خطبة لامير المؤمنين (عليه السلام)

551 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن علي جميعا، عن إسماعيل بن مهران، و أحمد بن محمد بن أحمد، عن علي بن الحسن التيمي، وعلي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا، عن إسماعيل بن مهران، عن المنذر بن جيفر، عن الحكم بن ظهير، عن عبدالله بن جرير(4) العبدي، عن الاصبغ بن نباتة قال: أتى أمير المؤمنين (ع) عبدالله بن عمر وولد أبي بكر وسعد بن أبي وقاص يطلبون منه التفضيل(5) لهم فصعد المنبر ومال الناس إليه فقال: الحمد لله ولي الحمد ومنتهى الكرم، لا تدركه الصفات، ولا يحد باللغات، ولا يعرف بالغايات وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله نبي الهدى وموضع التقوى ورسول الرب الاعلى، جاء بالحق من عند الحق لينذر بالقرآن المنير والبرهان المستنير فصدع(6) بالكتاب المبين(7) ومضى على ما مضت عليه الرسل الاولون أما بعد.
أيها الناس فلا يقولن رجال قد كانت الدنيا غمرتهم فاتخذوا العقار وفجروا الانهار وركبوا أفره الدواب(8) ولبسوا ألين الثياب فصار ذلك عليهم عارا وشنارا(9)

___________________________________
(4) في بعض النسخ (حريز) وفي جامع الرواة ص 107 ج 1 (حريث)
(5) يعني في قسمة الاموال والعطاء بين المسلمين؛ (في).
(6) في بعض النسخ (بالقران المبين والبرهان المستبين).
(7) اي تكلم به جهارا او شق جماعاتهم بالتوحيد وفصل بين الحق والباطل.
(8) الدابة الفارهة: النشيطة القوية.
(9) الشنار: العيب والعار.
(*)

[361]


إن لم يغفر لهم الغفار إذا منعتهم ما كانوا فيه يخوضون وصيرتهم إلى ما يستوجبون فيفقدون ذلك فيسألون ويقولون: ظلمنا ابن أبي طالب وحرمنا ومنعنا حقوقنا، فالله عليهم المستعان من استقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا وآمن بنبينا وشهد شهادتنا ودخل في ديننا اجرينا عليه حكم القرآن وحدود الاسلام، ليس لاحد على أحد فضل إلا بالتقوى، ألا وإن للمتقين عند الله تعالى أفضل الثواب وأحسن الجزاء والمآب لم يجعل الله تبارك وتعالى الدينا للمتقين ثوابا وما عند الله خير للابرار، انظروا أهل دين الله فيما أصبتم في كتاب الله(1) وتركتم عند رسول الله صلى الله عليه وآله وجاهدتم به في ذات الله أبحسب أم بنسب أم بعمل أم بطاعة أم زهادة(2) وفيما أصبحتم فيه راغبين فسارعوا إلى منازلكم - رحمكم الله - التي امرتم بعمارتها، العامرة التي لا تخرب الباقية التي لا تنفد، التي دعاكم إليها وحضكم عليها(3) ورغبكم فيها وجعل الثواب عنده عنها فاستتموا نعم الله عز ذكره بالتسليم لقضائه والشكر على نعمائه، فمن لم يرض بهذا فليس منا ولا إلينا وإن الحاكم يحكم بحكم الله ولا خشية عليه من ذلك اولئك هم المفلحون - وفي نسخة ولا وحشة واولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وقال: وقد عاتبتكم بدرتي التي اعاتب بها أهلي فلم ترعوا وضربتكم بسوطي الذي أقيم به حدود ربي فلم ترعووا(4) أتريدون أن أضربكم بسيفي أما إني أعلم الذي تريدون ويقيم أودكم(5) ولكن لا أشتري صلاحكم بفساد نفسي(6) بل يسلط الله

___________________________________
(1) اي من مواعيده الصادقة على الاعمال الصالحة واراد بتركهم عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضمانه لهم بذلك كانه وديعة لهم عنده؛ (في).
(2) استفهام انكار يعنز ليس ذلك بحسب ولا نسب بل بعمل وطاعة وزهادة. وقوله: (فيما اصبحتم فيه راغبين) اي انظروا ايضا فيما اصبحتم فيه راغبين هل هو الذي اصبتم في كتاب الله يعني ليس هو بذاك وانما هو الدنيا وزهرتها؛ (في).
(3) الحض: الحث والترغيب.
(4) الارعواء: الكف والانزجار، وقيل: هو الندم والانصراف عن الشئ؛ (في).
(5) الاود بالتحريك: الاعوجاج.
(6) اي لا اطلب صلاحكم بالظلم وبما لم يأمرني به ربي فأكون قد اصلحتكم بإفساد نفسي؛ (آت).
(*)

[362]


عليكم قوما فينتقم لي منكم فلا دنيا استمتعتم بها ولا آخرة صرتم إليها فبعدا وسحقا لاصحاب السعير.
552 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وأبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار جميعا، عن علي بن حديد، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (ع) قال: سأله حمران فقال: جعلني الله فداك لو حدثتنا متى يكون هذا الامر فسررنا به؟ فقال: يا حمران إن لك أصدقاء وإخوانا ومعارف إن رجلا كان فيما مضى من العلماء وكان له ابن لم يكن يرغب في علم أبيه ولا يسأله عن شئ وكان له جار يأتيه ويسأله ويأخذ عنه فحضر الرجل الموت فدعا ابنه فقال: يا بني إنك قد كنت تزهد فيما عندي وتقل رغبتك فيه ولم تكن تسألني عن شئ ولي جار قد كان ياتيني ويسألني ويأخذ مني ويحفظ عني فإن احتجت إلى شئ فأته، وعرفه جاره فهلك الرجل وبقي ابنه فرأى ملك ذلك الزمان رؤيا فسأل عن الرجل، فقيل له: قد هلك، فقال الملك: هل ترك ولدا؟ فقيل له: نعم ترك ابنا، فقال: ايتوني به، فبعث إليه ليأتي الملك، فقال الغلام: والله ما أدري لما يدعوني الملك وما عندي علم ولئن سألني عن شئ لافتضحن، فدكر ما كان أوصاه أبوه به فأتى الرجل الذي كان يأخذ العلم من أبيه فقال له: إن الملك قد بعث إلي يسألني ولست أدري فيم بعث إلي وقد كان أبي أمرني أن آتيك إن احتجت إلى شئ فقال الرجل: ولكني أدري فيما بعث إليك فإن أخبرتك فما أخرج الله لك من شئ فهو بيني وبينك فقال: نعم فاستحلفه واستوثق منه أن يفئ له فأوثق له الغلام فقال: إنه يريد أن يسألك عن رؤيا رآها أى زمان هذا؟ فقل له: هذا زمان الذئب، فأتاه الغلام فقال له الملك: هل تدري لم أرسلت إليك؟ فقال: أرسلت إلي تريد أن تسألني عن رؤيا رأيتها أي زمان هذا، فقال له الملك: صدقت فأخبرني أي زمان هذا؟ فقال له: زمان الذئب، فأمر له بجائزة فقبضها الغلام وانصرف إلى منزله وأبى أن يفئ لصاحبه وقال: لعلي لا أنفد هذا المال ولا آكله حتى أهلك ولعلي لا أحتاج ولا اسأل عن مثل هذا الذي سئلت عنه، فكمث ما شاء الله ثم إن الملك رأى رؤيا فبعث إليه يدعوه فندم على ما صنع وقال: والله ما عندي علم آتيه به وما أدري كيف أصنع بصاحبي وقد غدرت

[363]


