حديث الفقهاء والعلماء

477 - عنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع): كانت الفقهاء والعلماء إذا كتب بعضهم إلى بعض كتبوا بثلاثة ليس معهم رابعة: من كانت همته آخرته كفاه الله همه من الدنيا ومن أصلح سريرته(2) أصلح الله علانيته ومن أصلح فيما بينه وبين الله عزوجل أصلح الله تبارك وتعالى فيما بينه وبين الناس.
478 - الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن سعدان بن مسلم، عن بعض اصحابنا، عن أبي عبدالله (ع) قال كان رجل بالمدينة يدخل مسجد الرسول صلى الله عليه وآله فقال: اللهم آنس وحشتي وصل وحدتي وارزقني جليسا صالحا، فإذا هو برجل في أقصى المسجد فسلم عليه وقال له: من أنت يا عبدالله فقال: أنا أبوذر، فقال الرجل: الله أكبر الله أكبر، فقال أبوذر: ولم تكبر يا عبدالله؟ فقال: إني دخلت المسجد فدعوت الله عزوجل أن يؤنس وحشتي وأن يصل وحدتى وأن يرزقني جليسا صالحا، فقال له أبوذر: أنا أحق بالتكبير منك إذا كنت ذلك الجليس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا وأنتم على ترعة يوم القيامة(3) حيت يفرغ الناس من الحساب قم يا عبدالله فقد نهى السلطان(4) عن مجالستي.
479 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله

___________________________________
(2) اي قلبه ونيته.
(3) الترعة: الباب، يقال: (فتح ترعة الدار) والروضة ومسيل الماء إلى الروضة ونهر عميق مصنوع بين نهرين اوبحرين او قطع اخرى من الماء، جمع ترع. وقال: ذلك مخاطبا لقوم كان ابوذر فيهم وانما ذكر ذلك لتأييد كلام الرجل.
(4) أراد بالسلطان عثمان بن عفان.
(*)

[308]


عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين (ع): قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سيأتي على الناس زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ومن الاسلام إلا اسمه، يسمعون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود.
480 - الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن محمد بن الحسين بن يزيد قال: سمعت الرضا (ع) بخراسان وهو يقول: إنا أهل بيت ورثنا العفو من آل يعقوب وورثنا الشكر من آل داود - وزعم أنه كان كلمة اخرى و نسيها محمد، فقلت: له: لعله وورثنا الصبر من آل أيوب؟ فقال: ينبغي.
قال علي بن أسباط: وإنما قلت ذلك لاني سمعت يعقوب بن يقطين يحدث عن بعض رجاله قال: لما قدم أبوجعفر المنصور المدينة سنة قتل محمد وإبراهيم ابني عبدالله ابن الحسن التفت إليه عمه عيسى بن علي فقال له: يا أبا العباس إن أمير المؤمنين قد رأى أن يعضد شجر المدينة(1) وأن يعور عيونها وأن يجعل أعلاها أسفلها، فقال له: يا أمير المؤمنين هذا ابن عمك جعفر بن محمد بالحضرة فابعث إليه فسله عن هذا الرأي، قال: فبعث إليه فأعلمه عيسى فأقبل عليه فقال له: يا أمير المؤمنين إن داود (ع) اعطى فشكر وإن أيوب (ع) ابتلى فصبر وإن يوسف (ع) عفا بعد ما قدر، فاعف فإنك من نسل اولئك.
481 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن زرعة بن محمد، عن أبي عبدالله (ع) في قول الله عزوجل: " وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا " فقال: كانت اليهود تجد في كتبها

___________________________________
(1) اراد بامير المؤمنين نفسه الخبيثة ويريد بقوله: (يعضد شجر المدينة) قطعها وبقوله: (يعور عيونها) سدا عينها التي ينبع منها الماء؛ (آت).
(2) البقرة: 89. وقوله: (يستفتحون) في المجمع عن ابن عباس والعياشى كانت اليهود يستفتحون اي يستنصرون على الاوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وآله قبل مبعثه فلما بعثه الله تعالى من العرب ولم يكن من بني اسرائيل كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء: يا معشر اليهود اتقوا الله واسلموا ققد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وآله ونحن اهل الشرك وتصفونه وتذكرونه انه مبعوث فقال سلام بن مثكم اخو بني النضير: ما جاء‌نا بشئ تعرفه وما هو بالذي كنا نذكره لكم فانزل الله تبارك وتعالى هذه الاية.
(*)

[309]


أن مهاجر محمد صلى الله عليه وآله ما بين عير واحد(1) فخرجوا يطلبون الموضع فمروا بجبل يسمى حداد فقالوا: حداد(2) وأحد سواء فتفرقوا عنده فنزل بعضهم بتيماء وبعضهم بفدك وبعضهم بخيبر، فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض إخوانهم فمر بهم أعرابي من قيس فتكاروا(3) منه وقال لهم: أمر بكم ما بين عير واحد، فقال له: إذا مررت بهما فآذنا بهما، فلما توسط بهم أرض المدينة قال لهم: ذاك عير وهذا احد فنزلوا عن ظهر إبله، وقالوا: قد أصبنا بغيتنا(4) فلا حاجة لنا في إبلك فاذهب حيث شئت وكتبوا إلى إخوانهم الذين بفدك وخيبر: أنا قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا، كتبوا إليهم: أنا قد استقرت بنا الدار واتخذنا الاموال وما أقربنا منكم فإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم فاتخذوا بأرض المدينة الاموال فلما كثر أموالهم بلغ تبع فغزاهم فتحصنوا منه فحاصرهم وكانوا يرقون لضعفاء أصحاب تبع(5) فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير فبلغ ذلك تبع فرق لهم وآمنهم فنزلوا إليه فقال لهم: إني قد استطبت بلادكم ولا أراني إلا مقيما فيكم فقالوا له: إنه ليس ذاك لك، إنها مهاجر نبي وليس ذلك لاحد(6) حتى يكون ذلك، فقال لهم: إني مخلف فيكم من اسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره فخلف حيين الاوس والخزرج فلما كثروا بهاكانوا يتناولون أموال اليهود وكانت اليهود تقول لهم: أما لو قد بعث محمد ليخرجنكم من ديارنا وأموالنا فلما بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وآله آمنت به الانصار وكفرت به اليهود وهو قول الله عزوجل: " وكانوا

