باب الصبر

1 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي ابن رئاب، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الصبر رأس الايمان.
2 أبوعلي الاشعري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن فضيل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان.

[88]


3 علي بن إبراهيم، عن أبيه: وعلي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: يا حفص إن من صبر صبر قليلا وإن من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع امورك، فإن الله عزوجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله فأمره بالصبر والرفق، فقال: " واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا * وذرني والمكذبين اولي النعمة(1) " وقال تبارك وتعالى: " ادفع بالتي هي أحسن [السيئة] فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقيها إلا الذين صبرواو ما يلقيها إلا ذو حظ عظيم(2) "، فصبر رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نالوه بالعظائم ورموه بها(3)، فضاق صدره فأنزل الله عزوجل " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمدربك وكن من الساجدين(4) " ثم كذبوه ورموه، فحزن لذلك، فأنزل الله عزوجل " قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون * ولقد كذبت رسل من قبلك فصبرواعلى ما كذبوا واوذوا حتى أتاهم نصرنا(5) " فألزم النبي صلى الله عليه وآله نفسه الصبر، فتعدوا فذكروا الله(6) تبارك وتعالى وكذبوه، فقال: قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبرلي على ذكر إلهى، فأنزل الله عزوجل " ولقد خلقنا السماوات والارض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب * فاصبر.
على ما يقولون(7) " فصبر النبي صلى الله عليه وآله في جميع أحواله ثم بشر في عترته بالائمة و وصفوا بالصبر، فقال: جل ثناؤه: " وجعلنا هم أئمة يهدون بأمر نالما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون(8) " فعند ذلك قال صلى الله عليه وآله: الصبر من الايمان كالرأس من الجسد فشكر الله عزوجل ذلك له، فأنزل الله عزوجل " وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كن يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون(9) "

___________________________________
(1) المزمل: 10. والهجر الجميل هو أن يجانبهم ويداريهم ولا يكافيهم ويكل أمرهم إلى. الله تعالى: (لح).
(2) فصلت: 35 لفظة " السيئة " ليست في المصاحف ولكن هى موجودة في أكثر النسخ.
(3) أى الكذب والجنون
(6) في بعض النسخ [فذكرالله].
(4) الحجر: 97 و 98
(7) ق: 38. واللغوب: التعب والاعياء.
(5) الانعام: 33.
(8) السجدة: 24.
(9) الاعراف: 136 و " دمرنا " الدمار: الهلاك. " وماكانو يعرشون " أى من الاشجار والاعناب والثمار أو ماكانو يرفعونه من البنيان. [*]

[89]


فقال صلى الله عليه وآله: إنه بشرى وانتقام، فأباح الله عزوجل له قتال المشركين فأنزل [الله] " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصر وهم واقعدوا الهم كل مرصد(1) " واقتلوهم حيث ثقفتموهم(2) " فقتلهم الله على يدي رسول الله صلى الله عليه وآله و أحبائه وجعل له ثواب صبره مع ما ادخرله في الآخرة، فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر [الله] له عينه في أعدائه، مع ما يدخرله في الآخرة.
4 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي محمد عبدالله السراج، رفعه إلى علي بن الحسين عليهما السلام قال: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ; ولا إيمان لمن لا صبر له.
5 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبدالله، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد، فاذا ذهب الرأس ذهب الجسد، كذلك إذا ذهب الصبر دهب الايمان.
6 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن الحر حر على جميع أحواله، إن نابته نائبة(3) صبرلها وإن تداكت عليه المصائب(4) لم تكسره وإن اسر وقهر واستبدل باليسر عسرا(5) كما كان يوسف الصديق الامين صلوات الله عليه لم يضرر حريته أن استعبد وقهرواسر ولم تضرره ظلمة لجب و وحشته(6) وما ناله أن من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبد ا بعد إذكان [له] مالكا، فأرسله ورحم به امة وكذلك الصبر يعقب خيرا، فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر توجروا.
7 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن بكير، عن حمزة بن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الجنة محفوفة(7) بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة وجهنم محفوفة باللذات والشهوات

___________________________________
(1) التوبة: 6.
(2) البقرة: 191. ثقفه: صادفه أو أخذه أو ظفر به أو أدركه.
(3) النوب: نزول الامر كالنوبة أى أصابته مصيبة.
(4) تداكت: تداقت عليه مرة بعد اخرى. والتداكك: الازدحام. واصل الدك: الكسر.
(5) في بعض النسخ [بالعسر يسرا].
(6) الجب: البئر.
(7) حفه بالشئ كمده: أحاط به. [*]

[90]


فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار.
8 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبدالله بن مرحوم، عن أبي سيار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا دخل المؤمن في قبره، كانت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره والبر مظل عليه(1) ويتنحى الصبر ناحية، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساء لته قال الصبر للصلاة والزكاة والبر: دونكم صاحبكم، فإن عجزتم عنه فأنا دونه.
9 علي، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن عبدالله بن ميمون، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: دخل أمير المؤمنين صلوات الله عليه المسجد، فإذا هو برجل على باب المسجد، كئيب حزين، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: مالك؟ قال: يا أمير المؤمنين اصبت بأبي [وامي] وأخي وأخشى أن أكون قدوجلت(2)، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: عليك بتقوى الله والصبر تقدم عليه غدا ; والصبر في الامور بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد وإذا فارق الصبر الامور فسدت الامور.
10 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سماعة بن مهران، عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال لي: ما حبسك عن الحج؟ قال: قلت: جعلت فداك وقع علي دين كثير وذهب مالي، وديني الذي قد لزمني هو أعظم من ذهاب مالي، فلولا أن رجلا من أصحابنا أخرجني ما قدرت أن أخرج، فقال لي: إن تصبر تغتبط وإلا تصبر ينفذ الله مقاديره، راضيا كنت أم كارها.
11 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن الاصبغ قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: الصبر صبران: صبر عندالمصيبة، حسن جميل وأحسن من ذلك الصبر عندما حرم الله عزوجل عليك ; والذكر ذكران: ذكر الله عزوجل عند المصيبة وأفضل من ذلك ذكر الله عند ما حرم عليك، فيكون حاجزا.

