرى خيمة أميرالمؤمنين ، والثالثة خيمة فاطمة
والرابعة خيمة خديجة ، والخامسة خيمة الحسن ، والسادسة خيمة الحسين ، و
السابعة خيمة علي بن الحسين ، والثامنة خيمة أبي ، والتاسعة خيمتي ، وليس أحد
منا يموت إلا وله خيمة يسكن فيها ( 2 ) .
98 ختص ( 3 ) ير : أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن
حماد بن عثمان ، عن المعلى بن خنيس قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام في بعض
حوائجي قال : فقال لي : مالي أراك كئيبا حزينا ؟ قال : فقلت : ما بلغني عن العراق
من هذا الوباء أذكر عيالي قال : فاصرف وجهك ، فصرفت وجهي قال : ثم قال :
ادخل دارك قال : فدخلت ، فاذا أنا لا أفقد من عيالي صغيرا ولا كبيرا إلا وهو
* ( هامش ) * ( 1 و 2 ) بصائر الدرجات ج 8 باب 13 ص 119 .
( 3 ) الاختصاص : ص 323 .
[ 92 ]
في داري بما فيها قال : ثم خرجت فقال لي : اصرف وجهك ، فصرفته ، فنظرت
فلم أرشيئا ( 1 ) .
99 ختص ( 2 ) ير : أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن بعض أصحابنا ، عن يونس
ابن يعقوب ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رجلا منا أتى قوم موسى في شئ كان
بينهم ، ورجع ولم يقعد ، فمر بنطفكم فشرب منها ، ومر على بابك ، فدق عليك
حلقة بابك ، ثم رجع إلى منزله ، ولم يقعد ( 3 ) .
100 ير : أحمد بن محمد ، عن عبدالله بن أيوب ، عن داود الرقي قال :
دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقال لي : يا داود أعمالكم عرضت علي يوم الخميس
فرأيت لك فيها شيئا فرحني ، وذلك صلتك لابن عمك ، أما إنه سيمحق أجله
ولا ينقص رزقك قال داود : وكان لي ابن عم ناصب ، كثير العيال محتاج ، فلما
خرجت إلى مكة أمرت له بصلة ، فلما دخلت على أبي عبدالله عليه السلام أخبرني
بهذا ( 4 ) .
101 قب : الشيخ المفيد باسناده إلى داود مثله ( 5 ) .
102 ير : محمد بن عيسى رفعه إلى المفضل بن عمر قال : قال المفضل : كان
بين أبي عبدالله عليه السلام وبين بعض بني امية شئ ، فدخل أبوعبدالله عليه السلام على الديوان
فقام إلى البوابين فقال : من أدخل علي هذا ؟ قالوا : لا والله ما رأينا أحدا ( 6 ) .
103 ير : موسى بن الحسن ، عن أحمد بن الحسن ، أن أحمد بن إبراهيم
عن عبدالله بن بكير عن عمر بن توبة ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه السلام
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 8 باب 12 ص 119 .
( 2 ) الاختصاص ص 316 بتفاوت .
( 3 ) بصائر الدرجات ج 8 باب 13 ص 117 .
( 4 ) نفس المصدر ج 9 باب 6 ص 126 .
( 5 ) المناقب ج 3 ص 354 .
( 6 ) بصائر الدرجات ج 10 باب 15 ص 145 .
[ 93 ]
قال : كان معه أبوعبدالله البلخي في سفر فقال له : انظر هل ترى ههنا جبا ؟
فنظر البلخي يمنة ويسرة ثم انصرف ، فقال : ما رأيت شيئا ، قال : بلى انظر
فعاد أيضا ثم رجع إلى ، ثم قال عليه السلام بأعلى صوته : ألا يا أيها الجب الزاخر
السامع المطيع لربه اسقنا مما جعل الله فيك ، قال : فنبع منه أعذب ماء ، وأطيبه
وأرقه وأحلاه فقال له البلخي : جعلت فداك سنة فيكم كسنة موسى ( 1 ) .
104 حه : عبدالرحمان بن أحمد الحربي ، عن عبدالعزيز بن الاخضر
عن أبي الفضل بن ناصر ، عن محمد بن علي بن ميمون ، عن محمد بن علي بن الحسين
العلوي ، عن محمد بن عبدالله بن الحسين الجعفي ، ومحمد بن الحسين بن غزال ، عن
علي بن الحسين بن قاسم ، عن محمد بن معروف الهلالي قال : مضيت إلى الحيرة
إلى جعفر بن محمد عليه السلام ، فما كان لي فيه حيلة من كثرة الناس ، فلما كان اليوم
الرابع رآني ، فأدناني ، وتفرق الناس عنه ، ومضى يريد قبر أميرالمؤمنين عليه السلام
فتبعته ، وكنت أسمه كلامع وأنا معه أمشي ، فحيث صار في بعض الطريق غمزه


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 93 سطر 13 الى ص 101 سطر 13

البول ، فتنحى عن الطريق ، فحفر الرمل وبال ، ثم نبش الرمل فحفر ، فخرج له
ماء فتطهر للصلاة ، وقام فصلى ركعتين ، فكان فيما كنت أسمعه يدعو يقول : ( اللهم
لاتجعلني ممن تقدم فمرق ، ولا ممن تخلف فمحق ، واجعلني من المنط الاوسط )
ثم قال : يا غلام لاتحدث بما رأيت ( 2 ) .
105 قب : عمر بن حمزة العلوي باسناده ، عن محمد بن ميمون الهلالي
مثله ( 3 ) .
106 من نوادر على بناسباط : عن علي بن الحسن بن القاسم السكري
المعروف بابن الطبال ، عن أبي جعفر محمد بن معروف الهلالي ، وكان قد أتت عليه
مائة وثمان وعشرون سنة قال : مضيت إلى الحيرة إلى أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 10 باب 18 ص 149 .
( 2 ) فرحة الغرى ص 22 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 363 .
[ 94 ]
وقت السفاح ، فوجدته قد تداك الناس عليه ثلاثة أيام متواليات ، فما كان لي
فيه حيلة ، ولا قدرت عليه من كثرة الناس ، وتكاثفهم عليه ، فلما كان في اليوم
الرابع رآني ، وقد خف الناس عنه ، فأدناني ، ومضى إلى قبر أميرالمؤمنين عليه السلام
فتبعته ، فلما صار في بعض الطريق غمزه البول ، فاعتزل عن الجادة ناحية ، ونبش
الرمل بيده ، فخرجله الماء فتطهر للصلاة ، ثم قام فصلى ركعتين ، ثم دعا ربه
وكان في دعائه ( اللهم لا تجعلني ممن تقدم فمرق ، ولا ممن تخلف فمحق واجعلني
من النمط الاوسط ) ثم مشى ومشيت معه فقال : يا غلام ، البحر لا جار له ، والملك
لا صديق له ، والعافية لاثمن لها ، كم من ناعم ولا يعلم ثم قال : تمسكوا بالخمس
وقدموا الاستخارة ، وتبركوا بالسهولة ، وتزينوا بالحلم ، واجتنبوا الكذب
وأوفوا المكيال والميزان ، ثم قال : الهرب الهرب إذا خلعت العرب أعنتها ومنع
البرجانبه ، وانقطع الحج ، ثم قال : حجوا قبل أن لا تحجوا ، وأومأ إلى القبلة
بابهامه وقال : يقتل في هذا الوجه سبعون ألفا أو يزيدون ، قال علي بن الحسن :
فقد قتل في العير وغيره شبيه بهذا وقال أبو عبدالله عليه السلام في هذا الخبر : لابد أن
يخرج رجل من آل محمد ، ولا بد أن يمسك الراية البيضاء قال علي بن الحسن :
فاجتمع أهل بني رواس ، ومضوا يريدون الصلاة في المسجد الجامع في سنة خمسين
ومائتين ، وكانوا قد عقدوا عمامة بيضآء على قناة فأمسكها محمد بن معروف وقت
خروج يحيى بن عمر ، وقال عليه السلام : في هذا الخبر ويجف فراتكم ، فجف الفرات
وقال أيضا : يحويكم قوم صغار الاعين ، فيخرجونكم من دوركم قال علي بن الحسن
فجاءنا كيجور والاتراك معه ، فأخرجوا الناس من دورهم .
وقال أبوعبدالله عليه السلام أيضا : وتجئ السباع إلى دوركم قال علي :
فجاءت السباع إلى دورنا ، وقال عليه السلام : يخرج رجل أشرق ذو سبال ، ينصب له
كرسي على باب دار عمروبن حريث يدعوا إلى البراءة من علي بن أبي طالب عليه السلام
ويقتل خلقا من الخلق ، ويقتل في يومه . قال : فرأينا ذلك .
[ 95 ]
107 قب ( 1 ) يج : عن سعد الاسكاف قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام
دات يوم ، إذ دخل عليه رجل من أهل الجبل بهدايا وألطاف ، وكان فيما اهدي
إليه جراب من قديد وحش ، فنثره أبوعبدالله عليه السلام ثم قال : خذها فأطعمها الكلاب
قال الرجل : لم ؟ قال : ليس بذكي فقال الرجل : اشتريته من رجل مسلم ذكر
أنه ذكي فرده أبوعبدالله عليه السلام في الجراب ، وتكلم عليه بكلام لم أدرما هو .
ثم قال للرجل : قم فأدخله ذلك لبيت ففعل فسمع القديد يقول : يا عبد
الله ليس مثلي يأكله الامام ، ولا أولاد الانبياء ، لست بذكي ، فحمل الرجل الجراب
وخرج فقال أبوعبدالله عليه السلام : ما قال ؟ قال : أخبرني كما أخبرتني به أنه غير
ذكي فقال أبوعبدالله عليه السلام : ما علمت ياأبا هارون ؟ إنا نعلم ما لا يعلم الناس ، قال :
فخرج وألقاه على كلب لقيه ( 2 ) .
بيان : قوله من قديد وحش أي قديد كان من لحوم الحيوانات الوحشية ، وفي
بعض النسخ بالخاء المعجمة وهو الردي من كل شئ .
108 قب ( 3 ) يج : روي عن عبدالله بن يحيى الكاهلي قال أبوعبدالله عليه السلام :
إذا لقيت السبع ما تقول له ؟ قلت : لا أدري قال : إذا لقيته فاقرأ في وجهه آية
الكرسي وقل : عزمت عليك بعزيمة الله ، وعزيمة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ، وعزيمة
سليمان بن داود ، وعزيمة علي أميرالمؤمنين والائمة من بعده ، فانه ينصرف
عنك ، قال عبدالله الكاهلي : فقدمت إلى الكوفة ، فخرجت مع ابن عم لي إلى قرية
فإذا سبع قد اعترض لنا في الطريق فقرأت في وجهه آية الكرسي وقلت : عزمت
عليك بعزيمة الله ، وعزيمة محمد رسول الله ، وعزيمة سليمان بن داود ، وعزيمة
أميرالمؤمنين عليه السلام والائمة من بعده إلا تنحيت عن طريقنا ، ولم تؤذنا ، فانا
لانؤذيك قال : فنظرت إليه وقد طأطأرأسه وأدخل ذنبه بين رجليه ، وركب الطريق
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 350 .
( 2 ) الخرائج والجرائح ص 231 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 350 بتفاوت .
[ 96 ]
راجعا من حيث جاء فقال ابن عمي : ما سمعت كلاما أحسن من كلامك هذا الذي
سمعته منك ، فقلت : أي شئ سمعت ؟ هذا كلام جعفر بن محمد فقال : أنا أشهد أنه
إمام فرض الله طاعته ، وما كان ابن عمي يعرف قليلا ولا كثيرا قال : فدخلت على
أبي عبدالله عليه السلام من قابل فأخبرته الخبر فقال : ترى أني لم أشهدكم ؟ ! بئسما
رأيت ، ثم قال : إن لي مع كل ولي اذنا سامعة ، وعينا ناظرة ، ولسانا ناطقا
ثم قال : يا عبدالله أنا والله صرفته عنكما ، وعلامة ذلك أنكما كنتما في البرية
على شاطئ النهر ، واسم ابن عمك مثبت عندنا ، وما كان الله ليميته حتى يعرف
هذا الامر قال : فرجعت إلى الكوفة فأخبرت ابن عمي بمقالة أبي عبدالله عليه السلام ففرح
فرحا شديدا ، وسربه ، وما زال مستبصرا بذكل إلى أن مات ( 1 ) .
109 كشف : من دلائل الحميري ، عن الكاهلي مثله ( 2 ) .
110 قب ، يج : روي أن الوليد بن صبيح قال : كنا عند أبي عبدالله عليه السلام
في ليلة إذ يطرق الباب طارق فقال للجارية : انظري من هذا ؟ فخرجت ثم دخلت
فقالت : هذا عمك عبدالله بن علي فقال : أدخليه وقال لنا : ادخلوا البيت ، فدخلنا
بيتا فمسعنا منه حساظننا أن الداخل بعض نسائه ، فلصق بعضنا ببعض ، فلما دخل
أقبل على أبي عبدالله عليه السلام ، فلم يدع شيئا من القبيح إلا قاله في أبي عبدالله عليه السلام ثم
خرج وخرجنا ، فأقبل يحدثنا من الموضع الذي قطع كلامه ، فقال بعضنا : لقد
استقبلك هذا بشئ ما ظننا أن أحدا يستقبل به أحدا ، حتى لقدهم بعضنا أن يخرج
إليه فيوقع به ، فقال : مه ، لاتدخلوا فيما بيننا ، فلما مضى من الليل ما مضى طرق
الباب طارق ، فقال للجارية : انظري من هذا ؟ فخرجت ، ثم عادت فقالت : هذا عمك
عبدالله بن علي ، قال لنا : عودوا إلى مواضعكم ، ثم أذن له ، فدخل بشهيق ونحيب
وبكاء وهو يقول : يا ابن أخي اغفرلي غفر الله لك ، اصفح عني صفح الله عنك ، فقال :
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 231 .
( 2 ) كشف الغمة ج 2 ص 417 .
[ 97 ]
غفر الله لك يا عم ما الذي أحوجك إلى هذا ؟ قال : إني لما أويت إلى فراشي أتاني
رجلان أسودان فشدا وثاقي ثم قال أحدهما للآخر : انطلاق به إلى النار فانطلق
بي ، فمررت برسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : يا رسول الله لا أعود ، فأمره فخلى عني ، وإني
لاجد ألم الوثاق ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : أوص قال : بم اوصي ؟ مالي مال ، وإن
لي عيالا كثيرا وعلي دين ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : دينك علي وعيالك إلى عيالي
فأوصى ، فماخرجنا من المدينة حتى مات ، وضم أبوعبدالله عليه السلام عياله إليه ، وقضى
دينه ، وزوج ابنه ابنته ( 1 ) .
111 يج : روي أن رجلا خراسانيا أقبل إلى أبي عبدالله فقال عليه السلام :
ما فعل فلان ؟ قال : لا علم لي به قال : أنا اخبرك به ، بعث معك بجارية لا حاجة
لي فيها ، قال : ولم ؟ قال : لانك لم تراقب الله فيها ، حيث عملت ما عملت ليلة نهر
بلخ ، فسكت الرجل وعلم أنه أخبره بأمرعرفه ( 2 ) .
112 قب ( 3 ) يج : روي عن الحسين بن أبي العلا قال : كنت : عند أبي عبدالله
عليه السلام إذ جاءه رجل ، أومولى له ، يشكو زوجته وسوء خلقها قال : فائتني بها
فقال لها : ما لزوجك ؟ قالت : فعل الله به وفعل ، فقال لها : إن ثبت على هذا
لم تعيشي إلا ثلاثة أيام ، قالت ما ابالي أن لا أراه أبدا ، فقال له : خذ بيد
زوجتك ، فليس بينك وبينها إلا ثلاثة أيام ، فلما كان اليوم الثالث دخل عليه
الرجل فقال عليه السلام : ما فعلت زوجتك ؟ قال : قد والله دفنتها الساعة قلت : ما
كان حالها ؟ قال : كانت متعدية فبترالله عمرها ، وأراحه منها .
113 يج : روي أن داود بن علي قتل المعلى بن خنيس فقال له أبوعبدالله :
قتلت قيمي في مالي وعيالي ثم قال : لادعون الله عليك ، قال داود : اصنع ما شئت
فلما جن الليل قال عليه السلام اللهم ارمه بسهم من سهامك تنفلق به قلبه ، فأصبح وقد
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 232 .
( 2 ) نفس المصدر ص 232 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 351 .
[ 98 ]
مات داود ، فقال عليه السلام لقدمات على دين أبي لهب ، وقد دعوت الله فأجاب فيه الدعوة
وبعث إليه ملكا معه مرزبة من حديد فضربه ضربة فما كانت إلا صيحة قال : فسألنا
الخدم قالوا : صاح في فراشه ، فدنونا منه فاذا هو ميت .
114 يج : روي أن داود الرقي قال : حججت بأبي عبدالله عليه السلام سنة ست وأربعين
ومائة ، فمررنا بواد من أودية تهامة ، فلما أنخنا صاح : يا داود ارحل ارحل ، فما
انتقلنا إلا وقدجاء سيل ، فذهب بكل شئ فيه ، وقال له : توتي بين الصلاتين حتى
تؤخذ من منزلك ، وقال : يا داود إن أعمالكم عرضت علي يوم الخميس فرأيت
فيها صلتك لابن عمك ، قال داود : وكان لي ابن عم ناصبي كثير العيال محتاج
فلما خرجت إلى مكة أمرت له بصلة فأخبرني بها أبوعبدالله عليه السلام ( 1 ) .
115 يج : قال الميثمي : إن رجلا حدثه قال : كنا نتغدى مع أبي عبدالله عليه السلام
فقال لغلامه : انطلق وائتنا بماء زمزم فانطلق الغلام ، فما لبث أن جاء وليس معه ماء
فقال : إن غلاما من غلمان زمزم ، منعني الماء ، وقال : تريد لا له العراق ، فتغير
لون أبي عبدالله عليه السلام ورفع يده عن الطعام ، وتحركت شفتاه ، ثم قال للغلام : ارجع
فجئنا بالماء ، ثم أكل فلم يلبث أن جاء الغلام بالماء ، وهو متغير اللون ، فقال : ما
وراك ؟ قال : سقط ذلك الغلام في بئر زمزم ، فتقطع ، وهم يخرجونه ، فحمدلله عليه .
116 قب ، يج : روي عن صفوان ( 2 ) قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام
فأتاه غلام ، فقال : امي ماتت فقال له عليه السلام لم تمت ، قال : تركتها مسجى ( 3 )
فقام أبوعبدالله عليه السلام ودخل عليها ، فاذا هي قاعدة فقال لابنها : ادخل إلى امك فشهها
من الطعام ما شاءت فأطعمها ، فقال الغلام : يا اماه ما تشتهين ؟ قالت : أشتهي
زبيبا مطبوخا فقال له : ائتها بغضارة ( 4 ) مملوة زبيبا ، فأكلت منها حاجتها وقال
* ( هامش ) * ( 1 ) وأخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 354 بتفاوت .
( 2 ) سفيان ، خ ل .
( 3 ) كذا في نخسة الكمبانى ومطبوعه تبريز والصواب مسجاة .
( 4 ) الغضارة : القصعة الكبيرة فارسية .
[ 99 ]
لها : إن ابن رسول الله بالباب يأمرك أن توصي ، فأوصت ، ثم توفيت ، فماخرجنا
حتى صلى عليها أبوعبدالله عليه السلام ودفنت .
117 يج : روي أن أبان بن تغلب قال : غدوت من منزلي بالمدينة وأنا اريد
أبا عبدالله عليه السلام فلما صرت بالباب ، خرج علي قوم من عنده لم أعرفهم ، ولم أر
قوما أحسن زيا منهم ، ولا أحسن سيماء منهم ، كأن الطير على رؤوسهم ، ثم دخلنا
على أبي عبدالله عليه السلام ، فجعل يحدثنا بحديث ، فخرجنا من عنده ، وقد فهم خمسة
عشر نفرا منا متفرقوا الالسن : منها اللسان العربي ، والفارسي ، والنبطي ، والحبشي
والسقلبي ، قال بعض : ما هذا الحديث الذي حدثنا به ؟ قال له آخر من لسانه
عربي : حدثني بكذا بالعربية وقال له الفارسي : ما فهمت إنما حدثني كذا وكذا
بالفارسية ، وقال الحبشي : ما حدثني إلا بالحبشية ، وقال السقلبي : ما حدثني
إلا بالسقلبية ، فرجعوا إليه فأخبروه ، فقال عليه السلام الحديث واحد ، ولكنه فسر
لكم بألسنتكم .
بيان : قال الجزري في صفة الصحابة : كأنما على رؤوسهم الطير ، وصفهم بالسكون
والوقار ، وأنهم لم يكن فيهم طيش ولا خفة ، لان الطير لا تكاد تقع إلا على شئ
ساكن ( 1 ) .
118 يج : روي عن صفوان بن يحيى ، عن جابر قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام
فاذا نحن برجل قد أضجع جديا ليذبحه فصاح الجدي فقال أبوعبدالله عليه السلام : كم ثمن
هذا الجدي ؟ فقال : أربعة دراهم ، فحلها من كمه ، ودفعها إليه وقال : خل سبيله
قال : فسرنا فإذا الصقر قدانقض على دراجة فصاحت الدراجة ، فأومأ أبوعبدالله
عليه السلام إلى الصقر بكمه ، فرجع عن الدراجة ، فقلت : لقد رأينا عجيبا من أمرك
قال : نعم إن الجدي لما أضجعة الرجل وبصربي قال : أستجير بالله وبكم أهل البيت
* ( هامش ) * ( 1 ) اسد الغابة ج 1 ص 26 ضمن حديث طويل لهند بن ابى هالة يصف رسول الله صلى الله عليه وآله
وكان وصافا .
[100]
مما يراد مني ، وكذلك قالت الدراجة ، ولو أن شيعتنا استقامت لاسمعتكم منطق
الطير ( 1 ) .
119 قب ، يج : روي أن داود بن كثير الرقي قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام
فدخل عليه موسى ابنه وهو ينتفض ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : كيف أصبحت ؟ قال :
أصبحت في كنف الله ، متقلبا في نعم الله ، أشتهي عنقود عنب حرشي ورمانة ، قلت :
سبحان الله هذا الشتاء ! ! فقال : يا داود إن الله قادر على كل شئ ادخل البستان
فاذا شجرة عليها عنقود من عنب حرشي ورمانة ، فقلت آمنت بسركم وعلانيتكم
فقطعتها وأخرجتها إلى موسى ، فقعد يأكل فقال : يا داود والله لهذا فضل من رزق
قديم ، خص الله به مريم بنت عمران من الافق الاعلى ( 2 ) .
120 يج : روي أن داود الرقي قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فقال لي :
مالي أرى لونك متغيرا ؟ قلت : غيره دين فاضح عظيم ، وقد هممت بركوب البحر
إلى السند لاتيان أخي فلان ، قال : إذا شئت ، قلت : يروعني عنه أهوال البحر
وزلازله ، قال : إن الذي يحفظ في البر هو حافظ لك في البحر ، يا داود لولا اسمي
وروحي لما اطردت الانهار ، ولا أينعت الثمار ، ولا اخضرت الاشجار ، قال داود :
فركبت البحر حتى إذا كنت بحيث ما شاء الله من ساحل البحر بعد مسيرة مائة وعشرين
يوما خرجت قبل الزوال يوم الجمعة فاذا السماء متغيمة وإذا نور ساطع من قرن
السماء إلى جدد الارض ، وإذا صوت خفي : يا داود هذا أو ان قضاء دينك ، فارفع
رأسك قد سلمت ، قال : فرفعت رأسي ، ونوديت : عليك بما وراء الاكمة الحمراء
فأتيتها ، فاذا صفائح من ذهب أحمر ، ممسوح أحد جانبيه ، وفي الجانب الآخر مكتوب
( هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ) ( 3 ) فقبضتها ولها قيمة لا تحصى فقلت :
لا احدث فيها ، حتى آتي المدينة ، فقدمتها فدخلت عليه فقال لي : يا داود إنما
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 232 .
( 2 ) نفس المصدر ص 232 بتفاوت يسير .
( 3 ) سورة ص الاية 39
[101]
عطاؤنا لك النور الذي سطع لك ، لا ما ذهبت إليه من الذهب والفضة ، ولكن هو لك
هنيئا مريئا عطاء من رب كريم ، فاحمدالله ، قال داود : فسألت معتبا خادمه فقال :
كان في ذلك الوقت يحدث أصحابه منهم خيثمة ، وحمران ، وعبدالاعلى مقبلا عليهم
بوجهه : يحدثهم بمثل ما ذكرت ، فلما حضرت الصلاة قام فصلى بهم ، فسألت
هؤلاء جميعا فحكوا لي الحكاية ( 1 ) .
121 يج : روي أن لابي عبدالله عليه السلام كان مولى يقال له مسلم وكان لا يحسن
القرآن ، فعلمه في ليلة فأصبح وقد أحكم القرآن .
122 يج : روي عن بعض أصحابنا قال : حملت مالا لابي عبدالله عليه السلام فاستكثرته
في نفسي ، فلما دخلت عليه دعا بغلام ، وإذا طشت في آخر الدار ، فأمره أن يأتي
به ، ثم تكلم بكلام لما أتى بالطشت فانحدر الدنانير من الطشت ، حتى حالت بيني
وبين الغلام ، ثم التفت إلي وقال : أترى نحتاج إلى ما في ديديكم ؟ ، إنما نأخذ
منكم ما نأخذ لنطهركم ( 2 ) .
123 يج : روي أن عبدالرحمن بن الحجاج قال : كنت مع أبي عبدالله عليه السلام


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 101 سطر 14 الى ص 109 سطر 14

بين مكة والمدينة ، وهو على بغلة وأنا على حمار ، وليس معنا أحد فقلت : يا سيدي
ما علامة الامام ؟ قال : يا عبدالرحمن لوقال لهذا الجبل سر لسار ، فنظرت والله إلى
الجبل يسير ، فنظر إليه فقال : إني لم أعنك ( 3 ) .
124 يج : روي أن إبراهيم بن مهزم الاسدي قال : قدمت المدينة ، فأتيت
باب أبي عبدالله عليه السلام أستفتحه فدنت جارية لفتح الباب ، فقرصت ثديها ، ودخلت
فقال : يا ابن مهزم أما علمت أن ولايتنا لاتنال إلا بالورع ، فأعطيت الله عهدا أني
لا أعود إلى مثلها أبدا ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ص 233 بتفاوت يسير .
( 2 ) الخرائج والجرائح ص 232 .
( 3 ) نفس المصدر ص 233 .
( 4 ) نفس المصدر ص 243 وفيه حديث عن مهزم الاسدى لا ابراهيم بن مهزم ، بتفاوت
فلاحظ .
[102]
125 يج : روي أن محمد بن مسلم قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل
عليه المعلى بن خنيس باكيا قال : وما يبكيك ؟ قال : بالباب قوم يزعمون أن ليس لكم
علينا فضل ، وأنكم وهم شئ واحد ، فسكت ثم دعا بطبق من تمر فحمل منه تمرة
فشقها نصفين وأكل التمر وغرس النوى في الارض فنبتت فحملت بسرا ، وأخذ منها
واحدة فشقها وأخرج منه ورقا ودفعه إلى المعلى وقال : إقرأه ! فإذا فيه : بسم الله
الرحمن الرحيم لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي المرتضى ، الحسن والحسين
علي بن الحسين ، واحدا واحدا إلى الحسن بن علي وابنه ( 1 ) .
126 يج : روي أن أبا مريم المدني قال : خرجت إلى الحج فلما صرت
قريبا من الشجرة ، خرجت على حمارلي قلت : ادرك الجماعة ، واصلي معهم
فنظرت إلى الجماعة يصلون ، فأتيتهم فاذا أبوعبدالله عليه السلام محتب بردائه يسبح فقال :
صليت يا أبا مريم ؟ قلت : لا قال : صل فصليت ، ثم ارتحلنا ، فسرت تحت محمله
فقلت في نفسي : قد خلوت به اليوم فأسأله عما بدالي ، فقال : يا أبا مريم تسير تحت
محملي ؟ قلت : نعم ، وكان زميله غلاما له يقال له سالم ، فرآني كثير الاختلاف قال :
أراك كثير الاختلاف أبك بطن ؟ ( 2 ) قلت : نعم قال : أكلت البارحة حيتانا ؟
قلت : نعم قال : فأتبعتها بتمرات ؟ قلت : لا قال : أما إنك لو أتبعتها بتمرات ما ضرك
فسرنا حتى إذا كان وقت الزوال نزل فقال : يا غلام هات ماءا أتوضأ به ، فناوله
فدخل إلى موضع يتوضأ ، فلما خرج إذا هو بجذع فدنا منه فقال : يا جذع أطعمنا
مما خلق الله فيك قال : رأيت الجذع يهتز ، ثم اخضر ، ثم أطلع ، ثم اصفر ، ثم
ذهب فأكل منه وأطعمني ، كل ذلك أسرع من طرفة عين .
127 يج : روي أن أبا خديجة روى عن رجل من كندة وكان سياف بني العباس
قال : لما جاء أبوالدوانيق بأبي عبدالله عليه السلام وإسماعيل ، أمر بقتلهما وهما محبوسان
في بيت فأتى عليه اللعنة أبا عبدالله عليه السلام ليلا فأخرجه وضربه بسيفه حتى قتله
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 233 .
( 2 ) البطن : محركة ، داء البطن
[103]
ثم أخذ إسماعيل ليقتله فقاتله ساعة ثم قتله ، ثم جاء إليه فقال : ما صنعت ؟ قال :
لقد قتلتهما وأرحتك منهما ، فلما أصبح إذا أبوعبدالله عليه السلام وإسماعيل جالسان
فاستأذنا فقال أبوالدوانيق للرجل : ألست زعمت أنك قتلتهما ؟ قال : بلى ، لقد
أعرفهما كما أعرفك قال : فاذهب إلى الموضع الذي قتلتهما فيه ، فجاء ، فاذا بجزورين
منحورين قال : فبهت ورجع ، فنكس رأسه وقال : لا يسمعن منك هذا أحد ، فكان
كقوله تعالى في عيسى ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) ( 1 ) .
128 يج : روي أن عيسى بن مهران قال : كان رجل من أهل خراسان من
وراء النهر ، وكان موسرا ، وكان محبا لاهل البيت ، وكان يحج في كل سنة ، وقد
وظف على نفسه لابي عبدالله عليه السلام في كل سنة ألف دينار من ماله ، وكانت تحته ابنة
عم له تساويه في اليسار والديانة فقالت في بعض السنين : يا ابن عم حج بي في هذه
السنة ، فأجابها إلى ذلك ، فتجهزت للحج ، وحملت لعيال أبي عبدالله عليه السلام وبناته
من فواخر ثياب خراسان ، ومن الجواهر والبز ( 2 ) أشياء كثيرة خطيرة ، وأعد زوجها
ألف دينار في كيس ، كعادته لابي عبدالله عليه السلام وجعل الكيس في ربعة فيها حلي وطيب
وشخص يريد المدينة ، فلما وردها صار إلى أبي عبدالله عليه السلام فسلم عليه ، وأعلمه أنه
حج بأهله ، وسأله الاذن لها في المصير إلى منزله للتسليم على أهله وبناته ، فأذن لها
أبوعبدالله عليه السلام في ذلك فصارت إليهم وفرقت عليهم ، وأجملت ، وأقامت يوما عندهم
وانصرفت .
فلما كان من الغد قال لها زوجها : أخرجي تلك الربعة لتسليم ألف دينار إلى
أبي عبدالله عليه السلام فقالت : في موضع كذا فأخذها ، وفتح القفل ، فلم يجد الدنانير
وكان فيها حليها وثيابها ، فاستقرض ألف دينار منأهل بلده ، ورهن الحلي بها
وصار إلى أبي عبدالله عليه السلام فقال : قد وصلت إلينا الالف قال : يا مولاي وكيف ذلك
وما علم بها غيري وغير بنت عمي ؟ فقال : مستنا ضيقة فوجهنا من أتى بها من شيعتي
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج الخرائح ص 233 والاية في الحديث في سورة النساء الاية : 157 .
( 2 ) البز : الثياب من الكتان أو القطن .
[104]
من الجن ، فاني كلما اريد أمرا بعجلة أبعث واحدا منهم ، فزاد في بصيرة الرجل
وسربه ، واسترجع الحلي ممن رهنه ، ثم انصرف إلى منزله فوجد امرأته تجود
بنفسها فسأل عن خبرها فقالت خدمتها : أصابها وجع في فؤادها ، وهي في هذه الحال
فغمضها وسجاها ، وشد حنكها ، وتقدم في إصلاح ما يحتاج إليه من الكفن والكافور
وحفر قبرها ، وصار إلى أبي عبدالله عليه السلام فأخبره وسأله أن يتفضل بالصلاة عليها
فصلى أبوعبدالله عليه السلام ركعتين ودعا ، ثم قال للرجل : انصرف إلى رحلك فان
أهلك لم تمت ، وستجدها في رحلك تأمر وتنهي ، وهي في حال سلامة ، فرجع الرجل
فأصابها كما وصف أبوعبدالله عليه السلام ، ثم خرج يريد مكة وخرج أبوعبدالله عليه السلام
للحج أيضا ، فبينما المرأة تطوف بالبيت إذا رأت أبا عبدالله يطوف والناس قد حفوا
به فقالت لزوجها : من هذا الرجل ؟ قال أبوعبدالله عليه السلام قال : هذا والله الرجل الذي
رأيته يشفع إلى الله حتى رد روحي في جسدي ( 1 ) .
بيان : قال الجرزي ( 2 ) الربعة إناء مربع كالجونة .
129 يج : روي أن داود الرقي قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل شاب
يبكي ويقول : نذرت على أن أحج بأهلي ، فلما أن دخلت المدينة ماتت ، قال عليه السلام :
اذهب فانها لم تمت ، قال : ماتت وسجيتها ! ! قال : اذهب ، فخرج ورجع ضاحكا
وقال : دخلت عليها وهي جالسة ، قال : يا داود أولم تؤمن ؟ ! قلت : بلى ولكن ليطمئن
قلبي ، فلما كان يوم التروية قال لي أبوعبدالله عليه السلام : قد اشتقت إلى بيت ربي
قلت : يا سيدي هذه عرفات ، قال : إذا صليت العشاء الآخرة فأرحل ناقتي ، وشد
زمامها ، ففعلت ، فخرج وقرأ قل هو الله أحد ويس ، ثم استوى عليها ، وأردفني
خلفه ، فسرنا هونا في الليل ، وفعل في مواضع ما كان ينبغي ، فقال : هذا بيت الله
ففعل ما كان ينبغي ، فلما طلع الفجر قام فأذن وأقام ، وأقامني عن يمينه ، وقرأ في
أول الركعة الحمد والضحى ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ، ثم قنت ، ثم
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 233 .
( 2 ) النهاية لابن الاثير ج 2 ص 62 .
[105]
سلم وجلس ، فلما طلعت الشمس مر الشاب ومعه المرأة ، فقالت لزوجها : هذا
الذي شفع إلى الله في إحيائي .
130 يج : روي أن عبدالحميد الجرجاني قال : أتاني غلام ببيض
الاجمة ( 1 ) فرأيته مختلفا ، فقلت للغلام : ما هذا البيض ؟ قال : هذا بيض ديوك
الماء فأبيت أن آكل منه شيئا حتى أسأل أبا عبدالله عليه السلام فدخلت المدينة فأتيته فسألته
عن مسائلي ونسيت تلك المسألة ، فلما ارتحلنا ذكرت المسألة ورأس القطار ( 2 )
بيدي ، فرميت إلى بعض أصحابي ، ومضيت إلى أبي عبدالله صلوات الله عليه
فوجدت عنده خلقا كثيرا فقمت تجاه وجهه فرفع رأسه إلي ، وقال : يا عبدالحميد
لنا تأتي ديوك هبر ، فقلت : أعطيتني الذي اريد ، فانصرفت ولحقت بأصحابي .
131 يج : روي أن شعيب العقر قوفي قال : دخلت أنا وعلي بن أبي حمزة
وأبوبصير على أبي عبدالله عليه السلام ومعي ثلاثمائة دينار قبضتها قد امه فأخذ أبوعبدالله
قبضة منها لنفسه ورد الباقي علي وقال : رد هذه إلى موضعها الذي أخذتها منه .
وقال أبوبصير : يا شعيب ما حال هذه الدنانير التي ردها عليك ؟ قلت : أخذتها من
عروة أخي سرا وهو لا يعلم ، فقال أبوبصير : أعطاك أبوعبدالله عليه السلام علامة الامامة
فعد الدنانير فإذا هي مائة لا تزيد ولا تنقص .
132 كشف : من دلائل الحميري مثله ( 3 ) .
133 يج : روى شعيب قال : دخلت عليه فقال لي : من كان زميلك ؟ قلت :
الخير الفاضل أبوموسى البقال قال : استوص به خيرا فان له عليك حقوقا كثيرة
فأما أو لهن فما أنت عليه من دين الله وحق الصحبة ، قلت : لو استطعت ما مشى
على الارض قال : استوص به خيرا قلت : دون هذا أكتفي به منك قال : فخرجنا
* ( هامش ) * ( 1 ) الاجمة : الشجر الكثير الملتف ، ومأوى الاسد .
( 2 ) القطار : من الابل : قطعة منها يلى بعضها بعضا على نسق واحد جمع قطر
وقطرات .
( 3 ) كشف الغمة ج 2 ص 419 .
[106]
حتى نزلت منزلا في الطريق يقال له وتقر ( 1 ) فنزلناه ، وأمرت الغلمان أن يكفوا
الابل العلف ، ويصنعوا طعاما ، ففعلوا ونظرت إلى أبي موسى ومعه كوز من ماء
وأخذ طريقه للوضوء وأنا أنظر ، حتى هبط في وهدة ( 2 ) من الارض ، وأدرك الطعام
فقال لي الغلمان : قد أدرك الطعام . قلت : اطلبوا أبا موسى فانه أخذ في هذا الوجه
يتوضأ ، فطلبوه الغلمان ، فلم يصيبوه ، فأعطيت الله عهدا أن لا أبرح من الموضع الذي
أنا فيه ، ثلاثة أيام أطلبه ، حتى ابلي إلى الله عذرا ، فاكتريت الاعراب في طلبه
وجعلت لمن جاء به عشرة آلاف درهم ، فانطلق الاعراب في طلبه ثلاثة أيام ، فلما
كان اليوم الرابع أتاني القوم ، وأيسوا منه ، فقالوا : يا عبدالله ما نرى صاحبك إلا
وقد اختطف إن هذه بلاد محضورة فقد فيها غير واحد ، ونحن نرى لك أن ترتحل
منها ، فلما قالوا لي هذه المقالة ارتحلت ، حتى قدمنا الكوفة ، وأخبرت أهله بقصته
وخرجت من قابل ، حتى دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقال لي : يا شعيب لم آمرك
أن تستوصي بأبي موسى البقال خيرا ؟ قلت : بلى ، ولكن ذهب حيث ذهب فقال :
رحم الله أبا موسى ، لو رأيت منازل أبي موسى في الجنة لاقر الله عينك ، كانت لابي
موسى درجة عندالله ، لم يكن ينالها إلا بالذي ابتلي به .
بيان : قوله ما مشى على الارض أي أحمله على مركوبي ، أو على كتفي مبالغة
في إكرامه .
ويقال أبلاه عذرا أي أداه إليه فقبله ، قوله ( إلا وقد اختطف ) أي اختطفته
الجن والشياطين ، إن هذه بلاد محضورة أي تحضره الجن والشياطين يقال : مكان
محتضر ومحضور أي تحضره الشياطين ويحتمل على عد أن يكون المراد اختطاف
السبع ، وفي بعض النسخ محصورة بالصاد المهملة أي بلاد معلومة قليلة ، سرنا فيها
فلم نجده ، والاول أظهر .
* ( هامش ) * ( 1 ) وتقر : كذا في نسخة الكمبانى ومطبوعة تبريز والظاهر انها مصحف ( وتير )
اسم ماء بأسفل مكة لخزاعة .
( 2 ) الوهدة : الارض المنخفضة . والهوة في الارض .
[107]
134 يج : روي أن عثمان بن عيسى قال : قال رجل لابي عبدالله عليه السلام : ضيق
إخوتي وبنو عمي علي الدار فلو تكلمت قال : اصبر فانصرفت سنتي ثم عدت من قابل
فشكوتهم إليه ، قال : اصبرثم عددت في السفرة الثالثة فقال : اصبر سيجعل الله لك
فرجا ، فماتوا كلهم ، فخرجت إليه فقال : ما فعل أهل بيتك ؟ قلت : ما توا قال :
هو ما صنعوا بك لعقوقهم إياك ، وقطعهم رحمك .
135 يج : روي أن الطيالسي قال : جئت من مكة إلى المدينة ، فلما كنت
على ليلتين من المدينة ، ذهبت راحلتي وعليها نفقتي ومتاعي وأشياء كانت للناس معي
فأتيت أبا عبدالله عليه السلام فشكوت إليه فقال : ادخل المسجد فقل : ( اللهم إني أتيتك
زائرا لبيتك الحرام ، وإن راحلتي قد ذهبت ، فردها علي ) فجعلت أدعو ، فاذا مناد
ينادي على باب المسجد : يا صاحب الراحلة اخرج فخذرا حلتك ، فقد آذيتنا منذ
الليلة ، فأخذتها وما فقدت منها خيطا واحدا .
136 يج : روي عن الحسن بن سعيد ، عن عبدالعزيز قال : كنت أقول
بالربوبية فيهم ، فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقال : يا عبدالعزيز ضع ماء أتوضأ
ففعلت ، فلما دخل يتوضأ قلت في نفسي : هذا الذي قلت فيه ما قلت يتوضأ ، فلما
خرج قال : يا عبدالعزيز لا تحمل على البناء فوق ما يطيق ، فيهدم ، إنا عبيد
مخلوقون ( 1 ) .
137 يج : روي عن سليمان بن خالد قال : كنت عن أبي عبدالله عليه السلام وهو
يكتب كتبا إلى بغداد ، وأنا اريد أن اودعه فقال : تجئ إلى بغداد ؟ قلت : بلى
قال : تعين مولاي هذا بدفع كتبه ، ففكرت وأنا في صحن الدار أمشي ، فقلت :
هذا حجة الله على خلقه يكتب إلى أبي أيوب الجزري وفلان وفلان يسألهم حوائجه
فلما صرنا إلى باب الدار صاح بي : يا سليمان ارجع أنت وحدك ، فرجعت فقال :
كتبت إليهم لاخبرهم أني عبد ولي إليهم حاجة .
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 234 .
[108]
138 يج : روي أن إسحاق بن عمار قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إن لنا
أموالا نعامل بها الناس ، وأخاف حدثا يفرق أموالنا قال : اجمع ما لك إلى شهر
ربيع ، فمات إسحاق في شهر ربيع .
139 يج : روى ابن سماعة بن مهران قال : كنا عنده عليه السلام فقال : يا غلام
ائتنا بماء زمزم ، ثم سمعته يقول : اللهم أعم بصره ، اللهم أخرس لسانه ، اللهم
أصم سمعه ، قال : فرجع الغلام يبكي فقال : مالك ؟ قال : إن فلان القرشي ضربني
ومنعني من السقاء قال : ارجع فقد كفيته ، فرجع وقد عمي وصم وخرس ، وقد
اجتمع عليه الناس .
140 يج : روي أن بحر الخياط قال : كنت قاعدا عند فطر بن خليفة فجاء
ابن الملاح فجلس ينظر إلي فقال لي فطر : حدث إن أردت وليس عليك بأس ، فقال
ابن الملاح ، اخبرك باعجوبة رأيتها من ابن البكرية يعني الصادق قال :
ماهو ؟ قال : كنت قاعدا وحدي احدثه ويحدثني ، إذ ضرب يده إلى ناحية المسجد
شبه المفتكر ، ثم استرجع فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قلت : ما لك ؟ قال :
قتل عمي زيد الساعة ، ثم نهض فذهب ، فكتبت قوله في تلك الساعة وفي ذلك
الشهر ، ثم أقبلت إلى الفرات ، فلما كنت في الطريق استقبلي راكب فقال : قتل
زيد بن علي في يوم كذا في ساعة كذا ، على ما قال أبوعبدالله عليه السلام فقال فطر بن
خليفة : إن عند الرجل علما جما .
141 يج : روي أن العلاء بن سيابة قال : جاء رجل إلى أبي عبدالله عليه السلام
وهو يصلي فجآء هدهد ، فوقع عند رأسه حتى سلم والتفت إليها فقلت : جئت لاسألك
فرأيت ما هو أعجب قال : ما هو ؟ قلت : ما صنع الهدهد ، قال : جاءني فشكا إلي
حية تأكل فراخه ، فدعوت الله عليها فأماتها ، قلت : يا مولاي إني لا يعيش لي
ولد ، وكلما ولدت امرأتي مات ولدها ، قال : هذا ليس من ذلك الجنس ، ولكن
إذا رجعت إلى منزلك فانه ستدخل كلبة إليك ، فتريد امرأتك أن تطعمها فمرها
أن لاتطعمها ، فقل للكلبة : إن أبا عبدالله عليه السلام أمرني أن أقول : أميطي عنا لعنك الله
[109]
فانه يعيش ولدك إن شآء الله ، ف عاش أولادي ، وخلفت غلمانا ثلاثة .
142 يج : روي عن إبراهيم بن عبدالحميد قال : اشتريت من مكة بردة
فآليت على نفسي أن لا تخرج من ملكي ، حتى تكون كفني ، فخرجت إلى عرفة
فوقفت فيها للموقف ، ثم انصرف إلى جمع ( 1 ) فقمت فيها في وقت الصلاة ، فطويتها
شفقة مني عليها ، فقمت لاتوضأ فلما عدت لم أرها فاغتممت غما شديدا ، فلما
أصبحت أفضت مع الناس إلى منى فأتاني رسول من أبي عبدالله عليه السلام فقال : يقول
لك أبوعبدالله عليه السلام : أقبل ! فقمت مسرعا فسلمت عليه فقال : تحب أن نعطيك بردة
تكون كفنك ، وأمر غلامه فأتاني ببردة فقال : خذها .
143 يج : روي عن بشير النبال قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام إذا
استأذن عليه رجل ، ثم دخل المسجد فقال أبوعبدالله عليه السلام : ما أنقى ثيابك هذه ! !
قال : هي لباس بلادنا ، ثم قال : جئتك بهدية ، فدخل غلام ومعه جراب فيه ثياب
فوضعه ، ثم تحدث ساعة ، ثم قام فقال أبوعبدالله عليه السلام : إن بلغ الوقت وصدق
الوصف فهو صابح الرايات السود من خراسان يتقعقع ( 2 ) ثم قال لغلام قائم على رأسه :
الحقه فسله ما اسمك ؟ فقال : عبدالرحمان ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : عبدالرحمان


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 109 سطر 15 الى ص 117 سطر 15

والله ثلاث مرات ، هو هوورب الكعبة ، قال بشر : فلما قدم أبومسلم جئت حتى
دخلت عليه ، فاذا هو الرجل الذي دخل علينا ( 3 ) .
144 قب ( 4 ) يج : عن أبي بصير قال : قال الصادق عليه السلام : اكتم علي ما أقول
لك في المعلى بن خنيس قلت : أفعل قال : أما إنه ما كان ينال درجته إلا بما ينال
من داود بن علي قلت : وما الذي يصيبه من داود بن علي ؟ قال : يدعو به فيضرب
* ( هامش ) * ( 1 ) جمع : ضد التفرق : هو المزدلفة ، سمى جمعا لانه يجمع فيه بين صلاتى
العشائين .
( 2 ) التقعقع : هو من القعقعة وهى صوت السلاح .
( 3 ) الخرائج والجرائح ص 234 .
( 4 ) المناقب ج 3 ص 352 .
[110]
عنقه ويصلبه ، قلت : متى ذلك ؟ قال : من قابل ، فلما كان من قابل ولي داود المدينة
فقصد قتل المعلى ، فدعاه وسأله عن أصحاب أبي عبدالله عليه السلام وسأله أن يكتبهم له
فقال : ما أعرف من أصحابه به أحدا ، وإنما أنا رجل أختلف في حوائجه قال : تكتمني
أما إنك إن كتمتني قتلتك ، فقال له المعلى : أبا لقتل تهددني ! ؟ لو كانوا تحت
قدمي ما رفعت قدمي ، فقتله وصلبه كما قال عليه السلام : ( 1 )
145 نجم : روينا باسنادنا إلى الشيخين عبدالله بن جعفر الحميري ، ومحمد
ابن جرير الطبري باسنادهما عن أبي بصير مثله ( 2 ) .
146 كش : وجدت بخط جبرئيل بن أحمد ، عن محمد بن علي الصيرفي
عن الحسن ، عن الحسين بن أبي العلا ، عن أبي العلا وأبي المغرا ، عن أبي بصير
مثله ( 3 ) .
147 يج : روي عن علي بن أبي حمزة قال : حججت مع الصادق عليه السلام
فجلسنا في بعض الطريق تحت نخلة يابسة ، فحرك شفتيه بدعاء لم أفهمه ، ثم قال :
يا نخلة أطعمينا مما جعل الله فيك من رزق عباده ، قال : فنظرت إلى النخلة وقد
تمايلت نحو الصادق عليه السلام وعليها أوراقها ، وعليها الرطب ، قال : ادن وسم وكل
فأكلنا منها رطبا أعذب رطب وأطيبه ، فاذا نحن بأعرابي يقول : ما رأيت كاليوم
سحرا أعظم من هذا ! ! فقال الصادق عليه السلام : نحن ورثة الانبياء ليس فينا ساحر
ولا كاهن ، بل ندعو الله فيجيب ، فان أحببت أن أدعو الله فيمسخك كلبا تهتدي إلى
منزلك ، وتدخل عليهم ، وتبصبص لاهلك ؟ قال الاعرابي بجهله : بلى فادع الله
فصار كلبا في وقته ، ومضى عليه وجهه ، فقال لي الصادق عليه السلام : اتبعه ، فاتبعته حتى
صار إلى منزله ، فجعل يبصبص لاهله وولده ، فأخذواله عصا فأخرجوه ، فانصرفت
إلى الصادق عليه السلام فأخبرته بما كان ، فبينما نحن في حديثه إذ أقبل حتى وقف بين
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 234 .
( 2 ) فرج المهموم ص 229 .
( 3 ) رجال الكشى ص 242 .
[111]
يدي الصادق عليه السلام ، وجعلت دموعه تسيل ، فأقبل يتمرغ في التراب فيعوي فرحمه
فدعا الله فعاد أعرابيا فقال له الصادق عليه السلام : هل آمنت يا أعرابي ؟ قال : نعم
ألفا وألفا ( 1 ) .
148 يج : روي عن يونس بن ظبيان قال : كنت عند الصادق عليه السلام مع جماعة
فقلت : قوله الله لابراهيم ( خذ أربعة من الطير فصرهن ) أكانت أربعة من أجناس
مختلفة ؟ أو من جنس ؟ قال : أتحبون أن اريكم مثله ؟ قلنا : بلى قال : يا طاووس
فاذا طاووس طار إلى حضرته ، ثم قال : يا غراب فاذا غراب بين يديه ، ثم قال : يا
بازي فاذا بازي بين يديه ثم قال : يا حمامة فاذا حمامة بين يديه ، ثم أمر بذبحها
كلها وتقطيعها ونتف ريشها ، وأن يخلط ذلك كله بعضه ببعض ثم أخذ برأس
الطاووس فرأينا لحمه وعظامه وريشه ، يتميز من غيرها حتى ألصق ذلك كله
برأسه ، وقام الطاوس بين يديه حيا ، ثم صاح بالغراب كذلك ، وبالبازي والحمامة
كذلك ، فقامت كلها أحيآء بين يديه ( 2 ) .
149 يج : روي عن داود بن كثير الرقي قال : كنت عند الصادق عليه السلام
وأبوالخطاب ، والمفضل ، وأبوعبدالله البلخي إذ دخل علينا كثير النوا وقال : إن
أبا الخطاب هو يشتم أبابكر وعمر وعثمان ويظهر البراءة منهم ، فالتفت الصادق
عليه السلام إلى أبي الخطاب وقال : يا محمد ما تقول ؟ قال : كذب والله ما سمع قط
شتمهما مني فقال الصادق عليه السلام : قد حلف ولا يحلف كاذبا ، فقال : صدق لم أسمع
أنا منه ، ولكن حدثني الثقة به عنه قال الصادق عليه السلام : وإن الثقة لا يبلغ ذلك
فلما خرج كثيرا النوا قال الصادق عليه السلام : أما والله لئن كان أبوالخطاب ذكر ما قال
كثير لقد علم من أمرهم ما لم يعلمه كثير ، والله لقد جلسا مجلس أميرالمؤمنين
عليه السلام غصبا فلا غفر الله لهما ، ولا عفا عنهما ، فبهت أبوعبدالله البلخي ، فنظر
إلى الصادق عليه السلام متعجبا مما قال فيهما ، فقال الصادق عليه السلام : أنكرت ما سمعت
فيهما ؟ قال : كان ذلك ، قال الصادق عليه السلام : فهلا كان الانكار منك ليلة دفع إليك
* ( هامش ) * ( 1 و 2 ) الخرائج والجرائح ص 198 .
[112]
فلان بن فلان البلخي جاريته فلانة لتبيعها فلما عبرت النهر افترشتها في أصل شجرة ؟ !
فقال البلخي : قد مضى والله لهذا الحديث أكثر من عشرين سنة ، ولقد تبت إلى الله
من ذلك ، فقال الصادق عليه السلام : لقد تبت وماتاب الله عليك ، ولقد غضب الله لصاحب
الجارية ، ثم ركب وسار البلخي معه ، فلما برز قال الصادق عليه السلام وقد سمع
صوت حمار : إن أهل النار يتأذون بهما وبأصواتهما ، كما تتأذون بصوت الحمار
فلما برزنا إلى الصحراء فاذا نحن بجب كبير ( 1 ) .
ثم التفت الصادق عليه السلام إلى البلخي فقال : اسقنا من هذا الجب ، فدنا
البلخي ثم قال : هذا جب بعيد القعر ، لا أرى ماءا به فتقدم الصادق عليه السلام فقال :
أيها الجب السامع المطيع لربه اسقنا مما جعل الله فيك من المآء باذن الله
فنظرنا المآء يرتفع من الجب فشربنا منه ، ثم سار حتى انتهى إلى موضع فيه
نخلة يابسة ، فدنا منها فقال : أيتها النخلة أطعمينا مما جعل الله فيك ، فانتثرت
رطبا جنيا .
ثم جاء فالتفت فلم يرفيها شيئا ، ثم سارا فاذا نحن بظبي قد أقبل يبصبص
بذنبه ، قد أقبل إلى الصادق عليه السلام وينغم ( 2 ) فقال : أفعل إن شاء الله ، فانصرف الظبي
فقال البلخي : لقد رأينا عجبا فما سألك الظبي ؟ قال : استجاربي الظبي ، وأخبرني
أن بعض من يصيد الظباء بالمدينة صاد زوجته ، وأن لها خشفين ( 3 ) صغيرين
وسألني أن أشتريها ، واطلقها إليه ، فضمنت له ذلك ، واستقبل القبلة ودعا ، وقال :
الحمدلله كثيرا كما هو أهله ومستحقه ، وتلا ( أم يحسدون الناس على ما آتيهم الله
من فضله ) ( 4 ) ثم قال : نحن والله المحسودون ثم انصرف ونحن معه ، فاشترى
الظبية وأطلقها ، ثم قال : لا تذيعوا سرنا ، ولا تحدثوا به عند غير أهله ، فان
* ( هامش ) * ( 1 ) الجب : البئر العميقة .
( 2 ) ينغم : الطبى هو من النغم بالتحريك وهو الكلام الخفى .
( 3 ) الخشف : بتثليث الخاء ، ولد الظبى أول ما يولد .
( 4 ) سورة النساء الاية : 54 .
[113]
المذيع سرنا أشد علينا من عدونا ( 1 ) .
150 قب ( 2 ) يج : روي أن أبا الصلت الهروي روى عن الرضا عليه السلام أنه
قال : قال لي أبي موسى : كنت جالسا عند أبي عليه السلام إذ دخل عليه بعض أوليآئنا
فقال : في الباب ركب كثير يريدون الدخول عليك ، فقال لي : انظر في الباب
فنظرت إلى جمال كثيرة عليها صناديق ، ورجل ركب فرسا فقلت : من الرجل ؟
قال : رجل من السند والهند ، أردت الامام جعفر بن محمد عليهما السلام ، فأعلمت والدي
بذلك ، فقال : لا تأذن للنجس الخائن ، فأقام بالباب مدة مديدة ، فلم يؤذن له
حتى شفع يزيد بن سليمان ومحمد بن سليمان ، فأذن له ، فدخل الهندي وجثى
بين يديه فقال : أصلح الله الامام أنا رجل من الهند من قبل ملكها ، بعثني إليك بكتاب
مختوم ، وكنت بالباب حولا ، لم تأذن لي فما ذنبي ؟ أهكذا يفعل أولاد الانبياء ! ؟
قال : فطأطأ رأسه ثم قال : ( ولتعلمن بنأه بعد حين ) ( 3 ) .
قال موسى عليه السلام : فأمرني أبي بأخذ الكتاب وفكه فإذا فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمد ، الطاهر من كل نجس ، من
ملك الهند .
أما بعد فقد هداني الله علي يديك ، وإنه اهدي إلي جارية لم أر أحسن منها
ولم أجد أحدا يستأهلها غيرك ، فبعثتها إليك مع شئ من الحلي والجوهر والطيب
ثم جمعت وزرائي فاخترت منهم ألف رجل يصلحون للامانة ، واخترت من الالف
مائة ، واخترت من المائة عشرة ، واخترت من العشرة واحدا ، وهو ميزاب بن
حباب ، لم أر أوثق منه ، فبعثت على يده هذه ، فقال جعفر عليه السلام : ارجع أيها الخائن
فما كنت بالذي أتقبلها ، لانك خائن فيما ائتمنت عليه ، فحلف أنه ماخان
فقال عليه السلام : إن شهد بعض ثيابك بما خنت تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 198 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 367 .
( 3 ) سورة ص الاية : 88 .
[114]
الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : أو تعفيني من ذلك ؟ قال : أكتب إلى صاحبك بما فعلت قال
الهندي : إن علمت شيئا فاكتب ، فكان عليه فروة فأمره بخلعها ، ثم قام الامام
فركع ركعتين ، ثم سجد ، قال موسى عليه السلام : فسمعته في سجوده يقول : اللهم إني
أسألك بمعاقد العزمن عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك أن تصلي على محمد عبدك
ورسولك ، وأمينك في خلقك وآله ، وأن تأذن لفرو هذا الهندي أن ينطق بفعله ، و
أن يحكم بلسان عربي مبين يسمعه من في المجلس من أوليآئنا ، ليكون ذلك عندهم آية
من آيات أهل البيت ، فيزدادوا إيمانا مع إيمانهم ، ثم رفع رأسه فقال : أيها الفرو
تكلم بما تعلم من الهندي قال موسى عليه السلام : فانتفضت الفروة ، وصارت كالكبش
وقالت : يا ابن رسول الله ائتمنه الملك ، على هذه الجارية ، وما معها ، وأوصاه بحفظها
حتى صرنا إلى بعض الصحاري ، أصابنا المطر وابتل جميع ما معنا ، ثم احتبس
المطر ، وطلعت الشمس ، فنادى خادما كان مع الجارية يخدمها يقال له بشر وقال :
لو دخلت هذه المدينة فأتيتنا بما فيها من الطعام ، ودفع إليه دراهم ، ودخل الخادم
المدينة ، فأمر ميزاب هذه الجارية أن تخرج من قبتها إلى مضرب قد نصب في
الشمس فخرجت وكشفت عن ساقيها إذ كان في الارض وحل ونظر هذا الخائن إليها
فراودها عن نفسها ، فأجابته ، وفجربها وخانك ، فخر الهندي فقال : ارحمني فقد
أخطأب ، وأقر بذلك ، ثم صارت فروة كما كانت ، وأمره أن يلبسها ، فلما لبسها
انصمت في حلقه وخنقته ، حتى اسود وجهه ، فقال الصادق عليه السلام : أيها الفروخل
عنه ، حتى يرجع إلى صاحبه ، فيكون هو أولى به منا ، فانحل الفرو ، وقال
الهندي : الله الله في وإنك إن رددت الهدية خشيت أن ينكر ذلك علي ، فإنه
بعيد العقوبة ، فقال : أسلم اعطك الجارية ، فأبى ، فقبل الهدية ، ورد الجارية
فلما رجع إلى الملك ، رجع الجواب إلى أبي بعد أشهر فيه مكتوب :
بسم الله الرحمن الرحيم إلى جعفر بن محمد الامام عليه السلام من ملك الهند :
أما بعد فقد أهديت إليك جارية فقبلت مني ما لا قيمة له ، ورددت الجارية
فأنكر ذلك قلبي ، وعلمت أن الانبياء وأولاد الانبياء معهم فراسة ، فنظرت إلى
[115]
الرسول بعين الخيانة ، فاخترعت كتابا وأعلمته أنه أتاني منك الخيانة ، وحلفت
أنه لاينجيه إلا الصدق ، فأقر بما فعل ، وأقرت الجارية بمثل ذلك ، وأخبرت
بما كان من الفروة ، فتعجبت من ذلك ، وضربت عنقها وعنقه ، وأنا أشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، واعلم أني في أثر الكتاب ، فما
أقام إلا مدة يسيرة ، حتى ترك ملك الهند وأسلم وحسن إسلامه ( 1 ) .
151 قب ( 2 ) يج : روي عن المفضل بن عمر قال : كنت أمشي مع أبي
عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام بمكة أو بمنى ، إذ مررنا بامرأة بين يديها بقرة ميتة ، وهي
مع صبية لها تبكيان فقال عليه السلام : ما شأنك ؟ قالت : كنت وصباياى نعيش من هذه
البقرة ، وقدماتت ، لقد تحيرت في أمري ، قال : أفتحبين أن يحييها الله لك ؟ قالت
أو تسخر مني مع مصيبتي ؟ قال : كلا ما أردت ذلك ، ثم دعا بدعاء ، ثم ركضها
برجله ، وصاح بها ، فقامت البقرة مسرعة سوية ، فقالت : عيسى بن مريم ورب
الكعبة ، فدخل الصادق عليه السلام بين الناس ، فلم تعرفه المرأة ( 3 ) .
52 يج : روي أن صفوان بن يحيى قال : قال لي العبدي : قالت أهلي :
قد طال عهدنا بالصادق عليه السلام فلو حججنا وجددنا به العهد ، فقلت لها : والله ما عندي
شئ أحج به ، فقالت : عندنا كسو وحلي فبع ذلك ، وتجهزبه ، ففعلت ، فلما
صرنا قرب المدينة مرضت مرضا شديدا وأشرفت على الموت ، فلما دخلنا المدينة
خرجت من عندها وأنا آيس منها ، فأتيت الصادق عليه السلام وعليه ثوبان ممصران
فسلمت عليه ، فأجابني وسألني عنها فعرفته خبرها وقلت : إني خرجت وقد أيست
منها . فأطرق مليا ثم قال : يا عبدي أنت حزين بسببها ؟ قلت : نعم ، قال : لا بأس
عليها ، فقد دعوت الله لها بالعافية ، فارجع إليها فإنك تجدها قاعدة ، والخادمة
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 199 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 367 بتفاوت واقتضاب وفيها ( ميزان ) بدل ( ميزاب ) .
( 3 ) الخرائج والجرائح ص 198 .
[116]
تلقمها الطبرزد ( 1 ) قال : فرجعت إليها مبادرا ، فوجدتها قد أفاقت وهي قاعدة ، و
الخادمة تلقمها الطبرزد ، فقلت : ما حالك ؟ قالت : قد صب الله علي العافية صبا
وقد اشتهيت هذا السكر ، فقلت : خرجت من عندك آيشا فسألني الصادق عنك
فأخبرته بحالك فقال : لا بأس علهيا ارجع إليها فهي تأكل السكر ، قالت : خرجت
من عندي وأنا أجود بنفسي ، فدخل علي رجل عليه ثوبان ممصران ، قال :
مالك ؟ قلت : أنا ميتة ، وهذا ملك الموت قد جاء يقبض روحي ، فقال : يا ملك
الموت قال : لبيك أيها الامام ، قال : ألست امرت بالسمع والطاعة لنا ؟ ! قال :
بلى ، قال : فإني آمرك أن تؤخر أمرها عشرين سنة ، قال : السمع والطاعة
قال : فخرج هو وملك الموت ، فأفقت من ساعتي ( 2 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي ( 3 ) المصر بالكسر الطين الاحمر والممصر كمعظم
المصبوغ به .
153 قب ، يج : روي أن حماد بن عيسى سأل الصادق عليه السلام أن يدعو له
ليرزقة الله ما يحج به كثير ، وأن يرزقه ضياعا حسنة ودارا حسنا ، وزوجة من أهل
البيوتان صالحة ، وأولادا أبرارا فقال الصادق عليه السلام : اللهم ارزق حماد بن عيسى
ما يحج به خمسين حجة ، وارزقه ضياعا ، ودارا حسنا ، وزوجة صالحة من قوم
كرام ، وأولادا أبرارا ، قال بعض من حضره : دخلت بعد سنين على حماد بن عيسى
في داره بالبصرة فقال لي : أتذكر دعاء الصادق عليه السلام لي ؟ قلت : نعم قال : هذه
داري ليس في البلد مثها ، وضياعي أحسن الضياع ، وزوجتي من تعرفها من كرام
الناس ، وأولادي تعرفهم ، وقد حججت ثمانيا وأربعين حجة ، ال : فحج حماد
* ( هامش ) * ( 1 ) الطبرزد ، وطبرزل ، وطبرزن : ثلاث لغات معربات ، وأصله بالفارسية ( تبرزد )
كأنه يراد : نحت من نواحيه بفأس ، و ( التبر ) الفأس بالفارسية ، ومن ذلك سمى ( الطبرزد )
من التمر لان نخلثته كأنما ضربت بالفأس ( المعرب للجواليقى ص 228 ) .
( 2 ) الخرائج والجرائح ص 198 .
( 3 ) القاموس ج 2 ص 134 .
[117]
حجتين بعد ذلك ، فلما حج في الحادية والخمسين ، ووصل إلى الجحفة ، وأراد
أن يحرم ، دخل واديا ليغتسل ، فأخذه السيل ، ومربه ، فتبعه غلمانه ، فأخرجوه
من الماء ميتا ، قسمي حماد غريق الجحفة ( 1 ) .
154 يج : روي عن أبي الصامت الحلواني قال : قلت للصادق عليه السلام : أعطني
الشئ ينفي الشك عن قلبي ، قال عليه السلام : هات المفتاح الذي في كمك ، فناولته فاذا
المفتاح أسد ، فخفت قال : خذ لا تخف ، فأخذته ، فعاد مفتاحا كما كان .
155 يج : روي أن رجلا دخل على الصادق عليه السلام وشكا إليه فاقته فقال
عليه السلام : طب نفسا فإن الله يسهل الامر ، فخرج الرجل ، فلقي في طريقه
هميانا فيه سبع مائة دينار ، فأخذه منه ثلاثين دينارا ، وانصرف إلى أبي عبدالله عليه السلام
وحدثه بما وجد ، فقال له : اخرج وناد عليه سنة ، لعلك تظفر بصاحبه ، فخرج
الرجل وقال : لا انادي في الاسواق ، وفي مجمع الناس ، وخرج إلى سكة في آخر
البلد ، وقال : من ضاع له شئ ؟ فإذا رجل قال : ذهب مني سبعمائة دينار في كذا
قال : معي ذلك ، فلما رآه ، وكان معه ميزان فوزنها ، فكان كما كان لم تنقص
فأخذ منها سبعين دينارا وأعطاها الرجل ، فأخذها وخرج إلى أبي عبدالله عليه السلام ، فلما
رآه تبسم وقال : يا هذه هاتي الصرة فاتي بها فقال : هذا ثلاثون ، وقد أخذت


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 117 سطر 16 الى ص 125 سطر 16

سبعين من الرجل ، وسبعون حلالا خير من سبعمائة حرام ( 2 ) .
156 يج : روي أن ابن أبي العوجا وثلاثة نفر من الدهرية اتفقوا على أن
يعارض كل واحد منهم ربع القرآن ، وكانوا بمكة عاهدوا على أن يجيئوا بمعارضته
في العام القابل ، فلما حال الحول واجتمعوا في مقام إبراهيم أيضا قال أحدهم :
إنى لما رأيت قوله ( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء ) ( 3 )
كففت عن المعارضة وقال الآخر : وكذا أنا لما وجدت قوله ( فلما استيأسوا منه
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرئح ص 200
( 2 ) نفس المصدر ص 242 .
( 3 ) سورة هود الاية : 44 .
[118]
خلصوا نجيا ) ( 1 ) أيست من المعارضة ، وكانوا يسرون بذلك ، إذ مر عليهم
الصادق عليه السلام فالتفت إليهم وقرأ عليهم : ( قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن
يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ) ( 2 ) فبهتوا .
157 يج : روي عن سدير أن كثير النوا دخل على أبي جعفر عليه السلام وقال : زعم
المغيرة بن سعيد أن معك ملكا يعرفك المؤمن من الكافر ، في كلام طويل ، فلما
خرج قال عليه السلام : ما هو إلا خبيث الولادة ، وسمع هذا الكلام جماعة من أهل الكوفة
قالوا : ذهبنا حتى نسأل عن كثير فله خبر سوء ، فمضينا إلى الحي الذي هو فيهم
فدللنا إلى عجوز صالحة فقلنا لها : نسألك عن أبي إسماعيل قالت : كثير ؟ فقلنا : نعم
قالت : تريدون أن تزوجوه ؟ قلنا : نعم قالت : لا تفعلوا فانى والله قد وضعته في ذلك
البيت رابعة أربعة من الزنا ، وأشارت إلى بيت من بيوت الدار .
158 يج : روي عن عبدالله النجاشي قال : أصاب جبة لي فروا ماء ميزاب
فغمستها في الماء في وقت بارد ، فلما دخلت على أبي عبدالله عليه السلام ابتدأني وقال :
إن الفرا إذا غسلت بالماء فسدت .
159 يج : قال زرارة : كنت أنا ، وعبدالواحد بن المختار ، وسعيد بن لقمان
وعمر بن شجرة الكندي عند أبي عبدالله عليه السلام فقام عمر فخرج ، فأثنوا عليه خيرا
وذكروا ورعه ، وبذل ماله ، فقال : ماأرى بكم علما بالناس إني لاكتفي من
الرجل بلحظة ، إن هذا من أخبث الناس ، قال : فكان عمر بن شجرة من أحرص
الناس على ارتكاب محارم الله .
160 يج : روى محمد بن راشد ، عن جده قال : قصدت إلى جعفر بن محمد أسأله
عن مسألة فقالوا : مات السيد الحميرى الشاعر ، وهو في جنازته ، فمضيت إلى المقابر
فاستفتيته ، فأفتاني ، فلما أن قمت أخذ بثوبي فجذبني إليه ثم قال : إنكم معاشر
الاحداث تركتم العلم فقلت : أنت إمام هذا الزمان ؟ قال : نعم قلت : فدليل أو
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة يوسف الاية : 80 .
( 2 ) سورة الاسرارء الاية : 88 .
[119]
علامة ، فقال : سلني عما شئت اخبرك به إن شاء الله قال : إني اصبت بأخ لي قد دفنته
في هذه المقابر ، فأحيه لي باذن الله ، قال : ما أنت بأهل لذلك ، ولكن أخوك كان
مؤمنا واسمه كان عندنا أحمد ، ثم دنا من قبره ، فانشق عنه قبره ، وخرج إلي
وهو يقول : يا أخي اتبعه ولا تفارقه ، ثم عاد إلى قبره ، واستحلفني على أن لا اخبر
أحدا به .
161 يج : روي عن إسماعيل بن مهران قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام
اودعه وكنت حاجا في تلك السنة ، فخرجت ، ثم ذكرت شيئا أردت أن أسأله
عنه ، فرجعت إليه ، ومنزله غاص بالناس ، وكان ما أسأله عنه بيض طير الماء فقال
لي من غير سؤال : الاصح أن لا تأكل بيض طير الماء .
162 يج : روى أحمد بن فارس ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : دخل
إليه قوم من أهل خراسان ، فقال ابتداء : من جمع مالا يحرسه عذبه الله على
مقداره فقالوا : بالفارسية ! لا نفهم بالعربية فقال لهم ( هر كه درم اندوزد جزايش
دوزخ باشد ) وقال : إن الله خلق مدينتين إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب
على كل مدينة سور من حديد فيها ألف ألف باب من ذهب ، كل باب بمصراعين
وفي كل مدينة سبعون ألف إنسان ، مختلفات اللغات ، وأنا أعرف جميع تلك
اللغات ، وما فيها وما بينهما حجة غيري وغير آبائي وغير أبنائي بعدي .
163 يج : قال ابن فرقد : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وقد جاءه غلام أعجمي
برسالة ، فلم يزل يهذي ولا يعبره ، حتى ظننت أنه لا يظهره فقال له : تكلم بأي
لسان شئت سوى العربية ، فانك لا تحسنها ، فإني أفهم بكلمة التركية فرد عليه
الجواب ، فمضى الغلام متعجبا .
164 يج : روي عن علي بن أبي حمزة قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام مع
أبي بصير فبينما نحن قعود إذ تكلم أبوعبدالله عليه السلام فقلت في نفسي : هذا والله مما
أحمله إلى الشيعة هذا حديث لم أسمع بمثله قط ، قال : فنظر في وجهي ثم قال :
[120]
إني أتكلم بالحرف الواحد فيه سبعون وجها إن شئت احدث كذا ، وإن شئت
احدث كذا .
165 يج : ري عن منصور الصيقل قال : حججت فمررت بالمدينة فأتيت
قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فسلمت عليه ، ثم التفت فاذا أنا بأبي عبدالله عليه السلام ساجدا
فجلست حتى مللت ، ثم قلت : لا سبحن قدامه ساجدا فقلت : سبحان ربي وبحمده
أستغفر ربي وأتوب إليه ، ثلاثمائة مرة ونيفا وستين مرة ، فرفع رأسه ثم نهض
فاتبعته وأنا أقول في نفسي : إن أذن لي فدخلت عليه ثم قلت له : جعلت فداك
أنتم تصنعون هكذا ! ! فكيف ينبغي لنا أن نصنع ؟ ! فلما أن وقفت على الباب خرج
إلي مصادف فقال : ادخل يا منصور ، فدخلت فقال لي مبتدئا : يا منصور إن كثرتم
أو قللتم فوالله ما يقبل إلا منكم .
166 يج : روي أن جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالابواء منهم إبراهيم بن
محمد بن علي بن عبدالله بن عباس ، وأبوجعفر المنصور ، وعبدالله بن الحسن ، وابناه
محمد وإبراهيم ، وأرادوا أن يعقدوا لرجل منهم فقال عبدالله : هذا ابني هو المهدي
وأرسلوا إلى جعفر ، فجاء فقال : لما ذا اجتمعتم ؟ ثقالوا : نبايع محمد بن عبدالله ، فهو
المهدي قال جعفر : لا تفعلوا قال : ولكن هذا وإخوته وأبناءهم دونكم ، وضرب بيده
على ظهر أبي العباس ، ثم قال لعبدالله : ماهي إليك ولا إلى ابنيك ، ولكنها لبني
العباس ، وإن ابنيك لمقتولان ، ثم نهض وقال : إن صاحب الرداء الاصفر . يعني
أبا جعفر يقتله فقال عبدالعزيز بن علي : والله ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتله
وانفض القوم فقال أبوجعفر : تتم الخلافة لي ؟ فقال : نعم أقوله حقا ( 1 ) .
167 يج : روي عن عبدالرحمن بن كثير أن رجلا دخل يسأل عن الامام
بالمدينة ، فاستقبله رجل من ولد الحسين فقال له : يا هذا إني أراك تسأل عن الامام
قال نعم ، قال : فأصبته ؟ قال : لا قال : فإن أحببت أن تلقى جعفر بن محمد فافعل
فاستدله فأرشده إليه ، فلما دخل عليه قال له : إنك دخلت مدينتنا هذه تسأل عن
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 244 .
[121]
الامام ، فاستقبلك فتى من ولد الحسن فأرشدك إلى محمد بن عبدالله ، فسألته وخرجت
فان شئت أخبرتك بما سألته عنه وما رده عليك ، ثم استقبلك فتى من ولد الحسين
وقال لك : إن أحببت أن تلقى جعفر بن محمد فافعل قال : صدقت كان كل ما ذكرت
ووصفت ( 1 ) .
168 يج : روي عن معاوية بن وهب قال : كنت مع أبي عبدالله عليه السلام بالمدينة
وهو راكب على حمارله ، فنزلنا وقد كنا صرنا إلى السوق فسجد سجدة طويلة وأنا
أنظر إليه ، ثم رفع رأسه فسألته عن ذلك فقال : إني ذكرت نعمة الله علي ، فقلت :
ففي السوق ؟ ! والناس يجيئون ويذهبون ؟ ! فقال : إنه لم يرني أحد منهم
غيرك ( 2 ) .
169 طب : أحمد بن المنذر ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن داود الرقي قال :
كنت عند أبي عبدالله الصادق عليه السلام فدخلت عليه حبابة الوالبية ، وكانت خيرة
فسألته عن مسائل في الحلال والحرام ، فتعجبنا من حسن تلك المسائل إذ قال لنا :
أرأيتم مسائل أحسن من مسائل حبابة الوالبية ؟ فقلنا جعلنا فداك لقد وقرت
ذلك في عيوننا وقلوبنا قال : فسالت دموعها فقال الصادق عليه السلام : مالي أرى عينيك
قد سالتا ؟ قالت : يا ابن رسول الله دآء قد ظهر بي من الادواء الخبيثة التي كانت
تصيب الانبيآء عليهم السلام والاوليآء ، وإن قرابتي وأهل بيتي يقولون قد أصابتها الخبيثة
ولو كان صاحبها كما قالت مفروض الطاعة لدعالها ، فكان الله تعالى يذهب عنها
وأنا والله سررت بذلك وعلمت أنه تمحيص ، وكفارات ، وأنه داء الصالحين
فقال لها الصادق عليه السلام : وقد قالوا ذلك قد أصابتك الخبيثة ؟ قالت : نعم يا ابن رسول
الله قال : فحرك الصادق عليه السلام شفتيه بشئ ما أدري أي دعاء كان ، فقال : ادخلي
دارالنساء حتى تنظرين إلى جسدك قال : فدخلت فكشفت عن ثيابها ، ثم قامت
ولم يبق في صدرها ولا في جسدها شئ ، فقال عليه السلام : اذهبي الآن إليهم وقولي لهم :
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح 244 بتفاوت يسير .
( 2 ) نفس المصدر ص 245 .
[122]
هذا الذي يتقرب إلى الله بامامته ( 1 ) .
170 دعوات الراوندى : كان الصادق عليه السلام تحت الميزاب ومعه جماعة
إذ جاءه شيخ فسلم ، ثم قال : يا ابن رسول الله : إني لاحبكم أهل البيت ، وأبرأمن
عدوكم ، وإني بليت ببلاء شديد وقد أتيت البيت متعوذا به مما أجد ، ثم بكى
وأكب على أبي عبدالله عليه السلام يقبل رأسه ورجليه ، وجعل أبوعبدالله عليه السلام يتنحى
عنه ، فرحمه وبكى ثم قال : هذا أخوكم وقد أتاكم متعوذا بكم ، فارفعوا أيديكم
فرفع أبوعبدالله عليه السلام يديه ورفعنا أيدينا ثم قال : ( اللهم إنك خلقت هذه النفس
من طينة أخلصتها وجعلت منها أولياءك ، وأولياء أوليائك ، وإن شئت أن تنحي عنها
الآفات فعلت ، اللهم ، وقد تعوذنا ببيتك الحرام الذي يأمن به كل شئ ، وقد
تعوذبنا ، وأنا أسألك يا من احتجب بنوره عن خلقه أسألك بمحمد وعلي وفاطمة
والحسن والحسين يا غاية كل محزون وملهوف ومكروب ومضطر مبتلى أن
تؤمنه بأماننا مما يجد ، وأن تمحو من طينته ما قدر عليها من البلاء وأن تفرج كربته
ياأرحم الراحمين ) فلما فرغ من الدعاء انطلق الرجل فلما بلغ باب المسجد رجع
وبكى ثم قال : الله أعلم حيث يجعل رسالته ، والله ما بلغت باب المسجد وبي
مما أجد قليل ولا كثير ، ثم ولى .
171 جا : الجعابي ، عن محمد بن يحيى التميمي ، عن الحسن بن بهرام
عن الحسن بن حمدون ، عن محمد بن إبراهيم بن عبدالله ، عن سدير الصير في قال :
كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وعنده جماعة ، من أهل الكوفة ، فأقبل عليهم وقال لهم :
حجوا قبل أن لا تحجوا ، قبل أن يمنع البرجانبه ، حجوا قبل هدم مسجد بالعراق
بين نخل وأنهار ، حجوا قبل أن تقطع سدرة بالزوراء ، على عروق النخلة التي
اجتنت منها مريم عليهما السلام رطبا جنيا فعند ذلك تمنعون الحج ، وتنقص الثمار ، وتجدب
البلاد ، وتبتلون بغلاء الاسعار ، وجور السلطان ، ويظهر فيكم الظلم والعدوان
مع البلاء والوباء والجوع ، وتظلكم الفتن من جميع الآفاق ، فويل لكم يا أهل
* ( هامش ) * ( 1 ) طب الائمة ص 110 طبع طهران سنة 1377 ه .
[123]
العراق إذا جاءتكم الرايات من خراسان ، وويل لاهل الري من الترك ، وويل
لاهل العراق من أهل الري ، وويل لهم ثم ويل لهم من الثط قال سدير : فقلت :
يا مولاي من الثط ؟ قال : قوم آذانهم كآذان الفار صغرا ، لباسهم الحديد كلامهم
ككلام الشياطين ، صغار الحدق ، مرد جبرد استعيذوا بالله من شرهم اولئك يفتح
الله على أيديهم الذين ، ويكونون سببا لامرنا ( 1 ) .
بيان : قوله عليه السلام : قبل أن يمنع البر جانبه أي يكون البر مخوفا لا يمكن
قطعه ، وقال الفيروزآبادي : ( 2 ) الثط الكوسج أو القليل شعر اللحجة والحاجبين
والمرد جمع الامرد ، وهو الذي ليس على بدنه شعر .
172 قب : حدث إبراهيم ، عن أبي حمزة ، عن مأمون الرقي قال : كنت
عند سيدي الصادق عليه السلام إذ دخل سهل بن الحسن الخراساني فسلم عليه ثم جلس
فقال له : يا ابن رسول الله لكم الرأفة والرحمة ، وأنتم أهل بيت الامامة ما الذي
يمنعك أن يكون لك حق تقعد عنه ! ؟ وأنت تجد من شيعتك مائة ألف يضربون
بين يديك باسيف ! ؟ فقال له عليه السلام : اجلس يا خراساني رعى الله حقك ، ثم قال :
يا حنيفة أسجري التنور فسجرته حتى صار كالجمرة وابيض علوه ، ثم قال : يا
خراساني ! قم فاجلس في التنور ، فقال الخراساني : يا سيدي يا ابن رسول الله
لا تعذبني بالنار ، أقلني أقالك الله قال : قد أقلتك ، فبينما نحن كذلك إذ أقبل
هارون المكي ، ونعله في سبابته فقال : السلام عليك يا ابن رسول الله فقال له الصادق
عليه السلام : ألق النعل من يدك ، واجلس في التنور ، قال : فألقى النعل من سبابته
ثم جلس في التنور ، وأقبل الامام عليه السلام يحدث الخراساني حديث خراسان حتى
كأنه شاهد لها ، ثم قال : قم يا خراساني وانظر ما في التنور قال : فقمت إليه
فرأيته متربعا ، فخرج إلينا وسلم علينا فقال له الامام عليه السلام : كم تجد بخراسان
مثل هذا ؟ فقال : والله ولا واحدا فقال عليه السلام : لا والله ولا واحدا ، فقال : أما إنا
* ( هامش ) * ( 1 ) أمالى المفيد ص 36 .
( 2 ) القاموس ج 2 ص 352 .
[124]
لانخرج في زمان لانجد فيه خمسة معاضدين لنا ، نحن أعلم بالوقت ( 1 ) .
بيان : سجر التنور أحماه .
177 قب : حدث أبوعبدالله محمد بن أحمد الديلمي البصري ، عن محمد بن
أبي كثير الكوفي قال : كنت لا أختم صلاتي ولا أستفتحها إلا بلعنهما فرأيت في منامي
طائرا معه تور ( 2 ) من الجوهر فيه شئ أحمر شبه الخلوق ( 3 ) فنزل إلى البيت
المحيط برسول الله صلى الله عليه وآله ثم أخرج شخصين من الضريح فخلقهما بذلك الخلوق ، في
عوارضهما ، ثم ردهما إلى الضريح ، وعاد مرتفعا ، فسألت من حولي من هذا الطائر ؟
وما هذا الخلوق ؟ فقال : هذا ملك يجئ في كل ليلة جمعة يخلقهما ، فأزعجني
ما رأيت فأصبحت لاتطيب نفسي بلعنهما ، فدخلت على الصادق عليه السلام فلمار آني ضحك
وقال : رأيت الطائر ؟ فقلت : نعم يا سيدي فقال : اقرأ ( إنما النجوى من الشيطان
ليحزن الذين آمنوا وليس بضار هم شيئا إلا باذن الله ) ( 4 ) فاذا رأيت شيئا تكره
فاقرأها والله ما هو ملك موكل بهما لا كرامهما بل هو ملك موكل بمشارق الارض
ومغاربها إذا قتل قتيل ظلما أخذ من دمه فطوقهما به في رقابهما لانهما سبب كل
ظلم مذكانا ( 5 ) .
174 قب : مغيث قال لابي عبدالله عليه السلام ورآه يضحك في بيته : جعلت فداك
لست أدري بأيهما أناأشد سرورا ؟ بجلوسك في بيتي أو لضحكك ، قال : إنه هدر
الحمام الذكر على الانثى فقال : أنتي سكني وعرسي والجالس على الفراش أحب
إلي منك ، فضحكت من قوله .
وهذا المعنى رواه الفضل بن بشار في حديث برد الاسكاف أن الطير قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 362 .
( 2 ) التور : اناء من صفر او حجارة كالا جانة وقد يتوضأ منه ( النهاية ) .
( 3 ) الخلوق : ضرب من الطيب أعظم أجزائه الزعفران .
( 4 ) سورة المجالة الاية : 10 .
( 5 ) المناقب ج 3 ص 363 .
[125]
يا سكني وعرسي ما خلق الله خلقا أحب إلي منك ، وما حرصي عليك هذا الحرص
إلا طمعا أن يرزقني الله ولدا منا يحبون أهل البيت .
داود بن فرقد ، وعبدالله بن سنان ، وحفص البختري ، عن أبي عبدالله أنه
سمع فاختة تصيح في داره فقال : تدرون ما تقول هذه الفاختة ؟ قلنا : لا ، قال : تقول :
فقدتكم فقدتكم ، فافقدوها قبل أن تفقدكم .
وروى عمر الاصفهاني عنه عليه السلام مثل ذلك في صوت الصلصل .
وروي أنه عليه السلام قال : يقول الورشان : قدستم قدسم ( 1 ) .
المفضل بن عمر قال : كنت أنا وخالد الجوان ، ونجم الحطيم ، وسليمان بن
خالد على باب الصادق عليه السلام فتكلمنا فيما يتكلم فيه أهل الغلو ، فخرج علينا
الصادق عليه السلام بلاحذاء ولا رداء وهو ينتفض ويقول : يا خالد يا مفضل يا سليمان
يا نجم ، لا ( بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) ( 2 ) .
وقال صالح بن سهل : كنت أقول في الصادق عليه السلام ما تقول الغلاة ، فنظر
إلي فقال : ويحك يا صالح إنا والله عبيد مخلوقون ، لنا رب نعبده ، وإن لم نعبده
عذبنا ( 3 ) .
عبدالرحمان بن كثير في خبر طويل أن رجلا دخل المدينة يسأل عن الامام
فدلوه على عبدالله بن الحسن فسأله هنيئة ، ثم خرج ، فدلوه على جعفر بن محمد عليهما السلام


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 125 سطر 17 الى ص 133 سطر 17

فقصده ، فلما نظر إليه جعفر عليه السلام قال : يا هذا إنك كنت دخلت مدينتنا هذه
تسأل عن الامام ، فاستقبلك فتية من ولد الحسن فأرشدوك إلى عبدالله بن الحسن
فسألته هنيئة ثم خرجت ، فان شئت أخبرتك عما سألته ، وما رد عليك ، ثم استقبلك
فتية من ولد الحسين ، فقالوا لك : يا هذا إن رأيت أن تلقى جعفر بن محمد فافعل .
فقال : صدقت قد كان كما ذكرت ، فقال له : ارجع إلى عبدالله بن الحسن فسله عن
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 346 .
( 2 ) سورة الانبياء الاية : 26 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 347 .
[126]
درع رسول الله صلى الله عليه وآله وعمامته ، فذهب الرجل فسأله عن درع رسول الله صلى الله عليه وآله والعمامة
فأخذ درعا من كندوج له فلبسها فاذاهي سابغة فقال : كذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يلبس الدرع ، فرجع إلى الصادق عليه السلام فأخبره فقال : ما صدق ثم أخرج خاتما
فضرب به الارض فاذا الدرع والعمامة ساقطين من جوف الخاتم ، فلبس أبوعبدالله عليه السلام
الدرع ، فاذاهي إلى نصف ساقه ، ثم تعمم بالعمامة ، فاذا هي سابغة فنزعها ، ثم
ردهما في الفص ، ثم قال : هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يلبسها إن هذا ليس مما غزل
في الارض ، إن خزانة الله في كن ، وإن خزانة الامام في خاتمه ، وإن الله
عنده الدنيا كسكرجة ، وإنها عند الامام كصحيفة ، ولولم يكن الامر هكذا لم
نكن أئمة ، وكنا كسائر الناس ( 1 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي : ( 2 ) الكندوج شبه المخزن معرب كندو ، قوله
عليه السلام : في كن أي في لفظة كن كناية عن إرادته الكاملة ، وهو إشارة إلى
قوله تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) ( 3 ) والسكرجة
بضم السين والكاف وتشديد الراء إناء ، صغير يؤكل فيه الشئ القليل من الادام
وهي فارسية .
175 قب : شعيب بن ميثم قال أبوعبدالله عليه السلام : يا شعيب أحسن إلى
نفسك ، ونصل قرابتك ، وتعاهد إخوانك ، ولا تستبد بالشئ فتقول ذا لنفسي و
عيالي إن الذي خلقهم هو الذي يرزقهم فقلت : نعى والله إلي نفسي ، فرجع شعيب
فوالله ما لبث إلا شهرا حتى مات .
صندل عن سورة بن كليب قال : قال أبوعبدالله : يا سورة كيف حججت
العام ؟ قال : استقرضت حجتي ، والله إني لاعلم أن الله سيقضيها عني ، وما كان
حجتي إلا شوقا إليك ، وإلى حديثك ، قال : أما حجتك فقد قضاها الله فاعطكها
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 349 .
( 2 ) القاموس ج 1 ص 205 .
( 3 ) سورة يس الاية : 82
[127]
من عندي ، ثم رفع مصلى تحته ، فأخرج دنانير فعد عشرين دينارا فقال : هذه
حجتك ، وعد عشرين دينارا وقال : هذه معونة لك حياتك حتى تموت قلت :
أخبر تني أن أجلي قددنا ؟ فقال : يا سورة أما ترضى أن تكون معنا ، فقال صندل :
فما لبث إلا سبعة أشهر حتى مات ( 1 ) .
ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد في خبر طويل أنه دخل على الصادق عليه السلام
آذنه وآذن لقوم من أهل البصرة فقال عليه السلام : كم عدتهم ؟ فقال : لا أدري فقال
عليه السلام : اثنا عشر رجلا فلما دخلوا عليه سألوا في حرب علي وطلحة والزبير
وعائشة قال : وما تريدون بذلك ؟ قالوا : نريد أن نعلم علم ذلك قال : إذا تكفرون
يا أهل البصرة فقال : علي عليه السلام : كان مؤمنا منذ بعث الله نبيه إلى أن قبضه إليه ثم
لم يؤمر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله أحدا قط ، ولم يكن في سرية قط إلا كان أميرها
وذكر فيه أن طلحة والزبير بايعاء ، وغدرا به ، وأن النبي صلى الله عليه وآله أمره
بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقالوا : لئن كان هذا عهدا من رسول الله صلى الله عليه وآله
لقد ضل القوم جميعا فقال عليه السلام : ألم أقل لكم إنكم ستكفرون إن أخبرتكم أما
إنكم سترجعون إلى أصحابكم من أهل البصرة فتخبرونهم بما أخبرتكم فيكفرون
أعظم من كفركم ، فكان كما قال . ( 2 ) .
أبوبصير قال موسى بن جعفر عليهما السلام : فيما أوصاني به أبي عليه السلام أن
قال : يا بني ! إذا أنامت فلا يغسلني أحد غيرك ، فان الامام لا يغسله إلا الامام
واعلم أن عبادلله أخاك سيدعو الناس إلى نفسه ، فدعه فان عمره قصير ، فلما أن
مضى أبي غسلته كما أمرني ، وادعى عبدالله الامامة مكانه ، فكان كما قال أبي
ومالبث عبدالله يسيرا حتى مات ، وروى مثل ذلك الصادق عليه السلام .
وفي حديث علي أنه قال الصادق عليه السلام : نعلم أنك خلفت في منزلك
ثلاثمائة درهم ، وقلت : إذا رجعت أصرفها أو أبعث بها إلى محمد بن عبدالله الدعبلي
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 350 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 351 .
[128]
قال : والله ما تركت في بيتي شيئا إلا وقد أخبرتني به ( 1 ) .
وقال سماعة بن مهران : دخلت على الصادق عليه السلام فقال لي مبتدئا : يا سماعة
ما هذا الذي بينك وبين جمالك في الطريق ؟ إياك أن تكون فاحشا أو صياحا قال :
والله لقد كان ذلك لانه ظلمني ، فنهاني عن مثل ذلك .
معتب قال : قرع باب مولاي الصادق عليه السلام فخرجت فاذا بزيد بن علي عليه السلام
فقال الصادق عليه السلام لجلسائه : ادخلوا هذا البيت ، ورد وا الباب ، ولا يتكلم منكم
أحد ، فلما دخل قام إليه فاعتنقا وجلسا طويلا يتشاوران ثم علا الكلام بينهما
فقال زيد : دع ذا عنك يا جعفر ! فوالله لئن لم تمديدك حتى ابايعك أو هذه يدي
فبا يعني لاتعبنك ولا كلفنك مالا تطيق ، فقد تركت الجهاد وأخلدت إلى الخفض
وأرخيت الستر ، واحتويت على مال الشرق والغرب فقال الصادق عليه السلام : يرحمك
الله يا عم يغفر الله لك يا عم ، وزيد يسمعه ويقول : موعدنا الصبح أليس الصبح
بقريب ، ومضى ، فتكلم الناس في ذلك فقال : مه لا تقولوا لعمي زيد إلا خيرا ، رحم
الله عمي ، فلو ظفر لوفى ، فلما كان في السحر قرع الباب ، ففتحت له الباب فدخل
يشهق ويبكي ويقول : ارحمني يا جعفر ، يرحمك الله ، ارض عني يا جعفر ، رضي
الله عنك ، اغفرلي يا جعفر ، غفر الله لك ، فقال الصادق عليه السلام : غفر الله لك ورحمك
ورضي عنك ، فما الخبر يا عم ؟ قال : نمت فرأيت رسول الله داخلا علي
وعن يمينه الحسن ، وعن يساره الحسين ، وفاطمة خلفه ، وعلي أمامه ، وبيده
حربة تلتهب التهابا كأنه نار ، وهو يقول : إيها يا زيد آذيت رسول الله في
جعفر ، والله لئن لم يرحمك ، ويغفر لك ، ويرضى عنك ، لارمينك بهذه الحربة
فلاضعها بين كتفيك ثم لاخرجها من صدرك ، فانتبهت فزعا مرعوبا ، فصرت
إليك فارحمني يرحمك الله فقال : رضي الله عنك ، وغفرلك ، أو صني فانك مقتول
مصلوب محرق بالنار ، فوصى زيد بعياله وأولاده ، وقضاء الدين عنه ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 351 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 352 .
[129]
بيان : أخلد إلى المكان : أقام ، وأسمعه : شتمه .
176 قب : أبوبصير سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : وقد جرى ذكر المعلى
ابن خنيس فقال : يا أبا محمد اكتم علي ما أقول لك في المعلى قلت : أفعل ، فقال :
أما إنه ما كان ينال درجتنا إلا بما كان ينال منه داود بن علي قلت : وما الذي
يصيبه من داود ؟ قال : يدعو به فيأمر به ، فيضرب عنقه ، ويصلبه ، وذلك قابل
فلما كان قابل ولي داود المدينة ، فدعا المعلى وسأله عن شيعة أبي عبدالله عليه السلام فكتمه
فقال : أتكتمني ؟ أما إنك إن كتمتني قتلتك فقال المعلى : بالقتل تهددني ؟ ! والله
لوكانوا تحت قدمي ، ما رفعت قدمي عنهم ، وإن أنت قتلتني لتسعدني ولتشقين
فلما أراد قتله قال المعلى : أخرجني إلى الناس ، فإن لي أشياء كثيرة ، حتى
اشهد بذلك ، فأخرجه إلى السوق ، فلما اجتمع الناس قال : أيها الناس اشهدوا
أن ماتركت من مال عين أو دين أو أمة أو عبد أو دار أو قليل أوكثير فهو لجفعر
ابن محمد عليهما السلام فقتل ( 1 ) .
ابن بابويه القمي في دلائل الائمة ومعجزاتهم قال أبوبصير : دخلت المدينة
وكانت معي جويرية لي فأصبت منها ، ثم خرجت إلى الحمام ، فلقيت أصحابنا
الشيعة وهم متوجهون إلى الصادق عليه السلام ، فخفت أن يسبقوني ، ويفوتني الدخول
عليه ، فمشيت معهم حتى دخلت الدار معهم فلما مثلت بين يدي أبي عبدالله عليه السلام
نظر إلي ثم قال : يا أبا بصير أما علمت أن بيوت الانبياء وأولاد الانبياء ، لا يدخلها
الجنب ، فاستحييت وقلت : يا ابن رسول الله إني لقيت أصحابنا ، وخفت أن يفوتني
الدخول معهم ، ولن أعود إلى مثلها أبدا .
وفي كتاب الدلالات ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني قال أبوبصير :
اشتهيت دلالة الامام فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام وأنا جنب فقال : يا أبا محمد
ما كان لك فيما كنت فيه شغل ، تدخل على إمامك وأنت جنب ، فقلت : جعلت
فداك ما عملته إلا عمدا قال : أولم تؤمن ؟ قلت : بلى ولكن ليطمئن قلبي قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 352 .
[130]
فقم يا أبا محمد فاغتسل الخبر ( 1 ) .
177 يج : عن أبي بصير مثله .
178 قب : عبدالرحمان بن سالم ، عن أبيه قال : لما قدم أبوعبدالله عليه السلام
إلى أبي جعفر فقال أبوحنيفة لنفر من أصحابه : انطلقوا بنا إلى إمام الرافضة نسأله
عن أشياء نحيره فيها ، فانطلقوا ، فلما دخلوا إليه نظر إليه أبوعبدالله فقال :
أسألك بالله يا نعمان لما صدقتني عن شئ أسألك عنه ، هل قلت لاصحابك : مروابنا
إلى إمام الرافضة فنحيره ؟ فقال : قد كان ذلك قال : فسل ماشئت القصة ( 2 ) .
أبوالعباس البقباق قال تزارا ابن أبي يعفور ، والمعلى بن خنيس فقال ابن
أبي يعفور : الاوصياء علماء أتقياء أبرار وقال ابن خنيس : الاوصياء أنبيآء قال :
فدخلا على أبي عبدالله عليه السلام قال : فلما استقر مجلسهما قال عليه السلام : أبرأ ممن
قال : إنا أنبياء ( 3 ) .
بيان : قال الفيروزآبادي : ( 4 ) زرر كسمع تعدى على خصمه ، والمزارة :
المعاضة .
179 قب : سدير الصيرفي قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام وقد اجتمع
إلي ماله فأحببت دفعه إليه ، وكنت حبست منه دينارا ، لكي أعلم أقاويل الناس
فوضعت المال بين يديه فقال لي : يا سدير خنتنا ، ولم ترد بخيانتك إيانا قطيعتنا
قلت : جعلت فداك وما ذاك ؟ قال : أخذت شيئا من حقنا لتعلم كيف مذهبنا قلت :
صدقت جعلت فداك ، إنما أردت أن أعلم قول أصحابي فقال لي : أما علمت أن
كل ما يحتاج إليه نعلمه ، وعندنا ذلك ، أما سمعت قول الله تعالى ( وكل شئ
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 353 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 353 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 ص 354 .
( 4 ) القاموس ج 2 ص 38 39 .
[131]
أحصيناه في إمام مبين ) ( 1 ) اعلم أن علم الانبياء محفوظ في علمنا ، مجتمع عندنا
وعلمنا من علم الانبياء ، فأين يذهب بك ؟ ! قلت : صدقت جعلت فداك ( 2 ) .
180 قب ( 3 ) عم : من نوادر الحكمة عثمان بن عيسى ، عن إبراهيم بن عبد
الحميد قال : خرجت إلى قبا لاشتري نخلا فلقيته عليه السلام وقد دخل المدينة فقال :
أين تريد ؟ فقلت : لعلنا نشتري نخلا فقال : أو أمنتم الجراد ؟ فقلت : لا والله لا
أشتري نخلة ، فوالله ما لبثنا إلا خمسا ، حتى جاء من الجراد ما لم يترك في النخل
حملا ( 3 ) .
181 قب : ابن جمهور العمي في كتاب الواحدة أن محمد بن عبدالله بن الحسن
قال لابي عبدالله عليه السلام : والله إني لاعلم منك ، وأسخى وأشجع ، فقال له : أماما
قلت : إنك أعلم مني ، فقد أعتق جدي وجدك ألف نسمة من كديده فسمهم لي !
وإن أحببت أن اسميهم لك إلى آدم فعلت .
وأما ما قلت : إنك أسخى مني فوالله مابت ليلة ولله علي حق يطالبني به ، و
أما ما قلت : إنك أشجع مني فكأني أرى رأسك وقد جئ به ووضع على جحر
الزنابير ، يسيل منه الدم إلى موضع كذا وكذا قال : فحكى ذلك لابيه فقال :
يا بني آجرني الله فيك ، إن جعفرا أخبرني أنك صاحب جحر الزنابير .
أبوالفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ( 5 ) لما بويع محمد بن عبدالله بن الحسن
على أنه مهدي هذه الامة جاء أبوه عبدالله إلى الصادق عليه السلام وقد كان ينهاه ، وزعم
أنه يحسده فضرب الصادق عليه السلام يده على كتف عبدالله وقال : إيها ! والله ماهي
إليك ولا إلى ابنك ، وإنماهي لهذا يعني السفاج ، ثم لهذا يعني المنصور ، يقتله على
أحجار الزيت ، ثم يقتل أخاه بالطفوف ، وقوائم فرسه في الماء ، فتبعه المنصور فقال :
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة يس الاية 12 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 354 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 ص 355 .
( 4 ) اعلام الورى ص 269 وقبا : بالضم قرية قرب المدينة .
( 5 ) مقاتل الطالبيين ص 255 256 بتفاوت .
[132]
ما قلت يا أبا عبدالله ؟ فقال : ما سمعته وإنه لكائن قال : فحدثني من سمع المنصور
أنه قال : انصرفت من وقتي فهيأت أمري فكان كما قال .
وروي أنه لما أكبر المنصور أمر ابني عبدالله استطلع حالهما منه فقال الصادق
عليه السلام : ما يؤل إليه حالهما أتلو عليك آية فيها منتهى علمي وتلا ( لئن اخرجوا
لايخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الادبار ثم
لاينصرون ) ( 1 ) فخر المنصور ساجدا وقال : حسبك أبا عبدالله .
ابن كادش العكبري في مقاتل العصابة العلوية كتابة لما بلغ أبا مسلم موت
إبراهيم الامام وجه بكتبه إلى الحجاز إلى جعفر بن محمد عليه السلام وعبدالله بن الحسن ومحمد
ابن علي بن الحسين يدعو كل واحد منهم إلى الخلافة ، فبدأ بجعفر فلما قرأ الكتاب
أحرقه وقال : هذا الجواب ، فأتى عبدالله بن الحسن فلما قرأ الكتاب قال : أنا شيخ
ولكن ابني محمد مهدي هذه الامة فركب وأتى جعفرا فخرج إليه ووضع يده على عنق
حماره وقال : يا أبا محمد ما جاء بك في هذه الساعة ؟ فأخبره فقال : لا تفعلوا فإن
الامر لم يأت بعد ، فغضب عبدالله بن الحسن وقال : لقد علمك خلاف ما تقول ، و
لكنه يحملك على ذلك الحسد لابني فقال : والله ما ذلك يحملني ، ولكن هذا و
إخوته وأبناؤه دونك ، وضرب بيده على ظهر أبي العباس السفاح ، ثم نهض ، فاتبعه
عبدالصمد بن علي ، وأبوجعفر محمد بن علي بن عبدالله بن العباس فقالا له : أتقول ذلك ؟
قال : نعم والله أقول ذلك وأعلمه ( 2 ) .
زكار بن أبي زكار الواسطي قال : قبل رجل رأس أبي عبدالله عليه السلام فمس
أبوعبدالله ثيابه وقال : ما رأيت كاليوم أشد بياضا ولا أحسن منها ! ! فقال : جعلت
فداك هذه ثياب بلادنا ، وجئتك منها بخير من هذه قال : فقال : يا معتب اقبضها منه
ثم خرج الرجل فقال أبوعبدالله عليه السلام : صدق الوصف ، وقرب الوقت ، هذا صاحب
الرايات السود الذي يأتي بها من خراسان ، ثم قال : يا معتب الحقه فسله ما اسمه
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الحشر الاية : 12 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 355 .
[133]
ئم قال : إن كان عبدالرحمن فهو والله هو قال : فرجع معتب فقال : قال : اسمي
عبدالرحمن ، قال : فلما ولي ولد العباس نظرت إليه فاذا هو عبدالرحمن
أبومسلم .
وفي رامش أقزاي أن أبا مسلم الخلال وزير آل محمد عرض الخلافة على
الصادق عليه السلام قبل وصول الجند إليه ، فأبى وأخبره أن إبراهيم الامام لايصل من
الشام إلى العراق ، وهذا الامر لاخويه : الاصغر ثم الاكبر ، ويبقى في أولاد
الاكبر ، وأن أبا مسلم بقي بلا مقصود ، فلما أقبلت الرايات كتب أيضا بقوله
وأخبره أن سبعين ألف مقاتل وصل إلينا فننتظر أمرك فقال : إن الجواب كما
شافهتك ، فكان الامر كما ذكر ، فبقي إبراهيم الامام في حبس مروان ، وخطب
باسم السفاح .
وقرأت في بعض التواريخ لماأتى كتاب أبي مسلم الخلال إلى الصادق عليه السلام
بالليل قرأه ثم وضعه على المصباح فحرقه فقال له الرسول وظن أن حرقه له تغطية
وستر وصيانة للامر : هل من جواب ؟ قال : الجواب ما قد رأيت . وقال : أبوهريرة
الابار صاحب الصادق عليه السلام :
ولما دعا الداعون مولاي لم يكن * ليثني إليه عزمه بصواب
ولما دعوه بالكتاب أجابهم * بحرق الكتاب دون رد جواد
وما كان مولاي كمشري ضلالة * ولا ملبسا منها الردى بثواب