___________________________________
(1) عير: جبل بالمدينة؛ (الصحاح).
(2) حدد محركة: جبل بتيماء وتيماء اسم موضع قريب من المدينة (القاموس) وقال المجلسي رحمه الله: لعله زيد الف حداد من النساخ أو كان جبل يسمى بكل منها.
(3) من الكراء اي استاجروا منه.
(4) اي حاجتنا. ومطلوبنا.
(5) (تبع) كسكر: واحد التبايعة من ملوك حمير سمى تبعا لكثرة اتباعه وقيل: سموا تبايعة لان الاخير يتبع الاول في الملك وهم سبعون تبعا ملكوا جميع الارض ومن فيها من العرب والعجم. (مجمع البحرين).
(6) اي السلطنة في المدينة لان نزوله فيها كان على جهة السلطنة؛ (آت).
(7) الاسرة بالضم من الرجل: الرهط الادنون (القاموس) (*)

[310]


من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاء هم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله عن الكافرين " 482 - علي بن إبراهيم، عن أييه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن قول الله تبارك وتعالى: " وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاء هم ما عرفوا كفروا به " قال: كان قوم فيما بين محمد وعيسى صلى الله عليهما وكانوا يتوعدون أهل الاصنام بالنبي صلى الله عليه وآله ويقولون: ليخرجن نبي فليكسرن أصنامكم وليفعلن بكم [وليفعلن] فلماخرج رسول الله صلى الله عليه وآله كفروا به.
483 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة(1) والسفياني والخسف وقتل النفس الزكية واليماني، فقلت: جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه؟ قال: لا، فلما كان من الغد تلوت هذه الآية " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين(2) " فقلت له: أهي الصيحة؟ فقال: أما لو كانت خضعت أعناق أعداء الله عزوجل(3).
484 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: اختلاف بني العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أول النهار: ألا إن عليا وشيعته هم الفائزون، قال: وينادي مناد [في] آخر النهار: ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون(4).

___________________________________
(1) اي النداء الذي يأتي ذكره في الخبر الاتي. والخسف هي خسف جيش السفياني بالبيداء؛ (آت).
(2) الشعراء: 4 اي منزل من السماء علامة تلجئهم وتضطرهم إلى الايمان. (فظلت اعناقهم) اي جماعاتهم ورؤساؤهم كما تقول: اتاني عنق من الناس، اي جماعة ويقال: ظلت اعناقهم اضاف الاعناق اليهم، يريد الرقاب ثم جعل الخبر عنهم لان خضوعهم بخضوع الاعناق. وقيل: اصله فظلوا خاضعين فاقحمت الاعناق لبيان موضع الخضوع وترك الخبر على اصله.
(3) الظاهر انه عليه السلام قرره على انت المراد بها الصيحة وبين أن الصيحة تصير سببا لخضوع اعناق أعداء الله؛ (آت).
(4) قد مر مثله مع بيانه.
(*)

[311]


485 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة(1) على أبي جعفر (ع) فقال: يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة؟ قال: هكذا يزعمون فقال أبوجعفر (ع): بلغني أنك تفسر القرآن؟ فقال له قتادة: نعم، فقال له أبوجعفر (ع) بعلم تفسره أم بجهل؟ قال: لا بعلم، فقال له أبوجعفر (ع): فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت(2) وأنا أسألك؟ قال قتادة: سل قال: أخبرني عن قول الله عزوجل في سبأ: " وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين(3) " فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله، فقال أبوجعفر (ع): نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته ويضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه؟(4) قال قتادة: اللهم نعم، فقال أبوجعفر (ع): ويحك يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت وإن كنت قد اخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت، ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه كما قال الله عزوجل: " واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم(5) " ولم يعن البيت

___________________________________
(1) هو من مشاهير محدثي العامة ومفسريهم روى عن انس بن مالك وابي الطفيل وسعيد بن المسيب والحسن البصري؛ (آت).
(2) اي فأنت العالم المتوحد الذي لا يحتاج إلى المدح والوصف وينبغي ان يرجع اليك في العلوم؛ (آت).
(3) 18. واعلم ان المشهور بين المفسرين ان هذه الاية لبيان حال تلك القرى في زمان قوم سبأ اي قدرنا سيرهم في القرى على قدر مقيلهم ومبيتهم لا يحتاجون إلى ماء ولا زاد لقرب المنازل والامر في قوله: (سيروا) متوجه اليهم على ارادة القول بلسان الحال او المقال ويظهر من كثير من اخبارنا ان الامر متوجه إلى هذه الامة او خطاب عام يشملهم ايضا؛ (آت).
(4) الاجتياح: الاهلاك.
(5) ابراهيم: 37 (تهوى اليهم) بكسر الواو اي تقصدهم وتهوى اليهم بفتح الواو على قراء‌ة امير المؤمنين وابي جعفر الباقر وجعفر بن محمد عليهم السلام بمعنى يحبهم ويهواهم ويميل اليهم.
من هويت الشئ إذا احببته وجاء تعديته بالى لان معنى هويت: ملت اليه.
(*)

[312]


فيقول: إليه، فنحن والله دعوة إبراهيم (ع) التي من هوانا قلبه قبلت حجته وإلا فلا، يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة، قال قتادة: لا جرم والله لا فسرتها إلا هكذا، فقال أبوجعفر (ع): ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به.
486 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن مفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر (ع) قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: أخبرني الروح الامين أن الله لا إله غيره إذا وقف الخلائق وجمع الاولين والآخرين اتي بجنهم تقاد بألف زمام، أخذ بكل زمام مائة ألف ملك من الغلاظ الشداد ولها هدة وتحطم(1) وزفير وشهيق، وإنها لتزفر الزفرة فلو لاأن الله عزوجل أخرها إلى الحساب لاهلكت الجميع، ثم يخرج منها عنق يحيط بالخلائق البر منهم والفاجر، فما خلق الله عبدا من عباده ملك ولا نبي إلا وينادي يا رب نفسي نفسي وأنت تقول: يا رب امتي أمتي، ثم يوضع عليها صراط أدق من الشعر وأحد من السيف، عليه ثلاث قناطر: الاولى عليها الامانة والرحمة(2) والثانية عليها الصلاة والثالثة عليها رب العالمين(3) لا إله غيره، فيكفلون الممر عليها فتحبسهم الرحمة والامانة فإن نجوا منها حبستهم الصلاة فإن نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين جل ذكره وهو قول الله تبارك وتعالى: " وإن ربك لبالمرصاد(4) " والناس على الصراط فمتعلق تزل قدمه وتثبت قدمه والملائكة حولها ينادون يا كريم يا حليم اعف واصفح وعد بفضلك وسلم، والناس يتهافتون(5) فيها كالفراش

