باب النوادر

595، 14 - 1 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن وهب قال: كان البلاط حيث يصلى على الجنائز سوقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يسمى البطحاء يباع

[401]


فيها الحليب والسمن والاقط وإن أعرابيا أتى بفرس له فأوثقه فاشتراه منه رسول الله صلى الله عليه وآله ثم دخل ليأتيه بالثمن فقام ناس من المنافقين فقالوا: بكم بعت فرسك؟ قال: بكذا وبكذا قالوا: بئس مابعت، فرسك خير من ذلك وإن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج إليه بالثمن وافيا طيبا فقال الاعرابي: ما بعتك والله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: سبحان الله بلى والله لقد بعتني، و ارتفعت الاصوات فقال الناس: رسول الله يقاول الاعرابي فاجتمع ناس كثير فقال أبوعبدالله عليه السلام: ومع النبي صلى الله عليه وآله أصحابه إذ أقبل خزيمة بن ثابت الانصاري ففرج الناس بيده حتى انتهى إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: أشهد يا رسول الله لقد اشتريته منه فقال الاعرابي، أتشهد ولم تحضرنا؟ وقال له النبي صلى الله عليه وآله: أشهدتنا؟ فقال له: لا يا رسول الله ولكني علمت أنك قد اشتريت أفأصدقك بما جئت به من عندالله ولا اصدقك على هذا الاعرابي الخبيث قال: فعجب له رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: يا خزيمة شهادتك شهادة رجلين.
596، 14 - 2 محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن جعفر بن يحيى، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن الحسين بن زيد، عن أبي عبدالله عليه السلام، عن أبيه عليه السلام قال: اتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر فشهد عليه رجلان أحدهما خصي وهو عمرو التميمي والآخر المعلى بن الجارود فشهد أحدهما أنه رآه يشرب وشهد الآخر أنه رآه يقئ الخمر فأرسل عمر إلى اناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فيهم أمير المؤمنين عليه السلام فقال لامير المؤمنين عليه السلام: ما تقول يا أبا الحسن؟ فإنك الذي قال فيك رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أعلم هذه الامة وأقضاها بالحق، فإن هذين قد اختلفا في شهادتهما قال: ما اختلفا في شهادتهما وما قاء ها حتى شربها فقال: هل تجوز شهادة الخصي؟ قال: ما ذهاب لحيته(1) إلا كذهاب بعض أعضائه.
597، 14 - 3 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس عن موسى بن بكر، عن الحكم بن أبي عقيل قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: إن لي خصما يتكثر علي بالشهود الزور وقد كرهت مكافاته مع أني لا أدري أيصلح لي ذلك أم لا؟ قال: فقال لي: أما بلغك عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول: لا تؤسروا أنفسكم و

___________________________________
(1) كذا وفى بعض النسخ[ما ذهاب خصيته] ولا منافاة بين النسختين لان الخصى لا ينبت لحيته.

[402]


أموالكم بشهادات الزور(1) فما على امرئ من وكف في دينه(2) ولا مأثم من ربه إن يدفع ذلك عنه كما أنه لو دفع بشهادته عن فرج حرام وسفك دم حرام كان ذلك خيرا له وكذلك مال المرء المسلم.
598، 14 - 4 محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن أنه كتب إلى أبي محمد عليه السلام في رجل باع ضيعته من رجل آخر وهي قطاع أرضين ولم يعرف الحدود في وقت ما أشهده وقال: إذا ما أتوك بالحدود فاشهد بها هل يجوز له ذلك أولا يجوز له أن يشهد؟ فوقع عليه السلام: نعم يجوز(3) والحمد لله، وكتب إليه رجل كان له قطاع أرضين فحضره الخروج إلى مكة والقرية على مراحل من منزله ولم يؤت بحدود ارضه وعرف حدود القرية الاربعة فقال للشهود: اشهدوا أني قد بعت من فلان جميع القرية التي حد منها كذا والثاني والثالث والرابع وإنما له في هذه القرية قطاع أرضين فهل يصلح للمشتري ذلك؟ وإنما له بعض هذه القرية وقد أقر له بكلها؟ فوقع عليه السلام لا يجوز بيع ما ليس يملك وقد وجب الشراء على البايع على ما يملك وكتب هل يجوز للشاهد الذي أشهده بجميع هذه القرية ان يشهد بحدود قطاع الارض التي له فيها إذا تعرف حدود هذه القطاع بقوم من أهل هذه القرية إذا كانوا عدولا؟ فوقع عليه السلام نعم، يشهدون على شئ مفهوم معروف(4)، وكتب رجل قال لرجل: اشهد أن جميع الدار التي له في موضع كذا وكذا بحدودها كلها لفلان بن فلان وجميع ماله في الدار من

