حديث البحر مع الشمس

41 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن الحكم بن المستورد(1)، عن علي بن الحسين (ع) قال: إن من الاقوات التي قدرها الله للناس مما يحتاجون إليه البحر الذي خلقه الله وجل بين السماء والارض، قال: وإن الله قد قدرفيها مجاري الشمس والقمر والنجوم والكواكب وقدر ذلك كله على الفلك، ثم وكل بالفلك ملكا ومعه سبعون ألف ملك، فهم يديرون الفلك فإذا أداروه دارت الشمس والقمر والنجوم والكواكب معه فنزلت في منازلها التي قدرها الله عزوجل فيها ليومها وليلتها فإذا كثرت ذنوب العباد وأراد الله تبارك وتعالى أن يستعتبهم بآية من آياته أمر الملك الموكل بالفلك أن يزيل الفلك الذى عليه مجاري الشمس والقمر والنجوم والكواكب فيأمر الملك اولئك السبعين ألف ملك أن يزيلوه عن مجاريه قال: فيزيلونه فتصير الشمس في ذلك البحر الذي يجري في الفلك قال: فيطمس ضوء‌ها ويتغير لونها فإذا أراد الله عزوجل أن يعظم الآية طمست الشمس في البحر على ما يحب الله أن يخوف خلقه بالآية قال: وذلك عند انكساف الشمس، قال: وكذلك يفعل بالقمر، قال: فإذا أراد الله أن يجليها أويردها إلى مجراها أمر الملك الموكل بالفلك أن يرد الفلك إلى مجراه فيرد الفلك فترجع الشمس إلى مجراها، قال: فتخرج من الماء وهي كدرة، قال: والقمر مثل ذلك قال: ثم قال علي بن الحسين (ع): أما إنه لا يفزع لهما ولا يرهب بهاتين الآيتين إلا من كان من شيعتنا فإذا كان كذلك فافزعوا إلى الله عزوجل ثم ارجعوا إليه.
42 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن الفضل بن إسماعيل الهاشمي، عن أبيه قال: شكوت إلى أبي عبدالله (ع) ما ألقى من أهل بيتي من

___________________________________
(1) هذا الخبر مجول بحكم بن مستورد ولم اظفر في المعاجم بهذا العنوان الا ان صاحب جامع الرواة ذكره بعنوان حكم بن مستور وقال: معروف بن خربوذ عنه عن على بن الحسين عليهما السلام في حديث البحر مع الشمس في الروضة من الكافي.
(*)

[84]


استخفافهم بالدين فقال: يا إسماعيل لا تنكر ذلك من أهل بيتك فإن الله تبارك وتعالى جعل لكم أهل بيت حجة يحتج بها على أهل بيته في القيامة فيقال لهم: ألم تروا فلانا فيكم، ألم تروا هديه فيكم، ألم تروا صلاته فيكم(1)، ألم تروا دينه، فهلا اقتديتم به، فيكون حجة عليهم في القيامة.
43 - عنه، عن أبيه عن محمد بن عثيم النخاس(2)، عن معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: إن الرجل منكم ليكون في المحلة فيحتج الله عزوجل يوم القيامة على جيرانه [به] فيقال لهم: ألم يكن فلانا بينكم، ألم تسمعوا كلامه، ألم تسمعوا بكاء‌ه في الليل، فيكون حجة الله عليهم(3).
44 - محمدبن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (ع) قال: سألته عن قول الله عزوجل: " وأرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل(4) " قال: كان طير ساف(5) جاء‌هم من قبل البحر، رؤوسها كأمثال رؤوس السباع وأظفارها كأظفار السباع من الطير، مع كل طائر ثلاثة أحجار: في رجليه حجران وفي منقاره حجر، فجعلت ترميهم بها حتى جدرت أجسادهم فقتلهم بها وما كان قبل ذلك رئي شئ من الجدري(6) ولا رأوا ذلك من الطير قبل ذلك اليوم ولا بعده، قال: ومن أفلت(7) منهم يومئذ انطلق حتى إذا بلغوا حضرموت و هو واد دون اليمن، أرسل الله عليهم سيلا فغرقهم أجمعين، قال: وما رئي في ذلك الوادي ماء قط قبل ذلك اليوم بخمسة عشر سنة، قال: فلذلكم سمى حضرموت حين ماتوا فيه.
45 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن عبدالله بن بكير، وثعلبة بن ميمون، وعلي بن عقبة، عن زرارة، عن عبدالملك قال وقع بين

___________________________________
(1) الهدى: الطريقة.
(2) في بعض النسخ (النحاس).
(3) في بعض النسخ (عليكم).
(4) الفيل، 3 و 4.
(5) سف الطائر: إذا دنا من الارض.
(6) الجدر بالضم والفتح وفتح الدال في كلاهما: البثور الناتئة على الجسم. وايضا آثار ضرب او جرح مرتفعة على الجلد.
(7) اي هربت.
(*)

[85]


