باب في حج آدم عليه السلام

16740 علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم، عن أبي عبدالله عليهما السلام قال: إن الله عزوجل لما أصاب آدم وزوجته الحنطة(2) أخرجهما من الجنة وأهبطهما إلى الارض فأهبط آدم على الصفا(3) واهبطت حواء على المروة وإنما سمى صفا لانه شق له من اسم آدم المصطفى وذلك لقول الله عزوجل: " إن الله اصطفى آدم ونوحا(4) " وسميت المروة مروة لانه شق لها من اسم المرأة فقال آدم: ما فرق بيني وبينها إلا أنها لاتحل لي ولو كانت تحل لي هبطت معي على الصفا ولكنها حرمت علي من أجل ذلك وفرق بيني وبينها، فمكث آدم معتزلا حواء فكان يأتيها نهارا فيتحدث عندها على المروة فإذا كان الليل وخاف أن تغلبه نفسه يرجع إلى الصفا فيبيت عليه ولم يكن لآدم أنس غيرها ولذلك سمين النساء من أجل أن حواء كانت أنسا لآدم(5) لايكلمه الله ولا يرسل إليه

___________________________________
(2) في بعض النسخ

[الخطيئة]

.
(3) يحتمل أن يكون المراد الهبوط اولا على الصفا والمروة فتكون الاخبار الدالة على هبوطهما بالهند محمولة على التقية، أو يكون المراد هبوطهما بعد دخول مكة واخراجهما من البيت.(آت)
(4) آل عمران: 33.
(5) لتناسب الواو والهمزة والاشتراك في أكثر الحروف وكذا الانس مع كون الاول مهموزة الفاء صحيح اللام والثانى صحيح الفاء معتل اللام فهما من الاشتقاق الكبير ومثلهما كثير في الاخبار.(آت)

[*]

[191]


رسولا، ثم إن الله عزوجل من عليه بالتوبة وتلقاه بكلمات فلما تكلم بها تاب الله عليه وبعث إليه جبرئيل (ع) فقال: السلام عليك يا آدم التائب من خطيئته الصابر لبليته إن الله عزوجل أرسلني إليك لاعلمك المناسك التي تطهر بها فأخذ بيده فانطلق به إلى مكان البيت وأنزل الله عليه غمامة فأظلت مكان البيت وكانت الغمامة بحيال البيت المعمور فقال: يا آدم خط برجلك حيث أظلت عليك(1) هذه الغمامة فإنه سيخرج لك بيتا من مهاة(2) يكون قبلتك وقبلة عقبك من بعدك، ففعل آدم (ع) و أخرج الله له تحت العمامة بيتا من مهاة وأنزل الله الحجر الاسود وكان أشد بياضا من اللبن وأضوء من الشمس وإنما اسود لان المشركين تمسحوا به فمن نجس المشركين(3) اسود الحجر وأمره جبرئيل (ع) أن يستغفر الله من ذنبه عند جميع المشاعر ويخبره أن الله عزوجل قد غفر له ; وأمره أن يحمل حصيات الجمار من المزدلفة فلما بلغ موضع الجمار تعرض له إبليس فقال له: يا آدم أين تريد؟ فقال له جبرئيل (ع): لاتكلمه وارمه بسبع حصيات وكبر مع كل حصاة، ففعل آدم (ع) حتى فرغ من رمي الجمار وأمره أن يقرب القربان وهو الهدي قبل رمي الجمار وأمره أن يحلق رأسه تواضعا لله عزوجل ففعل آدم ذلك ثم أمره بزيارة البيت وأن يطوف به سبعا ويسعى بين الصفا والمروة اسبوعا يبدء بالصفا ويختم بالمروة ثم يطوف بعد ذلك اسبوعا بالبيت وهو طواف النساء لايحل للمحرم أن يباضع(4) حتى يطوف طواف النساء ففعل آدم (ع) فقال له جبرئيل: إن الله عزوجل قد غفر ذنبك وقبل توبتك وأحل لك زوجتك، فانطلق آدم وغفر له ذنبه وقبلت منه توبته وحلت له زوجته.
26741 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد القلانسي، عن علي ابن حسان، عن عمه عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله (ع) قال: إن آدم (ع)

___________________________________
(1) في بعض النسخ

[اظلتك]


(2) المهاة: البلور وكل شئ صفى.
(3) النجس بالتحريك مصدر وربما يقرء بالحاء المهملة.
(4) المباضعة: المجامعة.

