باب عمل السلطان وجوائزهم

8527 - 1 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن محمد بن عذافر، عن أبيه قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا عذافر إنك تعامل أبا أيوب والربيع، فما حالك إذا نودي بك في أعوان الظلمة؟ قال: فوجم أبي(2) فقال له أبوعبدالله عليه السلام لما رأي ما أصابه: أي عذافر إنما خوفتك بما خوفني الله عزوجل به، قال محمد: فقدم أبي فلم يزل مغموما مكروبا حتى مات.
8528 -2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، ومحمد بن حمران، عن الوليد بن صبيح قال: دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فاستقبلني زرارة خارجا من عنده، فقال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا وليد أما تعجب من زرارة سألني عن أعمال هؤلاء أي شئ كان يريد أيريد أن أقول له: لا فيروي ذلك عني ثم قال: يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم إنما كانت الشيعة تقول: يؤكل من طعامهم ويشرب من شرابهم ويستظل بظلهم متى كانت الشيعة تسأل عن هذا.
8529 - 3 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن حديد قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع وقووه بالتقية والاستغناء بالله عزوجل إنه من خضع لصاحب سلطان ولمن يخالفه على دينه طلبا لما في يديه من دنياه

___________________________________
(2) الواجم: الذى اشتد عليه الحزن حتى أمسك عن الكلام. (النهاية) (*)

[106]


أخمله الله عزوجل(1) ومقته عليه ووكله إليه، فإن هوغلب على شئ من دنياه فصار إليه منه شئ نزع الله عزوجل اسمه البر كة منه ولم يأجره على شئ ينفقه في حج ولاعتق [رقبة] ولابر.
8530 - 4 - علي بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبدالله بن حماد، عن علي بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتاب بني امية فقال لي: استأذن لي عن أبي عبدالله عليه السلام فاستاذنت له عليه فأذن له فلما أن دخل سلم وجلس ثم قال: جعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالا كثيرا وأغمضت في مطالبه؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: لولا أن بني امية وجدوا من يكتب لهم ويجبى لهم الفئ(2) ويقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا ولوتركهم الناس وما في أيديهم ماوجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم، قال: فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي مخرج منه؟ قال: إن قلت لك تفعل؟ قال: أفعل، قال له: فاخرج من جميع ما اكتسبت في ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ومن لم تعرف تصدقت به وأنا أضمن لك على الله عزوجل الجنة، قال: فأطرق الفتى رأسه طويلا ثم قال: قد فعلت جعلت فداك، قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الارض إلا خرج منه حتى ثيابه التي كانت على بدنه، قال: فقسمت له(3) قسمة واشترينا له ثيابا وبعثنا إليه بنفقة قال: فما أتى عليه إلا أشهر قلائل حتى مرض فكنا نعوده قال: قد خلت عليه يوما وهو في السوق(4) قال: ففتح عينيه ثم قال لي: يا علي وفي لي والله صاحبك، قال ثم مات فتولينا أمره فخرجت حتى دخلت علي أبي عبدالله عليه السلام فلما نظر إلي قال: يا علي وفينا والله لصاحبك، قال: فقلت: صدقت جعلت فداك هكذا والله قال لي عند موته.
8531 - 5 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير

___________________________________
(1) خمل ذكره وصوته: خفى وأخمله الله فهو خامل اى ساقط لا نباهة له. (القاموس) وقوله: (وكله) اى إلى السلطان أو إلى نفسه. (آت)
(2) أى يجمع لهم الخراج.
(3) أى أخذت من كل رجل من اصدقائى له شيئا. (آت)
(4) السوق: النزع. (*)

[107]


قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أعمالهم فقال لي: يا أبا محمد لا ولا مدة قلم(1) إن أحدهم لا يصيب من دنياهم شيئاإلا أصابوا من دينه مثله أو قال: حتى يصيبوا من دينه مثله - الوهم من ابن أبي عمير.
- 8532 - 6 - ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم قال: كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام على باب داره بالمدينة فنظر إلى الناس يمرون أفواجا فقال لبعض من عنده: حدث بالمدينة أمر؟ فقال: جعلت فداك ولى المدينة وال فغدا الناس يهنئونه، فقال: إن الرجل ليغدى عليه بالامر تهنأ به وأنه لباب من أبواب النار.
8533 - 7 - ابن أبي عمير، عن بشير، عن ابن أبي يعفور قال: كنت عند أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل عليه رجل من اصحابنا فقال له: أصلحك الله إنه ربما أصاب الرجل منا الضيق أو الشدة فيدعا إلى البناء يبنيه أو النهريكريه(2) أو المسناة يصلحها فما تقول في ذلك؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: مااحب أني عقدت لهم عقدة أووكيت لهم وكاء(3) وإن لي مابين لابتيها لا ولا مدة بقلم إن أعوان الظلمة يوم القيامة في سرادق من نارحتى يحكم الله بين العباد.
8534 - 8 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن يحيى بن إبراهيم بن مهاجر قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام فلان يقرئك السلام وفلان وفلان، فقال: وعليهم السلام قلت: يسألونك الدعاء، فقال: ومالهم؟ قلت: حبسهم أبوجعفر(4) فقال: ومالهم وماله؟ قلت: استعملهم فحبسهم، فقال: وما لهم وماله؟ ألم أنههم، ألم أنههم، ألم أنههم، هم النار، هم النار، هم النار قال: ثم قال: اللهم اخدع عنهم سلطانهم،(5) قال: فانصرفت من مكة فسألت عنهم فإذا هم قد اخرجوا بعد هذا الكلام بثلاثة أيام.
8535 - 9 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن داود بن زربي قال: أخبرني