به ولم أف له، ثم قال: لآتينه على كل حال ولاعتذرن إليه ولاحلفن له فلعله يخبرني فأتاه فقال له: إني قد صنعت الذي صنعت ولم أف لك بما كان بيني وبينك وتفرق ما كان في يدي وقد احتجت إليك فانشدك الله أن لا تخذلني وأنا أوثق لك أن لا يخرج لي شئ إلا كان بيني وبينك وقد بعث إلي الملك ولست أدري عما يسألني فقال: إنه يريد أن يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا فقل له: إن هذا زمان الكبش، فأتى الملك فدخل عليه فقال: لما بعثت إليك؟ فقال: إنك رأيت رؤيا وإنك تريد أن تسألني أي زمان هذا، فقال له: صدقت فأخبرني أي زمان هذا فقال: هذا زمان الكبش فأمر له بصلة، فقبضها وانصرف إلى منزله وتدبر في رأيه في أن يفئ لصاحبه أولا يفئ له فهم مرة أن يفعل ومرة أن لا يفعل ثم قال: لعلي أن لا احتاج إليه بعد هذه المرة أبدا و أجمع رأيه على الغدر وترك الوفاء، فمكث ما شاء الله ثم إن الملك رأى رؤيا فبعث إليه فندم على ما صنع فيما بينه وبين صاحبه وقال: بعد غدر مرتين كيف أصنع وليس عندي علم ثم أجمع رأيه على إتيان الرجل فأتاه فناشده الله تبارك وتعالى وسأله أن يعلمه وأخبره إن هذ المرة يفئ منه وأوثق له وقال: لا تدعني على هذه الحال فإني لا أعود إلى الغدر وسأفي لك فاستوثق منه وقال: إنه يدعوك يسألك عن رؤيا رآها أي زمان هذا فإذا سألك فأخبره أنه زمان الميزان، قال: فأتى الملك فدخل عليه فقال له: لم بعثت إليك؟ فقال: إنك رأيت رؤيا وتريد أن تسألني أي زمان هذا، فقال: صدقت فأخبرني أي زمان هذا؟ فقال: هذا زمان الميزان فأمر له بصلة فقبضها وانطلق بها إلى الرجل فوضعها بين يديه وقال: قد جئتك بما خرج لي فقاسمنيه، فقال له: العالم: إن الزمان الاول كان زمان الذئب وإنك كنت من الذئاب وإن الزمان الثاني كان زمان الكبش يهم ولا يفعل وكذلك كنت أنت تهم ولا تفئ وكان هذا الزمان زمان الميزان و كنت فيه على الوفاء فاقبض مالك لا حاجة لي فيه ورده عليه.
553 - أحمد بن محمد بن أحمد الكوفي، عن علي بن الحسن التيمي، عن علي بن أسباط، عن على بن جعفر قال: حدثني معتب أو غيره قال: بعث عبدالله بن الحسن إلى أبي عبدالله (ع) يقول لك أبومحمد: أنا أشجع منك وأنا أسخى منك وأنا أعلم منك

[364]


فقال لرسوله: أما الشجاعة فوالله ما كان لك موقف يعرف فيه جبنك من شجاعتك وأما السخاء فهو الذي يأخذ الشئ من جهته فيضعه في حقه وأماالعلم فقد أعتق أبوك علي ابن أبي طالب (ع) ألف مملوك فسم لنا خمسة منهم وأنت عالم، فعاد إليه فأعلمه ثم عاد إليه فقال له: يقول لك أنت رجل صحفي، فقال له أبوعبدالله (ع): قل له: إي والله صحف إبراهيم وموسى وعيسى ورثتها عن آبائي (عل).
554 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عمن ذكره، عن أبي عبدالله (ع) في قول الله تبارك وتعالى: " وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم(3) " فقال: هو رسول الله صلى الله عليه وآله.
555 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبدالله (ع) في قول الله عزوجل: " وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون(4) " قال: لمااسري برسول الله صلى الله عليه وآله أتاه جبرئيل بالبراق فركبها فأتى بيت المقدس فلقى من لقى من إخوانه من الانبياء (عل)، ثم رجع فحدث أصحابه إني أتيت بيت المقدس ورجعت من الليلة وقد جاء ني جبرئيل بالبراق فركبتها وآية ذلك أني مررت بعير لابي سفيان على ماء لبني فلان وقد أضلوا جملا لهم أحمر وقد هم القوم في طلبه، فقال بعضهم لبعض إنما جاء الشام وهو راكب سريع ولكنكم قد أتيتم الشام وعرفتموها فسلوه عن أسواقها وأبوابها وتجارها، فقالوا: يا رسول الله كيف الشام وكيف أسواقها؟ - قال:(5) كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا سئل عن الشئ لا يعرفه شق عليه حتى يرى

___________________________________
(1) اي لست انت كذلك بل تأخذ أموال الامام وتصرفه في تحصيل خلافة الجور لولدك محمد؛ (آت).
(2) اي لم تاخذ العلم من الرجال بل اخذت من الكتب. وهذا الخبر يدل على ذم عبدالله بن الحسن؛ (آت).
(3) يونس: 2.وقال الطبرسي رحمه الله: قال الازهري: القدم: الشئ تقدمه قدامك ليكون عدة لك حتى تقدم عليه.
(4) يونس: 101. وقال الطبرسي رحمه الله. معناه ما تغني هذه الدلالات والبراهين الواضحة مع كثرتها وظهورها ولا الرسل المخوفة عن قوم لا ينظرون في الادلة تفكرا وتدبرا ولا يريدون الايمان.
(5) اي قال ابوعبدالله عليه السلام.
(*)

[365]


ذلك في وجهه - قال: فبينما هو كذلك إذ أتاه جبرئيل (ع) فقال: يا رسول الله هذه الشام قد رفعت لك، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا هو بالشام بأبوابها وأسواقها وتجارها فقال: أين السائل عن الشام؟ فقالوا له: فلان وفلان، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وآله في كل ما سألوه عنه فلم يؤمن منهم إلا قليل وهو قول الله تبارك وتعالى: " وما تغني الآيات و النذر عن قوم لا يؤمنون ".
ثم قال أبوعبدالله (ع): نعوذ بالله أن لا نؤمن بالله وبرسوله، آمنا بالله و برسوله صلى الله عليه وآله.
556 - أحمد بن محمد بن أحمد، عن علي بن الحسن التيمي، عن محمد بن عبدالله، عن زرارة، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: إذا قال المؤمن لاخيه: أف خرج من ولايته(1) وإذا قال: أنت عدوي كفر أحدهما لانه لا يقبل الله عزوجل من أحد عملا في تثريب على مؤمن نصيحة(2) ولا يقبل من مؤمن عملا وهو يضمر في قلبه على المؤمن سوء‌ا، لو كشف الغطاء عن الناس فنظروا إلى وصل ما بين الله عزوجل وبين المؤمن خضعت للمؤمنين رقابهم وتسهلت لهم أمورهم ولانت لهم طاعتهم ولو نظروا إلى مردود الاعمال من الله عز وجل لقالوا: ما يتقبل الله عزوجل من أحد عملا.
وسمعته يقول لرجل من الشيعة: أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناء وكل مؤمن صديق.
قال: وسمعته يقول: شيعتنا أقرب الخلق من عرش الله عزوجل يوم القيامة بعدنا، وما من شيعتنا أحد يقوم إلى الصلاة إلا اكتنفته فيها عدد من خالفه من الملائكة

___________________________________
(1) اي من محبته وولايته التي ذكرها الله بقوله: (المؤمنون بعضهم اولياء بعض) او ولاية الله حيث قال تعالى: (الله ولي المؤمنين).
(2) التثريب: التعيير والاستقصاء في اللوم. وقوله: (نصيحة) اما بدل أو بيان لقوله: (عملا) اي لا يقبل من احد نصيحة لمؤمن يشتمل على تعيير أو مفعول لاجله للتثريب اي لا يقبل عملا من اعماله إذا عيره على وجه النصيحة فكيف بدونها؛ (آت). (*)

[366]


