باب ما يجب من الاقتداء بالائمة عليهم السلام في التعرض للرزق

8392 - 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى أن علي بن الحسين عليه السلام يدع خلفا أفضل منه حتى رأيت ابنه محمد بن علي عليه السلام فأردت أن أعظه فوعظني فقال له أصحابه: بأي شئ وعظك؟ قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني أبوجعفر محمد بن علي وكان رجلا بادنا ثقيلا وهو متكئ على غلامين أسودين أو موليين فقلت في نفسي: سبحان الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أما لاعظنه فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي السلام بنهر(2) وهو يتصاب عرقا فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أرأيت لو جاء أجلك وأنت على هذه الحال ما كنت تصنع؟

___________________________________
(2) نهرته نهرا من باب نفع فانتهر زجرته وفى بعض النسخ [ببهر] بالباء الموحدة المضمومة وهو تتابع النفس يعترى الانسان عند السعى الشديد والعدو. (*)

[74]


فقال: لوجاء ني الموت وأنا على هذه الحال جاء ني وأنافي (طاعة من) طاعة الله عزوجل، أكف بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس وإنما كنت أخاف أن لوجاء ني الموت وأنا على معصية من معاصي الله، فقلت: صدقت يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني.
8393 - 2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يضرب بالمر(1) و يستخرج الارضين، وكان رسول الله صلى الله عليه واله يمص النوى بفيه ويغرسه فيطلع من ساعته وإن أمير المؤمنين عليه السلام أعتق ألف مملوك من ماله وكديده.
4 839 - 3 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبدالله الدهقان، عن درست، عن عبدالاعلى مولى آل سام قال: استقبلت أبا عبدالله عليه السلام في بعض طرق المدينة في يوم صايف(2) شديد الحر فقلت: جعلت فداك حالك عندالله عزوجل وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه واله و أنت تجهد لنفسك في مثل هذا اليوم؟ فقال: يا عبدالاعلى خرجت في طلب الرزق لاستغني عن مثلك.
8395 - 4 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، وسلمة صاحب السابري، عن أبي اسامة زيد الشحام، عن أبي عبدالله عليه السلام أن أميرالمؤمنين عليه السلام أعتق ألف مملوك من كديده.
8396 - 5 - أحمد بن أبي عبدالله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبدالله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: أوحى الله عزوجل إلى داود عليه السلام أنك نعم العبد لولا أنك تأكل من بيت المال ولاتعمل بيدك شيئا، قال: فبكى داود عليه السلام أربعين صباحافأوحى الله عزوجل إلى الحديد: أن لن لعبدي داود فألان الله عزوجل له الحديد فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم فعمل ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمائة وستين ألفا واستغنى عن بيت المال.
8397 - 6 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن

___________________________________
(1) في القاموس المر - بالفتح -: كالمسحاة. ا ه‍ وهى ما يقال لها بالفارسية: (بيل). (آت)
(2) الصايف: الحار. (*)

[75]


أبي جعفرعليه السلام قال: لقى رجل أمير المؤمنين عليه السلام وتحته وسق من نوى(1) فقال له: ما هذا يا أبا الحسن تحتك؟ فقال: مائة ألف عذق إن شاء الله، قال: فغرسه فلم يغادر منه نواة واحدة.(2)
8398 - 7 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن عمار السجستاني عن أبي عبدالله، عن أبيه عليهما السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله وضع حجرا على الطريق يرد الماء عن أرضه فوالله مانكب بعيرا ولا إنسانا حتى الساعة.(3)
9 839 - 8 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أسباط بن سالم قال: دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فسألنا عن عمربن مسلم ما فعل؟ فقلت: صالح ولكنه قد ترك التجارة فقال أبوعبدالله عليه السلام: عمل الشيطان - ثلاثا - أما علم أن رسول الله صلى الله عليه واله اشترى عيرا أتت من الشام(4) فاستفضل فيها ماقضى دينه وقسم في قرابته، يقول الله عزوجل: " رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله - إلى آخر الاية -(5) " يقول القصاص(6): إن القوم لم يكونوا يتجرون.
كذبوا ولكنهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها وهو أفضل ممن حضر الصلاة ولم يتجر.
8400 - 9 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يخرج ومعه أحمال النوى، فيقال له: يا أباالحسن ما هذا معك؟ فيقول: نخل إن شاء الله، فيغرسه فلم يغادر منه واحدة.
8401 - 10 - سهل بن زياد، عن الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام يعمل في أرض له قد استنقعت قدماه في العرق، فقلت له: جعلت فداك

