كتاب فضل القرآن

1 علي بن محمد، عن علي بن العباس، عن الحسين بن عبدالرحمن، عن سفيان الحريري(1)، عن أبيه، عن سعد الخفاف، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا سعد تعلموا القرآن فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق والناس صفوف عشرون ومائة ألف صف ; ثمانون ألف صف امة محمد وأربعون ألف صف من سائر الامم فيأتي على صف المسلمين في صورة رجل فيسلم فينظرون إليه ثم يقولون: لا إله إلا الله الحليم الكريم إن هذا الرجل من المسلمين نعرفه بنعته وصفته غير أنه كان أشد اجتهادا منا في القرآن فمن هناك أعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه ثم يجاوز حتى يأتي على صف الشهداء فينظرون إليه [الشهداء] ثم يقولون: لا إله إلا الله الرب الرحيم إن هذا الرجل من الشهداء نعرفه بسمته(2) وصفته غير أنه من شهداء البحر فمن هناك اعطي من البهاء والفضل مالم نعطه، قال: فيتجاوز حتى يأتي [على] صف شهداء البحر في صورة شهيد فينظر إليه شهداء البحر فيكثر تعجبهم يقولون: إن هذا من شهداء البحر نعرفه بسمته وصفته غير أن الجزيره التي اصيب فيها كانت أعظم هولا من الجزيرة التي اصبنا فيها فمن هناك اعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه، ثم يجاوز حتى يأتي صف النبيين والمرسلين في صورة نبي مرسل فينظر النبيون

___________________________________
(1) في بعض النسخ [صفوان الحريرى].
(2) السمت: الطريق ويستعار لهيئة أهل الخير.
[*]

[597]


والمرسلون إليه فيشتد لذلك تعجبهم ويقولون: لا إله إلا الله الحليم الكريم إن هذا النبي مرسل نعرفه بسمته وصفته غير أنه أعطي فضلا كثيرا، قال: فيجتمعون فيأتون رسول الله صلى الله عليه واله فيسألونه ويقولون: يا محمد من هذا؟ فيقول لهم: أو ما تعرفونه؟ فيقولون ما نعرفه هذا ممن لم يغضب الله عليه، فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا حجة الله على خلقه فيسلم ثم يجاوز حتى يأتي على صف الملائكة في سورة ملك مقرب فتنظر اليه الملائكة فيشتد تعجبهم ويكبر ذلك عليهم لما رأوامن فضله ويقولون: تعالى ربنا وتقدس إن هذا العبد من الملائكه نعرفه بسمته وصفته غير أنه كان أقرب الملائكة إلى الله عزوجل مقاما فمن هناك البس من النور والجمال ما لم نلبس، ثم يجاوز حتى ينتهي إلى رب العزة تبارك وتعالى فيخر تحت العرش فيناديه تبارك وتعالى يا حجتي في الارض وكلامي الصادق الناطق ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع فيرفع رأسه فيقول الله تبارك وتعالى: كيف رأيت عبادي؟ فيقول: يا رب منهم من صانني وحافظ علي ولم يضيع شيئا ومنهم من ضيعني واستخف بحقي وكذب بي وأنا حجتك على جميع خلقك، فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لاثيبن عليك اليوم أحسن الثواب ولا عاقبن عليك اليوم أليم العقاب قال: فيرجع(1) القرآن رأسه في صورة اخرى ; قال: فقلت له: يا أبا جعفر في أي صورة يرجع؟ قال: في صورة رجل شاحب متغير يبصره أهل الجمع(2) فيأتي الرجل من شيعتنا الذي كان يعرفه ويجادل به أهل الخلاف فيقوم بين يديه فيقول: ما تعرفني؟ فينظر إليه الرجل فيقول: ما أعرفك يا عبدالله، قال: فيرجع في صورته التي كانت في الخلق الاول و يقول: ما تعرفني؟ فيقول: نعم، فيقول القرآن: أنا الذي أسهرت ليلك وأنصبت عيشك سمعت الاذى ورجمت بالقول في، ألا وإن كل تاجر قد استوفى تجارته

___________________________________
(1) في بعض النسخ [فيرفع].
(2) شحب لونه كمنع ونصر وكرم وعمى: تغير من هزال أو جوع أو سفر وفى بعض النسخ
[شاحب متغير ينكره أهل الجمع].
[*]

[598]


