باب كراهية الرهبانية وترك الباه

(10142) - 1 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبدالله (ع) قال: جاء‌ت امرأة عثمان بن مظعون إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت: يارسول الله إن عثمان يصوم النهار ويقوم الليل فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله مغضبا يحمل نعليه حتى جاء إلى عثمان فوجده يصلي، فانصرف عثمان حين رأى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: ياعثمان لم يرسلني الله تعالى بالرهبانية ولكن بعثني بالحنيفة السهلة السمحة، أصوم واصلي وألمس أهلي، فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح.(1)

___________________________________
(1) قال في النهاية: الرهبانية هى من رهبنة النصارى وأصلها من الرهبة الخوف كانوا يترهبون بالتخلى من اشتغال الدنيا وترك ملاذها والزهد فيها والعزلة عن أهلها وتعمد مشاقها حتى ان منهم من كان يخصى نفسه ويضع السلسلة في عنقه وغير ذلك من أنواع التعذيب فنفاها النبى صلى الله عليه واله عن الاسلام ونهى المسلمين عنها.
وعثمان بن مظعون - بالظاء المعجمة - ابن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى - قال ابن اسحاق أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وهاجر إلى الحبشة هو و ابنه السائب الهجرة الاولى في جماعة فلما بلغهم أن قريشا أسلمت رجعوا فدخل عثمان في جوار الوليد بن المغيرة ثم ذكر رده جواره ورضاه بما عليه النبى صلى الله عليه واله وسلم وذكر قصته مع لبيد بن ربيعة حين أنشد (ألا كل شئ ما خلا الله باطل) فقال عثمان بن مظعون: صدقت فقال لبيد: (وكل نعيم لامحالة زائل) فقال عثمان: كذبت نعيم الجنة لايزول فقام سفيه منهم إلى عثمان فلطم عينه فاخضرت.
وفى الصحيحين عن سعد بن أبى وقاص قال رد النبى صلى الله عليه واله وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا: وروى ابن شاهين والبيهقى في الشعب من طريق قدامة بن ابراهيم الجمحى عن عمربن حسين عن عائشة بنت قدامة عن ابيها عن عمها قال: قلت يا رسول الله انى رجل تشق على العزوبة في المغازى فتأذن لى في الخصى فاختصى؟ فقال: (لا، ولكن عليك يا ابن مظعون بالصوم) وروى البزار من طريق قدامة بن موسى عن أبيه عن جده قدامة ابن مظعون حديثا وقال لا اعلم له غيره، وفى الصحيحين عن أم العلاء قالت: لما مات عثمان بن مظعون قلت: شهادتى عليك أباالسائب لقد اكرمك الله توفى بعد شهوده بدرا في السنة الثانية من الهجرة وهوأول من مات بالمدينة من المهاجرين وأول من دفن بالبقيع منهم، وروى الترمذى من طريق القاسم عن عائشة قالت: قبل النبى صلى الله عليه واله وسلم عثمان بن مظعون وهو ميت وهو يبكى وعيناه تذرفان، ولما توفى إبراهيم بن النبى صلى الله عليه واله وسلم قال: (الحق بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون) وقالت امراة ترثيه:
ياعين جودى بدمع غير ممنون *** على رزية عثمان بن مظعون(الاصابة)

[495]


(10143) - 2 - جعفر بن محمد، عن عبدالله بن القداح، عن أبي عبدالله (ع) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل: أصبحت صائما؟ قال: لا، قال: فأطعمت مسكينا؟ قال: لا، قال: فارجع ألى أهلك فإنه منك عليهم صدقة.
(10144) - 3 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، وأبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن الرجل يكون معه أهله في السفر لايجد الماء أيأتي أهله؟ قال: ما احب أن يفعل إلا أن يخاف علي نفسه(1) قال: قلت: طلب بذلك اللذة أو يكون شبقا إلى النساء(2)؟ قال: إن الشبق يخاف على نفسه،

___________________________________
(1) ظاهره الكراهة وظاهر بعض الاصحاب الحرمة. (آت)
(2) الشبق: الحرص على الجماع. (*)

[496]


قلت: يطلب بذلك اللذة؟ قال: هو حلال، قلت: فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وآله أن أباذر رحمه الله سأله عن هذا فقال: ائت أهلك توجر، فقال: يا رسول الله آتيهم واوجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: كما أنك إذا أتيت الحرام أزرت(1) فكذلك إذاأتيت الحلال اوجرت، فقال أبوعبدالله (ع): ألا ترى أنه إذا خاف على نفسى فأتى الحلال اوجر.
(10145) - 4 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن إسحاق بن إبراهيم الجعفي قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل بيت أم سلمة فشم ريحا طيبة فقال: أتتكم الحولاء؟ فقالت: هو ذاهي تشكو زوجها، فخرجت عليه الحولاء، فقالت: بأبي أنت وامي إن زوجي عني معرض، فقال: زيديه ياحولاء(1)، قالت: ما أترك شيئا طيبا مما أتطيب له به وهو عني معرض، فقال: أما لويدري ماله بإقباله عليك(3)، قالت: وماله بإقباله علي؟ فقال: أما إنه إذا أقبل اكتنفه ملكان فكان كالشاهر سيفه في سبيل الله فإذا هو جامع تحات عنه الذنوب كما يتحات ورق الشجر فإذا هو اغتسل انسلخ من الذنوب.
(10146) - 5 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أبي داود المسترق، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله (ع) قال: إن ثلاث نسوة أتين رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت إحداهن: إن زوجي لا يأكل اللحم، وقالت الاخرى: إن زوجي لا يشم الطيب، وقالت الاخرى: إن زوجي لا يقرب النساء، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله يجر رداء، حتى صعد المنبر فحمدالله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام من أصحابي لا يأكلون اللحم ولايشمون الطيب ولا يأتون النساء، أما إني آكل اللحم وأشم الطيب وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني.
(10147) - 6 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله ابن عبدالرحمن، عن مسمع أبي سيار، عن أبي عبدالله (ع) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب أن يكون على فطرتي فليستن بسنتي، وإن من سنتي النكاح.

___________________________________
(1) لعله كان اوزرت فصحف أوقلب الواو همزة لمزاوجة أجرت. (آت)
(2) يعنى زينب العطارة وهى امرأة تصنع الطيب وتبيعه.
(3) أى لاقبل عليك فجواب الشرط محذوف أو يكون (لو) للتمنى اوبادرت بالسؤال قبل اتمام الكلام.