___________________________________
(1) الوسق: ستون صاعا أو مل بعير: (القاموس)
(2) العذق - بالفتح - النخلة بحملها. وغادره أى تركه.
(3) نكب البعير الحجارة بخفه إذا كسرها ويقال ايضا: نكبت الحجارة خف البعير إذا اصابته.
(4) العير - بالكسر - الابل الذى يحمل الطعام ثم غلب على كل قافلة.
(5) النور: 36
(6) القصاص: رواة القصص والاكاذيب، عبر عليه السلام عن مفسرى العامة وعلمائهم به لابتناء امورهم على الاكاذيب ولعلهم اولوا الاية بترك التجارة لئلا تلهيهم عن الصلاة والذكر ولايخفى بعده.(آت) (*)

[76]


أين الرجال؟ فقال: يا علي قد عمل باليد من هو خير مني في أرضه ومن أبي، فقلت له: ومن هو؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه واله وأمير المؤمنين وآبائي عليهم السلام كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم وهو من عمل النبيين والمرسلين والاوصياء والصالحين.
8402 - 11 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن إسماعيل بن جابر قال: أتيت أبا عبدالله عليه السلام وإذا هو في حائط له بيده مسحاة وهو يفتح بها الماء وعليه قميص شبه الكرابيس كأنه مخيط عليه من ضيقه.
8403 - 12 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن محمد بن عذافر عن أبيه قال(1): أعطى أبوعبدالله عليه السلام أبي ألفا وسبعمائة دينار فقال له: اتجر بهاثم قال: أما إنه ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوبا فيه ولكني أحببت أن يراني الله عزوجل متعرضا لفوائده.
قال: فربحت له فيها مائة دينار ثم لقيته فقلت له: قد ربحت لك فيها مائة دينار.
قال: ففرح أبوعبدالله عليه السلام بذلك فرحا شديدا فقال: لي أثبتها في رأس مالي قال: فمات أبي والمال عنده فأرسل إلي أبوعبدالله عليه السلام فكتب عافانا الله وإياك إن لي عندأبي محمد ألفا وثمانمائة دينار أعطيته يتجربها فادفعها إلى عمربن يزيد، قال: فنظرت في كتاب أبي فإذا فيه لابي موسى(2) عندي ألف وسبعمائة دينار وأتجرله فيها مائة دينار، عبدالله بن سنان وعمر بن يزيد يعرفانه.
8404 - 13 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن عبدالله، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان قال: حدثني جميل بن صالح، عن أبي عمرو الشيباني قال: رأيت أبا عبدالله عليه السلام وبيده مسحاة وعليه إزار غليظ يعمل في حائط له والعرق يتصاب عن ظهره فقلت: جعلت فداك أعطني أكفك، فقال لي: إني احب أن يتأذي الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة.
5 840 - 14 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمربن اذينة، عن زرارة قال: إن رجلا أتى أبا عبدالله عليه السلام فقال: إني لا أحسن أن أعمل عملا بيدي ولا أحسن

___________________________________
(1) ضمير (قال) راجع إلى ابن عذافر كما يظهر من آخر الحديث حيث قال عليه السلام: (ان لى عند ابى محمد). ويأتى ايضا التصريح بذالك تحت رقم 16.
(2) يعنى به ابا عبدالله عليه السلام فان ابنه موسى عليه السلام ولعله كتب هكذا تقية. (آت) (*)

[77]


أن أتجر وأنا محارف محتاج(1)، فقال: إعمل فاحمل على رأسك واستغن عن الناس، فإن رسول الله صلى الله عليه واله قد حمل حجرا على عاتقه فوضعه في حائط له من حيطانه وإن الحجر لفي مكانه ولايدرى كم عمقه إلا أنه ثم [بمعجزته](2).
8406 - 15 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إني لاعمل في بعض ضياعي حتى أعرق وإن لي من يكفيني ليعلم الله عزوجل إني أطلب الرزق الحلال.
7 840 - 16 - علي بن محمد، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن عذافر عن أبيه قال: دفع إلي أبوعبدالله عليه السلام سبعمائة دينار وقال: يا عذافر اصرفها في شئ أما على ذاك ما بي شره(3) ولكن أحببت أن يراني الله عزوجل متعرضا لفوائده، قال عذافر فربحت فيها مائة دينار فقلت له في الطواف(4): جعلت فداك قد رزق الله عزوجل فيها مائة دينار، فقال: أثبتها في رأس مالي.

___________________________________
(1) المحارف: المحروم.
(2) اى كونه ثمة إلى الان.
(3) شره - كفرح - اشتد حرصه فهو شره.
(4) في بعض النسخ [في الطريق].