باب العلة في أن السهام لا تكون أكثر من ستة وهو من كلام يونس

علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس قال: العلة في وضع السهام على ستة لا أقل ولا أكثر لعلة وجوه أهل الميراث لان الوجوه التي منها سهام المواريث ستة جهات لكل جهة سهم فأول جهاتها سهم الولد، والثاني سهم الاب، والثالث سهم الام، والرابع سهم الكلالة كلالة الاب والخامس سهم كلالة الام، والسادس سهم الزوج والزوجة فخمسة أسهم من هذه السهام الستة سهام القرابات والسهم السادس هو سهم الزوج والزوجة من جهة البينة والشهود فهذه علة مجاري السهام وإجرائها من ستة أسهم لا يجوز أن يزاد عليها ولا يجوز أن ينقص منها إلا على جهة الرد لانه لا حاجة إلى زيادة في السهام لان السهام قد استغرقها سهام القرابة ولا قرابة غير من جعل الله عزوجل لهم سهما فصارت سهام المواريث مجموعة في ستة أسهم مخرج كل ميراث منها فإذا اجتمعت السهام الستة للذين سمى الله لهم سهما فكان لكل مسمى له سهم على جهة ما سمي له فكان في استغراقه سهمه استغراق لجميع السهام لاجتماع جميع الورثة الذين يستحقون جميع السهام الستة وحضورهم

[84]


في الوقت الذي فرض الله لهم في مثل ابنتين وأبوين فكان للابنتين أربعة أسهم وكان للابوين سهمان، فاستغرقوا السهام كلها ولم يحتج أن يزاد في السهام ولا ينقص في هذا الموضع إذ لا وارث في هذا الوقت غير هؤلاء مع هؤلاء وكذلك كل ورثة يجتمعون في الميراث فيستغرقونه يتم سهامهم باستغراقهم تمام السهام وإذا تمت سهامهم ومواريثهم لم يجز أن يكون هناك وارث يرث بعد استغراق سهام الورثة كملا التي عليها المواريث فإذا لم يحضر بعض الورثة كان من حضر من الورثة يأخذ سهمه المفروض ثم يرد ما بقي من بقية السهام على سهام الورثة الذين حضروا بقدرهم لانه لا وارث معهم في هذا الوقت غيرهم(1).
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس قال: إنما جعلت المواريث من ستة أسهم على خلقة الانسان لان الله عزوجل بحكمته خلق الانسان من ستة أجزاء فوضع المواريث على ستة أسهم وهو قوله عزوجل: " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين " ففي النطفة دية، " ثم خلقنا النطفة علقة " ففي العلقة دية، " فخلقنا العلقة مضغة " وفيها دية، " فخلقنا المضغة عظاما " وفيها دية، " فكسونا العظام لحما " وفيه دية اخرى، " ثم أنشأناه خلقا آخر " وفيه دية اخرى، فهذا ذكر آخر المخلوق.(2)

________________________________________
(1) لعل المراد بيان نكتة لجعل السهام التى يؤخذ منها فرائض المواريث أولا ستة ثم يصير بالرد أقل وبانضمام الزوج والزوجة اكثر فيمكن تقريره بوجهين: الاول أن الفرق التى يرثون بنص الكتاب لابالقرابة ست فرق فلذا جعلت السهام ابتداء ستة لا لتصح القسمة عليهم بل لمحض المناسبة بين العددين.
الثانى أن الفرق ست، خمس منها يرثون بالقرابة والسادسة بالسبب والذين يرثون بالقرابة هو اولى بالرعاية فلذا أخذ اولا عدد يكون مخرجا لسهامهم من غير كسر لان الستة مخرج السدس والثلث والنصف والثلثين وهذه سهام اصحاب القرابة واما الربع والثمن فهما لاصحاب السبب، والوجه الاول كانه المتعين في الخبر الثانى والله يعلم.(آت)
(2) الايات في سورة المؤنون: 12 - 14.