___________________________________
(1) المدة - بفتح الميم - المرة من المد وغمس القلم في الدواة مرة للكتابة. و - بالضم -: اسم مااستمدت به من المداد على القلم.
(2) في القاموس كرى النهر: استحدث حفره.
(3) الوكاء - بالكسر -: الخيط الذى يشد به الصرة والكيس وغيرها. (النهاية)
(4) يعنى الدوانيقى.
(5) كناية عن تحويل قلبه عن ضررهم أو اشتغاله بما يصير سببا لغفلته عنهم وربما يقرأ - بالجيم والدال المهملة - بمعنى الحبس والقطع (آت) (*)

[108]


مولى لعلي بن الحسين عليه السلام قال: كنت بالكوفة فقدم أبوعبدالله عليه السلام الحيرة فأتيته فقلت له: جعلت فداك لو كلمت داود بن علي أو بعض هؤلاء، فأدخل في بعض هذه الولايات، فقال: ما كنت لافعل قال: فانصرفت إلى منزلي فتفكرت فقلت: ما أحسبه منعني إلا مخافة أن أظلم أو أجور، والله لآتينه ولاعطينه الطلاق والعتاق والايمان المغلظة ألا أظلم أحدا ولا أجور ولاعدلن، قال: فأتيته فقلت: جعلت فداك إني فكرت في إبائك علي فظننت أنك إنما منعتني وكرهت ذلك مخافة أن أجور أو أظلم وإن كل امرأة لي طالق وكل مملوك لي حر علي وعلي إن ظلمت أحدا أو جرت عليه وإن لم أعدل؟ قال: كيف قلت: قال: فأعدت عليه الايمان فرفع رأسه إلى السماء فقال: تناول السماء أيسر عليك من ذلك.(1)
8536 - 10 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن جهم بن حميد قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: أما تغشى سلطان هؤلاء؟ قال: قلت: لا، قال: ولم؟ قلت: فرارا بديني، قال: فعزمت على ذلك؟ قلت: نعم، فقال لي: الان سلم لك دينك(2).
8537 - 11 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان المنقري، عن فضيل بن عياض قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن أشياء من المكاسب فنهاني عنها فقال: يا فضيل والله لضرر هؤلاء على هذه الامة أشد من ضرر الترك والديلم قال: وسألته عن الورع من الناس قال: الذي يتورع عن محارم الله عزوجل ويجتب هؤلاء وإذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام وهولا يعرفه وإذارأى المنكر فلم ينكره وهو يقدر عليه فقد أحب أن يعصى الله عزوجل ومن أحب يعصى الله فقد بارز الله عزوجل بالعداوة ومن أحب بقاء الظالمين فقد أحب أن يعصى الله إن الله تعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين فقال: " فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين(3) ".
8538 - 12 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد رفعه، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ولاتركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار(4) " قال: هو الرجل يأتي السلطان

___________________________________
(1) أى لا يمكنك الوفاء بتلك الايمان، والدخول في اعمال هؤلاء بغير ارتكاب ظلم محال، فتناول السماء بيدك ايسر مما عزمت عليه. (آت)
(2) (يغشى) تجيئ وتدخل.
(3) الانعام 5 4.
(4) هود: 113. والركون الميل والاعتماد. (*)

[109]


فيحب بقاء ه إلى أن يدخل يده إلى كيسه فيعطيه.
8539 - 13 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضربن سويد، عن محمد بن هشام، عمن أخبره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن قوما ممن آمن بموسى عليه السلام قالوا: لوأتينا عسكر فرعون وكنا فيه ونلنا من دنياه فإذا كان الذي نرجوه من ظهور موسى عليه السلام صرنا إليه ففعلوا، فلما توجه موسى عليه السلام ومن معه إلى البحر هاربين من فرعون ركبوا دوابهم وأسرعوا في السير ليلحقوا بموسى عليه السلام وعسكره فيكونوا معهم، فبعث الله عزوجل ملكا فضرب وجوه دوابهم فردهم إلى عسكر فرعون فكانوا فيمن غرق مع فرعون.
8540 - ورواه عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: حق على الله عزوجل أن تصيروا مع من عشتم معه في دنياه.
8541 - 14 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد البرقي، عن علي بن أبي راشد، عن إبراهيم [بن] السندي، عن يونس بن حماد قال: وصفت لابي عبدالله عليه السلام من يقول بهذا الامر مم يعمل عمل السلطان، فقال: إذا ولوكم يدخلون عليكم الرفق(1) وينفعونكم في حوائجكم؟ قال: قلت: منهم من يفعل ذلك ومنهم من لايفعل قال: من لم يفعل ذلك منهم فابرؤوا منه برئ الله منه.
8542 - 15 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن حميد قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: إني وليت عملا فهل لي من ذلك مخرج؟ فقال: ما أكثر من طلب المخرج من ذلك فعسر عليه، قلت: فماترى؟ قال: أرى أن تتقي الله عزوجل ولاتعده.

___________________________________
(1) في بعض النسخ [المرفق] وقال الجوهرى: المرفق - بفتح الميم وكسرها - من الامر هو ماارتفعت به وانتفعت به. (*)