___________________________________
(1) في بعض النسخ [مطل] بالمهملة واطل عليه: أشرف.
(2) لعل المراد بخشية الوجل خوفه أن يكون قد انشق مرارته من شدة ما أصابه من الالم أوالمعنى أخشى أن يكون حزنى بلغ حدا مذموما شرعا، فعبر عنه بالوجل.
[*]

[91]


2 1 أبوعلي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر، عن العرزمي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سيأتي على الناس زمان لاينال الملك فيه إلا بالقتل والتجبر، ولا الغنى إلا بالغصب والبخل، ولا المحبة إلا باستخراج الدين(1) واتباع الهوى ; فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على البغضة(2) وهو يقدر على المحبة، وصبر على الذل وهو يقدر على العز آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي.
13 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن إسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة قال: قال أبوجعفر عليه السلام: لما حضرت أبي علي بن الحسين عليهما السلام الوفاة ضمني إلى صدره وقال: يابني او صيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة وبما ذكر أن أباه أوصاه به يا بني اصبر على الحق وإن كان مرا.
14 عنه(3)، عن أبيه [عن يونس بن عبدالرحمن] رفعه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الصبر صبران: صبر على البلاء، حسن جميل، وأفضل الصبرين الورع عن المحارم.
15 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: أخبرني يحيى بن سليم الطائفي قال: أخبرني عمر وبن شمر اليماني، يرفع الحديث إلى علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة وصبر على الطاعة وصبر عن المعصية(4)، فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الارض ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الارض(5) إلى العرش ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الارض إلى منتهى العرش.

___________________________________
(1) أى طلب خروج الدين من القلب أو بطلب خروجهم من الدين (آت).
(2) أى بغضة الناس له لعدم اتباعه أهواء هم.
(3) الظمير راجع إلى أحمد فتنسحب عليه العدة (آت).
(4) في بعض النسخ [على المعصية].
(5) في الصحاح التخم: منتهى كل قرية أو أرض والجمع تخوم كفلس وفلوس.
[*]

[92]


16 عنه، عن علي بن الحكم، عن يونس بن يعقوب قال: أمرني أبوعبدالله عليه السلام أن آتي المفضل واعزيه باسماعيل وقال: اقرأ المفضل السلام(1) وقل له: إنا قد اصبنا بإسماعيل فصبرنا، فاصبر كما صبرنا، إنا أردنا أمرا وأراد الله عزوجل أمرا، فسلمنا لامر الله عزوجل.
17 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: من ابتلي من من المؤمنين ببلاء فصبر عليه، كان له مثل أجر ألف شهيد.
18 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله عزوجل أنعم على قوم، فلم يشكروا، فصارت عليهم وبالا ; وابتلى قوما بالمصائب فصبروا، فصارت عليهم نعمة.
19 علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا، عن ابن أبي عمير، عن أبراهيم بن عبدالحميد، عن أبان بن أبي مسافر، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا(2) " قال: اصبروا على المصائب.
وفي رواية ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: صابروا على المصائب(3).
20 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن محمد بن أبي جميلة، عن جده أبي جميلة، عن بعض أصحابه قال: لولا أن الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا(4).
21 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق ابن عمار وعبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله عزوجل: إني جعلت الدنيا بين عبادي قرضا، فمن أقر ضني منها قرضا أعطيته

___________________________________
(1) الظاهر أنه مفضل بن عمر (آت).
(2) آل عمران: 200.
(3) كأنه تتمة الخبر الثانى المتقدم من باب إداء الفرائض ص 81.
(4) الفطر: الشق، يقال: فطره فانفطر وتفطر. والصفا: جمع الصفاة وهى الصلد الضخم.

[93]


بكل واحدة عشرا إلى سبعمائة ضعف وما شئت من ذلك ; ومن لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه شيئا قسرا [فصبر] أعطيته ثلاث خصال لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا بها مني قال: ثم تلا أبوعبدالله عليه السلام قول الله عزوجل: " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا الله وإنا إليه راجعون * اولئك عليهم صلوات من ربهم (فهذه واحدة من ثلاث خصال) ورحمة (اثنتان) واولئك هم المهتدون(1) " ثلاث، ثم قال أبوعبدالله عليه السلام: هذا لمن أخذ الله منه شيئا قسرا.
22 علي بن إبراهيم، عن أبيه: وعلي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن يحيى بن آدم، عن شريك، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: مروة الصبر(2) في حال الحاجة والفاقة والتعفف والغنا(3) أكثر من مروة الاعطاء.
23 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لابي جعفر عليه السلام يرحمك الله ما الصبر الجميل؟ قال: ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس.
24 حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن عبدالرحمن بن سيابة، عن أبي النعمان، عن أبي عبدالله أو أبي جعفر عليهما السلام قال: من لا يعد الصبر لنوائب الدهر يعجز.
25 أبوعلي الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن بعض أصحابه عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إنا صبر(4) وشيعتنا أصبر منا، قلت: جعلت فداك كيف صار شيعتكم أصبر منكم؟ قال: لانا نصبر على ما نعلم وشيعتنا يصبرون على مالا يعلمون.

___________________________________
(1) البقرة: 175.
(2) في بعض النسخ [مرارة] في الموضعين.
(3) في بعض النسخ [العناء] بالمهملة.
(4) بضم الصاد وتشديد الباء المفتوحة جمع الصابر.
[*]