- يصلون عليه، جماعة حتى(1) يفرغ من صلاته وإن الصائم منكم ليرتع(2) في رياض الجنة تعدوا له الملائكة حتى يفطر.
وسمعته يقول: أنتم أهل تحية الله بسلامه وأهل أثرة الله برحمته(3) وأهل توفيق الله بعصمته وأهل دعوة الله بطاعته، لا حساب عليكم ولا خوف ولا حزن، أنتم للجنة والجنة لكم، أسماؤكم عندنا الصالحون والمصلحون وأنتم أهل الرضا عن الله عز و جل برضاه عنكم والملائكة إخوانكم في الخير فإذا جهدتم(4) ادعوا وإذا غفلتم اجهدوا وأنتم خير البرية، دياركم لكم جنة(5) وقبوركم لكم جنة، للجنة خلقتم وفي الجنة نعيمكم وإلى الجنة تصيرون.
557 - أحمد بن محمد بن أحمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن محمد بن الوليد، عن أبان بن عثمان، عن الفضيل، عن أبي جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجعفر (ع)(6) حين قدم من الحبشة أي شئ أعجب ما رأيت؟ قال: رأيت حبشية مرت وعلى رأسها مكتل فمر رجل(7) فزحمها فطرحها ووقع المكتل عن رأسها فجلست، ثم قالت: ويل لك من ديان يوم الدين إذا جلس على الكرسي وأخذ للمظلوم من الظالم.
فتعجب رسول الله صلى الله عليه وآله.
558 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبصير، عن أبي عبدالله (ع): أن آزر أبا إبراهيم (ع)(8)

___________________________________
(1) قوله: (عدد من خالفه) اي من فرق المسلمين او كل من يخالفه في الدين من اي الفرق. وقوله: (يصلون عليه) اي يدعون ويستغفرون له. وقوله: (جماعة) اي مجتمعين؛ (آت).
(2) اي ليتنعم في رياضها او يستوجب بذلك دخولها حتى كانه فيها.
(3) الاثرة بالضم: المكرمة المتوارثة.
(4) اي وقعتم في الجهد والمشقة ادعوا الله لكشفها. وفي بعض النسخ (اجتهدتم).
(5) الجنة بضم الجيم: الستر.
(6) يعني جعفر بن ابي طالب عليهما السلام الطيار.
(7) المكتل كمنبر: زنبيل يسع خمسة عشر صاعا.
(8) الاخبار الدالة على اسلام آباء النبي صلى الله عليه وآله من طرق الشيعة مستفيضة بل متواترة وكذا في خصوص والد ابراهيم قد وردت بعض الاخبار واما العامة اختلفوا في ابراهيم وهذا الخبر صريح في كون والده عليه السلام آزر فلعله ورد تقية. (من آت) (*)

[367]


كان منجما لنمرود ولم يكن يصدر إلا عن أمره فنظر ليلة في النجوم فاصبح وهويقول لنمرود: لقد رأيت عجبا، قال: وما هو؟ قال: رأيت مولودا يولد في أرضنا يكون هلاكنا على يديه ولا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به، قال: فتعجب من ذلك وقال: هل حملت به النساء؟ قال: لا، قال: فحجب النساء عن الرجال فلم يدع امرأة إلا جعلها في المدينة لا يخلص إليها ووقع آزر بأهله فعلقت بإبراهيم صلى الله عليه وآله فظن أنه صاحبه فأرسل إلى نساء من القوابل في ذلك الزمان لا يكون في الرحم شئ إلا علمن به فنظرن فألزم الله عزوجل ما في الرحم [إلى] الظهر فقلن،: ما نرى في بطنها شيئا وكان فيما أوتي من العلم أنه سيحرق بالنار ولم يؤت علم أن الله تعالى سينجيه، قال: فلما وضعت أم إبراهيم أراد آزر أن يذهب به إلى نمرود ليقتله، فقالت له امرأته لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله دعني أذهب به إلى بعض الغيران(1) أجعله فيه حتى يأتي عليه أجله ولا تكون أنت الذي تقتل ابنك، فقال لها: فامضي به، قال: فذهبت به إلى غار ثم ارضعته، ثم جعلت على باب الغار صخرة ثم انصرفت عنه، قال: فجعل الله عزوجل رزقه في إبهامه فجعل يمصها فيشخب لبنها(2) وجعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة ويشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر ويشب في الشهر كما يشب غيره في السنة، فمكث ما شاء الله أن يمكث.
ثم إن امه قالت لابيه: لو أذنت لي حتى أذهب إلى ذلك الصبي فعلت: قال: فافعلي، فذهبت فإذا هي بإبراهيم (ع) وإذا عيناه تزهران كأنها سراجان قال: فأخذته فضمته إلى صدرها وارضعته ثم انصرفت عنه، فسألها آزر عنه، فقالت قد واريته في التراب فمكثت تفعل فتخرج في الحاجة وتذهب إلى إبراهيم (ع) فتضمه إليها وترضعه، ثم تنصرف فلما تحرك أتته كما كانت تأتيه فصنعت به كما كانت تصنع فلما أرادت الانصراف أخذ بثوبها فقالت له: مالك؟ فقال لها: اذهبي بي معك، فقالت له: حتى استأمر أباك، قال: فأتت أم إبراهيم (ع) آزر فأعلمته القصة، فقال لها: إيتيني به فأقعديه على الطريق فإذا مر به إخوته دخل

___________________________________
(1) الغار: الكهف والجمع: الغيران.
(2) فيشخب بضم الخاء وفتحها اي يسيل. وقوله: (يشب) بكسر الشين اي ينمو.
(*)

[368]


معهم ولا يعرف، قال: وكان إخوة إبراهيم (ع) يعملون الاصنام ويذهبون بها إلى الاسواق ويبيعونها، قال: فذهبت إليه فجاء‌ت به حتى أقعدته على الطريق ومر إخوته فدخل معهم فلما راه أبوه وقعت عليه المحبة منه فمكث ما شاء الله قال: فبينما إخوته يعملون يوما من الايام الاصنام إذا أخذ إبراهيم (ع) القدوم(1) وأخذ خشبة فنجر منها صنما لم يروا قط مثله، فقال آزر لامه: إني لارجوا أن نصيب خيرا ببركة ابنك هذا، قال: فبينما هم كذلك إذا أخذ إبراهيم القدوم فكسر الصنم الذي عمله ففزع أبوه من ذلك فزعا شديدا، فقال له: أي شئ عملت؟ فقال له، إبراهيم (ع)، وما تصنعون به؟ فقال آزر: نعبده، فقال له إبراهيم (ع): " أتعبدون ماتنحتون "؟ فقال آزر [لامه]: هذا الذي يكون ذهاب ملكنا على يديه.
559 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن حجر، عن أبي عبدالله (ع) قال خالف إبراهيم (ع) قومه وعاب آلهتهم حتى أدخل على نمرود فخاصمه، فقال: إبراهيم (ع): " ربي الذي يحيي ويميت قال: أنا احيي وأميت " قال إبراهيم: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين(2) " وقال ابوجعفر (ع): عاب آلهتهم

