حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة

392 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن محمد، عن جميل بن صالح، عن يوسف بن أبي سعيد(4) قال: كنت عند أبي عبدالله (ع) ذات يوم فقال لي: إذا كان يوم القيامة وجمع الله تبارك وتعالى الخلائق كان نوح صلى الله عليه أول من يدعى به فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله قال: فيخرج نوح (ع) فيتخطا الناس حتى يجئ إلى محمد صلى الله عليه وآله وهو على كثيب المسك(5) ومعه علي (ع) وهو يقول الله عزوجل: " فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا(6) " فيقول نوح لمحمد صلى الله عليه وآله: يا محمد إن الله تبارك وتعالى سألني هل بلغت؟ فقلت: نعم فقال: من يشهد لك؟ فقلت: محمد صلى الله عليه وآله فيقول: يا جعفر يا حمزة اذهبا واشهدا له أنه قد بلغ.
فقال أبوعبدالله (ع): فجعفر وحمزة هما الشاهدان للانبياء (عل) بما بلغوا، فقلت: جعلت فداك فعلي (ع) أين هو؟ فقال: هو أعظم منزلة من ذلك.

___________________________________
(4) يوسف بن ابى سعيد غير مذكور في كتب الرجال ولعله يوسف بن ثابت بن ابى سعد او ابى سعيدة ابوامية الكوفى الثقة الذى روى عن أبي عبدالله عليه السلام.
(5) الكثيب: التل من الرمل.
(6) الملك: 27، أي ساء‌تها رؤيته عليه السلام.

[268]


393 - حدثني محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن جميل، عن ابي عبدالله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم لحظاته بين اصحابه ينظر إلى ذا و ينظر إلى ذا بالسوية.
394 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن بعض أصحابنا قال: قال أبو عبدالله (ع): ماكلم رسول الله صلى الله عليه وآله العباد بكنه عقله قط، قال: رسول الله صلى الله عليه وآله إنا معاشر الانبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم(1).
395 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية قال: قلت لابي عبدالله (ع): إني رجل من بجيلة وأنا أدين الله عزوجل بأنكم موالي وقد يسألني بعض من لا يعرفني فيقول لي: ممن الرجل؟ فأقول له: أنا رجل من العرب ثم من بجيلة، فعلي في هذا إثم حيث لم أقل: إني مولى لبني هاشم؟ فقال: لا أليس قلبك وهواك منعقدا(2) على أنك من موالينا؟ فقلت: بلى والله، فقال: ليس عليك في أن تقول: أنا من العرب، إنما أنت من العرب في النسب والعطاء والعدد(3) والحسب فأنت في الدين وما حوى الدين بما تدين الله عزوجل به من طاعتنا والاخذ به منا من موالينا ومنا وإلينا.
396 - حدثنا ابن محبوب، عن أبي يحيى كوكب الدم، عن أبي عبدالله (ع) قال: إن حواري عيسى (ع) كانوا شيعته وإن شيعتنا حواريونا وما كان حواري عيسى بأطوع له من حوارينا لنا وإنما قال عيسى (ع) الحواريين: " من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله " فلا والله ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه وشيعتنا والله لم يزالوا منذ قبض الله عز ذكره سوله صلى الله عليه وآله ينصرونا ويقاتلون دوننا ويحرقون ويعذبون ويشردون في البلدان، جزاهم الله عنا خيرا.
وقد قال أمير المؤمنين (ع): والله لو ضربت خيشوم محبينا بالسيف ما أبغضونا،

___________________________________
(1) قد مد الحديث في المجلد الاول ص 21 من هذا الكتاب.
(2) كذا.
(3) اي انت من عدادهم او في الاعوان واتباع.
(4) الصف: 14 و (إلى الله) اي متوجها اليه (*).

[269]


ووالله لو أدنيت إلى مبغضينا وحثوت لهم(1) من المال ما أحبونا.
397 - ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر (ع) عن قول الله عزوجل: " الم * غلبت الروم في أدنى الارض(2) " قال: فقال: يا أبا عبيدة إن لهذا تأويلا لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم من آل محمد صلوات الله عليهم إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما هاجر إلى المدينة و [أ] ظهر الاسلام كتب إلى ملك الروم كتابا وبعث به مع رسول يدعوه إلى الاسلام وكتب إلى ملك الروم فارس كتابا يدعوه إلى الاسلام وبعثه إليه مع رسوله فأما ملك الروم فعظم كتاب رسول صلى الله عليه وآله وأكرم رسوله وأما ملك فارس فإنه استخف بكتاب رسول الله صلى الله عليه وآله ومزقه واستخف برسوله وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم وكان المسلمون يهوون(3) أن يغلب ملك الروم ملك فارس وكانوا لناحيته أرجا منهم لملك فارس فلما غلب ملك فارس الروم كره ذلك المسلمون واغتموا به فأنزل الله عزوجل بذلك كتابا قرآنا " الم * غلبت الروم في أدنى الارض (يعني غلبتها فارس) في أدنى الارض (وهي الشامات وما حولها) وهم (يعني وفارس) من بعد غلبهم (الروم) سيغلبون * (يعني يغلبهم المسلمون) في بضع سنين لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء " عزوجل فلما غزا المسلمون وافتتحوها فرح المسلمون بنصر الله عزوجل قال: قلت: أليس الله عزوجل يقول: " في بضع سنين(4) " وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وفي إمارة

