باب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر

8339 - 1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن بشر بن عبدالله، عن أبي عصمة قاضي مرو، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤون يتقرؤون ويتنسكون حدثاء سفهاء(2) لايوجبون أمرا بمعروف ولانهيا عن منكر إلا إذا أمنوا الضرر(3) يطلبون لانفسهم الرخص و المعاذير يتبعون زلاة العلماء وفساد عملهم، يقبلون على الصلاة والصيام وما لايكلمهم(4) في نفس ولامال ولو أضرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها، إن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام

___________________________________
(2) (يتقرؤون) أى يتعبدون ويتزهدو، والتنسك: التعبد والعطف تفسيرى. (في)
(3) اى ما يزعمون ضررا وليس بضرر.
(4) (يتبعون) يعنى يتتبعون زلاتهم. والكلم: الجرح اى لايضرهم. كما في الوافى. (*)

[56]


الفرائض، هنالك يتم غضب الله عزوجل عليهم فيعمهم بعقابه فيهلك الابرار في دار الفجار والصغار في دارالكبار، إن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الانبياء ومنهاج الصلحاء فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب(1) وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الارض وينتصف من الاعداء ويستقيم الامر(2) فأنكروا بقلوبكم وألفظوا بألسنتكم و صكوا بها جباههم(3) ولا تخافوا في الله لومة لائم، فإن اتعظوا وإلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم " إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم(4) " هنالك(5) فجاهدوهم بأبدانكم وأبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا ولاباغين مالا ولامريدين بظلم ظفرا(6) حتى يفيئوا إلى أمرالله ويمضوا على طاعته.
قال: وأوحى الله عزوجل إلى شعيب النبي عليه السلام: أني معذب من قومك مائة ألف أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم، فقال عليه السلام: يا رب هؤلاء الاشرارفما بال الاخيار؟ فأوحى الله عزوجل إليه: داهنوا أهل المعاصي(7) ولم يغضبوا لغضبي.
0 834 - 2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جماعة من أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ما قدست أمة لم يؤخذ لضعيفها من قويها بحقه غير متعتع(8).
8341 - 3 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن عمربن عرفة قال: سمعت أباالحسن عليه السلام يقول: لتأمرون بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شرار كم فيدعو خيار كم فلا يستجاب لهم.
8342 - 4 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن عبدالله بن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي سعيد الزهري، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليه السلام قال: ويل لقوم

___________________________________
(1) أى مسالك الدين من بدع المبطلين او الطرق الظاهرة او الاعم منهما. (آت)
(2) أمرالدين والدنيا.
(3) الصك: الضرب الشديد.
(4) الشورى: 42 والبغى: الطلب.
(5) اى حين لم يتعظواو لم يرجعوا إلى الحق. (آت)
(6) أى غير متوسلين إلى الظفر عليهم بالظلم بل بالعدل. (في)
(7) اى تركوا نصيحتهم ولم يتعرضوا لهم ولم يمنعوهم من قبائحهم.
(8) (متمتع) بفتح التاء اى من غير ان يصيبه اذى يقلقله ويزعجه (مجمع البحرين). (*)

[57]


