باب آخر منه

729، 13 - 1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير

[186]


عن عمران بن ميثم أو صالح بن ميثم، عن أبيه قال: أتت امرأة مجح أميرالمؤمنين عليه السلام(1) فقالت يا أمير المؤمنين: إني زنيت فطهرني طهرك الله فإن عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة الذي لا ينقطع، فقال لها مما اطهرك؟ فقالت: إني زنيت فقال لها: أو ذات بعل أنت أم غير ذلك؟ فقالت: بل ذات بعل، فقال لها: أفحاضرا كان بعلك إذ فعلت ما فعلت أم غائبا كان عنك؟ فقالت: بل حاضرا، فقال لها: انطلقي فضعي ما في بطنك ثم ائتني اطهرك فلما ولت عنه المرأة فصارت حيث لا تسمع كلامه قال: اللهم إنها شهادة فلم يلبث أن أتته فقالت: قد وضعت فطهرني قال: فتجاهل عليها فقال: اطهرك يا أمة الله مماذا؟ فقالت: إني زنيت فطهرني فقال: وذات بعل إذ فعلت ما فعلت؟ قالت: نعم، قال: وكان زوجك حاضرا أم غائبا؟ قالت: بل حاضرا، قال: فانطلقي وارضعيه حولين كاملين كما أمرك الله، قال: فانصرفت المرأة فلما صارت من حيث لا تسمع كلامه قال: اللهم إنهما شهادتان، قال: فلما مضى حولان أتت المرأة فقالت: قد أرضعته حولين فطهرني يا أمير المؤمنين، فتجاهل عليها وقال: اطهرك مماذا؟ فقالت: إني زنيت فطهرني، قال: وذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت؟ فقالت: نعم، قال: وبعلك غائب عنك إذ فعلت ما فعلت أو حاضر قالت: بل حاضر؟ قال: فانطلقي فاكفليه حتى يعقل أن يأكل ويشرب ولا يتردى من سطح ولا يتهور في بئر قال: فانصرفت وهي تبكي فلما ولت فصارت حيث لا تسمع كلامه قال: اللهم إنها ثلاث شهادات، قال: فاستقبلها عمرو بن حريث المخزومي فقال لها: ما يبكيك يا أمة الله وقد رأيتك تختلفين إلى علي تسألينه أن يطهرك فقالت: إني أتيت أميرالمؤمنين عليه السلام فسألته أن يطهرني فقال: اكفلي ولدك حتى يعقل أن يأكل ويشرب ولا يتردى من سطح ولا يتهور في بئر وقد خفت أن يأتي علي الموت ولم يطهرني فقال لها عمرو بن حريث: ارجعي إليه فأنا أكفله فرجعت فأخبرت أميرالمؤمنين عليه السلام بقول عمرو فقال لها أميرالمؤمنين عليه السلام: وهو متجاهل عليها ولم يكفل عمرو ولدك؟ فقالت: يا أميرالمؤمنين إني زنيت فطهرني فقال: وذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت؟ قالت: نعم قال: أفغائبا كان بعلك إذ فعلت ما فعلت أم

___________________________________
(1) في النهاية) - بتقديم المعجمة على المهملتين -: الحامل المقرب التى دنا ولادها.

[187]


حاضرا؟ فقالت: بل حاضرا قال: فرفع(1) رأسه إلى السماء وقال: اللهم إنه قد ثبت لك عليها أربع شهادات وإنك قد قلت لنبيك صلى الله عليه وآله فيما أخبرته به من دينك: يا محمد من عطل حدا من حدودي فقد عاندني وطلب بذلك مضادتي اللهم فإني غير معطل حدودك ولا طالب مضادتك ولا مضيع لاحكامك بل مطيع لك ومتبع سنة نبيك صلى الله عليه وآله قال: فنظر إليه عمرو بن حريث وكأنما الرمان يفقأ في وجه فلما رأى ذلك عمرو قال: ياأمير المؤمنين إنني إنما أردت أكفله إذ ظننت أنك تحب ذلك فأما إذا كرهته فإني لست أفعل فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: أبعد أربع شهادات بالله؟ ! لتكفلنه وأنت صاغر فصعد أمير المؤمنين عليه السلام المنبر فقال: يا قنبر ناد في الناس الصلاة جامعة، فنادى قنبر في الناس فاجتمعوا حتى غص المسجد بأهله وقام أميرالمؤمنين صلوات الله عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إن إمامكم خارج بهذه المرأة إلى هذا الظهر ليقيم عليها الحد إن شاء الله فعزم عليكم أمير المؤمنين لما خرجتم وأنتم متنكرون ومعكم أحجاركم لا يتعرف أحد منكم إلى أحد حتى تنصرفوا إلى منازلكم إن شاء الله قال: ثم نزل فلما أصبح الناس بكرة خرج بالمرأة وخرج الناس متنكرين متلثمين(2) بعمايمهم وبأرديتهم والحجارة في أرديتهم وفي أكمامهم حتى انتهى بها والناس معه إلى الظهر بالكوفة فأمر أن يحفر لها حفيرة ثم دفنها فيها ثم ركب بغلته وأثبت رجليه في غرز الركاب(3) ثم وضع إصبعيه السبابتين في اذنيه ثم نادى بأعلى صوته يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى عهد إلى نبيه صلى الله عليه وآله عهدا عهده محمد صلى الله عليه وآله إلي بأنه لا يقيم الحد من لله عليه حد فمن كان عليه حد مثل ما عليها فلا يقيم عليها الحد.
قال: فانصرف الناس يومئذ كلهم ماخلا أمير المؤمنين عليه السلام والحسن والحسين عليهما السلام فأقام هؤلاء الثلاثة عليها الحد يومئذ وما معهم غيرهم قال: وانصرف فيمن انصرف يومئذ محمد بن أمير المؤمنين عليه السلام.

