باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه

1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي حعفر عليه السلام قال: من حق المؤمن على أخيه المؤمن أن يشبع جوعته ويواري عورته ويفرج عنه كربته ويقضي دينه، فإذا مات خلفه في أهله وولده.
2 عنه، عن علي بن الحكم، عن عبدالله بن بكير الهجري، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: ما حق المسلم على المسلم؟ قال له؟ سبع حقوق واجبات ما منهن حق إلا وهو عليه واجب، إن ضيع منها شيئا خرج من ولاية الله وطاعته ولم يكن لله فيه من نصيب، قلت له: جعلت فداك وماهي؟ قال: يا معلى إني عليك شفيق أخاف أن تضيع ولا تحفظ وتعلم ولاتعمل، قال: قلت له: لا قوة إلا بالله، قال: أيسر حق منها أن تحب له ماتحب لنفسك وتكرة له ما تكره لنفسك ; والحق الثاني أن تجتنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره ; والحق الثالث أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك ; والحق الرابع أن تكون عينه ودليله ومرآته ; والحق الخامس [أن] لا تشبع ويجوع ولا تروى ويظمأ ولا تلبس ويعرى، والحق السادس أن يكون لك خادم وليس لاخيك خادم فواجب أن تبعث خادمك فيغسل ثيابه ويصنع طعامه ويمهد فراشه، والحق السابق أن تبر قسمه(1) وتجيب دعوته، وتعود مريضه، وتشهد جنازته ; وإذا علمت أن له حاجة تبادره إلى قضائها ولا تلجئه أن يسألكها ولكن تبادره مبادرة، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته وولايته بولايتك.

___________________________________
(1) الظاهر أن قسمه بفتحتين وهو اسم من الاقسام وأن المراد ببر قسمه قبوله: واصل البر الاحسان ثم استعمل في القبول، يقال برالله عمله إذا قبله كانه احسن إلى عمله بان قبله ولم يرده كذا في الفائق وقبول قسمه وإن لم يكن واجبا شرعا لكنه مؤكد يئلا يكسر قلبه ولا يضيع حقه (لح) [*]

[170]


3 عنه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن سيف، عن أبيه سيف، عن عبدالاعلى بن أعين قال: كتب [بعض] أصحابنا يسألون أبا عبدالله عليه السلام عن أشياء وأمروني أن أسأله عن حق المسلم على أخيه، فسألته فلم يجبني، فلما جئت لاودعه فقلت: سألتك فلم تجبني؟ فقال: إني أخاف أن تكفروا، إن من أشد ماافترض الله على خلقه ثلاثا: إنصاف المرء من نفسه حتى لايرضى لاخيه من نفسه إلا بما يرضى لنفسه منه، ومؤاساة الاخ في المال، وذكر الله على كل حال، ليس سبحان الله والحمد الله ولكن عندما حرم الله عليه فيدعه.
4 عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل، عن مرازم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال، ما عبدالله بشئ أفضل من أداء حق المؤمن.
5 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمير اليماني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: حق المسلم على المسلم أن لايشبع ويجوع أخوه ولا يروى ويعطش أخوه ولا يكتسي ويعرى أخوه، فما أعظم حق المسلم على أخيه المسلم وقال: أحب لاخيك المسلم ما تحب لنفسك وإذا احتجت فسله وإن سألك فأعطه لاتمله خيرا ولا يمله لك(1) كن له ظهرا، فإنه لك ظهر، إذا غاب فاحفظه في غيبته وإذا شهد فزره وأجله وأكرمه فإنه منك وأنت منه فإن كان عليك عاتبا فلا تفارقه حتى تسأل سميحته(2) وإن أصابه خير فاحمد الله وإن ابتلي فأعضده وإن تمحل له فأعنه(3) وإذا قال الرجل لاخيه: اف انقطع ما بينهما من الولاية وإذا قال: أنت عدوي كفر أحدهما، فإذا اتهمه انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء ; وقال: بلغني أنه قال: إن المؤمن ليزهر

___________________________________
(1) الظاهر انه من امليته بمعنى تركته واخرته والاملاء (فرو گذاشتن ومهلت دادن ودرازا كشيدن مدت). ولامه ياء وأماالاملال بمعنى (ملول كردن) فبعيد (لح). وقال الفيض (ره) في الوافى: لعل المراد بقوله " لاتمله خيرا ولايمل لك " لاتسأمه من جهة اكثارك الخير ولا يسأم هو من جهة اكثاره الخير لك. يقال مللته ومللت منه إذا سأمه. انتهى.
(2) أى بالعفو عن التقصير ومساهلته بالتجاوز لئلا يستقر في قلبه فيوجب التنافر والتباغض وفى بعض النسخ [تسل سخيمته]. والسل إنتزاعك الشئ واخراجه في رفق والسخيمة: الحقد أى تستخرج حقده وغضبه برفق.
(3) " تمحل له " اى كيد. يقال: رجل محل اى ذو كيد ومحل بفلان إذا سعى به إلى السلطان والمحال بالكسر الكيد (في). وفى القاموس " تمحل " وقع في شدة
(4) أى يذاب. مثت الشئ امينه واموثه فانماث إذا دفته في الماء. [*]