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 133 سطر 18 الى ص 141 سطر 18

ولكنه لله في الارض حجة * دليل إلى خير وحسن مآب ( 1 )
182 قب : إسحاق ، وإسماعيل ، ويونس بنو عمار أنه استحال وجه يونس
إلى البياض فنظر الصادق عليه السلام إلى جبهته فصلى ركعتين ، ثم حمدالله وأثنى عليه
وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : ( يا الله يا الله يا الله يا رحمن يا رحمن يا رحمن يا رحيم
يا رحيم يا رحيم يا أرحم الراحمين يا سميع الدعوات يا معطي الخيرات ، صل على محمد
وعلى أهل بيته الطاهرين الطيبين واصرف عني شر الدنيا وشر الآخرة وأذهب
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 356 .
[134]
عني شر الدنيا وشر الآخرة ، وأذهب عني مابي ، فقد غاظني ذلك وأحزنني ) قال :
فوالله ما خرجنا من المدينة حتى تناثر عن وجهه مثل النخالة وذهب ، قال الحكم
ابن مسكين : ورأيت البياض بوجهه ، ثم انصرف وليس في وجهه شئ ( 1 ) .
معاوية بن وهب : صدع ابن لرجل من أهل مروفشكا ذلك إلى أبي عبدالله عليه السلام
فقال : ادنه مني قال : فمسح على رأسه ثم قال : ( إن الله يمسك السماوات والارض
أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد بعده ) فبرأ باذن الله ( 2 ) .
183 يج ( 3 ) قب : هشام بن الحكم قال : كان رجل من ملوك أهل الجبل
يأتي الصادق عليه السلام في حجة كل سنة ، فينزله أبوعبدالله عليه السلام في دار من دوره
في المدينة ، وطال حجه ونزوله فأعطى أبا عبدالله عليه السلام عشرة آلاف درهم ليشتري
له دارا وخرج إلى الحج ، فلم انصرف قال : جعلت فداك اشتريت لي الدار ؟
قال : نعم ، وأتى بصك فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى جعفر بن محمد
لفلان ابن فلان الجبلي : اشترى له دارا في الفردوس ، حدها الاول رسول الله
صلى الله عليه وآله والحد الثاني أميرالمؤمنين ، والحد الثالث الحسن بن علي ، والحد
الرابع الحسين بن علي ) فلما قرأ الرجل ذلك قال : قد رضيت جعلني الله فداك قال :
فقال أبوعبدالله عليه السلام : إني أخذت ذلك المال ففرقته في ولد الحسن والحسين
وأرجو أن يتقبل الله ذلك ، ويثيبك به الجنة قال : فانصرف الرجل إلى منزله
وكان الصك معه ، ثم اعتل علة الموت ، فلما حضرته الوفاة جمع أهله وحلفهم أن
يجعلوا الصك معه ، ففعلوا ذلك ، فلما أصبح القوم غدوا إلى قبره ، فوجدوا الصك
على ظهر القبر مكتوب عليه : وفى لي والله جعفر بن محمد بما قال . ( 4 ) .
184 قب : قرأت في شوف العروس ، عن أبي عبدالله الدامغاني أنه سمع ليلة
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 358 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 359 .
( 3 ) الخرائج والجرائح ص 200 .
( 4 ) المناقب ج 3 ص 359 .
[135]
المعراج من بطنان العرش قائلا يقول :
من يشتري قبة في الخلد ثابتة * في ظل طوبى رفيعات مبانيها
دلالها المصطفى والله بائعها * ممن أراد وجبريل مناديها ( 1 )
185 كشف ( 2 ) قب : يحيى بن إبراهيم بن مهاجر قال : قلت لابي عبدالله
عليه السلام : فلان يقرأ عليك السلام وفلان وفلان فقال وعليهم السلام : قلت : يسألونك
الدعاء فقال : مالهم ؟ قلت : حبسهم أبوجعفر المنصور فقال : وما لهم وماله ؟ قلت : استعملهم
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 359 .
( 2 ) كشف الغمة ج 2 ص 440 ويعجبنى في المقام ما قاله على بن عيسى الاربلى في
كتابه المذكور واليك نصه : قلت : هذا الحكم أبعده الله جار في حكمه ، ونادى على
نفسه بكذبه وظلمه ، والامر بخلاف ما قال على رغمه [ زعمه ] وبيان ذلك : أن زيدا رضى الله
عنه لم يكن مهديا ، ولو كان لم يكن ذلك ما نعا من صلبه ، فان الانبياء عليهم السلام قد نيل
منهم امور عظيمة ، وكفى أمر يحيى وزكريا عليهما السلام وفى قتلات جرجيس عليه السلام
المتعددة كفاية ، وقتل الانبياء [ والاولياء ] والا وصياء وصلبهم واحراقهم انما يكون طعنا
فيهم لوكان من قبل الله تعالى ، فاما اذا كان من الناس فلا بأس ، فالنبى صلى الله عليه وآله
شج جبينه وكسرت رباعيته ومات بأكلة خيبر مسموما ، فليكن ذلك قدحا في نبوته صلى الله
عليه وآله .
وأما قوله : ( وقستم بعثمان عليا ) فهذا كذب بحت وزور صريح ، فانا لم نقسه به
ساعة قط .
وأما قوله : ( وعثمان خير من على وأطيب ) . فانا لا نزاحمه في اعتقاده ، ويكفيه ذلك
ذخيرة لمعاده فهو أدرى بما اختاره من مذهبه ، وقد جنى معجلا ثمرة كذبه . والله يتولى
مجازاته يوم منقلبه ، فلنا علينا وله عثمانه : وعلى كل امرى منا ومنه اساءته واحسانه .
فدام لى ولهم ما بى وما بهم * ومات أكثرنا غيظا بما يجد
واذا كان القتل والصلب وأمثالهما عنده موجبا للنقيصة وقادحا في الامامة ، فكيف
اختار عثمان وقال بامامته ، وقد كان من قتله ما كان ، وبالله المستعان على أمثال هذا
الهذيان .
[136]
فحبسهم فقال : ومالهم وماله ألم أنههم هم النارثم قال : اللهم اخدع عنهم سلطانه
قال : فانصرفنا فاذاهم قد اخرجوا .
وبلغ الصادق عليه السلام قول الحكيم بن العباس الكلبي :
صلبنا لكم زيدا على جذع نخلة * ولم أر مهديا على الجذع يصلب
وقستم بعثمان عليا سفاهة * وعثمان خير من علي وأطيب
فرفع الصادق عليه السلام يديه إلى السماء وهما ير عشان فقال : اللهم إن كان عبدك
كاذبا فسلط عليه كلبك ، فبعثه بنوا مية إلى الكوفة ، فبينما هو يدور في سككها إذا
افترسه الاسد ، واتصل خبره بجعفر عليه السلام فخرلله ساجدا ثم قال : الحمدلله الذي
أنجزنا ماوعدنا ( 1 ) .
186 قب : محمد بن الفيض ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال أبوجعفر الدوانيق
للصادق عليه السلام : تدري ما هذا ؟ قال : وما هو ؟ قال : جبل هناك يقطر منه في السنة
قطرات فيجمد فهو جيد للبياض يكون في العين ، يكحل به فيذهب بإذن الله ، قال :
نعم أعرفه وإن شئت أخبرتك باسمه وحاله ، هذا جبل كان عليه نبي من أنبيآء
بني إسرائيل هاربا من قومه بعبدالله عليه ، فعلم قومه فقتلوه ، فهو يبكي على ذلك
النبي ، وهذه القطرات من بكائه له ، ومن الجانب الآخر عين تنبع من ذلك الماء
بالليل والنهار ، ولا يوصل إلى تلك العين .
المفضل بن عمر قال : وجه المنصور إلى حسن بن زيد وهو واليه على الحرمين
أن أحرق على جعفر بن محمد داره ، فألقى النار في دار أبي عبدالله عليه السلام فأخذت النار
في الباب والدهليز ، فخرج أبوعبدالله عليه السلام يتخطى النار ويشمي فيها ويقول : أنا
ابن أعراق الثرى أنا ابن إبراهيم خليل الله ( 2 ) .
بيان : رأيت في بعض الكتب أن أعراق الثرى كناية عن إسماعيل عليه السلام
ولعله إنما كنى عنه بذلك لان أولاده انتشروا في البراري .
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 360 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 362 .
[137]
187 قب : مهزم ، عن أبي بردة قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال : ما
فعل زيد ؟ قلت : صلب في كناسة بني أسد ، فبكى حتى بكت النساء من خلف الستور
ثم قال : أما والله لقد بقي لهم عنده طلبة ماأخذوها منه ، فكنت أتفكر من قوله
حتى رأيت جماعة قد أنزلوه يريدون أن يحرقوه ، فقلت : هذه الطلبة التي قال
لي ( 1 ) .
وأجاز في المنتهى الحسن الجرجاني في بصائر الدرجات بثلاثة طرق أنه
دخل رجل على الصادق عليه السلام فلمزه رجل من أصحابنا فقال الصادق عليه السلام : وأخذ
على شيبته : إن كنت لا أعرف الرجل إلا بما ابلغ عنهم فبئست الشيبة شيبتي ( 2 ) .
وقال أبوالصباح الكناني : قلت لابي عبدالله عليه السلام إن لنا جارا من همدان
يقال له الجعد بن عبدالله يسب أميرالمؤمنين عليه السلام أفتأذن لي أن أقلته ؟ قال : إن
الاسلام قيد الفتك ، ولكن دعه فستكفى بغيرك قال : فانصرفت إلى الكوفة فصليت
الفجر في المسجد وإذا أنا بقائل يقول : وجد الجعد بن عبدالله على فراشه مثل
الزق المنفوخ ميتا ، فذهبوا يحملونه إذا لحمه سقط عن عظمه ، فجمعوه على نطع
وإذا تحت أسود فدفنوه ( 3 ) .
بيان : قال الجزري : ( 4 ) فيه الايمان قيد الفتك أي الايمان يمنع من
القتك ، كما يمنع القيد عن التصرف ، والفتك أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار
غافل فيشد عليه فيقتله .
188 قب : بصائر الدرجات ، عن سعد القمي قال أبوالفضل بن دكين :
حدثني محمد بن راشد ، عن أبيه ، عن جده قال : سألت جعفر بن محمد عليهما السلام علامة
فقال : سلني ما شئت اخبرك إن شاءالله ، فقلت : أخالي بات في هذه المقابر فتأمره
أن يجيئني قال : فما كان اسمه ؟ قلت : أحمد ، قال : يا أحمد قم ياذن الله وباذن
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 362 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 364 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 ص 364 .
( 4 ) النهاية ج 3 ص 182 .
[138]
جعفر بن محمد فقام والله وهو يقول : أتيته .
علي بن أبي حمزة قال : كان لي صديق من كتاب بني امية فقال لي : استأذن
لي على أبي عبدالله عليه السلام فاستأذنت له ، فلما دخل سلم وجلس ثم قال : جعلت
فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم ، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا وأغمضت
في مطالبه فقال أبوعبدالله عليه السلام : لولا أن بني امية وجدوا من يكتب لهم ، ويجبي
لهم الفئ ويقاتل عنهم ، ويشهد جماعتهم ، لما سلبونا حقنا ، ولو تركهم الناس وما
في أيديهم ، ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم ، فقال الفتى : جعلت فداك فهل لي
من مخرج منه ؟ قال : إن قلت لك تفعل ؟ قال : أفعل قال : اخرج من جميع ما كسبت
في دواوينهم ، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ، ومن لم تعرف تصدقت به وأنا
أضمن لك على الله الجنة ، قال : فأطرق الفتى طويلا فقال : قد فعلت جعلت فداك
قال ابن أبي حمزة : فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الارض
إلا خرج منه ، حتى ثيابه التي كانت على بدنه قال : فقسمناله قسمة واشترينا له
ثيابا وبعثنا له بنفقة قال : فما أتى عليه أشهر قلائل حتى مرض ، فكنا نعوده قال .
فدخلت عليه يوما وهو في السياق ففتح عينيه ثم قال : يا على وفى لي والله صاحبك
قال : ثم مات فولينا أمره ، فخرجت حتى دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فلما
نظر إلي قال : يا علي وفينا والله لصاحبك قال : فقلت : صدقت جعلت فداك هكذا
قال لي والله عند موته ( 1 ) .
داود الرقي قال : خرج أخوان لي يريدان المزار فعطش أحدهما عطشا
شديدا ، حتى سقط من الحمار ، وسقط الآخر في يده ، فقال فصلى ودعا الله ومحمدا
وأميرالمؤمنين والائمة عليهم السلام كان يدعو واحدا بعد واحد حتى بلغ إلى آخرهم
جعفر بن محمد عليهما السلام ، فلم يزل يدعوه ويلوذبه ، فاذا هو برجل قد قام عليه وهو
يقول : يا هذا ماقصتك فذكر له حاله ، فناوله قطعة عود وقال : ضع هذا بين شفتيه
ففعل ذلك فاذا هو قد فتح عينيه واستوى جالسا ، ولا عطش به ، فمضى حتى زار
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 365 .
[139]
القبر فلما انصرفا إلى الكوفة أتى صاحب الدعاء المدينة فدخل على الصادق عليه السلام
فقال له : اجلس ما حال أخيك ؟ أين العود ؟ فقال : يا سيدي إني لما اصبت بأخي
اغتممت غما شديدا فلما رد الله عليه روحه نسيت العود من الفرح ، فقال الصادق
عليه السلام : أما إنه ساعة صرت إلى غم أخيك أتاني أخي الخضر ، فبعثت إليك
على يديه قطعة عود من شجرة طوبى ، ثم التفت إلى خادم له فقال : علي بالسفط
فأتى به ، ففتحه وأخرج منه قطعة العود بعينها ، ثم أراها إياه حتى عرفها ، ثم
ردها إلى السفط .
داود النيلي قال : خرجت مع أبي عبدالله عليه السلام إلى الحج ، فلما كان أو ان
الظهر قال لي : يا داود اعدل عن الطريق ، حتى نأخذ اهبة الصلاة ، فقلت :
جعلت فداك أوليس نحن في أرض قفر لاماء فيها ؟ فقال لي : ما أنت وذاك ! ؟ قال :
فسكت وعدلنا عن الطريق ، فنزلنا في أرض قفر لاماء فيها ، فركضها برجله
فنبع لناعين مآء يسيب كأنه قطع الثلج ، فتوضأ وتوضيت ثم أدينا ما علينا من
الفرض ، فلما هممنا بالمسير التفت فإذا بجذع نخر فقال لي : يا داود أتحب أن
اطعمك منه رطبا ؟ فقلت : نعم قال : فضرب بيده إلى الجذع فهزه فاخضر من
أسفله إلى أعلاه قال : ثم اجتذبه الثانية ، فأطعمنا اثنين وثلاثين نوعا من أنواع
الرطب ، ثم مسح بيده عليه فقال : عد نخرا بإذن الله تعالى قال : فعاد كسيرته
الاولى .
أمالي أبي المفضل قال أبوحازم عبدالغفار بن الحسن : قدم إبراهيم بن أدهم
الكوفة وأنا معه ، وذلك على عهد المنصور ، وقدمها جعفر بن محمد العلوي فخرج
جعفر عليه السلام يريد الرجوع إلى المدينة فشيعة العلماء وأهل الفضل من أهل الكوفة ، وكان
فيمن شيعه سفيان الثوري ، وإبراهيم بن أدهم ، فتقدم المشيعون له فاذاهم بأسد على
الطريق فقال لهم إبراهيم بن أدهم : قفوا حتى يأتي جعفر فننظر ما يصنع فجاء جعفر
عليه السلام فذكروا له الاسد ، فأقبل حتى دنا من الاسد فأخذ باذنه فنحاه عن
الطريق ، ثم أقبل عليهم ، فقال : أما إن الناس لو أطاعوا الله حق طاعته لحملوا
[140]
عليه أثقالهم ( 1 ) .
وفي كتاب الدلالات بثلاثة طرق عن الحسين بن أبي العلاء ، وعلي بن
أبي حمزة ، وأبي بصير قالوا : دخل رجل من أهل خراسان على أبي عبدالله عليه السلام
فقال له : جعلت فداك إن فلان بن فلان بعث معي بجارية وأمرني أن أدفعها إليك
قال : لا حاجة لي فيها وإنا أهل بيت لا يدخل الدنس بيوتنا فقال له الرجل :
والله جعلت فداك لقد أخبرني أنها مولدة بيته ، وأنا ربيبته في حجره قال : إنها
قد فسدت عليه قال : لا علم لي بهذا ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : ولكني أعلم أن هذا
هكذا ( 2 ) .
189 يج : من الحسين مثله ( 3 ) .
190 عم ( 4 ) قب : علي بن إسماعيل ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت
لابي عبدالله عليه السلام : إن لنا أموالا ونحن نعامل الناس ، وأخاف إن حدث حدث أن
تفرق أموالنا قال : فقال : اجمع أموالك في كل شهر ربيع ، فمات إسحاق
في شهر ربيع ( 5 ) .
191 كش : حمدويه وإبراهيم ، عن أيوب ، عن ابن المغيرة ، عن علي بن
إسماعيل مثله ( 6 ) .
192 قب ( 7 ) نجم : باسنادنا إلى الحميري ، في كتاب الدلائل باسناده عن
ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول لي ذات يوم : بقي من أجلي خمس
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 366 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 368 .
( 3 ) الخرائج والجرائح ص 232 .
( 4 ) اعلام الورى ص 270 .
( 5 ) المناقب ج 3 ص 368 .
( 6 ) رجال الكشى ص 257 .
( 7 ) المناقب ج 3 ص 320 .
[141]
سنين فحسب ذلك فمازاده ولا نقص ( 1 ) .
193 نى : سلامة بن محمد ، عن علي بن عمر المعروف بالحاجي ، عن ابن القاسم
العلوي العباسي ، عن جعفر بن محمد الحسني ، عن محمد بن كثير ، عن أبي أحمد بن موسى
عن داود بن كثير قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام بالمدينة فقال لي : ما الذي أبطأبك
يا داود عنا ؟ فقلت : حاجة عرضت بالكوفة فقال : من خلفت بها ؟ فقلت : جعلت
فداك خلفت بها عمك زيدا تركته راكبا على فرس متقلدا سيفا ينادي بأعلى صوته : سلوني
سلوني قبل أن تفقدوني في جوانحي علم جم قد عرفت الناسخ من المنسوخ ، والمثاني
والقرآن العظيم ، وإني العلم بين الله وبينكم ، فقال لي : يا داود ، لقد ذهب بك
المذاهب ، ثم نادي يا سماعة بن مهران اثتني بسلة الرطب ، فتناول منها رطبة ، فأكلها
واستخرج النواة من فيه ، فغرسها في أرض ، ففلقت وأنبتت وأطلعت وأعذقت ، فضرب
بيده إلى بسرة من عذق فشقها ، واستخرج منها رقا أبيض ، ففضه ودفعه إلي وقال :
اقرأه فقرأته وإذا فيه سطران السطر الاول : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله
والثاني ( إن عدة الشهور عندالله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات
والارض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم ) ( 2 ) : أميرالمؤمنين علي بن أبيطالب
عليه السلام ، الحسن بن علي ، الحسين بن علي ، علي بن الحسين ، محمد بن علي
جعفر بن محمد ، موسى بن جعفر ، علي بن موسى ، محمد بن علي ، علي بن محمد
الحسن بن علي ، الخلف الحجة .
ثم قال : يا داود أتدري متى كتب هذا قلت : الله أعلم ورسوله وأنتم ، قال :


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 141 سطر 19 الى ص 149 سطر 18

قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام ( 3 ) .
194 كشف : عن محمد بن طلحة قال : قال ليث بن سعد : حججت سنة ثلاث عشرة
ومائة فأتيت مكة ، فلما صليت العصر رقيت أبا قبيس ، وإذا أنا برجل جالس وهو
* ( هامش ) * ( 1 ) فرج المهموم ص 229 .
( 2 ) سورة التوبة الاية : 36 .
( 3 ) غيبة النعمانى ص 42 .
[142]
يدعو فقال : يا رب يا رب ، حتى انقطع نفسه ، ثم قال : رب رب ، حتى
انقطع نفسه ثم قال : يا الله يا الله ، حتى انقطع نفسه ثم قال : يا حي يا حي
حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا رحيم يا رحيم حتى انقطع نفسه ، ثم قال :
يا أرحم الراحمين حتى انقطع نفسه سبع مرات ثم قال : اللهم إني أشتهي من
هذا العنب فأطعمنيه ، اللهم وإن بردي قد أخلقا ، قال الليث : فوالله ما استتم
كلامه حتى نظرت إلى سلة مملوة عنبا ، وليس على الارض يومئذ عنب ، وبردين
جديدين موضوعين ، فأراد أن يأكل فقلت له : أنا شريكك فقال لي : ولم ؟ فقلت :
لانك كنت تدعو أنا اؤمن فقال لي : تقدم فكل ولا تخبأ شيئا فتقدمت فأكلت
شيئا لم آكل مثله قط وإذا عنب لا عجم له ( 1 ) فأكلت حتى شبعت ، والسلة لن تنقص
ثم قال لي : خذ أحد البردين إليك ، فقلت : أما البردان فإني غني عنهما فقال
لي : توار عني حتى ألبسهما ، فتواريت عنه فاتزر بالواحد ، وارتدى بالآخر ، ثم
أخذ البردين اللذين كانا عليه ، فجعلهما على يده ونزل ، فاتبعته ، حتى إذا كان
بالمسعى لقيه رجل فقال : اكسني كساك الله ، فدفعهما إليه ، فلحقت الرجل فقلت :
من هذا قال : هذا جعفر بن محمد عليهما السلام قال الليث : فطلبته لاسمع منه فلم أجده ، فيا
لهذه الكرامة ماأسناها ، ويال لهذه المنقبة ما أعظم صورتها ومعناها ( 2 ) .
أقول : ثم قال علي بن عيسى : حديث الليث مشهور ، وقد ذكره جماعة من
الرواة ، ونقلة الحديث ، وأول ما رأيته في كتبا المستغيثين تأليف الفقيه العالم أبي
القاسم خلف بن عبدالملك بن مسعود بن يشكول رحمه الله ، وهذا الكتاب قرأته على
الشيخ العدل رشيد الدين أبي عبدالله محمد بن أبي القاسم بن عمر بن أبي القاسم ، وهو
قرأه على الشيخ العالم محيي الدين استاد دار الخلافة أبي محمد يوسف بن الشيخ أبي
الفرج بن الجوزي ، وهو يرويه عن مؤلفه إجازة وكانت قراءتي في شعبان من سنة
ست وثمانين وستمائة ، بداري المطلة على دجلة ببغداد عمرها الله تعالى ، وقد أورد
* ( هامش ) * ( 1 ) العجم : بالتحريك وكغراب ( عجام ) نوى كل شئ .
( 2 ) كشف الغمة ج 2 ص 376 .
[143]
هذا الحديث جماعة من الاعيان ، وذكره الشيخ الحافظ أبوالفرج ابن الجوزي
رحمه الله في كتابه صفة الصفوة ( 1 ) وكلهم يرويه عن الليث ، وكان ثقة
معتبرا .
195 كشف : من كتاب الدلائل للحميرى عن أبي بصير قال : كنت عند أبي
عبدالله عليه السلام ذات يوم جالسا إذا قال : يا أبا محمد هل تعرف إمامك ؟ قلت : إي والله
الذي لا إله إلا هو وأنت هو ، ووضعت يدي على ركبته أو فخذه فقال عليه السلام : صدقت
قدعرفت فاستمسك به ، قلت : اريد أن تعطيني علامة الامام قال : يا أبا محمد ليس بعد
المعرفة علامة ، قلت : أزداد إيمانا ويقينا قال : يا أبا محمد ترجع إلى الكوفة ، وقد
ولد لك عيسى ، ومن بعد عيسى محمد ، ومن بعدهما ابنتان ، واعلم أن ابنيك مكتوبان
عندنا في الصحيفة الجامعة مع أسماء شيعتنا ، وأسماء آباءهم وامهاتهم ، وأجدادهم
وأنسابهم ، وما يلدون إلى يوم القيامه ، وأخرجها فإذا هي صفراء مدرجة ( 2 ) .
196 يج : عن أبي بصير مثله ( 3 ) .
197 كشف : من كتاب الدلائل عن زيد الشحام قال : قال لي أبوعبدالله
يا زيدكم أتى لك سنة ؟ قلت : كذا وكذا قال : يا أبا اسامة أبشر فأنت معنا ، وأنت
من شيعتنا ، أما ترضى أن تكون معنا ؟ قلت : بلى يا سيدي ، فكيف لي أن أكون
معكم ؟ فقال : يا زيد إن الصراط إلينا وإن الميزان إلينا ، وحساب شيعتنا إلينا
والله يا زيد إني أرحم بكم من أنفسكم ، والله لكأني أنظر إليك وإلى الحارث بن
المغيرة النضري في الجنة ، في درجة واحدة .
وعن عبدالحميد بن أبي العلا وكان صديقا لمحمد بن عبدالله بن الحسين وكان
به خاصا فأخذه أبوجعفر فحبسه في المضيق زمانا ثم إنه وافى الموسم فلما كان يوم
عرفة لقيه أبوعبدالله عليه السلام في الموقف فقال : يا أبا محمد ما فعل صديقك عبدالحميد ؟
* ( هامش ) * ( 1 ) صفة الصفوة ج 4 ص 97 .
( 2 ) كشف الغمة ج 2 ص 420 .
( 3 ) الخرائج والجرائح ص 232 .
[144]
فقلت : أخذه أبوجعفر فحبسه في المضيق زمانا ، فرفع أبوعبدالله عليه السلام يده ساعة
ثم التفت إلى محمد بن عبدالله فقال : يا محمد قد والله خلي سبيل صاحبك ، قال محمد :
فسألت عبدالحميد أي ساعة أخرجك أبوجعفر عليه السلام ؟ قال : أخرجني يوم عرفة بعد
العصر ( 1 ) .
198 قب : من كتاب الدلالات عن حنان قال : حبس أبوجعفر عبدالحميد
وذكره مثله ( 2 ) .
199 كشف : من الكتاب المذكور قيل : أراد عبدالله بن محمد الخروج مع زيد
فنهاه أبوعبدالله عليه السلام ، وعظم عليه ، فأبى إلا الخروج مع زيد فقال له : لكأني والله
بك بعد زيد ، وقد خمرت كما يخمر النساء ، وحملت في هودج ، وصنع بك ما
يصنع بالنساء ، فلما كان من أمرزيد ما كان ، جمع أصحابنا لعبدالله بن محمد دنانير
وتكاروا له ، وأخذوه حتى إذا صاروا به إلى الصحراء وشيعوه ، فتبسم فقالوا له :
ما الذي أضحكك ؟ فقال : والله تعجبت من صاحبكم ، إني ذكرت وقد نهاني عن
الخروج ، فلم اطعه وأخبرني بهذا الامر الذي أنا فيه وقال : لكأني بك وقد خمرت
كما يخمر النساء ، وجعلت في هودج ، فعجبت ( 3 ) .
وعن مالك الجهني قال : إني يوما عند أبي عبدالله عليه السلام وأنا احدث نفسي
بفضل الائمة من أهل البيت ، إذأ قبل علي أبوعبدالله عليه السلام فقال : يا مالك أنتم والله
شيعتنا حقا ، لاترى أنك أفرطت في القول وفي فضلنا ، يا مالك إنه ليس يقدر على
صفة الله وكنه قدرته وعظمته ، ولله المثل الاعلى ، وكذلك لا يقدر أحد أن يصف حق
المؤمن ويقوم به ، كما أو جب الله له على أخيه المؤمن ، يا مالك إن المؤمنين ليلتقيان
فيصافح كل واحد منهما صاحبه ، فلا يزال الله ناظرا إليهما بالمحبة والمغفرة ، وإن
الذنوب لتتحات عن وجوههما حتى يفترقا ، فمن يقدر على صفة من هو هكذا
عندالله ؟ .
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 2 ص 421 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 360 .
( 3 ) كشف الغمة ج 2 ص 422 .
[145]
وعن رفاعة بن موسى قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام ذات يوم جالسا ، فأقبل
أبوالحسن إلينا ، فأخذته فوضعته في حجري وقبلت رأسه وضممته إلي ، فقال لي
أبوعبدالله عليه السلام : يا رفاعة أما إنه سيصير في يد آل العباس ، ويتخلص منهم ، ثم
يأخذونه ثانية فيعطب في أيديهم ( 1 ) .
وعن بكر بن أبي بكر الحضرمي قال : حبس أبوجعفر أبوفخرجت إلى
أبي عبدالله عليه السلام فأعلمته ذلك فقال : إني مشغول با بني إسماعيل ، ولكن سأدعوله
قال : فمكثت أياما بالمدينة فأرسل إلي أن ارحل فإن الله قد كفاك أمر أبيك
فأما إسماعيل فقد أبى الله إلا قبضه ، قال : فرحلت وأتيت مدينة ابن هبيرة ، فصادفت
أبا جعفر راكبا ، فصحت إليه : أبي أبوبكر الحضرمي شيخ كبير فقال : إن ابنه
لا يحفظ لسانه ، خلوا سبيله ( 2 ) .
وعن مرازم قال : قال أبوعبدالله عليه السلام وهو بمكة : يا مرازم لو سمعت رجلا
يسبني ما كنت صانعا ؟ قلت : كنت أقتله ، قال : يا مرازم إن سمعت من يسبني
فلا تصنع به شيئا قال : فخرجت من مكة عند الزوال في يوم حار ، فألجأني الحر
إلى أن عبرت إلى بعض القباب ، وفيها قوم ، فنزلت معهم ، فسمعت بعضهم يسب
أبا عبدالله عليه السلام فذكرت قوله ، فلم أقل شيئا ، ولولا ذلك لقتلته .
قال أبوبصير : كان لي جار يتبع السلطان ، فأصاب مالا فاتخذ قيانا ، وكان
يجمع الجموع ويشرب المسكر ويؤذيني ، فشكوته إلى نفسه غير مرة ، فلم ينته ، فلما
ألححت عليه قال : يا هذا أنا رجل مبتلى ، وأنت رجل معافى ، فلو عرفتني لصاحبك
رجوت أن يستنقذني الله بك ، فوقع ذلك في قلبي ، فلما صرت إلى أبي عبدالله عليه السلام
ذكرت له حاله ، فقال لي : إذا رجعت إلى الكوفة ، فانه سيأتيك فقل له : يقول
لك جعفر بن محمد : دع ما أنت عليه ، وأضمن لك على الله الجنة ، قال : فلما رجعت
إلى الكوفة ، أتاني فيمن أتى فاحتبسته حتى خلا منزلي ، فقلت : يا هذا إني ذكرتك
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 2 ص 423 .
( 2 ) نفس المصدر ج 2 ص 425 .
[146]
لابي عبدالله عليه السلام فقال : أقرئه السلام وقل له : يترك ما هو عليه ، وأضمن له على
الله الجنة ، فبكى ثم قال : الله قال لك جعفر عليه السلام هذا ؟ قال : فحلفت له أنه قال
لي ما قلت لك ، فقال لي : حسبك ومضى فلما كان بعد أيام بعث إلي ودعاني ، فاذا
هو خلف باب داره عريان ، فقال : يا أبا بصير ما بقي في منزلي شئ إلا وخرجت
عنه ، وأنا كماترى ، فمشيت إلى إخواني فجمعت له ما كسوته به ، ثم لم يأت عليه
إلا أيام يسيرة ، حتى بعث إلي أني عليل فائتني ، فجعلت أختلف إتليه واعالجه حتى
نزل به الموت .
فكنت عنده جالسا وهو يجود بنفسه ، ثم غشي عليه غشيه ثم أفاق فقال :
يا أبا بصير قد وفى صاحبك لنا ، ثم مات ، فحججت فأتيت أبا عبدالله عليه السلام فاستأذنت
عليه ، فلما دخلت قال مبتدئا من داخل البيت وإحدى رجلي في الصحن والاخرى
في دهليز داره : يا با بصير قد وفينا لصاحبك ( 1 ) .
200 كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن بعض أصحابه ، عن أبي بصير مثله ( 2 )
بيان : يتبع السلطان أي يوالي خليفة الجور ، ويتولى من قبله ، والقيان
جمع قينة بالفتح ، وهي الامة المغنية ، وفي القاموس ( 3 ) الجمع جماعة الناس ، و
الجمع جموع ؟ يؤذيني أي بالغناء ونحوه ، مبتلى أي ممتحن بالاموال والمناصب
مغروربها ، فتسلط الشيطان علي فلا يمكنني تركها ، أو أني مع تلك الاحوال لا
أرجو المغفرة ، فلذا لا أترك لذاتي ( الله ) بالجر بتقدير حرف القسم ، حسبك أي
هذا كاف لك فيما أردت من انتهائي عما كنت فيه ، وفي النهاية ( 4 ) يجود بنفسه أي
يخرجها ويدفعها ، كما يدفع الانسان ماله يجودبه ، والجود الكرم ، يريدبه أنه
كان في النزع وسياق الموت .
201 كشف : من كتاب الدلائل عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت مع أبي
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 2 ص 426 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 474 .
( 3 ) القاموس ج 3 ص 14 .
( 4 ) النهاية ج 1 ص 186 .
[147]
عبدالله عليه السلام بين مكة والمدينة إذا التفت عن يساره فرأى كلبا أسود فقال : مالك قبحك
الله ما أشد مسارعتك ، وإذا هو شبيه الطائر ، فقال : هذا عثم بريد الجن ، مات هشام
الساعة ، وهو يطير ينعاه في كل بلد ( 1 ) .
202 كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن
علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن الثمالي مثله ( 2 ) .
203 كشف : من كتاب الدلائل ، عن إبراهيم بن عبدالحميد قال : اشتريت
من مكة بردة وآليت على نفسي أن لا تخرج عن ملكي حتى تكون كفني
فخرجت فيها إلى عرفة ، فوقفت فيها الموقف ، ثم انصرفت إلى جمع ، فقمت إليها
في وقت الصلاة ، فرفعتها أو طويتها شفقة مني عليها وقمت لاتوضأ ثم عدت فلم
أرها فاغتممت لذلك غما شديدا ، فلما أصبحت وقمت لاتوضأ ، أفضت مع الناس
إلى منى ، فاني والله لفي مسجد الخيف إذ أتاني رسول أبي عبدالله عليه السلام فقال لي :
يقول لك أبوعبدالله أقبل إلينا الساعة ، فقمت مسرعا حتى دخلت إليه وهو في
فسطاط ، فسلمت وجلست ، فالتفت إلي أورفع رأسه إلي فقال : يا إبراهيم أتحب
أن نعطيك بردة تكون كفنك ؟ قال : قلت : والذي يحلف به إبراهيم لقد ضاعت
بردتي قال : فنادى غلامه فأتى ببردة فإذا هي والله بردتي بعينها ، وطيي والله بيدي
قال : فقال : خذها يا إبراهيم واحمد الله ( 3 ) .
وعن هاشم بن عن أحمر قال : كتب أبوعبدالله رقعة في حوائج لاشتريها ، وكنت
إذا قرأت الرقعة خرقتها ، فاشتريت الحوائج ، وأخذت الرقعة فأدخلتها في
زنفيلجتي ( 4 ) وقلت : أتبرك بها قال : وقدمت عليه فقال : يا هشام اشتريت
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 2 ص 424 .
( 2 ) لم نعثر عليه عاجلا .
( 3 ) كشف الغمة ج 2 ص 424 .
( 4 ) الزنفليجة : بفتح الزاى والفاء وكسر اللام ، وحكى في لسان العرب كسر
الزاى والفاء ، ويقال : الزنفيلجة ، اعجمى معرب ( زين فاله ) وهو وعاء شبيه بالكنف وهو
وعاء أداة الراعى ، أو وعاء أسقاط التاجر ، ويرجح بعض الاساتذة انه الزنبيل محرفا . المعرب
للجواليقى ص 170 .
[148]
الحوائج ؟ قلت : نعم ، قال : وخرقت الرقعة ؟ قلت : أدخلتها زنفيلجتي وأقفلت
عليها الباب ، أطلب البركة ، وهو ذا المفتاح في تكتي قال : فرفع جانب مصلاه
وطرحها إلي ، فقال : خرقها فخرقتها ، ورجعت ففتشت الزنفيلجة فلم أجد فيها
شيئا ( 1 ) .
وعن مالك الجهني قال : كنا بالمدينة حين اجليت الشيعة ، وصاروا فرقا
فتنحينا عن المدينة ناحية ثم خلونا فجعلنا نذكر فضائلهم ، وما قالت الشيعة ، إلى
أن خطر ببالنا الربوبية ، فما شعرنا بشئ إذا نحن بأبي عبدالله عليه السلام واقف على
حمار ، فلم ندر من أين جاء فقال : يا مالك ويا خالد متى أحدثتما الكلام في
الربوبية ؟ فقلنا : ما خطر ببالنا إلا الساعة فقال : اعلما أن لنا ربا يكلاؤنا
بالليل والنهار ، نعبده ، يا مالك ويا خالد قولوا ، فينا ما شئتم واجعلونا مخلوقين
فكررها علينا مرارا وهو واقف على حماره ( 2 ) .
وعن أبي بكر الحضرمي قال : ذكرنا أمر زيد وخروجه عند أبي عبدالله عليه السلام
فقال : عمي مقتول ، إن خرج قتل فقروا في بيوتكم ، فوالله ما عليكم بأس ، فقال
رجل من القوم : إن شآء الله .
وعن داود بن أعين قال : تفكرت في قول الله تعالى ( وما خلقت الجن والانس
إلا ليعبدون ) ( 3 ) . قلت : خلقوا للعبادة ، ويعصون ويعبدون غيره والله لا سألن
جعفرا عن هذه الآية ، فأتيت الباب ، فجلست اريد الدخول عليه ، إذ رفع صوته
فقرأ : ( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ) ثم قرأ ( لاتدري لعل الله يحدث
بعد ذلك أمرا ) ( 4 ) فعرفت أنها منسوخة ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 2 ص 428 .
( 2 ) نفس المصدر ج 2 ص 431 .
( 3 ) سورة الذاريارت الاية : 56 .
( 4 ) سورة الطلاق الاية 1 .
( 5 ) كشف الغمة ج 2 ص 433 .
[149]
عن عمار السجستاني ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كنت أجئ فأستأذن عليه
فجئت ذات ليلة فجلست في فسطاطه بمنى فاستؤذن لشباب كأنهم رجال زط ( 1 )
وخرج علي عيسى شلقان فذكرني له فأذن لي فقال : يا عمار متى جئت ؟ قلت :
قبل اولئك الشباب الذين دخلوا عليك وما رأيتهم خرجوا قال : اولئك قوم من الجن
سألوا عن مسائل ثم ذهبوا ( 2 ) .
وعن يونس بن أبي يعفور ، عن أخيه عبدالله ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : مروان
خاتم بني مروان ، وإن خرج محمد بن عبدالله قتل ( 3 ) .
204 كش : حمدويه ، عن أبي أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن
عاصم بن حميد ، عن سلام بن سعيد الجمحي ، عن أسم مولى محمد بن الحنفية قال :
كنت مع أبي جعفر عليه السلام مسندا ظهري إلى زمزم ، فمر علينا محمد بن عبدالله بن
الحسن وهو يطوف بالبيت فقال أبو جعفر عليه السلام : يا أسلم أتعرف هذا الشاب ؟ قلت :
نعم ، هذا محمد بن عبدالله بن الحسن ، قال : أما إنه سيظهرو يقتل في حال مضيعة
ثم قال : يا أسلم لا تحدث بهذا الحديث أحدا فإنه عندك أمانة قال : فحدثت به
معروف بن خربوذ وأخذت عليه مثل ما أخذ علي قال : وكنا عند أبي جعفر عليه السلام
غدوة وعشية أربعة من أهل مكة فسأله معروف فقال : أخبرني عن هذا الحديث
الذي حدثنيه فإني احب أن أسمعه منك قال : فالتفت إلى أسلم فقال له : يا أسلم
فقال له : جعلت فداك إني أخذت عليه مثل الي أخذته علي قال : فقال أبوجعفر
عليه السلام : لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم لنا شكاكا ، والربع


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 149 سطر 19 الى ص 157 سطر 18

الآخر أحمق ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الزط : بالضم جيل من الهند معرب جت بالفتح .
( 2 ) كشف الغمة ج 2 ص 434 .
( 3 ) نفس المصدر ج 2 ص 431 .
( 4 ) رجال الكشى ص 134 .
[150]
205 قب ( 1 ) عم : من كتاب نوادرالحكمة ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن
أبي بصير قال : دخل شعيب العقر قوفي على أبي عبدالله عليه السلام ومعه صرة فيها دنانير
فوضعها بين يديه فقال له أبوعبدالله عليه السلام : أزكاة أم صلة ؟ فسكت ثم قال : زكاة
وصلة قال : فلا حاجة لنا في الزكاة قال : فقبض أبوعبدالله قبضة فدفعها إليه ، فلما
خرج قال أبوبصير : قلت له : كم كانت الزكاة من هذه ؟ قال : بقدر ما أعطاني
والله لم يزد حبة ولم ينقض حبة ( 2 ) .
أحمد بن محمد ، عن محمد بن فضيل ، عن شهاب بن عبدربه قال : قال لي أبو عبدالله
عليه السلام : كيف أنت إذا نعاني إليك محمد بن سليمان قال : فلا والله ما عرفت محمد
ابن سليمان ، ولا علمت من هو ، قال : ثم كثر مالي وعرضت تجارتي بالكوفة
والبصرة ، فاني يوما بالبصرة عند محمد بن سليمان وهو والي البصرة إذ ألقى إلي كتابا
وقال لي : شهاب أعظم الله أجرك وأجرنا في إمامك جعفر بن محمد قال : فذكرت
الكلام فخنقتني العبرة ، فخرجت فأتيت منزلي وجعلت أبكي على أبي عبدالله
عليه السلام ( 3 ) .
206 كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن فضل
عن شهاب مثله ( 4 ) .
وعن محمد بن مسعود ، عن عبدالله بن محمد الوشاء ، عن محمد بن الفضيل عن
شهاب مثله ( 5 ) .
207 عم : من كتاب نوادر الحكمة بإسناده ، عن عائذ الاحمسي قال :
دخلت على أبي عبدالله وأنا اريد أن أسأله عن صلاة الليل ونسيت فقلت : السلام
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 354 .
( 2 ) اعلام الورى ص 269 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 349 واعلام الورى 269 .
( 4 ) رجال الكشى ص 260 .
( 5 ) نفس المصدر ص 260 .
[151]
عليك يا ابن رسول الله فقال : أجل والله إنا ولده ، وما نحن بذي قرابة ، من أتى الله
بالصلوات الخمس المفروضات لم يسأل عمار سوى ذلك ، فاكتفيت بذلك .
علي بن الحكم ، عن عروة بن موسى الجعفي قال : قال لنا يوما ونحن نتحدث :
الساعة انفقأت عين هشام في قبره ، قلنا : ومتى مات ؟ قال : اليوم ، الثالث ، قال :
فحسبنا موته ، وسألنا عنه فكان كذلك ( 1 ) .
208 قب : عن عروة مثله ( 2 ) .
بيان الثالث خبر اليوم .
209 كش : طاهر بن عيسى ، عن جعفر ، عن الشجاعي ، عن محمد بن
الحسين عن سلام بن بشر الرماني ، وعلي بن إبراهيم التميمي ، عن محدم الاصفهاني
قال : كنت قاعدا مع معروف بن خر بوذ بمكة ونحن جماعة فمر بنا قوم على
حمير معتمرون من أهل المدينة فقال لنا معروف : سلوهم هل كان بها خبر ، فسألناهم
فقالوا : مات عبدالله بن الحسن ، فأخبرناه بما قالوا قال : فلما جازوا مربنا قوم
آخرون فقال لنا معروف : فسلوهم هل كان بها خبر ، فسألناهم فقالوا : كان عبدالله بن
الحسن أصابته غشية وقد أفاق فأخبرناه بما قالوا فقال : ما أدري ما يقول هؤلاء و
اولئك ؟ أخبرني ابن المكرمة يعني أبا عبدالله عليه السلام أن قبر عبدالله بن الحسن وأهل
بيته على شاطئ الفرات ، قال : فحملهم أبوالدوانيق فقبروا على شاطئ الفرات ( 3 )
210 كش : حمدويه وإبراهيم ، عن العبيدي ، عن ابن أبي عمير ، عن
إسماعيل البصري ، عن أبي غيلان قال : أتيت الفضيل بن يسار فأخبرته أن محمدا
وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن قد خرجنا فقال لي : ليس أمرهما بشئ قال :
فصنعت ذلك مرارا كل ذلك يرد علي مثل هذا الرد قال : قلت : رحمك الله قد
أتيتك غير مرة اخبرك فتقول : ليس أمرهما بشئ ، أفبر أيك تقول هذا ؟ قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 268 .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 353 .
( 3 ) رجال الكشى ص 139 .
[152]
فقال : لا والله ، ولكن سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن خرجا قتلا ( 1 ) .
211 كش : حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن الوشاء ، عن
بشر بن طرخان قال : لما قدم أبوعبدالله عليه السلام أتيته فسألني ، عن صناعتي فقلت :
نخاس ، فقال : نخاس الدواب ؟ فقلت : نعم ، وكنت ؟ ؟ الحال فقال : اطلب لي
بغلة فضحاء ، بيضاء الاعفاج ، بيضاء البطن فقلت : ما رأيت هذه الصفة قط ، فخرجت
من عنده فلقيت غلاما تحته بغلة بهذه الصفة ، فسألته عنها فدلني على مولاه ، فأتيته
فلم أبرح حتى اشتريتها ، ثم أتيت أبا عبدالله عليه السلام : فقال : نعم ، هذه الصفة
طلبت ثم دعا لي فقال : أنمى الله ولدك ، وكثر مالك ، فرزقت من ذلك ببركة
دعائه ، وقنيت من الاولاد ما قصرت عنه الامنية ( 2 ) .
بيان : الافضح الابيض لا شديدا ، والاعفاج جمع العفج وهو ما يتنقل إليه
الطعام بعد المعدة وقنيت بفتح النون أي اكتسبت وجمعت .
212 كش : حمدويه وإبراهيم ، عن محمد بن إسماعيل الرازي ، عن أحمد
ابن سليمان ، عن داود الرقي قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقلت له : جعلت
فداك كم عدة الطهارة ؟ فقال : ما أوجبه الله فواحدة ، وأضاف إليها رسول الله صلى الله عليه وآله
واحدة لضعف الناس ، ومن وضأ ثلاثا ثلاث فلا صلاة له أنا معه في ذاحتى جاء داود
ابن زربي وأخذ زاوية من البيت فسأله عما سألته في عدة الطهارة فقال له : ثلاثا
ثلاثا من نقص عنه فلا صلاة له ، قال : فارتعدت فرائصي ، وكاد أن يدخلني الشيطان
فأبصر أبوعبدالله عليه السلام إلي وقد تغير لوني فقال : اسكن يا داود ، هذا هو الكفر
أو ضرب الاعناق قال : فخرجنا من عنده ، وكان ابن زربي إلى جوار بستان أبي جعفر
المنصور ، وكان قد القي إلى أبي جعفر أمر داود بن زربي ، وأنه رافضي يختلف
إلى جعفر بن محمد فقال أبوجعفر : إني مطلع على طهارته ، فإن هو توضأ وضوء
جعفر بن محمد فاني لاعرف طهارته حقيقت عليه القول وقتلته ، فاطلع وداود يتهيأ
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 140 .
( 2 ) رجال الكشى ص 200 .
[153]
للصلاة من حيث لايراه ، فأسبغ داود بن زربي الوضوء ثلاثا ثلاثا كما أمره
أبوعبدالله عليه السلام فماتم وضوؤه حتى بعث إليه أبوجعفر المنصور فدعاه قال : فقال
داود : فلما أن دخلت عليه رحب فقال : يا داود قيل فيك شئ باطل ، وما أنت
كذلك قال : اطلعت على طهارتك وليس طهارتك طهارة الرافضة ، فاجعلني في حيل
وأمر له بمائة ألف درهم قال : فقال داود الرقي : لقيت أنا داود بن زربي عند
أبي عبدالله عليه السلام فقال له داود بن زربي : جعلني الله فداك حقنت دماءنا في دار الدنيا
ونرجو أن ندخل بيمنك وبركتك الجنة ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : فعل الله ذلك
بك وبإخوانك من جميع المؤمنين ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : لداود بن زربي : حدث
داود الرقي بمامر عليك ، حتى تسكن روعته فقال : فحدثه بالامر كله فقال :
أبوعبدالله عليه السلام : لهذا أفتيته لانه كان أشرف على القتل من يد هذا العدو ، ثم
قال : يا داود بن زربي توضأ مثنى مثنى ولا تزدن عليه فانك إن زدت عليه فلا صلاة
لك ( 1 ) .
213 كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن الحسن ، عن محمد بن الوليد
عن العباس بن هلال ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : ذكر أن مسلم مولى جعفر بن
محمد سندي ، وأن جعفرا قال له : أرجوأن أكون قد وافقت الاسم ، وأنه علم القرآن
في النوم ، فأصبح وقد علمه .
محمد بن مسعود ، عن عبدالله بن محمد بن خالد ، عن الوشاء عن الرضا عليه السلام
مثله ( 2 ) .
214 كش : محمد بن الحسن ، عن الحسن بن خرزاد ، عن موسى بن القاسم
عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن عمار السجستاني قال : زاملت أبا بجير عبدالله بن
النجاشي من سجستان إلى مكة ، وكان يرى رأي الزيدية ، فدخلت معه على
أبي عبدالله عليه السلام فقال له : يا أبا بجير أخبرني حين أصابك الميزاب ، وعليك المصدرة
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 200 .
( 2 ) رجال الكشى ص 217 .
[154]
من فراء فدخلت النهر فخرجت ، وتبعك الصبيان يعيطون أي شئ صبرك على
هذا ؟ قال : عمار : فالتفت إلي أبوبجير وقال لي : أي شئ كان هذا من الحديث
حتى تحدثه أبا عبدالله ؟ ! فقلت : لا والله ما ذكرت له ولا لغيره ، وهذا هو يسمع
كلامي فقال له أبوعبدالله عليه السلام : لم يخبرني بشئ يا أبا بجير ، فلما خرجنا من
عنده قال لي أبوبجير : يا عمار أشهد أن هذا عالم آل محمد ، وأن الذي كنت عليه
باطل ، وأن هذا صاحب الامر ( 1 ) .
اقول : تمامه في باب حد المرتد
بيان : قال الفيروزآبادي ( 2 ) التعيط الجلبة والصياح وعيط بالكسر مبنية
صوت الفتيان النزقين .
215 كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد ، عن ابن عيسى ، عن علي
ابن الحكم ، عن شهاب بن عبدربه قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يا شهاب يكثر القتل
في أهل بيت من قريش حتى يدعلى الرجل منهم إلى الخلافه فيأباها ثم قال : يا
شهاب ولا تقل إني عنيت بني عمي هؤلاء ، فقال شهاب : أشهد أنه عناهم ( 3 ) .
بيان : بني عمي أي بني الحسن أو بني العباس والاول أظهر .
216 جش : ذكر أحمد بن الحسين أنه وجد في بعض الكتب أن أبا عبدالله
عليه السلام قال لسماعة بن مهران سنة خمس وأربعين ومائة : إن رجعت لم ترجع
إلينا ، فأقام عنده فمات في تلك السنة ( 4 ) .
217 كا : علي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن المفضل بن مزيد ، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال : قلت له أيام عبدالله بن علي : قد اختلف هؤلاء فيما بينهم
فقال : دع ذا عنك إنما يجئ فساد أمرهم من حيث بدا صلاحهم ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 219 والحديث فيه بتفصيل .
( 2 ) القاموس ج 2 ص 375 .
( 3 ) رجال الكشى ص 216 .
( 4 ) رجال النجاشى ص 138 .
( 5 ) الكافى ج 8 ص 212 .
[155]
بيان : أي كما أن أبا مسلم أتى من قبل خراسان وأصلح أمرهم كذلك
هلاكو يجئ من تلك الناحية ويفسد أمرهم .
218 كا : إسماعيل بن عبدالله القرشي قال : أتى إلي أبي عبدالله عليه السلام رجل
فقال : يا ابن رسول الله رأيت في منامي كأني خارج من مدينة الكوفة في موضع أعرفه
وكأن شجا من خشب ، أو رجلا منحوتا من خشب ز ، على فرس من خشب ، يلوح
بسيفه وأنا اشاهده ، فزعا مرعوبا فقال له عليه السلام : أنت رجل تريد اغتيال رجل في
معيشته ، فاتق الله الذي خلقك ثم يميتك ، فقال الرجل : أشهد أنك قد اوتيت
علما ، واستنبطته من معدنه ، اخبرك يا ابن رسول الله عما قد فسرت لي ، إن رجلا
من جيراني جاءني وعرض علي ضيعته ، فهممت أن أملكها بوكس كثير ، لما عرفت
أنه ليس لها طالب غيري فقال أبوعبدالله عليه السلام : وصاحبك يتو الانا ويبرأ من عدونا ؟
فقال : نعم يا ابن رسول الله لوكان ناصبيا حل لي اغتياله ، فقال : أد الامانة لمن
ائتمنك ، وأراد منك النصيحة ولو إلى قاتل الحسين عليه السلام ( 1 ) .
بيان : الوكس : النقص ووكس فلان على المجهول أي خسر .
أقول : روى البرسي في مشارق الانوار عن محمد بن سنان أن رجلا قدم إلى
أبي عبدالله عليه السلام من خراسان ومعه صرر من الصدقات ، معدودة مختومة ، وعليها
أسمآء أصحابها مكتوبة ، فلما دخل الرجل جعل أبوعبدالله عليه السلام يسمي أصحاب
الصرر ويقول : أخرج صرة فلان ، فإن فيها كذا وكذا ثم قال : أين صرة
المرأة التي بعثتها من غزل يدها ؟ أخرجها فقد قبلناها ثم قال للرجل : أين
الكيس الازرق فيه ألف درهم ؟ وكان الرجل قد فقده في بعض طريقة فلما ذكره
الامام عليه السلام استحيى الرجل وقال : يا مولاي في بعض الطريق قد فقدته فقال له
الامام عليه السلام : تعرفه إذا رأيته ؟ فقال : نعم فقال : يا غلام أخرج الكيس الازرق
فأخرجه ، فلما رآه الرجل عرفه فقال له الامام : إنا احتجنا إلى ما فيه ، فأحضرناه
قبل وصولك إلينا فقال الرجل يا مولاي إني ألتمس الجواب بوصول ما حملته إلى
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 7 ص 293 .
[156]
حضرتك ، فقال له : إن الجواب كتبناه وأنت في الطريق ( 1 ) .
قال : وروي أن المنصور يوما دعاه فركب معه إلى بعض النواحي فجلس
المنصور على تل هناك ، وإلى جانبه أبوعبدالله عليه السلام فجاء رجل وهم أن يسأل المنصور
ثم أعرض عنه وسأل الصادق عليه السلام فحثى له من رمل هناك ملء يده ثلاث مرات ، و
قال له : اذهب واغل فقال له بعض حاشية المنصور : أعرضت عن الملك وسألت فقيرا
لا يملك شيئا ؟ فقال الرجل وقد عرق وجهه خجلا مما أعطاه : إني سألت من أنا واثق
بعطائه ثم جاء بالتراب إلى بيته فقالت له زوجته : من أعطاك هذا ؟ فقال : جعفر
فقالت : وما قال لك ؟ قال : قال لي اغل ، فقالت : إنه صادق فاذهب بقليل منه إلى
أهل المعرفة ، وإني أشم فيه رائحة الغنا ، فأخذ الرجل منه جزءا ومربه إلى بعض
اليهود فأعطاه فيما حمل منه إليه عشرة آلاف درهم ، وقال له : ائتني بباقيه على
هذه القيمة ( 2 ) .
220 يج : هارون بن رئاب قال : كان لي أخ جارودي ( 3 ) فدخلت على أبي
عبدالله عليه السلام فقال لي : ما فعل أخوك الجارودي ؟ قلت : صالح هو مرضي عند القاضي
والجيران في الحالات غير أنه لايقر بولايتكم ، فقال : ما يمنعه من ذلك ؟ قلت :
يزعم أنه يتورع ، قال : فأين كان ورعه ليلة نهر بلخ ؟ ! فقدمت على أخي فقلت له :
* ( هامش ) * ( 1 ) مشارق الانوار ص 110 .
( 2 ) نفس المصدر ص 112 .
( 3 ) الجارودية : اتباع أبى الجارود زياد بن المنذر الهمدانى الاعمى ، وقد لعنه
الصادق عليه السلام وذكر ابن النديم في الفهرست عن الامام الصادق ( ع ) أنه لعنه وقال :
انه أعمى القلب أعمى البصر ، ووردت في ذمه روايات لاحظ رجال الكشى ص 150 ومختصر
مقالة الجارودية أنهم قالوا بتفضيل على ( ع ) ثم ساقوا الامامة بعده في الحسن ( ع ) ثم في
الحسين ( ع ) ثم هى شورى بين أولادهما فمن خرج منهم مستحقا للامامة فهو الامام ، وهم
والبترية الفرقتان اللتان ينتحلان أمر زيد بن على بن الحسين ، وأمر زيد بن الحسن ومنهما
تشعبت صنوف الزيدية .
[157]
ثكلتك امك ، دخلت على أبي عبدالله عليه السلام وسألني عنك ، وأخبرته أنه مرضي عند
الجيران في الحالات كلها ، غير أنه لايقر بولايتكم فقال : ما يمنعه ذلك ؟ قلت :
يزعم أنه يتورع ، قال : فأين كان ورعه ليلة نهر بلخ ؟ ! فقال : أخبرك أبوعبدالله
بهذا ؟ قلت : نعم قال : أشهد أنه حجة رب العالمين ، قلت : أخبرني عن قصتك
قال : أقبلت من وراء نهر بلخ فصحبني رجل معه وصيفة فارهة ، فقال : إما أن تقتبس
لنا نارا فأحفظ عليك ، وإما أن أقتبس نارا فتحفظ علي قلت : اذهب واقتبس ، و
أحفظ عليك ، فلما ذهب قمت إلى الوصيفة وكان مني إليها ما كان ، والله ما أفشت
ولا أفشيت لاحد ، ولم يعلم إلا الله ، فخرجت من السنة الثانية وهو معي فأدخلته على
أبي عبدالله عليه السلام فما خرج من عنده حتى قال بامامته .
221 كا : علي ، عن أبيه ، عمن ذكره ، عن يونس بن يعقوب قال : كنت
عند أبي عبدالله عليه السلام فورد عليه رجل من أهل الشام ، فناظر أصحابه عليه السلام حتى انتهى
إلى هشام بن الحكم فقال الشامي : يا هذا من أنظر للخلق ؟ أربهم ؟ أو أنفسهم ؟
فقال هشام : ربهم أنظر لهم منهم لانفسهم ، قال الشامي : فهل أقام لهم من يجمع لهم
كلمتهم ، ويقيم أودهم ، ويخبرهم بحقهم من بالطلهم ؟ فقال هشام : هذا القاعد الذي
تشد إليه الرحال ، ويخبرنا بأخبار السمآء ، وراثة عن أب ، عن جد ، قال الشامي :
فكيف لي أن أعلم ذلك ؟ قال هشام : سله عما بدالك قال الشامي : قطعت عذري
فعلي السؤال . فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا شامي اخبرك كيف كان سفرك ، وكيف كان
طريقك وكان كذا وكان كذا ، فأقبل الشامي يقول : صدقت ، أسلمت لله الساعة


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 157 سطر 19 الى ص 165 سطر 18

فقال أبوعبدالله عليه السلام : بل آمنت بالله الساعة ، إن الاسلام قبل الايمان ، وعليه
يتوارثون ويتناكحون ، والايمان عليه يثابون ، فقال الشامي : صدقت فأنا الساعة
أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنك وصي الاوصياء ( 1 ) .
222 قب ( 2 ) ج : عن يونس مثله ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 1 ص 171 . \ \ \ ( 2 ) المناقب ج 3 ص 368 .
( 3 ) الاحتجاج ص 198 .
[158]
أقول : الخبر طويل أوردنا منه موضع الحاجة .
223 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن مسمع
كردين البصري قال : كنت لا أزيد على أكلة بالليل والنهار ، فربما استأذنت على
أبي عبدالله عليه السلام وأجد المائدة قد رفعت ، لعلي لا أراها بين يديه ، فاذا دخلت دعابها
فاصيب معه من الطعام ، ولا أتأذى بذلك ، وإذا أعقبت بالطعام عند غيره لم أقدر
على أن أقر ولم أنم من النفخة ، فشكوت ذلك إليه ، وأخبرته بأني إذا أكلت
عنده لم أتأذ به فقال : يا أبا سيار إنك تأكل طعام قوم صالحين ، تصافحهم الملائكة
على فرشهم قال : قلت : ويظهرون لكم ؟ قال : فمسح يده على بعض صبيانه فقال :
هم ألطف بصبياننا منا بهم ( 1 ) .
224 كا : علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن حسان ، عن إبراهيم
ابن إسماعيل ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كنا ببابه فخرج علينا قوم
أشباه الزط ، عليهم ازر وأكسية فسألنا أبا عبدالله عليه السلام عنهم فقال : هؤلاء إخوانكم
من الجن ( 2 ) .
225 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن يحيى بن
إبراهيم بن مهاجر قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام فلان يقرئك السلام ، وفلان ، و
فلان ، فقال : وعليهم السلام قلت : يسألونك الدعاء فقال : وما لهم ؟ قلت : حبسهم
أبوجعفر ، فقال : وما لهم ؟ وما له ؟ قلت : استعملهم فحبسهم ، فقال : وما لهم ؟ و
ما له ؟ ألم أنههم ؟ ألم أنههم ؟ ألم أنههم ؟ هو النار ، هم النار ، هم النار ، ثم قال :
اللهم اخدع عنهم سلطانهم قال : فانصرفنا من مكة فسألنا عنهم ، فاذاهم قد اخرجوا
بعد الكلام بثلاثة أيام ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 1 ص 393 .
( 2 ) نفس المصدر ج 1 ص 394 .
( 3 ) نفس المصدر ج 5 ص 107 وقد فسر المجلسى في المرآت قوله : اللهم اخدع
عنهم سلطانهم بقوله : كناية عن تحويل قلبه عن ضررهم أو اشتغاله بما يصير سببا لغفلته عنهم
وربما يقرأ بالجيم والدال المهملة بمعنى الحبس والقطع .
[159]
226 قب : يحيى بن إبراهيم مثله ( 1 ) .
227 عيون المعجزات المنسوب إلى السيد المرتضى : عن علي بن مهران
عن داود بن كثير الرقي قال : كنا في منزل أبي عبدالله ونحن نتذاكر فضائل الانبياء
فقال عليه السلام مجيبا لنا : والله ما خلق الله نبيا إلا ومحمد صلى الله عليه وآله أفضل منه ، ثم خلع
خاتمه ، ووضعه على الارض ، وتكلم بشئ ، فانصدعت الارض وانفرجت بقدرة
الله عزوجل ، فاذا نحن ببحر عجاج ، في وسطه سفينة خضراء من زبرجدة خضراء
في وسطها قبة من درة بيضاء ، حولها دار خضراء مكتوب عليها لا إله إلا الله ، محمد
رسول الله ، علي أمير المؤمنين ، بشر القائم فانه يقاتل الاعداء ، ويغيث المؤمنين
وينصره عزوجل بالملائكة في عدد نجوم السماء ، ثم تكلم صلوات الله عليه بكلام
فثار ماء البحر وارتفع مع السفينة ، فقال : ادخلوها ، فدخلنا القبة التي في السفينة
فاذا فيها أربعة كراسي من ألوان الجواهر ، فجلس هو على أحدها ، وأجلسني على
واحد ، وأجلس موسى عليه السلام وإسماعيل كل واحد منهما على كرسي ، ثم قال عليه السلام
للسفينة : سيري بقدرة الله تعالى فسارت في بحر عجاج بين جبال الدر واليواقيت ، ثم
أدخل يده في البحر ، وأخرج دررا وياقوتا ، فقال : يا داود إن كنت تريد الدنيا
فخذ حاجتك ، فقلت : يا مولاي لا حاجة لي في الدنيا فرمى به في البحر وغمس
يده في البحر وأخرج مسكا وعنبرا ، فشمه وشمني ، وشمم موسى وإسماعيل
عليهما السلام ، ثم رمى به في البحر وسارت السفينة حتى انتهينا إلى جزيرة
عظيمة ، فيما بين ذلك البحر ، وإذا فيها قباب من الدر الابيض ، مفروشة بالسندس
والاستبرق ، عليها ستور الارجوان ، محفوفة بالملائكة ، فلما نظروا إلينا ، أقبلوا
مذعنين له بالطاعة ، مقرين به بالولاية ، فقلت : مولاي لمن هذه القباب ؟ فقال :
للائمة من ذرية محمد صلى الله عليه وآله ، كلما قبض إمام صار إلى هذا الموضع ، إلى الوقت
المعلوم ، الذي ذكره الله تعالى .
ثم قال عليه السلام : قوموا بنا حتى نسلم على أمير المؤمنين عليه السلام فقمنا وقام
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 360 .
[160]
ووقفنا باب إحدى القباب المزينة ، وهي أجلها وأعظمها ، وسلمنا على أمير المؤمنين
عليه السلام وهو قاعد فيها ، ثم عدل إلى قبة اخرى وعدلنا معه فسلم وسلمنا على
الحسن بن علي عليهما السلام ، وعدلنا منها إلى قبة بإزائها فسلمنا على الحسين بن علي عليهما السلام
ثم على علي بن الحسين ، ثم على محمد بن علي عليهم السلام كل واحد منهم في قبة مزينة
مزخرفة ثم عدل إلى بنية بالجزيرة وعدلنا معه ، وإذا فيها قبة عظيمة من درة
بيضاء مزينة بفنون الفرش والستور ، وإذا فيها سرير من ذهب ، مرصع بأنواع
الجوهر فقلت : يا مولاي لمن هذه القبة ؟ فقال : للقائم منا أهل البيت ، صاحب الزمان
عليه السلام ، ثم أومأ بيده ، وتكلم بشئ وإذا نحن فوق الارض بالمدينة في
منزل أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام وأخرج خاتمه وختم الارض بين
يديه ، فلم أر فيها صدعا ولا فرجة ( 1 ) .
أقول : روى أبوالفرج الاصفهاني في كتاب المقاتل باسناده عن عيسى بن
عبدالله قال : حدثتني امي ام حسين بنت عبدالله بن محمد بن علي بن الحسين قالت :
قلت لعمي جعفر بن محمد إني فديتك ما أمر محمد هذا ؟ قال : فتنة ، يقتل محمد عند
بيت رومي ، ويقتل أخوه لامه وأبيه بالعراق ، حوافر فرسه في المآء ( 2 ) .
وباسناده عن ابن داحة أن جعفر بن محمد عليه السلام قال لعبدالله بن الحسن : إن
هذا الامر والله ليس إليك ، ولا إلى ابنيك ، وإنما هو لهذا - يعني السفاح - ثم
لهذا - يعني المنصور - ثم لولده بعده لا يزال فيهم حتى يؤمروا الصبيان ، ويشاوروا
النساء ، فقال عبدالله : والله يا جعفر ما أطلعك الله على غيبه ، وما قلت هذا إلا حسدا
لابني ، فقال : لا والله ما حسدت ابنيك ، وإن هذا - يعني أبا جعفر - يقتله على
أحجار الزيت ثم يقتل أخاه بعده بالطفوف ، وقوائم فرسه في ماء ، ثم قام مغضبا
يجر رداءه فتبعه أبوجعفر وقال : أتدري ما قلت يا أبا عبدالله عليه السلام ؟ قال : إي
والله أدريه ، وإنه لكائن . قال : فحدثني من سمع أبا جعفر يقول : فانصرفت لوقتي
* ( هامش ) * ( 1 ) عيون المعجزات ص 82 .
( 2 ) مقاتل الطالبيين ص 248 .
[161]
فرتبت عمالي وميزت اموري ، تمييز مالك لها ، قال : فلما ولي أبوجعفر
الخلافة سمى جعفر الصادق ، وكان إذا ذكره قال : قال لي الصادق جعفر بن محمد
كذا وكذا ، فبقيت عليه ( 1 ) .
اقول : روى محمد بن المشهدي في المزار الكبير بإسناده ، عن سفيان الثوري
قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام وهو بعرفة يقول : اللهم اجعل خطواتي
هذه التى خطوتها في طاعتك كفارة لما خطوتها في معصيتك ، وساق الدعاء إلى
قوله : وأنا ضيفك فاجعل قراي الجنة ، وأطعمني عنبا ورطبا ، قال سفيان :
فوالله لقد هممت أن أنزل واشتري له تمرا وموزا وأقول له هذا عوض العنب
والرطب . وإذا أنا بسلتين مملوتين قد وضعتا بين يديه إحداهما رطب والاخرى
عنب ، تمام الخبر .
* ( هامش ) * ( 1 ) مقاتل الطالبيين ص 257 .
[162]
* ( باب 6 ) *
* ( ( ماجرى بينه عليه السلام وبين المنصور وولاته ) ) *
* ( ( وسائر الخلفاء الغاصبين والامراء الجائرين ) ) *
* ( وذكر بعض أحوالهم ) *
1 - ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن علي بن حبيش
عن العباس بن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن الحسين بن أبي غندر ، عن
أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : اتقوا الله ، وعليكم بالطاعة لائمتكم
قولوا ما يقولون ، واصمتوا عما صمتوا ، فانكم في سلطان من قال الله تعالى :
" وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " ( 1 ) يعني بذلك ولد العباس فاتقوا الله فانكم
في هدنة ، صلوا في عشائرهم واشهدوا جنائزهم ، وأدوا الامانة إليهم الخبر ( 2 ) .
2 - ن : أحمد بن محمد بن الصقر ، وعلي بن محمد بن مهرويه ، معا ، عن
عبدالرحمان بن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن الحسن بن الفضل ، عن الرضا ، عن
أبيه صلوات الله عليهما قال : أرسل أبوجعفر الدوانيقي إلى جعفربن محمد عليهما السلام ليقتله
وطرح له سيفا ونطعا وقال : يا ربيع إذا أنا كلمته ثم ضربت باحدى يدي على
الاخرى ، فاضرب عنقه ، فلما دخل جعفر بن محمد عليهما السلام ونظر إليه من بعيد تحرك
أبوجعفر على فراشه قال : مرحبا وأهلا بك يا أبا عبدالله ما أرسلنا إليك إلا رجاء
أن نقضي دينك ، ونقضي ذمامك ( 3 ) ثم ساءله مسألة لطيفة عن أهل بيته ، وقال :
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة ابراهيم الاية : 46 .
( 2 ) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 61 وفيه ( في هذه ) بدل ( هدنة ) ولعله تحريف وسهو
من الناسخ .
( 3 ) الذمام : والمذمة : الحق والحرمة جمع أذمة ( القاموس ) .
[163]
قد قضى الله حاجتك ودينك ، وأخرج جائزتك ، يا ربيع لا تمضين ثلاثة حتى يرجع
جعفر إلى أهله ، فلما خرج قال له الربيع : يا أبا عبدالله رأيت السيف ؟ إنما كان
وضع لك ، والنطع ، فأي شئ رأيتك تحرك به شفتيك ؟ قال جعفر بن محمد عليه السلام :
نعم يا ربيع ، لما رأيت الشر في وجهه ، قلت : " حسبي الرب من المربوبين ، وحسبي
الخالق من المخلوقين ، وحسبي الرازق من المرزوقين ، وحسبي الله رب العالمين
حسبي من هو حسبي ، حسبي من لم يزل حسبي ، حسبي الله لا إلا إلا هو ، عليه
توكلت ، وهو رب العرش العظيم " ( 1 ) .
3 - ما : جماعة ، عن المفضل ، عن إبراهيم بن عبدالصمد الهاشمي ، عن أبيه ، عن
عمه عبدالوهاب بن محمد بن إبراهيم ، عن أبيه قال : بعث أبوجعفر المنصور إلى أبي عبدالله
جعفر بن محمد عليهما السلام وأمر بفرش فطرحت له إلى جانبه ، فأجلسه عليها ، ثم قال : علي
بمحمد ، علي بالمهدي ، يقول ذلك مرارا فقيل له الساعة الساعة يأتي يا أمير المؤمنين
ما يحبسه إلا أنه يتبخر ، فمالبث أن وافى وقد سبقته رائحته ، فأقبل المنصور على
جعفر عليه السلام فقال : يا أبا عبدالله حديث حدثتنيه في صلة الرحم اذكره يسمعه المهدي
قال : نعم ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : إن الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيرها
الله عزوجل ثلاثين سنة ، ويقطعها وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيصيرها الله ثلاث
سنين ، ثم تلا عليه السلام " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب " ( 2 ) قال : هذا احسن
يا أبا عبدالله وليس إياه أردت ، قال أبوعبدالله : نعم حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده
عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : صلة الرحم تعمر الديار ، وتزيد في
الاعمار وإن كان أهلها غير أخيار ، قال : هذا حسن يا أبا عبدالله وليس هذا أردت
فقال أبوعبدالله : نعم حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله صلة الرحم تهون الحساب تقي ميته السوء ، قال المنصور :
* ( هامش ) * ( 1 ) عيون أخبار الرضا ج 1 ص 304 .
( 2 ) سورة الرعد الاية : 39 .
[164]
نعم هذا أردت ( 1 ) .
4 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن أحمد بن محمد بن عيسى العراد ، عن
محمد بن الحسن بن شمون ، عن الحسن بن الفضل بن الربيع حاجب المنصور ، لقيته
بمكة قال : حدثني أبي ، عن جدي الربيع قال : دعاني المنصور يوما فقال : يا
ربيع أحضر جعفر بن محمد ، والله لاقتلنه ، فوجهت إليه ، فلما وافى قلت : يا ابن
رسول الله إن كان لك وصية أو عهد تعهده فافعل ، فقال : استأذن لي عليه فدخلت
إلى المنصور فأعلمته موضعه ، فقال : أدخله ، فلما وقعت عن جعفر عليه السلام على المنصور
رأيته يحرك شفتيه بشئ لم أفهمه ومضى ، فلما سلم على المنصور نهض إليه فاعتنقه
وأجلسه إلى جانبه ، وقال له : ارفع حوائجك ، فأحرج رقاعا لاقوام ، وسأل في
آخرين فقضيت حوائجه ، فقال المصنور ارفع حوائجك في نفسك ، فقال له جعفر :
لا تدعني حتى أجيئك فقال له المنصور : مالي إلى ذلك سبيل ، وأنت تزعم للناس
يا أبا عبدالله أنك تعلم الغيب ، فقال جعفر عليه السلام : من أخبرك بهذا ؟ فأومأ المنصور
إلى شيخ قاعد بين يديه فقال جعفر عليه السلام للشيخ : أنت سمعتني أقول هذا ؟ قال
الشيخ : نعم ، قال جعفر للمنصور : أيحلف يا أمير المؤمنين ؟ فقال له المنصور : احلف
فلما بدأ الشيخ في اليمين قال جعفر عليه السلام للمنصور : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
جده ، عن أمير المؤمنين إن العبد إذا حلف باليمين التي ينزه الله عزوجل فيها
وهو كاذب امتنع الله عزوجل من عقوبته عليها في عاجلته لما نزه الله عزوجل
ولكني أنا أستحلفه ، فقال المنصور : ذلك لك فقال جعفر عليه السلام للشيخ : قل أبرأ
إلى الله من حوله وقوته ، وألجا إلى حولي وقوتي إن لم أكن سمعتك تقول
هذا القول ، فتلكأ الشيخ ، فرفع المنصور عمودا كان في يده فقال : والله لئن لم تحلف
لاعلونك بهذا العمود ، فحلف الشيخ فما أتم اليمين حتى دلع لسانه ، كما يدلع
الكلب ، ومات لوقته ، ونهض جعفر عليه السلام قال الربيع : فقال لي المنصور : ويلك
اكتمها الناس لا يفتتنون قال الربيع : فحلفت جعفرا عليه السلام فقلت له : يا ابن رسول الله
* ( هامش ) * ( 1 ) أمالى الشيخ الطوسى ص 306 .
[165]
إن منصورا كان قدهم بأمر عظيم ، فلما وقعت عينك عليه ، وعينه عليك ، زال ذلك
فقال : يا ربيع إني رأيت البارحة رسول الله صلى الله عليه وآله في النوم فقال لي : يا جعفر خفته ؟
فقلت : نعم يا رسول الله ، فقال لي : إذا وقعت عينك عليه فقل : ببسم الله أستفتح
وببسم الله أستنجح ، وبمحمد صلى الله عليه وآله أتوجه ، اللهم ذلل لي صعوبة أمري ، وكل
صعوبة ، وسهل لي حزونة ، أمري ، وكل حزونة ، واكفني مؤنة أمري وكل
مؤنة ( 1 ) .
بيان : تلكأ عليه اعتل ، وعنه : أبطأ .
5 - ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن محمد بن همام ، عن أحمد بن موسى
النوفلي ، عن محمد بن عبدالله بن مهران ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبدالله بن سليمان
التميمي قال : لما قتل محمد وإبراهيم ابنا عبدالله بن الحسن بن الحسن عليه السلام صار
إلى المدينة رجل يقال له شيبة بن غفال ، ولاه المنصور على أهلها ، فلما قدمها ، و
حضرت الجمعة ، صار إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله فرقى المنبر وحمدالله وأثنى عليه ثم
قال : أما بعد فان علي بن أبي طالب شق عصا المسلمين ، وحارب المؤمنين ، وأراد
الامر لنفسه ، ومنعه أهله ، فحرمه الله عليه وأماته بغصته ، وهؤلاء ولده يتبعون أثره
في الفساد ، وطلب الامر بغير استحقاق له ، فهم في نواحي الارض مقتولون ، وبالدماء
مضرجون ، قال : فعظم هذا الكلام منه على الناس ولم يجسر أحدمنهم ينطق بحرف
فقام إليه رجل عليه إزار قومسي سخين فقال ، ونحن نحمدالله ونصلي على محمد خاتم
النبيين وسيد المرسلين ، وعلى رسل الله وأنبيائه أجمعين ، أما ما قلت من خير فنحن


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 165 سطر 19 الى ص 173 سطر 18

أهله وما قلت من سوء فأنت وصاحبك به أولى فاختبريا من ركب غير راحلته وأكل
غير زاده ، ارجع مأزورا ، ثم أقبل على الناس فقال : ألا انبئكم بأخلى الناس ميزانا
يوم القيامة ، وأبينهم خسرانا ، من باع آخرته بدنيا غيره ، وهو هذا الفاسق
فأسكت الناس وخرج الوالي من المسجد لم ينطق بحرف ، فسألت عن الرجل فقيل
لي : هذا جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) أمالى الشيخ الطوسى ص 294 .
( 2 ) نفس المصدر ص 31 - 32 .
[166]
بيان : ضرجه بالدم : أدماه ، وقومس : بالضم وفتح الميم ، صقع كبير بين :
خراسان وبلاد الجبل ، وإقليم بالاندلس ، وقومسان قرية بهمدان ، ذكرها
الفيروزآبادي ( 1 ) .
أقول : روى الصدوق في كتاب صفات الشيعة باسناده قال أبوجعفر الدوانيقي
بالحيرة أيام أبي العباس للصادق عليه السلام : يا أبا عبدالله ما بال الرجل من شيعتكم
يستخرج ما في جوفه في مجلس واحد ، حتى يعرف مذهبه ؟ ! فقال عليه السلام : ذلك
لحلاوة الايمان في صدورهم ، من حلاوته يبدونه تبديا .
6 - ع : ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن أبيه ، عمن ذكره ، عن
الربيع صاحب المنصور قال : قال المنصور يوما لابي عبدالله عليه السلام وقد وقع على
المنصور ذباب فذبه عنه ثم وقع عليه فذبه عنه ثم وقع عليه فذبه عنه فقال : يا
أبا عبدالله لاي شئ خلق الله عزوجل الذباب ؟ قال : ليذل به الجبارين ( 2 ) .
7 - قب : حلية الاولياء ( 3 ) ، عن أحمد بن المقدام الرازي مثله ( 4 ) .
8 - ع : ابن المتوكل ، عن محمد بن علي ما جيلويه ، عن البرقي ، عن أبيه
عن حماد بن عثمان ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كنت عند
زياد بن عبيدالله وجماعة من أهل بيتي فقال : يا بني علي وفاطمة ما فضلكم على
الناس ؟ فسكتوا فقلت : إن من فضلنا على الناس أنا لا نحب أن نكون من أحد
سوانا ، وليس أحد من الناس لا يحب أن يكون منا إلا أشرك ، ثم قال : ارووا
هذا الحديث ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) القاموس ج 2 ص 242 .
( 2 ) علل الشرائع ص 496 .
( 3 ) حلية الاولياء ج 3 ص 198 وأخرجه ابن طلحة في مطالب السؤول ص 82 .
( 4 ) المنافب ج 3 ص 375 .
( 5 ) علل الشرائع ص 583 .
[167]
9 - لى : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده ، عن جعفر بن عبدالله النماونجي
عن عبدالجبار بن محمد ، عن داود الشعيري ، عن الربيع صاحب المنصور قال : بعث المنصور
إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يستقدمه لشئ بلغه عنه ، فلما وافى بابه خرج إليه
الحاجب فقال : اعيذك بالله من سطوة هذا الجبار ، فإني رأيت حرده عليك شديدا
فقال الصادق عليه السلام : علي من الله جنة واقية ، تعينني عليه إن شاء الله ، استأذن لي
عليه ، فستأذن فأذن له ، فلما دخل سلم فرد عليه السلام ثم قال له : يا جعفر قد علمت
أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لابيك علي بن أبي طالب عليه السلام : لولا أن تقول فيك طوائف
من امتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك قولا لا تمر بملا إلا أخذوا من
تراب قدميك ، يستشفون به ، وقال علي عليه السلام يهلك في اثنان ولا ذنب لي ، محب
غال ، ومبغض مفرط ؟ قال : قال ذلك ، اعتذارا منه أنه لا يرضى بما يقول فيه الغالي
والمفرط ، ولعمري إن عيسى بن مريم عليهما السلام لو سكت عما قالت فيه النصارى
لعذبه الله ، ولقد تعلم ما يقال فيك من الزور والبهتان ، وإمساكك عن ذلك ورضاك
به سخط الديان ، زعم أوغاد الحجاز ، ورعاع الناس ، أنك حبر الدهر ، وناموسه
وحجة المعبود وترجمانه ، وعيبة علمه ، وميزان قسطه ، مصباحه الذي يقطع به
الطالب عرض الظلمة إلى ضيآء النور ، وأن الله لا يقبل من عامل جهل حدك في
الدنيا عملا ، ولا يرفع له يوم القيامة وزنا ، فنسبوك إلى غير حدك ، وقالوا فيك
ماليس فيك ، فقل فان أول من قال الحق جدك ، وأول من صدقه عليه أبو
وأنت حري أن تقتص آثارهما ، وتسلك سبيلهما .
فقال الصادق عليه السلام : أنا فرع من فرع الزيتونة ، وقنديل من قناديل بيت
النبوة ، وأديب السفرة ، وربيب الكرام البررة ، ومصباح من مصابيح المشكاة ، التي
فيها نور النور وصفوة الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر ، فالتفت المنصور إلى
جلسائه فقال : هذا قد أحالني على بحر مواج لا يدرك طرفه ، ولا يبلغ عمقه ، تحارفيه
العلماء ، ويغرق فيه السبحاء ، ويضيق بالسابح عرض الفضاء ، هذا الشجى المعترض
في حلوق الخلفاء ، الذي لا يجوز نفيه ، ولا يحل قتله ، ولولا ما يجمعني وإياه
[168]
شجرة طاب أصلها ، وبسق فرعها ، وعذب ثمرها ، وبوركت في الذر ، وقد ست في
الزبر ، لكان مني إليه ما لا يحمد في العواقب ، لما يبغني عنه من شدة عيبه لنا ، و
سوء القول فينا .
فقال الصادق عليه السلام : لا تقبل في ذي رحمك ، وأهل الرعاية من
أهل بيتك ، قول من حرم الله عليه الجنة ، وجعل مأواه النار ، فان النمام شاهد
زور ، وشريك إبليس في الاغراء بين الناس ، فقد قال الله تعالى : " يا أيها الذين
آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم
نادمين " ( 1 ) .
ونحن لك أنصار وأعوان ، ولملكك دعائم وأركان ، ما أمرت بالمعروف و
الاحسان ، وأمضيت في الرعية أحكام القرآن ، وأرغمت بطاعتك لله أنف الشيطان
وإن كان يجب عليك في سعة فهمك ، وكثرة علمك ، ومعرفتك بآداب الله ، أن تصل
من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ، فان المكافي ليس بالواصل
إنما الواصل من إذا قطعته رحمه وصلها ، فصل رحمك يزد الله في عمرك ، ويخفف
عنك الحساب يوم حشرك .
فقال المنصور : قد صفحت عنك لقدرك ، وتجاوزت عنك لصدقك ، فحدنثي
عن نفسك ، بحديث أتعظ به ، ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات ، فقال الصادق
عليه السلام : عليك بالحلم ، فانه ركن العلم واملك نفسك عند أسباب القدرة
فانك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا ، أو تداوى حقدا ، أويحب أن
يذكر بالصولة ، واعلم بأنك إن عاقبت مستحقا لم تكن غاية ما توصف به إلا
العدل ، والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر ، فقال
المنصور : وعظت فأحسنت ، وقلت فأوجزت ، فحدثني عن فضل جدك علي بن
أبي طالب عليه السلام حديثا لم تأثره العامة .
فقال الصادق عليه السلام : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الحجرات الاية : 35 .
[169]
الله صلى الله عليه وآله : لما اسري بي إلى السماء عهد إلي ربي جل جلاله في علي ثلاث
كلمات فقال : يا محمد فقلت : لبيك ربي وسعديك فقال عزوجل ، إن عليا إمام المتقين
وقائد الغر المحجلين ، ويعسوب المؤمنين ، فبشره بذلك ، فبشره النبي صلى الله عليه وآله
بذلك ، فخر علي عليه السلام ساجدا شكرا لله عزوجل ، ثم رفع رأسه فقال : يا رسول
الله بلغ من قدري حتى أني اذكر هناك ؟ ! قال : نعم ، وإن الله يعرفك ، وإنك
لتذكر في الرفيق الاعلى ، فقال المنصور : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ( 1 ) .
10 - كتاب الاستدراك : باسناده عن الحسين بن محمد بن عامر باسناده مثله .
بيان : الحرد : المغضب ، والوغد : الاحمق الضغيف الرذل الدني ، وخادم
القوم ، والجمع أوغاد ، والرعاع : بالفتح الاحداث الطغام ، والحبر بالكسر
ويفتح العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه ، والناموس : العالم بالسر وصاحب
الوحي ، والفرع : بضمتين جمع فرع ، والسفرة الملائكة ، والشجى ما اعترض
في الحلق من عظم ونحوه .
11 - خص ( 2 ) ير : أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن بن
ميسر قال : لما قدم أبوعبدالله عليه السلام على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى له على
رأسه وقال له : إذا دخل علي فاضرب فنقه ، فلما ادخل أبو عبدالله عليه السلام نظر إلى
أبي جعفر ، وأسر شيئا بينه وبين نفسه لا يدرى ما هو ، ثم أظهر " يا من يكفي خلقه
كلهم ، ولا يكفيه أحد ، اكفني شر عبدالله بن علي " فصار أبوجعفر لا يبصر مولاه
وصار مولاه لا يبصره قال : فقال أبوجعفر يا جعفر بن محمد قد أتعبتك في هذا
الحر فانصرف ، فخرج أبوعبدالله عليه السلام من عنده فقال أبوجعفر لمولاه : ما منعك
أن تفعل ما أمرتك به ؟ ! فقال : لا والله ما أبصرته ، ولقد جاء شئ حال بيني وبينه
فقال أبوجعفر : والله لئن حدثت بهذا الحديث لاقتلنك ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) أمالى الصدوق ص 611 .
( 2 ) مختصر البصائر ص 8 .
( 3 ) البصائر ج 10 باب 15 144 .
[170]
12 - يج : عن علي بن ميسره مثله ( 1 ) .
13 - يج : روي أن أبا عبداله عليه السلام قال : دعاني أبوجعفر الخليفة ، ومعي
عبدالله بن الحسن ، وهو يومئذ نازل بالحيرة قبل أن تبنى بغداد ، يريد قتلنا ، لا
يشك الناس فيه ، فلما دخلت عليه دعوت الله بكلام فقال لابن نهيك وهو القائم
على رأسه : إذا ضربت باحدى يدي على الاخرى ، فلا تناظره حتى تضرب عنقه
فلما تكلمت بما أردت ، نزع الله من قلب أبي جعفر الخليفة الغيظ ، فلما دخلت
أجلسني مجلسه وأمرلي بجائزة ، وخرجنا من عنده ، فقال له أبوبصير وكان حضر
ذلك المجلس : ما كان الكلام ؟ قال : دعوت الله بدعاء يوسف فاستجاب الله لي و
لاهل بيتي ( 2 ) .
14 - يج : روي عن صفوان الجمال قال : كنت بالحيرة مع أبي عبدالله
عليه السلام إذا أقبل الربيع وقال : أجب أمير المؤمنين ، فلم يلبث أن عاد ، قلت :
أسرعت الانصراف ، قال : إنه سألني عن شئ ، فاسأل الربيع عنه ، فقال صفوان :
وكان بيني وبين الربيع لطف ، فخرجت إلى الربيع وسألته فقال : اخبرك بالعجب
إن الاعراب خرجوا يجتنون الكماة ، فأصابوا في البر خلقا ملقى ، فأتوني به
فأدخلته على الخليفة ، فلما رآه قال : نحه وادع جعفرا ، فدعوته فقال : يا أبا -
عبدالله أخبرني عن الهواء ما فيه ؟ قال : في الهواء موج مكفوف قال : ففيه سكان ؟
قال : نعم ، قال : وما سكانه ؟ قال : خلق أبدانهم أبدان الحيتان ورؤوسهم رؤوس الطير
ولهم أعرفة كأعرفة الديكة ، ونغانغ كنانغ الديكة ، وأجنحة كأجنحة الطير
من ألوان أشد بياضا من الفضة المجلوة فقال الخليفة : هلم الطشت ، فجئت بها
وفيها ذلك الخلق ، وإذا هو الله كما وصفه جعفر فلما نظر إليه جعفر قال : هذا
هو الخلق الذي يسكن الموج المكفوف ، فأذن له بالانصراف ، فلما خرج قال :
ويلك يا ربيع هذا الشجى المعترض في حلقي من أعلم الناس ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 245 .
( 2 ) نفس المصدر ص 234 .
( 3 ) الخرائج والجرائح ص 234 .
[171]
15 - كشف : من دلائل الحميري مثله ( 1 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي ( 2 ) النغنغ موضع بين اللهاة وشوارب الحنجور
واللحمة في الحلق عند اللهازم ، والذي يكون عند عنق البعير إذا اجتر تحرك .
16 - يج : روي عن هارون بن خارجة قال : كان رجل من أصحابنا طلق امرأته ثلاثا
فسأل أصحابنا فقالا : ليس بشئ فقالت امرأته : لا أرضى حتى تسأل أبا عبدالله
وكان بالحيرة إذ ذاك أيام أبي العباس ، قال : فذهب إلى الحيرة ولم أقدر على
كلامه إذ منع الخليفة الناس من الدخول على أبي عبدالله عليه السلام وأنا أنظر كيف
ألتمس لقاءه فاذا سوادي عليه جبة صوف يبيع خيارا فقلت له : بكم خيارك هذا
كله ؟ قال : بدرهم فأعطيته درهما وقلت له : أعطني جبتك هذه ، فأخذتها ولبستها
وناديت من يشتري خيارا ودنوت منه فاذا غلام من ناحية ينادي يا صاحب الخيار
فقال عليه السلام لي لما دنوب منه : ما أجود ما احتلت ، أى شئ حاجتك ؟ قلت :
إني ابتليت فطلقت أهلي في دفعة ثلاثا فسألت أصحابنا فقالوا : ليس بشئ وإن
المرأة قالت : لا أرضى حتى تسأل أبا عبدالله عليه السلام فقال : ارجع إلى أهلك فليس
عليك شئ ( 3 ) .
17 - يج : روي عن محرمة الكندي قال : إن أبا الدوانيق نزل بالربذة
وجعفر الصادق عليه السلام بها ، قال : من يعذرني من جعفر ، والله لاقتلنه ، فدعاه فلما
أبوالدوانيق : انصرف ، ثم قال لعيسى بن علي : الحقة فسله أبي ؟ أم به ؟ فخرج يشتد
حتى لحقه فقال : يا أبا عبدالله إن أمير المؤمنين يقول : أبك ؟ أم به ؟ قال : لا بل
بي ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 2 ص 429 .
( 2 ) القاموس ج 3 ص 114 وفيه " فوق " بدل " عند " .
( 3 ) الخرائج والجرائح ص 234 .
( 4 ) نفس المصدر ص 234 .
[172]
18 - يج : روي عن مهاجر بن عمار الخزاعي قال : بعثني أبوالدوانيق إلى
المدينة ، وبعث معي بمال كثير ، وأمرني أن أتضرع لاهل هذا البيت ، وأتحفظ
مقالتهم ، قال : فلزمت الزاوية التي مما يلي القبر ، فلم أكن أتنحى منها في وقت
الصلاة ، لا في ليل ولا في نهار ، قال : وأقبلت أطرح إلى السؤال الذين حول القبر
الدراهم ومن هو فوقهم الشئ بعد الشئ حتى ناولت شبابا من بني الحسن ومشيخة
حتى ألفوني وألفتهم في السر ، قال : وكنت كلما دنوت من أبي عبدالله يلاطفني و
يكرمني ، حتى إذا كان يوما من الايام دنوت من أبي عبدالله وهو يصلي ، فلما
قضى صلاته التفت إلي وقال : تعالى يا مهاجر - ولم أكن أتسمى ولا أتكنى بكنيتي -
فقال : قل لصاحبك : يقول لك جعفر : كان أهل بيتك إلى غير هذا منك أحوج منهم
إلى هذا ، تجئ إلى قوم شباب محتاجين فتدس إليهم ، فلعل أحدهم يتكلم بكلمة
تستحل بها سفك دمه ، فلو بررتهم ووصلتهم وأغنيتهم ، كانوا أحوج ما تريد منهم
قال : فلما أتيت أبا الدوانيق قلت له : جئتك من عند ساحر كذاب كاهن ، من
أمره كذا وكذا ، قال : صدق والله كانوا إلى غير هذا أحوج ، وإياك أن يسمع
هذا الكلام منك إنسان ( 1 ) .
19 - يح : روي عن الرضا ، عن أبيه عليهما السلام قال : جاء رجل إلى جعفر بن محمد
عليهما السلام فقال له : انج بنفسك ، هذا فلان بن فلان قد وشى بك إلى المنصور
وذكر أنك تأخذ البيعة لنفسك على الناس ، فتخرج عليهم ، فتبسم وقال : يا عبدالله
لا ترع فان الله إذا أراد فضيلة كتمت أو جحدت أثار عليها حاسدا باغيا
يحركها حتى يبينها ، اقعد معي حتى يأتيني الطلب ، فتمضي معي إلى هناك حتى
تشاهد ما يجري من قدرة الله ، التي لا معزل عنها لمؤمن ، فجاؤا وقالوا : أجب
أمير المؤمنين ، فخرج الصادق عليه السلام ودخل ، وقد امتلا المنصور غيظا وغضبا فقال له :
أنت الذي تأخذ البيعة لنفسك على المسلمين ، تريد أن تفرق جماعتهم ، وتسعى في
هلكتهم ، وتفسد ذات بينهم ؟ فقال الصادق عليه السلام : ما فعلت شيئا من هذا ، قال
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 244 .
[173]
المنصور : فهذا فلان يذكر أنك فعلت ، فقال : إنه كاذب قال المنصور ، إني احلفه
إن حلف كفيت نفسي مؤنتك فقال الصادق عليه السلام : إنه إذا حلف كاذبا باء باثم قال
المنصور لحاجبه : حلف هذا الرجل على ما حكاه عن هذا - يعني الصادق عليه السلام فقال
الحاجب : قل : والله الذي لا إله إلا هو ، وجعل يغلظ عليه اليمين فقال الصادق عليه السلام :
لا تحلفه هكذا ، فإني سمعت أبي يذكر عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : إن
من الناس من يحلف كاذبا فيعظم الله في يمينه ويصفه بصفاته الحسنى ، فيأتي تعظيمه
لله على إثم كذبه ويمينه ، فيؤخر عنه البلاء ، ولكني احلفه باليمين التي حدثني
أبي عن جدي رسول الله أنه لا يحلف بها حالف إلا باء باثمه ، فقال المنصور : فحلفه
إذا يا جعفر .
فقال الصادق للرجل : قل إن كنت كاذبا عليك فقد برئت من حول الله
وقوته ولجأت إلى حولي وقوتي ، فقالها الرجل ، فقال الصادق عليه السلام :
اللهم إن كان كاذبا فأمته ، فما استتم حتى سقط الرجل ميتا واحتمل ، ومضى
وأقبل المنصور على الصادق عليه السلام فسأله عن حوائجه ، فقال عليه السلام :
مالي حاجة إلا أن أسرع إلى أهلي ، فان قلوبهم بي متعلقة فقال : ذلك إليك فا فعل
ما بدالك ، فخرج من عنده مكرما قد تحير منه المنصور ، فقال قوم : رجل فاجأه
الموت وجعل الناس يخوضون في أمر ذلك الميت وينظرون إليه ، فلما استوى على
سريره ، جعل الناس يخوضون ، فمن ذام له وحامد إذا قعد على سريره ، وكشف
عن وجهه وقال : يا أيها الناس إني لقيت ربي ، فلقاني السخط ، واللعنة ، واشتد


