حديث الجنان والنوق

69 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق المدني، عن أبي جعفر (ع) قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن قول الله عزوجل: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا(4) " فقال: يا علي إن الوفد لا يكون إلا ركبانا اولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله واختصهم ورضي أعمالهم فسماهم المتقين، ثم قال له: يا علي أما والذي فلق

___________________________________
(4) مريم: 85.
(*)

[96]


الحبة وبرأ النسمة إنهم ليخرجون من قبورهم وإن الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق العز عليها رحائل الذهب مكللة بالدر والياقوت(1) وجلائلها الاستبرق والسندس وخطمها جدل الارجوان، تطير بهم إلى المحشر(2) مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه وعن يمينه وعن شماله يزفونهم زفا حتى(3) ينتهوا بهم إلى باب الجنة الاعظم وعلى باب الجنة شجرة إن الورقة منها ليستظل تحتها ألف رجل من الناس، وعن يمين الشجرة عين مطهرة مزكية قال: فيسقون منها شربة فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد ويسقط من أبشارهم الشعر(4) وذلك قول الله عزوجل: " وسقاهم ربهم شرابا طهورا(5) " من تلك العين المطهرة، قال: ثم ينصرفون إلى عين اخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون فيها وهي عين الحياة فلا يموتون أبدا، قال: ثم يوقف بهم قدام العرش(6) وقد سلموا من الآفات والاسقام والحر والبرد أبدا، قال: فيقول الجبار جل ذكره للملائكة الذين معهم: احشروا أوليائي إلى الجنة ولا توقفوهم مع الخلائق فقد سبق رضاي عنهم ووجبت رحمتي لهم وكيف اريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيئات، قال: فتسوقهم الملائكة إلى الجنة، فإذا انتهوا بهم إلى باب الجنة الاعظم ضرب الملائكة الحلقة ضربة فتصر صريرا(7) يبلغ صوت صريرها كل حوراء أعدهاالله عزوجل لاوليائه في الجنان فيتباشرون بهم إذا سمعوا صرير الحلقة فيقول بعضهن لبعض: قد جاء‌نا أولياء الله، فيفتح لهم الباب فيدخلون الجنة وتشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين فيقلن:

___________________________________
(1) (مكللة) اي محفوفة، مزينة.
وقوله: (جلائلها) كذا في جميع النسخ التي بايدينا وفي تفسير علي بن ابراهيم (جلالها) وهو بالكسر: جمع جل بالضم وهو للدابة كالثوب للانسان تصان به جمعه جلال واجلال.
(2) استبرق: الديباج الغليظ والسندس الديباج الرقيق، والخطم: اللجام: والجذل بالكسر و الفتح: اصل الشجرة يقطع وقد يجعل العود جذلا. والارجوان معرب ارغوان.
(3) اي يذهبون بهم على غابة الكرامة كما يزف العروس زوجها، او يسرعون بهم؛ (آت).
(4) جمع بشرة.
(5) الانسان: 21.
(6) ظاهره انهم يردون اولا باب الجنة ثم إلى الموقف ثم يرجعون إلى الجنة؛ (آت).
(7) صر يصر صرا وصريرا: صوت وصاح شديدا.
(*)

[97]


مرحبا بكم فما كان أشد شوقنا إليكم ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك، فقال علي (ع): يا ر سول الله أخبرنا عن قول الله عزوجل: " غرف مبنية من فوقها غرف(1) " بماذا بنيت يا رسول الله؟ فقال: يا علي تلك غرف بناها الله عزوجل لاوليائه بالدر والياقوت والزبرجد، سقوفها الذهب محبوكة بالفضة(2) لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب منها ملك موكل به، فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير و الديباج بألوان مختلفة وحشوها المسك والكافور والعنبر وذلك قول الله عزوجل: " وفرش مرفوعة(3) " إذا ادخل المؤمن إلى منازله في الجنة ووضع على رأسه تاج الملك والكرامة ألبس حلل الذهب والفضة والياقوت والدر المنظوم في الاكليل(4) تحت التاج، قال: وألبس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة وضروب مختلفة منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الاحمر فذلك قوله عزوجل: " يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ ولباسهم فيها حرير(5) " فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا فإذا استقر لولي الله عزوجل منازله في الجنان استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله عزوجل إياه فيقول له خدام المؤمن من الوصفاء والوصائف(6): مكانك فإن ولي الله قد اتكأ على أريكته(7) وزوجته الحوراء تهيأ له فاصبر لولي الله، قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمة لها تمشى مقبله وحولها وصائفها وعليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد وهي من مسك وعنبر وعلى رأسها تاج الكرامة وعليها نعلان من ذهب مكللتان بالياقوت واللؤلؤ، شراكها ياقوت أحمر، فإذا دنت من ولي الله فهم أن يقوم إليها شوقا فتقول له: يا ولي الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب فلا تقم