___________________________________
(1) الهدة: صوت وقع الحائط ونحوه والتحطم: التلظي، ويقال: تحطم الرجل غيظا اي تلظى.
(2) رواه علي بن ابراهيم في التفسير والصدوق في الامالى وفيهما (الامانة والرحم) والرحمة هنا بمعني الرحم وترك ظلم العباد وعلى روايتي الصدوق وعلي بن ابراهيم يمكن ان يقرء (الرخم) بكسرالحاء بمعنى صلة الرحم.
(3) كذا في التفسير ولكن في الامالى (عليها عدل رب العاملين).
(4) الفجر: 14. والمرصاد: الطريق والمكان يرصد فيه العدو.
(5) التهافت: التساقط قطعة قطعة.
(*)

[313]


فإذا نجا ناج برحمة الله تبارك وتعالى نظر إليها فقال: الحمد لله الذي نجاني منك بعد يأس بفضله ومنه إن ربنا لغفور شكور.
487 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي خالد، عن أبي جعفر (ع) في قول الله عزوجل: " فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا(1) " قال: الخيرات الولاية وقوله تبارك وتعالى: " أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا " يعني أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا، قال: وهم والله الامة المعدودة قال: يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف(2).
488 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منذر بن جعفر، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: سيروا البردين(3)؟ قلت: إنا نتخوف من الهوام، فقال: إن أصابكم شئ فهو خير لكم مع أنكم مضمونون(4).

___________________________________
(1) البقرة: 148.
(2) (الامة المعدودة) اي الذين ذكرهم الله في قوله: (ولئن اخرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة ليقولن ما نحبسه) وقال الطبرسي رحمه الله معناه ولئن اخرناه عن هؤلاء الكفار عذاب استيصال إلى أجل مسمى ووقت معلوم. والامة: الحين وقيل: إلى امة اي إلى جماعة يتعاقبون فيصيرون على الكفر ولا يكون فيهم من يؤمن كما فعلنا بقوم نوح وقيل: معناه إلى امة بعد هؤلاء نكلفهم فيعصون فيقتضى الحكمة اهلاكهم واقامة القيامة وقيل: ان الامة المعدودة هم اصحاب المهدي في آخر الزمان ثلاثمائة و بضعة عشر رجلا كعدة اهل بدر، يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخزيف وهو المروى عن ابي جعفر وابي عبدالله عليهما السلام. انتهى، وقزع الخريف اي قطع السحاب المتفرقة وانما خص الخريف لانه اول الشتاء والسحاب يكون فيه متفرقا غير متراكم ولا مطبق ثم يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك؛ (آت).
(3) اي الغداة والعشي. وقوله: (انا نتخوف الهوام) هي جمع هامة وهي الدابة او كل ذات سم يقتل والاول اظهر ويمكن ان يقرء بتشدديد الواو وتخفيف الميم قال الفيروزآبادي: الهوام كشداد: الاسد
(4) اي انتم معشر الشيعة ضمن الله لكم حفظكم، اي غالبا او مع التوكل والتفويض التام. (آت) ويحتمل ان يكون المراد ما في قوله تعالى: (هو الذي يسيركم في البر والبحر).
(*)

[314]


489 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (ع) قال: قال رسول الله (ع): عليكم بالسفر بالليل فإن الارض تطوى بالليل(1).
490 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن بشير النبال، عن حمران بن أعين قال: قلت لابي جعفر (ع): يقول الناس: تطوى لنا الارض بالليل كيف تطوى؟ قال: هكذا - ثم عطف ثوبه -(2).
491 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبدالله (ع) قال: الارض تطوى في آخر الليل(3).
492 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز قال: أردنا أن نخرج فجئنا نسلم على أبي عبدالله (ع) فقال: كأنكم طلبتم بركة الاثنين؟ فقلنا: نعم فقال: وأي يوم أعظم شوما من يوم الاثنين يوم فقدنا فيه نبينا وارتفع الوحي عنا لا تخرجوا واخرجوا يوم الثلاثاء.
493 - عنه، عن بكر بن صالح(4)، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن موسى (ع) قال: الشوم(5) للمسافر في طريقه خمسة أشياء(6): الغراب الناعق، عن يمينه، والناشر لذنبه(7)، والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقع على

___________________________________
(1) هذا كناية عن سهولة السير.
(2) قال الجزري: في حديث السفر: اطو لنا الارض اي قربها وسهل السير فيها حتى لا تطول علينا فكانها قد طويت ومنه الحديث ان الارض لتطوى بالليل مالا تطوى بالنهار اي يقطع مسافتها لان الانسان فية انشط من النهار واقدر على المشي والسير لعدم الحر وغيره.
(3) يدل على ان السير في آخر الليل اسهل من سائره؛ (آت).
(4) هو بكر بن صالح الرازي الضبي مولى بي ضبة روى عن ابي الحسن الكاظم عليه السلام ضعيف جدا كثير التفرد بالغرائب. (صه عن جش)
(5) اي ما يتشأم به الناس وربما تؤثر بتأثر النفس بها ويرتفع تاثيرها بالتوكل وبالدعاء المذكور في هذا الخبر وغيره؛(آت).
(6) الظاهر سبعة كما في بعض نسخ الفقيه وفي بعضها ستة. ولكن في المحاسن كما في الكتاب
(7) في الفقيه (الكلب الناشر لذنبه) وفي الخصال (الناشر) وكذا في المحاسن بدون الواو والمعنى الغراب الناشر لذنبه.
(*)

[315]


