باب وجوه القتل

علي بن إبراهيم قال: وجوه القتل العمد على ثلاثة ضروب فمنه ما يجب فيه القود

[277]


أو الدية ومنه ما يجب فيه الدية ولا يجب فيه القود والكفارة، ومنه ما يجب فيه النار فأما ما يجب فيه النار فرجل يقصد لرجل مؤمن من اولياء الله فيقتله على دينه متعمدا فقد وجبت فيه النار حتما وليس له إلى التوبة سبيل ومثل ذلك مثل من قتل نبيا من أنبياء الله عزوجل أو حجة من حجج الله على دينه أو ما يقرب من هذه المنازل فليس له توبة لانه لا يكون ذلك القاتل مثل المقتول فيقاد به فيكون ذلك عدله لانه لا يقتل نبي نبيا ولا إمام إماما ولا رجل مؤمن عالم رجلا مؤمنا عالما على دينه فيقاد نبي بنبي ولا إمام بإمام ولا عالم بعالم إذا كان ذلك على تعمد منه فمن هنا ليس له إلى التوبة سبيل.
فأما ما يجب فيه القود أو الدية فرجل يقصد رجلا على غير دين ولكنه لسبب من أسباب الدنيا الغضب أو حسد فيقتله فتوبته أن يمكن من نفسه فيقاد به أو يقبل الاولياء الدية ويتوب بعد ذلك ويندم.
وأما ما يجب فيه الدية ولا يجب فيه القود فرجل مازح رجلا فوكزه أو ركله(1) أو رماه بشئ لا على جهة الغضب فأتى على نفسه فيجب فيه الدية إذا علم أن ذلك لم يكن منه على تعمد قبلت منه الديه ثم عليه الكفارة بعد ذلك صوم شهرين متتابعين أو عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا، والتوبة بالندامة والاستغفار مادام حيا والغريمة على أن لا يعود.
وأما قتل الخطأ فعلى ثلاثة ضروب منه ما تجب فيه الكفارة والدية، ومنه ما تجب فيه الكفارة ولا تجب فيه الدية، ومنه ما تجب فيه الديه قبل والكفارة بعد وهو قول الله عزوجل: " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة (وليس فيه دية) وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله(2) ".

___________________________________
(1) الوكز - كالوعد -: الدفع والطعن والضرب بجميع الكف، والركل: الضرب بالرجل الواحدة.
(2) النساء: 92.

[278]


وتفسير ذلك إذا كان رجل من المؤمنين نازلا بين قوم من المشركين فوقعت بينهم حرب فقتل ذلك المؤمن فلا دية له لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: " أيما مؤمن نزل في دارالحرب فقد برئت منه الذمة " فإن كان المؤمن نازلا بين قوم من المشركين وأهل الحرب وبينهم وبين الرسول أو الامام ميثاق أو عهد إلى مدة فقتل ذلك المؤمن رجل من المؤمنين وهو لا يعلم فقد وجبت عليه الديه والكفارة.
وأما قتل الخطأ الذي تجب فيه الكفارة والدية فرجل أراد سبعا أو غيره فأخطأ فأصاب رجلا من المسلمين فقد وجبت عليه الكفارة والدية.