___________________________________
(1) الزمر: 20. وفيها (غرف من فوقها غرف مبنية).
(2) الحبك: الشد والاحكام وتحسين اثر الصنعة في الثوب. والتحبيك: التوثيق والتخطيط.
(3) الواقعة: 4 3.
(4) الاكليل: التاج وشبه العصابة تزين بالجواهر.
(5) الحج: 22.
(6) الوصفاء جمع الوصيف وهو كامير: الخادم والخادمة.
(7) الاريكة كسفينة: السرير.
(*)

[98]


أنا لك وأنت لي، قال: فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله، قال، فإذا فتر بعض الفتور من غير ملالة نظر إلى عنقها فإذا عليها قلائد من قصب من ياقوت أحمر وسطها لوح صفحته درة مكتوب فيها: أنت يا ولي الله حبيبي وأنا الحوراء حبيبتك، إليك تناهت نفسي وإلي تناهت نفسك، ثم يبعث الله إليه ألف ملك يهنئونه بالجنة ويزوجونه بالحوراء، قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه فيقولون للملك الموكل بأبواب جنانه: استأذن لنا على ولي الله فإن الله بعثنا إليه نهنئه، فيقول لهم الملك: حتى أقول للحاجب فيعلمه بمكانكم قال: فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه و بين الحاجب ثلاث جنان حتى ينتهي إلى أول باب فيقول للحاجب: إن على باب العرصة(1) ألف ملك أرسلهم رب العالمين تبارك وتعالى ليهنئوا ولي الله وقد سألوني أن آذن لهم عليه فيقول الحاجب: إنه ليعظم علي أن أستأذن لاحد على ولي الله وهو مع زوجته الحوراء، قال: وبين الحاجب وبين ولي الله جنتان، قال: فيدخل الحاجب إلى القيم فيقول له: إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العزة يهنئون ولي الله فاستأذن لهم فيتقدم القيم إلى الخدام فيقول لهم: إن رسل الجبار على باب العرصة وهم ألف ملك أرسلهم الله يهنئون ولي الله فأعلموه مكانهم قال: فيعلمونه فيؤذن للملائكة فيدخلون على ولي الله وهو في الغرفة ولها ألف باب وعلى كل باب من أبوابها ملك موكل به فإذا أذن للملائكة بالدخول على ولي الله فتح كل ملك بابه الموكل به قال: فيدخل القيم كل ملك من باب من أبواب الغرفة قال: فيبلغونه رسالة الجبار جل و عز وذلك قول الله تعالى: " والملائكه يدخلون عليهم كل باب (من أبواب الغرفة) سلام عليكم - إلى آخر الآية -(2) " قال: وذلك قوله عزوجل: " وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا(3) " يعنى بذلك ولي الله وما هو فيه من الكرامة والنعيم والملك العظيم الكبير، إن الملائكة من رسل الله عز ذكره يستأذنون [في الدخول] عليه فلا يدخلون عليه إلا بإذنه فلذلك الملك العظيم الكبير، قال: والانهار تجري من تحت مساكنهم وذلك

___________________________________
(1) لعرصة: كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها شئ من بناء.
(2) الرعد: 23.
(3) الانسان: 20.
(*)

[99]


قول الله عزوجل: " تجري من تحتهم الانهار(1) " والثمار دانية منهم وهو قوله عزوجل: " ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا(2) " من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه وهو متكئ وإن الانواع من الفاكهة ليقلن لولي الله: يا ولي الله كني قبل أن تأكل هذا قبلي، قال: وليس من مؤمن في الجنة إلا وله جنان كثيرة معروشات وغير معروشات وأنهار من خمر وأنهار من ماء وأنهار من لبن وأنهار من عسل فإذا دعا ولي الله بغذائه اتي بما تشتهي نفسه عند طلبه الغذاء من غير أن يسمى شهوته قال: ثم يتخلى مع إخوانه ويزور بعضهم بعضا ويتنعمون في جناتهم في ظل ممدود في مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وأطيب من ذلك لكل مؤمن سبعون زوجة حوراء وأربع نسوة من الآدميين والمؤمن ساعة مع الحوراء وساعة مع الآدمية وساعة يخلو بنفسه على الارائك متكئا ينظر بعضهم إلى بعض وإن المؤمن ليغشاه شعاع نور و هو على أريكته ويقول لخدامه: ما هذا الشعاع اللامع لعل الجبار لحظني(3) " فيقول له خدامه: قدوس قدوس جل جلال الله بل هذه حوراء من نسائك ممن لم تدخل بها بعد قد أشرفت عليك من خيمتها شوقا إليك وقد تعرضت لك وأحبت لقاء‌ك فلما أن رأتك متكئا على سريرك تبسمت نحوك شوقا إليك فالشعاع الذي رأيت والنور الذي غشيك هو من بياض ثغرها(4) وصفائه ونقائه ورقته، قال: فيقول ولي الله: ائذنوا لها فتنزل إلي فيبتدر إليها ألف وصيف وألف وصيفة يبشرونها بذلك فتنزل إليه من خيمتها وعليها سبعون حلة منسوجة بالذهب والفضة، مكللة بالدر والياقوت والزبرجد، صبغهن المسك والعنبر بألوان مختلفة، يرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة طولها سبعون ذراعا وعرض ما بين منكبيها عشرة أذرع فإذا دنت من ولي الله أقبل الخدام بصحائف