___________________________________
(1) بفتح القاف وضم الدال: آلة للنحت والنجر.
(2) البقرة: 258. وقوله: (انا احيي واميت) قال الطبرسي رحمه الله: اي فقال نمرود: انا احيي بالتخلية من الحبس من وجب عليه القتل واميت بالقتل من شئت اي ممن هو حي وهذا جهل من الكافر لانه اعتمد في المعارضة على العبارة فقط دون المعنى عادلا عن وجه الحجة بفعل الحياة للميت او الموت للحي على سبيل الاختراع الذي ينفرد سبحانه به ولا يقدر عليه سواه. انتهى، اقول: الظاهر من سياق الاية ان المراد من قوله: (انا احيي واميت) ان الرب الذي وصفته بكذا هو انا. وهذا تلبيس ومغالطة منه. وفي تفسير الميزان: (قوله تعالى): (قال انا احيي و اميت.. الاية) اي فانا ربك الذي وصفته بانه يحيي ويميت قوله تعالى: قال ابراهيم: (فان الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر.. الاية) لما آيس عليه السلام من مضى احتجاجه بان ربه الذي يحيي ويميت، لسوء فهم الخصم وتمويهه وتلبيسه الامر على من حضر عندهما عدل عن بيان ما هو مراده من الاحياء والاماتة إلى حجة اخرى، الا انه بنى هذه الحجة الثانية على دعوى الخصم في الحجة الاولى كما يدل عليه التفريع بالفاء في قوله: (فان الله... الاية) والمعنى: ان كان الامر كما تقول: انك ربي ومن شان الرب ان يتصرف في تدبير امر هذا النظام الكوني فالله سبحانه يتصرف في الشمس باتيانها من المشرق فتصرف انت باتيانها م المفرب حتى يتضح انك رب كما ان الله رب كل شئ او انك الرب فوق الارباب فبهت الذي كفر، وانما فرع الحجة على ما تقدمها لئلا يظن ان الحجة الاولى تمت لنمرود وانتجت ما ادعاه، ولذلك ايضا قال: (فان الله) ولم يقل: فان ربي لان الخصم استفاد من قوله (ربي) سوء‌ا وطبقه على نفسه بالمغالطة فاتى عليه السلام ثانيا بلفظة الجلالة ليكون مصونا عن مثل التطبيق السابق: وقد مر بيان ان نمرود ما كان يسعه ان يتفوه في مقابل هذه الحجة بشئ دوه ان يبهت فيسكت.

[369]


" فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم(1) " قال أبوجعفر (ع): والله ما كان سقيما وما كذب، فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم دخل إبراهيم (ع) إلى آلهتهم بقدوم فكسرها إلا كبيرا لهم ووضع القدوم في عنقه فرجعوا إلى آلهتهم فنظروا إلى ما صنع بها فقالوا: لا والله ما اجترأ عليها ولا كسرها إلا الفتى الذي كان يعيبها ويبرأ منها، فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار، فجمع له الحطب واستجادوه حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بنى له بناء ا لينظر إليه كيف تأخذه النار ووضع إبراهيم (ع) في منجنيق، وقالت الارض: يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره يحرق بالنار؟ قال الرب: إن دعاني كفيته.
فذكر أبان، عن محمد بن مروان، عمن رواه(2) عن أبي جعفر (ع) أن دعاء إبراهيم (ع) يومئذ كان " يا أحد [يا أحد، يا صمد] يا صمد، يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " ثم قال: " توكلت على الله " فقال الرب تبارك وتعالى: كفيت، فقال للنار: " كوني بردا " قال: فاضطربت أسنان إبراهيم (ع) من البرد حتى قال الله عزوجل: " وسلاما " على إبراهيم.
وانحط جبرئيل (ع) وإذا هو جالس مع إبراهيم (ع) يحدثه في النار، قال نمرود: من اتخذ إلها فليتخذ مثل

___________________________________
(1) الصافات: 88 و 9 8. (فقال اني سقيم) قيل: أراهم انه استدل بها على انه مشارف لسقم لئلا يخرجوه إلى معبدهم لانهم كانوا منجمين وذلك حين سألوه ان يعيد معهم وكان اغلب اسقامهم الطاعون وكانوا يخافون العدوى. (الصافي)
(2) في بعض النسخ (عن زرارة).
(*)

[370]


إله إبراهيم، قال: فقال عظيم من عظمائهم: إني عزمت على النار أن لا تحرقه، [قال] فأخذ عنق من النار نحوه حتى أحرقه، قال: فآمن له لوط وخرج مهاجرا إلى الشام هو وسارة ولوط.
560 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: إن إبراهيم (ع) كان مولده بكوثى ربا(1) وكان أبوه من أهلها وكان ام إبراهيم وام لوط(2) سارة وورقة - وفي نسخة رقية اختين وهما ابنتان للاحج وكان اللاحج نبيا منذرا ولم يكن رسولا(3) وكان إبراهيم (ع) في شبيبته(4) على الفطرة التي فطر الله عزوجل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه واجتباه وأنه تزوج سارة ابنة لاحج(5) وهي ابنة خالته وكانت سارة صاحبة ماشية كثيرة وأرض واسعة و حال حسنة وكانت قد ملكت إبراهيم (ع) جميع ما كانت تملكه فقام فيه وأصلحه و كثرت الماشية والزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربا رجل أحسن حالا منه وإن

___________________________________
(1) قال الجزري: كوثى سرة السواد وبها ولد ابراهيم الخليل عليه السلام. وقال الفيروز آبادي: كوثى كطوبى: قرية بالعراق وقال: الربى كهدى: موضع. وقال الحموي في مراصد الاطلاع: كوثى بالعراق في موضعين كوثى الطريق وكوثى ربا وبها مشهد ابراهيم الخليل عليه السلام وهما قريتان وبينهما تلول من رماد يقال: انها رماد النار التي اوقدها نمرود لاحراقه.
(2) كذا في اكثر النسخ، وفي بعض النسخ (امرأة ابراهيم وامرأة لوط). وهو الصواب و في كامل التواريخ: (ان لوطا كان ابن اخي ابراهيم عليه السلام).
(3) اي لم يكن ممن يأتيه الملك فيعاينه كما يظهر من الاخبار. او لم يكن صاحب شريعة مبتدأ كما قيل؛ (آت).
(4) اي في حداثته على الفطرة او التوحيد اي كان موحدا بما آتاه الله من العقل والهبة حتى جعله الله نبيا وآتاه الملك؛ (آت).
(5) الظاهر انه كان ابنة ابنة لاحج فتوهم النساخ التكرار فاسقطوا احداهما وعلى ما في النسخ المراد ابنة الابنة مجازا وسارة ولاحج هنا غير المتقدمين وانما الاشتراك في الاسم وعلى نسخة (الامراة) لا يحتاج إلى التكلف؛ (آت).
(*)

[371]


ابراهيم (ع) لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فأوثق وعمل له حيرا(1) وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار، ثم قذف إبراهيم (ع) في النار لتحرقه ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم (ع) سليما مطلقا من وثاقه فاخبر نمرود خبره فأمرهم أن ينفوا إبراهيم (ع) من بلاده وأن يمنعوه من الخروج بماشيته وماله، فحاجهم إبراهيم (ع) عند ذلك فقال: إن أخذتهم ماشيتي ومالي فإن حقي عليكم أن تردوا علي ما ذهب من عمري في بلادكم واختصموا إلى قاضي نمرود فقضى على إبراهيم (ع) أن يسلم إليهم جميع ماأصاب في بلادهم وقضى على أصحاب نمرود أن يردواعلى إبراهيم (ع) ماذهب من عمره في بلادهم فأخبر بذلك نمرود فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وما له وأن يخرجوه وقال: إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم فأخرجوا إبراهيم ولوطا معه صلى الله عليهما من بلادهم إلى الشام فخرج إبراهيم ومعه لوط لا يفارقه وسارة وقال لهم: " إني ذاهب إلى ربي سيهدين " يعني بيت المقدس.
فتحمل إبراهيم (ع) بماشيته وماله وعمل تابوتا وجعل فيه سارة وشد عليها الاغلاق غيره منه عليها ومضى حتى خرج من سلطان نمرود وصار إلى سلطان رجل من القبط يقال له: عرارة فمر بعاشر له(2) فاعترضه العاشر ليعشر مامعه فلما انتهى إلى العاشر ومعه التابوت، قال العاشر لابراهيم (ع): افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه، فقال له إبراهيم (ع): قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطي عشره ولا نفتحه، قال: فأبى العاشر إلا فتحه، قال: وغضب إبراهيم (ع) على فتحه فلما بدت له سارة وكانت موصوفة بالحسن والجمال، قال له العاشر: ما هذه المرأة منك؟ قال إبراهيم (ع): هي حرمتي وابنة خالتي، فقال له العاشر: فما دعاك إلى أن خبيتها(3) في هذا التابوت؟ فقال إبراهيم (ع): الغيرة عليها أن يراها أحد،