[*]

[192]


لما اهبط إلى الارض اهبط على الصفا ولذلك سمي الصفا لان المصطفى هبط عليه فقطع للجبل اسم من اسم آدم يقول الله زوجل: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين(1) " واهبطت حواء على المروة وإنما سميت المروة مروة لان المرأة هبطت عليها فقطع للجبل اسم من اسم المرأة وهما جبلان عن يمين الكعبة و شمالها فقال آدم حين فرق بينه وبين حواء ما فرق بيني وبين زوجتي إلا وقد حرمت علي فاعتزلها وكان يأتيها بالنهار فيتحدث إليها فإذا كان الليلة خشى أن تغلبه نفسه علي فاعتزلها وكان يأتيها بالنهار فيتحدث إليها فإذا كان الليلة خشى أن تغلبه نفسه عليها رجع فبات على الصفا ولذلك سميت النساء لانه لم يكن لآدم انس غيرها فمكث آدم بذلك ما شاء الله أن يمكث لايكلمه الله ولا يرسل إليه رسولا والرب سبحانه يباهي بصبره الملائكة فلما بلغ الوقت الذي يريد الله عزوجل أن يتوب على آدم فيه أرسل إليه جبرئيل (ع) فقال: السلام عليك يا آدم الصابر لبليته التائب عن خطيئته إن الله عزوجل بعثني إليك لاعلمك المناسك التي يريد الله أن يتوب عليك بها فأخذ جبرئيل (ع) بيد آدم (ع): حتى أتى به مكان البيت فنزل غمام من السماء فأظل مكان البيت فقال جبرئيل (ع): يا آدم خط برجلك حيث أظل الغمام فإنه قبلة لك و لآخر عقبك من ولدك فخط آدم برجله حيث أظل الغمام ثم انطلق به إلى منى فأراه مسجد منى فخط برجله ومد خطة المسجد الحرام بعد ما خط مكان البيت(2) ثم انطلق به من منى إلى عرفات فأقامه على المعرف(3) فقال: إذا غربت الشمس فاعترف بذنبك سبع مرات وسل الله المغفرة والتوبة سبع مرات ففعل ذلك آدم (ع) ولذلك سمى المعرف لان آدم اعترف فيه بذنبه وجعل سنة لولده يعترفون بذنوبهم كما اعترف آدم ويسألون التوبة كما سألها آدم، ثم أمره جبرئيل فأفاض من عرفات فمر على الجبال السبعة فأمره أن يكبر عند كل جبل أربع تكبيرات ففعل ذلك آدم حتى

___________________________________
(1) آل عمران: 33.
(2) يعنى أنه عليه السلام خط أو لا مكان البيت ثم خط ثانيا المسجد الحرام ثم خط ثالثا مسجد منى بعد ما انطلق بها جبرئيل إليه. (في)
(3) المعرف بتشديد الراء وفتحها: الموقف بعرفات. (في)
[*]

[193]


انتهى إلى جمع فلما انتهى إلى جمع ثلث الليل(1) فجمع فيها المغرب والعشاء الآخرة تلك الليلة ثلث الليل في ذلك الموضع ثم أمره أن ينبطح في بطحاء جمع(2) فانبطح في بطحاء وجمع حتى انفجر الصبح فأمره أن يصعد على الجبل جبل جمع وأمره إذا طلعت الشمس أن يعترف بذنبه سبع مرات ويسأل الله التوبة والمغفرة سبع مرات ففعل ذلك آدم كما أمره جبرئيل (ع) وإنما جعله اعترافين ليكون سنة في ولده فمن لم يدرك منهم عرفات وأدرك جمعا فقدوا في حجه

[إلى منى]

(3) ثم أفاض من جمع إلى منى فبلغ منى ضحى فأمره فصلى ركعتين في مسجد منى ثم أمره أن يقرب لله قربانا ليقبل منه ويعرف أن الله عزوجل قد تاب عليه ويكون سنة في ولده القربان، فقرب آدم قربانا فقبل الله منه فأرسل نارا من السماء فقبلت قربان آدم، فقال له جبرئيل: يا آدم إن الله قد أحسن إليك إذ علمك المناسك التي يتوب بهاعليك وقبل قربانك، فأحلق رأسك تواضعا لله عزوجل إذ قبل قربانك فحلق آدم رأسه تواضعا لله عزوجل ثم أخذ جبرئيل بيد آدم (ع) فانطلق به إلى البيت فعرض له إبليس عند الجمرة فقال له إبليس لعنه الله: يا آدم أين تريد؟ فقال له جبرئيل (ع): يا آدم ارمه بسبع حصيات وكبر مع كل حصاة تكبيرة، ففعل ذلك آدم فذهب إبليس، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فقال له: يا آدم أين تريد؟ فقال له جبرئيل (ع): ارمه بسبع حصيات وكبر مع كل حصاة تكبيرة، ففعل ذلك آدم فذهب إبليس، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة(4) فقال له: يا آدم أين تريد؟ فقال له جبرئيل (ع): ارمه بسبع حصيات وكبر مع كل حصاة تكبيرة، ففعل ذلك آدم، فذهب

