بسمه تعالى


-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 1 سطر 1 الى ص 6 سطر 17

[ 1 ]
بحار الانوار
الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار
تاليف
العلم العلامة الحجة فخر الامة المولى
الشيخ محمد باقر المجلسى
" قدس الله سره " الجزء الثالث والاربعون
مؤسسة الوفاء
بيروت لبنان
كافة الحقوق محفوظة ومسجلة
الطبعة الثانية المصححة 1403 ه . 1983 م
مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان - صرب : 1475 - هاتف : 386868
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي خص بالبلاء من عباده المحبين النجباء ، أفاخم الانبياء
وأعاظم الاوصياء ، ثم الاماثل من الاولياء ، والبررة من الاتقياء ، والصلاة على
أصفى الازكياء وأزكى الاصفياء ، وأحب أهل الارض إلى أهل السماء محمد وأهل
بيته المعصومين السفراء ، المخصوصين بطرف البلاء ، المكرمين بتحف العناء
الذين لم يرضوا بمكابدة الليل والنهار في طاعة رب السماء ، حتى رملوا الوجوه
في الثرى ، وخضبوا اللحاء ، بالدماء ، ولعنة الله على أعدائهم الفجرة الاشقياء ، ومن
ظلمهم من الكفرة الادعياء .
أما بعد : فهذا هو المجلد العاشر من كتاب بحار الانوار ، مما ألفة أحقر
خدمة أخبار الائمة الاطهار ، وأفقرالخلق إلى رحمة الكريم الغفار محمد باقربن
محمد تقى حشرهما الله مع مواليهما الاخيار ، صلوات الله عليهم ما اختلف الليل والنهار .
[ 2 ]
( أبواب )
( تاريخ سيدة نساء العالمين وبضعة سيد المرسلين ومشكوة أنوار أئمة )
( الدين وزوجة أشرف الوصيين البتول العذراء ، والانسية الحوراء )
( فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ماقامت )
( الارض و السماء )
1 ( باب )
( ولادتها وحليتها وشمائلها صلوات الله عليها وجمل تواريخها )
1 - لى : أحمد بن محمد الخليلي ، عن محمد بن أبي بكر الفقيه ، عن أحمد بن
محمد النوفلي ، عن إسحاق بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن زرعة بن محمد ، عن
المفضل بن عمر قال : قلت لابي عبدالله الصادق عليه السلام : كيف كان ولادة فاطمة
عليها السلام ؟ فقال : نعم إن خديجة عليها السلام لما تزوج بها رسول الله صلى الله عليه واله هجرتها
نسوة مكة فكن لايدخلن عليها ولايسلمن عليها ولايتركن امرأة تدخل عليها
فاستوحشت خديجة لذلك وكان جزعها وغمها حذرا عليه صلى الله عليه واله فلما حملت بفاطمة
كانت فاطمة عليها السلام تحدثها من بطنها وتصبرها وكانت تكتم ذلك من رسول الله صلى الله عليه واله
فدخل رسول الله يوما فسمع خديجة تحدث فاطمة عليها السلام فقال لها : يا خديجة من
تحدثين ؟ قالت : الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني ، قال : يا خديجة هذا
جبرئيل ( يبشرني ) يخبرني أنها انثى وأنها النسلة الطاهرة الميمونة وأن الله
تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة ويجعلهم خلفاءه في أرضه
بعد انقضاء وحيه .
فلم تزل خديجة عليها السلام على ذلك إلى أن حضرت ولادتها فوجهت إلى نساء
[ 3 ]
قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ماتلي النساء من النساء فأرسلن إليها : أنت
عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب فقيرا لامال له فلسنا نجئ ولا
نلي من أمرك شيئا فاغتمت خديجة عليها السلام لذلك فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع
نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن لما رأتهن فقالت
إحداهن : لا تحزني يا خديجة فانا رسل ربك إليك ونحن أخواتك أنا سارة وهذه
آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم اخت
موسى بن عمران بعثنا الله إليك لنلي ما تلي النساء من النساء ، فجلست واحدة
عن يمينها ، واخرى عن يسارها ، والثالثة بين يديها ، والرابعة من خلفها ، فوضعت
فاطمة عليها السلام طاهرة مطهرة .
فلما سقطت إلى الارض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق
في شرق الارض ولا غربها موضع إلا أشرق فيه ذلك النور ودخل عشر من
الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة وفي الابريق
ماء من الكوثر فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر وأخرجت
خرقتين بيضاوين أشد بياضا من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر فلفتها
بواحدة وقنعتها بالثانية ثم استنطقتها فنطقت فاطمة عليها السلام بالشهادتين وقالت : أشهد
أن لا إله إلا الله وأن أبي رسول الله سيد الانبياء وأن بعلي سيد الاوصياء وولدي
سادة الاسباط ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة منهن باسمها وأقبلن يضحكن إليها
وتباشرت الحور العين وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة عليها السلام وحدث في
السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك وقالت النسوة : خذيها يا خديجة طاهرة
مطهرة زكية ميمونة بورك فيها وفي نسلها . فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها
فدر عليها فكانت فاطمة عليها السلام تنمي في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر وتنمي في
الشهر كما ينمي الصبي في السنة .
مصباح الانوار : عن أبي المفضل الشيباني ، عن موسى بن محمد الاشعري ابن
بنت سعد بن عبدالله ، عن الحسن بن محمد بن إسماعيل المعروف بابن أبي الشوارب
[ 4 ]
عن عبيد الله بن علي بن أشيم ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد مثله .
2 - لى ، ن : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن الهروي ، عن الرضا
عليه السلام قال : قال النبي صلى الله عليه واله : لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليه السلام
فأدخلني الجنة فناولي من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت
إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة عليها السلام ففاطمة حوراء إنسية فكلما اشتقت
إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة .
ج : مرسلا مثله .
3 - مع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن يزيد ، عن ابن فضال ، عن
عبدالرحمان بن الحجاج ، عن سدير الصيرفي ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : خلق نور فاطمة عليها السلام قبل أن يخلق الارض والسماء
فقال بعض الناس : يا نبي الله فليست هي إنسية ؟ فقال : فاطمة حوراء إنسية
قالوا : يا نبي الله وكيف هي حوراء إنسية ؟ قال : خلقها الله عزوجل من نوره
قبل أن يخلق آدم إذ كانت الارواح فلما خلق الله عزوجل آدم عرضت على آدم .
قيل يا نبي الله وأين كانت فاطمة ؟ قال : كانت في حقة تحت ساق العرش ، قالوا :
يا نبي الله فما كان طعامها ؟ قال : التسبيح والتقديس والتهليل والتحميد ، فلما خلق الله
عزوجل آدم وأخرجني من صلبه وأحب الله عزوجل أن يخرجها من صلبي جعلها
تفاحة في الجنة وأتاني بها جبرئيل عليه السلام فقال لي : السلام عليك ورحمة الله و
بركاته يامحمد ! قلت : وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرئيل ، فقال : يا محمد إن
ربك يقرئك السلام قلت : منه السلام وإليه يعود السلام قال : يا محمد إن هذه تفاحة
أهداها الله عزوجل إليك من الجنة . فأخذتها وضممتها إلى صدري ، قال : يا محمد
يقول الله جل جلاله كلها ففلقتها فرأيت نورا ساطعا وفزعت منه فقال : يا محمد مالك
لا تأكل كلها ولا تخف فان ذلك النور للمنصورة في السماء وهي في الارض فاطمة
قلت : حبيبي جبرئيل ولم سميت في السماء المنصورة وفي الارض فاطمة ؟ قال :
سميت في الارض فاطمة لانها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداؤها عن حبها
[ 5 ]
وهي في السماء المنصورة وذلك قول الله عزوجل " ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله
ينصر من يشاء " ( 1 ) يعني نصر فاطمة لمحبيها .
بيان : لعل هذا التاويل مبني على أن قوله " من بعد " قبل قوله " يومئذ "
إشارة إلى القيامة .
4 - ع : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة ، عن أبيه
عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام عن جابر بن عبدالله قال : قيل يا رسول الله إنك تلثم
فاطمة وتلزمها وتدنيها منك وتفعل بها مالا تفعله بأحد من بناتك ؟ فقال : إن
جبرئيل عليه السلام أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها فتحولت ماء في صلبي ثم
واقعت خديجة فحملت بفاطمة فأنا أشم منها رائحة الجنة .
5 - ع : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن عمربن عمران ، عن
عبيد الله بن موسى العبسى ، عن جبلة المكي ، عن طاووس اليماني ، عن ابن عباس
قال : دخلت عائشة على رسول الله صلى الله عليه واله وهو يقبل فاطمة فقالت له : أتحبها يا
رسول الله قال : أما والله لو علمت حبي لها لا زددت لها حبا إنه لما عرج بي إلى
السماء الرابعة أذن جبرئيل وأقام ميكائيل ثم قيل لي ادن يا محمد فقلت : أتقدم و
أنت بحضرتي يا جبرئيل قال : نعم ، إن الله عزوجل فضل أنبياءه المرسلين على
ملائكته المقربين وفضلك أنت خاصة فدنوت فصليت بأهل السماء الرابعة ثم التفت
عن يميني فإذا أنا بابراهيم عليه السلام في روضة من رياض الجنة وقد اكتنفها جماعة
من الملائكة .
ثم إني صرت إلى السماء الخامسة ومنها إلى السادسة فنوديت : يا محمد نعم
الاب أبوك إبراهيم ونعم الاخ أخوك علي فلما صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل
عليه السلام بيدي فأدخلني الجنة فإذا أنا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان
الحلل والحلي فقلت : حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة ؟ فقال : هذه لاخيك علي
ابن أبي طالب عليه السلام وهذان الملكان يطويان له الحلي والحلل إلى يوم القيامة .
* ( هامش ) * ( 1 ) الروم : 4 و 5 . ( * )
[ 6 ]
ثم تقدمت أمامي فاذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى
من العسل فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي فلما أن هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية فإذا اشتقت إلى الجنة
شممت رائحة فاطمة عليها السلام .
6 - فس : أبي ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه واله يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام فأنكرت ذلك
عائشة فقال رسول الله صلى الله عليه واله : ياعائشة إني لما اسري بي إلى السماء دخلت الجنة
فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها فأكلته فحول الله ذلك ماء في
ظهري فلما هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فما قبلتها قط إلا
وجدت رائحة شجرة طوبى منها .
7 - قب : أنس بن مالك قال : سألت امي عن صفة فاطمة عليها السلام فقالت :
كانت كأنها القمر ليلة البدر أو الشمس كفرت غماما أو خرجت من السحاب وكانت
بيضاء بضة .
عطا ، عن أبي رباح قال : كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله تعجن وإن قصبتها
تضرب إلى الجفنة وروي أنها كانت مشرقة الرباعية .
جابربن عبدالله : ما رأيت فاطمة تمشي إلا ذكرت رسول الله صلى الله عليه واله تميل على
جانبها الايمن مرة وعلى جانبها الايسر مرة وولدت فاطمة بمكة بعد النبوة
بخمس سنين وبعد الاسراء بثلاث سنين في العشرين من جمادي الآخرة وأقامت مع


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 6 سطر 18 الى ص 14 سطر 2

أبيها بمكة ثماني سنين ، ثم هاجرت معه إلى المدينة فزوجها من علي بعد مقدمها
المدينة بسنتين أول يوم من ذي الحجة وروي أنه كان يوم السادس ودخل بها
يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة بعد بدرو قبض النبي ولها يومئذ ثماني عشرة
سنة وسبعة أشهر وولدت الحسن ولها اثنتا عشرة سنة .
بيان : كفرت على البناء للمجهول أي إن شئت شبهتها بالشمس المستورة
بالغمام لسترها وعفافها أولامكان النظر إليها وإن شئت بالشمس الخارجة من تحت
[ 7 ]
الغمام لنورها ولمعانها ، ويحتمل أن يكون الغرض التشبيه بالشمس في حالتي ابتداء
الدخول في الغمام والخروج منها تشبيها لها بالشمس ولقناعها بالسحاب التي أحاطت
ببعض الشمس أو يقال : التشبيه بها في الحالتين لجمعها فيهما بين الستر والتمكن من
النظر ، وعدم محو الضوء والشعاع ، وعلى التقادير مأخوذ من الكفر بمعنى التغطية
يقال : كفرت الشئ أكفره بالكسر كفرا أي سترته . والبضاضة رقة اللون وصفاؤه
الذي يؤثر فيه أدنى شئ .
8 - كشف : ذكر ابن الخشاب ، عن شيوخه يرفعه ، عن أبي جعفر محمد بن
علي عليهما السلام قال : ولدت فاطمة بعد ما أظهر الله نبوة نبيه وأنزل عليه الوحي بخمس سنين
وقريش تبني البيت وتوفيت ولها ثماني عشرة سنة وخمسة وسبعين يوما وفي رواية
صدقة ثماني عشرة سنة وشهر وخمسة عشر يوما وكان عمرها مع أبيها بمكة ثماني
سنين ، وهاجرت إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه واله فأقامت معه عشر سنين وكان عمرها
ثماني عشرة سنة فأقامت مع علي أميرالمؤمنين بعد وفاة أبيها خمسة وسبعين يوما
وفي رواية اخرى أربعين يوما .
وقال الذارع : أنا أقول فعمرها على هذه الرواية ثماني عشرة سنة وشهر و
عشرة أيام وولدت الحسن ولها إحدى عشر سنة بعد الهجرة بثلاث سنين وفي كتاب
مولد فاطمة عليها السلام لابن بابويه يرفعه إلى أسماء بنت عميس قالت : قال لي
رسول الله صلى الله عليه واله وقد كنت شهدت فاطمة عليها السلام وقد ولدت بعض ولدها فلم أرلها دما
فقال صلى الله عليه واله : إن فاطمة خلقت حورية في صورة إنسية .
9 - ضة : ولدت عليها السلام بعد النبوة بخمس سنين وبعد الاسراء بثلاث سنين و
أقامت مع رسول الله صلى الله عليه واله بمكة ثمان سنين ، ثم هاجرت مع رسول الله صلى الله عليه واله إلى
المدينة فزوجها من علي صلوات الله عليه بعد مقدمهم المدينة بسنة وقبض النبي صلى الله عليه واله
ولفاطمة عليها السلام يومئذ ثماني عشرة سنة وعاشت بعد أبيها اثنتين وسبعين يوما .
10 - كا : ولدت فاطمة عليها السلام بعد مبعث النبي صلى الله عليه واله بخمس سنين وتوفيت
ولها ثماني عشرة سنة وخمسة وسبعون يوما بقيت بعد أبيها خمسة وسبعين يوما .
[ 8 ]
11 - عيون المعجزات : روي عن حارثة بن قدامة قال : حدثني سلمان
قال : حدثني عمار ، وقال : اخبرك عجبا ؟ قلت : حدثني يا عمار قال : نعم شهدت
علي بن أبيطالب عليه السلام وقد ولج على فاطمة عليها السلام فلما أبصرت به نادت ادن لاحدثك
بماكان وبما هو كائن وبما لم يكن إلى يوم القيامة حين تقوم الساعة قال عمار :
فرأيت أميرالمؤمنين عليه السلام يرجع القهقرى فرجعت برجوعه إذ دخل على النبي صلى الله عليه واله
فقال له : ادن يا أباالحسن فدنا فلما اطمأن به المجلس قال له : تحدثني أم
احدثك ؟ قال : الحديث منك أحسن يارسول الله ، فقال : كأني بك وقد دخلت
على فاطمة وقالت لك كيت وكيت فرجعت ، فقال علي عليه السلام : نور فاطمة من
نورنا ؟ فقال عليه السلام : أولا تعلم ؟ فسجد علي شكرا لله تعالى .
قال عمار : فخرج أمير المؤمنين عليه السلام وخرجت بخروجه فولج علي فاطمة عليها السلام
وولجت معه فقالت : كأنك رجعت إلى أبي صلى الله عليه واله فأخبرته بما قلته لك ؟ قال : كان
كذلك يا فاطمة ، فقالت : اعلم يا أبا الحسن أن الله تعالى خلق نوري وكان يسبح الله
جل جلاله ثم أودعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت فلما دخل أبي الجنة أوحى الله
تعالى إليه إلهاما أن اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وأدرها في لهواتك ففعل فأودعني
الله سبحانه صلب أبي صلى الله عليه واله ثم أودعني خديجة بنت خويلد فوضعتني وأنا من ذلك
النور أعلم ماكان وما يكون ومالم يكن يا أبا الحسن المؤمن ينظر بنور الله تعالى .
12 - قل : قال الشيخ المفيد في كتاب حدائق الرياض : يوم العشرين من
جمادى الآخرة كان مولد السيدة الزهراء عليها السلام سنة اثنتين من المبعث .
من بعض كتب المخالفين باسناده ، عن عبدالله بن محمد بن سليمان الهاشمي
عن أبيه ، عن جده قال : ولدت فاطمة سنة إحدى وأربعين من مولد رسول الله صلى الله عليه واله
وزعم محمد بن إسحاق أن فاطمة ولدت قبل أن يوحى إلى النبي صلى الله عليه واله وكذلك سائر
أولاده من خديجة ، وفي روايتي عن الحافظ أبي المنصور الديلمي بروايته عن
أبي علي الحداد عن أبي نعيم الحافظ في كتاب معرفة الصحابة أن فاطمة كانت أصغر
بنات رسول الله سنا ولدت وقريش تبني الكعبة وكانت فيما قبل تكنى ام أسماء .
[ 9 ]
وقال أبوالفرج في كتاب مقاتل الطالبيين كان مولد فاطمة عليها السلام قبل النبوة
وقريش حينئذ تبني الكعبة وكان تزويج علي بن أبيطالب إياها في صفر بعد
مقدم رسول الله صلى الله عليه واله المدينة وبنى بها بعد رجوعه من غزاة بدرولها يومئذ ثماني عشرة
سنة حدثني بذلك الحسن بن علي ، عن الحارث ، عن ابن سعد ، عن الواقدى ، عن
أبي بكر بن عبدالله بن أبي سبرة ، عن إسحاق بن عبدالله أبي فروة ، عن جعفر بن محمد
ابن علي عليه السلام .
13 - كا : عبدالله بن جعفر وسعد بن عبدالله جميعا ، عن إ براهيم بن مهزيار
عن أخيه علي بن مهزيار ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب
السجستاني قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ولدت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله بعد مبعث
رسول الله صلى الله عليه واله بخمس سنين وتوفيت ولها ثماني عشرة سنة وخمسة وسبعون يوما .
14 - كف : ولدت [ فاطمة عليها السلام ] في العشرين من جمادى الآخرة يوم الجمعة
سنة اثنتين من المبعث وقيل : سنة خمس من المبعث وكان نقش خاتمها أمن المتوكلون
وبوابها فضة أمتها .
15 - مصبا : في اليوم العشرين من جمادى الآخرة [ يوم الجمعة ] سنة اثنتين
من المبعث كان مولد فاطمة عليها السلام في بعض الروايات وفي رواية اخرى سنة خمس
من المبعث والعامة تروي أن مولدها قبل المبعث بخمس سنين .
16 - كتاب دلائل الامامة لمحمد بن جرير الطبري الامامي ، عن أبي المفضل
الشيباني ، عن محمد بن همام ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى
عن عبدالرحمان بن أبي نجران ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : ولدت فاطمة في جمادى الآخرة اليوم العشرين منها سنة خمس
وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه واله فأقامت بمكة ثمان سنين وبالمدينة عشر سنين وبعد وفات أبيها خمسا وسبعين يوما وقبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون
منه سنة إحدى عشرد من الهجرة .
وعنه ، عن محمد بن هارون بن موسى التلعكبري ، عن أحمد بن محمد الضبي ، عن
[ 10 ]
محمد بن زكريا الغلابي ، عن شعيب بن واقد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده
عن ابن عباس قال : لم تزل فاطمة تشب في اليوم كالجمعة وفي الجمعة كالشهر وفي
الشهر كالسنة فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه واله من مكة إلى المدينة وابنتى بها مسجدا
وأنس أهل المدينة به وعلت كلمته وعرف الناس بركته وسار إليه الركبان وظهر
الايمان ودرس القرآن وتحدث الملوك والشراف وخاف سيف نقمته الاكابر و
الاشراف وهاجرت فاطمة مع أمير المؤمنين ونساء المهاجرين وكانت عائشة فيمن
هاجر معها فقدمت المدينة فانزلت [ مع ] النبي صلى الله عليه واله على ام أبي أيوب الانصاري
وخطب رسول الله صلى الله عليه واله النساء وتزوج سودة أول دخوله المدينة ونقل فاطمة إليها
ثم تزوج ام سلمة فقالت ام سلمة : تزوجني رسول الله صلى الله عليه واله وفوض أمر ابنته
إلي فكنت اودبها وكانت والله أدأب مني وأعرف بالاشياء كلها .
2 * ( باب ) *
* ( أسمائها وبعض فضائلها عليها السلام ) *
1 - لى ، ع ، ل : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن
عبدالعظيم الحسني ، عن الحسن بن عبدالله بن يونس ، عن يونس بن ظبيان ، قال
قال أبوعبدالله عليه السلام : لفاطمة عليها السلام تسعة أسماء عند الله عزوجل فاطمة ، والصديقة
والمباركة ، والطاهرة ، والزكية ، والراضية ، والمرضية ، والمحدثة ، والزهراء
ثم قال عليه السلام : أتدري أي شئ تفسير فاطمة ؟ قلت : أخبرني ياسيدي قال : فطمت
من الشر قال : ثم قال : لو لا أن أميرالمؤمنين عليه السلام تزوجها لما كان لها كفو
إلى يوم القيامة على وجه الارض آدم فمن دونه .
كتاب دلائل الامامة للطبرى : عن الحسن بن أحمد العلوي ، عن الصدوق
مثله .
بيان : يمكن أن يستدل به على كون علي وفاطمة عليهما السلام أشرف من سائر
[ 11 ]
اولي العزم سوى نبينا صلى الله عليهم أجمعين لايقال لايدل على فضلهما على نوح
وإبراهيم عليهما السلام لا حتمال كون عدم كونهما كفوين لكونهما من أجدادها عليهم السلام لانا
نقول ذكر آدم عليه السلام يدل على أن المراد عدم كونهم أكفاءها مع قطع النظر عن
الموانع الاخر على أنه يمكن أن يتشبث بعدم القول بالفضل ، نعم يمكن أن يناقش
في دلالته على فضل فاطمة عليهم بأنه يمكن أن يشترط في الكفاءة كون الزوج
أفضل ، ولايبعد ذلك من متفاهم العرف والله يعلم .
2 - ع : أبي ، عن سعد ، عن جعفر بن سهل الصيقل ، عن محمد بن إسماعيل
الدارمي ، عمن حدثه ، عن محمد بن جعفر الهرمزاني ، عن أبان بن تغلب قال :
قلت لابي عبدالله عليه السلام يابن رسول الله لم سميت الزهراء زهراء ؟ فقال : لانها تزهر
لامير المؤمنين عليه السلام في النهار ثلاث مرات بالنور ، كان يزهر نور وجهها صلاة
الغداة والناس في فراشهم فيدخل بياض ذلك النور إلى حجراتهم بالمدينة فتبيض حيطانهم فيعجبون من ذلك فيأتون النبي صلى الله عليه واله فيسألونه عما رأوا فيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها السلام فيأتون منزلها فيرونها قاعدة في محرابها تصلي والنور يسطع من
محرابها من وجهها فيعلمون أن الذي رأوه كان من نور فاطمة فاذا انتصف النهار
وترتبت للصلاة زهر نور وجهها عليها السلام بالصفرة فتدخل الصفرة في حجرات الناس فتصفر
ثيابهم وألوانهم فيأتون النبي صلى الله عليه واله فيسألونه عمارأو افيرسلهم إلى منزل فاطمة عليها السلام
فيرونها قائمة في محرابها وقد زهر نور وجهها - صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها
وبنيها - بالصفرة فيعلمون أن الذي رأوا كان من نور وجهها فإذا كان آخر النهار
وغربت الشمس احمر وجه فاطمة فأشرق وجهها بالحمرة فرحا وشكرا لله عزوجل
فكان تدخل حمرة وجهها حجرات القوم وتحمر حيطانهم فيعجبون من ذلك ويأتون
النبي صلى الله عليه واله ويسألونه عن ذلك فيرسلهم إلى منزل فاطمة فيرونها جالسة تسبح الله
وتمجده ونور وجهها يزهر بالحمرة فيعلمون أن الذي رأوا كان من نور وجه
فاطمة عليها السلام فلم يزل ذلك النور في وجهها حتى ولد الحسين عليه السلام فهو يتقلب في
وجوهنا إلى يوم القيامة في الائمة منا أهل البيت إمام بعد إمام .
[ 12 ]
بيان : ترتبت أي ثبتت في محرابها كما في اللغة أو تهيأت من الترتيب
العرفي بمعنى جعل كل شئ في مرتبته ويحتمل أن يكون تصحيف تزينت .
3 - ن : بالاسناد إلى دارم قال : حدثنا على بن موسى الرضا ومحمد بن علي عليهما السلام قالا : سمعنا المأمومن يحدث عن الرشيد ، عن المهدي ، عن المنصور ، عن
أبيه ، عن جده قال : قال ابن عباس لمعوية : أتدري لم سميت فاطمة فاطمة ؟ قال :
لا ، قال : لانها فطمت هي وشيعتها من النار سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقوله .
4 - ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه واله : إني سميت ابنتي فاطمة لان الله عزوجل فطمها وفطم من أ حبها
من النار .
صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام مثله .
5 - ع : أبي ، عن محمد بن معقل القرميسيني ، عن محمد بن يزيد الجزري ، عن
إبراهيم بن إسحاق النهاوندي ، عن عبدالله بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، عن
جابر ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت : لم سميت فاطمة الزهراء زهراء فقال : لان
الله عزوجل خلقها من نور خلقها من نور عظمته فلما أشرقت أضاءت السماوات والارض بنورها
وغشيت أبصار الملائكة وخرت الملائكة الله ساجدين وقالوا : إلهنا وسيدنا ما هذا
النور فأوحى الله إليهم هذا نور من نوري وأسكنته في سمائي خلقته من عظمتي اخرجه
من صلب نبي من أنبيائي افضله على جميع الانبياء واخرج من ذلك النور أئمة
يقومون بأمري يهدون إلى حقي وأجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي .
مصباح الانوار : عن أبي جعفر عليه السلام مثله .
بيان : قال الفيروز آبادي : قرميسين بالكسر بلد قرب الدينور معرب
كرمانشاهان .
6 - مع ، ع : الطالقاني ، عن الجلودي ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة
عن أبيه قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن فاطمة لم سميت زهراء ؟ فقال : لانها
كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لاهل المساء كمايزهر نور الكواكب لاهل
[ 13 ]
الارض
7 - ع : أبي ، عن علي بن إبراهيم ، عن اليقطيني ، عن محمد بن زياد مولى
بني هاشم قال : حدثنا شيخ لنا ثقة يقال له : نجية بن إسحاق الفزاري ، قال :
حدثنا عبدالله بن الحسن بن حسن قال : قال أبوالحسن عليه السلام : لم سميت فاطمة
فاطمة ؟ قلت : فرقا بينه وبين الاسماء قال : إن ذلك لمن الاسماء ولكن الاسم
الذي سميت به أن الله تبارك وتعالى علم ما كان قبل كونه فعلم أن رسول الله صلى الله عليه واله
يتزوج في الاحياء وأنهم يطمعون في وراثة هذا الامر من قبله فلما ولدت فاطمة
سماها الله تبارك وتعالى فاطمة لماأخرج منها وجعل في ولدها ففطمهم عما طمعوا
فبهذا سميت فاطمة فاطمة لانها فطمت طمعهم ومعنى فطمت قطعت .
بيان : قوله فرقا بينه وبين الاسماء لعلة توهم أن هذا الاسم مما لم يسبقها
إليه أحد فلذا سميت به لئلا يشاركها فيه امرأة ممن مضى فأجاب عليه السلام بأنه
كان من الاسماء التي كانوايسمون بها قبل ، قوله : " إن الله " أي لان الله .
8 - مع ، ع : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن مخدج بن عمير
الحنفي ، عن بشير بن إبراهيم الانصاري ، عن الاوزاعي ، عن يحيى بن [ أبي ] كثير
عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : إنما سميت فاطمة فاطمة لان الله عزوجل فطم
من أحبها من النار .
9 - ع : ما جيلويه ، عن محمد العطار ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن
صالح بن عقبة ، عن يزيد بن عبدالملك ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لما ولدت فاطمة
عليها السلام أوحى الله عزوجل إلى ملك فانطلق به لسان محمد صلى الله عليه واله فسماها فاطمة
ثم قال : إني فطمتك بالعلم وفطمتك عن الطمث ثم قال أبوجعفر عليه السلام : والله لقد
فطمها الله تبارك وتعالى بالعلم وعن الطمث بالميثاق .
مصباح الانوار : عنه عليه السلام مثله .
بيان : فطمتك بالعلم أي أرضعتك بالعلم حتى استغنيت وفطمت ، أو قطعتك
عن الجهل بسبب العلم أو جعلت فطامك من اللبن مقرونا بالعلم كناية عن كونها في
[ 14 ]
بدو فطرتها عالمة بالعلوم الربانية . وعلى التقادير كان الفاعل بمعنى المفعول
كالدافق بمعنى المدفوق أو يقرء على بناء التفعيل أي جعلتك قاطعة الناس من


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 14 سطر 3 الى ص 22 سطر 3

الجهل أو المعنى : لما فطمها من الجهل فهي تفطم الناس منه ، والوجهان الاخيران
يشكل إجراؤهما في قوله : فطمتك عن الطمث إلا بتكلف ، بأن يجعل الطمث كناية
عن الاخلاق والافعال الذميمة ، أو يقال على الثالث : لما فطمتك عن الادناس
الروحانية والجمسانية فأنت تفطم الناس عن الادناس المعنوية .
10 - ع : ابن الوليد ، عن أحمد بن علوية الاصبهاني ، عن إبراهيم بن محمد
الثقفي ، عن جندل بن والق ، عن محمد بن عمر البصري ، عن جعفر بن محمد بن على
عن أبيه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : يا فاطمة أتدرين لم سميت فاطمة ؟
فقال علي عليه السلام : يارسول الله لم سميت ؟ قال : لانها فطمت هي وشيعتها من النار .
مصباح الانوار : عنه عليه السلام مثله .
بيان : لا يقال : المناسب على ما ذكر في وجه التمسية أن تسمى مفطومة
إذا لفطم بمعنى القطع ، يقال : فطمت الام صبيها وفطمت الرجل عن عادته و
فطمت الحبل . لانا نقول : كثيرا ما يجئ فاعل بمعنى مفعول كقولهم سركاتم و
مكان عامر ، وكما قالوا في قوله تعالى : " عيشة راضية " و " ماء دافق " ويحتمل أن
يكون ورد الفطم لازما أيضا .
قال الفيروز آبادي : أفطم السخلة : حان أن تفطم فاذا فطمت فهي فاطم
ومفطومة وفطيم انتهى ويمكن أن يقال إنها فطمت نفسها وشيعتها عن النار وعن
الشرور ، وفطمت نفسها عن الطمث لكون السبب في ذلك ما علم الله من محاسن أفعالها
ومكارم خصالها فالاسناد مجازي .
11 - ع : ابن المتوكل ، عن سعد ، عن ابن عيسى عن محمد بن سنان ، عن
ابن مسكان ، عن محمد بن مسلم الثقفي ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لفاطمة عليها السلام
وقفة على باب جهنم ، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه إلى النار فتقرأ فاطمة بين عينيه محبا فتقول :
[ 15 ]
إلهي وسيدي سميتني فاطمة وفطمت بي من تولاني وتولى ذريتي من النار ووعدك
الحق وأنت لاتخلف الميعاد فيقول الله عزوجل : صدقت يا فاطمة إني سميتك
فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولاك وأحب ذريتك وتولاهم من النار ووعدي
الحق وأنا لا اخلف الميعاد وإنما أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فاشفعك
وليتبين ملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك مني ومكانتك عندي فمن
قرأت بين عينيه مؤمنا فخذي بيده وأدخليه الجنة .
12 - ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، عن أبي الحسن الثالث ، عن
آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إنما سميت ابنتي فاطمة لان الله عزوجل
فطمها وفطم من أحبها من النار .
13 - مع ، ع : باسناد العلوي ، عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه واله سئل ما البتول ؟
فانا سمعناك يا رسول الله تقول : إن مريم بتول وفاطمة بتول ، فقال عليه السلام : البتول :
التي لم ترحمرة قط أي لم تحض فان الحيض مكروه في بنات الانبياء .
مصباح الانوار : عن علي عليه السلام مثله .
بيان : البتل القطع أي إنها منقطعة عن نساء زمانها بعدم رؤية الدم ، قال
في النهاية : امرأة بتول منقطعة عن الرجال لا شهوة لها فيهم ، وبها سميت مريم ام
عيسى عليه السلام وسميت فاطمة عليها السلام البتول لا نقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا و
حسبا ، وقيل لانقطاعها عن الدنيا إلى الله تعالى ونحو ذلك قال الفيروز آبادي .
أقول : قد مضت وسيأتي الاخبار في أنه قال النبي صلى الله عليه واله لفاطمة : شق [ الله ]
لك يا فاطمة اسما من أسمائه فهو الفاطر وأنت فاطمة وشبهه .
14 - قب : ابن بابويه في كتاب مولد فاطمة ، والخر كوشي في شرف النبي
صلى الله عليه وآله وسلم وابن بطة في الابانة ، عن الكلبي ، عن جعفر بن محمد عليه السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله لعلي : هل تدري لم سميت فاطمة ؟ قال علي : لم سميت
فاطمة يا رسول الله ؟ قال : لانها فطمت هي وشيعتها من النار .
أبوعلي السلامي في تاريخه باسناده عن الاوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير
[ 16 ]
عن أبي هريرة : قال علي عليه السلام : إنما سميت فاطمة لان الله فطم من أحبها عن النار .
شيرويه في الفردوس ، عن جابر الانصاري قال النبي صلى الله عليه واله : إنما سميت
ابنتي فاطمة لان الله فطمها وفطم محبيها عن النار .
الصادق عليه السلام : تدري أي شئ تفسير فاطمة قال : فطمت من الشر ويقال إنما
سميت فاطمة لانها فطمت عن الطمث .
أبوصالح المؤذن في الاربعين : سئل رسول الله صلى الله عليه واله ما البتول ؟ قال : التي
لم ترحمرة قط ولم تحض فان الحيض مكروه في بنات الانبياء وقال عليه السلام : لعائشة
ياحميرا إن فاطمة ليست كنساء الآدميين لا تعتل كما تعتلن .
أبوعبدالله قال : حرم الله النساء على علي ما دامت فاطمة حية لانها طاهرة
لاتحيض وقال عبيد الهروي في الغريبين سميت مريم بتولا لانها بتلت عن الرجال
وسميت فاطمة بتولا لانها بتلت عن النظير .
أبوهاشم العسكري : سألت صاحب العسكر عليه السلام لم سميت فاطمة الزهراء عليها السلام ؟
فقال : كان وجهها يزهر لامير المؤمنين عليه السلام من أول النهار كالشمس الضاحية ، و
عند الزوال كالقمر المنير وعند غروب الشمس كالكوكب الدري .
الحسن بن يزيد قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : لم سميت فاطمة الزهراء ؟
قال : لان لها في الجنة قبة من ياقوت حمراء ارتفاعها في الهواء مسيرة سنة
معلقة بقدرة الجبار لا علاقة لها من فوقها فتمسكها ، ولا دعامة لها من تحتها فتلزمها
لها مأة ألف باب على كل باب ألف من الملائكة ، يراها أهل الجنة كمايرى
أحدكم الكوكب الدري الزاهر في افق السماء ، فيقولون : هذه الزهراء
لفاطمة عليها السلام .
15 - قب : كناها ام الحسن وام الحسين وام المحسن وام الائمة وام
أبيها وأسماؤها على ما ذكره أبوجعفر القمي : فاطمة ، البتول ، الحصان ، الحرة
السيدة ، العذراء ، الزهراء ، الحوراء ، المباركة ، الطاهرة ، الزكية ، الراضية
المرضية ، المحدثة ، مريم الكبرى ، الصديقة الكبرى ، ويقال لها في السماء النورية
[ 17 ]
السماوية ، الحانية .
بيان : الحانية أي المشفقة على زوجها وأولادها ، قال الجزري : الحانية
التي تقيم على ولدها لا تتزوج شفقة وعطفا ومنه الحديث في نساء قريش : أحناه على
ولد وأرعاه على زوج .
16 - ارشاد القلوب : مرفوعا إلى سلمان الفارسى - ره - قال : كنت جالسا
عند النبي صلى الله عليه واله في المسجد إذ دخل العباس بن عبدالمطلب فسلم فرد النبي صلى الله عليه واله
ورحب به فقال : يارسول الله بما فضل الله علينا أهل البيت علي بن أبي طالب والمعادن
واحدة ، فقال النبي صلى الله عليه واله : إذن اخبرك ياعم إن الله خلقتني وخلق عليا ولا سماء
ولا أرض ولا جنة ولانار ولا لوح ولا قلم .
فلما أراد الله عزوجل بدو خلقنا تكلم بكلمة فكانت نورا ثم تكلم كلمة ثانية
فكانت روحا فمزح فيما بينهما واعتدلا فخلقني وعليا منهما ثم فتق من نوري نور
العرش فأنا أجل من العرش ثم فتق من نور علي نور السماوات فعلي أجل
من السماوات ثم فتق من نور الحسن نور الشمس ومن نور الحسين نور القمر فهما
أجل من الشمس والقمر وكانت الملائكة تسبح الله تعالى وتقول في تسبيحها : سبوح
قدوس من أنوارما أكرمها على الله تعالى ، فلما أراد الله تعالى أن يبلوا الملائكة أرسل
عليهم سحابا من ظلمه وكانت الملائكة لا تنظر أولها من آخرها ولا آخرها من أولها
فقالت الملائكة : إلهنا وسيدنا منذ خلقتنا ما رأينا مثل ما نحن فيه فنسألك بحق
هذه الانوار إلا ما كشفت عنا فقال الله عزوجل : وعزتي وجلالي لافعلن فخلق
نور فاطمة الزهراء عليها السلام يومئذ كالقنديل وعلقه في قرط العرش فزهرت السماوات
السبع والارضون السبع ، من أجل ذلك سميت فاطمة الزهراء .
وكانت الملائكة تسبح الله وتقدسه فقال الله : وعزتي وجلالي لاجعلن ثواب
تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبي هذه المرأة وأبيها وبعلها ، وبنيها قال
سلمان : فخرج العباس فلقيه علي بن أبي طالب عليه السلام فضمه إلى صدوره وقبل مابين
عينيه ، وقال : بأبي عترة المصطفى من أهل بيت ما أكرمكم على الله تعالى .
[ 18 ]
بيان : القرط بالضم الذي يعلق في شحمة الاذن .
17 - فر : موسى بن علي بن موسى بن عبدالرحمن المحاربي معنعنا عن أبي عبدالله
جعفر بن محمد بن على عليهم السلام ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : معاشر الناس
تدرون لما خلقت فاطمة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : خلقت فاطمة حوراء إنسية
لا إنسية [ و ] قال : خلقت من عرق جبرئيل ومن زغبه ، قالوا : يا رسول الله استشكل
ذلك علينا تقول : حوراء إنسية لا إنسية ثم تقول : من عرق جبرئيل ومن زغبه
قال : إذا انبئكم أهدى إلى ربي تفاحة من الجنة أتاني بها جبرئيل عليه السلام فضمها إلى
صدره فعرق جبرئيل عليه السلام وعرقت التفاحة فصار عرقهما شيئا واحدا ثم قال : السلام
عليك يارسول الله ورحمة الله وبركاته قلت : وعليك السلام ياجبرئيل فقال : إن الله
أهدى إليك تفاحة من الجنة فأخذتها وقبلتها ووضعتها على عيني وضممتها
إلى صدري .
ثم قال : يا محمد كلها ، قلت : يا حبيبي ياجبرئيل هدية ربي تؤكل ؟ قال :
نعم ، قد امرت بأكلها فأفلقتها فرأيت منها نورا ساطعا ففزعت من ذلك النور ، قال :
كل فان ذلك نور المنصورة فاطمة قلت : ياجبرئيل ومن المنصورة ؟ قال : جارية
تخرج من صلبك واسمها في السماء منصورة ، وفي الارض فاطمة ، فقلت : يا جبرئيل
ولم سميت في السماء منصورة وفي الارض فاطمة ؟ قال : سميت فاطمة في الارض
[ لانه ] فطمت شيعتها من النار وفطموا أعداؤها عن حبها وذلك قول الله في كتابه
" ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله " ( 1 ) بنصر فاطمة عليها السلام .
بيان : الزغب الشعيرات الصغرى على ريش الفرخ وكونها من زغب جبرئيل
إما لكون التفاحة فيها وعرقت من بينها ، أولانه التصق بها بعض ذلك الزغب فأكله
النبي صلى الله عليه واله .
18 - ما : جماعة عن أبي المفضل ، عن جعفر بن محمد العلوي ، عن محمد بن علي
ابن الحسين بن زيد ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه واله [ يقول : ] سميت فاطمة لان الله فطمها وذريتها من النار ، من لقي الله
* ( هامش ) * ( 1 ) الروم : 4 . راجع المصدر ص 119 . ( * )
[ 19 ]
منهم بالتوحيد والايمان بما جئت به .
19 - أقول : روى في مقاتل الطالبيين بإسناده إلى جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام
أن فاطمة عليها السلام كانت تكنى ام أبيها .
20 - مصباح الانوار : عن أبي جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال : إنما سميت فاطمة
بنت محمد الطاهرة ، لطهارتها من كل دنس ، وطهارتها من كل رفث ، وما رأت قط
يوما حمرة ولا نفاسا .
3 * ( باب ) *
* ( مناقبها وفضائلها وبعض أحوالها ومعجزاتها صلوات الله عليها ) *
1 - أقول : قد مر في باب الركبان يوم القيامة عن النبي صلى الله عليه واله برواية ابن
عباس أنه قال : لن يركب يومئذ إلا أربعة : أنا وعلي وفاطمة وصالح نبي الله
فأما أنا فعلى البراق ، وأما فاطمة ابنتي فعلى ناقتي العضباء تمام الخبر .
2 - جا : عمر بن محمد الصيرفي ، عن محمد بن همام ، عن محمد بن القاسم . عن
إسماعيل بن إسحاق ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن
الباقر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن الله ليغضب لغضب
فاطمة ويرضى لرضاها .
3 - ل : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي
عن ابن أبي عثمان ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه واله : إن الله تعالى اختار من النساء أ ربع : مريم وآسية وخديجة
وفاطمة الخبر .
4 - ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله
إن الله ليغضب لغضب فاطمة ، ويرضى لرضاها .
صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام مثله .
5 - ن : بإسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال النبي صلى الله عليه واله
[ 20 ]
الحسن والحسين خير أهل الارض بعدي وبعد أبيهما ، وامهما أفضل نساء أهل
الارض .
6 - ن : بإسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال النبي صلى الله عليه واله
إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار .
7 - لى : الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي ، عن جعفر بن محمد بن جعفر
العلوي ، عن محمد بن علي بن خلف ، عن حسن بن صالح بن أبي الاسود ، عن
أبي معشر ، عن محمد بن قيس قال : كان النبي صلى الله عليه واله إذا قدم من سفر بدأ بفاطمة عليها السلام
فدخل عليها فأطال عندها المكث فخرج مرة في سفر فصنعت فاطمة عليها السلام مسكتين
من ورق وقلادة وقرطين ( 1 ) وسترا لباب البيت لقدوم أبيها وزوجها عليهما السلام فلما
قدم رسول الله صلى الله عليه واله دخل عليها فوقف أصحابه على الباب لا يدرون يقفون أو ينصرفون
لطول مكثه عندها فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه واله وقد عرف الغضب في وجهه حتى
جلس عند المنبر فظنت فاطمة عليها السلام أنه إنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه واله لما رأى من
المسكتين والقلادة والقرطين والستر ، فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها : ونزعت
الستر ، فبعثت به إلى رسول الله صلى الله عليه واله وقالت للرسول : قل له : تقرأ عليك ابنتك
السلام وتقول : اجعل هذا في سبيل الله ، فلما أتاه قال : فعلت فداها أبوها ثلاث
مرات ليست الدنيا من محمد ولا من آل محمد ولو كانت الدنيا تعدل عند الله من الخير
جناح بعوضة ما أسقى فيها كافرا شربة ماء ثم قام فدخل عليها .
8 - ج : عن الحسين بن زيد ، عن جعفر الصادق عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله
قال لفاطمة : يا فاطمة إن الله عزوجل يغضب لغضبك ويرضى لرضاك قال : فقال
المحدثون بها ، قال : فأتاه ابن جريج فقال : يا أبا عبدالله حدثنا اليوم حديثا استشهره
الناس ، قال : وماهو ؟ قال : حدثت أن رسول الله صلى الله عليه واله قال لفاطمة : إن الله ليغضب
* ( هامش ) * ( 1 ) المسكة - بالتحريك - السوار والخلخال والورق : الفضة ، والقلادة - بالكسر -
ما يجعل في العنق من الحلى ، والقرط - بالضم - ما يعلق في شحمة الاذن من الجواهر
وغيرها . ( * )
[ 21 ]
لغضبك ، ويرضى لرضاك ، قال : فقال عليه السلام نعم إن الله ليغضب فيما تروون لعبده
المؤمن ويرضى لرضاه ؟ فقال : نعم فقال عليه السلام فما تنكرون أن تكون ابنة رسول
الله صلى الله عليه واله مؤمنة يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها ؟ قال : صدقت . الله أعلم حيث
يجعل رسالته .
9 - لى : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن العباس بن بكار ، عن
عبدالله بن المثنى ، عن عمه ثمامة بن عبدالله ، عن أنس بن مالك ، عن امه قالت :
مارأت فاطمة عليها السلام دما في حيض ولا في نفاس .
10 - لى : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن أبي إسحاق ، عن
الحسن بن زياد العطار قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : قول رسول الله صلى الله عليه واله : فاطمة
سيدة نساء أهل الجنة أسيدة نساء عالمها ؟ قال : تاك مريم ، وفاطمة سيدة نساء
أهل الجنة من الاولين والآخرين فقلت : فقول رسول الله صلى الله عليه واله : الحسن والحسين
سيدا شباب أهل الجنة ؟ قال : هما والله سيدا شباب أهل الجنة من الاولين
والآخرين .
11 - لى : الطالقاني ، عن أحمد بن إسحاق المادرائي ، عن أبي قلابة ، عن
غانم بن الحسن السعدي ، عن مسلم بن خالد المكي ، عن جعفر بن محمد ، عن
أبيه عليهما السلام ، عن جابربن عبدالله الانصاري ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قالت
فاطمة عليها السلام لرسول الله صلى الله عليه واله : يا أبتاه أين ألقاك يوم الموقف الاعظم ، ويوم الاهوال
ويوم الفزع الاكبر ؟ قال : يا فاطمة عند باب الجنة ومعي لواء " الحمد الله " وأنا
الشفيع لامتي إلى ربي قالت يا أبتاه فان لم ألقك هناك ، قال : القيني على الحوض
وأنا أسقي امتي قالت : يا أبتاه فان لم ألقك هناك قال : القيني على الصراط وأنا
قائم أقول : رب سلم امتي قالت : فان لم ألقك هناك ، قال : القيني وأنا عند الميزان
أقول رب سلم امتي قالت : فان لم ألقك هناك ، قال : القيني على شفير جهنم أمنع شررها
ولهبها عن امتي فاستبشرت فاطمة بذلك صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبينها .
12 - لى : يحيى بن زيد بن العباس ، عن عمه علي بن العباس ، عن
[ 22 ]
علي بن المنذر ، عن عبدالله بن سالم ، عن حسين بن زيد ، عن علي بن عمر بن
علي ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن الحسين بن
علي ، عن علي بن أبيطالب عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال : يا فاطمة إن الله تبارك


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 22 سطر 4 الى ص 30 سطر 4

وتعالى ليغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك قال : فجاء صندل فقال لجعفر بن محمد عليهما السلام
يا أبا عبدالله إن هؤلاء الشباب يجيئونا عنك بأحاديث منكرة فقال له جعفر عليه السلام :
وما ذاك يا صندل ، قال : جاؤونا عنك أنك حدثتهم أن الله ليغضب لغضب فاطمة
ويرضى لرضاها ؟ قال : فقال جعفر عليه السلام : يا صندل ألستم رويتم فيما تروون أن
الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب عبده المؤمن ، ويرضى لرضاه ؟ قال : بلى قال :
فما تنكرون أن تكون فاطمة عليها السلام مؤمنة يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها ، قال :
فقال له : ألله أعلم حيث يجعل رسالته .
ما : الغضائرى ، عن الصدوق ، عن يحيى مثله .
13 - لى : ابن موسى ، عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن جعفر بن أحمد
التميمي ، عن أبيه ، عن عبدالملك بن عمير ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس
عن النبي صلى الله عليه واله قال : ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين الخبر .
14 - لى : الطالقاني ، عن الجلودي ، عن هشام بن جعفر ، عن حماد
عن عبدالله بن سليمان قال : قرأت في الانجيل في وصف النبي صلى الله عليه واله نكاح النساء
ذوا النسل القليل ، إنما نسله من مباركة لها بيت في الجنة ، لا صخب فيه ولا نصب
يكفلها في آخر الزمان كما كفل زكريا امك ، لها فرخان مستشهدان ، وقد
مر الخبر بتمامه في كتاب أحوال النبي صلى الله عليه واله .
15 - لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن يحيى الخزاز
عن موسى بن إسماعيل ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال علي عليه السلام : إن رسول الله صلى الله عليه واله دخل على ابنته فاطمة عليها السلام وإذا في عنقها قلادة
فأعرض عنها فقطعتها ورمت بها ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله : أنت مني يا فاطمة ثم
جاء سائل فناولته القلادة ثم قال رسول الله صلى الله عليه واله : اشتد غضب الله وغضبي على من
[ 23 ]
أهرق دمي وآذاني في عترتي .
كشف : عن موسى بن جعفر عليه السلام مثله .
16 - فس : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن محمد بن الفضيل ، عن
أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " إنها لاحدى الكبر * نذيرا للبشر " ( 1 )
قال : يعني فاطمة عليها السلام .
17 - جا ، ما : المفيد ، عن المراغي ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن جعفر بن
محمد بن مروان ، عن أبيه ، عن عبدالله بن الحسن الاحمسي ، عن خالد بن عبدالله
عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبدالله بن الحارث ، عن سعد بن مالك يعني ابن أبي وقاص
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : فاطمة بضعة مني من سرها فقد سرني ومن
ساءها فقد ساءني فاطمة أعز الناس علي .
18 - ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن يعقوب بن يوسف الضبي ، عن
عبيد الله بن موسى ، عن جعفر الاحمري ، [ عن الشيباني ] ، عن جميع بن عمير
قال : قالت عمتي لعائشة وأنا أسمع : لله أنت ( 2 ) مسيرك إلى علي عليه السلام ما كان ؟
قالت : دعينا منك إنه ماكان من الرجال أحب إلى رسول الله صلى الله عليه واله من علي عليه السلام
ولا من النساء أحب إليه من فاطمة عليها السلام .
19 - ما : بالاسناد إلى عبيد الله بن موسى ، عن زكريا ، عن فراس ، عن
مسروق ، عن عائشة قالت : أقبلت فاطمة عليها السلام تمشي لا والله الذي لا إله إلا هو ما مشيها
يخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه واله فلما رآها قال : مرحبا بابنتي مرتين قالت فاطمة عليها السلام
فقال لي : أما ترضين أن تأتي يوم القيامة سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء
هذه الامة .
* ( هامش ) * ( 1 ) المدثر : 38 و 39 .
( 2 ) كلمة يقال عند الاشفاق وقد قال على عليه السلام : " لله أبوهم وهل أحد أشدلها
مراسا " وأما في النسخ المطبوعة وهكذا في المصدر ص 211 " وأنا أسمع له أنت
مسيرك " وهو تصحيف ، ولو كان أراد ارجاع الضمير لقال : " وأنا أستمع لها " فانه كان
يستمع لكلام عمته مع عائشة . على أنه لا معنى لقوله : " أنت مسيرك إلى على " . ( * )
[ 24 ]
توضيح : قال الجوهري : ما خرمت منه شيئا أي ما نقصت وما قطعت ، وقال
الجزري : في حديث سعد ما خرمت من صلاة رسول الله صلى الله عليه واله شيئا أي ما تركت .
20 - لى : الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن جعفر بن سلمة الاهوازي
عن إبراهيم بن محمد الثقفى ، عن إبراهيم بن موسى ، عن أبي قتادة ، عن عبدالرحمن
ابن علاء الحضرمي ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عباس قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله
كان جالسا ذات يوم وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال : اللهم إنك
تعلم أن هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس علي فأحبب من أحبهم ، وأبغض من
أبغضهم ، ووال من والاهم ، وعاد من عاداهم ، وأعن من أعانهم ، واجعلهم مطهرين
من كل رجس ، معصومين من كل ذنب ، وأيدهم بروح القدس منك .
ثم قال عليه السلام : يا علي أنت إمام امتي وخليفتي عليها بعدي وأنت قائد
المؤمنين إلى الجنة وكأني أنظر إلى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب
من نور عن يمينها سبعون ألف ملك ، وعن يسارها سبعون ألف ملك ، وبين يديها
سبعون ألف ملك ، وخلفها سبعون ألف ملك ، تقود مؤمنات امتي إلى الجنة .
فأيما امرأة صلت في اليوم والليلة خمس صلوات ، وصامت شهر رمضان
وحجت بيت الله الحرام ، وزكت مالها ، وأطاعت زوجها ، ووالت عليا بعدي
دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة وإنها لسيدة نساء العالمين .
فقيل : يارسول اله أهي سيدة نساء علامها ؟ فقال صلى الله عليه واله : ذاك لمريم بنت
عمران ، فأما ابنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين وإنها
لتقوم في محرابها فيسلم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين وينادونها بما
نادت به الملائكة مريم فيقولون : يا فاطمة " إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك
على نساء العالمين " ( 1 ) .
ثم التفت إلى علي عليه السلام فقال : يا علي إن فاطمة بضعة مني وهي نور عيني
وثمرة فؤادي يسوؤني ماساءها ويسرني ماسرها وإنها أول من يلحقني من أهل
* ( هامش ) * ( 1 ) آل عمران : 37 . ( * )
[ 25 ]
بيتي فأحسن إليها بعدي ، وأما الحسن والحسين فهما ابناي وريحانتاي وهما سيدا
شباب أهل الجنة فليكرما عليك كسمعك وبصرك .
ثم رفع صلى الله عليه واله يده إلى السماء فقال : اللهم إني اشهدك أني محب لمن
أحبهم ، ومبغض لمن أبغضهم ، وسلم لمن سالمهم ، وحرب لمن حاربهم ، وعدو لمن
عاداهم ، وولي لمن والاهم .
21 - ع : أبي ، سعد ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي جميلة
عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن بنات الانبياء صلوات الله عليهم لا يطمثن إنما الطمث
عقوبة وأول من طمثت سارة .
22 - ما : حمويه ، عن أبي الحسين ، عن أبي خليفة ، عن العباس بن الفضل ، عن
عثمان بن عمر ، عن إسرائيل ، عن ميسرة بن حبيب ، عن المنهال بن عمرو ، عن عائشة
بنت طلحة ، عن عائشة قالت : ما رأيت من الناس أحدا أشبه كلاما وحديثا برسول
الله صلى الله عليه واله من فاطمة كانت إذا دخلت عليه رحب بها وقبل يديها وأجلسها في مجلسه
فإذا دخل عليها قامت إليه فرحبت به وقبلت يديه ، ودخلت عليه في مر ضه فسارها
فبكت ثم سارها فضحكت فقلت : كنت أرى لهذه فضلا على النساء فاذا هي امرأة من
النساء ، بينما هي تبكي إذ ضحكت ، فسألتها فقالت : إذا إني لبذرة ، فلما توفي
رسول الله صلى الله عليه واله سألتها فقالت : إنه أخبرني أنه يموت فبكيت ثم أخبرني أني أول
أهله لحوقا به فضحكت .
بيان : قال الجزري : في حديث فاطمة عند وفاة النبي صلى الله عليه واله قالت لعائشة :
" إني إذا لبذرة " البذر الذي يفشي السر ويظهر ما يسمعه .
23 - فس : " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة
وأعد لهم عذاب مهينا " ( 1 ) قال : نزلت فيمن غصب أميرالمؤمنين حقه وأخذ حق
فاطمة وآذاها ، وقد قال النبي صلى الله عليه واله : من آذاها في حياتي كمن آذاها بعد موتي
ومن آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي ومن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحزاب : 57 . ( * )
[ 26 ]
آذى الله وهو قول الله " إن الذين يؤذون الله ورسوله " الآية .
24 - ل : فيما أوصى به النبي صلى الله عليه واله إلى علي عليه السلام يا علي إن الله عزوجل
أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين ، ثم أطلع الثانية فاختارك على رجال
العالمين بعدي ، ثم أطلع الثالثة فاختار الائمة من ولدك على رجال العالمين بعدك
ثم أطلع الرابعة فاختار فاطمة على نساء العالمين .
25 - مع : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل
قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : أخبرني عن قول رسول الله صلى الله عليه واله في فاطمة : إنها
سيدة نساء العالمين أهي سيدة نساء عالمها ؟ فقال : ذاك لمريم كانت سيدة نساء
عالمها ، وفاطمة سيدة نساء العالمين من الاولين والآخرين .
26 - مع : القطان ، عن أحمد الهمداني ( 1 ) ، عن المنذر بن محمد ، عن
جعفر بن محمد ، عن جعفربن سليمان ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عباية ، عن
ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال : إن فاطمة شجنة ( 2 ) مني يؤذيني ما آذاها
ويسرني ماسرها وإن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها . 27 - مع : محمد بن هارون الزنجاني ، عن علي بن عبدالعزيز قال : سمعت
القاسم بن سلام يقول في معنى قول النبي صلى الله عليه واله : الرحمن شجنة من الله عزوجل يعني
[ أنه ] قرابة مشتبكة كأشتباك العروق وقول القائل الحديث ذو شجون إنما هو تمسك
بعضه ببعض وقال بعض أهل العلم يقال : شجر مشجن إذا التف بعضه ببعض ويقال
شجنة وشجنة والشجنة كالغصن يكون من الشجرة .
28 - صح : عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال : حدثتني
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر المطبوع ص 303 السند هكذا : حدثنا أحمد بن الحسن القطان
قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفى مولى بنى هاشم قال : أخبرنا المنذر بن محمد
قراءة قال : حدثنا جعفر بن سليمان التميمى . الخ .
( 2 ) الشجنة مثلثلة - الشعبة من كل شئ يقال : " بينهما شجنة رحم " أى شعبة رحم
كأنها حبل من حبال صلته . ( * )
[ 27 ]
أسماء بنت عميس قالت : كنت عندفاطمة جدتك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه واله وفي
عنقها قلادة من ذهب كان علي بن أبي طالب عليه السلام اشتراها له من فيئ له فقال
النبي صلى الله عليه واله : لا يغرنك الناس أن يقولوا بنت محمد وعليك لباس الجبابرة فقطعتها
وباعتها واشترت بها رقبة فأعتقتها فسر رسول الله صلى الله عليه واله بذلك .
29 - يج : روي عن عمران بن الحصين قال : كنت عند النبي صلى الله عليه واله جالسا
إذ أقبلت فاطمة عليها السلام وقد تغير وجهها من الجوع ، فقال لها : ادني ، فدنت منه ، فرفع
يده حتى وضعها على صدرها في موضع القلادة وهي صغيرة ثم قال : اللهم مشبع الجاعة
ورافع الوضعة ، لا تجع فاطمة ، قال : فرأيت الدم على وجهها كما كانت الصفرة
فقالت : ما جعت بعد ذلك .
30 - يج : روي عن جابر بن عبدالله قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله أقام أياما
ولم يطعم طعاما حتى شق ذلك عليه ، فطاف في ديار أزواجه فلم يصب عند إحداهن
شيئا فأتى فاطمة فقال : يا بنية هل عندك شئ آكله ، فاني جايع ؟ قالت : لا والله
بنفسي وأخي فلما خرج عنها بعثت جارية لها رغيفين وبضعة لحم فأخذته ووضعته
تحت جفنة وغطت عليها وقالت : والله لا وثرن بها رسول الله صلى الله عليه واله على نفسي وغيري
وكانوا محتاجين إلى شبعة طعام ، فبعثت حسنا أو حسينا إلى رسول الله صلى الله عليه واله فرجع
إليها فقالت : قد أتانا الله بشئ فخبأته لك فقال : هلمي علي يا بنية ، فكشفت الجفنة
فإذا هي مملوءة خبزا ولحما فلما نظرت إليه : بهتت وعرفت أنه من عندالله ، فحمدت
الله وصلت على نبيه أبيها وقدمته إليه فلما رآه حمدالله وقال : من أين لك هذا ؟
قالت : هو من عندالله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب .
فبعث رسول الله صلى الله عليه واله إلى علي فدعاه وأحضره وأكل رسول الله صلى الله عليه واله وعلي
وفاطمة والحسن والحسين وجميع أزواج النبي حتى شبعوا ، قالت فاطمة : وبقيت
الجفنة كما هي فأوسعت منها على جميع جيراني جعل الله فيها بركة وخيرا كثيرا .
31 - يج : روي أن أبا عبدالله عليه السلام قال : إن خديجة لما توفيت جعلت فاطمة
تلوذ برسول الله صلى الله عليه واله وتدورحوله وتسأله يا رسول الله أين امي فجعل النبي صلى الله عليه واله
[ 28 ]
لا يجيبها ، فجعلت تدور على من تسأله ، ورسول الله لايدري مايقول ، فنزل
جبرئيل فقال : إن ربك يأمرك أن تقرأ على فاطمة السلام وتقول لها : إن امك في
بيت من قصب ، كعابه من ذهب ، وعمده من ياقوت أحمر ، بين آسية امرأة فرعون
ومريم بنت عمران ، فقالت فاطمة : إن الله هو السلام ومنه السلام وإليه السلام .
ايضاح : قال الجوهري كعوب الرمح النواشر في أطراف الانابيب .
32 - يج : روي أن ام أيمن لما توفيت فاطمة ، حلفت أن لا تكون
بالمدينة إذ لا تطيق أن تنظر إلى مواضع كانت بها ، فخرجت إلى مكة ، فلما كانت
في بعض الطريق عطشت عطشا شديدا فرفعت يديها قالت : يارب أنا خادمة فاطمة
تقتلني عطشا فأنزل الله عليها دلوا من السماء فشربت فلم تحتج إلى الطعام والشراب
سبع سنين وكان الناس يبعثونها في اليوم الشديد الحر فما يصيبها عطش ( 1 ) .
33 - يج : روي أن سلمان قال : كانت فاطمة عليها السلام جالسة قد امها رحى
تطحن بها الشعير ، وعلى عمود الرحى دم سائل والحسين في ناحية الدار يتضور من
الجوع ، فقلت : يابنت رسول الله دبرت كفاك وهذه فضة ، فقالت أو صاني رسول الله صلى الله عليه واله
أن تكون الخدمة لها يوما ، فكان أمس يوم خدمتها قال سلمان : قلت : إني مولى
عتاقه ما أنا أطحن الشعير أو اسكت الحسين لك ؟ فقالت : أنا بتسكينه أرفق وأنت
تطحن الشعير ، فطحنت شيئا من الشعير فإذا أنا بالاقامة ، فمضيت وصليت مع
رسول الله صلى الله عليه واله فلما فرغت قلت لعلي ما رأيت فبكى وخرج ثم عاد فتبسم فسأله
عن ذلك رسول الله صلى الله عليه واله قال : دخلت على فاطمة وهي مستلقية لقفاها والحسين نائم
على صدرها ، وقد امها رحى تدور من غير يد ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه واله وقال :
ياعلي أما علمت أن لله ملائكة سيارة في الارض يخدمون محمدا وآل محمد إلى
* ( هامش ) * ( 1 ) وقد روى مثل ذلك عن ام ايمن عند مهاجر تها من مكة إلى المدينة وروى عنها أيضا
أنها قالت : كان للنبى صلى الله عليه وآله فخارة يبول فيها بالليل فكنت اذا أصبحت صببتها فقمت
ليلة وأنا عطشانة فغلطت فشربتها فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وآله فقال : " انك لا تشتكى بطنك بعد
يومك هذا " راجع الاصابة ج 4 ص 416 . ( * )
[ 29 ]
أن تقوم الساعة .
34 - يج : روي أن أباذر قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه واله أدعو عليا فأتيت
بيته فناديته فلم يجبني أحد والرحى تطحن وليس معها أحد ، فناديته فخرج وأصغى
إليه رسول الله ، فقال له شيئا لم أفهمه ، فقلت : عجبا من رحى في بيت علي تدور
وليس معها أحد ، قال : إن ابنتي فاطمة ملا الله قلبها وجوارحها إيمانا ويقينا وإن
الله علم ضعفها فأعانها على دهرها وكفاها أما علمت أن لله ملائكة موكلين بمعونة
آل محمد صلى الله عليه واله .
35 - يج : روي أن عليا عليه السلام أصبح يوما فقال لفاطمة : عندك شئ تغذينيه
قالت : لا ، فخرج واستقرض دينارا ليبتاع ما يصلحهم فاذا المقداد في جهد وعياله
جياع فأعطاه الدينار ودخل المسجد وصلى الظهر والعصر مع رسول الله صلى الله عليه واله ثم أخذ
النبي بيد علي وانطلقا إلى فاطمة وهي في مصلاها وخلفها جفنة تفور .
فلما سمعت كلام رسول الله صلى الله عليه واله خرجت فسلمت عليه وكانت أعز الناس
عليه ، فرد السلام ومسح بيده على رأسها ثم قال : عشينا غفر الله لك وقد فعل
فأخذت الجفنة فوضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله قال : يا فاطمة أنى لك هذا الطعام
الذي لم أنظر إلى مثل لونه قط ولم أشم مثل رائحته قط ولم آكل أطيب منه ؟
ووضع كفه بين كتفي وقال : هذا بدل عن دينارك إن الله يرزق من يشآء
بغير حساب .
أقول : قال الزمخشري في الكشاف عند ذكر قصة زكريا ومريم : وعن
النبي صلى الله عليه واله أنه جاع في زمن قحط فأهدت له فاطمة رغيفين وبضعة لحم آثرته بها
فرجع بها إليها فقال : هلمي يا بنية وكشفت عن الطبق فاذا هو مملوء خبرا ولحما
فبهتت وعلمت أنها نزلت من الله فقال لها : أنى لك هذا قالت هو من عندالله إن الله
يرزق من يشاء بغير حساب ، فقال عليه السلام : الحمد لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء
بني إسرائيل ثم جمع رسول الله صلى الله عليه واله علي بن أبي طالب والحسن والحسين وجميع
أهل بيته حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو وأوسعت فاطمة على جيرانها .
[ 30 ]
36 - قب ، يج : روي أن عليا استقرض من يهودي شعيرا فاسترهنه شيئا
فدفع إليه ملاءة فاطمة رهنا وكانت من الصوف فأدخلها اليهودي إلى دار ووضعها
في بيت فلما كانت الليلة دخلت زوجته البيت الذي فيه الملاءة بشغل فرأت نورا
ساطعا في البيت أضاءبه كله فانصرفت إلى زوجها فأخبرته بأنها رأت في ذلك البيت


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 30 سطر 5 الى ص 38 سطر 5

ضوءا عظيما فتعجب اليهودي زوجها وقد نسي أن في بيته ملاءة فاطمة ، فنهض مسرعا
ودخل البيت فاذا ضياء الملاءة ينشر شعاعها كأنه يشتعل من بدر منير يلمع من
قريب ، فتعجب من ذلك فأنعم النظر في موضع الملاءة فعلم أن ذلك النور من
ملاءة فاطمة ، فخرج اليهودي يعدو إلى أقربائه وزوجته تعدو إلى أقربائها فاجتمع
ثمانون من اليهود فرأوا ذلك فأسلموا كلهم .
بيان : الملاءة بالضم والمد الازار والريطة ( 1 ) .
37 - يج : روي أن اليهود كان لهم عرس فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه واله وقالوا :
لنا حق الجوار فنسألك أن تبعث فاطمة بنتك إلى دارنا حتى يزداد عرسنا بها وألحوا
عليه ، فقال : إنها زوجة علي بن أبي طالب وهي بحكمه وسألوه أن يشفع إلى علي
في ذلك ، وقد جمع اليهود الطم والرم ( 2 ) من الحلي والحلل ، وظن اليهود أن
فاطمة تدخل في بذلتها وأرادوا استهانة بها ، فجاء جبرئيل بثياب من الجنة وحلي
وحلل لم يروا مثلها فلبستها فاطمة وتحلت بها فتعجب الناس من زينتها وألوانها
وطيبها ، فلما دخلت فاطمة دار اليهود سجد لها نساؤهم يقبلن الارض بين يديها وأسلم
بسبب مارأوا خلق كثير من اليهود .
ايضاح : قال الجوهري : الرم بالكسر الثرى يقال : جاء بالطم والرم
إذا جاء بالمال الكثير وقال : الطم البحر وقال الفيروز آبادي : جاء بالطم والرم :
* ( هامش ) * ( 1 ) كذا في القاموس . وفى اقرب الموارد : هى الريطة ذات لفقين و - ثوب
يلبس على الفخذين .
( 2 ) يقال : جاء بالطم والرم ، أى بكل ماكان عنده مستقصى فماكان من البحر
فهو الطم وماكان من البر فهو الرم . ( * )
[ 31 ]
بالبحري والبري أو الرطب واليابس أو التراب والماء أو بالمال الكثير ، والرم بالكسر
ما يحمله الماء أو ما على وجه الارض من فتات الحشيش ، وقال : الطم بالكسر الماء
أو ما على وجهه أو ما ساقه من غثاء والبحر والعدد الكثير .
38 - شى : عن سيف ، عن نجم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن فاطمة عليها السلام
ضمنت لعلي عليه السلام عمل البيت والعجين والخبز وقم البيت وضمن لها علي عليه السلام
ماكان خلف الباب : نقل الحطب وأن يجئ بالطعام ، فقال لها يوما : يا فاطمة هل
عندك شئ ؟ قالت : والذي عظم حقك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام ( 1 ) شئ نقريك به
قال : أفلا أخبرتني ؟ قالت : كان رسول الله صلى الله عليه واله نهاني أن أسألك شيئا فقال : لا تسألين
ابن عمك شيئا إن جاءك بشئ [ عفو ] وإلا فلا تسأليه .
قال : فخرج عليه السلام فلقي رجلا فاستقرض منه دينارا ثم أقبل به وقد أمسى ، فلقي
مقداد بن الاسود فقال للمقداد : ما أخرجك في هذه الساعة ؟ قال : الجوع والذي عظم
حقك يا أمير المؤمنين ، قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : ورسول الله صلى الله عليه واله حي ؟ قال :
ورسول الله صلى الله عليه واله حي ، قال : فهو أخرجني وقد استقرضت دينارا وساؤثرك به
فدفعه إليه فأقبل فوجد رسول الله صلى الله عليه واله جالسا وفاطمة تصلي وبينهما شئ مغطى فلما
فرغت اجترت ذلك الشئ فاذا جفنة من خبز ولحم قال : يا فاطمة أنى لك هذا
قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : ألا
احدثك بمثلك ومثلها ؟ قال : بلى ، قال : مثلك مثل زكريا إذ دخل على مريم
المحراب فوجد عندها رزقا قال : يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عندالله إن الله
يرزق من يشاء بغير حساب فأكلوا منها شهرا وهي الجفنة التي يأكل منها القائم عليه السلام
وهي عندنا .
39 - قب : الخر كوشي في كتابيه : اللوامع ، وشرف المصطفى بإسناده عن
سلمان ، وأبوبكر الشيرازي في كتابه عن أبي صالح ، وأبوإسحاق الثعلبي ، وعلي بن
* ( هامش ) * ( 1 ) صححناه على المصدر : راجع ج 1 ص 171 . ( * )
[ 32 ]
أحمد الطائي ، وأبومحمد الحسن بن علويه القطان في تفاسيرهم ، عن سعيد بن جبير
وسفيان الثوري ، وأبونعيم الاصفهاني فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام عن
حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، وعن أبي مالك ، عن ابن عباس والقاضي النطنزي
عن سفيان بن عيينة ، عن جعفر الصادق عليه السلام واللفظ له ، في قوله " مرج البحرين
يلتقيان " ( 1 ) قال : علي وفاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه ، وفي
رواية " بينهما برزخ " : رسول الله " يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان " الحسن
والحسين عليهما السلام .
عمار بن ياسر في قوله تعالى : " فاستجاب لهم ربهم أني لا اضيع عمل عامل
منكم من ذكر أو انثى " ( 2 ) قال : فالذكر علي والانثى فاطمة عليهما السلام وقت الهجرة
إلى رسول الله صلى الله عليه واله في الليلة ( 3 ) .
الباقر عليه السلام في قوله تعالى " وما خلق الذكر والانثى " ( 4 ) فالذكر أمير المؤمنين
والانثى فاطمة عليهما السلام " إن سعيكم لشتى " لمختلف " فأما من أعطى واتقى وصدق
بالحسنى " بقوته وصام حتى وفابنذره وتصدق بخاتمه وهو راكع ، وآثر المقداد
بالدينار على نفسه قال : " وصدق بالحسنى "
وهي الجنة والثواب من الله
فسنيسره لك فجعله إماما في الخير وقدوة وأبا للائمة يسره الله لليسرى .
الباقر عليه السلام في قوله تعالى " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل " ( 5 ) كلمات في محمد
وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة من ذريتهم عليه السلام كذا نزلت على
محمد صلى الله عليه واله .
القاضي أبومحمد الكرخي في كتابه عن الصادق عليه السلام قالت فاطمة عليها السلام : لما
* ( هامش ) * ( 1 ) الرحمن : 19 . ( 2 ) آل عمران : 195 .
( 3 ) يريد معنى قوله تعالى في تمام الاية : " فالذين هاجروا واخرجوا من ديارهم
واوذوا في سبيلى " اى وقت الهجرة .
( 4 ) الليل : 3 - 7 . ( 5 ) طه : 115 . ( * )
[ 33 ]
نزلت : " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " ( 1 ) [ ر ] هبت
رسول الله صلى الله عليه واله أن أقول له : يا أبة فكنت أقول يارسول الله فأعرض عني مرة
أو اثنتين أو ثلاثا ثم أقبل علي فقال : يا فاطمة إنها لم تنزل فيك ، ولافي أهلك
ولا في نسلك ، أنت مني وأنا منك إنما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش
أصحاب البذخ والكبر قولى : يا أبة ، فانها أحيى للقلب ، وأرضى للرب .
واعلم أن الله تعالى ذكر اثنتي عشرة امرأة في القرآن على وجه الكناية
" اسكن أنت وزوجك الجنة " ( 2 ) حوا " ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح
وامرأة لوط " ( 3 ) " إذ قالت رب ابن لي عندك بيتافي الجنة " ( 4 ) امرأة فرعون
" وامرأته قائمة " ( 5 ) لابراهيم " وأصلحناله زوجه " ( 6 ) لزكريا " الآن حصحص
الحق " ( 7 ) زليخا " وآتيناه أهله ( 8 ) لايوب " إني وجدت امرأة تملكهم " ( 9 )
بلقيس " إني اريد أن انكحك " ( 10 ) لموسى " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه
حديثا " ( 11 ) حفصة وعائشة " ووجدك عائلا " ( 12 ) خديجة " مرج البحرين " ( 13 ) فاطمة عليها السلام .
ثم ذكرهن بخصال : التوبة من حوا " قالا ربنا ظلمنا " ( 14 ) والشوق من
آسية " رب ابن لي عندك بيتا " ( 15 ) والضيافة من سارة " وامرأته قائمة " ( 16 )
والعقل من بلقيس " إن الملوك إذا دخلوا قرية " ( 17 ) والحياء من امرأة موسى
* ( هامش ) * ( 1 ) النور : 63 .
( 2 ) البقرة : 35 . ( 3 ) التحريم : 10 .
( 4 ) التحريم : 11 . ( 5 ) هود : 71 .
( 6 ) الانبياء : 90 . ( 7 ) يوسف : 51 .
( 8 ) الانبياء : 84 . ( 9 ) النمل : 23 .
( 10 ) القصص : 27 . ( 11 ) التحريم : 2 .
( 12 ) الضحى : 8 . ( 13 ) الرحمن : 19 .
( 14 ) الاعراف : 22 . ( 15 ) التحريم : 11 .
( 16 ) هود : 71 . ( 17 ) النمل : 34 . ( * )
[ 34 ]
" فجاءته إحديهما تمشي " ( 1 ) والاحسان من خديجة " ووجدك عائلا " ( 2 )
والنصيحة لعائشة وحفصة " يانساء النبي لستن كأحد - إلى قوله - وأطعن الله
ورسوله " ( 3 ) والعصمة من فاطمة عليها السلام " ونساءنا ونساءكم " ( 4 ) .
وإن الله تعالى أعطى عشرة أشياء لعشرة من النساء : التوبة لحوا زوجة آدم ، والجمال
لسارة زوجة إبراهيم ، والحفاظ لرحمة زوجة أيوب ، والحرمة لآسية زوجة فرعون
والحكمة لزليخا زوجة يوسف ، والعقل لبلقيس زوجة سليمان ، والصبر لبرخانه
ام موسى ، والصفوة لمريم ام عيسى ، والرضى لخديجة زوجة المصطفى ، والعلم
لفاطمة زوجة المرتضى .
والاجابة لعشرة " ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون " ( 5 ) " فاستجاب له ربه
فصرف عنه كيدهن " ( 6 ) يوسف " قال : قد اجيبت دعوتكما " ( 7 ) موسى وهارون
" فاستجبناله " يونس ( 8 ) " فاستجبناله فكشفنا ما به من ضر " . ( 9 ) أيوب " فاستجبنا
له ووهبنا له يحيى " ( 10 ) زكريا " ادعوني أستجب لكم " ( 11 ) للمخلصين " أمن يجيب
المضطر " ( 12 ) للمضطرين " وإذا سألك عبادي " ( 13 ) للداعين " فاستجاب لهم
ربهم " ( 14 ) فاطمة وزوجها .
وكان رسول الله صلى الله عليه واله يهتم لعشرة أشياء فآمنه الله منها وبشرة بها : لفراقه
وطنه ، فأنزل الله " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " ( 15 ) ولتبديل
القرآن بعده كما فعل بسائر الكتب فنزل " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " ( 16 )
* ( هامش ) * ( 1 ) القصص : 25 . ( 2 ) الضحى : 8 .
( 3 ) الاحزاب : 32 . ( 4 ) آل عمران : 61 .
( 5 ) الصافات : 75 . ( 6 ) يوسف : 32 .
( 7 ) يونس : 89 . ( 8 ) الانبياء : 88 .
( 9 ) الانبياء : 84 . ( 10 ) الانبياء : 90 .
( 11 ) المؤمن : 60 . ( 12 ) النمل : 62 .
( 13 ) البقرة : 186 . ( 14 ) آل عمران : 195 .
( 15 ) القصص : 85 . ( 16 ) الحجر : 9 . ( * )
[ 35 ]
ولامته من العذاب فنزل : " وماكان الله ليعذبهم وأنت فيهم " ( 1 ) ولظهور الدين
فنزل : " ليظهره على الدين كله " ( 2 ) وللمؤمنين بعده فنزل : " يثبت الله الذين
آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة " ( 3 ) ولخصمائهم فنزل : " يوم لا
يخزي الله النبي والذين آمنوا " ( 4 ) والشفاعة فنزل : " ولسوف يعطيك ربك
فترضى " ( 5 ) وللفتنة بعده على وصيه فنزل : " فإمانذهبن بك فانا منهم منتقمون " ( 6 )
يعني بعلي ، ولثبات الخلافة في أولاده فنزل : " ليستخلفنهم في الارض " ( 7 ) ولابنته
حال الهجرة فنزل : " الذين يذكرون الله قياما وقعودا " ( 8 ) الايات .
ورأس التوابين أربعة : آدم " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا " ( 9 ) ويونس قال :
" سبحانك إني كنت من الظالمين " ( 10 ) وداود " وخر راكعا وأناب " ( 11 )
وفاطمة " الذين يذكرون الله قياما وقعودا " ( 12 ) .
وخوف أربعة من الصالحات : آسية عذبت بأنواع العذاب فكانت تقول :
" رب ابن لي عندك بيتا في الجنة " ( 13 ) ومريم خافت من الناس وهربت
" فناديها من تحتها ألا تحزني " ( 14 ) وخديجة عذلها النساء في النبي صلى الله عليه واله
فهجرنها فقالت فاطمة : ( 15 ) أما كان أبي رسول الله صلى الله عليه واله ألا يحفظ في ولده ، أسرع
ما أخذتم ، وأعجل ما نكصتم .
ورأس البكائين ثمانية : آدم ، ونوح ، ويعقوب ، ويوسف ، وشعيب ، وداود
وفاطمة ، وزين العابدين عليهم السلام ، قال الصادق : أما فاطمة فبكت على رسول الله صلى الله عليه واله
حتى تأذى بها أهل المدينة فقالوا لها : قد آذيتينا بكثرة بكائك ، إما أن تبكي
* ( هامش ) * ( 1 ) الانفال : 33 . ( 2 ) براءة . 34 . ( 3 ) ابراهيم : 27 .
( 4 ) التحريم : 8 . ( 5 ) الضحى : 4 . ( 6 ) الزخرف : 41 .
( 7 ) النور : 55 . ( 8 ) آل عمران : 191 . ( 9 ) الاعراف : 22 .
( 10 ) الانبياء : 87 . ( 11 ) ص : 24 . ( 12 ) آل عمران 191 .
( 13 ) التحريم : 11 . ( 14 ) مريم : 23 .
( 15 ) كذا في النسخ وفى المصدر ايضا ج 3 ص 322 والظاهر أن الصحيح هكذا :
وفاطمة فقالت . ( * )
[ 36 ]
بالليل وإما أن تبكي بالنهار ، فكانت تخرج إلى مقابر الشهداء فتبكي .
وخير نساء العالمين أربعة : كتاب أبي بكر الشيرازي وروى أبوالهذيل عن
مقاتل ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه واله قرأ " إن الله اصطفاك
وطهرك " الاية فقال لي : يا علي خير نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران
وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية بنت مزاحم .
أبونعيم في الحلية وابن البيع في المسند والخطيب في التاريخ وابن بطة في
الابانة وأحمد السمعاني في الفضائل بأسانيدهم عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس
وروى الثعلبي في تفسيره والسلامي في تاريخ خراسان وأبوصالح المؤذن في
الاربعين بأسانيدهم عن أبي هريرة ، وروى الشعبي عن جابر بن عبدالله وسعيد بن
المسيب ، وروى كريب عن ابن عباس وروى مقاتل عن سليمان ، عن الضحاك
عن ابن عباس وقد رواه أبومسعود وعبدالرزاق وأحمد وإسحاق كلهم عن
النبي صلى الله عليه واله واللفظ للحلية أنه قال صلى الله عليه واله : حسبك من نساء العالمين مريم بنت
عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، وآسية امرأة فرعون ، وفي رواية
مقاتل والضحاك وعكرمة عن ابن عباس : وأفضلهن فاطمة .
الفضائل عن عبدالملك العكبري ومسند أحمد بإسنادهما ، عن كريب ، عن
ابن عباس أنه قال صلى الله عليه واله : سيدة نساء أهل الجنة مريم الخبر سواء .
تاريخ بغداد باسناد الخطيب ، عن حميد الطويل ، عن أنس قال النبي صلى الله عليه واله :
خير نساءالعالمين الخبر سواء .
ثم إن النبي صلى الله عليه واله فضلها على سائر نساء العالمين في الدنيا والآخرة
روت عائشة وغيرها عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال : يا فاطمة ابشري فان الله تعالى
اصطفاك على نساء العالمين وعلى نساء الاسلام وهوخيردين .
حذيفة إن النبي صلى الله عليه واله قال : أتاني ملك فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل
الجنة أو نساء امتي .
البخاري ومسلم في صحيحيهما وأبوالسعادات في فضائل العشرة وأبوبكر بن
[ 37 ]
شيبة في اماليه والديلمي في فردوسه أنه صلى الله عليه واله قال : فاطمة سيدة نساء أهل الجنة .
حلية أبي نعيم : روى جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه واله في خبر أما إنها سيدة
نساء يوم القيامة .
تاريخ البلاذري إن النبي صلى الله عليه واله قال لفاطمة : أنت أسرع أهلي لحاقا بي
فوجمت ، فقال لها : أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة فتبسمت .
بيان : وجم كوعد أي سكت على غيظ .
40 - قب : الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : أسر النبي صلى الله عليه واله إلى
فاطمة شيئا فضحكت ، فسألتها فقالت : قال لي : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء
أهل الجنة أو نساء امتي .
حلية الاولياء وكتاب الشيرازي روى عمران بن حصين وجابر بن سمرة
أن النبي صلى الله عليه واله دخل على فاطمة فقال : كيف تجدينك يابنية ؟ قال : إني لوجعة
وإنه ليزيدني أنه مالي طعام آكله قال : يابنية أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين ؟
قالت : يا أبة فأين مريم بنت عمران ؟ قال : تلك سيدة نساء عالمها وإنك سيدة
نساء عالمك أم والله زوجتك سيدا في الدنيا والآخرة .
وقيل للصادق عليه السلام : قول الرسول صلى الله عليه واله : فاطمة سيدة نساء أهل الجنة
أي سيدة نساء عالمها ؟ قال : ذاك مريم وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة من الاولين
والآخرين .
وفي الحديث : إن آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وخديجة يمشين أمام
فاطمة كالحجاب لها إلى الجنة .
وسأل بزل الهروي الحسين بن روح - ره - فقال : كم بنات رسول الله صلى الله عليه واله
فقال : أربع ، فقال : أيتهن أفضل ؟ فقال : فاطمة ، قال : ولم صارت أفضل وكانت
أصغر هن سنا وأقلهن صحبة لرسول الله صلى الله عليه واله ؟ قال : لخصلتين خصها الله بهما : إنها
ورثت رسول الله صلى الله عليه واله ، ونسل رسول الله صلى الله عليه واله منها ، ولم يخصها بذلك إلا بفضل
إخلاص عرفه من نيتها .
[ 38 ]
وقال المرتضى رحمه الله : التفضيل هو كثرة الثواب بأن يقع إخلاص ويقين
ونية صافية ، ولا يمتنع من أن تكون عليها السلام قد فضلت على أخواتها بذلك ، ويعتمد
على أنها عليها السلام أفضل نساء العالمين باجماع الامامية ، وعلى أنه قد ظهر من تعظيم
الرسول صلى الله عليه واله لشأن فاطمة عليها السلام وتخصيصها من بين سائرهن ماربما لا يحتاج
إلى الاستدلال عليه .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 38 سطر 6 الى ص 46 سطر 6

جامع الترمذي وإبانة العكبري وأخبار فاطمة عن أبي علي الصولي وتاريخ
خراسان عن السلامي مسندا أن جميعا التيمي قال : دخلت مع عمتي على عائشة
فقالت لها عمتي : ما حملك على الخروج على علي ؟ فقالت عائشة : دعينا فوالله
ماكان أحد من الرجال أحب إلى رسول الله من علي ولا من النساء أحب إليه
من فاطمة .
فضائل العشرة عن أبي السعادات ، وفضائل الصحابة عن السمعاني وفي
روايات عن الشريك والاعمش وكثير النوا وابن الحجام كلهم ، عن جميع بن
عمير ، عن عائشة وعن اسامة ، عن النبي صلى الله عليه واله وروي عن عبدالله بن عطا ، عن عبدالله
ابن بريدة ، عن أبيه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه واله أي النساء أحب إليك ؟ قال :
فاطمة ، قلت : من الرجال ؟ قال : زوجها .
جامع الترمذي قال بريدة : كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة
ومن الرجال علي .
قوت القلوب عن أبي طالب المكي والاربعين عن أبي صالح المؤذن وفضائل
الصحابة عن أحمد بالاسناد عن سفيان ، وعن الاعمش ، عن أبي الجحاف ، عن جميع
عن عائشة أنه قال علي للنبي صلى الله عليه واله لما جلس بينه وبين فاطمة وهما مضطجعان :
أينا أحب إليك أنا أوهي ؟ فقال صلى الله عليه واله : هي أحب إلي وأنت أعز علي منها .
وفي خبر عن جابر بن عبدالله أنه افتخر علي وفاطمة بفضائلهما فأخبر
جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله أنهما قد أطالا الخصومة في محبتك فاحكم بينهما
فدخل وقص عليهما مقالتهما ، ثم أقبل على فاطمة وقال : لك حلاوة الولد وله
[ 39 ]
عز الرجال وهو أحب إلي منك ، فقالت فاطمة : والذي اصطفاك واجتباك وهداك
وهدى بك الامة لا زلت مقرد له ما عشت .
عامر الشعبي والحسن البصري وسفيان الثوري ومجاهد وابن جبير وجابر
الانصاري ومحمد الباقر وجعفر الصادق عليهما السلام عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال : إنما فاطمة
بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني أخرجه البخاري عن المسور بن مخرمة .
وفي رواية جابر : فمن آذاها فقد آذاني فقد آذى الله .
وفي مسلم والحلية إنما فاطمة ابنتي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها .
بيان : قال الجزري : وفي الحديث " فاطمة بضعة مني " البضعة بالفتح القطعة
من اللحم وقد تكسر أي إنها جزء مني كما أن القطعة من اللحم جزء من اللحم .
وقال : وفي حديث فاطمة : يريبني مايريبها أي يسوؤني مايسوؤها ويزعجني ما
يزعجها ، يقال : رابني هذا الامر وأرابني إذا رأيت منه ما تكره .
41 - قب : سعدبن أبي وقاص سمعت النبي صلى الله عليه واله يقول : فاطمة بضعة مني
من سرها فقد سرني ومن ساءها فقد ساءني ، فاطمة أعز البرية علي .
مستدرك الحاكم ، عن أبي سهل بن زياد ، عن إسماعيل ، وحلية أبي نعيم عن
الزهري ، وابن ابي مليكة ، والمسور بن مخرمة أن النبي صلى الله عليه واله قال : إنما فاطمة
شجنة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني مايبسطها .
وجاء سهل بن عبدالله إلى عمربن عبدالعزيز فقال : إن قومك يقولون : إنك
تؤثر عليهم ولد فاطمة ، فقال عمر ، سمعت الثقة من الصحابة أن النبي صلى الله عليه واله قال :
فاطمة بضعة مني يرضيني ماأرضاها ويسخطني ما أسخطها ، فوالله إني لحقيق أن
أطلب رضى رسول الله ، ورضاه ورضاها في رضى ولدها .
وقد علموا أن النبي يسره * مسرتها جدا ويشني اغتمامها ( 1 )
قوله صلى الله عليه واله هذا يدل على عصمتها لانها لو كانت ممن تقارف الذنوب لم يكن
مؤذيها مؤذيا له صلى الله عليه واله على كل حال ، بل كان من فعل المستحق - ( 2 ) من ذمها وإقامة
* ( هامش ) * ( 1 ) يشنى من شنأ الرجل : أبضغه .
( 2 ) يعنى ما يستحقها بعد تقارف الذنوب . ( * )
[ 40 ]
الحد إن كان الفعل يقتضيه - ساراله صلى الله عليه واله ومطيعا .
أبوثعلبة الخشني قال : كان رسول الله صلى الله عليه واله إذا قدم من سفره يدخل على
فاطمة ، فدخل عليها فقامت إليه واعتنقته وقبلت بين عينيه .
الاربعين عن ابن المؤذن بإسناده ، عن النضربن شميل . عن ميسرة ، عن
المنهال ، عن عائشة بنت طلحة ، عن عائشة بنت أبي بكر ، وفي فضائل السمعاني
بإسناده عن عكرمة قالا : كان النبي صلى الله عليه واله إذا قدم من مغازيه قبل فاطمة .
ورووا عن عائشة أن فاطمة كانت إذا دخلت على رسول الله صلى الله عليه واله قام لها من
مجلسه وقبل رأسها وأجلسها مجلسه ، وإذا جاء إليها لقيته وقبل كل واحد منهما
صاحبه وجلسا معا .
أبوالسعادات في فضائل العشرة وابن المؤذن في الاربعين بالاسناده عن عكرمة
عن ابن عباس ، وعن أبي ثعلبة الخشني ، وعن نافع ، عن ابن عمر قالوا : كان
النبي صلى الله عليه واله إذا أراد سفرا كان آخر الناس عهدا بفاطمة ، وإذا قدم كان أول
الناس عهدا بفاطمة ، ولولم يكن لها عند الله تعالى فضال عظيم لم يكن رسول الله صلى الله عليه واله
يفعل معها ذلك ، إذ كانت ولده وقد أمر الله بتعظيم الولد للوالد ، ولايجوز أن
يفعل معها ذلك وهو بضد ما أمر به امته عن الله تعالى .
أبوسعيد الخدري قال : كانت فاطمة من أعز الناس على رسول الله صلى الله عليه واله
فدخل عليها يوما وهي تصلي فسمعت كلام رسول الله صلى الله عليه واله في رحلها ، فقطعت صلاتها
وخرجت من المصلى فسلمت عليه ، فمسح يده على رأسها وقال : يا بنية كيف
أميست رحمك الله عشينا غفر الله لك وقد فعل .
أخبار فاطمة عن أبي علي الصولي قال عبدالله بن الحسن : دخل رسول
الله صلى الله عليه واله على فاطمة فقد مت إليه كسرة يابسة من خبز شعير فأفطر عليها ثم قال :
يابنية هذا أول خبز أكل أبوك منذ ثلاثة أيام ، فجعلت فاطمة تكبي ورسول الله
يمسح وجهها بيده .
أبوصالح المؤذن في الاربعين بالاسناد عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن
[ 41 ]
إبراهيم ، عن مسروق ، عن ابن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه ويقول : إن
الله تعالى ما أمرني أن ازوج فاطمة من علي ففعلت ، فقال لي جبرئيل : إن الله
تعالى بنى جنة من لؤلؤة بين كل قصبة إلى قصبة لؤلؤة من ياقوت مشذرة بالذهب
وجعل سقوفها زبر جدا أخضر ، وجعل فيها طاقات من لؤلؤ مكللة بالياقوت .
ثم جعل غرفها لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، ولبنة من در ، ولبنة من
ياقوت ، ولبنة من زبرجد ، ثم جعل فيها عيونا تنبع من نواحيها وحفت بالانهار
وجعل على الانهار قبايا من در قد شعبث بسلاسل الذهب وحفت بأنواع الشجر
وبنى في كل غصن قبة وجعل في كل قبة أريكة من درة بيضاء غشاؤها السندس
والاستبرق ، وفرش أرضها بالزعفران ، وفتق بالمسك والعنبر ، وجعل في كل
قبة حوراء ، والقبة لها مائة باب على كل باب جاريتان وشجرتان في كل قبة
مفرش وكتاب مكتوب حول القباب آية الكرسي ، فقلت : يا جبرئيل لمن بنى الله
هذه الجنة ؟ قال ، بنا ها لعلي بن أبي طالب وفاطمة ابنتك سوى جنانهما تحفة أتحفهما
الله ، ولتقربذلك عينك يارسول الله .
بيان : قوله : " لؤلؤة من ياقوت " لعل المعنى أنها في صفاء اللؤلؤ ولون
الياقوت ، ولا يبعد أن تكون " من " زائدة من النساخ أو يكون الظرف متعلقا
بقوله مشذرة أي اللؤلؤة مرصعة من الياقوت بالذهب قال الفيروز آبادي : الشذر
قطع من الذهب تلقط من معدنه بلا إذابة ، أو خرز يفصل بها النظم أو هو اللؤلؤ
الصغار .
قوله : قد شعبت ، الشعب الجمع والتفريق ، ولعل الاظهر هنا الاول
وقال الفيروز آبادي : الاريكة كسفينة سرير في حجلة ، أو كل ما يتكا عليه من سرير
ومنصة وفراش ، أو سرير منجد مزين في قبة أو بيت ، فاذا لم يكن فيه سرير فهو
حجلة ، والسندس : الرقيق من الحرير ، والاستبرق الغليظ منه .
قوله : " وفتق " أى جعل بين الزعفران المسك وا لعنبر أو بين فرشها المبسوطة
من الفتق بمعنى الشق ، والمفرش كمنبر شئ كالشاذ كونة .
[ 42 ]
42 - قب : ابن عبد ربه الاندلسي في العقد عن عبدالله بن الزبير في خبر
عن معاوية بن أبي سفيان قال : دخل الحسن بن علي على جده صلى الله عليه واله وهو يتعثر
بذيله فأسر إلى النبي صلى الله عليه واله سرا فرأيته وقد تغير لونه ، ثم قام النبي صلى الله عليه واله حتى
أتى منزل فاطمة فأخذ بيدها فهزها إليه هزا قويا ثم قال : يا فاطمة إياك وغضب
علي فان الله يغضب لغضبه ويرضى لرضاه ، ثم جاء علي فأخذ النبي صلى الله عليه واله بيده
ثم هزها إليه هزا خفيفا ثم قال : يا أبا الحسن إياك وغضب فاطمة فان الملائكة
تغضب لغضبها وترضى لرضاها ، فقلت : يارسول الله مضيت مذعورا وقد رجعت
مسرورا ، فقال : يا معاوية كيف لا أسر وقد أصلحت بين اثنين هما أكرم الخلق
على الله .
وفي رواية عبدالله بن الحارث وحبيب بن ثابت وعلي بن إبراهيم : أحب
اثنين في الارض إلي .
قال ابن بابويه : هذا غير معتمد لانهما منزهان أن يحتاجا أن يصلح بينهما
رسول الله صلى الله عليه واله .
الباقر والصادق عليهما السلام أنه كان النبي صلى الله عليه واله لاينام حتى يقبل عرض وجه
فاطمة ، يضع وجهه بين ثدبي فاطمة ويدعو لها ، وفي رواية حتى يقبل عرض وجنة
فاطمة أو بين ثدييها .
أبوبكر محمد بن عبدالله الشافعي وابن شهاب الزهري وابن المسيب كلهم
عن سعد بن أبي وقاص ، وأبومعاذ النحوي المروزي وأبوقتادة الحراني ، عن
سفيان الثوري ، عن هاشم بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، والخركوشي في شرف
النبي ، والاشنهي في الاعتقاد ، والسمعاني في الرسالة ، وأبوصالح المؤذن
في الاربعين ، وأبوالسعادات في الفضائل ، ومن أصحابنا أبوعبيدة الحذاء
وغيره ، عن الصادق عليه السلام أنه كان رسول الله صلى الله عليه واله يكثر تقبيل فاطمة فأنكرت
عليه بعض نسائه فقال صلى الله عليه واله : إنه لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل
فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلتها - في رواية : فناولني منها تفاحة فأكلتها -
[ 43 ]
فتحول ذلك نطفة في صلبي ، فلما هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة
ففاطمة حوراء إنسية فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي .
ودخل النبي صلى الله عليه واله على فاطمة فرآها منزعجة فقال لها : مابك ؟ فقالت :
الحميرا افتخرت على امي أنها لم تعرف رجلا قبلك وأن امي عرفتها مسنة
فقال صلى الله عليه واله : إن بطن امك كان للامامة وعاء .
ابن عبد ربه في العقد أن المهدي رأى في منامه شريكا القاضي مصروفا وجهه
عنه ، فلما انتبه قص رؤياه على الربيع فقال : إن شريكا مخالف لك وإنه
فاطمي محضا ، قال المهدي : علي بشريك ، فاتي به ، فلما دخل عليه قال :
بلغني أنك فاطمي ، قال : اعيذك بالله أن تكون غير فاطمي إلا أن تعني فاطمة
بنت كسرى ، قال : لا ولكن أعني فاطمة بنت محمد ، قال : فتلعنها ؟ قال : لا ،
معاذ الله ، قال : فما تقول في من يلعنها ؟ قال : عليه لعنة الله ، قال : فالعن هذا
يعني الربيع ؟ قال : لا والله ما ألعنها يا أمير المؤمنين ، قال له شريك : يا ماجن
فما ذكرك لسيدة نساء العالمين وابنة سيد المرسلين في مجالس الرجال ، قال
المهدي : فما وجه المنام ؟ قال : إن رؤياك ليست برؤيا يوسف عليه السلام وإن الدماء
لا تستحل بالاحلام .
واتي برجل شتم فاطمة إلى الفضل بن الربيع فقال لابن غانم : انظر في
أمره ما تقول ، قال : يجب عليه الحد ، قال له الفضل : هي ذا امك إن حددته ، فأمر
بأن يضرب ألف سوط ويصلب في الطريق .
43 - قب : روي أن فاطمة تمنت وكيلا عند غزاة علي عليه السلام فنزل : " رب
المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا " ( 1 ) .
صحيح الدار قطني أن رسول الله صلى الله عليه واله أمر بقطع لص فقال اللص : يارسول الله
قد مته في الاسلام وتأمره بالقطع ؟ فقال : لو كانت ابنتي فاطمة ، فسمعت فاطمة
فحزنت فنزل جبرئيل بقوله : " لئن أشركت ليحبطن عملك " ( 2 ) فحزن
* ( هامش ) * ( 1 ) المزمل : 9 . ( 2 ) المزمر : 65 . ( * )
[ 44 ]
رسول الله صلى الله عليه واله فنزل " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ( 1 ) فتعجب النبي من ذلك
فنزل جبرئيل وقال : كانت فاطمة حزنت من قولك فهذه الايات لموافقتها لترضي .
بيان : لعل المعنى أن هذه الايات نزلت لتعلم فاطمة عليها السلام أن مثل هذا
الكلام المشروط لاينافي جلالة المخاطب والمسند إليه وبراءته لوقوع ذلك بالنسبة
إلى الرسول صلى الله عليه واله من الله عزوجل ، أو لبيان أن قطع يد فاطمة بمنزلة الشرك
أو أن هذا النوع من الخطاب المراد به الامة إنما صدر لصدور هذا النوع من
الكلام بالنسبة إلى فاطمة فكان خلافا للاولى ، والاول أصوب وأوفق بالاصول .
44 - قب : سئل الصادق عليه السلام عن معنى حي على خير العمل ، فقال : خير
العمل بر فاطمة وولدها ، وفي خبر آخر الولاية .
أبوصالح في الاربعين ، عن أبي حامد الاسفرائيني باسناده عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه واله : أول شخص تدخل الجنة فاطمة .
عن النبي صلى الله عليه واله قال : لما خلق الله الجنة خلقها من نور وجهه ثم أخذ ذلك
النور فقذفه فأصابني ثلث النور ، وأصاب فاطمة ثلث النور ، وأصاب عليا وأهل
بيته ثلث النور ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمد ، ومن لم يصبه
من ذلك النور ضل عن ولاية آل محمد .
الحسين بن زيد بن علي ، عن الصادق عليه السلام ، وجابر الجعفي ، عن الباقر عليه السلام
قال النبي صلى الله عليه واله : إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها .
ابن شريح بإسناده عن الصادق عليه السلام ، وأبوسعيد الواعظ في شرف النبي صلى الله عليه واله
عن أمير المؤمنين ، وأبوصالح المؤذن في الفضائل ، عن ابن عباس ، وأبوعبدالله
العكبري في الابانة ومحمود الاسفرائيني في الديانة رووا جميعا أن النبي صلى الله عليه واله
قال : يا فاطمة إن الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك .
أبوبكر مردويه في كتابه بالاسناد عن سنان الاوسي قال النبي صلى الله عليه واله :
حدثني جبرئيل أن الله تعالى لما زوج فاطمة عليا عليه السلام أمر رضوان فأمر شجرة
* ( هامش ) * ( 1 ) الانبياء : 22 . ( * )
[ 45 ]
طوبى فحملت رقاعا لمحبي آل بيت محمد صلى الله عليه واله ثم أمطرها ملائكة من نور بعد دتيك
الرقاع فأخذ تلك الملائكة الرقاع ، فاذا كان يوم القيامة واستوت بأهلها أهبط الله
الملائكة بتلك الرقاع فاذا لقي ملك من تلك الملائكة رجلا من محبي آل بيت محمد
دفع إليه رقعة براءة من النار .
وجاء في كثير من الكتب منها كشف الثعلبي وفضائل أبي السعادات في معنى
قوله : " لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا " ( 1 ) أنه قال ابن عباس : بينا أهل
الجنة في الجنة بعد ما سكنوا رأوا نورا أضاء الجنان فيقول أهل الجنة : يارب
إنك قد قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل " لايرون فيها شمسا " فينادي
مناد : ليس هذا نور الشمس ولا نور القمر ، وإن عليا وفاطمة تعجبا من شئ
فضحكا فأشرقت الجنان من نورهما .
أبوعلي الصولي في أخبار فاطمة وأبوالسعادات في فضائل العشرة بالاسناد
عن أبي ذر الغفاري قال : بعثني النبي صلى الله عليه واله أدعو عليا فأتيت بيته وناديته فلم
يجبني فأخبرت النبي صلى الله عليه واله فقال : عد إليه فانه في البيت ودخلت عليه فرأيت
الرحى تطحن ولا أحد عندها ، فقلت لعلي : إن النبي صلى الله عليه واله يدعوك ، فخرج
متوحشا حتى أتى النبي صلى الله عليه واله فأخبرت النبي صلى الله عليه واله بما رأيت فقال : يا أباذر
لا تعجب فان لله ملائكة سياحون في الارض موكلون بمعونة آل محمد .
الحسن البصري وابن إسحاق ، عن عمار وميمونة أن كليهما قالا : وجدت
فاطمة نائمة والرحى تدور فأخبرت رسول الله بذلك فقال : إن الله علم ضعف أمته
فأوحى إلى الرحى أن تدور فدارت .
وقد رواه أبوالقاسم البستي في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وأبوصالح المؤذن
في الاربعين عن الشعبي باسناده عن ميمونة وابن فياض في شرح الاخبار .
وروي أنها عليها السلام ربما اشتغلت بصلاتها وعبادتها فربما بكى ولدها فرأى
المهد يتحرك وكان ملك يحركه .
* ( هامش ) * ( 1 ) الدهر : 13 . ( * )
[ 46 ]
محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام قال : بعث رسول الله صلى الله عليه واله سلمان إلى فاطمة
قال : فوقفت بالباب وقفة حتى سلمت ، فسمعت فاطمة تقرء القرآن من جوا والرحى
تدور من برا ، وما عندها أنيس ، وقال في آخر الخبر : فتبسم رسول الله صلى الله عليه واله
وقال : ياسلمان إن ابنتي فاطمة ملا الله قلبها وجوارحها إيمانا إلى مشاشها تفرغت
لطاعة الله فبعث الله ملكا اسمه زوقا بيل وفي خبر آخر جبرئيل فأدار لها الرحى وكفاها
الله مؤنة الدنيا مع مؤنة الآخرة .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 46 سطر 7 الى ص 54 سطر 7