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 173 سطر 19 الى ص 181 سطر 18

غضب زبانيته علي ، على الذي كان مني إلى جعفر بن محمد الصادق ، فاتقوا الله ، ولا
تهلكوا فيه كما هلكت ، ثم أعاد كفنه على وجهه ، وعاد في موته ، فرأوه لاحراك
فيه وهو ميت فدفنوه ( 1 ) .
20 طب : الاشعث بن عبدالله ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 244 .
[174]
عن موسى بن جعفر قال : لما طلب أبوالدوانيق أبا عبدالله عليه السلام وهم بقتله ، فأخذه
صاحب المدينة ووجه به إليه ، وكان أبوالدوانيق استعجله ، واستبطأ قدومه حرصا
منه على قتله ، فلما مثل بين يديه ضحك في وجهه ، ثم رحب به ، وأجلسه عنده و
قال يا ابن رسول الله ، والله لقد وجهت إليك وأنا عازم على قتلك ولقد نظرت فالقي
إلي محبة لك ، فوالله ما أجد أحدا من أهل بيتي أعزمنك ، ولا آثر عندي ، ولكن
يا أبا عبدالله ما كلام يبلغني عنك تهجننا فيه ، وتذكرنا بسوء ؟ فقال : يا أميرالمؤمنين
ما ذكرتك قط بسوء ، فتبسم أيضا وقال : والله أنت أصدق عندي من جميع من
سعى بك إلي هذا مجلسي بين يديك وخاتمي ، فانبسط ولا تخشني في جليل أمرك و
صغيره ، فلست أردك عن شئ ، ثم أمره بالانصراف وحباه وأعطاه ، فأبى أن يقبل
شيئا ، وقال : يا أميرالمؤمنين أنا في غناء وكفاية وخير كثير ، فاذا هممت ببري
فعليك بالمتخلفين من أهل بيتي ، فارفع عنهم القتل ، قال : قد قبلت يا أبا عبدالله ، و
قد أمرت بمائة ألف درهم ، ففرق بينهم فقال : وصلت الرحم يا أميرالمؤمنين ، فلما
خرج من عنده مشى بين يديه مشايخ قريش وشبانهم من كل قبيلة ، ومعه عين أبي
الدوانيق ، فقال له : يا ابن رسول الله لقد نظرت نظرا شافيا حين دخلت على أميرالمؤمنين
فما أنكرت منك شيئا غير أني نظرت إلى شفتيك وقد حركتهما بشئ فما كان ذلك ؟
قال : إني لما نظرت إليه قلت : ( يا من لا يضام ولا يرام ، وبه تواصل الارحام
صل على محمد وآله ، واكفني شره بحولك وقوتك ) والله ما زدت على ما سمعت
قال : فرجع العين إلى أبي الدوانيق فأخبره بقوله ، فقال : والله ما استتم ما قال حتى
ذهب ما كان في صدري من غائلة وشر .
21 شا : روى نقلة الآثار أن المنصور لما أمر الربيع با حضار أبي عبدالله عليه السلام
فأحضره ، فلما بصربه المنصور قال له : قتلني الله إن لم أقتلك ، أتلحد في سلطاني ؟
وتبغيني الغوائل ؟ فقال له أبوعبدالله عليه السلام : والله ما فعلت ولا أردت فان كان بلغك
فمن كاذب ولو كنت فعلت لقد ظلم يوسف فغفر ، وابتلي أيوب فصبر ، واعطي سليمان
[175]
فشكر ، فهؤلاء أنبياء الله ، وإليهم يرجع نسبك .
فقال له المنصور : أجل ارتفع ههنا ، فارتفع ، فقال له : إن فلان بن فلان
أخبرني عنك بما ذكرت فقال : أحضره يا أميرالمؤمنين ليوافقني على ذلك ، فأحضر
الرجل المذكور فقال له المنصور : أنت سمعت ما حكيت عن جعفر ؟ قال : نعم
فقال له أبوعبدالله عليه السلام : فاستحلفه على ذلك .
فقال له المنصور : أتحلف ؟ قال : نعم وابتدأ باليمين فقال له أبوعبدالله عليه السلام :
دعني يا أميرالمؤمنين احلفه أنا ؟ فقال له : افعل فقال أبوعبدالله عليه السلام للساعي :
قل : برئت من حول الله وقوته ، والتجأت إلى حولي وقوتي ، لقد فعل كذا وكذا
جعفر ، فامتنع منها هنيئة ، ثم حلف بها ، فما برح حتى ضرب برجله ، فقال
أبوجعفر : جروا برجله ، فأخر جوه لعنه الله .
قال الربيع : وكنت رأيت جعفر بن محمد عليه السلام حين دخل على المنصور يحرك
شفتيه ، وكلما حركهما سكن غضب المنصور ، حتى أدناه منه ، وقد رضي عنه ، فلما
خرج أبوعبدالله عليه السلام من عند أبي جعفر المنصور اتبعته ، فقلت له : إن هذا
الرجل كان من أشد الناس غضبا عليك ، فلما دخلت عليه وأنت تحرك شفتيك
كلما حركتهما سكن غضبه ، فيأي شئ كنت تحركهما ؟ قال : بدعاء جدي الحسين
ابن علي عليهما السلام ، قلت : جعلت فداك وما هذا الدعاء ؟ قال : ( يا عدني عند شدتي ، و
يا غوثي في كربتي ، احرسني بعينك التي لاتنام ، و ؟ ؟ بركنك الذي لا يرام )
قال الربيع : فحفظت هذا الدعاء ، فما نزلت بي شدة قط إلا دعوت به ففرج
قال : وقلت لجعفر بن محمد عليه السلام : لم منعت الساعي أن يحلف بالله ؟ قال : كرهت
أن يراه الله يوحده ويمجده فيحلم عنه ، ويؤخر عقوبته ، فاستحلفته بما سمعت
فأخذه أخذة رابية ( 1 ) .
بيان : قال البيضاوي ( 2 ) في قوله تعالى ( أخذه رابية ) أي زائدة في الشدة
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 290 .
( 2 ) تفسير البيضاوى ج 4 ص 217 طبع مصر بمطبعة مصطفى محمد .
[176]
زيادة أعما لهم في القبح .
22 قب : موسى بن عبدالله بن حسن بن حسن ، ومعتب ومصادف موليا
الصادق عليه السلام في خبر أنه لما دخل هشام بن الوليد المدينة أتاه بنو العباس وشكوا
من الصادق عليه السلام أنه أخذ تركات ما هر الخصي دوننا ، فخطب أبوعبدالله عليه السلام فكان
مما قال : إن الله تعالى لما بعث رسوله محمدا صلى الله عليه وآله كان أبونا أبوطالب المواسي له
بنفسه ، والناصر له ، وأبوكم العباس وأبولهب يكذبانه ، ويؤلبان عليه ، شياطين الكفر
وأبوكم يبغي له الغوائل ، ويقود القبائل في بدر ، وكان في أول رعيلها ، وصاحب
خيلها ورجلها ، والمطعم يومئذ ، والناصب الحرب له ، ثم قال : فكان أبوكم طليقنا
وعتيقنا ، وأسلم كارها تحت سيوفنا ، لم يهاجر إلى الله ورسوله هجرة قط فقطع الله
ولايته منا بقوله : ( والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لك من ولايتهم من شئ ) ( 1 )
في كلام له ، ثم قال : هذا مولى لنا مات فحزنا تراثه ، إذ كان مولانا ، ولانا ولد
رسول الله صلى الله عليه وآله وامنا فاطمة ، أحرزت ميراثه ( 2 ) .
بيان : ألبت الجيش : أي جمعته ، والتأليب التحريثص ، والرعيل القطعة
من الخيل .
23 قب : أبوبصير قال : كنت مع أبي جعفر عليه السلام في المسجد إذ دخل عليه
أبوالدوانيق ، وداود بن علي ، وسليمان بن مجالد ، حتى قعدوا في جانب المسجد
فقال لهم : هذا أبوجعفر ، فأقبل إليه داود بن علي وسليمان بن مجالد فقال لهما : ما
منع جباركم أن يأتيني ؟ فعذروه عنده فقال عليه السلام : يا داود أما لا تذهب الايام
حتى يليها ويطأ الرجال عقبه ، ويملك شرقها وغربها ، وتدين له الرجل ، وتذل
رقابها ، قال : فلهامدة ؟ قال : نعم والله ليتلقفنها الصبيان منكم كما تتلقف الكرة
فانطلقا فأخبرا أبا جعفر بالذي سمعا من محمد بن علي عليه السلام فبشراه بذلك ، فلما
وليا دعا سليمان بن مجالد فقال : يا سليمان بن مجالد إنهم لا يزالوا في فسحة من
ملكهم مالم يصيبوا دما ، وأومأ بيده إلى صدره ، فاذا أصابوا ذلك الدم ، فبطنها
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الانفال الاية : 72 .
( 2 ) المناقب ج 1 ص 224 .
[177]
خيرلهم من ظهرها ، فجاء أبو الدوانيق إليه وسأله عن مقالهما ، فصدقهما ، الخبر
فكان كما قال ( 1 ) .
24 قب : روى الاعمش ، والربيع وابن سنان ، وعلي بن أبي حمزة ، و
حسين بن أبي العلا ، وأبوالمغرا ، وأبوبصير ، أن داود بن علي بن عبدالله بن العباس
لما قتل المعلى بن خنيس وأخذ ماله ، قال الصادق عليه السلام : قتلت مولاي ، وأخذت
مالي ، أما علمت أن الرجل ينام على الثكل ، ولا ينام على الحرب ؟ أما والله لادعون
الله عليك .
فقال له داود : تهددنا بدعائك ؟ كالمستهزئ بقوله ك فرجع أبوعبدالله عليه السلام
إلى داره فلم ليله كله قائما ، وقاعدا ، فبعث إليه داود خمسة من الحرس
وقال : ائتوني به ، فان أبى فائتوني برأسه ، فدخلوا عليه وهو يصلي فقالوا له :
أجب داود ، قال : فإن لم اجب ؟ قالوا : أمرنا بأمر ، قال : فانصرفوا فانه هو خير
لكم في دنياكم وآخرتك ، فأبوا إلا خروجه ، يديه فوضعهما على منكبيه
ثم بسطهما ، ثم دعا بسبابته فسمعناه يقول : الساعة الساعة ، حتى سمعنا صراخا
عاليا فقال لهم : إن صاحبكم قدمات ، فانصرفوا ! فسئل فقال : بعث إلي ليضرب
عنقي ، فدعوت عليه بالاسم الاعظم ، فبعث الله إليه ملكا بحربة فطعنه في مذاكيره
فقتله .
وفي رواية لبابة بنت عبدالله بن العباس : بات داود تلك الليلة حائرا قد
اغمي عليه ، فقمت أفتقده في الليل ، فوجدته مستلقيا على قفاه وثعبان قد انطوى
على صدره ، وجعل فاه على فيه ، فأدخلت يدي في كمي فتناولته فعطف فاه إلي
فرميت به فانساب في ناحية البيت ، وأنبهت داود فوجدته حائرا قد احمرت
عيناه ، فكرهت أن اخبره بما كان ، وجزعت عليه .
ثم انصرفت فوجدت ذلك الثعبان كذلك ، ففعلت به مثل الذي فعلت المرة
الاولى ، وحركت داود فأصبته ميتا ، فما رفع جعفر رأسه من سجوده حتى
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 324 في احوال الامام الباقر ( ع ) .
[178]
سمع الواعية ( 1 ) .
بيان : الحرب بالتحريك نهب مال الانسان ، وتركه بلا شئ .
25 قب : قال الربيع الحاجب : أخبرت الصادق بقول المنصور : لاقتلنك
ولاقتلن أهلك حتى لا ابقي على الارض منكم قامة سوط ، ولاخرين المدينة
حتى لا أترك فيها جدارا قائما فقال : لاترع من كلامه ، ودعه في طغيانه ، فلما
صار بين السترين سمعت المنصور يقول : أدخلوه إلي سريعا ، فأدخلته عليه فقال :
مرحبا بابن العم النسيب ، وبالسيد القريب ، ثم أخذ بيده ، وأجلسه على سريره
وأقبل عليه ، ثم قال : أتدري لم بعثت إليك ؟ فقال : وأنى لي علم بالغيب ! ؟ فقال :
أرسلت إليك لتفرق هذه الدنانير في أهلك ، وهي عشرة آلاف دينار ، فقال : ولها
غيري فقال : أقسمت عليك يا أبا عبدالله لتفرقها على فقراء أهلك ، ثم عانقه بيده
وأجازه وخلع عليه وقال لي : يا ربيع أصحبه قوما يردونه إلى المدينة قال :
فلما خرج أبوعبدالله عليه السلام قلت له : يا أميرالمؤمنين لقد كنت من أشد الناس عليه
غيظا فما الذي أرضاك عنه ؟ ! قال : يا ربيع لما حضرت الباب رأيت تنينا عظيما
يقرض بأنيابه وهو يقول بألسنة الآدميين : إن أنت أشكت ابن رسول الله لافصلن
لحمك من عظمك ، فأفزعني ذلك ، وفعلت به ما رأيت ( 2 ) .
ايضاح : القرض بالمعجمة والمهملة القطع ، والقبض ، وأشكت أي أدخلت
الشوكة في جسمه ، مبالغة في تعميم أنواع الضرر .
26 قب : في الترغيب والترهيب عن أبي القاسم الاصفهاني والعقد ( 3 ) عن
ابن عبد ربه الاندلسي أن المنصور قال لما رآه : قتلني الله إن لم أقتلك فقال له :
إن سليمان اعطي فشكر ، وإن أيوب ابتلي فصبر ، وإن يوسف ظلم فغفر ، وأنت
على إرث منهم ، وأحق بمى تأسى بهم ، فقال : إلي يا أبا عبدالله ، فأنت القريب
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 357 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 357 .
( 3 ) العقد الفريد ج 3 ص 224 والحديث فيه أوفى مما في الاصل بكثير .
[179]
القرابة ، وذوالرحم الواشجة ، السليم الناحية ، والقليل الغائلة ، ثم صافحه بيمينه
وعانقه بشماله ، وأمرله بكسوة وجائزة .
وفي خبر آخر عن الربيع أنه أجلسه إلى جانبه فقال له : ارفع حوائجك
فأخرج رقاعا لاقوام ، فقال المنصور : ارفع حوائجك في نفسك فقال : لا تدعوني
حتى أجيئك فقال : ما إلى ذلك سبيل ( 1 ) .
بيان : وشجت العروق والاغصان اشتبكت .
27 قب : الحسين بن محمد قال : سخط علي بن هبيرة على رفيد فعاذ
بأبي عبدالله عليه السلام فقال له : انصرف إليه واقرأه مني السلام وقل له : إني أجرت
عليك مولاك رفيدا ، فلا تهجه بسوء ، فقال : جعلت فداك ، شامي خبيث الرأي ! !
فقال : اذهب إليه كما أقول لك ، قال : فاستقبلني أعرابي ببعض البوادي فقال :
أين تذهب ؟ إني أرى وجه مقتول ، ثم قال لي : أخرج يدك ، ففعلت ، فقال :
يد مقتول ثم قال لي : أخرج لسانك ففعلت فقال : امض ، فلا بأس عليك ، فإن
في لسانك رسالة لو أتيت بها الجبال الرواسي لا نقادت لك قال : فجئت فلما دخلت
عليه أمر بقتلي ، فقلت : أيها الامير لم تظفر بي عنوة ، وإنما جئتك من ذات
نفسي ، وههنا أمر أذكره لك ، ثم أنت وشأنك ، فأمر من حضر فخرجوا فقلت له :
مولاك جعفر بن محمد يقرئك السلام ويقول لك : قد أجرت عليك مولاك رفيدا فلا تهجه
بسوء فقال : الله لقد قال لك جعفر هذه المقالة ؟ وأقر أني السلام ؟ فحلفت فرددها
علي ثلاثا ، ثم حل كتافي ثم قال : لا يقنعني منك حتى تفعل بي ما فعلت بك قلت :
ما تكتف يدي يديك ، ولا تطيب نفسي فقال : والله ما يقنعني إلا ذلك ، ففعلت كما
فعل ، وأطلقته ، فناولني خاتمه وقال : أمري في يدك فدبر فيها ما شئت .
التمس محمد بن سعيد من الصادق رقعة إلى محمد بن [ أبي حمزة ] الثمالي في تأخير
خراجه فقال عليه السلام : قل له : سمعت جعفر بن محمد يقول : من أكرم لنا مواليا فبكرامة
الله تعالى بدا ، ومن أهانه فلسخط الله تعرض ، ومن أحسن إلى شيعتنا فقد أحسن
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 358 .
[180]
إلى أميرالمؤمنين ، ومن أحسن إلى أميرالمؤمنين فقد أحسن إلى رسول الله ، ومن
أحسن إلى رسول الله فقد أحسن إلى الله ومن أحسن إلى الله كان والله معنا في
الرفيع الاعلى قال : فأتيته وذكرته فقال : بالله سمعت هذا الحديث من الصادق
عليه السلام ؟ فقلت : نعم فقال : اجلس ثم قال : يا غلام ما على محمد بن سعيد من
الخراج ؟ قال : ستون ألف درهم قال : امح اسمه من الديوان ، وأعطاني بدرة
وجارية وبغلة بسرجها ولجامها ، قال : فأتيت أبا عبدالله فلما نظر إلي تبسم فقال :
يا أبا محمد تحدثني أو احدثك ؟ فقلت : يا ابن رسول الله منك أحسن فحدثني والله
الحديث كأنه حاضر معي ( 1 ) .
محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر : أن المنصور قد كان هم بقتل أبي عبدالله
عليه السلام غير مرة فكان إذا بعث إليه ودعاه ليقتله ، فاذا نظر إليه هابه ولم يقتله
غير أنه منع الناس عنه ، ومنعه من القعود للناس ، واستقصى عليه أشد الاستقصاء
حتى أنه كان يقع لاحدهم مسألة في دينه ، في نكاح أو طلاق أو غير ذلك فلا يكون
علم ذلك عندهم ، ولا يصلون إليه فيعتزل الرجل وأهله ، فشق ذلك على شيعته
وصعب عليهم حتى ألقى الله عزوجل في روع المنصور أن يسأل الصادق عليه السلام
ليتحفه بشئ من عنده ، لا يكون لاحد مثله ، فبعث إليه بمخصرة كانت للنبي صلى الله عليه وآله
طولها ذراع ، ففرح بها فرحا شديدا ، وأمر أن تشق له أربعة أرباع وقسمها في
أربعة مواضع ، ثم قال له : ما جزاؤك عندي إلا أن اطلق لك ، وتفشي علمك
لشيعتك ولا أتعرض لك ، ولا لهم ، فاقعد غير محتشم وأفت الناس ، ولا تكن في بلد
أنا فيه ، ففشى العلم عن الصادق عليه السلام ( 2 ) .
بيان : في القاموس ( 3 ) المخصرة كمكنسة ما يتوكأ عليها ، كالعصا ونحوه
وما يأخذه الملك يشيربه إذا خاطب ، والخطيب إذا خطب .
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 361 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 364 .
( 3 ) القاموس ج 2 ص 20 .
[181]
أقول : روى البرسي في مشارق الانوار ( 1 ) عن أبي بصير قال : قال
أبوعبدالله عليه السلام إن المعلى بن خنيس ينال درجتنا ، وإن المدينة من قابل يليها
داود بن عروة ، ويستدعيه ويأمره أن يكتب له أسماء شيعتنا فيأبى فيقتله ويصلبه
فينا ، وبذلك ينال درجتنا ، فلما ولي داود المدينة من قابل أحضر المعلى وسأله عن
الشيعة فقال : ما أعرفهم فقال : اكتبهم لي وإلا ضربت عنقك فقال : بالقتل تهددني ؟ !
والله لو كانت تحت أقدامي ما رفعتها عنهم ، فأمر بضرب عنقه وصلبه ، فلما دخل عليه
الصادق عليه السلام قال : يا داود قتلت مولاي ووكيلي ، وما كفاك القتل حتى صلبته ، والله
لادعون الله عليك ليقتلك كما قتلته ، فقال له داود : تهددني بدعائك ادع الله لك
فاذ استجاب لك فادعه علي فخرج أبوعبدالله عليه السلام مغضبا فلما جن الليل اغتسل
واستقبل القبلة ثم قال : يا ذا ياذي يا ذوا إرم داود بسهم من سهامك ، تقلقل به قلبه
ثم قال لغلامه : اخرج واسمع الصائح فجاء الخبر أن داود قدهلك ، فخر الامام
ساجدا وقال : إنه لقد دعوت الله عليه بثلاث كلمات لو أقسمت على أهل الارض
لزلزلت بمن عليها .
قال : وروي أن المنصور لما أراد قتل أبي عبدالله استدعى قوما من الاعاجم
لا يفهمون ولا يعقلون ، فخلع عليهم الديباج والوشي ، وحمل إليهم الاموال ، ثم
استدعاهم وكانوا مائة رجل وقال للترجمان : قل لهم : إن لي عدوا يدخل علي
الليلة فاقتلوه إذا دخل ، قال : فأخذوا أسلحتهم ووقفوا متمثلين لامره فاستدعى
جعفرا وأمره أن يدخل وحده ، ثم قال للترجمان : قل لهم : هذا عدوي فقطعوه


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 181 سطر 19 الى ص 189 سطر 18

فلما دخل عليه السلام تعاووا عوى الكلب ، ورموا أسلحتهم ، وكتفوا أيديهم إلى ظهورهم
وخرواله سجدا ومرغوا وجوههم على التراب ، فلما رأى المنصور ذلك خاف على
نفسه وقال : ما جاء بك ؟ قال : أنت ، وما جئتك إلا مغتسلا محنطا ، فقال المنصور :
معاذ الله أن يكون ما تزعم ارجع راشدا فرجع جعفر عليه السلام والقوم على وجوههم
سجدا فقال للترجمان : قل لهم : لم لا قتلتم عدو الملك ؟ فقالوا : نقتل ولينا الذي
* ( هامش ) * ( 1 ) مشارق انوار اليقين ص 111 .
[182]
يلقانا كل يوم ويدبر أمرنا كما يدبر الرجل ولده ، ولا نعرف ولياسواه ؟ فخاف
المنصور من قولهم ، وسرحهم تحت الليل ثم قتله عليه السلام بالسم ( 1 ) .
28 كشف : من كتاب محمد بن طلحة ( 2 ) قال : حدث عبدالله بن الفضل بن
الربيع ، عن أبيه قال : حج المنصور سنة سبع وأربعين ومائة فقدم المدينة وقال
للربيع : ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتينا به متعبا ، قتلني الله إن لم أقتله ، فتغافل
الربيع عنه لينساه ، ثم أعاد ذكره للربيع وقال : ابعث من يأتي به متعبا ، فتغافل
عنه ، ثم أرسل إلى الربيع رسالة قبيحة أغلظ عليه فيها ، وأمره أن يبعث من يحضر
جعفرا ، ففعل ، فلما أتاه قال له الربيع : يا أبا عبدالله اذكر الله فانه قد أرسل
إليك بما لا دافع له غير الله ، فقال جعفر : لاحول ولاقوة إلا بالله . ثم إن الربيع
أعلم المنصور بحضوره ، فلما دخل جعفر عليه أو عده وأغلظ وقال : أي عدو الله
اتخذك أهل العراق إماما ، يبعثون إليك زكاة أموالهم ، وتلحد في سلطاني ، وتبغيه
الغوائل ، قتلني الله إن لم أقتلك ، فقال له : يا أميرالمؤمنين إن سليمان عليه السلام اعطي
فشكر ، وإن أيوب ابتلي فصبر ، وإن يوسف ظلم فغفر ، وأنت من ذلك النسخ ، فلما
سمع المنصور ذلك منه قال له : إلي وعندي أبا عبدالله أنت البرئ الساحة ، السليم
الناحية ، القليل الغائلة ، جزاك الله من ذي رحم ، أفضل ما جزى ذوي الارحام
عن أرحامهم ، ثم تناول يده فأجلسه معه على فرشه ، ثم قال : علي بالطيب ، فاتي
بالغالية فجعل يغلف لحية جعفر عليه السلام بيده ، حتى تركها تقطر ، ثم قال : قم في
حفظ الله وكلاءته ثم قال : يا ربيع الحق أبا عبدالله جائزته ، وكسوته ، انصرف
أبا عبدالله في حفظه وكنفه ، فانصرف . قال الربيع : ولحقته فقلت : إني قد رأيت قبلك
مالم تره ، ورأيت بعدك مالا رأيته ، فما قلت يا أبا عبدالله حين دخلت ؟ قال : قلت :
( اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لايرام ، واغفرلي بقدرتك
علي ولا أهلك وأنت رجآئي ، اللهم أنت أكبر وأجل مما أخاف وأحذر ، اللهم
* ( هامش ) * ( 1 ) مشارق انوار اليقين 112 .
( 2 ) مطالب السؤول ص 82 .
[183]
بك أدفع في نحره ، وأستعيذبك من شره ، ففعل الله بي ما رأيت ( 1 ) .
توضيح : قال الجزري ( 2 ) فيه كنت اغلف لحية رسول الله صلى الله عليه وآله بالغالية أي
ألطخها به واكثر ، والغالية ضرب مركب من الطيب .
29 كشف : من كتاب الدلائل للحميري عن رزام بن مسلم مولى خالد بن
عبدالله القسري قال : إن المنصور قال لحاجبه : إذا دخل علي جعفر بن محمد عليه السلام
فاقتله ، قبل أن يصل إلي ، فدخل أبوعبدالله عليه السلام فجلس ، فأرسل إلى الحاجب
فدعاه ، فنظر إليه وجعفر عليه السلام قاعد ، قال : ثم قال : عد إلى مكانك ، قال : وأقبل
يضرب يده على يده ، فلما قام أبوعبدالله عليه السلام وخرج دعا حاجبه ، فقال : بأي شئ
أمرتك ؟ قال : لا والله ما رأيته حين دخل ، ولاحين خرج ، ولا رأيته إلا وهو قاعد
عندك ( 3 ) .
وعن عبدالله بن أبي ليلى قال : كنت بالربذة مع المنصور وكان قد وجه إلى
أبي عبدالله عليه السلام فاتي به ، وبعث إلي المنصور فدعاني ، فلما انتهيت إلى الباب
سمعته يقول : عجلوا ! علي به ، قتلني إن لم أقتله ، سقى الله الارض من دمي
إن لم أسق الارض من دمه ، فسألت الحاجب من يعني ؟ قال : جعفر بن محمد عليه السلام
فإذا هو قد اتي به مع عدة جلاوزة ، فلما انتهى إلى الباب قبل أن يرفع الستر
رأيته قد تململت شفتاه عند رفع الستر ، فدخل ، فلما نظر إليه المنصور قال : مرحبا
يا ابن عم ، مرحبا يا ابن رسول الله ، فما زال يرفعه حتى أجلسه على وسادته ثم دعا
بالطعام ، فرفعت رأسي وأقبلت أنظر إليه ويلقمه جديا باردا ، وقضى حوائجه ، وأمره
بالانصراف ، فلما خرج قلت له : قد عرفت موالاتي لك وما قد ابتليت به في دخولي
عليهم ، وقد سمعت كلام الرجل وما كان يقول ، فلما صرت إلى الباب رأيتك قد
تململت شفتاك وما أشك أنه شئ ق ته ، ورأيت ما صنع بك ، فإن رأيت أن تعلمني
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 2 ص 374 .
( 2 ) النهاية ج 3 ص 169 وليس الموجود فيها مطابقا لما نقله المجلسى عنه فلا حظ .
( 3 ) كشف الغمة ج 2 ص 421 .
[184]
ذلك فأقوله إذا دخلت عليه ، قال : نعم ، قلت : ( ما شاء الله ما شاء الله ، لا يأتي
بالخير إلا الله ما شاء الله ، ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ما شاء الله ما شاء الله كل
نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله ) ( 1 ) .
وقال الآبي : قال للصادق عليه السلام أبوجعفر المنصور : إني قد عزمت على أن
اخرب المدينة ولا أدع بها نافخ ضرمة ، فقال : يا أميرالمؤمنين لا أجد بدا من النصاحة
لك فاقبلها إن شئت أولا ، قال : قل ، قال : إنه قد مضى لك ثلاثة أسلاف أيوب
ابتلي فصبر ، وسليمان اعطي فشكر ويوسف قدر فغفر ، فاقتد بأيهم شئت قال : قد
عفوت ( 2 ) .
وقال : وقف أهل مكة وأهل المدينة بباب المنصور ، فأذن الربيع لاهل مكة
قبل أهل المدينة فقال جعفر عليه السلام : أتأذن لاهل مكة قبل أهل المدينة ؟ فقال الربيع :
مكة العش فقال جعفر عليه السلام : عش والله طار خياره وبقي شراره ( 3 ) .
وقيل له : إن أبا جعفر المنصور لا يلبس منذ صارت الخلافة إليه إلا الخشن
ولا يأكل إلا الجشب فقال : يا ويحه مع ما قد مكن الله له من السلطان وجبي إليه
من الاموال ، فقيل : إنما يفعل ذلك بخلا وجمعا للاموال ، فقال : الحمدلله
الذي حرمه من دنياه ماله ترك دينه ( 4 ) .
وقال ابن حمدون : كتب المنصور إلى جعفر بن محمد عليهما السلام : لم لا تغشانا كما
يغشانا سائر الناس ؟ فأجابه : ليس لنا ما نخافك من أجله ، ولا عندك من أمر الآخرة
ما نرجوك له ، ولا أنت في نعمة فنهنئك ، ولا تراها نقمة فنعزيك بها ، فما نصنع
عندك ! ؟ قال : فكتب إليه : تصحبنا لتنصحنا فأجابه : من أراد الدنيا لا ينصحك ومن
أراد الآخرة لا يصحبك ، فقال المنصور : والله لقد ميز عندي منازل الناس ، من
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 2 ص 428 .
( 2 ) نفس المصدر ج 2 439 .
( 3 ) نفس المصدر ج 2 ص 439 .
( 4 ) نفس المصدر ج 2 ص 440 .
[185]
يريد الدنيا ممن يريد الآخرة ، وإنه ممن يريد الآخرة لا الدنيا ( 1 ) .
30 كش : صدقة بن حماد ، عن سهل ، عن موسى بن سلام ، عن الحكم
ابن مسكين ، عن عيص بن القاسم ، قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام مع خالي
سليمان بن خالد فقال لخالي : من هذا الفتى ؟ قال : هذا ابن اختي قال : فيعرف
أمركم ؟ فقال له : نعم ، فقال : الحمدلله الذي لم يجعله شيطانا ، ثم قال : يا ليثني
وإياكم بالطائف ، احدثكم وتؤنسوني ، وأضمن لهم أن لا نخرج عليهم أبدا ( 2 ) .
31 كش : علي بن الحكم ، عن منصور بن يونس ، عن عنبسة قال : سمعت
أبا عبدالله عليه السلام يقول : أشكوا إلى الله وحدتي ، وتقلقلي من أهل المدينة ، حتى
تقدموا وأراكم وأسربكم ، فليت هذه الطاغية أذن لي فاتخذت قصرا فسكنته ، و
أسكنتكم معي ، وأضمن له أن لا يجئ من ناحيتنا مكروه أبدا ( 3 ) .
32 كا : محمد ين يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم مثله ( 4 ) .
33 تم : ذكر الكراجكي في كتاب كنز الفوائد قال : جاء في الحديث أن
أبا جعفر المنصور خرج في يوم جمعة متوكئا على يد الصادق جعفر بن محمد عليه السلام فقال
رجل يقال له رزام مولى خالدبن عبدالله : من هذا الذي بلغ من خطره ما يعتمد
أميرالمؤمنين على يده ؟ فقيل له : هذا أبوعبدالله جعفر بن محمد الصادق صلى الله عليه
فقال : إني والله ما علمت لوددت أن خد أبي جعفر نعل لجعفر ، ثم قام فوقف بين
يدي المنصور ، فقال له : أسأل يا أميرالمؤمنين ؟ فقال له المنصور : سل هذا فقال : إني
اريدك بالسؤال ، فقال له المنصور : سل هذا فالتفت رزام إلى الامام جعفر بن محمد
عليه السلام فقال له : أخبرني عن الصلاة وحدودها ، فقال له الصادق عليه السلام : للصلاة
أربعة آلاف حد لست تؤاخذ بها ، فقال : أخبرني بما لا يحل تركه ، ولا تتم
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 2 ص 448 .
( 2 ) معرفة أخبار الرجال للكشى 231 .
( 3 ) نفس المصدر ص 233 .
( 4 ) الكافى ج 8 ص 215 وفيه ( فاتخذ قصرا بال ؟ ؟ ئف ) .
[186]
الصلاة إلا به فقال أبو عبدالله عليه السلام : لا تتم الصلاة إلا لذي طهر سابغ ، وتمام
بالغ ، غير نازغ ، ولا زائغ ، عرف فوقف ، وأخبت فثبت فهو واقف بين اليأس والطمع
والصبر والجزع ، كأن الوعدله صنع ، والوعيد به وقع ، بذل عرضه ، وتمثل
غرضه ، وبذل في الله المهجة ، وتنكب إليه غير المحجة مرتغم بارتغام ، يقطع علائق
الاهتمام بعين من له قصد ، وإليه وفد ، ومنه استرفد ، فاذا أتى بذلك كانت هي الصلاة
التي بها امر ، وعنها اخبر ، وإنها هي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر .
فالتفت المنصور إلى أبي عبدالله عليه السلام فقال له : يا أبا عبدالله لا نزال من بحرك نغترف
وإليك نزدلف ، تبصر من العمى ، وتجلوا بنورك الطخياء ، فنحن نعوم في سبحات
قدسك وطامي بحرك ( 1 ) .
بيان : النزع : الطعن ، والاغتياب ، والافساد ، والوسوسة ، والزيغ : الميل
والطخياء : الظلمة ، وطمى الماء علا .
34 نبه : قيل للمنصور : في حبسك محمد بن مروان فلو أمرت باحضاره وسألته
عماجرى بينه وبين ملك النوبة ( 2 ) فقال : صرت إلى جزيرة النوبة في آخر أمرنا
فأمرت بالمضارب فضربت ، فخرج النوب يتعجبون ، وأقبل ملكهم ، رجل طويل
أصلع حاف عليه كسآء ، فسلم وجلس على الارض فقلت : مالك لا تقعد على البساط
قال : أنا ملك ، وحق لمن رفعه الله أن يتواضع له إذا رفعه ، ثم قال : ما بالكم
تطأون الزرع بدوابكم ، والفساد محرم عليكم في كتابكم ؟ ! فقلت : عبيدنا فعلوه
بجهلهم ، قال : فما بالكم تشربون الخمر وهي محرمة عليكم في دينكم ؟ قلت :
أشياعنا فعلوه بجهلهم .
* ( هامش ) * ( 1 ) فلاح السائل ص 23 .
( 2 ) النوبة : بالضم ، ثم السكون ، وباء موحدة ، وهى بلاد واسعة عريضة في جنوبى
مصر ، حدودها القطر المصرى والبحر الاحمر وصحراء ليبيا وبلاد الخرطوم ، فيها يجرى
النيل من قرب أسوان إلى ملتقى النيل الابيض بالازرق ، يتكلم سكانها بالعربية والنوبية
وهم نصارى أهل شدة في العيش . ( مراصد الاطلاع المنجد ) .
[187]
قال : فما بالكم تلبسون الديباج ، وتتحلون بالذهب وهي محرمة عليكم
على لسان نبيكم ؟ قلت : فعل ذلك أعاجم من خدمنا ، كرهنا الخلاف عليهم ، فجعل
ينظر في وجهي ، ويكرر معاذيري على وجه الاستهزاء ، ثم قال : ليس كما تقول
يا ابن مروان ، ولكنكم قوم ملكنم فظلمتم ، وتركتم ما امرتم ، فأذا قكم الله وبال
أمركم ، ولله فيكم نقم لم تبلغ ، وإني أخشى أن ينزل بك وأنت في أرضى فيصيبني
معك ، فارتحل عني .
35 غو : قال الصادق عليه السلام : طلب المنصور علماء المدينة ، فلما وصلنا
إليه خرج إلينا الربيع الحاجب فقال : ليدخل على أميرالمؤمنين منكم اثنان
فدخلت أنا وعبدالله بن الحسن ، فلما جلسنا عنده ، قال : أنت الذي تعلم الغيب ؟
فقلت : لا يعلم الغيب إلا الله فقال : أنت الذي يجبى إليك الخراج ؟ فقلت : بل
الخراج يجبى إليك ، فقال : أتدري لم دعوتكم ؟ فقلت : لا فقال : إنما دعوتكم
لاخرب رباعكم ، وأو غر قلوبكم ، وأنزلكم بالسراة ، فلا أدع أحدا من أهل الشام
والحجاز يأتون إليكم فانهم لكم مفسدة .
فقلت : إن أيوب ابتلي فصبر ، وإن يوسف ظلم فغفر ، وإن سليمان اعطي
فشكر ، وأنت من نسل اولئك القوم ، فسري عنه .
ثم قال : حدثني الحديث الذي حدثتني به منذ أوقات عن رسول الله صلى الله عليه وآله
قلت : حدثني أبي عن جدي عن رسول الله أنه قال : الرحم حبل ممدود من الارض
إلى السماء ، يقول : من قطعني قطعه الله ، ومن وصلني وصله الله فقال : لست أعني
هذا فقلت : حدثني أبي عن جدي عن رسول الله قال الله تعالى : أنا الرحمن
خلقت الرحم وشققت لها اسما من أسمائي ، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته
قال : لست أعني ذلك ، فقلت : جدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال :
إن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان قد بقي من عمره ثلاث سنين ، ووصل رحمه
فجعلها الله ثلاثين سنة ، وإن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان قد بقي من عمره
ثلاثون سنة فقطع رحمه فجعله الله ثلاث سنين ، فقال : هذا الذي قصدت والله لاصلن
[188]
اليوم رحمي ، ثم سرحنا إلى أهلنا سراحا جميلا .
بيان : الوغر : الحقد ، والضغن ، والعداوة ، والتوقد من الغيظ ، وأو غر صدره
أدخلها فيه ، وسراة الطريق : ظهره ، ومعظمه ، أي أجعلكم فقراء تجلسون على
الطرق للسؤال ، وسري عنه على بناء التفعيل مجهولا أي كشف عنه الحزن والغضب .
36 مهج : روينا باسنادنا إلى الشيخ أبي محمد هارون موسى التلعكبري
رضي الله عنه عن محمد بن علي الصيرفي ، عن ابن أبي نجران ، عن ياسر مولى الربيع
قال : سمعت الربيع يقول : لما حج المنصور ، وصار بالمدينة سهر ليلة فدعاني
فقال : يا ربيع انطلق في وقتك هذا على أخفض جناح وألين مسير ، فان استطعت
أن تكون وحدك فافعل ، حتى تأتي أبا عبدالله جعفر بن محمد فقل له : هذا ابن
عمك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن الدار وإن نأت ، والحال وإن اختلفت
فانا نرجع إلى رحم ، أمس من يمين بشمال ، ونعل بقبال ، وهو يسألك المصير
إليه في وقتك هذا فان سمح بالمسير معك فأوطه خدك وإن امتنع بعذر أو غيره فاردد
الامر إليه في ذلك فإن أمرك بالمصير إليه في تأن فيسر ولا تعسر واقبل العفو ، ولا
تعتف في قول ولا فعل .
قال الربيع : فصرت إلى بابه فوجدته في دار خلوته ، فدخلت عليه من غير
استيذان ، فوجدته معفرا خديه ، مبتهلا بظهر يديه قد أثر التراب في وجهه وخديه
فأكبرت أن أقول شيئا حتى فرغ من صلاته ودعائه ، ثم انصرف بوجهه فقلت :
السلام عليك يا أبا عبدالله فقال : وعليك السلام يا أخي ما جاء بك ؟ فقلت : ابن
عمك يقرأ عليك السلام ، ويقول حتى بلغت إلى آخر الكلام فقال : ويحك يا
ربيع ! ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ول
يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم ) ( 1 ) ويحك
يا ربيع ( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى
أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون أفأمنوا مكرالله فلا يأمن مكرالله إلا القوم
* ( هامش ) * ( 1 ) سوره الحديد الاية : 16 .
[189]
الخاسرون ) ( 1 ) قرأت على أميرالمؤمنين السلام ورحمة الله وبركاته ، ثم أقبل على
صلاته وانصرف إلى توجهه .
فقلت : هل بعد السلام من مستعتب عليه ؟ أو إجابة ؟ فقال : نعم قل له :
( أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى أعنده علم الغيب فهويرى أم لم ينبأ بما في
صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ألا تزر وازرة وزراخرى وأن ليس للانسان إلا
ما سعى وأن تسعيه سوف يرى ) ( 2 ) إنا والله يا أميرالمؤمنين قد خفناك ، وخافت
لخوفنا النسوة اللاتي أنت أعلم بهن ، ولا بدلنا من الايضاح به ، فان كففت وإلا
أجرينا اسمك على الله عزوجل في كل يوم خمس مرات ، وأنت حدثتنا عن أبيك
عن جدك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : أربع دعوات لا يحجبن عن الله تعالى : دعاء
الوالد لولده ، والاخ بظهر الغيب لاخيه ، والمظلوم ، والمخلص .
قال الربيع : فما استتم الكلام حتى أتت رسل المنصور تقفو أثري ، وتعلم
خبري ، فرجعت وأخبرته بما كان فبكى ، ثم قال : ارجع إليه وقل له : الامر
في لقائك إليك ، والجلوس عنا ، وأما النسوة اللاتي ذكرتهن فعليهن السلام
فقد آمن الله روعهن ، وجهلاهمهن ، قال : فرجعت إليه فأخبرته بما قال المنصور
فقال : قل له : وصلت رحما ، وجزيت خيرا ، ثم اغرو رقت عيناه حتى قطره من
الدمع في حجره قطرات ، ثم قال : يا ربيع إن هذه الدنيا وإن أمتعت ببهجتها
وغرت بزبرجها فان آخرها لا يعدو أن يكون كآخر الربيع الذي يروق بخضرته .
ثم يهيج عند انتهاء مدته ، وعلى من نصح لنفسه وعرف حق ما عليه وله أن


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 189 سطر 19 الى ص 197 سطر 18

ينظر إليها نظر من عقل عن ربه جل وعلا ، وحذر سوء منقلبه ، فان هذه الدنيا
قد خدعت قوما فارقوها أسرع ما كانوا إليها وأكثر ما كانوا اغتبا طابها ، طرقتهم آجالهم
بياتاوهم نائمون أو ضحى وهم يلعبون ، فكيف اخرجوا عنها ، وإلى ما صار وابعدها
أعقبتهم الالم ، وأورثتهم الندم ، وجرعتهم مر المذاق ، وغصصتهم بكأس الفراق
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الاعراف الاية : 97 99 .
( 2 ) سورة النجم الاية : 33 40 .
[190]
فياويح من رضي عنها ، وأقر عينا بها ، أما رأى مصرع آبائه ، ومن سلف من أعدائه
وأوليائه ، يا ربيع أطول بها حيرة وأقبح بها كثرة ، وأخسربها صفقة ، وأكبربها
ترحة ، إذا عاين المغروربها أجلة ، وقطع بالاماني أمله ، وليعمل على أنه اعطي
أطول الاعمار وأمدها ، وبلغ فيها جميع الآمال ، هل قصاراه إلا الهرم ؟ أو غايته
إلا الوخم ؟ نسأل الله لنا ولك عملا صالحا بطاعته ، ومآبا إلى رحمته ، ونزوعا
عن معصيته ، وبصيرة في حقه ، فانما ذلك له وبه ، فقلت : يا أبا عبدالله أسألك بكل
حق بينك وبين الله جل وعلا إلا عرفتني ما ابتهلت به إلى ربك تعالى ، وجعلته
حاجزا بينك وبين حذرك وخوفك ، لعل الله يجبر بدوائك كسيرا ، ويغني به فقيرا
والله ما أعني غير نفسي قال الربيع : فرفع يده وأقبل على مسجده كارها أن يتلو
الدعاء صحفا ( 1 ) ولا يحضر ذلك بنية فقال : اللهم إني أسألك يا مدرك الهاربين
إلى آخر ما سيأتي في كتاب الدعاء ( 2 ) .
بيان : قبال النعل ككتاب زمام بين الاصبع الوسطى والتي تليها ، والزبرج
بالكسر الزينة ، وراقه أعجبه ، وهاج النبت يبس ، والترح محركة اللهم قوله عليه السلام
وقطع بالاماني أمله ينبغي أن يقرأ على بناء المجهول أي قطع أمله مع الاماني
التي كان يأمل حصولها ، ويقال : طعام وخيم أي غير موافق .
37 ق ، مهج : الحسن بن محمد النوفلي ، عن الربيع صاحب المنصور قال :
حججت مع أبي جعفر المنصور فلما كان في بعض الطريق قال لي المنصور : يا ربيع
إذا نزلت المدينة فاذكر لي جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي فوالله العظيم
لا يقتله أحد غيري احذر تدع أن تذكرني به ، قال : فلما صرنا إلى المدينة أنساني
الله عزوجل ذكره قال : فلما صرنا إلى مكة قال لي : يا ربيع ألم آمرك أن
تذكرني بجعفر بن محمد إذا دخلنا المدينة ؟ قال : فقلت : نسيت ذلك يا مولاي يا
أميرالمؤمنين قال : فقال لي : إذا رجعت إلى المدينة فاذكرني به ، فلابد من قتله
* ( هامش ) * ( 1 ) الصحفى محركة من يخطئ في قراءة الصحيفة والمراد ان يتلو الدعاء غلطا .
( 2 ) مهج الدعوات ص 175 وفيه ( الاتضاح ) بدل ( الايضاح ) .
[191]
فإن لم تفعل لاضربن عنقك فقلت : نعم يا أميرالمؤمنين ثم قلت لغلماني وأصحابي :
اذكروني بجعفر بن محمد إذا دخلنا المدينة إن شاء الله تعالى فلم يزل غلماني وأصحابي
يذكروني به في كل وقت ومنزل ندخله وننزل فيه حتى قدمنا المدينة فلما نزلنا
بها دخلت إلى المنصور فوقفت بين يديه وقلت له : يا أميرالمؤمنين جعفر بن محمد !
قال : فضحك وقال لي : نعم اذهب يا ربيع فائتني به ولا تأتني به إلا مسحوبا قال :
فقلت له : يا مولاي يا أميرالمؤمنين حبا وكرامة ، وأنا أفعل ذلك طاعة لامرك
قال : ثم نهضت وأنا في حال عظيم من ارتكابي ذلك قال : فأتيت الامام الصادق
جعفر بن محمد عليهما السلام وهو جالس في وسط داره فقلت له : جعلت فداك إن أميرالمؤمنين
يدعوك إليه فقال لي : السمع والطاعة ، ثم نهض وهو معي يمشي قال : فقلت له :
يا ابن رسول الله إنه أمرني أن لا آتيه بك إلا مسحوبا قال : فقال الصادق : امتثل
يا ربيع ما أمرك به ، قال : فأخذت بطرف كمه أسوقه إليه ، فلما أدخلته إليه
رأيته وهو جالس على سريره ، وفي يده عمود حديد يريد أن يقتله به ، ونظرت إلى
جعفر عليه السلام وهو يحرك شفتيه ، فلم أشك أنه قاتله ، ولم أفهم الكلام الذي كان
جعفر يحرك شفتيه به ، فوقفت أنظر إليهما .
قال الربيع : فلما قرب منه جعفر بن محمد قال له المنصور : ادن مني يا ابن
عمي ، وتهلل وجهه ، وقربه منه ، حتى أجلسه معه على السرير ، ثم قال : يا غلام
ائتني بالحقة ( 1 ) فأتاه بالحقة فإذا فيها قدح الغالية ( 2 ) فغلفه منها بيده ، ثم
حمله على بغلة ، وأمرله ببدرة وخلعة ، ثم أمره بالانصراف قال : فلما نهض من
عنده ، خرجت بين يديه حتى وصل إلى منزله فقلت له : بأبي أنت وامي ى ابن رسول
الله إني لم أشك فيه ساعة تدخل عليه يقتلك ، ورأيتك تحرك شفتيك في وقت
دخولك ، فما قلت ؟ قال لي : نعم يار بيع اعلم أني قلت ( حسبي الرب من المربوبين )
الدعاء ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الحقة : الوعاء الصغير .
( 2 ) الغالية : أخلاط من الطيب جمع غوال .
( 3 ) مهج الدعوات ص 186 .
[192]
38 مهج : باسنادنا إلى الصفار في كتاب فضل الدعاء عن إبراهيم بن جبلة
عن مخرمة الكندي قال : لما نزل أبوجعفر المنصور الربذة وجعفر بن محمد يومئذ
بها قال : من يعذرني من جعفر هذا ، قدم رجلا وأخر اخرى يقول : أتنحى عن
محمد أقول : يعني محمد بن عبدالله بن الحسن فان يظفر فإنما الامر لي ، وإن تكن
الاخرى فكنت قد أحرزت نفسي ، أما والله لاقتلنه ، ثم التفت إلى إبراهيم بن
جبلة ، قال يا ابن جبلة قم إليه ، فضع في عنقه ثيابه ، ثم أئتني به سحبا .
قال إبراهيم : فخرجت حتى أتيت منزله ، فلم اصبه فطلبته في مسجد
أبي ذر فوجدته في باب المسجد قال : فاستحييت أن أفعل ما امرت به ، فأخذت
بكمه فقلت له : أجب أميرالمؤمنين فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، دعني حتى
اصلي ركعتين ، ثم بكى بكاءا شديدا وأنا خلفه ثم قال : اللهم أنت ثقتي . الدعاء
ثم قال : اصنع ما امرت به فقلت : والله لا أفعل ولو ظننت أني اقتل ، فأخذت
بيده فذهبت به ، لا والله ما أشك إلا أنه يقتله قال : فلما انتهيت إلى باب الستر
قال : يا إليه جبرئيل الدعاء .
ثم قال إبراهيم : فلما أدخلته عليه قال : فاستوى جالسا ثم أعاد عليه
الكلام فقال : قدمت رجلا وأخرت اخرى ، أما والله لاقتلنك فقال : يا أميرالمؤمنين
ما فعلت فارفق بي ، فوالله لقل ما أصحبك ، فقال له أبوجعفر : انصرف ، ثم التفت
إلى عيسى بن علي فقال له : يا أبا العباس الحقه فسله أبي ؟ أم به ؟ فخرج يشتد
حتى لحقه .
فقال : يا أبا عبدالله إن أميرالمؤمنين يقول لك : أبك ؟ أم به ؟ فقال : لابل بي
فقال أبوجعفر : صدق ، قال إبراهيم : ثم خرجت فوجدته قاعدا ينتظرني يتشكر لي
صنعي به ، وإذا به يحمدالله ، وذكر الدعاء ( 1 ) .
بيان : ( قدم رجلا وأحرا خزى ) أي وافق محمد بن عبدالله في بعض الامر
وحثه على الخروج ، وتنحى عنه ظاهرا ، أو حرف الناس عن ناحيتنا ، ولم يوافقه
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 188 .
[193]
في الخروج ( يقول ) أي الصادق عليه السلام أتنحى عن محمد بن عبدالله بن الحسن فإن
يظفر محمد فالامر لي لكثرة شيعتي ، وعلم الناس بأني أعلم وأصلح لذلك ، وإن انهزم
وقتل فقد نجيت نفسي من القتل .
ويحتمل أن يكون قدم رجلا وأخر اخرى بمعناه المعروف أي تفكر و
تردد حتى عزم على ذلك ، لكنه بعيد عن السياق ، وقوله ( أقول يعني ) كلام السيد
رحمه الله .
39 مهج : محمد بن أبي القاسم الطبري ، عن محمد بن أحمد بن شهريار ، عن
محمد بن محمد بن عبدالعزيز العكبري ، عن محمد بن عمر بن القطان ، عن عبدالله بن
خلف ، عن محمد بن إبراهيم الهمداني ، عن الحسن بن علي البصري ، عن الهيثم
ابن عبدالله الرماني ، والعباس بن عبدالعظيم العنبري ، عن الفضل بن الربيع عن أبيه
قال : بعث المنصور إبراهيم بن جبلة ليشخص جعفر بن محمد عليه السلام فحدثني
إبراهيم أنه لما أخبره برسالة المنصور سمعه يقول : اللهم أنت ثقتي ، الدعاء .
قال الربيع : فلما وافى إلى حضرة المنصور ، دخلت فأخبرته بقدوم جعفر بن محمد
وإبراهيم ، فدعا المسيب بن زهير الضبي فدفع إليه سيفا وقال له : إذا دخل جعفر
ابن محمد فخاطبته وأومأت إليك فاضرب عنقه ، ولا تستأمر ، فخرجت إليه وكان
صديقا لي الاقيه واعاشره إذا حججت فقلت : يا ابن رسول الله إن هذا الجبار قد
أمر فيك بأمر كرهت أن ألقاك به ، وإن كان في نفسك شئ تقوله أو توصيني به فقال :
لا يروعك ذلك فلو قدر آني لزال ذلك كله ثم أخذ بمجامع الستر فقال : يا إله
جبرئيل ، الدعاء .
ثم دخل فحرك شفتيه بشئ لم أفهمه ، فنظرت إلى المنصور ، فما شبهته
إلا بنار صب عليها مآء ، فخمدت ، ثم جعل يسكن غضبه ، حتى دنا منه جعفر
ابن محمد عليه السلام وصار مع سريره فوثب المنصور فأخذ بيده ، ورفعه على سريره ، ثم
قال له : يا أبا عبدالله يعز علي تعبك وإنما أحضرتك لاشكو إليك أهلك ، قطعوا
رحمي ، وطعنوا دي ديني ، وألبوا الناس علي ، ولو ولي هذا الامر غيري ممن هو
[194]
أبعد رحما مني ، لسمعوا له وأطاعوا .
فقال له جعفر عليه السلام : يا أميرالمؤمنين فأين يعدل بك عن سلفك الصالح ، إن
أيوب عليه السلام ابتلي فصبر ، وإن يوسف ظلم فغفر ، وإن سليمان اعطي فشكر فقال
المنصور : ثقد صبرت وغفرت وشكرت ثم قال : يا أبا عبدالله حدثنا حديثا كنت
سمعته منك في صلة الارحام قال : نعم حدثني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قال : البر وصلة الارحام عمارة الدنيا ، وزيادة الاعمار ، قال : ليس هذا هو ، قال :
نعم حدثني أبي عن جدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من أحب أن ينسى في
أجله ، ويعافى في بدنه فليصل رحمه قال : ليس هذا هو قال : نعم حدثني أبي عن
جدي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : رأيت رحما متعلقا بالعرش يشكو إلى الله تعالى
عزوجل قاطعها فقلت : يا جبرئيل كم بينهم ؟ فقال : سبعة آباء ، فقال : ليس
هذا هو قال : نعم حدثني أبي عن جدي . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : احتضر
رجل بارفي جواره رجل عاق قال الله عزوجل لملك الموت : يا ملك الموت كم
بقي من أجل العاق ؟ قال : ثلاثون سنة قال : حولها إلى هذا البار .
فقال المنصور : يا غلام ائتني بالغالية فأتاه بها فجعل يغلفه بيده ، ثم دفع
إليه أربعة آلاف ، ودعا بدابته فأتاه بها ، فجعل يقول : قدم قدم إلى أن أتى بها
إلى عند سريره ، فركب جعفر بن محمد عليه السلام وعدوت بين يديه فسمعته يقول : الحمد
لله ، الدعاء ، فقلت له : يا ابن رسول الله إن هذا الجبار يعرضني على السيف كل
قليل ، وقد دعا المسيب بن زهير ، فدع إليه سيفا وأمره أن يضرب عنقك ، وإني
رأيتك تحرك شفتيك حين دخلت بشئ لم أفهمه عنك فقال : ليس هذا موضعه ، فرحت
إليه عشيا فعلمني الدعاء ( 1 ) .
بيان : يعرضني على السيف كل قليل : أي يأمرني بالقتل في كل زمان
قليل ، أو لكل أمر قليل ، أو يأمر بقتلي كذلك ، والغرض بيان كونه سفا كا لا
يبالي بالقتل .
* ( هامش ) * ( 1 ) مهج الدعوات ص 192 .
[195]
40 مهج : من كتاب عتيق به حدثنا محمد بن أحمد بن عبدالله بن صفوة ، عن
محمد بن العباس العاصمي ، عن الحسن بن علي يقطين ، عن أبيه ، عن محمد بن الربيع
الحاجب قال : قعد المنصور يوما في قصرة في القبة الخضراء وكانت قبل قتل محمدو
إبراهيم تدعى الحمراء ، وكان له يوم يقعد فيه يسمى ذلك اليوم الذبح ، وكان
أشخص جعفربن محمد عليه السلام من المدينة ، فلم يزل في الحمراء نهاره كله ، حتى جاء
الليل ، ومضى أكثره ، قال : ثم دعا أبي الربيع فقال له : يا ربيع إنك تعرف
موضعك مني ، وإني يكون لي الخبر ولا تظهر عليه امهات الاولاد ، وتكون أنت
المعالج له .
فقال : قلت : يا أميرالمؤمنين ذلك من فضل الله علي وفضل أميرالمؤمنين ، و
ما فوقي في النصح غاية قال : كذلك أنت ، سر الساعة إلى جعفر محمد بن فاطمة
فائتني على الحال الذي تجده عليه ، لا تغير شيئا مما هو عليه ، فقلت : إنا لله وإنا
إليه راجعون ، هذا والله هو العطب ، إن أتيت به علي ما أراه من غضبه قتله ، وذهبت
الآخرة ، وإن لم آت به واد هنت في أمره قتلني ، وقتل نسلي ، وأخذه أموالي
فخيرت بين الدنيا والآخرة ، فمالت نفسي إلى الدنيا .
قال محمد بن الربيع : فدعاني أبي وكنت أفظ ( 1 ) ولده وأغلظهم قلبا ، فقال
لي : امض إلى جعفر بن محمد بن علي ، فتسلق على حائطه ، ولا تستفتح عليه بابا ، فيغير
بعض ما هو عليه ، ولكن انزل عليه نزولا ، فأت به على الحال التي هو فيها ، قال :
فأتيته وقد ذهب الليل إلى أقله ، فأمرت بنصب السلاليم ( 2 ) وتسلقت عليه الحائط
فنزلت عليه داره ، فوجدته قائما يصلي ، وعليه قميص ، ومنديل قد ائتزربه ، فلما
سلم من صلاته قلت له : أجب أميرالمؤمنين فقال : دعني ، أدعو وألبس ثيابي فقلت له :
ليس إلى تركك وذلك سبيل ، قال : وأدخل المغتسل فأتطهر قال : قلت : وليس
* ( هامش ) * ( 1 ) الفظ : الغليظ السيئ الخلق الخشن الكلام جمع أفظاظ .
( 2 ) السلاليم : جمع سلم وهى ما يرتقى عليه ، سواء كان من خشب أو حجر أو مدر
يذكر ويؤنث .
[196]
إلى ذلك سبيل فلا تشغل نفسك ، فإني لا أدعك تغير شيئا ، قال : فأخرجته حافيا
حاسرا في قميصه ومنديله ، وكان قد جاوز عليه السلام السبعين .
فلما مضى بعض الطريق ، ضعف الشيخ فرحمته فقلت له : اركب ، فركب
بغل شاكري ( 1 ) كان معنا ، ثم صرنا إلى الربيع فسمعته وهو يقول له : ويلك يا
ربيع قد أبطأ الرجل ، وجعل يستحثه استحثاثا شديدا ، فلما أن وقعت عين
الربيع على جعفر بن محمد وهو بتلك الحال بكى .
وكان الربيع يتشيع فقال له جعفر عليه السلام يا ربيع أنا أعلم ميلك إلينا ، فدعني
اصلي ركعتين وأدعو قال : شأنك وما تشاء ، فصلى ركعتين خففهما ثم دعا بعدهما
بدعاء لم أفهمه ، إلا أنه دعاء طويل ، والمنصور في ذلك كله يستحث الربيع ، فلما
فرغ من دعائه على طوله ، أخذ الربيع بذراعيه فأدخله على المنصور . فلما صار
في صحن الايوان ، وقف ثم حرك شفتيه بشئ ، لم أدر ما هو ، ثم أدخلته فوقف بين
يديه ، فلما نظر إليه قال : وأنت يا جعفر ما تدع حسدك وبغيك ، وإفسادك على
أهل هذا البيت من بني العباس ، وما يزيدك الله بذلك إلا شدة حسد ونكد ، ما
تبلغ به ما تقدره .
فقال له : والله يا أميرالمؤمنين ما فعلت شيئا من هذا ولقد كنت في ولاية
بني امية ، وأنت تعلم أنهم أعدى الخلق لنا ولكم ، وأنهم لاحق لهم في هذا الامر
فوالله ما بغيت عليهم ، ولا بلغهم عني سوء ، مع جفاهم الذي كان بي ، وكيف يا
أميرالمؤمنين أصنع الآن هذا ؟ وأنت ابن عمي وأمس الخلق بي رحما ، وأكثرهم
عطاء وبرا ، فكيف أفعل هذا ؟ ! فأطرق المنصور ساعة ، وكان على لبد ( 2 ) وعن يساره
مرفقة جر مقانية ، وتحت لبده سيف ذوفقار ، كان لا يفارقه إذا قعد في القبة قال :
أبطلت وأثمت ، ثم رفع ثني الوسادة فأخرج منها إضبارة كتب ، فرمى بها إليه
وقال : هذه كتبك إلى أهل خراسان تدعوهم إلى نقض بيعتي ، وأن يبايعوك دوني
* ( هامش ) * ( 1 ) الشاكرى : الاجير والمستخدم جمع شاكرية ، والكلمة من الدخيل .
( 2 ) اللبد : الصوف المتلبد .
[197]
فقال : والله يا أميرالمؤمنين ما فعلت ، ولا أستحل ذلك ، ولا هو من مذهبي ، وإني
لمن يعتقد طاعتك على كل حال ، وقد بلغت من السن ما قد أضعفني عن ذلك لو أردته
فصيرني في بعض جيوشك ، حتى يأتيني الموت فهو مني قريب ، فقال : لا ولا كرامة
ثم أطرق وضرب يده إلى السيف ، فسل منه مقدار شبر وأخذ بمقبضه ، فقلت :
إنا لله ذهب والله الرجل ، ثم رد السيف ، وقال : يا جعفر أما تستحي مع
هذه الشيبة ومع هذا النسب أن تنطق بالباطل ، وتشق عصا المسلمين ؟ تريد أن
تريق الدماء ، وتطرح الفتنة بين الرعية ، والاوليآء ، فقال : لا والله يا أميرالمؤمنين
ما فعلت ، ولا هذه كتبي ولا خطي ، ولا خاتمي ، فانتضى من السيف ذراعا فقلت : إنا
لله مضى الرجل ، وجعلت في نفسي إن أمرني فيه بأمر أن أعصيه ، لانني ظننت أنه
يأمرني أن آخذ السيف فأضرب به جعفرا ، فقلت : إن أمرني ضربت المنصور ، وإن
أتى ذلك علي وعلى ولدي ، وتبت إلى الله عزوجل مما كنت نويت فيه أولا
فأقبل يعاتبه وجعفر يعتذر ، ثم انتضى السيف إلا شيئا يسيرا منه فقلت : إنا لله
مضى والله الرجل ، ثم أغمد السيف وأطرق ساعة ثم رفع رأسه وقال : أظنك صادقا
يا ربيع هات العيبة ( 1 ) من موضع كانت فيه في القبة ، فأتيته بها فقال : أدخل يدك
فيها ، فكانت مملوة غالية ، وضعها في لحيته وكانت بيضاء فاسودت ، وقال لي :
احمله على فاره ( 2 ) من دوابي التي أركبها ، وأعطه عشرة آلاف درهم ، وشيعه
إلى منزله مكرما ، وخيره إذا أتيت به إلى المنزل بين المقام عندنا فنكرمه
والانصراف إلى مدينه جده رسول الله صلى الله عليه وآله فخرجنا من عندء وأنا مسرور فرح


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 197 سطر 19 الى ص 205 سطر 18

بسلامة جعفر عليه السلام ومتعجب مما أراد المنصور ، وما صار إليه من أمره ، فلما صرنا
في الصحن قلت له : يا ابن رسول الله إني لاعجب مما عمد إليه هذا في بابك ، وما
أصارك الله إليه من كفايته ودفاعه ، ولا عجب من أمر الله عزوجل ، وقد سمعتك
تدعو في عقيب الركعتين بدعاء لم أدرما هو ، إلا أنه طويل ، ورأيتك قد حركت
* ( هامش ) * ( 1 ) العيبة : ما تجعل فيه الثياب كالصندوق جمع عيب وعياب وعيبات .
( 2 ) الفاره : البين الفراهة ورجل فاره اذا نشط وخف .
[198]
شفتيك ههنا أعني الصحن بشئ لم أدر ما هو .
فقال لي : أما الاول فدعاء الكرب والشدائد لم أدع به على أحد قبل يومئذ
جعلته عوضا من دعاء كثير أدعوبه إذا قضيت صلاتى ، لاني لم أترك أن أدعو ما كنت
أدعوبه ، وأما الذي حركت به شفتي فهو دعآء رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الاحزاب ثم
ذكر الدعاء .
ثم قال : لولا الخوف من أميرالمؤمنين لدفعت إليك هذا المال ، ولكن قد
كنت طلبت مني أرضي بالمدينة ، وأعطيتني بها عشرة آلاف دينار ، فلم أبعك
وقد وهبتها لك ، قلت : يا ابن رسول الله إنما رغبتي في الدعآء الاول والثاني ، فاذا
فعلت هذا فهو البر ولا حاجة لي الآن في الارض ، فقال : إنا أهل بيت لا نرجع
في معروفنا ، نحن ننسخك الدعآء ونسلم إليك الارض ، صرمعي إلى المنزل فصرت
معه كما تقدم المنصور ، وكتب لي بعهدة الارض ، وأملى علي دعاء رسول الله صلى الله عليه وآله
وأملى على الذي دعا هو بعد الركعتين ، قال : فقلت : يا ابن رسول الله ، لقد كثر
استحثاث المنصور واستعجاله إياي وأنت تدعو بهذا الدعآء الطويل متمهلا كأنك
لم تخشه ! ؟ . قال : فقال لي : نعم ، قد كنت أدعو به بعد صلاة الفجر ، بدعآء لابد
منه فأما الركعتان فهما صلاة الغداة خففتهما ودعوت بذلك الدعاء بعدهما ، فقلت
له : أما خفت أبا جعفر وقد أعدلك ما أعد ؟ ! قال : خيفة الله دون خيفته ، وكان
الله عزوجل في صدري أعظم منه .
قال الربيع : كان في قلبي ما رأيت من المنصور ومن غضبه وخيفته على جعفر
ومن الجلالة له في ساعة مالم أظنه يكون في بشر ، فلما وجدت منه خلوة ، وطيب
نفسي ، قلت : يا أميرالمؤمنين رأيت منك عجبا قال : ما هو ؟ قلت : يا أميرالمؤمنين
رأيت غضبك على جعفر غضبا لم أرك غضبته على أحدقط ، ولا على عبدالله بن الحسن
ولا على غيره من كل الناس ، حتى بلغ بك الامر أن تقتله بالسيف ، وحتى أنك
أخرجت من سيفك شبرا ثم أغمدته ، ثم عاتبته ، ثم أخرجت منه ذراعا ، ثم عاتبته
ثم أخرجته كله إلا شيئا يسيرا ، فلم أشك في قتلك له ، ثم انجلى ذلك كله
[199]
فعاد رضى ، حتى أمرتني فسودت لحيته بالغالية التي لا يتغلف منها إلا أنت ، ولا
يغلف منها ولدك المهدي ، ولا من وليته عهدك ، ولا عمومتك ، وأجزته ، وحملته
وأمرتني بتشييعه مكرما ! فقال : ويحك يا ربيع ، ليس هو كما ينبغي أن تحدث به
وستره أولى ، ولا احب أن يبلغ ولد فاطمة فيفتخرون ويتيهون بذلك علينا حسبنا
ما نحن فيه ، ولكن لا أكتمك شيئا ، انظر من في الدار فنحهم قال : فنحيت كل
من في الدار .
ثم قال لي : ارجع ولا تبق أحدا ، ففعلت ثم قال لي : ليس إلا أنا وأنت
والله لئن سمعت ما ألقيته إليك من أحد لاقتلنك وولدك ، وأهلك أجمعين ، ولآخذن
مالك ، قال : قلت : يا أميرالمؤمنين اعيذك بالله قال : يا ربيع قد كنت مصرا على
قتل جعفر ، وأن لا أسمع له قولا ، ولا أقبل له عذرا ، وكان أمره وإن كان ممن
لا يخرج بسيف اغلظ عندي وأهم علي من أمر عبدالله بن الحسن ، فقد كنت أعلم
هذا منه ومن آبائه على عهد بني امية ، فلما هممت به في المرة الاولى تمثل لي
رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا هو حائل بيني وبينه ، باسط كفيه ، حاسر عن ذراعيه قد عبس
وقطب في وجهي عنه ، ثم هممت به في المرة الثانية وانتضيت من السيف أكثرمما
انتضيت منه في المرة الاولى فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وآله قد قرب مني ودنا شديدا
وهم لي أن لي أن لو فعلت لفعل فأمسكت ثم تجاسرت وقلت : هذا بعض أفعال الرئي ، ثم
انتضيت السيف في الثالثة فتمثل لي رسول الله صلى الله عليه وآله باسط ذراعيه ، قد تشمر واحمر
وعبس وقطب حتى كاد أن يضع يده علي فخفت والله لو فعلت لفعل ، وكان مني
ما رأيت ، وهؤلاء من بني فاطمة صلوات الله عليهم لا يجهل حقهم إلا جاهل لا حظ له
في الشريعة ، فإياك أن يسمع هذا منك أحد ، قال محمد بن الربيع : فما حدثني
به أبي حتى مات المنصور ، وماحدثت أنا به حتى مات المهدي ، وموسى ، وهارون
وقتل محمد ( 1 ) .
بيان : تسلق الجدار تسوره وعلاه ، والشاكري الاجير والمستخدم معرب
* ( هامش ) * ( 1 ) مهج الدعوات ص 192 .
[200]
جاكر قاله الفيروز آبادي ( 1 ) وقال : الجرامقة : قوم من العجم صاروا بالموصل في
أوائل الاسلام ، الواحد جرمقاني وكساء جرمقي بالكسر ( 2 ) .
وقال : الاضبارة بالكسر والفتح الحزمة من الصحف ( 3 ) والرئي على فعيل
التابع من الجن .
41 - مهج : وجدت في كتاب عتيق حدثنا محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد
ابن عيسى بن عبيد ، عن بشير بن حماد ، عن صفوان بن مهران الجمال ، رفع
رجل من قريش المدينة من بني مخزوم إلى أبي جعفر المنصور وذلك بعد قتله لمحمد
وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن ، أن جعفر بن محمد بعث مولاه المعلى بن خنيس
بجبابة الاموال من شيعته ، وأنه كان يمد بها محمد بن عبدالله ، فكاد المنصور أن يأكل
كفه على جعفر غيظا ، وكتب إلى عمه داود ، وداود إذ ذاك أمير المدينة أن يسير
إليه جعفر بن محمد ، ولا يرخص له في التلوم والمقام ، فبعث إليه داود بكتاب المنصور
وقال : اعمل في المسير إلى أمير المؤمنين في غد ولا تتأخر ، قال صفوان : وكنت
بالمدينة يومئذ ، فأنفذ إلي جعفر عليه السلام فصرت إليه فقال لي : تعهد راحلتنا فانا
غادون في غد إن شاء الله إلى العراق ، ونهض من وقته ، وأنا معه إلى مسجد النبي
صلى الله عليه وآله وكان ذلك بين الاولى والعصر ، فركع فيه ركعات ، ثم رفع
يديه فحفظت يومئذ من دعآئه : يا من ليس له ابتداء ، الدعاء .
قال صفوان : سألت أبا عبدالله الصادق عليه السلام بأن يعيد الدعاء علي فأعاده و
كتبته ، فلما أصبح أبوعبدالله عليه السلام رحلت له الناقة ، وسار متوجها إلى العراق
حتى قدم مدينة أبي جعفر ، وأقبل حتى استأذن فأذن له .
قال صفوان : فأخبرني بعض من شهد عن أبي جعفر قال : فلما رآه أبوجعفر
قربه وأدناه ، ثم أسند قصة الرافع على أبي عبدالله عليه السلام يقول : في قصته :
* ( هامش ) * ( 1 ) القاموس ج 2 ص 63 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 217 .
( 3 ) نفس المصدر ج 2 ص 74 .
[201]
إن معلى بن خنيس مولى جعفر بن محمد يجبي له الاموال .
فقال أبوعبدالله عليه السلام : معاذ الله من ذلك يا أمير المؤمنين ، قال له : تحلف
على برائتك من ذلك ؟ قال : نعم أحلف بالله أنه ما كان من ذلك شئ ، قال أبوجعفر :
لابل تحلف بالطلاق والعتاق ، فقال أبوعبدالله : أما ترضى يمني بالله الذي لا إله
إلا هو ؟ ! قال أبوجعفر : فلا تفقه علي ! فقال أبوعبدالله عليه السلام : فأين يذهب
بالفقه مني يا أمير المؤمنين ! ؟ قال له : دع عنك هذا ، فاني أجمع الساعة بينك
وبين الرجل الذي رفع عنك حتى يواجهك ، فأتوا بالرجل وسألوه بحضرة
جعفر فقال : نعم هذا صحيح ، وهذا جعفر بن محمد ، والذي قلت فيه كما قلت
فقال أبوعبدالله عليه السلام : تحلف أيها الرجل أن هذا الذي رفعته صحيح ؟ قال : نعم .
ثم ابتدأ الرجل باليمين فقال : والله الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب ، الحي
القيوم ، فقال له جعفر عليه السلام : لا تعجل في يمينك ، فاني أنا أستحلف .
قال المنصور : وما أنكرت من هذه اليمين ؟ قال : إن الله تعالى حيي كريم
يستحيي من عبده إذا أثنى عليه ، أن يعاجله بالعقوبة ، لمدحه له ، ولكن قل يا
أيها الرجل : أبرأ إلى الله من حوله وقوته ، وألجأ إلى حولي وقوتي إني لصادق
بر فيما أقول ، فقال المنصور المقرشي : احلف بما استحلفك به أبوعبدالله ، فحلف
الرجل بهذه اليمين ، فلم يستنم الكلام ، حتى أجذم وخر ميتا ، فراع أبا جعفر
ذلك ، وارتعدت فرائصه فقال : يا أبا عبدالله سر من غد إلى حرم جدك إن اخترت
ذلك ، وإن اخترت المقام عندنا لم نأل في إكرامك وبرك ، فوالله لا قبلت عليك
قول أحد بعدها أبدا ( 1 ) .
بيان : تلوم في الامر : تمكث وانتظر ، وقوله : لم نأل أي لم نقصر .
42 - مهج : روى محمد بن عبيدالله الاسكندري أنه قال : كنت من جملة
ندماء أمير المؤمنين المنصور أبي جعفر وخواصه ، وكنت صاحب سره من بين
الجميع ، فدخلت عليه يوما فرأيته مغتما وهو يتنفس نفسا باردا فقلت : ما هذه
* ( هامش ) * ( 1 ) مهج الدعوات ص 198 .
[202]
الفكرة يا أمير المؤمنين ؟ فقال لي : يا محمد لقد هلك من أولاد فاطمة مقدار مائة وقد
بقي سيدهم وإمامهم .
فقلت له ، من ذلك ؟ قال : جعفر بن محمد الصادق فقلت له : يا أمير المؤمنين
إنه رجل أنحلته العبادة واشتغل بالله عن طلب الملك والخلافة .
فقال : يا محمد وقد علمت أنك تقول به وبامامته ، ولكن الملك عقيم ، وقد آليت
على نفسي أن لا امسي عشيتي هذه ، أو أفرغ منه ، قال محمد : والله لقد ضاقت علي
الارض برحبها ، ثم دعا سيافا وقال له : إذا أنا أحضرت أبا عبدالله الصادق
وشغلته بالحديث ، ووضعت قلنسوتي عن رأسي فهي العلامة بيني وبينك فاضرب عنقه .
ثم أحضر أبا عبدالله عليه السلام في تلك الساعة ، ولحقته في الدار وهو يحرك شفتيه
فلم أدر ما الذي قرأ ؟ فرأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجج البحار ، فرأيت
أبا جعفر المنصور وهو يمشي بين يديه حافي القدمين ، مكشوف الرأس ، قد اصطكت
أسنانه ، وارتعدت فرائصه ، يحمر ساعة ، ويصفر اخرى ، وأخذ بعضد أبي عبدالله
الصادق عليه السلام وأجلسه على سرير ملكه ، وجثا بين يديه ، كما يجثو العبد بين يدي
مولاه . ثم قال له : يا ابن رسول الله ما الذي جاءبك في هذه الساعة ؟ قال : جئتك
يا أمير المؤمنين طاعة لله عزوجل ولرسول الله صلى الله عليه وآله ولامير المؤمنين أدام الله عزه
قال : ما دعوتك والغلط من الرسول ، ثم قال : سل حاجتك ، فقال : أسألك أن
لا تدعوني لغير شغل ، قال : لك ذلك وغير ذلك .
ثم انصرف أبوعبدالله عليه السلام سريعا ، وحمدت الله عزوجل كثيرا ودعا
أبوجعفر المنصور بالدواويج ونام ، ولم ينتبه إلا في نصف الليل ، فلما انتبه كنت عند
رأسه جالسا فسره ذلك وقال لي : لا تخرج حتى أقضي ما فاتني من صلاتي
فاحدثك بحديث ، فلما قضى صلاته أقبل علي وقال لي : لما أحضرت أبا عبدالله
الصادق ، وهممت به ما هممت من السوء ، رأيت تنينا قد حوى بذنبه جميع داري
وقصري ، وقد وضع شفتيه العليا في أعلاها ، والسفلى في أسفلها ، وهو يكلمني بلسان
طلق ذلق عربي مبين : يا منصور إن الله تعالى جده قد بعثني إليك ، وأمرني إن
[203]
أنت أحدثت في أبي عبدالله الصادق عليه السلام حدثا فأنا أبتلعك ومن في دارك جميعا فطاش
عقلي وارتعدت فرائصي واصطكت أسناني .
قال محمد بن عبدالله الاسكندري قلت له : ليس هذا بعجيب يا أمير المؤمنين ، و
عنده من الاسماء وسائر الدعوات التى لو قرأها على الليل لانار ، ولو قرأها على
النهار لاظلم ، ولو قرأها على الامواج في البحور لسكنت ، قال محمد : فقلت له بعد
أيام : أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أخرج إلى زيارة أبي عبدالله الصادق ؟ فأجاب
ولم يأب ، فدخلت على أبي عبدالله وسلمت وقلت له : أسألك يا مولاي بحق جدك
محمد رسول الله صلى الله عليه وآله أن تعلمني الدعاء الذي تقرأه عند دخولك إلى أبي جعفر المنصور
قال : لك ذلك ثم علمه عليه السلام الدعاء على ما سيأتي في موضعه ( 1 ) .
43 - مهج : علي بن عبدالصمد ، عن عم والده محمد بن علي بن عبدالصمد
عن جعفر بن محمد الدوريستي ، عن والده ، عن الصدوق قال : وحدثني الشيخ جدي
عن والده علي بن عبدالصمد ، عن محمد بن إبراهيم بن نبال ، عن الصدوق ، عن أبيه
عن شيوخه ، عن محمد بن عبيدالله الاسكندري مثله ( 2 ) .
بيان : الدواج كرمان وغراب اللحاف الذي يلبس ذكره الفيروز آبادي ( 3 )
44 - كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن بعض أصحابه ، عن
صفوان الجمال قال : حملت أبا عبدالله الحملة الثانية إلى الكوفة ، وأبوجعفر المنصور
بها ، فلما أشرف على الهاشمية مدنية أبي جعفر ، أخرج رجله من غرز الرحل ( 4 )
ثم نزل ودعا ببغلة شهباء ، ولبس ثيابا بيضا وتكة بيضاء ، فلما دخل عليه قال له
أبوجعفر : لقد تشبهت بالانبياء ؟ ! فقال أبوعبدالله : وأنى تبعدني من أبناء الانبياء ؟
* ( هامش ) * ( 1 ) مهج الدعوات ص 251 .
( 2 ) نفس المصدر ص 18 .
( 3 ) القاموس ج 1 ص 189 .
( 4 ) غرز الرحل : هو ركاب من جلد يقال : غرز رجله في الغرز اذا وضعها فيه كاغترز
( القاموس ) .
[204]
قال : لقد هممت أن أبعث إلى المدينة من يعقر نخلها ، ويسبي ذريتها ، فقال :
ولم ذاك يا أمير المؤمنين ؟ . فقال : رفع إلي أن مولاك المعلى بن خنيس يدعو إليك
ويجمع لك الاموال فقال : والله ما كان فقال : لست أرضى منك إلا بالطلاق
والعتاق والهدي والمشي ، فقال : أبا لانداد من دون الله تأمرني أن أحلف ؟ إنه
من لم يرض بالله فليس من الله في شئ .
فقال : أتتفقه علي ؟ فقال : وأنى تبعدني من التفقة ، وأنا ابن رسول الله
صلى الله عليه وآله قال : فإني أجمع بينك وبين من سعى بك قال : فافعل قال :
فجاء الرجل الذي سعى به فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا هذا ، قال : فقال : نعم والله
الذي لا إله إلا هو ، عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، لقد فعلت .
فقال له أبوعبدالله عليه السلام : يا ويلك تجلل الله فيستحيي من تعذيبك ، ولكن
قل : برئت من حول الله وقوته وألجأت إلى حولي وقوتي ، فحلف بها الرجل فلم
يستتمها ؟ حتى وقع ميتا ، فقال له أبوجعفر : لا اصدق بعدها عليك أبدا ، وأحسن
جائزته ورده ( 1 ) .
45 - مهج : رأيت بخط عبدالسلام البصري بدمينة السلام أخبرنا أبوغالب
أحمد بن محمد الرازي ، عن جده من بن سليمان ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن سنان
عن ابن مسكان ، وأبي سعيد المكاري وغير واحد من عبدالاعلى بن أعين ، عن رزام
ابن مسلم مولى خالد قال : بعثني أبوالدوانيق أنا ونفرا معي إلى أبي عبدالله عليه السلام و
هو بالحيرة لنقتله ، فدخلنا عليه في رواقه ليلا فنلنا منه حاجتنا ، ومن ابنه إسماعيل ، ثم
رجعنا إلى أبي الدوانيق فقلنا له : فرغنا مما أمرتنا به ، فلما أصبحنا من الغد وجدنا
في رواقه ناقتين منحورتين ، قال أبوالحسن محمد بن يوسف : إن جعفر بن محمد حال
الله بينهم وبينه ( 2 ) .
46 - مهج : من كتاب الخصائص للحافظ أبي الفتح محمد بن أحمد بن علي
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 6 ص 445 وفيه ( تمجد ) بدل ( تجلل ) .
( 2 ) مهج الدعوات ص 212 .
[205]
النطنزي ، عن عبدالواحد بن علي ، عن أحمد بن إبراهيم ، عن منصور بن أحمد الصيرفي
عن إسحاق بن عبد الرب بن المفضل ، عن عبدالله بن عبدالحميد ، عن محمد بن مهران
الاصفهاني ، عن خلاد بن يحيى ، عن قيس بن الربيع ، عن أبيه قال : دعاني المنصور
يوما قال : أما ترى ما هو هذا يبلغني عن هذا الحبشي ؟ قلت : ومن هو يا سيدي ؟ قال :
جعفر بن محمد ، والله لاستأصلن شأفته ، ثم دعا بقائد من قواده ، فقال : انطلق
إلى المدينة في ألف رجل ، فاهجم على جعفر بن محمد ، وخذ رأسه ورأس ابنه موسى
ابن جعفر ، في مسيرك ، فخرج القائد من ساعته حتى قدم المدينة ، وأخبر جعفر بن محمد
فأمر فاتي بناقتين ، فأوثقهما على باب البيت ودعا بأولاده موسى ، وإسماعيل ، ومحمد
وعبدالله ، فجمعهم وقعد في المحراب ، وجعل يهمهم .
قال أبوبصير : فحدثني سيدي موسى بن جعفر أن القائد هجم عليه ، فرأيت
أبي وقد همهم بالدعاء ، فأقبل القائد وكل من كان معه قال : خذوا رأسي هذين
القائمين ، فاجتزوا رأسهما ، ففعلوا وانطلقوا إلى المنصور ، فلما دخلوا عليه اطلع
المنصور في المخلاة التي كان فيها الرأسان ، فاذا هما رأسا ناقتين .
فقال المنصور : أى شئ هذا ؟ قال : يا سيدي ما كان بأسرع من أني دخلت
البيت الذي فيه جعفر بن محمد ، فدار رأسي ولم أنظر ما بين يدي ، فرأيت شخصين قائمين
خيل إلي أنهما جعفر بن محمد وموسى ابنه فأخذت رأسيهما .
فقال المنصور : اكتم علي فما حدثت به أحدا حتى مات قال الربيع : فسألت
موسى بن جعفر عليه السلام عن الدعاء فقال : سألت أبي عن الدعاء فقال : هو دعاء الحجاب


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 205 سطر 19 الى ص 213 سطر 18

وذكر الدعاء ( 1 ) .
بيان : قال الجوهري : الشأفة ( 2 ) قرحة تخرج في أسفل القدم ، فتكوى
فتذهب وإذا قطعت مات صاحبها ، والاصل واستأصل الله شأفته أذهبه كما تذهب تلك
القرحة أو معناه أزاله من أصله .
* ( هامش ) * ( 1 ) مهج الدعوات ص 213 .
( 2 ) هذا نص القاموس ج 2 ص 184 .
[206]
47 - كشف : وقال الحافظ عبدالعزيز : روى عن جعفر بن محمد عليه السلام قال : لما
دفعت إلى أبي جعفر المنصور ، انتهرتي وكلمني بكلام غليظ ثم قال لي : يا جعفر
قد علمت بفعل محمد بن عبدالله الذي يسمونه النفس الزكية وما نزل به ، وإنما أنتظر
الآن أن يتحرك منكم أحد فالحق الكبير بالصغير ، قال : فقلت : يا أمير المؤمنين
حدثني محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن الحسين بن علي ، عن علي بن أبي
طالب أن النبي صلى الله عليه وآله قال : إن الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين
فيمدها الله إلى ثلاث وثلاثين سنة ، وإن الرجل ليقطع رحمه وقد بقي من عمره
ثلاث وثلاثون سنة فيبترها الله إلى ثلاث سنين قال : فقال لي : الله لقد سمعت هذا من
أبيك ؟ قلت : نعم حتى رددها علي ثلاثا ، ثم قال : انصرف ( 1 ) .
ومن كتاب الحافظ عبدالعزيز قال : حدث أبوالحسين يحيى بن الحسين بن جعفر
ابن عبدالله بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : كتب إلي عباد بن يعقوب
يخبرني عن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : دخل جعفر بن محمد على
أبي جعفر المنصور ، فتكلم ، فلما خرجوا من عنده أرسل إلى جعفر بن محمد عليه السلام
فرده ، فلما رجع حرك شفتيه بشئ فقيل له : ما قلت ؟ قال : قلت : اللهم أنت كفي
من كل شئ ولا يكفي منك شئ فاكفنيه ، فقال لي : ما يبرك عندي فقال له أبوعبدالله
عليه السلام : قد بلغت أشياء لم يبلغها أحد من آبائي في الاسلام . وما أراني أصحبك
إلا قليلا ، ما أرى هذا السنة تتم لي قال : فإن بقيت ؟ قال : ما أراني أبقى قال :
فقال أبوجعفر : احسبوا له فحسبوا فمات في شوال ( 2 ) .
48 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن مرازم ، عن أبيه قال :
خرجنا مع أبي عبدالله عليه السلام حيث خرج من عند أبي جعفر من الحيرة فخرج ساعة أذن
له وانتهى إلى السالحين ( 3 ) في أول الليل فعرض له عاشر ( 4 ) كان يكون في السالحين
* ( هامش ) * ( 1 ) كشف الغمة ج 2 ص 383 .
( 2 ) نفس المصدر ج 2 ص 384 .
( 3 ) السالحين موضع على أربعة فراسخ من بغداد إلى المغرب .
( 4 ) العاشر : من يأخذ العشر ، يقال عشرت ماله أعشره عشرا فأنا عاشر ، وعشرته
فأنا معشر وعشار ، اذا أخذت عشره . " النهاية " .
[207]
في أول الليل فقال له : لا أدعك تجوز ، فألح عليه ، وطلب إليه ، فأبى إباء ومصادف
معه ، فقال له مصادف : جعلت فداك إنما هذا كلب قد آذاك ، وأخاف أن يردك ، و
ما أدري ما يكون من أمر أبي جعفر ، وأنا مرازم أتأذن لنا أن نضرب عنقه ثم نطرحه
في النهر ؟ فقال : كف يا مصادف ، فلم يزل يطلب إليه حتى ذهب من الليل أكثره فأذن
له فمضى ، فقال : يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه ؟ قلت : هذا جعلت فداك فقال :
يا مرازم إن الرجل يخرج من الذل الصغير فيدخله ذلك في الذل الكبير ( 1 ) .
49 - اعلام الدين للديلمى : روي عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن
أبيه ، عن جده قال : ولي علينا بالاهواز رجل من كثاب يحيى بن خالد ، وكان
علي بقايا من خراج ، كان فيها زوال نعمتي وخروجي من ملكي ، فقيل لي : إنه
ينتحل هذا الامر ، فخشيت أن ألقاه مخافة أن لا يكون ما بلغني حقا فيكون خروجي
من ملكي وزوال نعمتي ، فهربت منه إلى الله تعالى وأتيت الصادق عليه السلام مستجيرا
فكتب إليه رقعة صغيرة فيها " بسم الله الرحمن الرحيم إن لله في ظل عرشه ظلا له
يسكنه إلا من نفس عن أخيه كربة ، وأعانه بنفسه ، أو صنع إليه معروفا ولو
بشق تمرة ، وهذا أخوك المسلم " ثم ختمها ودفعها إلي وأمرني أن اوصلها إليه ، فلما
رجعت إلى بلادي صرت إلى منزله فاستأذنت عليه وقتل : رسول الصادق عليه السلام بالباب
فإذا أنابه وقد خرج إلي حافيا ، فلما بصربي سلم علي وقبل ما بين عيني ، ثم
قال لي : يا سيدي أنت رسول مولاي ؟ فقال : نعم فقال : هذا عتقي من النار إن
كنت صادقا ، فأخذ بيدي وأدخلني منزله ، وأجلسني في مجلسه وقعد بين يدي ، ثم
قال : يا سيدي كيف خلفت مولاي ؟ فقال : بخير فقال : الله الله ؟ قلت : الله
حتى أعادها ، ثم ناولته الرقعة فقرأها وقبلها ، ووضعها على عينيه ، ثم قال :
يا أخي مر بأمرك ! فقلت : في جريدتك علي كذا وكذا ألف درهم ، وفيه عطبي ( 2 )
وهلاكي ، فدعا بالجريدة فمحا عني كل ما كان فيها ، وأعطاني براءة منها .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 8 ص 87 .
( 2 ) العطب : الهلاك يقال عطب كفرح ، هلك .
[208]
ثم دعا بصانديق ماله فناصفني عليها ، ثم دعا بدوابه فجعل يأخذ دابة
ويعطيني دابة ، ثم بغلمانه فجعل يعطيني غلاما وأخذ غلاما . ثم دعا بسكوته
فجعل يأخذ ثوبا ويعطيني ثوبا ، حتى شاطرني جميع ملكه ويقول : هل سررتك ؟
وأقول : أي والله وزدت على السرور ، فلما كان في الموسم قلت : والله لا كان
جزاء هذا الفرح بشئ أحب إلى الله وإلى رسوله من الخروج إلى الحج والدعآء
له ، والمصير إلى مولاي وسيدي الصادق عليه السلام وشكره عنده وأسأله الدعاء له
فخرجت إلى مكة ، وجعلت طريقي إلى مولاي عليه السلام فلما دخلت عليه رأيته والسرور
في وجهه وقال : يا فلان ما كان من خبرك من الرجل ؟ فجعلت اورد عليه خبرى
وجعل يتهلل وجهه ويسر السرور فقلت : يا سيدي هل سررت بما كان منه إلي ؟
فقال : أى والله سرني إي والله لقد سر آبائي إي والله لقد سر رسول الله صلى الله عليه وآله إي
والله لقد سر الله في عرشه .
50 - عدة : عن الحسين مثله ( 1 ) .
ورواه في الاختصاص ( 2 ) وفيه مكان الصادق الكاظم عليهما السلام ولعله أظهر .
51 - كا : علي بن محمد ، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر ، عن أبي القاسم
الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل ، عن معاوية بن عمار ، والعلا بن سيابة ، وظريف
ابن ناصح قال : لما بعث أبو الدوانيق إلى أبي عبدالله رفع يده إلى السماء ثم قال :
اللهم إنك حفظت الغلامين لصلاح أبويهما فاحفظني لصلاح آبائي محمد وعلي والحسن
والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي عليهم السلام اللهم إني أدرءبك في نحره ، وأعوذ
بك من شره ، ثم قال للجمال : سر ، فلما استقبله الربيع بباب أبي الدوانيق قال
له : يا أبا عبدالله ما أشد باطنه عليك لقد سمعته يقول : والله لا تركت لهم نخلا إلا
* ( هامش ) * ( 1 ) عدة الداعى ص 136 .
( 2 ) لم نقف على هذا الخبر في المصدر المطبوع ، والموجود فيه رسالة الامام الصادق
عليه السلام إلى النجاشى في شأن بعض أهل عمله لخراج كان عليه في ديوانه ، وهى تقرب
من هذه الرواية في بعض معانيها فلا حظ ص 260 من الاختصاص .
[209]
عقرته ، ولا مالا إلا نهبته ، ولا ذرية إلا سبيتها قال : فهمس بشئ خفي وحرك
شفتيه ، فلما دخل سلم وقعد ، فرد عليه السلام ثم قال : أما والله لقد هممت أن لا أترك
لك نخلا إلا عقرته ، ولا مالا إلا أخذته ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا أمير المؤمنين
إن الله عزوجل ابتلى أيوب فصبر وأعطى داود فشكر ، وقدر يوسف فغفر ، وأنت
من ذلك النسل ، ولا يأتي ذلك النسل إلا بما يشبهه فقال : صدقت قد عفوت عنكم
فقال له : يا أمير المؤمنين إنه لم ينل منا أهل البيت أحد دما إلا سلبه الله ملكه
فغضب لذلك واستشاط ، فقال : على رسلك يا أمير المؤمنين إن هذا الملك كان في
آل أبي سفيان فلما قتل يزيد لعنه الله حسينا سلبه الله ملكه ، فورثه آل مروان
فلما قتل هشام زيدا سلبه الله ملكه ، فورثه مروان بن محمد ، فلما قتل مروان إبراهيم
سلبه الله ملكه فأعطا كموه ، فقال : صدقت هات ارفع حوائجك فقال : الاذن فقال :
هو في يدك متى شئت فخرج فقال له الربيع : قد أمر لك بعشرة آلاف درهم قال :
لا حاجة لي فيها قال : إذن تغضبه فخذها ثم تصدق بها ( 1 ) .
بيان : الرسل بالكسر الرفق التؤدة .
52 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نجران ، عن حماد بن
عثمان ، عن المسمعي قال : لما قتل داود بن علي المعلى بن خنيس قال أبوعبدالله
عليه السلام : لادعون الله تعالى على من قتل مولاي وأخذ مالي ، فقال له داود بن
علي : إنك لتهددني بدعآئك قال حماد : قال المسمعي : فحدثني معتب أن
أبا عبدالله عليه السلام لم يزل ليلته راكعا وساجدا فلما كان في السحر سمعته يقول وهو
ساجد : اللهم إني أسألك بقوتك القوية ، وبجلالك الشديد ، الذي كل خلقك
له ذليل أن تصلي على محمد وأهل بيته ، وأن تأخذه الساعة الساعة ، فما رفع رأسه
حتى سمعنا الصيحة في دار داود بن علي ، فرقع أبوعبدالله عليه السلام رأسه وقال : إني
دعوت الله عليه بدعوة بعث الله عزوجل عليه ملكا فضرب رأسه بمرزبة من حديد
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 562 .
[210]
انشقت منها مثانته فمات ( 1 ) .
بيان : المرزبة بالكسر المطرقة الكبيرة التى تكون للحداد .
53 - كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أيوب بن نوح ، عن العباس
ابن عامر ، عن داود بن الحصين ، عن رجل من أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال
وهو بالحيرة في زمان أبي العباس : إني دخلت عليه وقد شك الناس في الصوم
وهو والله من شهر رمضان فسلمت عليه فقال : يا أبا بدالله أصمت اليوم ؟ فقلت : لا
والمائدة بين يديه ، قال : فادن فكل قال : فدنوت فأكلت قال : وقلت : الصوم معك
والفطر معك ، فقال الرجل لابي عبدالله عليه السلام : تفطر يوما من شهر رمضان ! ؟ فقال :
إي والله افطر يوما من شهر رمضان أحب إلي من أن يضرب عنقي ( 2 ) .
54 - كا : العدة ، عن سهل ، عن علي بن الحكم ، عن رفاعة ، عن رجل
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : دخلت على أبي العباس بالحيرة فقال : يا أبا عبدالله ما تقول
في الصيام اليوم ؟ فقلت : ذاك إلى الامام ، إن صمت صمنا وإن أفطرت أفطرنا ، فقال :
يا غلام علي بالمائدة فأكلت معه ، وأنا أعلم والله أنه يوم من يوم شهر رمضان ، فكان
إفطاري يوما وقضاؤه أيسر علي بمن أين يضرب عنقي ، ولا يعبدالله ( 3 ) .
أقول : روى أبوالفرج الاصفهاني في كتاب مقاتل الطالبيين باسناده إلى
أيوب بن عمر قال : لقي جعفر عليه السلام أبا جعفر المنصور فقال : اردد علي عين أبي زياد
آكل من سعفها ، قال : إياي تكلم بهذا الكلام ؟ والله لازهقن نفسك قال : لا تعجل
قد بلغت ثلاثا وستين ، وفيها مات أبي وجدي علي بن أبي طالب ، فعلي كذا وكذا
إن آذيتك بنفسي أبدا ، وإن بقيت بعدك إن آذيت الذي يقوم مقامك ، فرق له
وأعفاه ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 2 ص 513 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 83 .
( 3 ) المصدر السابق ج 3 ص 82 .
( 4 ) مقاتل الطالبين ص 273 وأخرجه الطبرى في تاريخه ج 9 ص 232 .
[211]
وبإسناده عن يونس بن أبي يعقوب قال : حدثنا جعفر بن محمد صلوات الله
عليه من فيه إلى اذني قال : لما قتل إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بباخمرا ( 1 )
وحشرنا من المدينة ، فلم يترك فيها منا محتلم ، حتى قدمنا الكوفة فمكثنا
فيها شهرا نتوقع فيها القتل ، ثم خرج إلينا الربيع الحاجب فقال : أين هؤلاء العلوية
ادخلوا على أمير المؤمنين رجلين منكم من ذوي الحجى قال : فدخلنا إليه أنا وحسن
ابن زيد ، فلما صرت بين يديه قال لي : أنت الذي تعلم الغيب ؟ قلت : لا يعلم الغيب
إلا الله قال : أنت الذي يجبى إليك هذا الخراج ؟ قلت : إليك يجبى يا أمير المؤمنين
الخراج ، قال : أتدرون لم دعوتكم ؟ قلت : لا قال : أردت أن أهدم رباعكم واغور
قليبكم ، وأعقر نخلكم ، وأنزلكم بالشراة ( 2 ) لا يقربكم أحد من أهل الحجاز
وأهل العراق فانهم لكم مفسدة فقلت له يا أمير المؤمنين إن سليمان اعطي فشكر
وإن أيوب ابتلي فصبر ، وإن يوسف ظلم فغفر ، وأنت من ذلك النسل قال :
فتبسم وقال : أعد علي فأعدت فقال : مثلك فيكن زعيم القوم ، وقد عفوت عنكم
ووهبت لكم جرم أهل البصرة ، حدثني الحديث الذي حدثتني ، عن أبيك ، عن
آبائه ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
قلت : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : صلة الرحم
تعمر الديا ، وتطيل الاعمار ، وتكثر العمار ، إون كانوا كفارا فقال : ليس هذا .
فقلت : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : الارحام معلقة
* ( هامش ) * ( 1 ) باخمرا : بالراء المهملة موضع بين الكوفة وواسط ، وهو إلى الكوفة أقرب
به قبر ابراهيم بن عبدالله بن حسن بن الحسن قتله بها أصحاب المنصور ، واياها عنى دعبل
ابن على الخزاعى بقوله :
وقبر بأرض الجوزجان محله * وقبر بباخمرا لدى الغربات
( 2 ) الشراة : جبل شامخ مرتفع من دون عسفان تأوى اليه القرود . واسم صقع
بالشام بين دمشق والمدينة ، من بعض نواحيه القرية المعروفة بالحميمة التى كان يسكنها
ولد علي بن عبدالله بن عباس في أيام بنى مروان .
[212]
بالعرش تنادي : صل من وصلني واقطع من قطعني قال : ليس هذا .
قلت : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إن الله
عزوجل يقول : أنا الرحمن خلقت الرحم ، وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها
وصلته ومن قطعها قطعته قال : ليس هذا الحديث .
قلت : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن علي ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله إن ملكا
من ملوك الارض كان بقي من عمره ثلاث سنين فوصل رحمه فجعلها الله ثلاثين سنة
فقال : هذا الحديث أردت ، أى البلاد أحب إليك ، فوالله لاصلن رحمي إليكم قلنا :
المدينة فسرحنا إلى المدينة وكفى الله مؤنته ( 1 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مقاتل الطالبيين ص 450 .
[213]
* ( باب 7 ) *
* ( ( مناظراته عليه السلام مع أبي حنيفة وغيره من ) ) *
* ( ( اهل زمانه ، وما ذكره المخالفون من نوادر ) ) *
( ( علومه عليه السلام ) )
أقول : قد مضى أخبار كثيرة في باب البدع والمقاييس وأبواب الاحتجاجات .
1 - ج : عن الحسن بن محبوب ، عن سماعة قال : قال أبوحنيفة لابي عبدالله
عليه السلام : كم بين المشرق والمغرب ؟ قال : ميسرة يوم ، بل أقل من ذلك
فاستعظمه فقال : يا عاجز لم تنكر هذا ؟ إن الشمس تطلع من المشرق وتغرب إلى
المغرب في أقل من يوم ، تمام الخبر ( 1 ) .
2 - ج : عن عبدالكريم بن عتبة الهاشمي قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام
بمكة إذا دخل عليه اناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد ، وواصل بن عطا ، وحفص
ابن سالم ، واناس من رؤسآئهم ، وذلك حين قتل الوليد ، واختلف أهل الشام بينهم
فتكلموا وأكثروا ، وخطبوا فأطالوا ، فقال لهم أبوعبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام : إنكم
قد أكثرتم علي وأطلتم ، فأسندوا أمركم إلى رجل منكم فليتكلم بحجتكم وليوجز
فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد فأبلغ وأطال ، فكان فيما قال أن قال : قتل أهل
الشام خليفتهم ، وضرب الله بعضهم ببعض ، وتشتت أمرهم ، فنظرنا فوجدنا رجلا
له دين وعقل ومروة ، ومعدن للخلافة ، وهو محمد بن عبدالله بن الحسن ، فأردنا
أن نجتمع معه فنبايعه ، ثم نظهر أمرنا معه ، وندعوا الناس إليه فمن بايعه كنا


