باب الصمت وحفظ اللسان

1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال أبوالحسن الرضا عليه السلام: من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت ; إن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة(1) إنه دليل على كل خير.
2 عنه، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا حعفر عليه السلام يقول: إنما شيعتنا الخرس(2).
3 عنه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي علي الجواني، قال: شهدت أبا عبدالله عليه السلام وهو يقول لمولى له يقال له سالم ووضع يده على شفتيه وقال: يا سالم احفظ لسانك تسلم ولا تحمل الناس على رقابنا.
4 عنه، عن عثمان بن عيسى قال: حضرت أبا الحسن صلوات الله عليه وقال له رجل: أوصني فقال له: احفظ لسانك تعز ولا تمكن الناس من قيادك فتذل رقبتك(3).
5 عنه، عن الهيثم بن أبي مسروق، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل أتاه: ألا أدلك على أمريد خلك الله به الجنة؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: أنل مما أنالك الله(4)، قال: فان كنت أحوج ممن انيله؟ قال: فانصر المظلوم، قال: وإن كنت أضعف ممن أنصره؟ قال: فاصنع للاخرق(5) يعني أشر عليه(6)

___________________________________
(1) في بعض النسخ [الجنة].
(2) الخرس بالضم جمع الاخرس: اى هم لا يتكلمون باللغو الباطل وفيما لا يعلمون وفى مقام التقية، خوفا على أئمتهم وأنفسهم وأخوانهم، فكلامهم قليل فكأنهم خرس (آت).
(3) القياد ككتاب: حبل تقادبه الدابة.
وتمكين الناس من القيادة كناية عن تسلطهم واعطاء حجة لهم على ايذائه واهانته بترك التقية.
ونسبة الاذلال إلى الرقبة لظهور الذل فيها أكثر من سائر الاعضاء وفيه ترشيح للاستعارة السابقة لان القياديشد على الرقبة (آت)،
(4) أى أعطا لمحتاجين مما أعطاك الله تعالى.(آت).
(5) الخرق بالضم: الجهل والحمق، والاخرق: الجاهل بما يجب أن يعمله ومن لا يحسن التصرف في الامور ولم يكن في يديه صنعة يكتسب بها، ومنه الحديث " تعين صانعا أو تصنع لاخرق " (في).
(6) " أشر عليه " يعنى ارشده للخير وما ينبغى له.
[*]

[114]


قال: فان كنت اخرق ممن أصنع له؟ قال: فاصمت لسانك إلا من خير، أما يسرك أن تكون فيك خصلة من هذه الخصال تجرك إلى الجنة؟.
6 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال لقمان لابنه: يا بني إن كنت زعمت أن الكلام من فضة، فإن السكوت من ذهب.
7 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحلبي، رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أمسك لسانك، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك: ثم قال: ولا يعرف عبد حقيقة الايمان حتى يخزن من لسانه.
8 علي بن إبراهيم، عن أبيه ; ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبدالحميد، عن عبيد الله بن علي الحلبي، عن ابي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم(1) " قال: يعني كفوا ألسنتكم.
9 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحلبي، رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نجاة المؤمن [في] حفظ لسانه.
10 يونس، عن مثنى عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان أبوذر رحمه الله يقول: يا مبتغي العلم(2) إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر، فاختم على لسانك كما تختم على ذهبك وورقك(3).
11 حميد بن زياد، عن الخشاب، عن ابن بقاح، عن معاذ بن ثابت، عن عمرو ابن جميع عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان المسيح عليه السلام يقول: لا تكثر وا الكلام في غير ذكر الله، فان الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ولكن لايعلمون(4).
12 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن أبي جميلة

___________________________________
(1) النساء: 77.
(2) مبتغي العلم: طالبه.
(3) الورق: الفضة من الدراهم.
(4) فيه دلالة على أن كثرة الكلام في الامور المباحة يوجب قساوة القلب، واما الكلام في الامور الباطلة فقليله كالكثير في إيجاب القساوة والنهى عنه (آت).
[*]

[115]


عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ما من يوم إلا وكل عضو من أعضاء الجسد يكفر اللسان(1) يقول: نشدتك الله أن نعذب فيك.
3 1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن إبراهيم ابن مهزم الاسدي، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: إن لسان ابن آدم يشرف على جميع جوارحه كل صباح فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا ويناشدونه ويقولون: إنما: نثاب ونعاقب بك.
14 علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن إ براهيم بن عبدالحميد، عن قيس أبي إسماعيل وذكر أنه لا بأس به من أصحابنا رفعه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أوصني فقال: احفظ لسانك، قال: يا رسول الله أوصني قال: احفظ لسانك، قال: يا رسول الله أوصني، قال: احفظ لسانك، ويحك وهل يكب الناس على مناخر هم في النار إلا حصائد ألسنتهم(2).
15 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن ابن فضال، عمن رواه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه وحضر عذابه(3).
16 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يعذب الله اللسان بعذاب لايعذب به شيئا من الجوارح فيقول: أي رب عذ بتني بعذاب لام تعذب به شيئا، فيقال له: خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الارض ومغاربها، فسفك بهاالدم الحرام وانتهب بها المال الحرام وانتهك بها الفرج الحرام، وعزتي [وجلالي] لاعذبنك بعذاب لا اعذب به شيئا من جوارحك.

___________________________________
(1) يكفر اللسان أى يذل ويخضع والتكفير هو أن ينحنى الانسان ويطأطئ رأسه قريبا من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه.
" نشدتك الله " أى: سالتك بالله وأقسمت عليك (آت).
(2) يعنى ما يقطعون من الكلام الذى لاخير فيه، واحدتها حصيدة، تشبيها بما يحصدمن الزرع تشبيها بما يحصد من الزرع وتشبيها للسان وما يقطعه من القول بحد المنجل الذى يحصد به (في).
(3) انما حضر عذابه لانه أكثر مايكون يندم على ماقاله ولا ينفعه الندم ولانه قلما يكون كلام لايكون موردا للاعتراض ولا سيما إذا كثر.
ويمكن أن يكون المراد بحضور عذابه حضور أسبابه.
[*]

[116]


17 وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن كان في شئ شؤم ففي اللسان(1) 18 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ; والحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، جميعا، عن الوشاء قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: كان الرجل من بني إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين.
19 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن الغفاري، عن جعفر ابن إبراهيم قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من رأى موضع كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه(2).
20 أبوعلي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن سعيد بن يسار، عن منصور بن يونس، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: في حكمة آل داود: على العاقل أن يكون عارفا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه.
21 محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن الحسن بن رباط، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لايزال العبد المؤمن يكتب محسنا مادام ساكتا، فاذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا.

_____________________________
(1) الشوم: الشر، وشئ مشوم أى غير مبارك وكثرة شومه لكثرة المضرات والمفاسد المرتبة عليها لان له تعلقا بكل خير وشر، فميدان شره أوسع من ميدان شر جميع الجوارح، فمن أطلق عنانه في ميدانه أورده في مهاوى الهلاك ولا شوم أعظم من ذلك.
(2) يعنيه أى يهمه أو يعضده من عنيت به إذا هممت واشتغلت به. (لح).