بيان : المراد بالجوا داخل البيت وبالبرا خارجه ولم أظفر بهما في اللغة
نعم قال في النهاية : في حديث سلمان : من أصلح جوانيه أصلح الله برانية ، أراد
بالبراني العلانية ، والالف والنون من زيادات النسب ، وأصله من قولهم خرج
فلان برا أي خرج إلى البر والصحراء ، وقال الفيروز آبادي : الجو داخل البيت
كالجوانية ، وقال في النهاية في صفته صلى الله عليه واله : جليل المشاش ، أي عظيم رؤوس العظام
كالمرفقين والكعبين والركبتين ، وقال الجوهري : هي رؤوس العظام اللينة التي
يمكن مضغها ، ومنه الحديث ملئ عمار إيمانا إلى مشاشه . انتهى .
45 - قب : علي بن معمر قال : خرجت ام أيمن إلى مكة لما توفيت
فاطمة عليها السلام وقالت : لا أرى المدينة بعدها ، فأصابها عطش شديد في الجحفة حتى خافت
على نفسها ، قال : فكسرت عينيها نحو السماء ثم قالت : يارب أتعطشني وأنا خادمة
بنت نبيك ؟ قال : فنزل إليها دلو من ماء الجنة فشربت ولم تجع ولم تطعم سبع سنين .
بيان : قال الفيروز آبادي : كسر من طرفه غض .
46 - قب : مالك بن دينار رأيت في مودع الحج امرأة ضعيفة على دابة
نحيفة والناس ينصحونها لتنكص ، فلما توسطنا البادية كلت دابتها فعذلتها
في إتيانها ، فرفعت رأسها إلى السماء وقالت : لا في بيتي تركتني ولا إلى بيتك
حملتني ، فو عزتك وجلالك لو فعل بي هذا غيرك لما شكوته إلا إليك ، فإذا
شخص أتاها من الفيفاء وفي يده زمام ناقة فقال لها : اركبي ، فركبت وسارت الناقة
كالبرق الخاطف ، فلما بلغت المطاف رأيتها تطوف ، فحلفتها من أنت ؟ فقالت : أنا
شهرة بنت مسكة بنت فصة خادمة الزهراء عليها السلام .
[ 47 ]
ورهنت عليها السلام كسوة لها عند امرأة زيد اليهودي في المدينة واستقرضت الشعير
فلما دخل زيد داره قال : ما هذه الانوار في دارنا ؟ قالت : لكسوة فاطمة فأسلم في
الحال وأسلمت امرأته وجيرانه حتى أسلم ثمانون نفسا .
وسألت عليها السلام رسول الله صلى الله عليه واله خاتما فقال : ألا اعلمك ما هو خير من الخاتم ؟
إذا صليت صلاة الليل فاطلبي من الله عزوجل خاتما فانك تنالين حاجتك ، قال :
فدعت ربها تعالى ، فاذا بهاتف يهتف : يا فاطمة الذي طلبت مني تحت المصلى
فرفعت المصلى فاذا الخاتم ياقوت لا قيمة له فجعلته في إصبعها وفرحت ، فلما نامت
من ليلتها رأت في منامها كأنها في الجنة فرأت ثلاثة قصور لم تر في الجنة مثلها
قالت : لمن هذه القصور ؟ قالوا : لفاطمة بنت محمد ، قال : فكأنها دخلت قصرا من
ذلك ودارت فيه فرأت سريرا قد مال على ثلاث قوائم ، فقالت عليها السلام : ما
لهذا السريرقد مالت على ثلاث ؟ قالوا : لان صاحبته طلبت من الله خاتما فنزع
أحد القوائم وصيغ لها خاتما وبقي السرير على ثلاث قوائم ، فلما أصبحت دخلت
على رسول الله صلى الله عليه واله وقصت القصة فقال النبي صلى الله عليه واله : معاشر آل عبدالمطلب ليس
لكم الدنيا إنما لكم الآخرة ، وميعادكم الجنة ، ما تصنعون بالدنيا فانها
زائلة غرارة ، فأمر ها النبي صلى الله عليه واله أن ترد الخاتم تحت المصلى فردت ثم نامت على
المصلى ، فرأت في المنام أنها دخلت الجنة ، فدخلت ذلك القصر ورأت السرير
على أربع قوائم فسألت عن حاله فقالوا : ردت الخاتم ورجع السرير إلى هيئته .
أبوجعفر الطوسي في اختيار الرجال ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، وعن سلمان
الفارسي أنه لما استخرج أمير المؤمنين عليه السلام من منزله خرجت فاطمة حتى انتهت
إلى القبر فقالت : خلوا عن ابن عمي فو الذي بعث محمدا بالحق لئن لم تخلوا عنه
لانشرن شعري ولاضعن قميص رسول الله صلى الله عليه واله على رأسي ولاصرخن إلى الله
فما ناقة صالح بأكرم على الله من ولدي ، قال سلمان : فرأيت والله أساس حيطان
المسجد تقلعت من أسفلها حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها نفذ ، فدنوت منها
وقلت : يا سيدتي ومولاتي إن الله تبارك وتعالى بعث أباك رحمة فلا تكوني نقمة
فرجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسفلها ، فدخلت في خياشيمنا .
[ 48 ]
بريدة قال النبي صلى الله عليه واله : إن ملك الموت خيرني فاستنظرته إلى نزول
جبرئيل . فتجلى ابنته فاطمة الغشي فقال لها : يابنتي احفظني عليك فانك وبعلك
وابنيك معي في الجنة .
بشرت مريم بولدها " إن الله يبشرك بكلمة " ( 1 ) وبشرت فاطمة بالحسن والحسين
في الحديث إن النبي صلى الله عليه واله بشرها عند ولادة كل منهما بأن يقول لها : ليهنئك
أن ولدت إماما يسود أهل الجنة وأكمل الله تعالى ذلك في عقبها ، قوله " وجعلها
كلمة باقية في عقبه " ( 2 ) يعني عليا عليه السلام .
أبوعبدالله عليه السلام كانت مدة حملها تسع ساعات ، وولدت فاطمة الحسن
والحسين وبينهما ستة أشهر على رواية وردت .
ومريم بنت عمران ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله وشرف الناس بآبائهم .
ونذرت ام مريم لله محررا ، ومحمد صلى الله عليه واله أكثر الخلق تقربا إلى الله في سائر
الاحوال وذلك يوجب أن يكون قد أتى عند أن سأله الزهراء عليها السلام بأضعاف ما قالت
ام مريم بموجب فضله على الخلائق ، وكان نذرها من قبل الام وهو يقتضي تنصف
منزلته مما ينذره الاب .
قوله " وكفلها زكريا ( 3 ) والزهراء كفلها رسول الله صلى الله عليه واله ولا خلاف
في فضل كفالة رسول الله صلى الله عليه واله على كل كفالة وكفالة اليتيم مندوب إليها وكفالة
الولد واجبة .
ولدت مريم بعيسى عليه السلام في أيام الجاهلية ، وولدت فاطمة بالحسن والحسين
على فطرة الاسلام .
وكان الله أعلم مريم بسلامتها وبسلامة ما حملته فلا يجوز أن يتطرق إليها
خوف ، والزهراء حملت بهما وهي لا تعلم ما يكون من حالها في الحمل والوضع
من السلامة والعطب ، فينبغي أن يكون في ذلك مثوبة زائدة ، ولذلك فضل المسلمون
على الملائكة يوم بدر في القتال ، لانهم كانوا بين الخوف والرجاء في سلامتهم
* ( هامش ) * ( 1 ) آل عمران : 40 . ( 2 ) الزخرف : 28 . ( 3 ) آل عمران : 33 . ( * )
[ 49 ]
والملائكة ليسوا كذلك .
وقيل لها " لاتحزني " ( 1 ) وقال النبي صلى الله عليه واله : يا فاطمة إن الله يرضى
لرضاك ، وقيل لها " فنفخنا فيه من روحنا " ( 2 ) وفاطمة عليها السلام خامسة أهل العباء
وافتخار جبرئيل بكل واحد منهم قوله : من مثلي وأنا سادس خمسة .
ولها " تساقط عليك رطبا جنيا * فكلي واشربي " ( 3 ) يحتمل أن النخلة
والنهر كانا موجودين قبل ذلك لانه لم يبق لهما أثر مثل ما بقي لزمزم والمقام
وموضع التنور وانفلاق البحر ورد الشمس ، وللزهراء عليها السلام حديث التمر الصيحاني
وقدس الماء .
وروي أنه بكت ام أيمن وقالت : يا رسول الله فاطمة زوجتها ولم تنثر
عليها شيئا ، فقال : يا ام أيمن لم تكذبين فان الله تعالى لما زوج فاطمة عليا أمر
أشجار الجنة أن تنثر عليهم من حليها وحللها وياقوتها ودرها وزمردها واستبرقها
فأخذوا منها مالا يعلمون .
وتكلمت الملائكة مع مريم " إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء
العالمين " ( 4 ) أراد نساء عالم أهل زمانها كقوله لبني إسرائيل " وإني فضلتكم على
العالمين " ( 5 ) وليسوا بأفضل من المسلمين قوله " كنتم خير امة " ( 6 ) ثم إن الصفات
في هذه الاية يشاركها غيرها قوله " إن الله اصطفى آدم - إلى قوله - ذرية بعضها من
بعض " ( 7 ) وفاطمة وذريتها من جملتهم وقال النبي صلى الله عليه واله : فاطمة سيدة نساء العالمين
من الاولين والآخرين وإنها لتقوم في محرابها فيسلم عليها سبعون ألف ملك من المقربين
وينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون : يا فاطمة " إن الله اصطفاك وطهرك
واصطفاك على نساء العالمين " ( 8 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مريم : 24 . ( 2 ) التحريم : 12 : . ( 3 ) مريم : 25 و 26 .
( 4 ) آل عمران : 37 . ( 5 ) البقرة : 44 . ( 6 ) آل عمران : 106 .
( 7 ) آل عمران : 31 . ( 8 ) آل عمران : 37 . ( * )
[ 50 ]
وأنه " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندهارزقا " ( 1 ) وليس في
نفس الآية أن ذلك كان الله تعالى يخلقه اختراعا أيأتيها به الملك وإنما هو يدل
على كثرة شكرها لله تعالى كما تقول : رزقني الله اليوم درهما كما قال : " قل كل
من عندالله " ( 2 ) وللزهراء من هذا الباب مالا ينكره مسلم من حديث المقداد وخبر
الطائر والرمان والعنب والتفاح والسفرجل وغيرها ، وذلك مما يقطع على أنها
كانت تأكل مالم يكن لغيرها من جميع الخلق بعد هبوط آدم وحوا ، وفي الحديث
أن النبي صلى الله عليه واله دخل على فاطمة وهي في مصلاها وخلفها جفنة يفور دخانها فأخرجت
فاطمة الجفنة فوضعتها بين أيديهما فسأل علي عليه السلام أنى لك هذا قالت هو من فضل الله
ورزقه إن الله يرزق من يشاء بغير حساب .
ورزق مريم من الجنة وخلق فاطمة من رزق الجنة ، وفي الحديث فناولني
جبرئيل رطبة من رطبها فأكلتها فتحولت ذلك نطفة في صلبي .
وقد مدح الله تعالى مريم في القرآن بعشرين مدحة وصح في الاخبار لفاطمة
عشرون اسما كل اسم يدل على فضيلة ذكرها ابن بابوبه في كتاب مولد فاطمة عليها السلام .
وقال لها : " ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها " ( 3 ) يريد بذلك
العفاف لا الملامسة والذرية لانه لو لم يكن كذلك لجعل حملها له ووضعها ومخاضها
بغير ماجرت به العادة فلما جعله على مجرى العادة دل على مقالنا ويؤكد ذلك
الاخبار الواردة في مدح التزويج وطلب الولد وذم العزوبة ، وقال تعالى للزهراء
ولاولادها : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت " ( 4 ) .
حسان بن ثابت :
وإن مريم أحصنت فرجها * وجاءت بعيسى كبدر الدجى
فقد أحصنت فاطم بعدها * وجاءت بسبطي نبي الهدى
47 - يل ، فضل : دخل رسول الله صلى الله عليه واله على علي فوجده هو وفاطمة عليهما السلام
* ( هامش ) * ( 1 ) آل عمران : 34 . ( 2 ) النساء : 81 .
( 3 ) التحريم : 12 . ( 4 ) الاحزاب : 34 . ( * )
[ 51 ]
يطحنان في الجاروش فقال النبي صلى الله عليه واله : أيكما أعيى ؟ فقال علي فاطمة يارسول الله
فقال لها : قومي يا بنية ، فقامت وجلس النبي صلى الله عليه واله موضعها مع علي عليه السلام فواساه
في طحن الحب .
48 - كشف : من كتاب معالم العترة لعبد العزيز بن الاخضر بأسانيده
مرفوعا إلى قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : خير نسائها مريم وخير
نسائها فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله .
وباسناده إلى أحمد بن حنبل يرفعه إلى أنس أن النبي صلى الله عليه واله قال : حسبك
من نساء العالمين مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله
وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون .
وبإسناده عن أنس أن النبي صلى الله عليه واله قال : حسبك من نساء العالمين مريم بنت
عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله .
ومنه قالت عائشة لفاطمة عليها السلام : ألا ابشرك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول :
لسيدات نساء أهل الجنة أربع : مريم بنت عمران ، وفاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت
خويلد ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون .
ومن مسند أحمد عن عائشة قالت : أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية
رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال : مرحبا يا بنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم أسر
إليها حديثا فبكت ، قلت : استخصك رسول الله صلى الله عليه واله بحديثه ثم تبكين ، ثم أسر
إليها حديثا فضحكت ، فقلت : ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن فسألتها عما
قالا ، فقالت : ما كنت لافشي سر رسول الله صلى الله عليه واله ، حتى قبض رسول الله صلى الله عليه واله
سألتها فقالت : أسر إلي فقال : إن جبرئيل عليه السلام كان يعارضني بالقرآن في كل
عام مرة وإنه عارضني به العام مرتين ولا أراه إلا قد حضر أجلى ، وإنك أول أهل
بيتي لحوقا بي ونعم السلف أنا لك فبكيت لذلك ، فقال : ألا ترضين أن تكوني سيدة
نساء هذه الامة ونساء المؤمنين ؟ قالت : فضحكت لذلك ( 1 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) راجع المصدر ج 2 ص 8 - المطبعة الاسلامية . ( * )
[ 52 ]
وروى ابن خالويه في كتاب الال عن أبي عبدالله الحنبلي ، عن محمد بن أحمد
ابن قضاعة ، عن عبدالله ( 1 ) بن محمد ، عن أبي محمد العسكري ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه واله : لما خلق الله آدم وحوا تبخترا في الجنة ، فقال آدم لحوا :
ما خلق الله خلقا هو أحسن منا ، فأوحى الله إلى جبرئيل : ائت بعبدي الفردوس
الاعلى ، فلما دخلا الفردوس نظرا إلى جارية على در نوك من درانيك الجنة وعلى
رأسها تاج من نور وفي اذنيها قرطان من نور قد أشرقت الجنان من حسن ( 2 ) وجهها
فقال آدم : حبيبي جبرئيل من هذه الجارية التي قد أشرقت الجنان من حسن ( 3 ) وجهها ؟
فقال : هذه فاطمة بنت محمد نبي من ولدك يكون في آخر الزمان ، قال : فما هذا التاج
الذي على رأسها ؟ قال : بعلها علي بن أبي طالب عليه السلام .
قال ابن خالويه : البعل في كلام العرب خمسة أشياء : الزوج ، والصنم
من قوله : " أتدعون بعلا " ( 4 ) ، والبعل اسم امرأة وبها سميت بعلبك ، والبعل
من النخل ما شرب بعروقه من غير سقي ، والبعل السماء ، والعرب يقول : السماء
بعل الارض .
قال : فما القرطان اللذان في اذنيها ؟ قال : ولداها الحسن والحسين ، قال
آدم : حبيبي جبرئيل أخلقوا قبلي ؟ قال : هم موجودون في غامض علم الله قبل أن
تخلق بأربعة آلاف سنة .
وعن ابن خالويه من كتاب الال يرفعه إلى علي بن موسى الرضا ، عن
آبائه ، عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد
من بطنان العرش يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة عليها السلام بنت
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : عبدان راجع ج 2 ص 12 ، اختصر العلامة المجلسى قدس سره
سند الحديث . ( 2 ) و ( 3 ) في المصدر من نور وجهها في كلا الموضعين .
( 4 ) الصافات : 125 . ( * )
[ 53 ]
محمد صلى الله عليه وآله .
وزاد ابن عرفة عن رجاله يرفعه إلى أبي أيوب الانصاري ، قال : قال
رسول الله صلى الله عليه واله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش يا أهل الجمع
نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة عليها السلام على الصراط فتمر ومعها
سبعون ألف جارية من الحورالعين .
ومنه عن نافع ابن أبي الحمراء قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه واله ثمانية أشهر إذا
خرج إلى صلاة الغداة مر بباب فاطمة عليها السلام فقال : السلام عليكم أهل البيت
ورحمة الله وبركاته ، الصلاة " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا " ( 1 ) .
ومنه ، عن الحسين بن علي ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال : يا فاطمة
إن الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك .
ومن كتاب أبي إسحاق الثعلبي ، عن جميع بن عمير ، عن عمته ، قالت : سألت عائشة
من كان أحب ( 2 ) إلى رسول الله صلى الله عليه واله ؟ فقالت : فاطمة عليها السلام قلت : إنما أسألك عن
الرجال ، قالت : زوجها ، وما يمنعه فوالله ان كان ما علمت صواما قواما جديرا
أن يقول بما يحب الله ويرضى .
وعن جابر قال : ما رأيت فاطمة عليها السلام تمشي إلا ذكرت ( 3 ) رسول الله صلى الله عليه واله ،
تميل على جانبها الايمن مرة وعلى جانبها الايسر مرة .
وعن عائشة - وذكرت فاطمة عليها السلام - : ما رأيت أصدق منها إلا أباها .
ومن كتاب مولد فاطمة لابن بابويه : روى أن النبي صلى الله عليه واله قال : اشتاقت
الجنة إلى أربع من النساء : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون
وهي زوجة النبي صلى الله عليه واله في الجنة ، وخديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه واله في الدنيا
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحزاب : 34 .
( 2 ) في المصدر : أحب الناس ، راجع ج 2 ص 19 .
( 3 ) في المصدر : مشية رسول الله . ( * )
[ 54 ]
والآخرة ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله .
وروى عن علي عليه السلام قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه واله فقال : أخبروني
أي شئ خيرللنساء ، فعيينا بذلك كلنا حتى تفرقنا فرجعت إلى فاطمة عليها السلام
فأخبرتها الذي قال لنا رسول الله صلى الله عليه واله وليس أحد منا علمه ولا عرفه فقالت : ولكني
أعرفه ، خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال ، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه واله
فقلت : يا رسول الله سألتنا أي شئ خير للنساء وخيرلهن أن لايرين الرجال ولا
يراهن الرجال ، قال : من أخبرك فلم تعلمه وأنت عندي ؟ قلت : فاطمة ، فأعجب


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 54 سطر 8 الى ص 62 سطر 8

ذلك رسول الله صلى الله عليه واله وقال : إن فاطمة بضعة مني .
وروى عن مجاهد قال : خرج النبي صلى الله عليه واله وهو آخذ بيد فاطمة عليها السلام فقال :
من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد ، وهي بضعة مني وهي
قلبي وروحي التي بين جنبي ، فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذي الله .
[ وروى عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن الله ليغضب
لغضب فاطمة ويرضى لرضاها . وبهذا الاسناد عنه عليه السلام مثله فقال له : يابن رسول الله
بلغنا أنك قلت وذكر الحديث . قال : فما تنكرون من هذا ؟ فوالله إن الله ليغضب
لغضب عبده المؤمن ويرضى لرضاه ] ( 1 ) .
وعنه عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن فاطمة شجنة مني يسخطني ما أسخطها
ويرضيني ما أرضاها . وبالاسناد عنه عليه السلام مثله .
ونقلت من كتاب لابي إسحاق الثعلبي ، عن مجاهد قال : خرج رسول
الله صلى الله عليه واله وقد أخذ بيد فاطمة وقال : من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي
فاطمة بنت محمد ، وهي بضعة مني ، وهي قلبي الذ بين جنبي ، فمن آذاها فقد
آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله .
وعن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله : إن فاطمة شعرة مني فمن آذى شعرة
مني فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله لعنه الله ملء السماوات والارض .
* ( هامش ) * ( 1 ) ما جعلناه بين العلامتين ساقط عن النسخ المطبوعة ، والضمير في قوله : " وعنه عليه السلام "
راجع إلى الصادق عليه السلام راجع المصدر ج 2 ص 57 - المطبعة الاسلامية . ( * )
[ 55 ]
وعن حذيفة كان رسول الله صلى الله عليه واله لاينام حتى يقبل عرض وجنة فاطمة عليها السلام
أو بين ثدييها .
وعن جعفر بن محمد عليهما السلام كان النبي لاينام ليلته حتى يضع وجهه بين
ثديي فاطمة عليها السلام .
وروى أن محمد بن أبي بكر قرأ " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولانبي " ( 1 )
ولا محدث قلت : وهل تحدث الملائكة إلا الانبياء ؟ قال : مريم لم تكن نبية و
سارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة وبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ( 2 )
ولم تكن نبية ، وفاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه واله كانت محدثة ولم تكن نبية .
وعن ام سلمة قالت : كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله أشبه الناس وجها
وشبها برسول الله صلى الله عليه واله .
وروى عن علي عليه السلام ، عن فاطمة عليها السلام قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه واله :
يا فاطمة من صلى عليك غفر الله له وألحقه بي حيث كنت من الجنة .
وروى عن الزهري ، عن علي بن الحسين عليه السلام قال : قال علي بن أبي طالب
لفاطمة عليهما السلام : سألت أباك فيما سألت أين تلقينه يوم القيامة ؟ قالت : نعم ، قال لي :
اطلبيني عند الحوض قلت : إن لم أجدك ههنا ؟ قال : تجديني إذا مستظلا بعرش
ربي ولن يستظل به غيري ، قالت فاطمة : فقلت : يا أبة أهل الدنيا يوم القيامة
عراة ؟ فقال : نعم يا بنية ، فقلت : وأنا عريانة ؟ قال : نعم وأنت عريانة وأنه لا
يلتفت فيه أحد إلى أحد ، قالت فاطمة عليها السلام : فقلت له : واسوأتاه يومئذ من الله
عزوجل فما خرجت حتى قال لي : هبط علي جبرئيل الروح الامين عليه السلام فقال
لي : يا محمد اقرأ فاطمة السلام وأعلمها أنها استحيت من الله تبارك وتعالى فاستحيى الله
منها فقد وعدها أن يكسوها يوم القيامة حلتين من نور قال علي عليه السلام : فقلت لها :
فهلا سألتيه يعن ابن عمك ؟ فقالت : قد فعلت فقال : إن عليا أكرم على الله عز وجل
من أن يعريه يوم القيامة .
* ( هامش ) * ( 1 ) الحج : 51 . ( 2 ) اشارة إلى الاية 74 من سورة هود . ( * )
[ 56 ]
49 - فضائل شهر رمضان للصدوق ، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق ، عن أحمد بن
محمد الكوفي ، عن المنذر بن محمد ، عن الحسن بن علي الخزاز ، عن الرضا عليه السلام
قال في حديث طويل : كانت فاطمة عليها السلام إذا طلع هلال شهر رمضان يغلب نورها
الهلال ويخفى ، فإذا غابت عنه ظهر .
50 - بشا : بالاسناد إلى أبي علي الحسن بن محمد الطوسي ، عن محمد بن الحسين
المعروف بابن الصقال ، عن محمد بن معقل العجلى ، عن محمد بن أبي الصهبان ، عن
ابن فضال ، عن حمزة بن حمران ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما السلام ، عن جابر بن
عبدالله الانصاري قال :
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه واله صلاة العصر فلما انفتل جلس في قبلته والناس
حوله ، فبيناهم كذلك إذ أقبل إليه شيخ من مهاجرة العرب عليه سمل قد تهلل وأخلق
وهو لايكاد يتمالك كبرا وضعفا ، فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه واله يستحثه الخبر فقال
الشيخ : يانبي الله أنا جائع فأطمعني ، وعاري الجسد فاكسني ، وفقير
فارشني .
فقال صلى الله عليه واله : ما أجد لك شيئا ولكن الدال على الخير كفاعله ، انطلق إلى
منزل من يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، يؤثر الله على نفسه ، انطلق إلى
حجرة فاطمة ، وكان بيتها ملاصق بيت رسول الله صلى الله عليه واله الذي ينفرد به لنفسه من
أزواجه ، وقال : يا بلال قم فقف به على منزل فاطمة ، فانطلق الاعرابي مع بلال ، فلما
وقف على باب فاطمة نادى بأعلى صوته : السلام عليكم يا أهل ، بيت النبوة !
ومختلف الملائكة ، ومهبط جبرئيل الروح الامين بالتنزيل ، من عند رب العالمين
فقالت فاطمة : وعليك السلام فمن أنت يا هذا ؟ قال : شيخ من العرب أقبلت على
أبيك سيد البشر مهاجرا من شقة وأنا يا بنت محمد عاري الجسد ، جائع الكبد
فواسيني يرحمك الله ، وكان لفاطمة وعلي في تلك الحال ورسول الله صلى الله عليه واله ثلاثا
ما طعموا فيها طعاما ، وقد علم رسول الله صلى الله عليه واله ذلك من شأنهما .
[ 57 ]
فعمدت فاطمة إلى جلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن والحسين
فقالت : خذ هذا أيها الطارق ! فعسى الله أن يرتاح لك ما هو خير منه ، قال
الاعرابي : يا بنت محمد شكوت إليك الجوع فناولتيني جلد كبش ما أنا صانع به مع
ما أجد من السغب .
قال : فعمدت لما سمعت هذا من قوله إلى عقد كان في عنقها أهدته لها فاطمة
بنت عمها حمزة بن عبدالمطلب ، فقطعته من عنقها ونبذته إلى الاعرابي فقالت :
خذه وبعه فعسى الله أن يعوضك به ما هو خير منه ، فأخذ الاعرابي العقد وانطلق
إلى مسجد رسول الله والنبي صلى الله عليه واله جالس في أصحابه ، فقال : يارسول الله أعطتني
فاطمة [ بنت محمد ] هذا العقد فقالت : بعه فعسى الله أن يصنع لك .
قال : فبكى النبي صلى الله عليه واله وقال : وكيف لا يصنع الله لك وقد أعطتكه فاطمة
بنت محمد سيدة بنات آدم .
فقام عماربن ياسر رحمة الله عليه فقال : يا رسول الله أتأذن لي بشراء هذا
العقد ؟ قال : اشتره يا عمار فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله بالنار ، فقال
عمار : بكم العقد يا أعرابي ؟ قال : بشبعة من الخبز واللحم ، وبردة يمانية أستربها
عورتي واصلي فيها لربي ، ودينار يبلغني إلى أهلي ، وكا ن عمار قد باع سهمه الذي
نفله رسول الله صلى الله عليه واله من خبير ولم يبق منه شيئا فقال : لك عشرون دينارا ومأتا
درهم هجرية وبردة يمانية وراحلتي تبلغك أهلك وشبعك من خبز البر واللحم .
فقال الاعرابي : ما أسخاك بالمال أيها الرجل ، وانطلق به عمار فوفاه ما
ضمن له .
وعاد الاعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : أشبعت
واكتسيت ؟ قال الاعرابي : نعم واستغنيت بأبي أنت وامي ، قال : فاجز فاطمة بصنيعها
فقال الاعرابي : اللهم إنك إله ما استحدثناك ، ولا إله لنا نعبده سواك وأنت
رازقنا على كل الجهات اللهم أعط فاطمة مالا عين رأت ولا اذن سمعت .
فأمن النبي صلى الله عليه واله على دعائه وأقبل على أصحابه فقال : إن الله قد أعطى
[ 58 ]
فاطمة في الدنيا ذلك : أنا أبوها وما أحد من العالمين مثلي ، وعلي بعلها ولولا علي
ماكان لفاطمة كفوأبدا ، وأعطاها الحسن والحسين وما للعالمين مثلهما سيدا شباب
أسباط الانبياء وسيدا شباب أهل الجنة - وكان بازائه مقداد وعمار وسلمان -
فقال : وأزيدكم ؟ قالوا : نعم يا رسول الله .
قال : أتاني الروح يعني جبرئيل عليه السلام أنها إذا هي قبضت ودفنت يسألها
الملكان في قبرها : من ربك ؟ فتقول : الله ربي ، فيقولان : فمن نبيك ؟ فتقول :
أبي ، فيقولان : فمن وليك ؟ فتقول : هذا القائم على شفير قبري علي بن
أبي طالب عليه السلام .
ألا وأزيدكم من فضلها : إن الله قد وكل بها رعيلا من الملائكة يحفظونها
من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها وهم معها في حياتها وعند قبرها
وعند موتها يكثرون الصلاة عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها .
فمن زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي ومن زار فاطمة فكأنما
زارني ، ومن زار علي بن أبي طالب فكأنما زار فاطمة ، ومن زار الحسن والحسين
فكأنما زار عليا ، ومن زار ذريتهما فكأنما زارهما .
فعمد عمار إلى العقد ، فطيبه بالمسك ، ولفه في بردة يمانية ، وكان له
عبد اسمه سهم ابتاعه من ذلك السهم الذي أصابه بخيبر ، فدفع القد إلى المملوك
وقال له : خذهذا العقد فادفعه إلى رسول الله صلى الله عليه واله وأنت له ، فأخذ المملوك
العقد فأتى به رسول الله صلى الله عليه واله وأخبره بقول عمار ، فقال النبي : انطلق إلى
فاطمة فادفع إليها العقد وأنت لها ، فجاء المملوك بالعقد وأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه واله
فأخذت فاطمة عليها السلام العقد وأعتقت المملوك ، فضحك الغلام ، فقالت : ما يضحكك
يا غلام ؟ فقال : أضحكني عظم بركة هذا العقد ، أشبع جائعا ، وكسى عريانا
وأغنى فقيرا ، وأعتق عبدا ، ورجع إلى ربه .
بيان : السمل بالتحريك الثوب الخلق ، قوله : قد تهلل أي الرجل من
قولهم تهلل وجه إذا استنار وظهر فيه آثار السرور ، أو الثوب كناية عن انخراقه ( 1 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) هذا هو المتعين لانه وصف للسمل لا للرجل ، والقياس أن يقول : قد تهلهل . ( * )
[ 59 ]
قوله : يستحثه الخبرأي يسأله الخبر ويحثه ويرغبه على ذكر أحواله .
قوله : أرشني قال الجزري : يقع الرياش على الخصب والمعاش والمال
المستفاد ، ومنه حديث عائشة : ويريش مملقها أي يكسوه ويعينه ، وأصله من الريش
كان الفقير المملق لانهوض به كالمقصوص الجناح ، يقال : راشه يريشه إذا أحسن
إليه ، والقرظ : ورق السلم يدبغ به ، ويقال : ارتاح الله لفلان أي رحمه ، والسغب
الجوع ، وقال الجزري يقال للقطعة من الفرسان : رعلة ولجماعة الخيل : رعيل
ومنه حديث علي عليه السلام سراعا إلى أمره رعيلا ، أي ركابا على الخيل .
51 - فر : عبيد بن كثير معنعنا عن أبي سعيد الخدري قال : أصبح علي
ابن أبيطالب عليه السلام ذات يوم ساغبا ، فقال : يا فاطمة هل عندك شئ تغذينيه ؟
قالت : لا والذي أكرم أبي بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أصبح الغداة عندي
شئ ، وماكان شئ اطعمناه مذيومين إلا شئ كنت اؤثرك به علي نفسي وعلى
ابني هذين الحسن والحسين ، فقال علي : يا فاطمة ألا كنت أعلمتيني فأبغيكم
شيئا ، فقالت : يا أبا الحسن إني لاستحيي من إلهي أن اكلف نفسك مالا تقدر
عليه ، فخرج علي بن أبي طالب من عند فاطمة عليهما السلام واثقا بالله بحسن الظن
فاستقرض دينارا ، فبينا الدينار في يد علي بن أبي طالب عليه السلام يريد أن يبتاع لعياله
ما يصلحهم ، فتعرض له المقداد بن الاسود في يوم شديد الحر قد لو حته الشمس
من فوقه وآذته من تحته ، فلما رآه علي بن أبي طالب عليه السلام أنكر شأنه
فقال : يا مقداد ما أزعجك هذه الساعة من رحلك ، قال : يا أباالحسن خل سبيلي
ولا تسألني عما ورائي ، فقال : يا أخي إنه لايسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك
فقال : يا أ با الحسن رغبة إلى الله وإليك أن تخلي سبيلي ولا تكشفني عن حالي
فقال له : يا أخي إنه لا يسعك أن تكتمني حالك ، فقال : يا أبا الحسن أما إذ أبيت
فو الذي أكرم محمدا بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أزعجني من رحلي إلا الجهد
وقد تركت عيالي يتضاغون جوعا ، فلما سمعت بكاء العيال لم تحملني الارض
فخرجت مهموما راكب رأسي ، هذه حالي وقصتي ، فانهملت عينا علي بالبكاء
[ 60 ]
حتى بلت دمعته لحيته فقال له : أحلف بالذي حلفت ما أزعجني إلا الذي أزعجك
من رحلك فقد استقرضت دينارا فقد آثرتك على نفسي ، فدفع الدينار إليه ورجع
حتى دخل مسجد النبي صلى الله عليه واله فصلى فيه الظهر والعصر والمغرب ، فلما قضى
رسول الله صلى الله عليه واله المغرب مر بعلي بن أبي طالب وهو في الصف الاول فغمزة برجله فقام
علي عليه السلام متعقبا خلف رسول الله صلى الله عليه واله حتى لحقه على باب من أبواب المسجد
فسلم عليه فرد رسول الله صلى الله عليه وآله [ السلام ] فقال : يا أبا الحسن هل عندك شئ
نتعشاه فنميل معك فمكث مطرقا لا يحير جوابا حياء من رسول الله صلى الله عليه واله وهو يعلم
ماكان من أمر الدينار ومن أين أخذه وأين وجهه ، وقد كان أوحى الله تعالى
إلى نبيه محمد صلى الله عليه واله أن يتعشى الليلة عند علي بن أبي طالب عليه السلام ، فلما نظر
رسول الله صلى الله عليه واله إلى سكوته فقال : يا أبا الحسن مالك لا تقول : لا ، فأنصرف
أو تقول : نعم ، فأمضي معك ، فقال حياء وتركما فاذهب بنا ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه واله
يد [ ي ] علي بن أبي طالب عليه السلام فانطلقا حتى دخلا على فاطمة الزهراء عليها السلام
وهي في مصلا ها قد قضت صلاتها وخلفها جفنة تفور دخانا ، فلما سمعت كلام
رسول الله صلى الله عليه واله في رحلها خرجت من مصلاها فسلمت عليه وكانت أعز الناس
عليه فرد عليها السلام ومسح بيده على رأسها وقال لها : يا بنتاه كيف أمسيت
رحمك الله تعالى ( 1 ) عشينا غفر الله لك وقد فعل ، فأخذت الجفنة فوضعتها
بين يدي النبي صلى الله عليه واله وعلي بن أبيطالب ، فلما نظر علي بن أبيطالب إلى
طعام وشم ريحه رمى فاطمة ببصرة رميا شحيحا ، قالت له فاطمة : سبحان الله ما أشح
نظرك وأشده هل أذنبت فيما بيني وبينك ذنبا استوجبت له السخطة ؟ قال : وأي
ذنب أعظم من ذنب أصبتيه أليس عهدي إليك اليوم الماضي وأنت تحلفين بالله مجتهدة
ما طعمت طعاما مذيومين ؟ قال : فنظرت إلى السماء فقالت : إلهي يعلم في سمائه
ويعلم في أرضه أني لم أقل إلا حقا ، فقال لها : يا فاطمة أنى لك هذا الطعام
الذي لم أنظر إلى مثل لونه قط ولم أشم مثل ريحه قط وما آكل أطيب منه
* ( هامش ) * ( 1 ) كذا في النسخ والمصدر وفى كشف الغمة : قالت بخير ، قال : عشينا رحمك الله - ( * )
[ 61 ]
قال : فوضع رسول الله صلى الله عليه واله كفه الطيبة المباركة بين كتفي علي بن أبي طالب
عليه السلام فغمزها ثم قال : يا علي هذا بدل دينارك وهذا جزاء دينارك من عند الله
" إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " ( 1 ) ثم استعبر النبي صلى الله عليه واله باكيا ثم قال :
الحمد الله الذي [ هو ] أبى لكم أن تخرجا من الدنيا حتى يجز يكما ويجريك ( 2 ) يا علي
مجرى زكريا ويجري فاطمة مجرى مريم بنت عمران " كلما دخل عليها زكريا
المحراب وجد عندها رزقا " ( 3 ) .
كشف : عن أبي سعيد مثله ( 4 ) .
ما : جماعة عن أبي المفضل ، عن محمد بن جعفر بن مسكان ، عن عبدالله
ابن الحسين ، عن يحيى بن عبدالحميد الحماني ، عن قيس بن الربيع ، عن أبي هارون
العبدي ، عن أبي سعيد مثله .
بيان : قال الجوهري : لو حت الشئ بالنار أحميته ، وقال في النهاية : فيه
إن شئت دعوت الله أن يسمعك تضاغيهم في النار ، أى صياحهم وبكاءهم يقال : ضغا
يضغو ضغوا وضغاء إذا صاح ، ومنه الحديث : وصبيتي يتضاغون حولي .
قوله : رميا شحيحيا ، الشح البخل مع حرص وهو لايناسب المقام إلا يتكلف
ويحتمل أن يكون أصله سحيحا بالسين المهملة من السح بمعنى السيلان كناية عن
المبالغة في النظر والتحديق بالبصر ، وعلى مافي النسخ يحتمل أن يكون من الحرص
كناية عن المبالغة في النظر أو البخل كناية عن النظر بطرف البصر على وجه الغيظ .
52 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إسحاق بن عبدالعزيز ، عن
* ( هامش ) * ( 1 ) آل عمران : 33 .
( 2 ) كذا في النسخ وفى المصدر ، حتى يجزيكما هدايا يا على في المنازل الذى
جزى فيها زكريا ويجزيك يا فاطمة في الذى جزيت فيه مريم الخ وفى كشف الغمة :
الحمد الله الذى أبى لكما أن تخرجا من الدنيا حتى يجريك الخ .
( 3 ) المصدر ، 21 ، والاية في آل عمران : 33 .
( 4 ) راجع كشف الغمة المطبعة الاسلامية ج 2 ص 26 - 29 ( * )
[ 62 ]
زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : جاءت فاطمة تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه واله بعض أمرها
فأعطاها رسول الله صلى الله عليه واله كربة وقال : تعلمي ما فيها ، فاذا فيها : من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ،
ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت .
بيان : كرب النخل اصول السعف أمثال الكتف .
53 - كا : العدة ، عن البرقي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عبيد بن معاوية
عن معاوية بن شريح ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن
أبي جعفر عليه السلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : خرج رسول الله صلى الله عليه واله يريد فاطمة


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 62 سطر 9 الى ص 70 سطر 9

عليها السلام وأنا معه ، فلما انتهينا إلى الباب وضع يده عليه فدفعه ثم قال : السلام عليكم
فقالت فاطمة عليها السلام : عليك السلام يار سول الله ، قال : أدخل ؟ قالت : ادخل يارسول الله !
قال : أدخل أنا ومن معي ؟ فقالت : يا رسول الله ليس علي قناع ، فقال : يا فاطمة
خذي فضل ملحفتك ، فقنعي به رأسك ، ففعلت ، ثم قال : السلام عليكم ، فقالت :
وعليك السلام يارسول الله ، قال : أدخل ؟ قالت : نعم ادخل يارسول الله قال : أنا ومن
معي ؟ قالت : أنت ومن معك ، قال جابر : فدخل رسول الله صلى الله عليه واله ودخلت أنا وإذا
وجه فاطمة أصفر كأنه بطن جرادة فقال رسول الله صلى الله عليه واله : مالي أرى وجهك أصفر ؟
قالت : يارسول الله الجوع ، فقال : اللهم مشبع الجوعة ورافع الضيعة أشبع فاطمة
بنت محمد ، فقال جابر : فوالله فنظرت إلى الدم ينحدر من قصاصها حتى عاد وجهها
أحمر فما جاعت بعد ذلك اليوم .
54 - فر : الحسين بن سعيد معنعنا عن جعفر ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله :
إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش ، يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم
حتى تمر بنت حبيب الله إلى قصرها [ فتمر إلى قصرها ظ ] فاطمة ابنتي وعليها ريطتان
خضراوان حواليها سبعون ألف حوراء فاذا بلغت إلى باب قصرها وجدت الحسن
قائما والحسين نائما مقطوع الرأس فتقول للحسن : من هذا ؟ فيقول : هذا أخي إن
امة أبيك قتلوه وقطعوا رأسه ، فيأتيها النداء من عند الله يا بنت حبيب الله إني إنما أريتك
[ 63 ]
ما فعلت به امة أبيك لاني ادخرت لك عندي تعزية بمصيبتك فيه ، إني جعلت
تعزيتك اليوم أني لا أنظر في محاسبة العباد حتى تدخل الجنة أنت وذريتك
وشيعتك ومن أولادكم معروفا ممن ليس هو من شيعتك قبل أن أنظر في محاسبة
العباد .
فتدخل فاطمة ابنتي الجنة وذريتها وشيعتها ومن أولادها معروفا ممن ليس
من شيعتها فهو قول الله عزوجل " لا يحزنهم الفزع الاكبر " ( 1 ) قال : هول يوم
القيامة " وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون ( 2 ) هي والله فاطمة وذريتها وشيعتها
ومن أولادهم معروفا ممن ليس هو من شيعتها .
55 - كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن
صالح بن عقبة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال النبي صلى الله عليه واله
لفاطمة : يا فاطمة قومي فاخرجي تلك الصحفة : فقامت فأخرجت صحفة فيها تريد وعراق
يفور ، فأكل النبي صلى الله عليه واله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ثلاثة عشر يوما
ثم إن ام أيمن رأت الحسين معه شئ فقالت له : من أين لك هذا ؟ قال : إنا
لنأكله منذ أيام ، فأتت ام أيمن فاطمة عليها السلام فقالت : يا فاطمة إذا كان عند ام أيمن
شئ فانما هو لفاطمة ولولدها ، وإذا كان عند فاطمة شئ فليس لام أيمن منه
شئ ، فأخرجت لها منه ، فأكلت منه ام أيمن ونفدت الصحفة ، فقال لها النبي صلى الله عليه واله
أما لو لا أنك أطعمتها لاكلت منها أنت وذريتك إلى أن تقوم الساعة ثم قال
أبوجعفر عليه السلام : والصحفة عندنا يخرج بها قائمنا عليه السلام في زمانه .
بيان : قال الجوهري : العرق : العظم الذي اخذ عنه اللحم والجمع عراق
بالضم انتهى .
والمراد هنا العظم مع اللحم كما ورد في اللغة أيضا قال الفيروز آبادي :
العرق وكغراب العظم اكل لحمه والجمع ككتاب وغراب نادر ، أو العراق : العظم
بلحمه فاذا اكل لحمه فعراق ، أو كلاهما لكليهما .
* ( هامش ) * ( 1 ) الانبياء : 103 . ( 2 ) الانبياء : 102 . ( * )
[ 64 ]
56 - كا : محمدبن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن بزيع ، عن صالح بن
عقبة ، عن عقبة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ما عبدالله بشئ من التمجيد أفضل من
تسبيح فاطمة عليها السلام ، ولو كان شئ أفضل منه لنحله رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة .
57 - فر : سهل بن أحمد الدينوري معنعنا عن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام
قال : قال جابر لابي جعفر عليه السلام : جعلت فداك ياابن رسول الله حدثني بحديث
في فضل جدتك فاطمة إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك .
قال أبوجعفر عليه السلام حدثني أبي ، عن جدي ، عن رسول الله صلى الله عليه واله قال : إذا
كان يوم القيامة نصب للانبياء والرسل منابر من نور فيكون منبري أعلى منابرهم
يوم القيامة ، ثم يقول الله : يا محمد اخطب ، فأخطب بخطبة لم يسمع أحد من الانبياء
والرسل بمثلها .
ثم ينصب للاوصياء منابر من نور وينصب لوصيي علي بن أبي طالب في
اوساطهم منبر من نور فيكون منبره أعلى منابرهم ، ثم يقول الله : يا علي اخطب
فيخطب بخطبة لم يسمع أحد من الاوصياء بمثلها .
ثم ينصب لاولاد الانبياء والمرسلين منابر من نور فيكون لابني وسبطي
وريحانتي أيام حياتي منبر من نور ، ثم يقال لهما : اخطبا ، فيخطبان بخطبتين لم يسمع
أحد من أولاد الانبياء والمرسلين بمثلهما .
ثم ينادي المنادي وهو جبرئيل عليه السلام : أين فاطمة بنت محمد ؟ أين خديجة
بنت خويلد ؟ أين مريم بنت عمران ؟ أين آسية بنت مزاحم ؟ أين ام كلثوم ام
يحيى بن زكريا ؟ فيقمن فيقول الله تبارك وتعالى : يا أهل الجمع لمن الكرم اليوم ؟
فيقول محمد وعلي والحسن والحسين : لله الواحد القهار ، فيقول الله تعالى : يا
أهل الجمع إني قد جعلت الكرم لمحمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة ، يا
أهل الجمع طأطؤا الرؤوس وغضوا الابصار فان هذه فاطمة تسير إلى الجنة .
فيأتيها جبرئيل بناقة من نوق الجنة مدبجة الجنبين ، خطامها من اللؤ لؤ
المخفق الرطب ، عليها رحل من المرجان فتناخ بين يديها فتركبها فيبعث إليها مأة
[ 65 ]
ألف ملك فيسيرون على يمينها ، ويبعث إليها مأة ألف ملك فيصيرون على يسارها
ويبعث إليها مأة ألف ملك يحملونها على أجنحتهم حتى يسيرونها على باب الجنة .
فإذا صارت عند باب الجنة تلتفت : فيقول : الله : يابنت حبيبي ما التفاتك
وقد أمرت بك إلى جنتي ؟ فتقول : يارب أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم
فيقول الله : يابنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قبله حب لك أولاحد من
ذريتك خذي بيده فادخليه الجنة .
قال أبوجعفر عليه السلام : والله يا جابر إنها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها
ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الردئ ، فإذا صار شيعتها
معها عند باب الجنة يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا فإذا التفتوا فيقول الله عزوجل : يا
أحبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي ، فيقولون : يارب أحببنا
أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم ، فيقول الله : يا أحبائي ارجعوا وانظروا من
أحبكم لحب فاطمة ، انظروا من أطعمكم لحب فاطمة ، انظروا من كساكم لحب
فاطمة ، انظروا من سقاكم شربة في حب فاطمة ، انظروا من رد عنكم غيبة في
حب فاطمة خذوا بيده وأدخلوا الجنة .
قال أبوجعفر : والله لا يبقى في الناس إلا شاك أو كافر أو منافق ، فاذا صاروا
بين الطبقات نادوا كما قال الله تعالى " فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم " ( 1 )
فيقولون : " فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين " ( 2 ) .
قال أبوجعفر عليه السلام : هيهات هيهات منعوا ما طلبوا " ولوردوا لعادوا لما نهوا
عنه وإنهم لكاذبون " ( 3 ) .
58 - فر : محمد بن القاسم بن عبيد معنعنا ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال :
" إنا أنزلناه في ليلة القدر " ( 4 ) الليلة فاطمة والقدر الله فمن عرف فاطمة حق
معرفتها فقد أدرك ليلة القدر ، وإنما سميت فاطمة لان الخلق فطمعوا عن معرفتها .
* ( هامش ) * ( 1 ) و ( 2 ) الشعراء : 100 - 102 .
( 3 ) الانعام : 28 . ( 4 ) القدر : 1 . ( * )
[ 66 ]
59 - مهج : عن الشيخ علي بن محمد بن علي بن عبدالصمد ، عن جده ، عن الفقيه
أبي الحسن ، عن أبي البركات علي بن الحسين الجوزي ، عن الصدوق ، عن الحسن
ابن محمد بن سعيد ، عن فرات بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد بن بشرويه ، عن محمد بن
إدريس بن سعيد الانصاري ، عن داود بن رشيد والوليد بن شجاع بن مروان ، عن
عاصم ، عن عبدالله بن سلمان الفارسي ، عن أبيه قال :
خرجت من منزلي يوما بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه واله بعشرة أيام فلقيني
علي بن أبي طالب عليه السلام ابن عم الرسول محمد صلى الله عليه واله فقال لي : يا سلمان جفوتنا
بعد رسول الله صلى الله عليه واله ، فقلت : حبيبي أبا الحسن مثلكم لا يجفي غير أن حزني على
رسول الله صلى الله عليه واله طال فهو الذي منعني من زيارتكم ، فقال عليه السلام : يا سلمان ائت
منزل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله فانها إليك مشتاقة تريد أن تتحفك بتحفة قدا تحفت
بها من الجنة ، قلت لعلي عليه السلام ، قد اتحفت فاطمة عليها السلام بشئ من الجنة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه واله ؟ قال : نعم بالامس .
قال سلمان الفارسي : فهرولت إلى منزل فاطمة عليها السلام بنت محمد صلى الله عليه واله ، فإذا
هي جالسة وعليها قطعة عباء إذا خمرت رأسها انجلى ساقها وإذا غطت ساقها انكشف
رأسها ، فلما نظرت إلي اعتجرت ثم قالت : يا سلمان جفوتني بعد وفاة أبي صلى الله عليه واله
قلت : حبيبتي أأجفاكم ؟ قالت : فمه اجلس واعقل ما أقول لك .
إني كنت جالسة بالامس في هذا المجلس وباب الدار مغلق وأنا أتفكر في
انقطاع الوحي عنا وانصراف الملائكة عن منزلنا ، فاذا انفتح الباب من غير أن
يفتحه أحد ، فدخل علي ثلاث جوار لم ير الراؤون بحسنهن ولا كهيئتهن ولا
نضارة وجوههن ولا أزكى من ريحهن ، فلما رأيتهن قمت إليهن متنكرة لهن فقلت :
بأبي أنتن من أهل مكة أم من أهل المدينة ؟ فقلن : يا بنت محمد لسنا من أهل مكة
ولا من أهل المدينة ولا من أهل الارض جميعا غير أننا جوار من الحوار العين من دار
السلام أرسلنا رب العزة إليك يا بنت محمد إنا إليك مشتاقات .
[ 67 ]
فقلت للتي أظن أنها أكبر سنا : ما اسمك ؟ قالت : اسمي مقدودة ، قلت :
ولم سميت مقدودة ؟ قالت : خلقت للمقداد بن الاسود الكندي صاحب رسول الله صلى الله عليه واله
فقلت للثانية : ما اسمك ؟ قالت : ذرة ، قلت : ولم سميت ذرة وأنت في عيني
نبيلة ؟ قالت : خلقت لابي ذر الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه واله .
فقلت للثالثة : ما اسمك ؟ قالت : سلمي ، قلت : ولم سميت سلمى ؟ قالت :
أنا لسلمان الفارسي مولى أبيك رسول الله صلى الله عليه واله .
قالت فاطمة : ثم أخرجن لي رطبا أزرق كأمثال الخشكنانج ( 1 ) الكبار أبيض
من الثلج وأزكى ريحا من المسك الاذفر ، [ فأحضرته ] ( 2 ) فقالت لي : ياسلمان أفطر
عليه عشيتك فاذا كان غدا فجئني بنواه أو قالت : عجمه .
قال سلمان : فأخذت الرطب فما مررت بجمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله
إلا قالوا : ياسلمان أمعك مسك ؟ قلت : نعم ، فلما كان وقت الافطار أفطرت
عليه فلم أجد له عجما ولا نوى ، فمضيت إلى بنت رسول الله صلى الله عليه واله في اليوم الثاني
فقلت لها : إني أفطرت على ما أتحفتيني به فما وجدت له عجما ولا نوى ، قالت :
ياسلمان ولن يكون له عجم ولا نوى وإنما هو نخل غرسه الله في دار السلام بكلام
علمنيه أبي محمد صلى الله عليه واله كنت أقوله غدوة وعشية .
قال سلمان : قلت : علمني الكلام ياسيدتي ، فقالت : إن سرك أن لايمسك أذى
الحمى ما عشت في دار الدنيا فواظب عليه . ثم قال سلمان : علمتني هذا الحرز فقالت :
بسم الله الرحمن الرحيم ، بسم الله النور ، بسم الله نور النور ، بسم الله نور على
نور ، بسم الذي هو مدبر الامور ، بسم الله الذي خلق النور من النور ، الحمد
الله الذي خلق النور من النو ر ، وأنزل النور على الطور ، في كتاب مسطور ، في
رق منشور ، بقدر مقدور ، على نبي محبور ، الحمد الله الذي هو بالعز مذكور
* ( هامش ) * ( 1 ) خشكنانج معرب خشكنانه وهو الخبز السكري الذي يختبز
مع الفستق واللوز .
( 2 ) ما جعلناه بين العلامتين ساقط عن النسخ المطبوعة . راجع المصدر ص 8 وقد
نقله المصنف رحمه الله في المجلد المتمم للعشرين فراجع . ( * )
[ 68 ]
وبالفخز مشهور ، وعلى السراء والضراء مشكور ، وصلى الله على سيدنا محمد
وآله الطاهرين .
قال سلمان : فتعلمتهن فوالله لقد علمتنهن أكثر من ألف نفس من أهل المدينة
ومكة ممن بهم الحمي فكل برئ من مرضه باذن الله تعالى .
بيان : الاعتجاز : لف العمامة على الرأس ، قولها عليها السلام : فمه . أي فما السبب
في ترك زيارتنا أو اسكت ؟ والتنكر : التغير على وجه الاستيحاش والكراهة ، ولما
كانت الذرة موضوعة للصغيرة من النملة قالت عليها السلام : أنت مع نبلك وشرفك لم
سميت باسم يدل على الحقارة ، والخشكنانج لعله معرب أي الخبز اليابس .
60 - من بعض كتب المناقب : باسناده عن اسامة قال : مررت بعلي والعباس
وهما قاعدان في المسجد فقالا : يا اسامة استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه واله ، فقلت : يا
رسول الله هذا علي والعباس يستأذن ، فقال : هل تدري ما جاء بهما ؟ قلت : لا
والله ما أدري ، قال : لكني أدري ما جاء بهما فأذن لهما فدخلا فسلما ثم قعدا
فقالا : يارسول الله أي أهلك أحب إليك ؟ قال : فاطمة .
وبإسناده عن عبدالله بن الزبير ، عن أبيه ، عن عائشة أنها كانت إذا ذكرت
فاطمة بنت النبي صلى الله عليه واله قالت : ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة منها إلا أن يكون
الذي ولدها .
وبإسناده ، عن أحمد بن محمد الثعلبي ، عن عبدالله بن حامد ، عن أبي محمد
المزني ، عن أبي يعلى الموصلي ، عن سهل بن زنجلة الرازي ، عن عبدالله بن صالح
عن ابن لهيعة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه واله أقام
أياما لم يطعم طعاما حتى شق ذلك عليه ، وطاف في منازل أزواجه فلم يصب عند
واحدة منهن شيئا ، فأتى فاطمة فقال : يا بنية هل عندك شئ آكلة فاني جائع ؟
فقالت : لا والله بأبي أنت وامي ، فلما خرج من عندها بعث إليها جارة لها برغيفين
وقطعة لحم ، فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وغطت عليها وقالت : لاؤثرن بها
رسول الله صلى الله عليه واله على نفسي ومن عندي ، وكانوا جميعا محتاجين إلى شبعة طعام
[ 69 ]
فبعثت حسنا أو حسينا إلى رسول الله صلى الله عليه واله فرجع إليها ، فقالت : بأبي أنت وامي
قد أتانا الله بشئ فخبأته ، قال : هلمي ، فأتته فكشفت عن الجفنة فإذا هي مملوءة
خبرا ولحما ، فلما نظرت إليه بهتت فعرفت أنها كرامة من الله عزوجل فحمد ت
الله وصلت على نبيه ، فقال صلى الله عليه واله : من أين لك هذا يا بنية ؟ فقالت : هو من عند الله
إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فحمد الله عزوجل وقال : الحمد الله الذي جعلك
شبيهة بسيدة نساء العالمين في نساء بني إسرائيل في وقتهم ، فإنها كانت إذا رزقها الله
تعالى فسئلت عنه قالت : هو من عندالله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فبعث
رسول الله صلى الله عليه واله إلى علي ثم أكل رسول الله صلى الله عليه واله وعلي وفاطمة والحسن والحسين
وجميع أزواج النبي صلى الله عليه واله وأهل بيته جميعا وشبعوا وبقيت الجفنة كما هي ، قالت
فاطمة : فأوسعت منها على جميع جيراني وجعل الله فيها البركة والخير كما فعل
الله بمريم عليها السلام .
قب : الثعلبي في تفسيره وابن المؤذن في الاربعين بإسنادهما عن محمد بن
المنكدر ، عن جابر مثله .
61 - ومن كتاب المناقب المذكور عن أبي الفرج محمد بن أحمد المكي ، عن
المظفر بن أحمد بن عبدالواحد ، عن محمد بن علي الحلواني ، عن كريمة بنت أحمد
ابن محمد المروزي ، وأخبرني أيضا به عاليا قاضي القضاة محمد بن الحسين البغدادي
عن الحسين بن محمد بن علي الزينبي ، عن الكريمة فاطمة بنت أحمد بن محمد المروزية
بمكة حرسها الله تعالى ، عن أبي علي زاهر بن أحمد ، عن معاذ بن يوسف الجرجاني
عن أحمد بن محمد بن غالب ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن [ ابن ] نمير ، عن مجالد
عن ابن عباس . قال :
خرج أعرابي من بني سليم يتبدى في البرية ، فإذا هو بضب قد نفر من
بين يديه ، فسعى وراءه حتى اصطاده ، ثم جعله في كمه وأقبل يزدلف نحو النبي صلى الله عليه واله فلما أن وقف بإزائه ناداه : يا محمد يا محمد ، وكان من أخلاق رسول الله صلى الله عليه واله
إذا قيل له : يا محمد قال : يا محمد ، وإذا قيل له : يا أحمد قال : يا أحمد ، وإذا قيل
[ 70 ]
له : يا أبا القاسم ، قال : يا أباالقاسم ، وإذا قيل [ له ] : يا رسول الله ، قال : لبيك
وسعديك وتهلل وجهه
فلما أن ناداه الاعرابي يا محمد يا محمد قال له النبي : يا محمد يا محمد ، قال له : أنت
الساحر الكذاب الذي ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة هو أكذب
منك ، أنت الذي تزعم أن لك في هذه الخضراء إلها بعث بك إلى الاسود والابيض
واللات والعزى ، لو لا أني أخاف أن قومي يسمونني العجول لضربتك بسيفي
هذا ضربة أقتلك بها ، فأسود بك الاولين والآخرين .
فوثب إليه عمر بن الخطاب ليبطش به فقال النبي صلى الله عليه واله : اجلس يا باحفص
فقد كاد الحليم أن يكون نبيا .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 70 سطر 10 الى ص 78 سطر 10

ثم التفت النبي صلى ا لله عليه واله إلى الاعرابي فقال له : يا أخا بني سليم هكذا تفعل
العرب ؟ يتهجمون علينا في مجالسنا يجبهوننا بالكلام الغليظ ؟ يا أعرابي والذي
بعثني بالحق نبيا إن من ضربي في دار الدنيا هو غدا في النار يتلظى ، يا أعرابي
والذي بعثني بالحق نبيا إن أهل السماء السابعة يسمونني أحمد الصادق ، يا
أعرابي أسلم تسلم من النار يكون لك مالنا وعليك ما علينا وتكون أخانا في
الاسلام .
قال . فغضب الاعرابي وقال : واللات والعزى لا او من بك يا محمد أو يؤمن هذا
الضب ، ثم رمى بالضب عن كمه ، فلما أن وقع الضب على الارض ولى هاربا ، فناداه
النبي صلى الله عليه واله : أيها الضب أقبل إلي ، فأقبل الضب ينظر إلى النبي صلى الله عليه واله ، قال :
فقال له النبي صلى الله عليه واله : أيها الضب من أنا ؟ فاذا هو ينطق بلسان فصيح ذرب غير قطع
فقال : أنت محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف ، فقال له النبي صلى الله عليه واله
: من تعبد ؟ قال : أعبدالله عزوجل الذي فلق الحبة وبرأ النسمة واتخذ إبراهيم
خليلا واصطفاك يا محمد حبيبا ثم أنشأ يقول :
ألا يارسول الله إنك صادق
* فبوركت مهديا وبوركت هاديا
شرعت لنا دين الحنيفة بعد ما * عبدنا كأمثال الحمير الطواغيا
[ 71 ]
فيا خير مدعو ويا خير مرسل * إلى الجن بعد الانس لبيك داعيا
ونحن اناس من سليم وإننا * أتيناك نرجو أن ننال العواليا
أتيت ببرهان من الله واضح * فأصبحت فينا صادق القول زاكيا
فبوركت في الاحوال حيا وميتا * وبوركت مولودا وبوركت ناشيا
قال : ثم أطبق على فم الضب فم يحرجوابا ، فلما أن نظر الاعرابي إلى
ذلك قال : واعجبا ضب اصطدته من البرية ثم أتيت به في كمي لا يفقه ولا ينقه
ولا يعقل يكلم محمدا صلى الله عليه واله بهذا الكلام ويشهد له بهذه الشهادة أنا لا أطلب أثرا بعد
عين ، مد يمينك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فأسلم
الاعرابي وحسن إسلامه .
ثم التفت النبي صلى الله عليه واله إلى أصحابه فقال لهم : علموا الاعرابي سورا من القرآن
قال : فلما أن علم الاعرابي سورا من القرآن قال له النبي صلى الله عليه واله : هل لك شي من
المال ؟ قال : والذي بعثك بالحق نبيا إنا أربعة آلاف رجل من بني سليم ما فيهم
أفقر مني ولا أقل مالا .
ثم التفت النبي صلى الله عليه واله إلى أصحابه فقال لهم : من يحمل الاعرابي على
ناقة أضمن له على الله ناقة من نوق الجنة قال : فوثب إليه سعد بن عبادة قال :
فداك أبي وامي عندي ناقة حمراء عشراء وهي للاعرابي .
فقال له النبي صلى الله عليه واله : يا سعد تفخرعلينا بناقتك ؟ ألا أصف لك الناقة التي
نعطيكها بدلا من ناقة الاعرابي ، فقال : بلى فداك أبي وامي .
فقال : يا سعد ناقة من ذهب أحمر وقوائمها من العنبر ، ووبرها من الزعفران
وعيناها من ياقوتة حمراء ، وعنقها من الزبرجد الاخضر ، وسنامها من الكافور
الاشهب وذقنها من الدر ، وخطامها من اللؤلؤ الرطب ، عليها قبة من درة بيضاء يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها تطير بك في الجنة .
ثم التفت النبي صلى الله عليه واله إلى أصحابه فقال لهم : من يتوج الاعرابي أضمن له
[ 72 ]
على الله تاج التقى ، قال : فوثب إليه أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وقال :
فداك أبي وامي وما تاج التقى فذكر من صفته ، قال : فنزع علي عليه السلام عمامته
فعمم بها الاعرابي .
ثم التفت النبي صلى الله عليه واله فقال : من يزود الاعرابي وأضمن له على الله عزوجل
زاد التقوى ، قال : فوثب إليه سلمان الفارسي فقال : فداك أبي وامي ومازاد التقوى ؟
قال : ياسلمان إذا كان آخر يوم من الدنيا لقنك الله عزوجل قول شهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله فان أنت قلتها لقيتني ولقيتك ، وإن أنت لم تقلها لم تلقني ولم
ألقك أبدا .
قال : فمضى سلمان حتى طاف تسعة أبيات من بيوت رسول الله صلى الله عليه واله فلم يجد
عند هن شيئا ، فلما أن ولى راجعا نظرإلى حجرة فاطمة عليها السلام فقال : إن يكن
خير فمن منزل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله ، فقرع الباب فأجابته من وراء الباب : من
بالباب ؟ فقال لها : أنا سلمان الفارسي فقالت له : يا سلمان وما تشاء ؟ فشرح قصة
الاعرابي والضب مع النبي صلى الله عليه واله . قالت له : يا سلمان والذي بعث محمدا صلى الله عليه واله
بالحق نبيا إن لنا ثلاثا ما طعمنا ، وإن الحسن والحسين قد اضطربا علي من
شدة الجوع ، ثم رقدا كأنها فرخان منتوفان ، ولكن لا أرد الخير إذا نزل
الخير ببابي .
ياسلمان خذ درعي هذا ثم امض به إلى شمعون اليهودي وقل له : تقول
لك فاطمة بنت محمد : أقرضني عليه صاعا من تمر وصاعا من شعير أرده عليك
إنشاء الله تعالى .
قال : فأخذ سلمان الدرع ثم أتى به إلى شمعون اليهودي فقال له : يا شمعون
هذا درع فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله تقول لك : أقرضني عليه صاعا من تمر وصاعا من
شعير أرده عليك إنشاء الله .
قال : فأخذ شمعون الدرع ثم جعل يقلبه في كفه وعيناه تذرفان بالدموع
وهو يقول : ياسلمان هذا هو الزهد في الدنيا هذا الذي أخبرنا به موسى بن عمران
[ 73 ]
في التوراة أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فأسلم وحسن
إسلامه .
ثم دفع إلى سلمان صاعا من تمر وصاعا من شعير فأتى به سلمان إلى فاطمة
فطحنته بيدها واختبزته خبزا ثم أتت به إلى سلمان فقالت له : خذه وامض به إلى
النبي صلى الله عليه واله ، قال : فقال لها سلمان : يا فاطمة خذي منه قرصا تعللين به الحسن
والحسين ، فقالت : ياسلمان هذا شئ أمضيناه لله عزوجل لسنا نأخذ منه شيئا .
قال : فأخذه سلمان فأتى به النبي صلى الله عليه واله فلما نظر النبي صلى الله عليه واله إلى سلمان
قال له : ياسلمان من أين لك هذا ؟ قال : من منزل بنتك فاطمة ، قال : وكان
النبي صلى الله عليه واله لم يعطم طعاما منذ ثلاث .
قال : فوثب النبي صلى الله عليه واله حتى ورد إلى حجرة فاطمة ، فقرع الباب وكان
إذا قرع النبي صلى الله عليه واله الباب لا يفتح له الباب إلا فاطمة فلما أن فتحت له الباب
نظر النبي صلى الله عليه واله إلى صفار وجهها وتغير حدقتيها ، فقال لها : يا بنية ما الذي أراه
من صفار وجهك وتغير حدقتيك ؟ فقالت : يا أبه إن لنا ثلاثا ما طعمنا طعاما
وإن الحسن والحسين قد اضطربا علي من شدة الجوع ثم رقدا كأنهما
فرخان منتوفان .
قال : فأنبههما النبي صلى الله عليه واله فأخذ واحدا على فخذه الايمن والاخر على
فخذه الايسر وأجلس فاطمة بين يديها واعتنقها النبي صلى الله عليه واله ودخل علي بن
أبي طالب عليه السلام فاعتنق النبي صلى الله عليه واله من ورائه ، ثم رفع النبي صلى الله عليه واله طرفه نحو
السماء فقال : إلهي وسيدي ومولاي هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا .
قال : ثم وثبت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله حتى دخلت إلى مخدع
لها فصفت قدميها فصلت ركعتين ثم رفعت باطن كفيها إلى السماء وقالت :
إهلي وسيدي هذا محمد نبيك ، وهذا علي ابن عم نبيك ، وهذان الحسن والحسين
[ 74 ]
سبطا نبيك إلهي أنزل علينا مائدة من السماء كما أنزلتها على بني إسرائيل أكلوا
منها وكفروا بها ، اللهم أنزلها عليها فإنا بها مؤمنون .
قال ابن عباس : والله ما استتمت الدعوة فاذا هي بصحفة من ورائها يفورقتارها
وإذا قتارها أزكى من المسك الاذفر ، فاحتضنتها ثم أتت بها إلى النبي صلى الله عليه واله وعلي
والحسن والحسين ، فلما أن نظر إليها علي بن أبي طالب عليه السلام قال لها : يا فاطمة
من أين لك هذا ؟ ولم يكن عهد عندها شيئا فقال له النبي صلى الله عليه واله : كل يا أبا الحسن
ولا تسأل الحمد لله الذي لم يمتني حتى رزقني ولدا مثلها مثل مريم بنت عمران
" كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا
قالت هو من عندالله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " ( 1 ) . قال : فأكل النبي صلى الله عليه واله وعلي وفاطمة والحسن والحسين وخرج النبي صلى الله عليه واله .
وتزود الاعرابي واستوى على راحلته وأتى بني سليم وهم يومئذ أربعة آلاف
رجل فلما أن وقف في وسطهم ناداهم بعلو صوته : قولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله .
قال : فلما سمعوا منه هذه المقالة أسرعوا إلى سيوفهم فجردوها ، ثم قالوا
له : لقد صبوت إلى دين محمد الساحر الكذاب ، فقال لهم : ماهو بساحر ولا
كذاب .
ثم قال : يا معشر بني سليم إن إله محمد صلى الله عليه واله خير إله ، وإن محمدا صلى الله عليه واله خير
نبي : أتيته جائعا فأطعمني ، وعاريا فكساني ، وراجلا فحلمني ، ثم شرح لهم قصة
الضب مع النبي صلى الله عليه واله وأنشدهم الشعر الذي أنشد في النبي صلى الله عليه واله .
ثم قال : يا معاشر بني سليم أسلموا تسلموا من النار ، فأسلم في ذلك اليوم أربعة
آلاف رجل وهم أصحاب الرايات الخضر وهم حول رسول الله صلى الله عليه واله .
أقول : وجدت هذا الحديث في كتاب قديم من مؤلفات العامة قال : حدثنا
أبوبكر أحمد بن علي الطرشيشي ببغداد سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، قال : حدثتنا
* ( هامش ) * ( 1 ) آل عمران : 33 . ( * )
[ 75 ]
كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزي - بمكة حرسها لله - بقراءتها علينا في
المسجد الحرام في ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ، قالت : أخبرنا أبوعلي
زاهر بن أحمد الفقيه بسرخس ، قا ل : حدثنا معاذ بن يوسف الجرجاني قال :
حدثنا أحمد بن محمد بن غالب ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن ابن نمير ، عن مجالد
عن ابن عباس مثله .
بيان : قال الجوهري : تبدى الرجل : أقام بالبادية ، وازدلف أي تقدم
وقطع كفرح وكرم لم يقدر على الكلام ، ونقه الحديث كفرح : فهمه ، والعشراء
من النوق بضم العين وفتح الشين التي مضى لحملها عشرة أشهر أو ثمانية أو هي
كالنفساء من النساء ، وذرفت عينه أي سال دمعها ، ويقال : علله بطعام وغيره أي
شغله به ، والمخدع : البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير وتضم
ميمه وتفتح ، ويقال : صبأ فلان إذا خرج عن دين إلى دين غيره وقد تقلب
الهمزة واوا .
62 - ومن الكتاب المذكور : روي في المراسيل أن الحسن والحسين كان عليهما
ثياب خلق وقد قرب العيد فقالا لامهما فاطمة عليها السلام : إن بني فلان خيطت لهم الثياب
الفاخرة أفلا تخيطين لنا ثيابا للعيد يا اماه ؟ فقالت : يخاط لكما إنشاء الله ، فلما
أن جاء العيد جاء جبرئيل بقميصين من حلل الجنة إلى رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال له
رسول الله صلى الله عليه واله : ما هذا يا أخي جبرئيل ، فأخبره بقول الحسن والحسين لفاطمة
وبقول فاطمة يخاط لكما إنشاء الله ، ثم قال جبرئيل : قال الله تعالى لما سمع قولها :
لانستحسن أن نكذب فاطمة بقولها : يخاط لكما إنشاء الله .
وعن سعيد الحفاظ الديلمي بإسناده عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : بينما أهل الجنة في الجنة يتنعمون ، وأهل النار في النار يعذبون إذا لاهل الجنة
نورساطع ، فيقول بعضهم لبعض : ما هذا النور لعل رب العزة اطلع فنظر إلينا
فيقول لهم رضوان : لا ولكن علي عليه السلام مازح فاطمة فتبسمت فأضاء ذلك النور من
ثناياها .
[ 76 ]
وبالاسناد عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه واله قال : لما اسري بي ودخلت
الجنة بلغت إلى قصر فاطمة فرأيت سبعين قصرا من مرجانة حمراء مكللة باللؤلؤ
أبوابها وحيطانها واسرتها من عرق واحد .
وقال الحسن : ما كان في الدنيا أعبد من فاطمة عليها السلام ، كانت تقوم حتى
تتورم قدماها .
63 - نبه : بينما النبي صلى الله عليه واله والناس في المسجد ينتظرون بلالا أن يأتي فيؤذن
إذ أتى بعد زمان فقال له النبي صلى الله عليه واله : ما حبسك يا بلال ؟ فقال : إني اجتزت
بفاطمة عليها السلام وهي تطحن واضعة ابنها الحسن عند الرحى وهي تبكي ، فقلت لها :
أيما أحب إليك إن شئت كفيتك ابنك ، وإن شئت كفيتك الرحى ، فقالت :
أنا أرفق بابني ، فأخذت الرحى فطحنت فذاك الذي حبسني ، فقال النبي صلى الله عليه واله :
رحمتها رحمك الله .
أقول : روى ابن شيرويه في الفردوس ، عن ابن عباس ، وأبي سعيد ، عن
النبي صلى الله عليه واله قال : فاطمة سيدة نساء العالمين ما خلا مريم بنت عمران .
وعن المسور بن مخرمة عنه صلى الله عليه واله قال : فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني
أو آذاها فقد آذاني .
وعن عمر بن الخطاب عنه صلى الله عليه واله : فاطمة وعلي والحسن والحسين في
حظيرة القدس في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن عزوجل .
أقول : قال السيد ابن طاووس قدس الله روحه في كتاب سعد السعود قال :
وجدت في كتاب ما نزل من القرآن الحكيم في النبي صلى الله عليه واله وأهل بيته عليهم السلام تأليف
محمد بن العباس بن علي بن مروان ، قال : حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد البخاري
عن جعفر بن عبدالله العلوي ، عن يحيى بن هاشم ، عن جعفر بن سليمان ، عن
أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال :
اهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قطيفة منسوجة بالذهب أهداها له
ملك الحبشة ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : لا عطينها رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله
[ 77 ]
ورسوله فمد أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله أعناقهم إليها فقال رسول الله صلى الله عليه واله : أين علي
قال عمار بن ياسر : فلما سمعت ذلك وثبت حتى أتيت عليا عليه السلام فأخبرته فجاء
فدفع رسول الله صلى الله عليه واله القطيفة إليه فقال : أنت لها ، فخرج بها إلى سوق الليل
فنقضها سلكا سلكا فقسمها في المهاجرين والانصار ثم رجع إلى منزله وما معه منها
دينار ، فلما كان من غد استقبله رسول الله صلى الله عليه واله فقال : يا أبا الحسن أخذت أمس
ثلاثة آلاف مثقال من ذهب فأنا والمهاجرون والانصار نتغدى عندك غدا ، فقال علي عليه السلام
نعم يارسول الله .
فلما كان الغد أقبل رسول الله صلى الله عليه واله في المهاجرين والانصار حتى قرعوا
الباب ، فخرج إليهم وقد عرق من الحياء ، لانه ليس في منزله قليل ولا كثير
فدخل رسول الله صلى الله عليه واله ودخل المهاجرون والانصار حتى جلسوا ودخل علي
على فاطمة فإذا هو بجفنة مملوءة ثريدا عليها عراق يفور منها ريح المسك الاذفر
فضرب علي بيده عليها فلم يقدر على حملها ، فعاونته فاطمة على حملها حتى أخرجها
فوضعها بين يدي رسول الله ، فدخل صلى الله عليه واله على فاطمة فقال : أي بنية أنى لك هذا ؟
قالت : يا أبت هومن عندالله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله :
الحمد الله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى رأيت في ابنتي ما رأى زكريا في مريم
بنت عمران ، فقالت فاطمة : يا أبة أنا خير أم مريم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله : أنت
في قومك ، ومريم في قومها .
64 - مصباح الانوار : عن أبي جعفر عليه السلام قال : أقبلت فاطمة عليها السلام إلى
رسول الله صلى الله عليه واله فعرف في وجهها الخمص - قال : يعني الجوع - فقال لها : يا بنية ههنا
فأجلسها على فخذه الايمن ، فقالت : يا أبتاه إني جائعة ، فرفع يديه إلى
السماء فقال : اللهم رافع الوضعة ومشبع الجاعة أشبع فاطمة بنت نبيك ، قال
أبوجعفر عليه السلام : فوالله ما جاعت بعد يومها حتى فارقت الدنيا .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : إن فاطمة بنت محمد وجدت علة فجاءها
رسول الله صلى الله عليه واله عائدا فجلس عندها وسألها عن حالها ، فقالت : إني أشتهي طعاما
[ 78 ]
طيبا ، فقام النبي صلى الله عليه واله إلى طاق في البيت فجاء بطبق فيه زبيب وكعك وأقط وقطف
عنب ( 1 ) فوضعه بين يدي فاطمة عليها السلام فوضع رسول الله صلى الله عليه واله يده في الطبق وسمى الله
وقال : كلوا بسم الله ، فأكلت فاطمة ورسول الله صلى الله عليه واله وعلي والحسن والحسين
فبينما هم يأكلون إذ وقف سائل على الباب فقال : السلام عليكم أطعمونا مما رزقكم
الله ، فقال النبي صلى الله عليه واله : اخسأ ، فقالت فاطمة : يا رسول الله ! ما هكذا تقول
للمسكين ، فقال النبي صلى الله عليه واله إنه الشيطان وأن جبرئيل جاءكم بهذا الطعام من
الجنة فأراد الشيطان أن يصيب منه وما كان ذلك ينبغي له .
وعن حذيفة قال : كان النبي صلى الله عليه واله لا ينام حتى يقبل عرض وجنة فاطمة
عليها السلام أو بيت ثدييها .
وعن جعفر بن محمد عليهما السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه واله لا ينام حتى يضع وجهه


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 78 سطر 11 الى ص 86 سطر 11

الكريم بين ثديي فاطمة عليها السلام .
65 - ع : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن شعيب بن واقد
عن إسحاق بن جعفر بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام
يقول : إنما سميت فاطمة محدثة لان الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما
تنادي مريم بنت عمران فتقول : يا فاطمة " إن الله اصطفيك وطهرك واصطفيك
على نساء العالمين - يا فاطمة - اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين " ( 2 )
فتحدثهم ويحدثونها فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت
عمران ؟ فقالوا : إن مريم كانت سيدة نساء عالمها وإن الله عزوجل جعلك سيدة نساء
عالمك وعالمها وسيدة نساء الاولين والآخرين .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكعك خبز معروف فارسى معرب - . والاقط بفتح الهمزة وكسر القاف وقد
تسكن للتخفيف مع فتح الهمزة وكسرها لبن يابس متحجر يتخذ من مخيض الغنم يقال له
بالفارسية " كشك " - . والقطف بالكسر العنقود .
( 2 ) آل عمران : 37 . 38 . ( * )
[ 79 ]
كتاب دلائل الامامة للطبري عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري عن
الصدوق مثله .
66 - ع : أبي ، عن عبدالله بن الحسن المؤدب ، عن أحمد بن علي الاصبهاني ، عن
إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن إسماعيل بن بشار قال : حدثنا علي بن جعفر الحضرمي
بمصرمنذ ثلاثين سنة ، قال : حدثنا سليمان ، قال محمد بن أبي بكر ، لما قرأ : وما
أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ( 1 ) ولا محدث قلت : وهل يحدث الملائكة
إلا الانبياء ؟ قال : إن مريم لم تكن نبية وكانت محدثة ، وأم موسى بن عمران
كانت محدثة ولم تكن نبية ، وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها
بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ولم تكن نبية ، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله
كانت محدثة ولم تكن نبية .
قال الصدوق - رحمه الله - : قد أخبر الله عزوجل في كتابه بأنه ما أرسل من
النساء أحدا إلى الناس في قوله تبارك وتعالى " وما أرسلناك قبلك إلا رجالا نوحي
إليهم " ( 2 ) ولم يقل نساء ، والمحدثون ليسوا برسل ولا أنبياء .
67 - ير [ كا ] : أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب
عن أبي عبيدة قال : سأل أبا عبدالله عليه السلام بعض أصحابنا ، عن الجعفر ، فقال :
هو جلد ثور مملوء علما ، فقال له : ما الجامعة ؟ قال تلك صحيفة طولها سبعون
ذراعا في عرض الاديم مثل فخذ الفالج فيها كل ما يحتاج الناس إليه وليس من
من قضية إلا وفيها حتى أرش الخدش ، قال له : فمصحف فاطمة ؟ فسكت طويلا
ثم قال : إنكم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون ، إن فاطمة مكثت بعد
رسول الله صلى الله عليه واله خمسة وسبعين يوما وقد كان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان
جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه
ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها ، وكا ن علي عليه السلام يكتب ذلك ، فهذا
مصحف فاطمة .
( 3 ) * ( هامش ) * ( 1 ) الحج : 51 . ( 2 ) الانبياء : 7 ( 3 ) اصول الكافى ج 1 ص 241 . ( * )
[ 80 ]
68 - ير : أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن حماد بن عثمان
قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : تظهرزنادقة سنة ثمانية وعشرين ومائة وذلك
لاني نظرت في مصحف فاطمة ، قال : فقلت : وما مصحف فاطمة ؟ فقال : إن الله
تباك وتعالى لما قبض نبيه صلى الله عليه واله دخل على فاطمة من وفاته من الحزن مالايعلمه
إلا الله عزوجل ، فأرسل إليها ملكا يسلي عنها غمها ويحدثها ، فشكت ذلك إلى
أميرالمؤمنين عليه السلام فقال لها : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي ، فأعلمته
فجعل يكتب كلما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفا ، قال : ثم قال : أما إنه ليس
من الحلال والحرام ، ولكن فيه علم مايكون .
69 - كا : العدة ، عن أحمد بن محمد مثله ( 1 ) .
أقول : قد أوردنا كثيرا من فضائلها ومناقبها وسيرها صلوات الله عليها في باب
غصب فدك وباب فضائل أصحاب الكساء عليهم السلام .
وروى الحسن بن سليمان في كتاب المحتضر من تفسير الثعلبي بإسناده عن
مجاهد قال : خرج رسول الله صلى الله عليه واله وقد أخذ بيد فاطمة عليها السلام وقال : من عرف
هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد وهي بضعة مني وهي قلبي الذي
بين جنبي فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله .
كتاب الدلائل للطبري ، عن أبي الفرج المعافا ، عن إسحاق بن محمد ، عن
أحمد بن الحسن ، عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن جعفر بن محمد ، عن أبيه
عن عمه زيد بن علي قال : حدثتني فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله قالت : قال لي
رسول الله صلى الله عليه واله : ألا ابشرك ؟ إذا أراد الله أن يتحف زوجة وليه في الجنة بعث إليك
تبعثين إليها من حليك . * ( هامش ) * ( 1 ) الكافى ج 1 ص 240 . ( * )
[ 81 ]
4 * ( باب ) *
* ( سيرها ومكارم أخلاقها صلوات الله عليها وسير بعض خدمها ) *
1 - ب : السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما السلام
قال : تقاضى علي وفاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه واله في الخدمة ، فقضى على فاطمة بخدمة
مادون الباب ، وقضى على علي بما خلفه ، قال : فقالت فاطمة : فلا يعلم ما داخلني
من السرور إلا الله بإكفائي رسول الله صلى الله عليه واله تحمل رقاب الرجال .
بيان : تحمل رقاب الرجال أي تحمل امور تحملها رقابهم من حمل
القرب والحطب ، ويحتمل أن يكون كناية عن التبرز من بين الرجال ، أو المشي على
رقاب النائمين عند خروجها ليلا للاستقاء أي التحمل على رقابهم ولا يبعد أن يكون
أصله ما تحمل فاسقطت كلمة " ما " من النساخ .
ثم اعلم أن المعروف في اللغة كفاه لا أكفاه ولعل فيه أيضا تصحيفا ( 1 ) .
2 - ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين عليهما السلام
أنه قال : حدثتني أسماء بنت عميس قالت : كنت عند فاطمة عليها السلام إذ دخل عليها
رسول الله صلى الله عليه واله وفي عنقها قلادة من ذهب كان اشتراها لها علي بن أبي طالب عليه السلام
من فئ ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله : يا فاطمة لا يقول الناس إن فاطمة بنت محمد تلبس
لباس الجبابرة ، فقطعتها وباعتها واشترت بها رقبة فأعتقتها ، فسر بذلك رسول -
الله صلى الله عليه واله .
3 - ع : ابن مقبرة ، عن محمد بن عبدالله الحضرمي ، عن جندل بن والق
عن محمد بن عمر المازني ، عن عبادة الكلبي ، عن جعفربن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن
الحسين ، عن فاطمة الصغرى ، عن الحسين بن علي ، عن أخيه الحسن بن علي بن
أبي طالب عليهم السلام قال : رأيت امي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم
تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات
* ( هامش ) * ( 1 ) بل هو مصدر أكفأ مهموزا والمراد كفاءة الزوجة تحملا مثل تحملا رقاب الرجال .
[ 82 ]
وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ، ولا تدعو لنفسها بشئ ، فقلت لها : يا اماه لم لا تدعين
لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يا بني ! الجار ثم الدار .
4 - ع : أحمد بن محمد بن عبدالرحمن المروزي ، عن جعفر المقري ، عن
محمد بن الحسن الموصلي ، عن محمد بن عاصم ، عن أبي زيد الكحال ، عن أبيه ، عن
موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : كانت فاطمة عليها السلام إذا دعت تدعو
للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها ، فقيل لها : يابنت رسول الله إنك تدعين
للناس ولا تدعين لنفسك ، فقالت : الجار ثم الدار .
5 - ع : القطان ، عن السكري ، عن الحكم بن أسلم ، عن ابن علية ، عن
الحريري ، عن أبي الورد بن ثمامة ، عن علي عليه السلام أنه قال لرجل من بني سعد :
ألا احدثك عني وعن فاطمة إنها كانت عندي وكانت من أحب أهله إليه وأنها
استقت بالقربة حتى أثر في صدرها ، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت
البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأو قدت النار تحت القدرحتى د كنت ثيابها ، فأصابها
من ذلك ضرر شديد .
فقلت لها : لوأتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك ضرما أنت فيه من هذا العمل
فأتت النبي صلى الله عليه واله فوجدت عنده حداثا فاستحت فانصرفت .
قال : فعلم النبي صلى الله عليه واله أنها جاءت لحاجة ، قال : فغداء علينا رسول الله صلى الله عليه واله ونحن
في لفاعنا فقال : السلام عليكم ، فسكتنا واستحيينا لمكاننا ، ثم قال : السلام عليكم فسكتنا
ثم قال : السلام عليكم . فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك
يسلم ثلاثا فان اذن له وإلا انصرف ، فقلت : وعليك السلام يارسول الله ادخل
فلم يعد أن جلس عند رؤوسنا ، فقال : يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد ؟
قال : فخشيت إن لم نجبه أن يقوم قال : فأخرجت رأسي فقلت : أنا والله
اخبرك يارسول الله إنها استقت بالقربة حتى أثرت في صدرها وجرت بالرحى حتى
مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأو قدت تحت القدر حتى
دكنت ثيابها ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك ضرما أنت فيه من هذا
[ 83 ]
العمل ، قال : أفلا اعلمكما ما هو خير لكما من الخادم ؟ إذا أخذتما منامكما فسبحا
ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبرا أربع وثلاثين قال : فأخرجت عليها السلام
رأسها فقالت : رضيت عن الله ورسوله ثلاث دفعات .
بيان : قال الجزري : مجلت يده تمجل مجلا ، إذا ثخن جلدها في العمل
بالاشياء الصلبة ، ومنها حديث فاطمة أنها شكت إلى علي عليه السلام مجل يدها من الطحن .
وقال : في حديث فاطمة : أنها أو قدت القدر حتى دكنت ثيابها ، دكن الثوب
إذا اتسح واغبر لونه يدكن دكنا .
وقال : اللفاع ثوب يجلل به الجسد كله كساء كان أو غير ومنه حديث علي
وفاطمة : وقد دخلنا في لفاعنا أي لحافنا .
وقال : فحديث فاطمة أنها جائت إلى النبي صلى الله عليه واله فوجدت عنده حداثا
أي جماعة يتحدثون ، وهو جمع على غير قياس حملا على نظيره ، نحو سامر وسمار
فان السمار المحدثون .
قوله : فلم يعد أن جلس ، أي لم يتجاوز عن الجلوس من عدايعد وقال الجوهري :
عداه أي جاوزه ، وما عدا فلا ن أن صنع كذا .
6 - كا ، مكا : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه واله إذا
أراد السفر سلم على من أراد التسليم عليه من أهله ثم يكون آخر من يسلم عليه فاطمة عليها السلام فيكون وجهه إلى سفرة من بيتها ، وإذا رجع بدأبها .
فسافر مرة وقد أصاب علي عليه السلام شيئا من الغنيمة فدفعه إلى فاطمة فخرج
فأخذت سوارين من فضة وعلقت على بابها سترا ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه واله دخل
المسجد فتوجه نحوبيت فاطمة كما كان يصنع ، فقامت فرحة إلى أبيها صبابة وشوقا
إليه فنظر فإذا في يدها سواران من فضة وإذا على بابها ستر ، فقعد رسول الله صلى الله عليه واله
حيث ينظر إليها ، فبكت فاطمة وحزنت وقالت : ما صنع هذا بي قلبها .
فدعت ابنيها فنزعت الستر من بابها وخلعت السوارين من يديها ، ثم دفعت
السوارين إلى أحدهما والستر إلى الاخر ثم قالت لهما : انطلقا إلى أبي فأقرئاه
[ 84 ]
السلام وقولا له : ما أحدثنا بعدك غيرهذا فشأنك به ، فجاءاه فأبلغاه ذلك عن امهما
فقبلهما رسول الله صلى الله عليه واله والتزمهما وأقعد كل واحد منهما على فخذه ، ثم أمر
بذينك السوارين فكسرا فجعلها قطعا ثم دعا أهل الصفة [ وهم ] قوم من المهاجرين
لم يكن لهم منازل ولا أموال ، فقسمه بينهم قطعا ، ثم جعل يدعوالرجل منهم العاري
الذي لايستتر بشئ وكان ذلك الستر طويلا ليس له عرض فجعل يؤزر الرجل فاذا
التقيا عليه قطعه حتى قسمه بينهم ازرا ثم أمر النساء لا يرفعن رؤوسهن من الركوع
والسجود حتى يرفع الرجال رؤوسهم ، وذلك أنهم كانوا من صغر إزارهم إذا
ركعوا وسجدوا بدت عورتهم من خلفهم ثم جرت به السنة أن لا يرفع النساء رؤوسهن
من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه واله : رحم الله فاطمة ليكسونها الله بهذا السترمن كسوة
الجنة ، وليحلينها بهذين السوارين من حلية الجنة .
عن الكاظم عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله : دخل على ابنته فاطمة عليها السلام وفي
عنقها قلادة ، فأعرض عنها ، فقطعتها ورمت بهاء ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله : أنت مني
ائتيني يا فاطمة ثم جاء سائل فناولته القلادة .
7 - قب : حلية أبي نعيم ومسند أبي يعلى قالت عائشة : ما رأيت أحدا قط أصدق من
فاطمة غير أبيها .
ورويا أنه كان بينهما شئ فقالت عائشة : يارسول الله سلها فانها لا تكذب وقد
روى الحديثين عطا وعمرو بن دينار .
الحسن البصري : ماكان في هذه الامة أعبد من فاطمة كانت تقوم حتى تورم
قدماها .
وقال النبي صلى الله عليه واله لها : أي شئ خير للمرأة ؟ قالت : أن لا ترى رجلا ولايراها
رجل . فضمها إليه وقال : ذرية بعضها من بعض .
وفي الحلية : الاوزاعي عن الزهري قال : لقد طحنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله
[ 85 ]
حتى مجلت ( 1 ) يداها وطب الرحى في يدها .
بيان : طب أي تأنى في الامور وتلطف ولعل المعنى أثرت فيها قليلا قليلا
ولعل فيه تصحيفا ( 2 ) .
8 - قب : في الصحيحين إن عليا عليه السلام قال أشتكي مما أندء بالقرب فقالت
فاطمة عليها السلام : والله إني أشتكي يدي مما أطحن بالرحى وكان عند النبي صلى الله عليه واله اسارى
فأمرها أن تطلب من النبى صلى الله عليه واله خادما ، فدخلت على النبي صلى الله عليه واله وسلمت عليه و
رجعت ، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : مالك ؟ قالت : والله ما استطعت أن اكلم رسول
الله صلى الله عليه واله من هيبته ، فانطلق علي معها إلى النبي صلى الله عليه واله ، فقال لهما : لقد جاءت
بكما حاجة ، فقال علي : مجاراتهما فقال صلى الله عليه واله : لا ولكني أبيعهم وانفق أثمانهم على أهل
الصفة ، وعلمها تسبيح الزهراء .
كتاب الشيرازي أنها لما ذكرت حالها وسألت جارية بكى رسول الله صلى الله عليه واله فقال :
يا فاطمة والذي بعثني بالحق إن في المسجد أربعمائة رجل مالهم طعام ولاثياب
ولولا خشيتي خصلة لاعطيتك ما سألت ، يا فاطمة إني لااريد أن ينفك عنك أجرك
إلى الجارية ، وإني أخاف أن يخصمك علي بن أبي طالب عليه السلام يوم القيامة بين
يدي الله عزوجل إذا طلب حقه منك ثم علمها صلاة التسبيح فقال أميرالمؤمنين
: مضيت تريدين من رسول الله صلى الله عليه واله الدنيا فأعطانا الله ثواب الآخرة .
[ قال ] قال أبوهريرة : فلما خرج رسول الله صلى الله عليه واله من عند فاطمة أنزل الله
على رسوله " وإما تعرضن عنهم ابتغآء رحمة من ربك ترجوها " يعني عن قرابتك
وابنتك فاطمة ابتغاء مرضاة الله ، يعني طلب رحمة من ربك ، يعني رزقا من ربك
ترجوها " فقل لهم قولا ميسورا " ( 3 ) يعني قولا حسنا .
فلما نزلت هذه الاية أنفذ رسول الله صلى الله عليه واله جارية إليها للخدمة وسماها فضة .
تفسير الثعلبي ، عن جعفر بن محمد عليهما السلام ، وتفسير القشيري ، عن جابر الانصاري أنه
* ( هامش ) * ( 1 ) مجلت يده قرحت يده او تجمع ماء فيها بين الجلد واللحم بسبب العمل .
( 2 ) بل المراد بالطب أن تجعل طبابة أى سيرا من الجلد على الرحى فتمسكها بيدها
وتدير . ( 3 ) الاسراء : 30 . ( * )
[ 86 ]
رأى النبي صلى الله عليه واله فاطمة وعليها كساء من أجلة الابل وهي تطحن بيديها وترضع
ولدها ، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه واله فقال : يابنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة
الآخرة ، فقالت : يارسول الله الحمد لله على نعمائه ، والشكر لله على آلائه
فأنزل الله " ولسوف يعطيك ربك فترضى " ( 1 ) .
ابن شاهين في مناقب فاطمة ، وأحمد في مسند الانصار بإسنادهما عن أبي هريرة
وثوبان أنهما قالا : كان النبي صلى الله عليه واله يبدأ في سفره بفاطمة ويختم بها ، فجعلت
وقتا سترا من كساء خيبرية لقدوم أبيها وزوجها فلما رآه النبي صلى الله عليه واله تجاوز عنها
وقد عرف الغضب في وجهه حتى جلس عند المنبر فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها
ونزعت الستر فبعثت به إلى أبيها وقالت : اجعل هذا في سبيل الله فلما أتاه قال عليه السلام :
قد فعلت فداها أبوها ثلاث مرات مالال محمد وللدنيا فانهم خلقوا للاخرة وخلقت
الدنيا لهم .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 86 سطر 12 الى ص 94 سطر 12

وفي رواية أحمد : فان هؤلاء أهل بيتي ولا احب أن يأكلوا طيباتهم في
حياتهم الدنيا .
أبوصالح المؤذن في كتابه بالاسناد عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه واله دخل على
ابنته فاطمة فإذا في عنقها قلادة ، فأعرض عنها ، فقطعها فرمت بها ، فقال رسول الله :
أنت مني يا فاطمة ثم جاءها سائل فناولته القلادة .
أبوالقاسم القشيري في كتابه : قال بعضهم : انقطعت في البادية عن القافلة
فوجدت امرأة ، فقلت لها : من أنت ؟ فقالت " وقل سلام فسوف تعلمون ( 2 ) فسلمت
عليها ، فقلت : ما تصنعين ههنا ؟ قالت : " من يهدي الله فلا مضل له " ( 3 ) فقلت : أمن
الجن أنت أم من الانس ؟ قالت : " يا بني آدم خذوا زينتكم " ( 4 ) فقلت : من أين
* ( هامش ) * ( 1 ) الضحي : 5 . ( 2 ) الزخرف : 89 .
( 3 ) لم نجد بهذا اللفظ آية في القرآن والموجود فيه : الزمر : 38 ومن يهدى
الله فماله من مضل . ( 4 ) الاعراف : 29 . ( * )
[ 87 ]
أقبلت ؟ قالت : " ينادون من مكان بعيد " ( 1 ) فقلت : أين تقصدين ؟ قالت : " ولله على
الناس حج البيت " ( 2 ) فقلت : متى انقطعت ؟ قالت : " ولقد خلقنا السموات والارض
في ستة أيام " ( 3 ) فقلت : أتشتهين طعاما ؟ فقالت : " وما جعلناهم جسدا لا يأكلون
الطعام ( 4 ) فأطعمتها ، ثم قلت : هرولي ولا تعجلي ، قالت : " لا يكلف الله نفسا إلا
وسعها " ( 5 ) فقلت : أردفك ؟ فقالت : " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ( 6 ) فنزلت
فأركبتها ، فقالت : " سبحان الذي سخرلنا هذا " ( 7 ) .
فلما أدركنا القافلة قلت : ألك أحد فيها ؟ قالت : " يا داود إنا جعلناك
خليفة في الارض " ( 8 ) " وما محمد إلا رسول " ( 9 ) " يايحيى خذ الكتاب " ( 10 )
" ياموسى إني أنا الله " ( 11 ) فصحت بهذه الاسماء ، فإذا أنا بأربعة شباب متوجهين
نحوها ، فقلت : من هؤلاء منك ؟ قالت : " المال والبنون زينة الحيوة الدنيا " ( 12 )
فلما أتوها قالت : " يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين " ( 13 )
فكافوني بأشياء فقالت : " والله يضاعف لمن يشاء " ( 14 ) فزادوا على فسألتهم عنها فقالوا :
هذه امنا فضة جارية الزهراء عليها السلام ما تكلمت منذ عشرين سنة إلا بالقرآن .
9 - قية : من كتاب زهد النبي صلى الله عليه واله لابي جعفر أحمد القمي أنه لما نزلت
هذه الاية على النبي صلى الله عليه واله " وإن جهنم لموعدهم أجمعين * لها سبعة أبواب لكل
باب منهم جزء مقسوم " ( 15 ) بكى النبي صلى الله عليه واله بكاء شديدا وبكت صحابته لبكائه
* ( هامش ) * ( 1 ) فصلت : 44 . ( 2 ) آل عمران : 91 .
( 3 ) ق : 37 بزيادة : وما بينهما . بعد الارض .
( 4 ) الانبياء : 8 . ( 5 ) البقرة : 286 .
( 6 ) الانبياء : 22 . ( 7 ) الزخرف : 12 .
( 8 ) ص : 25 . ( 9 ) آل عمران : 138 .
( 10 ) مريم : 13 . ( 11 ) طه : 11 و 13 .
( 12 ) الكهف : 44 . ( 13 ) القصص : 26 .
( 14 ) البقرة : 263 . ( 15 ) الحجر : 43 و 44 . ( * )
[ 88 ]
ولم يدروا ما نزل به جبرئيل عليه السلام ، ولم يستطع أحد من صحابته أن يكلمه .
وكان النبي صلى الله عليه واله إذا رأى فاطمة عليها السلام فرح بها ، فانطلق بعض أصحابه إلى
باب بيتها ، فوجد بين يديها شعيرا وهي تطحن فيه وتقول : " وما عندالله خير و
أبقي " ( 1 ) فسلم عليها وأخبرها بخبر النبي صلى الله عليه واله وبكائه .
فنهضت والتفت بشملة لها خلقة قد خيطت في اثني عشر مكانا بسعف النخل ، فلما
خرجت نظر سلمان الفارسي إلى الشملة وبكى وقال : واحزناه إن [ بنات ] قيصر
وكسرى لفي السندس والحرير ، وابنة محمدصلى الله عليه واله عليها شملة صوف خلقة قد خيطت
في اثنى عشر مكانا .
فلما دخلت فاطمة على النبي صلى الله عليه واله قالت : يارسول الله إن سلمان تعجب
من لباسي ، فوالذي بعثك بالحق مالي ولعلي منذ خمس سنين إلا مسك كبش نعلف
عليها بالنهار بعيرنا ، فاذا كان الليل افترشناه وإن مرفقتنا لمن أدم حشوها ليف فقال
النبي صلى الله عليه واله : ياسلمان إن ابنتي لفي الخيل السوابق .
ثم قالت : ياأبت فديتك ما الذي أبكاك ؟ فذكرلها ما نزل به جبرئيل من
الايتين المتقدمتين قال : فسقطت فاطمة عليها السلام على وجهها وهي تقول : الويل ثم الويل
لمن دخل النار ، فسمع سلمان فقال : ياليتني كنت كبشا لاهلي فأكلوا لحمي و
مزقوا جلدي ولم أسمع بذكر النار ، وقال أبوذر : يا ليت امي كانت عاقرا ولم
تلدني ولم أسمع بذكر النار ، وقال مقداد : يا ليتني كنت طائرا في القفار ولم
يكن علي حساب ولا عقاب ولم أسمع بذكر النار ، وقال علي عليه السلام : ياليت السباع
مزقت لحمي وليت امي لم تلدني ولم أسمع بذكر النار .
ثم وضع علي عليه السلام يده على رأسه وجعل يبكي ويقول : وا بعد سفراه !
واقلة زاداه في سفر القيامة يذهبون في النار ويتخطفون ، مرضى لايعاد سقيمهم ، و
جرحى لايداوى جريحهم ، وأسرى لا يفك أسرهم ، من النار يأكلون ، ومنها يشربون
وبين أطباقها يتقلبون ، وبعد لبس القطن مقطعات النار يلبسون ، وبعد معانقة الازواج
* ( هامش ) * ( 1 ) القصص : 60 . ( * )
[ 89 ]
مع الشياطين مقرنون .
10 - كشف : من مسند أحمد بن حنبل ( 1 ) عن ثوبان مولى رسول الله قال : كان
رسول الله إذا سافر آخر عهده بانسان من أهله فاطمة ، وأول من يدخل عليه إذا قدم
فاطمة عليها السلام قال : فقدم من غزاة فأتا فاذا هو بمسح على بابها ورأى على الحسن والحسين
عليهما السلام قلبين من فضة فرجع ولم يدخل عليها فلما رأت ذلك فاطمة ظنت أنه لم يدخل
عليها من أجل ما رأى ، فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما ، فبكى
الصبيان فقسمته بينهما ، فانطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه واله وهما يبكيان فأخذه رسول الله
صلى الله عليه وآله منهما وقال : يا ثوبان اذهب بهذا إلى بني فلان أهل بيت بالمدينة
واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج ، فإن هؤلاء أهل بيتي ولا احب
أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا .
بيان : القلب بالضم : السوار ، قال الجزري : في حديث ثوبان أن فاطمة
حلت الحسن والحسين بقلبين من فضة ، القلب : السوار .
وقال : وفيه أنه قال لثوبان : اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج
قال الخطابي في المعالم : إن لم تكن الثياب اليمانية فلا أدري ماهو وما أرى أن
القلادة تكون منها ، وقال أبوموسى : يحتمل عندي أن الرواية إنما هي العصب
بفتح الصادو هو أطناب مفاصل الحيوان ، وهو شئ مدور فيحتمل أنهم كانوا يأخذون
عصب بعض الحيوانات الطاهرة فيقطعونه ويجعلونه شبه الخرز فإذا يبس يتخذون
منه القلائد وإذا جاز وأمكن أن يتخذ من عظام السلحفاة وغيرها الاسورة جاز
وأمكن أن يتخذ من عصب أشباهها خرز ينظم القلائد .
قال : ثم ذكر لي بعض أهل اليمن أن العصب سن دابة بحرية تسمى :
فرس فرعون يتخذ منها الخرز وغير الخرز من نصاب سكين وغيره ، ويكون أبيض .
11 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن فرات
ابن أحنف قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ليس على وجه الارض بقلة أشرف
ولا أنفع من الفرفخ وهوبقلة فاطمة عليها السلام ، ثم قال : لعن الله بني امية هم سموها
* ( هامش ) * ( 1 ) والظاهر انه منقول من كتاب معالم العترة ، راجع المصدر ج 2 ص 6 . ( * )
[ 90 ]
بقلة الحمقاء بغضا لنا وعداوة لفاطمة عليها السلام .
12 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي يحيى الواسطي
عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : بقلة رسول الله صلى الله عليه واله الهندباء ، و
بقلة أميرالمؤمنين عليه السلام الباذروج ، وبقلة فاطمة عليها السلام الفرفخ .
13 - يب : محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن محسن بن
أحمد ، عن محمدبن جناب ، عن يوسن ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن فاطمة عليها السلام
كانت تأتي قبور الشهداء في كل غداة سبت فتأتي قبر حمزة وتترحم عليه ، وتستغفر له .
14 - فس : " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم
شيئا إلا باذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون " ( 1 ) قال : فانه حدثني أبي ، عن
محمد بن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
كان سبب نزول هذه الاية أن فاطمة عليها السلام رأت في منامها أن رسول
الله صلى الله عليه واله هم أن يخرج هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام من المدينة فخرجوا
حتى جاوزوا من حيطان المدينة ، فتعرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه واله
ذات اليمين حتى انتهى بهم إلى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله صلى الله عليه واله شاة
كبراء - وهي التي في إحدى اذنيها نقط بيض - فأمر بذبحها فلما أكلوا ماتوا في
مكانهم ، فانتبهت فاطمة باكية ذعرة فلم تخبر رسول الله صلى الله عليه واله بذلك .
فلما أصبحت جاء رسول الله صلى الله عليه واله بحمار فأركب عليه فاطمة عليها السلام وأمر أن
يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام من المدينة كما رأت فاطمة في نومها
فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض له طريقان فأخذ رسول الله صلى الله عليه واله ذات اليمين
كما رأت فاطمة حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله صلى الله عليه واله
شاة كما رأت فاطمة عليها السلام فأمر بذبحها ، فذبحت وشويت .
فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة وتنحت ناحية منهم تبكي مخافة أن يموتوا
فطلبها رسول الله صلى الله عليه واله حتى وقع عليها وهي تبكي فقال : ما شأنك يا بنية ؟ قالت : * ( هامش ) * ( 1 ) المجادلة : 11 . ( * )
[ 91 ]
يارسول الله إني رأيت البارحة كذا وكذا في نومي وقدفعلت أنت كما رأيته
فتنحيت عنكم فلا أراكم تموتون .
فقام رسول الله صلى الله عليه واله فصلى ركعتين ثم ناجى ربه ، فنزل عليه جبرئيل
فقال : يا محمد هذا شيطان يقال له : الدهار وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا
ويؤذي ( 1 ) المؤمنين في نومهم ما يغتمون به ، فأمر جبرئيل فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه واله
فقال له : أنت أريت فاطمة هذه الرؤيا ؟ فقال : نعم يا محمد فبزق عليه ثلاث بزقات
فشجه في ثلاث مواضع .
ثم قال جبرئيل لمحمد : قل يا محمد إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه أو
رأى أحد من المؤمنين فليقل : أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياؤه
المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت [ و ] من رؤياي ويقرأ الحمد والمعوذتين
وقل هو الله أحد ويتفل عن يساره ثلاث تفلات ، فإنه لايضره ما رأى وأنزل الله
على رسوله " إنما النجوى من الشيطان " الآية .
بيان : ما رأيت كبراء وأشكالها فيما عندنا من كتب اللغة بهذا المعنى .
15 - شى : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : رأت فاطمة عليها السلام في النوم
كأن الحسن والحسين ذبحا أو قتلا فأحزنها ذلك ، فأخبرت به رسول الله صلى الله عليه واله فقال :
يا رؤيا ! فتمثلت بين يديه قال : أنت أريت فاطمة هذا البلاء ؟ قالت : لا فقال : يا
أصغاث ! أنت أريت فاطمة هذا البلاد ؟ قالت : نعم يارسول الله ، قال : فما أردت
بذلك ؟ قالت : أردت أن أحزنها ، فقال لفاطمة : اسمعي ليس هذا بشئ
16 - نوادر الرواندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال علي عليه السلام استأذن أعمى على فاطمة عليها السلام فحجبته فقال رسول الله صلى الله عليه واله لها :
لم حجبتيه وهو لايراك ؟ فقالت عليها السلام : إن لم يكن يراني فاني أراه وهو يشم الريح
فقال رسول الله صلى الله عليه واله : أشهد أنك بضعة مني .
* ( هامش ) * ( 1 ) يرى ، ظ . ( * )
[ 92 ]
وبهذا الاسناد قال : سأل رسول الله صلى الله عليه واله أصحابه عن المرأة ماهي ، قالوا :
عورة ، قال : فمتى تكون أدنى من ربها ؟ فلم يدروا ، فلما سمعت فاطمة عليها السلام ذلك
قالت : أدنى ما تكون من ربها أن تلزم قعربيتها ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : إن فاطمة
بضعة مني .
5 * ( باب ) *
* " ( تزويجها صلوات الله عليها ) " *
1 - قل : باسناده إلى شيخنا المفيد في كتاب حدائق الرياض قال : ليلة إحدى
وعشرين من المحرم وكانت ليلة خميس سنة ثلاث من الهجرة كان زفاف فاطمة
ابنة رسول الله صلى الله عليه واله إلى منزل أميرالمؤمنين عليه السلام يستحب صومه شكرالله تعالى
لما وفق من جمع حجته وصفوته .
ومن تاريخ بغداد باسناده إلى ابن عباس قال : لما زفت فاطمة عليها السلام
إلى علي عليه السلام كان النبي صلى الله عليه واله قدامها ، وجبرئيل عن يمينها ، وميكائيل عن
يسارها وسبعون ألف ملك خلفها يسبحون الله ويقدسونه حتى طلع الفجر .
2 - مصباح : في أول يومن من ذي الحجة زوج رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة عليها السلام
من أميرالمؤمنين عليه السلام وروي أنه كان يوم السادس .
3 - ن : جعفر بن نعيم الشاذاني ، عن أحمد بن إدريس ، عن ابن هاشم ، عن
علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا ، عن
أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه واله يا علي لقد
عاتبني رجال من قريش في أمر فاطمة ، وقالوا : خطبناها إليك فمنعتنا وزوجت
عليا ، فقلت لهم : والله ما أنا منعتكم وزوجته ، بل الله منعكم وزوجه ، فهبط
علي جبرئيل فقال : يا محمد إن الله جل جلاله يقول : لو لم أخلق عليا لما كان
[ 93 ]
لفاطمة ابنتك كفو على وجه الارض آدم فمن دونه .
ن : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن علي بن معبد مثله .
4 - ما : المفيد ، عن محمد بن الحسين ، عن الحسين بن محمد الاسدي ، عن جعفر
بن عبدالله العلوي ، عن يحيى بن هاشم الغساني ، عن محمد بن مروان ، عن جويربن
سعد ، عن الضحاك بن مزاحم قال : سمعت علي بن أبيطالب عليه السلام يقول : أتاني أبوبكر
وعمر فقالا : لو أتيت رسول الله صلى الله عليه واله فذكرت له فاطمة .
قال : فأتيته فلما رآني رسول الله صلى الله عليه واله ضحك ثم قال : ما جاء بك يا
أبا الحسن حاجتك ؟ قال : فذكرت له قرابتي وقدمي في الاسلام ونصرتي له وجهادي
فقال : يا علي صدقت فأنت أفضل مما تذكر ، فقلت : يا رسول الله فاطمة
تزوجنيها ، فقال : يا علي إنه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرأيت
الكراهة في وجهها ، ولكن على رسلك حتى أخرج إليك .
فدخل عليها ، فقامت فأخذت رداءه ونزعت نعليه وأتته بالوضوء فوضأته
بيدها وغسلت رجليه ، ثم قعدت ، فقال لها : يا فاطمة ! فقالت : لبيك لبيك حاجتك
يارسول الله ؟ قال : إن علي بن أبيطالب من قد عرفت قرابته وفضله وإسلامه و
إني قد سألت ربي أن يزوجك خير خلقه وأحبهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئا
فما ترين ؟ فسكتت ولم تول وجهها ولم يرفيه رسول الله صلى الله عليه واله كراهة : فقام وهو
يقول : الله أكبر سكوتها إقراها .
فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد زوجها علي بن أبيطالب فان الله قد رضيها له ورضيه لها ، قال علي : فزوجني رسول الله صلى الله عليه واله ثم أتاني فأخذ بيدي فقال : قم
بسم الله وقل على بركة الله وما شاء الله لا قوة إلا بالله توكلت على الله ، ثم جاءني
حتى أقعدني عندها عليها السلام ، ثم قال : اللهم إنهما أحب خلقك إلي فأحبهما
وبارك في ذريتهما ، واجعل عليهما منك حافظا ، وإني اعيذهما بك وذريتهما من
الشيطان الرجيم .
بيان : الرسل بالكسر التأني والرفق .
[ 94 ]
5 - ما : جماعة عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري ، عن خاله ، عن الاشعري
عن البرقي ، عن ابن أسباط ، عن داود ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : لما زوج رسول الله صلى الله عليه واله عليا فاطمة عليهما السلام دخل عليا وهي تبكي
فقال لها : ما يبكيك ؟ فوالله لو كان في أهل بيتي خير منه زوجتك ، وما أنا
زوجتك ولكن الله زوجك وأصدق عنك الخمس ما دامت السموات والارض .
قال علي : عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه واله : قم فبع الدرع ، فقمت فبعته وأخذت
الثمن ، ودخلت على رسول الله صلى الله عليه واله ، فسكبت الدارهم في حجره ، فلم يسألني
كم هي ولا أنا أخبرته ، ثم قبض قبضة ودعا بلالا فأعطاه فقال : ابتع لفاطمة
طيبا ، ثم قبض رسول الله صلى الله عليه واله من الدراهم بكلتا يدية فأعطاه أبابكر وقال :
ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت وأردفه بعمار بن ياسر وبعدة من أصحابه .
فحضروا السوق فكانوا يعرضون الشئ مما يصلح ، فلا يشترونه حتى يعرضوه
على أبي بكر فإن استصلحه اشتروه .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 94 سطر 13 الى ص 102 سطر 13