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 213 سطر 19 الى ص 221 سطر 18

معه ، وكان معنا ، ومن اعتزلنا كففنا عنه ، ومن نصب لنا جاهدناه ، ونصبنا له على
بغيه ورده إلى الحق وأهله ، وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك ، فانه لاغنى بناعن
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحتجاج للطبرسى ص 197 .
[214]
مثلك ، لفضلك وكثرة شيعتك ، فلما فرغ قال أبوعبدالله عليه السلام : أكلكم على مثل ما قال
عمرو ؟ قالوا : نعم ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : إنما
نسخط إذا عصي الله ، فاذا اطيع رضينا ، أخبرني يا عمرو ولو أن الامة قلدتك أمرها
فملكته بغير قتال ولا مؤنة ، فقيل لك : ولها من شئت من كنت تولي ؟ قال : كنت
أجعلها شورى بين المسلمين ، قال : بين كلهم ؟ قال : نعم ، قال : بين فقهائهم
وخيارهم ؟ قال : نعم ، قال : قريش وغيرهم ؟ قال العرب والعجم ، قال : أخبرني
يا عمرو أتتولى أبابكر وعمر ؟ أو تتبرأ منهما ؟ قال : أتولاهما قال : يا عمرو إن
كنت رجلا تتبرأ منهما فانه يجوز لك الخلاف عليهما ، وإن كنت تتولاهما فقد
خالفتهما ، قد عهد عمر إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور أحدا ثم ردها أبوبكر عليه
ولم يشاور أحدا ، ثم جعلها عمر شورى بين ستة ، فأخرج منها الانصار غير اولئك
الستة من قريش ، ثم أوصى فيهم الناس بشئ ما أراك ترضى به أنت ولا أصحابك
قال : وما صنع ؟ قال : أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام ، وأن يتشاوروا اولئك
الستة ليس فيهم أحد سواهم ، إلا ابن عمر ويشورونه وليس له من الامر شئ ، و
أوصى من بحضرته من المهاجرين والانصار إن مضت ثلاثة أيام قبل أن يفرغوا
ويبايعوا أن يضرب أعناق الستة جميعا ، وإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيام
وخالف اثنان أن يضرب أعناق الاثنين ، أفترضون بذا فيما تجعلون من الشورى
في المسلمين ؟ قالوا : لا ، قال : يا عمرو دع ذا ، أرأيت لو بايعت صاحبك هذا الذي
تدعو إليه ، ثم اجتمعت لكم الامة ولم يختلف عليكم فيها رجلان ، فأفضيتم إلى
المشركين الذين لم يسلموا ولم يؤدوا الجزيزة أكان عندكم وعند صاحبكم
من العلم ما تسيرون فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المشركين في حربه ؟ قالوا :
نعم ، قال : فتصنعون ماذا ؟ قالوا : ندعوهم إلى الاسلام فان أبوا دعوناهم إلى
الجزية قال : وإن كانوا مجوسا وأهل كتاب ؟ قالوا : وإن كانوا مجوسا وأهل كتاب
قال : وإن كانوا أهل الاوثان وعبدة النيران والبهائم ، وليسوا بأهل كتاب ؟
قالوا : سواء ، قال : فأخبرنى عن القرآن أتقرأه ؟ قال : نعم ، قال : اقرأ " قاتلوا
[215]
الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون
دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون " ( 1 ) .
قال : فاستثنى الله عزوجل واشترط من الذين اوتوا الكتاب ، فهم والذين
لم يؤتوا الكتاب سواء ؟ قال : نعم قال عليه السلام : عمن أخذت هذا ؟ قال : سمعت الناس
يقولونه ، قال : فدع ذا فانهم إن أبوا الجزية فقاتلتهم وظهرت عليهم ، كيف تصنع
بالغنيمة ؟ قال : اخرج الخمس واخرج أربعة أخماس بين من قاتل عليها قال : تقسمه
بين جميع من قاتل عليها ؟ قال : نعم قال : قد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في فعله وفي سيرته
وبيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم ، فسلهم فانهم لا يختلفون ولا يتنازعون في
أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما صالح الاعراب على أن يدعهم في ديارهم ، وأن لا يهاجروا
على أنه إن دهمه من عدوه دهم فيستفزهم فيقاتل بهم وليس لهم من الغنيمة نصيب و
أنت تقول بين جميعهم ، فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله في سرته في المشركين ، دع ذا
ما تقول في الصدقة ؟ قال : فقرأ عليه هذه الآية " إنما الصدقات للفقراء والمساكين
والعاملين عليها " ( 2 ) إلى آخرها .
قال : نعم فكيف تقسم بينهم ؟ قال : أقسمها على ثمانية أجزاء فاعطي كل
جزء من الثمانية جزءا قال عليه السلام : إن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف رجلا
واحدا ، ورجلين وثلاثة ، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة الاف ؟ قال :
نعم قال : وكذا تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي فتجعلهم فيها سواء ؟
قال : نعم قال : فخالفت رسول صلى الله عليه وآله في كل ما به أتى في سيرته ، كان رسول الله
يقسم صدقة البوادي في أهل البوادي ، وصدقة الحضر في أهل الحضر ، لا يقسمه بينهم
بالسوية ، إنما يقسم على قدر ما يحضره منهم وعلى ما يرى ، فان كان في نفسك شئ
ما قلت فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلهم لا يختلفون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله
كذا كان يصنع ، ثم أقبل على عمرو وقال : اتق الله يا عمرو ، وأنتم أيها الرهط
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة التوبة الاية : 29 .
( 2 ) سورة التوبة الاية : 60 .
[216]
فاتقوا الله فان أبي حدثني وكان خير أهل الارض وأعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله
أن رسول الله قال : من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه ، وفي المسلمين من
هو أعلم منه فهو ضال متكلف ( 1 ) .
3 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن زرارة ، عن
عبدالكريم مثله ( 2 ) .
4 - قب : دخل عمرو بن عبيد على الصادق وقرأ " إن تجتنبوا كبائر
ما تنهون عنه " ( 3 ) وقال : احب أن أعرف الكبائر من كتاب الله فقال : نعم يا عمرو
ثم فصله بأن الكبائر الشرك بالله " إن الله لا يغفر أن يشرك به " ( 4 ) واليأس
" ولا تيأسوا من روح الله " ( 5 ) وعقوق الوالدين لان العاق جبار شقي " وبرا بوالدتي
ولم يجعلني جبارا شقيا " ( 6 ) . وقتل النفس " ومن يقتل مؤمنا متعمدا " ( 7 )
وقذف المحصنات وأكل مال اليتيم " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما " ( 8 )
والفرار من الزحف " ومن يولهم يومئذ دبره " ( 9 ) .
وأكل الربوا " الذى يأكلون الربوا " ( 10 ) والسحر " ولقد علموا لمن
اشتريه " ( 11 ) والزناء " ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما " ( 12 ) واليمين الغموس
" إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا " ( 13 ) والغلول " ومن يغلل يأت بما غل " ( 14 )
ومنع الزكاة " يوم يحمى عليها في نار جهنم " ( 15 ) وشهادة الزور وكتمان الشهادة
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحتجاج للطبرسى ص 197 . / / ( 2 ) الكافى ج 5 ص 23 .
( 3 ) سورة النساء الاية 31 . / / ( 4 ) سورة النساء الاية 48 .
( 5 ) سورة يوسف الاية 87 . / / ( 6 ) سورة مريم الاية 32 .
( 7 ) سورة النساء الاية 93 . / / ( 8 ) سورة النساء الاية 10 .
( 9 ) سورة الانفال الاية 16 . / / ( 10 ) سورة البقرة الاية 275 .
( 11 ) سورة البقرة الاية 102 . / / ( 12 ) سورة الفرقان الاية 68 .
( 13 ) سورة آل عمران الاية 77 . / / ( 14 ) سورة آل عمران الاية 161 .
( 15 ) سورة التوبة الاية 35 .
[217]
" ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " ( 1 ) وشرب الخمر لقوله عليه السلام : شارب الخمر
كعابدوثن ، وترك الصلاة لقوله : من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله
وذمة رسوله ، ونقض العهد وقطيعة الرحم " الذين ينقضون عهدالله " ( 2 ) وقول
الزور " واجتنبوا قول الزور " ( 3 ) والجرأة على الله " أفأمنوا مكرالله " ( 4 )
وكفران النعمة " ولئن كفرتم إن عذابي لشديد " ( 5 ) وبخس الكيل والوزن
" ويل للمطففين " ( 6 ) واللواط " الذين يجتنبون كبائر الاثم " ( 7 ) والبدعة
قوله عليه السلام من تبسم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم دينه .
قال : فخرج عمرو وله صراخ من بكائه وهو يقول : هلك من سلب تراثكم و
نازعكم في الفضل والعلم ( 8 ) .
وذكر أبوالقاسم البغار في مسند أبي حنيفة : قال الحسن بن زياد : سمعت
أباحنيفة وقد سئل من أفقه من رأيت ؟ قال : جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور بعث إلي
فقال : يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك الشداد
فهيأت له أربعين مسألة ، ثم بعث إلي أبوجعفر وهو بالحيرة فأتيته .
فدخلت عليه ، وجعل جالس عن يمنه ، فلما بصرت به ، دخلني من الهيبة
لجعفر مالم يدخلني لابي جعفر ، فسلمت عليه ، فأومأ إلي فجلست ، ثم التفت
إليه ، فقال : يا أبا عبدالله هذا أبوحنيفة قال : نعم أعرفه ، ثم التفت إلي فقال : يا
أبا حنيفة ألق على أبي عبدالله من مسائلك فجعلت القي عليه فيجيبني فيقول :
أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربما تابعنا و
ربما تابعهم ، ربما خالفنا جميعا حتى أتيت على الاربعين مسألة فما أخل منها بشئ
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة البقرة الاية 283 . / / ( 2 ) سورة البقرة الاية 27 .
( 3 ) سورة الحج الاية 30 . / / ( 4 ) سورة الاعراف الاية 99 .
( 5 ) سورة ابراهيم الاية 7 . / / ( 6 ) سورة المطففين الاية 1 .
( 7 ) سورة النجم الاية 32 .
( 8 ) المناقب ج 3 ص 375 .
[218]
ثم قال أبوحنيفة : أليس أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ( 1 ) .
أبان بن تغلب في خبر أنه دخل يماني على الصادق عليه السلام فقال له : مرحبا بك
يا سعد فقال الرجل : بهذا الاسم سمتني امي ، وقل من يعرفني به فقال : صدقت يا
سعد المولى فقال : جعلت فداك بهذا كنت القب فقال : لا خير في اللقب إن الله يقول :
" ولا تنابزوا بالالقاب " ( 2 ) ما صناعتك يا سعد ؟ قال : أنا من أهل بيت ننظر في
النجوم ، فقال : كم ضوء الشمس على ضوء القمر درجة ؟ قال : لا أدري قال : فكم
ضوء القمر على ضوء الزهرة درجة ؟ قال : لا أدري قال : فكم للمشتري من ضوء
عطارد ؟ قال : لا أدري قال : فما اسم النجوم التي إذا طلعت هاجت البقر ؟ قال : لا
أدري فقال : يا أخا أهل اليمن عندكم علماء ؟ قال : نعم إن عالمهم ليزجر الطير
ويقفوا الاثر في الساعة الواحدة مسيرة سير الراكب المجد فقال عليه السلام : إن عالم
المدينة أعلم من عالم اليمن ، لان عالم المدينة ينتهي إلى حيث لا يقفو الاثر ، ويزجر
الطير ، ويعلم ما في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس ، يقطع اثني عشر برجا ، واثني عشر
بحرا ، واثني عشر عالما قال : ما ظننت أن أحدا يعلم هذا ويدري .
سالم الضرير : إن نصرانيا سأل الصادق عليه السلام عن تفصيل الجسم فقال عليه السلام إن
الله تعالى خلق الانسان على اثني عشر وصلا وعلى مائتين وستة وأربعنى عظما ، وعلى
ثلاث مائة وستين عرقا ، فالعروق هي التي تسقي الجسد كله ، والعظام تمسكها ، واللحم
يمسك العظام ، والعصب يمسك اللحم .
وجعل في يديه اثنين وثمانين عظما ، في كل يد أحد وأربعون عظما :
منها : في كفه خمسة وثلاثون عظما ، وفي ساعده إثنان ، وفي عضده واحد ، وفي
كتفه ثلاثة فذلك أحد وأربعون عظما ، وكذلك في الاخرى وفي رجله ثلاثة وأربعون
عظما منها في قدمه خمسة وثلاثون عظما وفي ساقه إثنان وفي ركبته ثلاثة في فخذه
واحد ، وفي وركه إثنان ، وكذلك في الاخرى ، في صلبه ثماني عشرة فقارة ، وفي
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 378 .
( 2 ) سورة الحجرات الاية 11 .
[219]
كل واحد من جنبيه تسعة أضلاع ، وفي وقصته ثمانية ، وفي رأسه ستة وثلاثون عظما
وفي فيه ثمانية وعشرون ، واثنان وثلاثون ( 1 ) .
بيان : لعل المراد بالوقصة العنق قال الفيروز آبادي : ( 2 ) وقص عنقه كوعد
كسرها والوقص بالتحريك قصر العنق ، ويحتمل أن يكون وفي قصه وهي عظام وسط
الظهر قوله عليه السلام : وفي فيه ثمانية وعشرون أي في بدو الانبات ، ثم تنبت في قريب
من العشرين أربعة اخرى ، فلذا قال عليه السلام بعده واثنان وثلاثون .
ويحتمل أن يكون باعتبار اخلتفها في الاشخاص ، ويدل الخبر على أن
السن ليس بعظم .
5 - قب : قال بعض الخوارج لهشام بن الحكم : العجم تتزوج في العرب ؟
قال : نعم قال : فالعرب تتزوج في قريش ؟ قال : نعم قال : فقريش تتزوج في
بني هاشم ؟ قال : نعم ، فجاء الخارجي : إلى الصادق عليه السلام فقص عليه ، ثم قال : أسمعه
منك فقال عليه السلام : نعم قد قلت ذاك . قال الخارجي : فها أنا ذا قد جئتك خاطبا ، فقال له
أبوعبدالله عليه السلام : إنك لكفوفي دينك وحسبك في قومك ، ولكن الله عزوجل صاننا
عن الصدقات ، وهي أوساخ أيدي الناس ، فنكره أن نشرك فيما فضلنا الله به من
لم يجعل الله له مثل ما جعل لنا .
فقام الخارجي وهو يقول : الله ما رأيت رجلا مثله ، ردني والله أقبح رد
وما خرج من قول صاحبه ( 3 ) .
وحدث أبوهفان وابن ما سويه حاضر أن جعفر بن محمد عليه السلام قال : الطبائع
أربع : الدم وهو عبد ، وربما قتل العبد سيده ، والريح : وهو عدو إذا سددت له
بابا أتاك من آخر ، والبلغم : وهو ملك يداري ، والمرة : وهي الارض ، إذا رجفت
رجفت بمن عليها فقال : أعد علي فوالله ما يحسن جالينوس أن يصف هذا الوصف ( 4 )
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 379 .
( 2 ) القاموس ج 2 ص 321 - 322 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 381 . / / ( 4 ) نفس المصدر ج 3 ص 382 .
[220]
وفي امتحان الفقهاء : رجل صانع ، قطع عضوصبي بأمرأبيه ، فإن مات فعليه نصف
الدية ، وإن عاش فعليه الدية كالمة هذا حجام قطع حشفة صبي ، وهو يختنه
فإن مات فعليه نصف الدية ، ونصف الدية على أبيه لانه شاركه في موته ، وإن عاش
فعليه الدية كاملة لانه قطع النسل ، وبه ورد الاثر عن الصادق عليه السلام ( 1 ) .
وفيه أن رجلا حضرته الوفاء فأوصى أن غلامي يسارهوا بني فورثوه ، وغلامي
يسار فأعتقوه فهو حر الجواب يسأل أي الغلامين كان يدخل عليهن فيقول أبوهم لا
يستترن منه ، فانما هو ولده ، فان قال أولاده : إنما أبونا قال لا يستترن منه ، فانه
نشأ في حجورنا وهو صغير ، فيقال لهم : أفيكم أهل البيت علامة ؟ فان قالوا : نعم
نظر فان وجدت تلك العلامة بالصغير فهو أخوهم ، وإن لم توجد فيه يقرع بين
الغلامين فأيهما خرج سهمه فهو حر بالمروي عنه عليه السلام ( 2 ) .
بيان : إنما ذكر الروايتين مع أنهما ليسا بمعتمدين ، لبيان أن المخالفين
يروون عنه عليه السلام ويثقون بقوله ، والاخيرة فيها موافقة في الجملة للاصول ولتحقيقها
مقام آخر .
6 - قب : سأل زنديق الصادق عليه السلام فقال : ما علة الغسل من الجنابة وإنما
أتى حلالا ، وليس في الحلال تدنيس ؟ فقال عليه السلام : لان الجنابة بمنزلة الحيض
وذلك أن النطفة دم لم يستحكم ، ولا يكون الجماع إلا بحركة غالبة فاذا فرغ
تنفس البدن ، ووجد الرجل من نفسه رائحة كريهة ، فوجب الغسل لذلك : غسل
الجنابة أمانة ائتمن الله عليها عبثيده ليتخبرهم بها ( 3 ) وسأله عليه السلام أبوحنيفة عن قوله :
" والله ربنا ما كنا مشركين " ( 4 ) فقال : ما تقول فيها يا أبا حنيفة فقال : أقول إنهم
لم يكونوا مشركين ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : قال الله تعالى " انظر كيف كذبوا
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج ص 386 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 387 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 ص 387 .
( 4 ) سورة الانعام الاية 23 .
[221]
على أنفسهم " فقال : ما تقول فيها يا ابن رسول الله ؟ فقال : هؤلاء قوم من أهل القبلة
أشركوا من حيث لا يعلمون .
وسأله عليه السلام عباد المكي عن رجل زنى وهو مريض ، فإن اقيم عليه الحد خافوا
أن يموت ، ما تقول فيه ؟ فقال : هذه المسألة من تلقاء نفسك ؟ أو أمرك بها إنسان ؟ فقال :
إن سفيان الثوري أمرني بها فقال عليه السلام : إن رسول الله أتي برجل أحبن قد استسقى
بطنه وبدت عروق فخذيه ، وقد زنا بامرأة مريضة فأمر رسول الله فأتي بعرجون فيه مائة
شمراخ فضربه به ضربة ، وضربها ضربة وخلى سبيلهما ، وذلك قوله " وخذ بيدك
ضغثا فاضرب به " ( 1 ) .
بيان : الحبن محركة داء في البطن يعظم منه ويرم فهو أحبن .
7 - كشف : روى محمد بن طلحة ( 2 ) عن سفيان الثوري قال : دخلت على
جعفر بن محمد وعليه جبة خز دكناء وكساء خز فجعلت أنظر إليه تعجبا فقال لي :
يا ثوري مالك تنظر إلينا ؟ لعلك تعجب مما ترى ؟ فقلت : يا ابن رسول الله ليس
هذا من لباسك ولا لباس آبائك ! .
قال : يا ثوري كان ذلك زمان إقتارو افتقار ، وكانوا يعملون على قدر إقتاره
وافتقاره ، وهذا زمان قد أسبل كل شئ عزاليه ( 3 ) ، ثم حسر ردن جبته فإذا
تحتها جبة صوف بيضآء ، يقصر الذيل عن الذيل ، والردن عن الردن ، وقال :
يا ثوري لبسنا هذا لله تعالى وهذا لكم ، وما كان لله أخفيناه وما كان لكم أبديناه .
8 - كا : علي ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن محمد ، عن السلمي ، عن داود


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 221 سطر 19 الى ص 229 سطر 18

الرقي قال : سألنى بعض الخوارج عن هذه الآية : " من الضان اثنين ومن المعز اثنين
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 390 والاية الثانية في سورة الانعام برقم 24 .
( 2 ) مطالب السؤول ص 82 .
( 3 ) العزالى : جمع عزلاء وهى مصب الرواية فقوله : قد أسبل كل شئ عزاليه ، يريد
به وفور الخير وانتشار البركة وكثرة النعم وتفشى الرخاء .
[222]
قل آالذكرين حرم أم الانثيين - ومن الابل اثنين ومن البقراثنين " ( 1 ) ما الذي أحل
الله من ذلك ؟ وما الذي حرم ؟ فلم يكن عندي فيه شئ ، فدخلت على أبي عبدالله
وأنا حاج فأخبرته بما كان فقال : إن الله عزوجل أحل في الاضحية بمنى الضان
والمعز الاهلية ، وحرم أن يضحى بالجبلية ، وأما قوله " ومن الابل اثنين ومن
البقراثنين " فان الله تبارك وتعالى أحل في الاضحية الابل العراب ( 2 ) وحرم
فيها البخاتي ( 3 ) وأحل البقر الاهلية أن يضحى بها ، وحرم الجبلية ، فانصرفت
إلى الرجل فأخبرته بهذا الجواب ، فقال : هذا شئ حملته الابل من الحجاز ( 4 ) .
9 - كا : العدة ، عن سهل ، عن ابن أسباط ، عن علي بن عبدالله ، عن الحسين
ابن يزيد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول وقد قال أبوحنيفة : عجب الناس منك
أمس ، وأنت بعرفة تماكس ( 5 ) ببدنك ( 6 ) أشد مكاسا يكون ، قال : فقال له
أبوعبدالله عليه السلام : وما لله من الرضا أن اغبن في مالي قال : فقال أبوحنيفة : لا والله
مالله في هذا من الرضا قليل ولا كثير وما نجيئك بشئ إلا جئتنا بما لا مخرج لنا
منه ( 7 ) .
10 - كا : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن عبدالله بن سنان
قال : لما قدم أبوعبدالله عليه السلام على أبي العباس وهو بالحيرة ( 8 ) خرج يوما يريد
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الانعام الاية : 142 - 143 .
( 2 ) الابل العراب : بكسر العين وهى الابل العربية خلاف البخاتى .
( 3 ) الابل البخاتى : جمع بختية وبخت بالضم وهى الخراسانية .
( 4 ) الكافى ج 4 ص 492 .
( 5 ) المماكسة : في البيع انتقاص الثمن واستحطاطه .
( 6 ) البدن : بالضم جمع بدنة كقصبة وتجمع على بدنات كقصبات وهى من الابل
ما كان له خمس سنين ودخل في السادسة ، وانما سميت بذلك لعظم بدنها وسمنها .
( 7 ) الكافى ج 4 ص 546 .
( 8 ) الحيرة : بالكسر : ثم السكون ، وراء : مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة
على النجف ، وقيل سميت بذلك لان تبعا لما قصد خراسان خلف ضعفة جنده بذلك الموضع
وقال لهم : حيروا به ، أى أقيموا .
[223]
عيسى بن موسى فاستقبله بين الحيرة والكوفة ومعه ابن شبرمة القاضي فقال له : إلى
أين يا أبا عبدالله ؟ فقال : أردتك فقال : قد قصر الله خطوك قال : فمضى معه فقال
له ابن شبرمة : ما تقول يا أبا عبدالله في شئ سأني عنه الامير فلم يكن عندي فيه
شئ ؟ فقال : وما هو ؟ قال : سأني عن أول كتاب كتب في الارض قال : نعم إن
الله عزوجل عرض على آدم ذريته عرض العين في صور الذر نبيا فنبيا ، وملكا
فملكا ، ومؤمنا فمؤمنا ، وافرا فكافرا ، فلما انتهى إلى داود عليه السلام قال : من هذا
الذي نبأته وكرمته وقصرت عمره ؟ قال : فأوحى الله عزوجل إليه هذا ابنك
داود ، عمره أربعون سنة ، وإني قد كتبت الآجال ، وقسمت الارزاق ، وأنا أمحوا
ما أشاء واثبت وعندي ام الكتاب ، فان جعلت له شيئا من عمرك أحلقته له قال :
يا رب قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المائة قال : فقال الله عزوجل لجبرئيل
وميكائيل وملك الموت : اكتبوا عليه كتابا ، فانه سينسى قال : فكتبوا عليه كتابا
وختموه بأجنحتهم ، من طينة عليين قال : فلما حضرت آدم الوفاة ، أتاه ملك الموت
فقال آدم : يا ملك الموت ما جاء بك ؟ قال : جئت لاقبض روحك قال : قدبقي من
عمري ستون سنة فقال : إنك جعلتها لابنك داود ، قال : ونزل عليه جبرئيل
وأخرج له الكتاب ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : فمن أجل ذلك إذا خرج الصك على
المديون ذل المديون ، فقبض روحه ( 1 ) .
11 - كا : علي ، عن أبيه عن الحسن بن علي ، عن أبي جعفر الصائغ ، عن
محمد بن مسلم قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام وعنده أبوحنيفة فقلت له : جعلت فداك
رأيت رؤيا عجيبة فقال : يا ابن مسلم هاتها فان العالم بها جالس وأومأ بيده إلى
أبي حنيفة قال : فقلت : رأيت كأني دخلت داري وإذا أهلي قد خرجت علي
فكسرت جوزا كثيرا ، ونثرته علي فتعجبت من هذه الرؤيا ، فقال أبوحنيفة : أنت
رجل تخاصيم وتجادل لئاما في مواريث أهلك فبعد نصب ( 2 ) شديد تنال حاجتك
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 7 ص 387 .
( 2 ) النصب : محركة التعب والاعياء .
[224]
منها إن شاء الله فقال أبوعبدالله عليه السلام : أصبت والله يا أبا حنيفة .
قال : ثم خرج أبوحنيفة من عنده فقلت : جعلت فداك إني كرهت تعبير
هذا الناصب فقال : يا ابن مسلم لا يسؤك الله ، فما يواطئ تعبيرهم تعبيرنا ، ولا تعبيرنا
تعبيرهم ، وليس التعبير كما عبره ، قال : فقلت له : جعلت فداك فقولك أصبت
وتحلف عليه وهو مخطئ ! ؟ قال : نعم ، حلفت عليه أنه أصاب الخطاء قال : فقلت
له : فما تأولها قال : يا ابن مسلم إنك تتمتع بامرأة فتعلم بها أهلك فتخرق عليك
ثيابا جددا ، فان القشر كسوة اللب قال ابن مسلم : فوالله ما كان بين تعبيره وتصحيح
الرؤيا ، إلا صبيحة الجمعة ، فلما كان غداة الجمعة ، أنا جالس بالباب إذ مرت
بي جارية فأعجبتني فأمرت غلامي فردها ثم أدخلها داري فتمتعت بها فأحست بي
وبها أهلي فدخلت علينا البيت ، فبادرت الجارية نحو الباب فبقيت أنا فمزقت
علي ثيابا جددا كنت ألبسها في الاعياد ( 1 ) .
12 - كا : أحمد بن محمد ، وعلي بن محمد جميعا ، عن علي بن الحسن التيمي
عن محمد بن الخطاب الواسطي ، عن يونس بن عبدالرحمان ، عن أحمد بن عمر الحلبي
عن حماد الازدي ، عن هشام الخفاف قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام : كيف بصرك
بالنجوم ؟ قال : قلت : ما خلفت بالعراق أبصر بالنجوم مني ، فقال : كيف دوران
الفلك عندكم ؟ قال : فأخذت قلنسوتي عن رأسي فأدرتها قال : فقال : فان كان الامر
على ما تقول فما بال بنات نعش والجدي والفرقدين لا يرون يدورون يوما من الدهر
في القبلة ؟ قال : قلت : والله هذا شئ لا أعرفه ، ولا سمعت أحدا من أهل الحساب
يذكره ، فقال لي : كم السكينة من الزهرة جزءا في ضوئها ؟ قال : قلت : هذا
والله نجم ما سمعت به ولا سمعت أحدا من الناس يذكره فقال : سبحان الله فأسقطتم
نجما بأسره فعلى ما تحسبون ! ؟ ثم قال : فكم الزهرة من القمر جزءا في ضوئه ؟
قال : فقلت : هذا شئ لا يعلمه إلا الله عزوجل قال : فكم القمر جزءا من الشمس
في ضوئها ؟ قال : فقلت : ما أعرف هذا قال : صدقت .
* ( هامش ) * ( 1 ) ج 8 ص 292 وفيه " تمزق " بدل " تخرق .
[225]
ثم قال : ما بال العسكرين يلتقيان في هذا حاسب وفي هذا حاسب فيحسب
هذا لصاحبه بالظفر ، ويحسب هذا لصاحبه بالظفر ، ثم يلتقيان فيهزم أحدهما
الاخر ، فأين كانت النجوم ؟ قال : فقلت : لا والله ما أعلم ذلك ، قال : فقال عليه السلام :
صدقت إن أصل الحساب حق ، ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق
كلهم ( 1 ) .
13 - كا : علي ، عن أبيه ، عن نوح بن شعيب ، ومحمد بن الحسن قال : سأل
ابن أبي العوجاء هشام بن الحكم فقال له : أليس الله حكيما ؟ قال : بلى هو أحكم
الحاكمين قال : فأخبرني عن قول الله عزوجل " فانكحوا ما طاب لكم من النساء
مثنى وثلاث ورباع فان خفتم أن لا تعدلوا فواحدة " ( 2 ) أليس هذا فرض ! ؟ قال :
بلى ، قال : فأخبرني عن قوله عزوجل " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو
حرصتم فلا تميلوا كل الميل " ( 3 ) أي حكيم يتكلم بهذا ؟ فلم يكن عنده جواب
فرحل إلى المدينة إلى أبي عبدالله عليه السلام فقال : يا هشام في غير وقت حج ولا عمرة !
قال : نعم جعلت فداك لامر أهمني إن ابن أبي العوجاء سألني عن مسألة لم يكن
عندي فيها شئ ، قال : وماهي ؟ قال : فأخبره بالقصة فقال له أبوعبدالله عليه السلام :
أما قوله عزوجل : " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان
خفتم أن لا تعدلوا فواحدة " يعني في النفقة .
وأما قوله : " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل
الميل فتذروها كالمعلقة " يعني في المودة قال : فلما قدم عليه هشام بهذا الجواب وأخبره
قال : والله ما هذا من عندك ( 4 ) .
14 - كا : العدة ، عن سهل ، عن البزنطي ، عن أبي المغرا ، عن عبيد بن
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 8 ص 351 .
( 2 ) سورة النساء ، الاية : 3 .
( 3 ) سورة النساء ، الاية : 129 .
( 4 ) الكافى ج 5 ص 362 .
[226]
زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إني لذات يوم عند زياد بن عبيد الله الحارثي
إدجآء رجل يستعدي على أبيه فقال : أصلح الله الامير إن أبي زوج ابنتي بغير
إذني فقال زياد لجلسائه الذين عنده : ما تقولن فيما يقول هذا الرجل ؟ قالوا :
نكاحه باطل ، قال : ثم أقبل علي فقال : ما تقول يا أبا عبدالله ؟ فلما سألني
أقبلت على الذين أجابوه فقلت لهم : أليس فيما تروون أنتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله
أن رجلا جاء يستعديه على أبيه في مثل هذا فقال رسول الله صلى الله عليه واله : أنت ومالك
لابيك ؟ فقالوا : بلى فقلت لهم : فكيف يكون هذا وهو وماله لابيه ولا يجوز نكاحه ؟
قال : فأخذ بقولهم وترك قولي ( 1 ) .
15 - كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن يحيى ، عن معاوية بن
عمار قال : ماتت اخت مفضل بن غياث ، فأوصت بشئ من مالها ، الثلث في سبيل
الله ، والثلث في المساكين ، والثلث في الحج فاذا هو لا يبقى ما يبلغ ما قالت ، فذهبت
أنا وهو إلى ابن أبي ليلى فقص عليه القصة فقال : اجعلوا ثلثا في ذا وثلثا في ذا
وثلثا في ذا فأتينا ابن شبرمة فقال أيضا كما قال ابن أبي ليلى ، فأتينا أبا حنيفة فقال كما
قالا ، فخرجنا إلى مكة فقال لي : سل أبا عبدالله عليه السلام ولم تكن حجة المرأة ، فسألت
أبا عبدالله عليه السلام فقال لي : ابدأ بالحج فانه فريضة من الله عليها ، وما بقي اجعله
بعضا في ذا وبعضا في ذا قال : فقدمت فدخلت المسجد واستقبلت أبا حنيفة وقلت له :
سألت جعفر بن محمد عن الذي سألتك عنه فقال لي : ابدأ بحق الله أولا فانه فريضة
عليها ، وما بقي فاجعله بعضا في ذا وبعضا في ذا ، قال : فوالله ما قال لي خيرا ولا شرا
وجئت إلى حلقته وقد طرحوها وقالوا : قال أبوحنيفة : ابدأ بالحج فانه فريضة الله
عليها قال : فقلت : هو بالله قال : كذا وكذا ؟ فقالوا : هو خبرنا هذا ( 2 ) .
16 - كا : علي ، عن أبيه ، عن أحمد بن عبدالله العقيلي ، عن عيسى بن
عبدالله القرشي قال : دخل أبوحنيفة على أبي عبدالله عليه السلام فقال له : يا أبا حنيفة بلغني
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 5 ص 395 .
( 2 ) المصدر السابق ج 7 ص 63 .
[227]
أنك تقيس ؟ قال : نعم ، قال : لا تقس ، فان أول من قاس إبليس حين قال :
خلقتني من نار وخلقته من طين " ( 1 ) فقاس ما بين النار والطين ، ولو قاس نورية آدم
بنورية النار ، عرف فضل ما بين النورين ، وصفاء أحدهما على الآخر ( 2 ) .
17 - كا : علي بن إبراهيم ، عن سلمة بن الخطبا ، عن الحسن بن راشد
عن علي بن إسماعيل الميثمي ، عن حبيب الخثعمي قال : كتب أبوجعفر المنصور
إلى محمد بن خالد ، وكان عامله على المدينة ، أن يسأل أهل المدينة عن الخمس في
الزكاة من المأتين كنيف صارت وزن سبعة ؟ ولم يكن هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأمره
أن يسأل فيمن يسأل عبدالله بن الحسن ، وجعفر بن محمد عليهما السلام قال : فسأل أهل المدينة
فقالوا : أدركنا من كان قبلنا على هذا فبعث إلى عبدالله بن الحسن وجعفر بن محمد
عليهما السلام : فسأل عبدالله بن الحسن فقال كما قال المستفتون من أهل المدينة
فقال : ما تقول يا أبا عبدالله ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل في كل أربعين أوقية
أوقية فاذا حسبت ذلك كان وزن سبعة ، وقد كانت على وزن ستة ، كانت الدراهم
خمسة دوانق ، قال حبيب : فحسبناه فوجدناه كما قال ، فأقبل عليه عبدالله بن
الحسن فقال : من أين أخذت هذا ؟ قال : قرأت في كتاب امك فاطمة ، قال : ثم
انصرف ، فبعث إليه محمد بن خالد : ابعث إلي بكتاب فاطمة عليها السلام ، فأرسل إليه
أبوعبدالله عليه السلام إني إنما أخبرتك أني قرأته ، ولم اخبرك أنه عندي ، قال حبيب :
فجعل يقول محمد بن خالد : يقول لي : ما رأيت مثل هذا قط ( 3 ) .
بيان : اعلم أن الدراهم كان في زمن الرسول الله صلى الله عليه وآله ستة دوانيق ، ثم نقص
فصار خمسة دوانيق ، فصار ستة منها على وزن خمسة مما كان في زمن الرسول
صلى الله عليه وآله ، ثم تغير إلى أن صار سبعة دراهم ، على وزن خمسة من
دراهم زمانه صلى الله عليه وآله وسلم ، فاذا عرفت هذا فيمكن توجيه الخبر بوجهين :
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الاعراف ، الاية : 12 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 58 .
( 3 ) المصدر السابق ج 3 ص 507 .
[228]
الاول : أن يقال : إنهم لما سمعوا أن النصاب الاول مائتا درهم ، وفيه
خمسة دراهم ، ورأوا في زمانهم أن الفقهاء يحكمون بأن النصاب الاول مائتان
وأربعون ، وفيها سبعة دراهم ، ولم يدروا ما السبب في ذلك ، فأجابهم عليه السلام بأن
علة ذلك نقص وزن الدراهم وإنما ذكر الاوقية لانهم كانوا يعلمون أن الاوقية
كان في زمن الرسول الله صلى الله عليه وآله وزن أربعين درهما ، وكانت الاوقية لم تتغير عما كانت عليه
فلما حسبوا ذلك علموا النسبة بين الدرهمين ، كذا أفاده الوالد العلامة قدس الله روحه
الثاني : أن يقال : إنهم كانوا يعلمون تغير الدراهم ونقصها ، وإنما اشتبه عليهم أنه
لم لا يجزي في مائتي درهم من دراهم زمن الرسول الله صلى الله عليه وآله خمسة من دراهم زمانهم ؟
فأجاب عليه السلام بأن النبي صلى الله عليه وآله قرر لذلك نصف العشر ، حيث جعل في كل أربعين
أوقية أوقية ، فلا يجزي في تينك المائتين إلا سبعة ، من دراهم زمانهم ، حتى يكون
ربع العشر ، فحسبوه فوجدوه كما قال عليه السلام ، قوله ( مثل هذا ) [ أي مثل هذا ]
الرجل أو هذا الجواب .
8 كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن أبي
جعفر الاحول قال : سألني رجل من الزنادقة فقال : كيف صارت الزكاة من كل
ألف خمسة وعشرين درهما ؟ فقلت له : إنما ذلك مثل الصلاة ثلاث وثنتان ، وأربع
قال : فقيل مني ، ثم لقيت بعد ذلك أبا عبدالله عليه السلام فسألته عن ذلك فقال : إن الله
عزوجل حسب الاموال والمساكين فوجد ما يكفيهم من كل ألف خمسة وعشرين
ولولم يكفهم لزادهم ، قال : فرجعت إليه فأخبرته ، فقال : جاءت هذه المسألة
على الابل من الحجاز ، ثم قال : لو أني أعطيت أحدا طاعة لاعطيت صاحب هذا
الكلام ( 1 ) .
19 كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن محمد بن علي بن سماعة ، عن الكلبي
النسابة قال : دخلت المدينة ، ولست أعرف شيئا من هذا الامر ، فأتيت المسجد ، فاذا
جماعة من قريش فقلت : أخبروني عن عالم أهل هذا البت ، فقالوا : عبدالله بن الحسن
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 3 ص 305 .
[229]
فأتيت منزله فاستأذنت فخرج إلي رجل ظننت أنه غلام له ، فقلت له : استأذن لي
على مولاك ، فدخل ثم خرج ، فقال لي : ادخل فدخلت فاذا أنا بشيخ معتكف
شديد الاجتهاد ، فسلمت عليه فقال لي : من أنت ؟ فقلت : أنا الكلبي النسابة فقال :
ما حاجتك ؟ فقلت : جئت أسألك فقال : أمررت با بني محمد ؟ قلت : بدأت بك فقال :
سل ! قلت : أخبرني عن رجل قال لا مرأته : ( أنت طالق عدد نجوم السماء ) فقال :
تبين برأس الجوزاء ، والباقي وزر عليه وعقوبة فقلت في نفسي : واحدة فقلت : ما يقول
الشيخ في المسح على الخفين فقال : قد مسح قوم صالحون ، ونحن أهل بيت لا نمسح
فقلت في نفسي : ثنتان فقلت : ما تقول في أكل الجري أحلال هو أم حرام ، فقال :
حلال إلا أنا أهل البيت نعافه ، فقلت في نفسي : ثلاث ، فقلت : وما تقول في شرب
النبيذ ؟ فقال : حلال إلا أنا أهل البيت لا نشربه ، فقمت فخرجت من عنده وأنا
أقول : هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت ، فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة
من قريش وغيرهم من الناس ، فسلمت عليهم ثم قلت لهم : من أعلم أهل هذا البيت
فقالوا : عبدالله بن الحسن ، فقلت : قد أتيته فلم أجد عنده شيئا ، فرفع رجل من
القوم رأسه لقال : ائت جعفر بن محمد عليهما السلام فهو عالم أهل هذا البيت ، فلامه بعض من
كان بالحضرة .
فقلت : إن القوم إنما منعهم من إرشادي إليه أول مرة الحسد ، فقلت له :
ويحك إياه أردت فمضيت حتى صرت إلى منزله فقرعت الباب ، فخرج غلام له
فقال : ادخل يا أخا كلب ، فوالله لقد أدهشني ، فدخلت وأنا مضطرب ونظرت فإذا


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 229 سطر 19 الى ص 237 سطر 18

بشيخ على مصلى ، بلامر فقة ولا بردعة ، فابتدأني بعد أن سلمت عليه فقال لي : من
أنت ؟ فقلت في نفسي : يا سبحان الله غلامه يقول لي بالباب : ادخل يا أخا كلب ويسألني
المولى : من أنت ! ! فقلت له : أنا الكلبي النسابة ، فضرب بيده على جبهته وقال :
كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا ، قد خسروا خسرانا مبينا ، يا أخا كلب إن
الله عزوجل يقول : ( وعاد وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا ) ( 1 )
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الفرقان الاية : 38 .
[230]
أفتنسبها أنت ؟ فقلت : لا جعلت فداك ، فقال لي : أفتنسب نفسك ؟ قلت : نعم أنا
فلان بن فلان بن فلان ، حتى ارتفعت فقال لي : قف ليس حيث تذهب ، ويحك
أتدري من فلان بن فلان ؟ قلت : نعم فلان بن فلان قال : إن فلان بن فلان الرعي
الكردي إما كان فلان الكردي الرعي على جبل آل فلان ، فنزل إلى فلانة امرأة
فلان من جبله الذي كان يرعى غنمه عليه ، فاطعمها شيئا وغشيها ، فولدت فلانا
فلان بن فلان من فلانة وفلان بن فلان .
ثم قال : أتعرف هذه الاسامي ؟ قلت : لا والله جعلت فداك ، فإن رأيت
أن تكف عن هذا فعلت فقال : إنما قلت فقلت ، فقلت : إني لا أعود قال : لا نعود
إذا ، واسأل عما جئت له فقلت له : أخبرني عن رجل قال لا مرأته أنت طالق عدد
النجوم فقال : ويحك أما تقرأ سورة الطلاق ؟ ! قلت : بلى قال : فاقرأ فقرأت
( فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ) ( 1 ) .
قال : أترى ههنا نجوم السماء ؟ قلت لا ، قلت : فرجل قال لا مرأته أنت طالق
ثلاثا قال : ترد إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ثم قال : لا طلاق إلا على طهر
من غير جماع ، بشاهدين مقبولين ، فقلت في نفسي : واحدة ثم قال ك سل فقلت : ما
تقول في المسح على الخفين ؟ فتبسم ثم قال : إذا كان يوم القيامة ، ورود الله كل شئ
إلى شيئه ، ورد الجلد إلى الغنم ، ف ترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم ؟ !
فقلت في نفسي : ثنتان .
ثم التفت إلي . فقال : سل فقلت : أخبرني عن أكل الجري ؟ فقال : إن الله
عزوجل مسخ طائفة من بني إسرائيل فما أخذ منهم بحرا فهو الجري والزمار والمار
ماهي وما سوى ذلك ، وما أخذمنهم برأ فالقردة ، والخنازير ، والوبر ، والورل وما سوى
ذلك ، فقلت في نفسي : ثلاث ثم التفت إلي وقال : سل وقم فقلت : ما تقول في النبيذ ؟
فقال عليه السلام : حلال فقلت : إنا ننبذ فنطرح فيه العكروما سوى ذلك ، ونشربه
فقال : شه شه ، تلك الخمرة المنتنة فقلت : جعلت فداك فأي نبيذ تعني ؟ فقال :
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الطلاق الايه : 1 .
[231]
إن أهل المدينة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تغير الماء ، وفساد طبائعهم ، فأمرهم أن
ينبذوا ، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له ، فيعمد إلى كف من التمر فيقذف به
في الشن فمنه شربه ومنه طهوره .
فقلت : وكم كان عدد التمر الذي في الكف ؟ فقال : ما حمل الكف ، فقلت : واحدة
وثنتان ؟ فقال : ربما كانت واحدة ، وربما كانت ثنتين ، فقلت : وكم كان يسع الشن ؟
فقال : ما بين الاربعين إلى الثمانين إلى مافوق ذلك فقلت بالارطال ؟ فقال : نعم
أرطال بمكيال العراق قال سماعة : قال الكلبي : ثم نهض عليه السلام فقمت فخرجت
وأنا أضرب بيدي على الاخرى ، وأنا أقول : إن كان شئ فهذا ، فلم يزل الكلبي
يدين الله بحب أهل هذا البيت حتى مات ( 1 ) .
توضيح : المرفقة بالكسر المخدة ، والرذعة الحلس الذي يلقى تحت الرحل
والوبر بسكون الباء ، دويبة على قدر السنور غبراء أو بيضاء ، والورل محركة
دابة كالضب ، والعكر : دردي الزيت وغيره ، وشاه وجهه شوها قبح وشاهه يشيهه
عابه .
20 يب : محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن
يونس ، عن محمد بن مسلم ، والحسين بن محمد ، عن عبدالله بن عامر ، عن علي بن
مهزيار ، عن فضالة بن أيوب ، عن أحمد بن سليمان جميعا ، عن قرة مولى خالد
قال : صاح أهل المدينة إلى محمد بن خالد في الاستسقاء فقال لي : انطلق إلى أبي عبدالله
عليه السلام فسله ما رأيك ؟ فان هؤلاء قدصا حوا إلي ، فة أتيته فقلت له ما قال لي
فقال لي : قل له : فليخرج ! قلت له ك متى يخرج جعلت فداك ؟ قال : يوم الاثنين قلت
له : كيف يصنع ؟ قال : يخرج المنبر ثم يخرج يمشي كما يخرج يوم العيدين ، وبين
يديه المؤذنون في أيديهم عنزهم ( 2 ) حتى إذا انتهى إلى المصلى صلى بالناس ركعتين
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 1 ص 348 .
( 2 ) العنزة : بالتحريك جمع عنز وعنزات كقصبة وقصبات وقصب ، وهى أطول من
العصا وأقصر من الرمح ، فيها زج كزج الرمح .
[232]
بغير أذان ولا إقامه ثم يصعد المنبر فيقلب رداءه ، فيجعل الذي على يمينه على يساره
والذي علي يساره على يمينه ، ثم يستقبل القبلة ، فيكبر الله مائة تكبيرة ، رافعا
بها صوته ، ثم يلتفت إلى الناس عن يمينه ، فيسبح الله مائة تسبيحة رافعا بها صوته
ثم يلتفت إلى الناس عن يساره فيهلل الله مائة تهليلة رافعا بها صوته ، ثم يستقبل
الناس فيحمدالله مائة تحميدة ، ثم يرفع يديه فيدعو ، ثم يدعون ، فاني لارجو
أن لا يخيبوا ، قال : ففعل ، فلما رجعنا قالوا : هذا من تعليم جعفر ، وفي رواية
يونس : فما رجعنا حتى أهمتنا أنفسنا ( 1 ) .
21 كا : الحسين بن محمد ، عن علي بن محمد ، عن الحسن بن علي أو غيره
عن حماد بن عثمان قال : كان بمكة رجل مولى لبني امية يقال له : ابن أبي عوانة
له عباءة وكان إذا دخل إلى مكة أبوعبدالله عليه السلام أو أحد من أشياخ آل محمد يعبث
به ، وإنه أتى أبا عبدالله عليه السلام وهو في الطواف فقال : يا أبا عبدالله ! ما تقول في
استلام الحجر ؟ فقال : استلمه رسول الله صلى الله عليه وآله .
فقال : ما أراك استلمته قال : أكره أن أوذي ضعيفا أو أتأذى قال : فقال :
قد زعمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله استلمه قال ك نعم ، ولكن كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا
رأوه عرفوا له حقه ، وأنا فلا يعرفون لي حقي ( 2 ) .
22 كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة
ابن صدقة قال : دخل سفيان الثوري على أبي عبدالله عليه السلام فرأى عليه ثياب بياض ، كأنها
غرقئ البيض فقال له : إن هذا اللباس ليس من لباسك فقال له : اسمع مني وع ما
أقول لك ، فانه خير لك عاجلا وآجلا إن أنت مت على السنة والحق ، ولم تمت
على بدعة ، اخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في زمان مقفري جدب ، فأما إذا أقبلت
الدنيا ، فأحق أهلها بها أبرارها ، لا فجارها ، ومؤمنوها ، لا منافقوها ، ومسلموها
لا كفارها ، فما أنمكرت يا ثوري ؟ ! فوالله إنني لمع ما ترى ، ما أتى علي مذ عقلت
* ( هامش ) * ( 1 ) التهذيب ج 3 ص 148 .
( 2 ) الكافى ج 4 ص 409 .
[233]
صباح ولا مساء ، ولله في مالي حق أمرني أضعه موضعا إلا وضعته ، قال : وأتاه
قوم ممن يظهرون التزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه
من التقشف فقالوا له : إن صاحبنا حصر عن كلامك ، ولم يحضره حججه فقال لهم :
فهاتوا حججكم ! فقالوا له : إن حججنا من كتاب الله فقال لهم فأدلوا بها فإنها
أحق ما اتبع وعمل به .
فقالوا : يقول الله تبارك وتعالى ، مخبرآ عن قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله :
( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون ) ( 1 )
فمدح فعلهم .
وقال في موضع آخر ( ويطعمون الطعام على جبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) ( 2 )
فنحن نكتفي بهذا ، فقال رجل من الجلساء : إنا رأينا كم تزهدون في الاطعمة الطيبة
ومع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تمتعوا أنتم منها ، فقال له
أبوعبدالله عليه السلام : دعوا عنكم ما لانتفع به ، أخبروني أيها النفرأ لكم علم بناسخ
القرآن من منسوخه ، ومحكمه من متشابهه الذي في مثله ضل من ضل ، وهلك من
هلك من هذه الامة ؟ فقالوا له : أو بعضه ، فأما كله فلا ، فقال لهم : فمن ههنا اتيتم
وكذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله ، فأما ما ذكرتم من إخبار الله عزوجل إيانا
في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم ، فقد كان مباحا جائزا ، ولم
يكونوا نهوا عنه ، وثوابهم منه على الله عزوجل ، وذلك أن الله جل وتقدس
أمر بخلاف ما عملوا به ، فصار أمره ناسخا لفعلهم ، وكان نهي الله تبارك وتعالى
رحمة منه للمؤمنين ونظرا ، لكي لا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم ، منهم الضعفة
الصغار ، والولدان ، والشيخ الفاني ، والعجوزة الكبيرة ، الذين لا يصبرون على
الجوع ، فان تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا ، فمن ثم
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : خمس تمرات أو خمس قرص ، أو دنانير أو درهم يملكها الانسان
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الحشر الاية : 9 .
( 2 ) سورة الدهر الاية : 8 .
[234]
وهو يريد أن يمضيها ، فأفضلها ما أنفقه الانسان على والديه ، ثم الثانية على نفسه
وعياله ، ثم الثالثة على قرابته الفقراء ، ثم الرابعة على جيرانه الفقراء ، ثم
الخامسة في سبيل ، وهو أحسنها أجرا .
وقال صلى الله عليه وآله للانصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق ، ولم
يكن يملك غيرهم وله أولاد صغار : لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنوه مع
المسلمين يترك صبيته صغارا يتكففون الناس ! .
ثم قال : حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ابدأ بمن تعول الادني فالادنى
ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم ، ونهيا عنه مفروضا من الله العزيز الحكيم
قال : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) ( 1 ) أفلا ترون
أن الله تبارك وتعالى قال غيرما أراكم تدعون الناس إليه من الاثرة على أنفسهم و
سمى من فعل ما تدعون إليه مسرفا ، وفي غيرآية من كتاب الله يقول : ( إنه لا يحب
المسرفين ) ( 2 ) فنهاهم عن الاسراف ، ونهاهم عن التقتير ، لكن أمر بين الارمين لا
يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له للحديث الذي جاء
عن النبي صلى الله عليه وآله إن أصنافا من امتي لا يستجاب لهم دعاؤهم : رجل يدعو على
والديه ، ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال ، فلم يكتب عليه ، ولم يشهد
عليه ، ورجل يدعو على امرأته ، وقد جعل الله عزوجل تخلية سبيلها بيده ، و
رجل يقعد في بيته ويقول : رب ارزقني ولا يخرج ، ولا يطلب الرزق ، فيقول الله
عزوجل له : عبدي ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب والضرب في الارض بجوارح
صحيحة ، فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري ولكيلا
تكون كلا على أهلك فان شئت رزقتك وإن شئت قترت عليك ، وأنت معذور
عندي . ورجل رزقه الله عزوجل مالا كثيرا فأنفقه ، ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني
فيقول الله عزوجل : ألم أرزقك واسعا ؟ فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك ، ولم
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الفرقان الاية : 67 .
( 2 ) سورة الانعام الاية : 141 .
[235]
تسرف ، وقد نهيتك عن الاسراف ، ورجل يدعو في قطيعة رحم ، ثم علم الله عزوجل
اسمه نبيه صلى الله عليه وآله كيف ينفق ، وذلك إنه كانت عنده أو قية من الذهب فكره أن
تبيت عنده ، فتصدق بها ، فأصبح وليس عنده شئ ، وجاء من يسأله ، فلم يكن
عنده ما يعطيه ، فلامه السائل ، واغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه وكان رحيما
رقيقا فأدب الله عزوجل نبيه صلى الله عليه وآله بأمره فقال : ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى
عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ) ( 1 ) يقول : إن الناس قد
يسألونك ، ولا يعذرونك فاذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حسرت من المال
فهذه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله يصدقها الكتاب والكتاب يصدقه أهله من المؤمنين ، و
قال أبوبكر عند موته ، حيث قيل له : أوص ، فقال : اوصي بالخمس ، والخمس
كثير ، فإن الله عزوجل قد رضي بالخمس ، فأوصى بالخمس ، وقد جعل الله عز
وجل له الثلث عند موته ، ولو علم أن الثلث خيره أوصى بها ، ثم من قد علمتم
بعده في فضله وزهده سلمان رض وأبوذر ره .
فأما سلمان فكان إذا أخذ عطاءه رفع منه قوته لسنته ، حتى يحضر عطاؤه من
قابل ، فقيل له : يا أبا عبدالله أنت في زهدك تصنع هذا ؟ وأنت لا تدري لعلك تموت
اليوم أو غدا ؟ فكان جوابه أن قال : ما لكم لا ترجون لي البقاء ، كما خفتم علي
الفناء ؟ ! أما علمتم يا جهلة أن النفس قد تلتات على صاحبها ، إذا لم يكن لها من
العيش ما تعتمد عليه ، فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت .
وأما أبوذر رض فكانت له نويقات وشويهات يحلبها ، ويذبح منها إذا اشتهى
أهله اللحم ، أو نزل به ضيف ، أو رأى بأهل الماء الذين هم معه خصاصة ، نحر لهم
الجزور أو من الشاة على قدر ما يذهب عنهم بقوم اللحم ، فيقسمه بينهم ، ويأخذ
هو كنصيب واحد منهم ، لا يتفضل عليهم ، ومن أزهد من هؤلاء ؟ وقد قال فيهم رسول
الله صلى الله عليه وآله ما قال ، ولم يبلغ من أمرهما أن صارا لا يملكان شيئا البتة ، كما تأمرون
الناس بإلقاء أمتعتهم وشيئهم ، ويؤثرون به على أنفسهم وعيالاتهم .
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الاسراء الاية : 29 .
[236]
واعلموا أيها النفرا إني سمعت أبي يروي عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله
قال يوما : ما عجبت من شئ كعجبي من المؤمن ، إنه إن قرض جسده في دار الدنيا
بالمقاريض كان خيرا له ، وإن ملك ما بين مشارق الارض ومغاربها كان خيرا له ، و
كل ما يصنع الله عزوجل به فهو خيرله ، فليت شعري هل يحق فيكم ما قد شرحت
لكم منذ اليوم أم أزيدكم .
أما علمتم أن الله عزوجل قد فرض على المؤمنين في أول الامر يقاتل الرجل
منهم عشرة من المشركين ليس له أن يولي وجهة عنهم ، ومن ولاهم يومئذ دبره
فقد تبوأ مقعده من النار ، ثم حولهم من حالهم رحمة منه لهم ، فصار الرجل منهم
عليه أن يقاتل رجلين امن المشركين ، تخفيفا من الله عزوجل للمؤمنين فنسخ الرجلان
العشرة .
وأخبروني أيضا عن القضاة أجورة هم حيث يقضون على الرجل منكم نفقة
امرأته إذا قال : إني زاهد ، وإني لا شئ لي ؟ فان قلتم جورة ظلمكم أهل الاسلام
وإن قلتم بل عدول خصمتم أنفسكم ، وحيث يردون صدقة من تصدق على المساكين
عند الموت بأكثر من الثلث ، أخبروني لوكان الناس كلهم كالذين تريدون زهادا لا
حاجة لهم في متاع غيرهم ، فعلى من كان يصدق بكفارات الايمان والنذورو الصدقات
من فرض الزكاة من الذهب والفضة والتمر والزبيب وسائر ما وجب فيه الزكاة
من الابل والبقر والغنم وغير ذلك ، إذا كان الامر كما تقولون لا ينبغي لاحد أن
يحبس شيئا من عرض الدنيا إلا قدمه ، وإن كان به خصاصة ، فبئس ما ذهبتم فيه
وحملتم الناس عليه من الجهل بكتاب الله عزوجل ، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وأحاديثه
التي يصدقها الكتاب المنزل ، وردكم إياها بجهالتكم ، وترككم النظر في غرائب
القرآن من التفسير بالناسخ من المنسوخ ، والمحكم والمتشابه ، والامر والنهي .
وأخبروني أين أنتم عن سليمان بن داود عليه السلام حيث سأل الله ملكا لا ينبغي لاحد من
بعده ، فأعطاه الله عزوجل اسمه ذلك وكان يقول الحق ويعمل به .
ثم لم نجدالله عزوجل عاب عليه ذلك ، ولا أحدا من المؤمنين ، وداود النبي
[237]
قبله في ملكه وشدة سلطانه .
ثم يوسف النبي صلى الله عليه وآله حيث قال لملك مصر : ( اجعلني خزائن الارض
إني حفيظ عليم ) ( 1 ) فكان أمره الذي كان أن اختار مملكة الملك وما حولها
إلى اليمن ، وكانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم ، وكان يقول الحق و
يعمل به ، فلم نجدأ حدا عاب ذلك عليه ، ثم ذوالقرنين عليه السلام عبد أحب الله فأحبه
الله طوى له الاسباب ، وملكه مشارق الارض ومغاربها ، وكان يقول الحق ويعمل
به ، ثم نجدأ حدا عاب ذلك عليه ، فتأدبوا أيها النفر بآداب الله عزوجل
للمؤمنين ، اقتصروا على أمرالله ونهيه ، ودعوا عنكم ما اشتبه عليكم مما لا علم لكم
به ، وردوا العلم إلى أهله تؤجروا وتعذروا عندالله تبارك وتعالى ، وكونوا في طلب
علم ناسخ القرآن من منسوخه ، ومحكمه من متشابهه ، ومال أحل الله فيه مما حرم
فانه أقرب لكم من الله ، وأبعد لكم من الجهل ، ودعوا الجهالة لاهلها ، فان أهل
الجهل كثير ، وأهل العلم قليل ، وقد قال الله عزوجل ( 2 ) ( وفوق كل ذي علم
عليم ) ( 3 ) .
بيان : الغرقئ كزبرج القشرة الملتزقة ببياض البيض ، والمتقشف المتبلغ
بقوت ومرقع ، ومن لا يبالي بما يلطخ بجسده ، وأدلى بحجته : أي أظهرها ،
قوله عليه السلام : حسرت على بناء المجهول من الحسر بمعنى الكشف ، أي مكشوفا عاريا
من المال ، أو من الجسور وهو الانقطاع ، يقال : حسره السفر إذا قطع به ، وعلى
التقديرين تفسير لقوله تعالى محسورا .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 237 سطر 19 الى ص 245 سطر 18

والالتياث : الاختلاط والالتاف والابطاء ، والقرم محركة : شهوة اللحم
قوله عليه السلام : ظلمكم على بناء التفعيل أي نسبوكم إلى الظلم ، وقوله حيث يردون
معطوف على قوله حيث يقضون .
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة يوسف ، الاية 55 .
( 2 ) نفس السورة ، الاية : 76 .
( 3 ) الكافى ج 5 ص 65 .
[238]
23 ج : بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عن آبائه ، عن الصادق عليهم السلام أنه
قال : قوله عزوجل ( اهدنا الصراط المستقيم ) ( 1 ) يقول : أرشدنا الصراط
المستقيم ، أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك ، والمبلغ إلى جنتك من أن
نتبع أهواء نا فنعطب ، أو نأخذ بآرائنا فنهلك ، فان من اتبع هواه وأعجب برأيه
كان كرجل سمعت غثاء الناس تعظمه وتصفه فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني
لانظر مقداره ومحله فرأيته في موضع قدأحق به خلق من غثاء العامة فوقفت منتبذا
عنهم مغشيا بلثام أنظر إليه وإليهم ، فما زال يراوغهم حتى خالف طريقهم وفارقهم ، ولم
يقر ، فتفرقت العوام عنه لحوائجهم وتبعته أقتفي أثره فلم يلبث أن مر بخباز
فتغفله ، فأخذ من دكانه رغيفين مسارقة ، فتعجبت منه ، ثم قلت في نفسي : لعله
معاملة ، ثم مر من بعده بصاحب رمان فما زال به حتى تغفله فأخذ من عنده رمانتين
مسارقة ، فتعجبت منه ثم قلت في نفسي : لعله معاملة .
ثم أقول : وما حاجته إذا إلى المسارقة ؟ ! ثم لم أزل أتبعه حتى مر بمريض
فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ومضى ، وتبعته حتى استقر في بقعة من صحراء
فقلت له : يا عبدالله لقد سمعت بك وأحببت لقاءك ، فلقيتك كلني رأيت منك ما
شغل قلبي ، وإني سائلك عنه ليزول به شغل قلبي .
قال : ما هو ؟ قلت : رأيتك مررت بخباز وسرقت منه رغيفين ، ثم بصاحب
الرمان فسرقت منه رمانتين ، فقال لي : قبل كل شئ : حدثني من أنت ؟ قلت :
رجل من ولد آدم من امة محمد صلى الله عليه وآله ، قال : حدثني ممن أنت ؟ قلت : رجل من
أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله قال : أين بلدك ؟ قلت : المدينة قال : لعلك جعفر بن محمد
ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ؟ قلت : بلى قال لي : فما ينفعك شرف
أصلك مع جهلك بما شرفت به ، وتركك علم جدك وأبيك ، لان لا تنكر ما يجب
أن يحمد ويمدح فاعله .
قلت : وما هو ؟ قال : القرآن كتاب الله قلت : وما الذي جهلت ؟ قال : قول
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الفاتحة ، الاية : 6 .
[239]
الله عزوجل ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا
مثلها ) ( 1 ) إني لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين ، ولما سرقت الرمانتين كانت
سيئتين فهذه أربع سيئات ، فلما تصدقت بكل واحد منها كانت أربعين حسنة
فانتقص من أربعين حسنة أربع سيئات بقي لي ست وثلاثون ، قلت : ثكلتك امك أنت
الجاهل بكتاب الله ، أما سمعت الله عزوجل يقول ( إنما يتقبل الله من المتقين ) ( 2 )
إنك لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين ، ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين
ولما دفعتهما إلى غير صاحبهما ، بغير أمر صاحبهما ، كنت إنما أضفت أربع سيئات
إلى أربع سيئات ، ولم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيئات ، فجعل يلا حيني
فانصرفت وتركته ( 3 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي : راغ الرجل : مال وحاد عن الشئ ( 4 ) وروغان
الثعلب مشهور بين العجم والعرب ، ولاحاه نازعه .
24 ختص : عن سماعة قال : سأل رجل أبا حنيفة عن اللاشئ وعن الذي
لا يقبل الله غيره ، فعجز عن لا شئ ، فقال : اذهب بهذه البغلة إلى إمام
الرافضة فبعها منه بلا شئ واقبض الثمن ، فأخذ بعذارها وأتى بها أبا عبدالله عليه السلام
فقال له أبوعبدالله عليه الصلاة والسلام : استأمر أبا حنيفة في بيع هذه البغلة ، قال :
فأمرني ببيعها قال : بكم ؟ قال : بلا شئ قال : لا ما تقول ؟ ! قال : الحق أقول
فقال : قد اشتريتها منك بلا شئ ، قال : وأمر غلامه أن يدخله المربط .
قال : فبقي محمد بن الحسن ساعة ينتظر الثمن ، فلما أبطأ الثمن قال : جعلت
فداك الثمن ؟ قال : الميعاد إذا كان الغداة ، فرجع إلى أبي حنيفة فأخبره فسر
بذلك فريضة منه ، فلما كان من الغدوافى أبوحنيفة فقال أبوعبدالله عليه السلام
جئت لتقبض ثمن البغلة لا شئ ؟ قال : نعم ولا شئ ثمنها ؟ قال : نعم
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الانعام ، الاية : 160 .
( 2 ) سورة المائدة ، الاية : 27 .
( 3 ) احتجاج الطبرسى ص 200 طبع النجف .
( 4 ) القاموس ج 3 ص 107 .
[240]
فركب أبوعبدالله عليه السلام البغلة وركب أبوحنيفة بعض الدواب فتصحرا جميعا
فلما ارتفع النهار نظر أبوعبدالله عليه السلام إلى السراب يجري قد ارتفع كأنه المآء .
الجاري ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا أبا حنيفة ما ذا عند الميل كأنه يجري ؟ قال :
ذاك المآء يا ابن رسول الله ، فلما وافيا الميل وجداه أما مهما فتباعد ، فقال أبوعبدالله
عليه السلام : اقبض ثمن البغل قال الله تعالى : ( كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء
حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجدالله عنده ) ( 1 ) .
قال : خرج أبوحنيفة إلى أصحابه كئيبا حزينا فقالواله : مالك يا أبا حنيفة ؟
قال : ذهبت البغلة هدرا ، وكان قد أعطى بالبغلة عشرة آلاف درهم ( 2 ) .
25 كنز الفوائد للكراجكي : ذكر أن أبا حنيفة أكل طعاما الامام الصادق
جعفر بن محمد عليهما السلام فلما رفع عليه السلام يده من أكله قال : ( الحمدلله رب العالمين اللهم
إن هذا منك ومن رسولك ) . فقال أبوحنيفة : يا أبا عبدالله أجعلت مع الله شريكا ؟
فقال له : ويلك إن الله تعالى يقول في كتابه : ( وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله
من فضله ) ( 3 ) .
ويقول في موضع آخر : ( ولو أنهم رضواما آتيهم الله ورسوله وقالوا : حسبنا
الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله ) ( 4 ) فقال أبوحنيفة : والله لكأني ما قرأتهما
قط من كتاب الله ولا سمعتهما إلا في هذا الوقت ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : بلى قد
قرأتهما وسمعتهما ، ولكن الله تعالى أنزل فيك وفي أشباهك ( أم على قلوب أقفالها ) ( 5 )
وقال ( 6 ) : ( كلابل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ( 7 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة النور الاية : 39 .
( 2 ) الاختصاص ص 190 وأخرجه السيد البحرانى في تفسيره البرهان ج 3 ص 140 .
( 3 ) سورة التوبة ، الاية : 74 .
( 4 ) سورة التوبة ، الاية : 59 .
( 5 ) سورة محمد صلى الله عليه وآله الاية : 24 .
( 6 ) سوره المطففين ، الاية : 14 .
( 7 ) كنز الفوائد للكراجكى ص 196 طبع ايران سنة 1322 .
[241]
* ( باب 8 ) *
* ( ( أحوال ازواجه واولاده صلوات الله عليه ) ) *
( ( وفيه نفى امامة اسماعيل وعبدالله ) )
1 كشف : قال محمد بن طلحة ( 1 ) : وأما أولاده فكانوا سبعة : ستة ذكور
وبنت واحدة ، وقيل أكثر من ذلك ، وأسماء أولاده موسى وهو الكاظم عليه السلام
وإسماعيل ، ومحمد ، وعلي ، وعبدالله ، وإسحاق ، وام فروة ( 2 ) .
وقال عبداالعزيز بن الاخضر : ولد جعفر بن محمد عليهما السلام : إسماعيل الاعرج
وعبدالله ، وام فروة ، وامهم فاطمة بنت الحسين الاثرم بن الحسن بن علي بن
أبي طالب ، وموسى بن جعفر الامام ، وامه حميدة ام ولد ، وإسحاق ، ومحمد
وفاطمة تزوجها محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس ، فماتت
عنده ، وأمهم ام ولد ، ويحيى ، والعباس ، وأسماء ، وفاطمة الصغرى ، وهم لا مهات
أولاد شتى ( 3 ) .
وقال ابن الخشاب : كان له ستة بنين وابنة واحدة : إسماعيل ، وموسى الامام
عليه السلام ، ومحمد وعلي ، وعبدالله ، وإسحاق ، وأم فروة ، وهي التي زوجها من
ابن عمه الخارج مع زيد بن علي ( 4 ) .
2 شا : كان لابي عبدالله عليه السلام عشرة أولاد : إسماعيل وعبدالله ، وام فروة
امهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وموسى عليه السلام
وإسحاق ، ومحمد ، لام ولد ، والعباس ، وعلي وأسماء وفاطمة لامهات أولاد شتى
* ( هامش ) * ( 1 ) مطالب السؤول ص 82 لابن طلحة الشافعى .
( 2 ) كشف الغمة ج 2 ص 378 .
( 3 ) نفس المصدر ج 2 ص 378 .
( 4 ) نفس المصدر ج 2 ص 415 .
[242]
وكان إسماعيل أكبر إخوته ، وكان أبوعبدالله عليه السلام شديدا المحبة له ، والبربه
والاشفاق عليه وكان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه ، والخليفة له من
بعده ، إذ كان أكبر أخوته سنا ، ولميل أبيه إليه ، وإكرامه له ، فمات في حياة
أبيه عليه السلام بالعريض ( 1 ) وحمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة ، حتى دفن
بالبقيع ( 2 ) .
وروي أن أبا عبدالله عليه السلام جزع عليه جزعا شديدا ، وحزن عليه حزنا
عظيما ، وتقدم سريره بغير حذاء ولا رداء ، وأمر بوضع سريره على الارض مرارا
كثيرة ، وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه ، يريد بذلك تحقيق أمروفاته عند الظانين
خلافته له من بعده ، وإزالة الشبهة عنه في حياته ، ولما مات إسماعيل رحمة الله عليه
انصرف عن القول بامامته بعد أبيه من كان يظن ذلك ويعتقده من أصحاب أبيه عليه السلام
وأقام على حياته شر ذمة لم تكن من خاصة أبيه ولا من الرواة عنه وكانوا من الاباعد
والاطراف ، فلما مات الصادق عليه السلام انتقل فريق منهم إلى القول بامامة موسى بن
جعفر عليه السلام بعد أبيه ، وافترق الباقون فرقتين : فريق منهم رجعوا على حياة
إسماعيل وقالوا : بامامة ابنه محمد بن إسماعيل ؟ ؟ أن الامامة كانت في أبيه
وأن الابن أحق بمقام الامامة من الاخ ، وفريق ثبتوا على حياة إسماعيل
وهم اليوم شذاذ لا يعرف منهم أحد يؤمى إليه ، وهذان الفريقان يسميان
بالاسماعيلية ، والمعروف منهم الآن من يزعم أن الامامة بعد إسماعيل في ولده و
ولد ولده إلى آخر الزمان ( 3 ) .
وكان عبدالله بن جعفر أكبر إخوته بعد إسماعيل ولم يكن منزلته عند أبيه
منزلة غيره من ولده في الاكرام ، وكان متهما بالخلاف على أبيه في الاعتقاد فيقال
إنه كان يخالط الحشوية ويميل إلى مذاهب المرجئة ، وادعى بعد أبيه الامامة
* ( هامش ) * ( 1 ) العريض كزبير تصغير عرض ، واد بالمدينة .
( 2 ) الارشاد ص 303 .
( 3 ) نفس المصدر ص 304 .
[243]
واحتج بأنه أكبر إخوته الباقين ، فتابعه على قوله جماعة من أصحاب أبي عبدالله
عليه السلام ، ثم رجع أكثرهم بعد ذلك إلى القوم بامامة أخيه موسى عليه السلام لما
تبينوا ضعف دعواه ، وقوة أمر أبي الحسن ، ودلالة حقيقته ، وبراهين إمامته وأقام
نفر يسير منهم على أمرهم ودانوا بامامة عبدالله ، وهم الطائفة الملقبة بالفطحية ، وإنما
لزمهم هذا اللقب لقولهم بامامة عبدالله ، وكان أفطح الرجلين ويقال إنهم لقبوا
بذلك لان داعيهم إلى إمامة عبدالله كان يقال له عبدالله بن أفطح ( 1 ) .
وكان إسحاق بن جعفر من أهل الفضل والصلاح والورع والاجتهاد ، وروى
عنه الناس الحديث والآثار ، وكان ابن كاسب ( 2 ) إذا حدث عنه يقول حدثني
[ الثقة ] ( 3 ) الرضي إسحاق بن جعفر عليهما السلام وكان إسحاق يقول بامامة أخيه موسى
ابن جعفر عليهما السلام ، وروى عن أبيه النص بالامامة على أخيه موسى عليه السلام .
وكان محمد بن جعفر سخيا شجاعا ، وكان يصوم يوما ، ويفطر يوما ، ويرى رأي
الزيدية بالخروج بالسيف ، وروى عن زوجته خديجة بنت عبدالله بن الحسن أنها
قالت : ما خرج من عندنا محمد يوما قط في ثوب فرجع حتى يكسوه ، وكان
يذبح في كل يوم كبشا لاضيافه ، وخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة
بمكة ، واتبعته الزيدية الجارودية فخرج لقتاله عيسى الجلودي ففرق جمعه وأخذه
وأنفذه إلى المأمون ، فلما وصل إليه أكرمه المأمون ، وأدنى مجلسه منه ، ووصله
وأحسن جائزته فكان مقيما معه بخراسان يركب إليه في مركب من بني عمه ، وكان
المأمون يحتمل منه ما لا يحتمله السلطان من رعيته ، وروي أن المأمون أنكرر كوبه
إليه في جماعة من الطالبيين الذين خرجوا على المأمون في سنة المأتين ، فأمنهم و
خرج التوقيع إليهم : لا تركبوا مع محمد بن جعفر ! واركبوا مع عبيدالله بن
الحسين فأبوا أن يركبوا ولزموا منازلها ، فخرج التوقيع : اركبوا مع من أحببتم
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 304 .
( 2 ) لم نقف على ترجمته رغم الفحص والمراجعة عاجلا .
( 3 ) ما بين القوسين زيادة من المصدر .
[244]
وكانوا يركبون مع محمد بن جعفر إذا ركب إلى المأمون ، وينصرفون بانصرافه ( 1 ) .
وذكر عن موسى بن سلمة أنه قال : أتى إلى محمد بن جعفر فقيل له : إن
غلمان ذي الرياستين قد ضربوا غلمانك على حطب اشتروه ، فخرج متزرا ببردتين
ومعه هراوة وهو يرتجز ويقول :
( الموت خير لك من عيش بذل ) .
وتبعه الناس حتى ضرب غلمان ذي الرياستين ، وأخذ الحطب منهم ، فرفع
الخبر إلى المأمون فبعث إلى ذي الرياستين فقال له : ائت محمد بن جعفر فاعتذر
إليه وحكمه في غلمانك ، قال : فهخرج ذوالرياستين إلى محمد بن جعفر فقال له
موسى بن سلمة : كنت عند محمد بن جعفر جالسا حتى أتى فقيل له : هذا ذوالرياستين
فقال : لا يجلس إلا على الارض ، فتناول بساطا كان في البيت فرمي به هو ومن
معه ناحية ، ولم يبق في البيت إلا وسادة جلس عليها محمد بن جعفر ، فلما دخل
عليه ذوالرياستين وسع له محمد على الوسادة ، فأبى أن يجلس عليها ، وجلس على
الارض واعتذر إليه ، وحكمه في غلمانه ، وتوفي محمد بن جعفر في خراسان مع
المأمون ، فركب المأمون ليشهده ، فلقيهم وقد خرجوا به ، فلما نظر إلى السرير
نزل فترجل ، ومشى حتى دخل بين العمودين ، فلم يزل بينهما حتى وضع به
فتقدم فصلى عليه ، ثم حمله حتى بلغ به القبر ، ثم دخل قبره ولم يزل فيه حتى
بني عليه ، ثم خرج فقام على قبره حتى دفن ، فقال له عبيدالله بن الحسين ودعاله :
يا أميرالمؤمنين إنك قد تعبت فلور كبت ، فقال له المأمون : إن هذء رحم قطعت
من مأتي سنة .
وروي عن إسماعيل بن محمد بن جعفر أنه قال : قلت لاخي وهو إلى
جنبي والمأمون قائم على القبر : لو كلمناه في دين الشيخ ، ولا نجده أقرب منه في
وقته هذا ، فابتدأنا المأمون فقال : كم ترك أبوجعفر من الدين ؟ فقلت له : خمسة
وعشرون ألف دينار فقال : قد قضى الله عنه دينه ، إلى من وصى ؟ قلت : إلى ابن
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد ص 305 .
[245]
له يقال له يحيى بالمدينة فقال : ليس هو بالمدينة وهو بمصر ، وقد علمنا كونه فيها
ولكن كرهنا أن نعلمه بخروجه من المدينة لئلا يسوءه ذلك ، لعلمه بكراهتنا لخروجهم
عنها ( 1 ) .
وكان علي بن جعفر رضي الله عنه راوية للحديث ، سديد الطريق ، شديد الورع
كثير الفضل ، ولزم موسى أخاه عليه السلام ، وروى عنه شيئا كثيرا .
وكان العباس بن جعفر رحمه الله فاضلا .
وكان موسى بن جعفر عليهما السلام أجل ولد أبي عبدالله قدرا ، وأعظمهم محلا و
أبعدهم في الناس صيتا ، ولم ير في زمانه أسخى منه ، ولاأكرم نفسا وعشرة ، وكان
أعبد أهل زمانه ، وأورعهم وأجلهم وأفقههم ، واجتمع جمهور شيعة أبيه عليه السلام على
القول بامامته ، والتعظيم لحقه ، والتسليم لامره ، وررووا عن أبيه عليه السلام نصوصا عليه
بالامامة ، وإشارات إليه بالخلافة ، وأخذوا عنه معالم دينهم ، وروي عنه من الآيات
والمعجزات ما يقطع بها على حجته ، وصوال القول بامامته ( 2 ) .
3 ك ( 3 ) لى : الدقاق ، عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن الحسين بن الهيثم
عن عباد بن يعقوب الاسدي ، عن عنبسة بن بجاد العابد قال : لما مات إسماعيل
ابن جعفر بن محمد عليهما السلام وفرغنا من جنازته ، جلس الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام
وجلسنا حوله وهو مطرق ، ثم رفع رأسه فقال : أيها الناس إن هذه الدنيا دار
فراق ، ودار التواء ، لا دار استواء ، على أن لفراق المألوف حرقة لا تدفع ، ولوعة
لاترد ، وإنما يتفاضل الناس بحسن العزاء ، وصحة الفكرة ، فمن لم يثكل أخاه


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 245 سطر 19 الى ص 253 سطر 18

ثكله أخوه ، ومن لم يقدم ولدا كان هو المقدم دون الولد ، ثم تمثل عليه السلام بقول
أبي خراش الهذلي ( 4 ) يرثي أخاه :
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ص 306 .
( 2 ) نفس المصدر ص 307 .
( 3 ) كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 163 .
( 4 ) هذا البيت من أبيات قالها أبوخراش الهذلى بعد مقتل أخيه عروة ، وقد دخلت
[246]
ولا تحسبي أني تناسيت عهده * ولكن صبري يا اميم جميل ( 1 )
4 ن : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن عمير بن يزيد قال : كنت
عند أبي الحسن الرضا عليه السلام فذكر محمد بن جعفر فقال : إني جعلت على
نفسي أن لا يظلني وإياه سقف بيت ، فقلت في نفسي : هذا يأمرنا بالبر والصلة
ويقول هذا لعمه ! فنظر إلي فقال : هذا من البر والصلة إنه متى يأتيني ويدخل
علي فيقول في فيصدقه الناس ، وإذا لم يدخل علي ولم أدخل عليه لم يقبل قوله
إذا قال ( 2 ) .
5 ن : الوراق عن ابن أبي الخطاب ، عن إسحاق بن موسى قال : لما خرج
عمي محمد بن جعفر بمكة ودعا إلى نفسه ، ودعي بأميرالمؤمنين وبويع له بالخلافة
دخل عليه الرضا عليه السلام وأنا معه فقال له : يا عم لا تكذب أباك ولا أخاك ، فان
هذا الامر لايتم ، ثم خرج وخرجت معه إلى المدينة فلم يلبث إلا قليلا حتى قدم
الجلودي فلقيه فهزمه ، ثم استأمن إليه فلبس السواد وصعد المنبر فخلع نفسه وقال :
* ( هامش ) * ( 1 ) عليه اميمة امرأة عروة وهو يلاعب ابنه ، فقالت له : يا أبا خراش تناسيت عروة وتركت الطلب
بثاره ولهوت مع ابنك ، أما والله لوكنت المقتول ما غفل عنك ولطلب قاتلك حتى يقتله
فبكى أبوخراش وأنشأ يقول :
لعمرى لقد راعت اميمة طلعتى * وان ثوائى عندها لقليل
وقالت أراه بعد عروة لاهيا * وذلك رزء لو علمت جليل
فلا تحسبى أنى تناسيت فقده * ولكن صبرى يا اميم جميل
ألم تعلمى أن قد تفرق قبلنا * نديما صفاء مالك وعقيل
أبي الصبرانى لا يزال يهيجنى * مبيت لنا فيما خلا ومقيل
وانى اذا ما الصبح آنست ضوءه * يعاودنى قطع على ثقيل
( الاغانى ج 21 ص 45 طبعة الساسى )
( 1 ) أمالى الصدوق ص 237 .
( 2 ) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 204 .
[247]
إن هذا الامر للمأمون ، وليس لي فيه ، حق ، ثم اخرج إلى خراسان فمات
بجرجان ( 1 ) .
6 ك : ابن الوليد عن سعد ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن ابن أبي بكران
عن الحسين بن المختار ، عن الوليد بن صبيح قال : جاء ني رجل فقال لي : تعال
حتى اريك أين الرجل ؟ قال : فذهبت معه قال : فجاء ني إلى قوم يشربون فيهم
إسماعيل بن جعفر فخرجت مغموما ، فجئت إلى الحجر فاذا إسماعيل بن جعفر
متعلق بالبيت يبكي ، قد بل أستار الكعبة بدموعه ، فرجعت أشتد فاذا إسماعيل
جالس مع القوم ، فرجعت فاذا هو آخذ بأستار الكعبة قدبلها بدموعه قال : فذكرت
ذلك لابي عبدالله عليه السلام فقال : لقد ابتلي ابني بشيطان يتمثل في صورته ( 2 ) .
7 يج : عن الوليد مثله ، وفيه حتى اريك ابن إلهك .
8 ك : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن ابن يزيد ، عن
ابن أبي عمير ، عن الحسن بن راشد قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن إسماعيل فقال :
عاص عاص لا يشبهني ولا شيبه أحدا من آبائي ( 3 ) .
9 ك : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن ابن يزيد ، عن البزنطي
عن حماد ، عن عبيد بن زرارة قال : ذكرت إسماعيل عند أبي عبدالله عليه السلام فقال :
لا والله لا يشبهني ولا يشبه أحدا من آبائي ( 4 ) .
10 ك : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الاهوازي ، عن فضالة وابن
فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن سعيد بن عبيدالله بن الاعرج قال : قال أبوعبدالله
عليه السلام : لما مات إسماعيل أمرت به وهو مسجى بأن يكشف عن وجهه فقبلت
جبهته وذقنه ونحره ، ثم أمرت به فغطي ، ثم قلت : اكشفوا عنه ، فقبلت أيضا
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 2 ص 207 .
( 2 ) كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 159 .
( 3 ) نفس المصدر ج 1 ص 159 .
( 4 ) المصدر السابق ج 1 ص 159 .
[248]
جبهته وذقنه ونحره ، ثم أمرتهم فغطوه ، ثم أمرت به فغسل ، ثم دخلت عليه وقد
كفن فقلت : اكشفوا عن وجهه ، فقبلت جبهته وذقنه ونحره ، وعوذته ثم قلت :
أدرجوه ، فقلت : بأي شئ عوذته ؟ قال : بالقرآن .
أقول : قال الصدوق بعد ذلك : قوله عليه السلام : أمرت به فغسل ، يبطل إمامة
إسماعيل لان الامام لا يغسله إلا إمام إذا حضره ( 1 ) .
11 ك : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أيوب بن نوح وابن يزيد معا ، عن
ابن أبي عمير ، عن محمد بن شعيب ، عن أبي كهمس قال : حضرت موت إسماعيل ، و
أبوعبدالله عليه السلام عنده ، فلما حضره الموت شد لحييه وغمضه ، وغطاه بالملحفة ، ثم
أمر بتهيئته ، فلما فرغ من أمره دعا بكفنه وكتب في حاشية الكفن : إسماعيل
يشهد أن لا إله إلا الله ( 2 ) .
12 ك : العطار ، عن سعد ، عن ابن هاشم ، وابن أبي الخطاب معا ، عن عمرو
ابن عثمان الثقفي ، عن أبي كهمش قال : حضرت موت إسماعيل بن أبي عبدالله عليه السلام
فرأيت أبا عبدالله وقد سجد سجدة ، فأطال السجود ، ثم رفع رأسه فنظر إليه قليلا
ونظر إلى وجهه ، ثم سجد سجدة اخرى أطول من الاولى ، ثم رفع رأسه وقد
حضره الموت فغمضه ، وربط لحييه ، وغطى عليه ملحفة ، ثم قام وقد رأيت وجهه
وقد دخله منه شئ الله أعلم به ، قال : ثم قام فدخل منزله فمكث ساعة ثم خرج
علينا مدهنا مكتحلا عليه ثياب غير الثياب التي كانت عليه ، ووجهه غير الذي دخل
به ، فأمر ونهى في أمره حتى إذا فرغ دعا بكفنه فكتب في حاشية الكفن : إسماعيل
يشهد أن لا إله إلا الله ( 3 ) .
13 ك : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن بزيع ، عن ظريف بن
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 1 ص 160 .
( 2 ) المصدر السابق ج 1 ص 161 وأخرجه الشيخ الطوسى في التهذيب ج 1 ص 289
بتفاوت وص 309 .
( 3 ) المصدر السابق ج 1 ص 162 .
[249]
ناصح ، عن الحسن بن زيد قال : ماتت ابنة لابي عبدالله عليه السلام ، فناح عليها سنة ، ثم مات
ولد آخر فناح عليه سنة ، ثم مات إسماعيل فجزع عليه جزعا شديدا ، فقطع النوح
قال : فقيل لابي عبدالله عليه السلام : أصلحك الله يناح في دارك ؟ فقال : إن رسول الله
صلى الله عليه وآله قال : لكن حمزة لا بواكي له ( 1 ) .
14 ك : ابن الوليد ، عن ابن متيل ، عن ابن يزيد ، عن ابن فضال ، عن
محمد بن عبدالله الكوفي قال : لما حضرت إسماعيل بن أبي عبدالله الوفاة جزع أبوعبدالله
عليه السلام جزعا شديدا ، قال : فلما أن أغمضه دعا بقميص قصير أو جديد فلبسه ثم
تسرح وخرج يأمر وينهى قال : فقال له بعض أصحابه : جعلت فداك : لقد ظننا أنا لا
ننتفع بك زمانا لما رأينا من جزعك ، قال : إنا أهل بيت نجزع ما لم تنزل المصيبة
فإذا نزلت صبرنا ( 2 ) .
15 ك : أبي ، عن الحميري ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي
عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن مرة مولى محمد بن خالد قال : لمامات
إسماعيل فانتهى أبوعبدالله عليه السلام إلى القبر ، أرسل نفسه فقعد على حاشية القبر ، لم
ينزل في القبر ، ثم قال : هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وآله بابراهيم ( 3 ) .
16 كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن رجل
مثله ( 4 ) .
17 ك : ابن الوليد ، عن ابن أبان ، عن الاهوازي ، عن القاسم بن محمد ، عن
الحسين بن عمر ، عن رجل من بني هاشم قال : لما مات إسماعيل خرج إلينا
أبوعبدالله عليه السلام يقدم السرير بلا حذاء ولا رداء ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 1 ص 162 .
( 2 ) المصدر السابق ج 1 ص 162 .
( 3 ) المصدر السابق ج 1 ص 161 .
( 4 ) الكافى ج 3 ص 193 .
( 5 ) كمال الدين ج 1 ص 161 .
[250]
18 كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن محمد ، عن الحسين
ابن عثمان ، مثله ( 1 ) .
19 ك : أبي ، عن سعد ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن حماد
عن حريز ، عن إسماعيل بن جابر ، والارقط بن عمر ، عن أبي عبدالله قال : كان
أبوعبدالله عليه السلام عند إسماعيل حتى قضى ، فلما رأى الارقط جزعه قال : يا أبا عبدالله
قدمات رسول الله صلى الله عليه وآله قال : فارتدع ، ثم قال : صدقت ، أن لك اليوم أشكر ( 2 )
20 ير : الهيثم النهدي ، عن إسماعيل بن سهل ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام
ابن سالم قال : دخلت على عبدالله بن جعفر ، وأبوالحسن في المجلس ، قد امه مرآة
وآلتها مردى بالرداء موز را ، فأقبلت على عبدالله فلم أسأله حتى جرى ذكر الزكاة
فسألته فقال : تسألني الزكاة ، من كانت عنده أربعون درهما ففيها درهم قال :
فاستشعرته وتعجبت منه فقلت له : أصلحك الله قد عرفت مودتي لابيك وانقطاعي
إليه وقد سمعت منه كتبا فتحب أن آتيك بها ؟ قال : نعم بنو أخ ، ائتنا ، فقمت مستغيثا
برسول الله صلى الله عليه وآله فأتيت القبر فقلت : يا رسول الله إلى من ؟ إلى القدرية إلى الحرورية
إلى المرجئة إلى الزيدية ؟ قال : فاني كذلك إذا أتاني غلام صغير دون الخمس
فجذب ثوبي فقال لي : أجب ! قلت : من ؟ قال : سيدي موسى بن جعفر ، فدخلت إلى
صحن الدار ، فإذا هو في بيت وعليه كلة ، فقال : يا هشام قلت : لبيك فقال لي :
لا إلى المرجئة ، ولا إلى القدرية ، ولكن إلينا ، ثم دخلت عليه ( 3 ) .
بيان : لعل المراد بالاستشعار النظر إليه على وجهه التعجب ، والكلة بالكسر
الستر الرقيق يخاط كالبيت يتوقى فيه من البق .
21 يج : روي عن مفضل بن مرثد قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إسماعيل
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 3 ص 204 وأخرجه الشيخ الطوسى في التهذيب ج 1 ص 463 ورواه
الشيخ الصدوق في من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 112 مرسلا .
( 2 ) كمال الدين ج 1 ص 161 .
( 3 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 12 ص 68 .
[251]
ابنك جعل الله له علينا من الطاعة ما جعل لآبائه ؟ وإسماعيل يومئذ حي فقال : يكفي
ذلك ، فظننت أنه اتقاني ، فما لبث أن مات إسماعيل .
بيان : لعل المعنى أن الله يكفي عن إسماعيل مؤنة ذلك بموته .
22 يج : روي عن المفضل بن عمر قال : لما قضى الصادق عليه السلام كانت وصيته
في الامامة إلى موسى الكاظم ، فادعى أخوه عبدالله الامامة ، وكان أكبر ولد جعفر عليه السلام
في وقته ذلك ، وهو المعروف بالافطح ، فأمره موسى بجمع حطب كثير في وسط داره
فأرسل إلى أخيه عبدالله يسأله أن يصير إليه ، فلما صار عنده ومع موسى جماعة من
وجوه الامامية ، فلما جلس إليه أخوه عبدالله أمر موسى أن يجعل النار في ذلك
الحطب كله ، فاحترق كله ، ولا يعلم الناس السبب فيه ، حتى صار الحطب كله
جمرا ثم قام موسى وجلس بثيابه في وسط النار وأقبل يحدث الناس ساعة ثم قام
فنفض ثوبه ورجع إلى المجلس ، فقال لاخيه عبدالله : إن كنت تزعم أنك الامام بعد
أبيك فاجلس في ذلك المجلس فقالوا : فرأينا عبدالله قد تغير لونه ، فقام يجر رداءه
حتى خرج من دار موسى عليه السلام ( 1 ) .
23 يج : روي عن داود بن كثير الرقي قال : وفد خراسان وافد يكنى أبا
جعفر ، واجتمع إليه جماعة من أهل خراسان ، فسألوه أن يحمل لهم أموالا ومتاعا
ومسائلهم في الفتاوى والمشاورة ، فورد الكوفة ونزل وزار أميرالمؤمنين عليه السلام ، ورأى
في ناحية رجلا حوله جماعة ، فلما فرغ من زيارته قصدهم فوجدهم شيعة فقهاء
يسمعون من الشيخ فقالوا : هو أبوحمزة الثمالي قال : فبينما نحن جلوس إذ أقبل
أعرابي فقال : جئت من المدينة وقدمات جعفر بن محمد عليهما السلام فشهق أبوحمزة ثم ضرب
بيده الارض ، ثم سأل الاعرابي هل سمعت له بوصية ؟ قال : أوصى إلى ابنه عبدالله
وإلى ابنه موسى ، وإلى المنصور فقال : الحمدلله الذي لم يضلنا ، دل على الصغير
وبين على الكبير ، وسر الامر العظيم ، ووثب إلى قبر أميرالمؤمنين عليه السلام فصلى
وصلينا ، ثم أقبلت عليه وقلت له : فسرلي ما قلته ؟ قال : بين أن الكبير ذوعاهة
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 200 .
[252]
ودل على الصغير ، أن أدخل يده مع الكبير ، وسر الامر العظيم بالمنصور ، حتى
إذا سأل المنصور من وصيه ؟ قيل أنت ، قال الخراساني : فلم أفهم جواب ما قاله ، ووردت
المدينة ، ومعي المال والثياب والمسائل ، وكان فيما معي درهم دفعته إلي امرأة تسمى
شطيطة ومنديل فقلت لها : أنا أحمل عنك مائة درهم فقالت : إن الله لا يستحي من
الحق فعو جت الدرهم ، وطرحته في بعض الاكياس ، فلما حصلت بالمدينة ، سألت
عن الوصي فقيل : عبدالله ابنه ، فقصدته ، فوجدت بابا مرشوشا مكنوسا عليه بواب
فأنكرت ذلك في نفسي واستأذنت ودخلت بعد الاذن ، فاذا هو جالس في منصبه فأنكرت
ذلك أيضا .
فقلت : أنت وصي الصادق ، الامام المفترض الطاعة ؟ قال : نعم قلت : كم
في الماتين من الدراهم الزكاة ؟ قال : خمسة دراهم فقلت : وكم في المأة ؟ قال :
درهمان ونصف ، قلت : ورجل قال لا مرأته : أنت طالق بعدد نجوم السماء تطلق
بغير شهود ؟ قال : نعم ، ويكفي من النجوم رأس الجوزاء ثلاثا ، فتعجبت من جواباته
ومجلسه فقال : احمل إلي ما معك ؟ قلت : ما معي شئ ، وجئت إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله
فلما رجعت إلى بيتي إذا أنا بغلام أسود واقف فقال : سلام عليك ، فرددت عليه السلام
قال : أجب من تريد ، فنهضت معه فجاء بي إلى باب دار مهجورة ، ودخل فأدخلني
فرأيت موسى بن جعفر عليه السلام على حصير الصلاة فقال : إلي يا أبا جعفر ، وأجلسني
قريبا ، فرأيت دلائله أدبا وعلما ومنطقا وقال لي : احمل ما معك ، فحملته إلى
حضرته ، فأومأبيده إلى الكيس فقال لي : افتحه ، ففتحته وقال لي : اقلبه ، فقلبته
فظهر درهم شطيطة المعوج فأخذه وقال : افتح تلك الرزمة ( 1 ) ففتحتها وأخذ المنديل
منها بيده وقال وهو مقبل علي : إن الله لا يستحيي من الحق يا أبا جعفر اقرأ على
شطيطة السلام مني وادفع إليها هذه الصرة .
وقال لي : اردد مامعك إلى من حمله وادفعه إلى أهله ، وقل قد قبله ووصلكم
به ، وأقمت عنده وحادثني وعلمني وقال : ألم يقل لك أبوحمزة الثمالي بظهر
* ( هامش ) * ( 1 ) الرزمة : من الثياب وغيرها : ما جمع وشد معا جمع رزم .
[253]
الكوفة وأنتم زوار أميرالمؤمنين عليه السلام كذا وكذا ؟ قلت : نعم ، قال : كذلك يكون
المؤمن إذا نور الله قلبه كان علمه بالوجه ، ثم قال : قم إلى ثقاة أصحاب الماضي
فسلهم عن نصه .
قال أبوجعفر الخراساني : فلقيت جماعة كثيرة منهم شهدوا بالنص على موسى
عليه السلام ثم مضى أبوجعفر إلى خراسان ، قال داود الرقي فكاتبني من خراسان
إنه وجد جماعة ممن حملوا المال قد صاروا فطحية ، وأنه وجد شطيطة على أمرها
تتوقعه يعود ، قال : فلما رأيتها عرفتها سلام مولانا عليها ، وقبوله منها دون غيرها
وسلمت إليها الصرة ففرحت وقالت لي أمسك الدراهم معك فانها لكفني ، فأقامت
ثلاثة أيام وتوفيت .
بيان : قوله : بين أن الكبير ذوعاهة أي : لولم يكن الكبير ذاعاهة لافرده
في الوصية فلما أشرك معه الصغير أعلم أنه غير صالح للامامة ، قوله : أحمل عنك مائة
درهم كأن الرجل استحيى عن أن يحمل درهما واحدا لقلته فقال : لا أحمل عنك
إلا مائة درهم فأجابته بقوله : إن الله لا يستحيي من الحق فلا تستح من ذلك ، وإنما
عوج الدرهم لئلا يلتبس بغيره .
قوله عليه السلام : كان علمه بالوجة أي : بالوجه الذي ينبغي أن يعلم به ، أو بوجه
الكلام وإيمائه من غير تصريح ، كما ورد أن القرآن ذو وجوه ، أو إذا نظر إلى
وجه الرجل [ علم ] ما في ضميره فيكون ذكره على التنظير .
24 قب : اختلفت الامة بعد النبي صلى الله عليه وآله في الامامة بين النص والاختيار