___________________________________
(1) والمشهور انه لايقام الحد على الحامل سواء كان جلدا او رجما فاذا وضعت فان كان جلدا ينتظر خروجها عن النفاس لانها مريضة ثم إن كان للولد من يرضعه اقيم عليها ولو رجاما على المشهور من أنه لايعيش غالبا بدونه والا انتظر بها استغناء الولد عنها.(كذا ذكره الشهيد).
(2) اللثام ما كان على الفم من النقاب
(3) والغرز الركباب من الجلد.

[188]


عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن خلف بن حماد(1) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: جاء‌ت امرأة حامل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقالت: إني فعلت فطهرني ثم ذكر نحوه.
0 73، 13 - 2 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن رواه، عن أبي جعفر أو أبي عبدالله عليهما السلام قال: اتي أمير المؤمنين عليه السلام برجل قد أقر على نفسه بالفجور فقال: أميرالمؤمنين عليه السلام لاصحابه: اغدوا غدا علي متلثمين فغدوا عليه متلثمين فقال لهم: من فعل مثل فعله فلا يرجمه فلينصرف، قال: فانصرف بعضهم وبقي بعض فرجمه من بقي منهم.
731، 13 - 3 علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد رفعه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام قال: أتاه رجل بالكوفة فقال: ياأمير المؤمنين إني زنيت فطهرني قال: ممن أنت؟ قال: من مزينة قال: أتقرأ من القرآن شيئا؟ قال: بلى قال: فاقرأ فقرأ فأجاد فقال: أبك جنة؟ قال: لا، قال: فاذهب حتى نسأل عنك فذهب الرجل ثم رجع إليه بعد فقال: ياأمير المؤمنين إني زنيت فطهرني، فقال: الك زوجة؟ قال: بلى، قال: فمقيمة معك في البلد؟ قال: نعم، قال: فأمره أميرالمؤمنين عليه السلام فذهب وقال: حتى نسأل عنك فبعث إلى قومه فسأل عن خبره فقالوا: يا أمير المؤمنين صحيح العقل فرجع إليه الثالثة فقال له مثل مقالته، فقال له: اذهب حتى نسأل عنك فرجع إليه الرابعة فلما أقر قال أميرالمؤمنين عليه السلام لقنبر: احتفظ به ثم غضب ثم قال: ما أقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رؤوس الملا أفلا تاب في بيته فوالله لتوبته فيما بينه وبين الله أفضل من إقامتي عليه الحد ثم أخرجه ونادى في الناس يا معشر المسلمين اخرجوا ليقام على هذا الرجل الحد ولا يعرفن أحدكم صاحبه فأخرجه إلى الجبان(2) فقال: يا أمير المؤمنين أنظرني اصلي ركعتين ثم وضعه في حفرته واستقبل الناس بوجهه، فقال: يا معاشر المسلمين إن هذا حق من حقوق الله عزوجل فمن كان لله في عنقه حق فلينصرف ولا يقيم حدود الله من في عنقه لله حد فانصرف الناس

___________________________________
(1) رواية خلف عن أبى عبدالله عليه السلام بعيد.
(2) الجبان والجبانة - بالتشديد -: الصحراء.

[189]


وبقي هو والحسن والحسين عليهما السلام فأخذ حجرا فكبر ثلاث تكبيرات ثم رماه بثلاثة أحجار في كل حجر ثلاث تكبيرات ثم رماه الحسن عليه السلام مثل ما رماه أمير المؤمنين عليه السلام ثم رماه الحسين عليه السلام فمات الرجل فأخرجه أمير المؤمنين عليه السلام فأمر فحفر له وصلى عليه ودفنه فقيل: يا أمير المؤمنين ألا تغسله؟ فقال: قد اغتسل بما هو طاهر إلى يوم القيامة لقد صبر على أمر عظيم.