فكان مما اشتروه : قميص بسبعة دارهم ، وخمار بأربعة دراهم وقطيفة سوداء
خيبرية ، وسرير مزمل بشريط ، وفراشين من خيش مصر حشو أحدهما ليف وحشو
الآخرين من جز الغنم ، وأربع مرافق من أدم الطائف ، حشوها أذخر ، وستر من صوف
وحصير هجري ( 1 ) ، ورحى لليد ، ومخضب من نجاس ، وسقاء من أدم ، وقعب للبن
وشن للماء ، ومطهرة مزفتة ( 2 ) وجرة خضراء ، وكيزان خزف حتى إذا استكمل
الشراء حمل أبوبكر بعض المتاع ، وحمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله الذين كانوا
معه الباقي .
فلما عرض المتاع على رسول الله صلى الله عليه واله جعل يقلبه بيده ويقول : بارك الله
لاهل البيت .
* ( هامش ) * ( 1 ) قال الفيروز آبادى : هجر محركة بلدة باليمن بينه وبين عثر يوم وليلة مذكر
مصروف وقد يؤنث ويمنع والنسبة هجرى وهاجرى واسم لجميع ارض البحرين ، وقرية كانت
قرب المدينة . ( 2 ) المزفت : المطلى بالزفت . ( * )
[ 95 ]
قال علي عليه السلام : فأقمت بعد ذلك شهرا اصلي مع رسول الله صلى الله عليه واله وأرجع إلى منزلي ، ولا أذكر شيئا من أمر فاطمة عليها السلام ثم قلن أزواج رسول الله صلى الله عليه واله :
ألا نطلب لك من رسول الله صلى الله عليه واله دخول فاطمة عليك ؟ فقلت : افعلن ، فدخلن عليه
فقالت ام أيمن : يارسول الله لو أن خديجة باقية لقرت عينها بزفاف فاطمة وإن
عليا يريد أهله ، فقر عين فاطمة ببعلها واجمع شملها وقر عيوننا بذلك ، فقال :
فما بال علي لا يطلب مني زوجته ، فقد كنا نتوقع ذلك منه ، قال علي : فقلت :
الحياء يمنعني يارسول الله .
فالتفت إلى النساء فقال : من ههنا ؟ فقالت ام سلمة : أنا ام سلمة وهذه
زينب ، وهذه فلانة وفلانة ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله هيئوا لابنتي وابن عمي في
حجري بيتا ، فقالت ام سلمة : في أي حجرة يارسول الله ؟ فقال رسول الله : في
حجرتك وأمر نساءه أن يزين ويصلحن من شأنها .
قالت ام سلمة : فسألت فاطمة : هل عندك طيب ادخرتيه لنفسك ؟ قالت : نعم
فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قط ، فقلت
ماهذا ؟ فقالت : كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله صلى الله عليه واله فيقول لي : يافاطمة
هات الوسادة فاطر حيها لعمك ، فأطرح له الوسادة فيجلس عليا ، فاذا نهض سقط
من بين ثيابه شئ فيأمرني بجمعه ، فسأل علي عليه السلام رسول الله صلى الله عليه واله عن ذلك
فقال : هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل .
قال علي : ثم قال لي رسول الله صلى ا لله عليه واله : يا علي اصنع لاهلك طعاما فاضلا
ثم قال : من عندنا اللحم والخبز ، وعليك التمر والسمن ، فاشتريت تمرا وسمنا
فحسر رسول الله صلى الله عليه واله عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه
حيسا ، وبعث إلينا كبشا سمينا فذبح ، وخبزلنا خبز كثير .
ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه واله : ادع من أحببت ، فأتيت المسجد وهو مشحن
بالصحابة ، فأحييت أن أشخص قوما وأدع قوما ، ثم صعدت على ربوة هناك وناديت :
أجيبوا إلى وليمة فاطمة ، فأقبل الناس أرسالا ، فاستحييت من كثرة الناس وقلة
[ 96 ]
الطعام ، فعلم رسول الله صلى الله عليه واله ما تداخلني فقال : يا علي إني سأدعو الله بالبركة
قال علي : فأكل القوم عن آخرهم طعامي ، وشربوا شرابي ، ودعوا لي بالبركة و
صدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل ، ولم ينقص من الطعام شئ .
ثم دعا رسول الله صلى الله عليه واله بالصحاف فملئت ووجه بها إلى منازل أزواجه ، ثم
أخذ صحفة وجعل فيها طعاما وقال : هذا لفاطمة وبعلها حتى إذا انصرفت الشمس
للغروب قال رسول الله صلى الله عليه واله : يا ام سلمة هلمي فاطمة ، فانطلقت فأتت بها وهي
تسحب أذيالها ، وقد تصببت عرقا حياء من رسول الله صلى الله عليه واله ، فعثرت . فقال رسول
الله صلى الله عليه واله : أقالك الله العثرة في الدنيا والآخرة .
فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها علي عليه السلام ، ثم
أخذ يدها فوضعها في يد علي عليه السلام وقال : بارك الله لك في ابنة رسول الله يا علي
نعم الزوجة فاطمة ، ويا فاطمة نعم البعل علي انطلقا إلى منزلكما ولا تحدثا أمرا
حتى آتيكما .
قال علي : فأخذت بيد فاطمة وانطلقت بها حتى جلست في جانب الصفة
وجلست في جانبها وهي مطرقة إلى الارض حياء مني وأنا مطرق إلى الارض
حياء منها .
ثم جاء رسول الله صلى الله عليه واله فقال : من ههنا ؟ فقلنا : ادخل يارسول الله مرحبا
بك زائرا وداخلا ، فدخل ، فأجلس فاطمة من جانبه ثم قال : يا فاطمة ايتيني بماء
فقامت إلى قعب في البيت فملاته ماء ثم أتته به ، فأخذ جرعة فتمضمض
بها ثم محبها في القعب ثم صب منها على رأسها ، ثم قال : أقبلي ! فلما أقبلت
نضح منه بين ثدييها ، ثم قال : أدبري ، فأدبرت فنضح منه بين كتفيها ثم قال :
" اللهم هذه ابنتي وأحب الخلق إلى ، اللهم وهذا أخي وأحب الخلق إلي
اللهم اجعله لك وليا وبك حفيا ، وبارك له في أهله ، ثم قال : يا علي ادخل بأهلك
بارك الله لك ورحمة الله وبركاته عليكم إنه حميد مجيد .
بيان : مزمل أي ملفوف ، والشريط : خوص مفتول يشرط به السرير ونحوه
[ 97 ]
وقال الفيروز آبادي : الخيش : ثياب في نسجها رقة وخيوطها غلاظ من مشاقة الكتان
أو من أغلظ العصب ، قوله : من جز الغنم بالكسر أي الصوف الذي جز من الغنم
والمخضب كمنبر : المركن .
قوله : فقر عين فاطمة ، ظاهره أنه بصيغة الامربناء على أن مجردة يكون
متعديا أيضا ، لكنه لم يرد فيما عندنا من كتب اللغة .
وقال الجوهري : جمع الله شملهم ، أي ما تشتت من أمرهم ، وشتت الله شمله
أي ما اجتمع من أمره ، وقال : الشدخ كسر الشئ الاجوف ، وقال : الحيس
هو تمر يخلط بسمن وأقط ، والسحب الجر ، والقعب قدح من خشب ، قوله صلى الله عليه واله :
وبك حفيا ، قال الجوهري : تقول : حفيت به بالكسر أي بالغت في إكرامه
وإلطافه - انتهى - أي مطيعا لك غاية الاطاعة أو مشفقا على الخلق ناصحا لهم بسبب
إطاعة أمرك .
6 - ما : جماعة ، عن أبي غالب الزراري ، عن الكليني ، عن عدة من أصحابه
عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن الخيبري ، عن يونس بن ظبيان ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : لو لا أن الله خلق أميرالمؤمنين لفاطمة ماكان لها
كفو على الارض .
7 - ما : روي أن أمير المؤمنين عليه السلام دخل بفاطمة بعد وفاة اختهار قية زوجة
عثمان بستة عشر يوما ، وذلك بعد رجوعه من بد ر ، وذلك لايام خلت من شوال
وروي أنه دخل بها يوم الثلثا لست خلون من ذي الحجة والله تعالى أعلم .
8 - ل : الطالقاني ، عن الحسن بن علي العدوي ، عن عمروبن المختار
عن يحيى الحماني ، عن قيس بن الربيع ، عن الاعمش ، عن عباية بن ربعي
عن أبي أيوب الانصاري قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله مرض مرضة فأتته فاطمة عليها السلام
تعوده وهو ناقه ( 1 ) من مرضه ، فلما رأت مابرسول الله صلى الله عليه واله من الجهد
* ( هامش ) * ( 1 ) يقال : نقه المريض من علته اذا برئ وأفاق لكن فيه ضعف لم يرجع إلى
كمال قوته بعد ، فهو ناقه . ( * )
[ 98 ]
والضعف خنقتها العبرة حتى جرت دمعتها على خدها ، فقال النبي صلى الله عليه واله لها :
يا فاطمة إن الله جل ذكره اطلع إلى الارض اطلاعة فاختار منها بعلك ، فأوحى
إلي فأنكحتكه ، أما علمت يا فاطمة أن لكرامة الله إياك زوجك أقدمهم سلما
أعظمهم حلما ، وأكثرهم علما .
قال : فسرت بذلك فاطمة عليها السلام ، واستبشرت بما قال لها رسول الله صلى الله عليه واله
فأراد رسول الله صلى الله عليه واله أن يزيدها مزيد الخير كله من الذي قسمه الله له ولمحمد
وآل محمد .
فقال : يا فاطمة لعلي ثمان خصال : إيمانه بالله وبرسوله ، وعلمه ، وحكمته
وزوجته ، وسبطاه الحسن والحسين ، وأمره بالمعروف ، ونهيه عن المنكر ، وقضاؤه
بكتاب الله .
يا فاطمة إنا أهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها أحمد من الاولين قبلنا
ولا يدكها أحد من الاخرين بعدنا : نبينا خير الانبياء وهو أبوك ، ووصينا خير
الاوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا سيد الشهداء وهو حمزة عم أبيك ، ومنا من له جناحان
يطيربهما في الجنة وهو جعفر ، و منا سبطا هذه الامة وهما ابناك .
9 - لى : أبي ، والعطار ، عن محمد العطار ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن
أبي أحمد الازدي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن
عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن الله تبارك وتعالى آخى بيني وبين علي بن
أبي طالب وزوجه ابنتي من فوق سبع سماواته ، وأشهد على ذلك مقربي ملائكته
وجعله لي وصيا وخليفة ، فعلي مني وأنا منه ، محبه محبي ، ومبغضه مبغضي
وإن الملائكة لتتقرب إلى الله بمحبته .
10 - لى : ابن الوليد ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم
عن الحسين بن أبي العلا ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام
دخلت ام أيمن على النبي صلى الله عليه واله وفي ملحفتها شئ ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله :
ما معك يا ام أيمن فقالت إن فلانة أملكوها فنثروا عليها فأخذت من نثارها
[ 99 ]
ثم بكت ام أيمن وقالت : يارسول الله فاطمة زوجتها ولم تنثر عليها شئيا ، فقال
رسول الله صلى الله عليه واله : يا ام أيمن لم تكذبين ، فان الله تبارك وتعالى لما زوجت فاطمة
عليا عليهما السلام أمر أشجار الجنة أن تنثر عليهم من حليها وحللها وياقوتها ودرها
وزمردها واستبرقها " فأخذوا منها مالا يعلمون ، ولقد نحل الله طوبى في مهر
فاطمة عليها السلام فجعلها في منزل علي عليه السلام .
شى : عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله .
11 - فس : أبي ، عن بعض أصحابه رفعه قال : كانت فاطمة عليها السلام لايذكرها
أحد لرسول الله صلى الله عليه واله إلا أعرض عنه حتى آيس الناس منها ، فلما أراد أن يزوجها
من علي أسر إليها فقالت : يارسول الله أنت أولى بما ترى غير أن نساء قريش
تحدثني عنه أنه رجل دحداح البطن ، طويل الذراعين ، ضخم الكراديس ، أنزع
عظيم العينين والسكنة [ مشاشار كمشاشير البعير ( 1 ) ] ضاحك السن ، لا مال له .
فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله : يا فاطمة أما علمت أن الله أشرف على الدنيا فاختارني
على رجال العالمين ، ثم اطلع فاختار عليا على رجال العالمين ، ثم اطلع فاختارك
على نساء العالمين ؟ .
يا فاطمة إنه لما اسري بي إلى السماء وجدت مكتوبا على صخرة بيت المقدس :
لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أيدته بوزيره ، ونصرته بوزيره ، فقلت لجبرئيل :
ومن وزيري ؟ فقال : علي بن أبي طالب .
فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها : إني أنا الله لا إله إلا .
إنا وحدى ، محمد صفوتي من خلقي أيدته بوزيره ، ونصرته بوزيره ، فقلت لجبرئيل :
ومن وزيري ؟ قال : علي بن أبي طالب عليه السلام .
فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين ، وجدت مكتوبا على
* ( هامش ) * ( 1 ) الظاهر أن الصحيح هكذا : مشاشاه كمشاشى البعير ، فصحف ، وقد ذكر في كتاب
الصفين في حليته عليه السلام : عظيم المشاشين كمشاش السبع الضارى بلفظ التثنية ، وقال الجزرى
جليل المشاش اى عظيم رؤوس العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين ، وهذا واضح . ( * )
[100]
قائمة من قوائم العرش : أنا الله لا إله إلا أنا محمد حبيبي أيدته بوزيره ونصرته
بوزيره .
فلما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار علي وما في الجنة
قصر ولا منزل إلا وفيها فتر منها وأعلاها أسفاط حلل من سندس واستبرق يكون
للعبد المؤمن ألف ألف سفط في كل سفط مائة ألف حلة ما فيه حلة تشبه الاخرى على ألوان
مختلفة ، وهو ثياب أهل الجنة ، وسطها ظل ممدود ، عرض الجنة كعرض السماء
والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسوله ، يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة
مائة عام فلا يقطعه وذلك قوله " وظل ممدود " ( 1 ) وأسفلها ثمارأهل الجنة وطعامهم
متدلل في بيوتهم يكون في القضيب منها مائة لون من الفاكهة مما رأيتم في دار الدنيا
وما لم تروه ، وما سمعتم به ومالم تسمعوا مثلها ، وكلما يجتنى منها شئ نبتت
مكانها اخرى ، لا مقطوعة ، ولا ممنوعة ، ويجري نهرفي أصل تلك الشجرة تنفجر
منها الانهار الاربعة " أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه
وأنها من خمر لذة لشاربين ، وأنهار من عسل مصفى " ( 2 ) .
يافاطمة إن الله أعطاني في علي سبع خصال : هو أول من ينشق عنه القبر
معي ، وهو أول من يقف معي على الصراط فيقول للنار خذي ذاوذري ذا ، وأول
من يكسى إذا كسيت ، وأول من يقف معي على يمين العرش ، وأول من يقرع
معي باب الجنة ، وأول من يسكن معي عليين ، وأول من يشرب معي من الرحيق
المختوم " ختامه مسك وفي ذلك فليتنا فس المتنافسون " .
يافاطمة هذا ما أعطاه الله عليا في الآخرة وأعد له في الجنة إذا كان في
الدنيا لا مال له .
فأما ماقلت : إنه بطين ، فانه مملوء من علم خصة الله به وأكرمه من بين امتي .
* ( هامش ) * ( 1 ) الواقعة : 29 .
( 2 ) القتال : 17 . ( * )
[101]
وأما ما قلت : إنه أنزع عظيم العينين فإن الله خلقه بصفة آدم عليه السلام . وأما
طول يديه فإن الله عزوجل طولها يقتل بها أعداءه وأعداء رسوله ، وبه يظهر الله
الدين ولو كره المشركون ، وبه يفتح الله الفتوح ، ويقاتل المشركين على تنزيل القرآن
والمنافقين من أهل البغى والنكث والفسوق على تأويله . ويخرج الله من صلبه
سيدي شباب أهل الجنة ، ويزين بهما عرشه .
يا فاطمة ما بعث الله نبيا إلا جعل له ذرية من صلبه وجعل ذريتي من صلب
علي ، ولو لا علي ما كانت لي ذرية .
فقالت فاطمة : يارسول الله ما أختار عليه أحدا من أهل الارض ، فزوجها
رسول الله صلى الله عليه واله فقال ابن عباس عند ذلك : والله ما كان لفاطمة كفو غير علي عليه السلام .
ايضاح : الدحداح القصير السمين واندح بطنه اندحاحا : اتسع ، وكل
عظمين التقيا في مفصل فهو كردوس ، نحو المنكبين والركبتين والوركين
والانزع هو الذي انحسر الشعر عن جانبي جبهته ، والسكنة كقرحه مقر الرأس
من العنق ، ولم أجد لمشاشار معنى في اللغة ، ولعله كان في الاصل : له مشاش
كمشاش البعير ، والمشاش رؤوس العظام ، ولم تكن تلك الفقرة في بعض النسخ
وهو أصوب ( 1 ) .
قوله : إلا وفيها فتر ، بالفاء المكسورة : مابين طرف الابهام وطرف المشيرة
وفي بعضها بالقاف قال الفيروز آبادي : القتر القدر ويحرك وفي بعضها قنو بالكسر
أي عذق ، والتدلل : التدلي ، والاسن الاجن المتغير ، وقد مر شرح سائر أجزاء
الخبر في كتاب الفقن وكتاب أحوال أميرالمؤمنين عليه السلام .
12 - لى : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن سلمة بن الخطاب ، عن إبراهيم
ابن مقاتل ، عن حامد بن محمد ، عن عمربن هارون ، عن الصادق ، عن آبائه
عن علي عليهم السلام قال : لقد هممت بتزويج فاطمة ابنة محمد صلى الله عليه واله ولم أتجرء * ( هامش ) * ( 1 ) وذلك لان معنى قوله : " ضخم الكراديس " هو معنى قوله " مشاشاه كمشاشى البعير " ( * )
[102]
أن أذكر ذلك للنبي وأن ذلك ليختلج في صدري ليلي ونهاري حتى دخلت على
رسول الله صلى الله عليه واله فقال : يا علي قلت : لبيك يارسول الله ، قال : هل لك في
التزويج ؟ قلت : رسول الله أعلم ، وإذا هو يريد أن يزوجني بعض نساء قريش
وإني لخائف على فوت فاطمة .
فما شرعت بشئ إذ أتاني رسول رسول الله صلى الله عليه واله فقال لي : أجب النبي صلى الله عليه واله
وأسرع ، فما زأينا رسول الله صلى الله عليه واله أشد فرحا منه اليوم .
قال : فأتيته مسرعا فإذا هو في حجرة ام سلمة فلما نظر إلي تهلل وجهه
فرحا وتبسم حتى نظرت إلى بياض أسنانه يبرق ، فقال : ابشر يا علي فإن الله
عزوجل قد كفاني ما قدكان أهمني من أمر تزويجك ، فقلت : وكيف ذلك
يارسول الله ؟ .
قال : أتاني جبرئيل ومعه من سنبل الجنة وقرنفلها فناولنيهما ، فأخذتهما
وشممتهما ، فقلت : ما سبب هذا السنبل والقرنفل ؟ فقال : إن الله تبارك وتعالى
أمر سكان الجنان من الملائكة ومن فيها أن يزينوا الجنان كلها بمغارسها وأشجارها


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 102 سطر 14 الى ص 110 سطر 14

وثمارها وقصورها ، وأمر ريحها فهبت بأنواع العطر والطيب ، وأمر حور عينها
بالقراءة فيها بسورة طه وطواسين ويس وحمعسق ، ثم نادى مناد من تحت
العرش : ألا إن اليوم يوم وليمة علي بن أبي طالب عليه السلام ألا إني اشهدكم أني قد
زوجت فاطمة بنت محمد من علي بن أبيطالب رضى مني بعضهما لبعض .
ثم بعث الله تبارك وتعالى سحابة بيضاء فقطرت عليهم من لؤلؤ ها وزبرجدها
ويواقيتها ، وقامت الملائكة فنثرت من سنبل الجنة وقرنفلها ، هذا مما نثرت
الملائكة .
ثم أمر الله تبارك وتعالى ملكا من ملائكة الجنة يقال له : راحيل وليس في الملائكة
أبلغ منه فقال : اخطب ياراحيل ، فخطب بخطبة لم يسمع بمثلها أهل السماء ولا
أهل الارض .
ثم نادى مناد : ألا يا ملائكتي وسكان جنتي ! باركوا علي علي بن
[103]
أبي طالب حبيب محمد وفاطمة بنت محمد ، فقد باركت عليهما ، ألا إني قد زوجت أحب
النساء إلي من أحب الرجال إلي بعد النبيين والمرسلين .
فقال راحيل الملك : يارب وما بركتك فيهما بأكثر ممارأينا لهما في جنانك
ودارك ؟ فقال عزوجل : يا راحيل إن من بركتي عليهما أن أجمعهما على محبتي
وأجعلهما حجة على خلقي ، وعزتي وجلالي لاخلقن منهما خلقا ، ولانشأن منهما
ذرية أجعلهم خزاني في أرضي ، ومعادن لعلمي ، ودعاة إلى ديني ، بهم أحتج
على خلقي بعد النبيين والمرسلين .
فابشر يا علي فان الله عزوجل أكرمك كرامة لم يكرم بمثلها أ حدا ، وقد
زوجتك ابنتي فاطمة على ما زوجك الرحمان ، وقد رضيت لها بما رضي الله لها
فدونك أهلك فإنك أحق بها مني وقد أخبرني جبرئيل عليه السلام أن الجنة مشتاقة
إليكما ، ولو لا أن الله عزوجل قدر أن يخرج منكما ما يتخذه على الخلق حجة
لاجاب فيكما الجنة وأهلها ، فنعم الاخ أنت ، ونعم الختن أنت ، ونعم الصاحب أنت
وكفاك برضى الله رضى .
قال علي عليه السلام : فقلت : يارسول الله بلغ من قدري حتى أني ذكرت في
الجنة وزوجني الله في ملائكته ؟ فقال : إن الله عزوجل إذا أكرم وليه وأحبه
أكرمه بما لاعين رأت ولا اذن سمعت ، فحباها الله لك يا علي ، فقال علي عليه السلام : " رب
أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي " ( 1 ) فقال رسول الله صلى الله عليه واله : آمين .
ن : محمد بن علي بن الشاة ، عن أحمد بن المظفر ، عن محمد بن زكريا ، عن
مهدي بن سابق ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام مثله .
ن : الدقاق ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن أحمد بن الحارث
عن أبي معاوية ، عن الاعمش ، عن الصادق عليه السلام ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام مثله .
13 - فر : عقبة بن مكرم الضبي ، عن محمد بن علي بن عمرو ، عن عمرو بن
عبدالله بن هارون الطوسي ، عن أحمد بن عبدالله الشيباني ، عن محمد بن جعفر بن محمد بن
علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام مثله ، وفي آخره : فانما حباك
* ( هامش ) * ( ) النمل : 19 . ( * )
[104]
الله في الجنة بما لا عين رأت ، ولا اذن سمعت ، فقال علي بن أبيطالب عليه السلام : يارب
أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه
وأصلح لي في ذريتي ، فقال النبي صلى الله عليه واله : آمين يارب العالمين ويا خير الناصرين .
14 - ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : كان
فراش علي وفاطمة حين دخلت عليه إهاب كبش إذا أراد أن يناما عليه قلبها فناما
على صوفه ، قال : وكانت وسادتهما أدما حشوا ليف ، قال : وكان صداقها درعا
من حديد .
15 - ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن أحمد بن الحسن ، عن موسى
ابن إبراهيم المروزي ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام ، عن جابر
ابن عبدالله قال : لما زوج رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة من علي أتاه اناس من قريش فقالوا :
إنك زوجت عليا بمهر خسيس ، فقال : ما أنا زوجت عليا ، ولكن الله عزوجل
زوجه ليلة اسري بي عند سدرة المنتهى ، أوحى الله إلى السدرة أن انثري ما عليك
فنثرت الدر والجوهر والمرجان ، فابتدر الحورالعين فالتقطن ، فهن يتهادينه ويتفاخرن
ويقلن : هذا من نثار فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله .
فلما كانت ليلة الزفاف أتى النبي ببغلته الشهباء ، وثنى عليها قطفة ، وقال
لفاطمة : اركبي وأمر سلمان أن يقودها والنبي صلى الله عليه واله يسوقها ، فبينما هو في بعض
الطريق إذ سمع النبي صلى الله عليه واله وجبة فاذا هو بجبرئيل في سبعين ألفا ، وميكائل في
سبعين ألفا ، فقال النبي صلى الله عليه واله : ما أهبطكم إلى الارض ؟ قالوا : جئنا نزف فاطمة
إلى علي بن أبي طالب فكبر جبرئيل ، وكبر ميكائيل ، وكبرت الملائكة ، وكبر
محمد صلى الله عليه واله ، فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة .
بيان : الوجبة السقطة مع الهدة [ أ ] وصوت الساقط ، وفي بعض النسخ وحية
بالحاء المهملة الياء المثناة ، والوحي الكلام الخفي .
16 - ن : باسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال النبي صلى الله عليه واله :
ما زوجت فاطمة إلا [ بعد ] ما أمرني الله عز وجل بتزويجها .
[105]
17 - ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : أتاني ملك فقال : يا محمد إن الله يقرء عليك السلام ويقول
لك : قد زوجك فاطمة من علي فزوجها منه ، وقد أمرت شجرة طوبى أن تحمل
الدر والياقوت والمرجان ، وإن أهل السماء قد فرحوا لذلك ، وسيولد منها ولدان
سيدا شباب أهل الجنة ، وبهما يزين أهل الجنة ، فابشريا محمد فانك خير الاولين
والآخرين .
صح : عنه عليه السلام مثله .
18 - ما : الحفار ، عن الجعابي ، عن علي بن أحمد العجلي ، عن عباد بن
يعقوب ، عن عيسى بن عبدالله العلوي ، عن أبيه ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه السلام
قال : جاء رسول الله صلى الله عليه واله يطلبني فقال : أين أخي يا ام أيمن ؟ قالت : ومن
أخوك ؟ قال : علي . قالت : يارسول الله تزوجه ابنتك وهو أخوك ، قال : نعم ، أما
والله يا ام أيمن لقد زوجتها كفوا شريفا وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين .
19 - ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن علي بن
حبيش ، عن العباش بن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن الحسين بن
أبي غندر ، عن إسحاق بن عمار وأبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله تبارك
وتعالى أمهر فاطمة عليها السلام ربع الدنيا ، فربعها لها ، وأمهرها الجنة والنار ، تدخل
أعداءها النار ، وتدخل أولياء ها الجنة ، وهي الصديقة الكبرى ، وعلى معرفتها دارت
القرون الاولى .
20 - ب : محمد بن الوليد ، عن ابن بكير ، قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول :
زوج رسول الله صلى الله عليه واله عليا فاطمة صلوات الله عليهما على درع له حطمية تسوى
ثلاثين درهما .
أقول : سيأتي في تزويج أبي جعفر الثاني عليه السلام أنه قال : إن محمد
ابن علي بن موسى ، يخطب ام الفضل بنت عبدالله المأمون ، وبذل لها من الصداق
مهر جدته فاطمة وهو خمس مائة درهم جياد .
[106]
21 - يج : روي أنه لما كان وقت زفاف فاطمة عليها السلام اتخذ النبي صلى الله عليه واله
طعاما وخبيصا ، وقال لعلي : ادع الناس ، قال علي عليه السلام : جئت إلى الناس فقلت :
أجيبوا الوليمة ، فأقبلوا ، فقال النبي صلى الله عليه واله : أدخل عشرة ، فدخلوا وقدم إليهم
الطعام والثريد ، فأكلوا ، ثم أطعمهم السمن والتمر فلا يزداد الطعام إلا بركة
فلما أطعم الرجال عمد إلى ما فضل منها ، فتفل فيها وبارك عليها ، وبعث منها إلى
نسائه ، وقال : قل لهن : كلن وأطمعن من غشيكن .
ثم إن رسول الله صلى الله عليه واله دعا بصحفة فجعل فيها نصيبا فقال : هذالك ولاهلك .
وهبط جبرئيل في زمرة من الملائكة بهدية . فقال لام سلمة : املئي القعب ماء
فقال لي : يا علي اشرب نصفه ، ثم قال لفاطمة : اشربي وأبقي ، ثم أخذ الباقي
فصبه على وجهها ونحرها ثم فتح السلة فاذا فيها كعك وموز وزبيب ، فقال : هذا
هدية جبرئيل ثم أقلب من يده سفرجلة فشقها نصفين وأعطى عليا وقال : هذه
هدية من الجنة إليكما وأعطى عليا نصفا وفاطمة نصفا .
22 - قب : ابن عباس وابن مسعود وجابر والبراء وأنس وام سلمة والسدي
وابن سيرين والباقر عليه السلام في قوله تعالى " وهوالذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا
وصهرا " ( 1 ) قالوا : هو محمد وعلي والحسن والحسين عليهم السلام " وكا ربك قديرا "
القائم في آخر الزمان لانه لم يجتمع نسب وسبب في الصحابة والقرابة إلا له
فلاجل ذلك استحق الميراث بالنسب والسبب وفي رواية " البشر " الرسول " والنسب "
فاطمة ، و " الصهر " علي عليه السلام .
تفسير الثعلبي قال ابن سيرين : نزلت في النبي وعلي زوج فاطمة وهو ابن عمه
وزوج ابنته ، فكان نسبا وصهرا .
ابن الحجاج : بالمصطفى وبصره * ووصية يوم الغدير
كعب بن زهير : صهر النبي وخير الناس كلهم
الصادق عليه السلام أوحى الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه واله : قل لفاطمة لا تعصي عليا فانه
* ( هامش ) * ( 1 ) الفرقان : 56 . ( * )
[107]
إن غضب غضبت لغضبه .
عوتب النبي صلى الله عليه واله في أمر فاطمة فقال : لو لم يخلق الله علي بن أبي طالب
ما كان لفاطمة كفو ، وفي خبر : لولاك لما كان لها كفو على وجه الارض .
المفضل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لولا أن الله تعالى خلق أمير المؤمنين
لم يكن لفاطمة كفو على وجه الارض آدم فمن دونه .
وقالوا : تزوج النبي صلى الله عليه واله من الشيخين وزوج من عثمان بنتين ؟ قلنا :
التزويج لايدل على الفضل وإنما هو مبني على إظهار الشهادتين ثم إنه صلى الله عليه واله
تزوج في جماعة وأما عثمان ففي زواجه خلاف كثير وأنه كان زوجهما من
كافرين قبله وليست حكم فاطمة مثل ذلك لانها وليدة الاسلام ومن أهل العباء و
المباهلة والمهاجرة في أصعب وقت ، وورد فيها آية التطهير ، وافتخر جبرئيل بكونه
منهم ، وشهد الله لهم بالصدق ، ولها امومة الائمة إلى يوم القيامة ، ومنها الحسن
والحسين ، وعقب الرسول صلى الله عليه واله ، وهي سيدة نساء العالمين ، وزوجها من أصلها
وليس بأجنبي ، وأما الشيخان فقد توسلا إلى النبي صلى الله عليه واله بذلك ، وأما علي
فتوسل النبي صلى الله عليه واله إليه بعد مارد خطبتهما ، والعاقد بينهما هو الله تعالى ، والقابل
جبرئيل ، والخاطب راحيل ، والشهود حملة العرش ، وصاحب النثار رضوان ، وطبق
النثار شجرة طوبى ، والنثار الدر والياقوت والمرجان ، والرسول هو المشاطة ، و
أسماء صاحبه الحجلة ، ووليد هذا النكاح الائمة عليهم السلام .
ابن شاهين المروزي في كتاب فضائل فاطمة عليها السلام بإسناده عن الحسين بن واقد
عن أبي بريدة ، عن أبيه ، والبلاذري في التاريخ بأسانية ه أن أبابكر خطب إلى
النبي صلى الله عليه واله فاطمة عليهما السلام فقال : أنتظر لها القضاء ، ثم خطب إليه عمر ، فقال : أنتظرلها القضاء الخبر .
مسند أحمد وفضائله وسنن أبي داود ، وإبانة ابن بطة ، وتاريخ الخطيب ، و
كتاب ابن شاهين واللفظ له بالاسناد عن خالد الحذاء وأبي أيوب وعكرمة وأبي نجيح
وعبيدة بن سليمان كلهم عن ابن عباس أنه لما زوج النبي صلى الله عليه واله فاطمة عليا قال له
[108]
النبي أعطها شيئا ، قال : ما عندي شئ ، قال : فأين درعك الحطمية - وفي رواية
غيره أنه قال علي : عندي - قال : فأعطها إياها .
تاريخي الخطيب والبلاذري وحلية أبي نعيم ، وإبانة العكبري : سفيان الثوري
عن الاعمش ، عن ا لثوري ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، قال : أصاب فاطمة صبيحة
يوم العرس رعدة ، فقال لها النبي صلى الله عليه واله : يا فاطمة زوجتك سيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ، يافاطمة لما أراد الله تعالى أن املكك بعلي أمر الله
تعالى جبرئيل فقام في السمآء الرابعة فصف الملائكة صفوفا ثم خطب عليهم فزوجك
من علي ، ثم أمر الله سبحانه شجر الجنان فحملت الحلي والحلل ، ثم أمرها فنثرته
على الملائكة ، فمن أخذ منهم يومئذ شيئا أكثر مما أخذ غيره افتخر به إلى يوم القيامة
قالت ام سلمة : لقد كانت فاطمة عليها السلام تفتخر على النساء لانها من خطب عليها
جبرئيل عليه السلام .
[ و ] قد اشتهر في الصحاح بالاسانيد عن أميرالمؤمنين عليه السلام وابن عباس وابن مسعود
وجابر الانصاري وأنس بن مالك والبراء بن عازب وام سلمة بألفاط مختلفة ومعاني
متفقة أن أبابكر وعمر خطبا إلى النبي صلى الله عليه واله فاطمة مرة بعد اخرى ، فردهما .
وروى أحمد في الفضايل عن بريدة أن أبابكر وعمر حطبا إلى النبي صلى الله عليه واله
فاطمة فقال : إنها صغيرة .
وروى ابن بطة في الابانة أنه خطبها عبدالرحمان فلم يجبه ، وفي رواية غيره
أنه قال : بكذا من المهر . فغضب صلى الله عليه واله ومديده إلى حصى فرفعها فسبحت في يده فجعلها
في ذيله فصارت دار ومرجانا يعرض به جواب المهر .
ولما خطب علي عليه السلام قال : سمعتك يارسول الله تقول كل سبب ونسب منقطع
إلا سببي ونسبي ، فقال النبي صلى الله عليه واله : أما السبب فقدسبب الله ، وأما النسب فقد
قرب اله ، وهش وبش في وجهه وقال : ألك شئ ازوجك منها ؟ فقال : لايخفى
عليك حالي إن لي فرسا وبغلا وسيفا ودرعا ، فقال : بع الدرع .
وروى أنه أتى سلمان إليه وقال : أجب رسول الله صلى الله عليه واله فلما دخل عليه
[109]
قال : ابشريا علي فان الله قد زوجك بها في السماء قبل أن ازوجكها في الارض
ولقد أتاني ملك وقال : ابشر يا محمد باجتماع الشمل وطهارة النسل ، قلت : وما
اسمك ؟ قال : نسطائيل من موكلى قوائم العرش ، سألت الله هذه البشارة وجبرئيل
على أثري .
أبوبريدة ، عن أبيه أن عليا عليه السلام خطب فاطمة فقال له النبي صلى الله عليه واله : مرحبا
وأهلا ، فقيل لعلي : يكفيك من رسول الله صلى الله عليه واله إحداهما : أعطاك الاهل ، وأعطاك
الرحب .
ابن بطة وابن المؤذن والسمعاني في كتبهم بالاسناد عن ابن عباس وأنس بن
مالك قالا : بينما رسول الله صلى الله عليه واله جالس إذ جاء علي فقال : يا علي ما جاء بك ؟
قال : جئت اسلم عليك ، قال : هذا جبرئيل يخبرني أن الله عزوجل زوجك
فاطمة وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك وأوحى الله إلى شجرة طوبى أن انثري
عليهم الدر والياقوت ، فنثرت عليهم الدر والياقوت ، فابتدرن إليه الحور العين
يلتقطن في أطباق الدر والياقوت ، وهن يتهادينه بينهن إلى يوم القيامة ، وكانوا
يتهادون ويقولون : هذه تحفة خير النساء .
وفي رواية ابن بطة عن عبدالله : فمن أخذ منه يومئذ شيئا أكثر مما أخذ
صاحبه أو أحسن افتخر به على صاحبه إلى يوم القيامة .
ابن مردويه في كتابه باسناده عن علقمة قال : لما تزوج علي فاطمة تناثر
ثمار الجنة على الملائكة .
عبدالرزاق بإسناده إلى ام أيمن في خبر طويل عن النبي صلى الله عليه واله : وعقد
جبرئيل وميكائيل في السماء نكاح علي وفاطمة ، فكان جبرئيل المتكلم عن علي
وميكائيل الراد عني .
وفي حديث خباب بن الارت أن الله تعالى أوحى إلى جبرئيل : زوج النور
من النور ، وكان الولي الله ، والخطيب جبرئيل ، والمنادي ميكائيل ، والداعي
إسرافيل ، والناثر عزرائيل ، والشهود ملائكة السماوات والارضين ثم أوحى إلى
[110]
شجرة طوبى أن انثري ما عليك ، فنثرت الدر الابيض والياقوت الاحمر والزبرجد
الاخضر واللؤلؤ الرطب ، فبادرن الحور العين يلتقطن ويهدين بعضهن إلى
بعض .
الصادق عليه السلام في خبر : أنه دعاه رسول الله صلى الله عليه واله وقال : ابشر يا علي فان
الله قد كافني ماكان همني ( 1 ) من تزويجك .
ثم ذكر ابن شهر آشوب مختصرا مما مربرواية الصدوق رحمه الله ثم قال :
وقد جاء في بعض الكتب أنه خطب راحيل في البيت المعمور في جميع من أهل
السماوات السبع ، فقال :
الحمد الله الاول قبل أولية الاولين ، الباقي بعد فناء العالمين ، نحمده إذ
جعلنا ملائكة روحانيين ، وبربوبيته مذعنين ، وله على ما أنعم علينا شاكرين
حجبنا من الذنوب ، وسترنا من العيوب ، أسكننا في السماوات ، وقربنا إلى
السرادقات ، وحجب عنا النهم للشهوات ، وجعل نهمتنا ( 2 ) وشهوتنا في تقديسه
وتسبيحه . الباسط رحمته ، الواهب نعمته ، جل عن إلحاد أهل الارض من المشركين
وتعالى بعظمته عن إفك الملحدين - ثم قال بعد كلام - اختار الملك الجبار صفوة


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 110 سطر 15 الى ص 118 سطر 15

كرمه ، وعبد عظمته لامته سيدة النساء ، بنت خير النبيين ، وسيد المرسلين
وإمام المتقين ، فوصل حبله بحبل رجل من أهله وصاحبه ، المصدق دعوته ، المبادر
إلى كلمته ، علي الوصول بفاطمة البتول ابنة الرسول .
وروي أن جبرئيل روى عن الله تعالى عقيبها قوله عز وجل : الحمد
ردائي ، والعظمة كبريائي ، والخلق كلهم عبيدي وإمائي زوجت فاطمة أمتي من
علي صفوتي ، اشهدوا ملائكتي .
وكان بين تزويج أميرالمؤمنين وفاطمة عليهما السلام في السماء إلى تزويجهما في
الارض أربعين يوما ، زوجها رسول الله صلى الله عليه واله من علي أول يوم من ذي الحجة
وروي أنه كان يوم السادس منه .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر ج 3 ص 347 : " من همتى " .
( 2 ) النهمة : بلوغ الهمة والشهوة في الشئ . ( * )
[111]
23 - مع ، ل ، لي : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن المعلى ، عن البزنطي
عن علي بن جعفر قال : سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يقول : بينا رسول الله صلى الله عليه واله
جالس إذ دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : حبيبي
جبرئيل ! لم أرك في مثل هذه الصورة ، فقال الملك : لست بجبرئيل ، أنا محمود
بعثني الله عزوجل أن ازوج النور من النور ، قال : من ممن ؟ فقال : فاطمة من
علي ، قال : فلما ولى الملك إذا بين كتفيه : محمد رسول الله ، علي وصيه فقال له
رسول الله صلى الله عليه واله : منذ كم كتب هذا بين كتفيك ؟ فقال : من قبل أن يخلق الله
عزوجل آدم باثنين وعشرين ألف عام .
24 - قب : عن علي بن جعفر مثله ثم قال : وفي رواية بأربعة وعشرين
ألف عام .
عبدالله بن ميمون حدثنا أبوهيريرة ، عن أبي الزبير ، عن جابر الانصاري [ في ]
حديث محمود ، وأنبأني أبو [ يعلى ] العطار وأبوالمؤيد الخطيب بنحوهذا الخبر إلا أنهما
رويا : ملك له عشرون رأسا في كل رأس ألف لسان ، وكان اسم الملك صرصائيل .
أبوبكر مردويه في فضائل أميرالمؤمنين بالاسناد عن أنس بن مالك ، وكتاب
أبي القاسم سليمان الطبري بإسناده عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن إبراهيم
عن مسروق ، عن ابن مسعود كلاهما أن النبي صلى الله عليه واله قال : إن الله تعالى أمرني
أن ازوج فاطمة من علي .
كتاب ابن مردويه ، قال ابن سيرين : قا ل عبيدة : إن عمر بن الخطاب
ذكر عليا فقال : ذاك صهر رسول الله صلى الله عليه واله نزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه واله
فقال : إن الله يأمرك أن تزوج فاطمة من علي .
ابن شاهين بالاسناد عن أبي أيوب ، قال النبي صلى الله عليه واله : امرت بتزويجك
من البيضاء ، وفي رواية من السماء .
الضحاك أن النبي صلى الله عليه واله قال لفاطمة : إن علي بن أبي أبيطالب ممن قد
عرفت قرابته وفضله من الاسلام ، وإني سألت ربي أن يزوجك خير خلقه و
[112]
أحبهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئا فما ترين ؟ فسكتت ، فخرج رسول الله صلى الله عليه واله
وهو يقول : الله أكبر ، سكوتها إقرارها .
وروى ابن مردويه أنه صلى الله عليه واله قال لعلي : تكلم خطيبا لنفسك ، فقال :
الحمد الله الذي قرب من حامديه ، ودنا من سائليه ، ووعد الجنة من يتقيه
وأنذر بالنار من يعصيه ، نحمده على قديم إحسانه وأياديه ، حمد من يعلم أنه خالقه
وباريه ، ومميته ومحييه ، ومسائله عن مساويه ، ونستعينه ونستهديه ، ونؤمن به
ونستكفيه ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، شهادة تبلغه وترضيه
وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه واله ، صلاة تزلفه وتحظيه ، وترفعه وتصطفيه ، والنكاح مما
أمر الله به ويرضيه ، واجتماعنا مما قدره الله وأذن فيه ، وهذا رسول الله صلى الله عليه واله زوجني
ابنته فاطمة على خمس مائة درهم ، وقد رضيت ، فاسأوله واشهدوا .
وفي خبر : وقد زوجتك ابنتي فاطمة على ما زوجك الرحمن ، وقد رضيت بما
رضي الله لها فدونك أهلك فإنك أحق بها مني .
وفي خبر فنعم الاخ أنت ، ونعم الختن أنت ، ونعم الصاحب أنت ، وكفاك
برضى الله رضى ، فخر علي ساجدا شكرا لله تعالى وهو يقول : " رب أوزعني أن أشكر
نعمتك التي أنعمت علي " الآية ( 1 ) فقال النبي صلى الله عليه واله : آمين ، فلما رفع رأسه
قال النبي صلى الله عليه واله ، بارك الله عليكما ، وبارك فيكما ، وأسعد جدكما ، وجمع
بينكما ، وأخرج منكما الكثير الطيب ، ثم أمر النبي صلى الله عليه واله بطبق بسر وأمر بنهبه
ودخل حجرة النساء وأمر بضرب الدف .
الحسين بن علي عليهما السلام في خبر : زوج النبي صلى الله عليه واله فاطمة عليا على أربع مائة
وثمانين درهما ، وروي أن مهرها أربعمائة مثقال فضة ، وروي أنه كان خمسمائة
درهم ، وهو أصح .
وسبب الخلاف في ذلك ماروى عمرو بن أبي المقدام وجابر الجعفي ، عن
* ( هامش ) * ( 1 ) النمل : 19 . ( * )
[113]
أبي جعفر عليه السلام قال : كان صداق فاطمة برد حبرد ، وإهاب شاة على عرار ( 1 )
وروي عن الصادق عليه السلام قال : كان صداق فاطمة درع حطمية وإهاب كبش أوجدي .
رواه أبويعلى في المسند ، عن مجاهد .
كافي الكليني زوج النبي صلى الله عليه واله من علي على جرد برد .
وقيل للنبي صلى الله عليه واله : قد علمنا مهر فاطمة في الارض فما مهرها في السماء ؟ قال :
سل عما يعنيك ودع مالا يعنيك ، قيل : هذا مما يعنينا يارسول الله ، قال : كان
مهرها في السماء خمس الارض فمن مشى عليها مغضبا ( 2 ) لها ولولدها مشى عليها
حراما إلى أن تقوم الساعة .
وفي الجلاء والشفاء في خبر طويل عن الباقر عليه السلام وجعلت نحلتها من علي خمس
الدنيا وثلث الجنة ( 3 ) وجعلت لها في الارض أربعة أنهار : الفرات ، ونيل مصر
ونهروان ، ونهر بلخ ، فزوجها أنت يامحمد بخمسمائة درهم تكون سنة لامتك .
وفي حديث خباب بن الارت ثم قال النبي صلى الله عليه واله : زوجت فاطمة ابنتي منك
بأمر الله تعالى على صداق خمس الارض وأربعمائة وثمانين درهما ، الاجل خمس
الارض ، والعاجل أربعمائة وثمانين درهما .
وقد روي حديث خمس الارض عن الصادق عليه السلام عن يعقوب بن شعيب .
إسحاق بن عمار وأبوبصير قال الصادق عليه السلام : إن الله تعالى مهر فاطمة ربع الدنيا
فربعها لها ، ومهرها الجنة والنار فتدخل أولياءها الجنة وأعداءها النار .
أمالي أبي جعفر الطوسي ، قال الصادق عليه السلام في خبر : وسكب الدراهم في
حجره فأعطى منها قبضة كانت ثلاثة وستين أو ستة وستين إلى ام أيمن لمتاع البيت
وقبضة إلى أسماء بنت عميس للطيب ، وقبضة إلى إم سلمة للطعام ، وأنفذ عمارا
وأبابكر وبلالا لابتياع مايصلحها .
* ( الهامش ) * ( 1 ) الحبرة كعنبة : ثوب يصنع باليمن من قطن أو كتان . والاهاب : الجلد مالم يدبغ
والعرار : نبنت طيب الرائحة . ( 2 ) في المصدر : مبغضا .
( 3 ) في المصدر : وثلثى الجنة راجع ج 3 ص 351 ط المطبعة العلمية . ( * )
[114]
أقول : ثم ذكر نحوا مما نقلنا عن أمالي الشيخ إلى قوله وجرة خضراء
وكيزان خزف ، ثم قال : وفي رواية ونطع من أدم ، وعباء قطواني وقربة ماء .
وهب بن وهب القرشي ، وكان من تجهيز علي داره انتشار رمل لين ، ونصب
خشبة من حائط إلى حائط للثياب ، وبسط إهاب كبش ، ومخدة ليف .
أبوبكر مردويه في حديثه : فمكث علي تسعة وعشرين ليلة ، فقال له جعفر
وعقيل : سله أن يدخل عليك أهلك ، فعرفت ام أيمن ذلك وقالت : هذا من أمر
النساء : وخلت به ام سلمة فطالبته بذلك ، فدعاه النبي صلى الله عليه واله وقال : حبا وكرامة
فأتى الصحابة بالهدايا فأمر بطحن البر وخبزه وأمر عليا بذبح البقر والغنم ، فكان
النبي صلى الله عليه واله يفصل ولم ير على يده أثردم ، فلما فرغوا من الطبخ أمر النبي صلى الله عليه واله
أن ينادي على رأس داره : أجيبوا رسول الله ، وذلك كقوله " وأذن في الناس
بالحج " ( 1 ) .
فأجابوا من النخلات والزروع ، فبسط النطوع في المسجد وصدر الناس وهم
أكثر من أربعة آلاف رجل وسائر نساء المدينة ، ورفعوا منها ما أرادو ولم ينقص
من الطعام شئ ، ثم عادوا في اليوم الثاني وأكلوا ، وفي اليوم الثالث أكلوا مبعوثة
أبي أيوب .
ثم دعا رسول الله صلى الله عليه واله بالصحاف فملئت ووجه إلى منازل أزواجه ، ثم أخذ
صفحة وقال : هذا لفاطمة وبعلها ، ثم دعا فاطمة وأخذ يدها فوضعها في يد علي
وقال : بارك الله لك في ابنة رسول الله ياعلي ! نعم الزوج فاطمة ، ويا فاطمة نعم
البعل علي .
وكان النبي صلى الله عليه واله أمر نساءه أن يزينها ويصلحن من شأنها في حجرة ام سلمة
فاستدعين من فاطمة عليها السلام طيبا فأتت بقارورة ، فسئلت عنها فقالت : كان دحية الكلبي
يدخل على رسول الله صلى الله عليه واله فيقول لي : يافاطمة هاتي الوسادة فاطرحيها لعمك
فكان إذا نهض سقط من بين ثيابه شئ فيأمرني بجمعه ، فسئل رسول الله صلى الله عليه وال عن
* ( هامش ) * ( 1 ) الحج : 28 . ( * )
[115]
ذلك فقال : هو عنبريسقط من أجنحة جبرئيل ، وأتت بماء ورد فسألت ام سلمة عنه
فقالت : هذا عرق رسول الله صلى الله عليه واله كنت آخذه عند قيلولة النبي صلى الله عليه واله عندي .
وروي أن جبرئيل أتى بحلة قيمتها الدنيا ، فلما لبستها تحيرت نسوة قريش
منها ، وقلن من أين لك هذا ؟ قالت : هذا من عندالله .
تاريخ الخطيب ، وكتاب ابن مردويه ، وابن المؤذن وشيرويه الديلمي
بأسانيدهم عن علي بن الجعد ، عن ابن بسطام ، عن شعبة بن الحجاج ، وعن
علوان ، عن شعبة ، عن أ بي حمزة الضبعي ، عن ابن عباس وجابر ، أنه لما كانت
الليلة التي زفت فاطمة إلى علي عليه السلام كان النبي صلى الله عليه واله أمامها ، وجبرئيل عن يمينها
وميكائيل عن يسارها ، وسبعون ألف ملك من خلفها ، يسبحون الله ويقدسونه حتى
طلع الفجر .
كتاب مولد فاطمة عن ابن بابويه في خبر : أمر النبي صلى الله عليه واله بنات عبدالمطلب
ونساء المهاجرين والانصار أن يمضين في صحبة فاطمة ، وأن يفرحن ويرجزون و
يكبرن ويحمدن ، ولايقلن مالايرضى الله ، قال جابر : فأركبها على ناقتة - وفي رواية على
بغلته الشهباء - وأخذ سلمان زمامها ، وحولها سبعون ألف حوراء والنبي صلى الله عليه واله وحمزة
وعقيل وجعفر وأهل البيت يمشون خلفها مشهرين سيوفهم ، ونساء النبي صلى الله عليه واله
قدامها يرجزن فأنشأت ام سلمة :
[ شعر ]
سرن بعون الله جاراتي * واشكر نه في كل حالات
واذكرن ما أنعم رب العلى * من كشف مكروه وآفات
فقد هدانا بعد كفر وقد * أنعشنا رب السماوات
وسرن مع خير نساء الورى * تفدى بعمات وخالات
يابنت من فضله ذو العلى * بالوحي منه والرسلات
ثم قالت عائشة :
[116]
[ شعر ]
يانسوة استرن بالمعاجر * واذكرن مايحسن في المحاضر
واذكرن رب الناس إذ يخصنا * بدينه مع كل عبد شاكر
والحمد لله على إفضاله * والشكر لله العزيز القادر
سرن بها فالله أعطى ذكرها * وخصها منه بطهر طاهر
ثم قالت حفصة : [ شعر : ]
فاطمة خير نساء البشر * ومن لها وجه كوجه القمر
فضلك الله على كل الورى * بفضل من خص بآي الزمر
زوجك الله فتى فضلا * أعني عليا خير من في الحضر
فسرن جاراتي بهاإنها * كريمة بنت عظيم الخطر
ثم قالت معاذة ام سعدبن معاذ :
[ شعر ]
أقول قولا فيه مافيه * وأذكر الخير وابديه
محمد خير بني آدم * مافيه من كبرو لاتيه
بفضله عرفنا رشدنا * فالله بالخير يجازيه
ونحن مع بنت نبي الهدى * ذي شرف قد مكنت فيه
في ذروة شامخة أصلها * فما أرى شيئا يدانيه
وكانت النسوة يرجعن أول بيت من كل رجز ، ثم يكبرن ودخلن الدار
ثم أنفذ رسول الله صلى الله عليه واله إلى علي ودعاه إلى المسجد ثم دعا فاطمة فأخذ يديها
ووضعها في يده وقال : بارك الله في ابنة رسول الله .
كتاب ابن مردويه أن النبي سأل ماء فأخذمنه جرعة فتمضمضن بها ثم
محبها في القعب ، ثم صبها على رأسها ، ثم قال : أقبلي فلما أقبلت نضح من بين
ثدييها ، ثم قال : أدبري فلما أدبرت نضح من بين كتفيها ، ثم دعا لهما .
كتاب ابن مردويه : اللهم بارك فيهما ، وبارك عليهما ، وبارك لهما في شبليهما .
[117]
وروي أنه قال : اللهم إنهما أحب خلقك إلي ، فأحبهما وبارك في ذريتهما
واجعل عليهما منك حافظا ، وإني اعيذ هما بك وذريتهما من الشيطان الرجيم .
وروي أنه دعالها فقال : أذهب الله عنك الرجس وطهرك تطهيرا .
وروي أنه قال : مرحبا ببحرين يلتقيان ، ونجمين يقترنان .
ثم خرج إلى الباب يقول : طهر كما وطهر نسلكما ، أنا سلم لمن سالمكما
وحرب لمن حاربكما ، أستودعكما الله وأستخلفه عليكما . وباتت عندها أسماء بنت
عميس سبوعا بوصية خديجة إليها فدعا لها النبي صلى الله عليه واله في دنياها وآخرتها .
ثم أتاهما فط صبيحتهما وقال : السلام عليكم أدخل رحمكم الله ؟ ففتحت
أسماء الباب وكانا نائمين تحت كساء ، فقال : على حالكما ، فأدخل رجليه بين
أرجلهما فأخبر الله عن أورادهما " تتجافى جنوبهم عن المضاجع " الآية ( 1 ) .
فسأل عليا : كيف وجدت أهلك ؟ قال : نعم العون على طاعة الله ، وسأل
فاطمة ، فقالت : خير بعل فقال : اللهم اجمع شملهما ، وألف بين قلوبهما ، واجعلهما
وذريتهما من ورثة جنة النعيم ، وارز قهما ذرية طاهرة طيبة مباركة ، واجعل في
ذريتهما البركة ، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك ، ويأمرون بمايرضيك .
ثم أمربخروج أسماء وقال : جزاك الله خيرا ، ثم خلابها باشارة الرسول صلى الله واله .
وروى شرحبيل باسناده قال : لما كان صبيحة عرس فاطمة جاء النبي بعس
فيه لبن فقال لفاطمة : اشربي فداك أبوك ، وقال لعلي : اشرب فداك ابن عمك .
25 - مكا : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لما تزوج علي فاطمة بسط
البيت كثيبا ، وكان فراشهما إهاب كبش ، ومرفقهما محشوة ليفا ، ونصبوا عودا
يوضع عليه السقاء فستره بكساء .
عن الحسين بن نعيم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : أدخل رسول
الله صلى الله عليه واله فاطمة علي علي وسترها عباءة ، وفرشها إهاب كبش ، ووسادتها أدم
محشوة بمسد .
* ( هامش ) * ( 1 ) السجدة : 16 . ( * )
[118]
بيان : قال الفيروز آبادي : المسد حبل من ليف أوليف المقل أو من أي شئ كان .
26 - كشف : روى الحافظ محمد بن محمود النجار ، عن رجال ذكرهم قال :
سمعت أسماء بنت عميس تقول : سمعت سيدتي فاطمة عليها السلام تقول : ليلة دخل بي
علي بن أبيطالب عليه السلام أفزعني في فراشي ، فقلت : أفزعت ياسيدة النساء ؟ قالت :
سمعت الارض تحدثه ويحدثها ، فأصبحت وأنا فزعة فأخبرت والدي صلى الله عليه واله فسجد
سجدة طويلة ثم رفع رأسه وقال : يافاطمة ابشري بطيب النسل ، فإن الله فضل
بعلك على سائر خلقه ، وأمر الارض أن تحدثه بأخبارها ومايجري على وجهها
من شرق الارض إلى غربها .
27 - [ مل ] قل : أخبرني محمد بن النجار فيما أجازه لي من كتاب تذييله على تاريخ
الخطيب في ترجمة أحمد بن محمد الدلال ، حدث عن أحمد بن محمد الاطروش وأبي بكر
محمد بن الحسن بن دريد الازدي ، روى عنه أبوالحسن علي بن محمد بن محمد بن يوسف
البزاز وأبومحمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام السامريان ، أخبرنا أبوعلي ضياء بن أحمد
ابن أبي علي ، وأبوحامد عبدالله بن مسلم بن ثابت ، ويوسف بن الميال بن كامل قالوا :
أخبرنا أبوبكر محمد بن عبدالباقي البزاز ، أخبرنا أبوالحسين محمد بن أحمد البرسي
قال : حدثني القاضي أحمد بن محمد بن يوسف السامري ، حدثنا أبوالطيب أحمد بن


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 118 سطر 16 الى ص 126 سطر 16

محمد الشاهد المعروف بالدلال ، أخبرنا محمد بن أحمد المعروف بالاطروش ، أخبرنا
أبوعمرو سليمان بن أبي معشر ، عن سليمان بن عبدالرحمن ، عن محمد بن عبدالرحمن
عن أسماء بنت واثلة بن الاسقع ، عن أسماء بنت عميس مثله .
28 - كشف : من مناقب الخوارزمي عن علي عليه السلام قال : خطبت فاطمة إلى
رسول الله صلى الله عليه واله ، فقالت لي مولاة : هل علمت أن فاطمة قد خطبت إلى رسول الله
صلى الله عليه واله ؟ قلت : لا ، قالت : فقد خطبت فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى الله عليه واله
فيزوجك ، فقلت : وعندي شئ أتزوج به ؟ قالت : إنك إن جئت إلى رسول الله
زوجك ، فوالله ما زالت تزجيني حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه واله وكان لرسول
الله صلى الله عليه واله جلالة وهيبة ، فلما قعدت بين يديه افحمت ، فوالله ما استطعت أن أتكلم
[119]
فقال رسول الله صلى الله عليه واله : ما جاء بك ألك حاجة ؟ فسكت ، فقال : لعلك جئت تخطب
فاطمة ، فقلت : نعم ، فقال : وهل عندك من شئ تستحلها به ؟ فقلت : لا والله
يارسول الله ، قال : ما فعلت الدرع التي سلحتكها ؟ ( 1 ) فقلت : عندي ، فوا لذي نفس
علي بيده إنها لحطمية ، ما ثمنها أربع مائة درهم ، فقال صلى الله عليه واله : قد زوجتكها
فابعث بها إليها ، فاستحلها بها ، فان كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله .
بيان : قال الجزري : في حديث علي عليه السلام ما زالت تزجيني حتى دخلت عليه
أي تسوقني وتدفعني .
29 - كشف : وعنه ، عن أنس قال : كنت عند النبي صلى الله عليه واله فغشيه الوحي
فلما أفاق قال لي : يا أنس أتدري ما جاءني به جبرئيل من عند صاحب العرش ؟
قال : قلت : الله ورسوله أعلم قال : أمرني أن ازوج فاطمة من علي ، فانطلق
فادع لي أبابكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة والزبير ، وبعددهم من الانصار
قال : فانطلقت فدعوتهم له ، فلما أن أخذوا مجالسهم قال رسول الله صلى الله عليه واله :
الحمد الله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع [ في ] سلطانه ، المرهوب من
عذابه ، المرغوب إليه فيما عنده ، النافذ أمره في أرضه وسمائه ، الذي خلق الخلق
بقدرته ، وميزهم بأحكامه ، وأعزهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمد ، ثم إن الله
جعل المصاهرة نسبا لاحقا ، وأمرا مفترضا ، وشج بها الارحام ، وألزمها الانام
فقال تبارك اسمه وتعالى جده " وهو الذي خلق من ا لماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان
ربك قديرا " ( 2 ) فأمر الله يجري إلى قضائه ، وقضاؤه يجري إلى قدره ، فلكل
قضاء قدر ، ولكل قدر أجل ، ولكل أجل كتاب " يمحو الله مايشاء ويثبت و
عنده ام الكتاب " ( 3 ) .
ثم إني اشهدكم أني قد زوجت فاطمة من علي على أربعمائة مثقال فضة
إن رضي بذلك علي وكان غائبا قد بعثه رسول الله صلى الله عليه واله في حاجة .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ما فعلت درع سلحتكها ، راجع ج 1 ص 471 . ( 2 ) الفرقان : 56 . ( 3 ) الرعد : 39 . ( * )
[120]
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه واله بطبق فيه بسر فوضع بين أيدينا ، ثم قال : انتهبوا
فبينا نحن كذلك إذ أقبل علي فتبسم إليه رسول الله صلى الله عليه واله ثم قال : يا علي إن
الله أمرني أن ازوجك فاطمة ، وقد زوجتكها على أربعمائة مثقال فضة أرضيت ؟
قال : رضيت يارسول الله ، ثم قام علي فخر لله ساجدا فقال النبي صلى الله عليه واله : جعل
الله فيكم [ الخير ] الكيثر الطيب وبارك فيكما ، قال أنس : والله لقد أخرج منها
الكثير الطيب .
قب : خطب النبي صلى الله عليه واله على المنبر في تزويج فاطمة خطبة رواها يحيى بن معين
في أماليه ، وابن بطة في الابانة باسنادهما عن أنس بن مالك مرفوعا ، ورويناها
عن الرضا عليه السلام وذكر نحوه .
بيان : قال الجزري : وشحت العروق والاغصان اشتبكت ، ومنه حديث
علي عليه السلام : ووشج بينها وبين أزواجها أي خلط وألف .
30 - كشف : ومن المناقب عن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله
يافاطمة زوجتك سيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ، لما أراد الله أن
املكك من علي أمر الله جبرئيل فقام في السماء الرابعة وصف الملائكة صفوفا
ثم خطب عليهم فزوجك من علي ، ثم أمر الله شجر الجنان فحملت الحلي والحلل
ثم أمرها فنثرت على الملائكة فمن أخذ منها شيئا أكثر مما أخذه غيره ا فتخر به
إلى يوم القيامة .
ومنه عن ابن عباس قال : كانت فاطمة تذكر لرسول الله صلى الله عليه واله فلايذكرها
أحد إلاصد عنه حتى يئسوا منها ، فلقي سعدبن معاذ عليا فقال : إني والله ما أرى
رسول الله صلى الله عليه واله يحبسها إلا عليك ، فقال له علي : فلم ترى [ ذلك ] ؟ فوالله ما أنا بواحد الرجلين ما أنا بصاحب دنيا يلتمس ما عندي ، وقد علم مالي صفراء ولا بيضاء
قال سعد : فاني أعزم عليك لتفرجنها عني فان لي في ذلك فرجا قال : فأقول ماذا ؟
قال تقول : جئت خاطبا إلى الله وإلى رسوله فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله .
[121]
قال : فانطلق علي فعرض للنبي صلى الله عليه واله وهو ثقيل حصر ، فقال له النبي صلى الله عليه واله :
كأن لك حاجة يا علي ؟ قال : أجل جئتك خاطبا إلى الله وإلى رسوله فاطمة بنت محمد
فقال له النبي صلى الله عليه واله مرحبا كلمة ضعيفة .
فعاد إلى سعد فأخبره فقال : أنكحك ، فوالذي بعثه بالحق إنه لا خلف
الان ولا كذب عنده ، اعزم عليك لتأتينه غدا ولتقولن يانبي الله متى تبين لي ؟ قال
علي : هذا أشد علي من الاولى أولا أقول : يارسول الله حاجتي ؟ قال : قل كما أمرتك .
فانطلق علي فقال : يارسول الله متى تبين لي ؟ قال : الليلة إنشاء الله .
ثم دعا بلالا فقال : يا بلال إني قد زوجت ابنتي من ابن عمي وأنا احب أن
يكون نم سنة امتي الطعام عند النكاح ، فائت الغنم فخذ شاة منها وأربعة أمداد
فاجعل لي قصعة لعلي أجمع عليها المهاجرين والانصار فاذا فرغت منها فآذني بها
فانطلق ففعل ماامر به ثم أتاه بقصعة فوضعها بين يديه .
فطعن رسول الله صلى الله عليه واله في رأسها ثم قال : أدخل علي الناس زفة زفة لاتغادر
زفة إلى غيرها ، يعني إذا فرغت زفة لم تعد ثانية ، فجعل الناس يزفون كلما فرغت زفة وردت اخرى حتى فرغ الناس ، ثم عمد النبي صلى الله عليه واله إلى فضل مافيها
فتفل فيه وبارك ، وقال : يا بلال احملها إلى امهاتك ، وقل لهن : كلن وأطعمن
من غشيكن .
ثم إن النبي صلى الله عليه واله قام حتى دخل على النساء فقال : إني زوجت ابتني
ابن عمي ، وقد علمتن منزلتها مني وإني لدافعها إليه إلا فدونكن ابنتكن .
فقام النساء فغلفنها ( 1 ) من طيبهن وحليهن وجعلن في بيتها فراشا حشوه ليف
ووسادة ، وكساء خيبريا ، ومخضبا ، واتخذن ام أيمن بوابة .
ثم إن النبي صلى الله عليه واله دخل فلما رآه النساء وثبن ، وبينهن وبين النبي صلى الله عليه واله
ستره ، وتخلفت أسماء بنت عميس فقال لها النبي صلى الله عليه واله كما أنت على رسلك من أنت ؟
قالت : أنا التي أحرس ابنتك إن الفتاة ليلة يبنى بها لابدلها من امرأة تكون
* ( هامش ) * ( 1 ) أى ضمخنها بالطيب . وعن ابن دريد أنها لغة عامية والصواب غللنها .
[122]
قريبة منها إن عرضت لها حاجة أوأرادت شيئا أفضت بذلك إليها قال : فاني أسأل
الله أن يحرسك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك من الشيطان الرجيم
ثم صرخ بفاطمة ، فأقبلت فلما رأت عليا جالسا إلى جنب رسول الله صلى الله عليه واله
حصرت وبكت فأشفق النبي صلى الله عليه واله أن يكون بكاؤها لان عليا لا مال له ، فقال
لها النبي صلى الله عليه واله : ما يبكيك ؟ فوالله ما ألوتك ونفسي فقد أصبت لك خير أهلي
وأيم الذي نفسي بيده لقد زوجتكه سيدا في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين
فلان منها وأمكنته من كفها .
فقال النبي صلى الله عليه واله : يا أسماء ائتيني بالمخضب ، فملاته ماء فمج النبي صلى الله عليه واله
فيه ، وغسل قدميه ووجهه ، ثم دعا بفاطمة فأخذ كفا من ماء فضرب به على رأسها
وكفا بين يديها ، ثم رش [ جلده و ] جلدها ، ثم التزمها فقال : اللهم إنها مني وأنا
منها ، اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني فطهرها .
ثم دعا بمخضب آخرهم ثم دعا عليا عليه السلام فصنع به كما صنع بها ، ثم دعا له
كما دعا لها ثم قال : قوما إلى بيتكما ، جمع الله بينكما ، وبارك في نسلكما
وأصلح بالكما ، ثم قال فأغلق عليه بابه . قال ابن عباس : فأخبرتني أسماء بنت
عميس أنها رمقت رسول الله صلى الله عليه واله ، فلم يزل يدعو لهما خاصة [ و ] لايشركهما في
دعائه أحدا حتى توارى في حجرته .
بيان : قوله عليه السلام : ما أنا بواحد الرجلين ، أي لست ممن يشار إليه ويعرف
من بين الناس حتى يقال : إنه أحد الرجلين المعروفين ، ويحتمل أن يكون قوله :
ما أنا بصاحب دنيا تفصيلا للرجلين فذكر أحدهما وأحال الآخر على الظهور
أي لست بمعروف بين الناس ، أولم يمهله المخاطب لذكر الآخر ( 1 ) .
وقال الجزري : في حديث تزويج فاطمة عليها السلام أنه صنع طعاما وقال لبلال :
أدخل الناس علي زفة زفة ، أي طائفة بعد طائفة ، وزمرة بعدزمرة ، سميت بذلك
لزفيفها في مشيها وإقبالها بسرعة قوله : لا تغادر زفة أي لا تترك جماعة مائلا إلى
غيرهم . وتفسيره لايخلوا من بعد .
* ( هامش ) * ( 1 ) ولعله أرادمعنى قولهم : " رجل من القريتين عظيم " فافهم . ( * )
[123]
وقال في النهاية : في حديث زواج فاطمة عليها السلام : فلما رأت عليا جالسا إلى
جنب النبي صلى الله عليه واله حصرت وبكت ، أي استحيت وانقطعت ، كأن الامرضاق بها
كما يضيق الحبس على المحبوس .
وقال : قال النبي صلى الله عليه واله لفاطمة : ما يبكيك فما ألوتك ونفسي وقد أصبت
لك خير أهلي ، أي ما قصرت في أمرك وأمري حيث اخترت لك عليا زوجا .
قوله : فلان منها ، من للتبعيض أي لان شئ منها ، والمعنى حصول بعض
اللين والانقياد منها .
قوله : ثم رش جلده وجلدها ، لعله صلى الله عليه واله رش أولا عليهما ثم خص
عليا عليه السلام بالرش ، والاظهر ثم رش جلدها كما سيأتي .
31 - كشف : قال الخوارزمي ، وأنبأني أبوالعلا الحافظ الهمداني يرفعه
إلى الحسين بن علي عليهما السلام قال : بينا رسول الله صلى ا لله عليه واله في بيت ام سلمة إذ هبط عليه
ملك له عشرون رأسا ، في كل رأس ألف لسان ، يسبح الله ويقدسه بلغة لا تشبه الاخرى
وراحته أوسع من سبع سماوات وسبع أرضين ، فحسب النبي صلى الله عليه واله أنه جبرئيل
فقال : ياجبرئيل لم تأتني في مثل هذه الصورة قط قال : ما أنا جبرئيل أنا صرصائيل
بعثني الله إليك لتزوج النور من النور ، فقال النبي صلى الله عليه واله من ممن ؟ قال :
ابنتك فاطمة من علي بن أبي طالب ، فزوج النبي صلى الله عليه واله فاطمة من علي بشهادة
جبرئيل وميكائيل وصرصائيل .
قال : فنظر النبي صلى الله عليه واله فاذا بين كتفي صرصائيل : لا إله إلا الله محمد رسول الله
علي بن أبي طالب مقيم الحجة ، فقال النبي صلى الله عليه واله ياصرصائيل منذكم هذا كتب
بين كتفيك ؟ قال : من قبل أن يخلق الله الدنيا باثني عشر ألف سنة .
ومن كتاب المناقب : عن بلال بن حمامة قال : طلع علينا رسول الله صلى الله عليه واله
ذات يوم ووجهه مشرق كدارة القمر ، فقام إليه عبدالرحمن بن عوف فقال : يا
رسول الله ما هذا النور ؟ قال : بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي
وأن الله زوج عليا من فاطمة ، وأمر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى
[124]
فحملت رقاعا يعني صكاكا بعدد محبي أهل بيتي ، وأنشأ من تحتها ملائكة من نور
ودفع إلى كل ملك صكا ، فاذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق
فلا يبقى محب لاهل البيت إلا دفعت إليه صكا فيه فكاكه من النار ، بأخي وابن
عمي وابنتي فكاك رقاب رجال ونساء من امتي من النار .
يج : عن النبي صلى الله عليه واله مثله .
قب : تاريخ بغداد بالاسناد عن بلال بن حمامة مثله ثم قال : وفي
رواية أنه يكون في الصكوك براءة من العلي الجبار لشيعة علي وفاطمة
من النار .
32 - كشف : ومن المناقب عن ابن عباس قال : لما أن كانت ليلة زفت
فاطمة إلى علي بن أبي طالب كان النبي صلى الله عليه واله قدا مها ، وجبرئيل عن يمينها
وميكائيل عن يسارها ، وسبعون ألف ملك من ورائها يسبحون الله ويقدسونه حتى
طلع الفجر .
ومن المناقب عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : أتاني ملك فقال :
يا محمد إن الله عزوجل يقرء عليك السلام ويقول : قد زوجت فاطمة من علي فزوجها
منه ، وقد أمرت شجرة طوبى أن تحمل الدر والياقوت والمرجان ، وأن أهل
السماء قد فرحوا لذلك ، وسيولد منهما ولدان سيدا شباب أهل الجنة ، وبهما
يزين الجنة فابشر يا محمد فإنك خير الاولين والآخرين .
ومن المناقب عن ام سلمة وسلمان الفارسي وعلي بن أبي طالب عليه السلام وكل
قالوا : إنه لما أدركت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله مدرك النساء خطبها أكابر
قريش من أهل الفضل والسابقة في الاسلام ، والشرف والمال ، وكان كلما ذكرها
رجل من قريش لرسول الله صلى الله عليه واله أعرض عنه رسول الله صلى الله عليه واله بوجهه حتى كان
الرجل منهم يظن في نفسه أن رسول الله صلى الله عليه واله ساخط عليه أوقد نزل على رسول
الله صلى الله عليه واله فيه وحي من السماء ، ولقد خطبها من رسول الله صلى الله عليه واله أبوبكر فقال له
رسول الله صلى الله عليه واله : أمرها إلى ربها ، وخطبها بعد أبي بكر عمر بن الخطاب فقال له
[125]
رسول الله صلى الله عليه واله كمقالته لابي بكر .
قال : وإن أبابكر وعمر كانا ذات يوم جالسين في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله
ومعهما سعدبن معاذ الانصاري ثم الاوسي فتذاكروا من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله
فقال أبوبكر : قد خطبها الاشراف من رسول الله صلى الله عليه واله فقال : إن أمرها إلى ربها
إن شاء أن يزوجها زوجها ، وإن علي بن أبي طالب لم يخطبها من رسول الله صلى الله عليه واله ولم
يذكرها له ، ولا أراه يمنعه من ذلك إلا قلة ذات اليد ، وإنه ليقع في نفسي أن
الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه واله إنما يحبسانها عليه .
قال : ثم أقبل أبوبكر على عمر بن الخطاب وعلى سعد بن معاذ فقال :
هل لكما في القيام إلى علي بن أبي طالب حتى نذكر له هذا ، فإن منعه قلة
ذات اليد واسيناه وأسعفناه ، فقال له سعدبن معاذ : وفقك الله يا أبابكر فما زلت
موفقا ، قوموا بنا على بركة الله ويمنه .
قال سلمان الفارسي : فخرجوا من المسجد والتمسوا عليا في منزله فلم
يجدوه ، وكان ينضح ببعير - كان له - الماء على نخل رجل من الانصار باجرة ، فانطلقوا
نحوه ، فلما نظر إليهم علي عليه السلام قال : ماوراء كم وما الذي جئتم له ؟ فقال أبوبكر :
يا أبا الحسن إنه لم يبق خصلة من خصال الخير إلا ولك فيها سابقة وفضل ، وأنت
من رسول الله صلى الله عليه واله بالمكان الذي قد عرفت من القرابة ، والصحبة والسابقة
وقد خطب الاشراف من قريش إلى رسول الله صلى الله عليه واله ابنته فاطمة فردهم ، وقال :
إن أمرها إلى ربها إن شاء أن يزوجها زوجها ، فما يمنعك أن تذكرها
لرسول الله صلى الله عليه واله وتخطبها منه ، فإني أرجو أن يكون الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه واله
إنما يحبسانها عليك .
قال : فتغرغرت عينا علي بالدموع ، وقال : يا أبابكر لقد هيجت مني
ساكنا ، وأيقظتني لامر كنت عنه غافلا ، والله إن فاطمة لموضع رغبة ، وما مثلي
قعد عن مثلها غير أنه يمنعني من ذلك قلة ذات اليد ، فقال أبوبكر : لا تقل هذا
يا أبا الحسن فان الدنيا وما فيها عند الله تعالى ورسوله كهباء منثور .
[126]
قال : ثم إن علي بن أبي طالب عليه السلام حل عن ناضحه وأقبل يقوده إلى منزله
فشه فيه ، ولبس نعله ، وأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه واله ، فكان رسول الله صلى الله عليه واله في
منزل زوجته ام سلمة ابنة أبي امية بن المغيرة المخزومي ، فدق علي عليه السلام الباب
فقالت ام سلمة : من بالباب ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله من قبل أن يقول علي :
أنا علي : قومي يا ام سلمة فافتحي له الباب ، ومريه بالدخول ، فهذا رجل يحبه
الله ورسوله ، ويحبهما ، فقالت ام سلمة : فداك أبي وامي ومن هذا الذي تذكر
فيه هذا وأنت لم تره ؟ فقال : مه يا ام سلمة فهذا رجل ليس بالخرق ولا بالنزق
هذا أخي وابن عمي وأحب الخلق إلي .
قالت ام سلمة : فقمت مبادرة أكاد أن أعثر بمرطي ، ففتحت الباب ، فاذا أنا
بعلي بن أبي طالب عليه السلام ، ووالله ما دخل حين فتحت حتى علم أني قد رجعت
إلى خدري ، ثم إنه دخل على رسول الله صلى الله عليه واله فقال : السلام عليك يارسول الله
ورحمة الله وبركاته ، فقال له النبي صلى الله عليه واله : وعليك السلام يا أبا الحسن اجلس .
قالت ام سلمة : فجلس علي بن أبي طالب عليه السلام بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله
وجعل ينظر إلى الارض كأنه قصد الحاجة وهو يستحيي أن يبديها ، فهو مطرق إلى
الارض حياء من رسول الله صلى الله عليه واله . فقالت ام سلمة : فكأن النبي صلى الله عليه واله علم ما في نفس علي عليه السلام فقال له : يا
أبا الحسن إني أرى أنك أتيت لحاجة فقل حاجتك وأبد ما في نفسك ، فكل حاجة


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 126 سطر 17 الى ص 134 سطر 17

لك عندي مقضيه .
قال علي عليه السلام : فقلت : فداك أبي وامي إنك لتعلم أنك أخذ تني من عمك
أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد وأنا صبي لا عقل لي ، فغذيتني بغذائك ، وأدبتنى
بأدبك ، فكنت إلى أفضل من أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد . في البر والشفقة
وإن الله تعالى هداني بك وعلى يديك ، واستنقذني مما كان عليه آبائي وأعمامي
من الحيرة والشك ، وأنك والله يارسول الله ذخري وذخيرتي في الدنيا والاخرة يارسول الله فقد أحببت مع ما شدالله من عضدي بك أن يكون لي بيت وأن يكون
[127]
لي زوجة أسكن إليها ، وقد أتيتك خاطبا راغبا أخطب إليك ابنتك فاطمة ، فهل أنت
مزوجي يارسول الله ؟
قالت ام سلمة : فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه واله يتهلل فرحا وسرورا ثم تبسم
في وجه علي عليه السلام فقال : يا أبا الحسن فهل معك شئ ازوجك به ؟ فقال علي عليه السلام :
فداك أبي وامي والله ما يخفى عليك من أمري شئ ، أملك سيفي ، ودرعي ، وناضحي
وما أملك شيئا غير هذا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : يا علي أما سيفك فلا غنا بك عنه
تجاهد به في سبيل الله وتقاتل به أعداء الله ، وناضحك تنضح به على نخلك وأهلك
وتحمل عليه رحلك في سفرك ، ولكني قد زوجتك بالدرع ورضيت بها منك .
يا أبا الحسن ابشرك ؟ قال علي عليه السلام : قلت : نعم فداك أبي وامي بشرني
فانك لم تزل ميمون النقيبة ، مبارك الطائر ، رشيد الامر صلى الله عليك .
فقال لي رسول الله صلى الله عليه واله : ابشريا أبا الحسن فإن الله عزوجل قد زوجكها
في السماء من قبل أن ازوجك في الارض ، ولقد هبط علي في موضعي من قبل
أن تأتيني ملك من السماء له وجوه شتى ، وأجنحة شتى لم أرقبله من الملائكة مثله
فقال لي : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، ابشر محمد باجتماع الشمل وطهارة
النسل ، فقلت : وماذاك أيها الملك ؟ فقال لي : يامحمد أنا سيطائيل الملك الموكل
بإحدى قوائم العرش ، سألت ربي عزوجل أن يأذن لي في بشارتك ، وهذا
جبرئيل عليه السلام في أثري يخبرك عن ربك عزو جل بكرامة الله عزوجل .
قال النبي صلى الله عليه واله : فما استتم كلامه حتى هبط علي جبرئيل فقال : السلام
عليك ورحمة الله وبركاته ، يانبي الله !
ثم إنه وضع في يدي حريرة بيضاء من حرير الجنة وفيه سطران مكتوبان
بالنور .
فقلت : حبيبي جبرئيل ما هذه الحريرة ؟ وما هذه الخطوط ؟
فقال جبرئيل : يا محمد إن الله عزوجل اطلع إلى الارض اطلاعة فاختارك
من خلقه فانبعثك برسالته ، ثم اطلع إلى الارض ثانية فاختار لك منها أخا ووزيرا
[128]
وصاحبا وختنا ، فزوجه ابنتك فاطمة .
فقلت : حبيبي جبرئيل ومن هذا الرجل ؟
فقال لي : يا محمد أخوك في الدنيا وابن عمك في النسب علي بن أبي طالب
وإن الله أوحى إلى الجنان أن تزخرفي ، فتزخرفت الجنان ، وإلى شجرة طوبى :
احملي الحلي والحلل وتزينت الحور العين ، وأمر الله الملائكة أن تجتمع في السماء
الرابعة عند البيت المعمور ، فهبط من فوقها إليها وصعد من تحتها إليها ، وأمر الله
عزوجل رضوان فنصب منبر الكرامة على باب البيت المعمور ، وهو الذي خطب
عليه آدم عرض الاسماء على الملائكة ، وهو منبر من نور ، فأوحى إلى ملك من
ملائكة حجبه يقال له : راحيل أن يعلو ذلك المنبر ، وأن يحمده بمحامده
ويمجده وبتمجيده ، وأن يثني عليه بما هو أهله ، وليس في الملائكة أحسن منطقا
ولا أحلى لغة من راحيل الملك ، فعلا المنبر ، وحمد ربه ، ومجده وقدسه ، وأثنى
عليه بما هو أهله ، فارتجت السماوات فرحا وسرورا .
قال جبرئيل : ثم أوحى الله إلي أن أعقد عقدة النكاح ، فاني قد زوجت
أمتي فاطمة بنت حبيبي محمد عبدي علي بن أبي طالب ، فعقدت عقدة النكاح ، وأشهدت
على ذلك الملائكة أجمعين ، وكتب شهادتهم في هذه الحريرة ، وقد أمرني ربي
عزوجل أن أعرضها عليك ، وأن أختمها بخاتم مسك ، وأن أدفعها إلى رضوان
وإن الله عزوجل لما أشهد الملائكة على تزويج علي من فاطمة أمر شجرة طوبى
أن تنثر حملها من الحلي والحلل ، فنثرت مافيها ، فالتقطته الملائكة والحورالعين
وإن الحور العين ليتهادينه ويفخرن به إلى يوم القيامة .
يامحمد إن الله عزوجل أمرني أن آمرك أن تزوج علينا في الارض فاطمة
وتبشرهما بغلامين زكيين نجيبين طاهرين طيبين خيرين فاضلين في الدنيا
والآخرة ، يا أبا الحسن فوالله ماعرج الملك من عندي حتى دققت الباب ، ألا
وإني منفذ فيك أمر ربي عزوجل ، امض يا أبا الحسن أمامي فإني خارج إلى
المسجد ومزوجك على رؤوس الناس ، وذاكر من فضلك ما تقربه عينك وأعين
[129]
محبيك في الدنيا والآخرة .
قال علي : فخرجت من عند رسول الله صلى الله عليه واله مسرعا وأنا لا أعقل فرحا
وسرورا ، فاستقبلني أبوبكر وعمر فقالا : ماوراءك ؟ فقلت : زوجني رسول الله صلى الله عليه واله
ابنته فاطمة ، وأخبرني أن الله عزوجل زوجنيها من السماء ، وهذا رسول الله صلى الله عليه واله
خارج في أثري ليظهر ذلك بحضرة الناس ، ففرحا بذلك فرحا شديدا ، ورجعا معي
إلى المسجد .
فماتوسطناه حتى لحق بنا رسول الله صلى الله عليه واله وإن وجهه ليتهلل سرورا وفرحا
فقال : يا بلال ، فأجابه فقال : لبيك يارسول الله ، قال : أجمع إلى المهاجرين
والانصار ، فجمعهم ، ثم رقى درجة من المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال :
معاشر المسلمين إن جبرئيل أتاني أنفا فأخبرني عن ربي عزوجل أنه
جمع الملائكة عند البيت المعمور وأنه أشهدهم جميعا أنه زوج أمته فاطمة ابنة
رسول الله من عبده علي بن أبي طالب وأمرني أن ازوجه في الارض واشهدكم
على ذلك .
ثم جلس ، وقال لعلي عليه السلام : قم يا أبا الحسن فاخطب أنت لنفسك .
قال : فقام ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه واله وقال :
الحمدلله شكرا لانعمه وأياديه ، ولا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه ، وصلى
الله على محمد صلاة تزلفه وتحظيه ، والنكاح مما أمر الله عزوجل به ورضيه ، ومجلسنا
هذا مما قضاه الله وأذن فيه ، وقد زوجني رسول الله صلى الله عليه واله ابنته فاطمة وجعل
صداقها درعي هذا وقد رضيت بذلك فاسألوه واشهدوا و .
فقال المسلمون لرسول الله صلى الله عليه واله : زوجته يارسول الله ؟ فقال : نعم ، فقالوا :
بارك الله لهما وعليهما ، وجمع شملهما .
وانصرف رسول الله إلى أزواجه فأمرهن أن يدففن لفاطمة ، فضربن بالدفوف
قال علي : فأقبل رسول الله صلى الله عليه واله فقال : يا أبا الحسن انطلق الان فبع درعك
وائتني بثمنه حتى اهيئ لك ولا بنتي فاطمة ما يصلحكما .
[130]
قال علي : فانطلقت فبعته بأربعمائة درهم سود هجرية ، من عثمان بن عفان
فلما قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني قال : يا أبا الحسن لست أولى بالدرع
منك وأنت أولى بالدراهم مني ، فقلت : بلى ، قال : فان الدرع هدية مني إليك
فأخذت الدرع والدراهم ، وأقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه واله فطرحت الدرع والدراهم
بين يديه وأخبرته بماكان من أمر عثمان ، فدعاله بخير .
وقبض رسول الله صلى الله عليه واله قبضة من الدراهم ، ودعا بأبي بكر فدفعها إليه ، وقال :
ياأبابكر اشتر بهذه الدراهم لابتني ما يصلح لها في بيتها ، وبعث معه سلمان وبلالا
ليعيناه على حمل مايشتريه .
قال أبوبكر : وكانت الدراهم التي أعطانيها ثلاثة وستين درهما فانطلقت
واشتريت فراشا من خيش مصر محشوا بالصوف ، ونطعا من أدم ، ووسادة من أدم
حشوها من ليف النخل ، وعباءة خيبرية ، وقربة للماء وكيزانا ، وجرارا ، ومطهرة
للماء ، وستر صوف رقيقا ، وحلمناه جميعا حتى وضعناه بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله
فلما نظر إليه بكى وجرت دموعه ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم بارك
لقوم جل آنيتهم الخزف .
قال علي : ودفع رسول الله صلى الله عليه واله باقي ثمن الدرع إلى ام سلمة فقال :
اتركي هذه الدراهم عندك ، ومكثت بعد ذلك شهرا لا اعاود رسول الله صلى الله عليه واله في
أمر فاطمة بشئ استحياء من رسول الله صلى الله عليه واله ، غير أني كنت إذا خلوت برسول
الله يقول لي : يا أبا الحسن ما أحسن زوجتك وأجملها ، ابشر يا أبا الحسن فقد
زوجتك سيدة نساء العالمين .
قال علي : فلما كان بعد شهر دخل علي أخي عقيل بن أبي طالب فقال :
يا أخي ما فرحت بشئ كفرحتي بتزويجك فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله ، يا أخي فما بالك
لا تسأل رسول الله صلى الله عليه واله يدخلها عليك فنقر عينا باجتماع شملكما ، قال علي :
والله يا أخي إني لاحب ذلك وما يمنعني من مسألته إلا الحياء منه فقال : أقسمت
عليك إلا قمت معي .
[131]
فقمنا نريد رسول الله صلى الله عليه واله فلقينا في طريقنا ام أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه واله
فذكرنا ذلك لها فقالت : لا تفعل ودعنا نحن نكلمه فإن كلام النساء في هذا الامر
أحسن وأوقع بقلوب الرجال .
ثم انثنت راجعة فدخلت إلى ام سلمة فأعلمتها بذلك وأعلمت نساء النبي صلى الله عليه واله
فاجتمعن عند رسول الله صلى الله عليه واله وكان في بيت عائشة ، فأحدقن به وقلن : فديناك
بآبائنا وامهاتنا يارسول الله قد اجتمعنا لامر لو أن خديجة في الاحياء لقرت
بذلك عينها .
قالت ام سلمة : فلما ذكرنا خديجة بكى رسول الله صلى الله عليه واله ثم قال : خديجة
وأين مثل خديجة ، صدقتني حين كذبني الناس وازرتنى على دين الله وأعانتني
عليه بمالها ، إن الله عزوجل أمرني أن ابشر خديجة ببيت في الجنة من قصب
[ الزمرد ] لا صخب فيه ولا نصب .
قالت ام سلمة : فقلنا بآبائنا وامهاتنا يارسول الله إنك لم تذكر
من خديجة أمرا إلا وقد كانت كذلك غير أنها قد مضت إلى ربها . فهناها الله
بذلك وجمع بيننا وبينها في درجات جنته ورضوانه ورحمته ، يارسول الله وهذا
أخوك في الدنيا وابن عمك في النسب علي بن أبي طالب يحب أن تدخل عليه زوجته
فاطمة عليها السلام ، وتجمع بها شملة ، فقال : ياام سلمة فما بال علي لايسألني ذلك ؟
فقلت : يمنعه الحياء منك يارسول الله .
قالت ام أيمن : فقال لي رسول الله صلى الله عليه واله : انطلقي إلى علي فائتيني به
فخرجت من عند رسول الله صلى الله عليه واله فاذا علي ينتظرني ليسأني عن جواب رسول
الله صلى الله عليه واله ، فلما رآني قال : ماوراك يا ام أيمن قلت : أجب رسول الله صلى الله عليه واله .
قال عليه السلام : فدخلت عليه وقمن أزواجه فدخلن البيت وجلست بين يديه مطرقا
نحو الارض حياء منه ، فقال أتحب أن تدخل عليك زوجتك ؟ فقلت وأنا
مطرق : نعم فداك أبي وامي فقال : نعم وكرامة يا أبا الحسن أدخلها عليك في ليلتنا
هذه أو في ليلة غد إنشاء الله ، فقمت فرحا مسرورا وأمر صلى الله عليه واله أزواجه أن يزين
[132]
فاطمة عليها السلام ويطيبنها ويفرشن لها بيتا ليدخلنها على بعلها ، ففعلن ذلك .
وأخذ رسول الله صلى الله عليه واله من الدراهم التي سلمها إلى ام سلمة عشرة دراهم
فدفعها إلى ( 1 ) وقال : اشتر سمنا وتمرا وأقطا ، فاشتريت وأقبلت به إلى
رسول اله صلى الله عليه واله ، فحسر عن ذراعيه ودعا بسفرة من أدم وجعل يشدخ التمر والسمن
ويخلطهما بالاقط حتى اتخذه حيسا .
ثم قال يا علي ادع من أحببت ، فخرجت إلى المسجد وأصحاب رسول
الله صلى الله عليه واله متوافرون ، فقلت : أجيبوا رسول الله صلى الله عليه واله ، فقاموا جميعا وأقبلوا
نحو النبي صلى الله عليه واله ، فأخبرته أن القوم كثير ، فجلل السفرة بمنديل وقال : أدخل
علي عشرة بعد عشرة ، ففعلت وجعلوا يأكلون ويخرجون ولا ينقص الطعام ، حتى
لقد أكل من ذلك الحيس سبع مائة رجل وامرأة ببركة النبي صلى الله عليه واله .
قالت ام سلمة : ثم دعا بابنته فاطمة ، ودعا بعلي عليه السلام ، فأخذ عليا بيمينه
وفاطمة بشماله ، وجمعهما إلى صدره ، فقبل بين أعينهما ، ودفع فاطمة إلى علي
وقال : يا علي نعم الزوجة زوجتك ، ثم أقبل على فاطمة وقال : يا فاطمة نعم
البعل بعلك ، ثم قام يمشي بينهما حتى أدخلهما بيتهما الذي هيئ لهما ، ثم خرج من
عندهما فأخذ بعضادتي الباب فقال : طهر كما الله وطهر نسلكما أنا سلم لمن سالمكما
وحرب لمن حاربكما ، أستودعكما الله وأستخلفه عليكما .
قال علي : ومكث رسول الله صلى الله عليه واله بعد ذلك ثلاثا لا يدخل علينا ، فلما
كان في صحبيحة اليوم الرابع جاءنا ليدخل علينا ، فصادف في حجرتنا أسماء بنت
عميس الخثعمية ، فقال لها : ما يقفك ها هنا وفي الحجرة رجل ؟ فقالت : فداك أبي
وامي إن الفتاة إذا زفت إلى زوجها تحتاج إلى امرأة تتعاهدها وتقوم بحوائجها
فأقمت ههنا لاقضي حوائج فاطمة عليها السلام ، قال صلى الله عليه واله : يا أسماء قضى الله لك حوائج
الدنيا والآخرة .
* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخة المطبوعة والمصدر ج 1 ص 488 : " فدفعها إلى على عليه السلام "
وهو سهو ظاهر فان قائل الكلام هو نفسه عليه السلام كما يقول : اشتريت الخ . ( * )
[133]
قال علي عليه السلام : وكانت غداة قرة وكنت أنا وفاطمة تحت العباء فلما سمعنا
كلام رسول الله صلى الله عليه واله لاسماء ذهبنا لنقوم فقال : بحقي عليكما لا تفترقا حتى أدخل
عليكما ، فرجعنا إلى حالنا ودخل صلى الله عليه واله وجلس عند رؤوسنا ، وأدخل رجليه فيما
بيننا ، وأخذت رجله اليمنى فضممتها إلى صدري ، وأخذت فاطمة رجله اليسرى فضمتها
إلى صدرها ، وجعلنا ندفئ رجليه من القر .
حتى إذا دفئتا قال : يا علي ائتني بكوز من ماء فأتيته ، فتفل فيه ثلاثا
وقرأفيه آيات من كتاب الله تعالى ، ثم قال : يا علي اشربه ، واترك فيه قليلا
ففعلت ذلك فرش باقي الماء على رأسي وصدري ، وقال : أذهب الله عنك الرجس
يا أبا الحسن وطهرك تطهيرا .
وقال : ائتني بماء جديد ، فأتيته به ، ففعل كما فعل وسلمه إلى ابنته عليها السلام
وقال لها : اشربي واتركي منه قليلا ، ففعلت فرشه على رأسها وصدرها ، وقال
صلى الله عليه وآله : أذهب الله عنك الرجس وطهرك تطهيرا ، وأمرني بالخروج من
البيت . وخلا بابنته ، وقال : كيف أنت يا بنية وكيف رأيت زوجك ؟ قالت له :
يا أبه خير زوج إلا أنه دخل علي نساء من قريش وقلن لي : زوجك رسول الله
صلى الله عليه واله من فقير لامال له فقال لها :
يابنية ما أبوك بفقير ولا بعلك بفقير ، ولقد عرضت علي خزائن الارض
من الذهب والفضة فاخترت ما عند ربي عز جل .
يابنية لو تعلمين ما علم أبوك لسمجت الدنيا في عينيك .
يابنية ما ألوتك نصحا أن زوجتك أقدمهم سلما ، وأكثرهم علما
وأعظمهم حلما .
يابنية إن الله عزوجل اطلع إلى الارض الطلاعة فاختار من أهلها رجلين :
فجعل أحدهما أباك والاخر بعلك ، يابنية نعم الزوج زوجك لا تعصي له أمرا .
ثم صاح بي رسول الله صلى الله عليه واله : يا علي ، فقلت لبيك يا رسول الله : قال : ادخل
بيت ، والطف بزوجتك ، وارفق بها فان فاطمة بضعة مني ، يؤلمني ما يؤلمها ويسرني
[134]
مايسرها ، أستودعكما الله وأستخلفه عليكما .
قال علي عليه السلام : فوالله ما أغضبتها ، ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله
عزوجل ، ولا أغضبتني ، ولا عصت لي أمرا ، ولقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني
الهموم والاحزان .
قال علي عليه السلام : ثم قام رسول الله صلى الله عليه واله لينصرف فقالت له فاطمة : يا أبه لا
طاقة لي بخدمة البيت ، فأخدمني خادما تخدمني وتعينني على أمر البيت ، فقال
لها : يا فاطمة أولا تريدن خيرا من الخادم ؟ فقال علي : قولي : بلى ، قالت : يا أبه
خيرا من الخادم فقال : تسبحين الله عزوجل ، في كل يوم ثلاثا وثلاثين مرة
وتحمدينه ثلاثا وثلاثين مرة ، وتكبرينه أربعا وثلاثين مرة فذلك مائة باللسان
وألف حسنة في الميزان ، يا فاطمة إنك أن قلتها في صبيحة كل يوم كفاك الله ما أهمك
من أمر الدنيا والاخرة
تبيان : أقول : روى مثل تلك الرواية من كتاب كفاية الطالب تأليف محمد بن
يوسف الكنجي الشافعي بإسناده عن ابن عباس باختصار وتغيير تركناه لتكرر
مضامينه ثم قال : قال محمد بن يوسف : هكذا رواه ابن بطة وهو حسن عال ، وذكر أسماء
بنت عميس في هذا الحديث غير صحيح ، لان أسماء هذه امرأة جعفر بن أبي طالب
تزوجها بعده أبوبكر فولدت له محمدا ، فلما مات أبوبكر تزوجها علي بن أبي طالب
عليه السلام وإن أسماء التي حضرت في عرس فاطمة عليها السلام إنما هي أسماء بنت يزيد


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 134 سطر 18 الى ص 142 سطر 18