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 253 سطر 19 الى ص 261 سطر 18

فصح لاهل النص من طرق المخالف والمؤالف بأن الائمة اثنا عشر ، ونبغت السبعية
بعد جعفر الصادق عليه السلام وادعوا دعوى فارقوا بها الامة بأسرها .
وكان الصادق عليه السلام قد نص على ابنه موسى عليه السلام وأشهد على ذلك ابنيه إسحاق
وعليا ، والمفضل بن عمر ، ومعاذ بن كثير ، وعبدالرحمان بن الحجاج ، والفيض
ابن المختار ، ويعقوب السراج ، وحمران بن أعين ، وأبا بصير ، وداود الرقي
ويونس بن ظبيان ، ويزيد بن سليط ، وسليمان بن خالد ، وصفوان الجمال ، والكتب
[254]
بذلك شاهدة ، وكان الصادق عليه السلام أخبر بهذه الفتنة بعده وأظهر موت إسماعيل وغسله
وتجهيزه ودفنه ، وتشيع في جنازته بلا حذاء وأمر بالحج عنه بعد وفاته ( 1 ) .
ابن بابويه بالاسناد عن منصور بن حازم قال : كنت جالسا مع أبي عبدالله عليه السلام
على الباب ومعه إسماعيل ، إذمر علينا موسى وهو غلام ، فقال إسماعيل : سبق بالخير
ابن الامة .
زرارة بن أعين قال : دعا الصادق عليه السلام داود بن كثير الرقي وحمران بن
أعين وأبا بصير ودخل عليه المفضل بن عمر وأتى بجماعة حتى صاروا ثلاثين رجلا
فقال : يا داود اكشف عن وجه إسماعيل ، فكشف عن وجهه ، فقال : تأمله يا داود
فانظره أحي هو أم ميت ؟ فقال : بل هو ميت ، فجعل يعرضه على رجل رجل حتى
أتى على آخرهم ، فقال عليه السلام : اللهم اشهد ، ثم أمر بغسله وتجهيزه ، ثم قال :
يا مفضل احسر عن وجهه ، فحسر عن وجهه ، فقال : حي هو أم ميت ؟ انظروه
أجمعكم ! فقال : بل هو يا سيدنا ميت ، فقال : شهدتم بذلك وتحققتموه ؟ قالوا : نعم
وقد تعجبوا من فعله ، فقال : اللهم اشهد عليهم ، ثم حمل إلى قبره ، فلما وضع
في لحده قال : يا مفضل اكشف عن وجهه ، فكشف فقال للجماعة : انظروا أحي هو
أم ميت ؟ فقالوا : بلى ميت يا ولي الله : فقال : اللهم اشهد فانه سير تاب المبطلون
يريدون إطفاء نور الله ، ثم أومأ إلى موسى عليه السلام وقال : والله متم نوره ولو كره
الكافرون ، ثم حثوا عليه التراب ، ثم أعاد علينا القول ، فقال : الميت المكفن
المحنط المدفون في هذا اللحد من هو ؟ قلنا : إسماعيل ولدك ، فقال : اللهم اشهد
ثم أخذ بيد موسى فقال : هو حق والحق معه ومنه إلى أن يرث الله الارض ومن
عليها .
عنبسة العابد قال : لما توفي إسماعيل بن جعفر قال الصادق عليه السلام : أيها الناس
إن هذه الدنيا دار فراق ، ودار التواء لادار استواء في كلام له .
ثم تمثل بقول أبي خراش :
* ( هامش ) * ( 1 ) مناقب ابن شهر آشوب ج 1 ص 228 .
[255]
فلا تحسبن أني تناسيت عهده * ولكن صبري يا اميم جميل
أبوكهمس في حديثه : حضرت موت إسماعيل وأبوعبدالله عليه السلام جالس عنده
ثم قال بعد كلام : كتب على حاشية الكفن : إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله ( 1 ) .
وروي عن الصادق عليه السلام أنه استدعى بعض شيعته وأعطاه دراهم وأمره أن يحج
بها عن ابنه إسماعيل وقال له : إنك إذا حججت عنه لك تسعة أسهم من الثواب
ولاسماعيل سهم واحد ( 2 ) .
25 - قب : أبوبصير قال الصادق عليه السلام قال : أبي : اعلم أن عبدالله أخاك سيدعو
الناس إلى نفسه فدعه فان عمره قصير ، فكان كما قال أبي ، وما لبث عبدالله إلا
يسيرا حتى مات ( 3 ) .
26 - قب : أولاده عشرة : إسماعيل الامين ( 4 ) . . . . .
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 1 ص 229 . / / ( 2 ) نفس المصدر ج 1 ص 230 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 ص 351 .
( 4 ) هو المقلب بالامين والاعرج وكان أكبر ولد أبيه ، وكان أبوه شديد المحبة له
والبربه والاشفاق عليه ، وكان قوم من الشيعة يظنون انه القائم بعد أبيه ، لانه كان أكبر
أخوته سنا ، ولميل أبيه اليه واكرامه له فمات في حياة أبيه عليه السلام بالعريض ، وحمل -
على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة حتى دفن بالبقيع وذلك في سنة ( 133 ) قبل وفاة
الصادق عليه السلام بعشرين سنة تقريبا ، وللامام الصادق " ع " عند موته حال يجل وصفها
فقد جزع عليه جزعا شديدا وتقدم سريره بغير حذاء ولا رداء ، وكان يأمر بوضع سريره
على الارض قبل دفنه ، صنع ذلك مرارا ، في كلها يكشف عن وجهه وينظر اليه ، يريد بذلك
تحقيق أمر وفاته عند الظانين خلافته من بعده وازالة الشبهة عنهم في حياته ، ورغم تلك
الحيطة فقد أصر فريق على القول بامامته وهم الذين يدعون ( بالاسماعيلة ) ومما يحز في
النفس أن يكتب مستشرق كبير يعتبر من محققى علماء الاستشراق ذلك هو الاستاذ فيليب
استاذ التاريخ في الجامعة الاميركية ببيروت وأستاذ جامعة كولومبيا في نيويورك و و . . .
أقول مما يحز في النفس ان يكتب استاذ كبير كهذا ويتجنى في كتابته فيبهت أعلام الدين
وأئمة المسلمين بماهم منه براء ، براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، والمضحك - وشر البلية
ما يضحك - أن يطبع كتابه في بلد اسلامى كمصر ولم يتناوله أحد - فيما أعلم - بنقد أوبرد
فيبطل مزاعمه ، ويوضح بهتانه لقرائه ، وخاصة طلاب الجامعات المذكورة التى ود المستشرق
المذكور أن يكون كتاب " مختصر كتاب الفرق بين الفرق " الذين اختصره الرسعنى وحرره
المستشرق المذكور - : ككتاب مدرسى في صوفوف التاريخ في الجامعة الاميركية
[256]
وعبدالله ( 1 ) من فاطمة بنت الحسين الاصغر ، وموسى الامام . . . . . .
* ( هامش ) * ولهذه الغاية أضاف عليه شروحا بصورة حواشى مما يسهل على الطالب فهم المقصود ،
فيما يزعم قال : في هامش 3 ص 85 :
" كان الامام السادس جعفر قدعين - كذا ؟ ! - ابنه اسماعيل خلفا له ، ولكنه عاد
فعين - كذا ؟ ! ابنه موسى الكاظم ( المتوفى 183 و 799 ) لانه وجد اسماعيل مرة في
حالة السكر - كذا ؟ ! - ولكن بعض أتباعه لم يسلموا له بحق نزع الامامة عن اسماعيل
فحافظوا على ولائه ، وساقوها بعده في ابنه محمد . . )
ليت الاستاذ المستشرق - المحرر - لاحظ أصل كتاب الفرق بين الفرق ص 39 وان
بعد عنه فكان عليه ان يلاحظ نفس المختصر ص 58 ملاحظة جيدة ليقرأ ما يقوله البغدادى
مولف الاصل وتبعه الرسعنى في مختصر الاصل حيث قالا : " وافترق هؤلاء [ الاسماعيلية ] فرقتين
فرقة منتظرة لاسماعيل بن جعفر - مع اجماع أصحاب التواريخ على موت اسماعيل في حياة
أبيه - وفرقة منهم قالت كان الامام بعد جعفر سبطه محمد بن اسماعيل وقالوا : ان جعفرا
نصب ابنه اسماعيل للامامة بعده فلما مات اسماعيل في حياة أبيه علمنا انه انما نصب اسماعيل
للدلالة على امامة ابنه محمد بن اسماعيل والى هذا القول قالت الاسماعيلية من الباطنية . "
فمن أين له اثبات دعواه من نصب اسماعيل والعدول عنه لسكره ونصب موسى ، وليته
دلنا على مصدر هذا الادعاء الكاذب ، وكيف له باثبات زعمه من تعيين اسماعيل للامامة ؟
ومتى كان ذلك ؟ وأين ذكر ؟ لوماذا يذكرلنا مصدرا تاريخيا - وهو استاذ التاريخ - وكان
عليه ان يقرأ تاريخ الفرق الاسلامية قراءة تفهم وبعدها يصدر أحكامه . وذى
كتب الفرق من الملل والنحل ، التبصير ، والفصل ، واعتقادات فرق المسلمين للفخر
الرازى ، وفرق الشيعة ، والفرق الاسلامية ، والفرق بين الفرق ، ومخصره كلها خالية عن
مثل هذه الدعوى ، ولو صحت لاشار اليها بعض أصحاب هذه الكتب ممن لم كتابه وقلمه
من الطعن في أئمة المسلمين ، ولكنها فرية وبهتان ، والبلية كل البلية ان يحررها مستشرق
يحمل من الالقاب العلمية اللامعة في دنيا الثقافة اليوم ، وتعتزبه المجامع العلمية في البلاد
الاسلامية . واذا كان هذا تحقيقه وهذا تحريره فأى قيمة لالقابه - الفارغة - في ميران التقييم
الفكرى ؟ ! .
( 1 ) هو المعروف بالافطح ( لانه كان افطح الرأس كما في الكشى ص 164 أو أفطح الرجلين
كما في الرشاد ص 305 ) كان اكبر اخوته سنا بعد اسماعيل ، قال الشيخ المفيد في الارشاد
[257]
ومحمد الديباح ( 1 ) . . . . . .
* ( هامش ) * ولم يكن منزلته عند أبيه منزلة غيره من ولده في الاكرام ، وكان متهما بالخلاف على أبيه
في الاعتقاد ، ويقال : انه كان يخالط الحشوية ويميل إلى مذهب المرجئة ، وادعى بعد
أبيه الامامة واحتج بأنه أكبر اخوته الباقين فاتبعه على قوله جماعة الخ . توفي بعد أبيه
بسبعين يوما ، وكان أول من لحق به من أهله فصح فيه ما روى عن أبيه - الصادق عليه السلام
انه قال لموسى " ع " : يا بنى ان أخاك سيجلس مجلسى ويدعى الامامة بعدى فلا تنازعة بكلمة
فانه أول أهلى لحوقا بى . وكانت وفاته سنة 149 في العشر الاول من المحرم تقريبا ولم
يعقب سوى بنتا اسمها فاطمة وأمها علية بنت الحسين بن زيد بن على . تزوجها العباس بن
موسى العباسى ، ثم ابن عمها على بن اسماعيل .
لا حظ أخباره في كتب الفرق عند ذكر الفطحية ، وفي جمهرة اسناب العرب لابن حزم
ص 59 ونسب قريش لمصعب ص 64 والكشى ص 164 - 165 وجامع الرواة ج 1 ص 479
وغيرها .
( 1 ) هو المعروف بالديباج - او الديباجة - لحسن وجهه ويلقب بالمأمون ويكنى
أبا جعفر ، امه ام أخويه موسى واسحاق ام ولد تدعى حميدة ، وكان شيخا وادعا محببا في
الناس ، وكان يروى العلم عن أبيه جعفر بن محمد وكان الناس يكبون عنه هكذا قال الطبرى
في تاريخه ج 10 ص 23 وقال الخطيب في تاريخه ج 2 ص 113 وأبوالفرج في مقاتله
ص 538 انه كان شجاعا عاقلا فاضلا ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، وكانت زوجته خديجة
بنت عبدالله بن الحسين تقول : ما خرج من عندنا في ثوب قط فرجع حتى يكسوه : قال ابن
عنبة في عمدة الطالب ص 245 خرج داعيا إلى محمد بن ابراهيم بن طباطبا الحسنى ، فلما
مات محمد بن ابراهيم دعا محمد الديباج إلى نفسه وبويع له بمكة ، وذكر الخطيب في
تاريخه عن وكيع انه قال في بيعة الديباج كان قد بايعه أهل الحجاز وتهامة بالخلافة ولم
يبايعوا بعد على بن أبى طالب لعلوى غيره . وكان السبب في دعوته الناس اليه انه كتب رجل
- أيام أبى السرايا - كتابا يسب فيه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وجميع أهل البيت وكان محمد
ابن جعفر معتزلا تلك الامور لم يدخل في شئ منها ، فجاءه الطالبيون فقرؤه عليه فلم يرد
عليهم جوابا حتى دخل بيته فخرج عليهم وقد لبس الدرع وتقلد السيف ودعا إلى نفسه وتسمى
بالخلافة وهو يتمثل :
لم أكن من جناتها علم الله * وانى بحرها اليوم صالى
[258]
وإسحاق ( 1 ) لام ولد ثلاثتهم ، وعلي العريضي ( 2 ) لام ولد . . .
* ( هامش ) * وفي سنة 200 حج المعتصم بالناس فوقع القتال بين الديباج ومن معه وبين هارون
ابن المسيب من قواد المعتصم . واستحر القتال حتى حوصر الديباج في ثبير - جبل بمكة -
فبقى محصورا ثلاثة أيام حتى نفد زادهم وماؤهم وجعل أصحابه يتفرقون ، فلما رأى ذلك
طلب الامان لنفسه ولمن معه فأعطى ذلك ثم غدربه وبهم فحملوا الجميع مقيدين في محامل
بلا وطاء يريدون بهم خراسان ، فخرج عليهم في الطريق بنو نبهان وقيل الغاضريون وذلك
في زبالة فاستنقذوا الديباج ومن معه من ايدى العباسيين بعد حرب شعواء ، ثم مضى الديباج
ومن معه بأنفسهم إلى الحسن بن سهل في بغداد فأنفذهم إلى خراسان حيث المأمون فأمر
المأمون آل أبى طالب بخراسان أن يركبوا مع غير الديباج من آل أبى طالب ، فأبوا ان
يركبوا الامعه وقد مر في الاصل شئ من أخباره فلاحظ .
( 1 ) هو المعروف بالعريضى - لانه ولد بالعريض ( يكنى أبا محمد وكان من أشبه
الناس برسول الله ، وامه ام أخويه موسى وعبدالله ، وقد عده الشيخ الطوسى في رجاله من
أصحاب أبيه الصادق عليه السلام وروى عنه الحديث ، وقد أثنى عليه الشيخ المفيد في الارشاد
بقوله : كان من أهل الفضل والصلاح والورع والاجتهاد وروى عنه الناس الحديث والاثار وكان
يقول بامامة أخيه موسى عليه السلام ، وكان محدثا جليلا ، وادعت فيه طائفة من الشيعة
الامامة ، وكان سفيان بن عيينة اذا روى عنه اثنى عليه كما مر في الاصل وهو أقل المعقبين
من ولد جعفر الصادق عليه السلام عددا ، لا حظ أخباره في العمدة ص 249 والمشجر الكشاف
ص 68 وسر السلسلة العلوية ص 44 وهو من أعلام منتقلة الطالبيين .
( 2 ) هو أبوالحسن العريضى - نسبة إلى العريض كزبير واد بالمدينة به أموال لاهلها -
ذكره الزبيدى في تاج العروس " عرض " وقال : واليه نسب الامام أبوالحسن على بن جعفر
العريضى لانه نزل به وسكنه ، فأولاده العريضيون وبه يعرفون وفيهم كثرة وعدد اه وكان
اصغر ولد أبيه ، مات أبوه وهو طفل ، خرج مع أخيه محمد - الديباج - حين نهض بمكة
مع جماعة الطالبين . كما انه اشترك مع اخيه زيد بن موسى والعباس بن محمد الجعفرى
في ثروة البصرة ايام ابى السرايا سنة 199 ثم رجع عن ذلك وكان يرى راى الامامية ، عده
الشيخ في رجاله من اصحاب الائمة الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام وذكره الذهبى
في العبر ج 1 ص 358 وقال : كان من جلة السادة الاشراف ، وترجمه سماحة سيدى الوالد
روحى فداه في شرح مشيخة الفقيه وذكر ان في الكافى ما يدل على بقائه حيا إلى سنة
[259]
والعباس ( 1 ) لام ولد ، ابنته : أسماء ، ام فروة ، التي زوجها من ابنه عمه
الخارج ، ويقال : له ثلاث بنات ام فروة من فاطمة بنت الحسين الاصغر ، وأسماء
من ام ولد ، وفاطمة من ام ولد ( 2 ) .
27 - نى : محمد بن همام ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن سماعة ، عن
أحمد بن الحسن ، عن أبي نجيح المسمعي ، عن الفيض بن المختار قال : قلت لابي
عبدالله عليه السلام : جعلت فداك ما تقول في الارض أتقبلها من السلطان ثم اواجرها من
الغير على أن ما أخرج الله فيها من شئ كان لي من ذلك النصف أو الثلث أو أقل
من ذلك أو أكثر هل يصلح ذلك ؟ قال : لا بأس به ، فقال له إسماعيل ابنه : يا أبتاه
لم يحفظ قال : أو ليس كذلك اعامل أكرتي يا بني ؟ أليس من أجل ذلك كثيرا ما
أقول لك الزمني فلا تفعل ؟ فقام إسماعيل فخرج ، فقلت جعلت فداك فما على إسماعيل
ألا يلزمك إذا كنت متى مضى افضيت الاشيآء إليه من بعدك كما افضيت الاشياء
إليك من بعد أبيك ؟
فقال : يا فيض إن إسماعيل ليس مني كما أنا من أبي ، قلت : جعلت فداك
فقد كان لاشك في أن الرحال تحط إليه من بعدك ، فإن كان ما نخاف ونسأل الله
من ذلك العافية فإلى من ؟ وأمسك عني ، فقبلت ركبتيه وقلت : ارحم شيبتي فانما
* ( هامش ) * ونبه على خطأ ابن حجر في تقريب التهذيب حيث ذكر موته سنة 210 تابعا للذهبى في العبر
وغيره ، وكان سيدى دام ظله قد اعتمد قول ابن حجر في شرح مشيخة الاستبصار ج 4 ص 332
عمر أكثر من مائة سنة ، له كتاب المناسك ، وكتاب الحلال والحرام ولعله هو المسائل
التى سأل عنها أخاه موسى بن جعفر " ع " والاخبار دالة على جلالة قدره وعظم شأنه .
لا حظ أخباره في مقاتل الطالبيين ص 534 وص 540 وعمدة الطالب ص 241
وشرح مشيخة الفقيه ص 4 ورجال الشيخ الطوسى وغيرها .
( 1 ) ذكره مصعب الزبيرى في كتابه نسب قريش ص 63 والعميدى في مشجره
ص 76 والشيخ المفيد في ارشاده وقال : كان فاضلا نبيلا اه وقال مصعب في كتابه : لا بقية له .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 400 .
[260]
هي النار ، إني والله لو طمعت أن أموت قبلك ما باليت ، ولكني أخاف أن أبقى بعدك
فقال لي : مكانك ، ثم قام إلى ستر في البيت فرفعه ودخل ، فمكث قليلا ثم صاح
بي : يا فيض ادخل ، فدخلت فاذا هو بمسجد قد صلى وانحرف عن القبلة ، فجلست
بين يديه ، فدخل عليه أبو الحسن موسى عليه السلام وهو يومئذ غلام في يده درة فأقعده
على فخذه ، وقال له : بأبي أنت وامي ما هذه المخفقة التي بيدك ؟ فقال : مررت بعلي
أخي وهو في يده وهو يضرب بها بهيمة فانتزعتها من يده ، فقال لي أبوعبدالله عليه السلام :
يا فيض إن رسول الله افضيت إليه صحف إبراهيم وموسى فائتمن عليها عليا ثم
ائتمن عليها علي الحسن ، ثم ائتمن عليها الحسن الحسين ، وائتمن الحسين عليها علي
ابن الحسين ، ثم ائتمن عليها علي بن الحسين محمد بن علي ، وائتمن الحسين عليها أبي ، فكانت
عندي ، ولهذا ائتمنت ابني هذا عليها على حداثته وهي عنده ، فعرفت ما أراد .
فقلت : جعلت فداك زدني فقال : يا فيض إن أبي كان إذا أراد أن لا ترد له
دعوة أجلسني عن يمينه ودعا فأمنت فلا ترد له دعوة ، وكذلك أصنع بابني هذا
وقد ذكرت أمس بالموقف فذكرتك بخير ، قال فيض : فبكيت سرورا .
ثم قلت له : يا سيدي زدني فقال : إن أبي كان إذا أراد سفا وأنا معه فنعس
وكان على راحلته أدنيت راحلتي من راحلته فوسدته ذراعي الميل والميلين حتى
يقضي وطره من النوم ، وكذلك يصنع بي ولدي هذا ، فقلت : زدني جعلت فداك
فقال : يا فيض إني لاجد بابني هذا ما كان يعقوب يجده من يوسف ، فقلت : سيدي
زدني فقال : هو صاحبك الذي سألت عنه قم فأقر له بحقه ، فقمت حتى قبلت
يده ورأسه ودعوت الله له ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : أما إنه لم يؤذن لي في المرة
الاولى منك .
فقلت : جعلت فداك اخبر به عنك ؟ قال : نعم أهلك وولدك ورفقاءك وكان
معي أهلي وولدي وكان معي يونس بن ظبيان من رفقائي ، فلما أخبرتهم وحمدوا
الله على ذلك ، وقال يونس : لا والله حتى أسمع ذلك منه وكانت فيه عجلة ، فخرج
فاتبعته ، فلما انتهيت إلى الباب سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول له - وقد سبقني
[261]
يونس - : الامر كما قال لك فيض اسكت واقبل فقال : سمعت وأطعت ، ثم دخلت
فقال لي أبوعبدالله عليه السلام حين دخلت : يا فيض زرقه قلت له قد فعلت ( 1 ) .
28 - نى : ابن عقدة ، عن جعفر بن عبدالله المحمدي ، عن ابن فضال ، عن
صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : وصف إسماعيل أخي لابي عبدالله عليه السلام
دينه واعتقاده فقال : إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنكم - ووصفهم
يعني الائمة واحدا واحدا حتى انتهى إلى أبي عبدالله عليه السلام . قال : وإسماعيل من
بعدك ؟ قال : أما إسماعيل فلا ( 2 ) .
29 - كش : الفطحية هم القائلون بإمامة عبدالله بن جعفر بن محمد عليه السلام و
سموا بذلك لانه قيل : إنه كان أفطح الرأس ، وقال بعضهم : كان أفطح الرجلين
وقال بعضهم : إنهم نسبوا إلى رئيس من أهل الكوفة يقال له عبدالله بن فطيح ، و
الذين قالوا بإمامته عامة مشايخ العصابة وفقهاؤها مالوا إلى هذه المقالة ، فدخلت
عليهم الشبهة لما روي عنهم عليهم السلام أنهم قالوا : الامامة في الاكبر من ولد الامام
إذا مضى إمام .
ثم منهم من رجع عن القول بامامته لما امتحنه بمسائل من الحلال والحرام
لم يكن عنده فيها جواب ، ولما ظهر منه من الاشيآء التي لا ينبغي أن تظهر من الامام .
ثم إن عبدالله مات بعد أبيه بسبعين يوما فرجع الباقون إلا شذاذا منهم عن
القول بامامته إلى القول بامامة أبي الحسن موسى عليه السلام ورجعوا إلى الخبر الذي
روي أن الامامة لا تكون في الاخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام ، وبقي شذاذ


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 261 سطر 19 الى ص 269 سطر 18

منهم على القول بامامته ، وبعد أن مات قال بامامة أبي الحسن موسى عليه السلام .
وروي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال لموسى : يا بني إن أخاك سيجلس
مجلسي ويدعي الامامة بعدي فلا تنازعه بكلمة فانه أول أهلي لحوقا بي ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) غيبة النعمانى ص 176 .
( 2 ) نفس المصدر ص 176 .
( 3 ) رجال الكشى ص 164 .
[262]
بيان : قال الجوهري : رجل أفطح بين الفطح أي عريض الرأس .
30 - كش : جعفر بن محمد ، عن الحسن بن علي بن التعمان ، عن أبي يحيى
عن هشام بن سالم قال : كنا بالمدينة بعد وفاة أبي عبدالله عليه السلام أنا ومؤمن الطاق و
أبوجعفر والناس مجتمعون على أن عبدالله صاحب الامر بعد أبيه ، فدخلنا عليه أنا
وصاحب الطاق والناس مجتمعون عند عبدالله وذلك أنهم رووا عن أبي عبدالله عليه السلام
أن الامر في الكبير مالم يكن به عاهة ، فدخلنا نسأله عما كنا نسأل عنه أباه
فسألناه عن الزكاة في كم تجب ؟ قال : في مأتين خمسة ، قلنا : ففي مائة ؟ قال : درهمان
ونصف ، قلنا له : والله ما تقول المرجئة هذا ، فرفع يده إلى السماء فقال : لا والله
ما أدري ما تقول المرجئة ، قال : فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلى أين نتوجه
أنا وأبو جعفر الاحول ، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى
من نقصد وإلى من نتوجه ؟ نقول : إلى المرجئة ، إلى القدرية ، إلى الزيدية ، إلى
المعتزلة ، إلى الخوارج ! قال : فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ
إلي بيده ، فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر ، وذلك أنه كان له بالمدينة
جواسيس ينظرون على من اتفق شيعة جعفر عليه الصلاة والسلام فيضربون عنقه
فخفت أن يكون منهم .
فقلت لابي جعفر : تنح فإني خائف على نفسي وعليك ، وإنما يريدني ليس
يريدك ، فتنح عني لا تهلك وتعين على نفسك ، فتنحى غير بعيد وتبعت الشيخ وذلك
أني ظننت أني لا أقدر على التخلص منه ، فما زلت أتبعه حتى وردبي على باب أبي
الحسن موسى عليه السلام ثم خلاني ومضى ، فاذا خادم بالباب ، فقال لي : ادخل رحمك
الله ، قال : فدخلت فاذا أبوالحسن عليه السلام فقا لي ابتداءا : لا إلى المرجئة ، ولا
إلى القدرية ، ولا إلى الزيدية ، ولا إلى المعتزلة ، ولا إلى الخوارج ، إلي إلي إلي
قال : فقلت له : جعلت فداك مضى أبوك ؟ قال : نعم قلت : جعلت فداك من لنا بعده ؟
فقال : إن شاء الله أن يهديك هداك ، قلت جعلت : فداك إن عبدالله يزعم أنه من
بعد أبيه قال : يريد عبدالله أن لا يعبدالله ، قال : قلت له : جعلت فداك لمن لنا بعده ؟
[263]
فقال : إن شاءالله أن يهديك هداك أيضا ، قلت : جعلت فداك أنت هو ؟ قال لي : ما
أقول ذلك .
قلت في نفسي : لم اصب طريق المسألة قال قلت : جعلت فداك عليك إمام ؟ قال :
لا فدخلني شئ لا يعلمه إلا الله إعظاما له وهيبة أكثر ما كان يحل بي من أبيه إذا
دخلت عليه ، قلت : جعلت فداك أسألك عما كان يسأل أبوك ؟ .
فقال : سل تخبرو لا تذع فان أذعت فهو الذبح ، فسألته فاذا هو بحر ، قال :
قلت : جعلت فداك شيعتك وشعية أبيك ضلال فالقي إليهم وأدعوهم إليك فقد أخذت
علي بالكتمان ؟ قال : من آنست منهم رشدا فألق عليهم وخذ عليهم بالكتمان ، فان أذاعوا
فهو الذبح وأشار بيده إلى حلقه ، قال : فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر فقال لي : ما
وراك ؟ قال : قلت : الهدى قال : فحدثته بالقصة ، ثم لقيت المفضل بن عمرو أبا بصير
قال : فدخلوا عليه وسلموا وسمعوا كلامه وسألوه ثم قطعوا عليه ، ثم قال : ثم
لقيت الناس أفواجا قال : فكان كل من دخل عليه قطع عليه إلا طائفة مثل عمار
وأصحابه ، فبقي عبدالله لا يدخل عليه أحد إلا قليلا من الناس ، قال : فلما رأى
ذلك وسأل عن حال الناس قال : فاخر أن هشام بن سالم صد عنه الناس ، فقال
هشام : فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني ( 1 ) .
31 - كش : حمدويه ، عن الخشاب ، عن ابن أسباط وغيره ، عن علي بن جعفر
ابن محمد قال : قال لي رجل أحسبه من الواقفة : ما فعل أخوك أبو الحسن ؟ قلت :
قدمات ، قال : وما يدريك بذلك ؟ قال : قلت : اقتسمت أمواله وانكحت نساؤه و
نطق الناطق من بعده .
قال : ومن الناطق من بعده ؟ قلت : ابنه علي قال : فما فعل ؟ قلت له : مات
قال : وما يدريك أنه مات ؟ قلت : قسمت أمواله ونكحت نساؤه ونطق الناطق من بعده
قال : ومن الناطق من بعده ؟ قلت : أبوجعفر ابنه ، قال فقال له : أنت في سنك وقدرك
وأبوك جعفر بن محمد تقول هذا القول في هذا الغلام ؟ قال : قلت ما أراك إلا شيطانا
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 182 .
[264]
قال : ثم أخذ بلحيته فرفعها إلى السماء ، ثم قال : فما حيلتي إن كان الله رآه أهلا
لهذا ، ولم يرهذه الشيبة لهذا أهلا ( 1 ) .
32 - كش : نصر بن الصباح ، عن إسحاق بن محمد البصري ، عن الحسين بن
موسى بن جعفر ، قال : كنت عند أبي جعفر عليه السلام بالمدينة وعنده علي بن جعف وأعرابي
من أهل المدينة جالس ، فقال لي الاعرابي : من الفتى ؟ وأشار إلى أبي جعفر عليه السلام
قلت هذا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : يا سبحان الله ، رسول الله قد مات منذ مأتي سنة
وكذا وكذا سنة ، وهذا حدث كيف يكون هذا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قلت : هذا
وصي علي بن موسى ، وعلي وصي موسى بن جعفر ، وموسى وصي جعفر بن محمد
وجعفر وصي محمد بن علي ، ومحمد وصي علي بن الحسين ، وعلي وصي الحسين
والحسين وصي الحسن ، والحسن وصي علي بن أبي طالب ، وعلي بن أبي طالب
وصي رسول الله صلوات الله عليهم .
قال : ودنا الطبيب ليطقع له العرق ، فقام علي بن جعفر فقال : يا سيدي
تبدأ بي لتكون حدة الحديد في قبلك ، قال قلت : يهنئك هذا عم أبيه قال : وقطع له
العرق ، ثم أراد أبوجعفر عليه السلام النهوض فقام علي بن جعفر عليهما السلام فسوى له نعليه
حتى يلبسهما ( 2 ) .
33 - كا : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن
الميثمي ، عن عن أبان ، عن عبدالله بن راشد قال : كنت مع أبي عبدالله عليه السلام حى مات
إسماعيل ابنه فانزل في قبره ثم رمى بنفسه على الارض مما يلي القبلة ، ثم قال :
هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإبراهيم ( 3 ) .
34 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن اذينة ، عن زرارة
قال : رأيت ابنا لابي عبدالله عليه السلام في حياة أبي جعفر عليه السلام يقال له عبدالله قطيم ( 4 ) قد
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 269 .
( 2 ) المصدر السابق ص 269 .
( 3 ) الكافى ج 3 ص 194 بزيادة في آخره .
( 4 ) الفطيم : الطفل الذى انتهت مدة رضاعه ففطم ، ودرج بمعنى مشى .
[265]
درج : فقلت له : يا غلام من ذا الذي إلى جنبك ؟ - لمولى لهم - فقال : هذا مولاي
فقال له المولى - يمازحه : لست لك بمولى فقال : ذاك شر لك ، فطعن في جنازة
الغلام فمات فاخرج في سفط إلى البقيع ، فخرج أبوجعفر عليه السلام وعليه جبة خز
صفراء وعمامة صفراء ومطرف خز أصفر فانطلق يمشي إلى البقيع وهو معتمد علي
والناس يعزونه على ابن ابنه .
فلما انتهى إلى البقيع تقدم تقدم أبوجعفر عليه السلام فصلى عليه وكبر عليه أربعا ثم
أمر به فدفن ، ثم أخذ بيدي فتنحى بي ثم قال : إنه لم يكن يصلى على الاطفال
إنما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأمربهم فيدفنون من وراء ولا يصلى عليهم ، و
إنما صليت عليه من أجل أهل المدينة كراهية أن يقولوا لا يصلون على أطفالهم ( 1 ) .
بيان : قد درج أي كان ابتداء مشيه ، قوله ذاك شر لك : أي نفي كونك
مولى لي شر لك ، إذ كونك مولى لي شرف لك .
قوله : في جنازة الغلام كأنه من باب مجاز المشارفة ، وفي التهذيب ( 2 ) جنان وهو
أظهر ، وقيل هو حتار بالكسر ، قال في القاموس ( 3 ) الحتار حلقة الدبر أو ما بينه
وبين القبل ، أو الخط بين الخصيتين ورتق الجفن ، وشئ في أقصى فم البعير .
قوله : من وراء ، في التهذيب والاستبصار من وراء وراء مكررا ، وقال في
النهاية ( 4 ) ومنه حديث الشفاعة يقول إبراهيم : إني كنت خلايلا من وراء وراء
هكذا يروى مبنيا على الفتح أي من خلف حجاب .
ومنه حديث معقل أنه حدث ابن زياد بحديث فقال : أشئ سمعته من
رسول الله صلى الله عليه وآله أو من وراء وراء ؟ أي ممن جاء خلفه وبعده ، ويقال لولد الولد
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 3 ص 206 .
( 2 ) التهذيب ج 3 ص 198 وفي المطبوع حديثا " في جنازة الغلام " وأخرجه الشيخ
أيضا في الاستبصار ج 1 ص 479 .
( 3 ) القاموس ج 2 ص 4 .
( 4 ) النهاية ج 4 ص 207 .
[266]
الوراء . انتهى .
أقول : الظاهر أنه كناية إما عن عدم الاحضار في محضر الجماعة للصلاة
عليه ، أو عدم إحضار الناس وإعلامهم لذلك .
ويحتمل أن يكون بيانا للضمير في يدفنون أي كان يفعل ذلك بعد النبي صلى الله عليه وآله
وبعد الازمنة المتصلة بعصره ، فيكون الغرض بيان كون هذا الحكم مستمرا من
زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى الاعصار بعده ، فيظهر كون فعلهم على خلافه بدعة واضحة .
35 - كا : الحسين بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن محمد بن خلاد الصيقل
عن محمد بن الحسن بن عماد قال : كنت عند علي بن جعفر بن محمد عليهما السلام جالسا وكنت
أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما سمع من أخيه - يعني أبا الحسن - إذ دخل عليه
أبوجعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام المسجد مسجد رسول الله فوثب علي بن جعفر بلا
حذاء ولا رداء فقبل يده وعظمه .
فقال له أبوجعفر عليه السلام : يا عم اجلس رحمك الله فقال : يا سيدي كيف
أجلس وأنت قائم ؟ ! فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبخونه
ويقولون : أنت عم أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل ؟ فقال : اسكتوا إذا كان الله عزوجل
- وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه ، انكر
فضله ؟ نعوذ بالله مما تقولون بل أنا له عبد ( 1 ) .
36 - يب : الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم
قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فسطاطه وهو يكلم امرأة فأبطأت عليه فقال ادنه !
هذه ام إسماعيل جاءت وأنا أزعم أن هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجها عام
أول ، كنت أردت الاحرام فقلت : ضعوا لي الماء في الخباء ، فذهبت الجارية بالمآء
فوضعته فاستخففتها فأصبت منها ، فقلت : اغسلي رأسك وامسحيه مسحا شديدا لا تعلم
به مولاتك ، فاذا أردت الاحرام فاغسلي جسدك ولا تغسلي رأسك فتستريب مولاتك
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 1 ص 322 .
[267]
فدخلت فسطاط مولاتها فذهبت تتناول شيئا فمست مولاتها رأسها فإذا لزوجة
المآء ، فحلقت رأسها وضربتها ، فقلت لها : هذا المكان الذي أحبط الله فيه حجك ( 1 ) .
بيان : قوله عليه السلام فاستخففتها أي فوجدت إتيانها خفيفة سهلة ، ويحتمل أن
يكون كناية عن المروادة من قولهم استخف فلانا عن رأيه أي حمله على الخفة و
الجهل وأزاله عن رأيه .
37 - يب : الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن إسماعيل
ابن جابر قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام حين مات ابنه إسماعيل الاكبر فجعل
يقبله وهو ميت ، فقلت : جعلت فداك أليس لا ينبغي أن يمس الميت بعد ما يموت ؟
ومن مسه فعليه الغسل ، فقال : أما بحراراته فلا بأس ، إنما ذلك إذا برد ( 2 ) .
38 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن حريز قال : كانت
لاسماعيل بن أبي عبدالله دنانير وأراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن فقال
إسماعيل : يا أبه إن فلانا يريد الخروج إلى اليمن وعندي كذا وكذا دينارا أفترى
أن أدفعها إليه يبتاع لي بها بضاعة من اليمن ؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا بني أما
بلغك أنه يشرب الخمر ؟ فقال إسماعيل : هكذا يقول الناس ، فقال عليه السلام : يا بني
لا تفعل .
فعصى إسماعيل أباه ودفع إليه دنانيره فاستهلكها ولم يأته بشئ منها ، فخرج
إسماعيل وقضي أن أبا عبدالله عليه السلام حج وحج إسماعيل تلك السنة فجعل يطوف
بالبيت ويقول : اللهم آجرني واخلف علي ، فلحقه أبوعبدالله عليه السلام فهمزه بيده من
خلفه ، وقال له : مه يا بني فلا والله ما لك على الله هذا ، ولا لك أن يؤجرك ولا
يخلف عليك ، وقد بلغك أنه يشرب الخمر فائتمنته .
فقال اسماعيل : يا أبه إني لم أره يشرب الخمر إنما سمعت الناس يقولون
فقال : يا بني إن الله عزوجل يقول في كتابه : " يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين " ( 3 )
* ( هامش ) * ( 1 ) التهذيب ج 1 ص 134 وأخرجه الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 124 .
( 2 ) نفس المصدر ج 1 ص 429 . / / ( 3 ) سورة التوبة ، الاية 61 .
[268]
يقول : يصدق لله ويصدق للمؤمنين ، فاذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم ولا تأتمن
شارب الخمر فان الله عزوجل يقول في كتاب " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " ( 1 )
فأي سفيه أسفه من شارب الخمر ، إن شارب الخمر لا يزوج إذا خطب ، ولا يشفع
إذا شفع ، ولا يؤتمن على أمانة ، فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها لم يكن للذي
ائتمنه على الله أن يؤجره ولا يخلف عليه ( 2 ) .
اقول : أوردنا بعض أحوال محمد بن جعفر في باب احتجاج الرضا عليه السلام على
أرباب الملل ، وبعض أحوال إسماعيل في باب مكارم أخلاق أبيه عليه السلام
39 - محص : باسناده ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت معتبا يحدث أن
إسماعيل بن أبي عبدالله عليه السلام حم حمى شديدة فأعلموا أبا عبدالله عليه السلام بحماه فقال :
ائته فسله أي شئ علمت اليوم من سوء فعجل الله عليك العقوبة ؟ قال : فأتيته
فاذا هو موعوك ، فسألته عما عمل فسكت ، وقيل لي : إنه ضرب بنت زلفى اليوم
بيده فوقعت على دراعة الباب فعقروجهها ، فأتيت أبا عبدالله عليه السلام فأخبرته بما قالوا
فقال : الحمد لله إنا أهل بيت يعجل الفر لاولادنا العقوبة في الدنيا ، ثم دعا بالجارية
فقال : اجعلي إسماعيل في حل مما ضربك فقالت : هو في حل فوهب لها أبوعبدالله
عليه السلام شيئا ، ثم قال لي : اذهب فانظر ما حاله قال : فأتيته وقد تركته الحمى .
40 - ير : فضالة ، عن ابن عميرة ، عن ابن مسكان ، عن عمار بن حيان
قال : أخبرني أبوعبدالله عليه السلام ببر ابنه إسماعيل له وقال : لقد كنت احبه وقد ازداد
إلي حبا ، الخبر ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة النساء ، الاية : 5 .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 299 .
( 3 ) وقع وهم من النساخ في وضع رمز ( ير ) الذى هو رمز لبصائر الدرجات ،
والصواب ( ين ) الذى هو رمز لكتاب الزهد للحسين بن سعيد الاهوازى ، كما في ج 16
ص 25 باب بر الوالدين من البحار ، والحديث موجود في كتاب الزهد المذكور باب بر
الوالدين والقرابة والعشيرة والقطيعة وهو الحديث الثالث من الباب ، وتمام الخبر نقلا
[269]
أقول : سيأتي تمام في باب بر الوالدين .
41 - كتاب زيد النرسى : عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
ما بدا لله بداء أعظم من بداء بدا له في إسماعيل ابني ( 1 ) .
42 - ومنه : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إني ناجيت الله ونازلته في إسمعيل
ابني أن يكون من بعدي فأبى ربي إلا أن يكون موسى ابني ( 2 ) .
43 - ومنه : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن شيطانا قد ولع بابني إسماعيل
يتصور في صورته ليفتن به الناس وإنه لا يتصور في صورة نبي ولا وصي نبي ، فمن
قال لك من الناس : إن إسماعيل ابني حي لم يمت ، فانما ذلك الشيطان تمثل له
في صورة إسماعيل ، ما زلت أبتهل إلى الله عزوجل في إسماعيل ابني أن يحييه لي
ويكون القيم من بعدي فأبى ربي ذلك ، وإن هذا شئ ليس إلى الرجل منا يضعه
حيث يشآء ، وإنما ذلك عهد من الله عز وجل يعهده إلى من يشآء ، فشآء الله أن
يكون ابني موسى ، وأبي أن يكون إسماعيل ولو جهد الشيطان أن يتمثل بابني موسى
ما قدر على ذلك أبدا والحمد لله ( 3 ) .
* ( هامش ) * عنه : ان رسول الله صلى الله عليه وآله أتته أخته من الرضاعة ، فلما أن نظر اليها سربها وبسط رداءه لها
فأجلسها عليه ، ثم أقبل يحدثها ويضحك في وجهها ثم قامت فذهبت ، ثم جاء أخوها فلم
يصنع به ما صنع بها ، فقيل يا رسول الله صنعت بأخته مالم تصنع به وهو رجل ؟ فقال : لانها
كانت أبر بأبيها منه .
( 1 و 2 و 3 ) أصل زيد النرسى ص 49 من الاصول الستة عشر طبع ايران .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 269 سطر 19 الى ص 277 سطر 18

[270]
* ( باب 9 ) *
* ( ( احوال اقربائه وعشائره وماجرى بينه وبينهم ) * )
* ( ( وما وقع عليهم من الجور والظلم ) ) *
( ( وأحوال من خرج في زمانه عليه السلام من بنى الحسن عليه السلام ) )
( ( واولاد زيد وغيرهم ) )
1 - ير : إبراهيم بن هاشم ، عن يحيى بن أبي عمران الهمداني ، عن يونس
عن علي الصائغ ، قال : لقي أبا عبدالله عليه السلام محمد بن عبدالله بن الحسن ، فدعاه محمد
إلى منزله فأبى أن يذهب معه ، وأرسل معه إسماعيل وأومأ إليه أن كف ووضع يده على
فيه وأمره بالكف فلما انتهى إلى منزله أعاد إليه الرسول ليأتيه ، فأبى أبوعبدالله
عليه السلام وأتى الرسول محمدا فأخبره بامتناعه ، فضحك محمد ثم قال : ما منعه من إتياني
إلا أنه ينظر في الصحف ، قال : فرجع إسماعيل فحكى لابي عبدالله عليه السلام الكلام
فأرسل أبوعبدالله عليه السلام رسولا من قبله ، وقال : إن إسماعيل أخبرني بما كان منك
وقد صدقت إني أنظر في الصحف الاولى صحف إبراهيم وموسى ، فسل نفسك وأباك
هل ذلك عند كما ؟ قال : فلما أن بلغه الرسول سكت فلم يجب بشئ ، وأخبر
الرسول أبا عبدالله عليه السلام : بسكوته ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : اذا أصاب وجه الجواب
قل الكلام ( 1 ) .
2 - ير : أحمد بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، ع ابن بكير ، وأحمد بن
محمد ، عن محمد بن عبدالملك قال : كنا عند أبي عبدالله عليه السلام نحوا من ستين رجلا وهو
وسطنا ، فجاء عبدالخالق بن عبد ربه فقال له : كنت مع إبراهيم بن محمد جالسا
فذكروا أنك تقول : إن عندنا كتاب علي ، فقال : لا والله ما ترك علي كتابا ، وإن
كان ترك علي كتابا ما هو إلا إهابين ، ولوددت أنه عند غلامي هذا لما ابالي عليه
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 3 باب 10 ص 37 .
[271]
قال : فجلس أبوعبدالله عليه السلام ثم أقبل علينا فقال : ما هو والله كما يقولون إنهما
جفران مكتوب فيهما ، لا والله إنهما لاهابان عليهما أصوافهما وشعاهما مدحوسين
كتبا في أحدهما وفي الآخر سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ، وعندنا والله صحيفة طولها
سبعون ذراعا ، ما خلق الله من حلال وحرام إلا وهو فيها حتى أن أرش الخدش
وقال بظفره على ذراعه فخط به ، وعندنا مصحف فاطمة عليها السلام أما والله ما هو
في القرآن ( 1 ) .
بيان : مدحوسين أي مملوءين .
3 - ير : محمد بن الحسين ، عن البزنطي ، عن حماد بن عثمان ، عن علي بن
سعيد قال : كنت جالسا عند أبي عبدالله عليه السلام فقال رجل : جعلت فداك إن عبدالله
ابن الحسن يقول : مالنا في هذا الامر ماليس لغيرنا ، فقال أبوعبدالله عليه السلام - بعد
كلام - : أما تعجبون من عبدالله عزعم أن أباه عليا لم يكن إماما ويقول : إنه ليس
عندنا علم ، وصدق والله ما عنده علم ، ولكن والله - وأهوى بيده إلى صدره - إن عندنا
سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسيفه ودرعه ، وعندنا والله مصحف فاطمة ، ما فيه آية من
كتاب الله ، وإنه لاملاء [ من إملاء ] رسول الله وخطه على بيده ، والجفر وما يدرون
ما هو ، مسك شاة أو مسك بعير ( 2 ) .
4 - ير : ابن يزيد ، ومحمد بن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن
علي بن سعيد قال : كنت قاعدا عند أبي عبدالله عليه السلام وعنده اناس من أصحابنا ، فقال
له معلى بن خنيس : جعلت فداك ما لقيت من الحسن بن الحسن ؟ ثم قال له الطيار :
جعلت فداك بينا أنا أمشي في بعض السكك إذ لقيت محمد بن عبدالله بن الحسن على
حمار حله اناس من الزيدية فقال لي : أيها الرجل إلي إلي ، فان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال : من صلى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، فذاك المسلم الذي له
ذمة الله وذمة رسوله ، من شاء أقام ، من شاء ظعن ، فقلت له : اتق الله ولا يغرنك
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 3 باب 14 ص 40 .
( 2 ) المصدر السابق ج 3 باب 14 ص 41 بزيادة في آخره .
[272]
هؤلاء الذين حولك .
فقال أبوعبدالله عليه السلام للطيار : فلم تقل له غيره ؟ قال : لا ، قال : فهلا قلت :
إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ذلك والمسلمون مقرون له بالطاعة ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله
ووقع الاختلاف انقطع ذلك ، فقال محمد بن عبدالله بن علي : العجب لعبدالله بن
الحسن إنه يهزأ ويقول : هذا في جفركم الذي تدعون ، فغضب أبوعبدالله عليه السلام
فقال : العجب لعبد الله بن الحسن يقول : ليس فينا إمام صدق ، ماهو بامام ولا كان
أبوه إمام ، يزعم أن علي بن أبي طالب عليه السلام لم يكن إمام ويرد ذلك ، وأما قوله :
في الجفر فانما هو جلد ثور مذبوح كالجراب فيه كتب وعلم ما يحتاج الناس إليه
إلى يوم القيامة من حلال وحرام ، إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخط علي عليه السلام بيده
وفيه مصحف فاطمة مافيه آية من القرآن ، وإن عندي خاتم رسول الله ، درعه ، وسيفه
ولواءه ، وعندي الجفر على رغم أنف من زعم ( 1 ) .
5 - ير : محمد بن الحسين ، عن عبدالرحمان بن أبي هاشم ، وجعفر بن بشير
عن عنبسة ، عن ابن خنيس قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام إذ أقبل محمد بن عبدالله
ابن الحسن فسلم عليه ثم ذهب ، ورق له أبوعبدالله عليه السلام ودمعت عينه ، فقلت له : لقد
رأيتك صنعت به مالم تكن تصنع ؟ قال : رققت له لانه ينسب في أمر ليس له ، لم أجده
في كتاب علي من خلفآء هذه الامة ولا ملوكها ( 2 ) .
6 - ير : ابن يعقوب ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن جماعة سمعوا
أبا عبدالله عليه السلام يقول : وقد سئل عن محمد فقال : إن عندي لكتابين فيهما اسم كل
نبي وكل ملك يملك ، لاوالله ما محمد بن عبدالله في أحدهما ( 3 ) .
7 - ير : أحمد بن محمد ، عن الاهوازي ، عن القاسم بن محمد ، عن عبدالصمد
ابن بشير ، عن فضيل سكره قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال : يا فضيل
* ( هامش ) * ( 1 ) بصائر الدرجات ج 3 باب 14 ص 41 .
( 2 ) نفس المصدر ج 4 باب 2 ص 45 .
( 3 ) المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45 .
[273]
أتدري في أي شئ كنت أنظر فيه قبل ؟ قال : قلت : لا ، قال : كنت أنظر في كتاب
فاطمة عليها السلام فليس ملك يملك إلا وفيه مكتوب اسمه واسم أبيه ، فما وجدت لولد
الحسن فيه شيئا ( 1 ) .
بيان : لعل المراد أولاد الحسن عليه السلام الذين كانوا في ذلك الزمان .
8 - ير : علي بن اسماعيل ، عن صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم
عن ابن خنيس قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : ما من بني ولا وصي ولا ملك إلا في كتاب
عندي ، لا والله ما لمحمد بن عبدالله بن الحسن فيه اسم ( 2 ) .
9 - ير : عبدالله بن جعفر ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن العيص ، عن
أبي عبدالله عليه السلام مثله ( 3 ) .
10 - ج : روي عنه عليه السلام أنه قال : ليس منا إلا وله عدو من أهل بيته ، فقيل
له : بنو الحسن لا يعرفون لمن الحق ؟ قال : بلى ولكن لمنعهم الحسد ( 4 ) .
11 - ج : عن ابن أبي يعفور ، قال : لقيت أنا ومعلى بن خنيس الحسن بن الحسن
ابن علي بن أبي طالب عليهما السلام فقال : يا يهودي ، فأخبرنا بما قال جعفر بن محمد عليه السلام
فقال : هو والله أولى باليهودية منكما ، إن اليهودي من شرب الخمر ( 5 ) .
12 - ج : بهذا الاسناد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : لوتوفي الحسن
ابن الحسن بالزنا والربا وشرب الخمر كان خيرا مما توفي عليه ( 6 ) .
13 - ن : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن سهل ، عن علي بن الريان ، عن
الدهقان ، عن الحسين بن خالد [ الكوفي ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : قلت :
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45 .
( 2 ) المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45 .
( 3 ) المصدر السابق ج 4 باب 2 ص 45 .
( 4 ) الاحتجاج ص 204 .
( 5 ) نفس المصدر ص 204 .
( 6 ) المصدر السابق ص 204 .
[274]
جعلت فداك حديث كان يريوه عبدالله ] ( 1 ) بن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال :
لقيت أبا عبدالله عليه السلام في السنة التي خرج فيها ابراهيم بن عبدالله بن الحسن فقلت
له : جعلت فداك إن هذا قد ألف الكلام وسارع الناس إليه فما الذي تأمر به ؟ قال
فقال : اتقوا الله واسكنوا ما سكنت السماء والارض الخبر ( 2 ) .
14 - كشف : عن الحافظ عبدالعزيز بن الاخضر ، قال : وقع بين جعفر عليه السلام
وعبدالله بن الحسن كلام في صدر يوم فأغلظ له في القول عبدالله بن حسن ثم افترقا
وراحا إلى المسجد ، فالتقيا على باب المسجد ، فقال أبوعبدالله جعفر بن محمد عليه السلام
لعبدالله بن الحسن : كيف أمسيت يا أبا محمد ؟ فقال : بخير ، كما يقول المغضب ، فقال :
يا أبا محمد أما علمت أن صلة الرحم تخفف الحساب ، فقال : لا تزال تجئ بالشئ
لا نعرفه ، قال : فإني أتلو عليك به قرآنا قال : وذلك أيضا قال : نعم ، قال : فهاته
قال : قول الله عزوجل " والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل يخشون ربهم
ويخافون سوء الحساب " ( 3 ) قال : فلا تراني بعدها قاطعا رحمنا ( 4 ) .
15 - عم : من كتاب نوادر الحكمة ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبي محمد
الحميري ، عن الوليد بن العلا بن سيابة ، عن زكار بن أبي زكار الواسطي قال : كنت
عند أبي عبدالله عليه السلام إذ أقبل رجل فسلم ثم قبل رأس أبي عبدالله عليه السلام قال : فمس
أبوعبدالله علهى السلام ثيابه وقال : ما رأيت كاليوم ثيبابا أشد بياضا ولا أحسن منها
* ( هامش ) * ( 1 ) مابين القوسين ساقط من مطبوعة الكمبانى وهو في المصدر .
( 2 ) عيون أخبار الرضا ( ع ) ج 1 ص 310 بتفاوت ، وتمام الخبر قال : وكان
عبدالله بن بكير يقول : والله لئن كان عبيد بن زرارة صادقا فما من خروج وما من قائم ،
قال : فقال لى أبوالحسن " ع " : ان الحديث على ما رواه عبيد وليس على ما تأوله عبدالله بن
بكير ، انما عنى أبوعبدالله عليه السلام بقوله : ما سكنت السماء ، من النداء باسم صاحبكم ،
وما سكنت الارض من الخسف بالجيش .
( 3 ) سورة الرعد ، الاية : 21 .
( 4 ) كشف الغمة ج 2 ص 381 .
[275]
فقال : جعلت فداك هذه ثياب بلادنا وجئتك منها بخير من هذه ، قال : فقال :
يا معتب اقبضها منه ، ثم خرج الرجل ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : صدق الوصف و
قرب الوقت ، هذا صاحب الرايات السود الذي يأتي بها من خراسان .
ثم قال : يا معتب الحقه فسله ما اسمه ، ثم قال لي : إن كان عبدالرحمان
فهو والله هو ، قال : فرجع معتب ، فقال : قال : اسمي عبدالرحمان ، قال زكار
ابن أبي زكار : فمكث زمانا فلما ولي ولد العباس نظرت إليه وهو يعطي الجند
فقلت لاصحابه : من هذا الرجل ؟ فقالوا : هذا عبدالرحمان أبومسلم .
وذكر ابن جمهور العمي في كتاب الواحدة قال : حدث أصحابنا أن محمد بن
عبدالله بن الحسن بن الحسن قال لابي عبدالله : والله إني لاعلم منك وأسخى منك
وأشجع منك فقال : أما ما قلت إنك أعلم مني ، فقد أعتق جدي وجدك ألف نسمة
من كديده فسمهم لي ، وإن أحببت أن اسميهم لك إلى آدم فعلت ، وأما ما قلت
إنك أسخى مني ، فوالله مابت ليلة ولله علي حق يطالبني به ، وأما ما قلت إنك
أشجع ، فكأني أرى رأسك وقد جيئ به ووضع على حجر الزنابير ، يسيل منه الدم
إلى موضع كذا وكذا ، قال : فصار إلى أبيه وقال : يا أبه كلمت جعفر بن محمد
بكذا فرد علي كذا فقال أبوه : يا بني آجرني الله فيك إن جعفرا أخبرني أنك
صاحب حجرا الزنابير ( 1 ) .
16 - كش : حمدويه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن
سليمان بن خالد قال : للقيت الحسن بن الحسن فقال : أما لنا حق ؟ أما لنا حرمة ؟
إذا اخترتم منا رجلا واحدا كفاكم ، فلم يكن له عندي جواب ، فلقيت أبا عبدالله
عليه السلام فأخبرته بما كان من قوله ، فقال لي : القه فقل له : أتيناكم فقلنا : هل
عندكم ماليس عند غيركم ؟ فقلتم لا فصدقناكم وكنتم أهل ذلك ، وأتينا بني عمكم
فقلنا : هل عندكم ماليس عند الناس ؟ فقالوا : نعم فصدقناهم وكانوا أهل ذلك
قال : فلقيته فقلت له ما قال لي .
* ( هامش ) * ( 1 ) اعلام الورى ص 272 .
[276]
فقال لي الحسن : فان عندنا ما ليس عند الناس فلم يكن عندي شئ ، فأتيت
أبا عبدالله عليه السلام فأخبرته فقال لي : القه وقل : إن الله عزوجل يقول في كتابه :
" إيتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين " ( 1 ) فاقعدوا لنا
حتى نسألكم ، قال : فلقيته فحاججته بذلك فقال : فأما عندكم شئ إلا تعيبونا
إن كان فلان تفرغ وشغلنا فذاك الذي يذهب بحقنا ( 2 ) .
بيان : إلا تعيبونا أي إلا أن تعيبونا ، ويمكن أن يقرأ إلا بالفتح ليكون بدلا
أوعطف بيان لقوله شئ ، وفلان كناية عن الصادق عليه السلام ، وغرضه أن تفرغه صار
سببا لاعلميته ، واشتغالنا بالامور سببا لجهلنا .
17 - غط : جماعة ، عن البزوفري ، عن أحمد بن إدريس ، عن ابن عيسى
عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن هشام بن أحمر ، عن سالمة مولاة أبي عبدالله
قالت : كنت عند أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام حين حضرته الوفاة واغمي عليه فلما
أفاق قال : أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الافطس سبعين دينارا ، وأعط
فلانا كذا ، وفلانا كذا ، فقلت : أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك ؟
قال : تريدين أن لا أكون من الذين قال الله عزوجل " والذين يصلون ما أمر الله
به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " ( 3 ) نعم يا سالمة إن الله خلق
الجنة فطيبها وطيب ريحها ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة ألفي عام ، ولا يجد
ريحها عاق ولا قاطع رحم ( 4 ) .
18 - عم ( 5 ) شا : وجدت بخط أبي الفرج علي بن الحسين بن محمد الاصفهاني
في أصل كتابه المعروف بمقاتل الطالبيين ( 6 ) أخبرني عمر بن عبدالله ، عن عمر بن
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الاحقاف ، الاية : 4 .
( 2 ) رجال الكشى ص 230 .
( 3 ) سورة الرعد ، الاية : 21 .
( 4 ) الغيبة للشيخ الطوسى ص 128 .
( 5 ) اعلام الورى ص 271 - 272 .
( 6 ) مقاتل الطالبيين ص 205 - 208 .
[277]
شيبة ، عن الفضل بن عبدالرحمن الهاشمي ، وابن داجة قال أبوزيد : وحدثني
عبدالرحمن بن عمرو بن جبلة ، عن الحسن بن أيوب مولى بني نمير ، عن عبدالاعلى
ابن أعين ، قال : وحدثني إبراهيم بن محمد بن أبي الكرام الجعفري ، عن أبيه ، قال :
وحدثني محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن يحيى قال : وحدثني عيسى بن عبدالله بن
محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، وقد دخل حديث بعضهم في حديث الآخرين إن
جماعة من بني هاشم اجتمعوا بالابواء وفيهم إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس
وأبوجعفر المنصور ، وصالح بن علي ، وعبدالله بن الحسن ، وابناه محمد وإبراهيم ، و
محمد بن عبدالله بن عمر بن عثمان ، فقال صالح بن علي : قد علمتم أنكم الذين تمد
الناس إليهم أعينهم وقد جمعكم الله في هذا الموضع فاعقدوا بيعة لرجل منكم تعطونه
إياها من أنفسكم ، وتواثقوا على ذلك ، حتى يفتح الله وهو خير الفاتحين ، فحمدالله
عبدالله بن الحسن ، وأثنى عليه ثم قال : قد علمتم أن ابني هذا هو المهدي فهلم
لنبايعه .
وقال أبوجعفر : لاي شئ تخدعون أنفسكم والله لقد علمتم ما الناس إلى
أحد أمور أعناقا ، ولا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى - يريد به محمد بن عبدالله -
قالوا : قدوالله صدقت إن هذا الذي نعلم فبايعوا محمد جميعا ومسحوا على يده .
قال عيسى : وجاء رسول عبدالله بن حسن إلى أبي أن : ائتنا فانا مجتمعون
لامر ، وأرسل بذلك إلى جعفر بن محمد عليهما السلام ، وقال غير عيسى : إن عبدالله بن الحسن
قال لمن حضر : لا تريدوا جعفرا فانا نخاف أن يفسد عليكم أمركم .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 277 سطر 19 الى ص 285 سطر 18

قال عيسى بن عبدالله بن محمد : فأرسلني أبي أنظر ما اجتمعوا له فجئتهم ومحمد
ابن عبدالله يصلي على طنفسة رحل مثية ، فقلت لهم : أرسلني أبي إليكم أسألكم لاي
شئ اجتمعتم ؟ فقال عبدالله : اجتمعنا لنبايع المهدي محمد بن عبدالله ، قال : وجاء
جعفر بن محمد فأوسع له عبدالله بن الحسن إلى جنبه فتكلم بمثل كلامه فقال جعفر :
لا تفعلوا فان هذا الامر لم يأت بعد ، إن كنت ترى - يعني عبدالله - أن ابنك هذا
هو المهدي فليس به ، ولا هذا أوانه ، وإن كنت إنما تريد أن تخرجه غضبا لله وليأمر
[278]
بالمعروف وينهى عن المنكر ، فانا والله لا ندعك وأنت شيخنا ونبايع ابنك في
هذا الامر .
فغضب عبدالله بن الحسن وقال : لقد علمت خلاف ما تقول والله ما أطلعك على
غيبه ، ولكن يحملك على هذا ، الحسد لابني ، فقال : ما والله ذاك يحملني ولكن هذا
وإخوته وأبناؤهم دونكم ، وضرب بيده على ظهر أبي العباس ، ثم ضرب بيده على
كتف عبدالله بن الحسن قوال : إنها والله ماهى إليك ولا إلى ابنيك ولكنها لهم
وإن ابنك لمقتولان ، ثم نهض فتوكأ على يد عبدالعزيز بن عمران الزهري
فقال : أرأيت صاحب الرداء الاصفر ؟ - يعني أبا جعفر - فقال له : نعم ، قال : قال :
إنا والله نجده يقتله .
قال له عبدالعزيز : أيقتل محمدا ؟ قال : نعم ، فقلت في نفسي حسده ورب
الكعبة ، ثم قال : والله ما خرجت من الدنيا حتى رأيته قتلهما ، قال : فلما قال
جعفر عليه السلام ذلك ونهض القوم وافترقوا ، تبعه عبدالصمد وأبوجعفر فقالا : يا أبا
عبدالله أتقول هذا ؟ قال : نعم أقوله والله وأعلمه ( 1 ) .
قال أبوالفرج ( 2 ) : وحدثني علي بن العباس المقانعي ، عن بكار بن أحمد
عن حسن بن حسين ، عن عنبسة بن بجاد العابد ، قال : كان جعفر بن محمد عليه السلام إذا
رأى محمد بن عبدالله بن الحسن تغرغرت عيناه ثم يقول : بنفسي هو ، إن الناس
ليقولون فيه ، وإنه لمقتول ، ليس هو في كتاب علي من خلفاء هذه الامة ( 3 ) .
بيان : مار الشئ يمور مورا أي تحرك وجاء وذهب ، ومور العنق هنا كناية
عن شدة التسليم والانقياد له وخفض الرؤوس عنده .
19 - كا : بعض أصحابنا ، عن محمد بن حسان ، عن محمد بن زنجويه ، عن عبدالله
ابن الحكم الارمني ، عن عبدالله بن إبراهيم بن محمد الجعفري قال : أتينا خديجة بنت
* ( هامش ) * ( 1 ) الارشاد لمفيد ص 294 - 296 .
( 2 ) مقاتل الطالبيين ص 205 .
( 3 ) اعلام الورى ص 272 ، الارشاد ص 296 .
[279]
عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام نعزيها بابن بنتها ، فوجدنا عندها
موسى بن عبدالله بن الحسن فاذا هي في ناحية قريبا من النساء فعزيناهم ، ثم أقبلنا
عليه فاذا هو يقول لابنة أبي يشكر الراثية قولي ، فقالت :
اعدد رسول الله واعدد بعده * أسد الاله وثالثا عباسا
واعدد علي الخير واعدد جعفرا * واعدد عقيلا بعده الرؤاسا
فقال : أحسنت وأطربتيني زيديني ، فاندفعت تقول :
ومنا إمام المتقين محمد * وحمزة منا والمهذب جعفر
منا علي صهره وابن عمه * وفارسه ذاك الامام المطهر
فأقمنا عنده حتى كاد الليل أن يجئ ، ثم قالت خديجة : سمعت عمي محمد بن
علي صلوات الله عليه وهو يقول : إنما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل دمعتها
ولا ينبغي لها أن تقول هجرا ، فاذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح ، ثم خرجنا
فغدونا إليها غدوة فتذاكرنا عندها اختزال منزلها من دار أبي عبدالله جعفر بن محمد
عليه السلام فقال : ( هذه دار تسمى دار السرق فقالت : هذا ما اصطفى مهدينا - تعني
محمد بن عبدالله بن الحسن - تمازحه بذلك فقال موسى بن عبدالله : والله لاخبرنكم
بالعجب رأيت أبي رحمه الله لما أخذ في أمر محمد بن عبدالله وأجمع على لقاء أصحابه
فقال : لا أجد هذا الامر يستقيم إلا أن ألقى أبا عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام فانطلق
وهو متكئ علي فانطلقت معه حتى أتينا أبا عبدالله ، فلقيناه خارجا يريد المسجد
فاستوقفه أبي وكلمه فقال له أبوعبدالله عليه السلام : ليس هذا موضع ذلك نتقي إن شاء الله .
فرجع أبي مسرورا ، ثم أقام حتى إذا كان العد أو بعده بيوم انطلقنا حتى
أتيناه ، فدخل عليه أبي وأنا معه ، فابتدأ الكلام ثم قال له فيما يقول : قد علمت ( 2 )
* ( هامش ) * ( 1 ) القائل هو موسى بن عبدالله المعروف بالجون .
( 2 ) على صيغة المتكلم ، ويحتمل الامر وفديتك معترضة أى فديتك بنفسى ، " منه ره "
عن هامش المطبوعة .
[280]
جعلت فداك أن السن ( 1 ) لي عليك فان في قومك من هو أسن منك ، ولكن الله
عزوجل قد قدم لك فضلا ليس هو لاحد من قومك ، وقد جئتك معتمدا لما
أعلم من برك ، واعلم فديتك أنك إذا أجبتني لم يتخلف عني أحد من أصحابك ، و
لم يختلف علي اثنان من قريش ولا غيرهم ، فقال له أبو عبدالله عليه السلام : إنك تجد غيري
أطوع لك مني ، ولا حاجة لك في ، فوالله إنك لتعلم أني اريد البادية أوأهم بها ( 2 )
فأثقل عنها واريد الحج فما ادركه إلا بعد كد وتعب ومشقة على نفسي فاطلب غيري
وسله ذلك ، ولا تعلمهم أنك جئتني ، فقال له : إن الناس ما دون أعناقهم إليك
وإن أجبتني لم يتخلف عني أحد ولك أن لا تكلف قتالا ولا مكروها قال : وهجم
علينا ناس فدخلوا كلامنا ، فقال أبي : جعلت فداك ما تقول ؟ فقال : نلتقي
إن شاء الله ، فقال : أليس على ما احب ؟ قال : على ما تحب إن شاء الله من إصلاح
حالك .
ثم انصرف حتى جاء البيت فبعث رسولا إلى محمد في جبل بجهينة - يقال له
الاشقر على ليلتين من المدينة - فبشره وأعلمه أنه قد ظفر له بوجه حاجته وما طلب
ثم عاد بعد ثلاثة أيام فوقفنا بالباب ولم نكن نحجب إذا جونا فأبطأ الرسول ، ثم
أذن لنا فدخلنا عليه ، فجلست في ناحية الحجرة ودنا أبي إليه فقبل رأسه ثم قال :
جعلت فداك قد عدت إليك راجيا مؤملا قد انبسط رجائي وأملي ورجوت الدرك
لحاجتي .
فقال له أبوعبدالله عليه السلام : يا ابن عم إني اعيذك بالله من التعرض لهذا الامر
الذي أمسيت فيه ، وإني لخائف عليك أن يكسبك شرا ، فجرى الكلام بينهما
* ( هامش ) * ( 1 ) ان السن لى عليك أى أنا أسن منك ، وغرضه من هذه الكلمات نفى امامته عليه السلام
حتى يستقيم تكليفه بالبيعة ، ولم يعلم انها تدل على عدم امامة ابنه ايضا ، مع ان قوله قدم
لك فضلا حجة عليه ولم يشعر به . ( منه ره ) عن هامش المطبوعة .
( 2 ) الهم فوق الارداة وكلمة " أو " بمعنى بل ، أو الشك من الراوى " منه ره " عن هامش
المطبوعة .
[281]
حتى أفضى إلى مالم يكن يريد ، وكان من قوله : بأي شئ كان الحسين أحق بها
من الحسن ؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام : رحم الله الحسن ورحم الحسين وكيف ذكرت
هذا ؟ قال : لان الحسين كان ينبغي له إذا عدل أن يجعلها في الاسن من ولد
الحسن فقال أبوعبدالله عليه السلام : إن الله تبارك وتعالى لما أن أوحى إلى محمد صلى الله عليه وآله
أوحى إليه بما شاء ، ولم يؤامر أحدا من خلقه ، وأمر محمد صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بما شاء
ففعل ما أمر به ( 1 ) ولسنا نقول فيه إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تبجيله وتصديقه
فلو كان أمر الحسين عليه السلام أن يصيرها في الاسن أو ينقلها في ولدهما يعني الوصية .
لفعل ذلك الحسين وما هو بالمتهم عندنا في الذخيرة لنفسه ، ولقد ولي وترك ذلك ، و
لكنه مضى لما امر به وهو جدك وعمك ، فان قلت خيرا فما أولاك به ، وإن قلت هجرا
فيغفر الله لك ، أطعني يا ابن عم واسمع كلامي ، فو الله الذي لا إله إلا هو لا آلوك نصحا
وحرصا ، فكيف ولا أراك تفعل وما لامر الله من مرد فسر أبي عند ذلك .
فقال له أبوعبدالله عليه السلام : والله إنك لتعلم أنه الاحول الاكشف الاخضر
المقتول بسدة أشجع بين دورها ، عند بطن مسيلها ، فقال أبي : ليس هو ذاك والله لنجازين
باليوم يوما ، وبالساعة ساعة ، وبالسنة سنة ، ولنقومن بثار بني أبي طالب جميعا
فقال له أبوعبدالله عليه السلام : يغفر الله لك ما أخوفني أن يكون هذا البيت يلحق صاحبنا
( منتك نفسك في الخلآء ضلالا ) ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) ولسنا نقول فيه أى في على عليه السلام من تبجيله أى تعظيمه فيه وفى تعظيمه لعلى عليه السلام
أوحى الله ، والمعنى انا لا نقول في على عليه السلام انه يجوز له تبديل احد من الاوصياء بغيره
اولا نقول ما ينافى تبجيله وتصديقه وهو انه خان فيما أمر به وغير أمر الرسول الله صلى الله عليه
وآله ، فلو كان أمر على المعلوم او المجهول في الاسن أى من أولادهما أو في أولاد الاسن أو ينقلها
بان يعطى تارة ولد هذا ، وتارة ولد هذا ، وقيل في ولدهما يعنى من ولداه جميعا كعبد الله
وولده وهو بعيد ، ويحتمل أن يكون في معنى من كما في بعض النسخ أيضا اى ينقلها من
اولادهما إلى غيرهم ( منه ره ) عن هامش المطبوعة .
( 2 ) هذا عجز بيت للاخطل وصدره :
انعق بضأنك يا جرير فانما * منتك نفس في الخلاء ضلالا
[282]
لا والله لا يملك أكثر من حيطان المدينة ، ولا يبلغ عمله الطائف إذا أحفل
يعني إذا أجهد نفسه وما للامر من بد أن يقع فاتق الله وارحم نفسك وبني
أبيك ، فوالله إني لاراه أشأم سلحة أخرجتها أصلاب الرجال إلى أرحام النسآء
والله إنه المقتول بسدة أجشع بين دورها ، والله لكأني به صريعا مسلوبا بزته ، بين
رجليه لبنة ، ولا ينفع هذا الغلام ما يسمع ، قال موسى بن عبدالله : يعنيني وليخرجن
معه فينهزم ويقتل صاحبه ، ثم يمضي فيخرج معه راية اخرى فيقتل كبشها ويتفرق
جيشها ، فان أطاعني فليطلب الامان عند ذلك من بني العباس حتى يأتيه الله
بالفرج ، ولقد علمت بأن هذا الامر لايتم ، وإنك لتعلم ونعلم أن ابنك ، الاحول
الاخضر الاكشف المقتول بسدة أشجع ، بين دورها عند بطن مسيلها .
فقام أبي وهو يقول : بل يغني الله عنك ولتعودن أوليفئ الله بك وبغيرك ، وما
أردت بهذا إلا امتناع غيرك وأن تكون ذريعتهم إلى ذاك ، فقال أبوعبدالله عليه السلام :
الله يعلم ما اريد إلا نصحك ورشدك ، وما علي إلا الجهد ، فقام أبي يجر ثوبه مغضبا
فلحقه أبوعبدالله عليه السلام فقال له : اخبرك إني سمعت عمك وهو خالك يذكر أنك
وبني أبيك ستقتلون ، فإن أطعتني ورأيت أن تدفع بالتي هي أحسن فافعل ، ووالله
الذي لاإله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الكبير المتعال على خلقه
لوددت أني فديتك بولدي وبأحبهم إلي ، وبأحب أهل بيتى إلي ، ما يعدلك
عندي شئ ، فلاترى أني غششتك ، فخرج أبي من عنده مغضبا أسفا .
قال : فما أقمنا بعد ذلك إلا قليلا عشرين ليلة أو نحوها ، حتى قدمت رسل
أبي جعفر فأخذوا أبي وعمومتي سليمان بن حسن ، وحسن بن حسن ، وإبراهيم بن
حسن ، وداود بن حسن ، وعلي بن حسن ، وسليمان بن داود بن حسن ، وعلي بن
* ( هامش ) * ( 1 ) وهو من قصيدة تقرب من خمسين بيتا قالها يهجوبها جريرا ، ويفتخر فيها على قيس ،
اولها .
كذبتك عينك أم رأيت بواسط * غلس الظلام من الرباب خيالا
وهى مثبتة في ديوانه ص 41 51 طبع بيروت .
[283]
إبراهيم بن حسن ، وحسن بن جعفر بن حسن ، وطباطبا إبراهيم بن إسماعيل بن
حسن ، وعبدالله بن داود ، وقال : فصفدوا في الحديد ثم حملوا في محامل أعراء
لا وطاء فيها ، ووقفوا بالمصلى لكي يشتمهم الناس قال : فكف الناس عنهم ورقو الهم
للحال التي هم فيها ، ثم انطلقوا بهم حتى وقفوا عند باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله .
قال عبدالله بن إبراهيم الجعفري : فحدثتنا خديجة بنت عمر بن علي أنهم
لما اوقفوا عند باب المسجد الباب الذي يقال له باب جبرئيل اطلع عليهم أبوعبدالله
عليه السلام وعامة ردائه مطروح بالارض ، ثم اطلع من باب المسجد فقال : لعنكم
الله يا معشر الانصار ثلاثا ما على هذا عاهدتم رسول الله صلى الله عليه وآله ولا بايعتموه ، أما والله
إن كنت حريصا ولكني غلبت ، وليس للقضاء مدفع ، ثم قام وأخذ إحدى نعليه
فأدخلها رجله والاخرى في يده ، وعامة ردائه يجره في الارض ، ثم دخل في بيته
فحم عشرين ليلة لم يزل يبكي فيها الليل والنهار ، حتى خفنا عليه فهذا حديث
خديجة .
قال الجعفري : وحدثنا موسى بن عبدالله بن الحسن أنه لما طلع بالقوم في
المحامل ، قام أبوعبدالله عليه السلام من المسجد ثم أهوى إلى المحمل الذي فيه عبدالله بن
الحسن يريد كلامه فمنع أشد المنع وأهوى إليه الحرسي فدفعه ، وقال : تنح
عن هذا ، فان الله سيكفيك ، ويكفي غيرك ، ثم دخل بهم الزقاق ، ورجع أبوعبدالله
عليه السلام إلى منزله ، فلم يبلغ بهم البقيع حتى ابتلي الحرسي بلاء شديدا
رمحته ناقته فدقت وركه فمات فيها ، ومضى القوم ، فأقمنا بعد ذلك حينا ، ثم أتى محمد
ابن عبدالله بن الحسن ، فأخبر أن أباه وعمومته قتلوا ، قتلهم أبوجعفر ، إلا حسن
ابن جعفر ، وطباطبا ، وعلي بن إبراهيم ، وسليمان بن داود ، وداود بن حسن و
عبدالله بن داود ، قال : فظهر محمد بن عبدالله عند ذلك ودعا الناس لبيعته قال : فكنت
ثالث ثلاثة بايعوه واستوثق الناس لبيعته ولم يختلف عليه قرشي ولا أنصاري ولا
عربي .
قال : وشاور عيسى بن زيد وكان من ثقاته ، وكان على شرطته ، فشاوره في
[284]
البعثة إلى وجوه قومه ، فقال له عيسى بن زيد : إن دعوتهم دعآء يسيرا لم يجيبوك
أو تغلظ عليهم فخلني وإياهم فقال له محمد : امض إلى من أردت منهم فقال : ابعث
إلى رئيسهم وكبيرهم يعني أبا عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام فانك إذا أغلظت عليه
علموا جميعا أنك ستمرهم على الطريق التي أمررت عليها أبا عبدالله ، قال : فوالله
ما لبثنا أن اتي بأبي عبدالله عليه السلام حتى اوقف بين يديه ، فقال له عيسى بن زيد : أسلم
تسلم ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : أحدثت نبوة بعد محمد صلى الله عليه وآله ؟ فقال له محمد : ولا لكن
بايع تأمن على نفسك ومالك وولدك ، ولا تكلفن حربا .
فقال له أبوعبدالله : ما في حرب ولا قتال ، ولقد تقدمت إلى أبيك وحذرته
الذي حاق به ، ولكن لا ينفع حذر من قدر ، يا ابن أخي عليك بالشباب ودع عنك
الشيوخ ، فقال له محمد : ما أقرب ما بيني وبينك في السن فقال له أبوعبدالله عليه السلام :
إني لم اعازك ، ولم أجئ لاتقدم عليك في الذي أنت فيه ، فقال له محمد : لا والله
لابد من أن تبايع ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : ما في يا ابن أخي طلب ولا هرب ، وإني
لاريد الخروج إلى البادية فيصدني ذلك ويثقل علي حتى يكلمني في ذلك الاهل
غير مرة ، وما يمنعني منه إلا الضعف ، والله والرحم أن تدبر عنا ونشقى بك .
فقال له : يا أبا عبدالله قد والله مات أبوالدوانيق يعني أبا جعفر فقال له
أبوعبدالله عليه السلام : وما تصنع بي وقد مات ؟ قال : اريد الجمال بك ، قال : ما إلى
ما تريد سبيل ، لا والله مامات أبوالدوانيق ، إلا أن يكون مات موت النوم ، قال :
والله لتبايعني طائعا أو مكرها ولا تحمد في بيعتك ، فأبى عليه إباءا شديدا ، فأمر
به إلى الحبس ، فقال له عيسى بن زيد : أما إن طرحناه في السجن وقد خرب السجن
وليس عليه اليوم غلق خفنا أن يهرب منه .
فضحك أبوعبدالله عليه السلام ثم قال : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
أو تراك تسجنني ؟ قال : نعم والذي أكرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة لاسجننك ولاشددن
عليك ، فقال عيسى بن زيد : احبسوه في المخبأ ، وذلك دار ريطة اليوم ، فقال له
أبوعبدالله عليه السلام : أما والله إني سأقول ثم اصدق ، فقال له عيسى بن زيد : لو تكلمت
[285]
لكسرت فمك .
فقال له عبدالله عليه السلام : أما والله يا أكشف يا أزرق ، لكأني بك تطلب
لنفسك جحرا تدخل فيه ، وما أنت في المذكورين عنداللقاء ، وإني لاظنك إذا
صفق خلفك طرت مثل الهيق النافر ، فنفر عليه محمد بانتهار : احبسه وشدد عليه
واغلظ عليه .
فقال له أبوعبدالله عليه السلام : أما والله لكأني بك خارجا من سدة أشجع إلى
بطن الوادي ، وقد حمل عليك فارس معلم ، في يده طرادة نصفها أبيض ونصفها
أسود ، على فرس كميت أقرح ، فطعنك فلم يصنع فيك شيئا ، وضربت خيشوم
فرسه فطرحته ، وحمل عليك آخر خارج من زقاق آل أبي عمار الدئليين ، عليه
غدير تان مضفورتان قد خرجتا من تحت بيضته ، كثير شعر الشاربين ، فهو والله صاحبك
فلا رحم الله رمته .
فقال له محمد : يا أبا عبدالله عليه السلام حسبت فأخطأت ، وقام إليه السراقي ابن سلح
الحوت ، فدفع في ظهره حتى ادخل السجن ، واصطفي ما كان له من مال وما كان
لقومه ممن لم يخرج مع محمد ، قال : فطلع باسماعيل بن عبدالله بن جعفر بن
أبي طالب ، وهو شيخ كبير ضعيف ، قد ذهبت إحدى عينيه ، وذهبت رجلاه ، وهو
يحمل حملا ، فدعاه إلى البيعة ، فقال له : يا ابن أخي إني شيخ كبير ضعيف ، وأنا
إلى برك وعونك أحوج ، فقال له : لابد من أن تبايع ، فقال له : وأي شئ تنتفع
ببيعتي والله إني لاضيق عليك مكان اسم رجل إن كتبته ، قال : لا بد لك أن تفعل


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 285 سطر 19 الى ص 293 سطر 18

فأغلظ عليه في القول ، فقال له إسماعيل : ادع لي جعفر بن محمد : فلعلنا نبايع جميعا .
قال : فدعا جعفر عليه السلام فقال له إسماعيل : جعلت فداك إن رأيت أن تبين
له فافعل ، لعل الله يكفه عنا ، قال : قد أجمعت ألا اكلمه فليرفي رايه ، فقال
إسماعيل لابي عبدالله عليه السلام : أنشدك الله هل تذكر يوما أتيت أباك محمد بن علي
عليه السلام وعلي حلتان صفراوان ، فأدام النظر إلي ثم بكى فقلت له : ما يبكيك ؟
فقال لي : يبكيني أنك تقتل عند كبرسنك ضياعا ، لا ينتطح في دمك عنزان ، قال :
[286]
فقلت : متى ذاك ؟ قال : إذا دعيت إلى الباطل فأبيته ، وإذا نظرت إلى أحول مشوم
قومه ينتمي من آل الحسن على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ، يدعو إلى نفسه ، قد تسمى
بغير اسمه ، فأحدث عهدك واكتب وصيتك ، فانك مقتول من يومك أو من غد ؟
فقال له أبوعبدالله عليه السلام : نعم وهذا ورب الكعبة لا يصوم من شهر رمضان إلا أقله
فأستودعك الله يا أبا الحسن وأعظم الله أجرنا فيك ، وأحسن الخلاقة على من خلفت
وإنا لله وإنا إليه راجعون قال : ثم احتمل إسماعيل ورد جعفر إلى الحبس .
قال : فوالله ما أمسينا حتى دخل عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبدالله بن جعفر
فتوطؤه حتى قتلوه ، وبعث محمد بن عبدالله إلى جعفر عليه السلام فخلى سبيله ، قال : وأقمنا بعد
ذلك حتى استهللنا شهر رمضان ، فبلغنا خروج عيسى بن موسى يريد المدينة ، قال :
فتقدم محمد بن عبدالله ، على مقدمته يزيد بن معاوية بن عبدالله بن جعفر ، وكان على
مقدمة عيسى بن موسى ، ولد الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن ، وقاسم ، ومحمد
ابن زيد وعلي وإبراهيم بنو الحسن بن زيد ، فهزم يزيد بن معاوية وقدم عيسى
ابن موسى المدينة ، وصار القتال بالمدينة ، فنزل بذباب ، ودخلت علينا المسودة
من خلفنا ، وخرج محمد في أصحابه ، حتى بلغ السوق فأوصلهم ومضى ثم تبعهم حتى
انتهى إلى مسجد الخوامين ، فنظر إلى ما هناك فضآء ليس مسود ولا مبيض ، فاستقدم
حتى انتهى إلى شعب فزارة ، ثم دخل هذيل ، ثم مضى إلى أشجع ، فخرج إليه
الفار ؟ الذي قال أبوعبدالله عليه السلام من خلفه م سكة هذيل فطعنه فلم يصنع فيه
شيئا ، وحمل على الفارس وضرب خيشوم فرسه بالسيف ، فطعنه الفارس فأنفذه في
الدرع وانثنى عليه محمد فضربه فأثخنه ، وخرج إليه حميد بن قحطبة وهو مدبر على
الفارس يضربه من زقاق العماريين ، فطعنه طعنة أنفذ السنان فيه فكسر الرمح
وحمل على حميد ، فطعنه حميد بزج الرمح فصرعه ، ثم نزل فضربه حتى أثخنه
وقتله وأخذ رأسه ، ودخل الجند من كل جانب ، وأخذت المدينة ، وأجلينا هربا
في البلاد .
قال موسى بن عبدالله : فانطلقت حتى لحقت بابراهيم بن عبدالله ، فوجدت
[287]
عيسى بن زيد مكمنا عنده ، فأخبرته بسوء تدبيره ، وخرجنا معه حتى اصيب
رحمه الله ، ثم مضيت مع ابن أخي الاشتر عبدالله بن محمد بن عبدالله بن حسن
حتى اصيب بالسند ، ثم رجعت شريدا طريدا ، تضيق علي البلاد ، فلما
ضاقت علي الارض ، واشتد الخوف ذكرت ما قال أبوعبدالله عليه السلام فجئت
إلى المهدي وقد حج ، وهو يخطب الناس في ظل الكعبة ، فما شعر إلا وأني قد
قمت من تحت المنبر ، فقلت : لي الامان يا أميرالمؤمنين وأدلك على نصيحة لك عندي
فقال : نعم ما هي ؟ قلت : أدلك على موسى بن عبدالله بن حسن فقال : نعم لك الامان
فقلت له : أعطني ما أثق به ، فأخذت منه عهودا ومواثيق ، ووثقت لنفسي ، ثم قلت :
أنا موسى بن عبدالله فقال لي : إذا تكرم وتحبى فقلت له : أقطعني إلى بعض أهل
بيتك يقوم بأمري عندك .
فقال : انظر إلى من أردت فقلت : عمك العباس بن محمد ، فقال العباس :
لا حاجة لي فيك فقلت : ولكن لي فيك الحاجة ، أسألك بحق أميرالمؤمنين إلا
قبلتني ، فقبلني شاء أو أبى ، وقال لي المهدي من يعرفك وحوله أصحابنا أو أكثرهم
فقلت : هذا الحسن بن زيد يعرفني ، وهذا موسى بن جعفر يعرفني ، وهذا الحسن
ابن عبيدالله بن عباس يعرفني فقالوا : نعم يا أميرالمؤمنين كأنه لم يغب عنا ، ثم
قلت للمهدي : يا أميرالمؤمنين لقد أخبرني بهذا المقام أبوهذا الرجل ، وأشرت
إلى موسى بن جعفر عليه السلام .
قال موسى بن عبدالله : وكذبت على جعفر كذبة فقلت له : وأمرني أن اقرئك
اسلام وقال : إنه إمام عدل وسخي قال : فأمر لموسى بن جعفر عليه السلام بخمسة آلاف
دينار ، فأمر لي موسى عليه السلام منها بألفي دينار ، ووصل عامة أصحابه ، ووصلني فأحسن
صلتي ، فحيث ما ذكر ولد محمد بن علي بن الحسين فقولوا : صلى الله عليهم ، و
ملائكته ، وحملة عرشه ، والكرام الكاتبون ، وخصوا أبا عبدالله عليه السلام بأطيب ذلك
وجزى موسى بن جعفر عني خيرا ، فأنا والله مولاهم بعدالله ( 1 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 12 ص 358 366 .
[288]
بيان : قوله قريبا حال عن الضمير المستتر في الظرف ، والتذكير لما ذكره
الجوهري ( 1 ) حيث قال : وقوله تعالى ( إن رحمة الله قريب من المحسنين ) ( 2 )
ولم يقل قريبة لانه أراد بالرحمة الاحسان ، ولان مالا يكون تأنيثه حقيقيا
جاز تذكيره .
وقال الفراء ( 3 ) إذا كان القريب في معنى المسافة يذكر ويؤنث وإذا كان
في معنى النسب يؤنث بلا اختلاف بينهم ، انتهى .
وأسد الاله حمزة ره وعلي الخير على الاضافة هو أميرالمؤمنين عليه السلام الذي
هو منبع جميع الخيرات ، والرؤاس بضم الراء وتشديد الهمزة جمع رأس صفة للجميع
والطرب والحزن والثاني أنسب ، فاندفعت أي شرعت في الكلام ، والهجر
بالضم الفحش من القول .
والاختزال الانفراد والبعد ، فقال : أي الجعفري ، هذه أي دار خديجة
تسمى دار السرقة لكثرة وقوع السرقة فيها .
فقالت خديجة : إنما اختارها محمد بن عبدالله فبقينا فيها بعده ، ويحتمل أن
يكون العائد في قوله ( فقال ) راجعا إلى موسى ، وإنما سماها دار السرقة لانها
مما غصبها محمد بن عبدالله ممن خالفه ، وهو المراد بالاصطفاء والاول أظهر ، و
ضمير تمازحه للجعفري على الالتفات أو لموسى أو لمحمد أي تستهزئ به ، لانه
ادعى المهدوية وقتل وتبين كذبه .
قوله عليه السلام : ولقد ولى وترك أي كيف يدخره لنفسه ، وقد استشهد وترك لغيره
قوله عليه السلام : وهو جدك ، لان امه كانت بنت الحسين عليه السلام .
وقال المطرزي ( 4 ) لا آلوك نصحا معناه لا أمنعكه ولا أنقصكه من آلى في الامر
* ( هامش ) * ( 1 ) الصحاح 1 ص 198 طبع مطابع دار الكتاب العربى بمصر .
( 2 ) سورة الاعراف الاية 56 .
( 3 ) معانى القرآن للفراء ج 1 ص 380 طبع دار الكتب بمصر ، بتفاوت في النقل عنه .
( 4 ) المغرب ج 1 ص 18 طبع حيدر آباد ، وفى نقل المؤلف عنه تقديم وتأخير .
[289]
يألو إذا قصر انتهى .
وقوله : فكيف من باب الاكتفاء ببعض الكلام أي كيف أقصر في نصحك مع ما
يلزمني من مودتك لقرابتك وسنك ، وقوله : ولا أراك كلام مستأنف ، ويحتمل أن
يكون المعنى : كيف يكون كلامي محمولا على غير النصح ، والحال أني أعلم أنك
لا تفعل ، إذ لو لم يكن لله تعالى وإطاعة أمره لكان ذكره مع عدم تجويز التأثير
لغوا والاول أظهر ، وقوله : لتعلم للاستقبال ، ودخول اللام لتحقق الوقوع كأنه
واقع ، ويمكن أن يكون للحال بأن يكون علم بإخبار آبائه أو باخباره عليهم السلام ومع
ذلك كان يسعى في الامر ، حرصا على الملك ، أو لاحتمال البداء ، والاكشف من به
كشف محركة أي انقلاب من قصاص الناصية ، كأنها دائرة والعرب تتشأم به ، و
الاخضر الاسود كما في القاموس ( 1 ) أو المراد به الاخضر العين ، والسدة بالضم
الباب ، وقديقرء بالفتح لمناسبة المسيل .
والاشجع اسم قبيلة من غطفان ، وضمير مسيلها للسدة أو للاشجع لانه اسم
القبيلة ، ليس هو : أي محمد ذاك الذي ذكرت ، أو ليس الامر كما ذكرت ، باليوم
أي بكل يوم ظلم لبني امية وبني العباس ، يوما أي يوم انتقام ، والبيت للاخطل
يهجو جريرا ، صدره ( إنعق بضأنك يا جرير فانما ) ( 2 ) أي إنه ضأنك عن مقابلة
الذئب ، منتك أي جعلتك متمنيا بالاماني الباطلة ، ضلالا أي محالا ، وهو أن
يغلب الضأن على الذئب ، والطائف طائف الحجاز ، وقيل : المراد هنا موضع قرب
المدينة .
وفي القاموس ( 3 ) الاحتفال المبالغة وحسن القيام بالامور ، رجل حفيل
مبالغ فيما أخذ فيه ، وما للامر أي الذي ذكرت من عدم استمرار دولته أو لقضاء
الله تعالى ، وفي القاموس ( 4 ) السلاح كغراب ، النجو ، وفي المغرب ( 5 ) : السلح
* ( هامش ) * ( 1 ) القاموس ج 2 ص 21 . \ \ \ ( 2 ) سبقت الاشارة إلى تعيين البيت .
( 3 ) القاموس ج 3 ص 358 . \ \ \ ( 4 ) نفس المصدر ج 1 ص 229 .
( 5 ) المغرب للمطرزى ج 1 ص 259 .
[290]
التغوط ، وفي المثل : أسلح من حبارى ، وقول عمر لزياد في الشهادة على المغيرة :
قم يا سلح الغراب ، معناه يا خبيث ، وفي المصباح ( 1 ) : سلحة تسمية بالمصدر
بين دورها أي قبيلة الاشجع وقيل السدة .
وفي القاموس ( 2 ) : البز الثياب والسلاح كالبزة بالكسر ، والبزة بالكسر
الهيئة ، ويقتل صاحبه أي محمد فيخرج معه أي مع موسى والاظهر مع بلا ضمير ، و
الكبش بالفتح سيد القوم وقائدهم ، والمراد هنا إبراهيم ، لتعودن أي عن الامتناع
باختيارك عند ظهور دولتنا ، أو ليفئ الله بك من الفئ يمعنى الرجوع ، والباء للتعدية
أي يسهل الله أن نذهب بك جبرا ، إلا امتناع غيرك أي تريد أن لا يبا يعنا غيرك
بسبب امتناعك عن البيعة ، وأن تكون وسيلتهم إلى الامتناع ، فذاك إشارة إلى الامتناع
وفي بعض النسخ : بهذا الامتناع غيرك أي غرضك من الامتناع أن تخرج أنت و
تطلب البيعة لنفسك ، وأن تكون وسيلتهم إلى الخروج والجهاد والاول أظهر .
والجهد بالفتح السعي بأقصى الطاقة ، عمك أي علي بن الحسين عليه السلام مجازا
وهو خاله حقيقة لان ام عبدالله هي فاطمة بنت الحسين عليه السلام ، وبني أبيك أي إخوتك
وبنيهم ، ورأيت أي اخترت ، أن تدفع بالتي هي أحسن أي تدفع ما زعمته مني
سيئة بالصفح والاحسان ، مشيرا إلى قوله تعالى ( ادفع بالتي هي أحسن السيئة ) ( 3 )
أو المعنى : تدفع القتل عنك بالتي هي أحسن ، وهي ترك الخروج بناءا على احتمال
البداء والاول أظهر ، على خلقه متعلق بالمتعال ، فديتك على المعلوم أى صرت
فداءك ويحتمل أن يكون المراد هنا إنقاذه من الضلالة ومن العذاب ، وما يعدلك
أي يساويك ، رسل أبي جعفر ، أي الدوانيقي .
فصفدوا : على بناء المجهول ، من باب ضرب ، والتفعيل من صفده إذا شده
وأوثقه ، والاعراء جمع عراء كسحاب : أي ليس لها أغشية فوقهم ولا وطاء وفرش
* ( هامش ) * ( 1 ) المصباح المنير للفيومى ص 386 طبع بولاق الطبعة الثانية .
( 2 ) القاموس ج 2 ص 166 .
( 3 ) سورة المؤمنون ، الاية : 96 .
[291]
تحتم ، عنهم أي شما تتهم أو شتمهم .
أطلع عليهم من باب الافعال أي رأسه ، وفي الثاني من باب الافتعال أي خرج
من الباب وأشرف عليهم ، أو كلاهما من الافتعال ، والاطلاع أولا من الخوخة
المفتوحة من المسجد إلى الطريق مقابل مقام جبرئيل ، قبل الوصول إلى الباب
وثانيا عند الخروج من الباب ، أو كلاهما من الباب ، والاول بمعنى الاشراف ، و
الثاني يمعنى الخروج ، أو الاطلاع أولا على الطريق ، وثانيا على أهل المسجد و
الخطاب معهم ، والاظهر أن الاطلاع أو لا كان من داره عليه السلام ، وثانيا من باب المسجد
ينادي أهله من الانصار كما سيأتي في رواية أبي الفرج ، وطرح الرداء وجره على
الارض للغضب ، وتذكير مطروح ، باعتبار أن تأنيثه غير حقيقي ، أو باعتبار الرداء
أو لانها بمعنى أكثر .
ما على هذا عاهدتم إشارة إلى ما بعوه على في العقبة على أن يمنعوا رسول
الله صلى الله عليه وآله وذريته مما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم ، أن كنت أن مخففة وضمير
الشأن محذوف ، حريصا يعني على دفع هذا الامر عنهم بالوعظ والنصيحة ، ولكني
غلبت على المجهول أى غلبني القضاء ، أو شقاوة المنصوح وقلة عقله ، والاخرى
في يده ، هذه حالة من غلب عليه غاية الحزن والاسف ، حتى خفنا عليه أي الموت
لما طلع على المجهول من طلع فلان إذا ظهر ، والباء للتعدية ، ثم أهوى أي مال
والحرسي واحد حرس السلطان ، سيكفيك أى يدفع شرك ، فلم يبلغ على المعلوم
أو المجهول ، ويقال : رمحه الفرس أي ضربه برجله ، فمات فيها أي بسببها ، و
الضمير للرمحة أو الناقة ، مضي واتى واخبر كلها على بناء المجهول واستوسق
الناس أي اجتمعوا وفي بعض النسخ بالثاء المثلثة أي أخذ الوثيقة ، فيحتمل رفع
الناس ونصبه .
وعيسى هو ابن زيد بن علي بن الحسين كما صرح به في مقاتل الطالبيين ( 1 ) و
الشرط كصرد جمع شرطة بالضم ، وهو أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت ، و
* ( هامش ) * ( 1 ) مقاتل الطالبيين ص 296 .
[292]
طائفة من أعوان الولاة يسيرا أي رفيقا ، أو تغلظ أو بمعنى إلى أن ، أو إلا أن .
أسلم من الاسلام وهو ترك الكفر أو الانقياد ، تسلم من السلامة ، وقوله عليه السلام أحدثت
نبوة على الاول ظاهر ، وعلى الثاني مبني على أن تغيير الامام عما وضع عليه
الرسول الله صلى الله عليه وآله لا يكون إلا ببعثة نبي آخر ينسخ دينه ، لا تكلفن على المجهول ، و
لا قتال بالكسر أي مقاتلة وقوة عليها ، من عطف أحد المترادفين على الآخر ، أو
بالفتح بمعنى القوة ، من قدر متعلق بحذر ، أو بينفع بتضمين معنى الانجاء ، والمعازة
المغالبة ومنه قوله تعالى ( وعزني في الخطاب ) ( 1 ) فيصدني ذلك أي لايتيسرلي
ذلك الخروج ، كأنه يمنعني ، أو ذلك إشارة إلى الضعف المفهوم من الكلام السابق
والله والرحم بالجر أي أنشد بالله وبالرحم في أن لا تدبر ، أو بالنصب بتقدير
اذكرهما في أن تدبر ، أى لا تقبل نصيحتنا ونتعب بما يصيبنا من قتلك ومفارقتك أو
لا تكلفنا البيعة فتقتل أنت كما هو المقد رونقع في تعب ومشقة بسبب مبايعتك ، وهذا
أظهر ، والجمال الزينة إلا أن يكون ، استثناء منقطع ، وموت النوم من قبيل لجين
الماء .
أما إن طرحناه بالتحفيف ، خفنا جواب الشرط ، دار ريطة في بعض النسخ
بالباء الموحدة أي دار تربط فيها الخيل ، وفي بعضها بالمثناة التحتانية وهي اسم
بنت عبدالله بن محمد بن الحنفية ، ام يحيى بن زيد فانها كانت تسكنها كذا خطر بالبال
والريطة أيضا اسم نوع من الثياب فيحتمل ذلك أيضا ، إني سأقول السين للتأكيد ، ثم
اصدق على بناء المفعول من التفعيل أي يصدقني الناس عند وقوعه ، أو على بناء
المجرد المعلوم فثم للاشعار بأن الصدق في ذلك عظيم دون القول ، عند اللقاء أي
ملاقاة العدو ، إذا صفق على المجهول وهو الضرب الذي له صوت .
والهيق ذكر النعام ، وخص به لانه أشد عدوا وأحذر ، وفي القاموس ( 2 )
نفره على قضى له عليه بالغلبة ، والانتهار الزجر والمخاطب عيسى أو السراقي ، و
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة ص ؟ الاية : 23 .
( 2 ) القاموس ج 2 ص 146 .
[293]
أعلم الفارس جعل لنفسه علامة الشجعان في الحرب وهو معلم ، والطراد بالكسر رمح
صغير ، والكميت بين السواد والحمرة ، والقرحة البياض في جبهة الفرس دون الغرة .
( فطرحته ) الضمير للخيشوم أو الفارس والديل بالكسر حيان ، ( والغديرة )
الذوابة ، ( والضفر ) نسج الشعر ، ( صاحبك ) أي قاتلك ، ( والرمة ) بالكسر العظام
البالية ، أي لا رحمه الله أبدا ولو بعد صيرورته رميما ( حسبت ) من الحساب أي
قلت ذلك بحساب النجوم أو من الحسبان بمعنى الظن ، ( فدفع ) أي ضرب بيده لعنه
الله ، حتى أدخل على المعلوم أو المجهول ، وكذا اصطفى يحتملهما أي غصب ونهب
أمواله وأموال أصحابه ، ( فطلع ) على المجهول ، ( أحوج ) أي مني إلى طلب البيعة
( لاضيق عليك ) أي في الدفتر ، ( أن تبين له ) أي عاقبة أمره ، وعدم جواز ما يفعله
( قد أجمعت ) أي عزمت .
وفي القاموس ( 1 ) مات ضياعا كسحاب أي غير مفتقد ، ( لا ينتطح في دمك )
كناية عن عدم وقوع التخاصم في دمه ، وقيل عن قلة دمه ، ( لكبرسنة ) أي إذا ضربا
بقرنهما الارض فني دمك والظاهر هو الاول ، قال : في المغرب ( 2 ) في الامثال
لا ينتطح فيها عنزان ، يضرب في أمرهين لا يكون له تغيير ولا نكير وفي النهاية ( 3 )
لا يلتقي فيها اثنان ضعيفان لان النطاح من شأن التيوس والكباش لا العنوز ، ( ينتمي )
أي يرتفع عن درجته ويدعي ماليس له ، قد تسمى بغير اسمه كالمهدي وصاحب
النفس الزكية ، فأحدث عهدك أي وصيتك أو إيمانك وميثاقك ، ( أو من غد ) الترديد
من الراوي أو منه عليه السلام للمصلحة لئلا ينسب إليه علم الغيب ، وهذا أي محمد .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 293 سطر 19 الى ص 301 سطر 18