___________________________________
(1) (لاتؤسروا) يحتمل أن يكون مشتقا من اليسار أى لاتجعلوا انفسكم موسرة بشهادة الزور وعامل اموالكم محذوف كما في قولهم (علفته تبنا وماء باردا) اى لاتكثروا اموالكم والمعنى أنه لايصلح أن تأخذ بشهادة الزور منه حقا وليس لك ولكن يجوز أن تدفع مالك بشهادة الزور او بالحق بان تأتى بشهود على جرح شهوده وغير ذلك من وجوه الدفع او من الاسر على التهديد اى لاتشهدوا بالزور فتحبس انفسكم واموالكم بسببها، أو لاتجعلوا انفسكم وأموالكم اسيرا للناس بشهادة الزور عنكم بكل وجه ممكن فيقتسم التفريع بلا تكلف وهذا أظهر الوجوه (آت).
(2) الوكف في اصل اللغة الميل والجور يقال: ما عليك من ذلك وكف أى نقص وعيب، وقال الزمخشرى: الوكف الوقوع في المأثم والعيب.
(3) اما مجملا مع عدم العلم بالحدود، او مفصلا مع العلم بها ليوافق المشهور وسائر الاخبار.
(4) لعله يسأل أنه كان البيع واقعا على البعض في الصورة المفروضة وعلم بشهادة أهل القرية حدود ذلك البعض يجوز أن يشهد على بيع ذلك البعض بحدوده بتلك النسبة من الثمن أو بكله على الاحتمالين فأجاب عليه السلام بالجواز مع العلم والمعرفة (آت).

[403]


المتاع هل يصلح للمشتري ما في الدار من المتاع أي شئ هو؟ فوقع عليه السلام: يصلح له ما أحاط الشراء بجميع ذلك إن شاء الله(1).
9 59، 14 - 5 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن حريز عن أبي عبدالله عليه السلام في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنى فعدل منهم اثنان ولم يعدل الآخران فقال: إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور اجيزت شهادتهم جميعا واقيم الحد على الذي شهدوا عليه، إنما عليهم أن يشهدوا بما أبصروا وعلموا و على الوالي أن يجيز شهادتهم إلا أن يكونوا معروفين بالفسق(2).
600، 14 - 6 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن سيف، عن محمد بن سليمان، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت له: كيف صار الزوج إذا قذف امرأته كانت شهادته أربع شهادات بالله وكيف لا يجوز ذلك لغيره وصار إذا قذفها غير الزوج جلد الحد ولو كان ولدا أو أخا؟ فقال: قد سئل[أبو] جعفر عليه السلام عن هذا فقال: ألا ترى أنه إذا قذف الزوج امرأته قيل له: وكيف علمت أنها فاعلة؟ فإن قال: رأيت ذلك منها بعيني كانت شهادته أربع شهادات بالله وذلك أنه قد يجوز للرجل أن يدخل المدخل في الخلوة التي لا تصلح لغيره أن يدخلها ولا يشهدها ولد ولا والد في الليل والنهار فلذلك صارت شهادته أربع شهادات بالله إذا قال: رأيت ذلك بعيني وإذا قال: إني لم اعائن صار قاذفا في حد غيره وضرب الحد إلا أن يقيم عليها البينة وإن زعم غير الزوج إذا قذف وادعى أنه رآه بعينه قيل له: وكيف رأيت ذلك وما أدخلك ذلك المدخل الذي رأيت فيه هذا وحدك أنت متهم في دعواك وإن كنت صادقا فأنت في حد التهمة فلابد من أدبك بالحد الذي أوجبه الله عليك قال: وإنما صارت شهادة الزوج أربع شهادات بالله لمكان الاربعة شهداء مكان كل شاهد يمين.

___________________________________
(1) (يصلح له) إذا علم المشترى ما في البيت ولم يعلمه الشاهد أو مع جهالته عند المشترى أيضا لكونه آئلا إلى المعلومية مع انضمامه إلى المعلوم والله يعلم؛ (آت).
(2) اختلف الاصحاب في شهادة من عرف ايمانه ولم يعلم منه فسق ولا عدالة، فذهب الشيخ في الخلاف - مدعيا عليه اجماع الفرقة - وابن الجنيد والمفيد إلى أن الاصل فيهم العدالة وهذا الخبر يدل على مختارهم والاشهر بين المتأخرين عدم الاكتفاء بذلك بل يلزم المعاشرة الباطنية او الشهادة على ذلك ومذهب الشيخ لا يخلو من قوة؛ (آت).