___________________________________
(1) الحير بفتح المهملة وآخره راء: شبه الخطيرة.
(2) اي ملتزم اخذ العشر.
(*)

[372]


فقال له العاشر: لست أدعك تبرح حتى اعلم الملك حالها وحالك، قال: فبعث رسولا إلى الملك فأعلمه فبعث الملك رسولا من قبله ليأتوه بالتابوت فأتوا ليذهبوا به فقال لهم إبراهيم (ع): إني لست أفارق التابوت حتى تفارق روحي جسدي، فاخبروا الملك بذلك فأرسل الملك أن احملوه والتابوت معه، فحملوا إبراهيم (ع) والتابوت وجميع ما كان معه حتى أدخل على الملك فقاله له الملك: افتح التابوت، فقال إبراهيم (ع): أيها الملك إن فيه حرمتي وابنة خالتي وأنا مفتد فتحه بجميع ما معي قال: فغضب الملك(1) إبراهيم (ع) على فتحه، فلما رأى سارة لم يملك حلمه سفهه أن مد يده إليها فأعرض إبراهيم (ع) بوجهه عنها وعنه غيرة منه وقال: اللهم احبس يده عن حرمتي وابنة خالتي، فلم تصل يده إليها ولم ترجع إليه، فقال له الملك: إن إلهك الذي فعل بي هذا؟ فقال له: نعم إن إلهي غيور يكره الحرام وهو الذي حال بينك وبين ما أردت من الحرام فقال له الملك: فادع إلهك يرد علي يدي فإن أجابك فلم أعرض لها، فقال: إبراهيم (ع): إلهي رد عليه يده ليكف عن حرمتي: قال: فرد الله عزوجل عليه يده فأقبل الملك نحوها ببصره ثم أعاد بيده نحوها فأعرض إبراهيم (ع) عنه بوجهه غيرة منه و قال: اللهم احبس يده عنها، قال: فيبست يده ولم تصل إليها، فقال الملك لابراهيم (ع): إن إلهك لغيور وإنك لغيور فادع إلهك يرد علي يدي فإنه إن فعل لم أعد، فقال له إبراهيم (ع): أسأله ذلك على أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله، فقال الملك: نعم، فقال إبراهيم (ع): اللهم إن كان صادقا فرد عليه يده، فرجعت إليه يده فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى ورأى الآية في يده عظم إبراهيم (ع) وهابه وأكرمه واتقاه وقال له: قد أمنت من أن أعرض لها أو لشئ مما معك فانطلق حيث شئت و لكن لي إليك حاجة، فقال إبراهيم (ع): ما هي؟ فقال له: أحب أن تأذن لي أن أخدمها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادما، قال: فأذن له إبراهيم (ع) فدعا بها فوهبها لسارة وهي هاجر أم إسماعيل (ع)، فسار إبراهيم (ع) بجميع ما معه وخرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم (ع) إعظاما لابراهيم (ع) وهيبة له فأوحى الله تبارك و

___________________________________
(1) غضب فلانا على الشئ قهره؛ (القاموس).

[373]


تعالى إلى إبراهيم أن قف ولا تمش قدام الجبار المتسلط ويمشي هو خلفك ولكن اجعله أمامك وامش خلفه وعظمه وهبه فإنه مسلط ولا بد من إمرة في الارض برة أو فاجرة فوقف إبراهيم (ع) وقال الملك: امض فإن إلهي أوحى إلي الساعة أن أعظمك و اهابك وأن أقدمك أمامي وأمشي خلفك إجلالا لك، فقال له الملك: أوحى إليك بهذا؟ فقال له إبراهيم (ع): نعم، فقال له الملك: أشهد أن إلهك لرفيق حليم كريم وأنك ترغبني في دينك، قال: وودعه الملك فسار إبراهيم (ع) حتى نزل بأعلى الشامات وخلف لوط (ع) في أدنى الشامات، ثم إن إبراهيم (ع) لما أبطا عليه الولد قال لسارة: لو شئت لبعتني هاجر لعل الله أن يرزقنا منها ولدا فيكون لنا خلفا، فابتاع إبراهيم (ع) هاجر من سارة فوقع عليها فولدت إسماعيل (ع).
561 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن أحمد المنقري، عن يونس ابن ظبيان قال: قلت لابي عبدالله (ع): ألا تنهى هذين الرجلين عن هذا الرجل؟ فقال: من هذا الرجل ومن هذين الرجلين؟ قلت: ألا تنهى حجر بن زائدة وعامر بن جذاعة عن المفضل بن عمر(1) فقال: يا يونس قد سألتهما أن يكفا عنه فلم يفعلا فدعوتهما وسألتهما

___________________________________
(1) حجر بن زائدة الحضرمي قال النجاشي: روى عن ابي جعفر وابي عبدالله عليهما السلام ثقة صحيح المذهب صالح من هذه الطائفة وروى الكشي عن محمد بن قولويه عن سعد عن علي بن سليمان بن داود عن علي بن اسباط عن ابيه عن ابي الحسن موسى عليه السلام انه من حواري محمد ابن على وجعفر بن محمد عليهما السلام. وعن علي بن محمد عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين ابن سعيد يرفعه عن عبدالله بن الوليد قال: قال لي ابوعبدالله عليه السلام ما تقول في مفضل؟ قلت وما عسيت ان أقول فيه بعد ما سمعت منك. فقال: رحمه لله لكن عامر بن جذاعة وحجر بن زائدة اتياني فعاباه عندي فسألتهما الكف عنه فلم يفعلا ثم سألتهما ان يكفا عنه واخبرتهما بسروري بذلك فلم يفعلا فلا غفر الله لهما. وفي الفهرست لشيخ الطائفة: له كتاب اخبرنا به ثم ذكر رحمه الله طريقه إلى ابن مسكان عنه. انتهى وعامر بن عبدالله بن جذاعة الازدي روى عن ابي عبدالله عليه السلام وله كتاب كذا ذكره المنجاشي. وقال: مفضل بن عمر كوفي فاسد المذهب مضطرب الرواية لا يعبأ به. وفي (الخلاصة): متهافت مرتفع القول خطابي وقد زيد عليه شئ كثير وحمل الغلاة في حديثه حملا عظيما ولا يجوز ان يكتب حديثه روى عن ابي عبدالله وابي الحسن عليهما السلام وقيل: انه كان خطابيا وقد ذكرت له مصنفات لا يعول عليها انتهى وعده المفيد رحمه الله في ارشاده من شيوخ اصحاب ابي عبدالله عليه السلام وخاصته وبطانته وثقاة الفقهاء الصالحين وقال الشيخ الطوسي رحمه الله في كتاب الغيبة: ومنهم المفضل بن عمر اي من المحمودين ممن كان يختص بامام ويتولى له الامر. انتهى وروى روايات غير نقية الطريق في مدحه واورد الكشي احاديث تقتضي مدحه والثناء عليه لكن طرقها غير نقية كلها واحاديث تقتضي ذمه والبراء‌ة منه كما في الخلاصة وهي اقرب إلى الصحة فالاولى عدم الاعتماد والله اعلم بحاله. (جامع الرواة) وقال المجلسي رحمه الله: ان هذا الخبر يدل على جلالة المفضل وذمهما لكنه على مصطلح القوم ضعيف.