وبنو معاوية كانوا رجال سوء منهم عبدالله والحسن ويزيد وعلي وصالح كلهم
أولاد معاوية بن عبدالله بن جعفر ، وخرج عبدالله في زمان يزيد بن الوليد فاجتمع إليه
* ( هامش ) * ( 1 ) القاموس ج 3 ص 58 .
( 2 ) المغرب للمطرزى ج 2 ص 215 . قال الجاحظ أول من تكلم به النبى صلى الله
عليه وآله وسلم قاله حين قتل عمير بن عدى عصماء .
( 3 ) النهاية ج 4 ص 153 .
[294]
نفر من أهل الكوفة ، ثم خرج وغلب على البصرة ، وهمدان ، وقم ، والري ، و
قومس ، واصبهان ، وفارس ، وأقام باصبهان واستعمل إخوته على البلاد .
وقال صاحب مقاتل الطالبيين ( 1 ) كان سيئ السيرة ردي المذهب قتالا
وكان الذين بايعوا محمدا من أولاد معاوية على ما ذكره صاحب المقاتل الحسن ويزيد
وصالحا ( فتوطأوه ) أي داسوه بأرجلهم .
وعيسى هو ابن أخي الدوانيقي وهو عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن
عبدالله بن العباس .
قوله : والدالحسن بن زيد ، الظاهر أنه كان هكذا : ولد الحسن بن زيد بن
الحسن ، قاسم ، وزيد ، وعلي ، وإبراهيم ، بنو الحسن بن زيد ، ومحمد بن زيد
لايستقيم لانه لم يكن لزيد ولد سوى الحسن ، وكان للحسن سبعة أولاد ذكور : القاسم
وإسماعيل ، وعلي ، وإسحاق ، وزيد ، وعبدالله ، وإبراهيم .
قال صاحب عمدة الطالب ( 2 ) إن زيد بن الحسن بن علي عليهما السلام كان يتولى
صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وتخلف عن عمه الحسين ، ولم يخرج معه إلى العراق وبايع
بعد قتل عمه عبدالله بن الزبير ، لان اخته كان تحته ، فلما قتل عبدالله أخذ زيد
بيد اخته ورجع إلى المدينة وعاش مائة سنة ، وقيل خمسا وتسعين ، ومات بين مكة
والمدينة ، وابنه الحسن بن زيد كان أمير المدينة من قبل الدوانيقي وعينا له على
غير المدينة أيضا ، وكان مظاهرا لبني العباس على بني عمه الحسن المثنى ، وهو أول
من لبس السواد من العلويين وأدرك زمن الرشيد ، ثم قال : وأعقب الحسن من
سبعة رجال : القاسم وهو أكبر أولاده ، وكان زاهدا عابدا إلا أنه كان مظاهرا لبني
العباس على بني عمه الحسن بن المثنى انتهى ، فظهر مما ذكرنا أنه لا يستقيم في
العبارة إلا ما ذكرنا ، أو يكون هكذا : ولد الحسن بن زيد بن الحسن : قاسم ، ومحمد
وإبراهيم بنو الحسن بن زيد ومحمد بن زيد فيكون هو محمد بن زيد بن علي
ابن الحسين عليهما السلام ، وله أيضا شواهد .
* ( هامش ) * ( 1 ) مقاتل الطالبيين ص 162 . / / ( 2 ) عمدة الطالب ص 54 .
[295]
والذباب بالضم ، جبل بالمدينة ، والمسودة بكسر الواو جند بني العباس لتسويدهم
ثيابهم ، كالمبيضة لاصحاب محمد لتبييضهم ثيابهم .
وقوله : من خلفنا إشارة إلى ما ذكره ابن الاثير ( 1 ) أن في أثناء القتال بعد
انهزام كثير من أصحاب محمد فتح بنو أبي عمرو الغفاريون طريقا في بني غفار
لاصحاب عيسى ، فدخلوا منه أيضا ، وجاؤا من وراء أصحاب محمد .
قوله : ومضى أي لجمع سائر العساكر أو لغيره من مصالح الحرب ، إلى
مسجد الخوامين أي بياعي الخام وهو الجلد لم يدبغ والكرباس لم يغسل ، والفجل
وقوله : فضاء بالجر بدل أو بالرفع خبر محذوف ، فاستقدم أي تقدم أو اجترأ .
والحاصل أنه تقدم حتى انتهى إلى شعب قبيلة فزارة ، ثم دخل شعب هذيل
أو محلتهم ، ثم مضى إلى شعب أشجع أو محلتهم ، " فأنفذه " أي الرمح في الدرع
ولم يصل إلى بدنه ، وانثنى أي انعطف " فأثخنه " أي أوهنه بالجراحة ، وهو أي محمد
مدبر على الفارس بتضمين معنى الاقبال أو الحملة والزج بالضم والتشديد الحديدة
في أسفل الرمح ويقال : أجلوا عن البلاد وأجليتهم أنا ، يتعدى ولا يتعدى .
وفي المقاتل ( 2 ) إن محمد بن عبدالله خرج لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة
سنة خمس وأربعين ومائة ، وقتل يوم ( 3 ) الاثنين لاربع عشرة ليلة خلت من شهر
رمضان .
وإبراهيم هو أخو محمد كان يهرب في البلاد خمس سنين إلى أن قدم البصرة
في السنة التي خرج فيها أخوه بالمدينة ، وبايعه من أهلها أربعة آلاف رجل فكتب
إليه أخوه يأمره بالظهور ، فظهر أمره أول شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة
فغلب على البصرة ووجه جنودا إلى الاهواز وفارس ، وقوي أمره واضطرب
المنصور ، وكان قد أحصى ديوانه مائة ألف مقاتل ، وكان رأي أهل البصرة أن
* ( هامش ) * ( 1 ) تاريخ ابن الاثير ج 5 ص 221 طبع بولاق .
( 2 ) مقاتل الطالبين ص 263 .
( 3 ) نفس المصدر ص 275 .
[296]
لا يخرج عنهم ويبعث الجنود إلى البلاد فأخطأ ولم يسمع منهم ، وخرج نحو الكوفة
فبعث إليه المنصور عيسى بن موسى في خمسة عشر ألفا وعلى مقدمته حميد بن
قحطبة في ثلاثة آلاف ، فسار إبراهيم ، حتى نزل باخمرى وهي من الكوفة على
ستة عشر فرسخا ، ووقع القتال فيه ، وانهزم عسكر عيسى ، حتى لم يبق معه إلا
قليل فأتى جعفر وإبراهيم ابنا سليمان بن علي من وراء ظهور أصحاب إبراهيم
وأحاطوا بهم من الجانبين ، وقتل إبراهيم وتفرق أصحابه ، واتي برأسه إلى
المنصور ، وكان قتله يوم الاثنين لخمس بقين من ذي القعدة ومكث مذخرج إلى
أن قتل ثلاثة أشهر إلا خمسة أيام .
قوله : مكمنا أي مختفيا عنده خوفا من المنصور ، أو من الناس لسوء صنيعه
بسوء تدبيره ، الضمير لعيسى أو لمحمد ، وسوء تدبيرهما كان من جهات شتى
لاضرارهم وإهانتهم بأشرف الذرية الطيبة عليه السلام وقتلهم إسماعيل ، وعدم خروجهم
من المدينة ، وقد أمرهم به محمد بن خالد ، وحفرهم الخندق مع منع الناس عنه
وغير ذلك ، أو في أصل الخروج مع نهي الصادق عليه السلام عنه وإخباره بقتلهم .
قوله : ثم مضيت ، قال صاحب المقاتل ( 1 ) عبدالله الاشتر بن محمد بن عبدالله
ابن الحسن ، كان عبدالله بن محمد بن مسعدة الذي كان معلمه أخرجه بعد قتل أبيه
إلى بلاد الهند فقتل بها ، ووجه برأسه إلى المنصور ، قال ابن مسعدة : لما قتل
محمد خرجنا بابنه الاشتر فأتينا الكوفة ، ثم انحدرنا إلى البصرة ، ثم خرجنا إلى
السند ، ثم دخلنا المنصورية فلم نجد شيئا ، فدخلنا قندهار فأحللته قلعة لا يرومها
رائم ، ولا يطور بها طائر وكان أفرس من رأيت من عباد الله ، ما إخال الرمح في
يده إلا قلما ، قال : فخرجت لبعض حاجتي وخلفي بعض تجار أهل العراق فقالوا
له : قد بايع لك أهل المنصورية ، فلم يزالوا به حتى صار إليها ، فبعث المنصور
هشام بن عمر إلى السند فقتله ، وبعث برأسه إليه ، والمهدي محمد بن منصور صار
خليفة بعد أبيه في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائتين ، وتحبى على بناء المجهول
* ( هامش ) * ( 1 ) مقاتل الطالبين ص 310 بتصرف واقتباس .
[297]
من الحباء وهو العطاء قوله : أقطعني لعله من قولهم أقطعه قطيعة أي طائفة من أرض
الخراج ، كناية عن حفظه له وإنفاقه عليه ، كأنه ملكه أو من أقطع فلانا إذا جاوز به
نهرا ، " مولاهم : أي عبدهم ، أو معتقهم أو محبهم أو تابعهم .
20 - كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبدالرحمان بن أبي هاشم
عن الفضل الكاتب قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فأتاه كتاب أبي مسلم فقال :
ليس لكتابك جواب ، اخرج عنا ، فجعلنا يسار بعضنا بعضا فقال : أي شئ
تسارون يا فضل ؟ إن الله عز ذكره لا يعجل لعجلة العباد ، ولازالة جبل عن موضعه
أيسر من زوال ملك لم ينقض أجله ، ثم قال : إن فلان بن فلان حتى بلغ السابع
من ولد فلان قلت : فما العلامة فيما بيننا وبينك جعلت فداك ؟ قال : لا تبرح
الارض يا فضل حتى يخرج السفياني فاذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا يقولها
ثلاثا وهو من المحتوم ( 1 ) .
21 - ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن
إبراهيم ، عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير
عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لما خرج طالب الحق قيل لابي عبدالله
عليه السلام : نرجو أن يكون هذا اليماني ، فقالا : لا ، اليماني يتوالى عليا ، وهذا
يبرأ منه ( 2 ) .
22 - كا : حميد بن زياد ، عن عبيدالله بن أحمد الدهقان ، عن علي بن
الحسن الطاطري ، عن محمد بن زياد بياع السابري ، عن أبان ، عن صباح بن سيابة
عن المعلى بن خنيس قال : ذهبت بكتاب عبدالسلام بن نعيم وسدير وكتب غير واحد
إلى أبي عبدالله عليه السلام حين ظهرت المسودة قبل أن يظهر ولد العباس بأنا قد قدرنا أن
يؤول هذا الامر إليك فما ترى ؟ قال : فضرب بالكتب الارض ، ثم قال : اف اف
ما أنا لهولاء بإمام ، أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 8 ص 274 .
( 2 ) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 59 .
( 3 ) الكافى ج 8 ص 331 .
[298]
23 - كا : أحمد بن محمد بن أحمد الكوفي ، عن علي بن الحسن التيمي
عن علي بن أسباط ، عن علي بن جعفر قال : حدثني معتب أو غيره قال : بعث
عبدالله بن الحسن إلى أبي عبدالله عليه السلام يقول لك أبومحمد : أنا أشجع منك ، وأنا أسخى
منك ، وأنا أعلم منك ، فقال لرسوله : أما الشجاعة فوالله ما كان لك موقف يعرف به
جبنك من شجاعتك ، وأما السخي فهو الذي يأخذ الشئ فيضعه في حقه ، وأما
العلم فقد أعتق أبوك علي بن أبي طالب عليه السلام ألف مملوك فسم لنا خمسة منهم ، وأنت
عالم ، فعاد إليه فأعلمه ، ثم عاد إليه فقال : يقول : إنك رجل صحفي ، فقال له
أبوعبدالله عليه لاسلام : قل : أي والله صحف إبراهيم وموسى وعيسى ورثتها عن
آبائي عليهم السلام ( 1 ) .
24 - كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن صفوان
الجمال ، قال : وقع بين أبي عبدالله عليه السلام وبين عبدالله بن الحسن كلام حتى وقعت
الضوضاء بينهم واجتمع الناس ، فافترقا عشيتهما بذلك ، وغدوت في حاجة فإذا
أنا بأبي عبدالله عليه السلام على باب عبدالله بن الحسن وهو يقول : يا جارية قولي لابي محمد
قال : فخرج ، فقال : يا أبا عبدالله ما بكربك ؟ قال : إني تلوت آية في كتاب
الله عزوجل البارحة فأقلقتني فقال : وما هي ؟ قال : قول الله عزوجل ذكره :
" الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " ( 2 )
فقال : صدقت لكأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله قط ، فاعتنقا وبكيا ( 3 ) .
25 - قل : باسناده عن شيخ الطائفة ، عن المفيد والغضائري ، عن الصدوق
عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أبي عمير ، عن إسحاق
ابن عمار .
وأيضا بالاسناد ، عن الشيخ ، عن أحمد بن محمد بن سعيد بن موسى الاهوازي
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 8 ص 363 .
( 2 ) سورة الرعد الاية 21 .
[299]
عن ابن عقدة ، عن محمد بن الحسن القطراني ، عن الحسين بن أيوب الخثعمي ، عن
صالح بن أبي الاسود ، عن عطية بن نجيح بن المطهر الرازي ، وإسحاق بن عمار
الصيرفي قالا : إن أبا عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام كتب إلى عبدالله بن الحسن حين
حمل هو وأهل بيته يعزيه عما صار إليه :
بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى الخلف الصالح والذرية الطيبة من ولد
أخيه وابن عمه .
أما بعد : فلئن كنت قد تفردت أنت وأهل بيتك ممن حمل معك بما
أصابكم ، ما انفردت بالحزن والغيظ والكئآبة وأليم وجع القلب دوني ، ولقد نالني
من ذلك من الجزع والقلق وحر المصيبة مثل ما نالك ، ولكن رجعت إلى ما أمر الله
عزوجل به المتقين ، من الصبر وحسن العزاء ، حين يقول لنبيه صلى الله عليه وآله الطيبين
" فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا " ( 1 ) وحين يقول " فاصبر لحكم ربك ولا تكم
كصاحب الحوت " ( 2 ) وحين يقول لنبيه صلى الله عليه وآله حين مثل بحمزة " وإن عاقبتم
فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين " ( 3 ) فصبر رسول الله صلى الله عليه وآله
ولم يعاقب .
وحين يقول " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك
والعاقبة للتقوى " ( 4 ) وحين يقول " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه
راجعون ، اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون " ( 5 ) وحين يقول :
" إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب " ( 6 ) وحين يقول لقمان لابنه " واصبر
على ما أصابك إن ذلك من عزم الامور " ( 7 ) وحين يقول عن موسى " وقال موسى لقومه
استعينوا بالله واصبروا إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " ( 8 )
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الطور الاية 48 . / / ( 2 ) سورة القلم الاية : 48 .
( 3 ) سورة النحل ، الاية 126 . / / ( 4 ) سورة طه ، الاية : 132 .
( 5 ) سورة البقرة ، الاية : 156 . / / ( 6 ) سورة الزمر ، الاية : 10 .
( 7 ) سورة لقمان ، الاية : 17 . / / ( 8 ) سورة الاعراف ، الاية 128 .
[300]
وحين يقول " الذين آمنوا وعملوا الصالحات و تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " ( 1 )
وحين يقول " ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة " ( 2 )
وحين يقول " ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس
والثمرات وبشر الصابرين " ( 3 ) .
وحين يقول " وكأين من بني قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم
في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين " ( 4 ) وحين يقول
" والصابرين والصابرات " وحين يقول " واصبر حتى حكم الله وهو خير
الحاكمين " ( 6 ) وأمثال ذلك من القرآن كثير .
واعلم أي عم وابن عم أن الله عزوجل لم يبال بضر الدنيا لوليه ساعة قط
ولا شئ أحب إليه من الضر والجهد والبلاء مع الصبر ، وأنه تبارك وتعالى لم يبال
بنعيم الدنيا لعدوة ساعة قط ، ولولا ذلك ما كان أعداؤه يقتلون أولياءه ويخوفونهم
ويمنعونهم وأعداؤه آمنون مطمئنون عالون ظاهرون ، ولولا ذلك لما قتل زكريا
ويحيى بن زكريا ظلما وعدوانا في بغي من البغايا ، ولولا ذلك ما قتل جدك علي
بن أبي طالب عليه السلام لما قام بأمر الله عزوجل ظلما ، وعمك الحسين بن فاطمة
صلى الله عليهم اضطهادا وعدوانا .
ولولا ذلك ما قال الله عزوجل في كتابه " ولولا أن يكون الناس امة واحدة
لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون " ( 7 )
ولولا ذلك لما قال في كتابه " أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع
لهم في الخيرات بل لا يشعرون " ( 8 ) .
ولولا ذلك لما جاء في الحديث : لولا أن يحزن المؤمن لجعلت للكافر عصابة
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة العصر ، الاية : 3 .
/ / ( 2 ) سورة البلد ، الاية : 17 .
( 3 ) سورة المائدة ، الاية : 155 . / / ( 4 ) سورة آل عمران ، الاية 146 .
( 5 ) سورة الاحزاب ، الاية : 35 . ( 6 ) سورة يونس ، الاية : 109 .
( 7 ) سورة الاحزاب ، الاية : 33 . / / ( 8 ) سورة المؤمنون ، الاية : 56 .
[301]
من حديد فلا يصدع رأسه أبدا ، ولولا ذلك لما جاء في الحديث ، إن الدنيا لا تساوي
عند الله عزوجل جناح بعوضة ، ولولا ذلك ما سقى كافرا منها شربة من مآء ، ولولا
ذلك لما جاء في الحديث : لو أن مؤمنا على قلة جبل لا بتعث الله له كافرا أو منافقا
يؤذيه ولولا ذلك لما جاء في الحديث : إنه إذا أحب الله قوما أو أحب عبدا صب عليه
البلاء صبا ، فلا يخرج من غم إلا وقع في غم .
ولولا ذلك لما جاء في الحديث ، ما من جرعتين أحب إلى الله عزوجل أن
يجرعهما عبده المؤمن في الدنيا ، من جرعة غيظ كظم عليها ، وجرعة حزن عند
مصيبة ، صبر عليها بحسن عزاء واحتساب ، ولولا ذلك لما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله
يدعون على من ظلمهم بطول العمر وصحة البدن وكثرة المال والولد ، ولولا ذلك
ما بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه واله كان إذا خص رجلا بالترحم عليه والاستغفار استشهد
فعليكم ياعم وابن عم وبني عمومتي وإخوتي بالصبر والرضا والتسليم والتفويض إلى
الله عزوجل والرضا بالصبر على قضائه ، والتمسك بطاعته ، والنزول عند أمره
أفرغ الله علينا وعليكم الصبر ، وختم لنا ولكم بالاجر والسعادة ، وأنقذنا وإياكم
من كل هلكة ، بحوله وقوته إنه سميع قريب ، وصلى الله عليه صفوته من خلقه محمد
النبي وأهل بيته ( 1 ) .
أقول : وهذا آخر التعزية بلفظها من أصل صحيح ، بخط محمد بن علي بن
مهجناب البزاز تاريخه في صفر سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ، وقد اشتملت هذه التعزية
على وصف عبدالله بن الحسن بالعبد الصالح ، والدعاء له وبني عمه بالسعادة ، وهذا


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 301 سطر 19 الى ص 309 سطر 18

يدل على أن الجماعة المحمولين كانوا عند مولانا الصادق عليه السلام معذورين وممدوحين
ومظلومين ، وبحبه عارفين .
أقول : وقد يوجد في الكتب أنهم كانوا للصادقين عليهم السلام مفارقين ، وذلك
محتمل للتقية لئلا ينسب إظهارهم لانكار المنكر إلى الائمة الطاهرين .
ومما يدل عليه ما رويناه بإسنادنا إلى أبي العباس أحمد بن نصر بن سعد من
* ( هامش ) * ( 1 ) الاقبال ص 49 - 51 .
[302]
كتاب الرجل مما خرج منه ، وعليه سماع الحسين بن علي بن الحسن ، وهو نسخة
عتيقة بلفظه قال : أخبرنا محمد بن عبدالله بن سعيد الكندي قال : هذا كتاب غالب بن
عثمان الهمداني وقرأت فيه ، أخبرني خلاد بن عمير الكندي مولى آل حجر بن
عبدي قال ، دخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال : هل لكم علم بآل الحسن الذين خرج
بهم مما قبلنا ؟ وكان قد اتصل بنا عنهم خبر ، فلم نحب أن نبدأه به ، فقلنا :
نرجو أن يعافيهم الله ، فقال : وأين هم من العافية ؟ ثم بكى عليه السلام حتى على صوته
وبكينا .
ثم قال : حدثني أبي عن فاطمة بنت الحسين قالت : سمعت أبي صلوات
الله عليه يقول : يقتل منك أو يصاب منك نفر بشط الفرات ما سبقهم الاولون ولا
ويدركهم الآخرون ، وإنه لم يبق من ولدها غيرهم .
أقول : وهذه شهادة صريحة من طرق صحيحة بمدح المأخوذين من بني
الحسن عليه وعليهم السلام ، وأنهم مضوا إلى الله جل جلاله بشرف المقام والظفر
بالسعادة والاكرام .
ومن ذلك ما رواه أبوالفرج الاصفهاني ( 1 ) عن يحيى بن عبدالله - الذي سلم
من الذين تخلفوا في الحبس من بني الحسن - فقال : حدثنا عبدالله بن فاطمة
الصغرى ، عن أبيها عن جدتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : يدفن من ولدي سبعة بشط الفرات ، لم يسبقهم الاولون ولم يدركهم
الآخرون ، فقلت : نحن ثمانية ؟ فقال : هكذا سمعت ، فلما فتحو الباب وجدوهم
موتى وأصابوني وبي رمق ، وسقوني ماءا وأخرجوني فعشت .
ومن الاخبار الشاهدة بمعرفتهم بالحق ما وراه أحمد بن إبراهيم الحسيني
في كتاب المصابيح بإسناده أن جماعة سألوا عبدالله بن الحسن وهو في المحمل الذي
حمل فيه إلى سجن الكوفة ، فقلنا : يا ابن رسول الله محمد ابنك المهدي ؟ فقال :
يخرج محمد من ههنا - وأشار إلى المدينة - فيكون كلحس الثور أنفه حتى يقتل ، ولكن
* ( هامش ) * ( 1 ) مقاتل الطالبيين ص 193 .
[303]
إذا سمعتم " بالمأثور " وقد خرج بخراسا فهو صاحبكم .
أقول : لعلها بالموتور وهذا صريح أنه عارف بما ذكرناه .
ومما يزيدك بيانا ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي ، عن
جماعة ، عن هارون بن موسى التلعكبرى ، عن ابن همام ، عن جميل ، عن القاسم بن
إسماعيل ، عن أحمد بن رياح ، عن أبي الفرج أبان بن محمد المعروف بالسندي نقلناه
من أصله قال : كان أبوعبدالله عليه السلام في الحج في السنة التي قدم فيها أبوعبدالله عليه السلام
تحت الميزاب وهو يدعو ، وعن يمينه عبدالله بن الحسن وعن يساره حسن بن حسن
وخلفه جعفر بن الحسن ، قال : فجاءه عباد بن كثير البصري فقال له : يا أبا عبدالله
قال : فسكت عنه حتى قالها ثلاثا ، قال : ثم قال له : يا جعفر ، قال : فقال له :
قل ما تشاء يا أبا كثير ، قال : إني وجدت في كتاب لي علم هذه البنية رجل ينقضها
حجرا حجرا ، قال : فقال : كذب كتابك يا أبا كثير ولكن كأني والله
بأصفر القدمين ، حمش الساقين ، ضخم البطن ، رقيق العنق ، ضخم الرأس على
هذا الركن - وأشار بيده إلى الركن اليماني - يمنع الناس من الطواف
حتى يتذعروا منه ، ثم يبعث الله له رجلا مني وأشار بيده إلى صدره ، فيقتله قتل
عاد وثمود وفرعون ذي الاوتاد ، قال : فقال له عند ذلك عبدالله بن الحسن : صدق
والله أبوعبدالله عليه السلام حتى صدقوه كلهم جميعا .
أقول : فهل تراهم إلا عارفين بالمهدي وبالحق اليقين .
ومما يزيدك بيانا أن بني الحسن عليه السلام ما كانوا يعتقدون فيمن خرج منهم
أنه المهدي ، وإن تسموا بذلك ، إن أولهم خروجا وأولهم تسميا بالمهدي محمد بن
عبدالله بن الحسن ، وقد ذكر يحيى بن الحسين الحسنى ، في كتاب الامالي باسناده
عن طاهر بن عبيد ، عن إبراهيم بن عبدالله بن الحسن أنه سئل عن أخيه محمد أهو
المهدي الذي يذكر ؟ فقال : إن المهدي عدة من الله تعال لنبيه صلوات الله
عليه ، وعده أن يجعل من أهله مهديا ، لم يسم بعينه ولم يوقت زمانه ، وقد قام
أخي الله بفريضة عليه في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فان أراد الله تعالى
[304]
أن يجعله المهدي الذي يذكر ، فهو فضل الله يمن به على من يشاء من عباده ، وإلا
فلم يترك أخي فريضة الله عليه لانتظار ميعاد لم يؤمر بانتظاره .
وروى في حديث قبله بكراريس من الامالي ، عن أبي خالد الواسطي ، أن
محمد بن عبدالله بن الحسن قال : يا أبا خالد إني خارج وأنا والله مقتول ، ثم ذكر
عذره في خروجه مع علمه أنه مقتول ، وكل ذلك يكشف عن تمسكهم بالله و
الرسول صلى الله عليه وآله .
وروي في حديث علم محمد بن عبدالله بن الحسن أنه يقتل أحمد بن إبراهيم
في كتاب المصابيح في الفصل المتقدم .
هذا آخر ما أخرجناه من كتاب الاقبال ( 1 ) .
26 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عبدالله بن عثمان
أبي إسماعيل السراج ، عن عبدالله بن وضاح ، وعلي بن أبي حمزة ، عن إسماعيل بن
الارقط وامه ام سلمة اخت أبي عبدالله عليه السلام قال : مرضت في شهر رمضان مرضا
شديدا حتى ثقلت ، واجتمعت بنو هاشم ليلا للجنازة وهم يرون أني ميت فجزعت
امي علي ، فقال لها أبوعبدالله عليه السلام خالي : اصعدي إلى فوق البيت فابرزي إلى السماء
وصلي ركعتين فاذا سلمت قولي : اللهم إنك وهبته لي ولم يك شيئا ، اللهم وإني
أستوهبكه مبتدئا فأعرنيه ، قال : ففعلت فأفقت وقعدت ، ودعوا بسحور لهم هريسة
فتسحروابها وتسحرت معهم ( 2 ) .
أقول : روى أبوالفرج الاصفهاني ( 3 ) بأسانيده المتكثرة ال حسين بن زيد
قال : إني لواقف بين القبر والمنبر إذا رأيت بني حسن يخرج بهم من دار مروان
مع أبي الازهر بهم الربذة ، فأرسل إلي جعفر بن محمد فقال : ما وراك ؟ قلت : * ( هامش ) * ( 1 ) الاقبال ص 51 .
( 2 ) الكافى ج 3 ص 478 .
( 3 ) مقاتل الطالبيين ص 219 وفيه تفاوت .
[305]
رأيت بني الحسن يخرج بهم في محامل فقال : اجلس ، فجلست قال : فدعا غلاما
له ، ثم دعا ربه كثيرا ثم قال لغلامه : اذهب فإذا حملوا فأت فأخبرني ، قال :
فأتاه الرسول فقال : قد اقبل بهم ، فقام جعفر عليه السلام فوقف وراء ستر شعر أبيض
من ورائه فطلع بعبدالله بن الحسن وإبراهيم بن الحسن وجميع أهلهم ، كل واحد
منهم معادله مسود ، فلما نظر إليهم جعفر بن محمد عليهما السلام هملت عيناه ، حتى جرت
دموعه على لحيته ، ثم أقبل علي فقال : يا أبا عبدالله ، والله لا تحفظ لله حرمة بعد
هذا ، والله ما وفت الانصار ولا أبنآء الانصار لرسول الله صلى الله عليه وآله بما أعطوه من البيعة
على العقبة .
ثم قال جعفر عليه السلام : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي
ابن أبي عليه السلام : أن النبي صلى الله عليه وآله قال له : خذ عليهم البيعة بالعقبة فقال : كيف
آخذ عليهم ؟ قال : خذ عليهم يبايعون الله ورسوله ، قال ابن الجعد في حديثه :
على أن يطاع الله فلا يعصى ، وقال الآخرون : على أن يمنعوا رسول الله وذريته
مما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم قال : فوالله ما وفوا له حتى خرج من بين أظهرهم
ثم لا أحد يمنع يد لامس اللهم فاشدد وطأتك على الانصار .
وبإسناده إلى علي بن إسماعيل أن عيسى بن موسى لما قدم قال جعفر بن
محمد عليه السلام : أهو هو ؟ قيل : من تعني يا أبا عبدالله ؟ قال : المتلعب بدمائنا والله لا يحلا
منها بشئ ( 1 ) .
وبإسناده إلى سعيد الرومي مولى جعفر بن محمد قال : أرسلني جعفر بن محمد
عليه السلام أنظر ما يصنعون ، فجئته فأخبرته أن محمدا قتل وأن عيسى قبض على عين
أبي زياد ، فنكس طويلا ثم قال : ما يدعو عيسى إلى أن يسئ بنا ، ويقطع أرحامنا ؟
فوالله لا يذوق هو ولا ولده منها شيئا ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مقاتل الطالبيين ص 272 بتفاوت يسير وحلاء عن الحوض صد ومنع من وروده
( 2 ) نفس المصدر ص 273 . وفيه " فأبلس " بدل " فنكس " وزيادة قوله " أبدا "
في آخره .
[306]
وروي باسناده عن مخول بن إبراهيم قال : شهد الحسين بن زيد حرب محمد
وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن بن الحسن ، ثم توارى ، وكان مقيما في منزل
جعفر بن محمد عليه السلام ، وكان جعفر رباه ، ونشأ في حجره منذ قتل أبوه ، وأخذ عنه
علما كثيرا .
وباسناده عن عباد بن يعقوب قال : كان الحسن بن زيد يلقب ذا الدمعة لكثرة
بكائه ( 1 ) .
27 - ن : حدثنا أبوالحسين أحمد بن محمد بن الحسين البزاز ، قال : حدثنا
أبومنصور المطرز قال : سمعت الحاكم أبا أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الانماطي
النيسابوري يقول باسناد متصل ذكره محمد : أنه لما بنى المنصور الابنية ببغداد
جعل يطلب العلوية طلبا شديدا ويجعل من ظفر به منهم في الاسطوانات
المجوفة المبنية من الجص والآجر ، فظفر ذات يوم بغلام منهم حسن الوجه ف ، عليه
شعر أسود من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام فسلمه إلى البناء الذي كان
يبني له ، وأمره أن يجعله في جوف اسطوانة ويبني عليه ، ووكل به من ثقاته من
يراعي ذلك ، حتى يجعله في جوف اسطوانة بمشهده ، فجعله البناء في جوف
اسطوانة ، فدخلته رقة عليه ورحمة له ، فترك في الاسطوانة فرجة يدخل منها
الروح ( 2 ) وقال للغلام : لا بأس عليك ، فاصبر فاني ساخرجك من جوف هذه
الاسطوانة إذا جن الليل .
ولما جن الليل جاء البناء في ظلمته وأخرج ذلك العلوي من جوف تلك
الاسطوانة ، وقال له : اتق الله في دمي ودم الفعلة الذين معي ، وغيب شخصك
فاني إنما أخرجتك في ظلمة هذه الليلة من جوف هذه الاسطوانة لاني خفت إن
تركتك في جوفها أن يكون جدك رسول الله صلى الله عليه وآله يوم القيامة خصمي بين يدي الله
عزوجل ثم أخذ شعره بآلات الجصاصين كما أمكن ، وقال له : غيب شخصك وانج
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ص 287 .
( 2 ) الروح : نسيم الريح .
[307]
بنفسك ، ولا ترجع إلى امك قال الغلام : فان كان هذا هكذا فعرف امي أني
قد نجوت هربت ، لتطيب نفسها ، ويقل جزعها وبكاؤها إن لم يكن لعودي إليها
وجه ، فهرب الغلام ، ولا يدري أين قصد من أرض الله ، ولا إلى أي بلد وقع ، قال
ذلك البناء : وقد كان الغلام عرفني مكان امه ، وأعطاني العلامة شعره ، فانتهيت إلهيا
في الموضع الذي كان دلني عليه ، فسمعت دويا كدوي النحل من البكاء ، فعلمت
أنها امه ، فدنوت منها وعرفتها خبر ابنها ، وأعطيتها شعره ، وانصرفت ( 1 ) .
28 - قل : إنا روينا دعاء النصف من رجب عن خلق كثير قد تضمن ذكر
أسمائهم كتاب الاجازات ، وسوف أذكر كل رواياته ، فمن الروايات في ذلك أن
المنصور لما حبس عبدالله بن الحسن وجماعة من آل أبي طالب ، وقتل ولديه محمدا
وإبراهيم ، أخذ داود بن الحسن بن الحسن ، وهو ابن داية أبي عبدالله جعفر بن
محمد الصادق عليه السلام ، لان ام داود أرضعت الصادق عليه السلام منها بلبن ولدها داود ، وحمله
مكبلا بالحديد ، قالت ام داود : فغاب عني حينا بالعراق ، ولم أسمع له خبرا
ومل أزل أدعو وأتضرع إلى الله جل اسمه وأسأل إخواني من أهل الديانة ، والجد
والاجتهاد ، أن يدعوا الله تعالى ، وأنا في ذلك كله لا أرى في دعائي الاجابة .
فدخلت على أبي عبدالله جعفر بن محمد صلوات عليهما يوما أعوده في علة وجدها
فسألته عن حاله ، ودعوت له ، فقال لي : يا ام داود ! وما فعل داود ؟ وكنت قد
أرضعته بلبنه فقلت : يا سيدي وأين داود ؟ وقد فارقني منذ مدة طويلة ، وهو
محبوس بالعراق ، فقال : وأين أنت عن دعاء الاستفتاح ، وهو الدعاء الذي تفتح
له أبواب السمآء ، ويلقى صاحبه الاجابة من ساعته ، وليس لصاحبه عند الله تعالى
جزاء إلا الجنة ؟ فقلت له : كيف ذلك يا ابن الصادقين ؟ فقال لي : يا ام داود قد
دنا الشهر الحرام العظيم شهر رجب ، وهو شهر مسموع فيه الدعآء ، شهر الله الاصم
وصومي الثلاثة الايام البيض ، وهو يوم الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر
، واغتسلي في يوم الخامس عشر وقت الزوال ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) عيون أخبار الرضا " ع " ج 1 ص 111 .
( 2 ) الاقبال ص 147 - 148 .
[308]
ثم علمها عليه السلام دعاء وعملا مخصوصا سيأتي شرحهما في موضعه ( 1 ) .
ثم قال السيد رضي الله عنه : فقالت ام جدنا داود رضوان الله عليه : فكتبت هذا
الدعآء وانصرفت ، ودخل شهر رجب وفعلت مثل ما أمرني به - يعني الصادق عليه السلام -
ثم رقدت تلك الليلة ، فلما كان في آخر الليل رأيت محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وكل من صليت
عليهم من الملائكة والنبيين ، ومحمد صلى الله عليه وعليهم يقول : يا ام داود ابشري
وكل من ترين من إخواتك ، وفي رواية أعوانك وإخوانك ، وكلهم يشفعون لك
ويبشرونك بنجح حاجتك ، وابشري فان الله تعالى يحفظك ويحفظ ولدك ، ويرده
عليك قالت : فانتبهت ، فما لبثت إلا قدر مسافة الطريق من العراق إلى المدينة
للراكب المجد المسرع المعجل ، حتى قدم علي داود ، فسألته عن حاله ، فقال :
إني كنت محبوسا في أضيق حبس ، وأثقل حديد ، وفي رواية وأثقل قيد إلى يوم
النصف من رجب .
فلما كان الليل رأيت في منامي كأن الارض قد قبضت لي ، فرأيتك على
حصير صلاتك ، وحولك رجال رؤوسهم في السمآء ، وأرجلهم في الارض ، يسبحون الله
تعالى حولك ، فقال لي قائل منهم ، حسن الوجه ، نظيف الثوب ، طيب الرائحة
خلته جدي رسول الله صلى الله عليه وآله : ابشريا ابن العجوزة الصالحة ، فقد استجاب الله لامك
فيك دعاءها فانتبهت ، ورسل المنصور على الباب ، فادخلت عليه في جوف الليل
فأمربفك الحديد عني ، والاحسان إلي ، وأمر لي بعشرة آلاف درهم ، وحملت على
نجيب ، وسوقت بأشد السير وأسرعه ، حتى دخلت المدينة ، قالت ام داود : فمضيت
به إلى أبي عبدالله فقال عليه السلام : إن المنصور رأى أمير المؤمنين عليا عليه السلام في
المنام ، يقول له : أطلق ولدي ، وإلا القيك في النار ، ورأى كأن تحت قدميه
النار ، فاستيقظ وقد سقط في يديه ، فأطلقك يا داود ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) ذكرها الشيخ المجلسى في كتاب الدعاء ج 20 ص 345 ونقلهما عن الاقبال
ص 149 - 152 .
( 2 ) الاقبال ص 153 .
[309]
بيان : سقط في يديه على بناء المجهول أي ندم ، ومنه قوله تعالى " ولما سقط
في أيديهم " ( 1 ) .
29 - كتاب الاستداراك باسناده إلى الاعمش أن المنصور حيث طلبه ، فتطهر
وتكفن وتحنط ، قال له : حدثني بحديث سمعته أنا وأنت من جعفر بن محمد في
بني حمان قال : قلت له : أي الاحاديث ؟ قال : حديث أركان جهنم ، قال : قلت :
أو تعفيني ؟ قال : ليس إلى ذلك سبيل قال : قلت : حدثنا جعفر بن محمد عن آبائه
عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لجهنم سبعة أبواب ، وهي
الاركان ، لسبعة فراعنة ، ثم ذكر الاعمش : نمرود بن كنعان ، فرعون الخليل
ومصعب بن الوليد ، فرعون موسى ، وأبا جهل بن هشام ، والاول ، والثاني ، و
السادس يزيد قاتل ولدي ، ثم سكت ، فقال لي : الفرعون السابع ؟ قلت : رجل
من ولد العباس يلي الخلافة يلقب بالدوانيقي اسمه المنصور ، قال : فقال لي :
صدقت هكذا حدثنا جعفر بن محمد عليه السلام قال : فرفع رأسه ، وإذا على رأسه غلام
أمرد ، ما رأيت أحسن وجها منه ، فقال : إن كنت أحد أبواب جهنم ، فلم أستبق
هذا ؟ وكان الغلام علويا حسينيا ، فقال له الغلام : سألتك يا أمير المؤمنين بحق
آبائي إلا عفوت عني ، فأبي ذلك ، وأمر المرزبان به ، فلما مد يده ، حرك شفتيه
بكلام لم أعلمه ، فاذا هو كأنه طير قد طار منه ، قال الاعمش : فمر علي بعد أيام
فقلت : أقسمت عليك بحق أمير المؤمنين لما علمتني الكلام فقال : ذاك دعاء المحنة
لنا أهل البيت ، وهو الذي دعا به أمير المؤمنين عليه السلام لما نام على فراش رسول الله


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 309 سطر 19 الى ص 317 سطر 18

صلى الله عليه وآله ، ثم ذكر الدعآء قال الاعمش : وأمر المنصور في رجل بأمر غليظ
فجلس في بيت لينفذ فيه أمره ، ثم فتح عنه فلم يوجد ، فقال المنصور : أسمعتموه يقول
شيئا ؟ فقال الموكل : سمعته يقول : يا من لا إله غيره فأدعوه ، ولارب سواه فأرجوه
نجني الساعة ، فقال : والله لقد استغاث بكريم فنجاه .
أقول : مضت الاخبار المناسبة للباب في باب أسماء الملوك عند الائمة عليهم السلام .
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الاعراف ، الاية : 149 .
[310]
( باب 10 )
* ( مداحيه صلوات الله عليه ) *
1 - ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، عن علي بن محمد العسكري
عن آبائه ، عن موسى جعفر عليه السلام قال : كنت عند سيدنا الصادق عليه السلام إذ دخل
عليه أشجع السلمي ( 1 ) يمدحه ، فوجده عليلا فجلس وأمسك ، فقال له سيدنا
* ( هامش ) * ( 1 ) الاشجع السلمى : هو ابن عمرو ، أبوالوليد او أبوعمرو من ولد الشريد بن
مطرود السلمى ، كان شاعرا مفلقا مكثرا سائر الشعر معدودا في فحول الشعراء في طبقة
أبى نواس وأبى العتاهية وبشار وأمثالهم مدح الخلفاء وولاة العهود والوزراء والامراء
وغيرهم وأخذ جوائزهم وحظى عندهم ، ودخل على الامام الصادق عليه السلام فمدحه كما في
الاصل وأجازه الامام عليه السلام وقدرثى الامام الرضا عليه السلام بقصيدة عصماء ذكرها أبوالفرج الاصبهاني في مقاتله ص 568 أولها :
يا صاحب العيس يحدى في أزمتها * اسمع وأسمع غدا يا صاحب العيس
اقرا السلام على قبر بطوس ولا * تقرا السلام ولا النعمى على طوس
إلى آخر ما ذكره من أبياتها وهى 22 بيتا ، قال أبوالفرج هكذا انشدنيها على
ابن الحسين بن علي بن حمزة عن عمه - محمد بن علي بن حمزة العلوى - وذكر
انها لما شاعت غير أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد . وقال ايضا : هذه القصيدة ذكر محمد
ابن علي بن حمزة انها في علي بن موسى الرضاعليه السلام .
وقد اورد الصولى في كتاب الاوراق ابياتا من هذه القصيدة في رثاء الرضا عليه السلام ولما شاعت غير
الاشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد .
وتجد في الاغانى ج 17 - ص 30 إلى 51 مفصل اخباره واشعاره ، كما تجد له ذكرا
في الاغانى ج 4 ص 185 وج 6 ص 73 وج 21 ص 84 وفي تاريخ بغداد ج 7 ص 45
وتاريخ ابن عساكر ج 3 ص 59 - 63 وذكره ابن شهر آشوب في معالم العلماء ص 142 في
شعراء اهل البيت المتكلفين وذلك انه عدهم اربع طبقات : المجاهرون والمتصدون والمتقون
والمتكلفون . فعد من المتكلفين الاشجع السلمى .
وقد ترجمه سيد الاعيان في كتابه ج 12 ص 346 إلى ص 399 .
[311]
الصادق عليه السلام : عد عن العلة ، واذكر ما جئت له ، فقال له :
ألبسك الله منه عافية * في نومك المعتري وفي أرقك
يخرج من جسمك السقام كما * أخرج ذل السؤال من عنقك
فقال : يا غلام إيش معك ؟ قال : أربعمائة درهم ، قال : أعطها للاشجع
قال : فأخذها وشكرو ولى ، فقال : ردوه فقال : يا سيدي سألت فأعطيت ، وأغنيت
فلم رددتني ؟ قال : حدثني أبي ، عن آبائه ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : خير العطاء
ما أبقى نعمة باقية ، وإن الذى أعطيتك لا يبقي لك نعمة باقية ، وهذا خاتمي ، فان
اعطيت به عشرة آلاف درهم ، وإلا فعد إلي وقت كذا وكذا ، أوفك إياها ، قال :
يا سيدي قد أغنيتني ، وأنا كثير الاسفار ، وأحصل في المواضع المفزعة ، فتعلمني
ما آمن به على نفسي قال : فإذا خفت أمرا فاترك يمينك على ام رأسك ، واقرأ
برفيع صوتك : " أفغير دين الله تبغون وله اسلم من في السموات طوعا وكرها وإليه
ترجعون " ( 1 ) .
قال أشجع : فحصلت في واد تعبث فيه الجن ، فسمعت قائلا يقول : خذوه
فقرأتها فقال قائل : كيف نأخذه ، وقد احتجز بآية طيبة ( 2 ) .
2 - دعوات الراوندى : مرسلا مثله .
3 - ما : المفيد ، عن محمد بن عمران ، عن عبيد الله بن الحسن ، عن محمد بن
رشيد قال : آخر شعر قاله السيد ابن محمد رحمه الله قبل وفاته بساعة وذلك أنه اغمي
عليه واسود لونه ، ثم أفاق وقد ابيض وجهه وهو يقول :
احب الذي من مات من أهل وده * تلقاه بالبشرى لدى الموت يضحك
ومن مات يهوى غيره من عدوه * فليس له إلا إلى النار مسلك
أبا حسن تفديك نفسي واسرتي * ومالي وما أصبحت في الارض أملك
أبا حسن إني بفضلك عارف * وإني بحبل من هواك لممسك
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة آل عمران الاية : 83 .
( 2 ) امالى الشيخ الطوسى ص 176 .
[312]
وأنت وصي المصطفى وابن عمه * وإنا نعادي مبغضيك وننزك
مواليك ناج مؤمن بين الهدى * وقاليك معروف الضلالة مشرك
ولاح لحاني في علي وحزبه * فقلت لحاك الله إنك أعفك
ومعنى أعفك أحمق ( 1 ) .
بيان : قال الجوهري ( 2 ) لحيت الرجل لحاء ولحيا إذا المته ، وقولهم :
لحاه الله أي قبحه ولعنه .
4 - ما : جماعة ، أبي المفضل ، عن يحيى بن علي بن عبدالجبار ، عن
علي بن الحسين بن أبي حرب ، عن أبيه قال : دخلت على السيد ابن محمد الحميري
عائدا في علته التي مات فيها ، فوجدته يساق به ، ووجدت عنده جماعة من جيرانه
وكانوا عثمانية ، وكان السيد جميل الوجه ، رجب الجبهة ، عريض ما بين السالفتين ( 3 )
فبدت في وجهه نكتة سوداء مثل النقطة من المداد ، ثم لم تزل تزيد وتنمى حتى
طبقت وجهه - يعني اسودادا - فاغتم لذلك من حضره من الشيعة ، وظهر من الناصبة
سرور وشماتة ، فلم يلبث بذلك الا قليلا حتى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة
بيضاء ، فلم تزيد أيضا وتنمى حتى أسفر وجهه وأشرق ، وافتر السيد ضاحكا
وأنشأ يقول :
* ( هامش ) * ( 1 ) أمالى الشيخ الطوسى ص 31 وأخرج الحديث والشعر الشيخ الجليل أبوجعفر
الطبرى في بشارة المصطفى ص 92 طبع النجف ( الطبعة الاولى ) بزيادة في الابيات وهى
عنده ثلاثة عشر بيتا ، وأخرجها أيضا الكشى في رجاله ص 185 والابيات عنده سبعة
كما في الاصل بتقديم وتأخير وصاحب الروضات في كتابه ص 30 ونحوه السيد الامين في الاعيان
ج 12 ص 207 والامينى في الغدير ج 2 ص 274 لكن القاضى نور الله في مجالسه ج 2
ص 514 ذكر الابيات بنحو مما في الاصل في الترتيب . وبيتان منها في مناقب ابن شهر آشوب
ج 3 ص 24 .
( 2 ) الصحاح ج 6 ص 2481 طبع دار الكتاب العربى .
( 3 ) السالفتين : صفحتا العنق عند معلق الفرط .
[313]
كذب الزاعمون أن عليا * لن ينجي محبه من هنات
قد وربي دخلت جنة عدن * وعفالي الا له عن سيئاتي
فابشروا اليوم أولياء علي * وتولوا علي حتى الممات
ثم من بعده تولوا بنيه * واحدا بعد واحد بالصفات
ثم أتبع قوله هذا : أشهد أن لا إله إلا الله حقا حقا ، أشهد أن محمدا رسول
الله حقا حقا ، أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا حقا ، أشهد أن لا إله إلا الله
ثم أغمض عينه بنفسه فكأنما كانت روحه ذبالة طفئت ، أو حصاة سقطت ، فانتشر
هذا القول في الناس ، فشهد جنازته والله الموافق والمفارق ( 1 ) .
5 - كش : محمد بن رشيد الهروي ، قال حدثني السيد وسماه وذكر أنه
خير ( 2 ) قال سألته عن الخبر الذي يروى أن السيد اسود وجهه عند موته فقال :
الشعر الذي يروى له في ذلك ، حدثني أبوالحسن بن أيوب المروزي ، قال :
روي أن السيد ابن محمد الشاعر اسود وجهه عند الموت فقال : هكذا يفعل بأوليائكم
يا أمير المؤمنين ! ؟ قال : فابيض وجهه كأنه القمر ليلة البدر ، فأنشأ يقول :
" احب الذي من مات من أهل وده " إلى آخر الابيات ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 43 وأخرج الحديث والشعر الاربلى في كشف الغمة
ج 1 ص 549 والروضاتى في روضات الجنات ص 30 وابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص
23 والقاضى نور الله في مجالسه ج 2 ص 515 وسيد الاعيان في كتابه ج 12 ص 206 والشيخ
الاميني في الغدير ج 2 ص 274 وذكر الابيات الحافظ المرزبانى في أخبار السيد الحميرى
ص 47 طبع النجف الاشرف - قال حدثنا بعض أصحابنا عن محمد بن زيد النحوى عن
بعض الاشياخ انه رأى السيد ابن محمد في النوم فقال له ما فعل الله بك ؟ فقال : غفرلى ثم
انشأ يقول : وذكر الشعر .
( 2 ) الظاهر سقوط واسطة في السند ممن يضاف إلى السيد كغلام السيد أو صاحب السيد أو
ابن السيد ممن له المام بحال السيد وكان حاضرا عند موته ، وهو محذوف اما لنسيان الكشى
لاسمه أو أن الهروى نسيه واكتفى بوصف كونه خيرا .
( 3 ) رجال الكشى ص 185 وقد تقدمت الابيات مع ذكر مصادرها قريبا فراجع .
[314]
6 - ما : المفيد ، عن محمد بن عمران المرزباني ، عن محمد بن يحيى ، عن
جبلة بن محمد بن جبلة ، عن أبيه قال : اجتمع عندنا السيد ابن محمد الحميري و
جعفر بن عفان الطائي ( 1 ) فقال له السيد : ويك تقول في آل محمد عليهم السلام :
* ( هامش ) * ( 1 ) هو أبوعبدالله الطائي المكفوف كان من شعراء الكوفة ، وله اشعار كثيرة في معان
مختلفة وقد ذكره الكشى في رجاله ص 187 باسم جعفر بن عثمان الطائى ، وقد ذكر السيد
الامين في أعيان الشيعة ج 16 ص 58 أنه ورد في نسخة من الخلاصة للعالمة الحلى عنده
مخطوطة مقابلة على نسخة ولد ولد المصنف نقله عن الكشى جعفر بن عفان لاعثمان . أقول
ذكره الكشى وروى عن زيد الشحام دخول جعفر المذكور على الامام الصادق عليه السلام
فقربه وأدناه واستنشده شعره في رثاء الحسين عليه السلام وبكائه لما أنشده وقال : يا جعفر والله
لقد شهدت ملائكة الله المقربون هاهنا يسمعون قولك في الحسين عليه السلام ولقد بكواكما
بكينا أو أكثر ، ولقد أوجب الله تعالى لك يا جعفر في ساعتك الجنة بأسرها وغفرلك ، فقال
يا جعفر ألا أزيدك ؟ قال نعم يا سيدى قال : ما من أحد قال في الحسين شعرا فبكى وأبكى
به الا أوجب الله له الجنة وغفر له وذكر سيد الاعيان من شعره في أهل البيت عليهم السلام
في كتابه . ومما ذكره رده على مروان بن أبى حفصة قوله :
أنى يكون وليس ذاك بكائن * لنبى البنات وراثة الاعمام
ونقل ذلك عن الاغانى وقد ذكره أبوالفرج في الاغانى ج 9 ص 45 بسنده عن محمد
ابن يحيى بن أبي مرة التغلبى قال مررت بجعفر بن عفان الطائى يوما وهو على باب منزله
فسلمت عليه فقال له : مرحبا يا أخا تغلب اجلس فجلست فقال لى : أما تعجب من ابن
أبى حفصة لعنه الله حيث يقول :
أنى يكون وليس ذاك بكائن * لبنى النبات وراثة الاعمام
فقلت : بلى والله انى لا تعجب منه واكثر اللعن له فهل قلت في ذلك شيئا ؟ فقال :
نعم قلت :
لم لا يكون وان ذاك لكائن * لبنى البنات وراثة الاعمام
للبنت نصف كامل من ماله * والعم متروك بغير سهام
ما للطليق وللتراث وانما * صلى الطليق مخافة الصمصام
توفي جعفر بن عفان الشاعر المذكور في حدود سنة 150 .
[315]
ما بال بيتكم تخرب سقفه * وثيابكم من أرذل الاثواب
فقال جعفر : ما أنكرت من ذلك ؟ فقال له السيد : إذا لم تحسن المدح فاسكت
أتوصف آل محمد صلى الله عليه وآله بمثل هذا ، ولكني أعذرك هذا طبعك وعلمك ومنتهاك ، وقد
قلت أمحو عنهم عار مدحك :
اقسم بالله وآلائه * والمرء عما قال مسئول
إن علي بن أبي طالب * التقى والبر مجبول
وإنه كان الامام الذي * له على الامة تفضيل
يقول بالحق ويعني به * ولا تلهيه الاباطيل
كان إذا الحرب مرتها القنا * وأحجمت عنها البهاليل
يمشي إلى القرن وفي كفه * أبيض ماضي الحد مصقول
مشي العفرنى بين أشباله * أبرزه للقنص الغيل
ذاك الذي سلم في ليلة * عليه ميكال وجبريل
ميكال في ألف وجبريل في * ألف ويتلوهم سرافيل
ليلة بدر مددا انزلوا * كأنهم طير أبابيل
فسلموا لما أتوا حذوه وذاك إعظام وتبجيل
كذا يقال فيه يا جعفر ، وشعرك يقال مثله لاهل الخصاصة والضعف ، فقبل
جعفر رأسه وقال : أنت والله الرأس يا أبا هاشم ونحن الاذناب ( 1 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) أمالى الشيخ الطوسى ص 124 وأخرج الحديث الشيخ أبوجعفر الطبرى في
بشارة المصطفى ص 64 بسنده عن الشيخ أبى علي بن الشيخ الطوسى عن أبيه شيخ الطائفة
إلى آخر اسناده كما في أماليه وعنه صاحب الروضات فيها ص 29 وذكر أبوالفرج الاصبهاني
في أغانيه ج 7 ص 247 طبعة دارالكتب بمصر عن اسحاق بن محمد قال : سمعت العتبى
يقول : ليس في عصرنا هذا أحسن مذهبا في شعره ولا أنقى ألفاظا من السيد ، ثم قال لبعض
من حضر : أنشدنا قصيدته اللامية التى أنشدتناها اليوم فأنشده قوله :
هل عند من أحببت تنويل * ام لا فان اللوم تضليل
[316]
ايضاح : قال الفيروز آبادي ( 1 ) البهلول : كسر سور الضحاك ، والسيد الجامع
لكل خير ، وأسد عفرنى شديد والاشبال جمع الشبل وهو ولد الاسد ، وقال : القنص
محركة ابنا معد بن عدنان ( 2 ) وإبل أو بقرغيل بضمتين كثيرة أو سمان .
7 - ما : المفيد ، عن المرزباني ، قال : وجدت بخط محمد بن القاسم بن مهرويه
قال : حدثني الحمدوني الشاعر قال : سمعت الرياشي ينشد للسيد ابن محمد
الحميري :
إن امرءا خصمه أبوحسن * لعازب الرأي داحض الحجج
لا يقبل الله منه معذرة * ولا يلقنه حجة الفلج ( 3 )
* ( هامش ) *
أم في الحشى منك حوى باطن * ليس تدوايه الاباطيل
علقت يا مغرور خداعة * بالوعد منها لك تخييل
ريا رداح النوم خصمانة * كأنها ادماء عطبول
يشفيك منها حين تخلوبها * ضم إلى النحر وتقبيل
وذوق ريق طيب طعمه * كأنه بالمسك معلول
في نسوة مثل المها خرد * تضيق عنهن الخلاخيل
يقول فيها :
أقسم بالله وآلائه * والمرء فما قال مسئول
ان علي بن أبي طالب * على التقى والبر مجبول
فقال العتبى : أحسن والله ما شاء ، هذا والله الشعر الذى يهجم على القلب بلا حجاب اه
وروى حديث أبى الفرج السيد الامين في الاعيان ج 12 ص 146 كما روى الشيخ الامينى
حديث الامالى في الغدير ج 2 ص 268 وذكر أبيات المدح فقط كما في الاصل الاربلى في
كشف الغمة ج 1 ص 523 . / / ( 1 ) القاموس ج 3 ص 339 .
( 2 ) في القاموس : قناصة وقنص محركة ابنا معد بن عدنان .
( 3 ) أمالى الشيخ ص 144 وذكر البيتين الاربلى في كشف الغمة ج 1 ص 528
والقاضى نور الله في مجالسه ج 2 ص 513 والامين في اعيان الشيعة ج 12 ص 237
وغيرهم .
[317]
8 - ك : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن محمد
ابن إسماعيل ، عن حيان السراج قال : سمعت السيد ابن محمد الحميري يقال :
كنت أقول بالغلو وأعتقد غيبة محمد بن علي بن الحنفية رضي الله عنه ، قد ضللت
في ذلك زمانا ، فمن الله علي بالصادق جعفر بن محمد عليهما السلام ، وأنقذني به من النار
وهداني إلى سواء الصراط ، فسألته بعد ما صح عندي بالدلائل التي شاهدتها منه
أنه حجة الله علي وعلى جميع أهل زمانه ، وأنه الامام الذي فرض الله طاعته
وأوجب الاقتداء به .
فقلت له : يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في الغيبة وصحة
كونها فأخبرني بمن يقع ؟ فقال عليه السلام : ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر
من الائمة الهداة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أولهم أمير المؤمنين علي بن أبيطالب وآخرهم
القائم بالحق ، بقية الله في الارض ، وصاحب الزمان ، والله لو بقي في غيبته ما بقي
نوح في قومه ، لم يخرج من الدنيا حتى يظهر ، فيملا الارض قسطا وعدلا كما
ملئت جورا وظلما قال السيد : فلما سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمد
عليهما السلام تبت إلى الله تعالى ذكره على يديه ، وقلت قصيدة أولها :
فلما رأيت الناس في الدين قد غووا * تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا
تجعفرت باسم الله والله أكبر * أيقنت أن الله يعفو ويغفر
ودنت بدين غير ما كنت دينا * به ونهاني واحد الناس جعفر
فقلت فهبني قد تهودت برهة * وإلا فديني دين من يتنصر


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 317 سطر 19 الى ص 325 سطر 18

وإني إلى الرحمان من ذاك تائب * وإني قد أسلمت والله أكبر
فلست بغال ما حييت وراجع * إلى ما عليه كنت اخفي واظهر
ولا قائلا حي برضوى محمد * وإن عاب جهال مقالي فأكثروا
ولكنه ممن مضى لسبيله * على أفضل الحالات يقفى ويخبر
مع الطيبين الطاهرين الاولى لهم * من المصطفى فرع زكي وعنصر
إلى آخر القصيدة ، وقلت بعد ذلك :
[318]
أيا راكبا نحو المدينة حسرة * عذافرة يطوى بها كل سبسب
إذا ما هداك الله عاينت جعفرا * فقل لولي الله وابن المهذب
ألا يا أمين الله وابن أمينه * أتوب إلى الرحمان ثم تأوبي
إليك من الامر الذي كنت مبطنا * احارب فيه جاهدا كل معرب
وما كان قولي في ابن خولة مطنبا * ومعاندة مني لنسل المطيب
ولكن روينا عن وصي محمد * وما كان فيما قال بالمتكذب
بأن ولي الله يفقد لا يرى * سنين كفعل الخائف المترقب
فتقسم أموال الفقيد كأنما * تغيبه بين الصفيح المنصب
فيمكث حينا ثم ينبع نبعة * كنبعة جدي من الافق كوكب
يسير بنصر الله من بيت ربه * على سؤدد منه وأمر مسببب
يسير إلى أعدائه بلوائه * فيقتلهم قتلا كجران مغضب
فلما روي أن ابن خولة غائب * صرفنا إليه قولنا لم نكذب
وقلنا هو المهدي والعالم الذي * يعيش به من عدله كل مجدب
فإذ قلت : لا ، فالحق قولك والذي * أمرت فحتم غير ما متعصب
واشهد ربي أن قولك حجة * على الناس طرا من مطيع ومذنب
بأن ولي الامر والعالم الذي * تطلع نفسي نحوه بتطرب
له غيبة لابد من أن يغيبها * فصلى عليه الله من متغيب
فيمكث حينا ثم يظهر حينه * فيملا عدلا كل شرق ومغرب
بذاك أدين الله سرا وجهرة * ولست وإن عوتبت فيه بمعتب
وكان حيان السراج الرواي لهذا الحديث من الكيسانية ( 1 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 112 - 115 وذكر المرزبانى في أخبار السيد
ص 40 طبع النجف الاشرف بيتا من قصيدته الرائية وهو قوله ( تجعفرت باسم الله والله
أكبر - الخ ) اما ابن المعتز فقد ذكره في طبقاته ص 7 وزاد عليه قوله :
ويثبت مهما شاء ربى بأمره * ومحو ويقضى في الامور ويقدر
[319]
9 - شا : وفيه يقول السيد الحميري : وقد رجع عن قوله بمذهب الكيسانية
لما بلغه إنكار أبي عبدالله عليه السلام مقاله ، ودعاؤه إلى القول بنظام الامامة ، ثم ذكر
الابيات مع اختصار ( 1 ) .
بيان : " العذافرة " العظيمة الشديدة من الابل ، و " السبب " المفازة أو الارض
المستوية البعيدة ، وقال الفيروز آبادي : ( 2 ) الصفيح السماء ، ووجه كل شئ
عريض ، وهنا يحتمل الوجهين ، وعلى الثاني يكون المراد الحجر الذي يفرش على
القبر واللبن التي تنضد على اللحد ، ويقال : جرن جرونا تعود الامر ومرن ، وما
في قوله " غير ما متعصب " زائدة ، وقوله طرا أي جميعا .
10 - يج : روي أن الباقر عليه السلام دعا للكميت لما أراد أعداء آل محمد
أخذه وإهلاكه ، وكان متواريا ، فخرج في ظلمة الليل هاربا ، وقد أقعدوا على كل
طريق جماعة ، ليأخذوه إذا ما خرج في خفية ، فلما وصل الكميت إلى الفضاء
وأراد أن يسلك طريقا ، فجاء أسد منعه من أن يسري منها ، فسلك جانبا إخر فمنعه
* ( هامش ) * وقصيدته الرائية مشهورة أخرجها أو بعضها كل من أبي جعفر الطبرى في بشارة المصطفى ص 343
والقاضى نور الله في مجالسه ج 2 ص 506 وصاحب الروضات ص 29 والطبرسى في اعلام الورى
ص 279 وابن شهر آشوب في المناقب ج 3 371 والشيخ المفيد في الفصول المختارة
ص 94 طبع النجف الطبعة الاولى .
وأشار إلى القصيدة الكشى في رجاله ص 186 وابن حجر في لسان الميزان ج 1 ص 436
والمسعودى في مروج الذهب ج 2 ص 102 طبع مصر سنة 1346 وأبوالفرج في الاغانى
ج 7 ص 231 ، وغيرهم .
أما قصيدته البائية فقد ذكرها المرزبانى في أخبار السيد ص 43 وذكر بعضها الاربلى
في كشف الغمة ج 3 ص 450 والطبرسى في اعلام الورى ص 279 وابن شهر آشوب في
المناقب ج 3 ص 371 وأبوجعفر الطبرى في بشارة المصطفى ص 343 وأخرجها عن بعضهم
السيد الامين في الاعيان ج 12 ص 157 والشيخ الامينى في الغدير ج 2 ص 246 .
( 1 ) الارشاد ص 303 .
( 2 ) القاموس ج 1 ص 234 .
[320]
منه أيضا ، وكأنه أشار إلى الكميت أن يسلك خلفه ، ومضى الاسد في جانب الكميت
إلى أن أمن وتخلص من الاعداء ، وكذلك كان حال السيد الحميري دعاله الصادق
عليه السلام لما هرب عن أبويه ، وقد حر شا السلطان عليه لنصبهما ، فدله سبع على
طريق ونجا منهما ( 1 ) .
11 - قب : داود الرقي بلغ السيد الحميري أنه ذكر عند الصادق عليه السلام
فقال : السيد كافر فأتاه وقال : يا سيدي أنا كافر مع شدة حبي لكم ومعاداتي
الناس فيكم ؟ قال : وما ينفعك ذاك وأنت كافر بحجة الدهر والزمان ، ثم أخذ
بيده وأدخله بيتا فإذا في البيت قبر فصلى ركعتين ، ثم ضرب بيده على القبر ، فصار
القبر قطعا ، فخرج شخص من قبره ينفض التراب عن رأسه ولحيته ، فقال له
الصادق عليه السلام : من أنت ؟ قال : أنا محمد بن علي المسمى بابن الحنفية ، فقال :
فمن أنا ؟ قال : جعفر بن محمد حجة الدهر والزمان : فخرج السيد يقول :
تجعفرت باسم الله فيمن تجعفرا ( 2 ) .
12 - قب : عثمان بن عمر الكواء في خبر أن السيد قال له : اخرج إلى باب
الدار تصادف غلاما نوبيا على بغلة شهباء معه حنوط وكفن يدفعها إليك ، قال :
فخرجت فاذا بالغلام الموصوف ، فلما رآني قال : يا عثمان إن سيدي جعفر بن
محمد يقول لك : ما آن أن ترجع عن كفرك وضلالك ، فان الله عزوجل اطلع
عليك فرآك للسيد خادما فانتجبك فخذ في جهازه ( 3 ) .
13 - قب : الاغاني قال عباد بن صهيب : كنت عند جعفر بن محمد فأتاه نعي
السيد ، فدعا له وترحم عليه ، فقال له رجل : يا ابن رسول الله وهو يشرب الخمر
ويؤمن بالرجعة ؟ ! فقال عليه السلام : حدثني أبي عن جدي أن محبي آل محمد لا
يموتون إلا تائبين ، وقد تاب ، ورفع مصلى كان تحته فأخرج كتابا من السيد
* ( هامش ) * ( 1 ) الخرائج والجرائح ص 264 .
( 2 ) المناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 370 .
( 3 ) نفس المصدر ج 3 ص 370 .
[321]
يعرفه أنه قد تاب ويسأله الدعاء .
وفي أخبار السيد أنه ناظر معه مؤمن الطاق في ابن الحنفية فغلبه عليه فقال :
تركت ابن خولة لاعن قلى * وإني لكالكلف الوامق
وإني له حافظ في المغيب * أدين بما دان في الصادق
هو الحبر حبر بني هاشم * ونور من الملك الرازق
به ينعش الله جمع العباد * ويجري البلاغة في الناطق
أتاني برهانه معلنا * فدنت ولم أك كالمائق
كمن صد بعد بيان الهدى * إلى حبتر وأبي حامق
فقال الطاقي : أحسنت الآن أتبت رشدك ، وبلغت أشدك ، وتبو أت من الخير
موضعا ، ومن الجنة مقعدا ( 1 ) .
بيان : يقال كلفت بهذا الامر أي اولعت به ، والوامق المحب ، والموق
حمق في غباوة يقال أحمق وامق ، والحبتر وأبوحامق كناية عن عمر وأبي بكر أو
كلاهما عن الاول ، وقد مر أن حبتر كثيرا ما يعبر به عن أبي بكر .
14 - قب : وأنشد فيه :
امدح أبا عبد الاله * فتى البرية في احتماله
سبط النبي محمد * حبل تفرع من حباله
تغشى العيون الناظرات * إذا سمون إلى جلاله
عذب الموارد بحره * يروي الخلائق من سجاله
بحر أطل على البحور * يمدهن ندى بلاله
سقت العباد يمينه * وسقى البلاد ندى شماله
يحكى السحاب يمينه * والودق يخرج من خلاله
الارض ميراث له * والناس طرا في عياله
يا حجة الله الجليل * وعينه وزعيم آله
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 3 ص 370 وأخرجها عنه في الغدير ج 2 ص 250 .
[322]
وابن الوصي المصطفى * وشبيه أحمد في كماله
أنت ابن بنت محمد * حذوا خلفت على مثاله
فضياء نورك نوره * وظلال روحك من ظلاله
فيك الخلاص من الردى * وبك الهداية من ضلاله
اثني ولست ببالغ * عشر الفريدة من خصاله ( 1 )
15 - كش : طاهر بن عيسى ، عن جعفر بن أحمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن
محمد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب قال : أنشد الكميت أبا عبدالله شعره :
أخلص الله في هواي فما * أغرق نزعا وما تطيش سهامي
فقال أبوعبدالله عليه السلام : لا تقل هكذا ولكن قل : قد أغرق نزعا وما تطيش
سهامي ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 3 ص 371 وأخرجها السيد الامين ج 12 ص 260
والشيخ الامينى في الغدير ج 2 ص 251 .
( 2 ) رجال الكشى ص 135 والبيت من قصيدته الميمة من الهاشميات وهى أولى قصائده
الهاشميات المطبوعة تبلغ 103 أبيات حسب مطبوعة ليدن باعتناء جوزيف هو رويتز الالمانى
سنة 1904 من ص 1 إلى ص 26 مشروحة بشرح أبى رياش أحمد بن ابراهيم القيسى ، وكذا
في مطبوعة مصر بشرح محمد شاكر الخياط النابلسى الازهرى وهى من ص 4 إلى ص 15 ، وقد
روى ان الكميت أنشد قصيدته هذه جملة من أئمة أهل البيت عليه السلام وساداتهم ، فقدروى البغدادى
في خزانة الادب ج 1 ص 69 أنه أنشدها الامام السجاد عليه السلام فلما أتى على آخرها دعا له الامام
السجاد بالمغفرة ووصله باربعمائة الف درهم ودفع اليه بعض اثوابه التى يلى جسده ودعاله
بالسعادة والشهادة والمثوبة حتى قال الكميت ما زلت أعرف بركة دعائه . وروى أبوالفرج
في الاغانى ج 15 ص 123 انه أنشدها الامام الباقر عليه السلام وقال الامام عليه السلام اللهم اغفر للكميت
كررها مرتين وفي الكشى ص 136 انه دعا له بالتأييد بروح القدس مادام يقول فيهم ، و
نحوه في مروج الذهب ج 2 ص 195 واعلام الورى ص 265 .
وروى الكشى في رجاله ص 135 أنه أنشدها الامام الصادق عليه السلام .
[323]
16 - كا : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن الوليد مثله ( 1 ) .
17 - كش : نصر بن صباح ، عن إسحاق بن محمد البصري ، عن محمد بن جمهور
العمي ، عن موسى بن بشار الوشاء ، عن داود بن النعمان قال : ادخلت الكميت فأنشده
وذكر نحوه ثم قال في آخره : إن الله عزوجل يحب معالي الامور ، ويكره
سفسافها ، فقال الكميت ، يا سيدي أسألك عن مسألة ، وكان متكئا فاستوى جالسا
وكسر في صدره وسادة ، ثم قال : سل فقال : أسألك عن الرجلين ؟ فقال : يا كميت
ابن زيد ما اهريق في الاسلام محجمة من دم ولا اكتسب مال من غير حله ، ولا نكح
فرج حرام إلا وذلك في أعناقهما إلى يوم القيامة ، حتى يقوم قائمنا ، ونحن معاشر
بني هاشم نأمر كبارنا وصغارنا بسبهما والبراءة منهما ( 2 ) .
بيان : قال الجوهري ( 3 ) السفساف الردئ من كل شئ ، والامر الحقير
وفي الحديث إن الله يحب معالي الامور ويكره سفسافها .
18 - كش : نصر بن صباح ، عن إسحاق بن محمد البصري ، عن جعفر بن محمد
الفضيل ، عن محمد بن علي الهمداني ، عن درست بن أبي منصور قال : كنت عند أبي
الحسن موسى عليه السلام وعنده الكميت بن زيد فقال للكميت : أنت الذى تقول :
فالآن صرت إلى أمية والامور إلى مصائر
قال : قد قلت ذلك ، فوالله ما رجعت عن إيماني ، وإني لكم لموال ، و
لعدوكم لقال ، ولكني قلته على التقية ، قال : أما لان قلت ذلك إن التقية
* ( هامش ) * وروى المسعودى في مروج الذهب ج 2 ص 195 انه أنشدها أيضا عبدالله بن الحسن
ابن على وقد أجازه بضيعة أعطى فيها أربعة آلاف دينار وكتب له بها وأشهد على ذلك فأبى
أخيرا قبلوها ورد الكتاب . وقد تقدم أيضا في أحوال الامام الباقر عليه السلام ما يتعلق
بالمقام فراجع ج 46 ص 338 .
( 1 ) الكافى ج 8 ص 215 .
( 2 ) رجال الكشى ص 135 .
( 3 ) الصحاح ج 4 ص 1375 طبع دارالكتاب العربى .
[324]
تجوز في شرب الخمر ( 1 ) .
19 - كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن الحسن ، عن العباس بن عامر القصباني
وجعفر بن محمد بن حكيم ، عن أبان بن عثمان ، عن عقبة بن بشير الاسدي ، عن كميت
ابن زيد الاسدي قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقال : والله يا كميت لو أن
عندنا مالا لاعطيناك منه ، ولكن لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لحسان : لا يزال معك
روح القدس ما ذببت عنا ( 2 ) .
20 - كش : حمدويه بن نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن حنان ، عن عبيد بن
زرارة ، عن أبيه قال : دخل الكميت بن زيد على أبي جعفر عليه السلام وأنا عنده فأنشده :
" من لقلب متيم مستهام " فلما فرغ منها ، قال للكميت : لا تزال مؤيدا بروح
القدس ما دمت تقول فينا ( 3 ) .
21 - كش : علي بن محمد بن قتيبة ، عن أبي محمد الفضل بن شاذان ، عن أبي
المسيح عبدالله بن مروان الجواني قال : كان عندنا رجل من عباد الله الصالحين ، و
كان راوية لشعر الكميت - يعني الهاشميات - وكان سمع ذلك منه ، وكان عالما
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 136 . والبيت من قصيدة قالها في بنى أمية وأولها :
قف بالديار وقوف زائر . . .
وفي رواية الكشى نظر من امتناع حضور الكيمت على أبى الحسن موسى عليه السلام
لان الكميت مات سنة 126 وذلك قبل ان يولد موسى بن جعفر عليه السلام بسنتين أو أكثر
ثم ان أبا الفرج الاصبهانى روى في الاغانى ج 15 ص 121 بسنده عن عبدالله بن الجارود
ابن أبى سبرة قال : دخلت الكميت بن زيد الاسدى على أبى جعفر محمد بن علي عليهما السلام
فقال له يا كميت أنت القائل :
فالان صرت إلى أمية والامور إلى مصائر ؟
قال نعم قد قلت ، ولا والله ما اردئت به الا الدنيا ، ولقد عرفت فضلكم ، قال أما ان
قلت ذلك . ان التقية لتحل .
( 2 ) رجال الكشى ص 136 .
( 3 ) نفس المصدر ص 136 .
[325]
بها ، فتركه خمسا وعشرين سنة لا يستحل روايته وإنشاده ، ثم عاد فيه فقيل له :
ألم تكن زهدت فيها وتركتها ؟ ! فقال : نعم ولكني رأيت رؤيا دعتني إلى العود فيه
فقيل له : وما رأيت ؟ قال : رأيت كأن القيامة قد قامت ، وكأنما أنا في المحشر
فدفعت إلي مجلة ، قال أبومحمد : فقلت لابي المسيح وما المجلة ؟ قال : الصحيفة
قال : نشرتها فاذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم أسماء من يدخل الجنة من محبي
علي بن أبيطالب عليه السلام قال : فنظرت في السطر الاول ، فاذا أسماء قوم لم
أعرفهم ، ونظرت في السطر الثاني فاذا هو كذلك ، ونظرت في السطر الثالث والرابع
فاذا فيه " والكميت بن زيد الاسدي " قال : فذلك دعاني إلى العود فيه ( 1 ) .
22 - كش : نصر بن الصباح ، عن إسحاق بن محمد البصري ، عن علي بن
إسماعيل ، عن فضيل الرسان قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام بعد ما قتل زيد بن
علي فادخلت بيتا جوف بيت فقال لي : يا فضيل قتل عمي زيد ؟ قلت : جعلت فداك
قال : رحمه الله أما إنه كان مؤمنا ، وكان عارفا ، وكان عالما ، وكان صدوقا
أما إنه لو ظفر لوفى أما إنه لو ملك لعرف كيف يضعها ، قلت : يا سيدي ألا انشدك
شعرا ؟ قال : أمهل ، ثم أمر بستور فسدلت ، وبأبواب ففتحت ، ثم قال : أنشد
فأنشدته :
لام عمرو باللوى مربع * طامسة أعلامه بلقع
لما وقفت العيس في رسمه * والعين من عرفانه تدمع
ذكرت من قد كنت أهوى به * فبث والقلب شجى موجع


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 325 سطر 19 الى ص 333 سطر 18

عجبت من قوم أتوا أحمدا * بخطة ليس لها مدفع
قالوا له لوشئت أخبرتنا * إلى من الغاية . المفزع
إذا توليت وفارقتنا * ومنهم في الملك من يطمع
فقال : لو أخبرتكم مفزعا * ما ذا عسيتم فيه أن تصنعوا ؟
صنيع أهل العجل إذ فارقوا * هارون فالترك له أو دع
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ص 136 .
[326]
فالناس يوم البعث راياتهم * خمس فمنها هالك أربع
قائدها العجل وفرعونها * وسامري الامة المفظع
ومجدع من دينه مارق * أجدع عبد لكع أو كع
وراية قائدها وجهه * كأنه الشمس إذا تطلع
قال : سمعت نحيبا من وراء الستر ، وقال : من قال هذا الشعر ؟ قلت :
السيد بن محمد الحميري فقال : رحمه الله ، فقلت : إني رأيته يشرب النبيذ فقال :
رحمه الله قلت : إني رأيته يشرب النبيذ الرستاق قال : تعني الخمر ؟ قلت : نعم
قال : رحمه الله ، وما ذلك على الله أن يغفر لمحب علي عليه السلام ( 1 ) .
توضيح : ام عمرو يعبر به عن مطلق الحبيبة ، واللوى كإلى ما التوى من
الرمل أو مسترقه ، والمربع منزل القوم في الربيع ، والطموس الدروس والانمحاء
والبلقع الارض القفر الذي لا شئ بها ، والعيس مفعول لقوله وقفت وهو بالكسر
الابل البيض يخالط بياضها شئ من الشقرة ، والشجوالهم والحزن ، قوله : فالترك
له أودع أي إن كنتم تصنعون مثل صنيعهم فالترك لهذا السؤال أودع لكم ، من
الدعة بمعنى الراحة والخفض .
وقوله وسامري الامة إشارة إلى عثمان أو إلى عمر ، إما بأن يكون عطف
تفسير لقوله فرعونها ، أو بأن يكون فرعونها إشارة إلى عثمان وعلى الاول يكون
المجدع عبارة عن عثمان ، والاجدع إلى معاوية ، لكن الاظهر أن تمام البيت
وصف لمعاوية .
وقال الفيروزآبادي ( 2 ) الجدع قطع الانف أو الاذن أو اليد أو الشفة ، فهو
أجدع ، والاجدع الشيطان ، وحمار مجدع كمعظم مقطوع الاذنين ، وجادع
مجادعة وجداعا شاتم كتجادع ، وقال : ( 3 ) اللكع كصرد اللئيم والعبد
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ص 184 .
( 2 ) القاموس ج 3 ص 11 باقتباس .
( 3 ) القاموس ج 3 ص 82 .
[327]
والاحمق ، وقال : ( 1 ) وكع ككرم لؤم ، وصلب واشتد ، وفلان وكيع لكيع
ووكوع لكوع لئيم .
23 - كش : نصر بن الصباح ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي نجرام ، عن ابن
بكير ، عن محمد بن النعمان ، قال : دخلت على السيد بن محمد وهو لما به قد اسود وجهه
وزرق عيناه ، وعطش كبده ، وهو يومئذ يقول بمحمد ابن الحنفية ، وهو من حشمه
وكان ممن يشرب المسكر ، فجئت ، وكان قد قدم أبو عبدالله عليه السلام الكوفة ، لانه
كان انصرف من عند أبي جعفر المنصور ، فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقلت : جعلت
فداك إني فارقت السيد بن محمد الحميري لما به قد اسود وجهه ، وازرقت عيناه ، و
عطش كبده ، وسلب الكلام ، فانه كان يشرب المسكر ، فقال أبوعبدالله عليه السلام :
أسرجوا حماري ، فأسرج له ، وركب ومضى ، ومضيت معه ، حتى دخلنا على
السيد ، وإن جماعة محدقون به ، فقعد أبوعبدالله عليه السلام عند رأسه وقال : يا سيد
ففتح عينه ينظر إلى أبي عبدالله عليه السلام ، ولا يمكنه الكلام وقد اسود ، فجعل يبكى
وعينه إلى أبي عبدالله عليه السلام ولا يمكنه الكلام ، وإنا لنتبين منه أنه يريد الكلام
ولا يمكنه .
فرأينا أبا عبدالله عليه السلام حرك شفتيه ، فنطق السيد فقال : جعلني الله فداك
أبأوليائك يفعل هذا ؟ ! فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا سيد قل بالحق يكشف الله ما بك
ويرحمك ، ويدخلك جنته التي وعد أولياءه .
فقال في ذلك " تجعفرت بسم الله والله أكبر " ، فلم يبرح أبوعبدالله عليه السلام حتى
قعد السيد على استه .
وروي أن أبا عبدالله عليه السلام لقي السيد بن محمد الحميري قال : سمتك امك
سيدا ، ووفقت في ذلك ، وأنت سيد الشعراء ، ثم أنشد السيد في ذلك :
ولقد عجبت لقائل لي مرة * علامة فهم من الفقهاء
سماك قومك سيدا صدقوا به * أنت الموفق سيد الشعراء
* ( هامش ) * ( 1 ) القاموس ج 3 ص 97 باقتباس .
[328]
ما أنت حين تخص آل محمد * بالمدح منك وشاعر بسواء
مدح الملوك ذوي الغنى لعطائهم * والمدح منك لهم بغير عطاء
فابشر فانك فائز في حبهم * لو قد وردت عليهم بجزاء
ما يعدل الدنيا جميعا كلها * من حوض أحمد شربة من ماء ( 1 )
اقول وجدت في بعض تأليفات أصحابنا أنه روى باسناده عن سهل بن ذبيان
قال : دخلت على الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام في بعض الايام ، قبل أن يدخل
عليه أحد من الناس ، فقال لي : مرحبا بك يا ابن ذبيان ، الساعة أراد رسولنا أن
يأتيك لتحضر عندنا ، فقلت : لمذا يا ابن رسول الله ؟ فقال : لمنام رأيته البارحة ، و
قد أزعجني وأرقني ، فقلت : خيرا يكون إن شاء الله تعالى فقال : يا ابن ذبيان
رأيت كأني قد نصب لي سلم فيه مائة مرقاة ، فصعدت إلى أعلاه ، فقلت : يا مولاي
اهنيك بطول العمر ، وربما تعيش مائة سنة لكل مرقاة سنة ، فقال لي عليه السلام : ما شاء
الله كان .
ثم قال : يا ابن ذبيان ، فلما صعدت إلى أعلى السلم رأيت كأني دخلت
في قبة خضراء يرى ظاهرها من باطنها ، ورأيت جدي رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم جالسا فيها ، وإلى يمينه وشماله غلامان حسنان ، يشرق النور من
وجوههما ، ورأيت امرأة بهية الخلقة ، رأيت بين يديه شخصا بهي الخلقة جالسا
عنده ورأيت رجلا واقفا بين يديه وهو يقرأ هذه القصيدة : " لام عمرو باللوى
مربع " .
فلما رآني النبي صلى الله عليه وآله قال لي : مربحا بك ويا ولدي يا علي بن موسى الرضا
سلم على أبيك علي ، فسلمت عليه ، ثم قال لي : سلم على أمك فاطمة الزهراء
فسلمت عليها ، فقال لي : وسلم على أبويك الحسن والحسين فسلمت عليهما ، ثم
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 135 وروى الحديث عنه أبوعلى في منتهى المقال ص 58 و
المامقانى في رجاله ج 1 ص 143 واشار اليه الخونسارى في الروضات ص 31 وأخرج
الابيات الامين في اعيان الشيعة ج 12 ص 213 .
[329]
قال لي : وسلم على شاعرنا وما دحنا في دار الدنيا السيد إسماعيل الحميري ، فسلمت
عليه ، وجلست فالتفت ابني إلى السيد إسماعيل فقال له : عد إلى ما كناية فيه من
إنشاد القصيدة ، فأنشد يقول :
لام عمرو باللوى مربع * طامسة أعلامه بلقع
فبكى النبي صلى الله عليه وآله فلما بلغ إلى قوله : " ووجهه كالشمس إذ تطلع " بكى
النبي صلى الله عليه وآله وفاطمة عليها السلام معه ومن معه ، ولما بلغ إلى قوله :
قالوا له لو شئت أعلمتنا * إلى من الغاية والمفزع
ورفع النبي صلى الله عليه وآله يديه وقال : إلهي أنت الشاهد علي وعليهم أني أعلمتهم
أن الغاية والمفزع علي بن أبي طالب ، وأشار بيده إليه ، وهو جالس بين يديه
صلوات الله عليه .
قال علي بن موسى الرضا عليه السلام : فلما فرغ السيد إسماعيل الحميري من
إنشاد القصيدة التفت النبي صلى الله عليه وآله إلي وقال لي : يا علي بن موسى احفظ هذه
القصيدة ، ومر شيعتنا بحفظها ، وأعلمهم أن من حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له
الجنة على الله تعالى ، قال الرضا عليه السلام : ولم يزل يكررها علي حتى حفظتها
منه ، والقصيدة هذه ( 1 ) :
لام عمرو باللوى مربع * طامسة أعلامه بلقع
تروح عنه الطير وحشية * والاسد من خيفته تفزع
برسم دار ما بها مونس * إلا صلال في الثرى وقع
* ( هامش ) * ( 1 ) نقل القاضى نور الله في مجالسه ج 2 ص 508 عن رجال الكشى حديث سهل بن
ذبيان وقصة المنام ولم نقف عليه في المطبوع منه ، كما أن أبا على في رجاله ص 59 والمامقانى
في رجاله ج 1 ص 143 نقلا عن العيون لشيخنا الصدوق قصة المنام ، وذكر شيخنا الامينى
في الغدير ج 2 ص 223 خلو نسخ العيون الخطوطة والمطبوعة من ذلك . ونقل عن جماعة
ذكروا المنام في مؤلفاتهم فراجع .
[330]
رقش يخاف الموت نفثاتها * والسم في أنيابها منقع
لما وقفن العيس في رسمها * والعين من عرفانه تدمع
ذكرت من قد كنت ألهو به * فبت والقلب شج موجع
كأن بالنار لما شفني * من حب أروى كبدي تلذع
عجبت من قوم أتوا أحمدا * بخطة ليس لها موضع
قالوا له : لو شئت أعلمتنا * إلى من الغاية والمفزع
إذا توفيت وفارقتنا * وفيهم في الملك من يطمع
فقال : لو أعلمتكم مفزعا * كنتم عسيتم فيه أن تصنعوا
صنيع أهل العجل إذ فارقوا * هارون فالترك له أودع
وفي الذي قال بيان لمن * كان إذا يعقل أو يسمع
ثم أتته بعد ذا عزمة * من ربه ليس لها مدفع
أبلغ وإلا لم تكن مبلغا * والله منهم عاصم يمنع
فعندها قام النبي الذي * كان بما يأمره يصدع
يخطب مأمورا وفي كفه * كف علي ظاهرا تلمع
رافعها أكرم بكف الذي * يرفع والكف الذي يرفع
يقول والاملاك من حوله * والله فيهم شاهد يسمع
من كنت مولاه فهذا له * مولى فلم يرضوا ولم يقنعوا
فاتهموه وحنت منهم * على خلاف الصادق الاضلع
وضل قوم غاظهم فعله * كأنما آنافهم تجدع
حتى إذا واروه في قبره * وانصرفوا عن دفنه ضيعوا
ما قال بالامس وأوصى به * واشتروا الضر بما ينفع
وقطعوا أرحامه بعده * فسوف يجزون بما قطعوا
وأزمعوا غدرا بمولاهم * تبا لما كان به أزمعوا
لاهم عليه يردوا حوضه * غدا ولا هو فيهم يشفع
[331]
حوض له ما بين صنعا إلى * أيلة ( 1 ) والعرض به أوسع
ينصب فيه علم للهدى * والحوض من ماء له مترع
يفيض من رحمته كوثر * أبيض كالفضة أو أنصع
حصاه ياقوت ومرجانة * ولؤلؤ لم تجنه إصبع
بطحاؤه مسك وحافاته * يهتز منها مونق مربع
أخضر ما دون الورى ناضر * وفاقع أصفر أو أنصع
فيه أباريق وقد حانه * يذب عنها الرجل الاصلع
يذب عنها ابن أبي طالب * ذبا كجربا إبل شرع
والعطر والريحان أنواعه * زاك وقد هبت به زعزع
ريح من الجنة مأمورة * ذا هبة ليس لها مرجع
إذا دنوا منه لكي يشربوا * قيل لهم : تبا لكم فارجعوا
دونكم فالتمسوا منهلا * يرويكم أو مطعما يشبع
هذا لمن والى بني أحمد * ولم يكن غيرهم يتبع
فالفوز للشارب من حوضه * والويل والذل لمن يمنع
والناس يوم الحشر راياتهم * خمس فمنها هالك أربع
فراية العجل وفرعونها * وسامرى الامة المشنع
وراية يقدمها أدلم * عبد لئيم لكع أكوع
وراية يقدمها حبتر * للزور والبهتان قد أبدعوا
وراية يقدمها نعثل * لا برد الله له مضجع ( 2 )
أربعة في سقر اودعوا * ليس لها من قعرها مطلع
وراية يقدمها حيدر * ووجهه كالشمس إذ تطلع
* ( هامش ) * ( 1 ) أيلة : بالفتح مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلى الشام قيل هى آخر الحجاز
وأول الشام .
( 2 ) كذا .
[332]
غدا يلاقي المصطفى حيدر * وراية الحمد له ترفع
مولى له الجنة مأمورة * والنار من إجلاله تفزع
إمام صدق وله شيعة * يرووا من الحوض ولم يمنعوا
بذاك جاء الوحي من ربنا * يا شيعة الحق فلا تجزعوا
الحميري ما دحكم لم يزل * ولن يقطع إصبع إصبع
وبعدها صلوا على المصطفى * وصنوه حيدرة الاصلع ( 1 )
24 - كتاب مقتضب الاثر : لابن عياش ، عن عبدالله بن محمد المسعودي ، عن
الحسن بن محمد الوهبي ، عن علي بن قادم ، عن عيسى بن داب قال : لما حمل
أبوعبدالله جعفر بن محمد عليه السلام على سريره واخرج إلى البقيع ليدفن ، قال
أبوهريرة ( 2 ) :
* ( هامش ) * ( 1 ) قد شرح هذه القصيدة جملة من الاعلام في القرون الاربعة المتأخرة ، وقفنا على
ذكرهم في الذريعة ج 14 ص 9 - 11 لشيخنا الرازى دام ظله والغدير ج 2 ص 224 لشيخنا
الامينى سلمه الله فمن شاء المزيد فليراجع .
( 2 ) هو أبوهريرة الابار من شعراء أهل البيت المتقين ذكره ابن شهر آشوب في
المعالم ص 140 طبع ايران وذكره المرحوم السماوى والسيد الامين في الطليعة واعيان
الشيعة ج 7 ص 260 وصفه السماوى بالعجلى أيضا وقال : كان راوية شاعرا ناسكا لقى الباقر
والصادق عليهما لاسلام وكان يسكن البصرة ، والذى يظهر من صاحب المعالم تعدد الابار
والعجلى ، وقد اورد ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 341 في مدح الباقر عليه السلام
لابى هريرة قوله :
أبا جعفر انت الامام احبه * وأرضى الذي يرضى به واتابع
اتانا رجال يحملون عليكم * احاديث قد ضاقت بهن الاضالع
وفي المناقب أيضا ج 3 ص 356 قرأت في بعض التواريخ لما اتى كتاب ابى مسلم
الخراسانى إلى الصادق عليه السلام بالليل قرأه ثم وضعه على المصباح فحرقه فقال الرسول - وظن
ان حرقه له تغطية وستر اوصيانة للامر - هل من جواب قال : الجواب ما قد رايت ، فقال
ابو هريرة الابار صاحب الصادق عليه السلام :
[333]
أقول وقد راحوا به يحملونه * على كاهل من حامليه وعاتق
أتدرون ماذا تحلمون إلى الثرى * ثبيرا ثوى من رأس عليآء شاهق
غداة حثا الحاثون فوق ضريحة * ترابا وأولى كان فوق المفارق
أيا صادق بن الصادقين ألية ( 1 ) * بآبائك الاطهار حلفة صادق
لحقا بكم ذو العرش أقسم في الورى * فقال تعالى الله رب المشارق
نجوم هي اثنا عشرة كن سبقا * إلى الله في علم من الله سابق ( 2 )
* ( هامش ) * ولما دعا الداعون مولاى لم يكن * ليثنى اليهم عزمه بصواب
ولما دعوه بالكتاب اجابهم * بحرق الكتاب دون رد جواب
وما كان مولائى كمشرى ضلالة * ولا ملبسا منها الردى بصواب
ولكنه لله في الارض حجة * دليل إلى خير وحسن مآب اه .
واذا صح اتحاد الابار مع العجلى كما ذكره العلامة السماوى " ره " فهو من شعراء
اهل البيت المجاهرين . وقد ذكره ابن شهر آشوب في معالم العلماء ص 136 فيهم وقال :
قال ابوبصير قال ابو عبدالله عليه السلام من ينشدنا شعر ابى هريرة ؟ قلت : جعلت فداك انه كان
يشرب فقال : رحمه الله وما ذنب يغفره الله لولا بغض على اه .
وورد في الخلاصة ابوهريرة البزاز قال العقيقى : ترحم عليه ابوعبدالله عليه السلام وقيل له
انه كان يشرب النبيذ فقال : أيعز على الله ان يغفر لمحب على شرب النبيذ والخمر اه
فيحتمل ان يكون هو العجلى واذا تم فيكون الجميع واحدا .
( 1 ) الالية القسم وجمعها ألايا .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 333 سطر 19 الى ص 341 سطر 18