___________________________________
(1) الكهف: 31.
(2) الانسان: 14.
(3) لعل مراده انه افاض على من انواره فتقدس الخدام لما يوهمه ظاهر كلامه، او انه اراد نوعا من اللحظ المعنوي لا يناسب رفعة شأنه تعالى؛ (آت).
(4) الثغر: مقدم الاسنان.
(*)

[100]


الذهب والفضة، فيها الدر والياقوت والزبرجد فينثرونها عليها ثم يعانقها وتعانقه فلا يمل ولا تمل.
قال: ثم قال أبوجعفر (ع): أما الجنات المذكورة في الكتاب فإنهن جنة عدن وجنة الفردوس وجنة نعيم وجنة المأوى، قال: وإن لله عزوجل جنانا محفوفة بهذه الجنان وإن المؤمن ليكون له من الجنان ما أحب واشتهى، يتنعم فيهن كيف [ي‍] شاء وإذا أراد المؤمن شيئا أو اشتهى إنما دعواه فيها إذا أراد أن يقول: " سبحانك اللهم " فإذا قالها تبادرت إليه الخدم بما اشتهى من غير أن يكون طلبه منهم أو أمر به، وذلك قول الله عزوجل: " دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام(1) " يعني الخدام قال: " وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين(1) " يعنى بذلك عندما يقضون من لذاتهم من الجماع والطعام والشراب، يحمدون الله عزوجل عند فراغتهم وأما قوله: " اولئك لهم رزق معلوم() " قال: يعلمه الخدام فيأتون به أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه وأما قوله عزوجل: " فواكه وهم مكرمون(3) " قال: فإنهم لا يشتهون شيئا في الجنة إلا أكرموا به.
70 - الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير قال: قيل لابي جعفر (ع): وأنا عنده إن سالم بن أبي حفصة وأصحابه يروون عنك أنك تكلم على سبعين وجهها لك منها المخرج؟ فقال: ما يريد سالم مني أيريد أن أجئ بالملائكة والله ما جاء‌ت بهذا النبيون ولقد قال إبراهيم (ع): " إني سقيم(4) " وما كان سقيما وما كذب، ولقد قال إبراهيم (ع): " بل فعله كبيرهم هذا(5) " وما فعله وما كذب، ولقد قال يوسف (ع): " أيتها العير إنكم لسارقون(6) " والله ماكانوا سارقين وما كذب.

___________________________________
(1) يونس: 11.
(2) الصافات: 41.
(3) الصافات: 42.
(4) الصافات: 88.
(5) الانبياء: 63.
(6) يوسف: 0 7.
(*)

[201]


ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (ع) قال: سألته عن قول الله عزو جل: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلي ولم يوح إليه شئ(1) " قال نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر وهو من كان رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة هدر دمه(2) وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وآله فإذا أنزل الله عزوجل " إن الله عزيز حكيم " كتب " إن الله عليم حكيم " فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله: دعها(3) فإن الله عليم حكيم وكان ابن أبي سرح يقول للمنافقين: إني لاقول من نفسي مثل ما يجئ به فما يغير علي فأنزل الله تبارك وتعالى فيه الذي أنزل.
242 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن محمد ابن مسلم قال: قلت لابي جعفر (ع): قول الله عزوجل: " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله "(4) فقال: لم يجئ تأويل هذه الآيه بعد، إن رسول الله صلى الله عليه آله رخص لهم(5) لحاجته وحاجة أصحابه فلو قد جاء تأويلها لم يقبل منهم لكنهم يقتلون حتى يوحد الله عزوجل وحتى لا يكون شرك.