ذنبه يعوي(1) ثم يرتفع ثم ينخفض ثلاثا، والظبي السانح من يمين إلى شمال، والبومة الصارخة، والمرأة الشمطاء تلقاء فرجها(2)، والاتان العضباء يعني الجدعاء فمن أوجس في نفسه منهن شيئا فليقل: " اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي " قال: فيعصم من ذلك.
494 - محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبدالله(2)، عن محمد بن سنان، عن عبدالله بن القاسم، عن عمرو بن أبي المقدام قال: قال أبو عبدالله (ع): إن الله تبارك وتعالى زين شيعتنا بالحلم وغشاهم بالعلم لعلمه بهم قبل أن يخلق آدم (ع).
495 - أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عمر بن أبان، عن الصباح ابن سيابه، عن أبي عبدالله (ع) قال: إن الرجل ليحبكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله عزوجل الجنة وإن الرجل ليبغضكم وما يدري ماتقولون فيدخله الله عزوجل النار وإن الرجل منكم لتملا صحيفته من غير عمل، قلت: وكيف يكون ذلك؟ قال: يمر بالقوم ينالون منا فإذا رأوه قال: بعضهم لبعض كفوا فإن هذا الرجل من شيعتهم ويمر بهم الرجل من شيعتنا فيهمزونه(5) ويقولون فيه فيكتب الله له بذلك حسنات حتى يملاء صحيفته من غير عمل.
496 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي الجهم، عن أبي خديجة قال: قابل لي أبوعبدالله (ع): كم بينك وبين البصرة؟ قلت: في الماء خمس إذا طابت الريح وعلى الظهر ثمان ونحو ذلك، فقال: ما أقرب هذا تزاوروا

___________________________________
(1) اقعى الكلب إذا جلس على استه مفترشا رجليه وناصبا يديه.
(2) السانح مامر من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك. والشمطاء: قال الجوهرى: الشمط: بياض شعر الراس يخالط سواده والرجل اشمط والمراة شمطاء. وقوله: (تلقاء فرجها) كذا في الاربعة ولعله تصحيف (تلقاء وجهها) اي شعر ناصيتها بياض مخلوط بالسواد وقيل: الظاهر انه كناية عن استقبالها اياك ومجيئها من قبل وجهك فان فرجها من قدامها وقيل فيه وجوه اخر لا يخلو الجميع عن الركاكة. وقوله: (والاتان العضباء) اي المقطوعة الاذن وقال المجلسي رحمه الله: فسره بالجدعاء لئلا يتوهم ان المراد الشمقوقة الاذن.
(3) كذا. ولعله هو عبدالله بن الصلت.
(4) اي يسبوننا ويعادوننا.
(5) اي يعيبونه.
(*)

[316]


ويتعاهد بعضكم بعضا فإنه لا بد يوم القيامة من أن يأتي كل إنسان بشاهد يشهد له على دينه.
وقال إن المسلم إذا رأى أخاه كان حياة لدينه إذا ذكر الله عزوجل.
497 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن أبي عبدالله (ع) قال: والله لا يحبنا من العرب والعجم إلا أهل البيوتات والشرف والمعدن(1) ولا يبغضنا من هؤلاء وهؤلاء إلا كل دنس ملصق(2).
498 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمدبن خالد، والحسن بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (ع) في قول الله عزوجل: " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه " قال: لم يكن من سبط النبوة ولا من سبط المملكة، قال: " إن الله اصطفاه عليكم " وقال: " إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون " فجاء‌ت به الملائكة تحمله وقال الله جل ذكره: " إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني " فشربوا منه إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، منهم من اغترف ومنهم من لم يشرب فلما برزوا قال الذين اغترفوا: " لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده " وقال الذين لم يغترفوا: " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ".

___________________________________
(1) (اهل البيوتات) اي ذوي الانساب والاحساب الشريفة والبيت يكون بمعنى الرف و (المعدن) قال الجزري: المعدن مركز كل شئ مومنه الحديث: (فعن معادن العرب تسالوني قالوا: نعم) اي اصولها التي ينسبون اليها وبتفاخرون بها؛ (آت).
(2) (من هؤلاء وهؤلاء) اي العرب والعجم.
والدنس محركة: الوسخ وينسب إلى الثوب والعرض والنسب والخلق اي ذى النسب او الاخلاق.
و(الملصق) بتشديد اذلصاد ويخفف الدعى المتهم في نسبه والرجل المقيم في الحيي وليس منهم بنسب ووردت الاخبار المتواترد على ان حب اهل البيت علامة طيب الولادة وبغضهم علامة خبثها؛ (آت).
(3) الايات في سورة البقرة: 246 إلى 249.
(*)

[317]


499 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن يحيى الحلبي، عن عبدالله بن سليمان، عن أبي جعفر (ع) أنه قرأ " أن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة "؟ قال: كانت تحمله في صورة البقرة.
500 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي جعفر (ع) في قول الله تبارك وتعالى: " يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة " قال: رضراض الالواح فيها العلم والحكمة(1).
501 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن ظريف، عن عبدالصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (ع) قال: قال [لي] أبوجعفر (ع): يا أبا الجارود ما يقولون لكم في الحسن والحسين (ع)؟ قلت: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال: فأي شئ إحتججتم عليهم؟.
قلت: احتججنا عليهم بقول الله عزوجل في عيسى ابن مريم (ع): " ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيى وعيسى(2) " فجعل عيسى ابن مريم من ذرية نوح (ع).
قال: فأي شئ قالوا لكم؟.
قلت: قالوا: قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب.
قال: فأي شئ احتججتم عليهم؟.
قلت: احتججنا عليهم بقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله: " قل تعالوا ندع أبناء‌نا وأبناء‌كم ونساء‌نا ونساء‌كم وأنفسنا وأنفكسم(3) ".