أبي جعفر وبين ولد الحسن، (ع) كلام فبلغني ذلك فدخلت على أبي جعفر (ع) فذهبت أتكلم فقال لي: مه، لا تدخل فيما بيننا فإنما مثلنا ومثل بني عمنا كمثل رجل كان في بني إسرائيل، كانت له ابنتان فزوج إحداهما من رجل زراع وزوج الاخرى من رجل فخار، ثم زارهما فبدأ بامرأة الزراع فقال لها: كيف حالكم؟ فقالت: قد زرع زوجي زرعا كثير فإن أرسل الله السماء فنحن أحسن بني إسرائيل حالا، ثم مضى إلى امرأة الفخار فقال لها: كيف حالكم؟ فقالت: فد عمل زوجي فخارا كثيرا فإن أمسك الله السماء فنحن أحسن بني إسرائيل حالا، فانصرف وهو يقول: اللهم أنت لهما، وكذلك نحن(1).
46 - محمد، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن ذريح قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يعوذ بعض ولده ويقول: " عزمت عليك(2) يا ريح ويا وجع، كائنا ما كنت بالعزيمة التي عزم بها علي بن أبى طالب أمير المؤمنين (ع) رسول رسول الله صلى الله عليه وآله على جن وادي الصبرة(3) فأجابوا وأطاعوا لما أجبت وأطعت وخرجت عن ابني فلان ابن ابنتي فلانة، الساعة الساعة ".

___________________________________
(1) (انت لهما) اي المقدر لهما، تختار لكل منهما ما يصلحها ولا اشفع لاحدهما لانك اعلم بصلاحهما او لا ارجح احدهما على الاخر. وقوله: (وكذلك نحن) اي ليس لكم ان تحاكموا بيننا لان الخصمين كلاهما من اولاد الرسول ويلزمكما احترامهما لذلك؛ (آت).
(2) قال الجوهري: (عزمت عليك) اي اقسمت عليك.
(3) كذا. ولعل هذا اشارة إلى ما رواه الشيخ المفيد (ره) في ارشاده باسناده عن ابن عباس قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وآله إلى بني المصطلق جنب عن الطريق فادركه الليل ونزل بقرب واد وعر فلما كان في آخر الليل هبط جبرئيل عليه يخبره ان طائفة من كفار الجن قد استبطنوا الوادي يريدون كيده عليه السلام وايقاع الشر باصحابه عند سلوكهم اياه فدعا امير المؤمنين عليه السلام فقال له: اذهب إلى هذا الوادي فسيعرض لك من اعداء الله الجن من يريدك فادفعه القوة التي اعطاك الله عزوجل اياها وتحصن منهم باسماء الله عزوجل التي خصك بها وبعلمها وانفذ معه مائة رجل من اخلاط الناس وقال لهم: كونوا معه وامتثلوا أمره، فتوجه امير المؤمنين عليه السلام إلى الوادي فلما قرب من شفيره أمر المائة الذين صحبوا ان يقفوا بقرب الشفير ولا يحدوا شيئا حتى يؤذن لهم، ثم تقدم فوقف على شفير الوادي وتعوذ بالله من اعدائه وسمى الله عز اسمه وأومأ إلى القوم الذين اتبعوه ان يقربوا منه وكان بينه وبينم فرجة مسافتها غلوة ثم رام الهبوط إلى الوادي فاعترضت ريح عاصف كاد ان تقع القوم على وجوههم لشدتها ولم تثبت اقدامهم على الارض من هول الخصم ومن هول ما لحقهم، فصاح أمير المؤمنين عليه السلام أنا علي بن ابي طالب بن عبدالمطلب وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وابن عمه، اثبتوا ان شئتم فظهر للقوم أشخاص على صور الزط يخيل في أيديهم شعل النيران قد اطمأنوا واطافوا بجنبات الوادي فتوغل أمير المؤمنين عليه السلام بطن الوادي وهو يتلوا القرآن ويومي بسيفه يمينا وشمالا فما لبثت الاشخاص حتى صارت كالدخان الاسود وكبر أمير المؤمنين عليه السلام ثم صعد من حيث هبط فقام مع القوم لذين اتبعوه حتى اسفر الموضع عما اعتراه فقال له اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله: ما لقيت يا ابا الحسن فلقد كدنا ان نهلك خوفا واشفقنا عليك اكثر مما لحقنا؟ فقال عليه السلام لهم: انه لما تراء‌ى لي العدو جهرت فيهم باسماء الله تعالى فتضاء لوا وعلمت ما حل بهم من الجزع فتوغلت الوادي غير خائف منهم ولو بقوا على هيئاتهم لاتيت على اخرهم وقد كفى الله كيدهم وكفى المسلمين شرهم وستسبقني بقيتهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله يؤمنون به وانصرف أمير المؤمنين عليه السلام بمن معه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله واخبره الخبر فسرى عنه ودعا له بخير وقال له: قد سبقك يا علي إلى من أخافه الله بك فاسلم وقبلت اسلامه، ثم ارتحل بجماعة المسلمين حتى قطعوا الوادي آمنين غير خائفين وهذا الحديث قد روته العامة كما روته الخاصة ولم يتناكروا شيئا. انتهى (آت)

