باب تحريم الخمرفى الكتاب

(12311 1) أبوعلي الاشعري، عن بعض أصحابنا، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن علي بن يقطين قال: سأل المهدي أبا الحسن عليه السلام عن الخمر هل هي محرمة في كتاب الله عزوجل فإن الناس إنما يعرفون النهي عنها ولا يعرفون التحريم لها فقال له أبوالحسن عليه السلام: بل هي محرمة في كتاب الله عزوجل يا أمير المؤمنين، فقال له: في أي موضع هي محرمة في كتاب الله جل اسمه يا أبا الحسن، فقال: قول الله عزوجل: " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق(1) " فأما قوله: " ما ظهر منها " يعني الزنا المعلن ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر للفواحش في الجاهلية وأما قوله عزوجل: " وما بطن " يعني ما نكح من الآباء لان الناس كانوا قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وآله إذا كان للرجل زوجة ومات عنها تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن امه فحرم الله عزوجل ذلك، وأما الاثم فإنها الخمرة بعينها وقد قال الله عزوجل وفي موضع آخر: " يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس(2) " فأما الاثم في كتاب الله فهي الخمرة والميسر وإثمهما أكبر كما قال الله تعالى، قال: فقال المهدي: يا علي بن يقطين هذه والله فتوى هاشمية قال: قلت له: صدقت والله يا أمير المؤمنين الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت قال: فو الله ما صبر المهدي أن قال لي: صدقت يا رافضي.
(12312 2) بعض أصحابنا مرسلا قال: إن أول ما نزل في تحريم الخمر قول الله عزوجل " يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " فلما نزلت هذه الآية أحس القوم بتحريمها وتحريم الميسر وعلموا أن الاثم مما ينبغي

___________________________________
(1) الاعراف: 31.
(2) البقرة: 216. ونعم ماقيل:
شربت الاثم حتى ضل عقلى * كذاك الاثم يفعل بالعقول (*)

[407]


اجتنابه ولا يحمل الله عزوجل عليهم من كل طريق لانه قال: ومنافع للناس ثم أنزل الله عزوجل آية اخرى " إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون(1) " فكانت هذه الآية أشد من الاولى وأغلظ في التحريم ثم ثلث بآية اخرى فكانت أغلظ من الآية الاولى والثانية وأشد فقال عزوجل: " إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العدواة والبغضاء في الخمر والميسر ويصد كم عن ذكرالله وعن الصلوة فهل أنتم منتهون(2) " فأمرعزوجل باجتنابها وفسر عللها التي لها ومن أجلها حرمها ثم بين الله عزوجل تحريمها وكشفه في الآية الرابعة مع مادل عليه في هذه الآي المذكورة المتقدمة بقوله عزوجل: " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق " وقال عزوجل في الآية الاولى: " يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس " ثم قال في الآية الرابعة: " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم " فخبر الله عزوجل أن الاثم في الخمر وغيرها وأنه حرام(3) وذلك أن الله عزوجل إذا أراد أن يفترض ريضة أنزلها شيئا بعد شئ حتى يوطن الناس أنفسهم عليها ويسكنوا إلى أمر الله عزوجل ونهيه فيها وكان ذلك من فعل الله عزوجل على وجه التدبير فيهم أصوب وأقرب لهم إلى الاخذ بها وأقل لنفارهم منها.

___________________________________
(1) المائدة: 92 والميسر: القمار، والازلام الاصنام التى نصبت للعبادة.
(2) المائدة: 92.
(3) المراد بالاثم ما يوجبه وحاصل الاستدلال أنه تعالى حكم في تلك الاية بكون ما يوجب الاثم محرما وحكم في الاية الاخرى بكون الخمر والميسر مما يوجب الاثم فثبت بمقتضاهما تحريمها فنقول: الخمر مما يوجب الاثم وكلما يوجب الاثم فهو محرم فالخمر محرم ؛(آت).