___________________________________
(1) الرضراض: مادق من الحصى وفي بعض النسخ (رضاض) وهو بالضم: فتاته، و المراد اجزاؤها المنكسرة بعد ان القاها موسى عليه السلام وضمير فيها راجع إلى الالواح (آت).
(2) انعام: 84 و 85.
(3) آل عمران: 61.
(*)

[318]


قال: فأي شئ قالوا؟.
قلت: قالوا: قد يكون في كلام العرب أبناء‌رجل وآخر يقول: ابناؤنا.
قال: فقال أبوجعفر (ع): يا أبا الجارود لاعطينكها من كتاب الله جل وتعالى أنهما من صلب رسول الله صلى الله عليه وآله لا يردها إلا الكافر.
قلت: وأين ذلك جعلت فداك؟.
قال: من حيث قال الله تعالى: " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم " الآية إلى أن انتهى إلى قوله تبارك تعالى: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم(1) " فسلهم يا ابا الجارود هل كان يحل لرسول الله صلى الله عليه وآله نكاح حليلتيهما؟ فإن قالوا: نعم كذبوا وفجروا وإن قالوا: لا فهما ابناه لصلبه.
502 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين أبي العلاء الخفاف، عن أبي عبدالله (ع) قال: لما انهزم الناس يوم احد عن النبي صلى الله عليه وآله انصرف إليهم بوجهه وهو يقول: أنا محمد أنارسول الله لم أقتل ولم أمت، فالتفت إليه فلان وفلان فقالا: الآن يسخر بنا أيضا وقد هزمنا وبقي معه علي (ع) وسماك بن خرشة أبودجانة رحمه الله(2) فدعاه النبي صلى الله عليه وآله فقال: ياابا دجانة انصرف وأنت في حل من

___________________________________
(1) النساء: 23.
(2) ظاهر اكثر الاخبار يدل على انه لم يثبت مع النبي صلى الله عليه وآله يومئذ إلا علي عليه السلام وابودجانة ولا خلاف بين العامة في ان عثمان كان من الفارين واختلفوا في عمر وروى كثير منهم انه فر وذهب اكثرهم إلى ان ابا بكر لم يفر قال ابن ابي الحديد: قال الواقدي: حدثني موسى بن يعقوب عن عمته عن امها عن المقداد قال: لما تصاف القوم للقتال يوم أحد جلس رسول الله صلى الله عليه وآله تحت راية مصعب بن عمير فلما قتل اصحاب اللواء وهزم المشركون الهزيمة الاولى وأغار المسلمون على معسكرهم ينهبونه ثم كر المشركون على المسلمين فاتوهم من خلفهم فتفرق الناس ونادى رسول الله صلى الله عليه وآله في اصحاب الالوية فقتل مصعب بن عمير حامل لوائه صلى الله عليه وآله واخذ راية الخزرج سعد بن عبادة فقام رسول الله صلى الله عليه وآله تحتها و اصحابه محدقون به ودفع لواء المهاجرين إلى ابي الردم أحد بني عبد الدار آخر نهار ذلك اليوم و نظرت إلى لواء الاوس مع أسيد بن حضير فناوشوا المشركين ساعة واقتتلوا على اختلاط من الصفوف ونادى المشركون بشعارهم يا للعزى يا لهبل فاوجعوا والله فينا قتلا ذريعا ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وآله ما نالوا لا والذي بعثه بالحق مازال شبرا واحدا انه لفي وجه العدو وتثوب اليه طائفة من اصحابه مرة وتتفرق عنه مرة، (فربما رايته قائما يرمى عن قوسه او يرمى بالحجر حتى تحاجزوا)، وكانت العصابة التي ثبتت مع رسول الله صلى الله عليه وآله أربعة عشر رجلا: سبعة من المهاجرين وسبعة من الانصار، فاما المهاجرون فعلي عليه السلام وابوبكر و عبدالرحمن بن عوف وسعد بن ابي وقاص وطلحة بن عبيد الله وابوعبيدة بن الجراح والزبير بن العوام، واما الانصار فالحباب ابن المنذر وابودجانة وعاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف وسعد بن معاذ واسيد بن حضير، قال الواقدي: وقد روى ان سعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة ثبتا يومئذ ولم يفرا ومن روى ذلك جعلهما مكان سعد بن معاذ وأسيد بن حضير.
قال الواقدي: وبايعه يومئذ على الموت ثمانية ثلاثة من المهاجرين وخمسة من الانصار اما المهاجرون فعلي عليه السلام وطلحة والزبير واما الانصار فابو دجانة والحارث بن الصمة والحباب بن المنذر وعاصم بن ثابت وسهل ابن حنيف، قال: ولم يقتل منهم ذلك اليوم احد واما باقي المسلمين ففروا ورسول الله صلى الله عليه وآله يدعوهم في اخراهم حتى انتهى من انتهى منهم إلى قريب من المهراس، قال الواقدي: وحدثني عتبة بن جبيرة عن يعقوب بن عمير بن قتادة قال: ثبت يومئذ بين يديه ثلاثون رجلا كلهم يقول: وجهي دون وجهك، نفسي دون نفسك وعليك السلام غير مودع، قلت: قد اختلف في عمر ابن الخطاب هل ثبت يومئذ ام لا مع اتفاق الرواة كافة على ان عثمان لم يثبت فالواقدي ذكر انه لم يثبت واما محمد بن اسحاق والبلاذرى فجعلاه مع من ثبت ولم يفر ولم يختلف الرواة من اهل الحديث: ان ابا بكر لم يفر يومئذ وانه ثبت فيمن ثبت وان لم يكن نقل عنه قتل او قتال والثبوت جهاد وفيه وحده كفاية واما رواة الشيعة فانهم يروون انه لم يثبت الا علي وطلحة والزبير وابو دجانة وسهل بن حنيف وعاصم بن ثابت منهم من يروى انه ثبت معه اربعة عشر رجلا من المهاجرين والانصار ولا يعدون ابا بكر وعمر منهم، روى كثير من اصحاب الحديث ان عثمان جاء بعد ثالثة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله إلى اين انتهيت؟ فقال: إلى الاعوص فقال: لقد ذهب فيها عريضة. (إلى هنا كلام ابن ابي الحديد والعجب منه انه نقل هنا اتفاق الرواة على انه ثبت ابوبكر وقال عند ذكر اجوبة شيخه ابي جعفر الاسكافي عما ذكره الجاحظ في فضل اسلام ابي بكر على اسلام علي عليه السلام: قال الجاحظ: وقد ثبت ابوبكر مع النبي يوم احد كما ثبت علي فلا فخر لاحدهما على صاحبه في ذلك اليوم، قال شيخنا ابوجعفر: اما ثباته يوم احد فاكثر المؤرخين وارباب السيرة ينكرونه وجمهورهم يروى انه لم يبق مع النبي الا علي وطلحة والزبير وابودجانة وقد روى عن ابن عباس انه قال ولهم خامس وهو عبدالله بن مسعود ومنهم من اثبت سادسا وهو المقداد بن عمر وروى يحيى بن سلمة بن كهيل قال: قلت لابي: كم ثبت مع رسول الله صلى الله عليه واله يوم احد كل منهم يدعيه؟ فقال: اثنان، قلت: من هما؟ قال: علي وابودجانة.
انتهى فقد ظهر انه ليس ثبات ابي بكر ايضا مما اجمعت عليه رواتهم مع اتفاق روايات الشيعة على عدمه وهي محفوفة بالقرائن الظاهرة اذ من المعلوم انه مع ثباته لا بد ان ينقل منه اما ضرب او طعن والعجب منه انه حيث لم يكن من الطاعنين كيف لم يصر من المطعونين ولما لم يكن من الجارحين لم لم يكن من المجروحين وان لم يتحرك لقتال فلم لم يذكر في المقتولين، بل يمكن ان يقال: لو كان حضر ميت تلك الواقعة مكان يذكر منه بعض ما ينسب إلى الاحياء.
واما الاخبار الدالة من طرق الشيعة على كون الثلاثة من المنهزمين فقد اوردناها في كتاب بحار الانوار وذكرها ههنا يوجب الاكثار؛ (آت).
اقول: هذا الاعتراض منه رحمه الله على ابن ابي الحديد مبني على ادعائه اتفاق الرواة على عدم انهزام ابي بكر بقوله: (ولم يختلف الرواة من اهل الحديث الخ) ولكن العبارة في النسخ التي رايناها هكذا (قال الرواة من اهل الحديث) ولا يخفى انها في قوة ذلك.