___________________________________
(1) كناية عن كثرة العطاء في القاموس: حثوت له اي اعطيته كثيرا.
(2) سورة الروم من السور التي نزلت قبل الهجرة بالاتفاق والاخبار بغلبة الروم على الفارس في مكة.
(3) اي يحبون. وكتابه صلى الله عليه وآله إلى ملوك الارض كان بعد الهجرة وكان رجوع دحية من رسالته بعد وفات؟
(4) كل ما دون العشرة بضع إلى الثلاثة. وقال المفسرون: غلبت فارس الروم وظهروا عليهم على عهد رسول الله صلى الله عليه واله وفرح بذلك كفار قريش من حيث ان اهل فارس لم كونوا اهل كتاب وساء ذلك المسلمين وكان بيت المقدس اهل الروم كالكعبة للمسلمين فدفعهم فارس عنه في ادنى الارض من ارض العرب وقيل: من ارض الشام إلى ارض فارس يريد الجزيرة وهي اقرب ارض الروم إلى فارس وهم يعني الروم من بعد ان غلبت فارس اياهم يتغلبون فارس وهذه الاية دالة على ان القرآن من عند الله تعالى لان فيه انباء ما سيكون. (مجمع البيان).
(*)

[270]


أبي بكر وإنما غلب المؤمنون فارس في إمارة عمر فقال: ألم أقل لكم إن لهذا تأويلا وتفسيرا والقرآن - يا أبا عبيدة - ناسخ ومنسوخ.
أما تسمع لقول عزوجل: " لله الامر من قبل ومن بعد "؟ يعني إليه المشيئة في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين فذلك قوله عزوجل: " ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله [ينصر من يشاء] أي يوم يحتم القضاء بالنصر.
398 - ابن محبوب، عن عمروبن أبي المقادم، عن أبيه قال: قلت لابي جعفر (ع): إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضا لله جل ذكره وما كان الله ليفتن امة محمد صلى الله عليه وآله من بعده؟ فقال أبوجعفر (ع): أو ما يقرؤون كتاب الله أو ليس الله يقول: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين(1) " قال: فقلت له: إنهم يفسرون على وجه آخر، فقال: أو ليس قد أخبر الله عزوجل عن الذين من قبلهم من الامم أنهم قد اختلفوا من بعدما جاء‌تهم البينات حيث قال: " وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاء‌تهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد(2) " وفي هذا ما يستدل له على أن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله قد اختلفوا من بعده فمنهم من آمن ومنهم من كفر.
399 - عنه، عن هشام بن سالم، عن عبدالحميد بن أبي العلاء قال: دخلت المسجد الحرام فرأيت مولى لابي عبدالله (ع) فملت إليه لاسأله عن أبي عبدالله (ع) فإذا أنا بأبي عبدالله (ع) ساجدا فانتظرته طويلا فطال سجوده علي، فقمت وصليت ركعات وانصرفت وهو بعد ساجد فسألت مولاه متى سجد؟ فقال: قبل أن تاتينا فلما سمع، كلامي رفع رأسه ثم قال: ابا محمد ! ادن مني فدنوت منه فسلمت عليه فسمع صوتا خلفه فقال: ما هذه الاصوات المرتفعة؟ فقلت: هؤلاء قوم من المرجئة والقدرية والمعتزلة، فقال: إن القوم يريدوني فقم بنا، فقمت معه فلما أن رأوه نهضوا نحوه فقال لهم: كفوا

___________________________________
(1) آل مران: 144. (ينقلب) اي يرتدد.
(2) البقرة: 253. في القاموس تقاتلوا واقتتلوا بمعنى.

[271]