[374]


وكتبت إليهما وجعلته حاجتي إليهما فلم يكفا عنه فلا غفر الله لهما فوالله لكثير عزة(1) أصدق في مودته منهما فيما ينتحلان من مودتي حيث يقول: ألا زعمت بالغيب ألا أحبها * إذا أنا لم يكرم علي كريمها(2) أما والله لو أحباني لاحبا من أحب.
562 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن القاسم شريك المفضل وكان رجل صدق قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: حلق في المسجد يشهرونا ويشهرون أنفسهم أولئك ليسوا منا ولا نحن منهم، أنطلق فأواري(3) و أستر فيهتكون ستري هتك الله ستورهم(4)، يقولون: إمام، أما والله ما أنا بإمام إلا لمن أطاعني فأما من عصاني فلست له بإمام، لم يتعلقون باسمي، ألا يكفون(5) اسمي من أفواههم فوالله لا يجمعني الله وإياهم في دار.

___________________________________
(1) بضم الكاف وفتح الثاء وتشديد الياء المكسورة اسم شاعر. وعزة بفتح العين المهملة والزاي المعجمة المشددة اسم معشوقته؛ (آت).
(2) (الا زعمت) اي قالت أو زعمت (بالغيب) اي غائبة عني اي انها تعلم أني إذا لم أكن محبا لمن يحبها لم أكن محبا لها؛ (آت).
(3) في بعض النسخ (فادارى).
(4) في بعض النسخ (سرهم).
(5) في بعض النسخ (ألا يلقون اسمي من افواههم).
(*)

[375]


563 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن ذريح، عن أبي عبدالله (ع) قال: لما خرجت قريش إلى بدر وأخرجوا بني عبدالمطلب معهم خرج طالب بن أبي طالب فنزل رجازهم وهم يرتجزون ونزل طالب بن أبي طالب يرتجز ويقول: يا رب إما يغزون بطالب * في مقنب من هذه المقانب(1) في مقنب المغالب المحارب * بجعله المسلوب غير السالب(2) وجعله المغلوب غير الغالب فقالت قريش: إن هذا ليغلبنا فردوه(3).
وفي رواية اخرى عن أبي عبدالله (ع) أنه كان أسلم.
564 - حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الكندي، عن أحمد بن الحسن الميثمي

___________________________________
(1) المقنب بالكسر جماعة الخيل والفرسان وفي بعض ما ظفرنا عليه من السير هكذا: يارب اما اخرجوا بطالب * في مقنب من هذه المقانب فاجعلهم المغلوب غير الغالب * وارددهم المسلوب غير السالب قال صاحب الكامل في ذكر قصته: وكان بين طالب بن ابي طالب وهو في القوم وبين بعض قريش محاورة: فقالوا: والله لقد عرفنا ان هواكم مع محمد فرجع طالب فيمن رجع إلى مكة.
وقيل: انه اخرج كرها فلم يوجد في الاسرى ولا في القتلى ولا فيمن رجع إلى مكة وهو الذي يقول: يارب اما يغزون طالب * في مقنب من هذه المقانب فليكن المسلوب غير السالب * وليكن المغلوب غير الغالب اقول: على ما نقلناه من الكتابين ظهر انه لم يكن راضيا بهذه المقاتلة وكان يريد ظفر النبي صلى الله عليه وآله، إما لانه قد أسلم كما تدل عليه المرسلة او لمحبة القرابة، فالذي يخطر بالبال في توجيه ما في الخبر ان يكون قوله: (بجعله) بدل اشتمال لقوله: (بطالب) اي اما تجعل الرسول غالبا بمغلوبية طالب حال كونه في مقانب عسكر مخالفيه الذين يطلبون الغلبة عليه بان تجعل طالبا مسلوب الثياب والسلاح غير سالب لاحد من عسكر النبي صلى الله عليه وآله وبجعله مغلوبا منهم غير غالب عليهم؛ (آت).
(2) في بعض النسخ القديمة (فاجعله المسلوب غير السالب) (آت)
(3) (ليغلبنا) على ما ذكرنا اي يريد غلبة الخصوم علينا او يصير تخاذله سببا لغلبتهم علينا؛ (آت).
(*)

[376]


عن أبان بن عثمان، عن محمد بن المفضل(1) قال سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: جاء‌ت فاظمة (عليها السلام) إلى سارية في المسجد(2) وهي تقول وتخاطب النبي صلى الله عليه وآله: قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب إنا فقدناك فقد الارض وابلها * واختل قوم فاشهدهم ولا تغب(3) 565 - أبان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (ع) قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ خفض له كل رفيع ورفع له كل خفيض حتى نظر إلى جعفر (ع)(4) يقاتل الكفار قال: فقتل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قتل جعفر وأخذه المغص في بطنه(5).
566 - حميد بن زياد، عن عبيد الله بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد بياع السابري، عن عجلان أبي صالح قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: قتل علي بن أبي طالب (ع) بيده يوم حنين أربعين(6).
567 - أبان، عن عبدالله بن عطاء، عن أبي جعفر (ع) قال: أتى جبرئيل (ع) رسول الله صلى الله عليه وآله بالبراق أصغر من البغل وأكبر من الحمار، مضطرب الاذنين، عينيه في حافره وخطاه مد بصره وإذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه فإذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه، أهدب العرف(7) الايمن له جناحان من خلفه.

___________________________________
(1) في بعض النسخ (محمد بن الفضيل). والمختار اظهر بقرينة رواية أبان عنه وروايته عن ابي عبدالله عليه السلام.
(2) اي إلى اسطوانة وكانت هذه المطالبة والشكاية عند اخراج امير المؤمنين عليه السلام للبيعة او عند غصب فدك؛ (آت).
(3) الهنبثة: الامر المختلف الشديد والاختلاط من القول والاختلاف فيه. والخطب الامر الذي تقع فيه المخاطبة، والشأن، والحال ويمكن ان يقرأ الخطب بضم الخاء وفتح الطاء جمع خطبة. والوابل: المطر الشديد الضخم القطر. وفي كشف الغمة (واختل قومك لما غبت وانقلبوا) وفي الكتب زوائد اوردناها في البحار؛ (آت).
(4) يعني جعفر بن ابي طالب عليه السلام.
(5) المغص بالتسكين ويحرك: وجع في البطن والظاهر ان الضمير في قوله: (في بطنه) راجع إلى النبي صلى الله عليه وآله اي اخذه هذه الداء لشدة اغتمامه وحزنه عليه؛ (آت).
(6) كذا دكره الشيخ المفيد قدس سره في ارشاده وبعض اهل السير؛ (آت).
(7) اي طويلة وكان مرسلا في جانب الايمن؛ (آت).
(*)

[377]


568 - علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن فيض ابن المختار قال: قال أبوعبدالله (ع): كيف تقرأ " وعلى الثلاثة الذين خلفوا(1) " قال: لو كان خلفوا لكانوا: في حال طاعة ولكنهم " خالفوا " عثمان وصاحباه أما والله ما سمعوا صوت حافر ولا قعقعة(2) حجر إلا قالوا: أتينا، وصاحباه أما والله ما سمعوا صوت حافر ولا قعقعة(2) حجر إلا قالوا: أتينا، فسلط الله عليهم الخوف حتى أصبحوا.
569 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة

___________________________________
(1) التوبة: 118. قال الشيخ امين الدين الطبرسي: القراء‌ة المشهورة (الذين خلفوا) و قرأ علي بن الحسين وابوجعفر الباقر وجعفر الصادق عليهم السلام وابوعبدالرحمن السلمى (خالفوا) وقرأ عكرمة وزر بن حبيش وعمرو بن عبيد (خلفوا) بفتح الخاء واللام خفيفة. ثم قال: نزلت في كعب ابن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن امية وذلك انهم تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يخرجوا معه لا عن نفاق ولكن عن توان ثم ندموا فلما قدم النبي صلى الله عليه وآله المدينة جاؤوا اليه واعتذروا فلم يكلمهم النبي صلى الله عليه وآله وتقدم إلى المسلمين بان لا يكلمهم احد منهم فهجرهم الناس حتى الصبيان وجاء‌ت نساؤهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلن له يا رسول الله نعتزلهم؟ فقال: لا ولكن لا يقربوكن، فضاقت عليهم المدينة فخرجوا إلى رؤوس الجبال وكان اهاليهم يجيؤون لهم بالطعام ولا يكلمونهم فقال بعضهم لبعض قد هجرنا الناس ولا يكلمنا احد منهم فهلا نتهاجر نحن ايضا فتفرقوا ولم يجتمع منهم اثنان وبقوا على ذلك خمسين يوما يتضرعون إلى الله تعالى ويتوبون اليه فقبل الله تعالى توبتهم وانزل فيهم هذه الاية. ثم قال: (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) قال مجاهد: معناه خلفوا عن قبول التوبة بعد قبول التوبة ممن قبل توبتهم من المنافقين كما قال سبحانه فيما مضى: (وآخرون مرجون لامر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) وقال الحسن وقتاده: معناه خلفوا عن غزوة تبوك لما تخلفوهم واما قراء‌ة اهل البيت عليهم السلام خالفوا فانهم قالوا: لو كانوا خلفوا لما توجه عليهم العتب و لكنهم خالفوا. انتهى. اقول: يدل هذا الخبر على ان ابا بكر وعمر وعثمان كان وقع منهم ايضا تخلف عند خروج النبي صلى الله عليه وآله إلى تبوك فسلط الله عليهم الخوف في تلك الليلة حتى ضاقت عليهم الارض برحبها وسعتها وضاقت عليهم انفسهم لكثرة خوفهم وحزنهم حتى اصبحوا ولحقوا بالنبي صلى الله عليه و آله واعتذروا اليه؛ (آت).
(2) قعقع السلاح: صوت. والشئ اليابس: حركه مع صوت: والقعقعة حكاية حركة الشئ يسمع له صوت. (*)

[378]


عن أبي بصير، عن أبي جعفر (ع) قال: تلوت " التائبون العابدون(1) " فقال: لا، اقرأ التائبين العابدين - إلى آخرها - " فسئل عن العلة في ذلك، فقال: اشترى من المؤمنين التائبين العابدين.
570 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبدالله ابن جبلة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله (ع) قال: هكذا أنزل الله تبارك و تعالى " لقد جاء‌نا رسول من أنفسنا عزيز عليه ما عنتنا حريص علينا بالمؤمنين رؤف رحيم(2) ".
571 - محمد، عن احمد، عن ابن فضال عن الرضا (ع) " فأنزل الله سكينته على رسوله وأيده بجنود لم تروها(3) " قلت: هكذا؟ قال: هكذا نقرؤها وهكذا تنزيلها.
572 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن عمار بن سويد قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: في هذه الآية: " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك(4) " فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزل قديد(5) قال لعلي (ع): يا علي إني سألت ربي أن يوالي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يواخي بيني وبينك ففعل، وسألت ربي أن يجعلك وصيي ففعل، فقال رجلان من قريش: والله لصاع من تمر في شن بال احب إلينا مما سأل محمد ربه فهلا سأل ربه ملكا يعضده على عدوه أو كنزا يستغني به عن فاقته والله ما دعاه

___________________________________
(1) التوبة: 112. وهذا اختلاف القراء‌ة، قال الطبرسي: في قراء‌ة ابي وعبدالله بن مسعود و الاعمش (التائبين العابدين) بالياء إلى آخرها وروى ذلك عن ابي جعفر وابي عبدالله عليهما السلام.
(2) السند ضعيف بسهل بن زياد والاية في سورة التوبة: 128 هكذا (لقد جاء‌كم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم).
(3) السند موثق والاية في سورة التوبة: 40 وفيها (فأنزل الله سكينته عليه وأيده. الاية) والضمير لا بد من ارجاعه إلى الرسول ويدل عليه آيات أخر وهذا اختلاف القراء‌ة فقط.
(4) هود: 12.
(5) كزبير: اسم واد وموضع. والشن بالفتح: القربة البالية.
(*)

[379]


إلى حق ولا باطل إلا أجابه إليه فأنزل الله سبحانه وتعالى " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك إلى آخر الآية - ".
573 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان قال: سئل أبوعبدالله (ع) عن قول الله عزوجل: " ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك(1) " فقال: كانوا امة واحدة فبعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة.
574 - علي بن محمد، علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (ع) في قول الله عزوجل: " ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا(2) " قال: من تولى الاوصياء من آل محمد واتبع آثارهم فذلك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الاولين حتى تصل ولايتهم إلى آدم (ع) وهو قول الله عزوجل " من جاء بالحسنة فله خير منها(3) " يدخله الجنة وهو قول الله عزوجل: " قل ما سألتكم من أجر فهو لكم(4) " يقول: أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة وقال لاعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والانكار " قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين(5) " يقول متكلفا أن اسألكم ما لستم بأهله فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمدا(6) أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا فقالوا: ما أنزل الله هذا وما هو إلا شئ يتقوله يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا ولئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته ثم لا نعيدها فيهم أبدا وأراد الله عزوجل أن يعلم نبيه صلى الله عليه وآله الذي أخفوا في صدورهم وأسروا به فقال في كتابه عزوجل " أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك(7) " يقول: لو شئت حبست

___________________________________
(1) هود: 118 و 119.
(2) الشورى: 23 وقوله: (يقترف) اي يكتسب.
(3) النمل: 89.
(4) سبأ: 47.
(5) ص: 86.
(6) كذا.
(7) الشورى: 24.
(*)

[380]


عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك ولا بمودتهم وقد قال الله عزوجل: " ويمحوا الله الباطل ويحق الحق بكلماته (يقول: الحق لاهل بيتك الولاية) إنه عليم بذات الصدور(1) " ويقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لاهل بيتك والظلم بعدك و هو قول الله عزوجل: " وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتاتون السحر وأنتم تبصرون(2) " وفي قوله عزوجل: " والنجم إذا هوى " قال: أقسم بقبض محمد إذا قبض " ما ضل صاحبكم (بتفضيله أهل بيته) وما غوى * وما ينطق عن الهوى " يقول: ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه وهو قول الله عزوجل: " إن هو إلا وحي يوحى(3) " وقال الله عزوجل لمحمد صلى الله عليه وآله: " قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الامر بيني وبينكم(4) " قال: لو أني أمرت أن اعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي، فكان مثلكم كما قال الله عزوجل: " كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاء‌ت ما حوله(5) " يقول: أضاء‌ت الارض بنور محمد كما تضئ الشمس فضرب الله مثل محمد صلى الله عليه وآله الشمس ومثل الوصي القمر وهو قوله عزوجل: " جعل الشمس ضياء ا والقمر نورا " وقوله: " وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون(7) " وقوله عزوجل: " ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون(8) " يعني قبض محمد صلى الله عليه وآله وظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته وهو قوله عزوجل: " وإن تدعهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظروا إليك وهم لا يبصرون(9) " ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي وهو قول الله عزوجل: " الله نور السموات والارض(10) " يقول: أنا هادي السماوات والارض مثل العلم الذي أعطيته وهو نور [ي] الذي يهتدى به مثل المشكاة فيها المصباح، فالمشكاة قلب محمد صلى الله عليه وآله و

___________________________________
(1) الشورى: 24.
(2) الانبياء: 3.
(3) الايات في سورة النجم: 1 إلى 4.
(4) الانعام: 58.
(5) البقرة: 17.
(6) يونس: 5.
(7) يس: 37.
(8) البقرة: 18.
(9) الاعراف: 197 وفيها (ان تدعوهم)
(10) النور: 35.
(*)

[381]