[319]


بيعتك، فأما علي فأناهو وهو أنا فتحول وجلس بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وبكى وقال: لا والله ورفع رأسه إلى السماء وقال: لا والله لا جعلت نفسي في حل من بيعتي إني بايعتك فإلى من أنصرف يا رسول الله إلى زوجة تموت أو ولد يموت أو دار تخرب ومال يفنى

[320]


وأجل قد اقترب، فرق له النبي صلى الله عليه وآله فلم يزل يقاتل حتى أثخنته الجراحة(1) وهو في وجه وعلي (ع) في وجه فلما أسقط احتمله علي (ع) فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وآله فوضعه عنده، فقال: يا رسول الله اوفيت ببيعتي؟ قال: نعم، وقال له النبي صلى الله عليه وآله خيرا، وكان الناس يحملون على النبي صلى الله عليه وآله الميمنة فيكشفهم علي (ع) فإذا كشفهم أقبلت الميسرة إلى النبي صلى الله عليه وآله، فلم يزل كذلك حتى تقطع سيفه بثلاث قطع، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فطرحه بين يديه وقال: هذا سيفي قد تقطع فيومئذ أعطاه النبي صلى الله عليه وآله ذا الفقار ولما رأى النبي صلى الله عليه وآله اختلاج(2) ساقيه من كثرة القتال رفع رأسه إلى السماء وهو يبكي وقال:

___________________________________
(1) (اثخنته الجراحة): اوهنته واثرت فيه. وقوله: (فلما اسقط) هذا لا يدل على انه قتل في تلك الواقعة فلا ينافي ما هو المشهور بين ارباب السير والاخبار انه بقي بعد النبي صلى الله عليه وآله؛ (آت).
(2) خلج كعلم: اشتكى عظامه من مشى او تعب.(*)

[321]


يا رب وعدتنى أن تظهر دينك وإن شئت لم يعيك(1) فأقبل علي (ع) إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أسمع دويا شديدا وأسمع أقدم حيزوم(2) وما أهم أضرب أحدا إلا سقط ميتا قبل أن أضربه؟ فقال هذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في الملائكة ثم جاء جبرئيل (ع) فوقف إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد إن هذه لهي المواساة فقال: إن عليا مني وأنا منه فقال جبرئيل: وانا منكما، ثم انهزم الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي (ع): يا علي أمض بسيفك حتى تعارضهم فإن رأيتهم قد ركبوا القلاص(3) وجنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة وإن رأيتهم قد ركبوا الخيل وهم يجنبون القلاص فإنهم يريدون المدينة فأتاهم علي (ع) فكانوا على القلاص، فقال أبوسفيان لعلي (ع): يا علي ما تريد هوذا نحن ذاهبون إلى مكة فانصرف إلى صاحبك فأتبعهم جبرئيل (ع) فكلما سمعواوقع حافر فرسه جدوا في السير وكان يتلوهم فإذا ارتحلوا قالوا: هوذا عسكر محمد قد أقبل فدخل أبوسفيان مكة فأخبرهم الخبر وجاء الرعاة و الحطابون فدخلوا مكة فقالوا: رأينا عسكر محمد(4) كلما رحل أبوسفيان نزلوا يقدمهم فارس على فرس أشقر(5) يطلب آثارهم، فأقبل أهل مكة على أبي سفيان يوبخونه ورحل النبي صلى الله عليه وآله والراية مع علي (ع) وهو بين يديه فلما أن أشرف بالراية من العقبة ورآه الناس نادى علي (ع) أيها الناس هذا محمد لم يمت ولم يقتل، فقال صاحب الكلام الذي قال: " الآن يسخر بنا وقد هزمنا ": هذا علي والراية بيده حتى هجم عليهم النبي صلى الله عليه وآله ونساء الانصار في أفنيتهم على أبواب دورهم وخرج الرجال إليه يلوذون به و

___________________________________
(1) العي: العجز وعى بشأنها اي يعجز عنها واشكل عليه امرها.
(2) اراد اقدم يا حيزوم فحذف حرف النداء وحيزوم اسم فرس جبرئيل عليه السلام.
(3) القلايص جمع قوص وهي الناقة الشابة ويجمع على قلاص وقلص ايضا. (النهاية)
(4) انما قالوا ذلك لما رأووا من عسكر الملائكة المتمثلين بصور المسلمين وكان تعيين اهل مكة لابي سفيان لهربه عن ذلك العسكر؛ (آت).
(5) قال الجوهري: الشقرة في الخيل: حمرة صافية يحمر معها العرف والذنب قال: فان كان اسود فهو الكميت.
(*)

[322]