وأنا وراء‌ك اليوم، قال: فينطلق به إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقول: يارب يارب عبدك وأنت أعلم به قد كان نصبا بي(1)، مواظبا علي، يعادى بسببي ويحب في ويبغض، فيقول الله عزوجل: أدخلو عبدي جنتي واكسوه حلة من حلل الجنة وتوجوه بتاج، فإذا فعل به ذلك عرض على القرآن فيقال له: هل رضيت بما صنع بوليك؟ فيقول: يا رب إني أستقل هذا له فزده مزيد الخير كله، فيقول: وعزتي وجلالي وعلوي وارتفاع مكاني لانحلن له اليوم خمسة أشياء مع المزيد له ولمن كان بمنزلته، إلا أنهم شباب لا يهرمون وأصحاء لايسقمون وأغنياء لا يفتقرون وفرحون لا يحزنون وأحياء لايموتون.
ثم تلا هذه الآية " لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى(2) " قال قلت: جعلت فداك يا أبا جعفر وهل يتكلم القرآن فتبسم ثم قال: رحم الله الضعفاء من شيعتنا إنهم أهل تسليم ثم قال: نعم يا سعد والصلاة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى، قال سعد: فتغير لذلك لوني وقلت، هذا شئ لا أستطيع [أنا] أتكلم به في الناس فقال أبوجعفر: وهل الناس إلا شيعتنا فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقنا ثم قال: يا سعد اسمعك كلام القرآن؟ قال سعد: فقلت: بلى صلى الله عليك، فقال: " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر " فالنهى كلام والفحشاء والمنكر رجال ونحن ذكر الله ونحن أكبر.
2 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيها الناس إنكم في دار هدنة(3) وأنتم على ظهر سفر والسير بكم سريع وقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كل جديد ويقربان كل بعيد ويأتيان بكل موعود فأعدوا الجهاز(4) لبعد المجاز

___________________________________
(1) في بعض النسخ [في] ونصب الرجل بالكسر: نصبا: تعب وأنصبه غيره.
(2) الدخان: 56.
(3) الهدنة: السكون والصلح والموادعة بين المسلمين والكفار وبين كل متحاربين.
(4) في بعض النسخ [فأعدوا الجهاد].
[*]

[599]


قال: فقام المقداد بن الاسود فقال: يا رسول الله وما دار الهدنة؟ قال: دار بلاغ و انقطاع فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وما حل مصدق(1) ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار وهو الدليل يدل على خير سبيل وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل وهو الفصل ليس بالهزل وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق، له نجوم وعلى نجومه نجوم(2) لاتحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة(3) فليجل جال بصره وليبلغ الصفة نظره، ينج من عطب(4) ويتخلص من نشب(5) فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص(6) 3 علي، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن سماعة بن مهران قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: إن العزيز الجبار أنزل عليكم كتابه وهو الصادق البار، فيه خبركم وخبر من قبلكم وخبر من بعدكم وخبر السماء والارض ولو أتاكم من يخبركم عن ذلك لتعجبتم.

___________________________________
(1) شافع مشفع اى مقبول الشفاعة.
ويقال: محل به إذا سعى به إلى السلطان وهو ماحل و محول وفى الدعاء " فلا تجعله ماحلا مصدقا " ولعله من هنا قيل في معناه: يمحل بصاحبه أى يسعى به إذا لم يتبع ما فيه إلى الله تعالى.
(2) الانق: الفرح والسرور قد أنق بالكسر يأنق الشئ أحبه وأنيق أى حسن معجب و قوله: " له نجوم وعلى نجومه نجوم " أى آيات تدل على أحكام الله تهتدى بها وفيه آيات تدل على هذه الايآت وتوضيحها ان المراد بالنجوم الثالث السنة فان السنة توضيح القرآن أو الائمة عليهم السلام العالمون بالقرآن وفى بعض نسخ الحديث وبعض نسخ الكتاب [له تخوم وعلى تخومه تخوم] والتخوم على ما قيل: جمع تخم بمعنى منتهى الشئ.
(3) في بعض النسخ [ودليل على المعرفة] أى لمن عرف كيفية التعرف واشارات القرآن ونكات بيانه ويعلم معاريضه
(4) العطب: الهلاك.
(5) النشب في الشئ إذا وقع فيما لامخلص له منه.
(6) التربص: الانتظار.
[*]

[600]