___________________________________
(1) " إلى جمع " في المصباح: يقال لمزدلفة: جمع اما لان الناس يجتمعون بها واما لان آدم اجتمع هناك بحواء.
وفى المرآة: " ثلث الليل " يحتمل ان يكون اسما أو فعلا ماضيا على بناء المجهول، وفى القاموس المثلوث: ما أخذ ثلثة.
(2) بطحه كمنعه: ألقاه على وجهه فانبطح والبطحاء يقال لمسيل واسع فيه دقاق الحصى. (في) وقال المجلسى رحمه الله المراد بالانبطاح هنا مطلق التمدد للنوم وإن لم يكن على الوجه مع أنه يحتمل أن لا يكون ذلك مكروها في شرعه عليه السلام وقيل: هو كناية عن الاستقرار على الارض للدعاء لا للنوم وقيل: كناية عن طول الركوع والسجود في الصلاة.
(3) اى منتهيا إليه ويمكن أن يقرء " حجة " بالتاء أى قصده إلى منى من احد المواقف. (آت)
(4) الجمرات الثلاث يوم العيد مخالف للمشهور ولعله كان في شرعه عليه السلام كذلك (آت)
[*]

[194]


إبليس، فقال له جبرئيل (ع): إنك لن تراه بعد مقامك هذا أبدا ثم انطلق به إلى البيت فأمره أن يطوف بالبيت سبع مرات ففعل ذلك آدم فقال له جبرئيل (ع): إن الله قد غفر لك ذنبك وقبل توبتك وأحل لك زوجتك(1).
محمد بن أبي عبدالله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عبدالكريم ابن عمرو، وإسماعيل بن حازم، عن عبدالحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبدالله (ع) مثله.
36742 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار ; وجميل بن صالح، عن أبي عبدالله(ع) قال: لما طاف آدم بالبيت وانتهى إلى الملتزم، قال له جبرئيل (ع): يا آدم أقر لربك بذنوبك في هذا المكان، قال: فوقف آدم (ع) فقال: يارب إن لكل عامل أجرا وقد عملت فما أجري؟ فأوحى الله عزوجل إليه يا آدم قد غفرت ذنبك، قال: يارب ولولدي

[أ]

ولذريتي فأوحى الله عزوجل إليه يا آدم من جاء من ذريتك إلى هذا المكان وأقر بذنوبه وتاب كما تبت ثم استغفر غفرت له.
46743 علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله (ع) قال: لما أفاض آدم من منى تلقته الملائكة فقالوا: يا آدم بر حجك(2) أما إنه قد حججنا هذا البيت قبل أن تحجه بألفي عام.
56744 محمد بن يحيى ; وغيره، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: حدثني أبوبلال المكي قال: رأيت أبا عبدالله (ع) طاف بالبيت ثم صلى فيما بين الباب والحجر الاسود ركعتين فقلت له: ما رأيت أحدا منكم صلى في هذا الموضع؟ فقال: هذا المكان الذي تيب على آدم فيه.

___________________________________
(1) لعل هذا القول كان بعد السعى وطواف آخر كما مر فسقط من الرواة او منه عليه السلام أحالة على الظهور أو تقية. (آت)
(2) " بر " بفتح الباء وضمها فهو مبرور من البر وهو الصلة والخير والاتساع في الاحسان وقيل: الحج المبرور مالا يخالطه شئ من المآثم. وقيل: هو المقبول المقابل بالبر وهو الثواب.(في)
[*]

[195]


66745 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن محمد العلوي قال: سألت أباجعفر (ع) عن آدم حيث حج: بماحلق رأسه؟ فقال: نزل عليه جبرئيل (ع) بياقوتة من الجنة فأمرها على رأسه فتناثر شعره.