___________________________________
(1) الانعام: 93.
(2) ذلك قبل ان يحاميه عثمان ويحسر على رسول الله في اخذ الامان له؛ (آت).
(3) اي اتركها كما نزلت ولا تغيرها وان ما كتبت وان كان حقا لا يجوز تغيير ما نزل من لقرآن فقوله: (فما يغير على، اما افتراء منه على الرسول او هو اشارة إلى ماجرى على لسانه ونزل الوحي مطابقا له؛ (آت).
(4) الانفال: 39. قال الطبرسي رحمه الله: هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين ان يقاتلوا الكفار حتى لا تكون فتنة اي شرك عن ابن عباس والحسن ومعناه حتى لا يكون كافرا بغير عهد لان الكافر إذا كان بغير عهد كان عزيزا في قومه ويدعو الناس إلى دينه فتكون الفتنة في الدين. وقيل: حتى لا يكون يفتن مؤمن عن دينه ويكون الدين كله لله اي ويجمع اهل الحق واهل الباطل على الدين الحق فيما يعتقدونه ويعملون به فيكون الدين حينئذ كله لله باجتماع الناس عليه وروى زرارة وغيره عن ابي عبدالله عليه السلام قال: لم يجئ تأويل هذه الاية ولو قد قام قائمنا بعد وسيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الاية ولو قد قام قائمنا بعد وسيرى من يدركه كما يكون من تأويل هذه الاية وليبلغن دين محمد صلى الله عليه وآله ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الارض.
(5) اي بقبول الجزية من اهل الكتاب والفداء من المشركين واظهار الاسلام من المنافقين مع علمه بكفرهم؛ (آت).(*)

[202]


244 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله (ع) قال: سمعته يقول في هذه الآية: " يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم(1) " قال: نزلت في العباس وعقيل ونوفل وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى يوم بدر أن يقتل أحد من بني هاشم وأبوالبختري فاسروا فأرسل عليها (ع) فقال: انظر من ههنا من بني هاشم قال: فمر علي (ع) على عقيل بن أبي طالب كرم الله وجهه فحاد عنه فقال له عقيل: يا ابن ام علي(2) أما والله لقد رأيت مكاني قال: فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: هذا أبوالفضل(3) في يد فلان وهذا عقيل في يد فلان وهذا نوفل بن الحارث في يد فلان فقام رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى إلى عقيل فقال: له: يا أبا يزيد قتل أبوجهل قال: إذا لا تنازعون في تهامة فقال: إن كنتم أثخنتم(4) القوم وإلا فاركبوا أكتافهم(5) فقال: فجئ بالعباس فقيل له: افد نفسك وافد ابن أخيك(6) فقال: يا محمد تتركني أسأل قريشا في كفي فقال: أعط مما خلفت عند ام الفضل وقلت لها: إن أصابني في وجهي هذا شئ فانفقيه على ولدك ونفسك، فقال له: يا ابن أخي من أخبرك بهذا؟ فقال: أتاني به جبرئيل (ع) من عند الله عزوجل، فقال ومحلوفه(7): ما علم بهذا أحد إلا أنا وهي أشهد أنك رسول الله، قال: فرجع الاسرى كلهم مشركين إلا العباس وعقيل ونوفل كرم الله وجوههم وفيهم نزلت هذه الآية " قل لمن في أيديكم من الاسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا إلى آخر الآية ".