يثوبون إليه(1) والنساء نساء الانصار قد خدشن الوجوه ونشرن الشعور وجززن النواصي وخرقن الجيوب وحر من البطون على النبي صلى الله عليه وآله فلما رأينه قال لهن خيرا وأمرهن أنت يستترن ويدخلن منازلهن وقال: إن الله عزوجل وعدني أن يظهر دينه على الاديان كلها وأنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا - الآية(2) ".
503 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، وغيره، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله (ع) قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة الحديبية خرج في ذي القعدة فلما انتهى إلى المكان الذي أحرم فيه أحرموا ولبسوا السلاح فلما بلغه أن المشركين قد أرسلوا إليه خالد بن الوليد ليرده قال: ابغوني(3) رجلا يأخذني على غير هذا الطريق فأتي برجل من مزينة أو من جهينة فسأله فلم يوافقه فقال: ابغوني رجلا غيره فأتى برجل آخر إما من مزينة وإما من جهينة، قال: فذكر له فأخذه معه حتى انتهى إلى العقبة، فقال: من يصعدها حط الله عنه كماحط الله عن بني إسرائيل، فقال لهم: " ادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطاياكم " قال: فابتدرها خيل الانصار: الاوس والخزرج، قال: وكانوا ألفا: وثمانمائة، فلما هبطوا إلى الحديبية(5) إذا امرأة معها ابنها على القليب فسعى ابنها هاربا فلما أثبتت أنه رسول الله صلى الله عليه وآله صرخت به هؤلاء الصابئون(6) ليس عليك منهم بأس فأتاها رسول الله صلى الله عليه وآله فأمرها فاستقت دلوا من ماء

___________________________________
(1) في اكثر النسخ (يثوبون) اي يرجعون وفي بعضها (يتوبون) اي يعتذرون من الهزيمة وترك القتال؛ (آت).
(2) آل عمران: 144.
(3) قال الجزري: يقال: ابغني كذا بهمزة الوصل اي اطلب لي. وابغني بهمزة القطع: اي اعني عن الطلب.
(4) الترديد من الراوي ومزينة بضم الميم: قبيلة من مضر. وجهينة ايضا بالضم: اسم قبيلة؛ (آت).
(5) بضم الحاء وفتح الدال والياء الساكنة والباء والياء مخففا قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة.
(6) قال الجزري: صبأ فلان إذا خرج من دين إلى دين غيره.
(*)

[323]


فأخذه رسول الله صلى الله عليه وآله فشرب وغسل وجهه فأخذت فضلته فأعادته في البئر فلم تبرح حتى الساعة(1).
وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فأرسل إليه المشركون أبان بن سعيد في الخيل(2) فكان بإزائه، ثم أرسلوا الحليس(3) فرأى البدن وهي تأكل بعضها أوبار بعض(4) فرجع ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وآله وقال لابي سفيان: يا أبا سفيان أما والله ما على هذا حالفناكم على أن تردوا الهدي عن محله(5).
فقال: اسكت فإنما أنت أعرابي، فقال: أما والله لتخلين عن محمد وما أراد أو لانفردن في الاحابيش(6). فقال: اسكت حتى نأخذ من محمد ولثا(7). فأرسلوا إليه عروة بن مسعود وقد كان جاء(8) إلى قريش في القوم الذين أصابهم

___________________________________
(1) اي لم يزل الماء من تلك البئر. وقد نقل هذا الاعجاز في روايات كثيرة على وجه آخر؛ (آت).
(2) ذكر اكثر المؤرخون مكانه بديل بن ورقاء الخزاغي ولا عبرة بقولتهم في مقابلة الخبر المعتبر؛ آت).
(3) هر حليس بن علقمة او ابن زبان وكان يومئذ سيد الاحابيش وهو احد بني الحارث بن عبد المناة بن كنانة.
(4) كناية عن كثرتها وازدحامها واجتماعها وانما قدم صلى الله عليه وآله البدن ليعلموا انه لا يريد القتال بل يريد النسك؛ (آت).
(5) (حالفناكم) اي عاهدناكم وحلفنا على الوفاء به. وقوله: (على ان تردوا الهدى) بدل او عطف بيان لقوله: (على هذا حالفناكم)؛ (آت).
(6) في القاموس حبشي بالضم: جبل باسفل مكة ومنه احابيش قريش لانهم تحالفوا بالله انهم ليد على غيرهم ما سجى ليل ووضح نهار ومارسى حبشى انتهى. اي اعتزل معهم عنكم وامنعهم عن معاونتكم؛ (آت).
(7) الولث: العهد بين القوم يقع من غير قصد ان يكون غير مؤكد (الصحاح). وفي بعض النسخ (وليا).
(8) هذه الفصة على ما ذكره الواقدي انه ذهب مع ثلاثة عشر رجلا من بني مالك إلى مقوقس سلطان الاسكندرية وفضل مقوقس بني مالك على المغيرة في العطاء فلما رجعوا وكانوا في الطريق شرب بنو مالك ذات ليلة خمرا وسكروا فقتلهم المغيرة حسدا واخذ اموالهم واتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقبل صلى الله عليه وآله اسلامه ولم يقبل من ماله شيئا ولم يأخذ منه الخمس لغدره فلما بلغ ذلك ابا سفيان اخبر عروة بذلك فاتى عروة رئيس بني مالك وهو مسعود بن عمرة وكلمه في ان يرضى بالدية فلم يرض بنو مالك بذلك وطلبوا القصاص من عشائر المغيرة واشتعلت بينهم نائرة الحرب فاطفأها عروة بلطائف حيله وضمن دية الجماعة من ماله والاشارة إلى هذه القصة ههنا لتمهيد ما سيذكر بعد ذلك من قوله: (والله ما جئت الا في غسل سلحتك) فقوله: (جاء إلى قريش) اي عروة وقوله: (وفي القوم) اي لان يتكلم ويشفع في امر المقتولين. وقوله: (كان خرج) اي المغيرة؛ (آت).