[404]


عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن أسلم، عن بعض القميين عن أبي الحسن الرضا عليه السلام مثله.
1 60، 14 - 7 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن إسماعيل بن أبي حنيفة، عن أبي حنيفة قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: كيف صار القتل يجوز فيه شاهدان والزنى لا يجوز فيه إلا أربعة شهود والقتل أشد من الزنى؟ فقال: لان القتل فعل واحد والزنى فعلان فمن ثم لا يجوز إلا أربعة شهود على الرجل شاهدان وعلى المرأة شاهدان.
ورواه بعض أصحابنا عنه قال: فقال لي: ما عندكم يا أبا حنيفة؟ قال: قلت: ما عندنا فيه إلا حديث عمر أن الله أخذ في الشهادة كلمتين على العباد قال: فقال لي: ليس كذلك يا أبا حنيفة ولكن الزنى فيه حدان ولا يجوز إلا أن يشهد كل اثنين على واحد لان الرجل والمرأة جميعا عليهما الحد والقتل إنما يقام على القاتل ويدفع عن المقتول.
2 60، 14 - 8 الحسين بن محمد، عن السياري، عن محمد بن جمهور، عمن حدثه، عن ابن أبي يعفور قال: لزمته شهادة فشهد بها عند أبي يوسف القاضي فقال أبويوسف، ما عسيت أن أقول فيك: يا ابن أبي يعفور وأنت جاري ما علمتك إلا صدوقا طويل الليل ولكن تلك الخصلة، قال: وما هي؟ قال ميلك إلى الترفض فبكى ابن أبي يعفور حتى سالت دموعه ثم قال: يا أبا يوسف تنسبني إلى قوم أخاف أن لا أكون منهم قال: فأجاز شهادته(1).
603، 14 - 9 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن مسمع بن عبدالملك، عن أبي عبدالله عليه السلام أن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه كان يحكم في زنديق إذا شهد عليه رجلان عدلان مرضيان وشهد له ألف بالبراء‌ة يجيز شهادة الرجلين ويبطل شهادة الالف لانه دين مكتوم(2).
4 60، 14 - 10 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: اتي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بامرأة بكر زعموا أنها زنت فأمر النساء فنظرن إليها فقلن: هي عذراء فقال: ما كنت لاضرب من عليها خاتم من الله عزوجل وكان

___________________________________
(1) لعله لا يفهم مراده؛ (آت).
(2) حمل على ما إذا لم تتعارض الشهادة بان وقعتا على زمان واحد؛ (آت).

[405]


يجيز عليه السلام شهادة النساء في مثل هذا(1).
605، 14 - 11 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن سعد الاسكاف قال: لا أعلمه إلا قال: عن أبي جعفر عليه السلام قال: قد كان في بني إسرائيل عابد فأعجب له داود عليه السلام فأوحى الله عزوجل إليه: لا يعجبك شئ من أمره فإنه مرائي قال: فمات الرجل فأتى داود عليه السلام وقيل له: مات الرجل فقال داود عليه السلام: ادفنوا صاحبكم قال: فأنكرت بنو إسرائيل وقالوا: كيف لم يحضره قال: فلما غسل قام خمسون رجلا فشهدوا بالله ما يعلمون منه إلا خيرا قال: فلما صلوا عليه قام خمسون آخرون فشهدوا بالله ما يعلمون إلا خيرا فلما دفنوه قام خمسون فشهدوا بالله ما يعلمون منه إلا خيرا فأوحى الله عزوجل إلى داود عليه السلام ما منعك أن تشهد فلانا؟ فقال داود عليه السلام: يارب للذي اطلعتني عليه من أمره، قال: فأوحى الله عزوجل إليه إن ذلك كذلك ولكنه قد شهد قوم من الاحبار والرهبان ما يعلمون منه إلا خيرا فأجزت شهادتهم عليه وغفرت له علمي فيه(2).
هذا آخر كتاب الشهادات من الكافي تأليف أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله ويتلوه كتاب القضاء والاحكام إن شاء الله تعالى.

___________________________________
(1) حمل على ما إذا لم يصرح الشهود بكونها في الدبر ومع الاطلاق اشكال، وقال في الشرائع: إذا شهد اربعة على امرأة بالزنى قبلا فادعت انها بكر فشهد لها اربع نساء فلا حد وهل يحد الشهود للفرية قال في النهاية: نعم: وقال في المبسوط: لا لاحتمال الشبهة في المشاهدة والاول اشبه؛ (آت).
(2) اى ما علمت فيه؛ (آت).