[86]


47 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبن فضال، عن أبن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (ع) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من يتفقد يفقد ومن لا يعد الصبر لنوائب الدهر يعجز، ومن قرض الناس قرضوه(1) ومن تركهم لم يتركوه، قيل: فاصنع ماذا يا رسول الله؟ قال: أقرضهم من عرضك ليوم فقرك.
48 - عنه(2)، عن أحمد، عن البرقي، عن محمد بن يحيى، عن حماد بن عثمان قال: بينا موسى في داره التي في المسعى يشرف على المسعى إذ رأى أبا الحسن موسى

___________________________________
(1) قال الجزري: في حديث ابي الدرداء: (من يتفقد يفقد) اي من يتفقد احوال الناس ويتعرفها فانه لا يجد ما يرضيه لان الخير في الناس قليل.
وقال وفيه أيضا: ان قارضت الناس قارضوك أي إن سابيتهم ونلت منهم سبوك ونالوا منك ومنه الحديث الاخر: (اقرض من عرضك ليوم فقرك) اي إذا نال احد من عرضك فلا تجازه ولكن اجعله قرضا في ذمته لتاخذه منه يوم حاجتك إليه، يعني يوم القيامة.
(2) اي عن محمد بن يحيى العطار والاتي هو محمد بن يحيى الصيرفي الذي روى عنه ابوعبدالله البرقي والعباس بن معرف وعلى بن اسماعيل وعبدالله جبلة وايوب بن نوح ومحمد بن عمرو بن سعيد وروى عن حماد بن عثمان ومحمد بن سفيان كما في جامع الرواة.
(*)

[87]


(ع) مقبلا من المروة على بغلة فأمر ابن هياج رجلا من همدان منقطعا إليه أن يتعلق بلجامه ويدعي البغلة، فأتاه فتعلق باللجام وادعى البغلة فثنى أبوالحسن (ع) رجله فنزل عنها وقال لغلمانه: خذوا سرجها وادفعوها إليه، فقال: والسرج أيضا لي، فقال أبوالحسن (ع): كذبت عندنا البينة بأنه سرج محمد بن علي وأما البغلة فانا اشتريناها منذ قريب وأنت أعلم وما قلت(1).
49 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن مرازم، عن أبيه قال: خرجنا مع أبي عبدالله (ع) حيث خرج من عند أبي جعفر المنصور من الحيرة فخرج ساعة أذن له و انتهى إلى السالحين في أول الليل فعرض له عاشر كان يكون في السالحين(2) في أول الليل فقال له: لا أدعك أن تجوز فألح عليه وطلب إليه، فأبى إباء‌ا وأنا ومصادف: معه فقال له مصادف: جعلت فداك إنما هذا كلب قد آذاك وأخاف أن يردك وما أدري ما يكون من أمر أبي جعفر(3) وأنا ومرازم(4) أتأذن لنا أن نضرب عنقه، ثم نطرحه في النهر فقال: كف(5) يا مصادف، فلم يزل يطلب إليه حتى ذهب من الليل أكثره فأذن له فمضى فقال: يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه؟ قلت: هذا جعلت فداك، فقال: إن الرجل يخرج من الذل الصغير فيدخله ذلك في الذل الكبير.
50 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن حفص بن أبي عائشة قال: بعث أبوعبدالله (ع) غلاما في حاجة فأبطأ فخرج أبوعبدالله (ع) على أثره لما أبطأ عليه فوجده نائما فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه فلما انتبه قال له أبوعبدالله (ع): يا فلان والله ما ذاك لك تنام الليل والنهار، لك الليل ولنا منك النهار.
51 عنه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن حسان [عن] أبي علي(6)

___________________________________
(1) لعله عليه السلام سلم البغلة مع علمه بكذب المدعى اما صونا لعرضه عن الترافع إلى الوالى او دفعا لليمين او تعليما ليتأسى به الناس فيما لم يعلموا كذب المدعى احتياطا واستحبابا؛ (آت).
(2) السالحون موضع على اربع فراسخ من بغداد إلى المغرب.(كذا في المغرب).
(3) اي المنصور.
(4) اي نكون معك.
(5) في بعض النسخ (كيف).
(6) كذا في غير واحد من النسخ والظاهر انه حسان بن المعلم، من اصحاب الصادق عليه السلام لرواية على بن الحكم عنه وابوعلى. لم نقف عليه في احد من المعاجم وفي بعض النسخ (عن حسان بن ابي على) ولعله هو كنية لمعلم ابي حسان او لحسان كما في بعض النسخ (حسان ابى على) (*).

[88]


قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: لا تذكروا سرنا بخلاف علانيتنا ولا علانيتنا بخلاف سرنا، حسبكم أن تقولوا ما نقول وتصمتوا عما نصمت، إنكم قد رأيتم أن الله عز و جل لم يجعل لاحد من الناس في خلافنا خيرا، إن الله عزوجل يقول: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم(1) ".

________________________________________
(1) النور: 63.