ابن السكن الانصاري ، وأسماء بنت عميس كان مع زوجها جعفر بالحبشة ، وقدم
بها يوم فتح خيبر سنة سبع ، وكان زواج فاطمة عليها السلام بعد وقعة بدر ، بأيام يسيرة
فصح بهذا أن أسماء المذكورة في هذا الحديث إنما هي بنت يزيد ( 1 ) ولها أحاديث
* ( هامش ) * ( 1 ) أقول : وكانت أسماء هذه مكناة بام سلمة وكانت يقال لها خطيبة النساء فما
روى في قصة زفافها عن ام سلمة فانما هى أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع لا ام سلمة
التى زوجها النبى بعد ذلك الزفاف بسنة أو أكثر . ( * )
[135]
عن النبي صلى الله عليه واله ، انتهى ( 1 ) .
أقول : المرط : كساء من صوف أو خز كان يؤتزربها ، والخدر بالكسر : الستر
قوله عليه السلام : مما كان عليه آبائي ، أي الحيرة في بعض الامور التي اهتدى إليه
أمير المؤمنين وخص به من العلوم الربانية ، والشرك ( 2 ) إنما هو للاعلام أو يكون
المراد بعض الاجداد من جهة الام ، وقال الجزري في ميمون النقيبة أي منجح
الفعال ، مظفرالمطالب ، والنقيبة : النفس وقيل : الطبيعة والخليقة ، وقال : طائر الانسان
ماحصل له في علم الله ما قدر له ، ومنه الحديث بالميمون طائره أي بالمبارك
حظه ، ويجوز أن يكون أصله من الطير السانح والبارح قوله عليه السلام : تزلفه أي
تقربه ، قوله : وتحظيه من باب الافعال يقال فلان أحظى مني أي أقرب إليه مني
قوله ، ثم انثنت ، أي انصرفت قال الجوهري : ثنيته صرفته عن حاجته ، وقال
الجزري : الصخب الضجة واضطاب الاصوات للخصام ومنه حديث خديجة :
لا صخب فيه ولا نصب ، قوله : فجلل السفرة أي ستر مافيها بمنديل لئلا يرى الاكلون
مافيها ، فيحل فيها البركة وقد تكرر ذلك في الاخبار المشتملة على إعجاز البركة . 33 - كشف : ونقلت من كتاب الذرية الطاهرة تصنيف أبي بشر محمد بن أحمد
ابن حماد الانصاري المعروف بالدولابي ، من نسخة بخط الشيخ ابن وضاح
الحنبلي الشهرباني وأجاز لي أن أروي عنه كلما يروي عن مشايخه ، وهويروي
كثيرا . وأجاز لي السيد جلال الدين بن عبدالحميد بن فخار الموسوي الحائري
أدام الله شرفه أن أرويه عنه ، عن الشيخ عبدالعزيز بن الاخضر المحدث إجازة
في محرم سنة عشر وستمائة وعن الشيخ برهان الدين أبي الحسين أحمد بن علي
الغزنوي إجازة في ربيع الاول سنة أربع عشرة وستمائة ، كلاهما عن الشيخ الحافظ
أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي باسناده ، والسيد أجازلي قديما رواية كلما يرويه
* ( هامش ) * ( 1 ) انتهى ملخصا . راجع ج 1 ص 500 . ( 2 ) قد آثرنا هناك ( ص 126 س 23 ) نسخة " الشك " بدل " الشرك " فراجع . ( * )
[136]
وبهذا الكتاب في ذي الحجة من سنة ست وسبعين وستمائة عن علي عليه السلام . قال :
خطب أبوبكر وعمر إلى رسول الله صلى الله عليه واله ، فأبى رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال
عمر : أنت لها يا علي ، فقال : مالي من شئ إلا درعي أرهنها ، فزوجه رسول الله صلى الله عليه واله
فاطمة فلما بلغ ذلك فاطمة بكت ، قال : فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه واله فقال : مايبكيك يافاطمة ؟ فوالله لقد أنكحت أكثرهم علما وأفضلهم حلما وأولهم سلما .
وعن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : تزوج علي فاطمة في شهر رمضان ، وبنى
بها في ذي الحجة من السنة الثانية من الهجرة .
وعن مجاهد ، عن علي عليه السلام قال : خطبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه واله
فقالت مولاة لي : هل علمت أن فاطمة قد خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه واله ؟ قلت : لا
قالت : فقد خطبت ، فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى الله عليه واله فيزوجك ، فقلت : وهل عندي
شئ أتزوج به ، فقالت : إنك إن جئت إلى رسول الله صلى الله عليه واله زوجك ، فوالله مازالت
ترجيني حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه واله ، وكانت له جلالة وهيبة ، فلما قعدت
بين يديه افحمت فوالله ما استطعت أن أتكلم فقال : ما جاء بك ألك حاجة ؟ فسكت
فقال : لعلك جئت تخطب فاطمة ؟ قلت : نعم ، قال : فهل عندك من شئ تستحلها به ؟
قلت : لا والله يارسول الله ، فقال : ما فعلت الدرع التي سلحتكها ؟ فقلت : عندي
والذي نفسي بيده إنها لحطمية ما ثمنها [ إلا ] أربعمائة درهم ، قال : قد زوجتكها
فابعث بها ، فان كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله .
بيان : تقول : سلحته وأسلحته إذا أعطيته سلاحا ، وقال الجزري : في حديث
زواج فاطمة أنه قال لعلي : أين درعك الحطمية ، هي التي تحطم السيوف أي تكسرها
وقيل : هي العريضة الثقيلة ، وقيل : هي منسوبة إلى بطن من عبدالقيس يقال لهم :
حطمة بن محارب كانوا يعملون الدروع ، وهذا أشبه الاقوال .
34 - كشف : وعن عطاء بن أبي رباح قال : لما خطب علي فاطمة أتاها رسول
الله صلى الله عليه واله ، فقال : إن عليا قد ذكرك ، فسكتت ، فخرج فزوجها .
وعن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال نفر من الانصار لعلي بن أبي طالب عليه السلام :
[137]
اخطب فاطمة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه واله فسلم عليه ، فقال له : ما حاجة علي بن
أبي طالب ؟ قال : يارسول الله ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال : مرحبا
وأهلا ، لم يزد عليها ، فخرج علي على اولئك الرهط من الانصار ، وكانوا
ينتظرونه قالوا : ما وراك ؟ قال : ما أدري غير أنه صلى الله عليه واله قال : مرحبا وأهلا ، قالوا :
يكفيك من رسول الله أحدهما : أعطاك الاهل والرحب .
فلما كان بعد ذلك قال : يا علي إنه لابد للعرس من وليمة ، فقال سعد :
عندي كبش ، وجمع له رهط من الانصار آصعا من ذرة ( 1 ) فلما كان ليلة البناء
قال : لا تحدثن شيئا حتى تلقاني ، فدعا رسول الله صلى الله عليه واله بماء فتوضأ منه ، ثم
أفرغه على علي وقال : اللهم بارك فيهما ، وبارك عليهما ، وبارك لهما في شبليهما
وقال ابن ناصر : في نسليهما .
وعن أسماء بنت عميس قالت : كنت في زفاف فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله
فلما أصبحنا جاء النبي صلى الله عليه واله إلى الباب فقال : ياام أيمن ادعي لي أخي ، قالت :
هو أخوك وتنكحه ابنتك ؟ قال : نعم يا ام أيمن ، قالت : وسمع النساء صوت
النبي صلى الله عليه واله فتنحين واختبيت أنا في ناحية ، فجاء علي عليه السلام فنضح النبي صلى الله عليه واله
من الماء ، ودعا له .
ثم قال : ادعي لي فاطمة ، فجاءت خرقة من الحياء ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله :
اسكنى لقد أنكحتك أحب أهل بيتي إلي ، ثم نضح عليها من الماء ، ودعا لها
* ( هامش ) * ( 1 ) آصع جمع صاع ، ذكره صاحب القاموس في مادة فرق ، قال : " الفرق
مكيال بالمدينة يسع ثلاثة آصع " وفى المصباح : " ونقل المطرزى عن الفارسى انه
يجمع - صاع - أيضا على آصع بالقلب كما قيل دار وآدر بالقلب ، وهذا الذى نقله جعله
أبوحاتم من خطا العوام ، وقال ابن الانبارى : وليس عندى بخطأ في القياس ، لانه
وان كان غير مسموع من العرب ( يعنى من العرب الجاهلى ) ولكنه قياس ما نقل عنهم
وهو انهم ينقلون الهمزة من موضع العين إلى موضع الفاء فيقولون أبار وآبار - ذيل
أقرب الموارد . ( * )
[138]
قالت : ثم رجع رسول الله صلى الله عليه واله فرأى سوادا بين يديه ، فقال : من هذا ؟ فقلت :
أنا أسماء بنت عميس ، قال : جئت في زفاف فاطمة تكرمينها ؟ قلت : نعم ، قالت :
فدعا لي .
قال علي بن عيسى : وحدثني السيد جلال الدين عبدالحميد بن فخار
الموسوي بما هذا معناه ، وربما اختلف الالفاظ [ قال ] قالت أسماء بنت عميس هذه :
حضرت وفاة خديجة عليها السلام فبكت ، فقلت : أتبكين وأنت سيدة نساء العالمين ، وأنت
زوجة النبي صلى الله عليه واله مبشرة على لسانه بالجنة ، فقالت : مالهذا بكيت ، ولكن
المرأة ليلة زفافها لابد لها من امرأة تفضي إليها بسرها ، وتستعين بها على حوائجها
وفاطمة حديثة عهد بصبى وأخاف أن لايكون لها من يتولى أمرها حينئذ فقلت :
ياسيدتي لك [ علي ] عهدالله إن بقيت إلى ذلك الوقت أن أقوم مقامك في هذا الامر فلما
كانت تلك الليلة وجاء النبي صلى الله عليه واله أمر النساء فخرجن وبقيت ، فلما أراد الخروج
رأى سوادي فقال : من أنت ؟ فقلت : أسماء بنت عميس ، فقال : ألم آمرك أن
تخرجي ؟ فقلت : بلى يارسول الله فداك أبي وامي ، وما قصدت خلافك ، ولكني
أعطيت خديجة عهدا - وحدثته - فبكى ، فقال : بالله لهذا وقفت ؟ فقلت : نعم والله
فدعالى . عدنا إلى ما أورده الدولابي .
وعن أسماء بنت عميس قالت : لقد جهزت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله إلى
علي بن أبيطالب عليه السلام وماكان حشو فرشهما ووسائدهما إلا ليف ، ولقد أولم علي
لفاطمة عليها السلام فما كانت وليمة ذلك الزمان أفضل من وليمة ، رهن درعه عند يهودي
وكانت وليمته آصعا من شعير وتمر وحيس ( 1 ) .
بيان : قال الجزري : في حديث تزويج فاطمة عليها السلام : فلما أصبح دعاها
فجاءت خرقة من الحياء أي خجلة مدهوشة من الخرق التحير ، ويحتمل أن يكون
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر ج 1 ص 494 . وله كلام بعد هذه الرواية من أن الحاضرة عند زفافها
لابد أن تكون هى سلمى بنت عميس - اخت اسماء - زوجة حمزة بن عبدالمطلب . راجعه . ( * )
[139]
بالحاء المهملة والزاء المعجمة ، فالمراد تقارب الخطو في المشي ، قال الجوهري : الحزق : القصير المتقارب الخطو وكذا الحزقه ، وروي أنها أتته تعثر في مرطها
من الخجل وقال الجوهري : وقضينا إليه ذلك الامر ، أي أنهيناه إليه .
35 - كشف : ومن كتاب كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام
تأليف محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ، عن أبي هريرة قال : قالت فاطمة : يارسول الله
زوجتني علي بن أبي طالب وهو فقير لا مال له ، فقال : يا فاطمة أما ترضين أن الله
اطلع إلى الارض الطلاعة فاختار منها رجلين : أحدهما أبوك ، والاخربعلك .
وعن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : أيها الناس هذا علي بن أبيطالب
وأنتم تزعمون أني أنا زوجته ابنتي فاطمة ، ولقد خطبها إلي أشراف قريش فلم
اجب كل ذلك أتوقع الخبر من السماء حتى جاءني جبرئيل ليلة أربع وعشرين من
شهر رمضان : فقال : يامحمد العلي الاعلى يقرء عليك السلام ، وقد جمع الروحانيين
والكروبين في واد يقال له : الافيح ، تحت شجرة طوبى ، وزوج فاطمة عليا
وأمرني فكنت الخاطب والله تعالى الولي ، وأمر شجرة طوبى فحملت الحلي والحلل
والدر والياقوت ، ثم نثرته ، وأمر الحورالعين فاجتمعن فلقطن ، فهن يتهادينه إلى
يوم القيامة ويقلن : هذا نثار فاطمة .
وعن علقمة عن عبدالله أنه قال : أصاب فاطمة عليها السلام ليلة صبيحة العرس رعدة
فقال لها النبي صلى الله عليه واله : زوجتك سيدا في الدنيا وإنه في الاخرة لمن الصالحين
يافاطمة لما أردت أن املكك بعلي أمرالله شجر الجنان فحملت حليا وحللا
وأمرها فنثرته على الملائكة ، فمن أخذ منه يومئذ شيئا أكثر مما أخذ منه صاحبه
أو أحسن افتخر به على صاحبه إلى يوم القيامة ، قالت ام سلمة : فلقد كانت فاطمة
تفتخر على النساء ، لان أول من خطب عليها جبرئيل .
وروى أن رسول الله صلى الله عليه واله دخل على فاطمة ليلة عرسها بقدح من لبن فقال :
اشربي هذا فداك أبوك ، ثم قال لعلي عليه السلام : اشرب فداك ابن عمك .
وروى أنه لما زفت فاطمة إلى علي عليهما السلام نزل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل
[140]
ومعهم سبعون ألف ملك وقدمت بغلة رسول الله صلى الله عليه واله الدلدل ، وعليها فاطمة عليها السلام
مشتملة ، قال : فأمسك جبرئيل باللجام ، وأمسك إسرافيل بالركاب ، وأمسك
ميكائيل بالثفر ، ورسول الله صلى الله عليه واله يسوي عليها الثياب فكبر جبرئيل ، وكبر إسرافيل
وكبر ميكائيل ، وكبرت الملائكة وجرت السنة بالتكبير في الزفاف إلى يوم القيامة .
بيان : قال في النهاية : الاشتمال افتعال من الشملة وهو كساء يتغطى به
ويتلفف فيه ، وقال ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها .
36 - كشف : وعن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام أن أبابكر أتى النبي صلى الله عليه واله
فقال : يارسول الله صلى الله عليه واله زوجني فاطمة ، فأعرض عنه ، فأتاه عمر فقال مثل ذلك
فأعرض عنه ، فأتيا عبدالرحمن بن عوف فقالا : أنت أكثر قريش مالا ، فلو أتيت
رسول الله صلى الله عليه واله فخطبت إليه فاطمة ، زادك الله مالا إلى مالك ، وشرفا إلى شرفك
فأتى النبي صلى الله عليه واله فقال له ذلك ، فأعرض عنه ، فأتاهما فقال : قد نزل بي مثل
الذي نزل بكما .
فأتيا علي بن أبي طالب وهو يسقي نخلات له فقالا : قدعرفنا قرابتك من
رسول الله صلى الله عليه واله وقدمتك في الاسلام ، فلو أتيت رسول الله صلى الله عليه واله فخطبت إليه فاطمة
لزادك الله فضلا إلى فضلك ، وشرفا إلى شرفك .
فقال : لقد نبهتماني ، فانطلق فتوضأ ، ثم اغتسل و لبس كساء قطريا وصلى
ركعتين ، ثم أتى النبي صلى الله عليه واله وقال : يارسول الله زوجني فاطمة ، قال : إذا زوجتكما
فما تصدقها ؟ قال : اصدقها سيفي ، وفرسي ، ودرعي ، وناضحي ، قال : أما ناضحك
وسيفك وفرسك فلا غنى بك عنها تقاتل المشركين ، وأما درعك فشأنك بها .
فانطلق علي وباع درعه بأربع مائة وثمانين درهما قطرية ، فصبها بين يدي
النبي صلى الله عليه واله فلم يسأله عن عددها ، ولا هو أخبره عنها ، فأخذ منها رسول الله صلى الله عليه واله قبضة
فدفعها إلى المقداد بن الاسود فقال : ابتع من هذا ما تجهز به فاطمة وأكثر لها من
الطيب ، فانطلق المقداد فاشترى لها رحى وقربة ووسادة من أدم ، وحصيرا قطريا
فجاء به فوضعه بين يدي النبي صلى الله عليه واله وأسماء بنت عميس معه ، فقالت : يارسول الله
[141]
خطب إليك ذو والاسنان والاموال من قريش ولم تزوجهم فزوجتها من هذا الغلام ؟
فقال : ياأسماء أما إنك ستزوجين بهذا الغلام ، وتلدين له غلاما .
هذا مع ما روي أنها كانت في الحبشة غريب ، فانها تزوجت بأميرالمؤمنين
عليه السلام وولدت منه كما ذكر صلى الله عليه واله .
فلما كان الليل قال لسلمان : ايتني ببغلتي الشهباء ، فأتاه بها ، فحمل
عليها فاطمة عليها السلام ، فكان سلمان يقودها ورسول الله صلى الله عليه واله يقوم بها .
فبينا هو كذلك إذ سمع حسا خلف ظهره فالتفت ، فاذا هو جبرئيل وميكائيل
وإسرافيل في جمع كثير من الملائكة ، فقال : ياجبرئيل ما أنزلكم ؟ قال : نزف
فاطمة إلى زوجها ، فكبر جبرئيل ، ثم كبر ميكائيل ، ثم كبر إسرافيل ، ثم
كبرت الملائكة ، ثم كبر النبي صلى الله عليه واله ، ثم كبر سلمان الفارسي ، فصار التكبير
خلف العرائس سنة من تلك الليلة .
فجاء بها فأدخلها على علي عليه السلام فأجلسها إلى حبنبه على الحصر القطري
ثم قال : يا علي هذه بنتي فمن أكرمها فقد أكرمني ، ومن أهانها فقد أهانني .
ثم قال : اللهم بارك لهما ، وبارك عليهما ، واجعل لهما ذرية طيبة إنك سميع
الدعاء ، ثم وثب فتعلقت به وبكت ، فقال لها : ما يبكيك فقد زوجتك أعظمهم
حلما ، وأكثرهم علما .
ايضاح : قال الجزري فيه : أنه عليه السلام كان متوشحا بثوب قطري : هو ضرب من
البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة ، وقيل : هي حلل جياد تحمل من
قبل البحرين ، وقال الازهري : في أعراض البحرين قرية يقال لها : قطر ، وأحسب
الثياب القطرية نسبت إليها ، فكسروا القاف للنسبة وخففوا .
37 - كشف : قد أورد صاحب كتاب الفردوس في الاحاديث عن النبي صلى الله عليه واله
لولا علي لم يكن لفاطمة كفو .
وروى صاحب الفردوس أيضا عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه واله : يا علي إن
الله زوجك فاطمة ، وجعل صداقها الارض فمن مشى عليها مبغضا لك مشى حراما .
[142]
وروى ابن بابويه من حديث طويل أورده في تزويج أميرالمؤمنين بفاطمة عليهما السلام
أنه أخذ في فيه ماء ودعا فاطمة فأجلسها بين يديه ، ثم مج الماء في المخضب - وهو
المركن - وغسل قدميه ووجهه ، ثم دعا فاطمة عليها السلام وأخذ كفا من ماء فضرب به على
رأسها ، وكفا بين يديها ثم رش جلدها ، ثم دعا بمخضب آخر ثم دعا عليا فصنع به كما صنع
بها ، ثم التزمهما فقال : اللهم إنهما مني وأنا منهما ، اللهم كما أذهبت عني الرجس
وطهرتني تطهيرا ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، ثم قال : قوما إلى بيتكما
جمع الله بينكما ، وبارك في سيركما ، وأصلح بالكما ، ثم قام فأغلق عليهما الباب
بيده ، قال ابن عباس : فأخبرتني أسماء أنها رمقت رسول الله صلى الله عليه واله فلم يزل يدعو
لهما خاصة لايشركهما في دعائه أحدا حتى توارى في حجرته .
وفي رواية أنه قال : بارك الله لكما في سيركما ، وجمع شملكما ، وألف
على الايمان بين قلوبكما ، شأنك بأهلك ، السلام عليكما .
وروى عن جابر بن عبدالله قال : لما زوج رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة من علي عليهما السلام
كان الله تعالى مزوجه من فوق عرشه ، وكان جبرئيل الخاطب ، وكان ميكائيل
وإسرافيل في سبعين ألفا من الملائكة شهودا وأوحى الله إلى شجرة طوبى أن انثري
مافيك من الدر والياقوت واللؤلؤ ، وأوحى الله إلى الحور العين أن التقطنه
فهن يتهادينه إلى يوم القيامة فرحا بتزويج فاطمة عليا .
وعن شرحبيل بن سعيد قال : دخل رسول الله صلى الله عليه واله على فاطمة في صبيحة
عرسها بقدح فيه لبن ، فقال : اشربي فداك أبوك ، ثم قال لعلي عليه السلام : اشرب


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 142 سطر 19 الى ص 150 سطر 18

فداك ابن عمك .
وعن شرحبيل بن سعيد الانصاري قال : لما كانت صبيحة العرس أصاب فاطمة
عليها السلام رعدة ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله : زوجتك سيدا في الدنيا وإنه في الاخرة
لمن الصالحين .
( * ) وعن أبي جعفر عليه السلام قال : شكت فاطمة عليها السلام إلى رسول الله صلى الله عليه واله
* ( هامش ) * ( * ) في النسخة المطبوعة هناك رمز كا وهو سهو . ( * )
[143]
عليا فقالت : يارسول الله ما يدع شيئا من رزقه إلا وزعه بين المساكين ، فقال
لها : يافاطمة أتسخطيني في أخي وابن عمي ، إن سخطه سخطي وإن سخطي لسخط
الله ، فقالت : أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله .
وروى عن الاصبغ بن نباتة : قال : سمعت أميرالمؤمنين عليه السلام يقول : والله
لاتكلمن بكلام لا يتكلم به غيري إلا كذاب ، ورثت نبي الرحمة ، وزوجتي خير
نساء الامة ، وأنا خير الوصيين ( 1 ) .
38 - كا : العدة ، عن سهل ، عن البزنطي ، عن عبدالكريم بن عمرو ، عن ابن
أبي يعفور قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن عليا تزوج فاطمة عليها السلام
على جرد برد ، ودرع ، وفراش كان من إهاب كبش .
بيان : قوله : على جرد برد ، أي برد خلق .
39 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ابن
بكير قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : زوج رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة على درع
حطمية يسوى ثلاثين درهما .
40 - كا : أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : زوج رسول الله صلى الله عليه واله عليا فاطمة ، على درع حطمية
وكان فراشها إهاب كبش يجعلان الصوف إذا اضطجعا تحت جنوبهما .
41 - كا : بعض أصحابنا ، عن علي بن الحسين ، عن العباس بن عامر ، عن
عبدالله بن [ أبي ] بكير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : زوج رسول الله صلى الله عليه واله عليا
فاطمة على درع حطمية تساوي ثلاثين درهما .
بيان : يمكن الجمع بين تلك الروايات بوجوه :
الاول : أن يكون المراد كون الدرع جزءا للمهر .
الثاني : أن يكون المعنى أنه لو كان هذا اليوم لساوى ثلاثين درهما وإن
كانت قيمته في ذلك الزمان أكثر . * ( هامش ) * ( 1 ) راجع كشف الغمة ج 2 ص 32 . ( * )
[144]
الثالث : أن يقال : إنه كان يسوى ثلاثين درهما ، لكن بيع بخمسمائة درهم . الرابع : أن يكون بعض الاخبار محمولا على التقية .
42 - كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليد الخزاز
عن يونس بن يعقوب ، عن أبي مريم الانصاري ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان
صداق فاطمة جرد برد حبرة ، ودرع حطمية ، وكان فراشها إهاب كبش يلقيانه و
يفرشانه وينامان عليه .
43 - كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن علي بن أسباط
عن داود ، عن يعقوب بن شعيب قال : لما زوج رسول الله صلى الله عليه واله عليا فاطمة دخل
عليها وهي تبكي فقال لها : ما يبكيك ؟ فوالله لو كان في أهلي خير منه ما زوجتكه
وما أنازوجتكه ولكن الله زوجك وأصدق عنك الخمس ما دامت السماوات والارض .
44 - كا : علي بن محمد ، عن عبدالله بن إسحاق ، عن الحسين بن علي بن
سليمان ، عمن حدثه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن فاطمة عليها السلام قالت لرسول الله
صلى الله عليه وآله : زوجتني بالمهر الخسيس ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله : ما أنا
زوجتك ولكن الله ، زوجك من السماء ، وجعل مهرك خمس الدنيا ما دامت
السماوات والارض .
45 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : لا غيرة في الحلال بعد قول رسول الله صلى الله عليه واله : لا تحدثا
شيئا حتى أرجع إليكما ، فلما أتاهما أدخل رجليه بينهما في الفراش .
46 - كا : علي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله البرقى رفعه قال : لما زوج
رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة قالوا : بالرفاء والبنين ، قال : لابل على الخير والبركة .
ايضاح : [ قال الجزري ] فيه : نهى أن يقال للمتزوج بالرفاء والبنين
الرفاء ، الالتيام والاتفاق ، والبركة ، والنماء ، وإنما نهى عنه كراهية لانه
كان من عادتهم ولهذا سن فيه غيره .
47 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار
[145]
عن مخلد بن موسى ، عن إ براهيم بن علي ، عن علي بن يحيى اليربوعي ، عن أبان
ابن تغلب ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إنما أنا بشر مثلكم
أتزوج فيكم ، وازوجكم إلا فاطمة فإن تزويجها نزل من السماء .
48 - فر ( 1 ) : علي بن محمد بن مخلد الجعفي معنعنا عن ابن عباس رضي الله عنه
في قول الله تعالى " وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا " ( 2 ) قال :
خلق الله نطفة بيضاء مكنونة فجعلها في صلب آدم ، ثم نقلها من صلب آدم إلى صلب
شيث ، ومن صلب شيث إلى صلب أنوش ، ومن صلب أنوش إلى صلب قينان ، حتى
توارثتها كرام الاصلاب في مطهرات الارحام ، حتى جعلها الله في صلب عبدالمطلب
ثم قسمها نصفين ، فألقى نصفها إلى صلب عبدالله ، ونصفها إلى صلب أبي طالب
وهي سلالة تولد من عبدالله محمدا ، ومن أبيطالب عليا عليهما الصلاة والسلام ، فذلك
قول الله تعالى " وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا " .
وزوج فاطمة بنت محمد عليا ، فعلي من محمد ، ومحمد من علي ، والحسن
والحسين وفاطمة نسب وعلي الصهر ( 3 ) .
49 - مصباح الانوار وكتاب المحتضر للحسن بن سليمان نقلا من كتاب
الفردوس عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال : لولا علي لم يكن لفاطمة كفو .
ومنه رفعه باسناده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه واله قال لعلي عليه السلام : يا علي
إن الله عزوجل زوجك فاطمة وجعل صداقها الارض ، فمن مشى عليها مبغضا
لك مشى عليها حراما .
* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخة المطبوعة هناك تصحيف غريب راجع ص 42 .
( 2 ) الفرقان : 56 . ( 3 ) المصدر : ص 107 . ( * )
[146]
6 ( باب ) * " ( كيفية معاشرتها مع على عليهما السلام ) " *
1 - ع : القطان ، عن السكري ، عن الحسين بن علي العبدي ، عن
عبدالعزيز بن مسلم ، عن يحيى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : صلى بنا
رسول الله صلى الله عليه واله الفجر ثم قام بوجه كئيب وقمنا معه حتى صار إلى منزل فاطمة عليها السلام
فأبصر عليا نائما بين يدي الباب على الدقعاء ، فجلس النبي صلى الله عليه واله فجعل يمسح
التراب عن ظهره ويقول : قم فداك أبي وامي يا أبا تراب ، ثم أخذ بيده ودخلا
منزل فاطمة ، فمكثنا هنيئة ، ثم سمعنا ضحكا عاليا ، ثم خرج علينا رسول الله صلى الله عليه واله
بوجه مشرق ، فقلنا : يارسول الله دخلت بوجه كئيب وخرجت بخلافه ، فقال :
كيف لا أفرح وقد أصلحت بين اثنين أحب أهل الارض إلى أهل السماء .
بيان : الدقعاء التراب ، والاخبار المشتملة على منازعتهما مأولة بما
يرجع إلى ضرب من المصلحة ، لظهور فضلهما على الناس أو غير ذلك مما خفي
علينا جهته .
2 - ع : القطان ، عن ا لسكري ، عن عثمان بن عمران ، عن عبيد الله بن
موسى ، عن عبد العزيز ، عن حبيب بن أبي ثابت قال : كان بين علي وفاطمة عليهما السلام
كلام ، فدخل رسول الله صلى الله عليه واله والقي له مثال فاضطجع عليه ، فجاءت فاطمة عليها السلام
فاضطجعت من جانب ، وجاء علي عليه السلام فاضطجع من جانب ، قال : فأخذ رسول الله صلى الله عليه واله
يد علي فوضعها على سرته ، وأخذ يد فاطمة فوضعها على سرته ، فلم يزل حتى
أصلح بينهما ، ثم خرج ، فقيل له : يارسول الله دخلت وأنت على حال ، وخرجت
ونحن نرى البشرى في وجهك ، قال : [ و ] ما يمنعني وقد أصلحت بين اثنين أحب من على وجه الارض إلي .
[147]
قال الصدوق رحمه الله : ليس هذا الخبر عندي بمعتمد ، ولاهولي بمعتقد
في هذه العلة لان عليا وفاطمة عليهما السلام ما كانا ليقع بينهما كلام يحتاج رسول الله صلى الله عليه واله
إلى الاصلاح بينهما ، لانه عليه السلام سيد الوصيين ، وهي سيدة نساء العالمين ، مقتديان
بنبي الله صلى الله عليه واله في حسن الخلق .
مصباح الانوار : عن حبيب مثله .
بيان : المثال بالكسر الفراش ، ذكره الفيروز آبادي .
3 - ع : أبي ، عن سعد ، عن الحسن بن عرفة ، عن وكيع ، عن محمد بن
إسرائيل ، عن أبي صالح ، عن أبي ذر رحمة الله عليه قال : كنت أنا وجعفر بن
أبي طالب مهاجرين إلى بلاد الحبشة ( 1 ) فاهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة آلاف
درهم ، فلما قدمنا المدينة أهداها لعلي عليه السلام تخدمه ، فجعلها علي في منزل فاطمة .
فدخلت فاطمة عليها السلام يوما فنظرت إلى رأس علي عليه السلام في حجر الجارية
فقالت : يا أبا الحسن فعلتها ، فقال : لا والله يا بنت محمد ما فعلت شيئا فما الذي
تريدين ؟ قالت تأذن لي في المصير إلى منزل أبي رسول الله صلى الله عليه واله فقال لها : قد
أذنت لك .
فتجللت بجلالها ، وتبرقعت ببرقعها ، وأرادت النبي صلى الله عليه واله فهبط جبرئيل
عليه السلام ، فقال : يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول لك : إن هذه فاطمة قد
أقبلت تشكو عليا فلا تقبل منها في علي شيئا ، فدخلت فاطمة فقال لها رسول
الله صلى الله عليه واله : جئت تشكين عليا ، قالت : إي ورب الكعبة ، فقال لها : ارجعي إليه
فقولي له : ر غم أنفي لرضاك .
فرجعت إلى علي عليه السلام فقالت له : يا أبا الحسن رغم أنفي لرضاك - تقولها
ثلاثا - فقال لها علي شكوتني إلى خليلي وحبيبي رسول الله صلى الله عليه واله ، واسوأتاه من
رسول الله صلى الله عليه واله ، اشهد الله يا فاطمة أن الجارية حرة لوجه الله ، وأن الاربع مائة
درهم التي فضلت من عطائي صدقة على فقراء أهل المدينة . * ( هامش ) * ( 1 ) لايعرف لابى ذر هجرة إلى حبشة . ( * )
[148]
ثم تلبس وانتعل وأراد النبي صلى الله عليه وآله ، فهبط جبرئيل عليه السلام فقال :
يامحمد إن الله يقرئك السلام ، ويقول لك : قل لعلي : قد أعطيتك الجنة بعتقك
الجارية في رضى فاطمة ، والنار بالاربعمائة درهم التي تصدقت بها ، فأدخل الجنة
من شئت برحمتي ، وأخرج من النار من شئت بعفوي ، فعندها قال علي عليه السلام : أنا
قسيم الله بين الجنة والنار .
قب : أبومنصور الكاتب في كتاب الروح والريحان ، عن أبي ذر مثله .
بشا : والدي أبوالقاسم ، وعمار بن ياسر ، وولده سعد جميعا ، عن إبراهيم بن
نصر الجرجاني ، عن محمد بن حمزة المرعشي ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن جعفر
عن حمزة بن إسماعيل ، عن أحمد بن الخليل ، عن يحيى بن عبدالحميد ، عن شريك
عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس مثله بأدنى تغيير ، وقد أوردناه
في باب أ نه عليه السلام قسيم الجنة والنار ( 1 ) .
4 - قب : لما انصرفت فاطمة من عند أبي بكر أقبلت على أميرالمؤمنين عليه السلام
فقالت له : يا ابن أبي طالب اشتملت شيمة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين فنقضت قادمة
الاجدال ، فخانك ريش الاعزل [ أضرعت خدك يوم أضعت جدك ، افترست الذئاب
وافترشت التراب ، ما كففت قائلا ، ولا أغنيت باطلا ] هذا ابن أبي قحافة يبتزني
نحيلة أبي ، وبليغة ابني ، والله لقد أجهر في خصامي ، وألفيته ألد في كلامي ، حتى
منعتني القيلة نصرها والمهاجرة وصلها ، وغضت الجماعة دوني طرفها ، فلا دافع ولا مانع
خرجت كاظمة ، وعدت راغمة ، ولا خيار ، لي ليتني مت قبل هينتي ، ودون زلتي
عذيري الله منك عاديا ، ومنك حاميا ، ويلاي في كل شارق ، ويلاي مات العمد
ووهنت العضد ، وشكواي إلى أبي . وعدواي إلى ربي اللهم أنت أشد قوة .
فأجابها أميرالمؤمنين : لا ويل لك ، بل الويل لشانئك ، نهني عن وجدك يا
بنية الصفوة ، وبقية النبوة ، فما ونيت عن ديني ، ولا أخطأت مقدوري ، فان كنت
تريدن البلغة ، فرزقك مضمومن ، وكفيلك مأمون ، وما أعد لك خير مما قطع
* ( هامش ) * ( 1 ) راجع ج 39 ص 207 من الطبعة الحديثة . ( * )
[149]
عنك ، فاحتسبي الله ، فقالت : حسبي الله ونعم الوكيل ( 1 ) .
بيان : أقول : قد مر [ تصحيح ] كلماتها وشرحها في أبواب فدك .
5 - قب : معقل بن يسارو أبوقبيل وابن إسحاق وحبيب بن أبي ثابت وعمران
بن الحصين وابن غسان والباقر عليه السلام مع اختلاف الروايات واتفاق المعنى ، أن
النسوة قلن : يا بنت رسول الله خطبك فلان وفلان فردهم أبوك وزوجك عائلا !
فدخل رسول الله صلى الله عليه واله فقالت : يارسول الله زوجتني عائلا فهز رسول الله صلى الله عليه واله
بيده معصمها وقال : لا يا فاطمة ولكن زوجتك أقدمهم سلما ، وأكثر هم علما
وأعظمهم حلما ، أما علمت يا فاطمة أنه أخي في الدنيا والآخرة ، فضحكت
وقالت : رضيت يارسول الله ، وفي رواية أبي قبيل : لم ازوجك حتى أمرني جبرئيل
وفي رواية عمران بن الحصين وحبيب بن أبي ثابت أما إني قد زوجتك خير من
أعلم ، وفي رواية ابن غسان زوجتك خيرهم .
وفي كتاب ابن شاهين : عبدالرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن عكرمة قال
النبي صلى الله عليه واله : أنكحتك أحب أهلي إلي .
* ( هامش ) * ما نقله المصنف رحمه الله يخالف النسخة المطبوعة كثيرا ولذلك ننقله من المصدر
ج 3 ص 208 لمزيدة الفائدة :
" ولما انصرفت من عند أبي بكر ، أقبلت على أمير المؤمنين فقالت له : يا ابن أبى طالب !
اشتملت شملة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين نقضت قادمة الاجدل ، فخاتك ريش الاعزل
هذا ابن أبى قحافة قد ابتزني نحيلة أبي ، وبليغة ابنى ، والله لقد أجهد في ظلا متى وألد
في خصامى ، حتى منعنتى القيلة نصرها ، والمهاجرة وصلها وغضت الجماعة دونى طرفها
فلا مانع ولا دافع ، خرجت والله كاظمة ، وعدت راغمة ولا خيارلى ، ليتنى مت قبل ذلتى ، و
توفيت دون منيتى ، عذيرى والله فيك حاميا ، ومنك داعيا ، ويلاه في كل شارق ، ويلاه مات
العمد ، ووهن العضد ، شكواى إلى ربى ، وعدواى إلى أبى . . . " وباقى الكلام ليس
فيه كثير اختلاف فراجع . ( * )
[150]
كنت واقفا بيد يدي رسول الله أسكب الماء على يديه إذا دخلت فاطمة وهي تبكي ، فوضع
النبي صلى الله عليه واله يده على رأسها وقال : ما يبكيك لا أبكى الله عينيك ياحورية ، قالت :
مررت على ملاء من نساء قريش وهن مخضبات ، فلما نظرن إلي وقعوا في وفي ابن
عمي فقال لها : وما سمعتي منهن ؟ قالت : قلن : كان قد عز على محمد أن يزوج إبنته
من رجل فقير قريش وأقلهم مالا ، فقال لها : والله يا بنية مازوجتك ولكن الله
زوجك من علي فكان بدوه منه .
وذلك أنه خطبك فلان وفلان فعند ذلك جعلت أمرك إلى الله تعالى وأمسكت
عن الناس ، فبينا صليت يوم الجمعة صلاة الفجر إذ سمعت حفيف الملائكة ، وإذا
بحبيبي جبرئيل ومعه سبعون صفا من الملائكة متوجين ، مقرطين ، مدملجين ( 1 )
فقلت : ماهذه القعقة من السماء يا أخي جبرئيل ؟ فقال : يا محمد إن الله عزوجل
اطلع إلى الارض اطلاعة ، فاختار منها من الرجال علينا عليه السلام ومن النساء فاطمة
عليها السلام ، فزوج فاطمة من علي ، فرفعت رأسها وتبسمت بعد بكائها ، وقالت
رضيت بما رضي الله ورسوله .
فقال صلى الله عليه واله : ألا أزيدك يا فاطمة في علي رغبة ؟ قالت : بلى ، قال : لايرد
على الله عزوجل ركبان أكرم منا أربعة : أخي صالح على ناقته ، وعمي حمزة
على ناقتي الضباء ، وأنا على البراق ، وبعلك علي بن أبيطالب على ناقة من
نوق الجنة .
فقالت : صف لي الناقة من أي شئ خلقت ؟ قال : ناقة خلقت من نور الله


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 150 سطر 19 الى ص 158 سطر 18

عزوجل ، مد بجة الجنين ، صفراء ، حمراء الرأس ، سوداء الحدق ، قوائمها
من الذهب ، خطامها من اللؤ لؤ الرطب ، عيناها من الياقوت ، وبطنها من
الزبرجد الاخضر . عليها قبة من لؤ لوءة بيضاء ، يرى باطنها من ظاهرها ، و
ظاهرها من باطنها ، خلقت من عفو الله عزوجل .
* ( هامش ) * ( 1 ) أى كان على رؤوسهم التاج وفى اذنهم القرط وفى معصمهم الدملوج وهو حلى
يلبس في المعصم . ( * )
[151]
تلك الناقة من نوق الله ، لها سبعون ألف ركنا بين الركن والركن
سبعون ألف ملك يسبحون الله عزوجل بأنواع التسبيح لايمرعلى ملاء
من الملائكة إلا قالوا : من هذا العبد ؟ ما أكرمه على الله عزوجل أتراه
نبيا مرسلا ، أو ملكا مقربا ، أو حامل عرش ، أو حامل كرسي ، فينادي مناد
من بطنان العرش : أيها الناس ، ليس هذا بنبي مرسل ، ولا ملك مقرب ، هذا علي
ابن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه ، فيبدرون رجالا رجالا ، فيقولون : إنا لله وإنا
إليه راجعون ، حدثونا فلم نصدق ، ونصحونا فلم نقبل ، والذين يحبونه تعلقوا
بالعروة الوثقى ، كذلك ينجون في الآخرة .
يا فاطمة ألا أزيدك في علي رغبة ، قالت : زدني يا أبتاه .
قال النبي صلى الله عليه واله : إن عليا أكرم على الله من هارون لان هارون أغضب موسى
وعلي لم يغضبني قط والذي بعث أباك بالحق نبيط ما غضبت عليه يوما قط ، وما
نظرت في وجه علي إلا ذهب الغضب عني .
يا فاطمة ألا أزيدك في علي رغبة ، قالت : زدني يا نبي الله .
قال : هبط علي جبرئيل وقال : يا محمد اقرء عليا من السلام السلام .
فقامت وقالت فاطمة عليها السلام : رضيت بالله ربا وبك يا أبتاه نبيا وبابن
عمي بعلا ووليا .
7 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يحتطب ويستقي ويكنس ، وكانت فاطمة عليها السلام
تطحن وتعجن وتخبز .
ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن إبراهيم
عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير مثله .
8 - ما : الحسين ، عن ابن وهبان ، عن علي بن حبيش ، عن العباس بن محمد بن
الحسين ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن الحسين بن أبي غندر ، عن ابن أبي يعفور ، عن
[152]
أبي عبدالله عليه السلام قال : أوحى الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه واله : قل لفاطمة : لا تعصي عليا
فإنه إن غضب غضبت لغضبه .
9 - وفى الديوان المنسوبة أبياتها إلى أميرالمؤمنين أنه قال في مرضه محاطبا
لفاطمة ما روي عن أبي العلاء الحسن العطار ، عن الحسن المقري ، عن أبي عبدالله
الحافظ ، عن علي بن أحمد المقري ، عن زيد بن مسكان ، عن عبيد الله ابن محمد البلوي
أنه عليه السلام أنشد هذه الابيات وهو محموم يرثي فاطمة عليها السلام :
وإن حياتي منك يا بنت أحمد * باظهار ما أخفيته لشديد
ولكن لامر الله تعنو رقابنا * وليس على أمر الا له جليد
أتصرعني الحمى لديك وأشتكي * إليك ومالي في الرجال نديد
اصر على صبر وأقوى على منى * إذا صبر خوار الرجال بعيد
وفي هذه الحمى دليل بأنها * لموت البرايا قائد وبريد
بيان : وإن حياتي منك أي اشتدت حياتي بسببك حيث لابد لي من
إظهار ما أخفيته من المرض ، كذا خطر بالبال ( 1 ) وقيل : منك أي من بعدك ، وقيل :
أي حياتي منك وبسببك وأنا شديد بإظهار ما أخفيته ، أي لا اظهره ، ولايخفى
بعدهما ، تعنو ، أي تخضع ، والجليد ، الصلب ، والنديد : المثل والنظير ، والخوار
الضعيف والصياح .
10 - دعوات الراوندى : عن سويد بن غفلة قال : أصابت عليا عليه السلام شدة
فأتت فاطمة عليها السلام رسول الله صلى الله عليه واله ، فدقت الباب فقال : أسمع حس حبيبي
بالباب يا ام أيمن قومي وانظري ! ففتحت لها الباب ، فدخلت ، فقال صلى الله عليه واله :
لقد جئتنا في وقت ما كنت تأتينا في مثله ، فقالتت فاطمة : يارسول الله صلى الله عليه واله ما طعام
الملائكة عند ربنا ؟ فقال : التحميد ؟ فقالت : ما طعامنا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه واله :
* ( هامش ) * ( 1 ) والذى يخطر بالبال أن " حياتى " مصحف " حيائى " فيستقيم معنى الشعر وسياق
الكلام ولازمه كون الاشعار شكوائيه في حياتها عليها السلام لارثائية في وفاتها بل هو الظاهر
من سياقها كما لا يخفى . ( * )
[153]
والذي نفسي بيده ما أقتبس في آل محمد شهرا نارا ، واعلمك خمس كلمات علمنيهن
جبرئيل عليه السلام قالت : يارسول الله ما الخمس الكلمات ؟ قال : " يارب الاولين و
الآخرين ، يا ذاالقوة المتين ، ويا راحم المساكين ، ويا أرحم الراحمين " ورجعت
فلما أبصرها علي عليه السلام قال : بأبي أنت وامي ماوراءك يافاطمة ؟ قالت : ذهبت
للدنيا وجئت للاخرة ، قال علي عليه السلام : خير أمامك خير أمامك .
11 - مصباح الانوار : عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : شكت فاطمة
إلى رسول الله صلى الله عليه واله عليا ، فقالت : يا رسول الله لايدع شيئا من رزقه إلا وزعه
على المساكين ، فقال لها : يا فاطمة أتسخطيني في أخي وابن عمي إن سخطه سخطي
وإن سخطي سخط الله عزوجل .
12 - ما : جماعة ، عن أبي غالب الزاراري ، عن خاله ، عن الاشعري ، عن
أبي عبدالله ( 1 ) عن منصور بن العباس ، عن إسماعيل بن سهل الكاتب ، عن أبي طالب
الغنوي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : حرم
الله عزوجل على علي النساء مادامت فاطمة حية ، قلت : وكيف ؟ قال : لانها
طاهرة لا تحيض .
بيان : هذا التعليل يحتمل وجهين :
الاول أن يكون المراد أنها لما كانت لا تحيض حتى يكون له عليه السلام عذر
في مباشرة غيرها ، فلذا حرم الله عليه غيرها رعاية لحرمتها .
الثاني أن يكون المعنى أن جلالتها منعت من ذلك وعبر عن ذلك ببعض
ما يلزمه من الصفات التي اختصت بها .
13 - قب : سئل عالم فقيل : إن الله تعالى قد أنزل هل أتى في أهل البيت
وليس شئ من نعيم الجنة إلا وذكر فيه إلا الحور العين ، قال : ذلك إجلالا لفاطمة
عليها السلام .
* ( هامش ) * ( 1 ) يعنى أبا عبدالله محمد بن خالد البرقى . ( * )
[154]
سفيان الثوري ، عن الاعمش ، عن أبي صالح في قوله : " وإذا النفوس
زوجت " ( 1 ) قال : ما من مؤمن يوم القيامة إلا إذا قطع الصراط زوجه الله على
باب الجنة بأربع نسوة من نساء الدنيا ، وسبعين ألف حورية من حور الجنة إلا
علي بن أبيطالب ، فانه زوج البتول فاطمة في الدنيا ، وهو زوجها في الآخرة في الجنة
ليست له زوجة في الجنة غيرها من نساء الدنيا لكن له في الجنان سبعون ألف
حورا لكل حور سبعون ألف خادم .
أقول : سيأتي بعض أخبار هذا الباب في باب غسلها ودفها عليها السلام .
* ( هامش ) * ( 1 ) التكوير : 7 . ( * )
[155]
7 * ( باب ) *
* ( ماوقع عليها من الظلم وبكائها وحزنها وشكايتها ) *
* ( في مرضها إلى شهادتها وغسلها ودفنها ، وبيان ) *
* ( العلة في اخفاء دفنها صلوات الله عليها ) *
* ( ولعنة الله على من ظلمها ) *
1 - ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن محمد بن سهيل البحراني
يرفعه إلى أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال : البكاؤن خمسة : آدم ، ويعقوب ، ويوسف
وفاطمة بنت محمد ، وعلي بن الحسين عليهم السلام ، فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار
في خدية أمثال الاودية ، وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره وحتى
قيل له : " تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين " ( 1 )
وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذي به أهل السجن فقالوا له : إما أن تبكي
بالليل وتسكت بالنهار وإما أن تبكي بالنهار وتسكت بالليل ، فصالحهم على واحدة
منهما ، وأما فاطمة فبكت على رسول الله صلى الله عليه واله حتى تأذي به أهل المدينة فقالوا
لها : قد آذيتينا بكثرة بكائك ، فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشهداء فتبكي
حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف ، وأما علي بن الحسين فبكى على الحسين عليه السلام
عشرين سنة أو أربعين سنة ، ما وضع بين يديه طعام إلا بكى ، حتى قال له مولى
له : جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين قال :
إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ، إني لم أذكر مصرع
بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة .
لى - الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن ابن
معروف مثله .
* ( هامش ) * ( 1 ) يوسف : 85 . ( * )
[156]
2 - ما : المفيد ، عن الصدوق ، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد
الجبار ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن
عبدالله بن العباس قال : لما حضرت رسول الله صلى الله عليه واله الوفاة بكى حتى بلت دموعه
لحيته ، فقيل له : يارسول الله ما يبكيك ؟ فقال : أبكي لذريتي وما تصنع بهم شرار
امتي من بعدي ، كأني بفاطمة بنتي وقد ظلمت بعدي وهي تنادي يا أبتاه ، فلا يعينها
أحد من امتي ، فسمعت ذلك فاطمة عليها السلام فبكت ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله :
لا تبكين يابنية ، فقالت : لست أبكي لما يصنع بي من بعدك ، ولكني أبكي لفراقك
يارسول الله ، فقال لها : ابشري يابنت محمد بسرعة اللحاق بي فانك أول من يلحق
بي من أهل بيتي .
3 - ص : الصدوق ، عن السناني ، عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن جعفر بن
سليمان ، عن عبدالله بن يحيى ، عن الاعمش ، عن عباية ، عن ابن عباس قال :
دخلت فاطمة على رسول الله صلى الله عليه واله في مرضه الذي توفي فيه ، قال : نعيت إلي
نفسي ، فبتكت فاطمة ، فقال لها : لا تبكين فانك لا تمكثين من بعدي إلا اثنين و
سبعين يوما ونصف يوم حتى تلحقي بي ، ولا تحلقي بي ، حتى تتحفي بثمار الجنة
فضحكت فاطمة عليها السلام .
4 - يج : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه واله خمسة
وسبعين يوما ، وكان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرئيل يأتيها ويطيب
نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه في الجنة ويخبرها ما يكون بعدها في ذريتها ، وكان
علي يكتب ذلك .
5 - قب ( 1 ) : دخلت ام سلمة على فاطمة عليها السلام فقالت لها : كيف أصبحت
عن ليلتك يا بنت رسول الله صلى الله عليه واله ؟ قالت : أصبحت بين كمد وكرب ، فقد النبي
وظلم الوصي ، هتك والله حجابه ، من أصبحت إمامته مقبضة [ مقتضبة ] على غير
* ( هامش ) * ( 1 ) في المطبوعة شى وهو سهو لا يناسب تفسير العياشى وانمايوجد في المناقب ج 2
ص 203 . ( * )
[157]
ما شرع الله في التنزيل ، وسنها النبي صلى الله عليه وآله في التأويل
ولكنها أحقاد بدرية ، وترات احدية ، كانت عليها قلوب النفاق مكتمنة
لامكان الوشاة ، فلما استهدف الامر أرسلت عليها شآبيب الاثار من مخيلة الشقاق
فيقطع وتر الايمان من قسي صدورها ، ولبئس - على ما وعد الله من حفظ الرسالة
وكفالة المؤمنين - أحرزوا عائدتهم غرور الدنيا بعد استنصار [ انتصار ] ، ممن فتك
بآبائهم في مواطن الكرب ، ومنازل الشهادات .
أقول : كان الخبر في المأخوذ منه مصحفا محرفا ، ولم أجده في موضع
آخرا صححه به فأوردته على ما وجدته .
6 - من بعض كتب المناقب : عن سعد بن عبدالله الهمداني ، عن سليمان
ابن إبراهيم ، عن أحمد بن موسى بن مردويه ، عن جعفر بن محمد بن مروان ، عن
أبيه ، عن سعيد بن محمد الجرمي ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن حبة ، عن
علي عليه السلام قال : غسلت النبي صلى الله عليه واله في قميصه ، فكانت فاطمة تقول : أرني القميص
فإذا شمته غعشي عليها ، فلما رأيت ذلك غيبته .
7 - يه ( 1 ) : روي [ أنه ] لما قبض النبي صلى الله عليه واله امتنع بلال من الاذان ، قال
لا اؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه واله ، وإن فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم ، إني أشتهي
أن أسمع صوت مؤذن أبي صلى الله عليه واله بالاذن ، فبلغ ذلك بلالا ، فأخذ في الاذان ، فلما
قال : الله أكبر الله أكبر ، ذكرت أباها وأيامه ، فلم تتمالك من البكاء ، فلما
بلغ إلى قوله : أشهد أن محمدا رسول لله شهقت فاطمة عليها السلام وسقطت لوجهها
وغشي عليها ، فقال الناس لبلال : أمسك يابلال فقد فارقت ابنة رسول صلى الله عليه واله
الدنيا ، وظنوا أنها قدماتت ، فقطع أذانه ولم يتمه فأفاقت فاطمة عليها السلام وسألته
أن يتم الاذان ، فلم يفعل ، وقال لها : ياسيدة النسوان إني أخشى عليك مما
تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالاذان ، فأعفته عن ذلك .
* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخة المطبوعة ير وهو سهو والحديث يوجد في الفقيه باب الاذان .
فراجع . ( * )
[158]
8 - مع : حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا عبدالرحمان
ابن محمد الحسيني ، قال : حدثنا أبوالطيب محمد بن الحسين بن حميد اللخمي ، قال :
حدثنا أبوعبدالله محمد بن زكريا ، قال : حدثنا محمد بن عبدالرحمان المهلبي ، قال :
حدثنا عبدالله بن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبدالله بن الحسن ، عن امه فاطمة
بنت الحسين عليه السلام قالت : لما اشتدت علة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله وغلبها ، اجتمع
عندها نساء المهاجرين والانصار ، فقلن لها : يا بنت رسول الله : كيف أصبحت عن علتك ؟
فقالت عليها السلام : أصبحت والله عائفة لدنيا كم ، قالبة لرجالكم ، لفظتهم قبل أن عجمتهم
وشنئتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لفلول الحد ، وخور القناة ، وخطل الرأي ، و
بئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، لاجرم لقد
قلدتهم ربقتها ، وشننت عليهم غارها فجدعا ، وعقرا ، وسحقا للقوم الظالمين .
ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ، ومهبط الوحي
الامين ، والطبين بأمر الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما نقموا
من أبي الحسن ، نقموا والله منه نكير سيفه ، وشدة وطئه ، ونكال وقعته ، وتنمره في
ذات الله عزوجل .
والله لو تكافوا عن زمام نبذه رسول الله صلى الله عليه واله إليه لا عتلقه ، ولساربهم سيرا
سجحا ، لايكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولاورد هم منهلا نميرا فضفاضا تطفح
ضفتاه ولاصدرهم بطانا ، قد تحيربهم الري غير متحل منه بطائل إلا بغمر الماء
وردعة شررة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والارض ، وسيأخذهم الله


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 158 سطر 19 الى ص 166 سطر 18

بما كانوا يكسبون .
ألا هلم فاسمع وما عشت أراك الدهر العجب ، وإن تعجب فقد أعجبك الحادث
إلى أي سناد استندوا ، وبأي عروة تمسكوا ، استبدلوا الذنابى والله بالقوادم
والعجز بالكاهل . فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون
ولكن لا يشعرون ، أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لايهدي إلا أن يهدى
فمالكم كيف تحكمون .
[159]
أما لعمر إلهك لقد لقحت فنظره ريث ما تنتج ثم احتلبوا طلاع القعب دما
عبيطا ، وذعافا ممقرا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون ، غب ما سن
الاولون ، ثم طيبوا عن أنفسكم أنفسا ، وطأمنوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف
صارم ، وهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا ، وزرعكم حصيدا
فياحسرتى لكم ، وأنى بكم ، وقد عميت [ قلوبكم ] عليكم أنلزمكموها وأنتم لها
كارهون . ثم قال : وحدثنا بهذا الحديث [ أبوالحسن ] علي بن محمد بن الحسن
المعروف بابن مقبرة القزويني قال : أخبرنا أبوعبدالله جعفر بن محمد بن حسن بن
جعفر بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : حدثنا محمد بن علي
الهاشمي ، قال : حدثنا عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام
قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : لما
حضرت فاطمة عليها السلام الوفاة دعتني فقالت : أمنفذ أنت وصيتي وعهدي ؟ قال :
قلت : بلى انفذها فأوصت إليه وقالت : إذا أنا مت فادفني ليلا ولا توذنن
رجلين ذكرتهما ، قال : فلما اشتدت علتها اجتمع إليها نساء المهاجرين والانصار
فقلن : كيف أصبحت يا بنت رسول الله من علتك ؟ فقالت : أصبحت والله عائفة
لدنياكم ، وذكر الحديث نحوه .
قال الصدوق - رحمه الله - : سألت أبا أحمد الحسين بن عبدالله بن سعيد العسكري
عن معنى هذا الحديث فقال : أما قولها صلوات الله عليها : عائفة إلى آخرما ذكره ( 1 ) وسنوردها في تضاعيف ما سنذكره في شرح الخطبة على اختلاف رواياتها .
9 - ج : قال سويد بن غفلة : لما مرضت فاطمة عليها السلام المرضة التي
توفيت فيها اجتمع إليها نساء المهاجرين والانصار يعدنها ، فقلن لها : كيف أصبحت
من علتك يا ابنة رسول الله ؟ فحمدت الله وصلت على أبيها صلى الله عليه واله ثم قالت .
أصبحت والله عائفة لدنيا كن ، قالية لرجالكن ، لفظتهم بعد أن عجمتهم
* ( هامش ) * ( 1 ) راجع معانى الاخبار ص 356 ط مكتبة الصدوق . ( * )
[160]
وشنأتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لفلول الحد واللعب بعد الجد ، وقرع الصفاة
وصدع القناة ، وخطل الاراء ، وزلل الاهواء ، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم
أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها ، وحملتهم
أوقتها ، وشننت عليهم غارها ، فجدعا ، وعقرا ، وبعدا للقوم الظالمين .
ويحهم أنى زغرعوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ، ومهبط
الروح الامين ، والطبين بامور الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين .
وما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا منه والله نكير سيفه ، وقلة مبالاته
بحتفه ، وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله .
وتالله لو مالوا عن المحجة اللائحة ، وزالوا عن قبول الحجة الواضحة
لردهم إليها ، وحملهم عليها ، ولساربهم سيرا سجحا لايكلم خشاشه ، ولايكل سائره ، ولا
يمل راكبه ، ولاوردهم منهلا نميرا صافيا رويا تطفح ضغتاه ، ولا يترنق جانباه
ولا صدرهم بطانا ، ونصح لهم سرا وإعلانا ، ولم يكن يحلي من الغني بطائل ، ولا
يحظي من الدنيا بنائل ، غيرري الناهل ، وشبعة الكافل ، ولبان لهم الزاهد من
الراغب ، والصادق من الكاذب ، ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم
بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ، والذين
ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين ، ألا هلم فاستمع وما
عشت أراك الدهر عجبا وإن تعجب فعجب قولهم ، ليت شعري إلى أي سناد استندوا
وعلى أي عماد اعتمدوا ، وبأية عروة تمسكوا . وعلى أيه ذرية أقدموا واحتنكوا
لبئس المولى ولبئس العشير ، وبئس للظالمين بدلا ، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم ، و
العجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم
المفسدون ولكن لا يشعرون ، ويحهم أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن
لايهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون .
أما لعمري لقد لقحت فنظره ريثما تنتج ، ثم احتلبوا ملء القعب دما عبيطا
وذعافا مبيدا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون ، غب ما أسس الاولون
[161]
ثم طيبوا عن دنياكم أنفسا ، واطمئنوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف صارم
وسطوه معتد غاشم ، وبهرج شامل ، واستبداد من الظالمين ، يدع فيئكم زهيدا
وجمعكم حصيدا ، فياحسرة لكم ، وأنى بكم ، وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم
لها كاركون .
قال سويد بن غفلة : فأعادت النساء قولها عليها السلام على رجالهن فجاء إليها قوم
من وجوه المهاجرين والانصار معتذرين ، وقالوا : ياسيدة النساء لو كان أبوالحسن
ذكرلنا هذا الامر من قبل أن نبرم العهد ، ونحكم العقد ، لما عدلنا إلى غيره
فقالت عليها السلام : إليكم عني فلا عذر بعد تعذير كم ، ولا أمر بعد تقصيركم .
10 - ما : الحفار ، عن إسماعيل بن علي الدعبلي ، عن أحمد بن علي
الخزاز ، عن أبي سهل الدقاق ، عن عبد الرزاق ، وقال الدعلبي : وحدثنا إسحاق بن
إبراهيم الديري ، عن عبدالرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيدالله بن
عبدالله بن عتبة بن مسعود ، عن ابن عباس قال : دخلن نسوة من المهاجرين والانصار
على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله يعدنها في علتها ، فقلن : السلام عليك يا بنت رسول
الله - صلى الله عليه وآله - كيف أصبحت ؟ فقالت :
أصبحت والله عائفة لدنيا كن ، قاليد لرجا لكن ، لفظتهم بعد إذ عجمتهم
وسئمتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لافون الرأي ، وخطل القول ، وخور القناة ، و
لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، لاجرم
والله لقد قلدتهم ربقتها ، وشننت عليهم غارها ، فجدعا ورغما للقوم الظالمين .
ويحهم أنى زحزحوها عن أبي الحسن ، ما نقموا والله منه إلا نكير سيفه و
نكال وقعة ، وتنمره في ذات الله ، وتالله لو تكافوا عليه عن زمام نبذه إليه رسول الله
صلى الله عليه وآله لا عتلقه ، ثم لساربهم سيرة سجحا ، فانه قواعد الرسالة ، ورواسي
النبوة ، ومهبط الروح الامين ، والطبين بأمر الدين والدنيا والآخرة ألا ذلك
هو الخسران المبين .
والله لا يتكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولاوردهم منهلا رويا فضفاضا
[162]
تطفح ضفته ، ولاصدرهم بطانا قد خثربهم الري غير متحل بطائل إلا تغمر الناهل
ودرع سورة سغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والارض ، وسيأخذهم الله
بما كانوا يكسبون .
فهلم فاسمع فما عشت أراك الدهر عجبا ، وإن تعجب بعد الحادث فما بالهم ؟
بأي سند استندوا ، أم بأية عرؤة تمسكوا ، لبئس المولى ولبئس العشير ، وبئس
للظالمين بدلا .
استبدلوا الذنابى بالقوادم ، والحرون بالقاحم ، والعجز بالكاهل ، فتعسالقوم
يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، أفمن يهدي
إلى الحق أحق أن يتبع أن لايهدي إلا أن يهدي فمالكم كيف تحكمون .
لقحت فنظرة ريث ما تنتج ، ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا ، وذعافا ممضا
هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غب ما أسكن الاولون ، ثم طيبوا بعد
ذلك عن أنفسكم لفتنها ، ثم اطمئنوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف صارم ، وهرج
دائم شامل ، واستبداد من الظالمين ، فزرع فيئكم زهيدا ، وجمعكم حصيدا ، فياحسرة
لهم ، وقد عيمت عليهم الانباء أنلزمكموها وأنتم لها كارهون .
بيان : أقول : روى صاحب كشف الغمة الروايتين اللتين أوردهما الصدوق
عن كتاب السقيفة بحذف الاسناد ، ورواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن
أحمد بن عبدالعزيز الجوهري ، عن محمد بن زكريا ، عن محمد بن عبدالرحمان
إلى آخرما أورده الصدوق وإنما أوردتها مكررة للاختلاف الكثير بين رواياتها
وشدة الاعتناء بشأنها ، ولنشرحها لا حتياج جل فقراتها إلى الشرح والبيان زيادة
على ما أورده الصدوق والله المستعان .
قولها عليها السلام : " عائفة " أي كارهة ، يقال : عاف الرجل الطعام يعافيه عيافا
إذا كره ، و " القالية " : المبغضة قال تعالى : " ماودعك ربك وما قلى " ( 1 ) ولفظت
الشئ من فمي : أي رميته وطرحته ، و " العجم " : العض تقول : عجمت العود أعجمه
* ( هامش ) ( 1 ) الضحى : 3 . ( * )
[163]
بالضم إذا عضضته " وشنأه " كمنعه وسمعه : أبغضه ، وسبرتهم أي اختبرتهم ، فعلى ما
في أكثر الروايات المعنى : طرحتهم وأبغضتهم بعد امتحانهم ومشاهدة سيرتهم وأطوارهم
وعلى رواية الصدوق المعنى : أني كنت عالمة بقبح سيرتهم وسوء سريرتهم فطرحتهم ، ثم
لما اختبرتهم شنئتهم وأبغضتهم أي تأكد إنكاري بعد الاختبار ، ويحتمل أن يكون
الاول إشارة إلى شناعة أطوارهم الظاهرة ، والثاني إلى خبث سرائرهم الباطنة .
قولها عليها السلام : فقبحا لفلول الحد إلى قولها : خالدون ، قبحا بالضم مصدر
حذف فعله إما من قولهم : قبحه الله قبحا ، أو من قبح بالضم قباحة ، فحرف الجر
على الاول داخل على المفعول ، وعلى الثاني على الفاعل " والفلول " بالضم جمع فل
بالفتح ، وهو الثلمة والكسر في حد السيف ، وحكى الخليل في العين أنه يكون
مصدرا ولعله أنسب بالمقام ، وحد الشئ شباته ، وحد الرجل بأسه ، " والخور "
بالفتح والتحريك : الضعف ، و " القناة " : الرمح و " الخطل " : بالتحريك المنطق الفاسد
المضطرب ، وخطل الرأي فساده واضطرابه .
قولها عليها السلام : " اللعب بعد الجد " أي أخذتم دينكم باللعب والباطل بعد أن كنتم
مجدين فيه آخذين بالحجة .
قولها عليها السلام : وقرع الصفاة " الصفاة " الحجر الاملس أي جعلتم أنفسكم
مقرعا لخصامكم حتى قرعوا صفاتكم أيضا قال الجزري في حديث معاوية : يضرب
صفاتها بمعوله ، وهو تمثيل أي اجتهد عليه وبالغ في امتحانه واختباره ، ومنه الحديث :
لايقرع لهم صفاة ، أي لاينالهم أحد بسوء ، انتهى .
أقول : لايبعد أن يكون كناية عن عدم تأثير حيلتهم بعد ذلك ، وفلول
حدهم ، كما أن من يضرب السيف على الصفاة لايؤثر فيها ويفل السيف .
وصدع القناة : شقها ، والسأمة : الملال ، وقال الجزري : في حديث
علي : إياك ومشاورة النساء فإن رأيهن إلى أفن . الافن النقص ، ورجل أفن
ومأفون أي ناقص العقل وقوله تعالى : " أن سخط الله " هو المخصوص بالذم ، أو علة
الذم ، والمخصوص محذوف أي لبئس شيئا ذلك لان كسبهم السخط والخلود .
[164]
قولها عليها السلام : لاجرم لقد قلدتهم ربقتها ، لاجرم كلمة تورد لتحقيق الشئ ، و
الربقة في الاصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أويدها تمسكها ، ويقال للحبل
الذي تكون فيه الربقة ربق وتجمع على ربق ورباق وأرباق ، والضمير في ربقتها راجع
إلى الخلافة المدلول عليها بالمقام ، أو إلى فدك ، أو حقوق أهل البيت عليهم السلام أي
جعلت إثمها لازمة لرقابهم كالقلائد .
قولها : وشننت عليهم غارها ، الشن : رشن الماء رشا متفرقا ، والسن بالمهملة
الصب المتصل ومنه قولهم : شبت عليهم الغارة إذا فرقت عليهم من كل وجه .
قولها : وحملتهم أوقتها قال الجوهري : الاوق : الثقل يقال : ألقى عليه
أوقه ، وقد أوقته تأويقا أي حملته المشقة والمكروه .
قولها عليها السلام : فجدعا وعقرا ، " الجدع " قطع الانف أو الاذن أو الشفة ، وهو
بالانف أخص ويكون بمعنى الحبس ، و " العقر " بالفتح الجرح ويقال في الدعاء على
الانسان : عقرا له وحلقا ، أي عقر الله جسده وأصابه بوجع في حلقه ، وأصل العقر
ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف ، ثم اتسع فيه فاستعمل في القتل والهلاك ، و
هذه المصادر يجب حذف الفعل منها و " السحق " بالضم : البعد .
قولها عليها السلام : ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة ويح كلمة تستعمل في
الترحم والتوجع والتعجب ، والزحزحة : التنحية : والتبعيد ، والزعزعة :
التحريك والرواسي من الجبال : الثوابت الرواسخ ، وقواعد البيت : أساسه .
قولها عليها السلام : والطبين ، هو بالطاء المهملة والباء الموحدة الفطن الحاذق .
قولها عليها السلام : وما نقموا من أبي الحسن - إلى قولها - في ذات الله ، وفي كشف
الغمة وما الذي نقموا من أبي الحسن ، يقال : نقمت على الرجل كضربت ، وقال
الكسائى : كعلمت لغة أي عتبت عليه وكرهت شيئا منه ، والتنكير : الانكار
والتنكر : التغير عن حال يسرك إلى حال تكرهها ، والاسم النكير ، وما هنا
يحتمل المعنيين والاول أظهر أي إنكار سيفه فانه عليه السلام كان لايسل سيفه إلا لتغيير
المنكرات ، و " الوطأة " : الاخذة الشديدة والضغطة ، وأصل الوطئ : الدوس بالقدم
[165]
ويطلق على الغزو والقتل لان من يطأ الشئ برجليه فقد استقصى في هلاكه
وإهانته ، و " النكال " : العقوبة التي تنكل الناس ، و " الوقعة " : صدمة الحرب ، وتنمر فلان
أي تغير وتنكر وأوعد ، لان النمر لا تلقاه أبدا إلا متنكرا غضبان .
قولها : في ذات الله ، قال الطيبي : ذات الشئ : نفسه وحقيقته ، والمراد ما
اضيف إليه ، وقال الطبرسي في قوله تعالى : " وأصلحوا ذات بينكم " كناية عن
المنازعة والخصومة ، والذات : هي الخلقة والبنية ، يقال : فلان في ذاته صالح أي في
خلقته وبنية ، يعني أصلحوا نفس كل شئ بينكم ، أو أصلحوا حال كل نفس
بينكم ، وقيل : معناه وأصلحوا حقيقة وصلكم وكذلك معنى اللهم أصلح ذات البين
أي أصلح الحال التي بها يجتمع المسلمون انتهى .
أقول : فالمراد بقولها : في ذات الله : أي في الله ولله بناء على أن المراة بالذات
الحقيقة ، أو في الامور والاحوال التي تتعلق بالله من دينه وشرعه وغيره ذلك
كقوله تعالى : " إنه عليم بذات الصدور " أي المضمرات التي في الصدور .
قولها عليها السلام : وتالله لو مالوا ، أي بعد أن مكنوه في الخلافة قولها عليها السلام
وتالله لو تكافوا - إلى قولها - بما كانوا يكسبون ، التكاف ، تفاعل من الكف وهو
الدفع والصرف ، والزمام ككتاب الخيط الذي يشد في البرة أو الخشاش ثم يشد
في طرفه المقود ، وقد يسمى المقود زماما ، ونبذه أي طرحه ، وفي الصحاح اعتلقه
أي أحبه ، ولعله هنا بمعنى تعلق به وإن لم أجد فيما عندنا من كتب اللغة .
والسجح ، بضمتين : اللين السهل ، والكلم : الجرح ، والخشاش بكسر الخاء
المعجمة : ما يجعل في أنف البعير من خشب ويشد به الزمام ليكون أسرع لانقياده
وتعتعت الرجل أي أقلقته وأزعجته .
والمنهل : المورد وهو عين ماء ترده الابل في المراعي وتسمى المنازل التي
في المفاوز على طرق السفار : مناهل . لان فيها ماء قاله الجوهري ، وقال : ماء
نمير أي ناجع عذبا كان أو غيره ، وقال الصدوق نقلا عن الحسين بن عبدالله بن -
[166]
سعيد العسكري : النمير الماء النامي في الجسد ( 1 ) ، وقال الجوهري : الروي
سحابة عظيمة القطر شديدة الوقع ويقال : شربت شربا رويا ، والفضفاض : الواسع
يقال : ثوب فضفاض ، وعيش فضفاض ، ودرع فضفاضة ، وضعتا النهر بالكسر وقيل :
وبالفتح : أيضا : جانباه ، وتطفح ، أي تمتلئ حتى تفيض .
ورنق الماء كفرح ونصر وترنق : كدر ، وصار الماء رونقة : غلب الطين على
الماء ، والترنوق : الطين الذي في الانهار والمسيل ، فالظاهر أن المراد بقولها :
ولا يترنق جانباه ، أنه لا ينقص الماء حتى يظهر الطين والحمأ من جانبي النهر
ويتكدر الماء بذلك ، وبطن كعلم : عظم بطنه من الشبع ، ومنه الحديث : تغدو
خماصا وتروح بطانا ، والمراد عظم بطنهم من الشرب .
وتحير الماء ، أي اجتمع ودار كالمتحير يرجع أقصاه إلى أدناه ، ويقال :
تحيرت الارض بالماء ، إذا امتلات ، ولعل الباء بمعنى في أي تحير فيهم الري
أو للتعدية أي صاروا حيارى لكثرة الري ، والري بالكسر والفتح ضد
العطش .
وفي رواية الشيخ : قد خثر ، بالخاء المعجمة والثاء المثلثة أي أثقلهم من
قولك : أصبح فلان خاثر النفس ، أي ثقيل النفس غير طيب ولا نشيط ، وحلي منه بخير
كرضي أي أصاب خيرا ، وقال الجوهري : قولهم : لم يحل منها بطائل أي لم
يستفد منها كثيرفائدة ، والتحلي : التزين ، والطائل : الغناء ، والمزية ، والسعة
والفضل ، والتغمر ، هو الشرب دون الري ، مأخوذ من الغمر بضم الغين المعجمة


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 166 سطر 19 الى ص 174 سطر 18

وفتح الميم وهو القدح الصغير .
والناهل : العطشان والريان والمراد هنا الاول ، والردع : الكف والدفع
والردعة : الدفعة منه ، وفي جميع الروايات سوى معاني الاخبار : سورة الساغب
وفيه : شررة الساغب ، ولعله من تصحيف النساخ ، والشرر : ما يتطاير من النار ، ولا
* ( هامش ) * ( 1 ) وفى معانى الاخبار - ط مكتبة الصدوق - ص 357 - و " النمير " : الماء النامى
في الحشد . وقال في ذيله بأنه الصواب فان الحشد من العين مالاينقطع ماؤها . ( * )
[167]
يبعد أن يكون من الشرة بمعنى الحرص .
وسورة الشئ بالفتح : حدته وشدته ، والسغب : الجوع .
وقال الفيروز آبادي : الحظوة بالضم والكسر ، والحظة كعدة : المكانة
والحظ من الرزق ، وحظي كل واحد من الزوجين عند صاحبه كرضي ، والنائل :
العطية ، ولعل فيه شبه القلب .
وقال الفيروز آبادي : الكافل : العائل ، والذي لا يأكل أو يصل الصيام
والضامن انتهى .
أقول : يمكن أن يكون هنا بكل من المعنيين الاولين ويحتمل أن يكون
بمعنى كافل اليتيم ، فانه لايحل له الاكل إلا بقدر البلغة ، وحاصل المعنى أنه
لو منع كل منهم الاخرين عن الزمام الذي نبذه رسول الله صلى الله عليه واله وهو تولي أمر
الامة ، لتعلق به أمير المؤمنين عليه السلام أو أخذه محبا له ولسلك بهم طريق الحق من
غير أن يترك شيئا من أوامر الله أو يتعدى حدا من حدوده ، ومن غير أن يشق على
الامة ، ويكلفهم فوق طاقتهم ووسعهم ، ولفازوا بالعيش الرغيد في الدنيا والاخرة
ولم يكن ينتفع من دنياهم وما يتولى من أمرهم إلا بقدر البلغة وسد الخلة .
قولها عليها السلام : ألا هلم فاسمع ، في رواية ابن أبي الحديد : ألا هلمن فاسمعن
وما عشتن أرا كن الدهر عجبا ، إلى أي لجأ لجأوا واستندوا وبأي عروة تمسكوا
لبئس المولى ولبئس العشير ولبئس للظالمين بدلا - قال الجوهري : هلم يارجل
بفتح الميم بمعنى تعال يستوي فيه الواحد والجمع والتأنيث ، في لغة أهل الحجاز
وأهل نجد يصرفونها فيقولون للاثنين : هلما ، وللجمع : هلموا ، وللمرأة :
هلمي ، وللنساء : هلممن والاول أفصح ، وإذا أدخلت عليه النون الثقيلة قلت :
هلمن يارجل ، وللمرأة هلمن بكسر الميم وفي التثنية هلمان للمؤنث والمذكر
جميعا ، وهلمن يارجال بضم الميم ، وهلممنان يانسوة انتهى ، وعلى الروايات
الاخر الخطاب عام .
قولها : وما عشتن : أي أراكن الدهر شيئا عجبا لايذهب عجبه وغرابته
[168]
مدة حياتكن ، أو يتجد لكن كل يوم أمر عجيب متفرع على هذا الحادث
الغريب .
وقال الجوهري : شعرت بالشئ أشعر به شعرا أي فطنت له ومنه قولهم :
ليت شعري ، أي ليتني علمت ، واللجأ محركة : الملاذ والمعقل كالملجأ ، ولجأت إلى
فلان إذا استندت إليه واعتضدت به ، والسناد : ما يستند إليه .
وقال الجوهري : احتنك الجراد الارض أكل ما عليها وأتى على نبتها
وقوله تعالى حاكيا عن إبليس " لاحتنكن ذريته " ( 1 ) قال الفراء يريد الاستولين
عليهم ، والمراد بالذرية ذرية الرسول صلى الله عليه واله .
والمولى : الناصر والمحب ، والعشير : الصاحب المخالط المعاشر ، ولبئس
للظالمين بدلا ، أي بئس البدل من اختاروه على إمام العدل وهو أمير المؤمنين عليه السلام .
قولها عليها السلام : استبدلوا - إلى قولها - : كيف تحكمون ، الذنابى بالضم ذنب
الطائر ومنبت الذنب والذنابي في الطائر أكثر استعمالا من الذنب وفي الفرس
والبعير ونحوهما الذنب أكثر ، وفي جناح الطائر أربع ذنابى بعد الخوافي وهي
ما دون الريشات العشر من مقدم الجناح التي تسمى قوادم ، والذنابي من الناس :
السفلة والاتباع .
والحرون : فرس لا ينقاد ، وإذا اشتدت به الجري وقف ، وقحم في الامر
قحوما : رمى بنفسه فيه من غير روية ، استعير الاول للجبان والجاهل ، والثاني
للشجاع والعالم بالامور الذي يأتي بها من غير احتياج إلى ترو وتفكر ، والعجز
كالعضد مؤخر الشئ يؤنث ويذكر ، وهو للرجل والمرأة جميعا ، والكاهل :
الحارك . وهو مابين الكتفين ، وكاهل القوم عمدتهم في المهمات وعدتهم للشدائد والملمات
ورغما مثلثة مصدر رغم أنفه أي لصق بالرغام بالفتح وهوالتراب ، ورغم الانف
يستعمل في الذل والعجز عن الانتصار والانقياد على كره ، والمعاطس جمع معطس
بالكسر والفتح وهو الانف وقرئ في الاية " يهدي " بفتح الهاء وكسرها وتشديد
* ( هامش ) * ( 1 ) الاسراء : 64 . ( * )
[169]
الدال فأصله يهتدي ، وبتخفيف الدال وسكون الهاء .
قولها عليها السلام : أما لعمر إلهك ، إلى آخر الخبر ، وفي بعض نسخ ابن أبي الحديد :
أما لعمرالله ، وفي بعضها : أما لعمر إلهكن ، والعمر بالفتح والضم بمعنى العيش
الطويل ، ولا يستعمل في القسم إلا العمر بالفتح ، ورفعه بالابتداء أي عمر الله قسمي
ومعنى عمر الله بقاؤه ودوامه .
ولقحت كعلمت أي حملت ، والفاعل فعلتهم ، أو فعالهم ، أو الفتنة ، أو الازمنة
والنظرة بفتح النون وكسر الظاء التأخير ، واسم يقوم مقام الانظار ، ونظرة إما
مرفوع بالخبرية والمبتدأ محذوف كما في قوله تعالى " فنظرة إلى ميسرة " ( 1 ) أي
فالواجب نظرة ونحو ذلك ، وإما منصوب بالمصدرية ، أي انتظروا أو أنظروا نظرة
قليلة ، والاخير أظهر كما اختاره الصدوق .
وريثما تنتج : أي قدر ما تنتج ، يقال : نتجت الناقة على مالم يسم فاعله تنتج
نتاجا وقد نتجها أهلها نتجا وأنتجت الفرس إذا حان نتاجها .
والقعب : قدح من خشب يروي الرجل ، أو قدح ضخم ، واحتلاب طلاع
القعب هو أن يمتلئ من اللبن حتى يطلع عنه ويسيل ، والعبيط : الطري ، والذعاف
كغراب : السم ، والمقر بكسر القاف : الصبر ، وربما يسكن ، وأمقر أي صار مرا
والمبيد : المهلك ، وأمضه الجرج : أوجعه ، وغب كل شئ : عاقبته ، وطاب
نفس فلان بكذا : إي رضي به من دون أن يكرهه عليه أحد ، وطاب نفسه عن كذا
أي رضي ببذله .
و " نفسا " منصوب على التميز ، وفي كتاب ناظر عين الغريبين ( 2 ) طأمنته :
سكنته فاطمأن ، والجأش مهموزا : النفس والقلب أي اجعلوا قلوبكم مطمئنة
لنزول الفتنة ، والسيف الصارم : القاطع ، والغشم : الظلم ، والهرج : الفتنة والاختلاط
وفي رواية ابن أبي الحديد : وقرح شامل ، فالمراد بشمول القرح ، إما للافراد
* ( هامش ) * ( 1 ) البقرة : 390 .
( 2 ) كذا في النسخ المطبوعة ولم أتحققه ، فراجع وتحرر . ( * )
[170]
أو للاعضاء .
والاستبداد بالشئ : التفردبه . والضمير المرفوع في " يدع " راجع إلى الاستبداد
والفئ : الغنيمة والخراج وماحصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب
والزهيد : القليل ، والحصيد : المحصود ، وعلى رواية : زرعكم كناية عن أخذ
أموالهم بغير حق ، وعلى رواية : جمعكم يحتمل ذلك ، وأن يكون كناية عن قتلهم
واستئصالهم .
وأنى بكم ، أي وأنى تلحق الهداية بكم ، وعميت عليكم بالتخفيف أي خفيت
والتبست ، وبالتشديد على صيغة المجهول أي لبست ، وقرئ في الاية بهما .
والضمائر فيها ، قيل : هي راجعة إلى الرحمة المعبر عن النبوة بها ، وقيل
إلى البينة وهي المعجزة ، أو اليقين والبصيرة في أمر الله ، وفي المقام يحتمل رجوعها
إلى رحمة الله الشاملة للامامة والاهتداء إلى الصراط المستقيم ، بطاعة إمام العدل
إو إلى الامامة الحقة وطاعة من اختاره الله وفرض طاعته ، أو إلى البصيرة في الدين
ونحوها ، وإليكم عني : أي كفوا وأمسكوا ، وقولها : بعد تعذير كم أي تقصيركم
والمعذر : المظهر للعذر اعتلالا من غير حقيقة .
11 - كتاب دلائل الامامة للطبرى : عن محمد بن هارون بن موسى التلعكبري
عن أبيه ، عن محمد بن همام ، عن أحمد البرقي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن
عبدالرحمن بن أبي نجران ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قبضت فاطمة عليها السلام في جمادى الاخرة يوم الثلثاء لثلاث خلون
منه سنة إحدى عشر من الهجرة : وكان سبب وفاتها أن قنفذا مولى عمر لكزها
بنعل السيف بأمره ، فأسقطت محسنا ، ومرضت من ذلك مرضا شديدا ، ولم تدع
إحدا ممن آذاها يدخل عليها .
وكان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه واله سألا أمير المؤمنين صلوات الله عليه
أن يشفع لهما إليها ، فسألها أميرالمؤمنين عليه السلام ، فلما دخلا عليها قالا لها : كيف
أنت يابنت رسول الله ؟ قالت : بخير بحمدالله ، ثم قالت لهما : ما سمعتما النبي
[171]
يقول : فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذي الله ؟
قالا : بلى ، قالت : فوالله لقد آذيتماني ، قال : فخرجا من عندها عليها السلام وهي
ساخطة عليهما .
قال محمد بن همام : وروي أنها قبضت لعشر بقين من جمادي الاخرة ، وقد
كمل عمرها يوم قبضت ثمانية عشر سنة وخمسا وثمانين يوما بعد وفاة أبيها ، فغسلها
أميرالمؤمنين عليه السلام ، ولم يحضرها غيره والحسن والحسين وزينب وام كلثوم وفضة
جاريتها وأسماء بنت عميس ، وأخرجها إلى البقيع في الليل ، ومعه الحسن والحسين
وصلى عليها ، ولم يعلم بها ، ولا حضر وفاتها ، ولاصلى عليها أحد من سائر الناس
غيرهم ، ودفنها بالروضة وعمي موضع قبرها .
وأصبح البقيع ليلة دفنت وفيه أربعون قبرا جددا ، وإن المسلمين لما علموا
وفاتها جاؤوا إلى البقيع ، فوجدوا فيه أربعين قبرا ، فأشكل عليهم قبرها من سائر
القبور ، فضج الناس ولام بعضهم بعضا وقالوا : لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة
تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها والصلاة عليها ، ولا تعرفوا قبرها .
ثم قال ولاة الامر منهم : هاتم من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى
نجدها فنصلي عليها ونزور قبرها ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين صلوات الله عليه فخرج
مغضبا قد احمرت عيناه ، ودرت أوداجه وعليه قباه الاصفر الذي كان يلبسه في
كل كريهة ، وهو متوكا على سيفه ذي الفقار ، حتى ورد البقيع ، فسار إلى
الناس النذير وقالوا : هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول
من هذه القبور حجر ليضعن السيف على غابر الاخر .
فتلقاه عمرو من معه من أصحابه وقال له : مالك يا أبا الحسن والله لننبشن
قبرها ولنصلين عليها ، فضرب علي عليه السلام بيده إلى جوامع ثوبه فهزه ، ثم ضرب
به الارض ، وقال له : يا ابن السوداء أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس
عن دينهم ، وأما قبر فاطمة فو الذي نفس علي بيده ، لئن رمت وأصحابك شيئا من
ذلك لاسقين الارض من دمائكم ، فان شئت فأعرض ياعمر .
[172]
فتلقاه أبوبكر فقال : يا أبا الحسن بحق رسول الله وبحق من فوق العرش
إلا خليت عنه فإنا غير فاعلين شيئا تكرهه ، قال : فخلى عنه وتفرق الناس ، ولم
يعودوا إلى ذلك .
12 - ما : ابن حمويه ، عن أبي الحسين ، عن أبي خليفة ، عن العباس بن الفضل
عن محمد بن أبي رجاء ، عن إبراهيم ، عن سعد ، عن أبي إسحاق ، عن عبدالله بن علي
ابن أبي رافع ، عن أبيه ، عن سلمى امرأة أبي رافع قالت : مرضت فاطمة ، فلما كان
اليوم الذي ماتت فيه قالت : هيئي لي ماء ، فصببت لها ، فاغتسلت كأحسن ماكانت
تغتسل ، ثم قالت : ائتيني بثياب جدد ، فلبستها ، ثم أتت البيت الذي كانت فيه
فقالت : افرشي لي في وسطه ، ثم اضطجعت واستقبلت القبلة ، ووضعت يدها تحت
خدها وقالت : إني مقبوضة الان فلا اكشفن فاني قد اغتسلت ، قالت : وماتت
فلما جاء علي أخبرته فقال : لا تكشف ، فحلمها يغسلها عليها السلام .
بيان : لعلها عليها السلام إنما نهت عن كشف العورة والجسد للتنظيف ، ولم تنه
عن الغسل
13 - لى : الدقاق ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلى ، : عن ابن
البطائني ، عن أبيه ، عن ابن جبير ، عن ابن عباس في خبر طويل قد أثبتناه في باب ما أخبر
النبي صلى الله عليه واله بظلم أهل البيت قال صلى الله عليه واله :
وأما ابتني فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين ، من الاولين والاخرين وهي
بضعة مني ، وهي نور عيني ، وهي ثمرة فؤداي وهي روحي التي بين جنبي
وهي الحوراء الانسية ، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها
لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لاهل الارض ، ويقول الله عزوجل
لملائكة ، ياملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ، ترتعد
فرائصها من خيفتي ، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، اشهدكم أني قد أمنت شيعتها
من النار .
وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأني بها وقد دخل الذل
[173]
بيتها ، وانتهكت حرمتها ، وغصبت حقها ، ومنعت إرثها ، وكسر جنبها ، وأسقطت
جنينها ، وهي تنادي : يامحمداه ، فلا تجاب ، وتستغيث ، فلا تغاث ، فلا تزال بعدي
محزونة ، مكروبة ، باكية ، تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة ، وتتذكر
فراقي اخرى ، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا
تهجدت بالقرآن ، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة .
فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة فنادتها بما نادت به مريم بنت
عمران فتقول : يا فاطمة " إن الله اصطفيك وطهرك واصطفيك على نساء العالمين " يافاطمة
" اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين " ( 1 )
ثم يبتدي بها الوجع فتمرض فيبعث الله عزوجل إليها مريم بنت عمران
تمرضها وتؤنسها في علتها ، فتقول عند ذلك : يارب إني قد سئمت الحياة وتبر مت
بأهل الدنيا ، فألحقني بأبي ، فيلحقها الله عزوجل بي ، فتكون أول من يحلقني من
أهل بيتي ، فتقدم علي محزونة ، مكروبة ، مغمومة ، مغصوبة ، متقولة ، فأقول عند
ذلك : اللهم العن من ظلمها ، وعاقب من غصبها ، وذلل من أذلها ، وخلد في نارك
من ضرب جنبيها حتى ألقت ولدها ، فتقول الملائكة عند ذلك : آمين .
14 - لى : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن حماد
ابن عيسى ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال جابر بن عبدالله : سمعت
رسول الله صلى الله عليه واله يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام قبل موته بثلاث : سلام عليك يا
أبا الريحانتين ، اوصيك بريحانتي من الدنيا ، فعن قليل ينهدر كناك ، والله
خليفتي عليك .
فلما قبض رسول الله صلى الله عليه واله قال علي عليه السلام : هذا أحد ركني الذي قال لي
رسول الله صلى الله عليه واله ، فلما ماتت فاطمة عليها السلام قال علي عليه السلام : هذا الركن الثاني الذي
قال رسول الله صلى الله عليه واله .
مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن يونس ، عن حماد مثله .
* ( هامش ) * ( 1 ) آل عمران : 37 و 38 . ( * )
[174]
15 - أقول : وجدت في بعض الكتب خبرا في وفاتهاعليها السلام فأحببت إيراده
وإن لم آخذه من أصل يعول عليه .
روى ورقة بن عبدالله الازدي قال : خرجت حاجا إلى بيت الله الحرام
راجيا لثواب الله رب العالمين ، فبينما أنا أطوف وإذا أنا بجارية سمراء ، ومليحة الوجه
عذبد الكلام ، وهي تنادي بفصاحة منطقها ، وهي تقول :
اللهم رب الكعبة الحرام ، والحفظة الكرام ، وزمزم والمقام ، والمشاعر العظام
ورب محمد خير الانام ، صلى الله عليه وآله البررة الكرام [ أسألك ] أن تحشرني مع
ساداتي الطاهرين ، وأبنائهم الغر المحجلين الميامين .
ألا فاشهدوا يا جماعة الحجاج والمعتمرين أن موالي خيرة الاخيار ، وصفوة
الابرار ، والذين علا قدرهم على الاقدار ، وارتفع ذكرهم في سائير الامصار
المرتدين بالفخار ( 1 ) .
قال ورقة بن عبدالله : فقلت : ياجارية إني لاظنك من موالي أهل البيت عليهم السلام
فقالت : أجل ، قلت لها : ومن أنت من مواليهم ؟ قالت : أنا فضة أمة فاطمة الزهراء
ابنة محمد المصطفى صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها .
فقلت لها : مرحبابك وأهلا وسهلا ، فلقد كنت مشتاقا إلى كلامك ومنطقك
فاريد منك الساعة أن تجيبني من مسألة أسألك ، فاذا أنت فرغت من الطواف
قفي لي عند سوق الطعام حتى آتيك وأنت مثابه مأجورة ، فافترقنا .
فلما فرغت من الطواف وأردت الرجوع إلى منزلي جعلت طريقي على سوق الطعام


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 174 سطر 19 الى ص 182 سطر 18

وإذا أنا بها جالسة في معزل عن الناس ، فأقبلت عليها واعتزلت بها وأهديت إليها
هدية ولم أعتقد أنها صدقة ، ثم قلت لها : يا فضة أخبريني عن مولاتك فاطمة الزهراء
عليها السلام وما الذي رأيت منها عند وفاتها بعد موت أبيها محمد صلى الله عليه واله
قال ورقة : فلما سمعت كلامي تغرغرت عيناها بالدموع ثم انتحبت نادبة
وقالت : ياورقة بن عبدالله هيجت علي حزنا ساكنا ، وأشجانا في فؤادي كانت
* ( هامش ) * ( 1 ) اى لابسين رداء الفخر . ( * )
[175]
كامنة ، فاسمع الان ماشاهدت منها عليها السلام .
اعلم أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه واله افتجع له الصغير والكبير ، وكثر عليه
البكاء ، وقل العزاء ، وعظم رزؤه على الاقرباء والاصحاب والاولياء والاحباب
والغرباء والانساب ، ولم تلق إلا كل باك وباكية ، ونادب ونادبة ، ولم يكن في
أهل الارض والاصحاب ، والاقرباء والاحباب ، أشد حزنا وأعظم بكاء وانتحابا
من مولاتي فاطمة الزهراء عليها السلام ، وكان حزنها يتجدد ويزيد ، وبكاؤها يشتد .
فجلست سبعة أيام لايهدأ لها أنين ، ولايسكن منها الحنين ، كل يوم
جاء كان بكاؤها أكثر من اليوم الاول ، فلما كان في اليوم الثامن أبدت ما كتمت
من الحزن ، فلم تطق صبرا إذ خرجت وصرخت ، فكأنها من فم رسول الله صلى الله عليه واله
تنطق ، فتبادرت النسوان ، وخرجت الولائد والولدان ، وضج الناس بالبكاء والنحيب
وجاء الناس من كل مكان ، واطفئت المصابيح لكيلا تتبين صفحات النساء
وخيل إلى النسوان أن رسول الله صلى الله عليه واله قد قام من قبره ، وصارت الناس في دهشة
وحيرة لما قد رهقهم ، وهي عليها السلام تنادي وتندب أباه : وا أبتاه ، واصفياه ، وامحمداه !
وا أبا القاسماه ، وا ربيع الارامل واليتامى ، من للقبلة والمصلى ، ومن لابنتك
الوالهة الثكلى .
ثم أقبلت تعثر في أذيالها ، وهي لا تبصر شيئا من عبرتها ، ومن تواتر دمعتها
حتى دنت من قبر أبيها محمد صلى الله عليه واله فلما نظرت إلى الحجرة وقع طرفها على المأذنة
فقصرت خطاها ، ودام نحيبها وبكاها ، إلى أن اغمي عليها ، فتبادرت النسوان إليها
فنضحن الماء عليها وعلى صدرها وجبينها حتى أفاقت ، فلما أفاقت من غشيتها قامت
وهي تقول .
رفعت قوتي ، وخانني جلدي ، وشمت بي عدوي ، والكمد قاتلي ، يا أبتاه
بقيت والهة وحيدة ، وحيرانة فريدة ، فقد انخمد صوتى ، وانقطع ظهري ، وتنغص
عيشي ، وتكدر دهري ، فما أجد يا أبتاه بعدك أنيسا لوحشتي ، ولا رادا لدمعتي
ولا معينا لضعفي ، فقد فني بعدك محكم التنزيل ، ومهبط جبرئيل ، ومحل ميكائيل
[176]
انقلبت بعدك يا أبتاه الاسباب ، وتغلقت دوني الابواب ، فأنا للدنيا بعدك قالية
وعليك ما ترددت أنفاسي باكيه ، لا ينفذ شوقي إليك ، ولا حزني عليك .
ثم نادت : يا أبتاه والباه ، ثم قالت :
إن حزني عليك حزن جديد * وفؤادي والله صب عنيد
كل يوم يزيد فيه شجوني * واكتيابي عليك ليس يبيد
جل خطبي فبان عني عزائي * فبكائي كل وقت جديد
إن قلبا عليك يألف صبرا * أو عزاء فإنه لجليد
ثم نادت : يا أبتاه انقطعت بك الدنيا بأنوارها ، وزوت زهرتها وكانت ببهجتك
زاهرة ، فقد اسود نهارها ، فصار يحكي حنادسها رطبها ويابسها ، ياأبتاه لازلت
آسفة عليك إلى التلاق ، يا أبتاه زال غمضي منذ حق الفراق ، يا أبتاه من للارامل
والمساكين ، ومن للامة إلى يوم الدين ، يا أبتاه أمسينا بعدك من المستضعفين
يا أبتاه أصبحت الناس عنا معرضين ، ولقد كنا بك معظمين في الناس غير مستضعفين
فأي دمعة لفراقك لا تنهمل ، وأي حزن بعدك عليك لايتصل ، وأي جفن بعدك
بالنوم يكتحل ، وأنت ربيع الدين ، ونور النبيين ، فكيف للجبال لا تمور ، وللبحار
بعدك لا تغور ، والارض كيف لم تتزلزل .
رميت يا أبتاه بالخطب الجليل ، ولم تكن الرزية بالقليل ، وطرقت يا أبتاه
بالمصاب العظيم ، وبالفادح المهول .
بكتك يا أبتاه الاملاك ، ووقفت الافلاك ، فمنبرك بعدك مستوحش ، ومحرابك خال
من مناجاتك ، وقبرك فرح بمواراتك ، والجنة مشتاقة إليك وإلى دعائك وصلاتك .
ويا أبتاه ما أعظم ظلمة مجالستك ، فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلا عليك
واثكل أبوالحسن المؤتمن أبوولديك ، الحسن والحسين ، وأخوك ووليك
وحبيبك ومن ربيته صغيرا ، واخيته كبيرا ، وأحلى أحبابك وأصحابك إليك من كان
منهم سابقا ومهاجرا وناصرا ، والثكل شاملنا ، والبكاء قاتلنا ، والاسى لازمنا
ثم زفرت زفرة وأنت أنة كادت روحها أن تخرج ثم قالت :
[177]
قل صبري وبان عني عزائي * بعد فقدي لخاتم الانبياء
عين ياعين اسكبي الدمع سحا * ويك لا تبخلي بفيض الدماء
يارسول الاله ياخيرة الله * وكهف الايتام والضعفاء
قد بكتك الجبال والوحش جمعا * والطير والارض بعد بكي السماء
وبكاك الحجون والركن والمشغر * ياسيدي مع البطحاء
وبكاك المحراب والدرس * للقرآن في الصبح معلنا والمساء
وبكاك الاسلام إذصار في النا * س غريبا من سائر الغرباء
لو ترى المنبر الذي كنت تعلو * ه علاه الظلام بعد الضياء
ياإلهي عجل وفاتي سريعا * فلقد تنغصت الحياة يامولائي
قالت : ثم رجعت إلى منزلها وأخذت بالبكاء والعويل ليلها ونهارها ، وهي لاترقأ دمعتها . ولا تهدأ زفرتها .
واجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أميرالمؤمنين علي عليه السلام فقالوا له :
يا أبا الحسن إن فاطمة عليها السلام تبكي الليل والنهار فلا أحد منا يتهنا بالنوم في الليل
على فرشنا ، ولابالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا ، وإنا نخبرك أن تسألها
إما أن تبكي ليلا أو نهارا ، فقال عليه السلام : حبا وكرامة .
فأقبل أميرالمؤمنين عليه السلام حتى دخل على فاطمة عليها السلام وهي لا تفيق من
البكاء ولا ينفع فيها العزاء فلما رأته سكنت هنيئة له ، فقال لها : يابنت رسول الله
- صلى الله عليه وآله - إن شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك إما أن تبكين أباك ليلا
وإما نهارا . فقالت : يا أبا الحسن ما أقل مكثي بينهم وما أقرب مغيبي من بين أظهر هم
فوالله لا أسكت ليلا ولا نهارا أو ألحق بأبي رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال لها علي عليه السلام : افعلي
يابنت رسول الله مابدالك .
ثم إنه بنى لها بيتا في البقيع نازحا عن المدينة يسمى بيت الاحزان ، وكانت
إذا أصبحت قدمت الحسن والحسين عليهما السلام أمامها ، وخرجت إلى البقيع باكية
[178]
فلا تزال بين القبور باكية ، فإذا جاء الليل أقبل أميرالمؤمنين عليه السلام إليها وساقها بين
يديه إلى منزلها .
ولم تزل على ذلك إلى أن مضى لها بعد موت أبيها سبعة وعشرون يوما ، و
اعتلت العلة التي توفيت فيها ، فبقيت إلى يوم الاربعين ، وقد صلى أميرالمؤمنين
عليه السلام صلاة الظهر وأقبل يرد المنزل إذا استقبلته الجواري باكيات حزينات
فقال لهن : ما الخبر ومالي أراكن متغيرات الوجوه والصور ؟ فقلن : يا أميرالمؤمين
أدرك ابنة عمك الزهراء عليها السلام ومانظنك تدركها .
فأقبل أميرالمؤمنين عليه السلام مسرعا حتى دخل عليها ، وإذا بها ملقاه على
فراشها وهو من قباطي مصروهي تقبض يمينا وتمد شمالا ، فألقى الرداء عن عاتقه
والعمامة عن رأسه ، وحل أزراره ، وأقبل حتى أخذ رأسها وتركه في حجره ، و
ناداها : يازهراء ! فلم تكلمه ، فناداها : يا بنت محمد المطفى ! فلم تكلمه ، فناداها :
يابنت من حمل الزكاة في طرف ردائه وبذلها على الفقراء ! فلك تكلمه ، فناداها :
ياابنة من صلى بالملائكة في السماء مثنى مثني ! فلم تكلمه ، فناداها : يا فاطمة كلميني
فأنا بان عمك علي بن أبي طالب .
قال : ففتحت عينيها في وجهه ونظرت إليه وبكت وبكى وقال : ما الذي
تجدينه فأنا ابن عمك علي بن أبيطالب .
فقالت : يا ابن العم إني أجد الموت الذي لابد منه ولا محيص عنه ، وأنا أعلم
أنك بعدي لا تصبر على قلة التزويج فان أنت تزوجت امرأة اجعل لها يوما وليلة
واجعل لاولادي يوما وليلة يا أبا الحسن ولا تصح في وجوههما فيصبحان يتيمين
غريبين منكسرين فانهما بالامس فقدا جدهما واليوم يفقدان ، امهما ، فالويل لامة
تقتلهما وتبغضهما ثم أنشأت تقول :
ابكني إن بكيت يا خير هادي * واسبل الدمع فهو يوم الفراق
ياقرين البتول اوصيك بالنسل * فقد أصبحا حليف اشتياق
ابكني وابك لليتامى ولا تنس * قتيل العدى بطف العراق
[179]
فارقوا فاصبحوا يتامى حيارى * يحلف الله فهو يوم الفراق
قالت : فقال لها علي عليه السلام : من أين لك يا بنت رسول الله هذا الخبر ، والوحي
قد انقطع عنا ؟ فقالت : يا أبا الحسن رقدت الساعة فرأيت حبيبي رسول الله صلى الله عليه واله
في قصر من الدر الابيض فلما رآني قال : هلمي إلي يا بنية فاني إليك مشتاق
فقلت : والله إني لاشد شوقا منك إلى لقائك ، فقال : أنت الليلة عندي وهو الصادق
لما وعد والموفي لما عاهد .
فاذا أنت قرأت يس فاعلم أني قد قضيت نحبي فغسلني ولا تكشف عني فاني
طاهرة مطهرة وليصل علي معك من أهلي الادني فالادنى ومن رزق أجري
وادفني ليلا في قبري ، بهذا أخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه واله .
فقال علي : والله لقد أخذت في أمرها وغسلتها في قميصها ولم أكشفه عنها
فوالله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهرة ثم حنطتها من فضلة حنوط رسول الله صلى الله عليه واله
وكفنتها وأدرجتها في أكفانها فلما هممت أن أعقد الرداء ناديت يا ام كلثوم !
يازينب ! يا سكينة ! يافضة ! يا حسن ! يا حسين ! هلموا تزو دوا من امكم فهذا
الفراق واللقاء في الجنة .
فأقبل الحسن والحسين عليهما السلام وهما يناديان واحسرتا لا تنطفئ أبدا من فقد
جدنا محمد المصطفى وامنا فاطمة الزهراء يا ام الحسن يا ام الحسين إذا لقيت
جدنا محمد امصطفى فاقرئيه منا السلام وقولي له : إنا قد بقينا بعد يتيمين في
دار الدنيا .
فقال أمير المؤمنين علي عليه السلام : إني اشهد الله أنها قد حنت وأنت ومدت
يديها وضمتها إلى صدرها مليا وإذا بهاتف من السماء ينادي يا أبا الحسن ارفعها
عنها فلقد أبكيا والله ملائكة السماوات فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب ، قال :
فرفعتهما عن صدرها وجعلت أعقد الرداء وأنا انشد بهذه الابيات :
فراقك أعظم الاشياء عندي * وفقدك فاطم أدهى الثكول
سأبكي حسرة وأنوح شجوا * على خل مضى أسنى سبيل
[180]
ألا يا عين جودي واسعديني * فحزني دائم أبكي خليلي
ثم حملها على يده وأقبل بها إلى قبر أبيها ونادى : السلام عليك يارسول الله
السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك يا نور الله ، السلام عليك يا صفوة الله مني
السلام عليك والتحية واصلة مني إليك ولديك ، ومن ابنتك النازلة عليك بفنائك
وإن الوديعة قد استردت ، والرهينة قد اخذت ، فواحزناه على الرسول ، ثم من
بعده على البتول ، ولقد اسودت علي الغبراء ، وبعدت عني الخضراء ، فواحزناه
ثم واأسفاه .
ثم عدل بها على الروضة فصلى عليه في أهله وأصحابه ومواليه وأحبائه وطائفة
من المهاجرين والانصار ، فلما واراها وألحدها في لحدها أنشأ بهذه الابيات يقول :
أرى علل الدنيا علي كثيرة * وصاحبها حتى الممات عليل
لكل اجتماع من خليلين فرقة * وإن بقائي عندكم لقليل
وإن افتقادي فاطما بعد أحمد * دليل على أن لا يدوم خليل
16 - قب : قبض النبي صلى الله عليه واله ولها يومئذ ثماني عشرة سنة وسبعة أشهر و
عاشت بعده اثنين وسبعين يوما ويقال : خمسة وسبعين يوما وقيل : أربعة أشهر ، وقال
القرباني : قد قيل أربعين يوما وهو أصح وتوفيت عليها السلام ليلة الاحد لثلاث عشرة ليلة
خلت من شهر ربيع الاخر سنة إحدى عشرة من الهجرة ومشهدها بالبقيع وقالوا :
إنها دفنت في بيتها وقالوا : قبرها بين قبر رسول الله صلى الله عليه واله ومنبره .
السمعاني في الرسالة ، وأبونعيم في الحلية ، وأحمد في فضائل الصحابة ، و
النطنزي في الخصائص وابن مردويه في فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام والزمخشري في
الفائق ، عن جابر قال رسول الله صلى الله عليه واله لعلي قبل موته : السلام عليك أبا الريحانتين
اوصيك بريحانتي من الدنيا ، فعن قليل ينهد ركناك عليك ، قال : فلما قبض
رسول الله صلى الله عليه واله قال علي : هذا أحد الركنين ، فلما ماتت فاطمة قال علي : هذا
هو الركن الثاني .
البخاري ومسلم والحلية ومسند أحمد بن حنبل روت عائشة أن النبي صلى الله عليه واله دعا
[181]
فاطمة في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشئ فبكت ، ثم دعاها [ فسارها ] فضحكت
فسألت عن ذلك فقالت : أخبرني النيي صلى الله عليه واله أنه مقبوض فبكيت ثم أخبرني أني
أول أهله لحوقا به فضحكت .
كتاب ابن شاهين قالت ام سلمة وعائشة : إنها لما سئلت عن بكائها وضحكها
قالت : أخبرني النبي صلى الله عليه واله أنه مقبوض ثم أخبر أن بني سيصيبهم بعدي شدة
فبكيت ، ثم أخبرني أني أول أهله لحوقا به فضحكت .
وفي رواية أبي بكر الجعابي وأبي نعيم الفضل بن دكين والشعبي عن مسروق
وفي السنن عن القزويني ، والابانة عن العكبري ، والمسند عن الموصلي ، و
الفضائل ، عن أحمد بأسانيدهم ، عن عروة ، عن مسروق قالت عائشة : أقبلت فاطمة
تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه واله فقال رسول الله : مرحبابابنتي فأجلسها
عن يمينه وأسر إليها حديثا فبكت ، ثم أسر إليها حديثا فضحكت فسألتها عن ذلك
فقالت : ما افشي سر رسول الله صلى الله عليه واله .
حتى إذا قبض سألتها فقالت : إنه أسر إلي فقال : إن جبرئيل كان
يعارضني بالقرآن كل سنة مرة وإنه عارضني به العام مرتين ولا أراني إلا وقد
حضرأجلي وإنك لاول أهل بيتى لحوقا بي ، ونعم السلف أنا لك . بكيت لذلك
ثم قال : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين فضحكت لذلك . وروي أنها ما زالت بعد أبيها معصبة الرأس ، ناحلة الجسم ، منهدة الركن
باكية العين ، محترقة القلب ، يغشى عليها ساعة بعد ساعة ، وتقول لو لديها : أين
أبوكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة ؟ أين أبوكما الذي كان
أشد الناس شفقة عليكما فلا يدعكما تمشيان على الارض ؟ ولا أراه يفتح هذا الباب
أبدا ولا يحملكما على عاتقة كما لم يزل يفعل بكما .
ثم مرضت ومكثت أربعين ليلة ثم دعت ام أيمن وأسماء بنت عميس ( 1 ) و
* ( هامش ) * ( 1 ) قد كثر في هذا الباب ذكر أسماء بنت عميس وأن فاطمة عليها السلام أوصت
إليها بكذا وكذا . لكنه ينافى ماهو الثابت في التاريخ من أنها كانت زوجة جعفربن * ( * )
[182]
عليا عليه السلام وأوصت إلى علي بثلات : أن يتزوج بابنة [ اختها ] ( 1 ) أمامه لحبها
أولادها ، وأن يتخذ نعشا لانها كانت رأت الملائكة تصور واصورته ووصفته له ، وأن
لايشهد أحد جنازتها ممن ظلمها وأن لايترك أن يصلي عليها أحد منهم .
وذكر مسلم عن عبدالرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن
عائشة ، وفي حديث الليث بن سعد ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة
في خبر طويل يذكر فيه أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأل ميراثها من رسول الله
- القصة - قال : فهجرته ولم تكلمه حتى توفيت ولم يؤذن بها أبوبكر يصلي
عليها .
الواقدي : إن فاطمة لما حضرتها الوفاة أوصت عليا أن لا يصلي عليها أبوبكر
وعمر فعمل بوصيتها .
عيسى بن مهران ، عن مخول بن إبراهيم ، عن عمربن ثابت ، عن أبي إسحاق
عن ابن جبير ، عن ابن عباس قال : أوصت فاطمة أن لا يعلم إذا ماتت أبوبكر ولا
* ( هامش ) * * أبى طالب ثم بعد شهادته تزوجه أبوبكر ابن أبى قحافة وبعد وفاته - في سنة ثلاث وعشرة من
الهجرة - بعد رحلة النبى صلى الله عليه وآله بأزيد من سنتين - تزوجها على بن أبى طالب
فكانت عنده مع ابنه محمد بن أبى بكر ، فاما أن يكون وفاة فاطمة عليها السلام بعد هذه السنة
ولم يقل به أحد أو كان " اسماء بنت عميس " مصحفا عن سلمى امرأة أبى رافع كما مر عن أمالى
المفيد ص 172 ويجئ في غيره من المصادر أو سلمى امرأة حمزة بن عبدالمطلب وهى
اخت اسماء بنت عميس كما احتمله الاربلى في كشف الغمة وقد مرص 136 واما أن يكون مصحفا


