حديث أهل الشام

67 عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن داود، عن محمد بن عطية قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (ع) من أهل الشام من علمائهم فقال: يا أبا جعفر جئت أسألك عن مسألة قد أعيت علي أن أجد أحدا يفسرها وقد سألت عنها ثلاثة أصناف من الناس فقال كل صنف منهم شيئا غير الذي قال الصنف الآخر فقال له أبوجعفر (ع): ما ذاك؟ قال: فإني أسألك عن أول ما خلق الله من خلقه فإن بعض من سألته قال: القدر وقال بعضهم: القلم وقال بعضهم: الروح فقال أبوجعفر (ع): ما قالوا شيئا، اخبرك أن الله تبارك وتعالى كان ولا شئ غيره، وكان عزيزا، ولا أحد كان: قبل عزه وذلك قوله: " سبحان ربك رب العزة عما يصفون(1) " وكان الخالق قبل المخلوق ولو كان أول ما خلق من خلقه الشئ من الشئ إذا لم يكن له انقطاع أبدا ولم يزل الله إذا ومعه شئ ليس هو يتقدمه ولكنه كان إذ لا شئ غيره وخلق الشئ الذى جميع الاشياء منه وهو الماء الذي خلق الاشياء منه فجعل نسب كل شئ إلى الماء ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه وخلق الريح من الماء ثم سلط الريح على الماء فشققت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زبد على قدر ماشاء أن يثور(2) فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع(3) ولا ثقب ولا صعود ولا هبوط ولا شجرة، ثم طواها(4) فوضعها فوق الماء ثم خلق الله النار من الماء فشققت النار متن الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء الله أن يثور فخلق من ذلك الدخان سماء‌ا صافية نقية ليس فيها صدع ولا ثقب وذلك قوله: " والسماء بناها * رفع سمكها فسويها * و اغطش ليلها واخرج ضحيها(5) " قال: ولا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا سحاب، ثم طواها

___________________________________
(1) الصافات: 180.
(2) ثار يثور ثورا: هاج ومنه ثارت القتنة بينهم. وثارت الدخان او الغبار: ارتفع.
(3) الصدع: الشق. وفي بعض النسخ (نقب) مكان (ثقت) وكذا ما ياتي.
(4) طواها اي جمعها.
(5) النازعات: 27 إلى 29. وفيها (ء أنتم اشد خلقا ام السماء بناها).
(*)

[95]


فوضعها فوق الارض ثم نسب الخليقتين(1) فرفع السماء فذلك قوله عز ذكره.
" والارض بعد ذلك دحيها " يقول: بسطها، فقال له الشامي:: يا أبا جعفر قول الله تعالى: " أولم يرالذين كفروا أن السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما(2) " فقال له أبوجعفر (ع): فعلك تزعم أنهما كانت رتقا ملتزقتين ملتصقتين ففتقت إحداهما من الاخرى؟ فقال: نعم، فقال أبوجعفر (ع): استغفر ربك فإن قول الله عزوجل: " كانتا رتقا " يقول: كانت السماء رتقا لا تنزل المطر وكانت الارض رتقا لا تنبت الحب فما خلق الله تبارك وتعالى الخلق وبث فيها من كل دابة فتق السماء بالمطر والارض بنبات الحب، فقال الشامي أشهد أنك من ولد الانبياء وأن علمك علمهم.
68 - محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، والحجال، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: قال لي أبوجعفر (ع): كان كل شئ ماء ا وكان عرشه على الماء فأمر الله عز ذكره الماء فاضطرم نار ثم أمر النار فخمدت فارتفع من خمودها دخان فخلق الله السماوات من ذلك الدخان وخلق الارض من الرماد ثم اختصم الماء والنار والريح فقال: الماء أنا جند الله الاكبر وقالت الريح: أنا جند الله الاكبر، وقالت النار أنا جند الله الاكبر، فأوحى الله عزوجل إلى الريح أنت جندي الاكبر.

________________________________________
(1) في بعض النسخ (الخلقتين).
(2) الانبياء: 29.
(3) اضطرمت النار وتضرمت: اشتعلت.