باب التقية

1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وغيره عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " اولئك يؤتون أجر هم مرتين بما صبروا (قال: بما صبروا على التقية) ويدرؤن بالحسنة السيئة(1) " قال: الحسنة التقية والسيئة الاذاعة.
2 ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عمر الاعجمي قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شئ إلا في النبيذ والمسح على الخفين(2).
3 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: التقية من دين الله.
قلت: من دين الله؟ قال: إي والله من دين الله ولقد قال يوسف: " أيتها العير إنكم لسارقون " والله ما كانوا سرقوا شيئا ولقد قال إبراهيم: " إني سقيم " والله ما كان سقيما.
4 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد ; والحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن حسين بن أبي العلاء عن حبيب بن بشر قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: سمعت أبي يقول: لا والله ما على وجه الارض شئ أحب إلي من التقية، يا حبيب إنه من كانت له تقية رفعه الله، يا حبيب من لم تكن له تقية وضعه الله، ياحبيب إن الناس إنما هم في هدنة(3) فلو قد كان ذلك كان هذا(4).

___________________________________
(1) القصص: 54: وصدر الاية " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به انه الحق من ربنا انا كنا مسلمين * اولئك يؤتون.. الاية ".
(2) ذلك لعدم مسيس الحاجة إلى التقية فيها إلا نادرا.(في) أو يكون نفى التقية فيهما باعتبار رعاية زمان هذا الخطاب ومكانه وحال المخاطب وعلمه عليه السلام بانه لا يظطر إليهما.
(3) الهدنة: السكون والصلح والموادعة بين المسلمين والكفار وبين كل متحاربين.
(4) " فلو قد كان ذلك " أى ظهور القائم.
وقوله: " وكان هذا " أى ترك التقية (آت).
[*]

[218]


5 أبوعلي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر عن جابر المكفوف، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: اتقوا على دينكم فاحجبوه بالتقية، فإنه لا إيمان لمن لا تقية له، إنما أنتم في الناس كالنحل في الطير لو أن الطير تعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شئ إلا أكلته ولو أن الناس علموا ما في أجوافكم أنكم تحبونا أهل البيت لاكلو كم بألسنتهم ولنحلوكم(1) في السر والعلانية، رحم الله عبدا منكم كان على ولايتنا.
6 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عمن أخبره، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة " قال: الحسنة: التقية والسيئة: الاذاعة(2)، وقوله عزوجل: " ادفع بالتي هي أحسن السيئة(3) " قال: التي هي أحسن التقية، " فاذاالذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم(4) ".
7 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم.
عن أبي عمرو الكناني قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: يا أبا عمرو أرأيتك لو حدثتك بحديث أو أفتيتك بفتيا ثم جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبر تك أو أفتيتك بخلاف ذلك بأيهما كنت تأخذ؟ قلت: بأحدثهماو أدع الآخر، فقال: قد أصبت يا أبا عمر وأبى الله إلا أن يعبد سرا(5) أما والله لئن فعلتم ذلك إنه [ل‍] خير لي ولكم، [و] أبى الله عزوجل لنا ولكم في دينه إلا التقية.
8 عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن درست الواسطي قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف إن كانوا ليشهدون الاعياد ويشدون الزنانير(6) فأعطاهم الله أجرهم مرتين.
9 عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن حماد بن واقد

___________________________________
(1) نحله القول كمنعه: نسبه إليه.ونحل فلانا: سابه.
وفى بعض النسخ [نجلوكم] بالجيم وفى القاموس نجل فلانا ضربه بمقدم رجله وتناجلوا: تنازعوا.
(2) أذاع الخبر: أفشاه.
(3) قوله عليه السلام: " السيئة " بعد قوله عزوجل: " ادفع بالتى هى أحسن " تفسير له، إذ ليس في هذا الموضع من القرآن (في).
(4) فصلت: 4 3.
(5) أى في دولة الباطل.
(6) الزنانير جمع زنار.
[*]

[219]