أنفسكم عني ولا تؤذوني وتعرضوني للسلطان(1) فإني لست بمفت لكم ثم أخذ بيدي و تركهم ومضى فلما خرج من المسجد قال: لي يا أبا محمد والله لو أن إبليس سجد لله عز ذكره بعد المعصية والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ولا قبله الله عز ذكره ما لم يسجد لآدم كما أمره الله عزوجل أن يسجد له وكذلك هذه الامة العاصية المفتونة بعد نبيها صلى الله عليه وآله وبعد تركهم الامام الذي نصبه نبيهم صلى الله عليه وآله لهم فلن يقبل الله تبارك تعالى لهم عملا ولن يرفع لهم حسنة حتى يأتوا الله عزوجل من حيث أمرهم ويتولوا الامام الذي أمروا بولايته ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله عزوجل ورسوله لهم، يا أبا محمد إن الله افترض على امة محمد صلى الله عليه وآله خمس فرائض: الصلاة والزكاة والصيام الحج وولايتنا فرخص لهم في أشياء من الفرائض الاربعة(2) ولم يرخص لاحدمن المسلمين في ترك ولايتنا لا والله ما فيها رخصة.
400 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي إسحاق الجرجاني، عن أبي عبدالله (ع) قال: إن الله عزوجل جعل لمن جعل له سلطانا أجلا ومدة من ليال وأيام وسنين وشهور فإن عدلوا في الناس أمر الله عزوجل صاحب الفلك أن يبطئ بادارته فطالت أيامهم ولياليهم وسنينهم وشهورهم وإن جاروا في الناس ولم يعدلوا أمر الله تبارك وتعالى صاحب الفلك فأسرع بادارته فقصرت لياليهم وايامهم وسنينهم وشهورهم وقد وفالهم عزوجل بعدد الليالي والشهور.
1 40 - أبو علي الاشعري، عن بعض أصحابه، عن محمد بن الفضيل، عن العرزمي قال: كنت مع أبي عبدالله (ع) جالسا في الحجر تحت الميزاب ورجل تخاصم رجلا وأحدهما يقول لصاحبه: والله ما تدري من أينتهب الريح، فلما أكثر عليه قال أبوعبدالله (ع): فهل تدري أنت؟ قال: لا ولكني أسمع الناس يقولون.
فقلت أنا

___________________________________
(1) اي لا تجعلوني عرضة لايذاء الخليفة واضرارة باتماعكم على وسؤالكم عني؛ (آت)
(2) كقصر الصلاة وتركها لفاقد الطهورين على القول به وللحائض والنفساء وترك كثير من اركانها في حال الضرورة والخوف والقتال وكترك الصيام في السفر والمرض والكبر وكترك الحج والزكاة مع عدم الاستطاعة والمال ولم يرخص في ترك الولاية في حال من الاحوال؛ (آت)
(3) قد مر نحوه تحت رقم 157. ص مع توجيهه.
(*)

[272]


لابي عبدالله (ع): جعلت من أين تهب الريح؟ فقال: إن الريح مسجونة تحت هذا الركن الشامي(1) فإذا أراد الله عزوجل أن يخرج منها شيئا أخرجه أما جنوب فجنوب وأما شمال فشمال وصبا فصبا ودبور فدبور ثم قال: من آية ذلك أنك لا تزال ترى هذا الركن متحركا أبدا في الشتاء والصيف والليل والنهار.
402 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم [عن أبيه] جميعا، عن ابن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبدالله (ع) قال: ليس خلق أكثر من الملائكة إنه لينزل كل ليلة من السماء سبعون ألف ملك فيطوفون بالبيت الحرام ليلتهم و كذلك في كل يوم(2).
403 - حدثنا ابن محبوب، عن عبدالله بن طلحة رفعه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: الملائكة على ثلاثة أجزاء: جزء له جناحان وجزء له ثلاثة أجنحة وجزء له أربعة أجنحة 404 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن ميسرة، عن الحكم بن عتيبة، عن أبي جعفر (ع) قال: إن في الجنة نهرا يغتمس فيه جبرئيل (ع) كل غداة ثم يخرج منه فينتفض فيخلق الله عزوجل من كل قطرة تقطر منه ملكا.
405 - عنه، عن بعض أصحابه، عن زياد القندي، عن، درست بن أبي منصور، عن رجل، عن أبي عبدالله (ع) قال: إن لله عزوجل ملكا ما بين شحمة اذنه إلى عاتقه مسيرة خمسمائة عام خفقان الطير(3).
406 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن محمد بن الفضيل، عن أبي جعفر (ع) قال: إن لله عزوجل ديكا رجلاه في الارض السابعة وعنقه مثبتة تحت العرش وجناحاه في الهوى إلذا كان في نصف الليل أو الثلث الثاني من آخر الليل

___________________________________
(1) يحتمل ان يكون كناية عن قيام الملائكة الذين بهم تهب تلك الرياح فوقه عند ارادة ذلك كما مر؛ (آت) اقول: هذا الخبر على فرض صحة صدوره عنهم صلوات الله عليهم من الاخبار التي امرنا ان نرد علمه اليهم عليهم السلام.
(2) الظاهر عدم تكررهم في كل يوم وكل ليلة كما يدل عليه اخبار اخر؛ (آت)
(3) خفق الطائر خفوقا: طار.
(*)

[273]