المصباح النور الذي فيه العلم وقوله: " المصباح في زجاجة " يقول: إني اريد أن اقبضك فاجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة، " كأنها كوكب دري " فأعلمهم فضل الوصي، " توقد من شجرة مباركة " فأصل الشجرة المباركة إبراهيم (ع) وهو قول الله عزوجل: " رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد(1) " وهو قول الله عزوجل: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم(2) "، " لا شرقية ولا غربية " يقول: لستم بيهود فتصلوا قبل المغرب ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق وأنتم على ملة إبراهيم (ع) وقد قال الله عزوجل " ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان المشركين(3) " وقوله عزوجل: " يكاد زيتهايضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء " يقول: مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يعصر من الزيتون " يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء " يقول: يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم ملك.
575 - أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن الحسن بن علي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (ع) قال: سألته عن قول الله عزوجل: " سنريهم آياتنا في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق(4) " قال: يريهم في أنفسهم المسخ ويريهم في الافاق انتقاض الآفاق عليهم فيرون قدرة الله عزوجل في أنفسهم وفي الآفاق، قلت له: " حتى يتبين لهم أنه الحق " قال: خروج القائم هو الحق من عند الله عزوجل، يراه الخلق لا بد منه.
576 - محمد بن يحيى، والحسين بن محمد جميعا، عن جعفر بن محمد، عن عباد بن يعقوب، عن أحمد بن إسماعيل، عن عمرو بن كيسان، عن أبي عبدالله الجعفي(5) قال: قال لي أبوجعفر محمد بن علي (ع): كم الرباط عندكم؟ قلت: أربعون قال: لكن رباطنا

___________________________________
(1) هود: 73.
(2) آل عمران: 33 و 34.
(3) آل عمران: 67.
(4) فصلت: 53.
(5) هو عمرو بن شمر والسند ضعيف به.
(*)

[382]


رباط الدهر(1) ومن ارتبط فينا دابة كان له وزنها ووزن وزنها(2) ما كانت عنده، ومن ارتبط فينا سلاحا كان له وزنه ما كان عنده، لا تجزعوا من مرة ولا من مرتين ولا من ثلاث(3) ولا من أربع فإنما مثلنا ومثلكم مثل نبي كان في بني إسرائيل فأوحى الله عزوجل إليه أن ادع قومك للقتال فإني سأنصرك فجمعهم من رؤوس الجبال ومن غير ذلك ثم توجه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى انهزموا، ثم أوحى الله تعالى إليه أن ادع قومك إلى القتال فإني سأنصرك، فجمعهم ثم توجه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى انهزموا، ثم أوحى الله إليه أن ادع قومك إلى القتال فإني سأنصرك فدعاهم فقالوا: وعدتنا النصر فما نصرنا فأوحيب الله تعالى إليه إما أن يختاروا القتال أو النار، فقال: يا رب القتال أحب إلي من النار فدعاهم فأجابه منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر عدة أهل بدر فتوجه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى فتح الله عزوجل لهم.
577 - عدة من أصحابنا، [عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، والنوفلي، و غيرهما يرفعونه إلى أبي عبدالله (ع) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يتداوى من الزكام و يقول: ما من أحد إلا وبه عرق من الجذام فإذا أصابه الزكام قمعه.
578 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (ع) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الزكام جند من جنود الله عز وجل يبعثه عزوجل على الداء فيزيله.
579 - محمد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن محمد بن عبدالحميد باسناده رفعه إلى أبي عبدالله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من أحد من ولد آدم إلا وفيه عرقان عرق في رأسه يهيج الجذام وعرق في بدنه يهيج البرص فإذا هاج العرق الذي في الرأس سلط الله عزوجل عليه الزكام حتى يسيل ما فيه من الداء، وإذا هاج العرق الذي في

___________________________________
(1) أي يجب على الشيعة ان يربطوا انفسهم على إطاعة الامام الحق وانتظار فرجه وتهيؤوا دائما لنصرته؛ (آت). والرباط: ملازمة ثغر العدو؛ (القاموس).
(2) هذا من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس اي له من الثواب كمثلى وزن الدابة.
(3) اي لا تجزعوا من عدم نصرنا وغلبة العدو علينا مرة أو مرتين.
(*)

[383]


الجسد سلط الله عليه الدماميل حتى يسيل ما فيه من الداء فإذا رأى أحدكم به زكاما ودماميل فليحمد الله عزوجل على العافية وقال: الزكام فضول في الرأس.
580 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن رجل قال: دخل رجل على أبي عبدالله (ع) وهو يشتكي عينيه فقال له: أين أنت عن هذه الاجزاء الثلاثة: الصبر والكافور والمر؟ ففعل الرجل ذلك فذهبت عنه(1).
581 - عنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح قال: قلت لابي عبدالله (ع): إن لنافتاة كانت ترى الكوكب مثل الجرة، قال: نعم وتراه مثل الحب(2)، قلت: إن بصرها ضعف، فقال: اكحلها بالصبر والمر والكافور أجزاء سواء فكحلناها به فنفعها.
582 - عنه، عن أحمد، عن داود بن محمد، عن محمد بن الفيض، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كنت عند أبي جعفر يعني أبا الدوانيق فجاء ته خريطة فحلها ونظر فيها فأخرج منها شيئا فقال: يا أبا عبدالله أتدري ما هذا؟ قلت: ما هو قال: هذا شئ يؤتى به من خلف إفريقية من طنجة أو طبنة(3) - شك محمد قلت: ما هو؟ قال: جبل هناك يقطر منه في السنة قطرات فتجمد وهو جيد للبياض يكون في العين يكتحل بهذا فيذهب بإذن الله عزوجل، قلت: نعم أعرفه وإن شئت أخبرتك باسمه وحاله؟ قال: فلم يسألني عن اسمه، قال: وما حاله؟ فقلت: هذا جبل كان عليه نبي من أنبياء بني إسرائيل هاربا من قومه يعبد الله عليه فعلم به قومه فقتلوه فهو يبكي على ذلك النبي (ع) وهذه القطرات من بكائه وله ومن الجانب الآخر عين تنبع من ذلك الماء بالليل و النهار ولا يوصل إلى تلك العين.
583 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن سليم مولى علي بن

___________________________________
(1) راجع الهامش الرابع من ص 192 في هذا المجلد.
(2) اي ان لم تعالجها بعد ذلك تراه مثل الحب.
(3) (طنجة) بالفتح ثم السكون والجيم بلد بساحل بحر المغرب وهي احد حدود افريقية من جهة المغرب و (طبنة) بالضم ثم السكون ونون مفتوحة بلدة في طرف افريقية مما يلي المغرب. (المراصد) (*)

[384]


يقطين أنه كان يلقى من رمد عينيه أذى قال: فكتب إليه أبوالحسن (ع) إبتداء من عنده ما يمنعك من كحل أبي جعفر (ع) جزء كافور رباحي(1) وجزء صبر اصقوطرى يدقان جميعا وينخلان بحريرة يكتحل منه مثل ما يكتحل من الاثمد(2) الكحلة في الشهر تحدر كل داء في الرأس وتخرجه من البدن، قال: فكان يكتحل به فما اشتكى عينيه حتى مات.

________________________________________
(1) بالموحدة بين المهلتين وقال صاحب القاموس: الرباحي جنس من الكافور.
وقال: مكان (صقوطرى): اسقطرى: هي جزيرة ببحر الهند على يسار الجائي من بلاد الزنج والعامة تقول: سقوطرة، يجلب منها الصبر ودم الاخوين. قال الحموي في المراصد: (سطرى) بضمتين وطاء ساكنة وراء وألف مقصورة ويروى بالمد: جزيرة عظيمة كبيرة فيها عدة قرى ومدن يناوح عدن جنوبية وهي إلى بر العرب اقرب من بر الهند والسالك إلى بلاد الزنج يمر عليها واكثر اهلها نصارى عرب، يجلب منها الصبر ودم الاخوين وهو صمغ شجر لا يوجد الا في هذه الجزيرة ويسمونه القاطر قيل طولها ثمانون فرسخا.
(2) الاثمد بالمثلثة وكسر الهمزة: حجر الكحل.