( 2 ) مقتضب الاثر ص 54 وأخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 3 ص 398 وعنهما
السيد الامين في الاعيان ج 7 ص 261 .
[334]
* ( باب 11 ) *
* ( ( أحوال أصحابه واهل زمانه صلوات الله عليه ) ) *
* ( وماجرى بينه وبينهم ) ) * 1 - ج : سعيد بن أبي الخصيب قال : دخلت أنا وابن أبي ليلى المدينة فبينا
نحن في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله إذ دخل جعفر بن محمد عليه السلام ، فقمنا إليه فسألني عن
نفسي وأهلي ، ثم قال : من هذا معك ؟ فقلت : ابن أبي ليلى قاضي المسلمين ، فقال :
نعم ، ثم قال له : تأخذ مالهذا فتعطيه هذا ؟ وتفرق بين المرء وزوجه ، لا تخاف
في هذا أحدا ؟ قال : نعم ، قال : بأي شئ تقضي ؟ قال : بما بلغني عن رسول الله
صلى الله عليه وآله وعن أبي بكر وعمر ، قال : فبلغك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال :
أقضاكم علي ؟ قال : نعم ، قال : فكيف تقضي بغير قضاء علي عليه السلام وقد بلغك هذا ! ؟ قال :
فاصفر وجه ابن أبي ليلى ، ثم قال : التمس زميلا لنفسك ، والله لا اكلمك من
رأسي كلمة أبدا ( 1 ) .
2 - ج . الكليني ، عن إسحاق بن يعقوب قال : ورد التوقيع على يد محمد بن
عثمان العمري : وأما أبوالخطاب محمد بن أبي زينبة الاجدع ملعون ، وأصحابه
ملعونون ، فلا تجالس أهل مقالتهم ، فاني منهم برئ ، وآبابي منهم برءاء
الخبر ( 2 ) .
3 - ب : محمد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : قال : إذ سرك أن تنظر إلى خيارفي الدنيا ، خيار في الآخرة ، فانظر إلى
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحتجاج ص 193 .
( 2 ) نفس المصدر ص 263 - 264 .
[335]
هذا الشيخ يعني عيسى بن أبي منصور ( 1 ) .
4 - ختص : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن موسى بن طلحة
عن بعض الكوفيين رفعه قال : كنت بمنى إذ أقبل عمران بن عبدالله القمي ومعه
مضارب للرجال والنساء ، وفيها كنف ، وضربها في مضرب أبي عبدالله عليه السلام إذ
أقبل أبوعبدالله عليه السلام ومعه نسآؤه فقال : مما هذا ؟ فقلت : جعلت فداك هذه مضارب
ضربها لك عمران بن عبدالله القمي : فنزل بها ثم قال : يا غلام ! عمران بن
عبدالله قال : فأقبل فقال : جعلت فداك هذه المضارب التي أمرتني أن أعملها لك
فقال : بكم ارتفعت ؟ فقال له : جعلت فداك إن الكرابيس من صنعتي ، وعملتها
لك ، فأنا احب جعلت فداك أن تقبلها مني هدية ، وقد ردتت المال الذي أعطيتنيه
قال : فقبض أبوعبدالله عليه السلام على يده ثم قال : أسأل الله تعالى أن يصلي على محمد
وآل محمد وأن يظلك يوم لا ظل إلا ظله ( 2 ) .
5 - كش : ابن قولويه ، عن سعد ، عن ابن عيسى مثله ( 3 ) .
بيان : الكنف بالضم جمع الكنيف .
6 - ختص : ابن قولويه ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن علي بن محمد ، عن
الحسين بن عبدالله ، عن عبدالله بن علي ، عن أحمد بن حمزة بن عمران القمي ، عن
حماد الناب قال : كنا عند أبي عبدالله عليه السلام بمنى ونحن جماعة إذ دخل
عليه عمران بن عبدالله القمي فسأله ، وبره ، وبشه ( 4 ) فلما أن قام ، قلت لابي
عبدالله عليه السلام : من هذا الذي بررته هذا البر ؟ فقال : هذا من أهل البيت النجباء
ما أراد بهم جبار من الجبابرة إلا قصمه الله ( 5 )
* ( هامش ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 12 .
( 2 ) الاختصاص ص 68 - 69 .
( 3 ) رجال الكشى ص 213 .
( 4 ) بشه : أى ابتش به بأن سر وفرح به واقبل عليه بطلاقة وجه .
( 5 ) الاختصاص ص 69 واخرجه الكشى في رجاله ص 214 .
[336]
7 - وبهذا الاسناد ، عن أحمد بن حمزة ، عن مرزبان بن عمران ، عن أبان
ابن عثمان ، قال : دخل عمران بن عبدالله فقربه أبوعبدالله عليه السلام فقال : كيف أنت ؟
وكيف ولدك ؟ وكيف أهلك ؟ وكيف بنو عمك ؟ وكيف أهل بيتك ؟ ثم حدثه
مليا ، فلما خرج قيل لابي عبدالله عليه السلام : من هذا ؟ قال : نجيب قوم نجباء ، ما نصب
لهم جبار إلا قصمه الله ( 1 ) .
8 - ب : ابن سعد ، عن الازدي قال : خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبدالله
فلحقنا أبوبصير خارجا من زقاق من أزقة المدينة ، وهو جنب ونحن لا علم لنا ، حتى
دخلنا على أبي عبدالله فسلمنا عليه فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال له : يا أبا بصير أما
تعلم أنه لا ينبغي للجنب أن يدخل بيوت الانبياء ، فرجع أبوبصير ودخلنا ( 2 ) .
9 - ير : أبوطالب عن الازدي مثله ( 3 ) .
10 - ب : السندي بن محمد ، عن صفوان الجمال قال قلت لابي عبدالله عليه السلام :
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ثم قلت له : أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله
كان حجة الله على خلقه ، ثم كان أمير المؤمنين صلى الله عليه وكان حجة الله على
خلقه ، فقال : رحمك الله ثم كان الحسن بن علي صلى الله عليه وكان حجة الله على
خلقه ، فقال : رحمك الله ثم كان الحسين بن علي صلى الله عليه وكان حجة الله على
خلقه ، فقال : رحمك الله ثم كان علي بن الحسين عليه السلام وكان حجة الله على
خلقه وكان محمد بن علي وكان حجة الله على خلقه وأنت حجة الله عليه خلقه فقال :
رحمك الله ( 4 ) .
11 - ب : محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيسى شلقان ، عن
موسى بن جعفر عليه السلام قال : إن أبا الخطاب ممن اعير الايمان ثم سلبه الله
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 69 .
( 2 ) قرب الاسناد ص 30 .
( 3 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65 .
( 4 ) قرب الاسناد ص 42 .
[337]
الخبر ( 1 ) .
12 - ما المفيد ، عن المظفر بن أحمد البلخي ، عن محمد بن همام الاسكافي
عن أحمد بن ما بنداد بن منصور ، عن الحسن بن علي الخزاز ، عن علي بن عقبة
عن سالم بن أبي حفصة قال : لما هلك أبوجعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قلت
لاصحابي : انتظروني حتى أدخل على أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام فاعزيه به
فدخلت عليه فعزيته ثم قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب والله من كان يقول :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلا يسأل عن من بينه وبين رسول الله ، لا والله لا يرى مثله أبدا
قال : فسكت أبوعبدالله عليه السلام ساعة ، ثم قال : قال الله تعالى : إن من عبادي
من يتصدق بشق تمرة فاربيها له كما يربي أحدكم فلوه حتى أجعلها له مثل
جبل احد ، فخرجت إلى أصحابي فقلت : ما رأيت أعجب من هذا ، كنا نستعظم قول
أبي جعفر عليه السلام : " قال رسول الله صلى الله عليه وآله " بلا واسطة ، فقال لي أبوعبدالله عليه السلام :
" قال الله تعالى " بلا واسطة ( 2 ) .
13 - ما : أبوعمرو عبدالواحد بن محمد ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى
قال : سمعت أبا عنان يقول : ما رأيت في جعفى أفضل من مسعود بن سعد ، وهو أبوسعد
الجعفي ( 3 ) .
14 - ع : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن محمد بن عيس ، عن
الهيثم ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الوليد بن صبيح قال : جاء
رجل إلى أبي عبدالله عليه السلام يدعي على المعلى بن خنيس دينا عليه قال : فقال : ذهب
بحقي ، فقال : ذهب بحقك الذي قتله ، ثم قال للوليد : قم إلى الرجل فاقضه
من حقه فاني اريد أن أبرد عليه جلده ، وإن كان باردا ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 193 وفيه تمام الخبر .
( 2 ) امالى الطوسى ص 87 .
( 3 ) نفس المصدر ص 171 .
( 4 ) علل الشرائع ص 528 .
[338]
15 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير مثله ( 1 ) .
16 - مع : أبي ، عن محمد العطار ، عن سهل ، عن علي بن سليمان عن زياد
القندي ، عن عبدالله بن سنان ، عن ذريح المحاربي قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام
إن الله أمرني في كتابه بأمر فاحب أن أعلمه قال : وما ذاك ؟ قلت : قول الله عز
وجل " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم " ( 2 ) قال : ليقضوا تفثهم لقاء الامام
وليوفوا نذورهم تلك المناسك ، قال عبدالله بن سنان : فأتيت أبا عبدالله عليه السلام فقلت :
جعلني الله فداك قول الله عزوجل " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم " قال : أخذ
الشارب وقص الاظفار وما أشبه ذلك ، قال : قلت : جعلت فداك فان ذريحا المحاربي
حدثني عنك أنك قلت له : " ثم ليقضوا تفثهم " : لقاء الامام " وليوفوا نذورهم " :
تلك المناسك فقال : صدق ذريح وصدقت إن للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل
ما يحتمل ذريح ( 3 ) .
17 - مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن
بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قيل له : إن أبا الخطاب يذكر عنك أنك
قلت له : إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت فقال : لعن الله أبا الخطاب والله ما قلت له
هكذا ( 4 ) .
18 - ك : الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن اليقطيني ، عن إبراهيم بن
محمد الهمداني رضي الله عنه قال : قلت للرضا عليه السلام : يا ابن رسول الله أخبرني عن زرارة
هل كان يعرف حق أبيك عليه السلام ؟ فقال : نعم ، فقلت له : فلم بعث ابنه عبيدا ليتعرف
الخبر : إلى من أوصى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ؟ فقال : إن زرارة كان يعرف أمر
أبي عليه السلام ونصر أبيه عليه ، وإنما بعث ابنه ليعرف من أبي عليه السلام هل يجوز
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 5 ص 94 .
( 2 ) سورة الحج الاية : 29 .
( 3 ) معانى الاخبار ص 340 .
( 4 ) نفس المصدر 388 بزيادة في آخره .
[339]
أن يرفع التقية في إظهار أمره ونص أبيه عليه ، وإنه لما أبطا عنه ابنه طولب باظهار
قوله في أبي عليه السلام فلم يحب أن يقدم على ذلك دون أمره فرفع المصحف وقال : اللهم
إن إمامي من أثبت هذا المصحف إمامته من ولد جعفر بن محمد عليهما السلام ( 1 ) .
19 - ك : أبي ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن أحمد بن هلال ، عن
محمد بن عبيدالله بن زرارة ، عن أبيه قال : لما بعث زرارة عبيدا ابنه إلى المدينة ليسأل
عن الخبر بعد مضي أبي عبدالله عليه السلام ، فلما اشتد به الامر أخذ المصحف وقال :
من أثبت إمامته هذا المصحف فهو إمامي .
قال الصدوق - ره : هذا الخبر لا يوجب أنه لم يعرف ، على أن راوي هذا
الخبر أحمد بن هلال وهو مجروع عند مشايخنا رضي الله عنهم ( 2 ) .
حدثنا شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال : سمعت
سعد بن عبدالله يقول : ما رأينا ولا سمعنا بمتشيع رجع عن التشيع إلى النصب إلا
أحمد بن هلال ، وكانوا يقولون : إن ما تفرد بروايته أحمد بن هلال فلا يجوز
استعماله ( 3 ) .
20 - ك : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن منصور
ابن العباس ، عن مروك بن عبيد ، عن درست ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : ذكر
بين يديه زرارة بن أعين فقال : والله إني سأستوهبه من ربي يوم القيامة فيهبه لي
ويحك إن زرارة بن أعين أبغض عدونا في الله ، وكحب ولينا في الله ( 4 ) .
21 - شى : عن ابن أبي عمير ، قال : وجه زرارة ابنه عبيدا إلى المدينة
يستخبر له خبر أبي الحسن وعبدالله فمات قبل أن يرجع إليه ابنه ، قال محمد بن
أبي عمير : حدثني محمد بن حكيم قال : قلت لابي الحسن الاول فذكرت له
زرارة وتوجيه ابنه عبيدا إلى المدينة فقال أبوالحسن : إني لارجو أن يكون زرارة
ممن قال الله " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد
* ( هامش ) * ( 1 و 2 ) كمال الدين وتمام النعمة ج 1 ص 165 .
( 3 و 4 ) نفس المصدر ج 1 ص 166 .
[340]
وقع أجره على الله " ( 1 ) .
22 - ختص : أبوغالب الزراري ، عن محمد بن سعيد الكوفي ، عن محمد
ابن فضل بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النعمان بن عمرو الجعفي ، عن محمد بن
إسماعيل بن عبدالرحمان الجعفي قال : دخلت أنا وعمي الحصين بن عبدالرحمان
على أبي عبدالله صلى الله عليه فأدناه وقال : من هذا معك ؟ قال : ابن أخي إسماعيل
فقال : رحم الله إسماعيل وتجاوز عنه سيئ عمله كيف خلفتموه ؟ قال : بخير مكا أبقى
الله لنا مودتكم فقال : يا حصين لا تستصغروا مودتنا فانها من الباقيات الصالحات قال :
يا ابن رسول الله ما استصغرتها ولكن أحمد الله عليها ( 2 ) .
23 - ك : أبي وابن الوليد معا ، عن أحمد بن إدريس ، ومحمد العطار معا
عن الاشعري ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن الفضل بن عبدالملك ، عن أبي
عبدالله عليه السلام إنه قال : أربعة أحب الناس إلي أحياءا وأمواتا : بريد العجلي ، و
زرارة بن أعين ، ومحمد بن مسلم ، والاحول أحب الناس أحياءا وأمواتا ( 3 ) .
24 - غط : الغضائري ، عن البزوفري ، عن أحمد بن إدريس ، عن ابن
عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن أحمد ، عن أسد
ابن أبي العلا ، عن هشام بن أحمر قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام وأنا اريد أن
أسأله عن المفضل بن عمر ، وهو في ضيعة له في يوم شديد الحر والعرق يسيل
على صدره فابتدأني فقال : نعم والله الذي لا إله إلا هو الرجل المفضل بن عمر ، نعم
والله الذي لا إله إلا هو الرجل المفضل بن عمر الجعفي ، حتى أحصيت بضعا و
ثلاثين مرة ، يقولها ويكررها ، وقال : إنما هو والد بعد والد ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة النساء ، الاية : 100 والحديث في تفسير العياشى ج 1 ص 270 واخرجه
الطبرسى في المجمع ج 3 ص 100 .
( 2 ) الاختصاص ص 85 .
( 3 ) كمال الدين ج 1 ص 166 .
( 4 ) غيبة الشيخ الطوسى ص 223 .
[341]
25 - ير : محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم ، عن
خالد بن نجيح الجواز ( 1 ) قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام وعنده خلق فقنعت
رأسي وجلست في ناحية وقلت في نفسي : ويحكم ما أغفلكم ؟ ! عند من تكلمون ، عند
رب العالمين ؟ قال : فناداني ويحك يا خالد إني والله عبد مخلوق ، لي رب أعبده
إن لم أعبده والله عذبني بالنار ، فقلت : لا والله لا أقول فيك أبدا إلا قولك في
نفسك ( 2 ) .
26 - سن : الحسن بن علي بن يقطين ، عن أبيه ، عن جميل ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : من مات بين الحرمين بعثه الله في الآمنين يوم القيامة ، أما إن
عبدالرحمن بن حجاج وأبا عبيدة منهم ( 3 ) .
27 - ير : علي بن حسان ، عن موسى بن بكر ، عن حمران ، عن أبي جعفر
عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أهل بيتي إثنا عشر محدثا ، فقال له
عبدالله بن زد - كان أخو علي لامه - سبحان الله كان محدثا ؟ - كالمنكر لذلك - فأقبل
عليه أبوجعفر فقال : أما والله إن ابن أمك بعد ، فد كان يعرف ذلك قال : فلما
قال ذلك سكت الرجل فقال أبوجعفر عليه السلام : هي التي هلك فيها أبوالخطاب لم يدر
تأويل المحدث والنبي ( 4 ) .
بيان : لا يخفى غرابة هذا الخبر إذ لم ينقل أن أبا الخطاب أدرك الباقر عليه السلام
ولو كان أدركه فلا شك أن هذا المذهب الفاسد إنما ظهر منه في أواسط زمن الصادق
* ( هامش ) * ( 1 ) ورد ضبطه في رجال ابن داود ص 139 بالجيم والنون بياع الجون وكذلك في


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 341 سطر 19 الى ص 349 سطر 18

أيضاح الاشتباه ص 35 وفي الكشى في ترجمة المفضل بن عمر ص 209 في طريق رواية
خالد الجوان ، وفي النجاشى ص 109 أيضا الجوان وحكى عن خط العلامة في الخلاصة
مضبوطا الجوان .
( 2 ) بصائر الدرجات ج 5 باب 10 ص 65 .
( 3 ) المحاسن للبرقى ج 1 ص 70 .
( 4 ) بصائر الدرجات ج 7 باب 5 ص 91 .
[342]
عليه السلام ، إلا أن يقال : إن أبا جعفر الذي ذكر ثانيا هو الثاني عليه السلام فيكون
من كلام علي بن حسان أو يكون غير المعصوم والله يعلم .
28 - سن : أبي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن عبدالله بن مسكان ، عن
بدر بن الوليد الخثعمي قال : دخل يحيى بن سابور على أبي عبدالله عليه السلام ليودعه
فقال أبوعبدالله عليه السلام : أما والله إنكم لعلى الحق وإن من خالفكم لعلى غير الحق
والله ما أشك أنكم في الجنة ، فاني لارجو أن يقر الله أعينكم إلى قريب ( 1 ) .
29 - غط : روي عن هشام بن أحمر قال : حملت إلى أبي إبراهيم عليه السلام إلى
المدينة أموالا فقال : ردها فادفعها إلى المفضل بن عمر ، فرددتها إلى جعفى فحططتها
على باب المفضل ( 2 ) .
30 - غط : روي عن موسى بن بكر قال : كنت في خدمة أبي الحسن عليه السلام
فلم أكن أرى شيئا يصل إليه إلا من ناحية المفضل ، لربما رأيت الرجل يجئ
بالشئ فلا يقبله منه ، ويقول : أوصله إلى المفضل ( 3 ) .
31 - غط : الغضايري ، عن البزوفري ، عن أحمد بن إدريس ، عن ابن عيسى
عن ابن فضل ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال : قال أبوجعفر عليه السلام : وذكرنا حمران
ابن أعين فقال : لا يرتد والله أبدا ، ثم أطرق هنيهة ثم قال : أجل لا يرتد والله
أبدا ( 4 ) .
32 - غط : ومن المحمودين المعلى بن خنيس وكان من قوام أبي عبدالله وإنما
قتله داود بن علي بسببه وكان محمودا عنده ومضى على منهاجه وأمره مشهور ، فروي
عن أبي بصير قال : لما قتل داود بن علي المعلى بن خنيس وصلبه عظم ذلك على أبي -
عبدالله عليه السلام واشتد عليه وقال له : يا داود على ما قتلت مولاي ، وقيمي في مالي و
على عيالي ؟ والله إنه لاوجه عندالله منك في حديث طويل .
* ( هامش ) * ( 1 ) المحاسن ج 1 ص 146 .
( 2 و 3 ) غيبة الشيخ الطوسى ص 224 .
( 4 ) نفس المصدر ص 223 .
[343]
وفي خبر آخر أنه قال : أما والله لقد دخل الجنة .
ومنهم نصر بن قابوس اللخمي فروي أنه كان وكيلا لابي عبدالله عليه السلام عشرين
سنة ولم يعلم أنه وكيل وكان خيرا فاضلا ، وكان عبدالرحمن بن الحجاج وكيلا
لابي عبدالله عليه السلام ومات في عصر الرضا عليه السلام على ولايته ( 1 ) .
أقول : وعد الشيخ في هذا الكتاب من المحمودين حمران بن أعين والمفضل
ابن عمر ، وذكر ما أوردنا من الاخبار .
33 - يج : روي عن زيد الشحام أنه قال له أبوعبدالله عليه السلام : كم أتى عليك من
سنة ؟ قال : قلت : كذا وكذا قال : جدد عبادة ربك وأحدث توبة فبكيت ، فقال :
ما يبكيك ؟ فقلت : نعيت إلي نفسي قال : ابشر فانك من شيعتنا ومعنا في الجنة
إلينا الصراط والميزان وحساب شيعتنا ، والله إنا أرحم بكم منكم بأنفسكم وإني
أنذر إليك وإلى رفيقك الحارث بن المغيرة النضري في درجتك في الجنة ( 2 ) .
34 - شا : ممن روى صريح النص بالامامة من أبي عبدالله الصادق عليه السلام على
ابنه أبي الحسن موسى عليه السلام ثم من شيوخ أصحاب أبي عبدالله عليه السلام وخاصته وبطانته
وثقاته الفقهاء الصالحين رحمة الله عليهم أجمعين ، المفضل بن عمر الجعفي ، ومعاذ
ابن كثير وعبدالرحمن بن الحجاج ، والفيض بن المختار ، ويعقوب السراج ، و
سليمان بن خالد ، وصفوان الجمال وغيرهم ممن يطول بذكرهم الكتاب ( 3 ) .
35 - شا : ابن قولويه ، عن الكليني ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن
عيسى ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن هشام بن سالم قال : كنا بالمدينة بعد وفاة
أبي عبدالله عليه السلام أنا ومحمد بن النعمان صاحب الطاق ، والناس مجتمعون عند
عبدالله بن جعفر أنه صاحب الامر بعد أبيه ، فدخلنا عليه والناس عنده فسألناه
عن الزكاة في كم تجب ؟ قال : في مائتين درهم خمسة دراهم ، فقلنا ففي مائة درهم ؟
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 224 .
( 2 ) الخرائج والجرائح ص 264 .
( 3 ) الارشاد ص 307 .
[344]
قال : درهمان ونصف قلنا : والله ما تقول المرجئة هذا فقال : والله ما أدري ما
تقول المرجئة ، قال : فخرجنا ضلالا ما ندري إلى أين نتوجه أنا وأبوجعفر
الاحول ، فقعدنا في بعض أزقة المدينة ناكسين لا ندري أين نتوجه وإلى من
نقصد ، نقول : إلى المرجئة أم إلى القدرية أم إلى المعتزلة أم إلى الزيدية .
فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ إلي بيده ، فخفت أن يكون
عينا من عيون أبي جعفر المنصور ، وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس على من
تجتمع بعد جعفر الناس إليه ، فيؤخذ ويضرب عنقه ، فخفت أن يكون ذلك منهم
فقلت للاحول : تنح فاني خائف على نفسي وعليك ، وإنما يريدني ليس يريدك
فتنح عني لا تهلك فتعين على نفسك ، فتنحى بعيدا ، وتبعت الشيخ وذلك أني ظننت
أني لا أقدر على التخلص منه فما زلت أتبعه وقد عزمت على الموت ، حتى ورد بي
على باب أبي الحسن موسى عليه السلام ثم خلاني ومضى ، فاذا خادم بالباب قال لي :
ادخل رحمك الله ، فدخلت فاذا أبوالحسن موسى عليه السلام فقال لي ابتدءا منه : إلي
إلي لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الزيدية ولا إلى
الخوراج .
قلت : جعلت فداك مضى أبوك ؟ قال : نعم ، قلت : مضى موتا قال : نعم ، قلت :
فمن لنا من بعده ؟ قال : إن شاء الله تعالى أن يهديك هداك ، قلت : جعلت فداك إن
عبدالله أخاك يزعم أنه الامام بعد أبيه فقال : عبدالله يريد أن لا يعبدالله ، قلت :
جعلت فداك فمن لنا بعده ؟ قال : إن شاء الله أن يهديك هداك ، قلت : جعلت فداك
أنت هو ؟ قال : لا أقول ذلك ، قال : فقلت في نفسي : لم اصب طريق المسألة ، ثم قلت
له : جعلت فداك عليك إمام ؟ قال : لا فدخلني شئ لا يعلمه إلا الله إعظاما له وهيبة
ثم قلت له : جعلت فداك أسألك كما كنت أسأل أباك ؟ قال : اسأل تخبر ولا تذع
فان أذعت فهو الذبح فسألته ، فاذا هو بحر لا ينزف .
فقلت : جعلت فداك شيعة أبيك ضلال فالقي إليهم هذا الامر وأدعوهم إليك
فقد أخذت علي الكتمان ؟ قال : من آنست منهم رشدا فألق إليه وخذ عليه الكتمان
[345]
فإن أذاع فهو الذبح ، وأشار بيده إلى حلقه قال : فخرجت من عنده ولقيت أبا جعفر
الاحول فقال لي : ما وراك ؟ قلت : الهدى وحثته بالقصة ، ثم لقينا زرارة ( 1 )
وأبابصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وسألاه وقطعا عليه ، ثم لقينا الناس أفواجا و
كل من دخل إليه قطع عليه الا طائفة عمار الساباطي ، وبقي عبدالله لا يدخل إليه
من الناس إلا قليل ( 2 ) .
36 - قب : مرسلا مثله ( 3 ) .
37 - شا : ابن قولويه ، عن الكليني ، عن علي بن محمد ، عن سهل بن زياد
عن محمد بن الوليد ، عن يحيى بن حبيب الزيات ، قال : أخبرني من كان عند أبي
الحسن الرضا عليه السلام فلما نهض القوم قال لهم أبوالحسن الرضا عليه السلام : القوا
أبا جعفر فسلموا عليه وأحدثوا به عهدا ، فلما نهض القوم التفت إلي وقال : يرحم الله
المفضل إنه كان ليقنع بدون ذلك ( 4 ) .
38 - سر : أبان بن تغلب ، عن ابن أسباط ، عن الحجال ، عن حماد أو داود
قال أبوالحسن : جاءت امرأة أبي عبيدة إلى أبي عبدالله عليه السلام بعد موته قالت : إنما
أبكى أنه مات وهو غريب فقال : ليس هو بغريب إن أبا عبيدة منا أهل البيت ( 5 ) .
39 - سر : أبان بن تغلب ، عن محمد بن علي ، عن حنان بن سدير قال : كنت
عند أبي عبدالله عليه السلام وأنا وجماعة من أصحابنا فذكر كثير النوا قال : وبلغه عنه أنه
ذكره بشئ فقال لنا أبوعبدالله : أما إنكم إن سألتم عنه وجدتموه إنه لغية ، فلما
قدمنا الكوفة سألت عن منزله فدللت عليه ، فأتينا منزله فاذا دار كبيرة فسألنا
* ( هامش ) * ( 1 ) ذكر زرارة هنا غريب ، اذغيبته في هذا الوقت عن المدينة معروف - كذا - والظاهر
مكانه المفضل كما مر ، او الفضيل كما في الكافى ، منه رحمه الله - عن هامش المطبوعة .
( 2 ) الارشاد ص 310 .
( 3 ) المناقب ج 3 ص 409 .
( 4 ) الارشاد ص 342 .
( 5 ) السرائر في المستطرفات من كتاب ابن بن تغلب .
[346]
عنه فقالوا : في ذلك البيت عجوزة كبيرة قد أتى عليها سنون كثيرة فسلمنا عليها
وقلنا لها : نسألك عن كثير النوا ؟ قالت : وما حاجتكم إلى أن تسألوا عنه ؟ قلت :
لحاجة إليه ، قالت لنا : ولد في ذلك البيت ولدته امه سادس ستة من الزناء .
قال محمد بن إدريس رحمه الله : هذا كثير النوا الذي ينسب البترية من
الزيدية إليه لانه كان أبتر اليد .
قال محمد بن إدريس - ره - يحسن أن يقال ههنا كان مقطوع اليد ( 1 ) .
40 - سر : من جامع البزنطي عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام
عن يونس بن ظبيان فقال : رحمه الله وبنى له بيتا في الجنة ، كان والله مأمونا على
الحديث ( 2 ) .
41 - كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن الحكم ، عن علي بن عقبة
قال : كان أبوالخطاب قبل أن يفسد هو يحمل المسائل لاصحابنا ويجئ بجواباتها .
42 - شى : عن أبي بصير قال : أبوجعفر عليه السلام يقول : إن الحكم بن عتيبة
وسلمة وكثير النوا وأبا المقدام والتمار - يعني سالما - أضلوا كثيرا ممن ضل
من هؤلاء الناس ، وإنهم ممن قال الله " ومن الناس من يقول آمنا بالله باليوم
الآخر وماهم بمؤمنين قال الله " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم
الآخر وماهم بمؤمنين " ( 3 ) وإنهم ممن قال الله " وأقسموا بالله جهد أيمانهم
يحلفون بالله إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين " ( 4 ) .
43 - شى : عن داود بن فرقد قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : جعلت فداك
كنت اصلي عند القبر وإذا رجل خلفي يقول : " أتريدون أن تهدوا من أضل الله
* ( هامش ) * ( 1 ) السرائر في المستطرفات من كتاب ابان بن تغلب .
( 2 ) السرائر في المستطرفات من جامع البزنطى .
( 3 ) سورة البقرة الاية : 8 .
( 4 ) تفسير العياشى ج 1 ص 326 وأخرجه السيد البحرانى في تفسيره البرهان ج 1
ص 478 والاية 53 في سورة المائدة .
[347]
والله أركسهم بما كسبوا " ( 1 ) قال : فالتفت إليه وقد تأول على هذه الآية وما أدري
من هو وأنا أقول " وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم
إنكم لمشركون " ( 2 ) فاذا هو هارون بن سعيد قال : فضحك أبوعبدالله عليه السلام ثم
قال : إذا أصبت الجواب قل الكلام باذن الله ( 3 ) .
44 - شى : عن داود بن فرقد قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : عرضت لي إلى
ربي حاجة فهجرت ( 4 ) فيها إلى المسجد وكذلك أفعل إذا عرضت الحاجة فبينا
أنا اصلي في الروضة اذا رجل على رأسي ، قال : فقلت : ممن الرجل ؟ فقال : من
أهل الكوفة قال : قلت : ممن الرجل ؟ قال : من أسلم قال : فقلت : ممن الرجل ؟
قال : من الزيدية قال : قلت : يا أخا أسلم من تعرف منهم ؟ قال : أعرف خيرهم و
سيدهم وأفضلهم هارون بن سعيد ، قلت : يا أخا أسلم ذاك رأس العجلية كما
سمعت الله يقول " إن الذين اتخذوا العجل سينا لهم غضب من ربهم وذلة في الحيوة
الدنيا " ( 5 ) وإنما الزيدي حقا محمد بن سالم بياع القصب ( 6 ) .
45 - شى : عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : إن
عبدالله بن عجلان قال في مرضه الذي مات فيه : إنه لا يموت فمات فقال : لا أعرفه
* ( هامش ) * ( 1 ) هذا اقتباس من قوله تعالى : " فمالكم في المنافقين فئتين والله اركسهم بما كسبوا
اتريدون ان تهدوا من اضل الله " .
( 2 ) سورة الانعام الاية : 121 .
( 3 ) تفسير العياشى ج 1 ص 375 واخرجه البحرانى في البرهان ج 1 ص 552 و
في المصدر : اذا اصبت الجواب ، او قال الكلام .
( 4 ) هجرت : اى خرجت وقت الهجرة وهى نصف النهار في القيظ او من عند زوال
الشمس إلى العصر ، لان الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا .
( 5 ) سورة الاعراف الاية : 152 .
( 6 ) تفسير العياشى ج 2 ص 29 واخرجه الكشى ص 151 والبحرانى في البرهان
ج 2 ص 38 .
[348]
الله شيئا من ذنوبه أين ذهب إن موسى عليه السلام اختار سبعين من قومه فلما أخذتهم
الرجفة قال : رب أصحابي أصحابي قال : إني أبدلك بهم من هو خير لك منهم
فقال : إني عرفتهم ووجدت ريحهم [ قال : ] فبعثهم الله له أنبياء ( 1 ) .
بيان : لعله إنما قال ذلك لما سمع منه عليه السلام أنه يكون من أنصار القائم
فبين عليه السلام أنه إنما يكون ذلك في الرجعة لما ذكر من القصة فتفهم .
46 - جا : أبوغالب الزراري ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد ، عن
محمد بن الحسن بن زياد العطار ، عن أبيه قال : لما قدم زيد الكوفة دخل قلبي من ذلك
بعض ما يدخل قال : فخرجت إلى مكة ومررت بالمدينة فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام
وهو مريض فوجدته على سرير مستلقيا عليه وما بين جلده وعظمه شئ فقلت إني
احب أن اعرض عليك ديني فانقلب على جنبه ثم نظر إلي فقال : يا حسن ما كنت
أحسبك إلا وقد استغنيت عن هذا ، ثم قال : هات ، فقلت أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا رسول الله فقال عليه السلام معي مثلها ، فقلت وأنا مقر بجميع ما جاء به
محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله .
قال : فسكت ، قلت : وأشهد أن عليا إمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فرض طاعته
من شك فيه كان ضالا ، ومن جحده كان كافرا ، قال : فسكت ، قلت : وأشهد أن
الحسن والحسين عليهما السلام بمنزلته ، حتى انتهيت اليه عليه السلام فقلت : وأشهد أنك بمنزلة
الحسن والحسين ومن تقدم من الائمة قال : كف قد عرفت الذي تريد ، ما تريد إلا
أن أتولاك على هذا ؟ قال : قلت : فإذا توليتني على هذا فقد بلغت الذي أردت
قال : قد توليتك عليه ، فقلت : جعلت فداك إني قد هممت بالمقام قال ولم ؟ قال :
قلت : إن ظفر زيد وأصحابه فليس أحد أسوء حالا عندهم منا ، وإن ظفر بنو امية
فنحن عندهم بتلك المنزلة ، قال : فقال لي : انصرف ليس عليك بأس من إلى ولا
من إلى ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 2 ص 30 .
( 2 ) امالى المفيد ص 18 .
[349]
47 - جا : ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن موسى بن
طلحة ، عن أبي محمد أخي يونس بن يعقوب ، عن أخيه يونس قال : كنت بالمدينة
فاستبلني جعفر بن محمد عليهما السلام في بعض أزقتها فقال : اذهب يا يونس فان بالباب رجلا
منا أهل البيت قال : فجئت إلى الباب فاذا عيسى بن عبدالله جالس فقلت له : من أنت ؟
قال : رجل من أهل قم قال : فلم يكن بأسرع أن أقبل أبوعبدالله عليه السلام على حمار
فدخل على الحمار الدار ، ثم التفت إلينا فقال : ادخلا ثم قال : يا يونس أحسب
أنك أنكرت قولي لك ، إن عيسى بن عبدالله منا أهل البيت ، قال : إي والله جعلت
فداك لان عيسى بن عبدالله رجل من أهل قم فكيف يكون منكم أهل البيت ؟ قال :
يا يونس عيسى بن عبدالله رجل مناحي وهو منا ميت ( 1 ) .
48 - ختص : ابن الوليد عن سعد مثله . ( 2 )
49 - ختص : أحمد بن محمد بن يحيى ، عن عبدالله الحميري ، عن محمد بن
الوليد الخزاز ، عن يونس بن يعقوب ، قال : دخل عيسى بن عبدالله القمي على
أبي عبدالله عليه السلام فلما انصرف قال لخادمه : ادعه فانصرف اليه فأوصاه بأشياء .
ثم قال : يا عيسى بن عبدالله إن الله يقول " وأمر أهلك بالصلاة " ( 3 )
وإنك منا أهل البيت فاذا كانت الشمس من ههنا مقدارها من ههنا من العصر فصل
ست ركعات ، قال : ثم ودعه وقبل ما بين عيني عيسى وانصرف ( 4 ) .
50 - عم ، قب : الشقراني مولى رسول الله صلى الله عليه وآله : خرج العطاء أيام أبي جعفر
ومالي شفيع ، فبقيت على الباب متحيرا ، وإذا أنا بجعفر الصادق عليه السلام فقمت


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 349 سطر 19 الى ص 357 سطر 18

إليه فقلت له : جعلني الله فداك أنا مولاك الشقراني فرحب بي وذكرت له حاجتي
فنزل ودخل وخرج وأعطاني من كمه فصبه في كمي ثم قال : يا شقراني إن الحسن
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ص 76 .
( 2 ) الاختصاص ص 68 واخرجه الكشى في رجاله ص 213 .
( 3 ) سورة طه الاية : 132 .
( 4 ) الاختصاص ص 195 بزيادة في آخره .
[350]
من كل أحد حسن وإنه منك أحسن لمكانك منا ، وإن القبيح من كل أحد قبيح
وإنه منك أقبح وعظه على جهة التعريض لانه كان يشرب ( 1 ) .
51 - د : في ربيع الابرار عن الشقراني مثله .
52 - قب : بابه محمد بن سنان ، واجتمعت العصابة على تصديق ستة من فقهائه
عليه السلام وهم : جميل بن دراج ، وعبدالله بن مسكان ، وعبدالله بن بكير ، وحماد
ابن عيسى ، وحماد بن عثمان ، وأبان بن عثمان ، وأصحابه من التابعين نحو
إسماعيل بن عبدالرحمن الكوفي ، وعبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام .
ومن خواص أصحابه معاوية بن عمار مولى بني دهن - وهو حي من بجيلة
وزيد الشحام ، وعبدالله بن أبي يعفور ، وأبي جعفر محمد بن علي بن النعمان الاحول
وأبي الفضل سدير بن حكيم ، وعبدالسلام بن عبدالرحمن ، وجابر بن يزيد الجعفي
وأبي حمزة الثمالي ، وثابت بن دينار ، والمفضل بن قيس بن رمانه ، والمفضل بن عمر
الجعفي ، ونوفل بن الحارث بن عبدالمطلب ، وميسرة بن عبدالعزيز ، وعبدالله بن عجلان
وجابر المكفوف ، وأبوداود المسترق ، وإبراهيم بن مهزم الاسدي ، وبسام الصيرفي
وسليمان بن مهران أبومحمد الاسدي مولاهم الاعمش ، وأبوخالد القماط واسمه
يزيد ، ثعلبة بن ميمون ، وأبوبكر الحضرمي ، والحسن بن زياد ، وعبدالرحمن
ابن عبدالعزيز الانصاري من ولد أبي أمامة ، وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي
وعبدالعزيز بن أبي حازم ، وسلمة بن دينار المدني ، ومن مواليه معتب ، ومسلم ، و
مصادف ( 2 ) .
53 - ختص : المجهولون من أصحاب أبي عبدالله وأبي جعفر عليهما السلام محمد بن
مسكان ، يوسف الطاطري ، عمر الكردي ، روى عنه المفضل ، هشام بن المثنى الرازي ( 3 ) .
54 - كش : جعفر بن محمد ، عن علي بن الحسن بن فضال عن أخويه محمد و
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 3 ص 362 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 400 .
( 3 ) الاختصاص ص 196 .
[351]
أحمد ، عن أبيهم ، عن ابن بكير ، عن ميسر بن عبدالعزيز قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام
رأيت كأني على جبل فيجئ الناس فيركبونه فاذا كثروا عليه تصاعد بهم الجبل
فينتشرون عنه ويسقطون فلم يبق معي إلا عصابة يسيرة أنت منهم وصاحبك الاحمر -
يعني عبدالله بن عجلان ( 1 ) .
55 - كش : حمدويه ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، ومحمد بن مسعود
عن أحمد بن المنصرو ، عن أحمد بن الفضل ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عيسى
عن عبدالحميد بن أبي الديلم قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فأتاه كتاب عبدالسلام
ابن عبدالرحمن بن نعيم ، وكتاب الفيض بن المختار ، وسليمان بن خالد يخبرونه
أن الكوفة شاغرة برجلها وأنه إن أمرهم أن يأخذوها أخذوها ، فلما قرأ كتابهم
رمى به ، ثم قال : ما أنا لهؤلاء بامام أما علموا أن صاحبهم السفياني ( 2 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي : شغر الرجل المرأة رفع رجلها للنكاح
كأشغرها فشغرت ، والارض لم يبق بها أحديحميها ويضبطها ، وبلدة شاغرة برجلها
لم تمتنع من غارة أحد لخلوها .
56 - كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن الحسن ، عن محمد بن الوليد ، عن
العباس بن هلال ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ذكر : أن سعيدة مولاة جعفر عليه السلام
كانت من أهل الفضل ، كانت تعلم كلمات سمعت من أبي عبدالله عليه السلام فانه كان عندها
وصية رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأن جعفرا قال لها : اسألي الله الذي عرفنيك في الدينا
أن يزوجنيك في الجنة ، وأنها كانت في قرب دار جعفر عليه السلام لم تكن ترى في المسجد
إلا مسلمة على النبي صلى الله عليه وآله ، خارجة إلى مكة أو قادمة من مكة ، وذكر أنه كان
آخر قولها : وقد رضينا الثواب وأمنا العقاب ( 3 ) .
57 - ختص : أحمد بن محمد ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن مروك ، عن هشام
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 158 .
( 2 ) نفس المصدر ص 226 .
( 3 ) المصدر السابق ص 234 .
[352]
ابن الحكم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : نعم الشفيع أنا وأبي لحمران
ابن أعين يوم القيامة ، نأخذ بيده ولا نزايله حتى ندخل الجنة جميعا ( 1 ) .
58 - ختص : روي محمد بن عيسى بن عبيد ، عن زياد القندي ، عن أبي عبدالله
عليه السلام أنه قال في حمران : إنه رجل من أهل الجنة ( 2 ) .
59 - كش : عن ابن أبي نجران ، عن حماد الناب عن المسمعي قال : لما أخذ
داود بن علي المعلى بن خنيس حبسه فأراد قتله ، فقال له المعلى : أخرجني إلى الناس
فان لي دينا كثيرا ومالا حتى اشهد بذلك ، فأخرجه إلى السوق ، فلما اجتمع
الناس قال : أيها الناس أنا معلى بن خنيس فمن عرفني فقد عرفني اشهدوا أني ما تركت
من مال عين أو دين أو أمة أو عبد أو دار أو قليل أو كثير فهو لجعفر بن محمد عليه السلام قال :
فشد عليه صاحب شرطة داود فقتله . قال : فلما بلغ ذلك أبا عبدالله عليه السلام خرج
يجر ذيله حتى دخل على داود بن علي وإسماعيل ابنه خلفه فقال : يا داود قتلت
مولاي وأخذت مالي فقال : ما أنا قتلته ولا أخذت مالك فقال : والله لادعون
على من قتل مولاي وأخذ مالي ، قال : ما قتلته ولكن قتله صاحب شرطتي فقال :
بإذنك أو بغير إذنك ؟ فقال : يا إسماعيل شأنك به ، فخرج
إسماعيل والسيف معه حتى قتله في مجلسه .
قال حماد : فأخبرني المسمعي عن معتب قال : فلم يزل أبوعبدالله عليه السلام ليلته
ساجدا وقائما فسمعته في آخر الليل وهو ساجد يقول " اللهم إني أسألك بقوتك
القوية ومحالك الشديدة وبعزتك التي خلقك لها ذليل أن تصلي على محمد وآل
محمد وأن تأخذه الساعة الساعة " قال : فوالله ما رفع رأسه من سجوده حتى سمعنا
الصائحة فقالوا : مات داود بن علي ، فقال أبو عبدالله عليه السلام : إني دعوت الله عليه
بدعوة بعث الله إليه ملكا فضرب رأسه بمرزبه انشقت مثانته ( 3 ) .
60 - كش : حمدويه ، عن محمد بن عيسى ، ومحمد بن مسعود ، عن جبرئيل بن
* ( هامش ) * ( 1 و 2 ) الاختصاص ص 196 .
( 3 ) رجال الكشى ص 240 .
[353]
أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن الوليد بن صبيح قال :
قال داود بن علي لابي عبدالله عليه السلام : ما أنا قتلته - يعني معلى بن خنيس - قال :
فمن قتله ؟ قال : السيرافي ، وكان صاحب شرطته ، قال : أقدنا منه قال : قد أقدتك
قال : فلما اخذ السيرافي وقدم ليقتل جعل يقول : يا معشر المسلمين ، يأمروني
بقتل الناس فأقتلهم لهم ، ثم يقتلوني فقتل السيرافي ( 1 ) .
بيان : أقدنا منه أي مكنا نقتله قودا وقصاصا .
61 - كش : محمد بن مسعود قال : كتب إلى الفضل قال : حدثنا ابن أبي عمير
عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن إسماعيل بن جابر قال : لما قدم أبوإسحاق من
مكة ، فذكر له قتل المعلى بن خنيس قال : فقام مغضبا يجر ؟ ثوبه فقال له إسماعيل
ابنه : يا أبة أين تذهب ؟ فقال : لو كانت نازلة لقدمت عليها ، فجآء حتى دخل
على داود بن علي فقال : يا داود لقد أتيت ذنبا لا يغفره الله لك قال : وما ذلك
الذنب ؟ قال : قتلت رجلا من أهل الجنة ، ثم مكث ساعة ، ثم قال : إن شاء الله
قال له داود : وأنت قد أتيت ذنبا لا يغفره الله لك قال : وما ذلك الذنب ؟ قال : زوجت
ابنتك فلانا الاموي قال : إن كنت زوجت فلانا الاموي ، فقد زوج رسول الله
صلى الله عليه وآله عثمان ، ولي برسول الله صلى الله عليه وآله اسوة ، قال : ما أنا قتلته قال :
فمن قتله ؟ قال : قتله السيرافي قال : فأقدنا منه قال : فلما كان من الغد غدا السيرافي
فأخذه فقتله فجعل يصيح : يا عباد الله يأمروني أن أقتل لهم الناس ثم يقتلوني ( 2 ) .
62 - كش : حمدويه بن نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن علي بن أسباط
قال : قال سفيان بن عيينة لابي عبدالله عليه السلام إنه يروي أن علي بن أبي طالب عليه السلام
كان يلبس الخشن من الثياب ، وأنت تلبس القوهي المروي ( 3 ) ؟ قال : ويحك إن
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 241 .
( 2 ) نفس المصدر ص 241 .
( 3 ) القوهى المروى : ضرب من الثياب بيض منسوبة إلى قوهستان وهى قصبة من
قصبات خراسان .
[354]
عليا عليه السلام كان في زمان ضيق فإذا اتسع الزمان ، فأبرار الزمان أولى به ( 1 ) .
63 - كش : محمد بن مسعود ، عن الحسين بن اشكيب ، عن الحسن بن
الحسين المروري ، عن يونس بن بن عبدالرحمان ، عن أحمد بن عمر قال : سمعت
بعض أصحاب أبي عبدالله عليه السلام يحدث أن سفيان الثوري دخل على أبي عبدالله عليه السلام
وعليه ثياب جياد فقال : يا أبا عبدالله عليه السلام إن آباءك لم يكونوا يلبسون مثل هذه
الثياب ؟ ! فقال له : إن آبائي عليهم السلام كانوا يلبسون ذاك في زمان مقفر مقصر
[ مقتر ] وهذه زمان قد أرخت الدنيا عزاليها فأحق أهلها بها أبرارهم ( 2 ) .
بيان : العزالي بكسر اللام وفتحها جمع العزلآء وهي فم المزادة الاسفل
وإرخاؤها كناية عن كثرة النعم واتساعها ، كما يقال لبيان كثرة المطر : أرخت السماء
عزاليها .
64 - كش : وجدت في كتاب أبي محمد جبرئيل بن أحمد الفاريابي بخطه
حدثني محمد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل الكوفي ، عن عبدالله بن عبدالرحمان
عن الهيثم بن واقد ، عن ميمون بن عبدالله قال : أتى قوم أبا عبدالله عليه السلام يسألونه
الحديث من الامصار ، وأنا عنده ، فقال لي : أتعرف أحدا من القوم ؟ قلت : لا فقال :
كيف دخلوا علي ؟ قلت : هؤلاء قوم يطلبون الحديث من كل وجه ، لا يبالون
ممن أخذوا ، فقال لرجل منهم : هل سمعت من غيري من الحديث ؟ قال : نعم قال :
فحدثني ببعض ما سمعت .
قال : إنما جئت لاسمع منك ، لم أجئ احدثك ، وقال للآخر : ذلك ما يمنعه
أن يحدثني ما سمع ؟ قال : تتفضل أن تحدثني بما سمعت ، أجعل الذي حدثك
حديثه أمانة لا أتحدث به أبدا ؟ قال : لا قال : فسمعنا بعض ما اقتبست من العلم
حتى نعتد بك إن شاء الله قال : حدثني سفيان الثوري ، عن جعفر بن محمد عليه السلام قال :
النبيذ كله حلال إلا الخمر ، ثم سكت فقال أبوعبدالله عليه السلام : زدنا قال : حدثني
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 248 وليس في آخر الحديث لفظ " به " .
( 2 ) نفس المصدر ص 249 وفيه " عرابها " بدل " عزاليها " .
[355]
سفيان عمن حدثه عن محمد بن علي عليه السلام أنه قال : من لم يمسح على خفيه
فهو صاحب بدعة ، ومن لم يشرب النبيذ فهو مبتدع ، ومن لم يأكل الجريث ( 1 )
وطعام أهل الذمة وذبايحهم فهو ضال أما النبيذ فقد شربه عمر نبيذ زبيب فرشحه
بالماء ، وأما المسح على الخفين فقد مسح عمر على الخفين ثلاثا في السفر ، ويوما وليلة
في الحضر ، وأما الذبائح فقد أكلها علي عليه السلام وقال : كلوها ، فان الله تعالى يقول :
" اليوم احل لكم الطيبات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل
لهم " ( 2 ) ثم سكت .
فقال أبوعبدالله عليه السلام : زدنا فقال : فقد حدثتك بما سمعت فقال : أكل الذي
سمعت هذا ؟ قال : لا ، قال : زدنا قال : حدثنا عمرو بن عبيد ، عن الحسن قال :
أشياء صدق الناس بها ، وأخذوا بما ليس في كتاب الله لها أصل ، منها : عذاب القبر
ومنها الميزان ، ومنها الحوض ، ومنها الشفاعة ، ومنها النية ، ينوي الرجل من
الخير والشر فلا يعمله فثياب عليه ولا يثاب الرجل إلا بما عمل إن خيرا فخيرا
وإن شرا فشرا قال : فضحكت من حديثه ، فغمزني أبوعبدالله عليه السلام أن كف حتى
نسمع .
قال : فرفع رأسه إلي فقال : وما يضحك ؟ من الحق أم من الباطل ؟ قلت
له : أصلحك الله وأبكي ؟ ! وإنما يضحكني منك تعجبا كيف حفظت هذه الاحاديث ؟
فسكت ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : زدنا قال : حدثني سفيان الثوري ، عن محمد بن
المنكدر أنه رأى عليا عليه السلام على منبر بالكوفة وهو يقول : لئن أتيت برجل يفضلني
على أبي بكر وعمر لاجلدنه حد المفتري ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : زدنا فقال :
حدثني سفيان عن جعفر أنه قال : حب أبي بكر وعمر إيمان ، وبغضهما كفر .
قال أبوعبدالله عليه السلام : زدنا قال : حدثني يونس بن عبيد ، عن الحسن أن عليا عليه السلام
أبطأ على بيعة أبي بكر ، فقال له عتيق : ما خلفك عن البيعة ؟ والله لقد هممت أن
* ( هامش ) * ( 1 ) الجريث : هو بالثاء المثلثة كسكيت ضرب من السمك يشبه الحيات .
( 2 ) سورة المائدة الاية : 5 .
[356]
أضرب عنقك ، فقال علي عليه السلام خليفة رسول الله لا تثريب ، فقال له أبئو عبدالله عليه السلام :
زدنا .
قال : حدثني سفيان الثوري ، عن الحسن أن أبابكر أمر خالد بن الوليد
أن يضرب عنق علي عليه السلام إذا سلم من صلاة الصبح ، وان أبابكر سلم بينه وبين
نفسه ، ثم قال : يا خالد ! لا تفعل ما أمرتك ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : زدنا قال :
حدثني نعيم بن عبيدالله ، عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال : ود علي بن أبي طالب
عليه السلام أنه بنخيلات ينبع ، يستظل بظلهن ، ويأكل من حشفهن ولم يشهد
يوم الجمل ولا النهروان ، وحدثني به سفيان ، عن الحسن ، قال أبوعبدالله عليه السلام :
زدنا قال : حدثنا عباد ، عن جعفر بن محمد أنه قال : لما رأى علي بن أبي طالب عليه السلام
يوم الجمل كثرة الدمآء ، قال لابنه الحسن : يا بني لم أدر أن الامر يبلغ هذا
المبلغ ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : زدنا .
قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن جعفر بن محمد عليه السلام أن عليا عليه السلام لما قتل
أهل صفين بكى عليهم ، ثم قال : جمع الله بيني وبينهم في الجنة قال : فضاق بي البيت
وعرقت ، وكدت أن أخرج من مسكي ( 1 ) فأردت أن أقوم إليه فأتوطأه ثم ذكرت
غمز أبي عبدالله عليه السلام فكففت فقال له أبوعبدالله عليه السلام : من أي البلاد أنت ؟ قال :
من أهل البصرة قال : هذا الذي تحدث عنه وتذكر اسمه جعفر بن محمد تعرفه ؟
قال : لا قال : فهل سمعت منه شيئا فط ؟ قال : لا ، قال : فهده الاحاديث عندك
حق ؟ قال : نعم ، قال : فمتى سمعتها ؟ قال : لا أحفظ قال : إلا أنها أحاديث
أهل مصرنا ، منذ دهرنا لا يمترون فيها .
قال له أبوعبدالله عليه السلام : لو رأيت هذا الرجل الذي تحدث عنه فقال لك هذه
التي ترويها عني كذب ، وقال : لا أعرفها ولم احدث بها ، هل كنت تصدقه ؟ قال :
لا قال : لم ؟ قال : لانه شهد على قوله رجال لو شهد أحدهم على عتق رجل لجاز
* ( هامش ) * ( 1 ) مسكى : المسك بسكون السين : الجلد جمع مسك ومسوك والقطعة منه مسكة .
[357]
قوله ، فقال : اكتب بسم الله الرحمان الرحيم حدثني أبي ، عن جدي ، قال :
ما اسمك ؟ قال : ما تسأل عن اسمي إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : خلق الله الارواح قبل
الجساد بألفي عام ، ثم أسكنها الهواء ، فما تعارف منها ثم ايتلف ههنا ، وما تناكر
ثم اختلف ههنا ، ومن كذب علينا أهل البيت حشره الله يوم القيامة أعمى يهوديا
وإن أدرك الدجال آمن به ، وإن لم يدركه آمن به في قبره ، يا غلام ضع لي ماءا
وغمزني وقال : لا تبرح ، وقام القوم فانصرفوا ، وقد كتبوا الحديث الذي سمعوا
منه .
ثم إنه خرج ووجهه منقبض فقال : أما سمعت ما يحدث به هؤلاء ؟ قلت :
أصلحك الله ما هؤلاء ، وما حديثهم ؟ [ قال أعجب حديثهم ] كان عندي الكذب
علي والحكاية عني ، مالم أقل ولم يسمعه عني أحد ، وقولهم : لو أنكر الاحاديث
ما صدقناه ما لهؤلاء لا أمهل الله لهم ، ولا أملى لهم ثم قال لنا : إن عليا عليه السلام
لما أراد الخروج من البصرة قال على أطرافها ثم قال : لعنك الله يا أنتن الارض
ترابا ، وأسرعها خرابا ، وأشدها عذابا ، فيك الداء الدوي ، قيل : ما هو يا
أمير المؤمنين ؟ قال : كلام القدر الذي فيه الفرية على الله ، وبغضنا أهل البيت ، وفيه
سخط الله ، وسخط نبيه صلى الله عليه وآله وكذبهم علينا أهل البيت ، واستحلالهم الكذب
علينا ( 1 ) .
65 - كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن الحسن ، عن محمد بن الوليد
عن العباس بن هلال قال : ذكر أبوالحسن الرضا عليه السلام أن سفيان بن عيينة لقي


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 357 سطر 19 الى ص 365 سطر 18

فقال : والذي بعث محمدا بالحق ، لو أن رجلا صلى ما بين الركن والمقام عمره ، ثم
لقي الله بغير ولايتنا أهل البيت ، للقي الله بميتة جاهلية ( 2 ) .
66 - بشا : محمد بن عبدالوهاب الرازي ، عن محمد بن أحمد النيسابوري
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 249 بتفاوت .
( 2 ) نفس المصدر ص 248 .
[358]
عن محمد بن أحمد بن الحسن البزاز ، عن أحمد بن عبدالله الهاشمي ، عن علي بن
عاذل القطان ، عن محمد تميم الواسطي ، عن الحماني ، عن شريك قال : كنت
عند سليمان الاعمش في مرضته التي قبض فيها إذ دخل علينا ابن أبي ليلى وابن
شبرمة وأبوحنيفة فأقبل أبوحنيفة على سليمان الاعمش فقال : يا سليمان الاعمش
اتق الله وحده لا شيك له ، واعلم أنك في أول يوم من أيام الآخرة ، وآخر يوم
من أيام الدنيا ، وقد كنت تروي في علي بن أبي طالب أحاديث لو أمسكت عنها لكان
أفضل فقال سليمان الاعمش : لمثلي يقال هذا ؟ ! أقعدوني أسندوني ، ثم أقبل على
أبي حنيفة فقال : يا أبا حنيفة حدثني أبوالمتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة يقول الله عزوجل لي ولعلي بن
أبي طالب أدخلا الجنة من أحبكما والنار من أبغضكما ، وهو قول الله عزوجل
" ألقيا في جنهم كل كفار عنيد " ( 1 ) قال أبوحنيفة : قوموا بنا لايأتي بشئ هو
أعظم من هذا ، قال الفضل : سألت الحسن عليه السلام فقلت : من الكفار ؟ قال : الكافر
بجدي رسول الله صلى الله عليه وآله قلت : ومن العنيد ؟ قال : الجاحد حق
علي بن أبي طالب عليه السلام ( 2 ) .
67 - نبه : دخل طاووس اليماني على جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فقال له :
أنت طاووس ؟ فقال : نعم ، فقال : طاووس طير مشوم ما نزل بساحة قوم إلا آذانهم
بالرحيل ، نشدتك الله هل تعلم أن أحدا أقبل للعذر من الله ؟ قال : اللهم لا قال :
فنشدتك الله هل تعلم أصدق ممن قال : لا أقدر ، ولا قدرة له ؟ قال : اللهم لا قال :
فلم لا يقبل من لا أقبل للعذر منه ممن لا أصدق في القول منه ؟ ! قال : فنفض أثوابه
وقال : ما بيني وبين الحق عداوة ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة ق الاية : 24 .
( 2 ) بشارة المصطفى ص 59 مع ذكر خصوصيات في السند .
( 3 ) تنبيه الخواطر ص 12 طبع النجف الاشرف .
[359]
بيان : كأنه عليه السلام رد عليه في القول بالجبر ونفي الاستطاعة .
68 - كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس قال : قال أبو -
عبدالله عليه السلام لعباد بن كثير البصري الصوفي : ويحك يا عباد غرك أن عف بطنك
وفرجك إن الله عزوجل يقول في كتابه " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا
قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم " ( 1 ) اعلم أنه لا يتقبل الله عزوجل منك شيئا
حتى تقول قولا عدلا ( 2 ) .
69 كا : العدة ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن زرعة قال : كان
رجل بالمدينة ، وكان له جارية نفسية ، فوقعت في قلب رجل ، وأعجب بها ، فشكى
ذلك إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : تعرض لرؤيتها ، وكلما رأيتها فقل : أسأل الله
من فضله ، ففعل ، فما لبث إلا يسيرا حتى عرض لوليها سفر ، فجاء إلى الرجل
فقال : يا فلان أنت جاري ، وأوثق الناس عندي ، وقد عرض لي سفر ، وأنا احب
أن اودعك فلانة جارتي تكون عندك ، فقال الرجل : ليس لي امرأة ، ولا معي في
منزلي امرأة فكيف تكون جارتك عندي ؟ فقال : اقومها عليك بالثمن ، وتضمنه
لي تكون عندك ، فإذا أنا قدمت فبعنيها أشتريها منك ، وإن نلت منها نلت ما يحل
لك ، ففعل وغلظ عليه في الثمن ، وخرج الرجل فمكثت عنده ما شاء الله حتى قضى
وطره منها .
ثم قدم رسول لبعض خلفاء بني امية يشتري له جواري ، فكانت هي فيمن
سمي أن يشتري ، فبعث الوالي إليه فقال له : جارية فلان قال : فلان غائب ، فقهره
على بيعها ، فأعطاه من الثمن ما كان فيه ربح ، فلما احذت الجارية ، واخرج بها
من المدينة ، قدم مولاها ، فأول شئ سأله سأله عن الجارية كيف هي ؟ فأخبره
بخبرها ، وأخرج إليه المال كله ، الذي قومه عليه والذي ربح ، فقال : هذا ثمنها
فخذه ، فأبى الرجل فقال : لا آخذ إلا ما قومت عليك ، وما كان من فضل فخذه
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الاحزاب الاية : 70 .
( 2 ) الكافى ج 8 ص 107 .
[360]
لك هينئا فصنع الله له بحسن نيته ( 1 ) .
70 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي إسماعيل البصري ، عن
الفضيل بن يسا قال : كان عباد البصري عند أبي عبدالله عليه السلام يأكل ، فوضع
أبوعبدالله يده على الارض فقال له عباد : أصلحك الله أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله
نهى عن ذا ، فرفع يده فأكل ، ثم أعادها أيضا ، فقال له أيضا ، فرفعها ، ثم أكل
فأعادها فقال له عباد أيضا ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : لا والله ما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله
عن هذا قط ( 2 ) .
71 - كا : علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن علي
رفعه قال : مر سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبدالله ، عن محمد بن علي
رفعه قال : مر سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبدالله عليه السلام وعليه ثياب
كثيرة القيمة حسان فقال : والله لآتينه ولا وبخنه ، فدنا منه فقال : يا ابن
رسول الله ، والله ما لبس رسول الله صلى الله عليه وآله مثل هذا اللباس ، ولا علي ولا أحمد من
آبائك ؟ ! .
فقال له أبوعبدالله عليه السلام : كان رسول الله صلى الله عليه وآله في زمن قتر مقتر ، وكان يأخذ
لقتره وإقتاره ، وإن الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها ، فأحق أهلها بها أبرارها
ثم تلا " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " ( 3 )
فنحن أحق من أخذ منها ما أعطاه الله ، غير أني يا ثوري ما ترى علي من ثوب
إنما لبسته للناس ، ثم اجتذب بيد سفيان فجرها إليه ، ثم رفع الثوب الاعلى
وأخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا فقال : هذا لبسته لنفسي غليظا ، وما رأيته
للناس ، ثم جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن ، وداخل ذلك ثوب لين
فقال : لبست هذا الاعلى للناس ولبست هذا لنفسك تسرها ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 5 ص 559 .
( 2 ) الكافى ج 6 ص 271 .
( 3 ) سورة الاعراف ، الاية : 32 .
( 4 ) نفس المصدر ج 6 ص 442 وفيه " اقتداره " مكان " اقتاره " .
[361]
72 - كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن عبدالله بن سنان قال :
سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : بينا أنا في الطواف ، فاذا رجل يجذب ثوبي ، وإذا
عباد بن كثير البصري فقال : يا جعفر تلبس مثل هذه الثياب وأنت في هذا الموضع
مع المكان الذي أنت فيه من علي عليه السلام ؟ ! فقلت : ثوب فرقبي اشتريته بدينار ، و
كان علي عليه السلام في زمان يستقيم له ما لبس فيه ، ولو لبست مثل هذا اللباس في زماننا
لقال الناس : هذا مراء مثل عباد ( 1 ) .
بيان : قال الفيروز آبادي : فرقب كقنفذ موضع ( 2 ) ومنه الثياب الفرقبية
أوهي ثياب بيض من كتان .
73 - كا : العدة ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد الاشعري ، عن ابن القداح
قال : كان أبوعبدالله عليه السلام متكئا علي أو قال على أبي ، فلقيه عباد بن كثير ، وعليه
ثياب مروية حسان فقال : يا أبا عبدالله إنك من أهل بيت نبوة ، وكان أبوك وكان
فما هذه المزينة عليك ؟ فلو لبست دون هذه الثياب ؟ فقال له أبوعبدالله عليه السلام ويلك
يا عباد " من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " إن الله عز
وجل إذا أنعم على عبد نعمة ، أحب أن يراها عليه ، ليس به بأس ، ويلك يا عباد
إنما أنا بضعة من رسول الله صلى الله عليه وآله فلا تؤذني ، وكان عباد يلبس ثوبين قطويين ( 3 ) .
74 - كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن
عطية يونس بن عمار قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إن لي جارا من قريش من
آل محرز ، قدنوه باسمي وشهرني في كل ما مررت به قال : هذا الرافضي يحمل
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 6 ص 443 .
( 2 ) القاموس ج 1 ص 116 .
( 3 ) نفس المصدر ج 6 ص 443 وفيه " قطربين " مكان " قطويين " والظاهر انه تصحيف
أو هو نسبة إلى قطر وهى قرية في سوريا أوهى قطر التى تقع على سيف الخط بين عمان والعقير
والتى هى اليوم مشيخة مستقلة شبه جزيرة على ساحل جزيرة العرب شرقا في خليج فارس
غنية بالنفط .
[362]
الاموال إلى جعفر بن محمد ، قال : فقال لي : ادع الله عليه إذا كنت في صلاة الليل و
أنت ساجد في السجدة الاخيرة من الركعتين الاولتين ، فاحمد الله عزوجل و
مجده وقل : اللهم إن فلان بن فلان قد شهرني ونوه بي ، وغاظني ، وعرضني
للمكاره ، اللهم اضربه بسهم عاجلا تشغله به عني ، اللهم وقرب أجله ، واقطع أثره
وعجل ذلك يا رب الساعة الساعة . قال : فلما قدمنا إلى الكوفة قدمنا ليلا فسألت
أهلنا عنه قلت : ما فعل فلان ؟ فقالوا : هو مريض ، فما انقضى آخر كلامي حتى
سمعت الصياح من منزله وقالوا : قدمات ( 1 ) .
75 - : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب
عن سعيد بن يسار ، آنه حضر أحد ابني سابور وكان لهما فضل وورع وإخبات ، ثم
مرض أحدهما ولا أحسبه إلا زكريا بن سابور قال : فحضرت عند موته فبسط يده
ثم قال : ابيضت يدي يا علي قال : فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام وعنده محمد بن
مسلم قال : فلما قمت من عنده ظننت أن محمدا يخبره بخبر الرجل فأتبعني برسول
فرجعت إليه فقال : أخبرني عن هذا الرجل الذي حضرته عند الموت ، أي شئ
سمعته يقول ؟ قال : قلت : بسط يده وقال : ابيضت يدي يا علي فقال أبوعبدالله :
رآه والله ، رآه والله ، رآه والله ( 2 ) .
76 - كا : العدة ، عن سهل ، ابن محبوب ، عن عبدالعزيز العبدي ، عن
ابن أبي يعفور ، قال : كان خطاب الجهني خليطا لنا ، وكان شديد النصب لآل محمد
وكان يصحب نجدة الحروري قال : فدخلت عليه أعوده للخلطة والتقية ، فاذا هو
مغمى عليه في حد الموت ، فسمعته يقول : مالي ولك يا علي ، فأخبرت بذلك أبا
عبدالله عليه السلام فقال أبوعبدالله عليه السلام : رآه ورب الكعبة ، رآه ورب الكعبة ، رآه
ورب الكعبة ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 512 .
( 2 ) نفس المصدر ج 3 ص 130 .
( 3 ) المصدر السابق ج 3 ص 133 .
[363]
77 - فر : الحسين بن سعيد ، معنعنا عن سفيان قال : قال لي أبوعبدالله جعفر
ابن محمد عليه السلام : ياسفيان لا تذهبن بك المذاهب ، عليك بالقصد ، وعليك أن تتبع
الهدى ، قلت : يا ابن رسول الله ، وما اتباع الهدى ؟ قال : كتاب الله ، ولزوم
هو ؟ قال : فقال لي : والله لكنك آثرت الدنيا على الآخرة ، ومن آثر الدنيا على
الآخرة حشره الله يوم القيامة أعمى ، قال : قلت : يا ابن رسول الله أخبرني عن هذا
الرجل ، لعل الله ينفعني به قال : يا سفيان هو الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، من اتبعه فقد اعطي مالم يعط أحد ومن لم يتبعه فقد خسر خسرانا
مبينا ، هو ، والله جدنا علي بن أبي طاب عليه السلام ، يا سفيان إن أردت العروة الوثقى
فعليك بعلي فإنه والله ينجيك من العذاب ، ياسفيان لا تتبع هواك فتضل عن سواء
السبيل ( 1 ) .
78 - كش : أبوجعفر أحمد بن إبراهيم القرشي قال : أخبرني بعض أصحابنا
قال : كان المعلى بن خنيس رحمه الله إذا كان يوم العيد خرج إلى الصحراء شعثا
مغبرا في زي ملهوف ، فاذا صعد الخطيب المنبر مديده نحو السمآء ثم قال :
اللهم هذا مقام خلفائك وأصفيائك ، ومواضع امنائك الذين خصصتهم ، ابتزوها و
أنت المقدر للاشياء ، لا يغالب قضاؤك ، ولا يجاوز المحتوم من تدبيرك ، كيف شئت
وأنى شئت ، علم في إرادتك كعلمك في خلقك ، حتى عاد صفوتك وخلفاؤك
مغلوبين مقهورين مبتزين ، يرون حكمك مبدلا وكتابك منبوذا ، وفرائضك محرفة
عن جهات شرائعك ، وسنين نبيك صلواتك عليه وآله متروكة ، اللهم العن أعداءهم
من الاولين والآخرين ، والغادين والرائحين ، والماضين والغابرين ، اللهم والعن
جبابرة زماننا ، وأشياعهم وأتباعهم ، وأحزابهم ، وأعوانهم ، إنك على كل شئ
قدير ( 2 ) ،
* ( هامش ) * ( 1 ) تفسير فرات بن ابراهيم ص 29 .
( 2 ) رجال الكشى ص 243 .
[364]
79 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمى ، عن جميل بن دراج ، عن الوليد
ابن صبيح قال : قال لي شهاب بن عبد ربه اقرأ أبا عبدالله عليه السلام عني السلام وأعلمه
أنه يصيبني فزع في منامي قال : فقلت له : إن شهابا يقرئك السلام ويقول لك :
إنه يصيبني فزع في منامي قال : قل له فليزك ماله قال : فأبلغت شهابا ذلك فقال
لي : فتبلغه عني ؟ فقلت : نعم فقال : قل له : إن الصبيان فضلا عن الرجال
ليعلمون أني ازكي مالي ، قال : قال : فأبلغته فقال أبوعبدالله عليه السلام : قل له :
إنك تخرجها ولا تضعها في مواضها ( 1 ) .
80 - كا : علي بن محمد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عمن ذكره ، عن
الوليد بن أبي العلا عن معتب قال : دخل محمد بن بشر الوشاء على أبي عبدالله يسائله
أن يكلم شهابها أن يخفف عنه ، حتى ينقضي الموسم ، وكان له عليه ألف دينار ، فأرسل
إليه فأتاه فقال له : قد عرفت حال محمد وانقطاعه إلينا ، وقد ذكر أن لك عليه
ألف دينار ، ولم يذهب في بطن ولا فرج ، وإنما ذهبت دينا على الرجال ، ووضايع
وضعها ، وأنا أحب أن تجعله في حل فقال : لعلك ممن يزعم أنه يقتص من حسناته
فيعطاها ؟ فقال : كذلك في أيدينا ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : الله أكرم وأعدل من أن
يتقرب إليه عبده ، فيقوم في الليلة القرة ( 2 ) أو يصوم في اليوم الحار أو يطوف
بهذا البيت ، ثم يسلبه ذلك فيعطاه ، ولكن لله فضل كثير يكافي المؤمن فقال : فهو
في حل ( 3 ) .
81 - كا : علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، ومحمد
ابن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال جميعا ، عن أبي جميلة
عن خالد بن عمار ، عن سدير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام وهو داخل
وأنا خارج ، وأخذ بيدي ثم استقبل البيت ، فقال : يا سدير إنما امر الناس أن
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 3 ص 546 .
( 2 ) القرة : أى الباردة وهو من القر بمعنى البرد .
( 3 ) الكافى ج 4 ص 36 .
[365]
يأتوا هذه الاحجار فيطوفوا بها ، ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا ، وهو قول الله
" وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " ( 1 ) - ثم أومأ بيده
إلى صدره - إلى ولايتنا ، ثم قال : يا سدير أفاريك الصادين عن دين الله ؟ ثم
نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزمان ، وهم حلق في المسجد فقال :
هؤلاء الصادون عن دين الله ، بلاهدى من الله ، ولا كتاب مبين ، إن هؤلاء الاخابث
لوجلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى ، و
عن رسوله صلى الله عليه وآله ، حتى يأتونا ، فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى
الله عليه وآله ( 2 ) .
82 - كا : محمد بن الحسن ، عن بعض أصحابنا ، عن علي بن الحكم ، عن الحكم
ابن مسكين ، عن رجل من قريش من أهل مكة قال : قال سفيان الثوري : اذهب
بنا إلى جعفر بن محمد عليه السلام قال : فذهبت معه إليه ، فوجدناه قدركب دابته ، فقال
له سفيان : يا أبا عبدالله حدثنا بحديث خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف ، قال :
دعني حتى أذهب في حاجتي ، فإني قدركبت ، فإذا جئت حدثتك فقال : أسألك
بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله لما حدثتني قال : فنزل ، فقال له سفيان : مرلي
بدواة وقرطاس حتى اثبته ، فدعا به .
ثم قال : اكتب بسم الله الرحمان الرحيم خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد
الخيف : نصر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ، وبلغها من لم تبلغه ، يا أيها الناس ليبلغ
الشاهد الغائب فرب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حالم فقه إلى من وهو أفقه


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 365 سطر 19 الى ص 373 سطر 18

منه ، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصيحة لائمة
المسلمين ، واللزوم لجماعتهم ، فان دعوتهم محيطة من ورائهم ، المؤمنون إخوة
تتكافى دماؤهم ، وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم ، فكتبه ثم عرضه
عليه ، وركب أبوعبدالله عليه السلام وجئت أنا وسفيان فلما كنا في بعض الطريق فقال
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة طه ، الاية 82 .
( 2 ) الكافى ج 1 ص 392 .
[366]
لي : كما أنت حتى أنظر في هذا الحديث فقلت له : قد والله ألزم أبوعبدالله عليه السلام
رقبتك شيئا لا يذهب من رقبتك أبدا فقال : وأي شئ ذلك ؟ فقلت له : ثلاث لا يغل
عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله ، قد عرفناه ، والنصيحة لائمة المسلمين
من هؤلاء الائمة الذين تجب علينا نصيحتهم ؟ معاوية بن أبي سفيان ، ويزيد بن
معاوية ، ومروان بن الحكم ؟ ! وكل من لا تجوز شهادته عندنا ولا تجوز الصلاة
خلفهم ! ! ؟ .
وقوله : واللزوم لجماعتهم ، فأي الجماعة ؟ مرجئ يقول : من لم يصل ، و
لم يصم ولم يغتسل من جنابة ، وهدم الكعبة ، ونكح امه فهو على إيمان جبرئيل
وميكائيل ! ؟
وميكائيل ! ؟ أو قدري يقول : لا يكون ما شاء الله عزوجل ، ويكون ما شاءه إبليس ؟
أو حروري يبرأ من علي بن أبي طالب ، وشهد عليه بالكفر ؟ أوجهمي يقول : إنما
هي معرفة الله وحده ليس الايمان شئ غيرها ! ؟ قال : ويحك وأي شئ يقولون ؟
فقلت : يقولون : إن علي بن أبي طالب والله الامام الذي يجب علينا نصيحته ، ولزوم
جماعة أهل بيته ، قال : فأخذ الكتاب فخرقه ثم قال : لا تخبربها أحدا ( 1 ) .
83 - كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن يونس بن يعقوب
عن عبدالعزيز بن نافع قال طلبنا الاذن على أبي عبدالله عليه السلام ، وأرسلنا إليه فأرسل
إلينا ادخلوا إثنين إثنين ، فدخلت أنا ورجل معي فقلت للرجل : احب أن تسأل
المسألة فقال : نعم فقال له : جعلت فداك إن أبي كان ممن سباه بنو امية ، وقد
علمت أن بني امية لم يكن لهم أن يحرموا ، ولا يحللوا ، ولم يكن لهم مما في أيديهم
قليل ولا كثير ، وإنما ذلك لكم ، فاذا ذكرت الذي كنت فيه ، دخلني من ذلك
ما يكاد يفسد علي عقلي ما أنا فيه ، فقال له : أنت في حل مما كان من ذلك ، وكل
من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك ، قال فقمنا ، وخرجنا ، فسبقنا
معتب إلى النفر القعود الذين ينتظرون إذن أبي عبدالله عليه السلام فقال لهم : قد ظفر
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 1 ص 403 وفيه " ( نضر الله عبدا سمع مقالتى ) بدل ( نصر الله الخ )
ولعله الانسب .
[367]
عبدالعزيز بن نافع بشئ ما ظفر بمثله أحد قط ، قيل له : وما ذاك ؟ ففسره لهم
فقام إثنان فدخلا على أبي عبدالله عليه السلام فقال أحدهما : جعلت فداك إن أبي كان
من سبايا بني امية ، وقد علمت أن بني امية لم يكن لهم من ذلك قليل ولا كثير
وأنا احب أن تجعلني من ذلك في حل فقال : ما ذلك إلينا ، ما لنا أن نحل ولا
أن نحرم فخرج الرجلان وغضب أبوعبدالله عليه السلام ، فلم يدخل عليه أحد في تلك
الليلة إلا بدأه أبوعبدالله عليه السلام ، فقال : ألا تعجبون من فلان يجيئني فيستحلني
مما صنعت بنو امية كأنه يرى أن ذلك لنا ، ولم ينتفع أحد في تلك الليلة بقليل
ولا كثير إلا الاولين ، فانهما غنيا بحاجتهما ( 1 ) .
84 يب : أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نجران ، عن صباح الحذاء عن
أبي الطيار قال : قلت لابي عبدالله ، إنه كان في يدي شئ فتفرق وضقت به ضيقا
شديدا فقال لي : ألك حانوت في السوق ؟ فقلت : نعم ، وقد تركته فقال : إذا
رجعت إلى الكوفة فاقعد في حانوتك ، واكنسه ، وإذا أردت أن تخرج إلى سوقك
فصل ركعتين أو أربع ركعات ، ثم قل في دبر صلاتك ( توجهت بلا حول مني ولا
قوة ولكن بحولك يا رب وقوتك ، وأبرء من الحول والقوة إلا بك ، فأنت حولي
ومنك قوتي اللهم فارزقني من فضلك الواسع رزقا كثيرا طيبا وأنا خافض ( 2 ) في
عافيتك فانه لا يملكها أحد غيرك ) قال : ففعلت ذلك ، وكنت أخرج إلى دكاني
حتى خفت أن يأخذني الجابي ( 3 ) باجرة دكاني وما عندي شئ قال : فجاء جالب
بمتاع فقال لي : تكريني نصف بيتك فأكريته نصف بيتي بكرى البيت كله قال :
وعرض متاعه فاعطي به شيئا لم يبعه فقلت له : هل لك إلى خير تبيعني عدلا من
متاعك هذا أبيعه ، وآخذ فضله ، وأدفع إليك ثمنه قال : فكيف لي بذلك ؟ قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ج 1 ص 545 وفيه ( ان تستأذن ) بدل ( تسأل ) وفى أصل مطبوعة
الكمبانى ( تحل ) وتفاوت وزيادة فلتلا حظ .
( 2 ) خافض : هو فاعل من الخفض وهو لين العيش وسعته .
( 3 ) الجابى : هو الذى يأخذ الخراج ويجمعه .
[368]
قلت له : لك الله علي بذلك قال : فخذ عدلا منها قال : فأخذته ورقمته ، وجاء برد
شديد ، فبعت من يومي ، ودفعت إليه الثمن . فأخذت الفضل ، فمازلت آخذ
عدلا وأبيعه وآخذ فضله ، وأرد عليه رأس المال ، حتى ركبت الدواب ، واشتريت
الرقيق ، وبنيت الدور ( 1 ) .
85 كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن رجل ، عن إسحاق بن عمار
قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إن رجلا استشارني في الحج ، وكان ضعيف الحال
فأشرت عليه أن لايحج فقال : ما أخلقك أن تمرض سنة فمرضت سنة ( 2 ) .
86 كا : عدة من أصحابنا ، عن الحسين بن الحسن بن يزيد ، عن بدر
عن أبيه قال : حدثني سلام أبوعلي الخراساني ، عن سلام بن سعيد المخزومي قال :
بينا أنا جالس عند أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل عليه عبادبن كثير عابد أهل ابصرة ، و
ابن شريح فقيه أهل مكة ، وعند أبي عبدالله عليه السلام ميمون القداح مولى أبي جعفر
عليه السلام فسأله عباد بن كثير فقال : يا أبا عبدالله في كم ثوب كفن رسول الله ؟
فقال : في ثلاثة أثواب ، ثوبين صحاريين ( 3 ) وثوب حبرة ( 4 ) وكان في البرد قلة
فكأنما ازور عباد بن كثير من ذلك فقال أبوعبدالله عليه السلام : إن نخلة مريم عليها السلام
إنما كانت عجوة ( 5 ) ونزلت من السماء ، فما نبت من أصلها كان عجوة ، وما كان
* ( هامش ) * ( 1 ) التهذيب ج 3 ص 312 .
( 2 ) الكافى ج 4 ص 271 .
( 3 ) الصحارى : نسبة إلى صحار بالمهملات مع التحريك قرية باليمن تنسب اليها
الثياب .
( 4 ) الحبرة : كعنبة ثوب يصنع باليمن من قطن أوكتان مخطط يقال برد حبرة على
الوصف وبرد حبرة على الاضافة والجمع حبر وحبرات كعنب وعنبات ففى القاموس : كسحاب
السنبل الذي تخطئه المناجل .
( 5 ) العجوة : ضرب من أجود التمر يضرب إلى السواد .
[369]
من لقاط ( 1 ) فهولون ( 2 ) فلما خرجوا من عنده قال عباد بن كثير لابن شريح :
والله ما أدري ما هذا المثل الذي ضربه لي أبوعبدالله عليه السلام ؟ فقال ابن شريح : هذا
الغلام يخبرك فانه منهم يعني ميمون فسأله فقال ميمون : أما تعلم ما قال لك ؟
قال : لا والله قال : إنه ضرب لك مثل نفسه فأخبرك أنه ولد من ولد رسول الله
صلى الله عليه وآله ، وعلم رسول الله صلى الله عليه وآله عندهم ، فماجاء من عندهم فهو صواب ، وما
جآء من عند غيرهم فهو لقاط ( 3 ) .
87 كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، ومحمد بن إسماعيل ، عن
الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، وابن أبي عمير ، عن عبدالرحمان بن
الحجاج ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كنت أطوف ، وسفيان الثوري قريب مني فقال :
يا أبا عبدالله كيف كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله بالحجر ، إذا انتهى إليه ؟ فقلت : كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يستلمه في كل طواف ، فريضة ونافلة قال : فتخلف عني
قليلا فلما انتهيت إلى الحجر ، جزت ومشيت فلم أستلمه ، فلحقني فقال : يا أبا
عبدالله ألم تخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يستلم الحجر في كل طواف ، فريضة و
نافلة ؟ قلت : بلى قال : فقد مررت به فلم تستلم ! ؟ فقلت : إن الناس كانوا يرون
لرسول الله صلى الله عليه وآله ما لا يرون لي ، وكان إذا انتهى إلى الحجر أفرجوا له حتى
يستلمه ، وإني أكره الزحام ( 4 ) .
88 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عمن ذكره ، عن ابن بكير
عن عمر بن يزيد قال : حاضت صاحبتي وأنا بالمدينة ، وكان ميعاد جمالنا ، وإبان
مقامنا وخروجنا قبل أن تطهر ، ولم تقرب المسجد ، ولا القبر ، ولا المنبر ، فذكرت
ذلك لابي عبدالله عليه السلام فقال : مرها فلتغتسل ، ولتأت مقام جبرئيل عليه السلام ، فان
* ( هامش ) * ( 1 ) اللقاط : من التمر هو ما تخطئه الايدى .
( 2 ) لون : هو جنس ردئ من التمر . وقيل هو الدقل .
( 3 ) الكافى ج 1 ص 400 .
( 4 ) نفس المصدر ج 4 ص 404 .
[370]
جبرئيل عليه السلام كان يجئ فيستأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله ، وإن كان على حال لاينبغي
أن يأذن له ، قام في مكانه حتى يخرج إليه ، وإن أذن له دخل عليه فقلت : وأين
المكان ؟ قال حيال الميزاب ، الذي إذا خرجت من الباب يقال له باب فاطمة عليها السلام
بحذاء القبر ، إذا رفعت رأسك بحذاء الميزاب ، والميزاب فوق رأسك ، والباب من
وراء ظهرك ، وتجلس في ذلك الموضع ، وتجلس معها نساء ، ولتدع ربها ولتؤمن
على دعائها قال : فقلت : وأي شئ تقول ؟ قال : تقول : اللهم إني أسألك بأنك
أنت الله الذي ليس كمثلك شئ ، أن تفعل بي كذا وكذا ، قال : فصنعت صاحبتي
الذي أمرني ، فطهرت ودخلت المسجد ، قال : وكانت لنا خادم أيضا فحاضت ، فقالت :
يا سيدي ألا أذهب أنا زاده ، فأصنع كما صنعت سيدتي ؟ فقلت : بلى ، فذهبت فصنعت
مثل ما صنعت مولاتها ، فطهرت ودخلت المسجد ( 1 ) .
بيان : قيل زادة اسم الجارية ، فيكون بدلا أو عطف بيان لضمير المتكلم
ويحتمل أن يكون مهموزا بكسر الهمزة يقال : زاده كمنعه أفرغه ، وفي التهذيب
زيادة أي زيادة على ما فعلت سيدتي والاظهر أن زاده بمعنى أيضا وهو وإن
لم يكن مذكورا في كتب اللغة ، لكنه شايع متداول بين العرب الآب حتى أنه
قل ما يخلو كلام منهم عنه ، يقولون أنا زاد أفعل ، أو أنا عاد أفعل أي أنا أيضا
أفعل ، فالتاء إما للتأنيث ، أو زيدت من النساخ ، وأما اليوم فلا يلحقون التاء .
89 كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن السياري ، عن محمد بن
جمهور قال : كان النجاشي وهو رجل من الدهاقين عاملا على الاهواز وفارس
فقال بعض أهل عمله لابي عبدالله عليه السلام : إن في ديوان النجاشي علي خراجا ، وهو
مؤمن يدين بطاعتك ، فإن رأيت أن تكتب إليه كتابا ؟ قال : فكتب إليه أبوعبدالله
عليه السلام : بسم الله الرحمان الرحيم سر أخاك ، يسرك الله ، قال : فلما ورد
الكتاب عليه ، دخل عليه وهو في مجلسه ، فلما خلا ناوله الكتاب وقال : هذا
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 4 ص 452 .
[371]
كتاب أبي عبدالله عليه السلام ، فقبله ووضعه على عينيه ، وقال له : ما حاجتك ؟ قال :
خراج علي في ديوانك فقال له : وكم هو ؟ قال : عشرة آلاف درهم فدعا كاتبه وأمره
بأدائها عنه ، ثم أخرجه منها ، وأمر أن يثبتها له لقابل ، ثم قال له : سررتك ؟ فقال :
نعم جعلت فداك ، ثم أمر بركب وجارية وغلام ، وأمر له بتخت ثياب في كل ذلك
يقول : هل سر رتك ؟ فيقول : نعم جعلت فداك ، فكلما قال : نعم زاده حتى فرغ ، ثم قال
له : احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إلي كتاب مولاي
الذي ناولتني فيه ، وارفع إلي حوائجك قال : ففعل ، وخرج الرجل فصار إلى
أبي عبدالله عليه السلام بعد ذلك ، فحدثه بالحديث على جهته ، فجعل يسر بما فعل ، فقال
الرجل : يا ابن رسول الله كأنه قد سرك ما فعل بي ؟ فقال : إي والله ، لقد سر
الله ورسوله ( 1 ) .
90 ختص : السيارى ، عن ابن جمهور مثله ( 2 ) .
91 كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن
سويد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أبوعبدالله عليه السلام قال لي
إبراهيم بن ميمون : كنت جالسا عند أبي حنيفة فجاءه رجل فسأله فقال : ما ترى
في رجل قد حج حجة الاسلام ، أيحج أفضل أم يعتق رقبة ؟ قال : لا بل عتق
رقبة ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : كذب والله وأثم ، الحجة أفضل من عتق رقبة
ورقبة حتى عد عشرا ، ثم قال : ويحه في أي رقبة طواف بالبيت ، وسعي
بين الصفا والمروة ، والوقوف بعرفة ، وحلق الرأس ، ورمي الجمار ؟ لوكان كما
قال : لعطل الناس الحج ، ولو فعلوا كان ينبغي للامام أن يجبرهم على الحج إن
شاؤا وإن أبوا ، فإن هذا البيت إنما وضع للحج ( 3 ) .
92 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن عبدالاعلى
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 190 .
( 2 ) الاختصاص ص 260 .
( 3 ) الكافى ج 4 ص 259 .
[372]
قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إنه ليست من احتمال أمرنا التصديق له
والقبول ، فقط ، من احتمال أمرنا ستره ، وصيانته من غير أهله ، فأقرئهم السلام
وقل لهم : رحم الله عبدا اجتر ( 1 ) مودة الناس إلى نفسه ، حدثوهم بما يعرفون
واستروا عنهم ما ينكرون ، ثم قال : والله ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مؤنة
من الناطق علينا بمانكره ، فإذا عرفتم من عبد إذاعة فامشوا إليه ورد وه عنها فان
قبل منكم وإلا فتحملوا عليه بمن يثقل عليه ، ويسمع منه ، فإن الرجل منكم
يطلب الحاجة فيلطف فيها حتى تقضى له ، فالطفوا في حاجتي كما تلطفون في
حوائجكم ، فان هو قبل منكم وإلا فادفنوا كلامه تحت أقدامكم ولا تقولوا إنه
يقول ويقول ، فان ذلك يحمل علي وعليكم ، أما والله لو كنتم تقولون ما أقول
لاقررت أنكم أصحابي هذا أبوحنيفة له أصحاب ، وهذا الحسن البصري له أصحاب
وأنا امرؤ من قريش قد ولدني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلمت كتاب الله ، وفيه تبيان
كل شئ : بدء الخلق وأمر السماء وأمر الارض ، وأمر الاولين ، وأمر الآخرين
وأمرما كان وما يكون ، كأني أنظر إلى ذلك نصب عيني ( 2 ) .
93 كا : محمد بن الحسن ، وعلي بن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق
عن عبدالله بن حماد الانصاري ، عن سدير الصير في قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام
فقلت له : والله ما يسعك القعود قال : ولم يا سدير ؟ قلت : لكثرة مواليك وشيعتك
وأنصارك والله لو كان لاميرالمؤمنين مالك من الشيعة والانصار والموالي ، ما طمع
فيه تيم ولا عدي فقال : يا سدير وكم عسى أن تكونوا ؟ قلت : مائة ألف قال : مائة
ألف ؟ قلت : نعم ، ومائتي ألف ؟ فقال : ومائتي ألف ؟ قلت : نعم ونصف الدنيا قال :
فسكت عني ثم قال : يخف عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع ؟ قلت : نعم ، فأمر بحمار
وبغل أن يسرجا ، فبادرت ، فركبت الحمار فقال : يا سدير ترى أن تؤثرني
بالحمار ؟ قلت : البغل أزين وأنبل قال : الحمار أرفق بي ، فنزل فركب الحمار
* ( هامش ) * ( 1 ) اجتر : واجدر ، الشئ : جره .
( 2 ) الكافى ج 2 ص 222 .
[373]
وركبت البغل ، فمضينا فحانت الصلاة فقال : يا سدير انزل بنا نصلي ، ثم قال :
هذه أرض سبخة لا يجوز الصلاة فيها ، فسرنا حتى صرنا إلى أرض حمراء ونظر إلى
غلام يرعى جداءا ( 1 ) فقال : والله يا سدير لوكان لي شيعة بعدد هذه الجداء ، ما
وسعني القعود ، ونزلنا وصلينا ، فلما فرغنا من الصلاة عطفت إلى الجداء فعددتها
فإذاهي سبعة عشر ( 2 ) .
94 كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عمار
ابن مروان ، عن سماعة بن مهران قال : قال لي عبد صالح عليه السلام : يا سماعة أمنوا
على فرشهم ، وأخافوني ، أما والله لقد كانت الدنيا وما فيها إلا واحد يعبدالله ، و
لو كان معه غيره لاضافه الله عزوجل إليه حيث يقول : ( إن إبراهيم كان
امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ) ( 3 ) فصبر بذلك ما شآءالله ، ثم إن الله
آنسه باسماعيل وإسحاق فصاروا ثلاثة أما والله إن المؤمن لقليل ، وإن أهل الكفر
كثير ، أتدري لم ذاك ، فقلت : لا أدري جعلت فداك فقال : صيروا انسا للمؤمنين
يبثون إليهم ما في صدورهم ، فيستريحون إلى ذلك ، ويسكنون إليه ( 4 ) .
بيان : قوله عليه السلام : صيروا انسا أي إنما جعل الله تعالى هؤلاء المنافقين
في صورة المؤمنين ، مختلطين بهم ، لئلا يتوحش المؤمنون لقلتهم .
95 ختص : عدة من مشايخنا ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى
عن ابن أبي نجران ، عن محمد بن يحيى ، عن حماد بن عثمان قال : أردت الخروج
إلى مكه فأتيت ابن أبي يعفور مودعا له ، فقلت : لك حاجة ؟ قال : نعم تقرئ


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 373 سطر 19 الى ص 381 سطر 18

