باب ما ينتفع به من الميتة وما لا ينتفع به منها

(11527 1) عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت جالسا في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله إذا أقبل رجل فسلم فقال: من أنت يا عبدالله؟ قلت: رجل من أهل الكوفة(1)، فقلت: ما حاجتك فقال لي: أتعرف أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام؟ فقلت: نعم فما حاجتك إليه قال: هيأت له أربعين مسألة أسأله عنها فما كان من حق أخذته وما كان من باطل تركته، قال أبوحمزة: فقلت له: هل تعرف ما بين الحق والباطل؟ قال: نعم، فقلت له: فما حاجتك إليه إذا كنت تعرف مابين الحق والباطل فقال لي: يا أهل الكوفة أنتم قوم ما تطاقون(2) إذا رأيت أباجعفر عليه السلام فأخبرني، فما انقطع كلامي معه حتى أقبل أبوجعفر عليه السلام وحوله أهل خراسان و غيرهم يسألونه عن مناسك الحج فمضى حتى جلس مجلسه وجلس الرجل قريبا منه، قال أبوحمزة: فجلست حيث أسمع الكلام وحوله عالم من الناس فلما قضى حوائجهم وانصرفوا التفت إلى الرجل فقال له: من أنت؟ قال: أنا قتادة بن دعامة البصري فقال له أبوجعفر عليه السلام: أنت فقيه أهل البصرة؟ قال: نعم، فقال له أبوجعفر عليه السلام: ويحك ياقتادة إن الله عزوجل وخلق خلقا من خلقه فجعلهم حججا على خلقه فهم أوتاد في أرضه، قوام بأمره، نجباء في علمه، اصطفاهم قبل خلقه أظلة عن يمين عرشه، قال: فسكت قتادة طويلا ثم قال: أصلحك الله والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك قال له أبوجعفر عليه السلام: ويحك أتدري أين أنت أنت بين يدي " بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلوة وإيتاء الزكوة " فأنت ثم ونحن اولئك، فقال له قتادة: صدقت والله

___________________________________
(1) كذا في بعض النسخ وفى بعضها (فقلت: من أنت يا عبدالله؟ فقال: رجل من أهل الكوفة) وعلى هذه النسخة يجب أن يقول من أهل البصرة كما يظهر من تتمة الحديث.
(2) أى ما يطيق أحد التكلم معكم، فما نافية (*)

[257]


جعلني الله فداك والله ماهي بيوت حجارة ولا طين، قال قتادة: فأخبرني عن الجبن قال: فتبسم أبوجعفر عليه السلام ثم قال: رجعت مسائلك إلى هذا؟ قال: ضلت علي، فقال: لا بأس به، فقال: إنه ربما جعلت فيه إنفحة الميت(1) قال: ليس بها بأس إن الانفحة ليس لها عروق ولا فيها دم ولا لها عظم إنما تخرج من بين فرث ودم، ثم قال: وإنما الانفحة بمنزلة دجاجة ميتة اخرجت منها بيضة فهل تؤكل تلك البيضة، فقال قتادة: لا، ولا آمر بأكلها فقال له أبوجعفر عليه السلام: ولم؟ فقال: لانها من الميتة، قال له فإن حضنت تلك البيضة فخرجت منها دجاجة أتأكلها؟ قال: نعم، قال: فما حرم عليك البيضة وحلل لك الدجاجة، ثم قال عليه السلام: فكذلك الانفحة مثل البيضة فاشتر الجبن من أسواق المسلمين من أيدي المصلين ولا تسأل عنه(2)، إلا أن يأتيك من يخبرك عنه(3).
(11528 2) علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس عنهم عليهم السلام قالوا: خمسة أشياء ذكية مما فيها منافع الخلق: الانفحة والبيضة والصوف والشعر و الوبر، ولا بأس بأكل الجبن كله مما عمله مسلم أو غيره وإنما يكره أن يؤكل سوى