ضرب بجناحيه وصاح " سبوح قدوس ربنا الله الملك الحق المبين(1) فلا إله غيره رب الملائكة والروح " فتضرب الديكة بأجنحتها وتصيح(2).
407 - محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عمار الساباطي قال قال أبوعبدالله (ع): ما يقول من قبلكم في الحجامة؟ قلت: يزعمون أنها على الريق أفضل منهاعلى الطعام، قال: لا هي على الطعام أدر للعروق وأقوى للبدن(3).
408 - عنه، عن ابن محبوب، عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن أبي عبدالله (ع) قال: اقرأ آية الكرسي واحتجم أي يوم شئت وتصدق واخرج أي يوم شئت.
409 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن معاوية بن حكيم قال: سمعت عثمان الاحول يقول: سمعت أبا الحسن (ع) يقول: ليس من دواء إلا وهو يهيج داء‌ا وليس شئ في البدن أنفع من إمساك اليد إلا عما يحتاج إليه.
410 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد رفعه إلى أبي عبدالله (ع) قال: الحمى تخرج في ثلاث: في العرق والبطن والقئ.
411 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن حفص بن عاصم، عن سيف التمار، عن أبي المرهف، عن أبي جعفر (ع) قال: الغبرة على من أثارها، هلك المحاضير قلت: جعلت فداك وما المحاضير(4) قال: المستعجلون أما إنهم لن يريدوا إلا من يعرض لهم، ثم قال: يا أبا المرهب أما إنهم لم يريدوكم بمجحفة(5) إلا عرض الله عزوجل لهم بشاغل، ثم نكت أبوجعفر (ع) في الارض ثم

___________________________________
(1) (المبين) اي مظهر الاشياء بخلقها والمعارف بافاضتها؛ (آت)
(2) الديكة جمع الديك؛ (آت)
(3) اي يمتلئ العروق ويخرج منها الدم اكثرمما إذا كان على الريق و (آت)
(4) (الغبرة على من أثارها) الغبرة بالضم وبالتحريك: الغبار اي يعود ضرر الغبار على من اثاره وهذه تشبيه وتمثيل لبيان ان مثير الفتنة يعود ضررها اليه اكثر من غيره. وقوله: (هلك المحاضير) اي المستعجلون في ظهور دولة الحق قبل أوانها.
(5) بتقديم الجيم أي الداهية.
(*)

[274]


قال: يا أبا المرهف ! قلت: لبيك قال: أترى قوما حبسوا أنفسهم على الله عز ذكره لا يجعل الله لهم فرجا؟ بلى والله ليجعلن الله لهم فرجا.
412 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبدالرحمن بن أبي هاشم، عن الفضل الكاتب قال: كنت عند أبي عبدالله (ع) فأتاه كتاب أبي مسلم فقال ليس لكتابك جواب اخرج عنا فجعلنا يسار بعضنا بعضا(1)، فقال: أي شئ تسارون يا فضل إن الله عزوجل ذكره لا يعجل لعجلة العباد، ولازالة جبل عن موضعه أيسر من زوال ملك لم ينقص أجله ثم: قال: إن فلان بن فلان حتى بلغ السابع من ولد فلان، قلت: فما العلامة فيما بيننا وبينك جعلت فداك؟ قال: لاترح الارض يا فضل حتى يخرج السفياني فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا - يقولها ثلاثا - وهو من المحتوم.
413 - أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن علي بن حديد، عن جميل ابن دراج قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن إبليس أكان من الملائكة أم كان يلي شيئا من أمر السماء؟ فقال: لم يكن من الملائكة ولم يكن يلي شيئا من أمر السماء ولا كرامة، فأتيت الطيار فأخبرته بما سمعت فأنكره وقال: وكيف لا يكون من الملائكة؟ والله عزوجل يقول: " وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس(2) " فدخل عليه الطيار فسأله وأناعنده فقال له: جعلت فداك رأيت قوله عزوجل: " يا أيهاالذين آمنوا " في غير مكان من مخاطبة المؤمنين أيدخل في هذا المنافقون؟ قال: نعم يدخل في هذا المنافقون والضلال وكل من أقر بالدعوة الظاهرة.
414 - عنه، عن علي بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبدالله (ع) إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إني اصلي فأجعل بعض صلاتي لك، فقال: ذلك خير لك فقال: يا رسول الله فأجعل نصف صلاتي لك، فقال: ذلك أفضل لك، فقال: يا رسول الله فإني أصلي فأجعل كل صلوتي لك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك، ثم قال أبوعبدالله (ع): إن الله كلف رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم

___________________________________
(1) سر الحديث: اصغاؤه وسار مسارة وسرارا.
(2) الكهف: 49.
(*)

[275]


يكلفه أحدا من خلقه كلفه أن يخرج على الناس كلهم وحده بنفسه إن لم يجد فئة تقاتل معه ولم يكلف هذا أحدا من خلقه قبله ولا بعده، ثم تلا هذه الآية " فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك(1) " ثم قال: وجعل الله أن يأخذ له ما أخذ لنفسه(2) فقال عزوجل: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها(3) " وجعلت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله بعشر حسنات(4).
415 - عنه، عن علي بن حديد، عن منصور بن روح، عن فضيل الصايغ(5) قال: سعت ابا عبدالله (ع) يقول: أنتم والله نور في ظلمات الارض والله إن أهل السماء لينظرون إليكم في ظلمات الارض كما تنظرون أنتم إلى الكوكب الدري في السماء وإن: بعضهم ليقول لبعض: يا فلان عجبا لفلان كيف أصاب هذا الامر وهو قول أبي (ع) والله: ما أعجب ممن هلك(6) كيف هلك ولكن أعجب ممن نجا كيف نجا.
416 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن أسباط، عن إبراهيم بن محمد بن حمران، عن أبيه، عن أبي عبدالله (ع) قال: من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى(7).