[171]


نوره لاهل السماء كما تزهر نجوم السماء لاهل الارض وقال: إن المؤمن ولي الله يعينه(1) ويصنع له ولا يقول عليه إلا الحق ولا يخاف غيره.
6 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: للمسلم على أخيه المسلم من الحق أن يسلم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، وينصح له(2) إذا غاب، ويسمته إذا عطس(3)، ويجيبه إذا دعاه، ويتبعه إذا مات.
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة مثله.
7 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي المأمون الحارثي قال: قلت لابي عبدالله: ما حق المؤمن على المؤمن؟ قال: إن من حق المؤمن على المؤمن المودة له في صدره، والمؤاساة له في ماله، والخلف له في أهله، والنصرة له على من ظلمه، وإن كان نافلة في المسلمين(4) وكان غائبا أخذ له بنصيبه وإذامات، الزيارة إلى قبره وأن لايظلمه وأن لا يغشه وأن لايخونه وأن لا يخذله وأن لا يكذبه وأن لايقول له اف، وإذا قال له: اف فليس بينهما ولاية، وإذا قال له: أنت عدوي فقد كفر أحدهما، وإذا اتهمه انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء.
8 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن أبي علي صاحب الكلل(5)، عن أبان بن تغلب قال: كنت أطوف مع أبي عبدالله عليه السلام فعرض لي رجل من أصحابنا كان سألني الذهاب معه في حاجة فأشار إلي فكرهت أن أدع

___________________________________
(1) اى: الله يعين المؤمن " ويصنع له " أى يكفى مهماته. " ولا يقول عليه " اى لا يقول المؤمن على الله. " إلا الحق " إلا ما علم أنه حق (آت).
(2) اى يكون خالصا طالبا لخيره، دافعا عنه الغيبة وسائر الشرور (آت).
(3) كذا وفى المصباح التسميت: ذكر الله على الشئ وتسميت العاطس الدعاء له.
(4) النافلة: الغنيمة والعطية.
(5) " صاحب الكلل " أى كان يبيعها والكلل جمع كلة بالكسر فيهما وفى القاموس الكلة بالكسر: الستر الرقيق وغشاء رقيق يتوقى به من البعوض. وصوفه حمراء في رأس الهودج.
[*]

[172]


أباعبدالله عليه السلام وأذهب إليه فبينا أنا أطوف إذ أشار إلي أيضافرآه أبوعبدالله عليه السلام فقال: يا أبان إياك يريدهذا؟ قلت: نعم ; قال: فمن هو؟ قلت: رجل من أصحابنا، قال: هو على مثل ما أنت عليه(1) قلت: نعم، قال: فاذهب إليه، قلت: فأقطع الطواف؟ قال: نعم، قلت: وإن كان طواف الفريضة؟ قال: نعم، قال: فذهبت معه، ثم دخلت عليه بعد فسألته، فقلت: أخبرني عن حق المؤمن على المؤمن فقال: يا أبان دعه لا ترده، قلت: بلى جعلت فداك فلم أزل اردد عليه، فقال: يا أبان تقاسمه شطر مالك ثم نظر إلي فرأى ما دخلني، فقال: يا أبان أما تعلم أن الله عزوجل قد ذكر المؤثرين على أنفسهم؟ قلت: بلى جعلت فذاك، فقال: أما إذا أنت قاسمته فلم تؤثره بعد، إنما أنت وهو سواء إنما تؤثره إذاأنت أعطيته من النصف الآخر.
9 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان، عن عيسى بن أبي منصور قال: كنت عندأبي عبدالله عليه السلام أنا وابن أبي يعفور وعبدالله بن طلحة فقال: ابتداء منه يا ابن أبي يعفور قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ست خصال من كن فيه كان بين يدي الله عزوجل وعن يمين الله(2) فقال ابن أبي يعفور وماهن جعلت فداك؟ قال: يحب المرء المسلم لاخيه مايحب لاعز أهله ; ويكره المرء المسلم لاخيه ما يكره لاعز أهله، ويناصحه الولاية(3)، فبكى ابن أبي يعفور وقال: كيف يناصحه الولاية؟ قال: يا ابن أبي يعفور إذا كان منه بتلك المنزلة بثه همه(4) ففرح لفرحه إن هو فرح وحزن لحزنه إن هو حزن وإن كان عنده ما يفرج عنه فرج عنه وإلا دعا الله له، قال: ثم قال أبوعبدالله عليه السلام: ثلاث لكم(5) وثلاث لنا أن تعرفوا فضلنا وأن تطؤوا عقبنا وأن تنتظروا

