باب وجوه الصوم

16342 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري(3)، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال لي

___________________________________
(3) بضم الزاى وسكون الهاء نسبة إلى زهرة احد أجداده واسمه محمد بن مسلم بن عبيدالله ابن عبدالله بن حارث بن شهاب بن زهرة بن كلاب وهو من علماء المخالفين وكان له رجوع إلى سيد الساجدين. (آت) اقول: لنا تحقيق حول الرجل ومبلغه عند العامة في كتاب تحف العقول ص 274 فليراجع.
[*]

[84]


يوما: يا زهري من أين جئت؟ فقلت: من المسجد، قال: فيم كنتم؟ قلت: تذاكرنا أمر الصوم فاجتمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شئ واجب إلا صوم شهر رمضان فقال: يا زهري ليس كما قلتم الصوم على أربعين وجها فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان وعشرة أوجه منها صيامهن حرام وأربعة عشر منها صاحبها بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر وصوم الاذن على ثلاثة أوجه وصوم التأديت وصوم الاباحة وصوم السفر والمرض قلت: جعلت فداك فسرهن لي قال: أما الواجبة فصيام شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار لقول الله تعالى: " الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا إلى قوله: فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين(1) " ; وصيام شهرين متتابعين فيمن أفطر يوما من شهر رمضان ; وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب لقول الله عزوجل: " ومن قتل مؤمن خطاء فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلى قوله عزوجل - فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما(2) " وصوم ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب قال الله عزو جل: " فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم(3) " هذا لمن لايجد الاطعام كل ذلك متتابع و ليس بمتفرق ; وصيام أذى حلق الرأس واجب قال الله عزوجل: " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك(4) " فصاحبها فيها بالخيار فإن صام صام ثلاثة أيام ; وصوم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي قال الله عزوجل: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة(4) " ; وصوم جزاء الصيد واجب قال الله

___________________________________
(1) المجادلة: 2 و 3. وقوله: " ثم يعودون " أى يريدون الوطى ونقض قولهم، فعليهم الكفارة " من قبل أن يتماسا " اى يجامعا.
(2) النساء: 92. " مسلمة " أى مدفوعة إلى أهل القتيل.
(3) المائدة: 89.
(4) البقرة: 196. " نسك " جمع نسيكة وهى الذبيحة.
[*]

[85]


عزوجل: " ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما(1) " أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ قال: قلت: لا أدري قال: يقوم الصيد قيمة

[قيمة عدل]

ثم تفض تلك القيمة على البر ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما ; وصوم النذر واجب وصوم الاعتكاف واجب.
وأما الصوم الحرام: فصوم يوم الفطر ويوم الاضحى ; وثلاثة أيام من أيام التشريق(2) وصوم يوم الشك، أمرنا به ونهينا عنه، أمرنا به أن نصومه مع صيام شعبان ونهينا عنه أن ينفرد، الرجل بصيامه(3) في اليوم يشك فيه الناس، فقلت له: جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال ينوي ليلة الشك أنه صائم من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزء عنه وإن كان من شعبان لم يضره فقلت: وكيف يجزئ صوم تطوع عن فريضة؟ فقال: لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم

[بعد]

بذلك لاجزء عنه لان الفرض إنما وقع علي اليوم بعينه، وصوم الوصال حرام. وصوم الصمت حرام. وصوم نذر المعصية حرام.
وصوم الدهر حرام(4).

___________________________________
(1) المائدة 95.
(2) اى لمن كان بمضى ناسكا.
(3) الظاهر أن مراده ما أو مأنا إليه في الحديث السادس من الباب السابق والراوى لم يتفطن لذلك وفهمه كما فهمه بعض الاصحاب كما أشرنا اليه سابقا فأجابه عليه السلام بما يظهر منه فساد وهمه. (آت)
(4) " صوم الوصال " ذهب الشيخ في النهاية وأكثر الاصحاب إلى أن صوم الوصال هو أن ينوى صوم يوم وليلة إلى السحر وذهب الشيخ في الاقتصاد وابن ادريس إلى ان معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما وانما يحرم تأخير العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزء ا من الصوم اما لو أخره الصائم بغير نية فانه لايحرم فيها قطع به الاصحاب والاحتياط يقتضى اجتناب ذلك واما صوم الصمت فهو أن ينوى الصوم ساكتا وقد أجمع الاصحاب على تحريمه.
وصوم الدهر حرمته اما لاشتماله على الايام المحرمة ان كان المراد كل السنة وإن كان المراد ماسوى الايام المحرمة فلعله انما يحرم إذا صام على اعتقاد أنه سنة مؤكدة فانه يقتضى الافتراء على الله تعالى ويمكن حمله على الكراهة او التقية لاشتهار الخبر بهذا المضمون بين العامة قال المطرزى في المغرب: وفى الحديث أنه عليه السلام سئل عن صوم الدهر فقال: لاصام ولا أفطر.
قيل: انما دعا عليه لئلا يعتقد فرضيته ولئلا بعجز فيترك الاخلاص اولئلا يرد صيام ايام لسنة كلها فلا يفطر في الايام المنهى عنها.
وقال في موضع آخر من المغرب: وقوله: لاصام من صام الابد يعنى صوم الدهر وهوان لا يفطر في الايام المنهى عنها انتهى.
وقال الجزرى في النهاية: وفى الحديث انه سئل عمن يصوم الدهر فقال: لا صام ولا افطر اى لم يصم ولم يفطر كقوله تعالى: " لاصدق ولاصلى " وهو احباط لاجره على صومه حيث خالف السنة.
وقيل: هو دعاء عليه كراهة لصنيعه. (آت)
[*]

[86]


وأما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة والخميس وصوم البيض(1) وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان وصوم يوم عرفة؟ وصوم يوم عاشورا فكل ذلك صاحبه فيه بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر.
وأما صوم الاذن فالمرأة لا تصوم تطوعاإلا بإذن زوجها والعبد لا يصوم تطوعا إلا بإذن مولاه والضيف لايصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه، قال.
رسول الله صلى الله عليه وآله: " من نزل على قوم فلا يصوم تطوعا إلا بإذنهم ".
وأما صوم التأديب فأن يؤخذ الصبي إذا راهق(2) بالصوم بأديبا وليس بفرض وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم قدم أهله أمر بالامساك بقية يومه وليس بفرض(3).
وأما صوم الاباحة لمن أكل أو شرب ناسيا أوقاء من غير تعمد فقد أباح الله له ذلك وأجزء عنه صومه.
وأما صوم السفر والمرض فإن العامة قد اختلفت في ذلك فقال قوم: يصوم وقال آخرون: لا يصوم وقال قوم: إن شاء صام وإن شاء أفطر وأما نحن فنقول: يفطر في الحالين جميعا فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء فإن الله عزوجل

___________________________________
(1) رواه الصدوق في الفقيه ص 169 بادنى اختلاف في اللفظ وزاد ههنا " والاثنين ".
(2) اى إذا قارب الاحتلام.
(3) روى الخبر الشيخ (ره) في التهذيب ج 1 ص 330 عن المصنف وزاد ههنا " وكذلك الحائض إذا طهرت امسكت بقية يومها " ولكن ليس في النسخ التى رأيناها ولعله سقط من قلم النساخ الاولين بعد زمان الشيخ رحمه الله.
[*]

[87]


يقول: " فمن كان (منكم) مريضا أو على سفر فعدة من أيام اخر(1) " فهذا تفسير الصيام.

_____________________________
(1) البقرة: 187. أى فعليه صوم عدة أيام المرض أو السفر في أيام اخر. وارتفاع العدة على الابتداء.