___________________________________
(1) النساء: 83.
(2) اي يأخذ بالعهد من الخلق في مضاعفة الاعمال له صلى الله عليه وآله مثل ما اخذ في المضاعفة لنفسه او ياخذ العهد بتعظيمه مثل ما اخذ لنفسه.
(3) الانعام: 159.
(4) (جعلت الصلاة) يحتمل وجهين: الاول ان يكون المراد انه جعل تعظيمه والصلاة عليه من طاعاته التي يضاعف لها الثواب عشرة اضعافها. والثاني ان يكونه المراد انه ضاعف لنفسه الصلاة لكونها عبادة له عشرة اضعاف ثم ضاعفها له صلى الله عليه وآله لكونها متعلقة به لكل حسنة عشرة اضعافها فصارت للصلاة مائة حسنة؛ (آت)
(5) استظهر الاردبيلي رحمه الله في جامع الرواة انه هو فصل بن عثمان المرادي.
(6) ذلك لكون اكثر الخلق كذلك ودواعي الهلاك والضلال كثيرة؛ (آت).
(7) ذلك اي في بروجها او محاذاة كواكبها؛ (آت)
(*)

[276]


417 - عنه، عن ابن فضال، عن عبيس بن هشام، عن عبدالكريم بن عمرو، عن الحكم بن محمد بن القاسم أنه سمع عبدالله بن عطاء يقول: قال أبوجعفر (ع) قم فأسرج دابتين حمارا وبغلا فاسرجت حمارا وبغلا فقدمت إليه البغل ورأيت انه أحبهما إليه، فقال: من أمرك أن تقدم إلي هذا البغل؟ قلت: اخترته لك، قال: وأمرتك أن تختار لي، ثم قال: إن أحب المطايا إلي الحمر، قال: فقدمت إليه الحمار وأمسكت له بالركاب فركب فقال: الحمد لله الذي هدانا بالاسلام وعلمنا القرآن ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وآله الحمد الله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين(1) وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين.
وسار وسرت حتى إذا بلغنا موضعا آخر قلت له: الصلاة جعلت فداك، فقال: هذا وادي النمل لا يصلى فيه(2)، حتى إذا بلغنا موضعا آخر قلت له مثل ذلك، فقال: هذه الارض مالحة لا يصلى فيها قال: حتى نزل هو من قبل نفسه فقال: لي صليت أو تصلي سبحتك؟(3) قلت: هذه صلاة تسميها أهل العراق الزوال فقال: أما هؤلاء الذين يصلون هم شيعة علي بن أبي طالب (ع) وهي صلاة الاوابين فصلى وصليت ثم أمسكت له بالركاب ثم قال: مثل ما قال في بدايته ثم قال: اللهم العن المرجئة فإنهم أعداؤنا في الدنيا والآخرة، فقلت له: ما ذكرك جعلت فداك المرجئة؟ فقال: خطروا على بالي.
418 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبن أبي عمير، وعلي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أبي حمزة، عن أبي عبدالله (ع) قال: لما أرادت قريش قتل النبي صلى الله عليه وآله قالت: كيف لنا بأبي لهب؟ فقالت ام جميل: أنا أكفيكموه أنا أقول له: إني احب أن تقعد اليوم في البيت نصطبح فلما أن كان من الغد وتهيأ

___________________________________
(1) اي مطيقين من اقرن الشئ اذ اطاقه واصله وجد قرينة إذ الصعب لا يكون قرينة لضعيف.
وقوله: (منقلبون) اي راجعون؛ (آت)
(2) يدل على كراهة الصلاة في الوادي التي تكون فيها قرى النمل كما ذكره الاصحاب وكذا يدل على كراهة الصلاة في الارض السبحة؛ (آت)
(3) الترديد من الراوي. والسبحة: صلاة النافلة؛ (آت).
(4) يقال: اصطبح الرجل اي شرب صبوحا.
(*)

[277]