لا يدينون الله بلامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3 834 - 5 - وبإسناده قال: قال أبوجعفر عليه السلام: بئس القوم قوم يعيبون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
8344 - 6 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن عاصم ابن حميد، عن أبي حمزة، عن يحيى عن عقيل، عن حسن قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمدالله وأثنى عليه وقال: أما بعد فإنه إنما هلك من كان قبلكم حيث ما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربانيون والاحبار عن ذلك وإنهم لما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربانيون والاحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واعلموا أن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقربا أجلا ولم يقطعا رزقا، إن الامر ينزل من السماء إلى الارض كقطر المطر إلى كل نفس بماقدر الله لها من زيادة أو نقصان فإن أصاب أحدكم مصيبة في أهل أو مال أو نفس ورأى عند أخيه غفيرة في أهل أو مال أو نفس(1) فلا تكونن عليه فتنة فإن المرء المسلم البرئ من الخيانة مالم يغش دناء‌ة تظهر فيخشع لها إذا ذكرت ويغري بها لئام الناس كان كالفالج الياسر(2) الذي ينتظر أول فوزة من قداحه توجب له المغنم ويدفع بهاعنه المغرم(3) وكذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة ينتظر من الله تعالى إحدى الحسنيين إما داعي الله فما عندالله خير له وإما رزق الله فإذا هو ذوأهل و مال ومعه دينه وحسبه، إن المال والبنين حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الاخرة وقد يجمعهما الله لاقوام، فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه واخشوه خشية ليست بتعذير(4)

___________________________________
(1) الغفيرة هنا بمعنى الكثير كقولهم جم غفير.
(2) الفالج: الغالب في قماره والياسر: المتقامر وهو الذى تساهم قداح الميسر. (النهاية)
(3) (فلاتكونن) يعنى لاتكونن ما رأى في اخيه له فتنة تقضى به إلى الحسد لان من من لم يواقع لدناء‌ة وقبيح يستحيى من ذكره بين الناس وهتك ستره به كلاعب بالقداح المحظوظ منها. و (الغشيان): الاتيان (فيغرى بها) اى يولع بنشرها (كان كلياسر) خبر (إن) والياسر: المقامر. والفالج: الظافر الغالب في قماره. ((فوزة) - بالزاى - اى غلبة. والقداح: جمع قدح - بالكسر - وهوالسهم قبل ان يراش ويتنصل كانوا يقامرون على السهام. (توجب له المغنم) اى تجلب له نفعا. (يدفع عنه بهاالمغرم) اى يدفع بها ضر. (في)
(4) اى بذات تعذير اى تقصير بحذف المضاف. كقوله تعالى: (قتل اصحاب الاخدود النار) اى ذى النار. (في) (*)

[58]


واعملوا في غير رياء ولاسمعة فإنه من يعمل لغير الله يكله الله إلى من عمل به، نسأل الله منازل الشهداء ومعائشة السعداء ومرافقة الانبياء.
8345 - 7 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن أبي إسحاق الخراساني، عن بعض رجاله قال: إن الله عزوجل أوحى إلى داود عليه السلام أني قد غفرت ذنبك وجعلت عار ذنبك على بنى أسرائيل فقال: كيف يا رب وأنت لا تظلم؟ قال: إنهم لم يعاجلوك بالنكرة(1).
8346 - 8 - محمد بن يحيى، عن الحسين بن إسسحاق، عن علي بن مهزيار.
عن النضربن سويد، عن درست، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله عزوجل بعث ملكين إلى أهل مدينة ليقلباها على أهلها فلما انتهيا إلى المدينة وجدا رجلا يدعوالله ويتضرع فقال: أحد الملكين لصاحبه: أما ترى هذا الداعي؟ فقال: قد رأيته ولكن أمضي لما أمر به ربي، فقال: لا ولكن لا أحدت شيئا حتى اراجع ربي فعاد إلى الله تبارك وتعالى فقال: يا رب إني انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلانا يدعوك ويتضرع إليك، فقال: امض لما أمرتك به فإن ذا رجل لم يتمعر وجهه غيظا لي قط(2).
8347 - 9 - حميد بن زياد، عن الحسين بن محمد، عن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن عبدالله محمد، عن أبي عبدالله عليه السلام أن رجلا من خثعم جاء(3) إلى رسول الله صلى الله عليه واله فقال: يا رسول الله أخبرني ما أفضل الاسلام، قال: الايمان بالله، قال: ثم ماذا قال: ثم صلة الرحم، قال: ثم ماذا؟ قال: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: فقال الرجل: فأي الاعمال أبغض إلى الله؟ قال: الشرك بالله، قال: ثم ماذا؟ قال قطيعة الرحم، قال، ثم ماذا؟ قال: الامر بالمنكر والنهي عن المعروف.
8348 - 10 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله

___________________________________
(1) هذا الحديث من قبيل التعريضات الواردة في التنزيل كقوله تعالى: (لئن اشركت ليحبطن عملك) وقد قال العالم عليه السلام: نزل القرآن باياك اعنى واسمعى ياجاره (رفيع الدين) كذا في هامش المطبوع.
(2) تمعر لونه عندالغضب - بالمهملة -: تغير. (الصحاح)
(3) قد مر معنى خثعم آنفا. (*)

[59]


عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام أمرنا رسول الله صلى الله على واله أن نلقي أهل المعاصي بوجوه مكفهرة(1).
(118349) - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبى عبدالله، عن يعقوب بن يزيد رفعه قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله فمن نصرهما أعزه الله ومن خذلهما خذله الله.
8350 - 12 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم قال: كان أبو عبدالله عليه السلام إذا مر بجماعة يختصمون لايجوزهم حتى يقول ثلاثا: اتقوا الله يرفع بها صوته.
8351 - 13 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن عرفة قال: سمعت أباالحسن الرضا عليه السلام يقول: كان رسول الله صلى الله عليه واله يقول: إذا امتي تواكلت الامر بالمعروف والنهي عن المنكر(2) فليأذنوا بوقاع من الله تعالى.
8352 - 14 - علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه واله: كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر، فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ فقال نعم وشر من ذلك كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف، فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ قال: نعم، وشر من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا.
8353 - 15 - وبهذا الاسناد قال: قال النبي صلى الله عليه واله: إن الله عزوجل ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له، فقيل له: وماالمؤمن الذي لادين له؟ قال: الذي لاينهى عن المنكر.
8354 - 16 - وبهذا الاسناد قال سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: وسئل عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب هو على الامة جميعا؟ فقال: لا، فقيل له: ولم؟ قال: إنما هو على القوي المطاع، العالم بالمعروف من المنكر، لاعلى الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا إلى

___________________________________
(1) المكفهر: العبوس، قال الجوهرى: اكفهرالرجل إذا عبس.
(2) تواكلوا اى تقاعدوا وتواكل القوم اى اتكل بعضهم على بعض. واريد بالوقاع: النازلة الشديدة او الحرب.
(*)

[60]


أي من أي يقول من الحق إلى الباطل(1) والدليل على ذلك كتاب الله عزوجل قوله: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر(2) " فهذا خاص غير عام، كما قال الله عزوجل: " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون(3) " ولم يقل: على امة موسى ولا على كل قومه وهم يومئذ امم مختلفة والامة واحدة فصاعدا كماقال الله عزوجل: " إن إبراهيم كان امة قانتا لله(4) " يقول: مطيعا لله عزوجل وليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج(5) إذا كان لا قوة له ولا عذر ولا طاعة.
قال مسعدة: وسمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: وسئل عن الحديث الذي جاء عن النبي ضلى الله عليه واله أن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر ما معناه؟ قال: هذا على أن يأمره بعد معرفته وهو مع ذلك يقبل منه وإلا فلا.

_____________________________
(1) كأنه من كلام الراوى ومعناه انهم يدعون الناس من الحق إلى الباطل لعدم اهتدائهم سبيلا اليهما.
والاظهر من الحق إلى الباطل ليكون متعلقا بسبيلا فيكون داخلا تحت النفى ولعل الراوى ذكر حاصل المعنى (في)
(2) آل عمران: 104
(3) الاعراف: 158 اى يهدون الناس محقين او بكلمة الحق و (به) اى وبالحق يعدلون بينهم في الحكم.
(4) النحل: 119
(5) الهدنة - بضم الهاء -: الصلح والمراد بقوله عليه السلام ههنا اى زمان صلحنا مع اهل البغى.