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 182 سطر 19 الى ص 190 سطر 18

عن أسماء بنت يزيد بن السكن كما مر في ص 132 عن الكنجى الشافعى . وهو الاشبه .
( 1 ) ما جعلناه بين العلامتين ساقط عن النسخة المطبوعة ، موجود في المصدر ج 3
ص 362 وهو الصحيح فان أمامة بنت اختها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله زوجة
أبى العاص بن الربيع قال أبوعمر في الاستيعاب : تزوجها - يعنى أمامة - على بن أبيطالب
رضى الله عنه بعد فاطمة رضى الله عنها ، زوجها منه الزبير بن العوام ، وكان أبوها أبوالعاص
قد أوصى بها اليه . ( * )
[183]
عمر ، ولا يصليا عليها ، قال : فدفنها علي عليه السلام ليلا ولم يعلمهما بذلك .
تاريخ أبي بكر بن كامل قالت عائشة : عاشت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه واله ستة
أشهر فلما توفيت دفنها علي ليلا وصلى عليها علي .
وروى فيه عن سفيان بن عيينة وعن الحسن بن محمد وعبدالله بن أبي شيبة ، عن
يحيى بن سعيد القطان ، عن معمر ، عن الزهري أن فاطمة عليها السلام دفنت ليلا .
وعنه في هذا الكتاب أن اميرالمؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام دفنوها ليلا وغيبوا قبرها .
تاريخ الطبري : إن فاطمة دفنت ليلا ولم يحضرها إلا العباس وعلي و
المقداد والزبير وفي رواياتنا أنه صلى عليها أميرالمؤمنين والحسن والحسين وعقيل
وسلمان وأبوذر والمقداد وعمار وبريدة ، وفي رواية والعباس وابنه الفضل ، وفي
رواية وحذيفة وابن مسعود .
الاصبغ بن نباته أنه سأل أميرالمؤمنين عليه السلام عن دفنها ليلا فقال : إنها كانت
ساخطه على قوم كرهت حضورهم جنازتها وحرام على من يتولاهم أن يصلي على
أحد من ولدها .
وروي أنه سوى قبرها مع الارض مستويا وقالوا : سوى حواليها قبورا
مزورة مقدار سبعة حتى لايعرف قبرها ، وروي أنه رش أربعين قبرا حتى لايبين
قبرها من غيره من القبور ، فيصلوا عليها .
أبوعبدالله حمويه بن علي البصري وأحمد بن حنبل وأبوعبدالله بن بطة
بأسانيدهم قالت ام سلمى امرأة أبي رافع ( 1 ) : اشتكت فاطمة شكواها التي قبضت فيها
وكنت امرضها فأصبحت يوما أسكن ما كانت ، فخرج علي إلى بعض حوائجه
فقالت : اسكبي لي غسلا فسكبت ، فقامت واغتسلت أحسن ما يكون من الغسل
* ( هامش ) * ( 1 ) كذا في النسخ المطبوعة وهكذا المصدر ج 3 ص 364 وهو سهو والصحيح :
" قالت سلمى امرأة أبى رافع " كما مر عن المفيد ص 172 ويجيئ عن ابن بابويه ص 188
راجع كتب الرجال أيضا . ( * )
[184]
ثم لبست أثوابها الجدد ثم قالت : افرشي وسط البيت ثم استقبلت القبلة و
نامت ، وقالت : أنا مقبوضة ، وقد اغتسلت فلا يكشفني أحد ثم وضعت خدها على
يدها وماتت .
وقالت أسماء بنت عميس : أوصت إلي فاطمة أن لا يغسلها إذا ماتت إلا أنا
وعلي فأعنت عليا على غسلها .
كتاب البلاذري إن أميرالمؤمنين عليه السلام غسلها من معقد الازار وإن أسماء بنت
عميس غسلتها من أسفل ذلك .
أبوالحسن الخزاز القمي في الاحكام الشرعية سئل أبوعبدالله عليه السلام عن
فاطمة من غسلها ؟ فقال : غسلها أميرالمؤمنين لانها كانت صديقة [ و ] لم يكن ليغسلها
إلا صديق .
وروي أن اميرالمؤمنين عليه السلام قال عند دفنها : السلام عليك إلى آخر ما سيأتي
نقلا من الكافي .
وروي أنه لما صاربها إلى القبر المبارك خرجت يد فتناولتها ، وانصرف .
عبدالرحمان الهمداني وحميد الطويل أنه عليه السلام أنشأ على شفير قبرها :
ذكرت أباودي فبت كأنني * برد الهموم الماضيات وكيل
لكل اجتماع من خليلين فرقة * وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي فاطما بعد أحمد * دليل على أن لا يدوم خليل
فأجاب هاتف :
يريد الفتى أن لايموت خليليه * وليس له إلا الممات سبيل
فلابد من موت ولابد من بلى * وإن بقائي بعدكم لقليل
إذا انقطعت يوما من العيش مدتي * فإن بكاء الباكيات قليل
ستعرض عن ذكري وتنسى مودتي * ويحدث بعدي للخليل بديل
بيان : " أباودي " أي من كان يلازم ودي وحبي ، والحاصل أني ذكرت
محبوبي فبت كأنني لشدة همومي ضامن لرد كل هم وحزن كان لي قبل ذلك
[185]
وقوله : " فلابد من موت " لعله من تتمة أبياته عليه السلام لا كلام الهائف ، ولو كان من
كلام الهاتف فلعله ألقاه على وجه التلقين .
17 - قب : قال أبوجعفر الطوسي : الاصوب أنها مدفونة في دارها أو
في الروضة .
يؤيد قوله قول النبي صلى الله عليه واله إن بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة
وفي البخاري " بين بيتي ومنبري " وفي الموطأ والحلية والترمذي ومسند أحمد
ابن حنبل " مابين بيتى ومنبري " .
وقال صلى الله عليه واله : منبري على ترعة من ترع الجنة وقالوا : حد الروضة مابين
القبر إلى المنبر إلى الاساطين التي تلي صحن المسجد .
أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن قبر فاطمة فقال :
دفنت في بيتها فلما زادت بنو امية في المسجد صارت في المسجد .
يزيد بن عبدالملك ، عن أبيه ، عن جده قال : دخلت على فاطمة عليها السلام فبدأتني
بالسلام ثم قالت : ما غدابك ؟ قلت : طلب البركة قالت : أخبرني أبي وهو ذا :
من سلم عليه أو علي ثلاثة أيام أو جب الله له الجنة ، قلت لها : في حياته وحياتك ؟
قالت : نعم وبعد موتنا .
18 كشف : روي أن أبا جعفر عليه السلام أخرج سفطا أو حقا وأخرج منه كتابا
فقرأه وفيه وصية فاطمة عليها السلام " بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصت به فاطمة بنت
محمد صلى الله عليه واله أوصت بحوائطها السبعة إلى علي بن أبي طالب ، فان مضى فالى الحسن
فان مضى فالى الحسين ، فان مضى فالى الاكابر من ولدي " شهد المقداد بن الاسود
والزبير بن العوام وكتب علي بن أبي طالب .
وعن أسماء بنت عميس قالت : أوصتني فاطمة عليها السلام أن لا يغسلها إذا ماتت إلا أنا وعلي فغسلتها أنا وعلي عليه السلام .
وقيل : قالت فاطمة عليها السلام لاسماء بنت عميس حين توضأت وضوءها للصلاة :
هاتى طيبي الذي أتطيب به ، وهاتي ثيابي التي اصلي فيها ، فتوضأت ثم وضعت
[186]
رأسها فقالت لها : اجلسي عند رأسي فاذا جاء وقت الصلاة فأقيميني فإن قمت وإلا
فأرسلي إلى علي .
فلما جاء وقت الصلاة قالت : الصلاة يا بنت رسول الله ، فاذا هي قد قبضت
فجاء علي فقالت له : قد قبضت ابنة رسول الله قال علي : متى ؟ قالت حين أرسلت إليك
قال : فأمر أسماء فغسلتها وأمر الحسن والحسين عليهما السلام يدخلان الماء ودفنها ليلا
وسوى قبرها فعوتب [ على ذلك ] فقال : بذلك أمرتني .
وروي أنها بقيت بعد أبيها أربعين صباحا ولما حضرتها الوفاة قالت لاسماء :
إن جبرئيل أتى النبي صلى الله عليه واله لما حضرته الوفاة بكافور من الجنة فقسمه أثلاثا ثلثا
لنفسه ، وثلثا لعلي وثلثا لي ، وكان أربعين درهما فقالت : يا أسماء ائتيني ببقية
حنوط والدي من موضع كذا وكذا فضعيه عند رأسي فوضعته ، ثم تسجت بثوبها وقالت : انتظريني هنيهة وادعيني فان أجبتك وإلا فاعلمي أني قد قدمت على أبي صلى الله عليه واله .
فانتظرتها هنيهة ثم نادتها فلم تجبها فنادت : يا بنت محمد المصطفى ! يا بنت
أكرم من حملته النسا ! يا بنت خير من وطئ الحصا ! يا بنت من كان من ربه
قاب قوسين أو أدنى ! قال : فلم تجبها ، فكشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت
الدنيا فوقعت عليها تقبلها وهي تقول : فاطمة ! إذا قدمت على أبيك رسول الله فاقرئيه
عن أسماء بنت عميس السلام .
فبينا هي كذلك إذ دخل الحسن والحسين فقالا : يا أسماء ما ينيم امنا في هذه
الساعة ؟ قالت : يا ابني رسول الله ليست امكما نائمة ، قد فارقت الدنيا فوقع
عليها الحسن يقبلها مرة ويقول : يا اماه كلميني قبل أن تفارق روحي بدني قالت :
وأقبل الحسين يقبل رجلها ويقول : يا اماه أنا ابنك الحسين كلميني قبل أن يتصدع
قلبي فأموت .
قالت لها أسماء : يا ابني رسول الله انطلقا إلى أبيكما علي فأخبراه بموت
امكما ، فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء ، فابتدرهما جميع
الصحابة فقالوا ما يبكيكما ياابني رسول الله لا أبكى الله أعينكما لعلكما نظرتما
[187]
إلى موقف جدكما فبكيتما شوقا إليه .
فقالا : [ لا ] أوليس قد ماتت امنا فاطمة صلوات الله عليها قال : فوقع علي عليه السلام
على وجهه يقول : بمن العزاء يا بنت محمد ؟ كنت بك أتعزى ففيم العزاء من بعدك
ثم قال :
لكل اجتماع من خليلين فرقة * وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي فاطما بعد أحمد * دليل على أن لا يدوم خليل ( 1 )
ثم قال عليه السلام : يا أسماء غسليها وحنطيها كفنيها قال : فغسلوها وكفنوها
وحنطوها وصلوا عليها ليلا ودفنوها بالبقيع وماتت بعد العصر .
وقال ابن بابويه رحمه الله : جاء هذا الخبر كذا والصحيح عندي أنها دفنت
في بيتها فلما زاد بنو امية في المسجد صارت في المسجد .
قلت : الظاهر والمشهور مما نقله الناس وأرباب التواريخ والسير أنها عليها السلام
دفنت بالبقيع كما تقدم .
وروى مرفوعا إلى سلمى ام بني رافع قالت : كنت عند فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله
في شكواها التي ماتت فيها قالت : فلما كان في بعض الايام وهي أخف ما نراها
فغدا علي بن أبي طالب في حاجته وهويرى يومئذ أنها أمثل ما كانت فقالت : يا
امه ( 2 ) اسكبي لي غسلا ففعلت فاغتسلت كأشد مارأيتها ثم قالت لي : أعطيني ثيابي
الجدد فأعطيتها فلبست ثم قالت : ضعي فراشي واستقبليني ثم قالت : إني قد فرغت
من نفسي فلا اكشفن إني مقبوضة الان ثم توسدت يدها اليمنى واستقبلت القبلة
فقبضت .
فجاء علي عليه السلام ونحن نصيح فسأل عنها فأخبرته فقال : إذا والله لا تكشف
فاحتملت في ثيابها فغيبت .
* ( هامش ) * ( 1 ) في بعض النسخ : وان افتقادى واحدا بعد واحد وهو الصحيح فانه عليه السلام
تمثل بهذه الاشعار وأنشدها ، لا أنه أنشأها .
( 2 ) في المصدر : يا أمة الله ، راجع ج 2 ص 64 . ( * )
[188]
أقول : إن هذا الحديث قد رواه ابن بابويه رحمه الله كما ترى وقدروى
أحمد بن حنبل في مسنده عن ام سلمى ( 1 ) قالت : اشتكت فاطمة عليها السلام شكواها التي
قبضت فيه فكنت امرضها فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها في شكواها ذلك .
قالت : وخرج علي عليه السلام لبعض حاجته فقالت : يا اماه اسكبي لي غسلا
فسكبت لها غسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ثم قالت : يا اماه أعطيني
ثيابي الجدد ، فأعطيتها فلبستها ثم قالت : يا اماه قدمي لي فراشي وسط البيت
ففعلت ، فاضطجعت واستقبلت القبلة ، وجعلت يدها تحت خدها ثم قالت :
يا اماه إني مقبوضة الان وقد تطهرت فلا يكشفني أحد فقبضت مكانها قالت :
فجاء علي عليه السلام فأخبرته .
واتفاقهما من طرق الشيعة والسنة على نقله مع كون الحكم على خلافه عجيب
فان الفقهاء من الطريقين لا يجيزون الدفن إلا بعدالغسل إلا في مواضع ليس
هذا منه ، فكيف رويا هذا الحديث ولم يعللاده ولا ذكرا فقهه ، ولا نبها على الجواز
ولا المنع ، ولعل هذا أمر يخصها عليها السلام وإنما استدل الفقهاء على أنه يجوز للرجل
أن يغسل زوجته بأن عليا غسل فاطمة عليهما السلام وهو المشهور .
وروى ابن بابويه مرفوعا إلى الحسن بن علي عليهما السلام أن عليا غسل فاطمة عليهما السلام
وعن علي أنه صلى الله على فاطمة ، وكبر عليها خمسا ودفنها ليلا وعن محمد بن
علي عليهما السلام أن فاطمة عليها السلام دفنت ليلا .
بيان : قد بينا في كتاب المزار أن الاصح أنها مدفونة في بيتها وأما ما
ذكره من ترك غسلها فالاولى أن يأول بما ذكرنا سابقا من عدم كشف بدنها
للتنظيف [ فلا تنافي ] للاخبار الكثيرة الدالة على أن عليا عليه السلام غسلها ويؤيد ما
ذكرنا من التأويل مامر في رواية ورقة فلا تغفل .
19 كشف : ونقلت من كتاب الذرية الطاهرة للدولابي في وفاتها
عليها السلام ما نقله عن رجاله قال : لبثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه واله ثلاثة أشهر ، وقال
* ( هامش ) * ( 1 ) راجع ص 183 فيما سبق . ( * )
[189]
ابن شهاب : ستة أشهر وقال الزهري : ستة أشهر ومثله عن عائشة ومثله عن عروة بن
الزبير أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام خسما وتسعين ليلة - في سنة إحدى عشرة -
وقال ابن قتيبة في معارفة : مائة يوم .
وقيل : ماتت في سنة إحدى عشرة ليلة الثلثاء لثلاث ليال من شهر رمضان وهي
بنت تسع وعشرين سنة أو نحوها .
وقيل : دخل العباس على علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله
وأحدهما يقول لصاحبة : أينا أكبر فقال العباس : ولدت يا علي قبل بناء قريش
البيت بسنوات وولدت [ ابنتي ] وقريش تبني البيت ورسول الله صلى الله عليه واله ابن خمس
وثلاثين سنة قبل النبوة بخمس سنين .
وروي أنها أوصيت عليا عليه السلام وأسماء بنت عميس أن يغسلاها .
وعن ابن عباس قال : مرضت فاطمة مرضا شديدا فقالت لاسماء بنت عميس :
ألا ترين إلى ما بلغت فلا تحمليني على سرير ظاهر فقالت : لا لعمري ولكن أصنع
نعشا كما رأيت يصنع بالحبشة .
قالت : فأرينيه فأرسلت إلى جرائد رطبة فقطعت من الاسواق ثم جعلت على
السرير نعشا وهو أول ما كان النعش فتبسمت وما رؤيت متبسمة إلا يومئذ ثم
حملناها فدفناها ليلا وصلى عليها العباس بن عبدالمطلب ونزل في حفرتها هو وعلي
والفضل بن عباس .
وعن أسماء بنت عميس أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله قالت لاسماء : إني
قد استقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها لمن رأى فقالت
أسماء : يابنت رسول الله أنا اريك شيئا رأيته بأرض الحبشة ، قال : فدعت بجريدة
رطبة فحسنتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة عليها السلام : ما أحسن هذا وأجمله
لا تعرف به المرأة من الرجل .
قال : قالت فاطمة : فاذا مت فاغسليني أنت ولا يدخلن علي أحد فلما توفيت
فاطمة عليها السلام جاءت عائشة تدخل عليها فقالت أسماء : لا تدخلي فكلمت عائشة
[190]
أبابكر فقالت : إن هذه الخثعمية تحول بيننا وبين ابنة رسول الله صلى الله عليه واله وقد جعلت
لها مثل هودج العروس فقالت أسماء لابي بكر : أمرتني أن لايدخل عليها أحد
وأريتها هذا الذي صنعت وهي حية فأمرتني أن أصنع لها ذلك فقال أبوبكر : اصنعي
ما أمرتك فانصرف ، وغسلها علي عليه السلام وأسماء .
وروى الدولابي حديث الغسل الذي اغتسلته قبل وفاتها وكونها دفنت به
ولم تكشف وقد تقدم ذكره وروى من غير هذا أن أبابكر وعمر عاتبا عليا عليه السلام كونه
لم يؤذنهما بالصلاة عليها فاعتذر أنها أوصته بذلك وحلف لهما فصدقاه وعذراه .
وقال على عليه السلام عند دفن فاطمة عليهما السلام كالمناجي بذلك رسول الله صلى الله عليه واله
عند قبره : السلام عليك يارسول الله عني وعن ابنتك النازلة في جوارك ، إلى آخر
ما سيأتي .
ثم قال علي بن عيسى : الحديث ذو شجون أنشدني بعض الاصحاب للقاضي
أبي بكربن [ أبي ] قريعة :
يا من يسائل دائبا * عن كل معضلة سخيفة
لا تكشفن مغطى * فلربما كشفت جيفة
ولرب مستور بدا * كالطبل من تحت القطيفة
إن الجواب لحاضر * لكنني اخفيه خيفة
لو لا اعتداء رعية * ألقى سياستها الخليفة
وسيوف أعداء بها * هاماتنا أبدا نقيفة


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 190 سطر 19 الى ص 198 سطر 18

لنشرت من أسرار آل * محمد جملا طريفة
تغنيكم عما رواه * مالك وأبوحنفيفة
وأريتكم أن الحسين اصيب * في يوم السقيفة
ولاي حال لحدت * بالليل فاطمة الشريفة
ولما حمت شيخيكم * عن وطئ حجرتها المنيفة
أوه لبنت محمد * ماتت بغصتها أسيفة ( * )
[191]
وقد ورد من كلامها عليها السلام في مرض موتها مايدل على شدة تألمها
وعظم موجدتها وفرط شكايتها ممن ظلمها ومنعها حقها أعرضت عن ذكره ، وألغيت
القول فيه ، ونكبت عن إيراده لان غرضي من هذا الكتاب نعت مناقبهم ومزاياهم
وتنبيه الغافل عن موالاتهم ، فربما تنبه ووالاهم ، ووصف ما خصهم الله به من
الفضائل التي ليست لاحد سواهم ، فأما ذكر الغير والبحث عن الشر والخير فليس
من غرض هذا الكتاب وهو موكول إلى يوم الحساب وإلى الله تصير الامور .
بيان : النقف : كسر الهامة عن الدماغ أو ضربها أشد ضرب أو برمح أو عصا .
20 - ضه : مرضت فاطمة عليها السلام مرضا شديدا ومكثت أربعين ليلة في
مرضها إلى أن توفيت صلوات الله عليها فلما نعيت إليها نفسها دعت ام أيمن وأسماء
بنت عميس ووجهت خلف علي وأحضرته ، فقالت : يا ابن عم إنه قد نعيت إلي
نفسي وإنني لا أرى مابي إلا أنني لا حق بأبي ساعة بعد ساعة ( 1 ) وأنا اوصيك
بأشياء في قلبي .
قال لها علي عليه السلام : أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله ! فجلس عند رأسها
وأخرج من كان في البيت ثم قالت : يا ابن عم ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك
منذ عاشرتني فقال عليه السلام : معاذ الله أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفا
من الله [ من ] أن اوبخك بمخالفتي ( 2 ) قد عز علي مفارقتك وتفقدك ، إلا أنه أمر لابد
منه ، والله جددت علي مصيبة رسول الله صلى الله عليه واله وقد عظمت وفاتك وفقدك ، فانالله وإنا
إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضها وأحزنها هذه والله مصيبة لا عزاء
لها ، ورزية لا خلف لها .
* ( هامش ) * ( 1 ) الساعة أو بعد ساعة . ظ
( 2 ) في النسخة المطبوعة : " وأشد خوفا من الله أن اوبخك " وهو ناقص قطعا . فانه
لابد في الكلام من صلة متممة لا فعل التفضيل في قوله عليه السلام : أعلم وأبر وأتقى وأكرم وأشد
خوفا من الله . ( * )
[192]
ثم بكيا جميعا ساعة وأخذ علي رأسها وضمها إلى صدره ثم قال : أوصيني
بما شئت فانك تجدني فيها أمضي كما أمرتني به وأختار أمرك على أمري .
ثم قالت : جزاك الله عني خير الجزاء يا ابن عم رسول الله اوصيك أولا أن
تتزوج بعدي بابنة [ اختي ] ( 1 ) أمامة فانها تكون لولدي مثلي فان الرجال
لابدلهم من النساء .
قال : فمن أجل ذلك قال أميرالمؤمنين عليه السلام : أربع ليس لي إلى فراقه
سبيل ، بنت [ أبي العاس ] ( 2 ) أمامة أوصتني بها فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله .
ثم قالت : اوصيك يا ابن عم أن تتخذلي نعشا فقد رأيت الملائكة صوروا صورته
فقال ها : صفيه لي فوصفته فاتخذه لها فأول نعش عمل على وجه الارض ذاك
وما رأى أحد قبله ولا عمل أحد .
ثم قالت : اوصيك أن لايشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني وأخذوا
حقي فانهم عدوي وعدو رسول الله صلى الله عليه واله ولا تترك أن يصلي علي أحد منهم ، ولا
من أتباعهم ، وادفني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الابصار ثم توفيت صلوات
الله عليها وعلى أبنيها وبعلها وبنيها .
فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة واجتمعت نساء بني هاشم في دارها ، فصرخوا
صرخة واحدة كادت المدينة أن تتزعزع من صراخهن وهن يقلن : ياسيدتاه ! يا
بنت رسول الله ! وأقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي عليه السلام : وهو جالس والحسن
والحسين عليهما السلام بين يديه يبكيان ، فبكى الناس لبكائهما .
وخرجت ام كلثوم وعليها برقعة وتجر ذيلها متجللة برداء عليها تسبجها
وهي تقول : يا أبتاه يارسول الله الان حقا فقدناك ، فقدا لا لقاء بعده أبدا .
واجتمع الناس فجلسوا وهم يضجون وينتظرون أن تخرج الجنازة فيصلون
عليها ، وخرج أبوذر وقال : انصرفوا فان ابنة رسول الله صلى الله عليه واله قد اخر إخراجها
في هذه العشية فقام الناس وانصرفوا .
* ( هامش ) * ( 1 ) و ( 2 ) قد عرفت فيما سبق وجه هذه الزيادة فراجع ص 182 . ( * )
[193]
فلما أن هدأت العيون ومضى شطر من الليل أخرجها علي والحسن والحسين عليهم السلام
وعمار والمقداد وعقيل والزبير وأبوذر وسلمان وبريدة ونفر من بني هاشم وخواصه
صلوا عليها ودفنوها في جوف الليل وسوى علي عليه السلام حواليها قبورا مزورة مقدار
سبعة حتى لايعرف قبرها وقال بعضهم من الخواص : قبرها سوى مع الارض مستويا
فمسح مسحا سواء مع الارض حتى لايعرف موضعه .
21 - كا : أحمد بن مهران - رحمه الله - رفعه وأحمد بن إدريس عن محمد
ابن عبدالجبار الشيباني قال : حدثني القاسم بن محمد الرازي قال : حدثني علي
ابن محمد الهرمزاني ، عن أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام قال : لما قبضت فاطمة عليها السلام
دفنها أميرالمؤمنين عليه السلام سرا وعفا على موضع قبرها ثم قام فحول وجهه إلى قبر
رسول الله صلى الله عليه واله ثم قال :
السلام عليك يارسول الله عني ! والسلام عليك عن ابنتك ، وزائرتك
والبائتة في الثرى ببقعتك ، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك ، قل يا
رسول الله عن صفيتك صبري ، وعفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي ، إلا
أن في التأسي لي بسنتك في فرقتك ، موضع تعز ، فلقد وسدتك في ملحودة
قبرك ، وفاضت نفسك بين نحري وصدري .
بلى ! وفي كتاب الله لي أنعم القبول ، إنا لله وإنا إليه راجعون
قد استرجعت الوديعة ، واخذت الرهينة ، واخلست الزهراء ، فما أقبح
الخضراء والغبراء يارسول الله !
أما حزني فسرمد ، وأما ليلي فمسهد ، وهم لايبرح من قلبي أو يختار الله
لي دارك التي أنت فيها مقيم ، كمد مقيح ، وهم مهيج ، سرعان ما فرق بيننا
وإلى الله أشكو .
وستنبئك ابنتك بتظافر امتك على هضمها ، فأحفها السؤال ، واستخبرها
الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها ، لم تجد إلى بثه سبيلا ، وستقول و
يحكم الله وهو خير الحاكمين .
[194]
والسلام عليكما سلام مودع ، لا قال ولاسئم ، فان أنصرف فلا عن ملالة
وإن اقم فلا عن سوء ظن بما وعدالله الصابرين .
واها واها والصبر أيمن وأجمل ، ولو لا غلبة المستولين ، لجعلت المقام
واللبث لزاما معكوفا ، ولاعولت إعوال الثلكى على جليل الرزية .
فبعين الله تدفن ابنتك سرا ، وتهضم حقها ، ويمنع إرثها ! ؟ ولم يتباعد
العهد ، ولم يخلق منك الذكر ، وإلى الله يا رسول الله المشتكى ، وفيك
يارسول الله أحسن العزاء ، صلى الله عليك ، وعليها السلام والرضوان .
بيان : " العفو " المحو والانمحاء " والتجلد " القوة قوله عليه السلام " إلا أن في
التأسي لي بسنتك " أي بسنة فرقتك ، والمعنى أن المصيبة بفراقك كانت أعظم
فكما صبرت على تلك مع كونها أشد فلان أصبر على هذه أولى ، والتأسي
الاقتداء بالصبر في هذه المصيبة ، كالصبر في تلك . " وفاضت نفسه " خرجت روحه .
قوله عليه السلام : " في كتاب الله أنعم القبول " أي فيه ما يصير سببا لقبول المصائب
أنعم القبول ، واستعار عليه السلام لفظ الوديعة والرهينة لتلك النفس الكريمة لان
الارواح كالوديعة والرهن في الابدان أولان النساء كالودائع والرهائن عند
الازواج ، ويمكن أن يقرء " استرجعت " وقرائنه على بناء المعلوم والمجهول .
والتخالس : التسالب ، والسهود قلة النوم " أو يختار " أي إلى أن يختار ، و
" الكمد " بالفتح وبالتحريك الحزن الشديد ، ومرض القلب منه وهو إما خبر لقوله
هم ، أو كل منهما خبر مبتدأ محذوف و " الهضم " الظلم و " الاحفاء " المبالغة في السؤال
و " الغليل " حرارة الجوف واعتجلت الامواج : التطمت وفي نهج البلاغة وكشف
الغمة : والسلام عليكما سلام مودع .
وعكفه يعكفه : حبسه ، والاعوال : رفع الصوت بالبكاء والصياح قوله : " فبعين
الله " أي تدفن ابنتك سرا متلبسا بعلم من الله وحضوره وشهوده قوله عليه السلام : و " فيك "
أي في إطاعة أمرك .
22 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب
[195]
عن أبي عبيدة قال : سأل أبا عبدالله عليه السلام بعض أصحابنا عن الجعفر فقال : هو جلد
ثور مملوء علما قال له : فالجامعة ؟ قال : تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض
الاديم مثل فخذا لفالج فيها كل ما يحتاج الناس إليه ، وليس من قضية إلا وهي
فيها حتى أرش الخدش .
قال : فمصحف فاطمة عليها السلام ؟ قال : فسكت طويلا ثم قال : إنكم لتبحثون
عما تريدون وعما لا تريدون إن فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه واله خمسة وسبعين
يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على
أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعده في ذريتها
وكان علي عليه السلام يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة عليها السلام .
23 - كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن القاسم ، عن جده ، عن أبي بصير
عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : أن أسقاطكم إذا
لقوكم يوم القيامة ولم تسموهم يقول السقط لابيه : ألا سميتني وقد سمى رسول الله
صلى الله عليه وآله محسنا قبل أن يولد .
بيان : يحتمل أن يكون " وقد سمى " كلام السقط .
24 - كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن
هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : عاشت فاطمة بعد رسول الله
صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوما لم تركاشرة ولا ضاحكة تأتي قبور الشهداء في كل
جمعة مرتين : الاثنين والخميس ، فتقول عليها السلام : ههنا كان رسول الله وههنا كان المشركون .
وفي رواية أبان ، عمن أخبره ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنها كانت تصلي هناك و
تدعو حتى ماتت عليها السلام .
كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام مثله .
25 - كا : حميد ، عن ا بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبان ، عن محمد
ابن المفضل قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : جاءت فاطمة عليها السلام إلى سارية في
المسجد وهي تقول وتخاطب النبي صلى الله عليه واله :
[196]
قد كان بعد أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الارض وابلها * واختل قومك فاشهدهم ولا تغب
بيان : قال الجزري " الهنيثة " واحدة النهابث وهي الامور الشداد المختلفة
والهنبثة : الاختلاط في القول " والشهود " الحضور و " الخطب " بالفتح الامر الذي تقع
فيه المخاطبة ، والشأن ، والحال ، و " الوابل " المطر الشديد .
26 - قل : روينا عن جماعة من أصحابنا ذكر ناهم في كتاب التعريف للمولد
الشريف إن وفاة فاطمة عليها السلام صارت يوم ثالث جمادى الاخرة .
27 - قب : أنشدت الزهراء عليها السلام بعد وفات أبيها صلى الله عليه واله :
وقد رزئنا به محضا خليقته * صافي الضرائب والاعراق والنسب
وكنت بدرا ونورا يستضاءبه * عليك تنزل من ذي العزة الكتب
وكان جبريل روح القدس زائرنا * فغاب عنا وكل الخير محتجب
فليت قبلك كان الموت صادفنا * لما مضيت وحالت دونك الحجب
إنا رزئنا بمالم يرز ذو شجن * من البرية لا عجم ولا عرب
ضاقت علي بلاد بعد ما رحبت * وسيم سبطاك خسفا فيه لي نصب
فأنت والله خير الخلق كلهم * وأصدق الناس حيث الصدق والكذب
فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت * منا العيون بتهمال لها سكب
عمرو بن دينار ، عن الباقر عليه السلام قال : ما رؤيت فاطمة عليها السلام ضاحكة قط منذ
قبض رسول الله صلى الله عليه واله حتى قبضت .
بيان : " الرزء " بالضم والهمزة : المصيبة بفقد الاعزة ورزئنا على صيغة
المجهول أي اصبنا واسقطت الهمزة للتخيف ( 1 ) وقوله : " محضا خليقته " مفعول
ثان لرزئنا على التجريد كقولهم : لقيت بزيد أسدا أي رزئت به بشخص محض الخليقة
لايشوبها كدروسوء و " الضريبة " الطبيعة والسجية ، و " الاعراق " جمع عرق بالكسر
وهو الاصل من كل شئ و " الشجن " " بالتحريك الهم والحزن و " العجم " بالضم و
* ( هامش ) * ( 1 ) يريد اسقاطها في قولها : " بمالم يرز " . فان أصلها " لم يرزء " . ( * )
[197]
بالتحريك خلاف العرب ، وقال الجزري : الخسف : النقصان والهوان و " سيم " كلف
والزم وهملت عينه : فاضت .
28 - ج : فيما احتج به الحسن عليه السلام على معاوية وأصحابه أنه قال لمغيرة
ابن شعبة : أنت ضربت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله حتى أدميتها وألقت ما في بطنها
استذلالا منك لرسول الله صلى الله عليه واله ومخالفة منك لامره وانتها كالحرمته ، وقد قال
رسول الله صلى الله عليه واله : أنت سيدة نساء أهل الجنة والله مصيرك إلى النار .
29 - أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس الهلالي برواية أبان بن أبي عياش
عنه ، عن سلمان وعبدالله بن العباس قالا : توفي رسول الله صلى الله عليه واله يوم توفي فلم يوضع
في حفرته ، حتى نكث الناس وارتدوا وأجمعوا على الخلاف ، واشتغل علي عليه السلام
برسول الله صلى الله عليه واله حتى فرغ من غسله وتكفينه وتحنيطه ووضعه في حفرته ، ثم أقبل
على تأليف القرآن وشغل عنهم بوصية رسول الله صلى الله عليه واله .
فقال عمر لابي بكر : يا هذا إن الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا
الرجل وأهل بيته فابعث إليه فبعث إليه ابن عم لعمر يقال له : قنفذ ، فقال له :
يا قنفذ انطلق إلى علي فقل له : أجب خليفة رسول الله ، فبعثا مرارا وأبي علي
عليه السلام أن يأتيهم ، فوثب عمر غضبان ونادى خالد بن الوليد وقنفذا فأمرها
أن يحملا حطبا ونارا ثم أقبل حتى انتهى إلى باب علي وفاطمة صلوات الله عليهما
وفاطمة قاعدة خلف الباب ، قد عصبت رأسها ، ونحل جسمها في وفاة رسول
الله صلى الله عليه واله .
فأقبل عمر حتى ضرب الباب ثم نادى : يا ابن أبي طالب افتح الباب ! فقالت :
فاطمة : يا عمر مالنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه ، قال : افتحي الباب وإلا أحرقنا
عليكم ، فقالت : يا عمر أما تتقي الله عزوجل تدخل على بيتي وتهجم على داري
فأبي أن ينصرف ، ثم دعا عمر بالنار فأضرمها في الباب فأحرق الباب ثم دفعه عمر
فاستقبلته فاطمة عليها السلام وصاحت يا أبتاه يارسول الله فرفع اليسف وهو في غمدة فوجا
به جنبها فصرخت فرفع السوط فضرب به ذراعها فصاحت يا أبتاه .
[198]
فوثب علي بن أبيطالب عليه السلام فأخذ بتلابيب عمر ثم هزه فصرعه ووجأ أنفه
ورقبته ، وهم بقتله ، فذكر قول رسول الله صلى الله عليه واله وما أوصاه به من الصبر والطاعة فقال :
والذي كرم محمدا بالنبوة يا ابن صهاك لولا كتاب من الله سبق لعلمت أنك لا تدخل
بيتي ، فأرسل عمر يستغيث .
فأقبل الناس حتى دخلوا الدار فكاثروه وألقوا في عنقه حبلا فحالت بينهم
وبينه فاطمة عند باب البيت ، فضربها قنفذ الملعون بالسوط فماتت حين ماتت وإن
في عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله فألجأها إلى عضادة بيتها ودفعها فكسر
ضعلها من جنبها فألقت جنينا من بطنها فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت - صلى الله
عليها - من ذلك شهيدة .
وساق الحديث الطويل في الداهية العظمى والمصيبة الكبرى إلى أن قال
ابن عباس :
ثم إن فاطمة عليها السلام بلغها أن أبابكر قبض فدكا فخرجت في نساء بني هاشم
حتى دخلت على أبي بكر فقالت : يا أبابكر تريد أن تأخذ مني أرضا جعلها لي
رسول الله صلى الله عليه واله فدعا أبوبكر بدواة ليتكت به لها ، فدخل عمر فقال : يا خليفة
رسول الله لا تكتب لها حتى تقيم البينة بما تدعي فقالت فاطمة عليها السلام : علي
وام أيمن يشهدان بذلك ، فقال عمر ، لا تقبل شهادة امرأة أعجمية لا تفصح ، وأما
علي فيجر النار إلى قرصته .
فرجعت فاطمة مغتاظة فمرضت ، وكان علي يصلي في المسجد الصلوات الخمس


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 198 سطر 19 الى ص 206 سطر 18

فلما صلى قال له أبوبكر وعمر : كيف بنت رسول الله إلى أن ثقلت فسألا عنها وقالا
قد كان بيننا وبينها ما قدعلمت فان رأيت أن تأذن لنا لنعتذر إليها من ذنبنا ، قال :
ذاك إليكما .
فقاما فجلسا بالباب ودخل علي عليه السلام على فاطمة عليها السلام فقال لها : أيتها الحرة
فلان وفلان بالباب يريدان أن يسلما عليك فما تريدين ؟ قالت : البيت بيتك ، و
الحرة زوجتك ، افعل ما تشاء ! فقال : سدي قناعك فسدت قناعها وحولت وجهها
[199]
إلى الحائط ، فدخلا وسلما وقالا : ارضي عنا رضي الله عنك فقالت : ما دع إلى هذا ؟
فقالا : اعترفنا بالاساءة ورجونا أن تعفي عنا فقالت : إن كنتما صادقين فأخبر اني
عما أسألكما عنه ، فاني لا أسألكما عن أمر إلا وأنا عارفة بأنكما تعلمانه ، فان
صدقتما علمت أنكما صادقان في مجيئكما قالا : سلي عما بدالك .
قالت : نشدتكما بالله هل سمعتما رسول الله صلى الله عليه واله يقول : " فاطمة بضعة مني
فمن آذاها فقد آذاني " ؟ قالا : نعم فرفعت يدها إلى السماء فقالت : اللهم إنهما
قد آذياني فأنا أشكوهما إليك وإلى رسولك ، لا والله لا أرضى عنكما أبدا حتى
ألقى أبي رسول الله صلى الله عليه واله واخبره بما صنعتما فيكون هو الحاكم فيكما قال : فعند
ذلك دعا أبوبكر بالويل والثبور ، وجزع جزعا شديدا فقال عمر : تجزع يا خليفة
رسول الله من قول امرأة ؟ .
قال : فبقيت فاطمة عليها السلام بعد وفاة أبيها صلى الله عليه واله وسلم أربعين ليلة فلما اشتد بها
الامر دعت علياعليهما السلام وقالت : ياابن عم ما أراني إلا لما بي وأنا اوصيك أن
تتزوج بأمامة بنت اختي زينب تكون لولدي مثلي ، واتخذ لي نعشا فاني رأيت
الملائكة يصفونه لي ، وأن لايشهد أحد من أعداء الله جنازتي ولا دفني ولا الصلاة علي .
قال ابن عباس : فقبضت فاطمة عليها السلام من يومها فارتجت المدينة بالبكاء من الرجال
والنساء ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله صلى الله عليه واله فأقبل أبوبكر وعمر يعزيان
عليا عليه السلام ويقولان له : يا أبا الحسن لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله ، فلما كان
الليل دعا علي عليه السلام العباس والفضل والمقداد وسلمان وأباذر وعمارا فقدم العباس
فصلى عليها ودفنوها .
فلما أصبح الناس أقبل أبوبكر وعمر والناس يريدون الصلاة على فاطمة عليها السلام
فقال المقداد : قد دفنا فاطمة البارحة ، فالتفت عمر إلى أبى بكر فقال : لم أقل لك إنهم
سيفعلون قال العباس : إنها أوصت أن لا تصليا عليها فقال عمر : لا تتركون يابني هاشم
حسدكم القديم لنا أبدا إن هذه الغضائن التي في صدوركم لن تذهب ، والله لقد هممت
آن أنبشها فاصلي عليها ، فقال علي عليه السلام : والله لورمت ذاك يا ابن صهاك لا رجعت
[200]
إليك يمينك ، لئن سللت سيفي لا غمدته دون إزهاق نفسك : فانكسر عمر وسكت
وعلم أن عليا عليها السلام إذا حلف صدق .
ثم قال علي عليه السلام : يا عمر ألست الذي هم بك رسول الله صلى الله عليه واله وأرسل إلي
فجئت متقلدا سيفي ثم أقبلت نحوك لاقتلك فأنزل الله عز وجل " فلا تعجل عليهم
إنما نعد لهم عدا " ( 1 ) .
أقول : تمام الخبر مع الاخبار الاخر المشتملة على ما وقع عليها من الظلم
أوردتها في كتاب الفتن .
30 - مصباح الانوار : عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام قال : ماتت فاطمة
عليها السلام ما بين المغرب والعشاء وعن عبدالله بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده عليه السلام
أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله لما احتضرت نظرت نظرا حادا ثم قالت : السلام
على جبرئيل ، السلام على رسول الله ، اللهم مع رسولك ، اللهم في رضوانك وجوارك
ودارك دار السلام ، ثم قالت : أترون ما أرى ؟ فقيل لها ماترى ؟ قالت : هذه مواكب
أهل السموات ، وهذا جبرئيل ، وهذا رسول الله ، ويقول : يابنية أقدمي فما أمامك
خير لك .
وعن زيد بن علي عليه السلام أن فاطمة عليها السلام لما احتضرت سلمت على جبرئيل
وعلى النبي صلى الله عليه واله وسلمت على ملك الموت ، وسمعوا حس الملائكة ، ووجدوا رائحة
طيبة كأطيب ما يكون من الطيب .
وعن أبي جعفر عليه السلام قال : إن فاطمة عاشت بعد رسول الله صلى الله عليه واله ستة أشهر .
وعن أبي جعفر عليه السلام قال : مكثت فاطمة عليها السلام في مرضها خمسة عشر
يوماوتوفيت .
وعن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : شهد دفنها سلمان الفارسي والمقداد بن
الاسود وأبوذر الغفاري وابن مسعود والعباس بن عبدالمطلب والزبير بن العوام .
وعن أبي جعفر ، عن آبائه عليهم السلام أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله عاشت بعد * ( هامش ) * ( 1 ) مريم : 85 . ( * )
[201]
النبي صلى الله عليه واله ستة أشهر ما رؤيت ضاحكة ، وعنه عليه السلام أن فاطمة كفنت في
سبعة أثواب .
وعن حسين بن علوان ، عن سعدبن طريف ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : بدو مرض
فاطمة بعد خمسين ليلة من وفاة رسول الله صلى الله عليه واله فعلمت أنها الوفاة فاجتمعت لذلك
تأمر عليا بأمرها وتوصيه بوصيتها وتعهد إليه عهودها ، وأمير المؤمنين عليه السلام يجزع
لذلك ، ويطيعها في جميع ما تأمره .
فقالت : يا أبا الحسن إن رسول الله صلى الله عليه واله عهد إلى وحدثني أني أول
أهله لحوقا به ولابد مما لا بدمنه ، فاصبر لامر الله تعالى وارض بقضائه ، قال : و
أوصته بغلسها وجهازها ودفنها ليلا ففعل ، قال : وأوصته بصدقتها وتركتها قال : فلما
فرغ أميرالمؤمنين من دفنها لقيه الرجلان فقالا له : ما حملك على ما صنعت ؟ قال :
وصيتها وعهدها .
31 - ع : حدثنا علي بن أحمد قال : حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن يحيى
عن عمرو بن أبي المقدام وزياد بن عبدالله قالا : أتى رجل أباعبدالله عليه السلام فقال له :
يرحكمك الله هل تشيع الجنازة بنار ويمشى معها بمجمرة وقنديل أو غير ذلك مما
يضاء به ؟ قال : فتغير لون أبي عبدالله عليه السلام من ذلك واستوى جالسا ثم قال : إنه
جاء شقي من الاشقياء إلى فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله فقال لها : أما علمت أن عليا قد
خطب بنت أبي جهل فقالت : حقاما تقول : فقال : حقا ما أقول - ثلاث مرات - فدخلها
من الغيرة ما لا تملك نفسها وذلك أن الله تبارك وتعالى كتب على النساء غيرة وكتب
على الرجال جهادا . وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الاجر ما جعل للمرابط
المهاجر في سبيل الله .
قال : فاشتد غم فاطمة عليها السلام من ذلك ، وبقيت متفكرة هي حتى أمست وجاء
الليل حملت الحسن على عاتقها الايمن والحسين على عاتقها الايسر وأخذت بيد
ام الكثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت إلى حجرة أبيها فجاء علي عليه السلام فدخل
في حجرته فلم ير فاطمة عليها السلام فاشتد لذلك غمه وعظم عليه ، ولم يعلم القصة
[202]
ماهي فاستحيى أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد فصلى فيه ماشاء الله
ثم جمع شيئا من كثيب المسجد واتكا عليه .
فلما رأى النبي صلى الله عليه واله ما بفاطمة من الحزن أفاض عليه الماء ثم لبس ثوبه
ودخل المسجد ، فلم يزل يصلي بين راكع وساجد وكلما صلى ركعتين دعا الله أن
يذهب ما بفاطمة من الحزن والغم وذلك أنه خرج من عندها وهي تتقلب وتتنفس
الصعداء فلما رآها النبي صلى الله عليه وآله أنها لا يهنئها النوم ، وليس لها قرار قال لها : قومي يابنية
فقامت فحمل النبي صلى الله عليه واله الحسن وحملت فاطمة الحسين وأخذت بيد ام الكثوم
فانتهى إلى علي عليه السلام وهو نائم فوضع النبي رجله على رجل علي فغمزه وقال : قم
ياأبا تراب ، فكم ساكن أزعجة ، ادع لي أباكبر من داره وعمر من مجلسه وطلحة .
فخرج علي عليه السلام فاستخر جهما من منزلهما ، واجتموا عندرسول الله فقال
رسول الله صلى الله عليه واله : يا علي أما علمت أن فاطمة بضعة مني وأنا منها ، فمن آذاها فقد
آذاني [ ومن آذاني فقد آذي الله ] ( 1 ) ومن آذاها بعد موتى كان كمن آذاها في
حياتي ، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتى ؟ قال : فقال علي : بلى يا
رسول الله قال : فقال : فما دعاك إلى ما صنعت ؟ فقال علي : والذي بعثك بالحق نبيا
ما كان مني مما بلغها شئ ولا حدثت بها نفسي فقال النبي صلى الله عليه واله : صدقت وصدقت .
ففرحت فاطمة عليها السلام بذلك وتبسمت حتيى رئى ثغرها فقال أحدهما
لصاحبه : إنه لعجب لحينه ما دعاه إلى ما دعانا هذه الساعة قال : ثم أخذ النبي صلى الله عليه واله
بيد علي عليه السلام فشبك أصابعه بأصابعه فحمل النبي صلى الله عليه واله الحسن وحمل الحسين
على عليه السلام وحملت فاطمة عليها السلام ام الكلثوم وأدخلهم النبي صلى الله عليه واله بيتهم ووضع
عليهم قطيفة ، واستودعهم الله ثم خرج وصلى بقية الليل .
فلما مرضت فاطمة عليها السلام مرضها الذي ماتت فيه أتياها عائدين و
استأذنا عليها فأبت أن تأذن لهما فلما رأى ذلك أبوبكر أعطى الله عهدا لا يظله سقف
* ( هامش ) * ( 1 ) زيادة جعلها في المصدر ج 2 ص 177 بين العلامتين ولم يذيل بشئ وكيف
كان فهى زيادة يستدعيها السياق كما يأتى آنفا من كلامها عليها السلام . ( * )
[203]
بيت حتى يدخل على فاطمة عليها السلام ويتراضاها . فبات ليلة في الصقيع ما أظله
شئ ثم إن عمر أتى عليا عليه السلام فقال له : إن أبابكر شيخ رقيق القلب ، وقد كان
مع رسول الله صلى الله عليه واله في الغار فله صحبة وقد أتيناها غير هذه المرة مرارا نريد الاذن
عليها وهي تأبى أن تأذن لنا حتى ندخل عليها فنتراضى فان رأيت أن تستأذن لنا
عليها فافعل ، قال : نعم ، فدخل علي على فاطمة عليهما السلام فقال : يا بنت رسول الله قد
كان من هذين الرجلين ما قد رأيت وقد ترددا مرارا كثيرة ورددتهما ولم تأذني
لهما وقد سألاني أن أستأذن لهما عليك فقالت : والله لا أذن لهما ولا اكلمهما كلمة من
رأسي حتى ألقى أبي فأشكوهما إليه بما صنعاه وارتكباه مني .
قال علي عليه السلام : فاني ضمنت لهما ذلك ، قالت : إن كنت قد ضمنت لهما شيئا
فالبيت بيتك والنساء تتبع الرجال لا اخالف عليك بشئ فائذن لمن أحببت ، فخرج
علي عليه السلام فأذن لهما فلما وقع بصرهما على فاطمة عليها السلام سلما عليها فلم ترد عليهما
وحولت وجهها عنهما فتحولا واستقبلا وجهها حتى فعلت مرارا ، وقالت : يا علي
جاف الثوب ، وقالت لنسوة حولها : حولن وجهي ، فلما حولن وجهها حولا إليها
فقال أبوبكر : يا بنت رسول الله إنما أتيناك ابتغاء مرضاتك ، واجتناب سخطك
نسألك أن تغفري لنا وتصفحي عما كان منا إليك ، قالت : لا اكلمكما من رأسي
كلمة واحدة حتى ألقى أبي وأشكو كما إليه ، وأشكو صنعكما وفعالكما وما
ارتكبتما مني .
قالا : إنا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك فاغفري واصفحي عنا ولا تؤاخذينا
بماكان منا ، فالتفتت إلى علي عليه السلام وقالت : إني لا اكلمهما من رأسي كلمة حتى
أسألهما عن شئ سمعاه من رسول الله صلى الله عليه واله فان صدقاني رأيت رأيي قالا : اللهم
ذلك لها وإنا لانقول إلا حقها ولا نشهد إلا صدقا .
فقالت : انشدكمابالله أتذكر ان أن رسول الله صلى الله عليه واله استخرجكما في جوف
الليل بشئ كان حدث من أمر علي ؟ فقالا : اللهم نعم ، فقالت : انشدكما بالله
[204]
هل سمعتما النبي صلى الله عليه واله يقول : فاطمة بضعة مني وأنا منها من آذاها فقد آذاني
ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي ومن
آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي ؟ قالا : اللهم نعم قالت : الحمد لله .
ثم قالت : اللهم إني اشهدك فاشهدوا يا من حضرني أنهما قد آذياني في
حياتي وعند موتي ، والله لا اكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربي فأشكو كما إليه
بما صنعتما [ به و ] بي وارتكبتما مني ، فدعا أبوبكر بالويل والثبور وقال : ليت امي
لم تلدني ، فقال عمر : عجبا للناس كيف ولوك امورهم وأنت شيخ قد خرفت تجزع
لغضب امرأة وتفرح برضاها وما لمن أغضب امرأة ، وقاما وخرجا .
قال : فلما نعي إلى فاطمة عليها السلام نفسها أرسلت إلى ام أيمن وكانت أوثق
نسائها عندها وفي نفسها فقالت : يا ام أيمن إن نفسي نعيت إلي فادعي لي عليا
فدعته لها فلما دخل عليها قالت له : يا ابن العم اريد أن اوصيك بأشياء فاحفظها
علي فقال لها : قولي ما أحببت ، قالت له : تزوج فلانة تكون مربية لولدي من
بعدي مثلي ، واعمل نعشا رأيت الملائكة قد صورته لي فقال لها علي : أريني كيف
صورته ، فأرته ذلك كما وصفت له وكما أمرت به ، ثم قالت : فاذا أنا قضيت نحبي
فأخرجني من ساعتك أي ساعة كانت من ليل أو نهار ، ولا يحضرن من أعداء الله
وأعداء رسوله للصلاة علي ، قال علي عليه السلام : أفعل .
فلما قضت نحبها صلى الله عليها وهم في ذلك في جوف الليل أخذ علي عليه السلام
في جهازها من ساعته كما أوصته ، فلما فرغ من جهازها ، أخرج علي الجنازة
وأشعل النار في جريد النخل ، ومشى مع الجنازة بالنار ، حتى صلى عليها
ودفنها ليلا .
فلما أصبح أبوبكر وعمر عاودا عائدين لفاطمة ، فلقيا رجلا من فريش فقالا
له : من أين أقبلت ؟ قال : عزيت عليا بفاطمة ، قالا : وقد ماتت ؟ قال : نعم ، ودفنت
في جوف الليل ، فجزعا شديدا ثم أقبلا إلى علي عليه السلام فلقياه فقالا له : والله
[205]
ما تركت شيئا من غوائلنا ومسائتنا وما هذا إلا من شئ في صدرك علينا ، هل هذا
إلا كما غسلت رسول الله صلى الله عليه واله دوننا ولم تدخلنا معك ، وكما علمت ابنك أن يصبح
بأبي بكر أن : انزل عن منبر أبي .
فقال لهما علي عليه السلام : أتصدقاني إن حلفت لكما ؟ قالا : نعم ، فحلف فأدخلهما
علي المسجد قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله لقد أوصاني وقد تقدم إلي أنه لا يطلع على
عورته أحد إلا ابن عمه ، فكنت اغسله والملائكة تقلبه والفضل بن العباس يناولني
الماء وهو مربوط العينين بالخرقة ، ولقد أردت أن أنزع القميص فصاح بي صائح
من البيت سمعت الصوت ولم أر الصورة : لا تنزع قميص رسول الله صلى الله عليه واله ولقد
سمعت الصوت يكرره علي فأدخلت يدي من بين القميص فغسلته ، ثم قدم إلي
الكفن فكفنته ، ثم نزعت القميص بعد ما كنفته .
وأما الحسن ابني فقد تعلمان ويعلم أهل المدينة أنه كان يتخطى الصفوف
حتى يأتي النبي صلى الله عليه واله وهو ساجد فيركب ظهره فيقوم النبي صلى الله عليه واله ويده على ظهر
الحسن والاخرى على ركبته حتى يتم الصلاة قالا : نعم قد علمنا ذلك .
ثم قال : تعلمان ويعلم أهل المدينة أن الحسن كان يسعى إلى النبي صلى الله عليه واله
ويركب على رقبته ويدلي الحسن رجليه على صدر النبي صلى الله عليه واله حتى يرى بريق
خلخاليه من أقصى المسجد والنبي صلى الله عليه واله يخطب ولايزال على رقبته حتى يفرغ
النبي صلى الله عليه واله من خطبته والحسن على رقبته فلما رأى الصبي على منبر أبيه غيره
شق عليه ذلك ، والله ما أمرته بذلك ولا فعله عن أمري .
وأما فاطمة فهي المرأة التي استأذنت لكما عليها ، فقد رأيتما ما كان من كلامها
لكما ، والله لقد أوصتني أن لا تحضرا جنازتها ولا الصلاة عليها ، وما كنت الذي
اخالف أمرها ووصيتها إلي فيكما فقال عمر : دع عنك هذه الهمهمة ، أنا أمضي
إلى المقابر فأنبشها حتى اصلي عليا ، فقال له علي عليه السلام : والله لو ذهبت تروم
من ذلك شيئا وعلمت أنك لا تصل إلى ذلك حتى يندر عنك الذي فيه عيناك فاني
كنت لا اعاملك إلا بالسيف قبل أن تصل إلى شئ من ذلك .
[206]
فوقع بين علي عليه السلام وعمر كلام حتى تلاحيا واستبسل ، واجتمع المهاجرون
والانصار فقالوا : والله ما نرضى بهذا أن يقال في ابن عم رسول الله وأخيه ووصيه
وكادت أن تقع فتنة ، فتفرقا . ( 1 )
بيان : الصعداء بالمد تنفس ممدود ، قوله صلى الله عليه واله : وصدقت إما تأكيد للاول
أو على بناء المجهول من المخاطب ، أو على الغيبة أي صدقت فاطمة عليها السلام لانها لم تذكر
إلا ما سمعت ، والصقيع الذي يسقط من السماء بالليل شبيه بالثلج ، ويقال
أجفيت السرج من ظهر الفرس إذا رفعته عنه ، وجافاه عنه أي أبعده ولعل المعنى :
خذ الثوب وارفعه قليلا حتى أتحول من جانب إلى جانب " والهمهمة " تنويم
المرأة الطفل بصوتها ، وندر الشئ يندر ندرا سقط وشذ ، والملاحاة المنازعة ، والمباسلة
المصاولة في الحرب والمستبسل الذي يوطن نفسه على الموت ، واستبسل أي طرح
نفسه في الحرب ، وهو يريد أن يقتل لا محالة .
32 - ع : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن
عبدالرحمن بن سالم ، عن المفضل قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : جعلت فداك من
غسل فاطمة ؟ قال : ذاك أمير المؤمنين عليه السلام قال : فكأني استعظمت ذلك من قوله
فقال : كأنك ضقت مما أخبرتك به ؟ قلت : قد كان ذلك جعلت فداك ، قال : لا
تضيقن فانها صديقة لا يغسلها إلا صديق ، أما علمت أن مريم لم يغسلها إلا
عيسى عليه السلام .
كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن عبدالرحمن بن سالم مثله .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 206 سطر 19 الى ص 214 سطر 18

33 - ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام أن
عليا عليه السلام غسل امرأته فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه واله .
34 - ع : علي بن أحمد بن محمد ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي
عن ابن البطائني ، عن أبيه قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام لاي علة دفنت فاطمة
* ( هامش ) * ( 1 ) عرضنا الحديث على المصدر ج 1 ص 177 وصححنا بعض ألفاظه المصحفة . ( * )
[207]
عليها السلام بالليل ولم تدفن بالنهار ؟ قال : لانها أوصت أن لا يصلي عليها
الرجلان الاعرابيان . ( 1 )
بيان : الاعرابيان : الكافران لقوله تعالى " الاعراب أشد كفرا ونفاقا " ( 2 )
35 - ع ، لى : ابن موسى ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن محمد
ابن عبيدالله وعبدالله بن الصلت الجحدري قالا : حدثنا ابن عائشة ، عن عبدالله
ابن عبدالرحمن الهمداني ، عن أبيه قال : لما دفن علي بن أبي طالب عليه السلام فاطمة
عليها السلام قام على شفير القبر وذلك في جوف الليل لانه كان دفنها ليلا ثم
أنشأ يقول :
لكل اجتماع من حليلين فرقة * وكل الذي دون الممات قليل
وإن افتقادي واحدا بعد واحد * دليل على أن لا يدوم خليل
ستعرض عن ذكري وتنسى مودتي * ويحدث بعدي للخليل خليل
36 - كتاب الدلائل للطبرى : عن أحمد بن محمد الخشاب ، عن زكريا بن
يحيى ، عن ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي بصير ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه واله ما ترك إلا الثقلين : كتاب الله
وعترته : أهل بيته ، وكان قد أسر إلى فاطمة صلوات الله عليها أنها لا حقة به أول
أهل بيته لحوقا .
قالت : بينا أني بين القائمة واليقظانة بعد وفاة أبي بأيام إذ رأيت كأن أبي
قد أشرف علي فلما رأيته لم أملك نفسي أن ناديت يا أبتاه انقطع عنا خبرالسماء
فبينا أنا كذلك إذ أتتني الملائكة صفوفا يقدمها ملكان حتى أخذاني فصعدابي
إلى السماء فرفعت رأسي فإذا أنا بقصور مشيدة وبساتين وأنهار تطرد ، وقصر بعد
قصر ، وبستان بعد بستان ، وإذا قد اطلع علي من تلك القصور جواري كأنهن
اللعب فهن يتباشرن ويضحكن إلي ويقلن : مرحبا بمن خلقت الجنة وخلقنا من -
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر المطبوع ج 1 ص 176 : أن لا يصلى عليها رجال .
( 2 ) براءة : 98 . ( * )
[208]
أجل أبيها .
فلم تزل الملائكة تصعد بي حتى أدخلوني إلى دار فيها قصور في كل قصر
من البيوت ما لا عين رأت وفيها من السندس والاستبرق على أسرة ( 1 ) وعليها
ألحاف من ألوان الحرير والديباج ، وآنية الذهب والفضة ، و فيها موائد عليها
من ألوان الطعام ، وفي تلك الجنان نهر مطرد أشد بياضا من اللبن وأطيب رائحة
من المسك الاذفر ، فقلت : لمن هذه الدار ؟ وما هذا النهر ؟ فقالوا : هذه الدار
الفردوس الاعلى الذي ليس بعده جنة وهي دار أبيك ومن معه من النبيين ومن
أحب الله ، قلت : فما هذا النهر ؟ قالوا : هذا الكوثر الذي وعده أن يعطيه إياه فقلت :
فأين أبي قالوا : الساعة يدخل عليك .
فبينا أنا كذلك إذ برزت لى قصور هي أشد بياضا وأنور من تلك وفرش هي
أحسن من تلك الفرش وإذا بفرش مرتفعة على أسرة وإذا أبي صلى الله عليه واله جالس على
تلك الفرس ، ومعه جماعة ، فلما رآني أخذني فضمني وقبل ما بين عيني وقال :
مرحبا بابنتي ! وأخذني وأقعدني في حجره ثم قال لي : يا حبيبتي أما ترين ما
أعد الله لك وما تقدمين عليه ؟ فأراني قصورا مشرقات فيها ألوان الطرائف والحلي
والحلل ، وقال : هذه مسكنك ومسكن زوجك وولديك ومن أحبك وأحبهما
فطيبي نفسا فانك قادمة علي إلى أيام ، قالت : فطار قلبي واشتد شوقي وانتبهت
من رقدتي مرعوبة .
قال أبوعبدالله : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : فلما انتبهت من مرقدها صاحت بي
فأتيتها فقلت لها : ما تشتكين ؟ فخبرتني بخبر الرؤيا ثم أخذت علي عهدالله ورسوله
أنها إذا توفت لا اعلم أحدا إلا ام سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه واله وأم أيمن وفضة
ومن الرجال ابنيها وعبدالله بن عباس وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر والمقداد
وأبوذر وحذيفة ، وقالت : إني أحللتك من أن تراني بعد موتي فكن مع النسوة فيمن
* ( هامش ) * ( 1 ) الاسرة : جمع سرير وهو التخت ويغلب على تخت الملك ، لان من جلس عليه
من أهل الرفعة يكون مسرورا . وألحاف جمع لحاف - على غير قياس - والمراد هنا
غطاء التخت . ( * )
[209]
يغسلني ولا تدفني إلا ليلا ولا تعلم أحدا قبري .
فلما كانت الليلة التي أراد الله أن يكرمها ويقبضها إليه أقبلت تقول : وعليكم
السلام وهي تقول لي : ياابن عم قد أتاني جبرئيل مسلما وقال لي : السلام يقرأ
عليك السلام يا حبيبة حبيب الله ، وثمرة فؤاده ، اليوم تلحقين بالرفيع الاعلى
وجنة المأوى ثم انصرف عني . ثم سمعناها ثانية تقول : وعليكم السلام فقالت : ياابن
عم هذا والله ميكائيل وقال لي كقول صاحبه .
ثم تقول : وعليكم السلام ورأيناها قد فتحت عينيها فتحا شديدا ثم قالت :
ياابن عم هذا والله الحق وهذا عزرائيل قد نشر جناحه بالمشرق والمغرب وقد وصفه
لي أبي وهذه صفته ، فسمعناها تقول : وعليك السلام يا قابض الارواح عجل بي
ولا تعذبني ثم سمعناها تقول : إليك ربي لا إلى النار ثم غمضت عينيها ومدت
يديها ورجليها كأنها لم تكن حية قط .
37 - لى : المكتب ، عن العلوي ، عن الفزاري ، عن محمد بن الحسين الزيات
عن سليمان بن حفص المروزي ، عن ابن طريف ، عن ابن نباته قال : سئل أميرالمؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام عن علة دفنه لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله ليلا فقال : إنها كانت
ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها وحرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها .
38 - ما : المفيد ، عن محمد بن أحمد المنصوري ، عن سلمان بن سهل ، عن
عيسى بن إسحاق القرشي ، عن حمدان بن علي الخفاف ، عن ابن حميد ، عن
الثمالي ، عن أبي جعفر الباقر ، عن أبيه عليهما السلام ، عن محمد بن عمار بن ياسر ، عن
أبيه قال : لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله - مرضتها التي توفيت فيها -
وثقلت ( 1 ) جاءها العباس بن عبدالمطلب عائدا فقيل له إنها ثقيلة وليس يدخل عليها أحد
فانصرف إلى داره وأرسل إلى علي عليه السلام فقال لرسوله : قل له : ياابن أخ عمك
يقرؤك السلام ويقول لك : لله قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله صلى الله عليه واله
* ( هامش ) * ( 1 ) عطف على قوله : " لما مرضت " . ( * )
[210]
وقرة عينيه وعيني فاطمة ماهدني وإني لاظنها أولنا لحوقا برسول الله صلى الله عليه واله
يختارلها ويحبوها ويزلفها لربه ، فان كان من أمرها ما لابد منه ، فأجمع - أنالك
الفداء - المهاجرين والانصار حتى يصيبوا الاجر في حضورها والصلاة عليها ، وفي
ذلك جمال للدين .
فقال علي عليه السلام لرسوله وأنا حاضر عنده : أبلغ عمي السلام وقل لا عدمت
إشفاقك وتحيتك ، وقد عرفت مشورتك ، ولرأيك فضله ، إن فاطمة بنت رسول
الله صلى الله عليه واله لم تزل مظلومة ، من حقها ممنوعة ، وعن ميراثها مدفوعة ، لم تحفظ
فيها وصية رسول الله صلى الله عليه واله ولا رعي فيها حقه ، ولا حق الله عزوجل ، وكفى بالله
حاكما ومن الظالمين منتقما ، وأنا أسألك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به فانها
وصتني بستر أمرها .
قال : فلما أتى العباس رسوله بما قال علي عليه السلام قال : يغفر الله لابن أخي
فانه لمغفور له إن رأى ابن أخي لا يطعن فيه ، إنه لم يولد لعبد المطلب مولود
أعظم بركة من علي إلا النبي صلى الله عليه واله إن عليا لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة
وأعلمهم بكل فضيلة ، وأشجعهم في الكريهة ، وأشدهم جهادا للاعداء في نصرة الحنيفية ،
وأول من آمن بالله ورسوله صلى الله عليه واله .
39 - ل : محمد بن عمير البغدادي ، عن أحمد بن الحسن بن عبدالكريم ، عن
عباد بن صهيب ، عن عيسى بن عبدالله العمري ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه السلام
قال : خلقت الارض لسبعة بهم يرزقون ، وبهم يمطرون ، وبهم ينصرون : أبوذر
وسلمان والمقداد وعمار ، وحذيفة ، وعبدالله بن مسعود قال علي عليه السلام : وأنا إمامهم
وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة .
كش : جبرئيل بن أحمد ، عن الحسين بن خرزاد ، عن ابن فضال ، عن
ثعلبة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام مثله .
40 - جا ، ما : المفيد ، عن الصدوق ، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن
[211]
محمد بن عبد الجبار ، عن القاسم بن محمد الرازي ، عن علي بن محمد الهرمرازي ( 1 )
عن علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين عليهما السلام قال : لما مرضت فاطمة بنت رسول
الله صلى الله عليه واله وصت إلى علي بن أبي طالب عليه السلام أن يكتم أمرها ويخفي خبرها ولا
يؤذن أحدا بمرضها ، ففعل ذلك ، وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت
عميس رحمها الله ، على استسرار بذلك ما وصت به ، فلما حضرتها الوفاة وصت
أميرالمؤمنين عليه السلام أن يتولى أمرها ، ويدفنها ليلا ويعفي قبرها ، فتولى ذلك
أميرالمؤمنين عليه السلام ودفنها ، وعفى موضع قبرها .
فلما ، نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن ، فأرسل دموعه على خديه
وحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه واله فقال :
السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك من ابنتك وحبيبتك ، وقرة
عينك وزائرتك ، والبائتة في الثرى ببقيعك ، المختار الله لها سرعة اللحاق بك ، قل
يارسول الله عن صفيتك صبري ، وضعف عن سيدة النساء تجلدي ، إلا أن في التأنسي
لي بسنتك ، والحزن الذي حل بي لفراقك ، موضع التعزي ، ولقد وسدتك
في ملحود قبرك ، بعد أن فاضت نفسك على صدري ، وغمضتك بيدي ، وتوليت
أمرك بنفسي .
نعم وفي كتاب الله أنعم القبول ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، قد استرجعت
الوديعة ، واخذت الرهينة ، واختلست الزهراء ، فما أقبح الخضراء والغبراء يا
رسول الله .
أما حزني فسرمد ، وأماليلي فمسهد ، لايبرح الحزن من قلبي أو يختار الله
لي دارك التي فيها أنت مقيم ، كمد مقيح ، وهم مهيج ، سرعان مافرق [ الله ]
بيننا ، وإلى الله أشكو ، وستنبئك ابنتك بتظاهر امتك علي ، وعلى هضمها حقها
فاستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا ، وستقول و
* ( هامش ) * ( 1 ) كذا في النسخة وفيه الهروى خ ل وقد مر عن الكافى ( ج 1 ص 458 ) الهرمزانى
راجع ص 193 فيما سبق . ( * )
[212]
يحكم الله وهو خير الحاكمين .
سلام عليك يارسول الله سلام مودع لاسئم ( 1 ) ولا قال ، فان أنصرف فلا عن
ملالة ، وإن اقم فلا عن سوء ظني بما وعدالله الصابرين ، الصبر أيمن وأجمل ولو لا
غلبة المستولين علينا ، لجعلت المقام عند قبرك لزاما ، والتلبث عنده معكوفا ، ولاعولت
إعوال الثكلى على جليل الرزية . فبعين الله تدفن بنتك سرا ، ويهتضم حقها قهرا
ويمنع إرثها جهرا ، ولم يطل العهد ، ولم يخلق منك الذكر ، فالى الله يارسول الله
المشتكى ، وفيك أجمل العزاء ، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته .
41 - عيون المعجزات للسيد المرتضى رحمه الله : روي أن فاطمة عليها السلام
توفيت ولها ثمان عشرة سنة وشهران ، وأقامت بعد النبي صلى الله عليه واله خمسة وسبعين يوما و
روي أربعين يوما ، وتولى غلسلها وتكفينها أميرالمؤمنين عليه السلام وأخرجها ومعه الحسن
والحسين في الليل ، وصلوا عليها ولم يعلم بها أحد ، ودفنها في البقيع وجدد
أربعين قبرا فاستشكل على الناس قبرها فأصبح الناس ولام بعضهم بعضا وقالوا : إن
نبينا صلى الله عليه واله خلف بنتا ولم نحضر وفاتها والصلاة عليها ودفنها ، ولا نعرف
قبرها فنزورها .
فقال من تولى الامر : هاتوا من نساء المسلمين من تنبش هذه القبور ، حتى
نجد فاطمة عليها السلام فنصلي عليها ونزور قبرها ، فبلغ ذلك أميرالمؤمنين عليه السلام فخرج
مغضبا قد احمرت عيناه وقد تقلد سيفه ذاالفقار حتى البقيع وقد اجتمعوا فيه
فقال عليه السلام : لو نبشتم قبرا من هذه القبور لو ضعت السيف فيكم ، فتولى القوم
عن البقيع .
42 - يب : سلمة بن الخطاب ، عن موسى بن عمر بن يزيد ، عن علي بن
النعمان ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته
عن أول من جعل له النعش ، فقال : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله .
- 43 يب : سلمة بن الخطاب ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن أبيه ، عن
* ( هامش ) * ( 1 ) والقياس : سؤوم . ( * )
[213]
حميد بن المثني ، عن أبي عبدالرحمن الحذاء عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أول نعش
احدث في الاسلام نعش فاطمة إنها اشتكت شكوتها التي قبضت فيها وقالت لاسماء :
إني نحلت وذهب لحمي ألا تجعلين لي شيئا يسترني ؟ قالت أسماء : إني إذ كنت بأرض
الحبشة رأيتهم يصنعون شيئا أفلا أصنع لك فان أعجبك أصنع لك ؟ قالت : نعم
فدعت بسرير فأكبته لوجهه ، ثم دعت بجرائد فشددته على قوائمه ثم جللته ثوبا
فقالت : هكذا رأيتهم يصنعون فقالت : اصنعي لهي مثله استريني سترك الله من النار .
44 - من بعض كتب المناقب القديمة : اختلف الروايات في وقت وفاتها
ففي رواية أنها بقيت بعد رسول الله صلى الله عليه واله شهرين . وفي رواية ثلاثة أشهر ، وفي رواية
مائة يوم ، وفي رواية ثمانية أشهر .
وعن علي بن أحمد العاصمي بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام
عن علي عليه السلام فاطمة لما توفي رسول الله صلى الله عليه واله كانت تقول : واأبتاه من ربه
ما أدناه ، واأبتاه جنان الخلد مثواه ، واأبتاه يكرمه ربه إذا أتاه ، ياأبتاه الرب و
الرسل تسلم عليه حين تلقاه .
فلما ماتت فاطمة عليها السلام قال علي بن أبي طالب يرثيها :
" لكل اجتماع من خليلين فرقة " الابيات .
وذكر الحاكم أن فاطمة لما ماتت أنشأ علي عليه السلام :
نفسي على زفراتها محبوسة * ياليتها خرجت مع الزفرات
لا خير بعدك في الحياة وإنما * أبكي مخافة أن تطول حياتي
وعن سيد الحفاظ أبي منصور الديلمي بإسناده أن عبدالله بن الحسن دخل
على هشام بن عبدالملك وعنده الكلبي ، فقال هشام لعبد الله بن الحسن : يا أبا محمد !
كم بلغت فاطمة بنت رسول الله من السن ؟ فقال : بلغت ثلاثين فقال للكلبي :
ما تقول ؟ قال : بلغت خمسا وثلاثين ، فقال هشام لعبدالله : ألا تسمع ما يقول الكلبي ؟
فقال عبدالله : يا أميرالمؤمنين سلني عن امي فأنا أعلم بها وسل الكلبي عن امه فهو
أعلم بها .
[214]
وعن العاصمي بإسناده ، عن محمد بن عمر قال : توفيت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله
لثلاث ليال خلون من شهر رمضان وهي بنت تسع وعشرين أو نحوها .
وذكر أبوعبدالله بن مندة الاصفهاني في كتاب المعرفة أن عليا تزوج فاطمة
بالمدينة بعد سنة من الهجرة وبنى بها بعد ذلك بنحو من سنة وولدت لعلي الحسن
والحسين والمحسن وام كلثوم الكبرى وزينب الكبرى .
وقال محمد بن إسحاق : توفيت ولها ثمان وعشرون سنة ، وقيل : سبع
وعشرون سنة ، وفي رواية أنها ولدت على رأس سنة إحدى وأربعين من مولد النبي
صلى الله عليه وآله فيكون سنها على هذا ثلاثا وعشرين ، والاكثر على أنها كانت
بنت تسع وعشرين أو ثلاثين عليها السلام .
وذكر وهب بن منبه ، عن ابن عباس أنها بقيت أربعين يوما بعده ، وفي رواية
ستة أشهر وساق ابن عباس الحديث إلى أن قال : لما توفيت عليها السلام شقت
أسماء جيبها وخرجت فتلقاها الحسن والحسين فقالا : أين امنا ؟ فسكتت فدخلا
البيت فاذا هي ممتدة فحركها الحسين فاذا هي ميتة ، فقال : يا أخاه آجرك الله
في الوالدة ، وخرجا يناديان : يا محمداه يا أحمداه اليوم جدد لنا موتك إذ ماتت امنا .
ثم أخبرا عليا وهو في المسجد فغشي عليه حتى رش عليه الماء ثم أفاق
فحملهما حتى أدخلهما بيت فاطمة وعند رأسها أسماء تبكي وتقول : وايتامى محمد ، كنا
نتعزى بفاطمة بعد موت جدكما فبمن نتعزى بعدها فكشف علي عن وجهها فاذا
برقعة عند رأسها فنظر فيها فإذا فيها :


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 214 سطر 19 الى ص 222 سطر 18

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله أوصت
وهي تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق والنار حق
وأن الساعة آتية لاريب فيها وأن الله يبعث من القبور يا علي أنا فاطمة بنت محمد زوجني
الله منك لاكون لك في الدنيا والاخرة أنت أولى بي من غيري حنطني وغسلني و
كفني بالليل وصل علي وادفني بالليل ولا تعلم أحدا وأستودعك الله وأقرء على
ولدي السلام إلى يوم القيامة .
[215]
فلما جن الليل غسلها علي ووضعها على السرير ، وقال للحسن : ادع لي
أباذر فدعاه فحملاه إلى المصلى ، فصلى عليها ثم صلى ركعتين ، ورفع يديه إلى
السماء فنادى : هذه بنت نبيك فاطمة أخرجتها من الظلمات إلى النور ، فأضاءت
الارض ميلا في ميل فلما أرادوا أن يدفنوها نودوا من بقعة من البقيع إلي إلي فقد
رفع تربتها مني فنظروا فاذا هي بقبر محفور ، فحلمواالسرير إليها فدفنوها فجلس
علي على شفير القبر فقال : يار أرض ! استودعتك وديعتي ، هذه بنت رسول الله فنودي
منها : يا علي أنا أرفق بها منك فارجع ولاتهتم فرجع وانسد القبر واستوى بالارض
فلم يعلم أين كان إلى يوم القيامة .
45 - أقول : قال أبوالفرج في مقاتل الطالبين : كانت وفاة فاطمة عليها السلام بعد
وفاة النبي صلى الله عليه واله بمدة يختلف في مبلغها فالمكثر يقول : ثمانية أشهر ، والمقلل يقول :
أربعين يوما إلا أن الثبت في ذلك ما روي عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام أنها
توفيت بعده بثلاثة أشهر حدثني بذلك الحسن بن علي ، عن الحارث ، عن
ابن سعد ، عن الواقدي ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام .
46 - كف ، مصبا : في الثالث من جمادى الاخرة كان وفاة فاطمة عليها السلام
سنة إحدى عشرة .
47 - مصبا : في اليوم الحادي والعشرين من رحب كانت وفاة الطاهرة
فاطمة عليها السلام في قول ابن عباس .
بيان : أقول لايمكن التطبيق بين أكثر تواريخ الولادة والوفاة ومدة عمرها
الشريف ، ولا بين تواريخ الوفاة وبين مامر في الخبر الصحيح أنها عليها السلام عاشت
بعد أبيها خمسة وسبعين يوما إذ لو كان وفاة الرسول صلى الله عليه واله في الثامن والعشرين من
صفر كان على هذا وفاتها في أواسط جمادى الاولى ، ولو كان في ثاني عشر ربيع الاول
كا ترويه العامة كان وفاتها في أواخر جمادى الاولى ، ومارواه أبوالفرج ، عن
الباقر عليه السلام من كومن مكثها بعده صلى الله عليه واله ثلاثة أشهر يمكن تطبيقه على ما هو
المشهور من كون وفاتها في ثالث جمادى الاخرة ، ويدل عليه أيضا مامر من خير
[216]
أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام برواية الطبري بأن يكون عليه السلام لم يتعرض للايام
الزائدة لقلتها والله يعلم .
48 - أقول : في الديوان المنسوب اليه عليه السلام أنه أنشد بعد وفاة فاطمة
عليها السلام :
ألا هل إلى طول الحياة سبيل * وأنى وهذا الموت ليس يحول
وإني وإن أصبحت بالموت موقنا * فلي أمل من دون ذاك طويل
وللدهر ألوان تروح وتغتدي * وإن نفوسا بينهن تسيل
ومنزل حق لا معرج دونه * لكل امرئ منها إليه سبيل
قطعت بأيام التعزز ذكره * وكل عزيز ما هناك ذليل
أرى علل الدنيا علي كثيرة * وصاحبها حتى الممات عليل
وإني لمشتاق إلى من احبه * فهل لي إلى من قد هويت سبيل
وإني وإن شطت بي الدار نازحا * وقد مات قبلي بالفراق جميل
فقد قال في الامثال في البين قائل * أضربه يوم الفراق رحيل
لكل اجتماع من خليلين فرقة * وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي فاطما بعد أحمد * دليل على أن لايدوم خليل
وكيف هناك العيش من بعد فقدهم * لعمرك شئ ما إليه سبيل
سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي * ويظهر بعدي للخليل عديل
وليس خليلي بالملول ولا الذي * إذا غبت يرضاه سواي بديل
ولكن خليلي من يدوم وصاله * ويحفظ سري قلبه ودخيل
إذا انقطعت يوما من العيش مدتي * فان بكاء الباكيات قليل
يريد الفتى أن لايموت حبيبه * وليس إلى ما يبتغيه سبيل
وليس جليلا رزء مال وفقده * ولكن رزء الاكرمين جليل
لذلك جنبي لا يؤاتيه مضجع * وفي القلب من حر الفراق غليل
بيان : خبر " أنى " محذوف و " منزل " عطف على ألوان و " المعراج " محل
[217]
الاقامة وشطت الدار ونزحت : بعدت ، والباء للتعدية ، والتضريب مبالغة في الضرب
والبين : الفراق أي أضرب المثل الذي قاله القائل في يوم الفراق الذي هو رحيل ، و
المثل قوله : لكل اجتماع ، وفاطم مرخم فاطمة لضرورة الشعر : والبديل : البدل ، ودخيل
الرجل الذي يداخله في اموره ويختص به " لايؤاتيه " أي لا يوافقه والغليل : العطش ،
ومنه : قوله عليه السلام عند رحلتها عليها السلام :
حبيب ليس يعدله حبيب * وما لسواه في قلبي نصيب
حبيب غاب عن عيني وجسمي * وعن قلبي حبيبي لا يغيب
بيان : حبيب في الموضعين خبر مبتداء محذوف أو الثاني خبر الاول .
ومنه : مخاطبا لها بعد وفاتها :
مالي وقفت على القبور مسلما * قبر الحبيب فلم يرد جوابي
أحييب مالك لاترد جوابنا * أنسيت بعدي خلة الاحباب
ومنه : مجيبا لنفسه من قبلها عليها السلام :
قال الحبيب : وكيف لي بجوابكم * وأنا رهين جنادل وتراب
أكل التراب محاسني فنسيتكم * وحجبت عن أهلي وعن أترابي
فعليكم مني السلام تقطعت * عني وعنكم خلة الاحباب
بيان : الجنادل : الاحجار ، والترب : الموافق في السن .
وفي شرح الديوان : روي أن الابيات الاخيرة سمعت من هاتف .
49 - مصباح الانوار : عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن فاطمة بنت رسول
الله صلى الله عليه واله : مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه واله ستين يوما ثم مرضت فاشتدت عليها فكان من
دعائها في شكواها : يا حي ياقيوم برحمتك أستغيث فأغثني اللهم زحزحني عن
النار ، وأدخلني الجنة ، وألحقني بأبي محمد صلى الله عليه واله فكان أميرالمؤمنين عليه السلام يقول لها : يعافيك
الله ويبقيك ، فتقول : يا أباالحسن ما أسر ع اللحاق بالله ، وأوصت بصدقتها ومتاع
البيت ، وأوصته أن يتزوج أمامة بنت أبي العاص ، وقالت : بنت اختى وتحنن علي
[218]
ولدي قال : ودفنها ليلا .
وعن ابن عباس قال : رأت فاطمة في منامها النبي صلى الله عليه واله قالت : فشكوت
إليه ما نالنا من بعده ، قالت : فقال لي رسول الله صلى الله عليه واله : لكم الاخرة التي اعدت
للمتقين وإنك قادمة علي عن قريب .
وعن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام قال : لما حضرت فاطمة الوفاة بكت
فقال لها أمير المؤمنين : ياسيدتي مايبكيك ؟ قالت : أبكي لما تلقى بعدي فقال لها :
لاتبكي فوالله إن ذلك لصغير عندي في ذات الله ، قال : وأوصته أن لايؤذن بها الشيخين
ففعل .
50 - كتاب الدلائل للطبرى : عن أبي إسحاق الباقرجي ، عن فلا يجة
عن أبي عبدالله ، عن أبي أحمد ، عن محمد بن بغدان ، عن محمد بن الصلت ، عن عبدالله
ابن سعيد ، عن أبي جريح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن فاطمة عليها السلام
أنها أوصت لازواج النبي صلى الله عليه واله لكل واحدة منهن باثنتي عشرة اوقية ولنساء
بني هاشم مثل ذلك وأوصت لامامة بنت أبي العاص بشئ .
وباسناد آخر عن عبدالله بن حسن ، عن زيد بن علي : أن فاطمة عليها السلام
تصدقت بمالها على بني هاشم وبني عبدالمطلب وأن عليا عليه السلام تصدق عليهم
وأدخل معهم غيرهم .
[219]
8 * ( باب ) *
* ( تظلمها صلوات الله عليها في القيامة ) *
" وكيفية مجيئها إلى المحشر "
1 - لى : الطالقاني ، عن محمد بن جرير الطبري ، عن الحسن بن عبدالواحد
عن إسماعيل بن علي السدي ، عن منيع بن الحجاج ، عن عيسى بن موسى ، عن جعفر
الاحمر ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال : سمعت جابربن عبدالله الانصاري
يقول : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة على ناقة من
نوق الجنة مدبجة الجنبين ، خطامها من لؤلوء رطب ، قوائمها من الزمرد الاخضر
ذنبها من المسك الاذفر ، عيناها ياقوتتان حمراوان .
عليها قبة من نور ، يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهره ، داخلها
عفوالله ، وخارجها رحمة الله ، على رأسها تاج من نور ، للتاج سبعون ركنا كل
ركن مرصع بالدر والياقوت ، يضئ كما يضئ الكوكب الدري في افق السماء
وعن يمينها سبعون ألف ملك ، وعن شمالها سبعون ألف ملك ، وجبرئيل آخذ بخطام
الناقة ينادي باعلا صوته :
غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد ، فلا يبقى يومئذ نبي ولارسول
ولاصديق ولا شهيد إلا غضوا أبصارهم حتى تجوز فاطمة ، فتسير حتى تحاذي
عرش ربها جل جلاله ، فتنزخ بنفسها عن ناقتها ، وتقول : إلهي وسيدي احكم بيني
وبين من ظلمني اللهم احكم بيني وبين من قتل ولدي ، فاذا النداء من قبل الله جل
جلاله : يا حبيبتي وابنة حبيبي سليني تعطى ، واشفعي تشفعي ، فوعزتي وجلالي
لاجازني ظلم ظالم ، فتقول : إلهي وسيدي ذريتي وشيعتي وشيعة ذريتي ومحبي و
محبي ذريتي .
[220]
فإذا النداء من قبل الله جل جلاله : أين ذرية فاطمة وشيعتها ومحبوها
ومحبوا ذريتها فيقبلون وقد أحاط بهم ملائكة الرحمة فتقدمهم فاطمة عليها السلام
حتى تدخلهم الجنة .
توضيح : قال الفيروز آبادي : المدبج المزين وقال الجزري فيه كان له طيلسان
مدبج هو الذي زينت أطرافه بالديباج ، قوله " الاذفر " أي طيب الريح قوله " داخلها
عفوالله " كناية عن أنها مشمولة بعفو الله ورحمته وتجئ إلى القيامة شفيعة للعباد
معها رحمة الله وعفوه لهم ، وقال الفيروز آبادي : زخه : دفعه في وهدة وزيد اغتاظ
ووثب انتهى التشفيع : قبول الشفاعة .
2 - ن : أحمد بن أبي جعفر البيهقي ، عن أحمد بن علي الجرجاني ، عن إسماعيل
ابن أبي عبدالله القطان ، عن أحمد بن عبدالله بن عامر الطائي ، عن أبي أحمد بن
سليمان الطائي ، عن علي بن موسى الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول
الله صلى الله عليه واله : تحشر ابنتي فاطمة عليها السلام يوم القيامة ومعها ثياب مصبوغة بالدماء ، تتعلق
بقائمة من قوائم العرش تقول : يا عدل احكم بيني وبين قاتل ولدي ، قال علي بن
أبي طالب عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه واله : ويحكم [ الله ] لابنتي ورب الكعبة .
3 - ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : تحشر ابنتي فاطمة يوم القيامة ومعها ثياب مصبوغة بالدم فتتعلق
بقائمة من قوائم العرش فتقول : يا عدل احكم بيني وبين قاتل ولدي ، قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : فيحكم لابنتي ورب الكعبة ، وإن الله عزوجل يغضب لغضب فاطمة
ويرضى لرضاها .
صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام مثله .
4 - ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم
حتى تجوز فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله .
5 - صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام مثله .
[221]
ثم قال : وفي رواية اخرى إذا كان يوم القيامة قيل : يا أهل الجمع غضوا
أبصاركم تمر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله فتمر وعليها ريطتان حمراوان .
بيان : قال الفيروز آبادي : الريطة كل ملاءة غير ذات لفقين كلها نسج واحد
وقطعة واحدة أو كل ثوب لين رقيق .
6 - ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول
الله صلى الله عليه واله : تحشر ابنتي فاطمة وعليها حلة الكرامة قد عجنت بماء الحيوان فينظر
إليها الخلائق فيتعجبون منها ، ثم تكسى أيضا من حلل الجنة ألف حلة مكتوب
على كل حلة بخط أخضر : أدخلوا بنت محمد الجنة على أحسن الصورة ، وأحسن
الكرامة ، وأحسن منظر ، فتزف إلى الجنة كما تزف العروس ، ويوكل
بها سبعون ألف جارية .
صح : عنه ، عن آبائه عليهم السلام مثله .
بيان : قوله عليه السلام " قد عجنت " في بعض النسخ بالباء الموحدة على بناء
المفعول من باب التفعيل أي جعلت عجيبة لغسلها بماء الحيوان وفي بعض النسخ بالنون كناية
عن الغسل به أو كونها بحيث لايموت أبدا من يلبسها ، وقال الجزري : في الحديث
يزف علي بيني وبين إبراهيم إلى الجنة إن كسرت الزاء فمعناه يسرع من زف
في مشيه وأزف إذا أسرع ، وإن فتحت فهو من زففت العروس أزفها إذا أهديتها
إلى زوجها .
7 - ثو : ما جيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن محمد بن الحسين
عن محمد بن سنان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله :
إذا كان يوم القيامة نصب لفاطمة عليها السلام قبة من نور وأقبل الحسين صلوات الله
عليه ، رأسه في يده ، فاذا رأته شهقت شهقة لايبقى في الجمع ملك مقرب ولا نبي
مرسل ولا عبد مؤمن إلا بكى لها ، فيمثل الله عزوجل رجلا لها في أحسن
صورة وهو يخاصم قتلته " بلا رأس " فيجمع الله قتلته والمجهزين عليه ، و
من شرك في قتله ، فيقتلهم حتى أتى على آخرهم ثم ينشرون فيقتلهم أميرالمؤمنين
[222]
عليه السلام ، ثم ينشرون فيقتلهم الحسن عليه السلام ثم ينشرون فيقتلهم الحسين عليه السلام ثم
ينشرون فلا يبقى من ذريتنا أحد إلا قتلهم قتلة ، فعند ذلك يكشف الله الغيظ ، و
ينسي الحزن .
ثم قال أبوعبدالله عليه السلام : رحم الله شيعتنا ، شيعتنا والله هم المؤمنون ، فقدو الله
شركونا في المصيبة بطول الحزن والحسرة .
بيان : قوله صلى الله عليه واله : " بلا رأس " لعله حال عن الضمير في قوله قتلته .
8 - ثو : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن ابن يزيد
عن محمد بن منصور ، عن رجل ، عن شريك يرفعه قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله :
إذا كان يوم القيامة جاءت فاطمة صلوات الله عليها في لمة من نسائها فيقال لها : :
ادخلي الجنة فتقول : لا أدخل حتى أعلم ما صنع بولدي من بعدي ؟ فيقال
لها : انظري في قلب القيامة فتنظر إلى الحسين صلوات الله عليه قائما وليس عليه
رأس ، فتصرخ صرخة وأصرخ لصراخها وتصرخ الملائكة لصراخنا ، فيغضب الله عزوجل
لنا عند ذلك فيأمر نارا يقال لها : هبهب قد اوقد عليها ألف عام حتى اسودت لايدخلها
روح أبدا ولا يخرج منها غم أبدا فيقال لها : التقطي قتلة الحسين صلوات الله عليه
وحملة القرآن فتلتقطهم .
فاذا صاروا في حوصلتها ، صهلت وصهلوابها ، وشهقت وشهقوا بها ، وزفرت
وزفروا بها ، فينطقون بألسنة ذلقة طلقة : ياربنا أو جبت لنا النار قبل عبدة الاوثان ؟
فيأتيهم الجواب عن الله عزوجل أن : من علم ليس كمن لا يعلم .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 222 سطر 19 الى ص 230 سطر 18

ايضاح : اللمة بضم اللام وفتح الميم المخففة الجماعة ، وقال الجوهري
لمة الرجل تربه وشكله ، والهاء عوض واللمة الاصحاب [ ما ] بين الثلاثة إلى العشرة
انتهى . والمراد بحملة القرآن الذين ضيعوه وحرفوه .
9 - ثو : ابن البرقي ( 1 ) عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه [ عن ] محمد بن خالد يرفعه
* ( هامش ) * ( 1 ) هو على بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن محمد بن خالد البرقى . راجع
المستدرك ج 3 ص 665 . ( * )
[223]
إلى عنبسة الطائي ، عن أبي خير ، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : يمثل لفاطمة عليه السلام رأس الحسين عليه السلام متشحطا بدمه
فتصيح واولداه ! واثمرة فؤاداه ! فتصعق الملائكة لصحية فاطمة عليها السلام وينادي
أهل القيامة : قتل الله قاتل ولدك يافاطمة .
قال : فيقول الله عزوجل : ذلك أفعل به وبشيعته وأحبائه وأتباعه وإن
فاطمة عليها السلام في ذلك اليوم على ناقة من نوق الجنة مدبجة الجنبين ، واضحة الخدين
شهلاء العينين ، رأسها من الذهب المصفى ، [ و ] أعناقها من المسك والعنبر ، خطامها من
الزبرجد الاخضر ، رحائلها در مفضض بالجوهر ، على الناقة هودج غشاؤها من
نور الله ، وحشوها من رحمة الله ، خطامها فرسخ من فراسخ الدنيا يحف بهودجها
سبعون ألف ملك بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والثناء على رب العالمين .
ثم ينادي مناد من بطنان العرش : يا أهل القيامة غضوا أبصاركم فهذه فاطمة
بنت محمد رسول الله صلى الله عليه واله تمر على الصراط ، فتمر فاطمة عليها السلام وشيعتها على الصراط
كالبرق الخاطف . قال النبي صلى الله عليه واله : ويلقي أعداءها وأعداء ذريتها في جهنم .
توضيح : " ذلك أفعل به " أي بالحسين عليه السلام أي أقتل قاتليه وقاتلي شيعته
وأحبائه ، ويحتمل إرجاع الضمائر جميعا إلى القاتل وقال الجوهري : الشهلة
في العين أن يشوب سوادها زرقة ، وعين شهلاء ، قوله صلى الله عليه واله : " رحائلها " الاصوب رحالها
جمع رحل وكأنه جمع رجالة ككتابة وهي السرج .
10 - قب : السمعاني في الرسالة القوامية والزعفراني في فضائل الصحابة
والاشنهي في اعتقاد أهل السنة والعكبري في الابانة وأحمد في الفضائل وابن المؤذن
في الاربعين بأسانيدهم عن الشعبي ، عن أبي جحيفة وعن ابن عباس والاصبغ ، عن
أبي أيوب ، وقد روي حفص بن غياث ، عن القزويني ، عطاء عن أبي هريرة كلهم
عن النبي صلى الله عليه واله قال : إذا كان يوم القيامة ووقف الخلائق بين يدي الله تعالى
نادى مناد من وراء الحجاب : أيها الناس غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم ، فان
فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله تحوز على الصراط . وفي حديث أبي أيوب : فتمر معها سبعون جارية
[224]
من الحور العين كالبرق اللامع .
11 - جا : الصدوق ، عن أبيه ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن
أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين
والاخرين في صعيد واحد فينادي مناد : غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم حتى
تجوز فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله الصراط .
قال : فتغض الخلائق أبصارهم فتأتي فاطمة عليها السلام على نجيب من نجب الجنة
يشيعها سبعون ألف ملك ، فتقف موقفا شريفا من مواقف القيامة ، ثم تنزل
عن نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن علي عليه السلام بيدها مضمخا بدمه وتقول يارب
هذا قميص ولدي وقد علمت ما صنع به ، فيأتيها النداء من قبل الله عزوجل : يا
فاطمة لك عندي الرضا فتقول : يارب انتصرلي من قاتله فيأمر الله تعالى عنقا
من النار فتخرج من جهنم فتلتقط قتلة الحسين بن علي عليه السلام كما يلتقط الطير
الحب ، ثم يعود العنق بهم إلى النار فيعذبون فيا بأنواع العذاب ثم تركب فاطمة
عليها السلام نجيبها حتى تدخل الجنة ومعها الملائكة المشيعون لها وذريتها بين
يديها وأولياؤهم من الناس عن يمينها وشمالها .
بيان : قال الجزري فيه يخرج عنق من النار أي طائفة منها .
12 - فر : أبوالقاسم العلوي الحسني منعنا ، عن ابن عباس : إذا كان يوم
القيامة نادى مناد : يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله
فتكون أول من تكسى ويستقبلها من الفردوس اثنتا عشرة ألف حوراء لم يستقبلوا
أحدا قبلها ولا أحدا بعدها ، على نجائب من ياقوت أحنحتها وأزمتها اللؤلؤ ، عليها
رحائل من در على كل رحالة منها نمرقة من سندس ، وركائبها زبرجد ، فيجوزون
بها الصراط حتى ينتهون بها إلى الفردوس فيتباشربها أهل الجنان .
وفي بطنان الفردوس قصور بيض ، وقصور صفر ، من لؤلؤ ة من غرزواحد وإن
في القصور البيض لسبعين ألف دار منازل محمد وآله صلوات الله عليهم وإن في القصور الصفر
لسبعين ألف دار مساكن إبراهيم وآله عليهم السلام فتجلس على كرسي من نور فيجلسون
[225]
حولها ويبعث إليها ملك لم يبعث إلى أحد قبلها ولا يبعث إلى أحد بعدها فيقول :
إن ربك يقرئك السلام ، ويقول : سليني اعطك فتقول : قد أتم علي نعمته
وهنأني كرامته ، وأباحني جنته أسأله ولدي وذريتي ومن ودهم ، فيعطيها الله
ذريتها وولدها ومن ودهم لها وحفظهم فيها ، فيقول : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن
وأقربعيني .
قال جعفر : كان أبي يقول : كان ابن عباس إذا ذكر هذا الحديث تلاهذه الاية :
" والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم ( 1 ) .
تبيين : قال الفيروز آبادي : النمرقة مثلثة الوسادة الصغيرة أو الميثرة أو الطنفسة
فوق الرحل ، وقال الجزري : فيه ينادي مناد من بطنان العرش أي من وسطه ، وقيل
من أصله ، وقيل : البطنان جمع بطن وهو الغامض من الارض يريد من دواخل العرش
انتهى ، قوله " من غرز واحد " أي من محل واحد من قولهم غرزت الشئ بالابرة .
13 - فر : سليمان بن محمد معنعنا عن ابن عباس قال : سمعت أميرالمؤمنين
علي بن أبي طالب عليه السلام [ يقول ] دخل رسول الله صلى الله عليه واله ذات يوم على فاطمة عليها السلام
وهي حزينة فقال لها : ما حزنك يا بنية ؟ قالت : يا أبه ذكرت المحشر ووقوف الناس
عراة يوم القيامة قال : يا بنية إنه ليوم عظيم ولكن قد أخبرني جبرئيل عن
الله عزوجل أنه قال : أول من تنشق عنه الارض يوم القيامة أنا ثم أبي إبراهيم
ثم بعلك علي بن أبي طالب عليه السلام .
ثم يبعث الله إليك جبرئيل في سبعين ألف ملك فيضرب على قبرك سبع قباب
من نور ثم يأتيك إسرافيل بثلاث حلل من نور فيقف عند رأسك فينادينك يا فاطمة
بنت محمد ! قومي إلى محشرك ، فتقومين آمنة روعتك ، مستورة عورتك ، فيناولك
إسرافيل الحلل فتلبسينها ويأتيك زوقائيل بنجيبة من نور ، زمامها من لؤلؤ رطب
عليها محفة من ذهب ، فتركبينها ويقود زوقائيل بزمامها ، وبين يديك سبعون ألف
ملك بأيديهم ألوية التسبيح .
* ( هامش ) * ( 1 ) الطور : 21 . راجع المصدر ص 169 . ( * )
[226]
فإذا جد بك السير استقبلتك سبعون ألف حوراء ، يستبشرون بالنظر إليك
بيد كل واحدة منهن مجمرة من نور يسطع منها ريح العود من غير نار ، وعليهن أكاليل الجوهر
المرصع بالزبرجد الاخضر ، فيسرن عن يمينك ، فاذاسرت مثل الذي سرت من
قبرك إلى أن لقينك ، استقبلتك مريم بنت عمران ، في مثل من معك من الحور
فتسلم عليك وتسير هي ومن معها عن يسارك .
ثم تستقبلك امك خديجة بنت خويلد أول المؤمنات بالله ورسوله ، ومعها
سبعون ألف ملك بأيديهم ألويه التكبير فاذا قربت من الجمع استقبلتك حواء في
سبعين ألف حوراء ومعها آسية بنت مزاحم فتسير هي ومن معها معك .
فإذا توسطت الجمع وذلك أن الله يجمع الخلائق في صعيد واحد ، فيستوي
بهم الاقدام ثم ينادي مناد من تحت العرش يسمع الخلائق : غضوا أبصاركم حتى
تجوز فاطمة الصديقة بنت محمد ومن معها ، فلا ينظر إليك يومئذ إلا إبراهيم خليل
الرحمن صلوات الله وسلامه عليه وعلي بن أبي طالب ، ويطلب آدم حوا فيراها
مع امك خديجة أمامك .
ثم ينصب لك منبر من النور فيه سبع مراقي بين المرقاة إلى المرقاة صفوف
الملائكة ، بأيديهم ألويه النور ، ويصطف الحور العين عن يمين المنبر وعن يساره
وأقرب النساء معك عن يسارك حواء وآسية فاذا صرت في أعلي المنبر أتاك جبرئيل
عليه السلام فيقول لك : يا فاطمة سلي حاجتك ، فتقولين : يارب أرني الحسن والحسين
فيأتيانك وأوداج الحسين تشخب دما ، وهو يقول : يارب خذ لي اليوم حقي
ممن ظلمني .
فيغضب عند ذلك الجليل ، ويغضب لغضبه جهنم والملائكة أجمعون ، فتزفر
جهنم عند ذلك زفرة ثم يخرج فوج من النار ويلتقط قتلة الحسين وأبناءهم وأبناء
أبنائهم ويقولون : يارب إنا لم نحضر الحسين ، فيقول الله لزبانية جهنم : خذوهم
بسيماهم بزرقة الاعين وسواد الوجود ، خذوا بنواصيهم فألقوهم في الدرك الاسفل
من النار فانهم كانوا أشد على أولياء الحسين من آبائهم الذين حاربوا الحسين فقتلواه .
[227]
ثم يقول جبرئيل عليه السلام : يا فاطمة سلي حاجتك فتقولين : يارب شيعتي ، فيقول الله
عزوجل : قد غفرت لهم فتقولين يارب شيعة ولدي فيقول الله قد غفرت لهم فتقولين : يارب شيعة
شيعتى فيقول الله : انطلقي فمن اعتصم بك فهو معك في الجنة ، فعند ذلك يود الخلائق
أنهم كانوا فاطميين فتسيرين ومعك شيعتك ، وشيعة ولدك ، وشيعة أميرالمؤمنين آمنة
روعاتهم ، مستورة عوراتهم ، قد ذهبت عنهم الشدائد ، وسهلت لهم الموارد ، يخاف
الناس وهم لا يخافون ، ويظمأ الناس وهم لا يظمأون .
فاذا بلغت باب الجنة ، تلقتك اثنتا عشر ألف حوراء ، لم يلتقين أحدا قبلك
ولا يتلقين أحدا كان بعدك ، بأيديهم حراب من نور ، على نجائب من نور
رحائلها من الذهب الاصفر والياقوت ، أزمتها من لؤلؤ رطب ، على كل نجيب نمرقة
من سندس منضود .
فاذا دخلت الجنة تباشربك أهلها ، ووضع لشيعتك موائد من جوهر على
أعمدة من نور ، فيأكلون منها والناس في الحساب ، وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون
وإذا استقر أولياء الله في الجنة زارك آدم ومن دونه النبيين وإن في بطنان
الفردوس لؤلوء تان من عرق واحد لؤلوءة بيضاء ولؤلوءة صفراء فيهما قصور ودور في
كل واحدة سبعون ألف دار فالبيضاء منازل لنا ولشيعتنا ، والصفراء منازل لابراهيم
وآل إبراهيم صلوات الله عليهم أجمعين .
قالت : يا أبه فما كنت احب أن أرى يومك ولا أبقى بعدك ، قال : يا ابنتي
لقد أخبرني جبرئيل عن الله عزوجل أنك أول من تلحقني من أهل بيتي فالويل
كله لمن ظلمك ، والفوز العظيم لمن نصرك .
قال عطاء : كان ابن عباس إذا ذكر هذا الحديث تلاهذه الاية " والذين
آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل
امرئ بما كسب رهين " ( 1 ) .
بيان : وما ألتناهم أي وما نقصناهم .
* ( هامش ) * ( 1 ) الطور : 21 . راجع المصدر ص 171 . ( * )
[228]
9 ( باب )
* ( أولادها وذريتها وأحوالهم وفضلهم وانهم من اولاد الرسول ) *
* ( صلى الله عليه وآله حقيقة ) *
1 - وجدت في بعض كتب المناقب أخبرنا علي بن أحمد العاصمي ، عن إسماعيل
ابن أحمد البيهقي ، عن أبيه أحمد بن الحسين ، عن أبي عبدالله الحافظ ، عن أبي محمد
الخراساني ، عن أبي بكر بن أبي العوام ، عن أبيه ، عن حريز بن عبدالحميد
عن شيبة بن نعامة ، عن فاطمة بنت الحسين ، عن فاطمة الكبرى قالت : قال رسول
الله صلى الله عليه واله : كل بني ام ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة ، فاني أنا أبوهم
وعصبتهم .
وأخبرنا أبوالحسن بن بشر ان العدل ببغداد ، عن أبي عمروبن السماك
عن حنبل بن إسحاق ، عن داود بن عمرو ، عن صالح بن موسى ، عن عاصم بن بهدلة
عن يحيى بن يعمر العامري قال : بعث إلي الحجاج فقال : يا يحيى أنت الذي
تزعم أن ولد علي من فاطمة ولد رسول الله صلى الله عليه واله ؟ قلت له : إن أمنتني تكلمت قال :
فأنت آمن ، قلت له : نعم أقرء عليك كتاب الله إن الله يقول : " ووهبنا له إسحق
ويعقوب كلا هدينا إلى أن قال : - وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من
الصالحين " ( 1 ) وعيسى كلمة الله وروحه ألقاها إلى العذراء البتول ، وقد نسبه الله
تعالى إلى إبراهيم عليه السلام .
قال : ما دعاك إلى نشر هذا وذكره ؟ قالت : ما استوجب الله عزوجل على أهل
العلم في علمهم " لتبيننه للناس ولا تكتمونه " الاية ( 2 ) قال : صدقت ولا تعودن
* ( هامش ) * ( 1 ) الانعام : 85 .
( 2 ) آل عمران : 187 . ( * )
[229]
لذكر هذا ولانشره .
وجاء الحديث مرسلا أطول من هذا ، عن عامر الشعبي أنه قال : بعث
إلي الحجاج ذات ليلة فخشيت فقمت فتوضأت وأوصيت ثم دخلت عليه فنظرت
فإذا نطلع منشور والسيف مسلول ، فسلمت عليه فرد علي السلام فقال : لا تخف
فقد أمنتك الليلة وغدا إلى الظهر وأجلسني عنده ثم أشار فاتي برجل مقيد بالكبول
والاغلال فوضعوه بين يديه فقال : إن هذا الشيخ يقول : إن الحسن والحسين كانا
ابني رسول الله صلى الله عليه واله ليأتيني بحجة من القرآن وإلا لاضربن عنقه .
فقلت : يجب أن تحل قيده فانه إذا احتج فانه لا محالة يذهب وإن لم يحتج
فان السيف لا يقطع هذا الحديد ، فحلوا قيوده وكبوله فنظرت فاذا هو سعيد بن جبير
فحزنت بذلك وقلت : كيف يجد حجة على ذلك من القرآن فقال له الحجاج : ائتني
بحجة من القرآن على ما ادعيت وإلا أضرب عنقك فقال له : انتظر فسكت ساعة
ثم قال له مثل ذلك فقال : انتظر ! فسكت ساعة ثم قال له مثل ذلك فقال : أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ثم قال : " ووهبناله إسحاق ويعقوب -
إلى قوله - وكذلك نجزي المحسنين " ثم سكت وقال للحجاج : اقرء ما بعده فقرأ
" وزكريا ويحيى وعيسى " فقال سعيد : كيف يلبق ههنا عيسى ؟ قال : إنه كان
من ذريته ، قال : إن كان عيسى من ذرية إبراهيم ولم يكن له أب بل كان ابن ابنته
فنسب إليه معه بعده ، فالحسن والحسين " أولى أن ينسبا إلى رسول الله صلى الله عليه واله مع
قربهما منه فأمر له بعشرة آلاف دينار وأمر بأن يحملوها معه إلى داره وأذن
له في الرجوع .
قال الشعبي : فلما أصبحت قلت في نفسي : قد وجب على أن آتى هذا الشيخ
فأتعلم منه معاني القرآن لاني كنت أظن أني أعرفها فاذا أنا لا أعرفها فأتيته فإذا
هو في المسجد وتلك الدنانير بين يديه يفرقها عشرا عشرا ويتصدق بها ثم قال :
هذا كله ببركة الحسن والحسين عليهما السلام ، لئن كنا أغممنا واحدا لقد أفرحنا ألفا
وأرضينا الله ورسوله صلى الله عليه واله .
[230]
كتاب الدلائل لمحمد بن جرير الطبرى : عن إبراهيم بن أحمد الطبري
عن محمد بن أحمد القاضي التنوخي ، عن إبراهيم بن عبدالسلام ، عن عثمان بن أبي
شيبة ، عن جرير ، عن شيبة بن نعامة ، عن فاطمة الصغرى ، عن فاطمة الكبرى قالت :
قال النبي صلى الله عليه واله : لكل نبي عصبة ينتمون إليه وإن فاطمة عصبتي التي تنتمي [ إلى ] ( 1 ) .
2 - مع : الحسين بن أحمد العلوي ومحمد بن علي بن بشار معا ، عن المظفربن
أحمد القزويني ، عن صالح بن أحمد ، عن الحسن بن زياد ، عن صالح بن أبي حماد
عن الحسن بن موسى الوشاء البغدادي قال : كنت بخراسان مع علي بن موسى
الرضا عليهما السلام في مجلسه وزيد بن موسى حاضر وقد أقبل على جماعة في المجلس يفتخر
عليهم ويقول : نحن ونحن وأبوالحسن عليه السلام مقبل على قوم يحدثهم .
فسمع مقالة زيد فالتفت إليه فقال : يازيد أغرك قول بقالي الكوفة إن
فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار ، والله ما ذلك إلا للحسن والحسين
وولد بطنها خاصة .
فأما أن يكون موسى بن جعفر عليهما السلام يطيع الله ، ويصوم نهاره ويقوم ليله
وتعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيامة سواء لانت أعز على الله عزوجل منه إن علي
ابن الحسين عليهما السلام كان يقول : لمحسننا كفلان من الاجر ولمسيئنا ضعفان من العذاب
وقال الحسن الوشاء : ثم التفت إلي وقال : يا حسن كيف تقرؤون هذه الاية :
" قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح " ( 2 ) فقلت من الناس من
يقرء " إنه عمل غير صالح " ومنهم من يقرء " إنه عمل غير صالح " نفاه