المشركون للنبي صلى الله عليه وآله قعد أبولهب وامرأته يشربان فدعا أبوطالب عليا (ع) فقال له: يا بني اذهب إلى عمك أبي لهب فاستفتح عليه فإن فتح لك فأدخل وإن لم يفتح لك فتحامل على الباب واكسره وادخل عليه فإذا دخلت عليه فقل له: يقول لك أبي: إن امرء‌ا عمه عينه في القوم(1) فليس بذليل، قال فذهب أمير المؤمنين (ع) فوجد الباب مغلقا فاستفتح فلم يفتح له فتحامل على الباب وكسره ودخل فلما رآه أبولهب قال له: ما لك يا ابن أخي؟ فقال له: إن أبي يقول لك: إن امرء‌ا عمه عينه في القوم ليس بذليل فقال له: صدق أبوك فما ذاك يا ابن أخي؟ فقال له: يقتل ابن أخيك وأنت تأكل وتشرب فوثب وأخذ سيفه فتعلقت به ام جميل فرفع يده ولطم وجهها لطمة ففقى عينها، فماتت وهي عوراء وخرج أبولهب ومعه السيف فلما رأته قريش عرفت الغضب في وجهه، فقالت: ما لك يا أبا لهب؟ فقال: ابايعكم على ابن أخي(2) ثم تريدون قتله واللات والعزى لقد هممت أن أسلم، ثم تنظرون ما أصنع فاعتذورا إليه ورجع.
419 - عنه، عن أبان، عن زرارة، عن أبي جعفر (ع) قال: كان إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار ويكثر الكفار في أعين المسلمين فشد عليه جبرئيل (ع) بالسيف فهرب منه وهو يقول: يا جيرئيل إني مؤجل، إني مؤجل حتى وقع في البحر قال زرارة: فقلت لابي جعفر (ع): لاي شئ كان يخاف وهو مؤجل قال: يقطع بعض أطرافه.
420 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن هشام بن سالم، عن أبان بن عثمان، عمن حدثه، عن أبي عبدالله (ع) قال: قام رسول الله

___________________________________
(1) المراد بالعم اما ابولهب او نفسه والاول اظهر اذ الظاهر ان الغرض حمله على الحمية.
(2) والمراد بالعين السيد والرقيب والحافظ والحاصل ان من كان عمه مثلك سيد القوم وزعيمهم لا ينبغي ان يكون ذليلا بينهم؛ (آت)
(2) اي على ايذائه وانتم تفرطون في ذلك وتريدون قتله او على محافظته وترك ايذائه والاول اظهر؛ (آت)
(3) الضمير راجع إلى ابن ابي عمير.
(*)

[278]


صلى الله عليه وآله على التل الذي عليه مسجد الفتح في غزوة الاحزاب في ليلة ظلماء قرة(1) فقال: من يذهب فيأتينا بخبرهم وله الجنة؟ فلم يقم أحد، ثم أعادها، فلم يقم أحد، فقال أبوعبدالله (ع) بيده(2) وما أراد القوم؟ ! أرادوا أفضل من الجنة؟ ! ثم قال: من هذا؟ فقال: حذيفة، فقال: أما تسمع كلامي منذ الليلة ولا تكلم أقبرت فقام حذيفة و هو يقول: القر والضر(3) جعلني الله فداك منعني أن اجيبك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انطلق حتى تسمع كلامهم وتأتيني بخبرهم فلما ذهب قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله حتى ترده وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا حذيفة لا تحدث شيئا حتى تأتيني فأخذ سيفه وقوسه وحجفته(4) قال حذيفة: فخرجت وما بي من ضر ولا قر فمررت على باب الخندق وقد اعتراه المؤمنون(5) والكفار، فلما توجه حذيفة قام رسول الله صلى الله عليه وآله ونادى: يا صريخ المكروبين(6) ويا مجيب المضطرين اكشف همي وغمي وكربي قد ترى حالي وحال أصحابي، فنزل عليه جبرئيل (ع) فقال: يا رسول الله إن الله عز ذكره قد سمع مقالتك ودعاء‌ك وقد أجابك وكفاك هول عدوك فجثا رسول الله صلى الله عليه وآله على ركبتيه وبسط يديه وأرسل عينيه، ثم قال: شكرا شكرا كما رحمتني ورحمت أصحابي، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قد بعث الله عزوجل عليهم ريحا من السماء الدنيا فيها حصى وريحا من السماء الرابعة فيها جندل(7).
قال حذيفة: فخرجت فإذا أنا بنيران القوم وأقبل جند الله الاول ريح فيها حصى فماتركت لهم نارا إلا أذرتها ولاخباء‌ا إلا طرحته ولا رمحا إلا ألقته حتى جعلوا

___________________________________
(1) اي باردة.
(2) اي اشار او حرك يده على وجه التعجب؛ (آت)
(3) (اقبرت) في بعض النسخ (اقترب) وقوله: (القر) بالضم: البرد. والضر: سوء الحال.
(4) يقال للترس إذا كان من جلود ليس فيه خشب ولا عقب: حجفة ودرقة؛ (الصحاح).
(5) عراه: اتاه واعتراه مثله.
(6) اي ارسل ماء هما بالبكاء.
(7) الجندل: الحجارة وهي اكبر من الحصى.
(8) ذرت الحب والملح الدواء اذره ذرا: فرقته. واذريت الشئ إذا ألقية كالقاء‌ك الحب للزرع.
والخباء واحد الاخبية من وبر أو صوف ولا يكون من شعر وهو على عمودين أو ثلاثة وما فوق ذلك فهو بيت؛ (الصحاح). (*)

[279]


