حديث العابد

584 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن محمد بن سنان، عمن أخبره، عن أبي عبدالله (ع) قال: كان عابد في بني إسرائيل لم يقارف(3) من أمر الدنيا شيئا فنخر إبليس نخرة(4) فاجتمع إليه جنوده فقال: من لي بفلان؟ فقال بعضهم: أنا له، فقال: من أين تأتيه؟ فقال: من ناحية النساء، قال: لست له لم يجرب النساء، فقال له: آخر: فاناله، فقال له: من أين تأتيه؟ قال: من ناحية الشراب واللذات، قال: لست له ليس هذا بهذا، قال آخر: فأنا له، قال: من أين تأتيه؟ قال: من ناحية البر قال: انطلق فأنت صاحبه، فانطلق إلى موضع الرجل فأقام حذاه يصلي قال: وكان الرجل ينام والشيطان لا ينام، ويستريح والشيطان لا يستريح، فتحول إليه الرجل وقد تقاصرت إليه نفسه(5) واستصغر عمله، فقال: يا عبدالله بأي شئ قويت على

___________________________________
(3) اي يكتسب.
(4) نخر ينخر بالفتح وينخر بالضم مد الصوت في خياشيمه.
(5) اي اظهر له التقصير من نفسه، يقال: تقاصر اي اظهر القصور؛ (آت).
(*)

[385]


هذه الصلاة؟ فلم يجبه، ثم أعاد عليه، فلم يجبه ثم أعاد عليه، فقال: يا عبدالله إني أذنبت ذنبا وأنا تائب منه فإذا ذكرت الذنب قويت على الصلاة، قال: فأخبرني بذنبك حتى أعمله وأتوب فإذا فعلته قويت على الصلاة؟ قال: ادخل المدينة فسل عن فلانة البغية فأعطها درهمين ونل منها، قال: ومن أين لي درهمين ما أدري ما الدرهمين فتناول الشيطان من تحت قدميه درهمين فناوله إياهما فقام فدخل المدينة بجلابيبه(1) يسأل عن منزل فلانة البغية فأرشده الناس وظنوا أنه جاء يعظها فأرشدوه فجاء إليها فرمى إليها بالدرهمين وقال: قومي فقامت فدخلت منزلها وقالت: ادخل وقالت: إنك جئتني في هيئة ليس يؤتي مثلي في مثلها فأخبرني بخبرك فأخبرها فقالت له: يا عبدالله إن ترك الذنب أهون من طلب التوبة وليس كل من طلب التوبة وجدها وإنما ينبغي أن يكون هذا شيطانا مثل لك فانصرف فإنك لا ترى شيئا فانصرف وماتت من ليلتها فأصبحت فإذا على بابها مكتوب: احضروا فلانة فإنها من أهل الجنة فارتاب الناس فمكثوا ثلاثا لم يدفنوها ارتيابا في أمرها فأوحى الله عزوجل إلى نبي من الانبياء لا أعلمه إلا موسى بن عمران (ع)(2) أن ائت فلانة فصل عليها ومر الناس أن يصلوا عليها فإني قد غفرت لها وأوجبت لها الجنة بتثبيطها(3) عبدي فلانا عن معصيتي.
585 - أحمد بن محمد [بن أحمد] عن علي بن الحسن، عن محمد بن عبدالله بن زرارة، عن محمد ابن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (ع) قال: كان في بني إسرائيل رجل عابد وكان محارفا(4) لا يتوجه في شئ فيصيب فيه شيئا، فانفقت عليه امرأته حتى لم يبق عندها شئ فجاعوا يوما من الايام فدفعت إليه نصلا من غزل(5) وقالت له: ما عندي غيره

___________________________________
(1) الجلباب بالكسر كسرداب: القميص وثوب واسع للمرأة دون الملحفة أو ما تغطي به ثيابها من فوق كالملحفة او هو الخمار؛ (القاموس).
(2) الشك من الراوي.
(3) ثبطه عن الامر تثبيطا: شغله عنه.
(4) المحارف بفتح الراء هو المحروم المحدود الذي اذ طلب فلا يرزق وهو خلاف المبارك.
(5) النصل: الغزل قد خرج من المغزل؛ (القاموس).

[386]


انطلق فبعه واشتر لنا شيئا نأكله، فانطلق بالنصل الغزل ليبيعه فوجد السوق قد غلقت ووجد المشترين قد قاموا وانصرفوا، فقال: لو أتيت هذا الماء فتوضأت منه وصببت علي منه وانصرفت فجاء إلى البحر وإذا هو بصياد قد ألقى شبكته فأخرجها وليس فيها إلا سمكة ردية قد مكثت عنده حتى صارت رخوة منتنة فقال له: بعن هذه السمكة و أعطيك هذا الغزل تنتفع به في شبكتك، قال: نعم فأخذ السمكة ودفع إليه الغزل و انصرف بالسمكة إلى منزله فأخبر زوجته فأخذت السمكة لتصلحها فلما شقتها بدت من جوفها لؤلؤة فدعت زوجها فأرته إياها فأخذها فانطلق بها إلى السوق فباعها بعشرين ألف درهم وانصرف إلى منزله بالمال فوضعه فإذا سائل يدق الباب ويقول: يا أهل الدار تصدقوا رحمكم الله على المسكين فقال له الرجل: ادخل فدخل فقال له: خذ إحدى الكيسين فأخذ إحديهما وانطلق فقالت له امرأته: سبحان الله بينما نحن مياسير إذ ذهبت بنصف يسارنا فلم يكن ذلك بأسرع من أن دق السائل الباب فقال له الرجل ادخل فدخل فوضع الكيس في مكانه ثم قال: كل هنيئا مريئا، إنما أنا ملك من ملائكة ربك إنما أراد ربك أن يبلوك فوجدك شاكرا، ثم ذهب.