___________________________________
(1) الانفال: 70.
(2) اي ارحم علي او اقبل علي.
(3) هو كنية عباس بن عبدالمطلب.
(4) (فقال) اي عقيل وقال الجوهري: اثخنه اي اوهنه بالجراحة واضعفه؛ (آت)..
(5) اي اتبعوهم وشدوا خلفهم وان اثخنتموهم فخلوهم. وقيل: القائل النبي صلى الله عليه و آله وركوب الاكتاف كناية عن شد وثاقهم اي ان ضعفوا بالجراحات فلا يقدرون على الهرب فخلوهم والا فشدوهم لئلا يهربوا وتكونوا راكبين على اكتافهم اي مسلطين عليهم؛ (آت)..
(6) في بعض النسخ (ابني اخيك) اي نوفلا وعقيلا.
(7) اي بالذي حلف به.
(8) قال الطبرسي رحمه الله انما ذكر الايدي لان من كان في وثاقهم فهو بمنزلة من يكون في ايديهم لاستيلائهم عليه، (من الاسرى) يعني اسراء بدر الذين اخذ منهم الفداء، (إن يعلم الله في قلوبكم خيرا) اي اسلاما واخلاصا او رغبة في الايمان وصحة نية، (يؤتكم خيرا) اي يعطكم خيرا (مما اخذ منكم) من الفداء اما في الدنيا والاخرة واما في الاخرة، (ويغقر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) روى عن العباس ابن عبدالمطلب إنه قال: نزلت هذه الاية في وفي اصحابي كان معي عشرون اوقية ذهبا فاخذت مني فاعطاني الله مكانها عشرين عبدا كل منهم يضرب بمال كثير وادناهم يضرب بعشرى الف درهم مكان العشرين اوقية واعطاني زمزم وما احب ان لى بها جميع اموال اهل مكة وانا انتظر المغفرة من ربي، قال قتاده: ذكر لنا ان النبي صلى الله عليه وآله لما قدم عليه مال البحرين ثمانون الفا وقد توضأ لصلاة الظهر فما صلى يومئذ حتى فرقه وامر العباس ان ياخذ منه يحثى فاخذ فكان العباس يقول: هذا خير مما اخذ مني وارجو المغفرة. انتهى. وابوالبختري هو العاص بن هشام بن الحارث بن اسد ولم يقبل امان النبي صلى الله عليه وآله ذلك اليوم وقتل فالضمير في قوله (ع): (اسروا) راجع إلى بني هاشم وابوالبختري معطوف على احد لانه لم يكن من بني هاشم وقد كان نهى النبي صلى الله عليه وآله عن قتله ايضا قال: ابن ابي الحدبد قال: الواقدي نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن قتل ابي البختري وكان قد لبس السلاح بمكة يوما قبل الهجرة في بعض ما كان ينال النبي صلى الله عليه وآله من الاذى وقال: لا يعرض اليوم احد لمحمد باذى الا وضعت فيه السلاح فشكر ذلك له النبي صلى الله عليه وآله وقال ابوداود المازني: فلحقته يوم بدر فقلت له: ان رسول لله نهى عن قتلك ان اعطيت بيدك قال: وما تريد إلى ان كان قد نهى عن قتلى فقد كنت ابليته ذلك فاما ان اعطى بيدى فواللات والعزى لقد علمت نسوة مكة اني لا اعطي بيدي وقد عرفت انك لا تدعني فافعل الذي تريد فرماه ابوداود بسهم وقال: اللهم سهمك وابوالبخترى عبدك فضعه في مقتله وابوالبختري دارع ففتق السهم الدرع فقتله قتال الواقدي: ويقال ان المجذر بن زياد قتل ابا البختري ولا يعرفه فقال المجذر في ذلك شعرا عرف منه انه قاتله. وفي رواية محمد بن اسحاق ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى يوم بدر عن قتل ابي البختري واسمه الوليد بن هشام بن الحارث بن اسد بن عبد الغزى لانه كان اكف الناس عن رسول الله لمكة كان لا يؤديه ولا يبلغه عني شئ يكرهه وكان فيمن قام في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بن هاشم فلقيه المجذر بن زياد البلوى حليف الانصار فقال له: ان رسول الله نهانا عن قتلك ومع ابي البخترى زميل له خرج معه من مكة يقال له: جنادة بن مليحة فقال ابوالبخترى: وزميلي قال المجرد: والله ما نحن بتاركي زميلك مانهانا رسول الله الا عنك وحدك قال: إذا والله لاموتن انا وهو جميعا لا تتحدث عني نساء اهل مكة اني تركت زميلي حرصا على الحياة فنازله المجذر وارتجز ابوالبختري فقال:
لن يسلم ابن حرة زميله * حتى يموت او يرى سبيله
ثم اقتتلا فقتله الجدر وجاء إلى رسول الله فاخبره وقال: والذي بعثك بالحق لقد جهدت ان يستاسر فاتيك به فابى الا القتال فقاتلته فقتلته ثم قال: قال: محمد بن اسحاق: وقد كان رسول الله في اول الواقعة نهى ان يقتل احد من بني هاشم وروى باسناده عن ابن عباس انه قال: قال النبي لاصحابه: اني عد عرفت ان رجالا من بني هاشم وغيرهم قد اخرجوا كرها لا حاجة لنا بقتلهم فمن لقى منكم احدا من بني هاشم فلا يقتله ومن لقى ابا البخترى فلا يقتله ومن لقى العباس بن عبدالمطلب عم رسول الله فلا يقتله فانه انما اخرج مستكرها؛ (آت)..

