رسالة منه عليه السلام إليه أيضا

17 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة ابن بزيع قال: كتب أبوجعفر (ع) إلى سعد الخير: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد جاء‌ني كتابك تذكر فيه معرفة ما لا ينبغي تركه وطاعة من رضى الله رضاه، فقلت من ذلك لنفسك ما كانت نفسك مرتهنة لو تركته تعجب(1) إن رضى الله وطاعته ونصيحته لا تقبل ولا توجد ولا تعرف إلا في عباد غرباء، أخلاء من الناس قد اتخذهم الناس سخريا لما يرمونهم به من المنكرات وكان يقال: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون أبغض إلى الناس من جيفة الحمار ولو لا أن يصيبك من البلاء مثل الذي أصابنا فتجعل فتنة الناس كعذاب الله - واعيذك بالله وإيانا من ذلك - لقربت على بعد منزلتك.
واعلم رحمك الله أنه لا تنال محبة الله إلا ببغض كثير من الناس ولا ولايته إلا بمعاداتهم وفوت ذلك قليل يسير لدرك ذلك من الله لقوم يعلمون.
يا أخي إن الله عزوجل جعل في كل من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون معهم على الاذى، يجيبون داعي الله ويدعون إلى الله فأبصرهم رحمك الله فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم في الدنيا وضيعة أنهم يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرن بنور الله من العمى، كم من قتيل لابليس قد أحيوه وكم من تائه ضال

___________________________________
(1) في بعض النسخ (فعجب).
(2) المستفاد من قوله عليه السلام: تذكر فيه إلى آخره) ان سعدا ذكر في كتابه انه عرف كذا وانه قبل منه لنفسه كذا وانه تعجب من كذا بان يكون إلى قوله: (ومن جيفة الحمار) من كلام سعد ويحتمل ان يكون فعجب او تعجب على اختلاف النسختين من كلام الامام عليه السلام؛ (في)
وقوله: (اخلاء). جمع خلو بالكسر وهو الخالى عن الشئ ويكون بمعنى المنفرد ويقال: اخلاء إذا انفرد اي هم اخلاء عن اخلاق عامة الناس واطوارهم الباطلة او منفردون عن الناس معتزلون عن شرارهم؛ (آت).
(*)

[57]


قد هدوه، يبذلون دماء‌هم دون هلكة العباد وما أحسن أثرهم على العباد وأقبح آثار العباد عليهم.
18 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم جالسا إذ أقبل أمير المؤمنين (ع) فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إن فيك شبها من عيسى بن مريم(1) ولو لا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لا تمر بملا من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة قال: فغضب الاعرابيان و المغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم، فقالوا: ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى ابن مريم فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله فقال: " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون * وقالوا ءآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون * إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل * ولو نشاء لجعلنا منكم (يعني من بني هاشم) ملائكة في الارض يخلفون(2) " قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك إن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون(3) " ثم قال له: يا بن عمروإما تبت وإما رحلت؟ فقال: يا محمد بل تجعل لسائر قريش شيئا مما في يديك فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ليس ذلك إلي ذلك إلى الله تبارك وتعالى، فقال: يا محمد قلبي ما يتابعني على التوبة ولكن ارحل عنك فدعا براحلته فركبها فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة(4) فرضخت هامته ثم أتى الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: " سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين (بولاية علي)(5) ليس له دافع *

___________________________________
(1) اي لزهده وعبادته وافتراق الناس فيه ثلاث فرق؛ (آت).
(2) الزخرف: 56 إلى 59.
(3) الانفال: 33.
(4) الجندل كجعفر: ما يعمله الرجل من الحجارة (فرضخت) اي كسرت وفي بعض النسخ (فرضت) اي دقت. والهامة: وسط الرأس.
(5) ليست جملة (بولاية علي) في بعض النسخ في المتن بل تكون في الهامش.
(*)

[58]


من الله ذي المعارج(1) " قال: قلت: جعلت فداك إنا لا نقرؤها هكذا، فقال: هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة (عليها السلام) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لمن حوله من المنافقين: انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به قال الله عز وجل: " واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد "(2).
19 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن النعمان، عن أبن مسكان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (ع) في قوله عزوجل: " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس(3) " قال: ذاك والله حين قالت الانصار: " منا أمير ومنكم أمير ".
20 - وعنه وعن محمد بن علي، عن ابن مسكان، عن ميسر، عن أبي جعفر (ع) قال: قلت: قول الله عزوجل: " ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها(4) " قال: فقال: يا ميسر إن الارض كانت فاسدة فأصلحها الله عزوجل بنبيه صلى الله عليه وآله فقال: " ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها ".

________________________________________
(1) المعارج: 1 إلى 3.
(2) ابراهيم: 15.
(3) الروم: 41.
(4) الاعراف 55 و 84.