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 230 سطر 19 الى ص 238 سطر 18

عن أبيه فقال عليه السلام : كلا لقد كان ابنه ، ولكن لما عصى الله عزوجل نفاه الله
عن أبيه ، كذا من كان منا لم يطع الله فليس منا وأنت إذا أطعت الله فأنت منا
أهل البيت .
* ( هامش ) * ( 1 ) هكذا في النسخة المطبوعة . ويحتمل أن يكون الفظ هكذا : عصبتى إلى تنتمى
وقد مرالخبر عن المناقب تحت الرقم 1 وفيه : كل بنى أم . فراجع .
( 2 ) هود : 46 . ( * )
[231]
ن : السناني ، عن الاسدي ، عن صالح بن أحمد مثله . 3 - مع : أبي ، عن سعد : عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن
جميل بن صالح ، عن محمد بن مروان قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : هل قال رسول
الله صلى عليه واله : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار ؟ قال : نعم ، عنى بذلك
الحسن والحسين وزينب وام كلثوم عليهم السلام .
4 - مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن
الوشاء ، عن محمد بن القاسم بن الفضيل ( 1 ) ، عن حماد بن عثمان قال : قلت
لابي عبدالله عليه السلام : جعلت فداك ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه واله : إن فاطمة أحصنت
فرجها فحرم الله ذريتها على النار فقال : المعتقون من النار هم ولد بطنها الحسن
والحسين وزينب وام كلثوم .
5 - ن : بإسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال النبي صلى الله عليه واله
إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار .
مصباح الانوار : عن أبي عبدالله عليه السلام عن النبي صلى الله عليه واله مثله .
6 - ن : ما جيلويه وابن المتوكل والهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن ياسر
قال : خرج زيد بن موسى أخوأبي الحسن عليه السلام بالمدينة وأحرق وقتل وكان يسمى
زيد النار ، فبعث إليه المأمون فأسر وحمل إلى المأمون فقال المأمون : اذهبوا به
إلى أبي الحسن ، قال ياسر : فلما ادخل إليه قال له أبوالحسن : يا زيد أغرك قول
سفلة أهل الكوفة : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار ، ذاك
للحسن والحسن خاصة إن كنت ترى أنك تعصي الله وتدخل الجنة ، وموسى بن
جعفر أطاع الله ودخل الجنة فأنت إذا أكرم على الله عزوجل من موسى بن
جعفر ، والله ما ينال أحد ما عندالله عزوجل إلا بطاعته ، وزعمت أنك تناله بمعصيته
فبئس ما زعمت .
* ( هامش ) * ( 1 ) هذا هو الصحيح ، راجع المصدر ص 109 ، رجال النجاشى ص 280 وفى المطبوعة
محمد بن القاسم بن المفضل . ( * )
[232]
فقال له زيد : أنا أخوك وابن أبيك ، فقال له أبوالحسن عليه السلام : أنت أخي ما
أطعت الله عزوجل إن نوحا عليه السلام قال : " رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق
وأنت أحكم الحاكمين " ( 2 ) فقال الله عزوجل " يا نوح إنه ليس من أهلك إنه
عمل غير صالح " فأخرجه الله عزوجل من أن يكون من أهله بمعصيته .
7 - قب : تاريخ بغداد وكتاب السمعاني وأربعين المؤذن ومناقب فاطمة عن
ابن شاهين بأسانيدهم عن حذيفة وابن مسعود قال النبي صلى الله عليه واله : إن فاطمة أحصنت
فرجها فحرم الله ذريتها على النار قال ابن منده : خاص بالحسن والحسين ويقال :
أي من ولدته بنفسها ، وهو المروي عن الرضا عليه السلام والاولى كل مؤمن منهم .
8 - ج : عن أبي الجارود قال : قال أبوجعفر عليه السلام : يا أبا الجارود ما يقولون
في الحسن والحسين ؟ قلت : ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله صلى الله عليه واله قال : فبأي شئ
احتججتم عليهم ؟ قلت : بقول الله في عيسى بن مريم " ومن ذريته داود - إلى قوله -
وكل من الصالحين " فجعل عيسى من ذرية إبراهيم واحتججنا عليهم بقوله تعالى
" قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناء كم ونساء نا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم " ( 2 ) قال :
فأي شئ قالوا ؟ قال : قلت : قالوا : قد يكون ولد البنت من الولد ولايكون
من الصلب .
قال : فقال أبوجعفر عليه السلام : والله يا أبا الجارو لاعطينكها من كتاب الله آية
تسمي لصلب رسول الله صلى الله عليه واله لايردها إلا كافر ، قال : قلت : جعلت فداك وأين ؟
قال : حيث قال الله : " حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم وأخواتكم - إلى قوله -
وحلائل أبناءكم الذين من أصلابكم " ( 3 ) فسلهم يا أبا الجارود هل يحل لرسول
الله صلى الله عليه واله نكاح حليلتهما فان قالوا : نعم فكذبوا والله ، وإن قالوا : لا ، فهما والله ابنا
رسول الله لصلبه وما حرمت عليه إلا للصلب .
بيان : أقول : إطلاق الابن والولد عليهم كثير وقد مضى الاخبار المفصلة
* ( هامش ) * ( 1 ) هود : 45 .
( 2 ) آل عمران : 61 . ( 3 ) النساء : 22 . ( * )
[233]
في باب احتجاج الرضا عليه السلام عند المأمون في الامامة وسيأتي في احتجاج موسى بن
جعفر عليه السلام مع خلفاء زمانه ولعل وجه الاحتجاج بالاية الاخيرة هو اتفاقهم على
دخول ولد البنت في هذه الاية والاصل في الاطلاق الحقيقة أوأنهم يستدلون بهذه
الاية على حرمة حليلة ولد البنت ، ولا يتم إلا بكونه ولدا حقيقة للصلب ، وسيأتي
تمام القول في ذلك في أبواب الخمس إنشاء الله .
9 - فس : أبي ، عن ظريف بن ناصح ، عن عبدالصمد بن بشير ، عن أبي الجارود
عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال لي أبوجعفر : يا أبا الجارود ما يقولون في الحسن
والحسين عليهما السلام ؟ قلت : ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله صلى الله عليه واله قال : فبأي شئ احتججتم
عليهم ؟ قلت : بقول الله عزوجل في عيسى بن مريم " ومن ذريته داود وسليمان
- إلى قوله - وكذلك نجزي المحسنين " وجعل عيسى من ذرية إبراهيم ، قال : فأي شئ
قالوا لكم ؟ قلت : قالوا : قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب قال :
فبأي شئ احتججتم عليهم ؟ قال : قلت : احتججنا عليهم بقول الله تعالى " قل تعالوا
ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم " الاية قال : فأي شئ قالوا لكم ؟ قلت :
قالوا : قد يكون في كلام العرب ابني رجل واحد فيقول أبناءنا وإنما هما ابن واحد
قال : فقال أبوجعفر عليه السلام : والله يا أبا الجارود لاعطينكها من كتاب الله تسمي لصلب
رسول الله صلى الله عليه واله لايردها إلا كافر قال : قلت : جعلت فداك وأين ؟ قال : حيث
قال الله " حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم - إلى أن ينتهى إلى قوله - وحلائل
أبنائكم الذين من أصلابكم " فسلهم يا أبا الجارود هل حل لرسول الله صلى الله عليه واله نكاح
حليلتهما ، فإن قالوا : نعم فكذبوا والله وفجروا وإن قالوا : لا ، فهما والله ابناه لصلبه
وما حرمتا عليه إلا للصلب .
كا : العدة ، عن البرقي ، عن الحسن بن ظريف ، عن عبدالصمد مثله .
10 - قب : ولدت الحسن عليه السلام ولها اثنتى عشرة سنة وأولادها : الحسن والحسين
والمحسن سقط وفي معارف القتيبي أن محسنا فسد من زخم قنفذ العدوي . وزينب
وام كلثوم .
[234]
تذنيب : قال عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح قول أميرالمؤمنين عليه السلام في
بعض أيام صفين حين رأى ابنه الحسن عليه السلام يتسرع إلى الحرب :
املكوا عني هذا الغلام لا يهدني فاني أنفس بهذين يعني - الحسن والحسين -
عن الموت لئلا ينقطع بهما نسل رسول الله صلى الله عليه واله .
فان قلت : أيجوز أن يقال للحسن والحسين وولدهما أبناء رسول الله ، وولد
رسول الله وذرية رسول الله ، ونسل رسول الله صلى الله عليه واله ؟ قلت : نعم لان الله سماهم
أبناءه في قوله تعالى " ندع أبناءنا وأبناءكم " وإنما عنى الحسن والحسين ولو أوصى
لولد فلان بمال دخل فيه أولاد البنات وسمى الله تعالى عيسى ذرية إبراهيم ولم يختلف
أهل اللغة في أن ولد البنات من نسل الرجل .
فان قلت : فما تصنع بقوله تعالى " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم " ( 1 )
قلت : أسألك عن ابوته لابراهيم بن مارية فكلما تجيب به عن ذلك فهو جوابي عن
الحسن والحسين عليهما السلام ، والجواب الشامل للجميع أنه عنى زيد بن الحارثة لان
العرب كانت تقول : زيد بن محمد على عادتهم في تبني العبيد ، فأبطل الله تعالى ذلك ونهى
عن سنة الجاهلية وقال : إن محمدا ليس أبا لواحد من الرجال البالغين المعروفين بينكم
وذلك لا ينفي كونه أبا لاطفال لم يطلق عليهم لفظة الرجال كابراهيم وحسن
وحسين عليه السلام .
أقول : ثم ذكر بعض الاعتراضات والاجوبة التي ليس هذا الباب
موضع ذكرها .
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحزاب : 40 . ( * )
[235]
10 * ( باب ) *
* " ( أوقافها وصدقاتها صلوات الله عليها ) " *
1 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أحمد بن عمر
عن أبيه ، عن أبي مريم قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن صدقة رسول الله صلى الله عليه واله وصدقة
علي عليه السلام فقال : هي لنا حلال ، وقال : إن فاطمة عليها السلام جعلت صدقتها لبني هاشم
وبني المطلب .
2 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن
أبي بصير قال : قال أبوجعفر عليه السلام : ألا اقرئك وصية فاطمة ؟ قال : قلت : بلى فأخرج
حقا أو سفطا فأخرج منه كتابا فقرأ :
" بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه واله
أوصت بحوائطها السبعة العواف والدلال والبرقة والمبيت والحسني والصافية وما لام
إبراهيم إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فان مضى علي فإلى الحسن ، فان مضى
الحسن فإلى الحسين ، فان مضى الحسين ، فإلى الاكبر من ولدي شهد الله على ذلك
والمقداد بن الاسود والزبير بن العوام وكتب علي بن أبي طالب عليه السلام .
كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عاصم بن حميد مثله ولم يذكر
حقا ولا سفطا وقال : إلى الاكبر من ولدي دون ولدك .
3 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن
أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : ألا أقرئك وصية فاطمة ؟ قلت : بلى
قال : فأخرج إلي صحيفة :
هذا ما عهدت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه واله في أموالها إلى علي بن أبي طالب فان مات
فإلى الحسن ، فان مات فإلى الحسين ، فان مات فإلى الاكبر من ولدي دون
ولدك : الدلال والعواف والمبيت والبرقة والحسني والصافية ما لام إبراهيم .
[236]
شهد الله عزوجل على ذلك والمقداد بن الاسود والزبير بن العوام .
4 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن
إبراهيم بن أبي يحيى المزني ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : المبيت هو الذي كاتب عليه سلمان
فأفاءه الله على رسوله فهو في صدقتها .
5 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي الحسن الثاني عليه السلام قال :
سألته عن الحيطان السبعة التي كانت ميراث رسول الله صلى الله عليه واله لفاطمة عليها السلام فقال :
إنما كانت وقفا فكان رسول الله صلى الله عليه واله يأخذ إليه منها ما ينفق على أضيافه والتابعة
تلزمه فيها ، فلما قبض جاء العباس يخاصم فاطمة فيها فشهد علي وغيره أنها وقف
على فاطمة عليها السلام وهي : الدلال والعواف والحسني والصافية وما لام إبراهيم والمبيت
والبرقة .
[237]
* " ( أبواب ) " *
* " ( تاريخ الامامين الهمامين قرتى عين رسول الثقلين الحسن ) " *
* " ( والحسين سيدى شباب أهل الجنة اجمعين ) " *
* " ( صلوات الله عليهما أبد الابدين ولعنة الله ) " *
* " ( على اعدائهما في كل حين ) " *
11 * ( باب ) *
* " ( ولادتهما وأسمائهما وعللها ونقش خواتيمهما ) " *
* " ( صلوات الله عليهما ) " *
1 - قب : ولد الحسين عليه السلام عام الخندق بالمدينة يوم الخميس أو يوم الثلثا
لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة بعد أخيه بعشرة أشهر وعشرين يوما
واسمه : الحسين وفي التوراة شبير ، وفي الانجيل طاب وكنيته : أبوعبدالله ، والخاص
أبوعلي و ألقابه : الشهيد السعيد ، والسبط الثاني ، والامام الثالث .
2 - كشف : قال كمال الدين بن طلحة : كنية الحسين عليه السلام أبوعبدالله لا غير
وأما ألقابه فكثيرة : الرشيد ، والطيب ، والوفي ، والسيد ، والزكي ، والمبارك
والتابع لمرضاة الله ، والسبط ، وأشهرها الزكي ولكن أعلاها رتبة ما لقبه به
رسول الله صلى الله عليه واله في قوله عنه وعن أخيه : أنهما سيدا شباب أهل الجنة فيكون
السيد أشرفها وكذلك السبط فانه صح عن رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال : حسين سبط
من الاسباط .
وقال ابن الخشاب : يكنى بأبي عبدالله لقبه : الرشيد ، والطيب ، والوفي
والسيد ، والمبارك ، والتابع لمرضاة الله ، والدليل على ذات الله عزوجل
والسبط .
[238]
3 - ع ، لى : [ أحمد بن الحسن ] القطان ، عن [ الحسن بن علي ]
السكري ، عن الجوهري ، عن الضبي ، عن حرب بن ميمون ، عن الثمالي ، عن
زيد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين عليهما السلام قال : لما ولدت فاطمة الحسن عليهما السلام
قالت لعلي عليه السلام : سمه فقال : ما كنت لاسبق باسمه رسول الله فجاء رسول الله صلى الله عليه واله
فاخرج إليه في خرقة صفراء فقال : ألم أنهكم أن تلفوه في [ خرقة ] صفراء ثم رمى بها
وأخذ خرقة بيضاء فلفه فيها ثم قال لعلي عليه السلام : هل سميته ؟ فقال : ما كنت لاسبقك
باسمه ، فقال صلى الله عليه واله : وما كنت لاسبق باسمه ربي عزوجل .
فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط فأقرئه
السلام وهنئه وقل له : إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون
فهبط جبرئيل عليه السلام فهنأه من الله عزوجل ثم قال : إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن
تسميه باسم ابن هارون ، قال : وماكان اسمه ؟ قال : شبر قال : لساني عربي قال :
سمه الحسن فسماه الحسن .
فلما ولد الحسين عليه السلام أوحى الله عزوجل إلى جبرئيل عليه السلام أنه قد ولد
لمحمد ابن فاهبط إليه فهنئه وقل له إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه
باسم ابن هارون قال : فهبط جبرئيل عليه السلام فهنأه من الله تبارك وتعالى ثم قال :
إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون قال : وما اسمه ؟
قال : شبير قال : لساني عربي قال : سمه الحسين فسماه الحسين .
بيان : قال الفيروز آبادي : شبر كبقم وشبير كقمير ومشبر كمحدث


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 238 سطر 19 الى ص 246 سطر 18

أبناء هارون عليه السلام قيل وبأسمائهم سمي النبي صلى الله عليه واله الحسن والحسين والمحسن .
4 - ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين عليهم السلام
عن أسماء بنت عميس قالت قبلت ( 1 ) جدتك فاطمة عليها السلام بالحسن والحسين عليهما السلام
فلما ولد الحسن عليه السلام جاء النبي صلى الله عليه واله فقال : يا أسماء هاتي ابني فدفعته إليه في
* ( هامش ) * ( 1 ) يقال : قبل المرأة - كعلم - قبالة ، كانت قابلة وهى المرأة التى تأخذ الولد
عند الولادة . ( * )
[239]
خرقة صفراء ، فرمى بها النبي صلى الله عليه واله وقال : ياأسماء ألم أعهد إليكم أن لا تلفوا
المولود في خرقة صفراء ، فلففته في خرقة بيضاء ودفعته إليه فأذن في اذنه اليمنى
وأقام في اليسرى ثم قال لعلي عليه السلام : بأي شئ سميت ابني ؟ قال : ما كنت
أسبقك باسمه يارسول الله ، قد كنت احب أن اسميه حربا فقال النبي صلى الله عليه واله : ولا
أسبق أنا باسمه ربي .
ثم هبط جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد العلي الاعلى يقرئك السلام ويقول :
علي منك بمنزلة هارون من موسى ولا نبي بعدك سم ابنك هذا باسم ابن هارون
قال النبي صلى الله عليه واله : وما اسم ابن هارون ؟ قال : شبر ، قال النبي صلى الله عليه واله لساني عربي قال
جبرئيل عليه السلام : سمه الحسن .
قالت أسماء : فسماه الحسن فلما كان يوم سابعة عق النبي صلى الله عليه واله عنه بكبشين
أملحين وأعطى القابلة فخذا ودينارا وحلق رأسه ، وتصدق بوزن الشعر ورقا وطلى
رأسه بالخلوق ثم قال : يا أسماء الدم فعل الجاهلية .
قالت أسماء : فلما كان بعد حول ولد الحسين عليه السلام وجاءني النبي صلى الله عليه واله فقال :
يا أسماء هلمي ابني ، فدفعته إليه في خرقة بيضاء فأذن في اذنه اليمنى ، وأقام في
اليسرى ، ووضعه في حجره فبكى ، فقالت أسماء : قلت : فداك أبي وامي مم بكاؤك قال :
على ابني هذا قلت : إنه ولد الساعة يارسول الله صلى الله عليه واله فقال : تقتله الفئة الباغية
من بعدي لا أنالهم الله شفاعتي .
ثم قال : يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا فانها قريبة عهد بولادته ثم قال
لعلي عليه السلام : أي شئ سميت ابني ؟ قال : ما كنت لاسبقك باسمه يارسول الله ، وقد
كنت احب أن اسميه حربا فقال النبي صلى الله عليه واله ولا أسبق باسمه ربي عزوجل .
ثم هبط جبرئيل عليه السلام فقال : يامحمد العلي الاعلى يقرئك السلام ، ويقول
لك : على منك كهارون من موسى ، سم ابنك هذا باسم ابن هارون قال النبي صلى الله عليه واله
وما اسم ابن هارون ؟ قال : شبير قال النبي صلى الله عليه واله : لساني عربي قال جبرئيل : سمه
الحسين فسماه الحسين فلما كان يوم سابعة عق عنه النبي صلى الله عليه واله بكبشين أملحين
[240]
وأعطى القابلة فخذا ودينارا ثم حلق رأسه ، وتصدق بوزن الشعر ورقا وطلى رأسه
بالخلوق ، فقال : يا أسماء الدم فعل الجاهلية .
صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام مثله .
قب : الواعظ في شرف النبي صلى الله عليه واله والسمعاني في فضائل الصحابة وجماعة من
أصحابنا في كتبهم عن هانئ بن هانئ عن أميرالمؤمنين عليه السلام وعن علي بن الحسين
عليهما السلام وعن أسماء بنت عميس وذكر نحوه .
بيان : الملحة : بياض يخالطه سواد ، والخلوق : طيب معروف مركب يتخذ
من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة .
5 - ن : بهذا الاسناد عن الحسن بن علي عليهما السلام أنه سمي حسنا يوم السابع
واشتق من اسم الحسن حسينا وذكر أنه لم يكن بينهما إلا الحمل .
صح : عنه عليه السلام مثله .
6 - ن ( 1 ) بهذا الاسناد عن علي بن الحسين عليهما السلام [ أنه ] قال : إن النبي صلى الله عليه واله
أذن في اذن الحسين بالصلاة يوم ولد
صح : عنه عليه السلام مثله .
7 - ن : بهذا الاسناد ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : إن فاطمة
عليها السلام عقت عن الحسن والحسين عليهما السلام وأعطت القابلة رجل شاة ودينارا .
صح : عنه عليه السلام مثله .
8 - مع ، ع : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن الضبي ، عن عباد
بن كثير وأبي بكر الهذلي ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : لما حملت فاطمة بالحسن
فولدت وقد كان النبي صلى الله عليه واله أمرهم أن يلفوه في خرقة بيضاء فلفوه في صفراء
وقالت فاطمة : يا علي سمه فقال : ماكنت لاسبق باسمه رسول الله صلى الله عليه واله فجاء النبي
فأخذه وقبله وأدخل لسانه في فيه فجعل الحسن عليه السلام يمصه .
* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخة المطبوعة ب وهو سهو ظاهر ، راجع عيون أخبار الرضا عليه السلام
ج 2 ص 43 . ( * )
[241]
ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه واله : ألم أتقدم إليكم أن لا تلفوه في خرقة صفراء
فدعا صلى الله عليه واله بخرقة بيضا فلفه فيها ورمى بالصفراء وأذن في اذنه اليمنى ، وأقام
في اليسرى ، ثم قال لعلي عليه السلام : ما سميته ؟ قال : ما كنت لاسبقك باسمه [ فقال رسول
الله صلى الله عليه واله ما كنت لاسبق ربي باسمه ] ( 1 ) قال : فأوحى الله عز ذكره إلى جبرئيل
عليه السلام أنه قد ولد لمحمد ابن فاهبط إليه فأقرئه السلام وهنئه مني ومنك ، وقل له :
إن عليا منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون [ فهبط جبرئيل على
النبي وهنأه من الله عزوجل ومنه ثم قال له : إن الله عزوجل يأمرك أن تسميه باسم
ابن هارون ] ( 2 ) قال : وما كان اسمه ؟ قال شبر قال : لساني عربي قال : سمه
الحسن فسماه الحسن .
فلما ولد الحسين جاء إليهم النبي صلى الله عليه واله ففعل به كما فعل بالحسن عليه السلام ، وهبط
جبرئيل على النبي صلى الله عليه واله فقال : إن الله عزوجل يقرئك السلام ويقول لك إن
عليا عليه السلام منك بمنزلة هارون من موسى فسمه باسم ابن هارون قال : وما كان
اسمه ؟ قال : شبيرا قال : لساني عربي قال فسمه الحسين ، فسماه الحسين .
9 - ع : بالاسناد ، عن الجوهري ، عن الحكم بن أسلم ، عن وكيع ، عن
الاعمش ، عن سالم قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إني سميت ابني هذين باسم ابني
هارون شبرا وشبيرا .
10 - ع : بالاسناد ، عن الضبي ، عن حرب بن ميمون ، عن محمد بن علي بن
عبدالله بن عباس ، عن أبيه ، عن جده قال : قال النبي صلى الله عليه واله : يا فاطمة اسم الحسن
والحسين في ابني هارون شبر وشبير لكرامتهما على الله عزوجل .
11 - مع ، ع : الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن جده ، عن أحمد بن
صالح التميمي ، عن عبدالله بن عيسى ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال :
أهدى جبرئيل إلى رسول الله صلى الله عليه واله اسم الحسن بن علي وخرقة حرير من ثياب
* ( هامش ) * ( 1 ) و ( 2 ) ما جعلناه بين العلامتين ساقط من النسخ المطبوعة راجع علل الشرايع
ج 1 ص 131 ، معانى الاخبار ص 57 . ( * )
[242]
الجنة واشتق اسم الحسين من اسم الحسن .
12 - مع ، ع : الحسن العلوي ، عن جده ، عن داود بن القاسم ، عن عيسى
عن يوسف بن يعقوب ، عن ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة قال : لما
ولدت فاطمة الحسن جاءت به إلى النبي صلى الله عليه واله فسماه حسنا فلما ولدت الحسين جاءت
به إليه فقالت : يارسول الله هذا أحسن من هذا فسماه حسينا .
13 - ن ، لي : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن
الحسن بن أبي العقبة ، عن الحسين بن خالد ، عن الرضا عليه السلام قال : كان نقش
خاتم الحسن عليه السلام : العزة لله ، وكان نقش خاتم الحسين عليه السلام : إن الله بالغ
أمره الخبر .
14 - د : روي عن ام الفضل زوجة العباس أنها قالت : قلت يارسول الله
صلى الله عليك رأيت في المنام كأن عضوا من أعضائك في حجري فقال صلى الله عليه واله : تلد
فاطمة غلاما فتكفليه ، فوضعت فاطمة الحسن فدفعه إليها النبي صلى الله عليه واله فرضعته بلبن
قثم بن العباس .
15 - لي : أبي ، عن سعد [ بن عبدالله ] ، عن البرقي ، عن محمد بن عيسى وأبي إسحاق
النهاوندي ، عن عبيد الله بن حماد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
أقبل جيران ام أيمن إلى رسول الله صلى الله عليه واله فقالوا : يارسول الله إن ام أيمن لم تنم
البارحة من البكاء ، لم تزل تبكى حتى أصبحت قال : فبعث رسول الله إلى ام أيمن
فجاءته فقال لها : يا ام لا أبكى الله عينك إن جيرانك أتوني وأخبروني أنك
لم تزل الليل تبكين أجمع ، فلا أبكى الهل عينك ما الذي أبكاك ؟ قالت : يارسول الله
رأيت رؤيا عظيمة شديدة فلم أزل أبكي الليل أجمع فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله :
فقصيها على رسول الله فان الله ورسوله أعلم فقالت : تعظم علي أن أتكلم بها
فقال لها : إن الرؤيا ليست على ما ترى فقصيها على رسول الله قالت : رأيت في
ليلتي هذه كأن بعض أعضائك ملقى في بيتي فقال لها رسول الله صلى الله عليه واله : نامت عينك
يا ام أيمن ! تلد فاطمة الحسين فتر بينه وتلبينه ( 1 ) فيكون بعض أعضائي في بيتك .
* ( هامش ) * ( 1 ) أى تسقينه اللبن . ( * )
[243]
فلما ولدت فاطمة الحسين عليه السلام فكان يوم السابع أمر رسول الله صلى الله عليه واله فحلق
رأسه وتصدق بوزن شعره فضة ، وعق عنه ، ثم هيأته ام أيمن ولفته في برد
رسول الله صلى الله عليه واله ثم أقبلت به إلى رسول الله صلى الله عليه واله فقال : مرحبا بالحامل و
المحمول يا ام أيمن هذا تأويل رؤياك .
قب : الصادق عليه السلام وابن عباس مثله أخرجه القيرواني في التعبير وصاحب
فضائل الصحابة .
16 - لي : أحمد بن الحسين ، عن الحسن بن علي السكري ، عن الجوهري
عن الضبي ، عن الحسين بن يزيد ، عن عمر بن علي بن الحسين ، عن فاطمة بنت
الحسين ، عن أسماء بنت أبي بكر ، عن صفية بنت عبدالمطلب قالت : لما سقط الحسين
من بطن امه وكنت وليتها عليها السلام قال النبي صلى الله عليه واله : يا عمة هلمني إلي ابني فقلت :
يارسول الله إنا لم ننظفه بعد ، فقال : يا عمة أنت تنظفينه ؟ إن الله تبارك وتعالى
قد نظفه وطهره .
17 - لى : بهذا الاسناد ، عن صفيه بنت عبدالمطلب قالت : لما سقط
الحسين عليه السلام من بطن امه فدفعته إلى النبي صلى الله عليه واله فوضع النبي صلى الله عليه واله لسانه في
فيه وأقبل الحسين على لسان رسول الله صلى الله عليه واله يمصه قالت : فما كنت أحسب رسول
الله صلى الله عليه واله يغذوه إلا لبنا أو عسلاقالت : فبال الحسين عليه فقبل النبي صلى الله عليه واله بين
عينيه ثم دفعه إلي وهو يبكي ويقول : لعن الله قوما هم قاتلوك يابني يقولها ثلاثا
قالت : فقلت : فداك أمي ومن يقتله ؟ قال : بقية ( 1 ) الفئة الباغية من
بني امية لعنهم الله .
18 - لى : العطار ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن موسى بن عمر ، عن
عبدالله بن صباح ، عن إبراهيم بن شعيب قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن
الحسين بن علي لما ولد أمر الله عزوجل جبرئيل أن يهبط في ألف من الملائكة
فيهنئ رسول الله صلى الله عليه واله من الله عزوجل ومن جبرئيل .
* ( هامش ) * ( 1 ) كذا في النسخ والمصدر ص 136 والظاهر : " تقتله " ( * )
[244]
قال : فهبط جبرئيل فمر على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له : فطرس
كان من الحملة بعثه الله عزوجل في شئ فأبطأ عليه فكسر جناحه وألقاه في تلك
الجزيرة فعبدالله تبارك وتعالى فيها سبعمائة عام حتى ولد الحسين بن علي عليهما السلام
فقال الملك لجبرئيل : يا جبرئيل أين تريد ؟ قال : إن الله عزوجل أنعم على محمد
بنعمة فبعثت اهنئه من الله ومني فقال : ياجبرئيل احملني معك لعل محمدا صلى الله عليه واله
يدعو لي ، قال : فحمله .
قال : فلما دخل جبرئيل على النبي صلى الله عليه واله هنأه من الله عزوجل ، ومنه
وأخبره بحال فطرس فقال النبي صلى الله عليه واله : قل له : تمسح بهذا المولود ، وعد إلى
مكانك ، قال فتمسح فطرس بالحسين بن علي عليهما السلام وارتفع ، فقال : يارسول الله
أما إن امتك ستقتله وله علي مكافاة ألا يزوره زائر إلا أبلغته عنه ولا يسلم عليه
مسلم إلا أبلغته سلامه ولايصلي عليه مصل إلا أبلغته صلاته ثم ارتفع .
مل : محمد بن جعفر الرزاز ، عن ابن أبي الخطاب ، عن موسى بن سعدان
عن عبدالله بن القاسم ، عن إبراهيم بن شعيب مثله .
أقول : قد مضى بتغيير ما في باب أخذ ميثاقهم من الملائكة .
19 - قب : ابن عباس والصادق عليه السلام مثله ثم قال :
وقد ذكر الطوسي في المصباح رواية عن القاسم بن أبي العلاء الهمداني حديث
فطرس الملك في الدعاء .
وفي المسألة الباهرة في تفضيل الزهراء الطاهرة ، عن أبي محمد الحسن بن
طاهر القائني الهاشمي أن الله تعالى كان خيره بين عذابه في الدنيا أوفي الاخرة
فاختار عذاب الدنيا فكان معلقا بأشفار عينيه في جزيرة في البحر لايمر به حيوان
وتحته دخان منتن غير منقطع .
فلما أحس الملائكة نازلين سأل من مربه منهم عما أوجب لهم ذلك فقال :
ولد للحاشر النبي الامي أحمد من بنته وصيه ولد يكون منه أئمة الهدى إلى
يوم القيامة فسأل من أخبره أنه يهنئ رسول الله صلى الله عليه واله بتلك عنه ، ويعلمه بحاله
[245]
فلما علم النبي صلى الله عليه واله بذلك سأل الله تعالى أن يعتقه للحسين ففعل سبحانه ، فحضر
فطرس وهنأ النبي صلى الله عليه واله وعرج إلى موضعه ، وهو يقول : من مثلي وأنا عتاقة الحسين
ابن علي وفاطمة وجده أحمد الحاشر .
بيان : العتاقة بالفتح الحرية ويقال : فلان مولى عتاقة ، فالمصدر بمعنى
المفعول ولعله سقط لفظ المولى من النساخ .
20 - ع : أحمد بن الحسن ، عن ابن زكريا ، عن ابن حبيب ، عن ابن بهلول
عن علي بن حسان ، عن عبدالرحمان بن كثير ( 1 ) الهاشمي قال : قلت لابي عبدالله
عليه السلام : جعلت فداك من أين جاء لولد الحسين الفضل على ولد الحسن وهما
يجريان في شرع واحد ؟ فقال : لا أراكم تأخذون به .
إن جبرئيل عليه السلام نزل على محمد صلى الله عليه واله وما ولد الحسين بعد ، فقال له :
يولد لك غلام تقتله امتك من بعدك فقال : يا جبرئيل لا حاجة لي فيه فخاطبه ثلاثا
ثم دعا عليا عليه السلام فقال له : إن جبرئيل يخبرني عن الله عزو جل أنه يولد
لك ، غلام تقتله امتك من بعدك فقال : لا حاجة لي فيه يارسول الله فخاطب عليا
عليه السلام ثلاثم ثم قال : إنه يكون فيه وفي ولده الامامة والوراثة والخزانة .
فأرسل إلى فاطمة عليها السلام أن الله يبشرك بغلام تقتله امتي من بعدي فقالت
فاطمة : ليس لي حاجة فيه يا أبه ! فخطابها ثلاثا ثم أرسل إليها : لابد أن يكون
فيه الامامة والوراثة والخزانة ، فقالت له : رضيت عن الله عزوجل .
فعلقت وحملت بالحسين عليه السلام فحملت ستة أشهر ثم وضعته ولم يعش مولود
قط لستة أشهر غير الحسين بن علي وعيسى بن مريم عليهم السلام فكفلته ام سلمة
وكان رسول الله صلى الله عليه واله يأتيه في كل يوم فيضع لسانه في فم الحسين فيمصه حتى
يروى ، فأنبت الله عزوجل لحمه من لحم رسول الله صلى الله عليه واله ولم يرضع من فاطمة
عليها السلام ولا من غيرها لبنا قط .
* ( هامش ) * ( 1 ) هذا هو الصحيح وفى المصدر ج 1 ص 196 وهكذا النسخة المطبوعة عبدالرحمن
ابن المثنى وهو سهو . قال النجاشى : عبدالرحمن بن كثير الهاشمى مولى عباس بن محمد
ابن على بن عبدالله بن العباس كان ضعيفا غمز أصحابنا عليه ، وهو عم على بن حسان الراوى عنه . ( * )
[246]
فلما أنزل الله تبارك وتعالى فيه " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى
والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي " ( 1 ) .
فلو قال : أصلح لي ذريتي كانوا كلهم أئمة ولكن خص هكذا .
بيان : قال الجوهري : قولهم : الناس في هذا الامر شرع سواء ، يحرك و
يسكن ، ويستوي فيه الواحد والمؤنث والجمع ، وهذا شرع هذا وهما شرعان أي مثلان
قوله عليه السلام : لا أراكم تأخذون به أي لا تعتقدون المساواة أيضا بل تفضلون ولد
الحسن أو أنكم لا تأخذون بقولي إن بينت لكم العلة في ذلك والاخير أظهر .
21 - فس : " ووصينا الانسان بوالديه إحسانا " ( 2 ) قال : الاحسان رسول الله
صلى الله عليه وآله قوله : " بوالديه " إنما عنى الحسن والحسين عليهما السلام ثم عطف على
الحسين فقال " حملته امه كرها وضعته كرها " .
وذلك أن الله أخبر رسول الله صل الله عليه واله وبشره بالحسين قبل حمله ، وأن الامامة
تكون في ولده إلى يوم القيامة ، ثم أخبره بما يصيبه من القتل والمصيبة في نفسه و
ولده ثم عوضه بأن جعل الامامة في عقبه وأعلمه أنه يقتل ثم يرده إلى الدنيا و
ينصره حتى يقتل أعداءه ويملكه الارض وهو قوله : " ونريد أن نمن على الذين
استضعفوا في الارض " ( 3 ) الاية وقوله : " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر
أن الارض يرثها عبادي الصالحون " ( 4 ) فبشر الله نبيه صلى الله عليه واله أن أهل بيتك يملكون
الارض ويرجعون إليها ويقتلون أعداءهم .
فأخبر رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة عليها السلام بخبر الحسين عليه السلام وقتله فحملته كرها .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 246 سطر 19 الى ص 254 سطر 18

ثم قال أبوعبدالله عليه السلام : فهل رأيتم أحدا يبشره بولد ذكر فيحمله كرها ؟
* ( هامش ) * ( 1 ) و ( 2 ) الاحقاف : 15 .
( 3 ) القصص : 4 .
( 4 ) الانبياء : 105 . ( * )
[247]
أي إنها اغتمت وكرهت لما اخبرت بقتله ، ووضعته كرها لما علمت من ذلك و
كان بين الحسن والحسين صلوات الله عليهما طهر واحد وكان الحسين عليه السلام في بطن
امه ستة أشهر وفصاله أربعة وعشرون شهرا وهو قول الله عزوجل " وحمله وفصاله
ثلاثون شهرا " .
بيان : إنما عبر عن الامامين عليهما السلام بالوالدين لان الامام كالواد للرعية
في الشفقة عليهم ووجوب طاعتهم له ، وكون حياتهم بالعلم والايمان بسببه ، فقوله :
" إحسانا " نصب على العلة أي وصينا كل إنسان باكرام الامامين للرسول ولا نتسابهما
إليه ، ولا يبعد أن يكون مصحفا ويكون في الاصل " قال الانسان رسول الله صلى الله عليه واله " ويكون في قراءتهم " بولديه " بدون الالف .
قوله عليه السلام : " وكان بين الحسن والحسين طهر واحد " أي مقدار أقل طهر واحد
وهي عشرة أيام كما سيجئ برواية الكليني : وكان بينهما في الميلاد ستة أشهر
وعشرا .
22 - لى : ابن موسى ، عن الاسدي ( 1 ) عن النوفلي ، عن الحسن بن علي
ابن سالم ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : كان للحسين بن
علي عليهما السلام خاتمان نقش أحدهما : لا إله إلا الله عدة للقاء الله ، ونقش الاخر : إن الله
بالغ أمره ، وكان نقش خاتم علي بن الحسين عليهما السلام : خزي وشقي قاتل الحسين بن
علي عليهما السلام .
23 - لى : ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن أبي
نجران ، عن المثني ، عن محمد بن مسلم قال : سألت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام عن خاتم
الحسين بن علي عليهما السلام إلى من صار ؟ وذكرت له أني سمعت أنه اخذ من أصبعه
فيما اخذ قال عليه السلام : ليس كما قالوا : إن الحسين عليه السلام أوصى إلى ابنه علي بن
الحسين عليه السلام وجعل خاتمه في أصبعه ، وفوض إليه أمره كما فعله رسول الله صلى الله عليه واله
بأميرالمؤمنين عليه السلام ، وفعله أميرالمؤمنين بالحسن ، وفعله الحسن بالحسين عليهم السلام
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر ص 131 عن الاسدى ، عن النخعى الخ . ( * )
[248]
ثم صار ذلك الخاتم إلى أبي عليه السلام بعد أبيه ، ومنه صار إلي فهو عندي وإني لالبسه
كل جمعة واصلي فيه .
قال محمد بن مسلم : فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلي فلما فرغ من الصلاة
مد إلي يده فرأيت في أصبعه خاتما نقشه : لا إله إلا الله عدة للقاء الله فقال : هذا
خاتم جدي أبي عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام .
24 - ك ( 1 ) : ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن الكوفي ، عن أبي الربيع
الزاهراني ، عن حريز ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد قال : قال ابن عباس :
سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : إن الله تبارك وتعالى ملكا يقال له : دردائيل كان له
ستة عشر ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح هواء ، والهواء كما بين السماء
والارض .
فجعل يوما يقول في نفسه : أفوق ربنا جل جلاله شئ ؟ فعلم الله تبارك وتعالى
ماقال فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان وثلاثون ألف جناح ثم أوحى الله عزوجل
إليه أن : طر ، فطار مقدار خمسمائة عام ، فلم ينل رأسه قائمة من قوائم العرش .
فلما علم الله عزوجل إتعابه ، أوحى إليه أيها الملك عد إلى مكانك ، فأنا
عظيم فوق كل عظيم ، وليس فوقي شئ ، ولا اوصف بمكان ، فسلبه الله أجنحته
ومقامه من صفوف الملائكة .
فلما ولد الحسين بن علي صلوات الله عليهما ، وكان مولده عشية الخميس
ليلة الجمعة أوحى الله إلى ملك خازن النيران أن اخمد النيران على أهلها لكرامة
مولود ولد لمحمد صلى الله عليه واله ، وأوحى إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنان
وطيبها لكرامة مولد ولد لمحمد صلى الله عليه واله في دار الدنيا ، وأوحى إلى حور العين
[ أن ] تزين وتزاورن لكرامة مولود ولد لمحمد صلى الله عليه واله في دار الدنيا .
وأوحى الله إلى الملائكة أن قوموا صفوفا بالتسبيح والتحميد والتمجيد
والتكبير ، لكرامة مولود ولد لمحمد صلى الله عليه واله في دار الدنيا ، وأوحى الله عزوجل
* ( هامش ) * ( 1 ) في بعض النسخ المطبوعة : كا وهو سهو راجع كمال الدين ج 1 ص 398 . ( * )
[249]
إلى جبرئيل عليه السلام أن اهبط إلى نبيي محمد في ألف قبيل ، في القبيل ألف ألف ملك
على خيول بلق مسرجة ملجمة ، عليها قباب الدر والياقوت ، معهم ملائكة يقال
لهم : الروحانيون بأيديهم حراب من نور أن هنئوا محمدا بمولوده .
وأخبره ياجبرئيل أني قد سميته الحسين وعزه وقل له : يامحمد يقتله شرار
امتك على شرار الدواب فويل للقاتل ، وويل للسائق ، وويل للقائد ، قاتل الحسين أنا منه
برئ وهو مني برئ لانه لايأتي أحد يوم القيامة إلا وقاتل الحسين أعظم جرما منه
قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع الله إلها آخر
والنار أشوق إلى قاتل الحسين ممن أطاع الله إلى الجنة .
قال : فبينا جبرئيل يهبط من السماء إلى الارض إذ مر بدردائيل فقال له
دردائيل : يا جبرائيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدنيا ؟ قال :
لا ، ولكن ولد لمحمد مولود في دار الدنيا وقد بعثني الله عزوجل إليه لاهنئه
بمولوده فقال الملك له : ياجبرئيل بالذي خلقك وخلقني إن هبطت إلى محمد فأقرئه
مني السلام وقل له : بحق هذا المولود عليك إلا ما سألت الله ربك أن يرضى عني
ويرد علي أجنحتي ومقامي من صفوف الملائكة .
فهبط جبرئيل على النبي صلى الله عليه واله وهنأه كما أمره الله عزوجل وعزاه
فقال النبي صلى الله عليه واله : تقتله امتي ؟ قال : نعم ، فقال النبي صلى الله عليه واله ما هؤلاء بامتي أنا
برئ منهم والله برئ منهم قال جبرئيل : وأنا برئ منهم يامحمد .
فدخل النبي صلى الله عليه واله على فاطمة وهنأ ها وعزاها فبكت فاطمة عليها السلام وقالت :
ياليتني لم ألده قاتل الحسين في النار ( 1 ) وقال النبي صلى الله عليه واله أنا أشهد بذلك يافاطمة
ولكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام تكون منه الائمة الهادية بعده .
ثم قال صلى الله عليه واله : الائمة بعدي : الهادي علي ، المهتدي الحسن ، الناصر الحسين
المنصور علي بن الحسين ، الشافع محمد بن علي ، النفاع جعفر بن محمد ، الامين
موسى بن جعفر ، الرضا علي بن موسى ، الفعال محمد بن علي ، المؤتمن علي بن
* ( هامش ) * ( 1 ) جملة اسمية دعائية أى أورد الله قاتله في النار . ( * )
[250]
محمد ، العلام الحسن بن علي ، ومن يصلي خلفه عيسى بن مريم ، فسكنت فاطمة
من البكاء .
ثم أخبرجبرئيل النبي صلى الله عليه واله بقضية الملك وما اصيب به ، قال ابن عباس
فأخذ النبي صلى الله عليه واله الحسين وهو ملفوف في خرق من صوف فأشار به إلى السماء
ثم قال : اللهم بحق هذا المولود عليك ، لابل بحقك عليه ، وعلى جده محمد
وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، إن كان للحسين بن علي ابن فاطمة عندك قدر
فارض عن در دائيل ورد عليه أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة .
فاستجاب الله دعاءه ، وغفر للملك ، والملك لايعرف في الجنة إلا بأن يقال :
هذا مولى الحسين بن علي ابن رسول الله صلى الله عليه واله .
بيان : لعل هذا على تقدير صحة الخبر كان بمحض خطور البال ، من غير
اعتقاد بكون الباري تعالى ذا مكان أو المراد بقوله : فوق ربنا شئ فوق عرش ربنا إما
مكانا أو رتبة فيكون ذلك منه تقصيرا في معرفة عظمته وجلاله ، فيكون على هذا
ذكر نفي المكان لرفع ماربما يتوهم متوهم والله يعلم .
25 - يج : روي عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه واله يأتي مراضع
فاطمة فيتفل في أفواهم ويقول لفاطمة : لا ترضعيهم .
26 - شا : كنية الحسن بن علي صلوات الله عليهما أبومحمد ، ولد بالمدينة
ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة وجاءت به امه فاطمة عليها السلام إلى
النبي صلى الله عليه واله يوم السابع من مولده في خرقة من حرير الجنة كان جبرئيل عليه السلام
نزل بها إلى النبي صلى الله عليه واله فسماه حسنا وعق عنه عنه كبشا روى ذلك جماعة منهم أحمد
ابن صالح التميمي ، عن عبدالله بن عيسى ، عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام .
وكنية الحسين أبوعبدالله ولد بالمدينة لخمس ليال خلون من شعبان سنة
أربع من الهجرة ، وجاءت به امه فاطمة إلى جده رسول الله صلى الله عليه واله فاستبشربه وسماه
حسينا وعق عنه كبشا .
27 - سر : في جامع البزنطي ، عن عيسان مولى سدير ، عن أبي عبدالله عليه السلام
[251]
وعن رجل من أصحابنا ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : وذكره غير واحد
من أصحابنا أن أبا عبدالله عليه السلام قال : إن فطرس ملك كان يطوف بالعرش فتلكأ
في شئ من أمر الله فقص جناحه ورمى به على جزيرة من جزائر البحر ، فلما
ولد الحسين عليه السلام هبط جبرئيل إلى رسول الله صلى الله عليه واله يهنئه بولادة الحسين عليه السلام
فمر به فعاذ بجبرئيل فقال : قد بعثت إلى محمد اهنئه بمولود ولد له فان شئت
حملتك إليه فقال : قد شئت فحمله فوضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله فبصبص بأصبعه
إليه فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : امسح جناحك بحسين فمسح جناحه بحسين فعرج .
بيان : تلكأ عن الامر تلكؤا تباطأ عنه وتوقف .
28 - قب : مسند أحمد بالاسناد عن هانئ بن هانئ ، عن علي عليه السلام وفي
رواية غيره ، عن أبي غسان باسناده عن علي عليه السلام قال : لما ولد الحسين جاء
النبي صلى الله عليه واله فقال : أروني ابني ما سميتموه ، قلت : سميته حربا قال : بل هو حسن .
مسندي أحمد وأبي يعلى قال : لما ولد الحسن سماه حمزة فلما ولد الحسين
سماه جعفرا قال علي : فدعاني رسول الله صلى الله عليه واله فقال : إني امرت أن اغير اسم
هذين فقلت : الله ورسوله أعلم فسماهما حسنا وحسينا وقد روينا نحو هذا عن ابن أبي عقيل .
محمد بن علي ، عن أبيه عليهما السلام : قال رسول الله صلى الله عليه واله : امرت أن اسمي ابني
هذين حسنا وحسينا .
شرح الاخبار قال الصادق عليه السلام : لما ولد الحسن بن علي أهدى جبرئيل
إلى رسول الله صلى الله عليه واله اسمه في سرقة من حرير من ثياب الجنة فيها حسن واشتق
منها اسم الحسين ، فلما ولدت فاطمة الحسن أتت به رسول الله صلى الله عليه واله فسماه حسنا
فلما ولدت الحسين أتته به فقال : هذا أحسن من ذاك فسماه الحسين .
قوله " سرقة " أي أحسن الحرير .
بيان : قال الجوهري : السرق شقق الحرير قال أبوعبيد إلا أنها البيض
منها والواحدة منها سرقة قال : وأصلها بالفارسية " سره " أي جيد .
[252]
29 - قب : ابن بطة في الابانة من أربع طرق منها أبوالخليل ، عن سلمان
قال رسول الله صلى الله عليه واله : سمى هارون ابنيه شبرا وشبيرا . وإني سميت ابني الحسن
والحسين .
مسند أحمد وتاريخ البلاذري وكتب الشيعة أنه قال : إنما سميتهم بأسماء
أولاد هارون شبرا وشبيرا [ ومشبرا ]
فردوس الديلمي عن سلمان قال النبي صلى الله عليه واله : سمى هارون ابنيه شبرا وشبيرا
وإنني سميت ابني الحسن والحسين بما سمى هارون ابنيه .
عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة قال : قدم راهب على قعود له فقال : دلوني
على منزل فاطمة عليها السلام قال : فدلوه عليها فقال لها : يا بنت رسول الله أخرجي
إلي ابنيك فأخرجت إليه الحسن والحسين فجعل يقبلهما ويبكي ويقول : اسمهما
في التوراة شبير وشبر وفي الانجيل طاب وطيب ثم سأل عن صفة النبي صلى الله عليه واله فلما
ذكروه قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه واله .
بيان : قال الجوهري : القعود من الابل هو البكر حين يركب أي يمكن ظهره
من الركوب وأدنى ذلك أن يأتي عليه سنتان إلى أن يثني فاذا أثنى سمي جملا .
30 - قب : عمران بن سلمان وعمرو بن ثابت قالا : الحسن والحسين اسمان
من أسامي أهل الجنة ولم يكونا في الدنيا .
جابر قال النبي صلى الله عليه واله : سمي الحسن حسنا لان باحسان الله قامت السماوات
والارضون ، واشتق الحسين من الاحسان ، وعلي والحسن اسمان من أسماء الله تعالى
والحسين تصغير الحسن .
وحكى أبوالحسين النسابة : كأن الله عزوجل حجب هذين الاسمين عن الخلق
يعني حسنا وحسينا يسمي بهما ابنا فاطمة عليها السلام فانه لايعرف أن أحدا من العرب
تسمى بهما في قديم الايام إلى عصرهما لامن ولد نزار ( 1 ) ولا اليمن مع سعة أفخاذهما
* ( هامش ) * ( 1 ) هذا هو الصحيح كما في المصدر ج 3 ص 398 وفى النسخ المطبوعة تراد .
مراد خ ل ، وكلاهما سهو فان تراد مهمل ومراد من قبائل اليمن فلا يعد في قباله . ونزار * ( * )
[253]
وكثرة مافيهما من الاسامي وإنما يعرف فيهما حسن بسكون السين وحسين بفتح
الحاء وكسرالسين على مثال حبيب فأما حسن بفتح الحاء والسين فلا نعرفه إلا
اسم جبل معروف قال الشاعر :
لام الارض وبل ما أجنت * بحيث أضر بالحسن السبيل ( 1 )
سئل أبوعمه غلام تغلب عن معنى قول أميرالمؤمنين عليه السلام : " حتى لقد وطئ
الحسنان ، وشق عطفاي " فقال : الحسنان الابهامان ، واحدهما حسن ، قال
الشنفري ( 2 ) .
مهضومة الكشحين درماء الحسن ( 3 ) جماء ملساء بكفيها شثن
شق عطفاي أي ذيلي .
[ 31 - قب : ] كتاب الانوار : إن الله تعالى هنأ النبي صلى الله عليه واله بحمل الحسين
وولادته وعزاه بقتله فعرفت فاطمة ، فكرهت [ ذلك ] فنزلت " حملته امه كرها
ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " ( 4 ) فحمل النساء تسعة أشهر ولم يولد
* ( هامش ) * * هو نزار بن معد بن عدنان بطن من العدنانية منهم بطنان عظيمان : ربيعة ومضر . ومن أيامهم
يوم خزازى ، وقيل خزاز ، وهو جبل كانت به وقعة بين نزار واليمن . راجع معجم
قبائل العرب
( 1 ) أنشده الجوهرى في الصحاح ونقل أن الشاعر قال في الحسين :
تركنا بالنواصف من حسين * نساء الحى يلقطن الجمانا
( 2 ) شاعر من بنى الازدكان من أشد محاضير العرب قيل سمى به لحدته ، وقيل
لعظم شفته .
( 3 ) درماء مؤنث الادرم - وهو كل ما غطاه الشحم وخفى حجمه ، ورجل أدرم
لا تستبين كعوبه ومرافقه .
وهذا المعنى هو الصحيح الذى اختاره الراوندى في شرحه على النهج وانكره ابن
أبى الحديد - راجع شرح الحديدى ج 1 ص 50 .
( 4 ) الاحقاف : 15 . ( * )
[254]
مولود لستة أشهر عاش غير عيسى والحسين عليهما السلام .
غرر أبي الفضل بن خير [ انة ] ( 1 ) بإسناده أنه اعتلت فاطمة لما ولدت الحسين عليه السلام
وجف لبنها فطلب رسول الله صلى الله عليه واله مرضعا فلم يجد فكان يأتيه فيلقمه إبهامه فيمصها
فيجعل الله له في إبهام رسول الله صلى الله عليه واله رزقا يغذوه ، ويقال : بل كان رسول الله صلى الله عليه واله
يدخل لسانه في فيه فيغره كما يغر الطير فرخه ، فجعل الله له في ذلك رزقا ففعل
ذلك أربعين يوما وليلة فنبت لحمه من لحم رسول الله صلى الله عليه واله .
بيان : قال الجوهري : غر الطائر فرخه يغره غرا أي زقه .
32 - قب : برة ابنة امية الخزاعي قالت : لما حملت فاطمة عليها السلام
بالحسن خرج النبي صلى الله عليه واله في بعض وجوهه فقال لها : إنك ستلدين غلامها قد هنأني
به جبرئيل ، فلا ترضعيه حتى أصير إليك قالت : فدخلت على فاطمة حين ولدت
الحسن ، عليه السلام وله ثلاث ما أرضعته فقلت لها : أعطينيه حتى ارضعه ، فقالت : كلا ثم
أدركتها رقة الامهات فأرضعته فلما جاء النبي صلى الله عليه واله قال لها : ما ذا صنعت ؟ قالت :
أدركني عليه رقة الامهات فأرضعته فقال : أبى الله عزوجل إلا ما أراد .
فلما حملت بالحسين عليه السلام قال لها : يا فاطمة إنك ستلدين غلامها قد هنأني
به جبرئيل فلا ترضعيه حتى أجئ إليك ولو أقمت شهرا ، قالت : أفعل ذلك ، وخرج
رسول الله صلى الله عليه واله في بعض وجوهه ، فولدت فاطمة الحسين عليه السلام فما أرضعته حتى
جاء رسول الله صلى الله عليه واله فقال لها : ماذا صنعت ؟ قالت : ما أرضعته ، فأخذه فجعل لسانه
في فمه فجعل الحسين يمص حتى قال النبي صلى الله عليه واله : إيها حسين إيها حسين ثم قال :


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 254 سطر 19 الى ص 262 سطر 18

أبى الله إلا ما يريد هي فيك وفي ولدك يعني الامامة .
33 - كشف : قال كمال الدين بن طلحة : اعلم أن هذا الاسم الاحسن سماه به
جده رسول الله صلى الله عليه واله فانه لما ولد عليه السلام قال : ما سميتموه قالوا : حربا قال : بل
سموه حسنا ، ثم إنه صلى الله عليه واله عق عنه كبشا وبذلك احتج الشافعي في كون العقيقة
سنة عن المولود ، وتولى ذلك النبي صلى الله عليه واله ومنع أن تفعله فاطمة عليها السلام
* ( هامش ) * ( 1 ) راجع المصدر ج 4 ص 50 . ( * )
[255]
وقال لها : احلقي رأسه وتصدقي بوزن الشعر فضة ففعلت ذلك ، وكان وزن شعره
يوم حلقه درهما ، وشيئا ، فتصدقت به فصارت العقيقة ، والتصدق بزنة الشعر ، سنة
مستمرة ، بما شرعه النبي صلى الله عليه واله في حق الحسن عليه السلام ، وكذا اعتمد في حق
الحسين عليه السلام عند ولادته ، وسيأتي ذكره إنشاء الله تعالى .
وروى الجنابذي أن عليا سمى الحسن حمزة والحسين جعفرا فدعا
رسول الله صلى الله عليه واله عليا وقال له : قد امرت أن اغير اسم ابني هذين قال : فماشاء
الله ورسوله ، قال : فهما الحسن والحسين .
ويظهر من كلامه أنه بقي الحسن عليه السلام مسمى حمزة إلى حين ولد الحسين
وغيرت أسماؤهما عليهما السلام وقتئذ وفي هذا نظر لمتأمله أو يكون قد سمي الحسن وغيره
ولما ولد الحسين وسمي جعفرا غيره ، فيكون التسمية في زمانين والتغيير كذلك .
وكنيته أبومحمد لا غير ، وأما ألقابه فكثيرة : التقي والطيب والزكي والسيد
والسبط والولي كل ذلك كان يقال له ويطلق عليه وأكثر هذه الالقاب شهرة التقي
لكن أعلاها رتبة وأولاها به ما لقبه به رسول الله صلى الله عليه واله حيث وصفه به خصه بأن
جعله نعتا له فانه صح النقل عن النبي صلى الله عليه واله فيما أورده الائمة الاثبات والروات
الثقات أنه قال : ابني هذا سيد ، فيكون أولى ألقابه : السيد .
وقال ابن الخشاب : كنيته أبومحمد وألقابه : الوزير والتقي والقائم والطيب
والحجة والسيد والسبط والولي .
وروى مرفوعا إلى ام الفضل قالت : قلت : يا رسول الله صلى الله عليه واله رأيت في المنام
كأن عضوا من أعضائك في بيتي قال : خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما ترضعينه بلبن
قثم فولدت الحسن فأرضعته بلبن قثم .
وروى مرفوعا إلى علي عليه السلام قال : حضرت ولادة فاطمة عليها السلام قال رسول
الله صلى الله عليه واله لاسماء بنت عميس وام سلمة : احضراها فاذا وقع ولدها واستهل فأذنا
في اذنه اليمنى وأقيما في اذنه اليسرى فانه لا يفعل ذلك بمثله إلا عصم من الشيطان
ولا تحدثا شيئا حتى آتيكما .
[256]
فلما ولدت فعلتا ذلك فأتاه النبي صلى الله عليه واله فسره ولبأه بريقه ( 1 ) وقال : اللهم
إني اعيذه بلك وولده من الشيطان الرجيم .
ومن كتاب الفردوس عن النبي صلى الله عليه واله امرت أن اسمي ابني هذين حسنا
وحسينا .
ايضاح : سررت الصبي أسره سرا قطعت سرره وهوما تقطعه القابلة من
سرة الصبي وقال في النهاية : في حديث ولادة الحسن بن علي وألبأه بريقه أي صب
ريقه في فيه كما يصب اللباء في فم الصبي ، وهو أول ما يحلب عند الولادة ، ولبأت
الشاة ولدها أرضعته اللباءة وألبأت السخلة أرضعتها اللباء .
34 - عيون المعجزات للمرتضى : روي أن فاطمة ولدت الحسن والحسين
من فخذها الايسر ، وروي أن مريم ولدت المسيح من فخذها الايمن ، وحديث
هذه الحكاية في كتاب الانوار وفي كتب كثيرة وروي العلائي في كتابه يرفع الحديث
إلى صفية بنت عبدالمطلب قالت : لما سقط الحسين بن فاطمة عليهما السلام كنت
بين يديها فقال لي النبي صلى الله عليه واله : هلمي إلي بابني فقلت : يارسول الله إنا لم ننظفه
بعد فقال النبي صلى الله عليه واله : أنت تنظفينه ؟ إن الله قد نظفه وطهره .
وروي أن رسول الله صلى الله عليه واله قام إليه وأخذه فكان يسبح ويهلل ويمجد صلوات
الله عليه .
35 - كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن عبدالله بن سنان
عن معاذ الهراء ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : الغلام رهن بسابعه بكبش ، يسمى فيه
ويعق عنه ، وقال : إن فاطمة عليها السلام حلقت ابنيها وتصدقت بوزن شعرهما
فضة .
36 - كا : علي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن بعض
أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : عق رسول الله صلى الله عليه واله عن الحسن عليه السلام بيده و
* ( هامش ) * ( 1 ) في نسختنا وفى نسخة المصدر " لبأه " وفى بعض النسخ " ألبأه " وكلاهما بمعنى
راجع المصدر ج 2 ص 95 ( * )
[257]
قال : بسم الله عقيقة عن الحسن ، وقال : اللهم عظمها بعظمه ، ولحمها بلحمه ، ودمها بدمه وشعرها بشعره ، اللهم اجعلها وقاء لمحمد وآله .
37 - كا : محمدبن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية
ابن وهب قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : عقت فاطمة عن ابنيها صلوات الله عليهما
وحلقت رؤوسهما في اليوم السابع وتصدقت بوزن الشعر ورقا .
38 - كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن
عيسى ، عن عاصم الكوزي قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يذكر عن أبيه أن رسول
الله صلى الله عليه واله عق عن الحسن عليه السلام بكبش ، وعن الحسين عليه السلام بكبش وأعطى القابلة
شيئا وحلق رؤوسهما يوم سابعهما ، ووزن شعرهما فتصدق بوزنه فضة .
39 - كا : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن أبان
عن يحيى بن أبي العلا ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمى رسول الله صلى الله عليه واله حسنا و
حسينا عليهما السلام يوم سابعهما وشق من اسم الحسن الحسين وعق عنهما شاة شاة ، وبعثوا
برجل شاة إلى القابلة ، ونظروا ما غيره ، وفأكلوا منه ، وأهدوا إلى الجيران ، وحلقت
فاطمة عليها السلام رؤوسهما وتصدقت بوزن شعرهما فضة .
40 - كا : علي ، عن أبي ، عن الحسين بن خالد قال : سألت أبا الحسن
الرضا عليه السلام عن التهنئة بالولد متى ؟ فقال : أما إنه لما ولد الحسن بن علي هبط
جبرئيل على النبي صلى الله عليه واله بالتهنئة في اليوم السابع ، وأمره أن يسميه ، ويكنيه
ويحلق رأسه ، ويعق عنه ، ويثقب اذنه ، وكذلك كان حين ولد الحسين عليه السلام أتاه
في اليوم السابع فأمره بمثل ذلك .
قال : وكان لهما ذؤ ابتان في القرن الايسر ، وكان الثقب في الاذن اليمنى في
شحمة الاذن وفي اليسرى في أعلى الاذن فالقرط في اليمنى والشنف في اليسرى ، و
قد روي أن النبي صلى الله عليه واله ترك لهما ذؤابتين في وسط الرأس وهو أصح من القرن .
بيان : القرط بالضم : الذي يعلق فط شحمة الاذن ، والشنف بالفتح ما يعلق
في أعلى الاذن .
[258]
41 - كا : علي بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن علي بن الحكم ، عن
ربيع بن محمد المسلي ( 1 ) عن عبدالله بن سليمان العامرى ، عن أبى جعفر عليه السلام قال :
لما عرج برسول الله صلى الله عليه واله نزل بالصلاة عشر ركعات : ركعتين ركعتين ، فلما ولد
الحسن والحسين زاد رسول الله صلى الله عليه واله سبع ركعات شكرا لله فأجاز الله له ذلك .
42 - كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن ابن ظبيان وحفص
ابن غياث ، عن أبي عبدالله قال : كان في خاتم الحسن والحسين : الحمدلله .
43 - كا : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن خالد ، عن
الرضا عليه السلام قال : كان نقش خاتم الحسن عليه السلام : العزة لله ، وخاتم الحسين عليه السلام
إن الله بالغ أمره .
44 - كا : علي بن الحسين ، عن سعد ، عن محمد بن الحسين ، عن الحسن بن
موسى ، عن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا سقط لستة أشهر فهو تام وذلك
إن الحسين بن علي عليهما السلام ولد وهو ابن ستة أشهر .
45 - ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن
إبراهيم ، عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أ بيه ، عن ابن أبي عمير
عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : حمل الحسين بن علي ستة أشهر وارضع
سنتين ، وهو قول الله عزوجل : " ووصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته امه كرها
ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " ( 2 ) .
46 - كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالرحمن
العرزمي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان بين الحسن والحسين عليهما السلام طهر ، وكان
بينهما في الميلاد ستة أشهر وعشرا .
47 - أقول : في حديث المفضل بطوله الذي يأتي باسناده في كتاب الغيبة
* ( هامش ) * ( 1 ) نسبة إلى مسلية كمحسنة بطن من مذحج من القحطانية وهم بنو مسلية بن عامر بن عمرو
ابن علة بن جلد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب ، يروى عن أبى عبدالله عليه السلام .
( 2 ) الاحقاف : 15 . ( * )
[259]
عن الصادق عليه السلام أنه قال : كان ملك بين المؤمنين يقال له : صلصائيل ، بعثه الله في
بعث فأبطأ فسلبه ريشه ودق جناحيه وأسكنه في جزيرة من جزائر البحر إلى ليلة
ولد الحسين عليه السلام ، فنزلت الملائكة واستأذنت الله في تهنئة جدي رسول الله صلى الله عليه واله
وتهنئة أميرالمؤمنين عليه السلام وفاطمة عليها السلام فأذن الله لهم فنزلوا أفواجا من العرش ومن
سماء سماء فمروا بصلصائيل وهو ملقى بالجزيرة .
فلما نظروا إليه وقفوا فقال لهم ياملائكة ربي إلى أين تريدون ؟ وفيم
هبطتم ؟ فقالت له الملائكة : ياصلصائيل قد ولد في هذه الليلة أكرم مولود ولد في
الدنيا بعد جده رسول الله صلى الله عليه واله وأبيه علي وامه فاطمة وأخيه الحسن والحسين
وقد استأذنا الله في تهنئة حبيبه محمد صلى الله عليه واله لولده فأذن لنا ، فقال صلصائيل : يا
ملائكة الله إني أسألكم بالله ربنا وربكم وبحبيبه محمد صلى الله عليه واله وبهذا المولود أن تحملوني
معكم إلى حبيب الله وتسألونه وأسأله أن يسأل الله بحق هذا المولود الذي وهبه
الله له أن يغفر لى خطيئتي ويجبر كسر جناحي ويردني إلى مقامي مع الملائكة
المقربين .
فحملوه وجاؤابه إلى رسول الله صلى الله عليه واله فهنؤه بابنه الحسين عليه السلام وقصوا عليه
قصة الملك وسألوه مسألة الله والاقسام عليه بحق الحسين عليه السلام أن يغفر له خطيئته
ويجبر كسر جناحه ، ويرده إلى مقامه مع الملائكة المقربين .
فقام رسول الله صلى الله عليه واله فدخل على فاطمة عليها السلام فقال لها : ناوليني ابني
الحسين فأخرجته إليه مقموطا يناغي جده رسول الله صلى الله عليه واله فخرج به إلى الملائكة
فحمله على بطن كفه فهللوا وكبروا وحمدوا الله تعالى وأثنوا عليه .
فتوجه به إلى القبلة نحو السماء ، فقال : اللهم إني أسألك بحق ابني
الحسين أن تغفر لصلصائيل خطيئته ، وتجبر كسر جناحه ، وترده إلى مقامه مع الملائكة
المقربين ، فتقبل الله تعالى من النبي صلى الله عليه واله ما أقسم به عليه ، وغفر لصلصائيل خطيئته
وجبر كسر جناحه ، ورده إلى مقامه مع الملائكة المقربين .
[260]
[ 48 - مصباح : خرج إلى القاسم بن علاء الهمداني وكيل أبي محمد عليه السلام :
أن مولانا الحسين عليه السلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان .
وروى الحسين بن زبد ، عن جعفر بن محمد قال : ولد الحسين بن علي لخمس
ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة . ]
أقول : سيأتي تمام القول من المصباح وسائر الكتب في أبواب أحوال أبي عبدالله
الحسين عليه السلام من ولادته وشهادته ، ولعن الله على قاتله .
[261]
12 * ( باب ) *
* ( فضائلهما ومناقبهما والنصوص عليهما ) *
* ( صلوات الله عليهما ) *
1 - كشف : الترمذي بسنده ، عن يعلى بن مرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله :
حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الاسباط .
2 - قب : تفسير النقاش بإسناده ، عن سفيان الثوري ، عن قابوس بن
أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : كنت عند النبي صلى الله عليه واله وعلى فخذه الايسر
ابنه إبراهيم وعلى فخذه الايمن الحسين بن علي وهو تارة يقبل هذا وتارة يقبل هذا
إذ هبط جبرئيل بوحى من رب العالمين .
فلما سري عنه قال : أتاني جبرئيل من ربي فقال : يا محمد إن ربك يقرء عليك
السلام ويقول : لست أجمعها لك فأفد أحدهما بصاحبه ، فنظر النبي صلى الله عليه واله إلى إبراهيم
فبكى ونظر إلى الحسين فبكى ، وقال : إن إبراهيم امه أمة ، ومتى مات لم يحزن
عليه غيري ، وام الحسين فاطمة وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي ، ومتى مات حزنت
ابنتي وحزن ابن عمي وحزنت أنا عليه ، وأنا اوثر حزني على حزنهما يا جبرئيل
يقبض إبراهيم فديته للحسين .
قال : فقبض بعد ثلاث فكان النبي صلى الله عليه واله إذا رأى الحسين عليه السلام مقبلا قبله
وضمه إلى صدره ورشف ثناياه ، وقال : فديت من فديته بابني إبراهيم .
3 - لى : أبي ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن يوسف بن الحارث ، عن
محمد بن مهران ، عن علي بن الحسن ، عن عبدالرزاق ، عن معمر ، عن إسماعيل
ابن معاوية ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إذا كان يوم القيامة
زين عرش رب العالمين بكل زينة ، ثم يؤتى بمنبرين من نور طولهما مائة ميل
فيوضع أحدهما عن يمين العرش ، والاخر عن يسار العرش ، ثم يؤتى بالحسن و
[262]
الحسين عليهما السلام فيقوم الحسن على أحدهما والحسين على الاخر ، يزين الرب تبارك
وتعالى بهما عرشه كما يزين المرءة قرطاها .
4 - لى : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن حماد بن
عيسى ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال جابر بن عبدالله الانصاري : سمعت رسول
الله صلى الله عليه واله يقول لعلي بن أبيطالب عليه السلام قبل موته بثلاث : سلام الله عليك أبا الريحانتين
اوصيك بريحانتي من الدنيا فعن قليل ينهد ركناك ، والله خليفتي عليك ، فلما
قبض رسول الله صلى الله عليه واله قال علي : هذا أحدر كني الذي قال لي رسول صلى الله عليه واله ، فلما
ماتت فاطمة عليها السلام قال علي : هذا الركن الثاني الذي قال لي رسول الله صلى الله عليه واله .
مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن يونس ، عن حماد بن
عيسى مثله .
5 - لى : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن ابن عائشة والحكم
والعباس جمعيا عن مهدي بن ميمون ، عن محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب ، عن ابن أبي نعيم قال :
شهدت ابن عمرو وأتاه رجل فسأله عن دم البعوضة فقال : ممن أنت ؟ قال : من أهل
العراق قال : انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوضة وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه واله
وسمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : إنهما ريحانتي من الدنيا ، يعني الحسن والحسين
عليهما السلام .
قب : أبوعيسى في جامعة وأبونعيم في حليتة والسمعاني في فضائله وابن بطة
في إبانته عن ابن [ أبي ] نعيم مثله .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 262 سطر 19 الى ص 270 سطر 18

6 - لى : القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن عمير بن عمران ، عن
سليمان بن عمران النخعي ، عن ربعي بن خراش ، عن حذيفة بن اليمان قال : رأيت
النبي صلى الله عليه واله آخذا بيد الحسين بن علي عليهما السلام وهو يقول : يا أيها الناس هذا الحسين
ابن علي فاعرفوه فو الذي نفسي بيده إنه لفي الجنة ومحبيه في الجنة ، ومحبي محبيه
في الجنة .
7 - ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام
[263]
قال : بينما الحسن والحسين يصطرعان عند النبي صلى الله عليه واله فقال النبي صلى الله عليه واله : هي يا
حسن فقالت فاطمة : يارسول الله تعين الكبير على الصغير ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله :
جبرئيل يقول : هي يا حسين وأنا أقول : هي يا حسن .
بيان : قال الفيروز آبادي : هيك : أسرع فيما أنت فيه ( 1 ) .
8 - ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه واله : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما .
وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : أما الحسن فانحله الهيبة والعلم
وأما الحسين فانحله الجود والرحمة .
9 - ل : ابن مقبرة ، عن محمد بن عبدالله الحضرمي ، عن أحمد بن يحيى الاحول
عن خلاد المنقري ، عن قيس ، عن أبي حصين ، عن يحيى بن وثاب ، عن ابن عمر
قال : كان على الحسن والحسين عليهما السلام تعويذان حشوهما من زغب جناح
جبرئيل عليه السلام .
10 - ل : الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، عن جده ، عن الزبير بن أبي بكر
عن إبراهيم بن حمزة الزبيري ، عن إبراهيم بن علي الرافعي ، عن أبيه ، عن
جدته زينب بنت أبي رافع قالت : أتت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله بابنيها الحسن
والحسين عليهما السلام إلى رسول الله صلى الله عليه واله في شكواه الذي توفي فيه فقالت : يارسول الله
هذان ابناك فورثهما شيئا فقال : أما الحسن فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما الحسين
فان له شجاعتي وجودي .
عم ، شا : عن إبراهيم بن علي الرافعي مثله ( 2 ) .
11 - ل : الحسن بن محمد العلوي ، عن جده ، عن ، محمد بن علي ، عن عبدالله بن
الحسن بن محمد وحسين بن علي بن عبدالله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن شيخ من الابصار
* ( هامش ) * ( 1 ) هي : اسم فعل للامر ، ضبطه في القاموس ط مصر بالفتح وفي أقرب الموارد بالكسر .
( 2 ) ارشاد المفيد ص 169 ، اعلام الورى ص 210 وفى بعض النسخ المطبوعة :
" ع ، م ، شا " وهو سهو ظاهر . ( * )
[264]
يرفعه إلى زينب بنت أبي رافع عن امها قالت : قالت فاطمة عليها السلام : يارسول الله هذان
ابناك فانحلهما فقال رسول الله صلى الله عليه واله : أما الحسن فنحلته هيبتي وسؤددي وأما الحسين
فنحلته سخائي وشجاعتي .
12 - ل : الحسن بن محمد العلوي ، عن جده ، عن محمد بن جعفر ، عن أبيه
عن إبراهيم بن محمد ، عن صفوان بن سليمان أن النبي صلى الله عليه واله قال : أما الحسن
فأنحله الهيبة والحلم ، وأما الحسين فأنحله الجود والرحمة .
13 - ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول
الله صلى الله عليه واله : الولد ريحانة ويحانتاي : الحسن والحسين عليهما السلام .
صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام مثله .
14 - ن : بهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : الحسن والحسين سيدا
شباب أهل الجنة وأبوهما خيرمنهما .
15 - ن : بإسناد التميمي ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال النبي صلى الله عليه واله :
الحسن والحسين خير أهل الارض بعدي وبعد أبيهما ، وامهما أفضل نساء أهل
الارض .
16 - ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن محمد بن إسماعيل الراشدي ، عن
علي بن ثابت العطار ، عن عبدالله بن ميسرة ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء بن
عازب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه واله حامل الحسين عليه السلام وهو يقول : اللهم إني
احبه فأحبه .
17 - ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن يحيى بن زكريا بن شيبان ، عن
أرطاه بن حيدر ، عن أيوب بن واقد ، عن يونس بن حباب ، عن أبي حازم ، عن
أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : من أحب الحسن والحسين فقد
أحبني ، ومن أبغضها فقد أبغضني .
18 - فض : محمد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسين الاشناني ، عن محمد بن يزيد
القاضي ، عن محمد بن آدم ، عن جعفر بن زياد الاحمر ، عن أبي الصيرفي ، عن
[265]
صفوان بن قميصة ، عن طارق بن شهاب قال : قال أميرالمؤمنين صلوات الله عليه
للحسن والحسين ، أنتما إمامان بعقي وسيدا شباب أهل الجنة ، والمعصومان
حفظكما الله ، ولعنة الله على من عاداكما .
19 - ما : ابن حشيش ، عن أبي ذر ، عن عبدالله ، عن فضل بن يوسف ، عن
مخول ، عن منصور بن أبي الاسود ، عن أبيه ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن
علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .
20 - ما : الحفار ، عن عيسى بن موسى ، عن علي بن عبيدالله بن العلاء
عن أبيه ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم السلام ، عن النبي صلى الله عليه واله
قال : الحسن والحسين عليهما السلام يوم القيامة عن جنبي عرش الرحمن تبارك وتعالى
بمنزلة الشنفين من الوجه .
21 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن جرير الطبري ، عن عمرو بن علي
عن عمرو بن خليفة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة قال : اصطرح الحسن والحسين فقال
رسول الله صلى الله عليه واله : إيها حسن ، فقالت فاطمة عليها السلام : يارسول الله تقول : إيها حسن
وهو أكبر الغلامين ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : أقول : إيها حسن ، ويقول جبرئيل :
إيها حسين .
بيان : قال الجوهري : تقول للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل إيه
بكسر الهاء ، قال ابن السكيت : فان وصلت نونت فقلت إيه حدثنا ثم قال : فإذا
أسكته وكففته قلت : إيها عنا وإذا أردت التبعيد قلت : أيها بالفتح .
أقول : يظهر من الخبر أن إيها بالنصب أيضا يكون للاستزادة
22 - ب ، مع : محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إلي عن علي بن عبدالعزيز
عن أبي عبيد القاسم بن سلام ، عن هيثم ، عن يونس ، عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه واله
اتي بالحسين بن علي عليهما السلام فوضع في حجره فبال عليه فاخذ فقال : لاتررموا ابني
ثم دعى بماء فصب عليه . قال الاصمعي الازرام : القطع ، يقال للرجل إذا قطع
[266]
بوله أزرمت بولك وأزرمه غيره إذا قطعه ، وزرم البول نفسه إذا انقطع .
23 - كشف : من كتاب معالم العترة الطاهرة للجنابذي ، عن ام عثمان ام ولد
علي بن أبي طالب عليه السلام قالت : كان لال رسول الله صلى الله عليه واله قطيفة يجلس عليها جبرئيل
ولا يجلس عليها غيره وإذا عرج طويت ، وكان إذا عرج انتفض فيسقط من زغب
ريشه فيقوم فيتبعه فيجعله في تمائم الحسن والحسين عليهما السلام .
ومن كتاب حلية الاولياء قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه واله واضعا الحسن على
عاتقه وقال : من أحبني فليحبه .
وعن نعيم قال : قال أبوهريرة : ما رأيت الحسن قط إلا فاضت عيناي
دموعا وذلك أنه أتى يوما يشتد حتى قعد في حجر رسول الله صلى الله عليه واله ورسول
الله صلى الله عليه واله يفتح فمه ثم يدخل فمه في فمه ويقول : اللهم إني احبه واحب من يحبه
يقولها ثلاث مرات .
24 - ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : إن الحسن
والحسين عليهما السلام كانا يلعبان عند النبي صلى الله عليه واله حتى مضى عامة الليل ثم قال لهما :
انصرفا إلى امكما فبرقت برقة فما زالت تضئ لهما حتى دخلا على فاطمة عليها السلام
والنبي صلى الله عليه واله ينظر إلى البرقة فقال : الحمد لله الذي أكرمنا أهل البيت .
صح : عنه ، عن آبائه عليهم السلام مثله .
25 - لى : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن
فضالة ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام ، عن أبيه ، عن جده عليهما السلام
قال : مرض النبي صلى الله عليه واله المرضة التي عوفي منها فعادته فاطمة سيدة النساء ومعها
الحسن والحسين عليهما السلام قد أخذت الحسن بيدها اليمنى وأخذت الحسين بيدها
اليسرى وهما يمشيان وفاطمة بينهما حتى دخلوا منزل عائشة ، فقعد الحسن عليه السلام على
جانب رسول الله صلى الله عليه واله الايمن والحسين عليه السلام على جانب رسول الله صلى الله عليه واله الايسر
فأقبلا يغمزان ما يليهما من بدن رسول الله صلى الله عليه واله فما أفاق النبي صلى الله
عليه وآله من نومه .
[267]
فقالت فاطمة للحسن والحسين : حبيبي إن جدكما قد غفا فانصرفا
ساعتكما هذه ودعاه حتى يفيق وترجعان إليه ، فقالا ، لسنا ببارحين في وقتنا هذا
فاضطجع الحسن على عضد النبي الايمن ، والحسين على عضده الايسر فغفيا وانتبها
قبل أن ينتبه النبي صلى الله عليه واله وقد كانت فاطمة عليها السلام لما نام انصرفت إلى منزلها فقالا
لعائشة : ما فعلت امنا ؟ قالت : لما نمتما رجعت إلى منزلها .
فخرجا في ليلة ظلماء مد لهمة ذات رعد وبرق وقد أرخت السماء عزاليها
فسطع لهما نور فلم يزالا يمشيان في ذلك النور والحسن قابض بيده اليمنى على يد
الحسين السيرى وهما يتماشيان ويتحدثان حتى أتيا حديقة بني النجار ، فلما
بلغا الحديقة حارا فبقيا لا يعلمان أين يأخذان فقال الحسن للحسين : إنا قد حرنا
وبقينا على حالتنا هذه ، وما ندري أين نسلك ؟ فلا عليك أن ننام في وقتنا هذا حتى
نصبح ، فقال له الحسين عليه السلام : دونك يا أخي فافعل ما ترى ، فاضطجعا جميعا واعتنق
كل واحد منهما صاحبه وناما .
وانتبه النبي صلى الله عليه واله عن نومته التي نامها فطلبها في منزل فاطمة فلم يكونا فيه
وافتقدهما ، فقام صلى الله عليه واله قائما على رجليه ، وهو يقول : إلهي وسيدي ومولاي هذان
شبلاي خرجا من المخمصة والمجاعة اللهم أنت وكيلي عليهما فسطع للنبي صلى الله عليه واله
نور فلم يزل يمضي في ذلك النور حتى أتى حديقة بني النجار فاذا هما نائمان قد
اعتنق كل واحد منهما صاحبه وقد تقشعت السماء فوقهما كطبق فهي تمطر كأشد
مطرما رآه الناس قط وقد منع الله عزوجل المطر منهما في البقعة التي هما فيها
نائمان لا يمطر عليهما قطرة وقد اكتنفتهما حية لها شعرات كآجام القصب وجناحان
جناح قد غطت به الحسن ، وجناح قد غطت به الحسين .
فلما أن بصر بهما النبي صلى الله عليه واله تنحنح فانسابت الحية وهي تقول : اللهم
إني اشهدك واشهد ملائكتك أن هذ ين شبلا نبيك قد حفظتهما عليه ودفعتهما
إليه سالمين صحيحين فقال لها النبي صلى الله عليه واله : أيتها الحية منم أنت ؟ قالت : أنا رسول
الجن إليك قال : وأي الجن ؟ قالت : جن نصيبين نفر من بني مليح نسينا آية من
[268]
كتاب الله عزوجل فبعثوني إليك لتعلمنا ما نسينا من كتاب الله فلما بلغت هذا
الموضع سمعت مناديا ينادي : أيتها الحية هذان شبلا رسول الله فاحفظيهما من العاهات
والافات ، ومن طوارق الليل والنهار ، فقد حفظتهما وسلمتهما إليك سالمين صحيحين
وأخذت الحية الاية وانصرفت .
فأخذ النبي صلى الله عليه واله الحسن فوضعه على عاتقه الايمن ووضع الحسين على عاتقه
الايسر وخرج علي عليه السلام فلحق برسول الله صلى الله عليه واله فقال له بعض أصحابه : بأبي
أنت وأمي ادفع إلي أحد شبليك اخفف عنك فقال : امض فقد سمع الله كلامك
وعرف مقامك ، وتلقاه آخر فقال : بأبي أنت وامي ادفع إلي أحد شبليك اخفف عنك
فقال : امض فقد سمع الله كلامك ، وعرف مقامك .
فتلقاه علي عليه السلام فقال : بأبي أنت وامي يارسول الله ادفع إلي أحد شبلي
وشبليك حتى اخفف عنك ، فالتفت النبي صلى الله عليه واله إلى الحسن فقال : ياحسن هل تمضئ إلى
كتف أبيك ؟ فقال له : والله ياجداه إن كتفك لاحب إلي من كتف أبي ، ثم التفت
إلى الحسين عليه السلام فقال : يا حسين هل تمضي إلى كتف أبيك ؟ فقال له : والله يا
جداه إني لاقول لك كما قال أخي الحسن إن كتفك لاحب إلي من كتف
أبي ، فأقبل بهما إلى منزل فاطمة عليها السلام وقد ادخرت لهما تميرات فوضعتها بين
أيديهما فأكلا وشبعا وفرحا .
فقال لهما النبي صلى الله عليه واله : قوما الان فاصطرعا ، فقاما ليصطرعا ، وقد خرجت
فاطمة في بعض حاجتها ، فدخلت فسمعت النبي صلى الله عليه واله وهو يقول : إيه يا حسن
شد على الحسين فاصرعه ، فقالت له : يا أبه واعجباه أتشجع هذا على هذا ؟ تشجع
الكبير على الصغير ؟ فقال لها : يا بنية أما ترضين أن أقول أنا : يا حسن شد على
الحسين فاصرعه وهذا حبيبي جبرئيل يقول : يا حسين شد على الحسين فاصرعه .
قب : أبوهريرة وابن عباس والصادق عليه السلام وذكر نحوه ثم قا ل : وقد
روى الخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه واله عن هارون الرشيد ، عن آبائه ، عن ابن
عباس هذا المعني .
[269]
بيان : غفا غفوا وغفوا : نام أو نعس كأغفى وادلهم الظلام : كثف ، وقال
الجزري : العزالى جمع العزلاء وهو فم المزادة الاسفل فشبه اتساع المطر واندفاقه
بالذي يخرج من فم المزادة انتهى ، والشبل بالكسر ولد الاسد إذا أدرك الصيد
ويقال قشعت الريح السحاب أي كشفته ، فانقشع وتقشع ، وانسابت الحية : جرت .
26 - مل : أبي ، عن سعد والحميري ومحمد العطار جمعيا ، عن ابن عيسى
عن علي بن الحكم وغيره عن جميل بن دراج ، عن أخيه نوح ، عن الاجلح
عن سلمة بن كهيل ، عن عبدالعزيز ، عن علي عليه السلام قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله
يقول : يا علي لقد أذهلني هذان الغلامان - يعني الحسن والحسين - أن احب
بعدهما أحدا إن ربي أمرني أن احبهما واحب من يحبهما .
27 - مل : محمد بن أحمد بن إبراهيم ، عن الحسين بن علي الزيدي ، عن
أبيه ، عن علي بن عباس وعبدالسلام بن حرب معا ، عمن سمع بكر بن عبدالله
المزني ، عن عمران بن الحصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله لي : يا عمران بن حصين
إن لكل شئ موقعا من القلب وما وقع موقع هذين الغلامين من قلبي شئ قط
فقلت : كل هذا يارسول الله ، قال : يا عمران وما خفي عليك أكثر إن الله
أمرني بحبهما .
28 - مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عمن حدثه ، عن سفيان
الجريري ، عن أبيه ، عن أبي رافع ( 1 ) ، عن أبيه ، عن جده أبي رافع ، عن أبي ذر
الغفاري قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه واله بحب الحسن والحسين فأحببتهما وأنا احب
من يحبهما لحب رسول الله صلى الله عليه واله إياهما .
29 - مل : أبي ، عن الحميري ، عن رجل من أصحابنا ، عن عبدالله بن موسى
عن مهلهل العبدي ، عن أبي هارون العبدي ، عن ربيعة السعدي ، عن أبي ذر الغفاري
قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه واله يقبل الحسين بن علي وهو يقول : من أحب الحسن
* ( هامش ) * ( 1 ) كانه مصحف عن الرافعى وهو ابراهيم على بن أبى رافع كما مر في ص 263
ذيل الرقم 10 ويأتى في ص 276 تحت الرقم 46 أو غير ابراهيم من أحفاد أبى رافع فراجع . ( * )
[270]
والحسين وذريتهما مخلصا لم تلفح النار وجهه ، ولو كانت ذنوبه بعدد رمل عالج
إلا أن يكون ذنبا يخرجه من الايمان .
30 - مل : محمد بن جعفر الرزاز ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن محبوب
عمن ذكره ، عن علي بن عابس ، عن الجحاف ، عن عمرو بن مرة ، عن عبدالله
ابن سلمة ، عن عبيدة السلماني ، عن عبدالله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله
يقول : من كان يحبني فليحب ابني هذين فان الله أمرني بحبهما .
31 - مل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة
عن محمد بن سليمان البزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه واله : من أراد أن يتمسك بعروة الله الوثقى التي قال الله عزوجل
في كتابه ، فليتوال علي بن أبي طالب والحسن والحسين ، فان الله تبارك وتعالى
يحبهما من فوق عرشه .
32 - مل : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه وابن أبي نجران
عن رجل ، عن عباس بن الوليد ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول
الله صلى الله عليه واله : من أبغض الحسن والحسين جاء يوم القيامة وليس على وجهه لحم ولم تنله
شفاعتي .
33 - مل : محمد بن جعفر الرزاز ، عن أبي الخطاب ، عن محمد بن
إسماعيل ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول
قال رسول الله صلى الله عليه واله : قرة عيني النساء وريحانتي الحسن والحسين .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 270 سطر 19 الى ص 278 سطر 18