[203]


245 - أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن أبن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (ع) في قول الله عزوجل: " أجعلتم سقاية الحاج

[204]


وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر(1) " نزلت في حمزة وعلي وجعفر والعباس وشيبة، إنهم فخروا بالسقاية والحجابة فأنزل الله عزوجل " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر " وكان علي وحمزة وجعفر صلوات الله عليهم الذين آمنوا بالله واليوم الآخر وجاهدوا في سبيل الله لا يستوون عند الله.
246 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام ابن سالم، عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن قول الله تعالى: " وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه(2) " قال: نزلت في أبي الفصيل إنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله عنده ساحرا فكان إذا مسه الضر يعني السقم دعا ربه منيبا إليه يعني تائبا إليه من قوله في رسول الله صلى الله عليه وآله ما يقول " ثم إذا خوله نعمة منه (يعني العافية) نسي ما كان يدعوا إليه من قبل " يعني نسي التوبة إلى الله عزوجل مما كان يقول في رسول الله صلى الله عليه آله إنه ساحرولذلك قال الله عزوجل: " قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار(3) " يعني إمرتك على الناس بغير حق من الله عزوجل ومن رسوله صلى الله عليه وآله قال: ثم قال أبوعبدالله (ع) ثم عطف القول من الله عزوجل في علي (ع) يخبر بحاله و فضله عند الله تبارك وتعالى فقال: " أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر

___________________________________
(1) التوبة: 19.
قال الطبرسي: قيل: انها نزلت في على عليه السلام وعباس بن عبدالمطلب وطلحة بن شيبة وذلك انهم افتخروا، فقال طلحة: انا صاحب البيت ويبدي مفتاحه ولو اشاء بت فيه، وقال العباس: انا صاحب السقاية والقائم عليها، وقال علي بن ابي طالب عليه السلام: لا ادري ما تقولان، لقد صليت إلى القبلة ستة اشهر قبل الناس وانا صاحب الجهاد، عن الحسن والشعبي ومحمد بن كعب القرظي. انتهى.
(2) الزمر: 8. وقوله: (منيبا) اي لزوال ما ينازع العقل في الدلالة على ان مبدأ الكل منه، (ثم إذا خوله) اي اعطاه من الخول وهو التعهد او الخول وهو الافتخار، (نعمة منه) اي من الله (نسي) اي الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه او ربه الذي كان يتضرع اليه. (البيضاوي) واعلم ان ما ذكره عله السلام في معنى الاية هو التأويل كما صرح به.
(3) الزمر: 8.

[205]


الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوى الذين يعلمون (أن محمد رسول الله) والذين لا يعلمون (أن محمدا رسول الله وأنه ساحر كذاب) إنما يتذكروا اولوا الالباب(1) " قال: ثم قال أبوعبدالله (ع): هذا تأويله يا عمار.
247 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان قال: تلوت عند أبي عبدالله (ع) " واعدل منكم " فقال " ذو عدل منكم "(2) هذا مما أخطأت فيه الكتاب.
248 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن رجل، عن أبي جعفر (ع) " لا تسألواعن أشياء (لم تبدلكم) إن تبدلكم تسؤكم(3) ".
249 - علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن محمد بن مروان قال: تلا أبوعبدالله (ع) " وتمت كلمت ربك (الحسنى) صدقا

___________________________________
(1) الزمر: 9.
(2) المائدة 95. وهذا ورد في جزاء الصيد حيث قال تعالى (ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم) والمشهور بين المفسرين وما دلت عليه اخبار اهل البيت عليهم السلام وانعقد عليه احماع الاصحاب هو ان المماثلة معتبرة في الخلقة، ففي النعامة بدنة وفي حمار الوحش شبه البقرة وفي الظبي شاة. وقال ابراهيم النخعي: يوم الصيد قيمة عادلة ثم يشتري بثمنه مثله من النعم، (يحكم به ذوا عدل منكم) ذهب المفسرون إلى ان المراد انه يحكم في التقويم والمماثلة في الخلقة العدلان لانهما يحتاجان إلى نظر واجتهاد، هذا مبني على القراء‌ة المشهورة من لفظ التثنية وقد اشتهر بين المفسرين ان قراء‌ة اهل البيت عليهم السلام بلفظ المفرد وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله: قراء‌ة محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهما السلام: (يحكم به ذو عدل منكم) وقال البيضاوي وقرئ (ذو عدل) على ارادة الجنس. والمعنى على هذه القراء‌ة انه يحكم بالمماثلة النبي أو الامام الموصوفان بالعدل والاستقامة في جميع الاقوال والافعال وقد حكموا بما ورد في اخبارهم من بيان المماثلة وعلى قراء‌ة التثنية ايصضا يحتمل ان يكون المعنى ذلك بان يكون المراد النبي والامام عليهما السلام؛ (آت).
(3) المائدة: 100 (لم تبد لكم) ذكره عليه السلام تفسيرا للاية الكريمة. (*)

[206]