يتترسون(1) من الحصى فجعلنا نسمع وقع الحصى في الاترسه، فجلس حذيفة بين رجلين من المشركين فقام إبليس في صورة رجل مطاع في المشركين، فقال: أيها الناس إنكم قد نزلتم بساحة هذا الساحر الكذاب، ألا وإنه لن يفوتكم من أمره شئ(2) فإنه ليس سنة مقام قد هلك الخف والحافر فارجعوا ولينظر كل رجل منكم من جليسه(3) قال حذيفة: فنظرت عن يميني فضربت بيدي، فقلت: من أنت؟ فقال: معاوية فقلت للذي عن يساري: من أنت؟ فقال سهيل بن عمرو، قال حذيفة: وأقبل جند الله الاعظم فقام أبوسفيان إلى راحلته ثم صاح في قريش: النجاء النجاء(4) وقال طلحة الازدي: لقد زادكم محمد بشر(5)، ثم قام إلى راحلته وصاح في بني أشجع: النجاء النجاء وفعل عيينة ابن حصن مثلها، ثم فعل الحرث بن عوف المزني مثلها ثم فعل الاقرع بن حابس مثلها وذهب الاحزاب ورجع حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره الخبر وقال أبوعبدالله (ع): إنه كان ليشبه يوم القيامة(6).
421 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام الخراساني، عن المفضل بن عمر قال: كنت عند أبي عبدالله (ع) بالكوفة أيام قدم على أبي العباس(7)

___________________________________
(1) الترس من جلد ويقال: لهذا الترس: الدرقة ايضا.
(2) اي لا تيأسوا منه ولا تعجلوا في امره فانه لن يفوتكم من امر قتاله وقمعه واستيصاله شئ والوقت واسع؛ (آت)
(3) انما قال ذلك ليعلم القوم بعد السؤال هل بينهم عين فتنبه حذيفة وبادر إلى السؤال لكي يظنوا انه من اهلهم ولا يسأل عنه احد؛ (آت)
(4) اي اسرع اسرغ، قال الجزري: فيه وانا النذير العريان فالنجاء النجاء اي انجوا بانفسكم وهو مصدر منصوب بفعل مضمر اي انجوا النجاء وتكراره للتاكيد وقد تكرر في الحديث. والنجاء: السرعة، يقال: نجا ينجو نجاء‌ا إذا اسرع ونجا من الامر إذا خلص وانجا غيره.
(5) في بعض النسخ (رادكم محمد بشر) وراده اي طلبه.
(6) اي ليلة الكفار من هبوب الرياح عليهم واضطرابهم وحيرتهم وخوفهم ويحتمل ان يكون الغرض بيان شدة حال المسلمين قبل نزول هذا الظفر من البرد والخوف والجوع؛ (آت)
(7) يعني السفاح اول خلفاء بني العباس.
(*)

[280]


فلما انتهينا إلى الكناسة(1) قال: ههنا صلب عمي زيد رحمه الله ثم مضى حتى انتهى إلى طاق الزياتين وهو آخر السراجين فنزل وقال: أنزل فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الاول الذي خطه آدم (ع) وأنا أكره أن أدخله راكبا قال: قلت: فمن غيره عن خطته؟ قال: أما أول ذلك الطوفان في زمن نوح (ع) ثم غيره أصحاب كسرى ونعمان(2) ثم غيره بعد زياد بن أبي سفيان، فقلت: وكانت الكوفة ومسجدها في زمن نوح (ع) فقال لي: نعم يا مفضل وكان منزل نوح وقومه في قرية على منزل من الفرات مما يلي غربي الكوفة قال: وكان نوح (ع) رجلا نجارا فجعله الله عزوجل نبيا و انتجبه ونوح (ع) أول من عمل سفينة تجري على ظهر الماء، قال: ولبث نوح (ع) في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله عزوجل فيهزؤون به ويسخرون منه، فلما رأي ذلك منهم دعا عليهم فقال: " رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا(3) " فأوحى الله عزوجل إلى نوح أن اصنع سفينة وأوسعها وعجل عملها فعمل نوح سفينة في مسجد الكوفة بيده فاتى بالخشب من بعد حتى فرغ منها.
قال: المفضل ثم انقطع حديث أبي عبدالله (ع) عند زوال الشمس، فقام أبوعبدالله (ع) فصلى الظهر والعصر، ثم انصرف من المسجد فالتفت عن يساره وأشار بيده إلى موضع دار الداريين(4) وهو موضع دار ابن حكيم وذاك فرات اليوم، فقل لي: يا مفضل [و] ههنا نصبت أصنام قوم نوح (ع) " يغوث ويعوق ونسرا " ثم مضى حتى ركب دابته.
فقلت: جعلت فداك في كم عمل نوح سفينته حتى فرغ منها؟ قال: في دورين، قلت: وكم الدورين؟ قال: ثمانين سنة.

