باب بدء خلق الانسان وتقلبه في بطن امه

(10475 1) محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن ابن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن سلام بن المستنير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: " مخلقة وغير مخلقة(1) " فقال: المخلقة هم الذر الذين خلقهم الله في صلب آدم عليه السلام أخذ عليهم الميثاق ثم أجراهم في إصلاب الرجال وأرحام النساء، وهم االذين يخرجون إلى الدنيا حتى يسألوا عن الميثاق.
وأما قوله: " وغير مخلقة " فهم كل نسمة لم يخلقهم الله في صلب آدم عليه السلام حين خلق الذرو أخذ عليهم الميثاق وهم النطف من العزل والسقط قبل أن ينفخ فيه الروح والحياة والبقاء.
(210476) عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عمن ذكره، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزوجل: " يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيض الارحام وما تزداد(2) " قال: لغيض كل حمل دون تسعة أشهر، وما تزداد كل شئ يزداد

___________________________________
(1) الحج: 5.
وقال البيضاوى: " مخلقة " اى مسواة لا نقص فيها ولا عيب " وغير مخلقة " غير مسواة أو تامة وساقطة أو مصورة وغير مصورة انتهى وقال العلامة المجلسى رحمة الله بعد نقله هذا الكلام: أقول: على تأويله عليه السلام يمكن أن يكون الخلق بمعنى التقدير اى ما قدر في الذر ان ينفخ فيه الروح وما لم يقدر.
(2) الرعد: 8.
و " ما تحمل كل انثى " أذكر هو ام انثى، تام أوناقص، حسن او قبيح، سعيد أو شقى وما تغيض الدم الخالص أى الذى يخالطه خلط من مرض كدم الاستحاضة وانما تزداد بعدد تلك الايام لنقصان غذائه بقدر ذلك الدم المدفوع فيضعف عن الخروج فيمكث ليتم ويقوى عليه (في) وقال بعض المفسرين: قوله تعالى: " وما تغيض " أى تنقص الارحام وهو كل حمل دون تسعة أشهر. " ما تزداد " على التسعة بعدد ايام التى رأت الدم في حملها.وقيل: ما تنقصه وما تزداده من مدة الحمل وخلقته وعدده او من الحيض.
(*)

[13]


على تسعة أشهر فكلما رأت المرأة الدم الخالص في حملها فإنها تزداد بعدد الايام التي رأت في حملها من الدم.
(310476) محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقو: قال أبوجعفر عليه السلام: إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما ثم تصير علقة أربعين يوما، ثم تصير مضغة أربعين يوما، فإذا كمل أربعة أشهر بعث الله ملكين خلاقين(1) فيقولان: يارب ما تخلق ذكرا أو انثى؟ فيؤمران، فيقولان يارب شقيا أو سعيدا؟ فيؤمران، فيقولان يا رب ما أجله وما رزقه وكل شئ من حاله وعدود من ذلك أشياء ويكتبان الميثاق بن عينيه، فإذا أكمل الله له الارجل بعث الله ملكا فزجره زجرة فيخرج وقد نسي الميثاق، فقال الحسن بن الجهم: فقلت له: أفيجوز أن يدعوا الله فيحول الانثى ذكرا والذكر انثى فقال: إن الله يفعل ما يشاء
(10478 4) محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عزوجل إذا أراد أن يخلق النطفة(2) التي مما أخذ عليها الميثاق في صلب آدم أو ما يبدو له فيه(3) ويجعلها في الرحم حرك الرجل للجماع وأوحى إلى الرحم(4) أن افتحي بابك حتى يلج فيك

___________________________________
(1) انما يبعث ملكان ليفعل أحدهما ويقبل الاخر، فان في كل فعل جسمانى لا بد من فاعل و قابل وبعبارة اخرى يملى أحدهما ويكتب الاخر كما أفصح عنه في الخبر الاتى، وكتابة الميثاق بين عينيه كناية عن مفطوريته على التوحيد وشهادته بلسان عجزه وافتقاره على عبوديته وربوبية معبوده إياه كما اشير إليه في الحديث النبوى " كل مولود يولد على الفطرة وانما أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه " وانما ينسى الميثاق بالزجرة والخروج لدخوله بهما في الاسباب الحائلة بينه وبين مسببها المانعة له عن إدراكه، وانما أجمل عليه السلام عن جواب سؤال الحسن لعلمه بقصور فهمه عن البلوغ إلى نيل ذراه. (في)
(2) أى يخلقها بشرا تاما.
(3) أى يبدو له في خلقه فلا يتم خلقه بأن سقطا. (في)
(4) " حرك الرجل للجماع " بالقاء الشهوة عليه، وإيحاؤه سبحانه إلى الرحم كناية عن فطره اياها على الاطاعة طبعا (في).
(*)