وعدلا " فقلت: جعلت فداك إنما نقرؤها " وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا(1) " فقال إن فيهاالحسنى.
250 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبدالرحمن الاصم، عن عبدالله بن القاسم البطل، عن أبي عبدالله (ع) في قوله تعالى: " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الارض مرتين(2) " قال: قتل علي بن أبي طالب (ع) وطعن الحسن (ع) " ولتعلن علوا كبيرا " قال: قتل الحسين (ع) " فإذا جاء وعد أوليهما " فإذا جاء نصر دم الحسين (ع): بعثنا عليكم عبادا لنا أولي باس شديد فجاسوا خلال الديار " قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم (ع) فلا يدعون وترا لآل محمد(3) إلا قتلوه " وكان وعدا مفعولا " خروج القائم (ع) " ثم رددنا لكم الكرة عليهم " خروج الحسين (ع) في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهب لكل بيضة وجهان(4) المؤدون إلي الناس أن هذا الحسين قد خرج حتى لا يشك المؤمنون فيه وإنه ليس بدجال ولا شيطان والحجة القائم بين أظهرهم فإذا استقرت المعرفة في قلوب المؤمنين أنه الحسين (ع) جاء الحجة الموت فيكون الذي يغسله ويكفنه و يحنطه ويلحده في حفرته الحسين بن علي (ع)(5) ولا يلي الوصي إلا الوصي.
1 25 - سهل، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن حفص التميمي قال: حدثني أبو جعفر الخثعمي(6) قال: قال لما سير عثمان أبا ذر إلى الربذة(7) شيعه أمير المؤمنين وعقيل و الحسن والحسين (عل) وعمار بن ياسر رضى الله عنه فما كان عند الوداع قال أمير المؤمنين

___________________________________
(1) الانعام: 115. (فيها الحسنى) اي تمة كلمته الحسنى وهو بيان الاية.
(2) الاسراء: 4. وما ذكره عليه السلام هو التأويل.
(3) الوتر بالكسر: الجناية اي صاحب وتر وجناية على آل محمد عليهم السلام؛ (آت).
(4) لعل المراد انها صقلت وذهبت في موضعين: امامها وخلفها. وقوله: (المؤدون) اي هم المؤدون؛ (آت).
(5) انما يغسله عليه السلام لانه من بين الائمة عليهم السلام شهيد في المعركة ولا يجب عليه الغسل وان مات بعد الرجعة؛ (آت).
(6) الظاهر انه محمد بن حكيم من اصحاب ابي عبدالله وابي الحسن عليهما السلام والخبر مضمر او موقوف.
(7) هي مدفن ابي ذر قرب المدينة.

[207]


(ع): يا أبا ذر إنك إنما غضبت لله عزوجل فارج من غضبت له، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك فارحلوك عن الفناء(1) وامتحنوك بالبلاء والله لو كانت السماوات والارض على عبد رتقا ثم اتقى الله عزوجل جعل له منها مخرجا فلا يؤنسك إلا الحق ولا يوحشك إلا الباطل.
ثم تكلم عقيل فقال: يا أبا ذر أنت تعلم أنا نحبك ونحن نعلم أنك تحبنا وأنت قد حفظت فينا ما ضيع الناس إلا القليل فثوابك على الله عزوجل ولذلك أخرجك المخرجون وسيرك المسيرون فثوابك على الله عزوجل فاتق الله واعلم أن استعفاء‌ك البلاء من الجزع واستبطاء‌ك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع وقل: حسبي الله ونعم الوكيل. ثم تكلم الحسن (ع) فقال: يا عماه إن القوم قد أتوا إليك ما قد ترى وإن الله عزوجل بالمنظر الاعلى(2) فدع عنك ذكر الدنيا بذكر فراقها وشدة ما يرد عليك لرخاء ما بعدها واصبر حتى تلقى نبيك صلى الله عليه وآله وهو عنك راض إن شاء الله.
ثم تكلم الحسين (ع) فقال: يا عماه إن الله تبارك وتعالى قادر أن يغير ماترى وهو كل يوم في شأن(3) إن القوم منعوك دنياهم ومنعتهم دينك فما أغناك عما منعوك وما أحوجهم إلى ما منعتهم، فعليك بالصبر فإن الخير في الصبر والصبر من الكرم ودع الجزع فإن الجزع لا يغنيك.
ثم تكلم عمار رضي الله عنه فقال: يا أبا ذر أوحش الله من أوحشك وأخاف من أخافك إنه والله مامنع الناس أن يقولوا الحق إلا الركون إلى الدنيا والحب لها، ألا

