باب البر بالوالدين

1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ; وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " وبالوالدين إحسانا(2) " ما هذا الاحسان؟ فقال: الاحسان أن تحسن صحبتهما وأن لاتكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين(3) أليس يقول الله عزوجل: " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون(4) " قال: ثم قال أبو عبدالله

___________________________________
(2) الاسراء: 3 2.
(3) " وإن كان مستغنيين " اى يمكنهما تحصيل ما احتاجا إليه بمالهما (آت).
(4) " لن تنالوا البر " ظاهر الخبر أن المراد بالبر في الاية بر الوالدين ويمكن ان يكون المراد اعم منه ويكون ايرادها لشمولها بعمومها لها وعلى التقديرين الاستشهاد اما لاصل البر اولان اطلاق الاية شامل للانفاق قبل السؤال وحال الغنى لعدم التقييد فيها بالفقر والسؤال (آت).
[*]

[158]


عليه السلام وأما قول الله عزوجل: " إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما(1) " قال: إن أضجراك فلاتقل لهما: اف ; ولا تنهرهما إن ضرباك، قال: " وقل لهما قولا كريما " قال: إن ضرباك فقل لهما: غفر الله لكما، فذلك منك قول كريم، قال " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " قال: لا تملا عينيك(2) من النظر إليهما إلا برحمة ورقة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولايدك فوق أيديهما ولا تقدم قد امهما.
2 ابن محبوب، عن خالد بن نافع البجلي، عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أوصني فقال: لاتشرك بالله شيئا وإن حرقت بالنار وعذبت إلا وقلبك مطمئن بالايمان ; و ووالديك فأطعهما وبرهما حيين كانا أو ميتين وإن أمراك أن تخرج من أهلك و مالك فافعل فإن ذلك من الايمان.
3 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: يأتي يوم القيامة شئ مثل الكبة(4) فيدفع في ظهر المؤمن فيدخله الجنة، فيقال: هذا البر.
4 الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن منصور بن حازم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت: أي الاعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله عزوجل.
5 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبدالرحمن، عن درست بن أبي منصور، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وآله

___________________________________
(1) أى لا تزجرهما باغلاظ وصياح.
(2) الظاهر لا تملابالهمزة كمافى مجمع البيان وتفسير العياشى وأما على ما في بعض نسخ الكتاب [لاتمل] فلعله ابدلت الهمزة حرف علة ثم حذفت بالجازم فهو بفتح اللام المخففة ولعل الاستثناء في قوله " الا برحمة " منقطع والمراد بملئ العينين حدة النظر (آت).
(3) الظاهر ان واليك منصوب بفعل مقدر يفسره الفعل المذكور والكلام يفيد الحصرو التاكيد إن قدر المحذوف بعده والتأكيد فقط إن قدر قبله كذا قيل وأقول: يمكن أن يقدر فعل آخر أى وراع والديك فأطعهما بصيغة الامر من باب علم ونصر (آت).
(4) الكعبة: الدفعة في القتال؟ والحملة في الحرب والصدمة.
[*]

[159]


ماحق الوالد على ولده؟ قال: لا يسميه باسمه ; ولايمشي بين يديه، ولايجلس قبله ولا يستسب له(1).
6 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبدالله بن بحر، عن عبدالله بن مسكان، عمن رواه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال وأنا عنده لعبد الواحد الانصاري في برالوالدين في قول الله عزوجل: " وبالوالدين إحسانا " فظننا أنها الآية التى في بني إسرائيل " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه [وبالوالدين إحسانا] " فلما كان بعد سألته فقال: هي التي في لقمان " ووصينا الانسان بوالديه (حسنا) وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما " إن ذلك أعظم [من] أن يأمر بصلتهما وحقهما على كل حال " وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم "؟ فقال: لابل يأمر بصلتهما وإن جاهداه على الشرك مازاد حقهما إلا عظما(2).
7 عنه، عن محمد بن علي، عن الحكم بن مسكين، عن محمد بن مروان قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين وميتين ; يصلي عنهما، ويتصدق عنهما ; ويحج عنهما ; ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما، وله مثل ذلك فيزيده الله عزوجل ببره وصلته خيرا كثيرا.
8 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام: أدعو لوالدي إذا كانا لايعرفان الحق؟ قال: ادع لهما وتصدق عنهما ; وإن كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق.
9 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يارسول الله من أبر؟ قال:

___________________________________
(1) أى لايفعل مايصير سببا لسب الناس له كأن يسبهم أو آباء هم وقد يسب الناس والد من يفعل فعلا شنيعا قبيحا (آت).
(2) قال المجلسى (ره) في مرآة العقول: " هذا الحديث ضعيف وهو من الاخبار العويصة الغامضة التى كل فريق من الاماثل فيها واديا فلم يأتو بعد الرجوع بما يسمن أو يغنى من جوع و فيه إشكالات لفظية ومعنوية " فذكر رحمه الله الاشكالات الواردة ثم ذكر ماخطر بباله في معنى الحديث ثم شرع في ماقاله المشايخ العظام مفصلا، من أراد الاطلاع فليراجع هناك.
[*]

[160]


امك، قال: ثم من؟ قال: امك، قال: ثم من؟ قال: امك، قال: ثم من؟ قال: أباك.
10 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إنى راغب في الجهاد نشيط(1) قال: فقال له النبي صلى الله عليه وآله: فجاهد في سبيل الله فإنك إن تقتل تكن حيا عند الله ترزق وإن تمت فقد وقع أجرك على الله وإن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت، قال: يا رسول الله إن لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فقر مع والديك فوالذي نفسي بيده لانسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة.
11 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن معاوية ابن وهب، عن زكريا بن إبراهيم قال: كنت نصرانيا فأسلمت وحججت فدخلت.
على أبي عبدالله عليه السلام فقلت: إني كنت على النصرانية وإني أسلمت فقال: وأي شئ رأيت في الاسلام(2)؟ قلت: قول الله عزوجل: " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء(3) " فقال: لقد هداك الله ثم قال: اللهم اهده ثلاثا سل عما شئت يابني فقلت: إن أبي وامي على النصرانية وأهل بيتي ; وامي مكوفة ابصر فأكون معهم وآكل في آنيتهم؟ فقال يأكلون لحم الخنزير؟ فقلت: لاولا يمسونه، فقال: لا بأس(4) فانظر امك فبرها، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك، كن أنت الذي تقوم بشأنها ولا تخبرن أحدا أنك أتيتني حتى تأتيني بمنى

___________________________________
(1) في المصباح نشط في عمله من باب تعب: خف وأسرع، فهو نشيط.
(2) اى من الحجة والبرهان حتى صار سببا لاسلامك.
(3) الشورى: 52 أى ان الله ألقى الهداية في قلبى وهدانى للاسلام كما هو مضمون الاية الكريمة فصدقه عليه السلام بقوله: لقد هداك الله، ثم قال: اللهم اهده اى زد في هدايته أو أثبته عليها.
(4) تجويزه عليه السلام الاكل في آنية أهل الكتاب معهم لا يدل على طهارتهم وطهارة طعامهم مع مباشرتهم له بالرطوبة ولا عدم سراية النجاسة لامكان أن يأكل في آنيتهم طعاما طاهرا مع عدم مباشرتهم لما يأكله برطوبة وإن كان خلاف الظاهر، فلا ينافى ما هو المشهور فتوى وله رواية في نجاستهم ونجاسة ما باشروه بالرطوبة (لح).
اصول الكافي 10 [*]

[161]


إن شاء الله قال: فأتيته بمنى والناس حوله كأنه معلم صبيان(1)، هذا يسأله وهذا يسأله، فلما قدمت الكوفة ألطفت لامي وكنت اطعمها وافلي(2) ثوبها ورأسها و أخدمها فقالت لي: يا بني ماكنت تصنع بي هذا وأنت على ديني فما الذي أرى عنك منذها جرت فدخلت في الحنيفية؟ فقلت: رجل من ولد نبينا أمرني بهذا، فقالت: هذا الرجل هو نبي؟ فقلت: لا ولكنه ابن نبي، فقالت: با بني إن هذا نبي إن هذه وصايا الانبياء، فقلت: ياامه(3) إنه ليس يكون بعد نبينا نبي ولكنه ابنه فقالت: يا بني دينك خير دين، اعرضه علي فعرضته عليها فدخلت في الاسلام وعلمتها، فصلت الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة، ثم عرض لها عارض في الليل، فقالت: يا بني أعد علي ما علمتني فأعدته عليها، فأقرت به وماتت، فلما أصبحت كان المسلمون الذين غسلوها وكنت أنا الذي صليت عليها ونزلت في قبرها.
2 1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم ; وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن إسماعيل بن مهران، جميعا، عن سيف بن عميرة، عن عبدالله بن مسكان، عن عمار بن حيان(4) قال: خبرت أبا عبدالله عليه السلام ببر إسماعيل ابني بي، فقال: لقد كنت احبه وقدازددت له حبا، إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتته اخت له من الرضاعة(5) فلما نظر إليها سربها وبسط ملحفته(6) لها فأجلسها عليه ثم أقبل يحدثها ويضحك في وجهها، ثم قامت وذهبت وجاء أخوها، فلم يصنع به ما صنع بها، فقيل له: يا رسول الله صنعت باخته مالم تصنع به وهو رجل؟ ! فقال: لانها كانت أبر بوالديها منه.

