باب علة الحرم وكيف صار هذا المقدار

16746 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن الحرم وأعلامه كيف صار بعضها أقرب من بعض وبعضها أبعد من بعض؟(1) فقال: إن الله عزوجل لما أهبط آدم من الجنة هبط على أبي قبيس فشكا إلى ربه الوحشة وأنه لايسمع ما كان يسمعه في الجنة فأهبط الله عزوجل عليه ياقوتة حمراء فوضعها في موضع البيت فكان يطوف بها آدم فكان ضوؤها يبلغ موضع الاعلام فيعلم الاعلام على ضوئها وجعله الله حرما.
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي همام إسماعيل بن همام الكندي عن أبي الحسن الرضا (ع) نحو هذا.
26747 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ; وأحمد بن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، عن آبائه عليهم السلام أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى جبرئيل (ع) أنا الله الرحمن الرحيم وأني قد رحمت آدم وحواء لما شكيا إلي ما شكيا(2) فأهبط عليهما بخيمة من خيم الجنة وعزهما عني بفراق الجنة وأجمع بينهما في الخيمة فإني قد رحمتهما لبكائهما ووحشتهما في وحدتهما وأنصب الخيمة على الترعة(3) التي بين جبال مكة، قال: والترعة مكان البيت وقواعده التي رفعتها

___________________________________
(1) أى بعضها أقرب إلى الكعبة من بعض.
(2) يعنى من فراق الجنة ومفارقة كل منهما صاحبه حيث كان أحدهما على الصفا والآخر على المروة. (في)
(3) الترعة بضم التاء المثناة الفوقية ثم المهملتين: الروضة في مكان مرتفع. (في)
[*]

[196]


الملائكة قبل آدم فهبط جبرئيل (ع) على آدم بالخيمة على مقدار أركان البيت وقواعده فنصبها، قال: وأنزل جبرئيل آدم من الصفا وأنزل حواء من المروة وجمع بينهما في الخيمة قال: وكان عمود الخيمة قضيب ياقوت أحمر فأضاء نوره وضوؤه جبال مكة وما حولها قال: وامتد ضوء العمود قال: فهو مواضع الحرم اليوم من كل ناحية من حيث بلغ ضوء العمود قال: فجعله الله حرما لحرمة الخيمة والعمود لانهما من الجنة(1) قال: ولذلك جعل الله عزوجل الحسنات في الحرم مضاعفة والسيئات مضاعفة، قال: ومدت أطناب الخيمة حولها فمنتهى أوتادها ماحول المسجد الحرام، قال: وكانت أو تادها من عقيان الجنة وأطنابها من ضفائر الارجوان،(2) قال: وأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل أهبط على الخيمة

[ب‍]

سبعين ألف ملك يحرسونها من مردة الشياطين ويؤنسون آدم ويطوفون حول الخيمة تعظيما للبيت والخيمة، قال: فهبط بالملائكة فكانوا بحضرة الخيمة يحرسونها من مردة الشياطين العتاة ويطوفون حول أركان البيت والخيمة كل يوم وليلة كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور، قال: وأركان البيت الحرام في الارض حيال البيت المعمور الذي في السماء، ثم قال: إن الله عزوجل أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك أن اهبط إلى آدم وحواء فنحهما عن مواضع قواعد بيتي وارفع قواعد بيتي لملائكتي، ثم ولد آدم فهبط جبرئيل على آدم وحواء فأخرجهما من الخيمة ونحاهما عن ترعة البيت ونحى الخيمة عن موضع الترعة، قال: ووضع آدم على الصفا وحواء على المروة فقال آدم: يا جبرئيل أبسخط من الله عزوجل حولتنا وفرقت بيننا أم برضى وتقدير علينا؟ فقال لهما: لم يكن ذلك بسخط من الله عليكما ولكن الله لايسأل عما يفعل، يا آدم إن السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله إلى الارض ليؤنسوك ويطوفوا حول أركان البيت

[المعمور]

والخيمة سألوا الله أن يبنى لهم مكان الخيمة بيتا على موضع الترعة المباركة حيال البيت المعمور فيطوفون حوله

___________________________________
(1) في بعض النسخ

[لانهن من الجنة]

. يعنى الخيمة واوتادها.
(2) العقيان من الذهب الخالص ويقال: هو ما ينبت نباتا وليس مما يحصل الحجارة.(الصحاح) والضفيرة بالضاد المعجمة والفاء: الخصلة المجتمعة من حبل أو شعر مفتول او منسوج.(في) والارجوان: معرب ارغوان، وهو بضم الهمزة والجيم وسكون الراء.

[*]

[197]


كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور فأوحى الله عزوجل إلى أن انحيك وأرفع الخيمة، فقال آدم قد رضينا بتقدير الله ونافذ أمره فينا، فرفع القواعد البيت الحرام بحجر من الصفا وحجر من المروة وحجر من طور سيناء وحجر من جبل السلام وهو ظهر الكوفة(1) وأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل أن ابنه وأتمه فاقتلع جبرئيل الاحجار الاربعة بأمر الله عزوجل من مواضعهن بجناحه فوضعها حيث أمر الله عزوجل في أركان البيت على قواعده التي قدرها الجبار ونصف أعلامها، ثم أوحى الله عزوجل إلى جبرئيل (ع) أن ابنه وأتمه بحجاره من أبي قبيس(2) واجعل له بابين بابا شرقيا وبابا غربيا، قال: فأتمه جبرئيل (ع) فما أن فرغ طافت حوله الملائكة فلما نظر آدم وحواء إلى الملائكة يطوفون حول البيت انطلقا فطافا سبعة أشواط ثم خرجا يطلبان ما يأكلان.

_____________________________
(1) في بعض النسخ بدل ظهر الكوفة ظهر الكعبة ويشبه أن يكون تصحيفا. (في)
(2) يمكن أن يكون المراد به الحجر الاسود لانه كان مودعا فيه. (آت)