___________________________________
(1) فناء الدار: ما امتد من جوانبها والمراد اما فناء دارهم او دارك او دار رسول الله صلى الله عليه وآله؛ (آت)
(2) اي مشرف على جميع الخلق وهو كناية عن علمه بما يصدر عنهم وانه لا يعزب عن علمه شئ من امورهم؛ (آت).
(3) اي في خلق وتقدير وتغيير وقضاء حاجة ودفع كربة ورفع قوم ووضع آخرين ورزق و تربية وسائر ما يتعلق بقدرته وحكمته تعالى والغرض تسلية ابي ذر بانه يمكن ان يتغير الحال؛ (آت).
(*)

[208]


إنما الطاعة مع الجماعة(1) والملك لمن غلب وإن هؤلاء القوم دعوا الناس إلى دنياهم فأجابوهم إليها ووهبوا لهم دينهم فخسروا الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.
ثم تكلم أبوذر رضي الله عنه فقال: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته بأبي وامي هذه الوجوه فإني إذا رأيتكم ذكرت رسول الله صلى الله عليه وآله بكم ومالي بالمدينة شجن(2) لاسكن غيركم وإنه ثقل على عثمان جواري بالمدينة كما ثقل على معاوية بالشام فآلى أن يسيرني إلى بلدة(3) فطلبت إليه أن يكون ذلك إلى الكوفة فزعم أنه يخاف أن أفسد على أخيه(4) الناس بالكوفة وآلى بالله ليسيرني إلى بلدة لا أرى فيهاأنيسا ولا أسمع بها حسيسا(5) وإني والله ما أريد إلا الله عزوجل صاحبا ومالي مع الله وحشة، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين.
252 - أبوعلى الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن ابن فضال، والحجال جميعا، عن ثعلبة، عن عبدالرحمن بن مسلمة الجريري قال: قلت لابي عبدالله (ع) يوبخونا ويكذبونا إنا نقول: إن صيحتين تكونان(6)، يقولون: من أين تعرف المحقة من المبطلة إذا كانتا؟ قال: فماذا تردون عليهم؟ قلت: ما نرد عليهم شيئا، قال: قولوا: يصدق بها إذا كانت من كان يؤمن بها من قبل إن الله عزوجل يقول: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون(7) ".

___________________________________
(1) اكثر الناس يتبعون الجماعات وان كانوا على الباطل، على وفق الفقرة التالية؛ (آت).
(2) الشجن بالتحريك: الحاجة.
(3) (فآلى) اي حلف.
(4) يعني الوليد بن عقبة آخا عثمان لامه وكان عثمان ولاه الكوفة وذكر الزمخشري وغيره انه صلى بالناس وهو سكران صلاة الفجر اربعا وقال: هل ازيدكم؛ (آت).
(5) الحسيس: الصوت الخفي.
(6) اي التي كانت في اول النهار وهي الحق والتي كانت في اخره وهي الباطل وذلك عند قيام القائم.
(7) يونس: 35 وقوله: (يهدي) اصله يهتدي فادغمت التاء في الدال.
(*).

[209]


253 - عنه، عن محمد، عن ابن فضال، والحجال، عن داود بن فرقد قال: سمع رجل من العجلية هذا الحديث قوله(1): ينادي مناد ألا إن فلان بن فلان وشيعته هم الفائزون أول النهار وينادي آخر النهار ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون، قال: وينادي أول النهار منادي آخر النهار(2) فقال الرجل: فما يدرينا أيما الصادق من الكاذب؟ فقال: يصدقه(3) عليها من كان يؤمن بها قبل أن ينادي، إن الله عزوجل يقول: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى - الآية - ".
254 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله (ع) قال: لا ترون ما تحبون حتى يختلف بنو فلان(4) فيما بينهم فإذا اختلفوا طمع الناس وتفرقت الكلمة وخرج السفياني.

___________________________________
(1) هذا الخبر مضمر او موقوف وقوله: من العجلية كانها نسبة إلى قبيلة، وفي بعض النسخ (العجلية)؛ (آت).
(2) (منادى آخر النهار) بصيغة المجهول اي يخبر منادى اول النهار عن منادى آخر النهار ويقول: انه شيطان فلا تتبعوه؛ (آت).
(3) اي قال الامام او الراوى الذي يناظر الرجل العجلى؛ (آت).
(4) اي بنو العباس وهذا احذ اسباب خروج القائم عليه السلام وان تأخر، قال الفاضل الاسترآبادي المراد ان بنى العباس لم يتفق الملوك على خليفة وهذا معنى تفرق الكلمة ثم تمضى بعد ذلك مدة مديدة إلى خروج السفياني ثم إلى ظهور القائم؛ (آت).