___________________________________
(1) الانفحة ما يقال له بالفارسية " ماية " والسر في كونها ذكية ان الموت لا يعرضها لانها لا روح فيها والموت فرع الحياة وكذا االقول في سائر الاشياء التى يأتى ذكرها وأنها ذكية (في).
قال الجوهرى: الانفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة هى كرش الحمل والجدى مالم يأكل فاذا أكل فهو كرش حكاه عن أبى زيد.
وفى المغرب إنفحة الجدى بكسر الهمزة وفتح الفاء و تخفيف الحاء وتشديدها وقد يقال: أيضا منفحة: شئ يخرج من بطن الجدى اصغر يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن ولا يكون الابكل ذى كرش ويقال: هى كرشة الاأنه مادام رضيعا يسمى ذلك الشئ إنفحة فاذا فطم ورعى العشب قيل استكرش.
(2) لعل هذا كلام على سبيل التنزيل أو لرفع ما يتوهم فيه من سائر اسباب التحريم كعمل المجوس له ونحو ذلك (آت) وقال الفيض رحمه الله: لما استفرس عليه السلام من قتادة عدم قبوله ولا قابليته لمر الحق عدل معه عن الحق إلى الجدال بالتى هى أحسن وقال: فاشتر الجبن من أسواق المسلمين ولا تسأل عنه.
(3) المستفاد من هذا الحديث وعدة من اخبارها هذا الباب عدم تعدى نجاسة الميتة كما لا يخفى على لمتأمل فيها ولا استبعاد فيه بعد ورود الاخبار من دون معارض صريح فان معنى النجاسة لا ينحصر في وجوب غسل الملاقى (في).

[258]


الانفحة ممافي آنية المجوس وأهل الكتاب لانهم لا يتوقون الميتة والخمر(1).
(11529 3) محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن الحسين بن زرارة قال: كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وأبي يسأله عن اللبن من الميتة والبيضة من الميتة و إنفحة الميتة، فقال: كل هذا ذكي قال: فقلت له: فشعر الخنزير يعمل حبلا ويستقى به من البئر التي يشرب منها أو يتوضا منها، قال: لا بأس به(2)، وزاد فيه علي بن عقبة، وعلي بن الحسن بن رباط قال: والشعر والصوف كله ذكي.
وفي رواية صفوان، عن الحسين بن زرارة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الشعر و الصوف والوبر والريش وكل نابت لا يكون ميتا قال: وسألته عن البيضة تخرج من بطن الدجاجة الميتة قال: تأكلها.
(11530 4) علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز قال: قال أبو عبدالله عليه السلام لزرارة ومحمد بن مسلم: اللبن واللبأ(3) والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شئ يفصل من الشاة والدابة فهو ذكي وإن أخذته منها بعد أن تموت فاغسله وصل فيه.
(11531 5) محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبدالله عليه السلام في بيضة خرجت من إست دجاجة ميتة؟ فقال: إن كانت البيضة اكتست الجلد الغليظ فلا بأس بها.
(11532 6) علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد بن المختار، ومحمد بن الحسن، عن عبدالله بن الحسن العلوي جميعا، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن عليه السلام قال: كتبت إليه عليه السلام أسأله عن جلود الميتة التي يؤكل لحمها إن ذكي، فكتب لا ينتفع من الميتة

___________________________________
(1) ظاهره طهارة أهل الكتاب (آت).
(2) قمر الكلام فيه في المجلد الثالث ص 7.
(3) اللبأ بكسر الام وفتح الباء والهمزة اول اللبن وانما امره عليه السلام بالغسل للصلاة إذا أخذه منه بعد الموت أخذه منه بعد الموت لاستصحابه من الميتة غالبا (في) (*).

[259]


بإهاب ولا عصب وكل ماكان من السخال (من) الصوف وإن جز والشعر والوبر والانفحة والقرن ولا يتعدي إلى غيرها إن شاء الله(1).
(11533 7) محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عاصم بن حميد، عن علي ابن أبي المغيرة(2) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: جعلت فداك الميتة ينتفع منها بشئ؟ فقال: لا، قلت: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله مر بشاة ميتة فقال: ما كان على أهل هذه الشاة إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها قال: تلك شاة كانت لسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وآله وكانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها فتر كوها حتى ماتت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها أي تذكى(3).

___________________________________
(1) قوله: " كل ما كان " خبره محذوف أى ينتفع به (آت).والسخال جمع سخلة: ولد الضأن ساعة تضعه.
(2) على بن أبى المغيرة وابنه الحسن ثقتان واسم أبى المغيرة حسان كما في الخلاصة و فهرست النجاشى.
(3) اريد بالميتة المنهى عن الانتفاع بها ما عرضه الموت بعد حلول الحياة فلا يشمل مالا تحله الحياة فلا ينافى جواز الانتفاع بالاشياء المستثناة (في) (*).