34 - مل : الحسن بن عبدالله بن محمد ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عمن ذكره
عن علي بن عباس ، عن المنهال بن عمرو ، عن الاصبغ ، عن زاذان قال : سمعت
علي بن أبي طالب عليه السلام في الرحبة يقول : الحسن والحسين ريحانتا رسول الله صلى الله عليه واله .
35 - مل : الحسين بن علي الزعفراني ، عن يحيى بن سليمان ، عن عبدالله
ابن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يعلى بن مرة قال : قال رسول
[271]
الله صلى الله عليه واله : حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من
الاسباط .
عم ، شا : سعيد مثله .
36 - مل : محمد الحميري ، عن الحسن بن علي بن زكريا ، عن عبدالاعلى
ابن حماد ، عن وهب ، عن عبدالله بن عثمان ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يعلى
العامري أنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه واله إلى طعام دعي إليه ، فاذا هو بحسين
يلعب مع الصبيا ن ، فاستقبل النبي صلى الله عليه واله أمام القوم ثم بسط يديه فطفر الصبي
ههنا مرة وههنا مرة وجعل رسول الله يضاحكه حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت
ذقنه ، والاخرى تحت قفاه ، ووضع فاه على فيه وقبله . ثم قال : حسين مني
وأنا منه أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من الاسباط .
37 - مل : محمد الحميري ، عن سعيد ، عن نصربن علي ، عن علي بن جعفر
عن أخيه موسى قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه واله بيد الحسن والحسين فقال : من
أحب هذين الغلامين وأباهما وامهما فهو معي في درجتي يوم القيامة .
38 - أقول : روى بعض مؤلفي أصحابنا ، عن هشام بن عروة ، عن ام سلمة أنها
قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه واله يلبس ولده الحسين عليه السلام حلة ليست من ثياب الدنيا
فقلت له : يارسول الله ما هذه الحلة ؟ فقال : هذه هدية أهداها إلي ربي للحسين عليه السلام
وإن لحمتها من زغب جناح جبرئيل ، وها أنا البسه إياها وازينه بها ، فان
اليوم يوم الزينة وإني احبه .
39 - يج : محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن الحسين بن الحسن ، عن يحيى
ابن عبدالحميد ، عن شريك بن حماد ، عن أبي ثوبان الاسدي وكان من أصحاب
أبي جعفر ، عن الصلت بن المنذر ، عن المقداد بن الاسود الكندي أن النبي صلى الله عليه واله
خرج في طلب الحسن والحسين وقد خرجا من البيت وأنا معه ، فرأيت أفعى على
الارض فلما أحست بوطئ النبي صلى الله عليه واله قامت ونظرت وكانت أعلى من النخلة ، و
أضخم من البكر ، يخرج من فيها النار فهالني ذلك .
[272]
فلما رات رسول الله صلى الله عليه واله صارت كأنها خيط فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه واله
فقال : ألا تدري ما تقول هذه يا أخا كندة ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : قالت :
الحمد لله الذي لم يمتني حتى جعلني حارسا لابني رسول الله ، وجرت في الرمل رمل
الشعاب فنظرت إلى شجرة لا أعرفها بذلك الموضع لاني مارأيت فيه شجرة قط
قبل يومي ذلك ، ولقد أتيت بعد ذلك اليوم أطلب الشجرة فلم أجدها ، وكانت الشجرة
أظلتهما بورق ، وجلس النبي بينهما فبدأ بالحسين فوضع رأسه على فخذه الايمن ثم وضع
رأس الحسن على فخذه الايسر ثم جعل يرخي لسانه في فم الحسين ، فانتبه الحسين
فقال : يا أبه ، ثم عاد في نومه ، فانتبه الحسن ، وقال : يا أبه ، وعاد في نومه .
فقلت : كأن الحسين أكبر فقال النبي صلى الله عليه واله : إن للحسين في بواطن المؤمنين
معرفة مكتومة ، سل امة عنه ، فلما انتبها حملهما على منكبه ، ثم أتيت فاطمة
فوقفت بالباب فأتت حمامة وقالت : يا أخا كندة ! قلت : من أعلمك أني بالباب
فقالت : أخبرتني سيدتي أن بالباب رجلا من كندة من أطيبها أخبارا يسألني عن
موضع قرة عيني . فكبر ذلك عندي .
فوليتها ظهري كما كنت أفعل حين أدخل على رسول الله صلى الله عليه واله في منزل
ام سلمة فقلت لفاطمة : ما منزلة الحسين ؟ قالت : إنه لما ولدت الحسن أمرني أبي
أن لا ألبس ثوبا أجد فيه اللذة حتى أفطمه فأتاني أبي زائر فنظر إلى الحسن وهو
يمص الثدي فقال فطمته ؟ قلت : نعم ، قال : إذا أحب على الاشتمال ، فلا تمنعيه
فإني أرى في مقدم وجهك ضوءا ونورا وذلك أنك ستلدين حجة لهذا الخلق فلما
تم شهر من حملي وجدت في سخنة فقلت لابي ذلك فدعا بكوز من ماء ، فتكلم
عليه وتفل عليه ، وقال : اشربي ، فشربت فطرد الله عني ما كنت أجد ، وصرت في
الاربعين من الايام فوجدت دبيبا في ظهري كدبيب النمل في بين الجلدة والثوب
فلم أزل على ذلك حتى تم الشهر الثاني ، فوجدت الاضطراب والحركة فوالله لقد
تحرك وأنا بعيد عن المطعم والمشرب ، فعصمني الله كأني شربت لبنا حتى تمت
الثلاثة أشهر وأنا أجد الزيادة والخير في منزلي .
[273]
فلما صرت في الاربعة آنس الله به وحشتي ، ولزمت المسجد لا أبرح
منه إلا لحاجة تظهر لي ، فكنت في الزيادة والخفة في الظاهر والباطن حتى تمت
الخمسة فلما صارت الستة كنت لا أحتاج في الليلة الظلماء إلى مصباح وجعلت
أسمع إذا خلوت بنفسي في مصلاي التسبيح والتقديس في باطني .
فلما مضى فوق ذلك تسع ازددت قوة فذكرت ذلك لام سلمة فشد الله بها
أزري فلما زادت العشر غلبتني عيني وأتاني آت فمسح جناحه على ظهري ، فقمت
و أسبغت الوضوء ، وصليت ركعتين ، ثم غلبتني عيني فأتاني آت في منامي ، وعليه
ثياب بيض ، فجلس عند رأسي ، ونفخ في وجهي وفي قفاي ، فقمت وأنا خائفة
فأسبغت الوضوء وأديت أربعا ثم غلبتني عيني فأتاني آت في منامي فأقعدني ورقاني
وعودني .
فأصبحت وكان يوم ام سلمة فدخلت في ثوب حمامة ثم أ تيت ام سلمة فنظر
النبي صلى الله عليه واله إلى وجهي فرأيت أثر السرور في وجهه فذهب عني ما كنت أجد وحكيت
ذلك للنبي صلى الله عليه واله فقال : ابشري أما الاول فخليلي عزرائيل الموكل بأرحام النساء
وأما الثاني فخليلي ميكائيل الموكل بأرحام أهل بيتي ، فنفخ فيك ؟ قلت : نعم
فبكى ثم ضمني إليه وقال : وأما الثالث فذاك جبيبي جبرئيل يخدمه الله ولدك ، فرجعت
فنزل تمام السنة .
بيان : قال الجوهري : وإني لاجد في نفسي سخنة بالتحريك وهي فضل
حرارة تجدها مع وجع ، قولها عليها السلام " وأنا بعيد عن المطعم والمشرب " أي لا أجدهما
أولا أشتهيهما ، ولا يخفى تنافي الاخبار الواردة في مدة الحمل وأخبار الستة أكثر
وأقوى .
40 - يج : عن الحسين بن الحسن ، عن أبي سمينة محمد بن علي ، عن جعفر
ابن محمد ، عن الحسن بن راشد ، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم الجعفري ، عن أبي
إبراهيم عليه السلام قال : خرج الحسن والحسين حتى أتيا نخل العجوة للخلاء فهو يا
إلى مكان وولى كل واحد منهما بظهره إلى صاحبه ، فرمى الله بينهما بجدار يستر
[274]
أحدهما عن صاحبه ، فلما قضيا حاجتهما ذهب الجدار وارتفع عن موضعه ، وصار
في الموضع عين ماء وجنتان ( 1 ) فتوضئا وقضيا ما أرادا .
ثم انطلقا حتى صارا في بعض الطريق عرض لهما رجل فظ غليظ فقال لهما :
ما خفتما عدوكما ؟ من أين جئتما ؟ فقالا إنهما جاءا ( 2 ) من الخلاء فهم بهما
فسمعوا صوتا يقول : يا شيطان أتريد أن تناوي ابني محمد ، وقد علمت بالامس ما فعلت
وناويت امهما ، وأحدثت في دين الله ، وسلكت ( 3 ) عن الطريق ، وأغلظ له
الحسين أيضا فهوى بيده ليضرب به وجه الحسين ، فأيبسها الله من منكبه ، فأهوى
باليسرى ففعل الله به مثل ذلك فقال : أسألكما بحق أبيكما وجدكما لما دعوتما
الله أن يطلقني ، فقال الحسين : اللهم أطلقه واجعل له في هذا عبرة ، واجعل ذلك
عليه حجة ، فأطلق الله يده .
فانطلق قد امهما حتى أتيا عليا وأقبل عليه بالخصومة فقال : أين دسستهما
وكان - هذا بعد يوم السقيفة بقليل - فقال علي عليه السلام : ما خرجا إلا للخلاء ، وجذب
رجل منهم عليا حتى شق رداءه فقال الحسين للرجل : لا أخرجك الله من الدنيا
حتى تبتلي بالدياثة في أهلك وولدك ، وقد كان الرجل قاد ابنته إلى رجل من
العراق .
فلما خرجا إلى منزلهما قال الحسين للحسن : سمعت جدي يقول : إنما
مثلكما مثل يونس إذا أخرجه الله من بطن الحوت ، وألقاه بظهر الارض ، وأنبت
عليه شجرة من يقطين ، وأخرج له عينا من تحتها ، فكان يأكل من اليقطين ، و
يشرب من ماء العين ، وسمعت جدي يقول : أما العين فلكم ، وأما اليقطين فأنتم
عنه أغنياء ، وقد قال الله في يونس " أرسلناه إلى مائة ألف أويزيدون فآمنوا افمتعناهم
* ( هامش ) * ( 1 ) اجانتان ( خ ل ) والاجانة - بالكسر أناء تغسل فيه الثياب
( 2 ) انناجئنا خ ل .
( 3 ) أى نبكت عن الصراط المستقيم وعدلت عنه . ( * )
[275]
إلى حين " ( 1 ) ولسنا نحتاج إلى اليقطين ، ولكن علم الله حاجتناإلى العين
فخرجهالنا ، وسنرسل إلى أكثر من ذلك فيكفرون ويتمعون إلى حين فقال
الحسن : قد سمعت هذا .
بيان : ناواه : عاداه ، والدس : الاخفاء ، والدسيس : من تدسه ليأتيك بالاخبار
أي أين أرسلتهما خفية ليأتياك بالخبر .
41 - شا : كان الحسن بن علي عليهما السلام يشبه بالنبي صلى الله عليه واله من صدره إلى
رأسه والحسين يشبه من صدره إلى رجليه ، وكانا عليهما السلام حبيبي رسول الله صلى الله عليه واله من
بين جميع أهله وولده .
42 - شا : روى زاذان عن سلمان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول في
الحسن والحسين عليهما السلام : اللهم إني احبهما فأحبهما وأحبب من أحبهما وقال صلى الله عليه واله :
من أحب الحسن والحسين أحببته ومن أحببته أحبه الله ، ومن أحبه الله أدخله
الجنة ، ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله النار .
وقال صلى الله عليه واله : إن ابني هذين ريحانتي من الدنيا .
بيان : ريحانتي على المفرد ، أو على التثنية على قول من جوز نصب خبر
الحروف المشبهة بالفعل ، وقدرووا عن النبي صلى الله عليه واله " أن قعر جهنم لسبعين خريفا "
وقد ورد في الشعر : إن حراسنا أسدا .
43 - شا : روى زر بن حبيش ، عن ابن مسعود ، قال : كان النبي صلى الله عليه واله
يصلي فجاء الحسن والحسين فارتدفاه ، فلما رفع رأسه أخذهما أخذا رفيقا
فلما عاد ، فلما انصرف أجلس هذا على فخذه الايمن ، وهذا على فخذه الايسر
ثم قال : من أحبني فليحب هذين ، وكانا عليهما السلام حجة الله لنبيه صلى الله عليه واله في المباهلة
وحجة الله من بعد أبيهما أمير المؤمنين عليه السلام على الامة في الدين والمنة لله .
44 - شا : ابن لهيعة ، عن أبي عوانة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه واله قال : قال رسول
الله صلى الله عليه واله : إن الحسن والحسين شنفا العرش وإن الجنة قالت : يارب أسكنتني
* ( هامش ) * ( 1 ) الصافات : 147 . ( * )
[276]
الضعفاء والمساكين ، فقال لها الله تعالى : ترضين أني زينت أركانك بالحسن والحسين
قال : فماست يكما تميس العروس فرحا .
بيان : يقال : ماس يميس ميسا إذا تبخترفي مشيته وتثنى قاله الجزري .
45 - عم ، شا : روى عبدالله بن ميمون القداح ، عن جعفر بن محمدالصادق
عليهما السلام قال : اصطرح الحسن والحسين عليهما السلام بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله فقال
رسول الله صلى الله عليه واله : إيها حسن خذ حسينا فقالت فاطمة عليها السلام : يارسول الله تستنهض
الكبير على الصغير ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله : هذا جبرئيل عليه السلام يقول للحسين : إيها
ياحسين خذ الحسن .
46 - قب ، شا : روى إبراهيم الرافعي ، عن أبيه ، عن جده قال : رأيت
الحسن والحسين عليهما السلام يمشيان إلى الحج فلم يمرا برجل راكب إلا نزل يمشي
فثقل ذلك على بعضهم ، فقالوا لسعد بن أبي وقاص : قد ثقل علينا المشي ، ولا
نستحسن أن نركب وهذان السيدان يمشيان ، فقال سعد للحسن : يا أبا محمد إن
المشي قد ثقل على جماعة ممن معك ، والناس إذا رأو كما تمشيان لم تطب أنفسهم
أن يركبوا فلور كبتما ، فقال الحسن عليه السلام : لانركب قد جعلنا على أنفسنا المشي
إلى بيت الله الحرام على أقدامنا ، ولكنا نتنكب عن الطريق ، فأخذ اجانبا من الناس .
47 - جا . الجعابى ، عن أحمد بن محمد بن زياد ، عن الحسن بن علي بن
عفان ، عن بريد بن هارون ، عن حميد ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال :
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه واله آخذا بيد الحسن والحسين عليهما السلام فقال : إن ابني
هذين ربيتهما صغيرين ، ودعوت لهما كبيرين ، وسألت الله لهما ثلاثا فأعطاني
اثنتين ومنعني واحدة : سألت الله لهما أن يجعلهما طاهرين مطهرين زكيين فأجابني
إلى ذلك ، وسألت الله أن يقيهما وذريتهما وشيعتهما النار فأعطاني ذلك ، وسألت الله
أن يجمع الامة على محبتهما فقال : يامحمد إني قضيت قضاء وقدرت قدرا وإن
طائفة من امتك ستفي لك بذمتك في اليهود والنصارى والمجوس وسيخفرون ذمتك
في ولدك ، وإني أو جبت على نفسي لمن فعل ذلك ألا احله محل كرامتي ، ولا اسكنه
[277]
جنتي ، ولا أنظر إليه بعين رحمتي يوم القيامة .
48 - قب : قال الله تعالى " والذين آمنوا واتبعهم ذرياتهم بايمان " ( 1 )
ولا اتباع أحسن من اتباع الحسن والحسين ، وقال تعالى " ألحقنابهم ذرياتهم "
فقد ألحق الله بهما ذريتهما برسول الله صلى الله عليه واله ، وشهد بذلك كتابه ، فوجب لهم الطاعة
لحق الامامة ، مثل ما وجب للنبي صلى الله عليه واله لحق النبوة .
وقال تعالى حكاية عن حملة العرش " الذين يحملون العرش ومن حوله
يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما
فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم * ربنا وأدخلهم جنات عدن
التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم *
وقهم السيئات " ( 2 ) وقال أيضا " والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا
قرة أعين " ( 3 ) ولايسبق النبي صلى الله عليه واله في فضيلة وليس أحق بهذا الدعاء بهذه الصيغة
منه وذريته ، فقد وجب لهم الامامة .
ويستدل على إمامتهما بما رواه الطريقان المختلفان ، والطائفتان المتباينتان
من نص النبي صلى الله عليه واله على إمامة الاثني عشر ، وإذا ثبت ذلك فكل من قال بامامة الاثني
عشر قطع على إمامتها ويدل أيضا ما ثبت بلا خلاف أنهما دعوا الناس إلى بيعتهما
والقول بامامتهما ، فلا يخلو من أن يكونا محقين أو مبطلين ، فان كانا محقين فقد ثبت
إمامتهما ، وإن كانا مبطلين وجب القول بتفسيقهما ، وتضليلهما ، وهذا لا يقوله مسلم .
ويستدل أيضا بأن طريق الامامة لا يخلو إما أن يكون هو النص ، أو الوصف
والاختيار ، وكل ذلك قد حصل في حقهما فوجب القول بامامتهما .
ويستدل أيضا بما قد ثبت بأنهما خرجا وادعيا ولم يكن في زمانهما غير معاوية
ويزيد ، وهما قد ثبت فسقهما ، بل كفرهما ، فيجب أن تكون الامامة للحسن
والحسين .
* ( هامش ) * ( 1 ) الطور : 21 . ( 2 ) الغافر : 7 - 9 .
( 3 ) الفرقان : 74 . ( * )
[278]
ويستدل أيضا باجماع أهل البيت عليهم السلام لانهم أجمعوا على إمامتهما
وإجماعهم حجة .
ويستدل بالخبر المشهور أنه قال عليه السلام : ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا ،
أو جب لهما الامامة بموجب القول سواء نهضا بالجهاد أو قعداعنه ، دعيا إلى أنفسهما
أو تركا ذلك .
وطريقة العصمة والنصوص ، وكونهما أفضل الخلق يدل على إمامتهما
وكانت الخلافة في أولاد الانبياء عليهم السلام وما بقي لنبينا ولد سواهما ، ومن برهانهما
بيعة رسول الله صلى الله عليه واله لهما ، ولم يبايع صغيرا غيرهما ، ونزل القرآن بايجاب ثواب
الجنة من عملهما مع ظاهر الطفولية منهما قوله تعالى " ويطعمون الطعام " ( 1 ) الايات
فعمهما بهذا القول مع أبويهما .
وإدخالهما ، في المباهلة ، قال ابن علان المعتزلي : هذا يدل على أنهما
كانا مكلفين في تلك الحال لان المباهلة لا تجوز إلا مع البالغين .
وقال أصحابنا : إن صغر السن عن حد البلوغ لاينافي كمال العقل ، وبلوغ
الحلم حد لتعلق الاحكام الشرعية ، فكان ذلك لخرق العادة ، فثبت بذلك أنهما
كانا حجة الله لنبيه في المباهلة مع طفوليتهما ، ولو لم يكونا إمامين لم يحتج الله
بهما مع صغر سنهما على أعدائه ولم يتبين في الاية ذكر قبول دعائهما ، ولو أن
رسول الله صلى الله عليه واله وجد من يقوم مقامهم غيرهم ، لباهل بهم أو جمعهم معهم ، فاقتصاره
عليهم ، يبين فضلهم ونقص غيرهم .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 278 سطر 19 الى ص 286 سطر 18

وقد قدمهم في الذكر على الانفس ليبين عن لطف مكانهم ، وقرب منزلتهم
وليؤذن بأنهم مقدمون على الانفس معدون بها ، وفيه دليل لا شئ أقوى منه أنهم
أفضل خلق الله .
واعلم أن الله تعالى قال في التوحيد والعدل " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء
* ( هامش ) * ( 1 ) الدهر : 7 . ( * )
[279]
بيننا وبينكم " ( 1 ) وفي النبوة والامامة " قل تعالو ندع أبناءنا وأبناءكم " ( 2 )
وفي الشرعيات " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم " ( 3 ) وقد أجمع المفسرون
بأن المراد بأبنائنا الحسن والحسين قال أبوبكر الرازي : هذا يدل على أنهما ابنا
رسول الله صلى الله عليه واله وأن ولد الابنة ابن على الحقيقة .
أبوصالح عن ابن عباس في قوله تعالى " قل الحمد الله وسلام على عباده الذين
اصطفى " ( 4 ) قال : هم أهل بيت رسول الله صلى الله عليه واله : علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن
والحسين وأولادهم إلى يوم القيامة ، هم صفوة الله وخيرته من خلقه .
أبونعيم الفضل بن دكين ، عن سفيان ، عن الاعمش ، عن مسلم بن البطين
عن سعيد بن جبير في قوله تعالى " والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا " ( 5 )
الاية قال : نزلت هذه الاية والله خاصة في أميرالمؤمنين عليه السلام قال : كان أكثر دعائه
يقول " ربنا هب لنا من أزواجنا " يعني فاطمة " وذرياتنا " الحسن والحسين " قرة
أعين " قال أميرالمؤمنين عليه السلام : والله ما سألت ربي ولدا نضير الوجه ولا سألته
ولدا حسن القامة ، ولكن سألت ربي ولدا مطيعين لله ، خائفين وجلين منه ، حتى
إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرت به عيني .
قال : " واجعلنا للمتقين إماما " قال : نقتدي بمن قبلنا من المتقين فيقتدي
المتقون بنا من بعدنا ، وقال الله " اولئك يجزون الغرفة بما صبروا " يعني علي
ابن أبي طالب والحسن والحسين وفاطمة ، " ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها
حسنت مستقرا ومقاما " وقد روي أن " والتين والزيتون " نزلت فيهم .
الصادق عليه السلام في قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله
يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به " ( 6 ) قال : الكفلين الحسن
والحسين ، والنور علي وفي رواية سماعة عنه عليه السلام " نورا تمشون به " قال : إماما
* ( هامش ) * ( 1 ) آل عمران : 64 . ( 2 ) آل عمران : 61 .
( 3 ) الانعام : 151 . ( 4 ) النمل : 59 .
( 5 ) الفرقان : 74 - 76 . ( 6 ) الحديد : 28 . ( * )
[280]
تأتمون به في محبة النبي صلى الله عليه واله لهما .
أحمد بن حنبل وأبويعلى الموصلي في مسنديهما وابن ماجة في السنن وابن
بطة في الابانة وأبوسعيد في شرف النبي صلى الله عليه واله والسمعاني في فضائل الصحابة
بأسانيدهم عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه واله : من أحب الحسن
والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني .
جامع الترمذي بإسناده عن أنس بن مالك قال : سئل رسول الله صلى الله عليه واله أي
أهل بيتك أحب إليك ؟ قال : الحسن والحسين ، وقال صلى الله عليه واله : من أحب الحسن
والحسين أحببته ، ومن أحببته أحبه الله ، ومن أحبه الله أدخله الجنة ، ومن
أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله خلده النار .
جامع الترمذي وفضائل أحمد وشرف المصطفى وفضائل السمعاني وأمالي
ابن شريح وإبانة ابن بطة أن النبي صلى الله عليه واله أخذ بيد الحسن والحسين فقال : من
أحبني وأحب هذين وأباهما وامهما كان معي في درجتي في الجنة يوم القيامة .
وقد نظمه أبوالحسين في نظم الاخبار فقال :
أخذ النبي يد الحسين وصنوه * يوما وقال وصحبه في مجمع
من ودني ياقوم أو هذين أو * أبويهما فالخلد مسكنه معي
جامع الترمذي وإبانة العكبري وكتاب السمعاني بالاسناد عن اسامة بن
زيد قال : طرقت على النبي صلى الله عليه واله ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج إلي وهو
مشتمل على شئ ما أدري ما هو ؟ فلما فرغت من حاجتي فقلت : ما هذا الذي
أنت مشتمل عليه ، فكشفه فاذا هو الحسن والحسين ، على وركيه فقال : هذان
ابناي وابنا ابنتي اللهم إني احبهما واحب من يحبهما .
فضائل أحمد وتاريخ بغداد بالاسناد عن عمر بن عبدالعزيز قال : زعمت المرأة
الصالحة خولة بنت حكيم أن رسول الله صلى الله عليه واله خرج وهو محتضن أحد ابني ابنته
حسنا أو حسينا وهو يقول : إنكم لتجنبون وتجهلون وتبخلون ، وإنكم لمن
ريحان الله .
[281]
علي بن صالح بن أبي النجود ، عن زربن حبيش ، عن ابن مسعود قال
النبي صلى الله عليه واله والحسن والحسين جالسان على فخذيه : من أحبني فليحب هذين .
أبوصالح وأبوحازم عن ابن مسعود ، وأبوهريرة قالا : خرج علينا رسول
الله صلى الله عليه واله ومعه الحسن والحسين ، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه ، وهويلثم هذا
مرة وهذا مرة حتى انتهى إلينا ، فقال له رجل : يارسول الله إنك لتحبهما ؟ فقال :
من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني .
الترمذي في الجامع والسمعاني في الفضائل عن يعلى بن مرة الثقفي
والبراء بن عازب واسامة بن زيد وأبي هريرة وام سلمة في أحاديثهم أن النبي صلى الله عليه واله
قال للحسن والحسين : اللهم إني احبهما ، وفي رواية واحب من أحبهما .
أبوالحويرث أن النبي صلى الله عليه واله قال : اللهم أحب حسنا وحسينا وأحب
من يحبهما .
معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن حب علي
قذف في قلوب المؤمنين فلا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق وإن حب الحسن
والحسين قذف في قلوب المؤمنين والمنافقين والكافرين ، فلا ترى لهم ذاما .
ودعا النبي صلى الله عليه واله الحسن والحسين قرب موته ، فقر بهما وشمهما وجعل
يرشفهما وعيناه تهملان .
بيان : رشفه يرشفه كنصره وضربه وسمعه رشفا : مصه .
49 - قب : شرف النبي صلى الله عليه واله عن الخركوشي ، والفردوس عن الديملي
عن ابن عمر ، والجامع عن الترمذي ، عن أبي هريرة ، والصحيح عن البخاري
ومسند الرضا عن آبائه ، عن النبي صلى الله عليه واله واللفظ له : قال : الولد ريحانة ، والحسن
والحسين ريحانتاي من الدنيا ، قال الترمذي : وهذا حديث صحيح ، وقد رواه شعبة
ومهدي بن ميمون عن محمد بن يعقوب ويروى عنه صلى الله عليه واله أنه قال لهما : إنكما من ريحان
الله ، وفي رواية عتبة بن غزوان أنه وضعهما في حجرة وجعل يقبل هذا مرة وهذا مرة
فقال قوم : أتحبهما يارسول الله ؟ فقال : مالي لا احب ريحانتي من الدنيا وروى
[282]
نحوا من ذلك راشد بن علي وأبوأيوب الانصاري والاشعث بن قيس بن الحسين عليه السلام .
قال الشريف الرضي شبه بالريحان لان الولد يشم ويضم كما يشم الريحان
وأصل الريحان مأخوذ من الشئ الذي يتروح إليه ويتنفس من الكرب به .
ومن شفقته مارواه صاحب الحلية بالاسناد عن منصور بن المعتمر ، عن إبراهيم
عن علقمة ، عن عبدالله ، وعن ابن عمر قال : كل واحد منا كنا جلوسا عند رسول الله
إذ مر به الحسن والحسين وهما صبيان فقال : هات ابني أعوذهما بما عوذبه إبراهيم
ابنيه إسماعيل وإسحاق فقال : اعيذ كما بكلمات الهل التامة ، من كل عين لامة ، ومن
كل شيطان وهامة .
ابن ماجه في السنن ، وأبونعيم في الحلية ، والسمعاني في الفضائل بالاسناد
عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه واله كان يعوذ حسنا وحسينا فيقول :
اعيذ كما بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة . وكان إبراهيم
يعوذ بها إسماعيل وإسحاق وجاء في أكثر التفاسير أن النبي صلى الله عليه واله كان يعوذهما
بالمعوذتين ولهذا سمي المعوذتين ، وزاد أبوسعيد الخدري في الرواية ثم يقول صلى الله عليه واله :
هكذا كان إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق كان يتفل عليهما ومن كثرة عوذ
النبي صلى الله عليه واله قال ابن مسعود وغيره : إنهما عوذتان للحسنين وليستا من القرآن
الكريم .
ابن بطة في الابانة ، وأبونعيم بن دكين بإسنادهما عن أبي رافع قال : رأيت
رسول الله صلى الله عليه واله أذن في اذن الحسن لما ولد ، وأذن كذلك في ااذن الحسين عليهما السلام
لما ولد .
ابن غسان بإسناده أن النبي صلى الله عليه واله عق الحسن والحسين شاة شاة وقال :
كلوا وأطعموا وابعثوا إلى القابلة برجل يعني الربع المؤخر من الشاة ، رواه ابن بطة
في الابانة .
أحمد بن حنبل في المسند ، عن أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه واله يقبل الحسن
والحسين فقال عيينة - وفي رواية غيره الاقرع بن حابس - : إن لي عشرة ما قبلت
[283]
واحدا منهم قط فقال عليه السلام : من لا يرحم ، وفي رواية حفص الفراء فغضب
رسول الله صلى الله عليه واله حتى التمع لونه وقال للرجل : إن كان قد نزع الرحمة من قلبك
فما أصنع بك من لم يرحم صغيرنا ولم يعزز كبيرنا فليس منا .
أبويعلى الموصلي في المسند عن أبي بكر بن أبي شيبة بإسناده عن ابن مسعود
والسمعاني في فضائل الصحابة عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أنه كان النبي صلى الله عليه واله
يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار
إليهم أن دعوهما ، فلما قضى الصلاة وضعهما في حجرة وقال : من أحبني فليحب
هذين ، وفي رواية الحلية : ذروهما بأبي وامي ، من أحبني فليحب هذين .
تفسير الثعلبي قال الربيع بن خثيم لبعض من شهد قتل الحسين عليه السلام :
جئتم بها معلقيها - يعني الرؤوس - ثم قال : والله لقد قتلتم صفوة لوأدكهم رسول
الله صلى الله عليه واله لقبل أفواههم وأجلسهم في حجرة ثم قرأ " اللهم فاطر السموات والارض
[ عالم الغيب والشهادة ] أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون " ( 1 ) .
ومن إيثارهما على نفسه صلى الله عليه واله ماروي عن علي عليه السلام أنه قال : عطش المسلمون
عطشا شديدا فجاءت فاطمة بالحسن والحسين إلى النبي صلى الله عليه واله فقالت : يارسول
الله إنهما صغيران لا يحتملان العطش ، فدعا الحسن فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى
ثم دعا الحسين فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى .
أبوصالح المؤذن في الاربعين وابن بطة في الابانة ، عن علي وعن الخدري
وروى أحمد بن حنبل في مسند العشرة وفضائل الصحابة عن عبدالرحمان بن الازرق
عن علي عليه السلام وقد روى جماعة ، عن ام سلمة وعن ميمونة واللفظ له عن علي عليه السلام
قال : رأينا رسول الله صلى الله عليه واله قد أدخل رجله في اللحاف أو في الشعار فاستسقى الحسن
فوثب النبي صلى الله عليه واله إلى منيحة لنا فمص من ضرعها فجعله في قدح ثم وضعه في يد
الحسن فجعل الحسين يثب عليه ورسول الله صلى الله عليه واله يمنعه فقالت فاطمة : كأنه أحبهما
إليك يارسول الله قال : ما هو بأحبهما إلي ولكنه استسقى أول مرة وإني و
* ( هامش ) * ( 1 ) الزمر : 47 .
[284]
إياك وهذين وهذا المنجدل يوم القيامة في مكان واحد .
بيان : المنيحة بفتح الميم والحاء وكسر النون منحة اللبن كالناقة أو الشاة
تعطيها غيرك يحتلبها ثم يردها عليك ، وقال الجزري : فيه أنا خاتم النبيين في
ام الكتاب وإن آدم لمنجدل في طينته أي ملقى على الجدالة وهي الارض ومنه حديث
ابن صياد : وهو منجدل في الشمس انتهى ولعله عليه السلام كان متكئا أو نائما .
50 - قب : أبوحازم ، عن أبي هريرة قال : رأيت النبي صلى الله عليه واله يمص لعاب
الحسن والحسين كما يمص الرجل الثمرة .
ومن فرط محبته لهما ما روى يحيى بن كثير وسفيان بن عيينتة باسنادهما
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه واله بكاء الحسن والحسين وهوعلى المنبر ، فقام فزعا
ثم قال : أيها الناس ما الولد إلا فتنة ، لقد قمت إليهما وما معي عقلي ، وفي رواية و
ما أعقل .
الخركوشي في اللوامع وفي شرف النبي أيضا والسمعاني في الفضائل
والترمذي في الجامع والثعلبي في الكشف والواحدي في الوسيط وأحمد بن حنبل
في الفضائل وروى الخلق ، عن عبدالله بن بريدة قال : سمعت أبي يقول : كان رسول
الله صلى الله عليه واله يخطب على المنبر فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان
ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه واله من المنبر فحملها ووضعهما بين يديه ثم قال : " إنما
أموالكم وأولادكم فتنة " ( 1 ) إلى آخر كلامه وقد ذكره أبوطالب الحارثي في قوت
القلوب إلا أنه تفرد بالحسن بن علي عليه السلام وفي خبر : أولادنا أكبادنا يمشون على
الارض .
معجم الطبراني بإسناده عن ابن عباس ، وأربعين المؤذن وتاريخ الخطيب
بأسانيدهم إلى جابر قال النبي صلى الله عليه واله : إن الله عزوجل جعل ذرية كل نبي
من صلبه خاصة وجعل ذريتي من صلبي ومن صلب علي بن أبي طالب إن كل بني
بنت ينسبون إلى أبيهم إلا أولاد فاطمة فاني أنا أبوهم .
* ( هامش ) * ( 1 ) الانفال : 28 . ( * )
[285]
وقيل في قوله : " ما كان محمد أباأحد من رجالكم " ( 1 ) إنما نزل في نفي التبني
لزيد بن حارثه وأراد بقوله " من رجالكم " البالغين في وقتكم والاجماع [ على ]
أنهما لم يكونا بالغين فيه .
الاحياء : عن الغزالي والفردوس : عن الديلمي قال المقدام بن معدي كرب :
قال النبي صلى الله عليه واله : حسن مني وحسين من علي وقال صلى الله عليه واله : هما وديعتي في امتي .
ومن ملاعبته صلى الله عليه واله معهما ما رواه ابن بطة في الابانة من أربعة طرق ، عن
سفيان الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : دخلت على النبي صلى الله عليه واله والحسن
والحسين عليهما السلام على ظهره وهو يجثو لهما ويقول : نعم الجمل جملكما ، ونعم
العدلان أنتما .
ابن نجيح كان الحسن والحسين يركبان ظهرالنبي صلى الله عليه واله ويقولان : حل
حل ( 2 ) ويقول : نعم الجمل جملكما .
السمعاني في الفضائل ، عن أسلم مولى عمر ، عن عمر بن الخطاب قال :
رأيت الحسن والحسين على عاتقي رسول الله صلى الله عليه واله فقلت : نعم الفرس لكما فقال
رسول الله صلى الله عليه واله : ونعم الفارسان هما .
ابن حماد ( 3 ) ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه واله برك للحسن والحسين فحملهما وخالف
بين أيديهما وأرجلهما وقال : نعم الجمل جملكما .
بيان : لعل المعنى أنهما استقبلا أو استدبرا عند الركوب فحاذى يمين كل
منهما شمال الاخر ، أو أنه جعل أيدي كل منهما أو أرجلهما من جانب كما سيأتي في
رواية أبي يوسف .
51 - قب : الخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه واله ، عن عبدالعزيز بأسناده ، عن
النبي صلى الله عليه واله أنه كان جالسا فأقبل الحسن والحسين فلما رآهما النبي صلى الله عليه واله قام
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحزاب : 40 . ( 2 ) قال الجوهرى : حلحلت بالناقة ، اذا قلت لها حل - بالتسكين - وهو زجر للناقة .
( 3 ) في المصدر ج 2 ص 387 : ابن مهاد ، عن أبيه ، عن النبي . ( * )
[286]
لهما واستبطأ بلوغهما إليه ، فاستقبلهما وحملهما على كتفيه ، وقال : نعم المطي
مطيكما ونعم الراكبان أنتما وأبوكما خير منكما .
تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان ، عن عبيدالله بن موسى ، عن سفيان ، عن
منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود قال : حمل رسول الله صلى الله عليه واله الحسن
والحسين على ظهره : الحسن على أضلاعه اليمنى والحسين على أضلاعه اليسرى
ثم مشى وقال : نعم المطي مطيكما ، ونعم الراكبان أنتما ، أبوكما خير منكما .
وروي أن النبي صلى الله عليه واله ترك لهما ذؤ ابتين في وسط الرأس .
مرزد قال : سمعت [ أبا هريرة ] ( 1 ) يقول سمع اذناي هاتان وبصر عيناي
هاتان رسول الله صلى الله عليه واله وهو آخذ بيديه جميعا بكتفي الحسن والحسين ، وقد ما هما على
قدم رسول الله صلى الله عليه واله ، ويقول : ترق عين بقة قال : فرقا الغلام حتى وضع قدميه على
صدر رسول الله صلى الله عليه واله ثم قال له : افتح فاك ثم قبله ثم قال : اللهم أحبه فاني
احبه .
كتاب ابن البيع وابن مهدي والزمخشري قال : حزقة حزقة ترق عين
بقة اللهم إني احبه فأحبه وأحب من يحبه .
الحزقة : القصير الصغير الخطا ، وعين بقة أصغر الاعين وقال : أراد
بالبقة فاطمة ( 2 ) فقال للحسين : ياقرة عين بقة ترق وكانت فاطمة عليهما السلام ترقص
ابنها حسنا عليه السلام وتقول :
أشبه أباك ياحسن * واخلع عن الحق الرسن


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 286 سطر 19 الى ص 294 سطر 18

واعبد إلها ذا منن * ولا توال ذا الاحن
وقالت للحسين عليه السلام :
أنت شبيه بأبي * لست شبيها بعلي
* ( هامش ) * ( 1 ) راجع المصدر ج 3 ص 388 .
( 2 ) في النسخ المطبوعة : " أراد بالبقعة عين فاطمة " وما في الصلب هو الصحيح المطابق
للمصدر ج 3 ص 388 . ( * )
[287]
وفي مسند الموصلي أنه كان يقول أبوبكر للحسن عليه السلام وأباه [ يسمع ] :
أنت شبيه بنبي * لست شبيها بعلي
وعلي يتبسم . وكانت ام سلمة تربي الحسين وتقول :
بأبي ابن علي * أنت بالخير ملي
كن كأسنان حلي * كن كبكش الحولي
وكانت ام الفضل امرأة العباس تربي الحسين وتقول :
ياابن رسول الله * ياابن كثير الجاه
فرد بلا أشباه * أعاذه إلهي
من امم الدواهي
ايضاح : قال الجزري : فيه أنه عليه الصلاة والسلام كان يرقص الحسن أو
الحسين ويقول : حزقة حزقة ترق عين بقة فترقى الغلام حتى وضع قدميه على صدره
الحزفة : الضيف المقارب الخطومن ضعفه ، وقيل : القصير العظيم البطن فذكر هاله
على سبيل المداعبة والتأنيس له ، وترق بمعنى اصعد ، وعين بقة كناية عن صغر
العين ، وحزقة مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره أنت حزقة ، وحزقة
الثاني كذلك أو أنه خبر مكرر ، ومن لم ينون حزقة فحذف حرف النداء وهي
في الشذوذ كقولهم أطرق كرا ( 1 ) لان حرف النداء إنما يحذف من العلم المضموم أو
المضاف انتهى .
والحزقة بضم الحاء المهملة والزاء المعجمة ، وفتح القاف المشددة ، والظاهر
أن عين بقة كناية عن صغر الجثة لاصغر العين ، ويمكن أن يكون مراده ذلك بأن
يكون مراده بالعين النفس ، أو أن وجه التشبيه بعين البقة صغر عينها ولكن
الزمخشري صرح في الفائق بذلك حيث قال : وعين بقة منادى ذهب إلى صغر
عينيه تشبيها لهما بعين البعوضة ، انتهى .
قولها عليهما السلام : " واخلع عن الحق الرسن " الحق بفتح الحاء فيكون كناية
* ( هامش ) * ( 1 ) الكرا : الذكر من القبج ، و " أطرق كرا " مثل يضرب لمن يخدع بكلام لطيف له
ويراد به الغائلة . ( * )
[288]
عن إظهارالاسرار أوبضمها بأن يكون جمع حقة بالضم أو بالكسر وهوماكان من الابل
ابن ثلاث سنين فيكون كناية عن السخاء والجود ، أو عن التصرف في الامور
والاشتغال ، بالاعمال فان تسريح الابل تدبير لها ، وموجب للاشتغال بغيرها ، و
أسنان الحلي تضاريسه ، والتشبيه في الاستواء والحسن .
52 - قب : في معجزاتهما عليهما السلام أحمد بن حنبل في المسند وابن بطة في
الابانة والنطنزي في الخصائص والخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه واله واللفظ له ، و
روى جماعة عن أبي صالح ، عن أبي هريرة وعن صفوان بن يحيى وعن محمد بن علي بن
الحسين وعن علي بن موسى الرضا وعن أميرالمؤمنين عليهم السلام أن الحسن والحسين
كانا يلعبان عند النبي صلى الله عليه واله حتى مضى عامة الليل ثم قال لهما : انصرفا إلى امكما
فبرقت برقة فما زالت تضئ لهما حتى دخلا على فاطمة والنبي صلى الله عليه واله ينظر إلى
البرقة وقال : الحمد الله الذي أكرمنا أهل البيت وقدرواه السمعاني وأبوالسعادات في
فضائلهما عن أبي جحيفة إلا أنهما تفردا في حق الحسن عليه السلام
وفي حديث عفيف الكندي أنه قال الفارس له : إذا رأيت في داره عليه السلام حمامة
يطير معها فرخاها فاعلم أنه ولد له يعني عليا عليه السلام .
ثم قال بعد كلام : بلغني بعد برهة ظهور النبي صلى الله عليه واله فأسلمت فكنت أرى
الحمامة في دار علي تفرخ من غير وكر ، وإذا رأيت الحسن والحسين عند رسول
الله صلى الله عليه واله ذكرت قول الفارس .
وفي رواية بسطام عنه في حديث طويل : فلما قتل علي ذهبت فما رأيت ، وفي
رواية أبي عقيل رأيت في منزل علي بعد موته طيران يطيران فلما مات الحسن غاب
أحدهما ، فلما قتل الحسين غاب الاخر .
الكشف والبيان ، عن الثعلبي بالاسناد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال :
مرض النبي صلى الله عليه واله فأتاه جبرئيل بطبق فيه رمان وعنب فأكل النبي صلى الله عليه واله منه فسبح
ثم دخل عليه الحسن والحسين فتناولا منه فسبح الرمان والعنب ثم دخل علي فتناول
منه فسبح أيضا ثم دخل رجل من أصحابه فأكل فلم يسبح فقال جبرئيل : إنما
[289]
يأكل هذا نبي أو وصي أو ولد نبي .
أبوعبدالله المفيد النيسابوري في أماليه قال الرضا عليه السلام : عري الحسن و
الحسين صلوات الله عليهما وأدركهما العيد ، فقالا لامهما : قد زينوا صبيان المدينة
إلا نحن ، فمالك لا تريننا ؟ فقالت : إن ثيابكما عند الخياط فاذا أتا [ ني ]
زينتكما ، فلما كانت ليلة العيد أعادا القول على امهما فبكت ورحمتهما ، فقالت لهما
ماقالت في الاولى فردا عليها .
فلما أخذ الظلام قرع الباب قارع ، فقالت فاطمة : من هذا ؟ قال : يابنت
رسول الله أنا الخياط جئت بالثياب ، ففتحت البا ، فاذا رجل ومعه من لباس العيد
قالت فاطمة : والله لم أر رجلا أهيب سيمة منه ، فناولها منديلا مشدودا ثم
انصرف .
فدخلت فاطمة ففتحت المنديل فاذا فيه قميصان ، ودر اعتان ، وسراويلان
ورداءان ، وعمامتان ، وخفان أسودان معقبان بحمرة ، فأيقظتهما وألبستهما ، فدخل
رسول الله صلى الله عليه واله وهما مزينان فحملهما وقبلهما ثم قال : رأيت الخياط ؟ قالت :
نعم ، يارسول الله ، والذي أنفذته من الثياب قال : يا بنية ما هو خياط إنما هو رضوان
خازن الجنة قالت فاطمة : فمن أخبرك يارسول الله ؟ قال : ما عرج حتى جاءني و
أخبرني بذلك .
الحسن البصري وام سلمة أن الحسن والحسين دخلا على رسول الله صلى الله عليه واله
وبين يديه جبرئيل ، فجعلا يدوران حوله يشبهانه بدحية الكلبي فجعل جبرئيل
يومئ بيديه كالمتناول شيئا فاذا في يده تفاحة وسفرجلة ورمانة فناولهما وتهللت
وجوههما ، وسعيا إلى جدهما فأخذ منهما فشمها ثم قال : صيرا إلى امكما بما
معكما وبدوكما بأبيكما أعجب ( 1 ) فصارا كما أمرهما فلم يأكلوا حتى صار
النبي صلى الله عليه واله إليهم فأكلوا جميعا ، فلم يزل كلما اكل منه عاد إلى ما كان حتى قبض
رسول الله صلى الله عليه واله .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر ج 3 ص 391 : وابدءا بأبيكما فصارا . ( * )
[290]
قال الحسين عليه السلام : فلم يلحقه التغيير والنقصان أيام فاطمة بنت رسول الله
صلى الله عليه وآله حتى توفيت فلما توفيت فقد نا الرمان وبقي التفاح والسفرجل أيام
أبي فلما استشهد أميرالمؤمنين فقد السفرجل وبقي التفاح على هيئته للحسن حتى مات
في سمه وبقيت التفاحة إلى الوقت الذي حوصرت عن الماء فكنت أشمها إذا عطشت
فيسكن لهب عطشي فلما اشتد علي العطش عضضتها وأيقنت بالفناء .
قال علي بن الحسين عليهما السلام : سمعته يقول ذلك قبل قتله بساعة ، فلما قضى
نحبه وجد ريحها في مصرعه ، فالتمست فلم يرلها أثر ، فبقي ريحها بعد الحسين عليه السلام
ولقد زرت قبره فوجدت ريحها يفوح من قبره ، فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين
للقبر فليلتمس ذلك في أوقات السحر فانه يجده إذا كان مخلصا .
أمالي أبي الفتح الحفار : ابن عباس وأبورافع كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه واله
إذ هبط عليه جبرئيل ومعه جام من البلور الاحمر مملوءا مسكا وعنبرا فقال له :
السلام عليك ! الله يقرء عليك السلام ، ويحييك بهذه التحية ويأمرك أن تحيي بها
عليا وولديه ، فلما صارت في كف النبي صلى الله عليه واله هللت ثلاثا وكبرت ثلاثا ثم قال
بلسان ذرب : " بسم الله الرحمن الرحيم طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشفى ، فأشمها
النبي صلى الله عليه واله حيى بها عليا فلما صارت في كف علي قالت : بسم الله الرحمن
إنما وليكم الله ورسوله " ( 1 ) الاية فأشمها علي وحيى بها الحسن فلما
صارت في كف الحسن قالت : " بسم الله الرحمن الرحيم عم يتساءلون عن النباء
العظيم " الاية فأشمها الحسن وحيى بها الحسين فلما صارت في كف الحسين قالت :
" بسم الله الرحمن الرحيم قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " ( 2 ) ثم ردت إلى النبي فقالت : " بسم الله الرحمن الرحيم الله نور السموات والارض " ( 3 )
فلم أدر : على السماء صعدت أم في الارض نزلت بقدرة الله تعالى .
بيان : ذرابة اللسان : حدته .
* ( هامش ) * ( 1 ) المائدة : 58 . ( 2 ) الشورى : 23 .
( 3 ) النور : 35 . ( * )
[291]
53 - قب : كتاب المعالم إن ملكا نزل من السماء على صفة الطير ، فقعد على يد
النبي صلى الله عليه واله فسلم عليه بالنبوة وعلى يد علي فسلم عليه بالوصية ، وعلى يد الحسن
والحسين فسلم عليهما بالخلافة ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : لم لم تقعد على يد فلان ؟
فقال : أنا لا أقعد في أرض عصي عليها الله ، فكيف أقعد على يد عصت الله .
أربعين المؤذن وإبانة العكبري ، وخصائص النطنزي قال ابن عمر : كان
للحسن والحسين تعويذان حشوهما من زغب جناح جبرئيل ، وفي رواية فيهما من
جناح جبرئيل ، وعن ام عثمان ام ولد لعلي عليه السلام قالت : كانت لال محمد صلى الله عليهم
وسادة لا يجلس عليها إلا جبرئيل ، فإذا قام عنها طويت فكان إذا قام انتفض من
زغبه ، فتلتقطه فاطمة ، فتجعله في تمائم الحسن والحسين .
أبوهريرة وابن عباس والحارث الهمداني وأبوذر والصادق أنه اصطرح
الحسن والحسين بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله فقال رسول الله : إيه حسن إيه حسن
خذ حسينا فقالت فاطمة : يارسول الله أتستنهض الكبير على الصغير ؟ فقال : هذا جبرئيل
يقول للحسين : إيها حسين خذ حسنا أورده السمعاني في فضائله .
54 - قب : في معالى امورهما عليهما السلام : مقاتل بن مقاتل ، عن
مرازم ، عن موسى بن جعفر عليهما السلام في قوله تعالى " والتين والزيتون "
قال : الحسن : والحسين " وطور سينين " قال علي بن أبي طالب " وهذا البلد الامين "
قال : محمد صلى الله عليه واله " لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم " قال : الاول " ثم " رددناه أسفل
سافلين " ببغضه أميرالمؤمنين " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " علي بن أبيطالب
" فما يكذبك بعد بالدين " يامحمد ولاية علي بن أبي طالب .
واجتمع أهل القبلة على أن النبي صلى الله عليه واله قال : الحسن والحسين إمامان
قاما أو قعدا . واجتمعوا أيضا أنه قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة
حدثني بذلك ابن كادش العكبري ، عن أبي طالب الحربي العشاري ، عن ابن شاهين
المروزي فيما قرب سنده قال : حدثنا محمد بن الحسين بن حميد قال : حدثنا
إبراهيم بن العامري قال : حدثنا نعيم بن سالم بن قنبر قال : سمعت أنس بن مالك
[292]
يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول الخبر . ورواه أحمد بن حنبل في الفضائل
والمسند ، والترمذي في الجامع ، وابن ماجه في السنن ، وابن بطة في الابانة
والخطيب في التاريخ والموصلي في المسند ، والواعظ في شرف المصطفى ، والسمعاني
في الفضائل ، وأبونعيم في الحلية ، من ثلاثة طرق ، وابن حشيش التميمي ( 1 )
عن الاعمش .
وروى الدار قطني بالاسناد عن ابن عمر قال : قال صلى الله عليه واله : ابناى هذان سيدا شباب
أهل الجنة وأبوهما خير منهما ، ورواه الخدري ، وابن مسعود وجابر الانصاري
وأبوجحيفة وأبوهريرة وعمر بن الخطاب وحذيفة وعبدالله بن عمر وام سلمة ومسلم بن
يسار والزبرقان بن أظلم الحميري ، ورواه الاعمش عن إبراهيم ، عن علقمة
عن عبدالله .
وفي حلية الاولياء واعتقاد أهل السنة ومسند الانصار ، عن أحمد بالاسناد
عن حذيفة قال النبي صلى الله عليه واله في خبر : أما رأيت العارض الذي عرض لي قلت : بلى
قال : ذاك ملك لم يهبط إلى الارض قبل الساعة فاستأذن الله تعالى أن يسلم علي
ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء
أهل الجنة .
سئل أبوعبدالله عن قوله " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة "
فقال : هما والله سيدا شباب أهل الجنة من الاولين والاخرين ، والمشهور عن النبي صلى الله عليه واله
أنه قال : أهل الجنة شباب كلهم .
ومن كثرة فضلهما ومحبة النبي صلى الله عليه واله إياهما أنه جعل نوافل المغرب
وهي أربع ركعات كل ركعتين منها عند ولادة كل واحد منهما .
سليمان بن أحمد الطبراني ، والقاضي أبوالحسن الجراحي ، وأبوالفتح
الحفار ، والكياشيرويه ، والقاضي النطنزي بأسانيدهم عن عقبة ، عن عامرالجهني
وأبي دجانة ، وزيدبن علي ، عن النبي صلى الله عليه واله قال : الحسن والحسين شنفا العرش - وفي
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ابن حبيش . راجع ج 3 ص 394 . ( * )
[293]
رواية - وليسا بمعلقين ، وإن الجنة قالت : يارب أسكنتني الضعفاء والمساكين !
فقال الله تعالى : ألا ترضين أنى زينت أركانك بالحسن والحسين ، فما ست كما تميس
العروس فرحا .
وفي خبرعنه صلى الله عليه واله إذا كان يوم القيامة زين عرش الرحمن بكل زينة ثم
يؤتى بمنبرين من نور طولهما مائة ميل فيوضع أحدهما عن يمين العرش والاخر عن
يسارالعرش ، ثم يؤتي بالحسن والحسين ويزين الرب تبارك وتعالى بهما عرشه كما
تزين المرأة قرطاها .
وفي رواية أبي لهيعة البصري قال : سألت الجنة ربها أن يزين ركنا من
أركانها فأوحى الله تعالى إليها أني قد زينتك بالحسن والحسين فزادت الجنة سرورا بذلك .
كتاب السؤدد بالاسناد عن سفيان بن سليم والابانة : عن العكبري بالاسناد عن
زينب بنت أبي رافع أن فاطمة عليها السلام أتت بابنيها الحسن والحسين إلى رسول الله صلى الله عليه واله
وقالت : انحل ابني هذين يارسول الله - وفي رواية : هذان ابناك فورثهما شيئا -
فقال : أما الحسن فله هيبتي وسؤددي وأما الحسين فان له جرأتي وجودي .
وفي كتاب آخر أن فاطمة قالت : رضيت يارسول الله ، فلذلك كان الحسن
حليما مهيبا والحسين نجدا جوادا .
الاشارد والروضة والاعلام وشرف النبي صلى الله عليه واله ( 1 ) وجامع الترمذي وإبانة
العكبري من ثمانية طرق رواه أنس وأبوجحيفة أن الحسين كان يشبه النبي صلى الله عليه واله من صدره
إلى رأسه ، والحسن يشبه به من صدره إلى رجليه .
المحاضرات عن الراغب روى أبوهريرة وبريدة : رأيت النبي صلى الله عليه واله يخطب
على المنبر ينظر إلى الناس مرة وإلى الحسن مرة وقال : إن ابني هذا سيصلح الله به
بين فئتين من المسلمين ورواه البخاري والخطيب والخركوشي والسمعاني .
وروى البخاري والموصلي وأبوالسعادات والسمعاني : قال إسماعيل بن خالد
لابي جحيفة : رأيت رسول الله صلى الله عليه واله ؟ قال : نعم ، وكان الحسن يشبهه .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر ، وشرف المصطفى . راجع ج 3 ص 396 . ( * )
[294]
أبوهريرة قال : دخل الحسين بن علي عليه السلام وهو معتم فظننت أن
النبي صلى الله عليه واله قد بعث .
الغزالي والمكي في الاحياء وقوت القلوب قال النبي صلى الله عليه واله للحسن عليه السلام .
أشبهت خلقي و خلقي .
55 - قب : في محبة النبى صلى الله عليه وآله للحسن عليه السلام : روى
أبوعلى الجبائي عن مسندا أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن مسعود وروى عبدالله بن شداد
عن أبيه وأبويعلى الموصلي في المسند عن ثابت البناني ، عن أنس ، وعبدالله بن شيبة
عن أبيه أنه دعي النبي صلى الله عليه واله إلى صلاة والحسن متعلق به فوضعه النبي صلى الله عليه واله مقابل
جنبه وصلى ، فلما سجد أطال السجود فرفعت رأسي من بين القوم فاذا الحسن على
كتف رسول الله صلى الله عليه واله فلما سلم عليه السلام قال له القوم : يارسول الله لقد سجدت في
صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها كأنما يوحى إليك فقال صلى الله عليه واله : لم يوح إلي
ولكن ابني كان على كتفي فكرهت أن اعجلة حتى نزل .
وفي رواية عبدالله بن شداد أنه قال صلى الله عليه واله : إن ابني هذا ارتحلني فكرهت
أن اعجله حتى يقضي حاجته .
الحيلة بالاسناد عن أبي بكرة قال : كان النبي صلى الله عليه واله يصلي بنا وهو ساجد
فيجئ الحسن وهو صبي صغير حتى يصير على ظهره أو رقبته فيرفعه رفعا رفيقا فلما
صلى صلاته قالوا : يارسول الله صلى الله إنك لتصنع بهذا الصبي شيئا لم تصنعه بأحد ، فقال :
إن هذا ريحانتي الخبر ، وفيها عن البراء بن عازب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه واله واضعا


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 294 سطر 19 الى ص 302 سطر 18

للحسن على عاتقه فقال : من أحبني فليحبه .
سنن ابن ماجه وفضائل أحمد : روى نافع ، عن ابن جبير ، عن أبي هريرة
أنه صلى الله عليه واله قال : اللهم إني احبه فأحبه وأحب من يحبه قال : وضمه إلى
صدره .
مسند أحمد ، عن أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه واله وقد جاءه الحسن وفي عنقه
السخاب ، فالتزمه رسول الله والتزم هو رسول الله وقال : اللهم إنى احبه فأحبه
[295]
وأحب من يحبه ثلاث مرات أخرجه ابن بطة بروايات كثيرة .
عبدالرحمن بن أبي ليلى : كنا عند النبي صلى الله عليه واله فجاء الحسن فأقبل يتمرغ
عليه فرفع فميصه وقبل زبيبته .
بيان : السخاب بالكسر قلادة تتخذ من قرنفل ومحلب وسك ونحوه
وليس فيها من اللؤ لؤ والجوهر شئ وقيل : هو خيط ينظم فيه خرز يلبسه الصبيان
والجواري ، والزبيبة مصغر الزب بالضم وهو الذكر .
56 - قب : وعن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه واله قبل الحسن وهو يصلي .
الخدري إن الحسن جاء والنبي صلى الله عليه واله يصلي فأخذ بعنقه وهو جالس فقام
النبي صلى الله عليه واله وإنه ليمسك بيديه حتى ركع .
فضائل عبدالملك قال أبوهريرة : كان النبي صلى الله عليه واله يقبل الحسن فقال الاقرع
ابن حابس : إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منهم فقال صلى الله عليه واله : من لايرحم
لايرحم .
مسند العشرة وإبانة العكبري وشرف النبي صلى الله عليه واله وفضائل السمعاني وقد
تداخلت الروايات بعضها في بعض عن عمير بن إسحاق قال : رأيت أبا هريرة في
طريق قال للحسن بن علي عليهما السلام : أردني الموضع الذي قبله النبي صلى الله عليه واله قال : فكشف
عن بطنه فقبل سرته .
سليم بن قيس ، عن سلمان الفارسي قال : كان الحسين عليه السلام على فخذ
رسول الله صلى الله عليه واله وهو يقبله ويقول : أنت السيد بن السيد أبوالسادة ، أنت الامام ابن
الامام أبوالائمة ، أنت الحجة ابن الحجة أبوالحجج تسعة من صلبك وتاسعهم قائمهم .
ابن عمر أن النبي صلى الله عليه واله بينما هو يخطب على المنبر إذ خرج الحسين عليه السلام
فوطئ في ثوبه فسقط فبكى فنزل النبي صلى الله عليه واله عن المنبر فضمه إليه وقال : قاتل الله
الشيطان إن الولد لفتنة والذي نفسي بيده ما دريت أني نزلت عن منبري .
أبوالسعادات في فضائل العشرة قال يزيد بن أبي زياد : خرج النبي صلى الله عليه واله
من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة فسمع الحسين يبكي ، فقال : ألم تعلمي أن
[296]
بكاءه يؤذيني .
ابن ماجه في السنن ، والزمخشري في الفائق : رأى النبي صلى الله عليه واله الحسين
يلعب مع الصبيان في السكه فاستقبل النبي صلى الله عليه واله أمام القوم فبسط إحدى يديه
فطفق الصبي يفر مرة من ههنا ومرة من ههنا ورسول الله يضاحكه ، ثم أخذه فجعل
إحدى يديه تحت ذقنه والاخرى على فاس رأسه وأقنعه فقبله وقال : أنا من حسين
وحسين مني أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من الاسباط .
استقبل أي تقدم وأقنعه أي رفعه .
بيان : قال الجزري فيه : فجعل إحدى يديه في فاس رأسه ، هو طرف مؤخره
المشرف على القنا .
57 - قب : قال المغيرة بن عبدالله : مر الحسين عليه السلام فقال أبوظبيان : ماله
قبحه الله إن كان رسول الله صلى الله عليه واله ليفرج بين رجليه ويقبل زبيبته .
عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه واله إذ أقبل الحسين
عليه السلام فجعل ينزو على ظهر النبي صلى الله عليه واله وعلى بطنه ، فقال فقال : دعوه .
أبوعبيد في غريب الحديث أنه قال صلى الله عليه واله : لا تزرموا ابني أي لا تقطعوا عليه
بوله ثم دعا بماء فصبه على بوله .
سنن أبي داود أن الحسين عليه السلام بال في حجر رسول الله صلى الله عليه واله فقالت لبانة :
أعطني إزارك حتى اغسله قال : إنما يغسل من بول الانثى ، وينضح من
بول الذكر .
أحاديث الليث بن سعد أن النبي صلى الله عليه واله كان يصلي يوما في فئة والحسين
صغير بالقرب منه فكان النبي صلى الله عليه واله إذا سجد جاء الحسين فركب ظهره ثم حرك
رجليه وقال : حل حل ، فاذا أراد رسول الله صلى الله عليه واله أن يرفع رأسه أخذه فوضعه إلى
جانبه فاذا سجد عاد على ظهره وقال : حل حل ، فلم يزل يفعل ذلك حتى فرغ
النبي صلى الله عليه واله من صلاته ، فقال يهودي ، يا محمد إنكم لتفعلون بالصبيان شيئا ما نفعله
نحن ، فقال النبي صلى الله عليه واله أما لو كنتم تؤمنون بالله ورسوله ، لرحمتم الصبيان قال :
[297]
فاني اومن بالله وبرسوله ، فأسلم لما رأى كرمه مع عظم قدره .
بيان : قال الجوهري : حلحلت القوم : أي أزعجتهم عن موضعهم ، وحلحلت
بالناقة إذا قلت لها : حل بالتسكين وهو زجر للناقة وحوب زجر للبعير وحل أيضا
بالتنوين في الوصل .
58 - قب : أمالي الحاكم قال أبورافع : كنت الاعب الحسين عليه السلام وهو صبي
بالمداحي فاذا أصابت مدحاتي مدحاته قلت : احملني فيقول : أتركب ظهرا حمله
رسول الله ؟ قأتركه فاذا أصابت مدحاته مدحاتي قلت : لا أحملك كما لم تحملني
فيقول : أما ترضى أن تحمل بدنا حمله رسول الله صلى الله عليه واله فأحمله .
بيان : قال الجزري : دحى أي رمى وألقى ، ومنه حديث أبي رافع : كنت الا عب
الحسن والحسين عليهما السلام بالمداحي ، هي أحجار أمثال القرصة كانوا يحفرون حفيرة
ويدحون فيها بتلك الاحجار فان وقع الحجر فقدغلب صاحبها وإن لم يقع غلب .
59 - قب : الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : من أحب
أن ينظر إلى أحب أهل الارض إلى أهل السماء ، فلينظر إلى الحسين . رواه الطبريان
في الولاية والمناقب ، والسمعاني في الفضائل بأسانيدهم عن إسماعيل بن رجاء .
وعمرو ابن شعيب أنه مر الحسين عليه السلام على عبدالله بن عمرو بن العاص فقال عبدالله :
من أحب أن ينظر إلى أحب أهل الارض إلى أهل السماء فلينظر إلى هذه المجتاز
فما كلمته منذ ليالي صفين فأتى به أبوسعيد الخدري إلى الحسين عليه السلام فقال له
الحسين : أتعلم أني أحب أهل الارض إلى أهل السماء وتقاتلني وأبي يوم صفين ؟
والله إن أبي لخير مني ، فاستعذر وقال : إن النبي صلى الله عليه واله قال لي : أطع أباك فقال
له الحسين عليه السلام : أما سمعت قول الله تعالى " وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس
لك به علم فلا تطعهما " ( 1 ) وقول رسول الله صلى الله عليه واله " إنما الطاعة الطاعة في المعروف "
وقوله " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " .
وفي المسألة الباهرة في تفضيل الزهراء الطاهرة ، عن أبي محمد الحسن بن طاهر
* ( هامش ) * ( 1 ) لقمان : 14 ، راجع المصدر ج ص 73 . ( * )
[298]
القائني الهاشمي قال : جاء الحديث أن جبرئيل نزل يوما فوجدالزهراء نائمة
والحسين قلقا على عادة الاطفال مع امهاتهم فقعد جبرئيل يلهيه عن البكاء حتى
استيقظت فأعلمها رسول الله صلى الله عليه واله بذلك .
الطبري : طاووس اليماني ، عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه واله : رأيت في
الجنة قصرا من درة بيضاء لا صدع فيها ولا وصل ، فقلت : حبيبى جبرئيل لمن هذا
القصر ؟ قال : للحسين ابنك ، ثم تقدمت أمامه فاذا أنا بتفاح فأخذت تفاحة
ففلقتها فخرجت منها حوراء كأن مقاديم النسور أشفار عينيها فقلت : لمن أنت ؟ فبكت
ثم قالت : لابنك الحسين .
60 - قب ، عم : في كتاب شرف النبي صلى الله عليه واله عن جابر قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسين
ابن علي .
61 - قب ، عم : عبدالله بن بريدة عن ابن عباس قال : انطلقت مع رسول الله
صلى الله عليه وآله فنادى على باب فاطمة ثلاثا فلم يجبه أحد فمال إلى الحائط فقعد
فيه وقعدت إلى جانبه فبينا هو كذلك إذ خرج الحسن بن علي قد غسل وجهه و
علقت عليه سبحة قال : فبسط النبي صلى الله عليه واله يديه ومد هما ثم ضم الحسن إلى صدره
وقبله وقال : إن ابني هذا سيد ولعل الله عزوجل يصلح به بين فئتين من
المسلمين .
62 - كشف : قال ابن طلحة : روي مرفوعا إلى أبي بكرة نفيع بن الحارث
الثقفي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه واله والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس
مرة وعليه مرة ، ويقول : إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من
المسلمين عظيمتين ، رواه الجنابذي .
وروى عن صحيحي مسلم والبخاري مرفوعا إلى البراء قال : رأيت رسول الله
صلى الله عليه وآله والحسن بن علي على عاتقه يقول : اللهم إني احبه فأحبه .
وروى الترمذي مرفوعا إلى ابن عباس أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه واله
[299]
حامل الحسن بن علي على عاتقه فقال رجل : نعم المركب ركبت يا غلام ، فقال
النبي صلى الله عليه واله : ونعم الراكب هو ، رواه الجنابذي .
وروى عن الحافظ أبي نعيم ما أورده في حليته ، عن أبي بكرة قال : كان
النبي صلى الله عليه واله يصلي بنافجاءه الحسن وهو ساجد وهو صغير حتى يصير على ظهره أورقبته
فيرفعه رفعا رفيقا فلما صلى قالوا : يارسول الله إنك تصنع بهذا الصبي شيئا لا تصنعه
بأحد فقال : إن هذا ريحانتي وإن ابني هذا سيد وعسى أن يصلح الله به بين فئتين من
المسلمين ، رواه الجنابذي في كتابه .
وروى عن الترمذي من صحيحه يرفعه بسنده إلى أنس بن مالك قال : سئل
رسول الله صلى الله عليه واله أي أهل بيتك أحب إليك ؟ قال : الحسن والحسين ، وكان يقول
لفاطمة عليها السلام : ادعي لي ابني فيشمهما ويضمهما إليه .
وروى عن مسلم والبخاري بسنديهما عن أبي هريرة قال : خرجت مع رسول
الله صلى الله عليه واله طائفة من النهار لايكلمني ولا اكلمه حتى جاء سوق بني قينقاع ثم
انصرف حتى أتى مخباء وهو المخدع فقال : أثم لكع ؟ أثم لكع ؟ يعني حسنا فظننا
أنما تحسبه امه لان تغسله أو تلبسه سخابا فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق
كل واحد منهما صاحبه فقال رسول الله صلى الله عليه واله : اللهم إني احبه واحب من يحبه
وفي رواية اخرى : اللهم إني احبه فأحبه وأحب من يحبه ، قال أبوهريرة :
فما كان أحد أحب إلي من الحسن بن علي بعد ما قال رسول الله صلى الله عليه واله ماقال .
بيان : أثم ، الهمزة للاستفهام ، والمراد باللكع الصغير ، وعليه حمله في النهاية
وقال الزمخشري في الفائق اللكع اللئيم وقيل : الوسخ من قولهم لكع عليه الوسخ
ولكث ولكد أي لصق وقيل : هو الصغير وعن نوح بن جرير أنه سئل عنه فقال : نحن
أرباب الحمير نحن أعلم به ، هو الجحش الراضع ومنه حديثه صلى الله عليه واله أنه طلب
الحسن فقال : أثم لكع أثم لكع .
63 - كشف : روى عن الترمذي في صحيحه مرفوعا إلى اسامة بن زيد قال :
طرقت النبي صلى الله عليه واله ذات ليلة في بعض الحاجة فخرج وهو مشتمل على شئ ما أدري
[300]
ما هو فلما فرغت من حاجتي قلت : ما هذا الذي أنت مشتمل عليه فكشفه فاذا حسن
وحسين على وركيه فقال : هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم إني احبهما فأحبهما
وأحب من يحبهما .
وروى عن الترمذي بسنده عن أبي سعيدقال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : الحسن
والحسين سيدا شباب أهل الجنة .
وعن ابن عمر قال : سمعت النبي صلى الله عليه واله يقول : هما ريحانتاي من الدنيا وروى
عن النسائي بسنده عن عبدالله بن شداد ، عن أبيه قال : خرج علينا رسول الله في
إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسنا فتقدم النبي صلى الله عليه واله فوضعه ثم كبر للصلاة
فصلى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة فأطالها قال أبي : فرفعت رأسي فاذا الصبي
على ظهر رسول الله صلى الله عليه واله وهوساجد ، فرجعت إلى سجودي فلما قضى رسول الله صلى الله عليه واله
الصلاة قال الناس : يارسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى
ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك ؟ ! قال : كل ذلك لم يكن ، ولكن
ابني ارتحلني فكرهت أن اعجله حتى يقضي حاجته .
بيان : قال الجزري فيه : فأقاموا بين ظهرانيهم أي أقاموا بينهم على سبيل
الاستظهار والاستناد إليهم وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيدا ومعناه أن ظهرا
منهم قدامة وظهرا وراءه فهو مكنوف من جانبيه .
64 - كشف : وروى عن الترمذي والنسائي في صحاحهم كل منهم بسنده
يرفعه إلى بريدة قال : كان رسول الله صلى الله عليه واله يخطب فجاء الحسن والحسين عليهما السلام
وعليهما قميصان أحران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله صلى الله عليه واله من المنبر فحملهما
ووضعهما بين يديه ، ثم قال : صدق الله " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " فنظرت إلى
هذين الصبيين يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما ، ورواه
الجنابذي بألفاظ قريبة من هذا وأخصر .
وروى عن الترمذي بسنده في صحيحه يرفعه إلى أبي جحيفة قال : رأيت
رسول الله صلى الله عليه واله وكان الحسن بن علي يشبهه ، وعن أنس قال : لم يكن أحد أشبه
[301]
برسول الله من الحسن بن علي ، وعن علي عليه السلام قال : كان الحسن بن علي أشبه
برسول الله صلى الله عليه واله مابين الصدر إلى الرأس والحسين أشبه فيما كان أسفل من ذلك .
وروى عن البخاري في صحيحه يرفعه إلى عقبة بن الحارث قال : صلى أبوبكر
العصر ثم خرج يمشي ومعه علي عليه السلام فرأى الحسن يلعب بين الصبيان فحمله أبوبكر
على عاتقه وقال : بأبي شبيه بالنبي * ليس شبيها بعلي
وعلي عليه السلام يضحك ، وروى الجنابذي هذا الحديث فقال :
بأبي شبه النبي * لا شبيها بعلي
قال وعلي يتبسم .
وروى عن إسماعيل بن أبي خالد قال : قلت لابي جحيفة : هل رأيت رسول
الله صلى الله عليه واله ؟ قال : نعم ، والحسن بن علي يشبهه .
وروى عن أبي هريرة قال : ما رأيت الحسن بن علي إلا فاضت عيناي دموعا
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه واله خرج يوما فوجدني في المسجد فأخذ بيدي فاتكأ علي
ثم انطلقت حتى جئنا سوق بني قينقاع فما كلمني فطاف ونظر ثم رجع ورجعت
معه ، فجلس في المسجد فاحتبي ثم قال لي : ادع لكع ، فأتى حسن يشتد حتى
وقع في حجره فجعل يدخل يده في لحية رسول الله صلى الله عليه واله وجعل رسول الله صلى الله عليه واله يفتح
فمه ، ويدخل فمه في فمه ، ويقول : اللهم إني احبه واحب من يحبه ثلاثا .
قب : الحلية عن أبي هريرة مثله .
65 - كشف : وروى الجنابذي بسنده ، عن عبدالرحمان بن عوف قال :
قال رسول الله صلى الله عليه واله : يا عبدالرحمان ألا علمك عوذة كان يعوذبها إبراهيم
ابنيه إسماعيل وإسحاق وأنا اعوذ بهما ابني الحسن والحسين قل : كفى بسمع الله .
واعيا لمن دعا ولا مر مى وراء أمر الله لرام رمى .
وروي مرفوعا إلى إسحاق بن سليمان الهاشمي عن أبيه قال : كنا عند
أميرالمؤمنين هارون الرشيد فتذاكروا علي بن أبي طالب عليه السلام فقال أميرالمؤمنين
[302]
هارون : تزعم العوام أني ابغض عليا وولده حسناوحسينا ، ولا والله ما ذلك كما
يظنون ، ولكن ولده هؤلاء ، طالبنا بدم الحسين معهم في السهل والجبل حتى قتلنا
قتلته ثم أفضى إلينا هذا الامر ، فخالطناهم فحسدونا ، وخرجوا علينا ، فحلوا
قطيعتهم .
والله لقد حدثني أميرالمؤمنين المهدي ، عن أميرالمؤمنين أبي جعفر المنصور
عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه واله إذ أقبلت
فاطمة عليها السلام تبكي فقال لها النبي صلى الله عليه واله مايبكيك ؟ قالت : يارسول الله إن الحسن
والحسين خرجا ، فوالله ما أدري أين سلكا ، فقال النبي صلى الله عليه واله : لا تبكين فداك أبوك
فان الله عزوجل خلقهما وهو أرحم بهما اللهم إن كانا أخذا في بر فاحفظهما
وإن كانا أخذا في بحر فسلمهما ، فهبط جبرئيل عليه السلام فقال : يا أحمد لا تغتم ولا
تحزن ، هما فاضلان في الدنيا فاضلان في الاخرة وأبوهما خير منهما وهما في
حظيرة بني النجار نائمين ، وقد وكل الله بهما ملكا يحفظهما .
قال ابن عباس : فقام رسول الله صلى الله عليه واله وقمنا معه حتى أتينا حظيرة بني النجار
فإذا الحسن معانق الحسين ، وإذا الملك قد غطاهما بأحد جناحيه فحمل النبي
صلى الله عليه وآله الحسن وأخذ الحسين الملك والناس يرون أنه حاملهما فقال له
أبوبكر وأبو أيوب الانصاري : يارسول الله ألا نخفف عنك بأحد الصبيين فقال :
دعاهما فانهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الاخرة وأبوهما خير منها .
ثم قال : والله لاشر فنهما اليوم بما شرفهما الله فخطب فقال : يا أيها الناس


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 302 سطر 19 الى ص 310 سطر 18

ألا اخبركم بخير الناس جدا وجدة ؟ قالوا : بلى يارسول الله ، قال : الحسن
والحسين جدهما رسول الله وجدتهما خديجة بنت خويلد ، ألا اخبركم أيها الناس
بخير الناس أبا واما ؟ قالوا : بلى يارسول الله قال : الحسن والحسين أبوهما علي
ابن أبي طالب وامهما فاطمة بنت محمد . ألا اخبركم أيها الناس بخير الناس عما
وعمه ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبيطالب
وعمتهما ام هانئ بنت أبي طالب . ألا يا أيها الناس ألا اخبركم بخير الناس خالا
[303]
وخالة ؟ قالوا : بلى يارسول الله قال : الحسن والحسين خالهما القاسم بن رسول الله
وخالتهما زينب بنت رسول الله صلى الله عليه واله ، ألا يا إن أباهما في الجنة ، وامهما في الجنة ، و
جدهما في الجنة ، وجدتهما في الجنة ، وخالهما في الجنة ، وخالتهما في الجنة
وعمهما في الجنة ، وعمتهما في الجنة ، وهما في الجنة ، ومن أحبهما في الجنة
ومن أحب من أحبهما في الجنة .
وروى مرفوعا إلى أحمد بن محمد بن أيوب المغيري قال : كان الحسن بن
علي عليه السلام أبيض مشربا حمرة أدعج العينين ، سهل الخدين دقيق المسربة كث
اللحية ذاوفرة كأن عنقه إبريق فضة ، عظيم الكراديس ، بعيد ما بين المنكبين
ربعة ليس بالطويل ولا القصير ، مليحا من أحسن الناس وجها ، وكان يخضب بالسواد
وكان جعد الشعر ، حسن البدن .
الدعج : شدة د السواد مع سعتها ، يقال : عين دعجاء ، والمسربة بضم الراء
الشعر المستدق الذي يأخذ من الصدر إلى السرة ، وكل عظمين التقيافي مفصل
فهو كردوس ، مثل المنكبين والركبتين .
ومما جمعه صديقنا العز المحدث مرفوعا إلى ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه واله : ليلة عرج بي إلى السماء رأيت إلى باب الجنة مكتوبا لا إله إلا الله ، محمد
رسول الله صلى الله عليه واله ، علي حبيب الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة أمة الله ، على
باغضيهم لعنة الله .
وبإسناده قال عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : إن فاطمة وعليا والحسن
والحسين في حظيرة القدس ، في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمان عزوجل .
وبإسناده عنه أن رسول الله صلى الله عليه واله قال : ابناي هذان سيدا شباب أهل الجنة
وأبوهما خير منهما .
وعن كتاب الال لابن خالويه اللغوي ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة من أحبهما أحبني ومن
أبغضهما أبغضني .
[304]
وعن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : إن الجنة تشتاق إلى أربعة من أهلي
قد أحبهم الله وأمرني بحبهم : علي بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين ، والمهدي
صلوات الله عليهم الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم عليه السلام .
ومن كتاب الال مرفوعا إلى عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : قالت
الجنة : يارب أليس قد وعدتني أن تسكنني ركنا من أركانك ؟ قال : فأوحى الله إليها
أما ترضين أني زينتك بالحسن والحسين ، فأقبلت تميس كما تميس العروس .
ومن كتاب الاربعين للفتواني ، عن جابر بن عبدالله قال : دخلت على
النبي صلى الله عليه واله وهو يمشي على أربع والحسن والحسين على ظهره ويقول : نعم الجمل
جملكما ، ونعم الحملان أنتما ، وروى اللفتواني أن النبي صلى الله عليه واله دعا الحسن فأقبل
وفي عنقه سخاب فظننت أن امه حبسته لتلبسه فقال النبي صلى الله عليه واله : هكذا ، وقال
الحسن عليه السلام هكذا بيده ( 1 ) فالتزمه فقال النبي صلى الله عليه واله اللهم إني احبه فأحبه
وأحب من أحبه ثلاث مرات قال : متفق على صحته من حديث عبدالله بن أبي بريد ( 2 )
ورواه البخاري . في السير عن علي ، عن سفيان .
وروى الحافظ أبوبكر محمد الفتواني عن أبي هريرة أن الحسن بن علي عليهما السلام
قال : السلام عليكم فرد أبوهريرة فقال : بأبي ، رأيت رسول الله صلى الله عليه واله يصلي فسجد
فجاء الحسن عليه السلام فركب ظهره وهو ساجد ، ثم جاء الحسين عليه السلام فركب ظهره مع
أخيه وهو ساجد فثقلا على ظهره ، فجئت فأخذتهما عن ظهره - وذكر كلاما سقط على
أبي يعلى - ومسح على رؤوسهما وقال : من أحبني فليحبهما ثلاثا .
وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : من أحب الحسن والحسين
فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني ، وروي أن العباس جاء يعود النبي صلى الله عليه واله
في مرضه فرفعه وأجلسه في مجلسه على سريره فقال له رسول الله صلى الله عليه واله : رفعك الله
* ( هامش ) * ( 1 ) قال بيده : أى أهوى بيده ، والمراد أن النبى صلى الله عليه و آله بسط باعه
ليستقبل الحسن والحسين عليه السلام بسط باعه ليلتزمه النبى صلى الله عليه وآله .
( 2 ) في المصدر : ج 2 ص 97 : ابى يزيد . ( * )
[305]
ياعم فقال العباس : هذا علي يستأذن فقال : يدخل ، فدخل ومعه الحسن والحسين
عليهما السلام فقال العباس : هؤلاء ولدك يارسول الله صلى الله عليه واله ، قال : هم ولدك ياعم
فقال : أتحبهما ؟ قال : نعم قال : أحبك الله كما أحببتهما .
و عن أبي هريرة أن النبي اتي بتمر من تمر الصدقة ، فجعل يقسهمه ، فلما
فرغ حمل الصبي وقام فإذا الحسن في فيه تمرة يلوكها فسال لعابه عليه ، فرفع
رأسه ينظر إليه فضرب شدقه وقال : كخ أي بني أما شعرت أن آل محمد لا يأكلون
الصدقة .
قلت : وقد أورده أحمد بن حنبل في مسنده بألفاظ غير هذه قال الحسن : فأدخل
إصبعه في فمي وقال : كخ كخ ، وكأني أنظر لعابي على إصبعه .
وروى عن أبي عميرة رشيد بن مالك هذا الحديث بألفاظ اخرى وذكر أن
رجلا أتاه بطبق من تمر فقال : أهذا هدية أم صدقة ؟ قال الرجل : صدقة فقدمها
إلى القوم ، قال : وحسن بين يديه يتعفر ، قال : فأخذ الصبي تمرة فجعلها في فمه
قال : ففطن له رسول الله صلى الله عليه واله فأدخل إصبعه في الصبي فانتزع التمرة ثم قذف بها
وقال : إناآل محمد لا نأكل الصدقة .
قال اللفتواني ت : لم يخرج الطبراني لابي عميرة السعدي في معجمه سوى هذا
الحديث الواحد وفي حديث آخر : إنا آل محمد لا نأكل الصدقة ، وقال معروف
فحدثني أنه يدخل إصبعه ليخرجها فيقول : هكذا . كأنه يلتوي عليه ويكره أن
يؤذيه عليه السلام .
وروى مرفوعا إلى اسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه واله كان يقعده على فخذه
ويقعد الحسين على الفخذ الاخرى ويقول : اللهم ارحمهما فإني أرحمهما ، ورواه
البخاري في الادب .
وروى مرفوعا إلى أبي بكر قال : سمعت النبي صلى الله عليه واله على المنبر والحسن
إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة وقال : إن ابني هذا سيد ولعل الله أن
يصلح به ما بين فئتين من المسلمين .
[306]
وروى عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه واله قال لعلي وفاطمة وحسن وحسين :
أنا سلم لمن سالمتم ، وحرب لمن حاربتم . وقد روى أحمد بن حنبل أن النبي صلى الله عليه واله
قال وقد نظر إلى الحسن والحسين عليهما السلام : من أحب هذين وأباهما وامهما كان
معي في درجتي يوم القيامة .
ومن كتاب الفردوس عن عائشة عن النبي صلى الله عليه واله قال : سألت الفردوس ربها
فقالت : أي رب زيني فان أصحابي وأهلي أتقياء أبرار ، فأوحى الله عزوجل إليها ألم
ازينك بالحسن والحسين .
66 - بشا : محمد بن علي بن عبدالصمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أحمد بن
محمد الكرخي ، عن أحمد بن الخليل ، عن محمد بن إسماعيل البخاري ، عن عبدالله بن
صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن راشد بن سعد ، عن يعلى بن مرة أنه قال :
خرجنا مع النبي صلى الله عليه واله دعينا إلى طعام فإذا الحسن يلعب في الطريق فأسرع
النبي صلى الله عليه واله أمام القوم ثم بسط يده فجعل يمر مرة هيهنا ومرة ههنا يضاحكه حتى
أخذه فجعل إحدى يديه في ذقنه والاخرى بين رأسه ثم اعتنقه فقبله ثم قال رسول الله :
حسن مني وأنا منه أحب الله من أحبه الحسن والحسين سبطان من الاسباط .
67 - كا : علي ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن القداح ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : رقا النبي صلى الله عليه واله حسنا وحسينا فقال : اعيذكما
بكلمات الله التامة وأسمائه الحسنى كلها عامة من شر السامة والهامة ، ومن شر
كل عين لامة ، ومن شر كل حاسد إذا حسد .
ثم التفت النبي صلى الله عليه واله إلينا فقال : هكذا [ كان ] يعوذ إبراهيم إسماعيل
وإسحاق عليهم السلام .
68 - كا : علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : الولد الصالح ريحانة من الله قسمها بين عباده وإن
ريحانتي من الدنيا الحسن والحسين عليهما السلام سميتهما باسم سبطين من بني إسرائيل
شبرا وشبيرا .
[307]
69 - يب : الحسين بن سعيد ، عن النضر وفضالة ، عن عبدالله بن سنان
عن حفص ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه واله كان في الصلاة وإلى جانبه
الحسين بن علي فكبر رسول الله صلى الله عليه واله فلم يحر الحسين التكبير ، ولم يزل رسول
الله صلى الله عليه واله يكبر ويعالج الحسين التكبير ولم يحر حتى أكلم سبع تكبيرات فأحار
الحسين التكبير في السابعة فقال أبوعبدالله عليه السلام فصارت سنة .
70 - فر : جعفر الفزاري معنعنا عن ابن عباس في قول الله تعكالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته " ( 1 ) قال : الحسن
والحسين " ويجعل لكم نورا تمشون به " قال : أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
71 - فر : علي بن محمد الزهري معنعنا عن جابر الانصاري ، عن أبي جعفر عليه السلام .
في قوله تعالى : " يوتكم كفلين من رحمته " يعني حسنا وحسينا قال : ما ضر من
أكرمه الله أن يكون من شيعتنا ما أصابه في الدنيا ولو لم يقدر على شئ يأكله
إلا الحشيش .
أقول : قد مر بعض مناقبهما والنصوص عليهما في باب أخبار النبي صلى الله عليه واله
بمظلوميتهم عليهم السلام وسيأتي بعض النصوص في الابواب الاتية .
72 - في بعض كتب المناقب القديمة عن محمد بن أحمد بن علي بن شاذان
بإسناده عن ابن عباس قال : كنت جالسا بين يدي النبي صلى الله عليه واله ذات يوم ، وبين
يديه علي وفاطمة والحسن والحسين ، إذ هبط جبرئيل عليه السلام ومعه تفاحة فحيا بها
النبي صلى الله عليه واله فتحيا بها النبي صلى الله عليه واله وحيا بها علي بن أبي طالب فتحيا بها علي
وقبلها وردها إلى رسول الله صلى الله عليه واله فتحيا بها رسول الله صلى الله عليه واله وحيا بها الحسن وتحيا
بها الحسن وقبلها وردها إلى رسول الله صلى الله عليه واله فتحيا بها رسول الله وحيا بها الحسين
فتحيا بها الحسين ، وقبلها وردها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فتحيا بها وحيا
بها فاطمة فتحيت بها وقبلتها ورد تها إلى النبي صلى الله عليه واله .
فتحيا بها الرابعة وحيا بها علي بن أبي طالب فتحيا بها علي بن أبيطالب
* ( هامش ) * ( 1 ) الحديد : 28 . ( * )
[308]
فلما هم أن يردها إلى رسول ا لله صلى الله عليه واله سقطت التفاحة من بين أنامله فانفلقت
بنصفين فسطع منها نور حتى بلغ إلى السماء الدنيا ، فاذا عليها سطران مكتوبان :
بسم الله الرحمن الرحيم تحية من الله [ تعالى ] إلى محمد المصطفيى ، وعلي
المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، والحسن والحسين سبطي رسول الله صلى الله عليه واله ، وأمان
لمحبيها يوم القيامة من النار .
وعن ابن شاذان بإسناده عن زاذان ، عن سلمان قال : أتيت النبي صلى الله عليه واله
فسلمت عليه ثم دخلت على فاطمة عليها السلام فقالت : يا عبدالله هذان الحسن والحسين
جائعان يبكيان ، فخذ بأيديهما فاخرج بهما إلى جدهما فأخذت بأيديهما وحملتهما
حتى أتيت بهما إلى النبي صلى الله عليه واله .
فقال : مالكما يا حسناي قالا : نشتهي طعاما يارسول الله ، فقال النبي صلى الله عليه واله
اللهم أطعمهما - ثلاثا - قال : فنظرت فاذا سفرجلة في يد رسول الله صلى الله عليه واله شبيهة بقلة
من قلال هجر أشد بياضا من الثلج ، وأحلى من العسل وألين من الزبد ، ففركها
صلى الله عليه وآله بابهامه فصيرها نصفين ثم دفع إلى الحسن نصفها وإلى الحسين
نصفها ، فجعلت أنظر إلى النصفين في أيديهما وأنا أشتهيها .
قال : ياسلمان هذا طعام من الجنة لا يأكله أحد حتى ينجو من الحساب .
وباسناده عن الطبراني بإسناده عن سلمان قال : كنا حول النبي صلى الله عليه واله
فجاءت ام أيمن فقالت : يارسول الله لقد ضل الحسن والحسين ، وذلك عند ارتفاع
النهار ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله : قوموا فاطلبوا ابني .
فأخذ كل رجل تجاه وجهه ، وأخذت نحو النبي صلى الله عليه واله فلم يزل حتى أتى
سفح الجبل ، وإذا الحسن والحسين عليهما السلام ملتزق كل واحد منهما بصاحبه ، وإذا
شجاع ( 1 ) قائم على ذنبه ، يخرج من فيه شبه النار ، فأسرع إليه رسول فالتفت
مخاطبا لرسول الله صلى الله عليه واله ثم انساب فدخل بعض الاجحرة ( 2 ) ثم أتاهما فأفرق بينهما
* ( هامش ) * ( 1 ) الشجاع - بالضم والكسر - الحية .
( 2 ) كأنه جمع جحر وهو مكان تحتفره الهوام والسباع لانفسها والقياس في جمعه :
جحرة واجحار . ( * )
[309]
ومسح وجوههما ، وقال : بأبي وامي أنتما ما أكرمكما على الله .
ثم حمل أحدهما على عاتقه الايمن ، والاخر على عاتقه الايسر ، فقلت :
طوبا كما نعم المطية مطيتكما فقال رسول الله : ونعم الراكبان هما وأبوهما
خير منهما .
وروي في المراسيل أن الحسن والحسين كانا يكتبان فقال الحسن للحسين :
خطي أحسن من خطك ، وقال الحسين : لا بل خطي أحسن من خطك ، فقالا لفاطمة :
احكمي بيننا فكرهت فاطمة أن تؤذي أحدهما ، فقالت لهما : سلا أباكما فسألاه
فكره أن يؤذي أحدهما فقال : سلاجد كما رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال صلى الله عليه واله : لا أحكم
بينكما حتى أسأل جبرئيل فلما جاء جبرئيل قال : لا أحكم بينهما ولكن إسرافيل
يحكم بينهما فقال إسرافيل : لا أحكم بينهما ولكن أسأل الله أن يحكم بينهما فسأل الله
تعالى ذلك فقال تعالى : لا أحكم بينهما ولكن امهما فاطمة تحكم بينهما .
فقالت فاطمة : أحكم بينهما يارب وكانت لها قلادة فقالت لهما أنا أنثر بينكما
جواهر هذه القلادة فمن أخذ منهما أكثر فخطه أحسن ، فنثرتها وكان جبرئيل وقتئذ
عند قائمة العرش فأمره الله تعالى أن يهبط إلى الارض وينصف الجواهر بينهما كيلا
يتأذى أحدهما ففعل ذلك جبرئيل إكراما لهما وتعظيما .
وروى ركن الائمة عبدالحميد بن ميكائيل ، عن يوسف بن منصور الساوي
عن عبدالله بن محمد الازدي ، عن سهل بن عثمان ، عن منصور بن محمد النسفي ، عن
عبدالله بن عمرو ، عن الحسن بن موسى ، عن سعدان ، عن مالك بن سليمان ، عن ابن
جريح ، عن عطاء ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه واله جائعا لايقدر على ما
يأكل فقال لي : هاتي رداي ، فقلت : أين تريد ؟ قال : إلى فاطمة ابنتي فأنظر إلى
الحسن والحسين ، فيذهب بعض مابي من الجوع .
فخرج حتى دخل على فاطمة عليها السلام فقال : يا فاطمة أين ابناي ؟ فقالت : يا
رسول الله خرجا من الجوع وهما يبكيان ، فخرج النبي صلى الله عليه واله في طلبهما فرأى
أبا الدارداء فقال : ياعويمر هل رأيت ابني ؟ قال : نعم يارسول الله هما نائمان في
[310]
ظل حائط بني جدعان ، فانطلق النبي فضمهما وهما يبكيان وهو يمسح الدموع
عنهما ، فقال له أبوا لدرداء : دعني أحملهما فقال : يا أبا الدرداء دعني أمسح الدموع
عنهما فوالذي بعثني بالحق نبيا لو قطر قطرة في الارض لبقيت المجاعة في امتي
إلى يوم القيامة ثم حملهما وهما يبكيان وهو يبكي .
فجاء جبرئيل فقال : السلام عليك يا محمد رب العزة جل جلاله يقرئك السلام
ويقول : ماهذا الجزع ؟ فقال النبي صلى الله عليه واله ياجبرئيل ما أبكي جزعا بل أبكي من
ذل الدنيا ، فقال جبرئيل : إن الله تعالى يقول : أيسر ك أن احول لك احدا ذهبا
ولا ينقص لك مما عندي شئ ؟ قال : لا ، قال لم ؟ قال : لان الله تعالى لم يحب
الدنيا ولو أحبها لما جعل للكافر أكملها ، فقال جبرئيل عليه السلام : يا محمد ادع
بالجفنة المنكوسة التي في ناحية البيت ، قال : فدعا بها فلما حملت فإذا فيها
ثريد ولحم كثير ، فقال : كل يامحمد وأطعم ابنيك وأهل بيتك ، قال : فأكلوا
فشبعوا قال : ثم أرسل بها إلي فأكلوا وشبعوا وهوعلى حالها ، قال : ما رأيت
جفنة أعظم بركة منها ، فرفعت عنهم فقال النبي صلى الله عليه واله : والذي بعثني بالحق لو سكت
لتداولها فقراء امتي إلى يوم القيامة .
73 - أقول : وجدت في بعض مؤلفات أصحابنا أنه روي مرسلا عن جماعة من
الصحابة قالوا : دخل النبي صلى الله عليه واله دار فاطمة عليها السلام فقال : يافاطمة إن أباك اليوم
ضيفك ، فقالت عليها السلام : ياأبت إن الحسن والحسين يطالباني بشئ من الزاد فلم
أجدلهما شيئا يقتاتان به ، ثم إن النبي صلى الله عليه واله دخل وجلس مع علي والحسن والحسين


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 310 سطر 19 الى ص 318 سطر 18

وفاطمة عليهم السلام ، وفاطمة متحيرة ما تدري كيف تصنع ، ثم إن النبي صلى الله عليه واله نظر إلى
السماء ساعة وإذا بجبرئيل عليه السلام قد نزل ، وقال : يا محمد العلي الاعلى يقرئك السلام
ويخصك بالتحية والاكرام ، ويقول لك : قل لعلي وفاطمة والحسن والحسين :
أي شئ يشتهون من فواكه الجنة ؟
فقال النبي صلى الله عليه واله : يا علي ! ويا فاطمة ! وياحسن ! وياحسين ! إن رب العزة
علم أنكم جياع فأي شئ تشتهون من فواكه الجنة ؟ فأمسكوا عن الكلام
[311]
ولم يردوا جوابا حياء من النبي صلى الله عليه واله فقال الحسين عليه السلام : عن إذنك يا أباه يا
أميرالمؤمنين ، وعن إذنك يااماه ياسيدة نساء العالمين ، وعن إذنك يا أخاه
الحسن الزكي أختار لكم شيئا من فواكه الجنة فقالوا جميعا : قل يا حسين
ماشئت فقد رضينا بما تختاره لنا فقال : يارسول الله قل لجبرئيل إنا نشتهي رطبا
جنيا فقال النبي صلى الله عليه واله : قد علم الله ذلك ثم قال : يا فاطمة قومي وادخلي البيت و
احضري إلينا مافيه ، فدخلت فرأت فيه طبقا من البلور ، مغطى بمنديل من السندس
الاخضر ، وفيه رطب جني في غير أوانه فقال النبي : يافاطمة أنى لك هذا ؟ قالت
هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب كما قالت مريم بنت عمران .
فقام النبي صلى الله عليه واله وتناوله وقدمه بين أيديهم ثم قال : بسم الله الرحمن
الرحيم ثم أخذ رطبة واحدة فوضعها في فم الحسين عليه السلام فقال : هنيئا مريئا
لك يا حسين ، ثم أخذ رطبة فوضعها في فم الحسن وقال : هنيئا مريئا يا حسن ، ثم
أخذ رطبة ثالثة فوضعها في فم فاطمة الزهراء عليها السلام وقال لها : هنيئا مريئا لك يا
فاطمة الزهراء ، ثم أخذ رطبة رابعة فوضعها في فم علي عليه السلام وقال : هنيئا مريئا لك
يا علي .
ثم ناول عليا رطبة اخرى والنبي صلى الله عليه واله يقول له : هنيئا مريئا لك ياعلي
ثم وثب النبي صلى الله عليه واله قائما ثم جلس ثم أكلوا جميعا عن ذلك الرطب فلما اكتفوا
وشبعوا ، ارتفعت المائدة إلى السماء بإذن الله تعالى .
فقالت فاطمة : يا أبه ! لقد رأيت اليوم منك عجبا فقال : يا فاطمة أما الرطبة
الاولى التي وضعتها في فم الحسين ، وقلت له : هنيئا ياحسين ، فاني سمعت
ميكائيل وإسرافيل يقولان : هنيئا لك يا حسين ، فقلت أيضا موافقا لهما في القول
ثم أخذت الثانية فوضعتها في فم الحسن ، فسمعت جبرئيل وميكائيل يقولان :
هنيئا لك يا حسن ، فقلت : أنا موافقا لهما في القول ، ثم أخذت الثالثة فوضعتها
في فمك يا فاطمة فسمعت الحورالعين مسرورين مشرفين علينا من الجنان وهن
يقلن : هنيئا لك يا فاطمة ، فقلت موافقا لهن بالقول .
[312]
ولما أخذت الرابعة فوضعتها في فم علي سمعت النداء من [ قبل ] الحق سبحانه وتعالى
يقول : هنيئا مريئا لك يا علي ، فقلت موافقا لقول الله عزوجل ، ثم ناولت عليا
رطبة اخرى ثم اخرى وأنا أسمع صوت الحق سبحانه وتعالى يقول : هنيئا مريئا
لك يا علي ثم قمت إجلالا لرب العزة جل جلاله ، فسمعته يقول : يا محمد وعزتي
وجلالي ، لو ناولت عليا من هذه الساعة إلى يوم القيامة رطبة لقلت له : هنئيا
مريئا بغير انقطاع .
وروي في بعض الاخبارأن أعرابيا أتى الرسول صلى الله عليه واله فقال له : يارسول
الله لقد صدت خشفة غزالة وأتيت بها إليك هدية لولديك الحسن والحسين ، فقبلها
النبي صلى الله عليه واله ودعاله بالخير فاذا الحسن عليه السلام واقف عند جده فرغب إليها فأعطاه إياها
فما مضى ساعة إلا والحسين عليه السلام قد أقبل فرأى الخشفة عند أخيه يلعب بها فقال :
يا أخي من أين لك هذه الخشفة ؟ فقال الحسن عليه السلام : أعطانيها جدي رسول الله صلى الله عليه واله
فسار الحسين عليه السلام مسرعا إلى جده فقال : ياجداه أعطيت أخي خشفة يلعب بها
ولم تعطني مثلها ، وجعل يكرر القول على جده ، وهو ساكت لكنه يسلي خاطره
ويلاطفه بشئ من الكلام حتى أفضى من أمر الحسين عليه السلام إلى أن هم يبكي .
فبينما هو كذلك إذ نحن بصياح قد ارتفع عند باب المسجد فنظرنا فاذا ظبية
ومعها خشفها ، ومن خلفها ذئبة تسوقها إلى رسول الله صلى الله عليه واله وتضربها بأحد أطرافها
حتى أتت بها إلى النبي صلى الله عليه واله ثم نطقت الغزالة بلسان فصيح وقالت : يارسول الله
قد كانت لي خشفتان إحداهما صادها الصياد وأتى بها إليك وبقيت لي هذه الاخرى
وأنا بها مسرورة وإني كنت الان ارضعها فسمعت قائلا يقول : أسرعي أسرعي يا
غزالة ، بخشفك إلى النبي محمد وأوصليه سريعا لان الحسين واقف بين يدي جده
وقدهم أن يبكي ، والملائكة بأجمعهم قدرفعوا رؤوسهم من صوامع العبادة ، ولوبكى
الحسين عليه السلام لبكت الملائكة المقربون لبكائه .
وسمعت أيضا قائلا يقول : أسرعي ياغزالة قبل جريان الدموع على خد
الحسين عليه السلام فان لم تفعلي سلطت عليك هذه الذئبة تأكلك مع خشفك فأتيت
[313]
بخشفي إليك يارسول الله وقطعت مسافة بعيدة ، ولكن طويت لي الارض حتى أتيتك
سريعة ، وأنا أحمد الله ربي على أن جئتك قبل جريان دموع الحسين عليه السلام على
خده .
فارتفع التهليل والتكبير من الاصحاب ودعا النبي صلى الله عليه واله للغزالة بالخير و
البركة ، وأخذ الحسين عليه السلام الخشفة وأتى بها إلى امه الزهراء عليها السلام فسرت بذلك
سرورا عظيما .
وروي عن سلمان الفارسي قال : اهدي إلى النبي صلى الله عليه واله قطف من العنب
في غير أوانه فقال لي : ياسلمان ائتني بولدي الحسن والحسين ليأكلا معي من هذا
العنب ، قال سلمان الفارسي : فذهبت أطرق عليهما منزل امهما فلم أرهما فأتيت منزل
اختهما ام كلثوم فلم أرهما فجئت فخبرت النبي صلى الله عليه واله بذلك .
فاضطرب ووثب قائما وهو يقول : واولداه ، واقرة عيناه ، من يرشدني عليهما
فله على الله الجنة فنزل جبرئيل من السماء وقال : يامحمد علام هذا الا نزعاج ؟
فقال : على ولدي الحسن والحسين ، فاني خائف عليهما من كيد اليهود ، فقال جبرئيل :
يامحمد بل خف عليهما من كيد المنافقين فان كيدهم أشد من كيد اليهود ، واعلم يا
محمد أن ابنيك الحسن والحسين نائمان في حديقة أبي الدحداح فصار النبي صلى الله عليه واله
من وقته وساعته إلى الحديقة وأنا معه حتى دخلنا الحديقة وإذاهما نائمان وقد
اعتنق أحدهما الاخر ، وثعبان في فيه طاقة ريحان يروح بها وجهيهما .
فلما رأى الثعبان النبي صلى الله عليه واله ألقى ما كان في فيه فقال : السلام عليك يارسول الله
لست أنا ثعبانا ، ولكني ملك من ملائكة [ الله ] الكروبيين ، غفلت عن ذكر ربي
طرفة عين ، فغضب علي ربي ومسخني ثعبانا كما ترى وطردني من السماء إلى
الارض وإني منذ سنين كثيرة أفصد كريما على الله فأسأله أن يشفع لي عند ربي
عسى أن يرحمني ويعيدني ملكا كما كنت أولا إنه على كل شئ قدير .
قال : فجثا النبي صلى الله عليه واله يقبلهما حتى استيقظا فجلسا على ركبتي النبي صلى الله عليه واله
فقال لهما النبي صلى الله عليه وآله : انظرا يا ولدي هذا ملك من ملائكة الله
[314]
الكروبيين ، قد غفل عن ذكر ربه طرفة عين ، فجعله الله هكذا وأنا مستشفع
بكما إلى الله تعالى فاشفعاله ، فوثب الحسن والحسين عليهما السلام فأسبغا الوضوء ، وصليا
ركعتين وقالا : اللهم بحق جدنا الجليل الحبيب محمد المصطفى وبأبينا علي المرتضى
وبامنا فاطمة الزهراء ، إلا ما رددته إلى حالته الاولى .
قال : فما استتم دعاء هما فإذا بجبرئيل قد نزل من السماء في رهط من
الملائكة ، وبشر ذلك الملك برضى الله عنه ، وبرده إلى سيرته الاولى ثم ارتفعوا
به إلى السماء وهم يسبحون الله تعالى .
ثم رجع جبرئيل إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو متبسم وقال : يارسول
الله إن ذلك الملك يفتخر على ملائكة السبع السماوات ويقول لهم : من مثلي وأنا
في شفاعة السيدين السبطين الحسن والحسين .
وقال : حكي عن عروة البارقي قال : حججت في بعض السنين فدخلت مسجد
رسول الله صلى الله عليه وآله فوجدت رسول الله جالسا وحوله غلامان يافعان ، وهو
يقبل هذا مرة وهذا اخرى فاذا رآه الناس يفعل ذلك أمسكوا عن كلامه حتى
يقضي وطره منهما ، وما يعرفون لاي سبب حبه إياهما .
فجئته وهو يفعل ذلك بهما فقلت : يارسول الله هذان ابناك ؟ فقال : إنهما ابنا
ابنتي وابنا أخي وابن عمي وأحب الرجال إلى ومن هو سمعي وبصري ، ومن نفسه
نفسي ونفسي نفسه ، ومن أحزن لحزنه ويحزن لحزني ، فقلت له : قد عجبت يا
رسول الله من فعلك بهما وحبك لهما فقال لي : احدثك أيها الرجل .
إني لماعرج بي إلى السماء ودخلت الجنة انتهيت إلى شجرة في رياض الجنة
فعجبت من طيب رائحتها ، فقال لي جبرئيل : يامحمد لا تعجب من هذه الشجرة فثمرها
أطيب من ريحها فجعل جبرئيل يتحفني من ثمرها ، ويطعمني من فاكهتها وأنا لا أمل
منها ، ثم مررنا بشجرة اخرى فقال لي جبرئيل : يامحمد كل من هذه الشجرة فانها
تشبه الشجرة التي أكلت منها الثمر ، فهي أطيب طعما وأذكى رائحة قال : فجعل
جبرئيل يتحفني بثمرها ويشمني من رائحتها وأنا لا أمل منها .
[315]
فقلت : ياأخي جبرئيل ما رأيت في الاشجار أطيب ولا أحسن من هاتين
الشجرتين فقال لي : يامحمد أتدري ما اسم هاتين الشجرتين ؟ فقلت : لا أدري فقال :
إحداها الحسن والاخرى الحسين فإذا هبطت يامحمد إلى الارض من فورك فأت
زوجتك خديجة ، وواقعها من وقتك وساعتك ، فانه يخرج منك طيب رائحة الثمر
الذي أكلته من هاتين الشجرتين فتلد لك فاطمة الزهراء ، ثم زوجها أخاك عليا
فتلد له ابنين فسم أحدهما الحسن والاخر الحسين .
قال رسول الله صلى الله عليه واله : ففعلت ما أمرني أخي جبرئيل فكان الامر ماكان .
فنزل إلي جبرئيل بعد ما ولد الحسن والحسين ، فقلت له : ياجبرئيل ما
أشوقني إلى تينك الشجرتين فقال لي : يامحمد إذا اشتقت إلى الاكل من ثمرة تينك
الشجرتين فشم الحسن والحسين ، قال : فجعل النبي صلى الله عليه واله كلما اشتاق إلى الشجرتين
يشم الحسن والحسين ويلثمهما وهو يقول : صدق أخي جبرئيل عليه السلام ثم يقبل الحسن
والحسين ويقول : يا أصحابي إني أود أني اقاسمهما حياتي لحبي لهما فهما ريحانتاي
من الدنيا . فتعجب الرجل [ من ] وصف النبي صلى الله عليه واله للحسن والحسين ، فكيف لو شاهد
النبي صلى الله عليه واله من سفك دماءهم ، وقتل رجالهم وذبح أطفالهم ، ونهب أموالهم ، و
سبى حريمهم ، اولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجميعن وسيعلم الذين ظلموا
أي منقلب ينقلبون .
أقول : قد مر أخبار كثيرة في باب فضائل أصحاب الكساء وباب النصوص
على الاثني عشر عليهم السلام في فضائلهما .
وروى الديلمي في فردوس الاخبار عن أميرالمؤمنين عليه السلام أن موسى بن
عمران سأل ربه عزوجل فقال : يارب إن أخي هارون مات فاغفرله فأوحى الله
أن : ياموسى لو سألتني في الاولين والاخرين لاجبتك ماخلا قاتل الحسين بن
علي بن أبي طالب فاني أنتقم له منه .
وروى أيضا عنه عليه السلام أن موسى بن عمران سأل ربه عزوجل زيارة قبر
الحسين بن علي فزاره في سبعين ألفا من الملائكة .
وعن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه واله اللهم إني احبه فأحبه وأحب من يحبه
[316]
- ثلاثا - يعني الحسين بن علي عليهما السلام .
وعن أبي سعيد عنه صلى الله عليه واله : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني
الخالة عيسى ويحيى بن زكريا .
ابن عمر ، عنه صلى الله عليه واله . الحسن والحسين هما ريحاني من الدنيا .
يعلى بن مرة : الحسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا ، حسين
سبط من الاسباط .
علي بن أبي طالب عليه السلام : الحسن والحسين يوم القيامة ، عن جنبي عرش
الرحمان بمنزلة الشنفين من الوجه .
حذيفة عنه صلى الله عليه واله : الحسين اعطي من الفضل مالم يعط أحد من ولد آدم ما خلا
يوسف بن يعقوب .
وعن عائشة عنه صلى الله عليه واله قال : سألت الفردوس ربها عزوجل فقالت : أي رب
زيني فان أصحابي وأهلي أتقياء أبرار ، فأوحى الله إليها أولم ازينك بالحسن و
الحسين ؟
وروى ابن نما في مثير الاحزان من تاريخ البلاذري قال : حدث محمد بن
يزيد المبرد النحوي في إسناد ذكره قال : انصرف النبي إلى منزل فاطمة فرآها
قائمة خلف بابها فقال : مابال حبيبتي ههنا ؟ فقالت : ابناك خرجا غدوة وقد غبي
علي خبرهما ، فمضى رسول الله صلى الله عليه واله يقفو آثارهما حتى صار إلى كهف جبل
فوجدهما نائمين وحية مطوقة عند رؤسهما فأخذ حجرا وأهوى إليها فقالت : السلام
عليك يارسول الله ! والله ما نمت عند رؤوسهما إلا حراسة لهما ، فدعا لها بخير ثم
حمل الحسن على كتفه اليمني ، والحسين على كتفه اليسرى ، فنزل جبرئيل فأخذ
الحسين وحمله فكانا بعد ذلك يفتخران فيقول الحسن : حملني خير أهل الارض ، و
يقول الحسين : حملني خير أهل السماء .
74 - د : من كتاب الدر : ذكر عبدالله بن أحمد بن حنبل حديثا عن
أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال للحسن : اللهم إني احبه فأحب من يحبه .
[317]
وحدث عبدالله ، عن أبيه ، عن رجاله ، عن عمير بن إسحاق قال : كنت مع
الحسن بن علي عليهما السلام فلقينا أبوهريرة فقال : أرني أقبل منك حيث رأيت رسول
الله صلى الله عليه واله يقبل قال : فقال لقميصه ( 1 ) كذا فكشفه عن سرته .
وعنه ، عن رجاله قال : كنا عند النبي صلى الله عليه واله فجاء الحسن بن علي يحبو
حتى صعد على صدره فبال عليه ، فابتدرناه لنأخذه فقال النبي صلى الله عليه واله : ابني ابني
ثم دعابماء فصبه عليه .
قال المسهر مولى الزبير : تذاكرنا من أشبه النبي صلى الله عليه واله من أهله ، فدخل
علينا عبدالله بن الزبير ، فقال : أنا احدثكم بأشبه أهله إليه : الحسن بن علي
رأيته يجئ وهو ساجد فيركب ظهره فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل ، ورأيته
يجئ وهو راكع فيفرج له بين رجليه يخرج من الجانب الاخر وقال فيه
رسول الله صلى الله عليه واله : هوريحاني من الدنيا وإن ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين من
المسلمين وقال : [ اللهم ] إني احبه واحب من يحبه .
75 - نوادر الراوندي : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال علي عليه السلام : إن النبي صلى الله عليه واله قبل زب الحسين بن علي كشف عن اربيته ( 2 )
وقام فصلي من غير أن يتوضأ .
* ( هامش ) * ( 1 ) قال لقميصه كذا : أى أفرجه .
( 2 ) الاربيه : أصل الفخذ ، وأصله اربوة فإنهم استثقلوا التشديد
على الواو . ( * )
[318]
13 * ( باب ) *
* ( مكارم أخلاقهما صلوات الله عليهما واقرار المخالف ) *
* ( والمؤالف بفضلهما ) *
1 - قب : استفتى أعرابي عبدالله بن الزبير وعمرو بن عثمان فتوا كلا فقال :
اتقيا الله فاني أتيتكما مسترشدا أمواكلة في الدين ؟ فأشارا عليه بالحسن والحسين
فأفتياه فأنشأ أبياتا منها : جعل الله حروجهيكما نعلين * سبتا يطأهما الحسنان
بيان : قال الجزري فيه : ياصاحب السبتين اخلع نعليك : السبت بالكسر
جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال سميت بذلك لان شعر ها قد سبت
عنها أي حلق وازيل ، وقيل : لانها انسبتت بالدباغ أي لانت ، يريد : ياصاحب
النعلين وفي تسميتهم للنعل المتخذة من السبت سبتا اتساع مثل قولهم : فلان يلبس
الصوف والقطن والابريسم أي الثياب المتخذة منها .
2 - قب : إسماعيل بن بريد ( 1 ) بإسناد عن محمد بن علي عليهما السلام أنه قال :
أذنب رجل ذنبا في حياة رسول الله صلى الله عليه واله فتغيب حتى وجد الحسن والحسين عليهما السلام
في طريق خال فأخذهما فاحتملهما على عاتقيه وأتى بهما النبي صلى الله عليه واله فقال : يا
رسول الله إني مستجير بالله وبهما ، فضحك رسول الله صلى الله عليه واله حتى رد يده إلى فمه
ثم قال للرجل : اذهب فأنت طليق ، وقال للحسن والحسين : قد شفعتكما فيه أي
فتيان فأنزل الله تعالى " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفرلهم
الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " ( 2 ) .