أبا عبدالله عليه السلام السلام قال : فقدمت المدينة ، فدخلت عليه فسألني ثم قال : ما فعل
ابن أبي يعفور ؟ قلت : صالح جعلت فداك ، آخر عهدي به وقد أتيته مودعا له
* ( هامش ) * ( 1 ) الجداء : جمع جدى وهو ولد الما عزفى السنة الاولى جمع أجد وجداء وجديان :
( 2 ) الكافى ج 2 ص 242 .
( 3 ) سورة النحل ، الاية : 120 .
( 4 ) الكافى ج 2 ص 243 .
[374]
فسألني أن أقرئك السلام قال : وعليه السلام أقرئه السلام صلى الله عليه ، وقل : كن
على ما عهدتك عليه ( 1 ) .
96 ختص : جعفر بن الحسين ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم
ابن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن سليمان الفراء ، عن عبدالله بن أبي يعفور قال :
كان أصحابنا يدفعون إليه الزكاة يقسمها في أصحابه ، فكان يقسمها فيهم وهو يبكي
قال سليمان : فأقول له م ما يبكيك ؟ قال : فيقول : أخاف أن يروا أنها من قبلي ( 2 ) .
97 كا : العدة ، عن البرقي ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية وهب ، عن
زكريا بن إبراهيم قال : كنت نصرانيا فأسلمت وحججت فدخلت على أبي عبدالله
عليه السلام فقلت : إني كنت على النصرانية ، وإني أسلمت فقال : وأي شئ
رأيت في الاسلام ؟ قلت : قول الله عزوجل ( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان
ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء ) ( 3 ) فقال : لقد هداك الله ، ثم قال : اللهم
اهده ثلاثا ، سل عما شئت يا بني فقلت : إن أبي وامي على النصرانية ، وأهل بيتي
وامي مكفوفة البصر ، فأكون معهم ، وآكل من آنيتهم فقال : يأكلون لحم الخنزير ؟
فقلت : لا ولا يمسونه فقال : لا بأس ، فانظر امك فبرها ، فإذا ماتت ، فلا تكلها
إلى غيرك ، كن أنت الذي تقوم بشأنها ، ولا تخبرن أحدا أنك أتيتني ، حتى
تأتيني بمنى إن شاء الله ، قال : فأتيته بمنى والناس حوله ، كأنه معلم صبيان ، هذا
يسأله ، وهذا يسأله ، فلما قدمت الكوفة ، ألطفت لامي ، وكنت اطعمها وافلي
ثوبها ورأسها وأخدمها ، فقالت لي : يا بني ما كنت تصنع بي هذا ، وأنت على
ديني ، فما الذي أرى منك منذ هاجرت ، فدخلت في الحنيفية ؟ فقلت : رجل من
ولد نبينا أمرني بهذا ، فقالت : هذا الرجل هو نبي ؟ فقلت : لا ولكنه ابن نبي
فقالت : يا بني هذا نبي إن هذه وصايا الانبياء فقلت يا ام إنه ليس يكون بعد
* ( هامش ) * ( 1 ) الاختصاص ص 195 .
( 2 ) نفس المصدر ص 195 .
( 3 ) سورة الشورى ، الاية : 52 .
[375]
نبينا نبي ولكنه ابنه فقالت : يا بني دينك خير دين ، اعرضه علي فعرضته عليها
فدخلت في الاسلام ، وعلمتها فصلت الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء الآخرة ثم
عرض بها عارض في الليل فقالت : يا بني أعد علي ما علمتني ، فأعدته عليها فأقرت
به وماتت ، فلما أصبحت كان المسلمون الذين غسلوها ، وكنت أنا الذي صليت
عليها ونزلت في قبرها ( 1 ) .
بيان : افلي ثوبها أي أنظر فيه لاستخرج قملها .
98 كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط
قال : اكتريت بغلا إلى قصرا بن هبيرة ( 2 ) ذاهبا وجائيا بكذا وكذا ، وخرجت
في طلب غريم لي .
فلما صرت قرب قنطرة الكوفة اخبرت أن صاحبي توجه إلى النيل ( 3 )
فتوجهت نحو النيل ، فلما أتيت النيل اخبرت أن صاحبي توجه إلى بغداد ، فاتبعته
وظفرت به ، وفرغت مما بيني وبينه ، ورجعنا إلى الكوفة ، وكان ذهابي ومجيئي
خمسة عشر يوما ، فأخبرت صاحب البغل بعذري ، وأردت أن أتحلل منه مما صنعت
وارضيه ، فبذلت خمسة عشر درهما ، فأبى أن يقبل ، فتراضينا بأبي حنيفة ، فأخبرته
بالقصة وأخبره الرجل فقال لي : ما صنعت بالبغل ؟ فقلت : قد دفعته إليه سليما
قال : نعم بعد خمسة عشريوما قال : فما تريد من الرجل ؟ قال : اريد كرى بغلي
فقد حبسه علي خمسة عشر يوما فقال : ما أرى لك حقا لانه اكتراه إلى قصر
ابن هبيرة ، فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد ، فضمن قيمة البغل ، وسقط الكرى
فلما رد البغل سليما وقبضته لم يلزمه الكرى ، قال : فخرجنا من عنده ، وجعل
صاحب البغل يسترجع ، فرحمته مما أفتى به أبوحنيفة [ فأعطيته شيئا وتحللت منه
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 160 .
( 2 ) قصر ابن هبيرة : ينسب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة والى العراق لمروان بن
محمد ، بناه بالقرب من جرسورا .
( 3 ) النيل : بكسر أوله اسم لعدة مواضع منها : بليدة في سواد الكوفة ، قرب حلة
بنى مزيد ، بخترقها نهر يتخلج من الفرات العظمى حفره الحجاج بن يوسف .
[376]
فحججت تلك السنة ، فأخبرت أبا عبدالله عليه السلام بما أفتى به أبوحنيفة ] ( 1 ) فقال لي
في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء مآءها ، وتمنع الارض بركتها قال : فقلت
لابي عبدالله عليه السلام : فما ترى أنت ؟ قال : أرى له عليك مثل كرى بغل ذاهبا من
الكوفة إلى النيل ، ومثل كرى بغل راكبا من النيل إلى بغداد ، ومثل كرى بغل
من بغداد إلى الكوفة توفيه إياه .
قال : فقلت : جعلت فداك قد علفته بدراهم ، فلي عليه علفه ؟ فقال : لا لانك
غاصب فقلت : أرأيت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني ؟ قال : نعم قيمة بغل
يوم خالفته قلت : فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز ؟ فقال : عليك قيمة ما بين
الصحة والعيب ، يوم ترده ، عليه ، قلت : فمن يعرف ذلك ؟ قال : أنت وهو ، إما
أن يحلف هو على القيمة ، فيلزمك ، فان رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه
ذلك أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين أكرى كذا وكذا
فيلزمك ، قلت : إن كنت أعطيته دراهم ورضي بها وحللني ؟ فقال : إنما رضي
بها وحللك حين قضى عليه أبوحنيفة بالجور والظلم ، ولكن ارجع إليه فأخبره
بما أفتيتك به ، فان جعلك في حل بعد معرفته فلا شئ عليك بعد ذلك ، قال أبوولاد :
فلما انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري فأخبرته بما أفتاني به أبوعبدالله عليه السلام
وقلت له : قل ما شئت حتى اعطيكه ؟ فقال : قد حببت إلي جعفر بن محمد عليه السلام ووقع
في قلبي له التفضيل ، وأنت في حل ، وإن أحببت أن أرد عليك الذي أخذته منك
فعلت ( 2 ) .
99 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي عمارة
الطيار قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إني قد ذهب مالي وتفرق ما في يدي ، و
عيالي كثير ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : إذا قدمت الكوفة فافتح باب حانوتك
وابسط بساطك ، وضع ميزانك ، وتعرض لرزق ربك ، فلما أن قدم الكوفة
* ( هامش ) * ( 1 ) ما بين القوسين موجود في المصدر وقد سقط من مطبوعة الكمبانى .
( 2 ) الكافى ج 5 ص 290 .
[377]
فتح باب حانوته ، وبسط بساطه ، ووضع ميزانه ، قال : فتعجب من حوله بأن
ليس في بيته قليل ولا كثير من المتاع ، ولا عنده شئ قال : فجاءه رجل فقال : اشتر
لي ثوبا قال : فاشترى له ، وأخذ ثمنه ، وصار الثمن إليه ، ثم جاءه آخر فقال :
اشتر لي ثوبا قال : فجلب له في السوق ، ثم اشترى له ثوبا ، فأخذ ثمنه فصار في
يده ، وكذلك يصنع التجار يأخذ بعضهم من بعض .
ثم جاءه رجل آخر فقال له : يا با عمارة إن عندي عدلا من كتان فهل
تشتريه واؤخرك بثمنه سنة ؟ فقال : نعم ، احمله وجئ به قال : فحمله إليه
فاشتراه منه بتأخير سنة قال : فقام الرجل فذهب ، ثم أتاه آت من أهل السوق
فقال : يا أبا عمارة ما هذا العدل ؟ قال : هذا عدل اشتريته فقال : فتبيعني نصفه و
اعجل لك ثمنه ؟ قال : نعم فاشتراه منه وأعطاه نصف المتاع فأخذ نصف الثمن قال :
فصار في يده الباقي إلى سنة ، قال : فجعل يشتري بثمنه الثوب والثوبين ويعرض
ويشتري ويبيع ، حتى أثرى ، وعرض وجهه ، وأصاب معروفا ( 1 ) .
100 كا : علي عن أبيه ، عن اللؤلؤي ، عن صفوان ، عن عبدالرحمن بن
الحجاج قال : كان رجل من أصحابنا بالمدينة فضاق ضيقا شديدا ، واشتدت حاله
فقال له أبوعبدالله عليه السلام : اذهب فخذ حانوتا في السوق ، وابسط بساطا ، وليكن
عندك جرة من ماء ، والزم باب حانوتك قال : ففعل الرجل فمكث ما شاء الله .
قال : ثم قدمت رفقة من مصر فألقوا متاعهم ، كل رجل منهم عند معرفته ، وعند
صديقه ، حتى ملؤا الحوانيت ، وبقي رجل لم يصب حانوتا يلقي فيه متاعه فقال
له أهل السوق : ههنا رجل ليس به بأس ، وليس في حانوته متاع ، فلو ألقيت متاعك
في حانوته ، فذهب إليه فقال له : القي متاعي في حانوتك ؟ فقال له : نعم ، فألقى
متاعه في حانوته ، وجعل يبيع متاعه ، الاول فالاول ، حتى إذا حضر خروج
الرفقة بقي عند الرجل شئ يسير من متاعه ، فكره المقام عليه ، فقال لصاحبنا :
اخلف هذا المتاع عندك تبيعه وتبعث إلي بثمنه ؟ قال : فقال : نعم ، فخرجت الرفقة
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 5 ص 304 وفيه ( جئنى به ) بدل ( وجئ به ) .
[378]
وخرج الرجل معهم ، وخلف المتاع عنده ، فباعه صاحبنا ، وبعث بثمنه إليه قال :
فلما أن تهيأ خروج رفقة مصر من مصر ، بعث إليه ببضاعة فباعها ، ورد إليه
ثمنها ، فلما رأى ذلك منه الرجل أقام بمصر ، وجعل يبعث إليه بالمتاع ويجهز
عليه قال : فأصاب وكثر ماله وأثرى ( 1 ) .
101 كتاب زيد النرسى : قال : لما ظهر أبوالخطاب بالكوفة وادعى
في أبي عبدالله عليه السلام ما ادعاه دخلت على أبي عبدالله عليه السلام مع عبيدة بن زرارة فقلت
له : جعلت فداك لقد ادعى أبوالخطاب وأصحابه فيك أمرا عظيما ، إنه لبى
بلبيك جعفر ، لبيك معراج .
وزعم أصحابه أن أبا الخطاب اسري به إليك ، فلما هبط إلى الارض دعا
إليك ، ولذا لبى بك .
قال : فرأيت أبا عبدالله عليه السلام قد أرسل دمعته من حماليق ( 2 ) عينيه وهو يقول :
يا رب برئت إليك مما ادعى في الاجدع ( 3 ) عبد بني أسد ، خشع لك شعري و
بشري ، عبدلك ابن عبدلك ، خاضع ذليل ، ثم أطرق ساعة في الارض كأنه يناجي
شيئا ، ثم رفع رأسه وهو يقول : أجل أجل عبد خاضع خاشع ذليل لربه صاغر
راغم من ربه خائف وجل ، لي والله رب أعبده لا اشرك به شيئا ، ماله أخزاه الله
وأرعبه ولا آمن روعته يوم القيامة ، ما كانت تلبية الانبياء هكذا ولا تلبيتي ولا تلبية
الرسل ، إنما لبيت بلبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، ثم قمنا من عنده فقال :
يا زيد إنما قلت لك هذا لاستقر في قبري يا زيد استر ذلك عن الاعداء ( 4 ) .
أقول : وجدت في كتاب مزار لبعض قدمآء أصحابنا ، وفي كتاب مقتل لبعض
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 5 ص 309 .
( 2 ) الحماليق : جمع حملاق وحملاق وحملوق كعصفور ، من العين : باطن أجفانها
الذى يسوده الكحل أو هو ما غطته الاجفان من بياض المقلة .
( 3 ) الاجدع : مقطوع الانف .
( 4 ) أصل زيد النرسى ص 46 من الاصول الستة عشر طبع ايران .
[379]
متأخريهم خبرا أحببت إيرادة ، واللفظ للاول :
قال : حدثنا جماعة عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن علي الطوسي ، وعن الشريف
أبي الفضل المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني ، وعن الشيخ الامين أبي عبدالله
محمد بن شهريار الخازن ، وعن الشيخ الجليل ابن شهر آشوب ، عن المقري عبدالجبار
الرازي ، وكلهم يروون عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي الطوسي رضى الله عنه قال :
حدثنا الشيخ أبوجعفر محمد بن الحسن الطوسي بالمشهد المقدس بالغري على صاحبه
السلام في شهر رمضان من سنة ثمان وخمسين وأربعمائة .
قال : حدثنا الشيخ أبوعبدالله الحسين بن عبيدالله الغضايري قال : حدثنا
أبوالمفضل محمد بن عبدالله السلمي قالوا : وحدثنا الشيخ المفيد أبوعلي الحسن بن محمد
الطوسي والشيخ الامين أبوعبدالله محمد بن أحمد بن شهريار الخازن قالا : جميعا حدثنا
الشيخ أبومنصور محمد بن أحمد بن عبدالعزيز العكبري المعدل بها في داره ببغداد
سنة سبع وستين وأربعمائة .
قال : حدثنا أبوالفضل محمد بن عبدالله الشيباني قال : حدثنا محمد بن يزيد بن
أبي الازهر البوشنجي النحوي قال : حدثنا أبوالصباح محمد بن عبدالله بن زيد
النهلي قال : أخبرني أبي قال : حدثنا الشريف زيد بن جعفر العلوي قال : حدثنا
محمد بن وهبان الهناتي قال : حدثنا أبوعبدالله الحسين بن علي بن سفيان البزو فري
قال : حدثنا أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد العلوى قال : حدثنا محمد بن جمهور
العمي ، عن الهيثم بن عبدالله الناقد عن بشار المكاري قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام
بالكوفة وقد قدم له طبق رطب طبرزد ( 1 ) وهو يأكل فقال : يا بشار ادن فكل
فقلت : هناك الله ، وجعلني فداك ، قد أخذتني الغيرة من شئ رأيته في طريقي !
أوجع قلبي ، وبلغ مني فقال لي : بحقي لما دنوت فأكلت قال : فدنوت فأكلت
فقال لي : حديثك قلت : رأيت جلوازا ( 2 ) يضرب رأس امرأة ، ويسوقها إلى الحبس
* ( هامش ) * ( 1 ) الطبرزد : نوع من التمرسمى به لشدة حلاوته تشبيها بالسكر الطبرزد .
( 2 ) الجلواز : الشرطى الذى يحف في الذهاب والمجئ بين يدى الامير جمع
جلاوزة .
[380]
وهي تنادي بأعلاصوتها : المستغاث بالله ورسوله ، ولا يغيثها أحد قال : ولم فعل بها
ذلك ؟ قال : سمعت الناس يقولون إنها عثرت فقالت : لعن الله ظالميك يا فاطمة
فارتكب منها ما ارتكب .
قال : فقطع الاكل ولم يزل يبكي حتى ابتل منديله ، ولحيته ، وصدره
بالدموع ، ثم قال : يا بشار قم بنا إلى مسجد السهلة فندعو الله عزوجل و
نسأله خلاص هذه المرأة قال : ووجه بعض الشيعة إلى باب السلطان ، وتقدم إليه
بأن لا يبرح إلى أن يأتيه رسوله فان حدث بالمرأة حدث صار إلينا حيث كنا قال : فصرنا
إلى مسجد السهلة ، وصلى كل واحد منا ركعتين ، ثم رفع الصادق عليه السلام يده إلى
السماء وقال : أنت الله إلى آخر الدعاء قال : فخر ساجدا لا أسمع منه إلا
النفس ثم رفع رأسه : فقال : قم فقد اطلقت المرأة .
قال : فخرجنا جميعا ، فبينما نحن في بعض الطريق إذ لحق بنا الرجل
الذي وجهناه إلى باب السلطان فقال له عليه السلام ما الخبر ؟ قال : قد اطلق عنها قال :
كيف كان إخراجها قال : لا أدري ولكنني كنت واقفا على باب السلطان ، إذ خرج
حاجب فدعاها وقال لها : ما الذي تكلمت ؟ قالت : عثرت فقلت : لعن الله ظالميك
يا فاطمة ، ففعل بي ما فعل قال : فأخرج مائتي درهم وقال : خذي هذه واجعلي
الامير في حل ، فأبت أن تأخذها ، فلما رأى ذلك منها دخل ، وأعلم صاحبه بذلك
ثم خرج فقال : انصرفي إليك بيتك فذهبت إلى منزلها .
فقال أبوعبدالله عليه السلام : أبت أن تأخذ المائتي درهم ؟ قال : نعم وهي والله محتاجة
إليها قال : فأخرج من جيبه صرة فيها سبعة دنانير وقال : اذهب أنت بهذه إلى
منزلها فأقرئها مني السلام وادفع إليها هذه الدنانير قال : فذهبنا جميعا فأقرأناها
منه السلام فقالت : بالله أقرأني جعفر بن محمد السلام ؟ فقلت لها : رحمك الله ، والله
إن جعفر بن محمد أقرأك السلام ، فشقت جيبها ووقعت مغشية عليها قال : فصبرنا
حتى أفاقت ، وقالت : أعدها علي ، فأعدناها عليا حتى فعلت ذلك ثلاثا ثم قلنا
لها : خذي ! هذا ما أرسل به إليك ، وأبشري بذلك ، فأخذته منا ، وقالت :
[381]
سلوه أن يستوهب أمته من الله فما أعرف أحدا توسل به إلى الله أكثر منه ومن
آبائه وأجداه عليهم السلام .
قال : فرجعنا إلى أبي عبدالله عليه السلام فجعلنا نحدثه بما كان منها ، فجعل يبكي
ويدعو لها ، ثم قلت : ليت شعري متى أرى فرج آل محمد عليهم السلام ؟ قال : يا بشار
إذا توفي ولي الله وهو الرابع من ولدي في أشد البقاع بين شرار العباد ، فعندذلك
يصل إلى ولد بني فلان مصيبة ساء ، فاذا رأيت ذلك التقت حلق البطان ولا مرد
لامرالله .
بيان : المراد ببني فلان بني العباس ، وكان ابتداء وهي دولتهم عند وفات
أبي الحسن العسكري عليه السلام والبطان للقتب الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير
ويقال : التقت حلقتا البطان للامر إذا اشتد .
102 محص : عن فرات بن أحنف قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل
عليه رجل من هؤلاء الملاعين فقال : والله لاسوءنه في شيعته فقال : يا أبا عبدالله أقبل
إلي فلم يقبل إليه فأعاد ، فلم يقبل إليه ، ثم أعاد الثالثة فقال : ها أناذا مقبل
فقل ولن تقول خيرا فقال : إن شيعتك يشربون النبيذ فقال : وما بأس بالنبيذ
أخبرني أبي عن جابر عن عبدالله أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يشربون
النبيذ فقال : لست أعنيك النبيذ أعنيك المسكر .
فقال : شيعتنا أزكى وأطهر من أن يجري للشيطان في أمعائهم رسيس ، وإن
فعل ذلك المخذول منهم ، فيجد ربا رؤفا ، ونبيا بالاستغفار له عطوفا ، ووليا له


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 381 سطر 19 الى ص 389 سطر 18

عند الحوض ولوفا ، وتكون وأصحابك ببرهوت ( 1 ) عطوفا ، قال : فأفحم الرجل
وسكت ، ثم قال : لست أعنيك المسكر إنما أعنيك الخمر فقال أبوعبدالله عليه السلام
سلبك الله لسانك ، مالك تؤذينا في شيعتنا منذ اليوم ، أخبرني أبي ، عن علي بن
الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، عن جبرئيل
* ( هامش ) * ( 1 ) برهوت : بضم الهاء وسكون الواو وتاء فوقها نقطتان : واد في حضرموت فيه
بئر يتصاعد منها لهيب الاسفلت مع صوت الغليان وروائح كريهة ، جاء أن فيه أرواح الكفار
[382]
عن الله تعالى أنه قال : يا محمد إنني حظرت الفردوس على جميع النبيين حتى
تدخلها أنت وعلي وشيعتكما ، إلا من اقترف منهم كبيرة ، فاني أبلوه في ماله أو
بخوف من سلطانه ، حتى تلقاه الملائكة بالروح والريحان ، وأنا عليه غير غضبان
فهل عند أصحابك هؤلاء شئ من هذا ؟ ! .
اقول : روى البرسي في مشارق الانوار مثله عن أبي الحسن الثاني عليه السلام ( 1 )
بيان : الرسيس الشئ الثابت ، وابتداء الحب ، ويقال : ولف البرق إذا تتابع
والولوف البرق المتتابع اللمعان ، ولا يبعد أن يكون بالكاف من وكف البيت أي
قطر ، قوله عطوفا كذا في النسخة التي عندنا ، وفي مشارق الانوار ( 2 ) مكوفا من
الكوف بمعنى الجمع وهو الصواب .
103 ختص : من أصحابه عليه السلام عبدالله بن أبي يعفور ، أبان بن تغلب ، بكير
ابن أعين ، محمد بن مسلم الثقفي ، محمد بن النعمان ( 3 ) .
104 كا : العدة ، عن سهل ، عن العباس بن عامر ، عن أبي عبدالرحمان
المسعودي ، عن حفص بن عمر البجلي قال : شكوت إلى أبي عبدالله عليه السلام حالي ، و
انتشار أمري علي قال : فقال لي : إذا قدمت الكوفة فبع وسادة من بيتك بعشرة
دراهم ، وادع إخوانك ، وأعدلهم طعاما ، وسلهم يدعون الله لك ، قال :
ففعلت ، وما أمكنني ذلك حتى بعت وسادة ، واتخذت طعاما كما أمرني ، وسألتهم
أن يدعوا الله لي قال : فوالله ما مكثت إلا قليلا حتى أتاني غريم لي فدق الباب
علي وصالحني من مال لي كثير ، كنت أحسبه نحوا من عشرة آلاف درهم قال :
ثم أقبلت الاشيآء علي ( 4 ) .
105 كا : علي بن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله
* ( هامش ) * ( 1 ) مشارق انوار اليقين ص 221 بتفاوت .
( 2 ) نفس المصدر ص 221 وفيه ( واماما له على الحوض عروفا ) .
( 3 ) الاختصاص ص 8 وليس في المطبوع ذكرابان بن تغلب مع الجماعة .
( 4 ) الكافى ج 5 ص 314 .
[383]
ابن حماد ، عن علي بن أبي حمزة قال كان لي صديق من كتاب بني امية فقال
لي : استاذن لي على أبي عبدالله عليه السلام فاستأذنت له ، فأذن له فلما أن دخل سل وجلس
ثم قال : جعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم ، فأصبت من دنياهم مالا
كثيرا ، وأغمضت ( 1 ) في مطالبه .
فقال أبوعبدالله عليه السلام : لولا أن بني امية وجدوا من يكتب لهم ، ويجبي
لهم الفئ ، ويقاتل عنهم [ ويشهد جماعتهم ] لما سلبونا حقنا ، ولوتركهم الناس
وما في أيديهم ، ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم قال : فقال الفتى : جعلت
فداك فهل لي مخرج منه ؟ قال : إن قلت لك تفعل ؟ قال : أفعل قال : فاخرج من
جميع ما كسبت في ديوانهم ، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ، ومن لم تعرف تصدقت
به ، وأنا أضمن لك على الله الجنة فأطرق الفتى طويلا ، ثم قال له : قد فعلت
جعلت فداك .
قال ابن أبي حمزة : فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجهه
الارض إلا خرج منه ، حتى ثيابه التي على بدنه ، قال : فقسمت له قسمة ، واشترينا
له ثيابا ، وبعثنا إليه بنفقة قال : فما أتى عليه إلا أشهر قلائل حتى مرض ، فكنا
نعوده قال : فدخلت عليه يوما وهو في السوق ( 2 ) قال : ففتح عينيه ثم قال : يا علي
وفى لي والله صاحبك ، قال : ثم مات ، فتولينا أمره ، فخرجت حتى دخلت على
أبي عبدالله عليه السلام فلما نظر إلي قال : يا علي وفينا والله لصاحبك قال : فقلت له :
صدقت جعلت فداك ، هكذا والله قال لي عند موته ( 3 ) .
106 .
كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن داود بن زربي ، قال :
أخبرني مولى لعلي بن الحسن عليه السلام قال : كنت بالكوفة ، فقدم أبوعبدالله عليه السلام
الحيرة ، فأتيته فقلت : جعلت فداك لو كلمت داود بن علي أو بعض هؤلاء فأدخل في
بعض هذه الولايات ؟ فقال : ما كنت لافعل قال : فانصرفت إلى منزلي ، فتفكرت
* ( هامش ) * ( 1 ) أغمضت في مطالبه : أى تساهلت في تحصيله ولم أجتنب فيه الحرام والشبهات .
( 2 ) السوق : هو حالة نزع الروح من الميت .
( 3 ) الكافى ج 5 ص 106 .
[384]
فقلت : ما أحسبه منعني إلا مخافة أن أظلم أو أجور ، والله لآتينه ولا عطينه الطلاق
والعتاق والايمان المغلظة أن لا أظلم أحدا ولا أجور ، ولاعدلن قال : فأتيته فقلت :
جعلت فداك إني فكرت في إبائك علي فظننت أنك إنما كرهت ذلك مخافة أن
أجور أو أظلم ، وإن كل امرأة لي طالق ، وكل مملوك ، لي حر ، وعلي وعلي
إن ظلمت أحدا ، أو جرت عليه ، وإن لم أعدل ، قال : كيف قلت ؟ قال : فأعدت عيه
الايمان ، فرفع رأسه إلى السماء فقال : تناول السمآء أيسر عليك من ذلك ( 1 ) .
107 كا : الحسين بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي ، عن كثير بن يونس
عن عبدالرحمان بن سيابة قال : لما أن هلك أبي سيابة جآء رجل من إخوانه
إلي فضرب الباب علي فخرجت إليه فعزاني وقال لي : هل ترك أبوك شيئا ؟
فقلت له : لا ، فدفع إلي كيسا فيه ألف درهم وقال لي : أحسن حفظها وكل فضلها
فدخلت إلى امي وأنا فرح فأخبرتها ، فلما كان بالعشي أتيت صديقا كان لابي
فاشترى لي بضايع سابريا ( 2 ) وجلست في حانوت ، فرزق الله عزوجل فيها خيرا
وحضر الحج فوقع في قلبي ، فجئت إلى امي فقلت لها : إنه قد وقع في قلبي أن
أخرج إلى مكة فقالت لي : فرد دراهم فلان عليه ، فهياتها وجئت لها إليه ، فدفعتها
إليه ، فكأني وهبتها له ، فقال : لعلك استقللتها ؟ فأزيدك ؟ قلت : لا ولكن وقع في
قلبي الحج ، وأحببت أن يكون شيئا عندك ، ثم خرجت فقضيت نسكي ، ثم
رجعت إلى المدينة فدخلت مع الناس على أبي عبدالله عليه السلام ، وكان يأذن إذنا عاما
فجلست في مواخير ( 3 ) الناس ، وكنت حدثا فأخذ الناس يسألونه ويجيبهم .
فلما خف الناس عنه أشار إلي فدنوت إليه فقال لي : ألك حاجة ؟ فقلت له :
جعلت فداك أنا عبدالرحمان بن سيابة فقال : ما فعل أبوك ؟ فقلت : هلك قال :
فتوجع وترحم قال : ثم قال لي : أفترك شيئا ؟ قلت : لا قال : فمن أين حججت
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 5 ص 107 .
( 2 ) السابرى : ضرب من الثياب الرقاق تعمل بسابور موضع بفارس .
( 3 ) المواخير : جلس في مواخير الناس أى في مؤخر تهم .
[385]
قال : فابتدأت فحدثته بقصة الرجل قال : فما تركني أفرغ منها حتى قال لي :
فما فعلت الالف ؟ قال : قلت : رددتها على صاحبها قال : فقال لي : قد أحسنت وقال
لي : ألا اوصيك ؟ قلت : بلى جعلت فداك ، قال : عليك بصدق الحديث ، وأداء
الامانة ، تشرك الناس في أموالهم ، هكذا ، وجمع بين أصابعه قال : فحفظت ذلك
عنه ، فزكيت ثلاثمائة ألد درهم ( 1 ) .
108 كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن ثعلبة ، عن سعيد
ابن عمرو الجعفي قال : خرجت إلى مكة وأنا من أشد الناس حالا ، فشكوت إلى
أبي عبدالله عليه السلام فلما خرجت من عنده وجدت على بابه كيسا فيه سبع مائة دينار
فرجعت إليه من فوري ذلك فأخبرته فقال : يا سعيد اتق الله وعرفه في المشاهد
وكنت رجوت أن يرخص لي فيه ، فخرجت وأنا مغتم فأتيت منى فتنحيت عن الناس
وتقصيت حتى أتيت الماروقه ( 2 ) . فنزلت في بيت متنحيا من الناس ثم قلت : من
يعرف الكيس قال : فأول صوت صوته إذا رجل على رأسي يقول : أنا صاحب الكيس
قال : فقلت في نفسي : أنت فلا كنت ، قلت : ما علامة الكيس ؟ فأخبرني بعلامته
فدفعته إليه قال : فتنحى ناحية فعدها فإذا الدنانير على حالها ، ثم عدمنها سبعين
دينارا فقال : خذها حلالا خير من سبعمائة حراما فأخذتها ثم دخلت على أبي عبدالله
عليه السلام فأخبرته كيف تنحيت ، وكيف صنعت ، فقال : أما إنك حين شكوت
إلي أمرنا لك بثلاثين دينارا ، يا جارية هاتها ، فأخذتها وأنا من أحسن قومي
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 5 ص 134 .
( 2 ) الماورقة :
لم نعثر لهذه الكلمة على معنى مناسب سوى ما يستفاد من السياق من أنها اسم مكان
لم نتحقق من موضعه ، وقد نقل انها وردت بصور مختلفة منها : الماروقة والماقوقة والمأفوقة
وقد يكون في الكلمة تصحيف وأن الصواب فيها الماقوفة اسم مفعول من الوقف على غير
القياس وأن المراد بها المنازل الموقوفة بمنى لمن لا فسطاط له ، كما ونقل أن في نسخة
صحيحة من الكافى ( الموقوفة ) ومعناها ظاهر يغنى عن البيان .
[386]
حالا ( 1 ) .
109 .
كا : الحسين ، عن أحمد بن هلال ، عن زرعة ، عن سماعة قال :
تعرض رجل من ولد عمر بن بن الخطاب بجارية رجل عقيلي فقالت له : إن هذا
العمري قد آذاني فقال لها : عديه ، وأدخليه الدهليز ، فأدخلته فشد عليه فقتله
وألقاه في الطريق ، فاجتمع البكريون والعمريون والعثمانيون وقالوا : ما لصاحبنا
كفو ، لن نقتل به إلا جعفر بن محمد ، وما قتل صاحبنا غيره ، وكان أبوعبدالله عليه السلام
قد مضى نحو قبا ، فلقيته بما اجتمع القوم عليه فقال : دعهم قال : فلما جآء ورأوه
وثبوا عليه ، وقالوا : ما قتل صاحبنا أحد غيرك ، وما نقتل به أحدا غيرك .
فقال : لتكلمني منكم جماعة ، فاعزل قوم منهم فأخذ بأيديهم ، فأدخلهم
المسجد ، فخرجواوهم يقولون شيخنا أبوعبدالله جعفر بن محمد ، معاذ الله أن يكون
مثله يفعل هذا ، ولا يأمر به انصرفوا .
قال : فمضيت معه فقلت : جعلت فداك ما كان أقرب رضا هم من سخط ! ؟ قال :
نعم دعوتهم فقلت : أمسكوا وإلا أخرجت الصحيفة فقلت : وما هذه الصحيفة جعلني
الله فداك ؟ فقال : ام الخطاب كانت أمة للزبير بن عبدالمطلب فسطر ( 2 ) بها نفيل
فأحبلها فطلبه الزبير ، فخرج هاربا إلى الطائف ، فخرج الزبير خلفه فبصرت به
ثقيف فقالوا : يا أبا عبدالله ما تعمل ههنا ؟ قال : جاريتي سطربها نفيلكم ، فخرج منه
إلى الشام ، وخرج الزبير في تجارة له إلى الشام ، فدخل على ملك الدومة ( 3 )
فقال له : يا أبا عبدالله لي إليك حاجة قال : وما حاجتك أيها الملك ؟ فقال : رجل
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 5 ص 138 وفيه [ الموقوفة ] مكان [ الماورقة ] .
( 2 ) سطر : بالمهملات : أى زخرف لها الكلام وخدعها ، وفى بعض النسخ شطر
بها بالمعجمة أى قصد قصدها ومن المحتمل قويا تصحيف الكلمة وصوابها ( فسطابها ) من
السطو بمعنى الثوب عليها والقهر لها .
( 3 ) الدومة : بالضم وقد تفتح هى دومة الجندل ، قيل هى من أعمال المدينة حصن
على سبعة مراحل من دمشق ، بينها وبين المدينة .
[387]
من أهلك قد أخذت ولده ، فاحب أن ترده عليه قال : ليظهر لي حتى أعرفه ، فلما
أن كان من الغد دخل إلى الملك ، فلما رآه الملك ضحك فقال : ما يضحك أيها الملك
قال : ما أظن هذا الرجل ولدته عربية ، لما رآك قد دخلت لم يملك استه أن جعل
يضرط فقال : أيها الملك إذا صرت إلى مكة قضيت حاجتك ، فلما قدم الزبير
تحمل ببطون قريش كلها أن يدفع إليه ابنه فأبى ثم تحمل عليه بعبدالمطلب فقال :
ما بيني وبينه عمل أما علمتم ما فعل في ابني فلان ، ولكن امضوا أنتم إليه فقصدوه
وكلموه ، فقال لهم الزبير : إن الشيطان له دولة ، وإن ابن هذا ابن الشيطان
ولست آمن أن يترأس علينا ، ولكن أدخلوه من باب المسجد علي على أن أحمي
له حديدة ، وأخط في وجهه خطوطا ، وأكتب عليه وعلى ابنه ، أن لا يتصدر في مجلس
ولا يتأمر على أولادنا ولا يضرب معنا بسهم ، قال : ففعلوا وخط وجهه بالحديدة
وكتب عليه الكتاب ، وذلك الكتاب عندنا ، فقلت لهم : إن أمسكتم وإلا أخرجت
الكتاب ، ففيه فضيحتكم فأمسكوا .
وتوفي مولى لرسول الله صلى الله عليه وآله لم يخلف وارثا ، فخاصم فيه ولد العباس أبا عبدالله
عليه السلام وكان هشام بن عبدالملك قد حج في تلك السنة ، فجلس لهم فقال داود
ابن علي : الولاء لنا وقال أبوعبدالله عليه السلام : بل الولاء لي ، فقال داود بن علي : إن
أباك قاتل معاوية فقال : إن كان أبي قاتل معاوية ، فقد كان حظ أبيك فيه الاوفر
ثم فر بجنايته ( 1 ) وقال : والله لا طوقنك غدا طوق الحمامة ، فقال له داود بن
* ( هامش ) * ( 1 ) هذا الحديث من حديث الغالية ، ويكفى في الاعراض عنه ان في طريقه أحمد
ابن هلال وهو العبرتائى الذى وصفه الشيخ بانه كان غاليا متهما في دينه ، وقال فيه العلامة :
ورد فيه ذموم عن سيدنا أبى محمد العسكرى عليه السلام ، وقال الميرزا محمد في رجاله
الكبير : وعندى ان روايته غير مقبولة .
هذا من جهة السند ، واما نسبة الخيانة إلى حبر الامة عبدالله بن عباس ( رض ) فهى
من أحاديث الوضاعين وقد اشترك في تركيزها عدة عوامل أهمها سلطان بنى أمية بادئ الامر
وخصوم بنى العباس أخيرا ، وقد استعرضنا في كتابنا الكبير في حياة عبدالله بن عباس ( رض )
[388]
علي : كلامك هذا أهون علي من بعرة في وادي الازق ( 1 ) فقال : أما إنه واد
ليس لك ولا لابيك فيه حق قال : فقال هشام : إذا كان غدا جلست لكم ، فلما أن
كان من الغد خرج أبوعبدالله عليه السلام ومعه كتاب في كرباسة ، وجلس لهم هشام ، فوضع
أبوعبدالله عليه السلام الكتاب بين يديه ، فلما قرأه قال : ادعوا إلي جندل الخزاعي
وعكاشة الضميري ، وكانا شيخين ، قد أدركا الجاهلية ، فرمى الكتاب إليهما فقال :
تعرفان هذه الخطوط ؟ قالا : نعم هذا خط العاص بن امية ، وهذا خط فلان وفلان
لفلان من قريش ، وهذا خط حرب بن امية فقال هشام : ياأبا بعدالله أرى خطوط
أجدادي عندكم ؟ فقال : نعم ، قال : قد قضيت بالولاء لك قال : فخرج وهو يقول :
إن عادت العقرب عدنا لها * وكانت النعل لها حاضرة ( 2 )
* ( هامش ) * ( 1 ) في الجزء الرابع منه جميع النقود التى طعن بها في ساحة ابن عباس ( رض ) ومنها وهو
اهمها حديث الخيانة المزعوم ، وقد ذكرنا صوره وأدلة القائلين به ، وناقشناه من حيث
السند والدلالة مضافا إلى ما ذكرناه من مكانة الحبر ابن عباس ( رض ) عند أئمة أهل البيت
من معاصريه ، وشيعتهم ، وغير ذلك مما يكذب الحديث المزعوم ويبرى ساحة ذلك الحبر
الجليل ، واسأل الله أن يوفقنا لطبعه ونشره ليعم نفعه .
( 1 ) وادى الازرق : بالحجاز .
( 2 ) هذا البيت من أبيان للفضل بن العباس بن عتبة اللهبى قالها في رجل من بنى كنانة
يقال له عقرب بن أبى عقرب وكان تاجرا حناطا وهو شديد المطل حتى ضرب المثل بمطله
فقيل ( أمطل من عقرب ) فداين الفضل اللهبى وكان شديد الاقتضاء ، فمطله عقرب ثم مر
به الفضل وهو يبيع حنطة له ويقول :
جاءت به ضابطة التجار * ضافية كقطع الاوتار
فقال الفضل يهجوه :
قد تجرت عقرب في سوقنا * يا عجبا للعقرب التاجرة
قد صافت العقرب واستيقنت * أن مالها دنيا ولا آخرة
ان عادت العقرب عدنالها * وكانت النعل لها حاضرة
ان عدوا كيده في أسته * لغير ذى كيد ولا تائرة
[389]
قال : فقلت : ما هذا الكتاب جعلت فداك ؟ قال : فان نثيلة كانت أمة لام
الزبير ولابي طالب وعبدالله ، فأخذها عبدالمطلب فأولدها فلانا فقال له الزبير : هذه
الجارية ورثناها من امنا ، وابنك هذا عبد لنا ، فتحمل عليه ببطون قريش قال :
فقال : قد أجبتك على خلة ، على أن لا يتصدر ابنك هذا في مجلس ، ولا يضرب معنا
بسهم ، فكتب عليه كتابا وأشهد عليه ، فهو هذا الكتاب ( 1 ) .
اقول : قد مضى شرح الخبر في كتاب الفتن ، وسيأتي أحوال هشام بن
الحكم في باب مفرد ، وقد مضى أحوال الهشامين في باب نفي الجسم والصورة ، وأحوال
جماعة من أصحابه في باب مكارم أخلاقه عليه السلام .
110 - ختص : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير
أن هشام بن سالم قال له : ما اختلفت أنا وزرارة فط فأتينا محمد بن مسلم فسألناه
عن ذلك إلا قال لنا : قال أبوجعفر عليه السلام فيها كذا وكذا وقال أبوعبدالله عليه السلام
فيها : كذا وكذا ( 2 ) .
111 - ختص : ابن قولويه عن جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه قال : سألت
عبدالله بن محمد بن خالد ، عن محمد بن مسلم قال : كان رجلا شريفا موسرا فقال له
أبوجعفر : تواضع يا محمد ، فلما انصرف إلى الكوفة أخذ قوسرة من تمرمع الميزان
وجلس على باب مسجد الجامع ، وجعل ينادي عليه ، فأتاه قومه فقالوا له : فضحتنا
فقال : إن مولاي أمرني بأمر فلن اخالفه ، ولن أبرح حتى أفرغ من بيع ما في هذه
القوسرة ، فقال له قومه : أما إذ أبيت إلا أن تشتغل ببيع وشرى فاقعد في الطحانين


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 389 سطر 19 الى ص 397 سطر 18

* ( هامش ) * كل عدو يتقى مقبلا * وعقرب تحشى من الدابرة
كأنها اذ خرجت هودج * سدت كواه رقعة بائرة
لا حظ الاغانى ج 15 ص 7 طبع الساسى ، والامثال للميدانى ص 133 طبع البهية
بميدان الازهر بمصر ، وحياة الحيوان للدميرى طبع ايراه مادة " عقرب " الامثال .
( 1 ) الكافى ج 8 ص 258 .
( 2 ) الاختصاص ص 53 .
[390]
فقعد في الطحانين فهيأ رحى وجملا وجعل يطحن ، وذكر أبومحمد عبدالله بن محمد بن
خالد البرقي : أنه كان مشهورا في العبادة ، وكان من العبد في زمانه ( 1 ) .
112 - ختص : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير
عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ما
أحد أحيا ذكرنا وأحاديث أبي إلا زرارة وأبوبصير المرادي ، ومحمد بن مسلم ، و
بريد بن معاوية ، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هدى ، هؤلاء حفاظ الدين و
امناء أبي على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون إلينا في الدنيا وفي الاخرة ( 2 ) .
113 - ختص : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي
عمير ، عن إبراهيم بن عبدالحميد قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : رحم الله زرارة بن أعين
لولا زرارة لا ندرست أحاديث أبي ( 3 ) .
114 - ختص : ابن الوليد ، عن ابن متيل ، عن النهاوندي ، عن أحمد بن
سليمان الديلمي ، عن أبيه ، عن أبي بصير قال : أتيت أبا عبدالله عليه السلام بعد أن كبرت
سني ودق عظمي واقترب أجلي ، مع أني لست أرى ما أصبر إليه في آخرتي .
فقال : يا أبا محمد إنك لتقول هذا القول ؟ فقلت : جعلت فداك كيف لا أقوله ؟ !
فقال : أما علمت أن الله تبارك وتعالى يكرم الشباب منكم ، ويسحيي من
الكهول .
قلت : جعلت فداك كيف يكرم الشباب منا ويسحيي من الكهول ؟ قال :
يكرم الشباب منكم أن يعذبهم ، ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم ، فهل سررتك ؟
قال : قلت جعلت فداك زدني فإنا قد نبزنا نبزا انكسرت له ظهرونا ، وماتت له
أفئدتنا ، واستحلت به الولاة دماءنا في حديث رواه فقهاؤهم هؤلاء ، قال : فقال :
الرافضة ؟ قلت : نعم .
* ( هامش ) * ( 1 ) الاختصاص ص 51 وأخرجه الكشى في رجاله ص 110 .
( 2 ) نفس المصدر ص 66 وأخرجه الكشى في رجاله ص 90 .
( 3 ) المصدر السابق ص 66 وأخرجه الكشى في رجاله ص 90 .
[391]
قال : فقال : والله ماهم سموكم بل الله سماكم ، أما علمت أنه كان مع فرعون
سبعون رجلا من بني إسرائيل يدينون بدينه ، فلما استبان لهم ضلال فرعون وهدى
موسى ، رفضوا فرعون ولحقوا موسى ، وكانوا في عسكر موسى أشد أهل ذلك العسكر
عبادة وأشدهم اجتهادا إلا أنهم رفضوا فرعون ، فأوحى الله إلى موسى أن أثبت
لهم هذا الاسم في التوارة ، فإني قد نحلتهم ، ثم ذخر الله هذا الاسم حتى سماكم
به إذ رفضتم فرعون وهامان وجنودهما واتبعتم محمدا وآل محمد . يا أبا محمد فهل
سررتك ؟ قال : قلت : جعتل فداك زدني .
فقال : افترق الناس كل فرقة واستشيعوا كل شيعة ، فاستشعيتم مع أهل
بيت نبيكم ، فذهبتم حيث ذهب الله ، واخترتم ما اختار الله ، وأحببتم من أحب الله
وأردتم من أراد الله ، فابشروا ثم ابشروا ثم ابشروا ، فأتنم والله المرحومون ، المتقبل
من محسنكم ، والمتجاوز عن مسيئكم ، من لم يلق الله بمثل ما أنتم عليه لم يتقبل الله
منه حسنة ، ولم يتجاوز عنه سيئة ، يا أبا محمد فهل سررتم ؟ قال : قلت جعلت فداك
زدني .
فقال : إن الله وملائكته يسقطون الذنوب من ظهرو شيعتنا كما تسقط الريح
الورق عن الشجر في أوان سقوطه ، وذلك قول الله " والملائكة يسبحون بحمد ربهم
ويستغفرون لمن في الارض " ( 1 ) فاستغفارهم والله لكم دون هذا العالم ، فهل سررتك
يا أبا محمد ؟ قال : قلت : جعلت فداك زدني .
فقال : لقد ذكر كم الله في كتابه فقال " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا
الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " ( 2 ) والله ما عنى
غيركم إذ وفيتم بما أخذ عليكم ميثاقكم من ولايتنا إذ لم تبدلوا بنا غيرنا ، ولو
فعلتم لعيركم الله كما عير غيركم في كتابه إذ يقول " وما وجدنا لاكثرهم من
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الشورى ، الاية : 3 .
( 2 ) سورة الاحزاب ، الاية : 23 .
[392]
عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين " ( 1 ) فهل سررتك ؟ قال : قلت جعلت فداك زدني .
قال : لقد ذكركم الله في كتابه فقال : " الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو
إلا المتقين " ( 2 ) فالخلق والله أعداء غيرنا وشيعتنا ، وما عنى بالمتقين غيرنا وغير
شيعتنا ، فهل سررتك يا أبا محمد ؟ .
قال : قلت : جعلت فداك زدني فقال : لقد ذكركم الله في كتابه فقال " ومن
يطع الله ورسوله فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن اولئك رفيقا " ( 3 ) فمحمد صلى الله عليه وآله النبيين و ، ونحن الصديقين و
الشهداء ، وأنتم الصالحون ، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله ، فوالله ما عنى
غيركم فهل سررتك ؟ قال : قلت : جعلت فداك زدني .
فقال : لقد جمعنا الله وولينا وعدونا في آية من كتابه فقال : " قل [ يا محمد ]
هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولو الالباب " ( 4 ) .
فهل سررتك ؟ . قال : قلت : جعلت فداك زدني ، فقال : ذكركم الله في كتابه
فقال : " ما لنالا نرى رجلال كنا نعدهم من الاشرار " ( 5 ) فأنتم في النار تطلبون
وفي الجنة والله تحبرون ، فهل سررتك يا أبا محمد ؟ قال : قلت : جعلت فداك
زدني .
قال : فقال لقد ذكركم الله في كتابه فأعاذكم من الشيطان فقال : " إن
عبادي ليس لك عليهم سلطان " ( 6 ) والله ما عني غيرنا وغشير شيعتنا ، فهل سررتك ؟
قال : قلت : جعلت فداك زدني ، قال : والله لقد ذكركم الله في كتابه فأوجب لكم
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الاعراف ، الاية : 102 .
( 2 ) سورة الاعراف ، الاية : 67 .
( 3 ) سورة النساء ، الاية 71 .
( 4 ) سورة الزمر ، الاية : 9 .
( 5 ) سورة ص ، الاية : 62 .
( 6 ) سورة الحجر ، الاية 42 .
[393]
المغفرة فقال : " " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله
يغفر الذنوب جميعا " ( 1 ) قال : يا أبا محمد فاذا غفر الله الذنوب جميعا فمن يعذب ؟
والله ما عنى غيرنا وغير شيعتنا ، وإنها لخاصة لنا ولكم ، فهل سررتك ؟
قال : قلت جعلت فداك زدني ، قال : والله ما استثنى الله أحدا من الاوصياء
ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين وشيعته إذ يقول " يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا
ولاهم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم " ( 2 ) والله ما عنى بالرحمة
غير أمير المؤمنين وشيعته ، فهل سررتك ؟ . قال : قلت : جعلت فداك زدني . قال :
فقال علي بن الحسين عليه السلام ليس على فطرة الاسلام غيرنا وغير شيعتنا وسائر الناس
من ذلك براء ( 3 ) .
115 - ختص : أحمد بن محمد بن يحيى ، عن عبدالله الحميري ، عن أحمد بن
هلال ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال : شهد أبوكدينة الازدي
ومحمد بن مسلم الثقفي عند شريك بشهادة وهو قاض ، ونظر في وجههما مليا ، ثم
قال : جعفريين فاطميين ، فبكيا فقال لهما : ما يبكيكما ؟ فقالا : نسبتنا إلى أقوام
لا يرضون بأمثالنا أن نكون من إخوانهم ، لما يرون من سخف ورعنا ، ونسبتنا إلى
رجل لا يرضى بأمثالنا أن نكون من شيعته ، فإن تفضل وقلبنا فله المن علينا والفضل
قديما فينا فتبسم شريك ثم قال : إذا كانت الرجال فلتكن أمثالكم يا وليد أجزهما
هذه المرة ولا يعودا ، قال : فحججنا فخبرنا أبا عبدالله عليه السلام بالقصة فقال : وما
لشريك شركه الله يوم القيامة بشراكين من نار ( 4 ) .
116 - ختص : أحمد بن محمد بن يحيى ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن
ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : أقام محمد بن مسلم أربع سنين بالمدينة
* ( هامش ) * ( 1 ) سورة الزمر ، الاية : 53 .
( 2 ) سورة الدخان ، الاية 42 - 43 .
( 3 ) الاختصاص ص 104 وأخرجه الكلينى في الروضة ص 33 بتفاوت بين الجميع .
( 4 ) نفس المصدر ص 202 وأخرجه الكشى في رجاله ص 108 .
[394]
يدخل على أبي جعفر عليه السلام يسأله ، ثم كان يدخل على أبي عبدالله عليه السلام يسأله
قال ابن أبي عمير : سمعت عبدالرحمن بن الحجاج وحماد بن عثمان يقولان : ما
كان أحد من الشيعة أفقه من محمد بن مسلم ( 1 ) .
117 - ختص : أبوجعفر الاحول ، محمد بن النعمان ، مؤمن الطاق ، مولى لبجيلة
وكان صيرفيا . ولقبه الناس شيطان الطاق ، وذلك أنهم شكوا في درهم فعرضوه
عليه فقال : لهم ستوق ( 2 ) فقالوا : ما هو إلا شيطان الطاق ، وأصحابنا يلقبونه
مؤمن الطاق ، كان من متكلمي الشيعة مدحه أبوعبدالله عليه السلام على ذلك ( 3 ) .
118 - ختص : ذكر أبوالنصر محمد بن مسعود أن ابن مسكان كان لا يدخل على
أبي عبدالله عليه السلام شفقة أن لا يوفيه حق إجلاله فكان يسمع من أصحابه ويأبى أن
يدخل عليه إجلالا له وإعظاما له عليه السلام ، وذكر يونس بن عبدالرحمن أن ابن
مسكان كان رجلا مؤمنا ، وكان يتلقى أصحابه إذا قدموا فيأخذ ما عندهم ( 4 ) .
119 - ختص : حريز بن عبدالله انتقل إلى سجستان وقتل بها ، وكان سبب قتله أن كان
له أصحاب يقولون بمقالته ، وكان الغالب على سجستان الشراة ( 5 ) وكان أصحاب
حريز يسمعون منهم ثلب أمير المؤمنين عليه السلام وسبه ، فيخبرون حريزا ويستأمرونه
في قتل من يسمعون منه ذلك فأذن لهم ، فلا يزال الشراة يجدون منهم القتيل
بعد القتيل فلا يتوهمون على الشعية لقلة عددهم ، ويطالبون المرجئة ويقاتلونهم
فلا يزال الامر هكذا حتى وقفوا عليه فطلبوهم ، فاجتمع أصحاب حريز إلى حريز
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر السابق ص 203 وأخرجه الكشى في رجاله ص 111 .
( 2 ) ستوق : درهم زيف ملبس بالفضة .
( 3 ) الاختصاص ص 204 وأخرجه الكشى في رجاله ص 122 .
( 4 ) نفس المصدر ص 207 وأخرجه الكشى في رجاله ص 243 .
( 5 ) الشراة : هم الخوارج بسموا بذلك لقولهم شرينا أنفسنا في طاعة الله .
[395]
في المسجد فعرقبوا ( 1 ) عليهم المسجد وقلبوا أرضه رحمهم الله ( 2 ) .
120 - ختص : محمد بن علي ، عن ابن المتوكل ، عن علي بن إبراهيم
عن اليقطيني ، عن أبي أحمد الازدي ، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال : كنت
عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام إذ دخل المفضل بن عمر ، فلما بصر به
ضحك إليه ثم قال : إلي يا مفضل ! فو ربي إني لاحبك واحب من يحبك
يا مفضل ، لو عرفت جميع أصحابي ما تعرف ما اختلف اثنان ، فقال له المفضل :
يا ابن رسول الله لقد حسبت أن أكون قد انزلت فوق منزلتي ، فقال عليه السلام : بل انزلت
المنزلة التي أنزلك الله بها ، فقال : يا ابن رسول الله فما منزلة جابر بن يزيد منكم ؟
قال : منزلة سلمان من رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : فما منزلة داود بن كثير الرقي منكم
قال : منزلة المقداد من رسول الله صلى الله عليه وآله .
قال : ثم أقبل علي فقال : يا عبدالله بن الفضل إن الله تبارك وتعالى خلقنا
من نور عظمته ، وصنعنا برحمته ، وخلق أرواحكم منا ، فنحن نحن إليكم وأنتم
تحنون إلينا ، والله لوجهد أهل المشرق والمغرب أن يزيدوا في شيعتنا رجلا
وينقصوا منهم رجلا ما قدروا على ذلك ، وإنهم لمكتوبون عندنا بأسمائهم وأسماء
آبائهم وعشائرهم وأنسابهم ، يا عبدالله بن الفضل ولوشئت لارينك اسمك في
صحيفتنا ، قال : ثم دعا بصحيفة فنشرها فوجدتها بيضاء ليس فيها أثر الكتابة
فقلت : يا ابن رسول الله ما أرى فيها أثر الكتابة قال : فمسح يده عليها فوجدتها
مكتوبة ووجدت في أسفلها اسمي فسجدت لله شكرا ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) عرقبوا عليهم المسجد : أى هدموه عليهم من قواعده أخذا من قولهم عرقب
الفرس ضربه على قوائمه .
( 2 ) الاختصاص ص 207 وأخرجه الكشى في رجاله ص 244 .
( 3 ) نفس المصدر ص 216 وأخرجه الكشى في رجاله ص 108 .
[396]
* ( باب 12 ) *
* ( مناظرات أصحابه عليه السلام مع المخالفين ) *
1 - ج : البرقي ، عن أبيه ، عن شريك بن عبدالله ، عن الاعمش قال : اجتمعت
الشيعة والمحكمة عند أبي نعيم النخعي بالكوفة ، وأبوجعفر محمد بن النعمان مؤمن
الطاق حاضر ، فقال ابن أبي خدرة : أنا اقرر معكم أيتها الشيعة أن أبابكر
أفضل من علي وجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله بأربع خصال لا يقدر على دفعها أحد من
الناس ، هو ثان مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بيته مدفون ، وهو ثاني اثنين معه في الغار ، و
هو ثاني اثنين صلى بالناس آخر صلاة قبض بعده رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهو ثاني
اثنين الصديق من الامة ، قال أبوجعفر مؤمن الطاق رحمة الله عليه : يا ابن أبي خدرة
وأنا اقرر معك أن عليا عليه السلام أفضل من أبي بكر وجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله
بهذه الخصال التي وصفتها ، وأنها مثلبة لصاحبك والزمك طاعة علي صلى الله عليه
من ثلاث جهات من القرآن وصفا ، ومن خبر رسول الله صلى الله عليه وآله نصا ، ومن حجة العقل
اعتبارا ، ووقع الاتفاق على إبراهيم النخعي ، وعلى أبي إسحاق السبيعي ، وعلى
سليمان بن مهران الاعمش .
فقال أبوجعفر مؤمن الطاق : أخبرني يا ابن أبي خدرة عن النبي صلى الله عليه وآله أترك
بيوته التي أضافها الله إليه ، ونهى الناس عن دخولها إلا باذنه ميراثا لاهله وولده ؟
أو تركها صدقة على جميع المسلمين ؟ قل : ما شئت ، فانقطع ابن أبي خدرة لما أورد
عليه ذلك ، وعرف خطأ ما فيه ، فقال أبوجعفر مؤمن الطاق : إن تركها ميراثا
لولده وأزواجه فانه قبض عن تسع نسوة ، وإنما لعائشة بنت أبي بكر تسع ثمن هذا
[397]
البيت الذي دفن فيه صاحبك ولم يصبها من البيت ذراع ، وإن كان صدقة
فالبلية أطم وأعظم فإنه لم يصب له من البيت إلا مالادنى رجل من المسلمين ، فدخول
بيت النبي صلى الله عليه وآله بغير إذنه في حياته وبعد وفاته معصية إلا لعلي بن أبي طالب عليه السلام و
ولده ، فإن الله أحل لهم ما أحل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم .
ثم قال : إنكم تعلمون أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بسد أبواب جميع الناس التي
كانت مشرعة إلى المسجد ما خلا باب علي عليه السلام فسأله أبوبكر أن يترك له كوة
لينظرمنها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأبى عليه ، وغضب عمه العباس من ذلك فخطب النبي
صلى الله عليه وآله خطبة وقال : إن الله تبارك وتعالى أمر لموسى وهارون أن تبوءا
لقومكما بمصر بيوتا ، وأمرهما أن لا يبيت في مسجدهما جنب ولا يقرب فيه النساء
إلا موسى وهارون وذريتهما ، وإن عليا مني هو بمنزلة هارون من موسى ، و
ذريته كذرية هارن ، ولا يحل لاحد أن يقرب النساء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله
ولا يبيت فيه جنبا إلا علي وذريته عليهم السلام ، فقالوا بأجمعهم : كذلك كان .
قال أبوجعفر : ذهب ربع دينك يا ابن أبي خدرة وهذه منقبة لصاحبي ليس
لاحد مثلها ومثلبة لصاحبك ، وأما قولك ثاني اثنين إذهما في الغار أخبرني هل
أنزل الله سكينته على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى المؤمنين في غير الغار ؟ قال : ابن أبي
خدرة : نعم . قال أبوجعفر : يا ابن خدرة ذهب نصف دينك ، وأما قولك ثاني اثنين
الصديق من الامة أوجب الله على صاحبك الاستغفار لعلي بن أبي طالب عليه السلام في قوله
عزوجل " والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخوننا الذين سبقونا


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 397 سطر 19 الى ص 405 سطر 18

بالايمان ( 1 ) إلى آخر ، والذي ادعيت إنما هوشئ سماه الناس ، ومن
* ( هامش ) * ( 1 ) الحشر : 11 .
[398]
سماه القرآن وشهد له بالصدق والتصديق أولى به ممن سماه الناس ، وقد قال
علي عليه السلام على منبر البصرة : أنا الصديق الاكبر آمنت قبل أن آمن أبوبكر و
صدقت قبله قال الناس : صدقت .
قال أبوجعفر مؤمن الطاق : يا ابن أبي خدرة ذهب ثلاث أرباع دينك ، وأما
قولك في الصلاة بالناس كنت ادعيت لصاحبك فضيلة لم تقم له ، وإنها إلى التهمة
أقرب منها إلى الفضيلة ، فلو كان ذلك بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله لما عزله عن تلك الصلاة
بعينها ، أما علمت أنه لما تقدم أبوبكر ليصلي بالناس خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فتقدم
وصلى بالناس وعزله عنها ، ولا تخلو هذه الصلاة من أحد وجهين ، إما أن تكون
حيلة وقعت منه فلما حس النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك خرج مبادرا مع علته فنحاه عنها
لكي لا يحتج بعده على امته فيكونوا في ذلك معذورين ، وإما أن يكون هو الذي
أمره بذلك وكان ذلك مفوضا إليه كما في قصة تبليغ براءة فنزل جبرئيل عليه السلام
وقال : لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك فبعث عليا عليه السلام في طلبه وأخذها منه وعزله
عنها وعن تبليغا ، فكذلك كانت قصة الصلاة ، وفي الحالتين هو مذموم لانه كشف
عنه ما كان مستورا عليه ، وذلك دليل واضح لانه لا يصلح للاستخلاف بعده ، ولا
هو مأمون على شي ء من أمر الدين فقال الناس : صدقت .
قال أبوجعفر مؤمن الطاق : يا ابن أبي خدرة ذهب دينك كله وفضحت حيث
مدحت ، فقال الناس لابي جعفر : هات حجنك فيما ادعيت من طاعة علي عليه السلام
فقال أبوجعفر مؤمن الطاق :
أما من القرآن وصفا فقوله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و
كونوا مع الصادقين " ( 1 ) فوجدنا عليا عليه السلام بهذه الصفة في القرآن في قوله عز
وجل " والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس " ( 2 ) يعني في الحرب والتعب
" اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون " فوقع الاجماع من الامة بأن عليا
* ( هامش ) * ( 1 ) براءة 119 .
( 2 ) البقرة : 177 .
[399]
عليه السلام أولى بهذا الامر من غيره لانه لم يفر عن زحف قط كما فر غيره
في غير موضع ، فقال الناس : صدقت
وأما الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله نصا فقال : أني تارك فيكم الثقلين ما إن
تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى
يردا على الحوض ، وقوله صلى الله عليه وآله مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها
نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، ومن تقدمها مرق ، ومن لزمها لحق ، فالمتمسك
بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله هاد مهتد بشهادة من الرسول صلى الله عليه وآله ، والمتمسك بغيرهم
ضال مضل ، قال الناس : صدقت يا أبا جعفر .
وأما من حجة العقل فإن الناس كلهم يستعبدون بطاعة العالم ووجدنا
الاجماع قد وقع على علي عليه السلام أنه كان أعلم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، وكان
جميع الناس يسألونه ويحتاجون إليه ، وكان علي عليه السلام مستغينا عنهم هذا من الشاهد
والدليل عليه من القرآن قوله عزوجل " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع
أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " ( 1 ) فما اتفق يوم أحسن
منه ودخل في هذا الامر عالم كثير .
وقد كانت لابي جعفر مؤمن الطاق مقامات مع أبي حنيفة فمن ذلك ما روي
أنه قال يوما من الايام لمؤمن الطاق : إنكم تقولون بالرجعة ؟ قال : نعم قال :
أبوحنيفة : فأعطني الآن ألف درهم حتى اعطيك ألف دينارا إذا رجعنا ، قال الطاقي
لابي حنيفة : فأعطني كفيلا بأنك ترجع إنسانا ولا ترجع خنزيرا .
وقال له يوما آخر : لم لم يطالب علي بن أبي طالب بحقه بعد وفاة رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم إن كان له حق ؟ فأجابه مؤمن الطاق فقال : خاف أن تقتله الجن كما
قتلوا سعد بن عبادة بسهم المغيرة بن شعبة .
وكان أبوحنيفة يوما آخر يتماشى مع مؤمن الطاق ، في سكة من سكك
الكوفة إذا بمناد ينادي من بدلني على صبي ضال ، فقال مؤمن الطاق : أما الصبي
* ( هامش ) * ( 1 ) يونس : 35 .
[400]
الضال فلم نره ، وإن أردت شيخا ضالا فخذ هذا - عنى به أبا حنيفة .
ولمات مات الصادق عليه السلام رأى أبوحنيفة مؤمن الطاق فقال له : ما إمامك
قال : نعم ، أما أمامك فمن المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ( 1 ) .
2 - ج : إنه مر فضال بن الحسن بن فضال الكوفي بأبي حنيفة وهو في
جميع كثير يملي عليهم شيئا من فقهه وحديثه ، فقال لصاحب كان معه : والله لا أبرح
أو أخجل أبا حنيفة فقال صاحبه الذي كان معه : إن أبا حنيفة ممن قد علت حالته و
ظهرت حجته قال : مه هل رأيت حجة ضال علت على حجة مؤمن ! ثم دنا منه
فسلم عليه فردها ، ورد القوم السلام بأجمعهم ، فقال : يا أبا حنيفة إن أخالي يقول :
إن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبيطالب عليه السلام وأنا أقول : أبوبكر خير
الناس وبعده عمر فما تقول أنت رحمك الله ؟ فأطرق مليا ثم رفع رأسه فقال : كفى
بمكانهما من رسول الله صلى الله عليه وآله كرما وفخرا أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره فأي
حجة تريدا أوضح من هذا ! فقال له فضال : إني قد قلت ذلك لاخي فقال : والله
لئن كان الموضع لرسول الله صلى الله عليه وآله دونهما فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما فيه
حق ، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله صلى الله عليه وآله لقد أساءا وما أحسنا إذ رجعا
في هبتهما ونسيا عهدهما .
فأطرق أبوحنيفة ساعة ثم قال له : لم يكن له ولالهما خاصة ، ولكنهما نظرا
في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما فقال له فضال :
قد قلت له ذلك فقال : أنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وآله مات عن تسع نساء ونظرنا فاذا
لكل واحدة منهن تسع الثمن ، ثم نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر ، فكيف
يستحق الرجلان أكثر من ذلك ؟ وبعد ذلك فما بال عائشة وحفصة يرثان رسول الله
صلى الله عليه وآله وفاطمة بنته تمنع الميراث ؟ فقال أبوحنيفة : يا قوم نحوه عني
فإنه رافضي خبيث ( 2 )
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحتجاج ص 205 .
( 2 ) نفس المصدر ص 207 .
[401]
3 - قب : قال أبوعبيدة المعتزلي لهشام بن الحكم الدليل على صحة معتقدنا
وبطلان معتقدكم كثرتنا وقلتكم مع كثرة أولاد علي وادعائهم فقال هشام : لست
إيانا أردت بهذا القول إنما أردت الطعن على نوح عليه السلام حيث لبث في قومه ألف
سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى النجاة ليلا ونهارا ، وما آمن معه إلا قليل .
وسأل هشام بن الحكم جماعة من المتكلمين فقال : أخبروني حيث بعث الله
محمد صلى الله عليه وآله بعثه بنعمة تامة أو بنعمة ناقصة ؟ قالوا : بنعمة تامة قال : فأيما أتم أن
يكون في أهل بيت واحد نبوة وخلافة ؟ أو يكون نبوة بلا خلافة ؟ قالوا : بل يكون
نبوة وخلافة ، قال : فلما ذا جعلتموها في غيرها ، فاذا صارت في بني هاشم ضربتم
وجوههم بالسيوف فافحموا ( 1 ) .
4 - جا الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن علي بن الحسن التيملي ، قال :
وجدت في كتاب أبي : حدثنا محمد بن مسلم الاشجعي ، عن محمد بن نوفل قال :
[ كنت عند الهيثم بن حبيب الصيرفي ف ] ( 2 ) دخل علينا أبوحنيفة النعمان بن ثابت
فذكرنا أمير المؤمنين عليه السلام ودار بيننا كلام فيه فقال أبوحنيفة : قد قلت لاصحابنا :
لا تقروا لهم بحديث غديرخم فيخصموكم ، فتغير وجه الهيثم بن حبيب الصيرفي و
قال له : لم لا يقرون به أما هو عندك يا نعمان ؟ قال : هو عندي وقد رويته قال :
فلم لا يقرون به وقد حدثنا به حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم
أن عليا عليه السلام نشد الله في الرحبة من سمعه ؟ فقال أبوحنيفة : أفلا ترون أنه قد جرى
في ذلك خوض حتى نشد علي الناس لذلك ؟ فقال الهيثم : فنحن كذب عليا أو
نرد قوله ؟ فقال أبوحنيفة : ما نكذب عليا ولا نرد قولا قاله ، ولكنك تعلم أن
الناس قد غلا فيهم قوم .
فقال الهيثم : يقوله رسول الله صلى الله عليه وآله ويخطب به ونشفق نحن منه ونتقيه
لغلو غال أو قال قائل ، ثم جآء من قطع الكلام بمسألة سأل عنها ودار الحديث
* ( هامش ) * ( 1 ) المناقب ج 1 ص 236 - 237 .
( 2 ) ما بين القوسين زيادة من المصدر .
[402]
بالكوفة ، وكان معنا في السوق حبيب بن نزار بن حسا فجاء إلى الهيثم فقال له
قد بلغني مادار عنك في علي وقوله - وكان حبب مولى بني هاشم - فقال له الهيثم :
النظر يمر فيه أكثر من هذا فخفض الامر ، فحججنا بعد ذلك ومعنا حبيب فدخلنا
على أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام فسلمنا عليه فقال له حبيب : يا أبا عبدالله كان من
الامر كذا وكذا ، فتبين الكراهية فز وجه أبي عبدالله عليه السلام فقال له حبيب : هذا
محمد بن نوفل حضر ذلك ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : أي حبيب كف ، خالقوا الناس
بأخلاقهم وخالفوهم بأعمالكم ، فان لكل امرئ ما اكتسب ، وهو يوم القيامة
مع من أحب ، لا تحملوا الناس عليكم وعلينا ، وادخلوا في دهماء الناس فان لنا أياما
ودولة يأتي بها الله إذا شاء ، فسكت حبيب فقال : أفهمت يا حبيب ؟ لا تخالفوا أمري
فتندموا ، قال : لن اخالف أمرك ، قال أبوالعباس : سألت علي بن الحسن ، عن
محمد بن نوفل فقال : كوفي ، قلت : ممن ؟ قال : أحسبه مولى لبني هاشم ، وكان
حبيب بن نزار بن حسان مولى لنبي هاشم ، وكان الخبر فيما جرى بينه وبين أبي حنيفة
حين ظهر أمر بني العباس ، فلم يمكنهم إظهار ما كان عليه آل محمد عليهم السلام ( 1 ) .
5 - كش : محمد بن قولويه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن
أبي كهمس قال : دخلت على أبي عبدالله فقال لي : شهد محمد بن مسلم الثقفي القصير
عند ابن أبي ليلى بشهادة فرد شهادته ؟ فقلت : نعم ، فقال : إذا صرت إلى الكوفة
فأتيت ابن أبي ليلى ، فقل له : أسألك عن ثلاث مسائل لا تفتني فيها بالقياس ولا تقول
قال أصحابنا ، ثم سله عن الرجل يشك في الركعيتن الاوليين من الفريضة ، وعن
الرجل يصيب جسده أو ثيباه البول كيف يغسله ؟ وعن الرجل يرمي الجمار بسبع
حصيات فيسقط منه واحدة كيف يصنع ؟ فاذا لم يكن عنده فيها شئ فقل له : يقول
لك جعفر بن محمد : ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف بأحكام الله منك ، وأعلم
بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله منك .
* ( هامش ) * ( 1 ) أمالى المفيد ص 14 .
[403]
قال أبوكهمس : فما قدمت أتيت ابن أبي ليلى قبل أن أصير إلى منزلي
فقلت له : أسألك عن ثلاث مسائل لا تفتني فيها بالقياس ، ولا تقول قال أصحابنا قال :
هات ؟ قال : قلت : ما تقول في رجل شك في الركعتين الاوليين من الفريضة ؟ فأطرق
ثم رفع رأسه إلى فقال : قال أصحابنا ، فقلت : هذا شرطي عليك ألا تقول قال
أصحابنا ، فقال : ما عندي فيها شئ ، فقلت له : ما تقول في الرجلين يصيب جسده أو
ثيابه البول كيف يغسله ؟ فأطرق ثم رفع رأسه فقال : قال أصحابنا فقلت هذا شرطي
عليك فقال : ما عندي فيها شئ ، فقلت : رجل رمى الجمار بسبع حصيات فسقطت
منه حصاة كيف يصنع فيها ؟ فطأفطأ رأسه ، ثم رفعه فقال : قال أصحابنا فقلت :
أصلحك الله هذا شرطي عليك فقال : ليس عندي فيها شئ ، فقلت يقول لك جعفر بن
محمد : ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف منك بأحكام الله وأعرف منك بسيرة
رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال لي : ومن هو ؟ فقلت : محمد بن مسلم الطائفي القصير ، قال
فقال : والله إن جعفر بن محمد عليهما السلام قال لك هذا ؟ فقلت : والله إنه قال لي جعفر
هذا ، فأرسل إلى محمد بن مسلم فدعاه فشهد عنده بتلك الشهادة فأجاز شهادته ( 1 ) .
6 - ختص : أحمد بن هارون ، وجعفر بن الحسين ، عن ابن الوليد ، عن
الصفار ، وسعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة أو غيره ، عن أبي
كهمس مثله ( 2 ) .
7 - كش : ابن قتيبة ، عن الفضل ، عن أبيه ، عن غير واحد من أصحابنا ، عن
محمد بن حكيم وصاحب له - قال أبومحمد : قد كان درس اسمه في كتاب أبي - قالا
رأينا شريكا واقفا في حائط من حيطان فلان - قد كان درس اسمه أيضا في الكتاب -
قال أحدنا لصاحبه : هل لك في خلوة من شريك ؟ فأتيناه فسلمنا عليه فرد علينا السلام
فقلنا يا أبا عبدالله مسألة فقال : في أي شئ ؟ فقلنا : في الصلاة : فقال : سلوا عما
بدالكم ، فقلنا : لا نريد أن تقول قال فلان وقال فلان ، إنما نريد أن تسنده إلى
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 109 .
( 2 ) الاختصاص ص 202 .
[404]
النبي صلى الله عليه وآله فقال : أليس في الصلاة ؟ فقلنا : بلى فقال : سلوا عما بدالكم ، فقلنا :
في كم يجب التقصير ؟ قال : كان ابن مسعود يقول : لا يغرنكم سوادنا هذا ، وكان
يقول : فلان . قال قلت : إنا استثنينا عليك ألا تحدثنا إلا عن نبي الله صلى الله عليه وآله
قال : والله إنه لقبيح لشيخ يسأل عن مسألة في الصلاة عن النبي لا يكون عنده فيها
شئ ، وأقبح من ذلك أن أكذب على رسول صلى الله عليه وآله .
قلت : فمسألة اخرى فقال : أليس في الصلاة ؟ قلنا : بلى ، قال : سلوا عما
بدالكم ، قلنا : على من تجب صلاة الجمعة ؟ قال : عادت المسألة جذعة ما عندي في
هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله شئ ، قال : فأردنا الانصراف قال : إنكم لم تسألوا عن هذا
إلا وعندكم منه علم ، قال : قلت : نعم أخبرنا محمد بن مسلم الثقفي ، عن محمد بن علي
عن أبيه ، عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله فقال : الثقفي الطويل اللحية ؟ فقلنا : نعم قال :
أما إنه لقد كان مأمونا على الحديث ، ولكن كانوا يقولون إنه خشبي ثم قال :
ماذا روى ؟ قلنا : روى عن النبي صلى الله عليه وآله أن التقصير يجب في بريدين ، وإذ اجتمع
خمسة أحدهم الامام فلهم أن يجمعوا ( 1 ) .
بيان : قوله : جذعة أي شابة طرية أي عادت الحالة السابقة المسألة الاولى
حيث لا أعملها .
قوله : إنه خشبي قال السمعاني في الانساب : ( 2 ) الخشبي بفتح الخاء والشين
المعجمتين وفي آخرها الباء الموحدة هذه النسبة إلى جماعة من الخشبة وهم طائفة
من الروافض يقال لكل واحد منهم الخشبي ، ويحكى عن منصور بن المعتمر قال :
إن كان من يحب علي بن أبي طالب يقال له خشبي فاشهدوا أني ساجه ( 3 ) وقال في
النهاية في حديث ابن عمر : أنه كان يصلي خلف الخشبية ، هم أصحاب المختار بن
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 111 .
( 2 ) انساب السمعانى ظهر ورقة 199 طبع ليدن ولا حظ اللباب في تهذيب الانساب
لابن الاثير ج 1 ص 272 .
( 3 ) مراده بالساج هو الخشب المعروف بالعظم والصلابة ، ووجه النكتة فيه ظاهر .
[405]
أبي عبيد ، ويقال لضرب من الشيعة : الخشبية ، قيل : لانهم حفظوا خشبة زيد بن
علي حين صلب ، والوجه : الاول ، ولان صلب زيد بعد ابن عمر بكثير ( 1 ) .
8 - كش : محمد بن مسعود ، عن إسحاق بن محمد البصري ، عن أحمد بن صدقة
الكاتب ، عن أبي مالك الاحمسي ، عن مؤمن الطاق - واسمه محمد بن علي بن النعمان
أبوجعفر الاحول - قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فدخل زيد بن علي فقال لي :
يا محمد بن علي أنت الذي تزعم أن في آل محمد إماما مفترض الطاعة معروفا بعينه ؟
قال : قلت : نعم فكان أبوك أحدهم قال : ويحك فما كان يمنعه من أن يقول لي فوالله
لقد كان يؤتى بالطعام الحار فيقعدني على فخذه ويتناول البضعة فيبردها ثم يلقمنيها
أفتراه كان يشفق علي من حر الطعام ولا يشفق علي من حر النار ؟ ! قال : قلت :
كره أن يقول فتكفر فيجب من الله عليك الوعيد ، ولا يكون له فيك شفاعة فتركك
مرجئا لله فيك المشية وله فيك الشفاعة .
قال : وقال أبوحنيفة لمؤمن الطاق - وقد مات جعفربن محمد عليه السلام - :
يا أبا جعفر إن إمامك قد مات ! فقال أبوجعفر : لكن إمامك من المنظرين إلى
يوم الوقت المعلوم ( 2 ) .
9 - كش : محمد بن مسعود ، عن أبي يعقوب إسحاق بن محمد ، عن أحمد بن
صدقة ، عن أبي مالك الاحمسي قال : خرج الضحاك الشاري بالكوفة فحكم وتسمى
بامرة المؤمنين ، ودعا الناس إلى نفسه ، فأتاه مؤمن الطاق فلما رأته الشراة وثبوا في
وجهه فقال لهم جانح قال : فاتي به صاحبهم فقال له مؤمن الطاق : أنا رجل على


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 405 سطر 19 الى ص 414 سطر 8

بصيرة من ديني وسمعتك تصف العدل فأحببت الدخول معك فقال الضحاك لاصحابه :
إن دخل هذا معكم نفعكم .
قال : ثم أقبل مؤمن الطاق على الضحاك فقال : لم تبر أتم من علي بن
أبي طالب واستحللتم قتله وقتاله ؟ قال : لانه حكم في دين الله ، قال : وكل من حكم
* ( هامش ) * ( 1 ) النهاية لابن الاثير ج 1 ص 294 .
( 2 ) رجال الكشى ص 123 .
[406]
في دين الله استحللتم قتله وقتاله والبراءة منه ؟ قال : نعم ، قال فأخبرني عن الدين
الذي جئت اناظرك عليه لادخل معك فيه إن غلبت حجتي حجتك أو حجتك حجتي
من يوقف المخطئ على خطائه ويحكم للمصيب بصوابه ؟ فلا بدلنا من إنسان يحكم
بيننا ، قال : فأشار الضحاك إلى رجل من أصحابه فقال : هذا الحكم بيننا فهو عالم
بالدين قال : وقد حكمت هذا في الدين الذي جئت اناظرك فيه ؟ قال : نعم فأقبل
مؤمن الطاق على أصحابه فقال : إن هذا صاحبكم قد حكم في دين الله فشأنكم به
فضربوا الضحاك بأسيافهم حتى سكت ( 1 ) .
بيان : جانح أي أنا مائل إليكم من قوله تعالى " وإن جنحوا للسلم فاجنح
لها " ( 2 ) . وفي بعض النسخ صالح .
10 - كش : محمد بن مسعود ، عن الحسين بن أشكيب ، عن الحسن بن الحسين
عن يونس ، عن أبي جعفر الاحول قال : قال ابن أبي العوجاء مرة : أليس من صنع
شيئا وأحدثه حتى يعلم أنه من صنعته فهو خالقه ؟ قلت : بلى ، قال : فأخلني شهرا
أو شهرين ثم تعال حتى اريك ، قال : فحججت فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقال :
أما إنه قد هيألك شاتين وهو جاء معه بعدة من أصحابه ثم يخرج لك الشاتين قد امتلئا
دودا ويقول لك هذا الدود يحدث من فعلي فقل له : إن كان من صنعك وأنت أحدثته
فميز ذكوره من إناثه ، وأخرج إلي الدود فقلت له : ميز الذكور من الاناث فقال :
هذه والله ليست من إبرازك ، هذه التي حملتها الابل من الحجاز .
ثم قال : ويقول لك : أليس تزعم أنه غني فقل : بلى ، فيقول : أيكون الغني
عندك من المعقول في وقت من الاوقات ليس عنده ذهب ولافضة ؟ فقل له : نعم
فانه سيقول لك كيف يكون هذا غنيا ؟ فقل : إن كان الغنى عندك أن يكون الغني
غنيا من قبل فضته وذهبه وتجارته فهذا كله مما يتعامل الناس به فأي القاس أكثر
وأولى بأن يقال غني من أحدث الغنى فأغنى به الناس قبل أن يكون شئ وهو وحده
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 124 وفيه صالح بدل جانح .
( 2 ) سورة الانفال الاية : 61 .
[407]
أو من أفاد مالا من هبة أو صدقة أو تجارة ؟ قال : فقلت له ذلك ، قال فقال : وهذه
والله ليست من إبرازك ، هذه والله مما تحلمها الابل .
وقيل : إنه دخل على أبي حنيفة يوما فقال له أبوحنيفة : بلغني عنكم معشر
الشيعة شئ ؟ فقال : فما هو ؟ قال : بلغني أن الميت منكم إذا مات كسرتم يده
اليسرى لكي يعطى كتابه بيمينه ، فقال : مكذوب علينا يا نعمان ولكني بلغني
عنكم معشر المرجئة أن الميت منكم إذا مات قمعتم في دبره قمعا فصببتم فيه جرة
من ماء لكي لا يعطش يوم القيامة فقال أبوحنيفة : مكذوب علينا وعليكم ( 1 ) .
11 - كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد بن يزيد ، عن الاشعري ، عن
إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن حماد ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن عبد
الرحمان ، عن يونس بن يعقوب ، عن هشام بن سالم قال : كنا عند أبي عبدالله عليه السلام
جماعة من أصحابه ، فورد رجل من أهل الشام فاستأذن فأذن له ، فلما دخل سلم
فأمره أبوعبدالله عليه السلام بالجلوس .
ثم قال له : ما حاجتك أيها الرجل ؟ قال بلغني أنك عالم بكل ما تسأل عنه
فصرت إليك لاناظرك فقال أبوعبدالله عليه السلام فيما ذا ؟ قال : في القرآن وقطعه و
إسكانه وخفضه ونصبه ورفعه فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا حمران دونك الرجل .
فقال الرجل : إنما اريدك أنت لاحمران فقال أبوعبدالله عليه السلام : إن غلبت
حمران فقد غلبتني فأقبل الشامي يسأل حمران حتى ضجر ومل وعرض وحمران
يجيبه ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : كيف رأيت يا شامي ؟ ! قال : رأيته حاذفا ما سألته عن
شئ إلا أجانبي فيه ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا حمران سل الشامي ، فما تركه
يكشر فقال الشامي : أرأيت يا أبا عبدالله اناظرك في العربية فالتفت أبوعبدالله عليه السلام
فقال : يا أبان بن تغلب ناظاره فناظره فما ترك الشامي يكشر ، قال : اريد أن
اناظرك في الفقه فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا زرارة ناظره فما ترك الشامي يكشر قال :
اريد أن اناظرك في الكلام ، فقال : يا مؤمن الطاق ناظره فناظره فسجل الكلام
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 125 .
[408]
بينهما ، ثم تكلم مؤمن الطاق بكلامه فغلبه به .
فقال : اريد أن اناظرك في الاستطاعة فقال للطيار : كلمه فيها قال : فكلمه
فما ترك يكشر ، فقال اريد اناظرك في التوحيد فقال لهشام بن سالم : كلمه فسجل
الكلام بينهما ثم خصمه هشام ، فقال اريد أن أتكلم في الامامة فقال : لهشام بن
الحكم كلمه يا أبا الحكم فكلمه ما تركه يرتم ولا يحلي ولا يمر ، قال : فبقي
يضحك أبوعبدالله عليه السلام حتى بدت نواجده .
فقال الشامي : كانك أردت أن تخبرني أن في شيعتك مثل هؤلاء الرجال ؟
قال : هو ذلك ، ثم قال يا أخا أهل الشام أما حمرن فحرفك فحرت له فغلبك
بلسانه وسألك عن حرف من الحق فلم تعرفه ، وأما أبان بن تغلب فمغث حقا بباطل
فغلبك . وأما زرارة فقاسك فغلب قياسه قياسك ، وأما الطيار فكان كالطير يقع ويقوم
وأنت كالطير المقصوص [ لا نهوض لك ] ( 1 ) وأما هشام بن سالم قام حبارى يقع ويطير
وأما هشام بن الحكم فتكلم بالحق فما سوغك بريقك ، يا أخا أهل الشام إن الله
أخذ ضغثا من الحق وضغثا من الباطل فمغثهما ثم أخرجهما إلى الناس ، ثم بعث
أنبياء يفرقون بينهما ، فعرفها الانبياء والاوصياء فبعث الله الانبياء ليفرقوا ذلك
وجعل الانبياء قبل الاوصياء ليعلم الناس من فضل الله ومن يختص ، ولو كان الحق
على حدة والباطل على حدة كل واحد منهما قائم بشأنه ما احتاج الناس إلى نبي
ولا وصي ، ولكن الله خلطهما وجعل يفرقهما الانبياء والائمة عليهم السلام
من عباده .
فقال الشامي : قد أفلح من جالسك فقال أبوعبدالله عليه السلام : كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يجالسه جبرائيل وميكائيل وإسرافيل يصعد إلى السمآء فيأتيه الخبر من عند
الجبار ، فإن كان ذلك كذلك فهو كذلك ، فقال الشامي : اجعلني من شيعتك و
علمني فقال أبو عبدالله عليه السلام لهشام : علمه فإني احب أن يكون تلماذا لك .
قال علي بن منصور وأبومالك الخضرمي : رأينا الشامي عند هشام بعد موت
* ( هامش ) * ( 1 ) مابين القوسين زيادة من المصدر .
[409]
أبي عبدالله عليه السلام ويأتي الشامي بهدايا أهل الشام وهشام يرده هدايا أهل العراق
قال علي بن منصور وكان الشامي ذكي القلب ( 1 ) .
بيان : قوله عرض أي تعب ووقف من قولهم عرضت الناقة بالكسر ، أي
أصابها كسر ، أو عن قولهم عرض الشاء بالكسر أيضا أي انشق من كثرة العشب
وكشر عن أسنانه يكشر أبدى ، والكشر التبسم ، وقال الجزري السجل الدلو الملاى
ماء ويجمع على سجال ، ومنه الحديث : والحرب بيننا سجال أي مرة لنا ومرة
علينا ، وقال : يقال سجلت الماء سجلا إذا صببته صبا متصلا ( 2 ) ويقال : ما رتم
فلان بكلمة : ما تكلم بها ذكره الجوهري ( 3 ) .
وقال : يقال ما أمر ولا أحلى : إذا لم يقل شيئا ، والمغث المرس في الماء والمزج
وقوله عليه السلام ماسوغك بريقك أي ما ترك ريقك سيوغ ويدخل حلقك .
12 - كش : محمد بن مسعود ، عن جعفر بن أحمد ، عن العمركي ، عن أحمد بن
شيبه ، عن يحيى بن المثنى ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن حريز قال : دخلت
على أبي حنيفة وعنده كتب كادت تحول فيما بيننا وبينه فقال لي : هذه الكتب كلها
في الطلاق وأنتم - وأقبل يقلب بيده - قال : قلت : نحن نجمع هذا كله في حرف
قال : وماهو ؟ قلت : قوله تعالى " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن
وأحصوا العدة " ( 4 ) فقال لي : وأنت لا تعلم شيئا إلا برواية ؟ قلت : أجل ، فقال
لي : ما تقول في مكاتب كانت مكاتبته ألف درهم فأدى تسعمائة وتسعة وتسعين درهما
ثم أحدث - يعني الزنا - كيف تحده ؟ فقلت : عندي بعينها حديث حدثني محمد بن
مسلم عن أبي جعفر عليهما السلام أن عليا عليه السلام كان يضرب بالسوط وبثلثه وبنصفه وببعضه
بقدر أدائه ، فقال لي : أما إني أسألك عن مسألة لا يكون فيها شئ ، فما تقول في
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 187 .
( 2 ) النهاية ج 2 ص 148 .
( 3 ) الصحاح ج 5 ص 1927 طبع دار الكتاب العربى بمصر .
( 3 ) سورة الطلاق الاية 1 .
[410]
جمل اخرج من البحر فقلت : إن شاء فليكن جملا وإن شاء فليكن بقرة إن كان عليه
فلوس أكلناه وإلا فلا ( 1 ) .
13 - ختص : جعفر بن الحسين المؤمن ، عن حيدر بن محمد بن نعمى ، وحدثنا
ابن قولويه عن ابن العياشي ، عن جعفر بن أحمد مثله ( 2 ) .
14 - كش : حمدويه ، عن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن
محمد بن مسلم ، قال : إني لنائم ذات ليلة على سطح إذ طرق الباب طارق ، فقلت : من
هذا ؟ فقال : شريك يرحمك الله ، فأشرفت فاذا امرأة فقالت لي بنت عروس ضربها
الطلق ، فما زالت تطلق حتى ماتت ، والولد يتحرك في بطنها ، ويذهب ويجئ
فما أصنع ؟ فقلت : يا أمة الله سئل محمد بن علي بن الحسين الباقر عليهم السلام عن مثل
ذلك فقال : يشق بطن الميت ويستخرج الولد ، يا أمة الله افعلي مثل ذلك ، أنا
يا أمة الله رجل في ستر ، من وجهك إلي ؟ قال : قالت لي : رحمك الله جئت إلى
أبي حنيفة صاحب الرأي فقال لي : ما عندي فيها شئ ، ولكن عليك بمحمد بن مسلم
الثقفي ، فانه يخبرك ، فما أفتاك به من شئ فعودي إلي فأعلمنيه ، فقلت لها :
امضي بسلامة ، فلما كان الغد خرجت إلى المسجد وأبوحنيفة يسأل عنها أصحابه
فتنحنحت فقال : اللهم غفرا دعنا نعيش ( 3 ) .
15 - قب : عن محمد بن مسلم مثله ( 4 ) .
16 - ختص : أحمد بن محمد بن يحيى ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن
فضال مثله ( 5 ) .
بيان : الغفر الستر .
* ( هامش ) * ( 1 ) رجال الكشى ص 244 .
( 2 ) الاختصاص ص 206 .
( 3 ) رجال الكشى ص 108 .
( 4 ) المناقب ج 3 ص 331 .
( 5 ) الاختصاص ص 203 .
[411]
17 - كا : علي رفعه قال : سأل أبوحنيفة أبا جعفر محمد بن النعمان صاحب
الطاق فقال له : يا أبا جعفر ما تقول في المتعة أتزعم أنها حلال ؟ قال : نعم ، قال :
فما منعك أن تأمر نساءك أن يستمتعن ، ويكتسبن عليك ؟ فقال له أبوجعفر : ليس
كل الصناعات يرغب فيها ، وإن كانت حلالا ، وللناس أقدار ومراتب ، يرفعون
أقدارهم ، ولكن ما تقول يا أبا حنيفة في النبيذ أتزعم أنه حلال ؟ قال : نعم ، قال : فما
يمنعك أن تقعد نساءك في الحوانيت نباذات فيكسبن عليك ؟ فقال أبوحنيفة :
واحدة بواحدة ، وسهمك أنفذ ، ثم قال له : يا أبا جعفر إن الآية التي في سأل سائل
تنطق بتحريم المتعة ، والرواية عن النبي صلى الله عليه وآله قد جاءت بنسخها ، فقال له أبوجعفر
عليه الصلاة والسلام : يا أبا حنيفة إن سورة سأل سائل مكية ، وآية المتعة مدنية
وروايتك شاذة ردية ، فقال له أبوحنيفة : وآية الميراث أيضا تنطق بنسخ المتعة .
فقال أبوجعفر عليه السلام : قد ثبت النكاح بغير ميراث ، قال أبوحنيفة : من أين قلت
ذاك ؟ فقال أبوجعفر : لو أن رجلا من المسلمين تزوج امرأة من أهل الكتاب ، ثم
توفي عنها ما تقول فيها ؟ قال : لا ترث منه قال : فقد ثبت النكاح بغير ميراث
ثم افترقا ( 1 ) .
18 - كا : الحسين بن محمد ، عن السياري قال : روي عن ابن أبى ليلى أنه
قدم إليه رجل خصما له فقال : إن هذا باعني هذه الجارية فلم أجد على ركبها
حين كشفتها شعرا ، وزعمت أنه لم يكن لهاقط ، قال : فقال له ابن أبي ليلى : إن
الناس ليحتالون لهذا بالحيل ، حتى يذهبوا به ، فما الذي كرهت ؟ قال : أيها
القاضي إن كان عيبا فاقض لي به قال : اصبر حتى أخرج إليك فإني أجد أذى في
بطني ، ثم دخل وخرج من باب آخر ، فأتى محمد بن مسلم الثقفي فقال له : أي
شئ تروون عن أبي جعفر في المرأة لا يكون على ركبها شعر ، أيكون ذلك عيبا
فقال له محمد بن مسلم : أما هذا نصا فلا أعرفه ، ولكن حدثني أبوجعفر عن أبيه ، عن
* ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 5 ص 450 .
[412]
آبائه ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب
فقال له ابن أبي ليلى : حسبك ، ثم رجع إلى القوم ، فقضى لهم بالعيب ( 1 ) .
19 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن إبراهيم بن حفص العسكري ، عن
عبيد بن الهيثم ، عن الحسن بن سعيد ابن عم شرى ، عن شريك بن عبدالله القاضي
قال : حضرت الاعمش في علته التي قبض فيها فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة
وابن أبي ليلى وأبوحنيفة ، فسألوه عن حاله ، فذكر ضعفا شديدا ، وذكر ما يتخوف
من خطيئاته ، وأدركته رنة فبكى ، فأقبل عليه أبوحنيفة فال : يا أبا محمد اتق الله
وانظر لنفسك ، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا ، وأول يوم من أيام الآخرة
وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب عليه السلام بأحاديث لو رجعت عنها كان خيرا لك
قال الاعمش : مثل ماذا يا نعمان ؟ قال : مثل حديث عباية أنا قسيم النار ، قال :
أو لمثلي تقول يا يهودي ، أقعدوني سندوني ، أقعدوني .
حدثني والذي إليه مصيري موسى بن طريف ، ولم أر أسديا كان خيرا منه
قال : سمعت عباية بن ربعي إمام الحي قال : سمعت عليا أمير المؤمنين عليه السلام يقول :
أنا قسيم النار ، أقول هذا وليي دعيه ، وهذا عدوي خذيه .
وحدثني أبوالمتوكل الناجي في امرأة الحجاج ، وكان يشتم عليا عليه السلام
شتما مقذعا - يعني الحجاج لعنه الله - عن أبي سعيد الخدري - ره - قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة يأمر الله عزوجل فأقعد أنا وعلي على الصراك ، و
يقال : لنا أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما ، وأدخلا النار من كفربي و
أبغضكما ، قال أبوسعيد : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما آمن بالله من لم يؤمن بي ، ولم
يؤمن بي من لم يتول - أو قال : لم يحب - عليا . وتلا " ألقيا في جهنم كل
كفار عنيد " ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) نفس المصدر ج 5 ص 215 .
( 2 ) سورة ق ، الاية 24 .
[413]
قال : فجعل أبوحنيفة إزاره على رأسه وقال : قوموا بنا لا يجيئا أبومحمد
بأطم من هذا ، قال الحسن بن سعيد : قال لي شريك بن عبدالله : فما أمسى يعني
الاعمش حتى فارق الدنيا رحمه الله ( 1 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 43 وفيه ذكر خصوصيات السند .
تمت - ولله الحمد والمنة - مراجعة هذا الجزاء المختص بأحوال سيدنا الامام
أبي عبدالله الصادق عليه السلام على جل مصادره مما وقع بيدى وتيسرت لى مراجعته ونسأل
الله التوفيق لا كمال الجزء المختص بأحوال سيدنا الامام أبى الحسن موسى بن جعفر عليه السلام
كما نرجو منه سبحانه القبول والاثابة انه ولى ذلك ، وأنا الاقل محمد مهدى السيد حسن
الموسوى الخرسان .
[414]
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وله الحمد
الحد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين .
وبعد فقد تم بحمدالله ومنه شرف مراجعة الجزء السادس والاربعين - حسب
تجزئة سيادة الناشر المحترم - من موسوعة بحار الانوار الجليلة ، وكان مختصا
بأحوال الامامين الهمامين أبي محمد علي بن الحسين وابنه أبي جعفر محمد بن علي
الباقر عليهما السلام ، وقد بذلت جهدي في تيسير ما يعين القراي من شرح ما يحتاج إلى
بيان ، وتعيين صفحات المصادر ، ولما كان سيادة الناشر المحترم في ايران وأنا في


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 414 سطر 9 الى ص 416 سطر 10

النجف الاشرف ، فقد عهد بتصحيحه المطبعي إلى بعض مصححيه ، فأضاف ذلك من
عنده بعض الحواشي ورمز لها - مشكورا - برمزه الخاص ، فكان منها ما هو في غير
محله ، لذلك أحببت التنويه بذلك ، ليكون كل مسؤولا عما كتب .
أما الآن ونحن على أبواب هذا الجزء - السابع والاربعين حسب تجزئة
سيادة الناشر المحترم - ولا أظن بحاجة ماسة إلى تعريف المؤلف أو المؤلف بعد
أن سبق التعريف بكل منهما في بعض الاجزاء السابقة ، كما أراني في غنى عن
التقديم لموضوع هذا الجزاء الذي يضم بين دفتيه سيرة سيد من أكابر سادات أهل
البيت وهو سادس أئمة المسلمين المعصومين وخلفاء الله في العالمين ، ومن أذعن بفضله
خصومه فضلا عن مواليه ، وأثنى عليه أئمة المذاهب الاسلامية الاخرى معترفين بفضله
عليهم ، وأخذهم عنه ، كما تجده مفصلا في هذا الجزء .
[415]
أما اسلوبنا في مراجعته فهو لا يختلف عما سبق في سالفه ، وإني لاعترف بكبير
الفضل الذي أولانيه سماحة آية الله سيدي الوالد دام ظله فيما كنت أسترشده وأستعينه
في إنجاز هذا العمل المضني لتشتت مصادره وتشعب موارده فطالما سهر ليله وأجهد
نفسه في تيسير بعض ما صعب علي كشفه ، فجزاه الله عن الاسلام وأهله خيرا الجزاء .
كما لا يفوتني التنويه بجهود العلامة الاخ السيد محمد رضا الخرسان سلمه الله
حيث شارك في انجاز عملي هذا وأرجو من الله تعالى وحده ان يتولى جزاء الجميع
فمنه التوفيق ومنه العون وهو ولي ذلك انه سميع مجيب .
محمد مهدي السيد حسن الخرسان
النجف الاشرف 10 رجب المرجب سنة 1385
[416]
بسمه تعالى شأنه
إلى هنا انتهى الجزاء السابع والاربعون من كتاب
بحار الانوار من هذه الطبعة النفيسة ، وهو الجزاء الثاني
من المجلد الحادي عشر ، يحتوي على تاريخ الامام
أبي عبدالله جعفر الصادق عليه الصلاة والسلام .
ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه ومقابلته عند الطباعة
وبالغنا في ذلك ، والله المن على توفيقه لذلك ، وهو الموفق
والمعين .
السيد ابراهيم الميانجى محمد الباقر البهبودى