اللحام قال: استقبلت أبا عبدالله عليه السلام في طريق فأعرضت عنه بوجهي ومضيت، فدخلت عليه بعد ذلك، فقلت: جعلت فداك إني لالقاك فأصرف وجهي كراهة أن أشق عليك فقال لي: رحمك الله ولكن رجلا لقيني أمس في موضع كذا وكذا فقال: عليك السلام يا أبا عبدالله، ما أحسن ولا أجمل(1).
10 علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: قيل لابي عبدالله عليه السلام: إن الناس يروون أن عليا عليه السلام قال على منبر الكوفة: أيهاالناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البراء‌ة مني فلا تبرؤ وامني، فقال: ما أكثر ما يكذب الناس على علي عليه السلام، ثم قال: إنما قال: إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم ستدعون إلى البراء‌ة مني وإني لعلى دين محمد ; ولم يقل: لا تبرؤ وامني.
فقال له السائل: أرأيت إن اختار القتل دون البراء‌ة؟ فقال: والله ما ذلك عليه وماله إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالايمان، فأنزل الله عزوجل فيه " إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان " فقال له النبي صلى الله عليه وآله عندها: يا عمار إن عادوا فعد فقد أنزل الله عزوجل عذرك وأمرك أن تعود إن عادوا.
11 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن هشام الكندي قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إياكم أن تعملوا عملا يعير ونابه، فإن ولد السوء يعير والده بعمله، وكونوا لمن انقطعتم إليه زينا ولا تكونوا عليه شينا صلوا في عشائرهم(2).
وعود وامرضاهم واشهدوا جنائزهم ولا يسبقونكم إلى شئ من الخير فأنتم أولى به منهم والله ما عبدالله بشئ أحب إليه من الخب‌ء قلت: وما الخب‌ء(3)؟ قال: التقية.
12 عنه، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن القيام للولاة، فقال: قال أبوجعفر عليه السلام: التقية من ديني ودين أبائى ولا إيمان لمن لاتقية له.
13 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن ربعي، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به.

___________________________________
(1) أى لم يفعل حسنا ولا جميلا.
(2) يعنى عشائر المخالفين لكم في الدين.
(3) الخب‌ء: الاخفاء والستر.
[*]

[220]


14 علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مروان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: [كان] أبي عليه السلام يقول: وأي شئ أقر لعيني من التقية، إن التقية جنة المؤمن.
15 علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن محمد بن مروان قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: مامنع ميثم رحمه الله من التقية، فوالله لقد علم أن هذه الآية نزلت في عمار وأصحابه " إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان(1) ".
16 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن شعيب الحداد عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغ الدم فليس تقية.
17 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن محمد ابن مسلم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كلما تقارب هذا الامر(2) كان أشد للتقية.
18 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن إسماعيل الجعفي ومعمر بن يحيى بن سام ومحمد بن مسلم وزرارة قالوا: سمعنا أبا جعفر عليه السلام يقول: التقية في كل شئ يضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله له.
19 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن حريز عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال: التقية ترس الله بينه وبين خلقه(3).
20 الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن أحمد بن حمزة، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير قال: قال أبوجعفر عليه السلام: خالطوهم بالبرانية وخالفوهم بالجوانية إذا كانت الامرة صبيانية(4).

___________________________________
(1) النحل: 106.
(2) أى خروج القائم.
(3) " ترس الله " أى يمنع الخلق من عذاب الله أو من البلايا النازلة.
(4) في النهاية في حديث سلمان " من أصلح جوانيه أصلح الله برانيه " أراد بالبرانى العلانية والالف والنون من زيادات النسب كما قالوا في صنعاء صنعانى وأصله من قولهم: خرج فلان براأى خرج إلى البر والصحراء وليس من قديم الكلام وفصيحه وقال أيضا في حديث سلمان: إن لكل امرئ جوانيا وبرانيا: اى باطنا وظاهرا وسرا وعلانية وهو منسوب إلى جوالبيت وهو داخله وزيادة الالف والنون للتأكيد انتهى. والامرة بالكسر: الامارة والمراد بكونها صبيانية كون الامير صبيا أو مثله في قلة العقل والسفاهة. أو المعنى أنه لم يكن بناء الامارة على امر حق بل كانت مبنية على الاهواء الباطلة كلعب الاطفال. والنسبة إلى الجمع تكون على وجهين أحدهما أن يكون المراد النسبة إلى الجنس فيرد إلى الفرد والثانى أن تكون الجمعية ملحوظة فلا يرد وهذا من الثانى إذ المراد التشبيه بامارة يجمع عليها الصبيان (آت).
[*]

[221]


21 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن زكريا المؤمن، عن عبدالله ابن أسد، عن عبدالله بن عطاء قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: رجلان من أهل الكوفة اخذا فقيل لهما: ابرئا من أمير المومنين فبرئ واحد منهما وأبى الآخر فخلي سبيل الذي برئ وقتل الآخر؟ فقال: أما الذي برئ فرجل فقيه في دينه وأما الذي لم يبرء فرجل تعجل إلى الجنة.
22 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: احذروا عواقب العثرات(1).
23 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي ابن النعمان، عن ابن مسكان، عن عبدالله بن أبي يعقور قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: التقية ترس المؤمن والتقية حرز المؤمن، ولا إيمان لمن لاتقية له، إن العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيدين الله عزوجل به فيما بينه وبينه، فيكون له عز افي الدنيا ونورا في الآخرة وإن العبد ليقع إليه الحديث من حديثنا فيذيعه فيكون له ذلا في الدنيا وينزع الله عزوجل ذلك النور منه.

___________________________________
(1) أى في ترك التقية كما فهمه الكلينى (ره) أو الاعم (آت).