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 318 سطر 19 الى ص 326 سطر 18

* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر ج 3 ص 400 : اسماعيل بن يزيد .
( 2 ) النساء : 63 . ( * )
[319]
أخبار الليث بن سعد بإسناده أن رجلا نذر أن يدهن بقارورة رجلي أفضل
قريش ، فسأل عن ذلك ، فقيل : إن مخرمة أعلم الناس اليوم بأنساب قريش فاسأله
عن ذلك ، فأتاه وسأله وقد خرف وعنده ابنه المسور ، فمد الشيخ رجليه وقال :
ادهنهما ، فقال المسور ابنه للرجل : لا تفعل أيها الرجل ، فان الشيخ قد خرف
وإنما ذهب إلى ماكان في الجاهلية وأرسله إلى الحسن والحسين عليهما السلام وقال : ادهن
بها أرجلهما ، فهما أفضل الناس وأكرمهم اليوم .
وفي حديث مدرك بن أبي زياد ، قلت لابن عباس وقد أمسك للحسن ثم
الحسين بالركاب ، وسوى عليهما : أنت أسن منهما تمسك لهما بالركاب ؟ فقال :
يالكع وماتدري من هذان ؟ هذان ابنا رسول الله صلى الله عليه واله أوليس مما أنعم الله علي
به أن امسك لهما واسوي عليهما .
عيون المحاسن عن الروياني أن الحسن والحسين مرا على شيخ يتوضأ ولا
يحسن ، فأخذا في التنازع يقول كل واحد منهما : أنت لا تحسن الوضوء فقالا :
أيها الشيخ كن حكما بيننا يتوضأ كل واحد منا فتؤضئا ثم قالا : أينا يحسن ؟
قال : كلا كما تحسنان الوضوء ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن
وقد تعلم الان منكما وتاب على يديكما ببركتكما وشفقتكما على امة جدكما .
الباقر عليه السلام قال : ما تكلم الحسين بين يدي الحسن إعظاما له ، ولا تكلم محمد
ابن الحنفية بين يدي الحسين عليه السلام إعظاما له .
وقالوا : قيل لايوب عليه السلام " نعم العبد " ( 1 ) ، وللحسن والحسين : نعم المطية
مطيتكما ، ونعم الراكبان أنتما ، وقال : " وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون " ( 2 ) وقال
الحسين عليه السلام : إن لم تصدقوني فاعتزلوني ولا تقتلوني .
* ( هامش ) * ( 1 ) ص : 44 .
( 2 ) الدخان 21 . ( * )
[320]
3 - كا : محمد بن يحيى ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري : عن محمد بن يحيى
ابن زكريا ، وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه جميعا ، عن
محمد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي سعيد عقيصا التميمي قال : مررت بالحسن
والحسين صلى الله عليهما وهما في الفرات مستنقعان في إزارين فقلت لهما : ياابني
رسول الله أفسدتما الازارين ، فقالالي : ياباسعيد فساد الازارين أحب إلينا من فساد
الدين إن للماء أهلا وسكانا كسكان الارض ثم قالا لي : أين تريد ؟ فقلت إلى هذا
الماء ، فقالا : وما هذا الماء ؟ فقلت : اريد دواءه أشرب من هذا الماء المر لعلة بي
أرجو أن يجفف له الجسد ، ويسهل البطن ، فقالا : ما نحسب أن الله عزوجل
جعل في شئ قد لعنه شفاء ، قلت : ولم ذاك ؟ فقالا : لان الله تبارك وتعالى لما
آسفه قوم نوح فتح السماء بماء منهمر ( 1 ) وأوحى إلى الارض فاستعصت عليه عيون
منها ، فلعنها وجعلها ملحا اجاجا .
وفي رواية حمدان بن سليمان أنهما قالا عليهما السلام : يا ابا سعيد تأتي ماء ينكر
ولايتنا في كل يوم ثلاث مرات إن الله عزوجل عرض ولايتنا على المياه ، فما قبل
ولايتنا عذب وطاب ، ما جحد ولايتنا جعله الله عزوجل مرا وملحا اجاجا .
4 - كا : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عمن حدثه ، عن عبدالرحمن
العرزمي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : جاء رجل إلى الحسن والحسين عليهما السلام وهما
جالسان على الصفا فسألهما فقالا : إن الصدقة لا تحل إلا في دين موجع ، أو غرم
مفظع ، أو فقر مدقع ، ففيك شئ من هذا ؟ قال : نعم فأعطياه ، وقد كان الرجل سأل
عبدالله بن عمر ، وعبدالرحمن بن أبي بكر فأعطيناه ولم يسألاه عن شئ فرجع إليهما
فقال لهما : مالكما لم تسألاني عما سألني عنه الحسن والحسين ، وأخبرهما بما قالا
فقالا : إنهما غذيا بالعلم غذاء .
* ( هامش ) * ( 1 ) يقال : آسفه عليه : أغضبه ، وهواقتباس من قوله تعالى في قصة فرعون " فلما
آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين " . ( * )
[321]
بيان : قال الجزري : فيه لا تحل المسألة إلا لذي فقرمدقع ، أي شديد
يفضي بصاحبه إلى الدقعاء ، وهو التراب .
5 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر
عن يحيى الحلبي ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : مات الحسن عليه السلام
وعليه دين ، وقتل الحسين عليه السلام وعليه دين .
أقول : روى السيد بن طاؤوس في كشف المحجة باسناده من كتاب عبدالله بن
بكير بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام أن الحسين عليه السلام قتل وعليه دين وإن علي بن
الحسين عليهما السلام باع ضيعة له بثلاثمائة ألف ليقضي دين الحسين عليه السلام وعدات
كانت عليه .
[322]
* ( أبواب ) *
* " ( ما يختص بالامام الزكى سيد شباب اهل الجنة ) " *
* " ( الحسن بن على صلوات الله عليهما ) " *
14 * ( باب ) *
* " ( النص عليه صلوات الله عليه ) " *
1 - عم : الكليني ، عن علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم
ابن عمر اليماني ، عن سليم بن قيس قال : شهدت أميرالمؤمنين حين أوصى إلى
ابنه الحسن وأشهد على وصيته الحسين ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ثم دفع
إليه الكتاب والسلاح وقال له : يابني أمرني رسول الله أن اوصي إليك وأدفع إليك كتبي
وسلاحي كما أوصى إلي ودفع إلي كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضر الموت
أن تدفعها إلى أخيك الحسين ثم أقبل على ابنه الحسين فقال : وأمرك رسول الله صلى الله عليه واله
أن تدفعها إلى ابنك هذا ثم أخذ بيد علي بن الحسين وقال : وأمرك رسول الله صلى الله عليه واله
أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي فاقرأه من رسول الله ومني السلام .
2 - عم : الكليني ، عن عدة من أصحابه ، عن ابن عيسى ، عن الاهوازي
عن حماد بن عيسى ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام مثله .
3 - عم : الكليني ، عن علي ، عن أبيه ، عن أبي عمير ، عن عبدالصمد
ابن بشير ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن أميرالمؤمنين لما حضره
الوفاة قال لابنه الحسن : ادن مني حتى اسر إليك ما أسر إلي رسول الله
وأئتمنك على ما ائتمنني عليه ، ففعل .
4 - عم : بإسناده يرفعه إلى شهر بن حوشب أن عليا عليه السلام لما سار إلى الكوفة
استودع ام سلمة كتبه والوصية ، فلما رجع الحسن دفعتها إليه ( 1 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) ترى هذه الروايات في الكافى ج 1 ص 297 - 230 . ( * )
[323]
15 * ( باب ) *
* " ( معجزاته صلوات الله عليه ) " *
1 - ير : الهيثم النهدي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن عبدالله الكناسي
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : خرج الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام في بعض عمره
ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بامامته ، قال : فنزلوا في منهل من تلك المناهل
قال : نزلوا تحت نخل يابس قد يبس من العطش : قال : ففرش للحسن عليه السلام تحت
نخلة وللزبيري بحذائه تحت نخلة اخرى قال : فقال الزبيري ورفع رأسه : لو كان
في هذا النخل رطب لاكلنا منه ، قال : فقال له الحسن عليه السلام : وإنك لتشتهي الرطب ؟
قال : نعم فرفع الحسن عليه السلام يده إلى السماء فدعا بكلام لم يفهمه الزبيري فاخضرت
النخلة ثم صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطبا قال : فقال له الجمال الذي اكتروا
منه : سحروالله ، قال : فقال له الحسن : ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن النبي
مجابة ، قال : فصعدوا إلى النخلة حتى صرموا مما كان فيها ما كفاهم ( 1 ) .
يج : عن عبدالله مثله .
بيان : قال الجوهري : المنهل المورد وهو عين ماء ترده الابل في المراعي
وتسمى المنازل التي في المفاوز على طرق السفار مناهل ، لان فيها ماء ، قوله
" إلى حالها " أي قبل اليبس وفي الخرائج فاخضرت النخلة وأورقت .
2 - يج : روي عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام أن الحسن عليه السلام قال يوما
لاخيه الحسين ولعبد الله بن جعفر : إن معاوية بعث إليكم بجوائزكم وهي تصل
إليكم يوم كذا لمستهل الهلال ، وقد أضاقا ، فوصلت في الساعة التي ذكرها لما
كان رأس الهلال فلما وافاهم المال كان على الحسن عليه السلام دين كثير فقضاه مما بعثه إليه
ففضلت فضلة ففرقها في أهل بيته ومواليه ، وقضى الحسين عليه السلام دينه وقسم ثلث ما بقي
* ( هامش ) * ( 1 ) تراه في الكافى ج 1 ص 462 . أيضا وفيه : عن القاسم النهدى فراجع . ( * )
[324]
في أهل بيته ومواليه وحمل الباقي إلى عياله ، وأما عبدالله فقضى دينه وما دفعه
إلى الرسول ليتعرف معاوية من الرسول ما فعلوا ، فبعث إلى عبدالله أموالا حسنة .
بيان : قال الجوهري : ضاق الرجل أي بخل وأضاق أي ذهب ماله .
3 - يج : روي عن مندل بن اسامة ( 1 ) عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام أن
الحسن عليه السلام خرج من مكة ماشيا إلى المدينة ، فتورمت قدماه ، فقيل له : لو ركبت
ليسكن عنك هذا الورم ، فقال : كلا ولكنا إذا أتينا المنزل فانه يستقبلنا أسود
معه دهن يصلح لهذا الورم فاشتبروا منه ولا تما كسوه ، فقال له بعض مواليه : ليس أمامنا
منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء ؟ فقال : بلى إنه أمامنا وساروا أميالا فاذا الاسود
قد استقبلهم ، فقال الحسن لمولاه : دونك الاسود فخذ الدهن منه بثمنه فقال
الاسود : لمن تأخذ هذاالدهن ؟ قال : للحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال :
انطلق بي إليه .
فصار الاسود إليه فقال الاسود ياابن رسول الله إني مولاك لا آخذله ثمنا
ولكن ادع الله أن يرزقني ولدا سويا ذكرا يحبكم أهل البيت فاني خلفت امرأتي
تمخض ، فقال : انطلق إلى منزلك فان الله تعالى قد وهب لك ولدا ذكرا سويا
فرجع الاسود من فوره فاذا امرأته قد ولدت غلاما سويا ثم رجع الاسود إلى
الحسن عليه السلام ودعاله بالخير بولادة الغلام له وإن الحسن قد مسح رجليه بذلك الدهن
فما قام عن موضعه حتى زال الوروم .
4 - كا : عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن
علي بن النعمان ، عن صندل ، عن أبي اسامة مثله إلى قوله فقد وهب الله لك ذكرا
سويا وهو من شيعتنا .
* ( هامش ) * ( 1 ) كذا في النسخ المطبوعة والصحيح : عن صندل ، عن أبى اسامة - وهو زيد
الشحام - كما تراه في هذه الصفحة تحت الرقم 4 عن الكافى ج 1 ص 463 وقد رواه ابن شهر -
آشوب في المناقب عن ابى اسامة مرسلا على عادته ، تراه في ج 4 ص 7 . راجع جامع
الرواة أيضا . ( * )
[325]
أقول : قد أوردنا كثيرا من معجزاته في باب ما جرى بينه عليه السلام وبين معاوية
وباب وفاته وغير هما .
5 - يج : روي أن عليا عليه السلام كان في الرحبة فقام إليه رجل فقال : أنا من
رعيتك وأهل بلادك ؟ قال عليه السلام : لست من رعيتي ولا من أهل بلادي ، وإن ابن
الاصغر ( 1 ) بعث بمسائل إلى معاوية فأقلقته وأرسلك إلي لاجلها ، قال : صدقت
يا أمير المؤمنين إن معاوية أرسلني إليك في خفية وأنت قد اطلعت على ذلك ولا
يعلمها غير الله .
فقال عليه السلام : سل أحد ابني هذين ، قال : أسأل ذاالوفرة ( 2 ) يعني الحسن فأتاه
فقال له الحسن : جئت تسأل كم بين الحق والباطل ؟ وكم بين السماء والارض ؟
وكم بين المشرق والمغرب ؟ وما قوس قزح ؟ وما المؤنث ؟ وما عشرة أشياء بعضها
أشد من بعض ؟ قال : نعم .
قال الحسن عليه السلام : بين الحق والباطل أربع أصابع ، ما رأيته بعينك فهو
حق وقد تسمع باذنيك باطلا ، وبين السماء والارض دعوة المظلوم ، مد البصر
وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس ، وقزح اسم الشيطان ، وهو قوس الله
وعلامة الخصب وأمان لاهل الارض من الغرق ، وأما المؤنث فهو الذي لا يدرى
أذكر أم انثى فانه ينتظر به فان كان ذكرا احتلم وإن كانت انثى حاضت وبدا ثديها
وإلا قيل له : بل ! فان أصاب بوله الحائط فهو ذكر وإن انتكص بوله على
* ( هامش ) *
( 1 ) يريد ملك الروم قال الفيروز آبادى : وبنو الاصفر ملوك الروم أولاد الاصفربن
روم بن يعصو ابن اسحاق ، أولان جيشا من الحبش غلب عليهم فوطئ نساءهم فولدهم
أولاد صفر .
( 2 ) أى صاحب الوفرة والوفرة - بالفتح الشعر المجتمع على الرأس أو ما سال
على الاذنين منه أوما جاوز شحمة الاذن ثم بعدها الجمة ثم اللمة ، وبذلك وصف شعر
رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قالوا : " كان شعره وفرة واذا طال صارت جمة " . ( * )
[326]
رجليه كما ينتكص بول البعير ، فهو انثى ( 1 ) .
وأما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض فأشد شئ خلق الله الحجر وأشد منه
الحديد يقطع به الحجر ، وأشد من الحديد النار تذيب الحديد ، وأشد من النار
الماء ، وأشد من الماءالسحاب ، وأشد من السحاب الريح تحمل السحاب
وأشد من الريح الملك الذي يردها ، وأشد من الملك ملك الموت الذي يميت
الملك ، وأشد من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت ، وأشد من الموت أمر الله
الذي يدفع الموت .
6 - قب : محمد بن إسحاق بالاسناد جاء أبوسفيان إلى علي عليه السلام فقال : يا
أبا الحسن جئتك في حاجة ، وفيم جئتني ؟ قال : تمشي معي إلى ابن عمك محمد
فتسأله أن يعقد لنا عقدا ويكتب لنا كتابا ، فقال : يا أبا سفيان لقد عقد لك رسول الله
عقدا لا يرجع عنه أبدا وكات فاطمة من وراء الستر ، والحسن يدرج بين يديها وهو طفل
من أبناء أربعة عشر شهرا فقال لها : يابنت محمد ! قولي لهذا الطفل يكلم لي جده فيسود
بكلامه العرب والعجم ، فأقبل الحسن عليه السلام إلى أبي سفيان وضرب إحدى يديه على
أنفه والاخرى على لحيته ثم أنطقه الله عزوجل بأن قال : يا أبا سفيان ! قل لا إله
إلا الله محمد رسول الله حتى أكون شفيعا فقال عليه السلام : الحمد الله الذي جعل في آل محمد
من ذرية محمد المصطفى نظير يحيى بن زكريا " وآتيناه الحكم صبيا " ( 2 ) .
أبوحمزة الثمالي ، عن زين العابدين عليه السلام قال : كان الحسن بن علي جالسا
* ( هامش ) * ( 1 ) قال الفيزوز آبادى : المؤنث : المونث وهو الرجل المشبه المرأة في لينه ورقة كلامه


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 326 سطر 19 الى ص 334 سطر 18

وتكسر أعضائه .
( 2 ) هذه القصة مذكورة في كتب السير عند ذكر فتح مكة سنة ثمان للهجرة حين
جاء أبوسفيان إلى رسول الله ليبرم عهد المشركين ويزيد في مدته ، راجع سيرة ابن هشام ج 2 ص 396 ،
المناقب ج 1 ص 206 ، ارشاد المفيد ص 60 ، اعلام الورى ص 66 .
فقد كان - على هذا - لحسن بن على عليهما السلام عامئذ خمس سنين ، لا أربعة عشر
شهرا كما زعم . ( * )
[327]
فأتاه آت فقال : ياابن رسول الله قد احترقت دارك ؟ قال : لا ، ما احترقت . إذ أتاه
آت فقال : ياابن رسول الله : قد وقعت النار في دار إلى جنب دارك حتى ماشككنا
أنها ستحرق دارك ثم إن الله صرفها عنها .
واستغاث الناس من زياد إلى الحسن بن علي عليهما السلام فرفع يده وقال : اللهم
خذ لنا ولشيعتنا من زياد بن أبيه وأرنا فيه نكالا عاجلا إنك على كل شئ قدير
قال : فخرج خراج في إبهام يمينه يقال لها : السلعة ، وورم إلى عنقه ، فمات .
ادعى رجل على الحسن بن علي عليهما السلام ألف دينار كذبا ولم يكن له عليه فذهبا
إلى شريح فقال للحسن عليه السلام : أتحلف ؟ قال : إن حلف خصمي اعطيه فقال شريح
للرجل : قل بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة . فقال الحسن : لا اريد
مثل هذا لكن قل : بالله إن لك علي هذا ، وخذ الالف . فقال الرجل ذلك وأخذ
الدنانير فلما قام خر إلى الارض ومات ، فسئل الحسن عليه السلام عن ذلك ، فقال :
خشيت أنه لو تكلم بالتوحيد يغفرله يمينه ببركة التوحيد ، ويخجب عنه عقوبة
يمينه .
محمد الفتال النيسابوري في مونس الحزين بالاسناد ، عن عيسى بن الحسن
عن الصادق عليه السلام : قال بعضهم للحسن بن علي عليهما السلام في احتماله الشدائد عن معاوية
فقال عليه السلام كلاما معناه : لودعوت الله تعالى لجعل العراق شاما والشام عراقا وجعل
المرأة رجلا والرجل امرأة فقال الشامي : ومن يقدر على ذلك ؟ فقال عليه السلام : انهضي
ألا تستحين أن تقعدي بين الرجال ، فوجد الرجل نفسه امرأة ثم قال : وصارت
عيالك رجلا وتقاربك وتحمل عنها وتلد ولدا خنثى فكان كما قال عليه السلام : ثم إنهما
تابا وجاءا إليه فدعا الله تعالى فعادا إلى الحالة الاولى .
الحسين بن أبي العلاء ( 1 ) عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال الحسن بن علي عليهما السلام
لاهل بيته : يا قوم إني أموت بالسم كما مات رسول الله صلى الله عليه واله فقال له أهل بيته :
ومن الذي يسمك ؟ قال : جاريتي أو امرأتي فقالوا له : أخرجها من ملكك عليها
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر ج 4 ص 8 الحسن بن أبى العلاء . ( * )
[328]
لعنة الله ، فقال : هيهات من إخراجها ومنيتي على يدها ، مالي منها محيص ، ولو
أخرجتها ما يقتلني غيرها ، كان قضاء مقضيا وأمرا واجبا من الله فما ذهبت الايام
حتى بعث معاوية إلى امرأته .
قال : فقال الحسن عليه السلام : هل عندك من شربة لبن ؟ فقالت : نعم وفيه ذلك السم
الذي بعث به معاوية فلما شربه وجد مس السم في جسده فقال : يا عدوة الله قتلتيني
قاتلك الله ، أما والله لا تصيبين مني خلفا ولا تنالين من الفاسق عدو الله اللعين
خيرا أبدا .
7 - نجم : من كتاب الدلائل لابي جعفر ابن رستم الطبري باسناده إلى عبدالله
ابن عباس قال : مرمت بالحسن بن علي عليهما السلام بقرة فقال : هذه حبلى بعجلة انثى لها
غرة في جبينها ورأس ذنبها أبيض ، فانطلقنا مع القصاب حتى ذبحها فوجدنا العجلة
كما وصف على صورتها ، فقلنا : أوليس الله عزوجل يقول : " ويعلم ما في الارحام " ( 1 )
فكيف علمت ؟ فقال : مايلعم المخزون المكنون المجزوم المكتوم الذي لم يطلع عليه
ملك مقرب ولا نبي مرسل غير محمد وذريته .
بيان : رد استبعاده عليه السلام بأبلغ وجه ، ولم يبين وجه الجمع بينه وبين ماهو
ظاهر الاية من اختصاص العلم بذلك بالله تعالى وقد مر أن المعنى أنه لا يعلم ذلك
أحد إلا بتعليمه تعالى ووحيه وإلهامه وأنهم عليهم السلام إنما يعلمون بالوحي والالهام .
8 - نجم : من كتاب مولد النبي صلى الله عليه واله ومولد الاصفياء عليهم السلام تأليف الشيخ المفيد
رحمه الله باسناده إلى جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال . جاء الناس إلى الحسن بن علي عليهما السلام
فقالوا : أرنا من عجائب أبيك التي كان يرينا ! فقال : وتؤمنون بذلك ؟ قالوا : نعم
نؤمن والله بذلك ، قال : أليس تعرفون أبي ؟ قالوا جميعا : بل نعرفه ، فرفع لهم
جانب الستر فاذا أميرالمؤمنين عليه السلام قاعد ، فقال : تعرفونه ؟ قالوا بأجمعهم : هذا
أميرالمؤمنين عليه السلام ونشهد أنك ولي الله حقا والامام من بعده ، ولقد أريتنا
أميرالمؤمنين عليه السلام بعد موته كما أرى أبوك أبابكر رسول الله صلى الله عليه واله في مسجد قبا بعد
* ( هامش ) * ( 1 ) لقمان : 34 . ( * )
[329]
موته فقال الحسن عليه السلام ويحكم أما سمعتم قول الله عزوجل " ولا تقولوا لمن يقتل
في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون " ( 1 ) فاذا كان هذا نزل فيمن قتل في
سبيل الله ماتقولون فينا ؟ قالوا : آمنا وصدقنا ياابن رسول الله .
9 - نجم : وجدت في جزو بخط محمد بن علي بن الحسين بن مهزيار ونسخه
في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وكان على ظهر الذي نقل منه هذا الحديث ما هذا
المراد من لفظه : من حديث أبي الحسن بن علي بن محمد بن عبدالوهاب قدم علينا في سنة
أربعين وثلاث مائة وأما لفظة الحديث فهو :
حدثنا أبومحمد عبدالله بن محمد الاحمري المعروف بابن داهر الرازي قال :
حدثني أبوجعفر محمد بن علي الصيرفي القرشي أبوسمينة ( 2 ) قال : حدثني داود بن
كثير الرقي ، عن أبي عبدالله عليه السلام : لما صالح الحسن بن علي عليهما السلام معاوية جلسا
بالنخيلة فقال معاوية : يا أبا محمد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه واله كان يخرص النخل فهل
عندك من ذلك علم ، فان شيعتكم يزعمون أنه لا يعزب عنكم علم شئ في الارض
ولا في السماء ؟ فقال الحسن عليه السلام : إن رسول الله صلى الله عليه واله كان يخرص كيلا وأنا
أخرص عددا فقال معاوية : كم في هذه النخلة ؟ فقال الحسن عليه السلام : أربعة آلاف
بسرة وأربع بسرات .
أقول : ووجدت قد انقطع من المختصر المذكور كلمات فوجدتها في رواية
ابن عباس الجوهري :
* ( هامش ) * ( 1 ) البقرة : 154 .
( 2 ) في النسخة المطبوعة : " أبوسفينة " و هو تصحيف . والرجل محمد بن على بن
ابراهيم بن موسى أبوجعفر القرشى مولاهم صيرفى ابن اخت خلاد المقرى وهو خلاد بن
عيسى وكان يلقب أبا سمينة ضعيف جدا فاسد الاعتقاد ، لا يعتمد في شئ وكان ورد قم ، وقد
اشتهر بالكذب بالكوفة ، ونزل على أحمد بن محمد بن عيسى مدة ثم تشهر بالغلو فخفى و
أخرجه احمد بن محمد بن عيسى عن قم وله قصة راجع النجاشى ص 255 . وقال الكشى :
ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه : الكذابون المشهورون : أبوالخطاب ويونس بن ظبيان
ويزيد الصائغ ، ومحمد بن سنان ، وأبوسمينة أشهرهم . ( * )
[330]
فأمر معاوية بها فصرمت وعدت فجاءت أربعة آلاف وثلاث بسرات .
ثم صح الحديث بلفظها فقال :
والله ماكذبت ولا كذبت فنظر فاذا في يد عبدالله بن عامر بن كريز بسرة ثم
قال : يامعاوية أما والله لو لا أنك تكفر لاخبرتك بما تعمله وذلك أن رسول
الله صلى الله عليه واله كان في زمان لا يكذب وأنت تكذب وتقول : متى سمع من جده على صغر
سنه ، والله لتدعن زياد او لتقتلن حجرا ولتحملن إليك الرؤوس من بلد إلى بلد
فادعى زيادا وقتل حجرا وحمل إليه رأس عمروبن الحمق الخزاعي .
10 - يج : عن عبدالغفار الجازي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الحسن بن
علي عليهما السلام كان عنده رجلان فقال لاحدهما : إنك حدثت البارحة فلانا بحديث
كذا وكذا ، فقال الرجل : إنه ليعلم ماكان ، وعجب من ذلك فقال عليه السلام : إنا
لنعلم مايجري في الليل والنهار ثم قال : إن الله تبارك وتعالى علم رسوله صلى الله عليه واله
الحلال والحرام ، والتنزيل والتأويل ، فعلم رسول الله صلى الله عليه واله عليا علمه كله .
ير : محمد بن الحسين ، عن النضربن شعيب ، عن عبدالغفار مثله .
11 - كشف : قال لابنه عليه السلام : إن للعرب جولة ولقد رجعت إليها عوازب
أحلامها ، ولقد ضربوا إليك أكباد الابل حتى يستخرجوحك ، ولو كنت في مثل وجار
الضبع .
بيان : في أكثر النسخ لابنه ( 1 ) والصواب لابيه وقد قال عليه السلام : ذلك له
صلوات الله عليه قبل رجوع الخلافة إليه أي إن للعرب جولانا وحركة في اتباع
الباطل ثم يرجع إليها أحلامها العازبة البعيدة الغائبة عنهم ، فيرجعون إليك ، و
ضرب أكباد الابل كناية عن الركوب وشدة الركض ، قال الجزري فيه : لاتضرب
أكباد المطي إلا إلى ثلاثة مساجد أي لاتركب ولايسار عليها ، وقال : وجار الضبع
هو جحره الذي يأوي إليه ، ومنه حديث الحسن : لو كنت في وجار الضبع ذكره
للمبالغة لانه إذا حفر أمعن .
* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخة المطبوعة من المصدر ( ط مطبعة الاسلامية ) : وقال لابيه عليهما السلام
راجع ج 2 ص 150 . ( * )
[331]
16 * ( باب ) *
* ( مكارم أخلاقه [ وعمله ] وعلمه وفضله وشرفه ) *
" وجلالته ونوادر احتجاجاته صلوات الله عليه "
1 - لى : علي بن أحمد ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن
محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر قال : قال الصادق عليه السلام : حدثني أبي ، عن أبيه عليهما السلام
أن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم و
كان إذا حج حج ماشيا وربما مشى حافا وكان إذا ذكر الموت بكى وإذا ذكر
القبر بكى ، وإذا ذكر البعث والنشور بكى ، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى
وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها ، وكان إذا قام
في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عزوجل ، وكان إذا ذكر الجنة والنار
اضطرب اضطراب السليم ، وسأل الله الجنة وتعوذ به من النار .
وكان عليه السلام لايقرء من كتاب الله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا " إلا قال :
لبيك اللهم لبيك ، ولم يرفي شئ من أحواله إلا ذاكر الله سبحانه ، وكان أصدق
الناس لهجة ، وأفصحهم منطقا ، ولقد قيل لمعاوية ذات يوم : لو أمرت الحسن بن
علي بن أبي طالب فصعد المنبر فخطب ليتبين للناس نقصه ، فدعاه فقال له :
اصعد المنبر وتكلم بكلمات تعظنابها ، فقام عليه السلام فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم
قال : أيها الناس ! من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن
أبيطالب ، وابن سيدة النسآء فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله أنا ابن خير خلق الله
أنا ابن رسول الله صلى الله عليه واله ، أنا ابن صاحب الفضائل ، أنا ابن صاحب المعجزات والدلائل ، أنا
ابن أميرالمؤمنين ، أنا المدفوع عن حقي ، أنا وأخي الحسين سيدا شباب أهل الجنة
أنا ابن الركن والمقام أنا ابن مكة ومنى ، أنا ابن المشعر وعرفات .
فقال له معاوية : يابا محمد خذ في نعت الرطب ودع هذا فقال عليه السلام : الريح
[332]
تنفخه والحرور ينضجه ، والبرد يطيبه ، ثم عاد عليه السلام في كلامه فقال :
أنا إمام خلق الله ، وابن محمد رسول الله . فخشي معاوية أن يتكلم بعد ذلك بما
يفتتن به الناس ، فقال : يابا محمد انزل فقد كفى ماجرى ، فنزل .
بيان : قال الجزري : الفريضة : اللحمة التي بين جنب الدابة وكتفها لا تزال
ترعد ، ومنه الحديث : فجئ بهما ترعد فرائصمها أي ترجف من الخوف انتهى والسليم
من لدغته العقرب كأنهم تفاء لواله بالسلامة قوله عليه السلام : تنفخه لعل المعنى تعظمه و
المنفوح : البطين والسمين .
2 - لى : الطالقاني ، عن أبي سعيد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن فضال
عن أبيه ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : لما حضرت الحسن بن علي بن أبيطالب
الوفاة بكى فقيل له : ياابن رسول الله أتبكي ومكانك من رسول الله صلى الله عليه واله الذي
أنت به ؟ وقد قال فيك رسول الله صلى الله عليه واله ماقال ؟ وقد حججت عشرين حجة ماشيا ؟
وقد قاسمت ربك مالك ثلاث مرات حتى النعل والنعل ؟ فقال عليه السلام : إنما أبكي
لخصلتين : لهول المطلع وفراق الاحبة
ايضاح : قال الجزري : هول المطلع ، يريد به الموقف يوم القيامة [ أو ]
مايشرف عليه من أمر الاخرة عقيب الموت فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من
موضع عال .
3 - ب : محمد بن الوليد ، عن ابن بكير قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : بلعنا
أن الحسن بن علي عليهما السلام حج عشرين حجة ماشيا ؟ قال : إن الحسن بن علي عليهما السلام
حج ويساق معه المحامل والرحال ، الخبر .
ع : ابن موسى ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن الحسن بن سعيد ، عن
المفضل بن يحيى ، عن سليمان ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله .
4 - ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم وسهل ، عن ابن مرار وعبدالجبار
ابن المبارك ، عن يونس ، عمن حدثه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رجلا مر
بعثمان بن عفان وهو قاعد على باب المسجد فسأله فامر له بخمسة دراهم فقال له
[333]
الرجل : أرشدني فقال له عثمان : دونك الفتية الذين ترى وأو مأبيده إلى ناحية
من المسجد فيها الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر عليهم السلام .
فمضى الرجل نحوهم حتى سلم عليهم وسألهم فقال له الحسن عليه السلام : ياهذا
إن المسألة لا تحل إلا في إحدى ثلاث : دم مفجع ، أودين مقرح ، أو فقر مدقع
ففي أيها تسأل ؟ فقال : في وجه من هذه الثلاث ، فأمر له الحسن عليه السلام بخمسين دينارا
وأمر له الحسين عليه السلام بسعة وأربعين دينارا ، وأمر له عبدالله بن جعفر بثمانية وأربعين
دينارا .
فانصرف الرجل فمر بعثمان فقال له : ما صنعت ؟ فقال مررت بك فسألتك
فأمرت لي بما أمرت ، ولم تسألني فيما أسأل ، وإن صاحب الوفرة لما سألته قال
لي : ياهذا فيما تسأل ، فان المسألة لا تحل إلا في إحدى ثلاث فأخبرته بالوجه
الذي أسأله من الثلاثة ، فأعطاني خمسين دينارا وأعطاني الثاني تسعة وأربعين دينارا
وأعطاني الثالث ثمانية وأربعين دينارا فقال عثمان : ومن لك بمثل هؤلاء الفتية اولئك
فطموا العلم فطما وحازوا الخير والحكمة
قال الصدوق - رحمه الله - معنى قوله : فطموا العلم فطما أي قطعوه عن غيرهم
قطعا وجمعوه لانفسهم جمعا .
بيان : الوفرة الشعرة إلى شحمة الاذن ، ويكمن أن يقرأ فطموا على بناء المجهول
أي فطموا بالعلم على الحذف والايصال .
5 - د : حدث أبويعقوب يوسف بن الجراح ، عن رجاله ، عن حذيفة بن
اليمان قال : بينا رسول الله صلى الله عليه واله في جبل أظنه حرى أو غيره ومعه أبوبكر وعمر وعثمان
وعلي عليه السلام وجماعة من المهاجرين والانصار وأنس حاضر لهذا الحديث وحذيفة
يحدث به إذ أقبل الحسن بن علي عليهما السلام يمشي على هدوء ووقار فنظر إليه رسول
الله صلى الله عليه واله وقال : إن جبرئيل يهديه وميكائيل يسدده ، وهو ولدي والطاهر من نفسي
وضلع من أضلاعي هذا سبطي وقرة عيني بأبي هو .
فقام رسول الله صلى الله عليه واله وقمنا معه وهو يقول له : أنت تفاحتي وأنت حبيبي ومهجة
[334]
قلبي وأخذ بيده فمشى معه ونحن نمشي حتى جلس وجلسنا حوله ننظر إلى رسول
الله صلى الله عليه واله وهو لايرفع بصره عنه ، ثم قال : [ أما ] إنه سيكون بعدي هاديا مهديا هذا
هدية من رب العالمين لي ينبئ عني ويعرف الناس آثاري ويحيي سنتي ، ويتولى
اموري في فعله ، ينظر الله إليه فيرحمه ، رحم الله من عرف له ذلك وبرني فيه
وأكرمني فيه .
فما قطع رسول الله صلى الله عليه واله كلامه حتى أقبل إلينا أعرابي يجر هراوة له
فلما نظر رسول الله صلى الله عليه واله إليه قال : قد جاءكم رجل يكلمكم بكلام غليظ تقشعر
منه جلودكم ، وإنه يسألكم من امور ، إن لكلامه جفوة . فجاء الاعرابي فلم
يسلم وقال : أيكم محمد ؟ قلنا : وما تريد ؟ قال رسول الله صلى الله عليه واله : مهلا ، فقال :
يامحمد لقد كنت ابغضك ولم أرك والان فقد ازددت لك بغضا .
قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه واله وغضبنا لذلك وأردنا بالاعرابي إرادة فأومأ
إلينا رسول الله أن : اسكتوا ! فقال الاعرابي : يامحمد إنك تزعم أنك نبي وإنك
قد كذبت على الانبياء وما معك من برهانك شئ قال له : يا أعرابي ومايدريك ؟
قال : فخبرني ببرهانك قال : إن أحببت أخبرك عضو من أعضائي فيكون ذلك
أوكد لبرهاني قال : أو يتكلم العضو ؟ قال : نعم ، ياحسن قم ! فازدرى الاعرابي
نفسه ( 1 ) وقال : هو ما يأتي ويقيم صبيا ليكلمني قال : إنك ستجده عالما بما تريد
فابتدره الحسن عليه السلام وقال : مهلا يا أعرابي .
ما غبيا سألت وابن غبي * بل فقيها إذن وأنت الجهول


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 334 سطر 19 الى ص 342 سطر 18

فان تك قد جهلت فان عندي * شفاء الجهل ما سأل السؤل
وبحرا لا تقسمه الدوالي * تراثا كان أورثه الرسول
لقد بسطت لسانك ، وعدوت طورك ، وخادعت نفسك ، غير أنك لا تبرح حتى
تؤمن إنشاء الله فتبسم الاعرابي وقال : هيه ( 2 ) فقال له الحسن عليه السلام : نعم
* ( هامش ) * ( 1 ) أى احتقره الاعرابى لصغر سنه عليه السلام .
( 2 ) هيه : كلمة تقال لشئ يطرد وهي أيضا كلمة استزادة . ( * )
[335]
اجتمعهم في نادي قومك ، وتذاكرتم ماجرى بينكم على جهل وخرق منكم ، فزعمتم
أن محمدا صنبور ( 1 ) والعرب قاطبة تبغضه ، ولا طالب له بثاره ، وزعمت أنك قاتله
وكان في قومك مؤنته ، فحملت نفسك على ذلك ، وقد أخذت قناتك بيدك تؤمه
تريد قتله ، فعسر عليك مسلكك ، وعمي عليك بصرك ، وأبيت إلا ذلك فأتيتنا خوفا
من أن يشتهر وإنك إنماجئت بخير يراد بك .
انبئك عن سفرك : خرجت في ليلة ضحياء إذ عصفت ريح شديدة اشتد منها
ظلماؤها وأطلت سماؤها ، وأعصر سحابها ، فبقيت محرنجما كالاشقر إن تقدم نحر
وإن تأخر عقر ، ( 2 ) لاتسمع لواطئ حسا ولا لنا فخ نارجرسا ، تراكمت عليك
غيومها ، وتوارت عنك نجومها . فلا تهتدي بنجم طالع ، ولا بعلم لا مع ، تقطع
محجة وتهبط لجة في ديمومة قفر بعيدة القعر ، مجحفة بالسفر إذا علوت مصعدا
ازددت بعدا ، الريح تخطفك ، والشوك تخبطك ، في ريح عاصف ، وبرق خاطف ، قد
أو حشتك آكامها ، وقطعتك سلامها ، فأبصرت فإذا أنت عندنا فقرت عينك ، وظهر
رينك ، وذهب أنينك .
قال : من أين قلت يا غلام هذا ؟ كأنك كشفت عن سويد ( 3 ) قلبي ، ولقد
كنت كأنك شاهدتني ، وما خفي عليك شئ من أمري وكأنه علم الغيب [ ف ] قال
له : ما الاسلام ؟ فقال الحسن عليه السلام : الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك
له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فأسلم وحسن إسلامه ، وعلمه رسول الله صلى الله عليه واله شيئا
من القرآن فقال : يارسول الله أرجع إلى قومي فاعرفهم ذلك ؟ فأذن له ، فانصرف
ورجع ومعه جماعة من قومه ، فدخلوا في الاسلام فكان الناس إذا نظروا إلى
* ( هامش ) * ( 1 ) قال الجزرى : فيه : أن قريشا كانوا يقولون ان محمدا صنبور . أى أبتر لاعقب
له . وأصل الصنبور سعفة تنبت في جذع النخلة لا في الارض وقيل : هى النخلة المنفردة التى
يدق أسفلها . أرادوا أنه اذا قطع انقطع ذكره كما يذهب أثر الصنبور لانه لاعقب له .
( 2 ) من كلام لقيط بن زرارة يوم جبلة وكان على فرس أشقر ، يقول : ان جريت على
طبعك فتقدمت إلى العدو قتلوك وان أسرعت فتأخرت منهزما أتوك من ورائك فعقروك ،
فاثبت والزم الوقار . راجع مجمع الامثال ج 2 ص 140 .
( 3 ) سويد : بتصغير الترخيم ، أصله أسيود تصغير أسود . ( * )
[336]
الحسن عليه السلام قالوا : لقد اعطي مالم يعط أحد من الناس .
6 - ما : المفيد ، عن محمد بن محمد بن طاهر ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف
عن الحسن بن محمد ، عن أبيه ، عن عاصم بن عمر ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت
أبا عبدالله عليه السلام يقول : كتب إلى الحسن بن علي عليهما السلام قوم من أصحابه يعزونه
عن ابنة له ، فكتب إليهم : أما بعد فقد بلغني كتابكم تعزوني بفلانة ، فعندالله
أحتسبها تسليما لقضائه ، وصبرا على بلائه ، فان أو جعتنا المصائب : وفجعتنا النوائب
بالاخبة المألوفة التي كانت بنا حفية ، والاخوان المحبين الذين كان يسر بهم
الناظرون ، وتقربهم العيون .
أضحوا قد أختر متهم الايام ونزل بهم الحمام ، فخلفوا الخلوف ، وأودت
بهم الحتوف ، فهم صرعى في عساكر الموتى ، متجاورون في غير محلة التجاور ، ولا
صلاة بينهم ولا تزاور ، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم ، أجسامهم نائية من أهلها
خالية من أربابها ، قد أخشعها إخوانها ، فلم أر مثل دارها دارا ، ولا مثل قرارها قرارا
في بيوت موحشة ، وحلول مضجعة ، قد صارت في تلك الديار الموحشة ، وخرجت عن
دار المونسة ، ففارقتها من غير قلى ، فاستودعتها للبلى ، وكانت أمة مملوكة ، سلكت
سبيلا مسلوكة صار إليها الاولون ، وسيصيرإليها الاخرون والسلام .
بيان : قال الجزري فيه : من صام رمضان إيمانا واحتسابا أي طلبالوجه الله
وثوابه ، والا حتساب من الحسب كالاعتداد من العد ، وإنما قيل لمن ينوي بعمله
وجه الله احتسبه ، لان له حينئذ أن يعتد عمله فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه
معتد به ، ومنه الحديث : من مات له ولد فاحتسبه أي احتسب الاجر بصبره على
مصيبة انتهى .
وفجعته المصيبة أي أوجعته ، وكذلك التفجيع ، والحفاوة المبالغة في السؤال
عن الرجل والعناية في أمره ، واخترمهم الدهر أي اقتطعهم واستأصلهم ، والحمام
بالكسر قدر الموت .
وقال الجزري : ( 1 ) الخلف بالتحريك والسكون كل من يجئ بعد من
* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخ المطبوعة : " قال الفيروز آبادى " وهو سهو من النساخ . ( * )
[337]
مضى إلا أنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر ، وفي حديث ابن مسعود ثم
إنه تخلف من بعده خلوف هي جمع خلف ، انتهى ،
وأودى به الموت : ذهب ، والحتوف بالضم جمع الحتف ، وهو الموت و " عن " في
قوله " عن قرب جوارهم " لعلها للتعليل أي لا يقع منهم الملاقاة الناشية عن قرب
الجوار ، بل أرواحهم يتزاورون بحسب درجاتهم وكمالاتهم .
قوله عليه السلام " قد أخشعها " كذا في أكثر النسخ ولا يناسب المقام وفي بعضها
بالجيم قال في النهاية : الجشع : الجزع لفراق الالف ، ومنه الحديث : فبكى معاذ
جشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه واله ، ولا يبعة أن يكون تصحيف اجتنبها ، والحلول بالضم
جمع حال من قولهم حل بالمكان أي نزل فيه ، ومضجعة ، بفتح الجيم من قولهم
أضجعه أي وصع جنبه على الارض ، والقلى بالكسر : البغض .
7 - ير : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن رجاله ، عن أبي عبدالله عليه السلام
يرفع الحديث إلى الحسن بن علي عليهما السلام أنه قال : إن الله مدينتين إحداهما بالمشرق
والاخرى بالمغرب عليهما سوران من حديد ، وعلى كل مدينة ألف ألف مصراع
من ذهب ، وفيها سبعون ألف ألف لغة ، يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبه وأنا
أعرف جميع اللغات ، وما فيهما ومابينهما وما عليهما حجة غيري والحسين أخي .
ير : أحمد بن الحسين عن أبيه بهذا الاسناد مثله .
قب : عن ابن أبي عمير مثله ( 1 ) .
8 - يج : روي أن الحسن عليه السلام وعبدالله بن العباس كانا على مائدة فجاءت
جرادة ووقعت على المائدة فقال عبدالله للحسن : أي شئ مكتوب على جناح
الجرادة ؟ فقال عليه السلام : مكتوب عليه : أنا الله لا إله إلا أنا ربما أبعث الجراد لقوم
جياع ليأكلوه ، وربما أبعثها نقمة على قوم فتأكل أطعمتهم ، فقام عبدالله وقبل
رأس الحسن ، وقال : هذا من مكنون العلم .
9 - سن : ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) ورواه المفيد في الارشاد ص 180 باختصار . ( * )
[338]
أتى رجل أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له : جئتك مستشيرا إن الحسن والحسين وعبدالله
ابن جعفر عليهم السلام خطبوا إلي فقال أمير المؤمنين عليه السلام : المستشار مؤتمن ، أما الحسن
فانه مطلاق للنساء ، ولكن زوجها الحسين ، فانه خير لابنتك .
10 - شا : روى جماعة منهم معمر ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك قال :
لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه واله من الحسن بن علي عليهما السلام .
11 - قب : محمد بن إسحاق في كتابه قال : ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول
الله صلى الله عليه واله مابلغ الحسن ، كان يبسط له على باب داره فاذا خرج وجلس انقطع
الطريق ، فما مر أحد من خلق الله إجلالا له ، فاذا علم قام ودخل بيته ، فمر الناس
ولقد رأيته في طريق مكة ماشيا فما من خلق الله أحد رآه إلا نزل ومشى حتى
رأيت سعد بن أبي وقاص يمشي .
أبوالسعادات في الفضائل أنه أملا الشيخ أبوالفتوح في مدرسة الناجية : إن
الحسن بن علي عليهما السلام كان يحضر مجلس رسول الله صلى الله عليه واله وهو ابن سبع سنين فيسمع
الوحي فيحفظه فيأتي امه فيلقي إليها ما حفظه كلما دخل علي عليه السلام وجد عندها علما
بالتنزيل فيسألها عن ذلك فقالت : من ولدك الحسن ، فتخفى يوما في الدار ، وقد دخل
الحسن وقد سمع الوحي فأراد أن يلقيه إليها فارتج عليه ، فعجبت امه من ذلك فقال :
لا تعجبين يا اماه فان كبيرا يسمعني ، فاستماعه قد أوقفني ، فخرج علي عليه السلام
فقبله ، وفي رواية : يا اماه قل بياني وكل لساني لعل سيدا يرعاني .
بيان : قال الجوهري : ارتج على القارئ على مالم يسم فاعله إذا لم يقدر
على القراءة كأنه اطبق عليه كما يرتج الباب وكذلك ارتتج عليه ، ولا تقل
ارتج عليه بالتشديد .
12 - قب : قيل للحسن بن علي عليهما السلام إن فيك عظمة ، قال : بل في عزة
قال الله تعالى " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " ( 1 ) .
وقال واصل بن عطاء : كان الحسن بن علي عليهما السلام عليه سيماء الانبياء
* ( هامش ) * ( 1 ) المنافقون : 8 . ( * )
[339]
وبهاء الملوك . 13 - قب : أما زهده عليه السلام فقد جاء في روضة الواعظين أن الحسن بن علي عليهما السلام
كان إذا توضأ ارتعدت مفاصله ، واصفر لونه ، فقيل له في ذلك فقال : حق على
كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفر لونه ، وترتعد مفاصلة .
وكان عليه السلام إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه ويقول : إلهي ضيفك ببابك يا محسن
قد أتاك المسيئ ، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك ، ياكريم .
الفائق إن الحسن عليه السلام كان إ ذا فرغ من الفجر لم يتكلم حتى تطلع الشمس
وإن زحزح ، أي وإن اريد تنحيه من ذلك باستنطاق مايهم .
قال الصادق عليه السلام : إن الحسن بن علي عليهما السلام حج خمسة وعشرين حجة
ماشيا وقاسم اله تعالى ماله مرتين ، وفي خبر : قاسم ربه ثلاث مرات وحج عشرين
حجة على قدميه .
أبونعيم في حلية الاولياء بالاسناد عن القاسم بن عبدالرحمن ، عن محمد بن
علي عليهما السلام قال الحسن عليه السلام : إني لاستحيي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته
فمشى عشرين مرة من المدينة على رجليه ، وفي كتابه بالاسناد عن شهاب بن عامر
أن الحسن بن علي عليهما السلام قاسم الله تعالى ماله مرتين حتى تصدق بفرد نعله
وفي كتابه بالاسناد عن ابن نجيح أن الحسن بن علي عليهما السلام حج ماشيا وقسم
ماله نصفين ، وفي كتابه بالاسناد عن علي بن جذعان قال : خرج الحسن بن علي
عليهما السلام من ماله مرتين وقاسم الله ماله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطي نعلا
ويمسك نعلا ويعطي خفا ويمسك خفا .
وروى عبدالله بن عمر ابن عباس قال : لما اصيب معاوية قال : ( 1 ) ما آسى
على شئ إلا على أن أحج ماشيا ولقد حج الحسن بن علي عليهما السام خمسا وعشرين
حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه ، وقد قاسم الله مرتين حتى أن كان ليعطي النعل
ويمسك النعل ، ويعطي الخف ويمسك الخف .
* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخ المطبوعة : " قال معوية " وهو تصحيف راجع المصدر ج 4 ص 14 . ( * )
[340]
بيان : أسي على مصيبة بالكسر يأسى أسى أي حزن .
14 - قب : وروي أنه دخلت عليه امرأة جميلة وهو في صلاته فأوجز في
صلاته ثم قال لها : ألك حاجة ؟ قالت : نعم ، قال : وماهي ؟ قالت : قم فأصب
مني فاني وفدت ولا بعل لي قال : إليك عني لا تحرقيني بالنارونفسك ، فجعلت
تراوده عن نفسه وهو يبكي ويقول : ويحك إليك عني واشتد بكاؤه فلما رأت ذلك
بكت لبكائه ، فدخل الحسين عليه السلام ورآهما يبكيان ، فجلس يبكي وجعل أصحابه
يأتون ويجلسون ويبكون حتى كثر البكاء وعلت الاصوات فخرجت الاعرابية ، و
قام القوم وترحلوا ، ولبث الحسين عليه السلام بعد ذلك دهرا لا يسأل أخاه عن ذلك
إجلالا له .
فبينما الحسن ذات ليلة نائما إذا استيقظ وهو يبكي فقال له الحسين عليه السلام :
ماشأنك ؟ قال : رؤيا رأيتها الليلة ، قال : وماهي قال : لا تخبر أحدا ما دمت حيا
قال : نعم : قال : رأيت يوسف فجئت أنظر إليه فيمن نظر فلما رأيت حسنه بكيت
فنظر إلي في الناس فقال : ما يبكيك يا أخي بأبي أنت وامي فقلت : ذكرت يوسف و
امرأة العزيز ، وما ابتليت به من أمرها وما لقيت من السجن وحرقة الشيخ يعقوب
فبكيت من ذلك وكنت أتعجب منه فقال يوسف : فهلا تعجبت مما فيه المرأة
البدوية بالابواء .
عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : دخل الحسن بن علي عليهما السلام الفرات في بردة
كانت عليه ، قال : فقلت له : لو نزعت ثوبك فقال لي : يا أبا عبدالرحمن إن
للماء سكانا .
وللحسن بن علي عليه السلام :
ذري كدر الايام إن صفاءها * تولى بأيام السرور الذواهب
وكيف يغر الدهر من كان بينه * وبين الليالي محكمات التجارب
وله عليه السلام :
قل للمقيم بغير دار إقامة * حان الرحيل فودع الاحبابا
[341]
إن الذين لقيتهم وصحبتهم * صاروا جمعا في القبور ترابا
وله عليه السلام : يا أهل لذات دنيا لا بقاء لها * إن المقام بظل زائل حمق
وله عليه السلام :
لكسرة من خسيس الخبز تشعني * وشربة من قراح الماء تكفيني
وطمرة من رقيق الثوب تسترني * حيا وإن مت تكفيني لتكفيني
ومن سخائه عليه السلام ما روي أنه سأل الحسن بن علي عليهما السلام رجل فأعطاه فخمسين
ألف درهم وخمس مائة دينار ، وقال : ائت بحمال يحمل لك فأتى بحملا فأعطى
طيلسانه فقال : هذا كرى الحمال .
وجاءه بعض الاعراب فقال : أعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون ألف دينار
فدفعها إلى الاعرابي فقال الاعرابي : يامولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر
مدحتي فأنشأ الحسن عليه السلام :
نحن اناس نوالنا خضل * يرتع فيه الرجاء والامل
تجود قبل السؤال أنفسنا * خوفا على ماء وجه من يسل
لوعلم البحر فضل نائلنا * لغاض من بعد فيضه خجل ( 1 ) بيان : قال الفيروز آبادي : الخضل ككتف وصاحب : كل شئ ند يترشف
نداه وقال الجوهري : الخضل : النبات الناعم ، وقوله عليه السلام " خجل " خبر مبتدأ
محذوف .
15 - قب : أبوجعفر المدائني في حديث طويل : خرج الحسن والحسين و
عبدالله بن جعفر حجاجا ففاتهم أثقالهم ، فجاعوا وعطشوا فرأوا في بعض الشعوب
خباء رثا وعجوزا فاستسقوها فقالت : اطلبوا هذه الشويهة ، ففعلوا واستطعموها
فقالت : ليس إلا هي فليقم أحدكم فليذبحها حتى أصنع لكم طعاما فذبحها أحدهم
ثم شوت لهم من لحمها فأكلوا وقيلوا عندها فلما نهضوا قالوا لها : نحن نفر
* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخة المطبوعة : لفاض . وهو تصحيف راجع المصدر ج 4 ص 16 . ( * )
[342]
من قريش نريد هذا الوجه ، فإذا انصرفنا وعدنا فالممي بنافإنا صانعون بك خيرا
ثم رحلوا .
فلما جاء زوجها وعرف الحال أو جعها ضربا ثم مضت الايام فأضرت بها الحال
فرحلت حتى اجتازت بالمدينة فبصربها الحسن عليه السلام فأمر لها بألف شاة وأعطاها ألف
دينار ، وبعث معها رسولا إلى الحسين عليه السلام فأعطاها مثل ذلك ثم بعثها إلى عبدالله
ابن جعفر فأعطاها مثل ذلك .
البخاري : وهب الحسن بن علي عليه السلام لرجل ديته وسأله عليه السلام رجل شيئا
فأمر له بأربعمائة درهم فكتب له بأربعمائة دينار فقيل له في ذلك فأخده ، وقال :
هذا سخاؤه ، وكتب عليه بأربعة آلاف درهم .
وسمع عليه السلام رجلا إلى جنبه في المسجد الحرام يسأل الله أن يرزقه عشرة
آلاف درهم ، فانصرف إلى بيته وبعث إليه بعشرة آلاف درهم .
ودخل عليه جماعة وهو يأكل فسلموا وقعدوا فقال عليه السلام هلموا فانما
وضع الطعام ليؤكل .
ودخل الغاضري عليه عليه السلا فقال : إني عصيت رسول الله صلى الله عليه واله فقال : بئس
ما علمت كيف ؟ قال : قال صلى الله عليه واله : لا يفلح قوم ملكت عليهم امرأة وقد ملكت علي
امرأتي وأمرتني أن أشتري عبدا فاشتريته فأبق مني فقال عليه السلام : اختر أحد ثلاثة
إن شئت فثمن عبد فقال : ههنا ولا تتجاوز ! قد اخترت ، فأعطاه ذلك .
فضائل العكبري بالاسناد ، عن أبي إسحاق أن الحسن بن علي عليه السلام تزوج


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 342 سطر 19 الى ص 350 سطر 18

جعدة بنت الاشعث بن قيس على سنة النبي صلى الله عليه واله وأرسل إليها ألف دينار .
تفسير الثعلبي وحلية أبي نعيم قال محمد بن سيرين : إن الحسن بن علي عليه السلام
تزوج امرأة فبعث إليها مائة جارية مع كل جارية ألف درهم .
الحسن بن سعيد ، عن أبيه قال : كان تحت الحسن بن علي عليه السلام امرأتان
تميمية وجعفية فطلقهما جميعا وبعثني إليهما ، وقال : أخبرهما فليعتداوأخبرني
بما تقولان ، ومتعهما العشرة الالاف وكل واحدة منهما بكذا وكذا من العسل
[343]
والسمن ، فأتيت الجعفية فقلت : اعتدي ، فتنفست الصعداء ثم قالت : متاع قليل
من حبيب مفارق ، وأما التميمية فلم تدرما " اعتدي " حتى قال لها النساء
فسكتت ، فأخبرته عليه السلام بقوله الجعفية فنكت في الارض ثم قال : لو كنت مراجعا
لا مرأة لراجعتها .
وقال أنس : حيت جارية للحسن بن علي عليه السلام بطاقة ريحان فقال لها : أنت
حرة لوجه الله فقلت له في ذلك فقال : أدبنا الله تعالى : فقال : " وإذا حييتم
بتحية فحيوا بأحسن منها " ( 1 ) الاية وكان أحسن منها إعتاقها .
وللحسن بن علي عليه السلام : إن السخاء على العباد فريضة * لله يقرأ في كتاب محكم
وعد العباد الاسخياء جنانه * وأعد للبخلاء نار جهنم
من كان لاتندى يداه بنائل * للراغبين فليس ذاك بمسلم
ومن همته عليه السلام ماروي أنه قدم الشام إلى عند معاوية فأحضر بارنامجا
بحمل عظيم ووضع قبله ثم إن الحسن عليه السلام لما أراد الخروج خصف خادم نعله
فأعطاه البارنامج .
بيان : " بارنامج " معرب بارنامه أي تفصيل الامتعة .
16 - قب : وقدم معاوية المدينة فجلس في أول يوم يجيز من يدخل عليه
من خمسة آلاف إلى مائة ألف ، فدخل عليه الحسن بن علي عليه السلام في آخر الناس
فقال : أبطأت يا أبا محمد فلعلك أردت تبخلني عند قريش ، فانتظرت يفنى ماعندنا ، يا
غلام أعط الحسن مثل جميع ما أعطينا في يومنا هذا ، يا أبا محمد وأنا ابن هند فقال
الحسن عليه السلام : لا حاجة لي فيها يا أبا عبدالرحمان ورددتها وأنا ابن فاطمة بنت
محمد رسول الله صلى الله عليه واله .
المبرد في الكامل : قال مروان بن الحكم : إني مشغوف ببغلة الحسن بن علي
عليهما السلام فقال له ابن أبي عتيق : إن دفعتها إليك تقضي لي ثلاثين حاجة ؟ قال :
* ( هامش ) * ( 1 ) النساء : 85 . ( * )
[344]
نعم ، قال : إذا اجتمع القوم فاني آخذ في مآثر قريش وأمسك عن مآثر الحسن
فلمني على ذلك .
فلما حضر القوم أخذ في أولية قريش ، فقال مروان : ألا تذكر أولية أبي محمد
وله في هذا ماليس لاحد ، قال : إنما كنا في ذكر الاشراف ، ولو كنا في ذكر
الانبياء لقد منا ذكره .
فلما خرج الحسن عليه السلام ليركب ، اتبعه ابن أبي عتيق ، فقال له الحسن و
تبسم : ألك حاجة ؟ قال : نعم ركوب البغلة ، فنزل الحسن عليه السلام ودفعها إليه .
إن الكريم إذا خادعته انخذعا .
ومن حلمه ماروى المبرد وابن عائشة أن شاميا رآه راكبا فجعل يلعنه و
الحسن لايرد فلما فرغ أقبل الحسن عليه السلام فسلم عليه وضحك فقال : أيها الشيخ
أظنك غريبا ، ولعلك شبهت ، فلو استعتبتنا أعتبناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو
استرشدتنا أرشدناك ، ولو استحملتنا أحملناك ، وإن كنت جائعا أشبعناك ، وإن كنت
عريانا كسوناك ، وإن كنت محتاجا أغنياك ، وإن كنت طريدا آويناك ، وإن كان
لك حاجة قضينا هالك ، فلو حركت رحلك إلينا ، وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك
كان أعود عليك ، لان لنا موضعا رحبا وجاها عريضا ومالا كثيرا .
فلما سمع الرجل كلامه ، بكى ثم قال : أشهد أنك خليفة الله في أرضه ، الله
أعلم حيث يجعل رسالته وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إلى والان أنت أحب
خلق الله إلي وحول إليه ، وكان ضيفه إلى أن ارتحل ، وصار معتقدا
لمحبتهم .
بيان : تقوم : استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني .
17 - قب : المناقب عن أبي إسحاق العدل في خبر أن مروان بن الحكم
خطب يوما فذكر علي بن أبي طالب عليه السلام فنال منه والحسن بن علي عليه السلام جالس
فبلغ ذلك الحسين عليه السلام فجاء إلى مروان فقال : يابن الزرقاء ! أنت الواقع في علي
- في كلام له - ثم دخل على الحسن عليه السلام فقال : تسمع هذا يسب أباك فلا تقول
[345]
له شيئا فقال : وما عسيت أن أقول لرجل مسلط ، يقول ماشاء ، ويفعل ماشاء .
وروى أن الحسن عليه السلام لم يسمع قط منه كلمة فيها مكروه إلا مرة واحدة
فانه كان بينه وبين عمرو بن عثمان ، خصومة في أرض ، فقال له الحسن عليه السلام : ليس
لعمرو عندنا إلا مايرغم أنفه .
دعا أميرالمؤمنين عليه السلام محمد بن الحنفية يوم الجمل فأعطاه رمحه وقال له :
اقصد بهذا الرمح قصد الجمل ، فذهب فمنعوه بنوضبة فلما رجع إلى والده انتزع
الحسن رمحه من يده ، وقصد قصد الجمل ، وطعنه برمحه ، ورجع إلى والده ، و
على رمحه أثر الدم ، فتمغر وجه محمد من ذلك فقال أميرالمؤمنين : لا تأنف فانه ابن
النبي وأنت ابن علي .
بيان : تمغر وجهه : احمر مع كدورة ، وأنف منه : استنكف .
18 - قب : طاف الحسن بن علي عليه السلام بالبيت فسمع رجلا يقول : هذا
ابن فاطمة الزهراء ، فالتفت إليه فقال : قل علي بن أبي طالب فأبي خير من امي .
ونادى عبدالله بن عمر الحسن بن علي عليه السلام في أيام صفين وقال : إن لي
نصيحة ، فلما برز إليه ، قال : إن أباك بغضة لعنة وقد خاض في دم عثمان فهل
لك أن تخلعه نبايعك ، فأسمعه الحسن عليه السلام ماكرهه فقال معاوية : إنه ابن أبيه .
19 - كشف : قال كمال الدين ابن طلحة : روى أبوالحسن علي بن أحمد
الواحدي في تفسيره الوسيط مايرفعه بسنده أن رجلا قال : دخلت مسجد المدينة
فاذا أنا برجل يحدث عن رسول الله صلى الله عليه واله والناس حوله ، فقلت له : أخبرني عن
" شاهد ومشهود " ( 1 ) فقال : نعم ، أما الشاهد فيوم الجمعة وأما المشهود فيوم عرفة
فجزته إلى آخر يحدث فقلت : أخبرني عن " شاهد ومشهود " فقال : نعم أما الشاهد
فيوم الجمعة وأما المشهود فيوم النحر فجزتهما إلى غلام كأن وجهه الدينار ، وهو
يحدث عن رسول الله صلى الله عليه واله فقلت : أخبرني عن " شاهد ومشهود " فقال : نعم أما
الشاهد فمحمد صلى الله عليه واله وأما المشهود فيوم القيامة أما سمعته يقول : " يا أيها النبي
* ( هامش ) * ( 1 ) البروج : 3 . ( * )
[346]
إنا أرسلناك شاهدا " ( 1 ) وقال تعالى : " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم
مشهود " ( 2 ) .
فسألت عن الاول فقالوا : ابن عباس ، وسألت عن الثاني فقالوا : ابن عمر
وسألت عن الثالث فقالوا : الحسن بن علي بن أبيطالب وكان قول الحسن أحسن .
ونقل أنه عليه السلام اغتسل وخرج من داره في حلة فاخرة ، وبزة طاهرة ، و
محاسن سافرة ، وقسمات ظاهرة ، ونفخات ناشرة ، ووجهة يشرق حسنا ، وشكله
قدكمل صورة ومعنى ، والاقبال يلوح من أعطافه ، ونضرة النعيم تعرف في أطرافه
وقاضي القدر قد حكم أن السعادة من أوصافه ، ثم ركب بغلة فارهة غير قطوف ، وسار
مكتنفا من حاشيته وغاشيته بصفوف ، فلو شاهده عبد مناف لارغم بمفاخرته به معاطس
انوف ، وعده وآباءه وجده في إحراز خصل الفخار يوم التفاخر بالوف .
فعرض له في طريقه من محاويج اليهود هم في هدم قد أنهكته العلة ، وارتكبته
الذلة ، وأهلكته القلة ، وجلدة يستر عظامه وضعفه يقيد أقدامه ، وضره قد ملك
زمامه ، وسوء حاله قد حبب إليه حمامه ، وشمس الظهيرة تشوي شواه ، وأخمصه
يصافح ثرى ممشاه ، وعذاب عرعريه قد عراه ، وطول طواه قد أضعف بطنه وطواه
وهو حامل جر مملوء ماء على مطاه ، وحاله تعطف عليه القلوب القاسية عند مرآه .
فاستوقف الحسن عليه السلام وقال : يا ابن رسول الله : أنصفني ، فقال عليه السلام : في أي
شئ ؟ فقال : جدك يقول : " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " وأنت مؤمن وأنا كافر
فماأرى الدنيا إلا جنة تتنعم بها ، وتستلذ بها ، وما أراها إلا سجنا لي قد أهلكني
ضرها ، وأتلفني فقرها .
فلما سمع الحسن عليه السلام كلامه أشرق عليه نور التأييد ، واستخرج الجواب
بفهمه من خزانة علمه ، وأوضح لليهودي خطاء ظنه وخطل زعمه ، وقال : ياشيخ
لو نظرت إلى ما أعد الله لي وللمؤمنين في الدار الاخرة مما لاعين رأت ، ولا
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحزاب : 45 .
( 2 ) هود : 104 . ( * )
[347]
اذن سمعت ، لعلمت أني قبل انتقالي إليه في هذه الدنيا في سجن ضنك ، ولو نظرت
إلى ما أعد الله لك ولكل كافر في الدار الاخرة من سعير نار الجحيم ، ونكال
العذاب المقيم ، لرأيت أنك قبل مصيرك إليه الان في جنة واسعة ، ونعمة جامعة .
بيان : سفر الصبح : أضاء وأشرق كأسفر ، والمرأة كشفت عن وجهها فهي
سافر ، والقسمة بكسر السين وفتحها : الحسن ، والاعطاف : الجوانب ، والغاشية : السؤال
يأتونك والزوار والاصدقاء ينتابونك ، والهم بالكسر الشيخ الفاني ، والهدم
بالكسر : الثوب البالي أو المرقع أو خاص بكساء الصوف ، والجمع أهدام وهدم
والشوى : اليدان والرجلان والرأس من الادميين : والعر بالضم : قروح مثل
القوباء تخرج بالابل متفرقة في مشافرها وقوائمها ، يسيل منها مثل المآء الاصفر
وبالفتح : الجرب ، ويحتمل أن يكون " عرعرته " وعرعرة الجبل والسنام وكل
شئ - بضم العينين - رأسه . الطوى بالفتح : الجوع ، ولعل المراد بالطوى ثانيا ما
انطوى عليه بطنه من الاحشاء والامعاء ، والمطا . الظهر .
20 - كشف : روى صاحب كتاب صفة الصفوة بسنده عن علي بن زيد بن
جذعان أنه قال : حج الحسن عليه السلام خمس عشرة حجة ماشيا وإن الجنائب
لتقادمعه .
ومن كرمه وجوده عليه السلام مارواه سعيد بن عبدالعزيز قال : إن الحسن سمع
رجلا يسأل ربه تعالى أن يرزقه عشرة آلاف درهم ، فانصرف الحسن إلى منزله
فبعث بها إليه .
ومنها أن رجلا جاء إليه عليه السلام وسأله حاجة فقال له : يا هذا حق سؤالك
يعظم لدي ، ومعرفتي بما يجب لك يكبر لدي ، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت
أهله ، والكثير في ذات الله عزوجل قليل ، ومافي ملكي وفاء لشكرك ، فان قبلت
الميسور ، ورفعت عني مؤنة الاحتفال والاهتمام بما أتكلفه من واجبك فعلت .
فقال : ياابن رسول الله صلى الله عليه واله أقبل القليل ، وأشكر الطعية ، وأعذر على
المنع ، فدعا الحسن عليه السلام بوكيله وجعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاها [ ف ] قال :
[348]
هات الفاضل من الثلاثمائة ألف درهم ، فأحضر خمسين ألفا قال : فما فعل الخمسمائة دينار ؟
قال : [ هي ] عندي قال : أحضرها فأحضرها فدفع الدراهم والدنانير إلى الرجل
وقال : هات من يحملها لك فأتاه بحمالين ، فدفع الحسن عليه السلام إليه رداءه لكرى
الحمالين ، فقال مواليه : والله ماعندنا درهم فقال عليه السلام : لكني أرجو أن يكون لي عندالله
أجر عظيم .
ومنها ما رواه أبوالحسن المدائني قال : خرج الحسن والحسين وعبدالله بن
جعفر عليهم السلام حجاجا ففاتهم أثقالهم ، فجاعوا وعطشوا فمروا بعجوز في خباء لها
فقالوا : هل من شراب ؟ فقالت : نعم ، فأنا خوابها وليس لها ألا شويهة في كسر
الخيمة ، فقالت : احلبوها ، وامتذقوا لبنها ، ففعلوا ذلك وقالوا لها : هل من طعام ؟
قالت : لا إلا هذه الشاة ، فليذبحنها أحدكم حتى أهيئ لكم شيئا تأكلون .
فقام إليها أحدهم فذبحها وكشطها ثم هيأت لهم طعاما فأكلوا ثم أقاموا حتى
أبردوا فلما ارتحلوا قالوا لها : نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه ، فاذا رجعنا
سالمين فألمي بنا فانا صانعون إليك خيرا ، ثم ارتحلوا . وأقبل زوجها وأخبرته عن
القوم والشاة فغضب الرجل ، وقال : ويحك تذبحين شاتي لاقوام لا تعرفينهم ثم
تقولين : نفر من قريش ، ثم بعد مدة ألجأتهم الحاجة إلى دخول المدينة ، فدخلاها
وجعلا ينقلان البعير إليها ويبيعانه ويعيشان منه ، فمرت العجوز في بعض سكك
المدينة فاذا الحسن عليه السلام على باب داره جالس فعرف العجوز وهي له منكرة .
فبعث غلامه فردها فقال لها : يا أمة الله تعرفيني ؟ قالت : لا ، قال : أنا ضيفك يوم
كذا ، فقالت العجوز بأبي أنت وامي ، فأمر الحسن عليه السلام فاشترى لها من شاء الصدقة
ألف شاة وأمر لها بألف دينار وبعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين عليه السلام فقال :
بكم وصلك أخي الحسن فقالت : بألف شاة وألف دينار ، فأمر لها بمثل ذلك ، ثم
بعث بها مع غلامه إلى عبدالله بن جعفر عليه السلام فقال : بكم وصلك الحسن والحسين
عليهما السلام ؟ فقالت : بألفي دينار وألفي شاة فأمرلها عبدالله بألفي شاة وألفي
دينار ، وقال : لو بدأت بي لاتعبتهما ، فرجعت العجوز إلى زوجها بذلك .
[349]
قب : أبوجعفر المدائني مثله ، إلا أن فيه : فأعطاها عبدالله بن جعفر
مثل ذلك .
21 - كشف : قلت : هذه القصة مشهورة وفي دواوين جودهم مسطورة
وعنهم عليهم السلام مأثورة ، وكنت نقلتها على غير هذه الرواية ، وأنه كان معهم رجل آخر
من أهل المدينة وأنها أتت عبدالله بن جعفر فقال : ابدئي بسيدي الحسن والحسين
فأتت الحسن فأمر لها بمائة بعير وأعطاها الحسين ألف شاة ، فعادت إلى عبدالله فسألها
فأخبرته فقال : كفاني سيداي أمر الابل والشاة ، وأمر لها بمائة ألف درهم ، وقصدت
المدني الذي كان معهم فقال لها : أنا لا اجاري اولئك الاجواد في مدى ، ولا أبلغ
عشر عشيرهم في الندى ، ولكن اعطيك شيئا من دقيق وزبيب فأخذت وانصرفت .
رجع الكلام إلى ابن طلحة رحمه الله قال : وروى عن ابن سيرين قال : تزوج
الحسن عليه السلام امرأة فأرسل إليها بمائة جارية مع كل جارية ألف درهم وروى الحافظ
في الحلية عن أبي نجيح أن الحسن بن علي عليهما السلام حج ماشيا وقسم ماله نصفين .
وعن شهاب بن أبي عامر أن الحسن بن علي عليهما السلام قاسم الله ماله مرتين حتى
تصدق بفرد نعله .
وعن علي بن زيد بن جذعان ، قال : خرج الحسن بن علي من ماله مرتين وقاسم
الله ثلاث مرات حتى أنه كان يعطي من ماله نعلا ويمسك نعلا ، ويعطي خفا
ويمسك خفا .
وعن قرة بن خالد قال : أكلت في بيت محمد بن سيرين طعاما فلما أن شبعت
أخذت المنديل ، ورفعت يدي فقال محمد إن الحسن بن علي عليهما السلام قال : إن الطعام
أهون من أن يقسم فيه .
وعن الحسن بن سعيد ، عن أبيه قال : متع الحسن بن علي عليهما السلام امرأتين
بعشرين ألفا وزقاق من عسل فقالت إحداهما وأراها الحنفية : متاع قليل من حبيب
مفارق ( 1 ) . * ( هامش ) * ( 1 ) هكذا نقل الخبر في النسخ المطبوعة والمصدر ج 6 ص 142 . وفيه سقط ظاهر
واختلال فاحش . وقد مر صحيح الخبر عن كتاب المناقب تحت الرقم 15 ص 342 فراجع . ( * )
[350]
وأتاه رجل فقال : إن فلانا يقع فيك فقال : ألقيتني في تعب اريد الان أن
أستغفر الله لي وله .
22 - د : قيل : وقف رجل على الحسن بن علي عليهما السلام فقال : يا ابن أميرالمؤمنين
بالذي أنعم عليك بهذه النعمة التي ما تليها منه بشفيع منك إليه ، بل إنعاما منه
عليك ، إلا ما أنصفتني من خصمي فانه غشوم ظلوم ، لا يوقر الشيخ الكبير ، ولايرحم
الطفل الصغير ، وكان متكئا فاستوى جالسا وقال له : من خصمك حتى أنتصف لك
منه ؟ فقال له : الفقر ، فأطرق عليه السلام ساعة ثم رفع رأسه إلى خادمه وقال له : أحضر ما
عندك من موجود ، فأحضر خمسة آلاف درهم فقال : ادفعها إليه ، ثم قال له :
بحق هذه الاقسام التي أقسمت بها علي متى أتاك خصمك جائرا إلا ما أتيتني
منه متظلما .
23 - فر : أحمد بن القاسم معنعنا عن أبي الجارود قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام
يقول : قال علي بن أبي طالب عليه السلام للحسن : قم اليوم خطيبا وقال لامهات أولاده :
قمن فاسمعن خطبة ابني ، قال : فحمد الله تعالى وصلى على النبي صلى الله عليه واله ثم قال
ماشاء الله أن يقول ثم قال : إن أميرالمؤمنين في باب ومنزل من دخله كان آمنا ، ومن
خرج منه كان كافرا ، أقول قولي وأستغفر الله العظيم لي ولكم ، ونزل فقام على فقبل
رأسه وقال : بأبي أنت وامي ثم قرأ : " ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم " ( 1 )
24 - فر : أبوجعفر الحسني والحسن بن حباش ( 2 ) معنعنا عن جعفر بن
محمد عليهما السلام قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام للحسن : يا بني قم فاخطب حتى أسمع


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 350 سطر 19 الى ص 358 سطر 18

كلامك ، قال : يا أبتاه كيف أخطب وأنا أنظر إلى وجهك أستحيي منك ، قال :
فجمع علي بن أبي طالب عليه السلام امهات أولاده ثم توارى عنه ، حيث يسمع كلامه .
* ( هامش ) * ( 1 ) آل عمران : 34 .
( 2 ) في النسخة المطبوعة : " الحسن بن عياش " وهو تصحيف وما في الصلب هو الصحيح
المطابق للمصدر ص 20 ، قال الفيروز آبادى : وكغراب حباش الصورى والحسن بن حباش الكوفي محدثان . ( * )
[351]
فقام الحسن عليه السلام فقال : الحمد لله الواحد بغير تشبيه ، الدائم بغير تكوين
القائم بغير كلفة ، الخالق بغير منصبة ، الموصوف بغير غاية ، المعروف بغير محدودية
العزيز لم يزل قديما في القدم ، ردعت القلوب لهيبته ، وذهلت العقول لعزته
وخضعت الرقاب لقدرته ، فليس يخطر على قلب بشر مبلغ جبروته ، ولايبلغ
الناس كنه جلاله ، ولا يفصح الواصفون منهم لكنه عظمته ، ولا تبلغه العلماء
بألبابها ، ولا أهل التفكر بتدبير امورها ، أعلم خلقه به الذي بالحد لا يصفه ، يدرك
الابصار ولايدركه الابصار ، وهو اللطيف الخبير أما بعد فان عليا باب من دخله
كان مؤمنا ، ومن خرج منه كان كافرا أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم .
فقام علي بن أبي طالب عليه السلام وقبل بين عينيه ثم قال : " ذريية بعضها من
بعض والله سميع عليم " .
25 - كا : العدة ، عن البرقي ، عن محمد بن علي ، عن علي بن أسباط
عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لقي الحسن بن علي عليهما السلام عبدالله بن جعفر
فقال : يا عبدالله كيف يكون المؤمن مؤمنا وهو يسخط قسمه ، ويحقر منزلته
والحاكم عليه الله ، وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلا الرضا أن يدعو الله
فيستجاب له .
26 - كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال وابن محبوب ، عن يونس
ابن يعقوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن ناسا بالمدينة قالوا :
ليس للحسن مال فبعث الحسن إلى رجل بالمدينة فاستقرض منه ألف درهم فأرسل
بها إلى المصدق وقال : هذه صدقة مالنا فقالوا : ما بعث الحسن هذه من تلقاء نفسه
إلا وعنده مال .
27 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان الحسن بن علي عليهما السلام يحج ماشيا وتساق معه المحامل
والرحال . 28 - قب : كتاب الفنون عن أحمد المؤدب ، ونزهة الابصار عن ابن مهدي
[352]
أنه مر الحسن بن علي عليهما السلام على فقراء وقد وضعوا كسيرات على الارض وهم
قعود يلتقطونها ويأكلونها فقالوا له : هلم يا ابن بنت رسول الله إلى الغداء قال : فنزل
وقال : إن الله لايحب المستكربين ، وجعل يأكل معهم حتى اكتفوا والزاد على
حاله ببركته عليه السلام ثم دعاهم إلى ضيافته وأطعمهم وكساهم .
وروى الحاكم في أماليه للحسن عليه السلام : من كان يباء بجد فان جدي الرسول صلى الله عليه واله
أو كان يباء بام فان امي البتول ، أو كان يباء بزور فزور نا جبرئيل .
بيان : " يباء " بالباء فيما عند نا من النسخ ولعلة يباء ( 1 ) من " البأو " بمعنى الكبر
والفخر ، يقال : بأوت على القوم أبأى بأوا ، أو بالنون من نأى بمعنى بعد كناية عن
الرفعة ، أو من النوء بمعنى العطاء ، أو من المناواة بمعنى المفاخرة ، ويحتمل أن يكون
نباء من النباء بمعنى الخبر على صيغة المبالغة أو نثاء كذلك من النثاء ( 2 ) .
29 - من بعض كتب المناقب المعتبرة بإسناده عن نجيح قال : رأيت الحسن
ابن علي عليهما السلام يأكل وبين يديه كلب كلما أكل لقمة طرح للكلب مثلها فقلت له :
ياابن رسول الله ألا أرجم هذا الكلب عن طعامك ؟ قال : دعه إني لاستحيي من الله
عزوجل أن يكون ذو روح ينظر في وجهي وأنا آكل ثم لا اطعمه .
وذكر الثقة : أن مروان بن الحكم عليه اللعنة شتم الحسن بن علي عليهما السلام فلما
فرغ قال الحسن : إني والله لا أمحوا عنك شيئا ولكن مهدك الله فلئن كنت صادقا
فجزاك الله بصدقك ، ولئن كنت كاذبا فجزاك الله بكذبك والله أشد نقمة مني .
وروي أن غلاما له عليه السلام جنى جناية توجب العقاب فأمر به أن يضرب فقال :
يامولاي " والعافين عن الناس " قال : عفوت عنك ، قال : يا مولاي " والله يحب
المحسنين " قال : أنت حر لوجه الله ولك ضعف ما كنت اعطيك .
30 - كا : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه وعمرو بن عثمان جميعا ، عن هارون
* ( هامش ) * ( 1 ) كأنه يريد " يبأ " مجزوم " يبأي " .
( 2 ) ولكن الصحيح أنه من " باء يباء " بمعنى تكبر وافتخر ، وهو مقلوب من " بأي "
كقولهم " راء " في " رأى " . ( * )
[353]
ابن الهجم ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر وأبا عبدالله عليهما السلام يقولان : بينا
الحسن بن علي عليهما السلام في مجلس أميرالمؤمنين صلوات الله عليه إذ أقبل قوم فقالوا :
يابا محمد أردنا أمير المؤمنين قال : وما حاجتكم ؟ قالوا : أردنا أن نسأله عن مسألة قال :
وماهي تخبر ونابها ، فقالوا : امرأة جامعها زوجها ، فلما قام عنها قامت بحموتها فوقعت
على جارية بكر فساحقتها فألقت النطقة فيها فحملت ، فما تقول في هذا ؟ فقال
الحسن عليه السلام : معضلة وأبوالحسن لها وأقول فان أصبت فمن الله ثم من أميرالمؤمنين
وإن أخطأت فمن نفسي فأرجو أن لا اخطئ إنشاء الله .
يعمد إلى المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أول وهلة لان الولد لا
يخرج منهاحتى يشق فتذهب عذرتها ، ثم ترجم المرأة لانها محصنة وينتظر بالجارية
حتى تضع ما في بطنها ، ويرد إلى أبيه صاحب النطفة ثم تجلد الجارية الحد .
قال : فانصرف القوم من عند الحسن فلقوا أميرالمؤمنين عليه السلام فقال : ما قلتم
لابي محمد وما قال لكم ؟ فأخبروه فقال : لو أنني المسؤل ماكان عندي فيها أكثر
مما قال ابني .
31 - ج : روي أن عمرو بن العاص قال لمعاوية : ابعث إلى الحسن بن
علي عليهما السلام فمره أن يصعد المنبر يخطب الناس لعله يحصر ، فيكون ذلك مما
نعيره به في كل محلف ، فبعث إليه معاوية فأصعده المنبر ، وقد جمع له الناس
ورؤساء أهل الشام فحمد الله الحسن بن علي صلوات الله عليه وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس من عرفني فأنا الذي يعرف ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن
علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله أول المسلمين إسلاما ، وامي فاطمة بنت رسول
الله صلى الله عليه واله وجدي محمد بن عبدالله نبي الرحمة أنا ابن البشير ، أنا ابن النذير ، أنا
ابن السراج المنير ، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين ، أنا ابن من بعث إلى الجن و
الانس أجمعين .
فقال معاوية : يا با محمد خذبنا ( 1 ) في نعت الرطب - أراد تخجيله - فقال الحسن :
* ( هامش ) * ( 1 ) حدثنا ، خ . ( * )
[354]
الريح تنفخه ، والحر ينضجه ، والليل يبرده ويطيبه ، ثم أقبل الحسن عليه السلام فرجع
في كلامه الاول فقال :
أنا ابن مستجاب الدعوة ، أنا ابن الشفيع المطاع ، أنا ابن أول من ينفض عن
الرأس التراب ، أنا ابن من يقرع باب الجنة : فيفتح له ، أنا ابن من قاتل معه
الملائكة وأحل له المغنم ، ونصر بالرعب من مسيرة شهر .
فأكثر في هذا النوع من الكلام ، ولم يزل به حتى أظلمت الدنيا على معاوية
وعرف الحسن عليه السلام من لم يكن يعرفه من أهل الشام وغيرهم ، ثم نزل فقال له
معاوية : أما إنك يا حسن قد كنت ترجو أن تكون خليفة ولست هناك ، فقال
الحسن عليه السلام : أما الخليفة فمن سار بسيرة رسول الله صلى الله عليه واله وعمل بطاعة الله عزو جل
ليس الخليفة من سار بالجور وعطل السنن واتخذ الدنيا اما وأبا ، ولكن ذلك
ملك أصاب ملكا فتمتع منه قليلا وكان قد انقطع عنه فاتخم لذته وبقيت عليه
تبعته ، وكان كما قال الله تبارك وتعالى : " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " ( 1 )
فأومأبيده إلى معاوية ثم قام فانصرف ، فقال معاوية لعمرو : والله ما أردت إلا
شيني حين أمرتني بما أمرتني ، والله ماكان يرى أهل الشام أن أحدا مثلي في
حسب ولا غيره ، حتى قال الحسن ما قال ، قال عمرو : هذا شئ لايستطاع دفنه ولا تغييره
لشهرته في الناس واتضاحه ، فسكت معاوية لعنه الله .
بيان : الاتخام : الثقل الحاصل من كثرة أكل الطعام أي اتخم من لذته .
32 - قب : القاضي النعمان في شرح الاخبار بالاسناد ، عن عبادة بن الصامت
ورواه جماعة ، عن غيره أنه سأل أعرابي أبابكر فقال : إني أصبت بيض نعام
فشويته وأكلته وأنا محرم فما يجب علي ؟ فقال له : يا أعرابي أشكلت علي
في قضيتك ، فدله على عمر ، ودله عمر على عبدالرحمان فلما عجزوا قالوا : عليك
بالاصلع فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : سل أي الغلامين شئت ، فقال الحسن : يا أعرابي
ألك إبل ؟ قال : نعم ، قال : فاعمد إلى عدد ما أكلت من ا لبيض نوقا فاضربهن بالفحول
* ( هامش ) * ( 1 ) الانبياء : 111 . ( * )
[355]
فما فضل منها فأهده إلى بيت الله العتيق الذي حججت إليه ، فقال أميرالمؤمنين : إن
من النوق السلوب ، ومنها مايزلق ، فقال : إن يكن من النوق السلوب وما يزلق
فان من البيض مايمرق ، قال : فسمع صوت معاشوالناس : إن الذي فهم هذا الغلام
هو الذي فهمها سليمان بن داود .
بيان : السلوب من النوق التي القت ولدها بغير تمام ، وأزلقت الناقة : أسقطت
والمراد هنا ما تسقط النطقة ، ومرقت البيضة : فسدت .
أقول : قد اورد كثير من قضاياه عليه السلام في الفقيه والكافي في كتاب الحدود
وكتاب القضايا وكتاب الديات ، تركناها لو ضوح الامر وخوف الاطناب .
33 - قب : ابن سنان ، عن رجل من أهل الكوفة أن الحسن بن علي عليهما السلام
كلم رجلا فقال : من أي بلد أنت ؟ قال : من الكوفة قال : لو كنت بالمدينة لاريتك
منازل جبرئيل عليه السلام من ديارنا .
محمد بن سيرين أن عليا عليه السلام قال لابنه الحسن : أجمع الناس فاجتمعوا
فأقبل فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وتشهد ثم قال : أيها الناس إن الله اختارنا
لنفسه ، وارتضانا لدينه ، واصطفانا على خلقه ، وأنزل علينا كتابه ووحيه ، وأيم الله
لا ينقصنا أحد من حقنا شيئا إلا انتقصه الله من حقه في عاجل دنياه وآخرته ، ولا
يكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة ، ولتعلمن نبأه بعد حين .
ثم نزل فجمع بالناس ، وبلغ أباه ، فقبل بين عينيه ثم قال : بأبي وامي
ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم .
العقد عن ابن عبد ربه والاندلسي وكتاب المدائني أيضا أنه قال عمرو بن
العاص لمعاوية : لو أمرت الحسن بن علي يخطب على المنبر ، فلعله حصر فيكون
ذلك وضعا له عند الناس فأمر الحسن بذلك ، فلما صعد المنبر تكلم وأحسن ثم قال :
أيها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبيطالب
أنا ابن أول المسلمين إسلاما ، وامي فاطمة بنت رسول الله ، أنا ابن البشير
النذير ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين . وفي رواية ابن
[356]
عبدربه - لو طلبتم ابنا لنبيكم مابين لابتيها ( 1 ) لم تجدوا غيري وغير أخي ، فناداه
معاوية يا أبامحمد حدثنا بنعت الرطب أراد بذلك يخجله ، ويقطع بذل كلامه فقال : نعم
تلقحه الشمال ، وتخرجه الجنوب ، وتنضجه الشمس ويطيبه القمر - وفي رواية المدائني :
الريح تنفخه ، والحر تنضجه والليل يبرده ويطيبه - وفي رواية المدائني فقال عمرو :
أبا محمد ! هل تنعت الخرأة قال : نعم ، تبعد الممشى في الارض الصحصح حتى تتوارى
من القوم ، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، ولا تمسح باللقمة ، والرمة ، يريد
العظم والروث - ولا تبل في الماء الراكد .
توضيح : الخرء بالفتح دفع الخروء بالضم ، والصحصح المكان المستوي ولا
يخفى مافي إدخال الروث في تفسير الرمة من الاشتباه .
34 - قب : المنهال بن عمرو أن معاوية سأل الحسن عليه السلام أن يصعد المنبر
وينتسب ، فصعد فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني : ومن لم
يعرفني فسا بين له نفسي ، بلدي مكة ومني ، وأنا ابن المروة والصفا ، وأنا ابن النبي
المصطفى ، وأنا ابن من علا الجبال الرواسي ، وأنا ابن كسا محاسن وجهه
الحيا ، أنا ابن فاطمة سيدة النساء ، أنا ابن قليلات العيوب ، نقيات الجيوب - وأذن
المؤذن ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله - فقال : يا معاوية
محمد أبي أم أبوك ؟ فان قلت : ليس بأبي فقد كفرت ، وإن قلت : نعم ، فقد أقررت
ثم قال : أصبحت قريش تفتخر على العرب بأن محمدا منها ، وأصبحت العرب تفتخر
على العجم بأن محمدا منها ، وأصبحت العجم تعرف حق العرب بأن محمدا منها يطلبون
حقنا ولايردو ن إلينا حقنا .
بيان : قال الجوهري : رجل ناصح الجيب أي أمين انتهى ، فقوله عليه السلام :
" نقيات الجيوب " كناية عن عفتهن كما أن طهارة الذيل في عرف العجم كناية عنها . * ( هامش ) * ( 1 ) اللابة : الحرة من الارض ، يقال : " مابين لا تبيها مثل فلان " وأصله في
المدينة وهى حرتاها المكتنفتان بها ، ثم جرى في كل بلدة فيقولون : " مابين لابتيها مثل
فلان " من دون اظهار صاحب الضمير . ( * )
[357]
35 - قب : كتب ملك الروم إلى معاوية يسأله عن ثلاث : عن مكان بمقدار
وسط السماء ، وعن أول قطرة دم وقعت على الارض ، وعن مكان طلعت فيه الشمس
مرة ، فلم يعلم ذلك ، فاستغاث بالحسن بن علي عليهما السلام فقال : ظهر الكعبة ، ودم
حوا ، وأرض البحر حين ضربه موسى .
وعنه عليه السلام في جواب ملك الروم : مالا قبلة له فهي الكعبة ، ومالا قرابة له فهو
الرب تعالى .
وسأل شامي الحسن بن علي عليه السلام فقال : كم بين الحق والباطل ؟ فقال :
أربع أصابع : فما رأيت بعينك فهو الحق وقد تسمع باذنيك باطلا كثيرا ، وقال :
كم بين الايمان واليقين ؟ فقال : أربع أصابع : الايمان ما سمعناه واليقين ما رأيناه
قال : وكم بين السماء والارض ؟ قال : دعوة المظلوم ، ومد البصر ، قال : كم بين
المشرق والمغرب ؟ قال : مسيرة يوم للشمس .
أبوالمفضل الشيباني في أماليه وابن الوليد في كتابه بالاسناد عن جابر بن
عبدالله قال : كان الحسن بن علي قد ثقل لسانه ، وأبطأ كلامه ، فخرج رسول
الله صلى الله عليه واله في عيد من الاعياد وخرج معه بالحسن بن علي فقال النبي صلى الله عليه واله : الله
أكبر يفتتح الصلاة قال الحسن : الله أكبر قال : فسر بذلك رسول الله فلم يزل
رسول الله يكبر والحسن معه يكبر حتى كبر سبعا فوقف الحسن عند السابعة
فوقف رسول الله صلى الله عليه واله عندها ، ثم قام رسول الله إلى الركعة الثانية فكبر الحسن
حتى إذا بلغ رسول الله خمس تكبيرات فوقف الحسن عند الخامسة ، ووقف رسول الله
عند الخامسة ، فصار ذلك سنة في تكبير العيدين ، وفي رواية أنه كان الحسين عليه السلام .
كتاب إبراهيم : قال بعض أصحاب الحسن عليه السلام مرفوعا : الطلق للنساء
إنما يكون سرة المولود متصلة بسرة امه فتقطع فيؤلمها .
أقول : قال عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : روى محمد بن
حبيب في أماليه أن الحسن عليه السلام حج خمس عشرة حجة ماشيا تقاد الجنائب معه
وخرج من ماله مرتين ، وقاسم الله عزوجل ثلاث مرات ماله ، حتى أنه كان يعطي نعلا
[358]
ويمسك نعلا ويعطي خفا ويمسك خفا .
وروى أيضا أن الحسن عليه السلام أعطى شاعرا فقال له رجل من جلسائه : سبحان
الله شاعرا يعصي الرحمن ويقول البهتان ؟ فقال : يا عبدالله إن خير ما بذلت من
مالك ما وقيت به عرضك ، وإن من ابتغاء الخير اتقاء الشر .
36 - د : حدث الزبير بن بكار ، وابن عون ، عن عمير بن إسحاق قال :
ماتكلم أحد أخب إلى أن لا يسكت من الحسن بن علي عليهما السلام وما سمعت منه
كلمة فحش قط وإنه كان بين الحسن بن علي وعمرو بن عثمان خصومة في أرض فعرض الحسين أمرا لم يرضه عمرو ، فقال الحسن عليه السلام : ليس له عندنا إلا ما أرغم
أنفه ، فان هذه أشد وأفحش كلمة سمعتها منه قط .
37 - د : قيل : طعن أقوام من أهل الكوفة في الحسن بن علي عليهما السلام فقالوا :
إنه عي لا يقوم بحجة ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فدعا الحسن فقال : ياابن رسول الله
إن أهل الكوفة قد قالوا فيك مقالة أكرهها ؟ قال : وما يقولون ياأميرالمؤمنين ؟
قال : يقولون : إن الحسن بن علي عي اللسان لايقوم بحجة ، وإن هذه الاعواد
فأخبر الناس فقال : ياأميرالمؤمنين لا أستطيع الكلام وأنا أنظر إليك ، فقال
أميرالمؤمنين عليه السلام إني متخلف عنك فناد أن الصلاة جامعة ، فاجتمع المسلمون
فصعد عليه السلام المنبر فخطب خطبة بليغة وجيزة فضج المسلمون بالبكاء ثم قال :
أيها الناس اعقلوا عن ربكم إن الله عزوجل اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم و
آل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ، فنحن الذرية من آدم
والاسرة من نوح ، والصفوة من إبراهيم ، والسلالة من إسماعيل ، وآل من محمد صلى الله عليه واله


............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 39 من ص 358 سطر 19 الى ص 364 سطر 7

نحن فيكم كالسماء المرفوعة ، والارض المدحوة ، والشمس الضاحية ، وكالشجرة
الزيتونة ، لاشرقية ولا غربية التي بورك زيتها ، النبي أصلها ، وعلي فرعها ، ونحن
والله ثمرة تلك الشجرة ، فمن تعلق بغصن من أغصانهانجا ، ومن تخلف عنها فإلى النار
هوى ، فقام أميرالمؤمنين من أقصى الناس يسحب رداءه من خلفه حتى علا المنبر
مع الحسن عليه السلام فقبل بين عينيه ، ثم قال : ياابن رسول الله أثبت على القوم حجتك
وأوجبت عليهم طاعتك ، فويل لمن خالفك .
[359]
17 * ( باب ) *
* ( خطبة بعد شهادة أبيه صلوات الله عليهما ) *
" وبيعة الناس له "
1 - لى : أبي ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر
عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن الثمالي ، عن حبيب بن عمرو قال : لما توفي
أميرالمؤمنين عليه السلام وكان من الغد قام الحسن عليه السلام خطيبا على المنبر فحمد الله و
أثنى عليه ثم قال :
أيها الناس في هذه الليلة نزل القرآن وفي هذه الليلة رفع عيسى بن مريم ، و
في هذه الليلة قتل يوشع بن نون ، وفي هذه الليلة مات أبي أميرالمؤمنين والله
لايسبق أبي أحد كان قبله من الاوصياء إلى الجنة ولا من يكون بعده ، وإن كان
رسول الله صلى الله عليه واله ليبعثه في السرية ، فيقاتل جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره
وماترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه ، كان يجمعها ليشتري
بها خادما لاهله .
2 - جا ، ما : المفيد ، عن إسماعيل بن محمد الانباري ، عن إبراهيم بن
محمد الازدي ، عن شعيب بن أيوب ، عن معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن هشام
ابن حسان قال : سمعت أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام يخطب الناس بعد البيعة له
بالامر فقال : نحن حزب الله الغالبون ، وعترة رسول الاقربون ، وأهل بيته
الطيبون ، الطاهرون ، وأحد الثقلين الذين خلفهما رسول الله صلى الله عليه واله في امته
والتالي كتاب الله ، فيه تفصيل كل شئ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
فالمعول علينا في تفسيره لانتظنى تأويله بل نتيقن حقائقه ، فأطيعونا فان طاعتنا
مفروضة إذ كانت بطاعة الله عزوجل ورسوله مقرونة ، قال الله عزوجل : " يا -
[360]
أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شئ
فردوه إلى الله والرسول ( 1 ) " ولورد وه إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم
لعلمه الذين يستنبطونه منهم " ( 2 ) واحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان فإنه
لكم عدو مبين ، فتكونوا أولياءه الذين قال لهم : " لاغالب لكم اليوم من الناس
وإني جارلكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال : إني برئ منكم إني
أرى مالا ترون " ( 3 ) فتلقون إلى الرماح وزرا ، وإلى السيوف جزرا ، وللعمد
حطما ، وللسهام غرضا ، ثم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت
في إيمانها خيرا .
بيان : قال الجوهري : التظني إعمال الظن وأصله التظنن ابدل من
إحدى النونات ياء قوله عليه السلام " وزراء " الوزر محركة : الجبل المنيع ، وكل معقل
والملجأ ، والمعتصم ، والوزر بالكسر : الاثم والثقل والكارة الكبيرة والسلاح ، والحمل
الثقيل ، ووزر الرجل : غلبه وأوزره : أحزره وذهب به كاستوزره ، وجعل له وزرا وأوثقه
وخبأه كل ذلك ذكره الفيروز آبادي والاظهر أنه الوزر بالتحريك أي تكونون
معاقل للرماح تأوي إليكم ، ويحتمل أن يكون بالكسر أي لوزركم وإثمكم أو
الحال أنكم كالحمل الثقيل .
وقال الجوهري : الجزور من الابل يقع على الذكر والانثى والجمع
الجزر وجزرالسباع : اللحم الذي تأكله ، يقال : تركوهم جزرا بالتحريك إذا
قتلوهم . والجزر أيضا : الشاة السمينة وقال الجزري فيه : أبشر بجزرة سمينة أي
شاة صالحة لان تجزر أي تذبح للاكل ومنه حديث الضحية فانما هي زجرة
أطعمها أهله وتجمع على جزر بالفتح ومنه حديث موسى والحسرة : حتى صارت
حبالهم للثعبان جزرا وقد تكسر الجيم انتهى والاظهر أنه بالتحريك . والحطم :
الكسر أو خاص باليابس ، وصعدة حطم ككسر ما تكسر من اليبيس ، ذكره
* ( هامش ) * ( 1 ) و ( 2 ) النساء : 58 و 83 . ( 3 ) الانفال : 48 . ( * )
[361]
الفيروز آبادي فهو إما بالتحريك وإن لم يرد في هذا المقام فانه وزن معروف أو
بكسر الحاء وفتح الطاء كما ذكره الفيروز آبادي ، والعمد بالتحريك وبضمتين
جمع العمود أي تحطمكم وتكسر كم العمد ، ونصب الجميع بالحالية إن قرئ
فتلقون على بناء المجهول ، ويحتمل التميز ، وبالمفعولية إن قرئ على بناء المعلوم .
3 - ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن علي بن الحسين بن عبيد ، عن
إسماعيل بن أبان ، عن سلام بن أبي عمرة ، عن معروف ، عن أبي الطفيل قال :
خطب الحسن بن علي عليهما السلام بعد وفاة علي عليه السلام وذكر أميرالمؤمنين فقال : خاتم
الوصيين ووصي خاتم الانبياء ، وأمير الصديقين والشهداء والصالحين ، ثم قال :
أيها الناس لقد فارقكم رجل ما سبقه الاولون ، ولا تدركه الاخرون ، لقد
كان رسول الله صلى الله عليه واله يعطيه الراية فيقاتل جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره
فما يرجع حتى يفتح الله عليه ما ترك ذهبا ولا فضة إلا شئ على صبي له ، وما ترك
في بيت المال إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما لام كلثوم .
ثم قال : من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد النبي صلى الله عليه واله
ثم تلى هذه الاية قول يوسف : " واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب " ( 1 )
أنا ابن البشير ، وأنا ابن النذير ، وأنا ابن الداعي إلى الله ، وأنا ابن السراج المنير
وأنا ابن الذي ارسل رحمة للعالمين ، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا ، وأنا من أهل البيت الذين كان جبرئيل ينزل عليهم ، ومنهم
كان يعرج ، وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم وولايتهم ، فقال فيما
انزل على محمد صلى الله عليه واله : " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف
حسنة " ( 2 ) واقتراف الحسنة مودتنا .
فر : عن أبي الطفيل مثله .
4 - شا : كان الحسن عليه السلام وصي أبيه أميرالمؤمنين عليه السلام على أهله وولده
* ( هامش ) * ( 1 ) يوسف : 38 .
( 2 ) الشورى : 22 . ( * )
[362]
وأصحابه ، ووصاه بالنظر في وقوفه وصدقاته ، وكتب إليه عهدا مشهورا ووصية
ظاهرة في معالم الدين وعيون الحكمة والاداب ، وقد نقل هذه الوصية جمهور
العلماء واستبصربها في دينه ودنياه كثير من الفقهاء ، ولما قبض أميرالمؤمنين عليه السلام
خطب الناس الحسن وذكر حقه فبايعه أصحاب أبيه على حرب من حارب ، وسلم
من سالم .
وروى أبومخنف لوط بن يحيى قال : حدثني أشعث بن سوار ، عن أبي
إسحاق السبيعي وغيره ، قال : خطب الحسن بن علي عليهما السلام في صبيحة الليلة التي
قبض فيها أميرالمؤمنين عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله صلى الله عليه واله ثم قال :
لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الاولون بعمل ، ولم يدركه الاخرون بعمل
لقد كان يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه واله فيقيه بنفسه ، وكان رسول الله صلى الله عليه واله يوجهه
برايته ، فيكنفه جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله ، ولا يرجع حتى يفتح الله
على يديه ، ولقد توفي في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم ، والتي قبض فيها
يوشع بن نون [ وصي موسى ] ، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت
عن عطائه ، أراد أن يبتاع بها خادما لاهله .
ثم خنقته العبرة فبكى وبكى الناس من حوله معه ، ثم قال : أنا ابن البشير
أنا ابن النذير أنا ابن الداعي إلى الله باذنه أنا ابن السراج المنير ، أنا من أهل بيت
أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أنا من أهل بيت فرض الله مودتهم في كتابه
فقال تعالى : " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة
نزدله فيها حسنا " ( 1 ) فالحسنة مودتنا أهل البيت ثم جلس .
فقام عبدالله بن العباس رحمه الله بين يديه فقال : معاشر الناس هذا ابن نبيكم
ووصي إمامكم فبايعوه فاستجاب له الناس فقالوا : ما أحبه إلينا وأوجب حقه
علينا وبادروا إلى البيعة له بالخلافة ، وذلك [ في ] يوم الجمعة الحادي والعشرين من
شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة .
* ( هامش ) * ( 1 ) الشورى : 22 . ( * )
[363]
فرتب العمال ، وأمر الامراء ، وأنفذ عبدالله بن العباس إلى البصرة ونظر
في الامور .
أقول : روى هذه الخطبة ابن أبي الحديد ، عن أبي الفرج ، عن عمرو بن
ثابت ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن هبيرة بن مريم ، ورأيت أيضا في كتاب المقاتل
لابي الفرج الاصفهاني مثله .
5 - قب : بويع عليه السلام بعد أبيه يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر
رمضان في سنة أربعين وكان عمره عليه السلام لما بويع سبعا وثلاثين سنة .
6 - نص : الحسين بن محمد بن سعيد الخزاعي ، عن الجوهري ، عن عتبة
ابن الضحاك ، عن هشام بن محمد ، عن أبيه قال : لما قتل أميرالمؤمنين عليه السلام رقى الحسن
ابن علي عليهما السلام المنبر فأراد الكلام فخنقته العبرة ، فقعد ساعة ثم قام فقال : الحمد لله
الذي كان في أوليته وحدانيا في أزليته ، متعظما بإليهته ، متبكرا بكبريائه
وجبروته ، ابتدأ ما ابتدع ، وأنشأما خلق ، على غير مثال كان سبق مما خلق .
ربنا اللطيف بلطف ربوبيته ، وبعلم خبره فتق ، وبإحكام قدرته خلق جميع
ما خلق ، فلا مبدل لخلقه ، ولا معير لصنعه ، ولا معقب لحكمه ، ولا راد لامره
ولا مستراح عن دعوته ، خلق جميع ما خلق ، ولا زوال لملكه ، ولا انقطاع لمدته
فوق كل شئ علا ، ومن كل شئ دنا ، فتجلى لخلقه من غير أن يكون يرى
وهو بالمنظر الاعلى .
احتجب بنوره ، وسما في علوه ، فاستتر عن خلقه ، وبعث إليهم شهيدا عليهم
وبعث فيهم النبيين مبشرين ومنذرين ، ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي
عن بينة ، وليعقل البعاد عن ربهم ما جهلوه ، فيعرفوه بربوبيته بعد ما أنكروه .
والحمد الله الذي أحسن الخلافة علينا أهل البيت ، وعنده نحتسب عزانا في
خير الاباء رسول الله صلى الله عليه واله ، وعندالله نحتسب عزانا في أميرالمؤمنين ، ولقد اصيب
به الشرق والغرب ، والله ما خلف درهما ولا دينارا إلا أربعمائة درهم ، أراد أن
[364]
يبتاع لاهله خادما ، ولقد حدثني حبيبي جدي رسول الله صلى الله عليه واله أن الامر يمكله
اثنا عشر إماما من أهل بيته وصفوته ، مامنا إلا مقتول أو مسموم .
ثم نزل عن منبره ، فدعا بابن ملجم لعنه الله فاتي به ، قال : ياابن رسول الله استبقني أكن لك ، وأكفيك أمر عدوك بالشام ، فعلاه الحسن عليه السلام بسيفه فاستقبل
السيف بيده فقطع خنصره ثم ضربه ضربة على يافوخه فقتله ، لعنة الله عليه . * *
إلى هنا انتهى الجزءالاول من المجليد العاشر ويليه الجزء الثاني وأوله باب العلة
التي من أجلها صالح الحسن بن علي عليهما السلام معاوية بن أبي سفيان .