[14]


خلقي وقضائي النافذ وقدري، فتفتح الرحم بابها فتصل النطفة إلى الرحم فتردد فيه أربعين يوما(1)، ثم تصير علقة أربعين يوما، ثم تصير مضغة أربعين يوما، ثم تصير لحما تجري فيه عروق مشتبكة، ثم يبعث الله ملكين خلاقين في الارحام ما يشاء الله فيقتحمان(2) في بطن المرأة من فم المرأة فيصلان إلى الرحم وفيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام النساء(3) فينفخان فيها روح الحياة والبقاء ويشقان له السمع والبصر وجميع الجوارح وجميع ما في البطن بإذن الله ثم يوحي الله إلى الملكين اكتبا عليه قضائي وقدري ونافذ أمري واشترطا لي البدء فيما تكتبان(4) فيقولان: يارب ما نكتب؟ فيوحي الله إليهما أن ارفعا رؤوسكما إلى رأس امه فيرفعان رؤوسهما فإذا اللوح يقرع جبهة امه فينظران فيه فيجدان في اللوح صورته وزينته وأجله وميثاقه شقيا أو سعيدا وجميع شأنه قال: فيملي أحدهما على صاحبه فيكتبان جميع ما في اللوح ويشترطان البداء فيما يكتبان(5)

___________________________________
(1) في بعض النسخ (أربعين صباحا) وقوله. " فتردد " بحذف إحدى التائين اى تتحول من حال إلى حال. (في)
(2) أى يدخلان من غير استرضاء واختيار لها. (آت)
(3) أى الروح المخلوقة في الزمان المتقادم قبل خلق جسده وكثيراما يطلق القديم على هذا المعنى في اللغة والعرف كما لا يخفى على من تتبع كتب اللغة وموارد الاستعمالات، والمراد بها النفس النباتية أو الحيوانية أو الانسانية.
وقيل: عطف البقاء على الحياة دالة على أن النفس الحيوانية باقية في تلك النشأة وأنها مجردة عن الماردة وأن النفس النباتية بمجردها لا تبقى. (آت)
(4) مر معنى البداء في المجلد الاول ص 146.
(5) قرع اللوح جبهة امه كأنه كناية عن ظهور أحوال أحوال امه وصفاتها وأخلاقها من ناصيتها وصورتها التى خلقت عليها، كأنه جميعا مكتوبة عليها وانما تستنبط الاحوال التى ينبغى أن يكون الولد عليها من ناصية امه ويكتب ذلك على وفق مائمة للمناسبة التى تكون بينه وبينها وذلك لان جوهر الروح انما يفيض على البدن بحسب استعداده وقبوله اياه واستعداد البدن تابع لاحوال نفسى الابوين وصفاتهما وأخلاقها، ولاسيما الام المريبة له على وفق ما جاء به من ظهر أبيه فناصيتها حينئذ مشتملة على أحواله الابوية والامية أعنى ما يناسبهما جميعا بحسب مقتضى ذاته وجعل الكتاب المختوم بين عينيه كناية عن ظهور صفاته وأخلاقه من ناصيته وصورته التى خلق عليها وانه عالم بهار وقتئذ بعلم بارئها بها لفنائه بعد وفناء صفاته في ربه لعدم دخوله بعد في عالم الاسباب والصفات المستعارة والاختيار المجازى ولكنه لا يشعر بعلمه فان الشعور بالشئ امر والشعور بالشعور أمر اخر. (في) (*)

[15]


