باب آخر منه وفيه زيادة وقوع التكليف الاول(2)

1 أبوعلي الاشعري ومحمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو علم الناس كيف ابتداء الخلق مااختلف اثنان، إن الله عزوجل قبل أن يخلق الخلق قال: كن ماء عذبا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي وكن ملحا اجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي ثم أمرهما فامتزجا، فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن ثم أخذ طينا من أديم الارض فعر كه عركا شديدا(3) فاذا هم كالذر يدبون، فقال لاصحاب اليمين: إلى الجنة بسلام وقال لاصحاب الشمال: إلى النار ولا أبالي، ثم أمر نارا فاسعرت، فقال لا صحاب الشمال: ادخلوها، فهابوها(4)، فقال لاصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها، فقال: كوني بردا وسلاما فكانت برداو سلاما فقال أصحاب الشمال: يارب أقلنا(5)

___________________________________
(2) انما افرد لتلك الاخبار بابا لاشتمالها على أمر زائد لم يكن في الاخبار السابقة، رعاية لضبط العنوان بحسب الامكان (آت).
(3) اديم الارض: ظاهره وكذا السماء. والعرك: الدلك.
(4) هابه يهابه هيبا ومهابة: خافه.
(5) من الاقالة. [*]

[7]


فقال: قد أقلتكم فادخلوها، فذهبوا فهابوهها، فثم ثبتت الطاعة والمعصية فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ; ولا هؤلاء من هؤلاء(1).
2 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة أن رجلا سأل أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: " وإذ أخذربك من بني آدم من ظهورهم ذر يتهم وأشهد هم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى إلى آخر الآية " فقال وأبوه يسمع عليهما السلام حدثني أبي أن الله عزوجل قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم عليه السلام فصب عليها الماء العذب الفرات ثم تركها أربعين صباحا، ثم صب عليها الماء المالح الاجاج فتركها أربعين صباحا، فلما اختمرت الطينة أخذها فعركها عركا شديدا فخرجوا كالذر من يمينه وشماله وأمر هم جميعا أن يقعوا في النار، فدخل أصحاب اليمين، فصارت عليهم برداو سلاما وأبى أصحاب الشمال أن يدخلوها.
3 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله عزوجل لما أراد أن يخلق آدم عليه السلام أرسل الماء على الطين، ثم قبض قبضة فعركها ثم فرقها فرقتين بيده ثم ذرأهم فإذاهم يدبون، ثم رفع لهم نارا فأمر أهل الشمال أن يدخلوها فذهبوا إليها فها بوها فلم يدخلوها ثم أمر أهل اليمين أن يدخلوها فذهبوا فدخلوها فأمر الله عزوجل النار فكانت عليهم بردا وسلاما، فلما رأى ذلك أهل الشمال قالوا: ربنا أقلنا، فأقالهم، ثم قال لهم: ادخلوها فذهبوا فقاموا عليها ولم يدخلوها، فأعادهم طينا(2) وخلق منها آدم عليه السلام وقال أبوعبدالله عليه السلام: فلن يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء ولا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء.
قال: فيرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله أول من دخل تلك النار فلذلك قوله عزوجل: " قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين(3) ".

___________________________________
(1) لا يبعد أن يكون الماء العذب كناية عماخلق الله عالى في الانسان من الدواعي إلى الخير والصلاح كلعقل والنفس الملكوتي، والماء الاجاج عما ينافى ويعارض ذلك من الدواعي إلى الشهوات ويكون مزجهما كناية عن تركيبهما في الانسان، فقوله: " أخلق منك " أي من أجلك جنتي وأهل طاعتى إذ لولا ما في الانسان من جهة الخير لم يكن لخلق الجنة فائدة ولم يكن يستحقها أحد ولم يصر أحد مطيعا له تعالى وكذا قوله " أخلق منك نارى " إذ لولا ما في الانسان من دواعي الشرور لم يكن يعصي الله أحد ولم يحتج إلى خلق النار للزجر عن الشرور (آت)
(2) عبر عن إظهاره إياهم في عالم الخلق مفصلة متفرقة مبسوطة متدرجة بالاعادة لان هذا الوجود مباين لذلك متعقب له (في).
(3) الزخرف: 81.
[*]