___________________________________
(1) أى من التشيع ويدل على جواز قطع طواف الفريضة لقضاء حاجة المؤمن كما ذكره الاصحاب (آت).
(2) أى قدام عرشه وعن يمين عرشه أو كناية عن نهاية القرب والمنزلة عنده تعالى (آت).
(3) مناصحة الولاية: خلوص المحبة عن الغش والعمل بمقتضاها آت).
(4) يعني إذا صار منه بحيث يحب له مايحب لا عز أهله ويكره له ما يكره لاعز أهله " بثه همه " اى نشره وأظهره فاذا بثه همه فرح لفرحه وحزن لحزنه.
(5) اى ثلاث من المذكورات لكم: الحب والكراهة والمناصحة، وثلاثة لنا 1 أن تعرفوا فضلنا أى على سائر الخلق بالامامة والعصمة ووجوب الاعة، أو نعمتنا عليكم بالهداية والتعليم والنجاة من النار واللحوق بالابرار 2 وان تطؤوا عقبنا اى تتابعونا في الاقوال والافعال ولا تخالفونا. وأن تنتظروا عاقبتنا اى ظهور قائمنا وعود الدولة إلينا في الدنيا او الاعم منها ومن الآخرة. (آت) [*]

[173]


عاقبتنا، فمن كان هكذاكان بين يدي الله عزوجل فيستضيئ بنورهم من هو أسفل منهم وأما الذين عن يمين الله فلو أنهم يراهم من دونهم لم يهنئهم العيش مما يرون من فضلهم، فقال ابن أبي يعفور: ومالهم لايرون وهم عن يمين الله؟ فقال: يا ابن أبي يعفور إنهم محجوبون بنورالله، أما بلغك الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول: إن لله خلقا عن يمين العرش بين يدي الله وعن يمين الله وجوهم أبيض من الثلج وأضوء من الشمس الضاحية(1)، يسأل السائل ما هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء الذين تحابوا في جلال الله.
10 عنه، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان قال: كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فدخل رجل فسلم، فسأله كيف من خلفت من إخوانك؟ قال: فأحسن الثناء وزكى وأطرى(2)، فقال له: كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم؟ فقال: قليلة، قال: و كيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم(3)؟ قال: قليلة، قال: فكيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟ فقال: إنك لتذكر أخلاقا قل ماهي فيمن عندنا، قال: فقال: فكيف تزعم(4) هؤلاء أنهم شيعة.
11 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن أبي إسماعيل قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إن الشيعة عندنا كثير فقال: [ف‍] هل يعطف الغني على الفقير؟ وهل يتجاوز المحسن عن المسيئ؟ ويتواسون؟ فقلت: لا، فقال: ليس هؤلاء شيعة، الشيعة من يفعل هذا.
12 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن فضيل، عن أبي عبدالله عليهما السلام قال: كان أبوجعفر صلوات الله عليه يقول: عظموا أصحابكم ووقروهم ولايتجهم(5) بعضكم بعضا ولاتضاروا ولا تحاسدوا وإياكم و البخل، كونوا عباد الله المخلصين.
13 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن ابن فضال، عن عمر بن

___________________________________
(1) اى المرتفعة في وقت الضحى.
(2) أطربت فلانا مدحته بأحسن مما فيه وقال الجوهري: الاطراء مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه.
(3) المراد به حسن النظر والالتفات إلى الفقراء.
(4) في بعض النسخ [يزعم].
(5) في القاموس جهمه كمنعه وسمعه: استقبله بوجه كريه.
[*]

[174]


أبان، عن سعيد بن الحسن قال: قال أبوجعفر عليه السلام: أيجيئ أحد كم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلايدفعه؟ فقلت: ما أعرف ذلك فينا فقال أبوجعفر عليه السلام: فلاشئ إذا، قلت: فالهلاك إذا، فقال: إن القوم لم يعطوا أحلامهم بعد(1).
14 علي بن إبراهيم، عن الحسين بن الحسن، عن محمد بن أورمة، رفعه، عن معلى بن خنيس قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن حق المؤمن، فقال: سبعون حقالا اخبرك إلا بسبعة، فإني عليك مشفق أخشى ألا تحتمل، فقلت: بلى إن شاء الله، فقال: لاتشبع ويجوع ولا تكتسي ويعرى ; وتكون دليله وقيمصه الذي يلبسه(2) ولسانه الذي يتكلم به وتحب له ماتحب لنفسك وإن كانت لك جارية بعثتها لتمهد فراشه وتسعى في حوائجه بالليل والنهار، فإذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايتنا وولايتنا بولاية الله عزوجل.
15 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا عن أبي عبدالله عليه السلام قال: المسلم أخوالمسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه ويحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف(3) والمؤاساة لاهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم الله عزوجل: " رحماء بينكم(4) " متراحمين مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الانصار على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله.
16 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حق على المسلم إذا أرادسفراأن يعلم إخوانه وحق على إخوانه إذا قدم أن يأتوه.

___________________________________
(1) اى لم يكمل عقولهم بعد. ويختلف التكليف باختلاف مراتب العقول. كما مر انما يداق الله العباد على قدرماآتاهم من العقول (آت).
(2) أى تكون محرم اسراره ومختصابه غاية الاختصاص أو المعنى تكون ساتر عيوبه.
(3) في بعض النسخ [والتعاقد على التعاطف].
(4) إشارة إلى سورة الفتح آية: 29.
[*]