___________________________________
(1) كان التشبيه في كثرة إجتماعهم وسؤالهم ولطفه عليه السلام في جوابهم وكونهم عنده بمنزلة الصبيان في إحتياجهم إلى المعلم (آت).
(2) في القاموس فلا رأسه يفليه كيفلوه: بحثه عن القمل كفلاه (آت).
(3) أصله يااماه.
(4) المذكور في رجال الشيخ من اصحاب الصادق عليه السلام عمار بن جناب بالجيم والنون والباء (آت).
(5) إخته وأخوه صلى الله عليه وآله من الرضاعة هما ولدا حليمة السعدية.
(6) في القاموس الملحفة والملحف بكسر هما مايلتحف به.
[*]

[162]


13 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف ابن عميرة، عن عبدالله بن مسكان، عن إبراهيم بن شعيب قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام إن أبي قد كبر جدا وضعف فنحن نحمله إذاأراد الحاجة؟ فقال: إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل ولقمه بيدك فإنه جنة لك غدا.
14 عنه، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح، عن جابر قال: سمعت رجلا يقول لابي عبدالله عليه السلام: إن لي أبوين مخالفين؟ فقال برهما كما تبر المسلمين ممن يتولانا(1) 15 علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، جميعا، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن عنبسة بن مصعب، عن أبي جعفرعليه السلام قال: ثلاث لم يجعل الله عز وجل لاحد فيهن رخصة: أداء الامانة إلى البر والفاجر والوفاء بالعهد للبر والفاجر وبر الوالدين بر ين كانا أو فاجرين.
16 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من السنة والبر أن يكنى الرجل باسم أبيه(2).
7 1 الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد ; وعلي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد جميعا، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: جاء رجل وسأل النبي صلى الله عليه وآله عن بر الوالدين فقال: ابر رامك ابر رامك ابررامك ابر رأباك ابر رأباك ابر رأباك وبدأ بالام قبل الاب.
18 الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: إني قد ولدت بنتا وربيتها حتى إذا بلغت فألبستها و حليتها ثم جئت بها إلى قليب فدفعتها في جوفه وكان آخر ما سمعت منها وهي تقول يا أبتاه(3)

___________________________________
(1) " كما تبر المسلمين " بصيغة الجمع اى للاجنبى المؤمن حق الايمان وللوالدين المخالفين حق الولادة فهما متساويان في الحق ويمكن أن يقرء بصيغة التثنية اى كما تبرهما لو كانا مسلمين فيكون التشبيه في اصل البرلا في مقداره لكنه بعيد (آت).
(2) في بعض النسخ [بأسم ابنه].
(3) القليب: البئر العادية القديمة، " وهى تقول " جملة حالية ومفعول تقول محذوف أى وهى تقول ماقالت أوضمير راجع إلى " ما " وقوله: ياأبتاه خبر كان (آت).
[*]

[163]


فما كفارة ذلك؟ ألك ام حية؟ قال: لا، قال: فلك خالة حية؟ قال: نعم، قال: فابر رها فإنها بمنزلة الام يكفر عنك ما صنعت، قال أبوخديجة: فقلت لابي عبدالله عليه السلام: متى كان هذا؟ فقال: كان في الجاهلية وكانوا يقتلون البنات مخافة أن يسبين فيلدن في قوم آخرين.
19 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان ابن سدير، عن أبيه قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: هل يجزي الولد والده؟ فقال: ليس له جزاء إلا في خصلتين يكون الوالد مملوكا فيشتريه ابنه فيعتقه أويكون عليه دين فيقضيه عنه.
20 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن عمرو ابن شمر، عن جابر(1) قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إني رجل شاب نشيط واحب الجهاد ولى والدة تكره ذلك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ارجع فكن مع والدتك فوالذي بعثني بالحق [نبيا] لا نسها بك ليلة خير من جهادك في سبيل الله سنة.
21 الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن عبدالله بن سنان عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن العبد ليكون برا بوالديه في حياتهما ثم يموتان فلا يقضي عنهما ديونهما ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقا، وإنه ليكون عاقا لهما في حياتهما غير بار بهما فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله عز وجل بارا.

_____________________________
(2) يعنى أشدهم عبادة أكثرهم أمانة. يقال: رجل ناصح الجيب أى أمين لاغش فيه، والجيب الصدر والقلب. ورجل ناصح الجيب أى نقى القلب.