ثم يختمان الكتاب ويجعلانه بين عينيه ثم يقيمانه قائما في بطن امه، قال: فربما عتى(1) فانقلب ولا يكون ذلك إلا في كل عات أو مارد وإذا بلغ أوان خروج الولد تاما أو غير تام أوحى الله عزوجل إلى الرحم أن افتتحي بابك حتى يخرج خلقي إلى أرضي وينفذ فيه أمري فقد بلغ أوان خروجه، قال: فيفتح الرحم باب الولد فيبعث الله إليه ملكا يقال له: زاجر فيزجره زجرة فيفزع منها الولد فينقلب فيصير رجلاه فوق رأسه ورأسه في أسفل البطن ليسهل الله على المرأة وعلى الولد الخروج، قال: فاذا احتبس زجره الملك زجرة اخرى فيفزع منها فيسقط الولد إلى الارض باكيا فزعا من الزجرة.
(510479) محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الخلق، قال: إن الله تبارك وتعالى لما خلق الخلق من طين أفاض بها كإفاضة القدح(2) فأخرج المسلم فجعله سعيدا وجعل الكافر شقيا فاذا وقعت النطقة تلقتها الملائكة فصوروها ثم قالوا يا رب أذكرا أو انثى؟ فيقول الرب جل جلاله: أي ذلك شاء؟ فيقولان تبارك الله أحسن الخالقين، ثم توضع في بطنها فتردد تسعة أيام في كل عرق ومفصل ومنها للرحم ثلاثة أقفال: قفل في أعلاها مما يلي أعلا الصرة من الجانب الايمن، والقفل الآخر وسطها، والقفل الآخر أسفل من الرحم، فيوضع بعد تسعة أيام في القفل الاعلى فيمكث فيه ثلاثة أشهر فعند ذلك يصيب المرأة خبث النفس والتهوع(3) ثم ينزل إلى القفل الاوسط فيمكث ثلاثة أشهر وصرة الصبي(4) فيها مجموع العروق وعروق المرأة كلها منها يدخل طعامه وشرابه من تلك العروق، ثم ينزل إلى القفل الاسفل فيمكث فيه ثلاثة أشهر فذلك تسعة أشهر، ثم تطلق المرأة(5) فكلما طلقت انقطع عروق من صرة

___________________________________
(1) عتا عتوا وعتيا استكبر وجاوز الحد فهو عات وعتى.
(2) افاضة القداح: الضرب بها واقداح جمع القدح بالكسر وهو السهم قبل أن يراش او ينصل كانهم كانوا يخلطونها ويقرعون بها بعدما يكتبون عليها أسماء‌هم وفى التشبيه اشارة لطيفة إلى اشتباه خير بنى آدم بشرهم إلى ان يميز الله الخبيث من الطيب (في)
(3) هاع يهوع أى قاء والتهوع تكلف القئ.
(4) هكذا وجدت لفظة الصرة في جميع مواضع هذا الخبر على ما رأيناه من النسخ ولعلها من تصرفات النساخ والصواب السرة بالسين، كذا في هامش المطبوع وفي الوافى " السرة "(5) طلقت المرأة في المخاض طلقا أصابها وجع الولادة، ومن زوجها كنصر وكرم طلاقا بانت فهى طالق.
(*)

[16]


الصبي فأصابها ذلك الوجع ويده على صرته يقع إلى الارض ويده مبسوطة فيكون رزقه حينئذ من فيه.
(610480) محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل أو غيره قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: جعلت فداك الرجل يدعو للحبلى أن يجعل الله ما في بطنها ذكرا سويا؟ قال: يدعو ما بينه وبين أربعة أشهر فإنه أربعين ليلة نطفة وأربعين ليلة علقة وأربعين ليلة مضغة فذلك تمام أربعة أشهر ثم يبعث الله ملكين خلاقين قيقولان: يارب ما نخلق ذكرا أم انثى؟ شقيا أو سعيدا؟ فيقال ذلك، فيقولان: يارب ما رزقه وما أجله وما مدته؟ فيقال ذلك، وميثاقه بن عينيه ينظر إليه ولا يزال منتصبا في بطن امه حتى إذا دنا خروجه بعث الله عزوجل إليه ملكا فزجره زجرة فيخرج وينسى الميثاق.
(710481) محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب عن ابن رئاب، عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إذا وقعت النطفة في رحم استقرت فيها أربعين يوما وتكون علقه أربعين يوما مضغة أربعين يوما، ثم يبعث الله ملكين خلاقين فيقال لهما: اخلقا كما يريد الله ذكرا أو انثى صورا واكتبا أجله ورزقه ومنيته(1) وشقيا أو سعيا؟ واكتبا لله الميثاق الذي أخذه عليه في الذر بين عينيه فإذا دنا خروجه من بطن امه بعث الله إليه ملكا يقال له: زاجر فيزجره فيفزع فزعا فينسى الميثاق ويقع إلى الارض يبكي من زجرة الملك.

___________________________________
(1) المنية بفتح الميم وتشديد المثناة التحتانية: الموت.