[324]


المغيرة بن شعبة كان خرج معهم من الطائف وكانوا تجارا فقتلهم وجاء بأموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأبى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقبلها وقال: هذا غدر ولا حاجة لنا يه.
فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا رسول الله هذا عروة بن مسعود قد أتاكم وهو يعظم البدن، قال: فأقيموها، فأقاموها.
فقال: يا محمد مجيئ من جئت؟ قال: جئت أطوف بالبيت وأسعى بين الصفا والمروة وأنحر هذه الابل واخلي عنكم عن لحمانها(1).
قال: لا واللات والعزى فما رأيت مثلك رد عما جئت له(2) إن قومك يذكرونك الله والرحم أن تدخل عليهم بلادهم يغير إذنهم وأن تقطع أرحامهم وأن تجري عليهم عدوهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أنا بفاعل حتى أدخلها.
قال وكان عروة بن مسعود حين كلم رسول الله صلى الله عليه وآله تناول لحيته(3) والمغيرة قائم على رأسه فضرب بيده.

___________________________________
(1) بكسر اللام جمع اللحم. وفي بعض النسخ (لحمامها).
(2) قال هذا على سبيل التعجب اي كيف يكون مثلك في الشرافة وعظم الشأن مرددا عن مثل هذا المقصد الذي لا يصلح ان يرد عنه احد والحاصل انك في جلالتك ينبغي ان لا ترد عن اي مقصد قصدته ومقصدك في الخيرية بحيث لا ينبغي ان يمنع عنه احد ومع اجتماعهما يريد قومك ان يصدوك عن ذلك؛ (آت).
(3) اي لحية الرسول صلى الله عليه وآله وكانت عادتهم ذلك فيما بينهم عند مكالمتهم ولجهله بشأنه صلى الله عليه وآله وعدم إيمانه لم يعرف أن ذلك لا يليق بجنابه؛ (آت).
(*)

[325]


فقال: من هذا يا محمد؟.
فقال: هذا، ابن أخيك المغيرة.
فقال: يا غدر(1) والله ماجئت إلا في غسل سلحتك(2).
قال: فرجع إليهم فقال لابي سفيان وأصحابه: لا والله ما رأيت مثل محمد رد عما جاء له فأرسلوا إليه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبدالعزى فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله فأثيرت في وجوههم البدن فقالا: مجيئ من جئت؟ قال: جئت لاطوف بالبيت وأسعى بين الصفا والمروة وأنحر البدن واخلي بينكم وبين لحمانها.
فقالا: إن قومك يناشدونك الله والرحم(3) أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم وتقطع أرحامهم وتجري عليهم عدوهم، قال: فأبى عليهما رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أن يدخلها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أراد أن يبعث عمر، فقال: يا رسول الله إن عشيرتي قليل وإني فيهم على ما تعلم ولكني أدلك على عثمان بن عفان، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: انطلق إلى قومك من المؤمنين فبشرهم بما وعدني ربي من فتح مكة فلما انطلق عثمان لقى أبان بن سعيد فتأخر عن السرح(4) فحمل عثمان بين يديه ودخل عثمان فأعلمهم وكانت المناوشة(5) فجلس سهيل بن عمرو عند رسول الله صلى الله عليه وآله وجلس عثمان في عسكر المشركين وبايع رسول الله صلى الله عليه وآله المسلمين وضرب بإحدى يديه على الاخرى

___________________________________
(1) قال الجزري: في حديث الحديبية: قال عروة بن مسعود للمغير: يا غدر هل غسلت غدرتك الا بالامس. غدر معدول غادر للمبالغة يقال للذكر: غدر (بضم الغين وفتح الدال) وللاثنى: غدار كقطام وهما مختصان بالنداء في الغالب.
(2) في المغرب: السلح: التغوط.
(3) اي يقسمون عليك بالله وبالرحم التي بينك وبينهم في ان تدخل عليهم اي في تركه؛ (آت).
(4) السرح والسارح والسارحة سواء: الماشية.
(5) المناوشة: المناولة في القتال اي كان المشركون في تهيئة القتال اي عند ذلك وقع بين المسلمين وبينهم محاربة كما نقل؛ (آت).
(*)

[326]


لعثمان(1) وقال المسلمون: طوبى لعثمان قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وأحل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما كان ليفعل فلما جاء عثمان قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أطفت بالبيت؟ فقال: ما كنت لاطوف بالبيت ورسول الله صلى الله عليه وآله لم يطف به ثم ذكر القصة(2) وما كان فيها.
فقال لعلي (ع): أكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل: ما أدري ما الرحمن الرحيم إلا أني أظن هذا الذي باليمامة(3) ولكن اكتب كما نكتب بسمك اللهم.
قال: واكتب: هذا ما قاضى [عليه](4) رسول الله سهيل بن عمرو.
فقال: سهيل: فعلى ما نقاتلك يا محمد؟ !.
فقال: أنا رسول الله وأنا محمد بن عبدالله.
فقال الناس: أنت رسول الله.
قال: اكتب فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبدالله.
فقال الناس: أنت رسول الله وكان في القضية أن من كان منا أتى إليكم رددتموه إلينا ورسول الله غير مستكره عن دينه ومن جاء إلينا منكم لم نرده إليكم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا حاجة لنا فيهم وعلى أن يعبد الله فيكم علانية(5) غير سر وإن كانوا ليتهادون السيور(6) في المدينة إلى مكة وما كانت قضية أعظم بركة منها

___________________________________
(1) ذلك ليتأكد عليه الحجة والعهد والميثاق فيستوجب بنكثه أشد العذاب؛ (آت).
(2) اي ما جرى بينه وبين قريش من حبسه ومنعه عن الرجوع او من طلبهم للصلح او اصرارهم على عدم دخوله في هذه السنة.
وقيل: هذا كلام الراوي اي ثم ذكر الصادق عليه السلام القصة وما جرى فيها وترك الراوي ذكرها اختصارا؛ (آت).
(3) كانوا يقولون لمسيلمة الكذاب: رحمن اليمامة؛ (آت).
(4) (هذا ما قاضى) هو فاعل من القضاء الفصل والحكم لانه كان بينه وبين اهل مكة. (النهاية)
(5) اي وعلى ان يعبد الله علانية من غير تقية.
(6) السير بالفتح: الذي يعد من الجلد الجمع السيور وفي بعض النسخ (الستور) وهي جمع الستر المعلق على الابواب وعلى التقادير هذا كلام الصادق عليه السلام لبيان ثمرة هذه المصالحة وكثرة فوائدها بانها صارت موجبة لا من المسلمين بحيث كانوا يبعثون الهدايا من المدينة إلى مكة من غير منع وخوف ورغب اهل مكة في الاسلام واسلم جم غفير منهم من غير حرب.
(*)