باب آخر منه

1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود العجلي، عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماء عذبا وماء مالحا اجاجا، فامتزج الماء ان، فأخذ طينا من أديم الارض فعركه عركا شديدا، فقال لاصحاب اليمين وهم كالذر يدبون: إلى الجنة بسلام وقال لاصحاب الشمال: إلى النار ولا ابالي، ثم قال: " ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين "(1)، ثم أخذ الميثاق على النبيين، فقال: ألست بربكم وأن هذا محمد رسولي، وأن هذا علي أمير المؤمنين؟ قالوا: بلى فثبتت لهم النبوة وأخذ الميثاق على اولي العزم أنني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزان علمي عليهم السلام وأن المهدي أنتصر به لديني واظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي واعبد به طوعا وكرها قالوا: أقررنا يا رب وشهدنا، ولم يجحد آدم ولم يقر فثبتت العزيمة لهؤلاء الخسمة في المهدي ولم يكن لآدم عزم على الاقرار به وهو قوله عزوجل: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجدله عزما " قال: إنما هو: فترك(2) ثم أمر نارا فاججت(3) فقال لاصحاب الشمال: ادخلوها فهابوها، وقال لاصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها فكانت عليهم بردا وسلاما، فقال أصحاب الشمال: يارب أقلنا، فقال: قد أقلتكم اذهبوا فاد خلوها، فها بوها، فثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية.
2 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ; وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الله عزوجل لما أخرج ذرية آدم عليه السلام من ظهره(4) ليأخذ عليهم الميثاق بالربوبية

___________________________________
(1) الاعراف: 172.
(2) أى معنى النسيان هنا الترك لان النسيان غير مجوز على الانبياء عليهم السلام، أو كان في قراء تهم عليهم السلام " فترك " مكان فنسى. ولعل السر في عدم عزم آدم على الاقرار بالمهدى استبعاده أن يكون لهذا النوع الانسانى اتفاق على أمر واحد.
(3) الاجيج: تلهب النار.
(4) في بعض النسخ (صلبه).

[9]


له وبالنبوة لكل نبي فكان أول من أخذله عليهم المثياق بنبوته محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله ثم قال الله عزوجل لآدم: انظر ماذا ترى، قال: فنظر آدم عليه السلام إلى ذريته وهم ذر قد ملاوا السماء، قال آدم عليه السلام: يارب ما أكثر ذريتي ولامرما خلقتهم؟ فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم؟ قال الله عزوجل: يعبدونني لا يشركون بي شيئا ويؤمنون برسلي ويتبعونهم، قال آدم عليه السلام: يارب فمالي أرى بعض الذر أعظم من بعض وبعضهم له نوركثير وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور؟ فقال الله عز وجل: كذلك خلقتهم لابلوهم في كل حالاتهم، قال آدم عليه السلام: يارب فتأذن لي في الكلام فأتكلم؟ قال الله عزوجل: تكلم فإن روحك من روحي وطبيعتك [من] خلاف كينونتي: قال آدم: يارب فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر واحد و طبيعة واحدة وجبلة واحدة وألوان واحدة وأعمار واحدة وأرزاق سواء لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في شئ من الاشياء، قال الله عزوجل يا آدم بروحي نطقت وبضعف طبيعتك(1) تكلفت ما لا علم لك به وأنا الخالق العالم(2)، بعلمي خالفت بين خلقهم وبمشيئتي يمضي فيهم أمري وإلى تدبيري وتقديري صائرون، لا تبديل لخلقي، إنما خلقت الجن والا نس ليعبدون وخلقت الجنة لمن أطاعني وعبدني منهم واتبع رسلي ولا ابالي وخلقت النار لمن كفربي و عصاني ولم يتبع رسلي ولا ابالي: وخلقتك وخلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك وإليهم وإنما خلقتك وخلقتهم لابلوك وأبلوهم أيكم(3) أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم فلذلك خلقت الدينا والآخرة والحياة والموت والطاعة والمعصية والجنة والنار وكذلك أردت في تقديري وتدبيري، وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوا نهم وأعمار هم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم، فجعلت منهم الشقي والسعيد والبصير والاعمى والقصير والطويل والجميل والدميم(4) والعالم والجاهل والغني والفقير والمطيع والعاصي والصحيح والسقيم ومن به الزمانة ومن لا عاهة به، فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته، وينظر الذي به

___________________________________
(1) في بعض النسخ (قوتك)
(2) في بعض النسخ (العليم).
(3) في بعض النسخ (أيهم).
(4) الدميم 6 القبيح وفى بعض النسخ (الذميم)

[10]


العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن اعافيه ويصبر على بلائي فاثيبه جزيل عطائي، وينظر الغني إلى لفقير فيحمدني ويشكر ني، وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني، وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ماهديته فلذلك خلقتهم(1) لابلوهم في السراء والضراء وفيما اعافيهم وفيما أبتليهم وفيما اعطيهم وفيما أمنعهم وأناالله الملك القادر، ولي أن أمضي جميع ماقدرت على ما دبرت ولي أن أغير من ذلك ماشئت إلى ماشئت واقدم من ذلك ما أخرت واؤخر من ذلك ما قدمت وأنا الله الفعال لما اريد(2) لا اسأل عما أفعل وأنا أسأل خلقي عما هم فاعلون.
3 محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن عبدالله بن محمد الجعفي وعقبة جميعا، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عز وجل خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة وخلق من أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الضلال فقلت: وأي شئ الظلال؟ فقال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شيئا وليس بشئ، ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الاقرار بالله عزوجل وهو قوله عزوجل: " ولئن سالتهم من خلقهم ليقولن الله(3) " ثم دعوهم إلى الاقرار بالنبيين فأقر بعضهم وأنكر بعض، ثم دعوهم إلى ولا يتنا فأقر بها والله من أحب وأنكر ها من أبغض وهو قوله: " ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوابه من قبل(4) " ثم قال أبوجعفر عليه السلام: كان التكذيب ثم.

_____________________________
(1) في بعض النسخ [ماهديتهم فلذلك كلفتهم]
(2) في بعض النسخ [يريد].
(3) راجع لقمان: 25.
(4) الاعراف: 101