___________________________________
(1) هي بالضم: محلة بالكوفة مشهورة.
(2) يعني النعمان بن المنذر احد ملوك العرب؛ (آت)
(3) نوح: 25 و 26، (فاجرا) اي مائلا عن الحق.
(4) باليائين اي العطارين.
(*)

[281]


ويقول: " ووحينا(1) ".
قال: قلت: فأخبرني عن قول الله عزوجل: " حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور(2) فأين كان موضعه؟ وكيف كان؟ فقال: التنور في بيت عجوز مؤمنة في دبر قبلة ميمنة المسجد، فقلت له: فإن ذلك موضع زاوية باب الفيل اليوم.
ثم قلت له: وكان بدء خروج الماء من ذلك التنور؟ فقال: نعم إن الله عزوجل أحب أن يرى قوم نوح آية، ثم إن الله تبارك وتعالى أرسل عليهم المطر يفيض فيضا وفاض الفرات فيضا والعيون كلهم فيضا فغرقهم الله عز ذكره وأنجى نوحا ومن معه في السفينة.
فقلت له: كم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء(3) وخرجوا منها؟ فقال: لبثوا فيها سبعة أيام ولياليها وطافت بالبيت اسبوعا ثم استوت على الجودي وهو فرات الكوفة(4).
فقلت له: إن مسجد الكوفة قديم؟ فقال:نعم وهو مصلى الانبياء (عل) ولقد صلى فيه رسول صلى الله عليه وآله حين اسري به إلى السماء فقال له جبرئيل (ع): يا محمد هذا مسجد أبيك آدم (ع) ومصلى الانبياء (عل) فأنزل فصل فيه، فنزل فصلى فيه، ثم إن جبرئيل (ع) عرج به إلى السماء.
422 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي رزين الاسدي، عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: إن نوحا صلى الله عليه لما فرغ من السفنية وكان ميعاده فيما بينه وبين ربه في إهلاك

___________________________________
(1) هود: 36 ومؤمنون: 27. ولعل المراد ان ما اوحاه الله تعالى وامره لا يناسب هذا التاخير.
(2) هود: 39 ومؤمنون 27.
(3) نضب الماء نضوبا اي غار في الارض.
(4) لعل المراد قريب من الفرات ويحتمل ان يكون في الاصل قريب الكوفة فصحف إذا قد ورد في الاخبار انه نجف الكوفة؛ (آت)
(*)

[282]


قومه أن يفور التنور ففار فقالت امرأته: إن التنور قد فار فقام إليه فختمه فقام الماء(1) وأدخل من أراد أن يدخل وأخرج من أراد أن يخرج، ثم جاء إلى خاتمه فنزعه، يقول الله عز وجل: " ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الارض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر(2) " قال: وكان نجرها في وسط مسجدكم ولقد نقص عن(3) ذرعه سبعمائة ذراع.
423 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله (ع) قال: جاء‌ت امرأة نوح (ع) وهو يعمل السفينة فقال له: إن التنور قد خرج منه ماء فقال إليه مسرعا حتى جعل الطبق عليه وختمه بخاتمه فقام الماء(1) فلما فرغ من السفينة جاء إلى الخاتم ففضه وكشف الطبق ففار الماء 4 42 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفر (ع) قال: كانت شريعة نوح (ع) أن يعبد الله بالتوحيد والاخلاص وخلع الانداد وهي الفطرة التي فطر الناس عليها وأخذ

___________________________________
(1) قام الماء: جمد.
(2) القمر: 11 إلى 13 وقوله تعالى: (ففتحنا ابواب السماء بماء منهمر) قال البيضاوي: منصب وهو مبالغة وتمثيل كثرة الامطار وشدة انصبابها وقرأ ابن عامر ويعقوب ففتحنا بالتشديد كثرة الابواب (وفجرنا الارض عيونا) وجعلنا الارض كلها كانها عيون منفجرة واصله وفجرنا عيون الارض فغير للمبالغة (فالتقى الماء) ماء السماء وماء الارض وقرئ الماآن لاختلاف النوعين والماوان يقلب الهمزة واوا (على امر قد قدر) على حال قدرها الله في الازل من غير تفاوت او على حال قدرت وسويت وهو ان قدر ما انزل على قدر ما اخرج او على امر قدره الله وهو هلاك قوم نوح بالطوفان (وحملناه على ذات الواح) ذات اخشاب عريضة (ودسر) ومسامير جمع دسار من الدسر وهو الدفع الشديد وهي صفة للسفينة اقيمت مقامها من حيث انها شرح لها يؤدي مؤداها.
(3) لعل الغيرض رفع الاستبعاد عن عمل السفينة في المسجد مع ما اشتهر من عظمها اي نقصوا المسجد عنما كان عليه في زمن نوح سبعمائة ذراع ويدل على اصل النقص اخبار اخر؛ (آت)
(4) اي شئ ينطبق عليه او الطبق الذي يؤكل فيه او الاجر.
قال الفيروزآبادي: الطبق محركة: غطاء كل شئ والطبق ايضا من كل شئ ما ساواه والذي يؤء كل عليه، والطابق كهاجر وصاحب الاجر الكبير؛ (آت)
(*)