باب من أعطى بعد المسألة

6110 - 1 علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم(2)، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبدالله عليه السلام أن أميرالمؤمنين صلوات الله عليه بعث إلى رجل بخمسة أوساق من تمر البغيبغة(3) وكان الرجل ممن يرجو نوافله ويؤمل نائله ورفده(4) وكان لايسأل عليا عليه السلام ولا غيره

___________________________________
(2) في بعض النسخ

[مروان بن مسلم]

ولعله تصحيف.
البغيبغة بيائين موحدتين وغينين معجمتين وفى الوسط ياء مثناة وفى الاخر هاء تصغير البغيغ ضيعة أو عين بالمدينة غريزة كثيرة النخل لال الرسول صلى الله عليه وآله.(مجمع البحرين) وفى نسخة

[البقيعة]

وفى نسخة

[المعينعة]

وفى بعضها

[المغيبغة]

.
(4) النوافل: العطايا وقوله " يرجو نوافله " أى نوافل أمير المؤمنين عليه السلام وفى بعض النسخ

[ممن يرجى نوافله]

والجملة معطوفة مفسرة وكذلك الرفد يفسر النائل كما في الوافى.

[*]

[23]


شيئا، فقال رجل لاميرالمؤمنين عليه السلام: والله ما سألك فلان ولقد كان يجزئه من الخمسة الاوساق وسق واحد، فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام: لاكثر الله في المؤمنين ضربك اعطي أنا وتبخل أنت، لله أنت(1) إذا أنا لم اعط الذي يرجوني إلا من بعد المسألة ثم أعطيه بعد المسألة فلم أعطه ثمن ما أخذت منه وذلك لاني عرضته أن يبذل لي وجهه الذي يعفره في التراب لربي وربه عند تعبده له وطلب حوائجه إليه فمن فعل هذا بأخيه المسلم وقد عرف أنه موضع لصلته ومعروفه فلم يصدق الله عزوجل في دعائه له حيث يتمنى له الجنة بلسانه ويبخل عليه بالحطام من ماله وذلك أن العبد قد يقول في دعائه: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات.
فإذا دعالهم بالمغفرة فقد طلب لهم الجنة فما أنصف من فعل هذا بالقول ولم يحققه بالفعل.
6111 - 2 أحمد بن إدريس، وغيره، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن نوح بن عبدالله، عن الذهلي رفعه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: المعروف ابتداء وأما من أعطيته بعد المسألة فإنما كافيته بما بذل لك من وجهه يبيت ليلته أرقا متململا يمثل بين الرجاء واليأس(2) لا يدري أين يتوجه لحاجته، ثم يعزم بالقصد لها فيأتيك وقلبه يرجف وفرائصه ترعد قد ترى دمه في وجهه لايدري أيرجع بكأبة أم بفرح(3).
6112 - 3 محمد بن يحيى، عن محمد بن صندل، عن ياسر، عن اليسع بن حمزة قال: كنت في مجلس أبي الحسن الرضا عليه السلام أحدثه وقد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام إذ دخل عليه رجل طوال آدم(4) فقال: السلام عليك يا ابن رسول الله

___________________________________
(1) ضربك أى مثلك. وقوله: " لله أنت " أى كن لله وأنصفى في القول. (في)
(2) الارق محركة السهر بالليل. والتململ: التقلب. (في). وقوله: " يمثل بين الرجاء واليأس " من مثل مثولا اى انتصب قائما فالمراد أنه يبقى حيرانا.
(3) الرجفة: الاضطراب. والفريضة اللحمة بين الجنب والكتف. والرعدة: الحركة و الاضطراب.
وقوله: " قد ترى دمه في وجهه " في بعض النسخ

[قد ترادمه في وجهه]

أى اهتز وتحرك.
وفى بعض النسخ

[قد نزى دمه]

بالنون والزاى المعجمة أى جرى دمه. والكأبة: الحزن والغم.
(4) أى اسمر اللون. ويقال به ادمة أى سمرة فهو آدم جمعه ادم بالضم فالسكون وأدمان.

[*]

[24]


رجل من محبيك ومحبي آبائك وأجدادك عليهم السلام مصدري من الحج وقد افتقدت نفقتي وما معي ما أبلغ مرحلة فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي ولله علي نعمة فإذا بلغت بلدي تصدقت بالذى توليني عنك فلست موضع صدقة فقال له: اجلس رحمك الله وأقبل على الناس يحدثهم حتى تفرقوا وبقي هو وسليمان الجعفرى وخيثمة وأنا فقال: أتأذنون لي في الدخول؟ فقال له سليمان: قدم الله أمرك، فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة ثم خرج ورد الباب وأخرج يده من أعلى الباب وقال: أين الخراساني؟ فقال: ها أناذا، فقال: خذ هذه المائتي دينار واستعن بها في مؤنتك ونفقتك وتبرك بها ولا تصدق بها عني واخرج فلا أراك ولا تراني، ثم خرج، فقال له سليمان: جعلت فداك لقد أجزلت ورحمت فلماذا سترت وجهك عنه؟ فقال: مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته أما سمعت حديث رسول الله صلى الله عليه وآله: " المستتر بالحسنة يعدل سبعين حجة والمذيع بالسيئة مخذول والمستتر بها مغفور له " أما سمعت قول الاول(1)
متى آته يوما لاطلب حاجة * رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه
6113 - 4 علي بن إبراهيم بإسناد ذكره عن الحارث الهمداني قال: سامرت أمير المؤمنين صلوات الله عليه(2) فقلت: يا أميرالمؤمنين عرضت لي حاجة، قال: فرأيتني لها أهلا؟ قلت: نعم يا أميرالمؤمنين، قال: جزاك الله عني خيرا، ثم قام إلى السراج فأغشاها وجلس ثم قال: إنما أغشيت السراج لئلا أرى ذل حاجتك في وجهك فتكلم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " الحوائج أمانة من الله في صدور العباد فمن كتمها كتبت له عبادة ومن أفشاها كان حقا على من سمعها أن يعنيه(3) ".
6114 - 5 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أبي الاصبغ، عن بندار بن عاصم رفعه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال: ما توسل إلي أحد بوسيلة ولا تذرع بذريعة أقرب له إلى ما يريده مني من رجل سلف إليه مني يد أتبعتها اختها وأحسنت ربها(4)

___________________________________
(1) أى القدماء الذين تقدم عهدهم. (في)
(2) المسامرة: المحادثة والتحادث ليلا.
(3) أى يكفيه.
(4) في بعض النسخ

[أحسنتها]

.

[*]

[25]


فإني رأيت منع الاواخر يقطع لسان الشكر الاوائل ولا سخت نفسي برد بكر الحوائج وقد قال الشاعر:(1)
وإذا بليت ببذل وجهك سائلا * فابذله للمتكرم المفضال
أن الجواد إذا حباك بموعد * أعطاكه سلسا بغير مطال
وإذا السؤال مع النوال قرنته * رجح السؤال وخف كل نوال

_____________________________
(1) اليد: النعمة. والبكر: الابتداء. واضافة المنع والشكر إلى الاواخر والاوائل اضافة إلى المفعول والمعنى أن أحسن الوسائل إلى السؤال تقدم العهد بالسؤال ان المسؤل ثانبا لا يرد السائل الاول لئلا يقطع شكره على الاول. (في)