باب في ترك دعاء الناس(1)

1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن كليب بن معاوية الصيداوي قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: إياكم والناس(1)، إن الله عزوجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة فتركه وهو يجول لذلك ويطلبه، ثم قال: لوأنكم إذا كلمتم الناس قلتم: ذهبنا حيث ذهب الله(2) واخترنامن اختار الله، واختار الله محمدا واخترنا آل محمد صلى الله عليه وعليهم(3).

___________________________________
(1) اى احذروا دعوتهم في زمن شدة التقية وعلل ذلك بأن من كان قابلا للهداية واراد الله ذلك نكت في قلبه نكتة من نور، وهو كناية عن انه يلقى في قلبه ما يصير به طالبا للحق متهيأ لقبوله (آت)
(2) اى امرالله بالذهاب اليه " اخترنا من اختار الله " اى اخترنا الامامة من اهل بيت اختارهم الله فان النبي صلى الله عليه واله مختار الله والعاقل يحكم بان اهل بيت المختار اذاكانوا قابلين للامامة اولى من غيرهم وهذا دليل اقناعى تقبله طباع اكثر الخلق (آت) اقول بل المراد: ذهبنا إلى بيت ذهب الله اليه وهو بيت عبدالمطلب واخترنا من ذلك البيت من اختاره الله وهو محمد فلما مضى محمد صلى الله عليه وآله لم نرجع ولم نخرج من ذلك البيت بل أقمنا في ذلك البيت المختار منه محمد صلى الله عليه وآله واخترنا بعده آله الاقربين على غيرهم.
(3) ظاهر هذه الاخبار كما يفسره الخبر الرابع: وكما يدل عليه العلة المذكورة فيها اعنى النكتة القلبية: ان المعرفة من صنع الله وان الانسان لا صنع له فيها اى ان المعرفة غير اختيارية بل مستندة إلى اسباب الهية غير اختيارية للانسان فلا في اختيار الداعى ان يصنع المعرفة في قلب المدعو المنكر: ولا في اختيار المدعو ان يعتقد بالحق من غير وجود الاسباب الالهية. ومحصل ما يظهر من هذه الاخبار وغيرها مما ينافيها بظاهرها: ان الله سبحانه خلق الانسان على دين الفطرة اى انه لوخلى وطبعه اذعن بالحق واعترف به ثم انه لو وقع في مجرى معتدل في الحياة رسخت في نفسه صفات وملكات حسنة كالعدل والانصاف ونحوهما وتمايل إلى الحق اينما وجده وكان على اهل العلم والايمان ان يدعوامثل هذاالانسان حتى يتشرف بمعرفة تفاصيل الحق كمااعترف في نفسه باجماله وهذا هو المراد بالايات والاخبار الدالة على وجوب الدعوة والتبليغ وان وقع في مجرى الهوى والشهوات ومباغضة الحق رسخت في نفسه ملكة العصبية الجاهلية والعناد والطغيان، وهو المراد بالنكتة السوداء وزالت عنه صفة الانصاف والميل إلى الحق، و امتنع تاثير الكلام الحق فيه، ولا يزيد المخاصمة والاصرار الا بعدا وعنادا. قوله عليه السلام. " لوانكم إذا.. الخ " " لو " حرف تمن والمراد ليتكم إذا كلمتم الناس لم تقولو: يجب عليكم كذا عقلاويستحيل كذا عقلا حتى يصروا في الخصام ويشتد بذلك اصرارهم على الباطل، بل قلتم: أن ديننا دين الله ومذهبنا مذهب من اختاره الله فلعل ذلك يوقظ روح الانصاف والاذعان منهم (الطباطبائى). [*]

[213]


2 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج، عن ابن مسكان، عن ثابت أبي سعيد قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا ثابت مالكم وللناس، كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم، فوالله لو أن أهل السماء وأهل الارض اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هداه ما استطعاعوا، كفوا عن الناس ولا يقول أحدكم: أخي وابن عمي وجاري، فإن الله عزوجل إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه، فلايسمع بمعروف إلا عرفه ولا بمنكر إلا أنكره، ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره(1).
3 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن مروان، عن الفضيل قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: ندعوا الناس إلى هذا الامر؟ فقال: يا فضيل إن الله إذا أراد بعبد خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه حتى أدخله في هذا الامر طائعا أو كارها(2).
4 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه قال: قال أبوعبدالله عليه السلام اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس، فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء ولا تخاصموا بدينكم الناس فإن المخاصمة ممرضة للقلب(3) إن الله عزوجل قال لنبيه صلى الله عليه وآله " إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء(4) " وقال: " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين(5) " ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام ولا سواء ; وإنني سمعت أبي يقول: إذا كتب الله على عبد أن

___________________________________
(1) مر الحديث في المجلد الاول اواخر كتاب التوحيد ص 165 ولسيدنا العلامة الطباطبائى مد ظله بيان في ذيله وكذا الحديث الاتى، من اراد الاطلاع فليراجع هناك.
(2) في بعض النسخ [او مكرها].
(3) اى لاتجادلوا مجادلة يكون غرضكم فيها المغالبة والمعاندة بالقاء الشبهات الفاسدة لاظهور الحق فان المخاصمة على هذاالوجه يمرض القلب بالشك والشبهة والاغراض الباطلة وان كان غرضكم اجبارهم على الهداية فانها ليست بيدكم كما قال الله تعالى: " انك لا تهدى.. " الايات
(4) القصص: 56.
(5) يونس: 99.
[*]

[214]


يدخله في هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره(1).
5 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن ابن اذينة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله عزوجل خلق قوما للحق(2) فإذا مربهم الباب من الحق قبلته قلوبهم وإن كانوا لايعرفونه وإذا مربهم الباب من الباطل أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه وخلق قوما لغير ذلك فاذا مر بهم الباب من الحق أنكرته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه وإذا مر بهم الباب من الباطل قبلته قلوبهم وإن كانوا لا يعرفونه.
6 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالحميد بن أبي العلاء عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله عزوجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور فأضاء لها سمعه وقلبه حتى يكون أحرص على ما في أيديكم منكم وإذاأراد بعبد سوء ا نكت في قلبه نكتة سوداء، فأظلم لها سمعه وقلبه، ثم تلاهذه الآية " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يردأن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء(3) ".
7 عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله عزوجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكا يسدده وإذا أراد بعبد سوء ا نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطانا يضله.

___________________________________
(1) وكر الطائر: عشه وان لم يكن فيه.
(2) كان اللام للعاقبة اى عالما بانهم يختارون الحق او يختارون خلافه وان كانوا لايعرفونه (آت)
(3) الانعام: 125.