4 محمد يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود قال: قال أبوجعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم امتي، ثم أسألهم ما فعلتم بكتاب الله وبأهل بيتي.
5 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن هذا القرآن فيه منار الهدى ومصابيح الدجى فليجل جال بصره ويفتح للضياء نظره فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الضلمات بالنور.
6 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي جميلة قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: كان في وصية أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه: اعلموا أن القرآن هدى النهار ونور الليل المظلم على ما كان من جهد وفاقة(1).
7 علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله، عن آبائه عليهم السلام قال: شكار جل إلى النبي صلى الله عليه وآله وجعا في صدره فقال صلى الله عليه وآله: استشف بالقرآن فإن الله عزوجل يقول: " وشفاء لما في الصدور(2) ".
8 أبوعلي الاشعري، عن بعض أصحابه، عن الخشاب، رفعه قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: لا والله ولا يرجع الامر والخلافة إلى آل أبي بكر وعمر أبدا ولا إلى بني امية أبدا ولا في ولد طلحة والزبير ابدا وذلك أنهم نبذوا القرآن وأبطلوا السنن وعطلوا الاحكام، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: القرآن هدى من الضلالة وتبيان من العمى واستقالة من العثرة ونور من الظلمة(3) وضياء من الاحداث وعصمة من الهلكة ورشد من

___________________________________
(1) أى يغنيك على ما كان لك من الشدة والفاقة.
(2) يونس: 57.
(3) في بعض النسخ [الضلالة].
[*]

[601]


الغوايه وبيان من الفتن وبلاغ من الدنيا إلى الآخره وفيه كمال دينكم وما عدل أحد عن القرآن إلا إلى النار.
9 حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن القرآن زاجر وآمر يأمر بالجنة ويزجر عن النار.
10 علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن سعد الاسكاف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اعطيت السور الطوال مكان التوارة و اعطيت المئين مكان الانجيل واعطيت المثاني مكان الزبور وفضلت بالمفصل ثمان وستون سورة وهو مهيمن على سائر الكتب والتوراة لموسى والانجيل لعيسى والزبور لداود(1).
11 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يجيئ القرآن يوم القيامة في أحسن منظور إليه صورة فيمر بالمسلمين فيقولون: هذا الرجل منا فيجاوز هم إلى النبيين فيقولون: هو منا فيجاوزهم إلى الملائكة المقربين فيقولون: هو منا حتى ينتهي إلى رب العزة عزوجل فيقول: يا رب فلان بن فلان أظمأت هو اجره(2) وأسهرت ليله في دار الدنيا وفلان بن فلان لم أظمأ هو اجره ولم أسهر ليله، فيقول تبارك وتعالى: أدخلهم الجنة على منازلهم فيقوم فيتبعونه، فيقول للمؤمن: اقرأ وارقه(3) قال: فيقرأ ويرقى حتى يبلغ كل رجل منهم منزلة التي هي له فينزلها.

___________________________________
(1) السور الطول كصرد هى السبع الاول بعد الفاتحة على أن تعد الانفال والتوبة واحدة [لنزولها جميعا في مغازى النبى صلى الله عليه وآله وتدعيان قرينتين ولذلك لم يفصل بينهما بالبسملة] أو السابعة سورة يونس والمثانى هى السبع التى بعد هذا السبع سميت بها لانها ثنتها واحدها مثنى مثل معانى ومعنى وقد تطلق المثانى على سور القرآن كلها طوالها وقصارها وأما المئون فهى من بنى اسرائيل إلى سبع سور سميت بهالان كلا منها على نحو من مائه أية كذا في بعض التفاسير (في).
(2) جمع الهاجرة وهى شدة جر النهار.
(3) الهاء للوقف.
[*]

[602]


12 علي بن إبراهيم، عن أبيه ; وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وسهل ابن زياد، جميعا، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن يونس بن عمار قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: إن الدواوين يوم القيامة ثلاثة: ديوان فيه النعم وديوان فيه الحسنات وديوان فيه السئات، فيقابل بين ديوان النعم وديوان الحسنات فتستغرق النعم عامة الحسنات ويبقى ديوان السيئات فيدعى بابن آدم المؤمن للحساب فيتقدم القرآن أمامه في أحسن صورة فيقول: يا رب أنا القرآن وهذا عبدك المؤمن قد كان يتعب نفسه بتلاوتي ويطيل ليله بترتيلي وتفيض عيناه إذا تهجد فأرضه كما أرضاني قال: فيقول العزيز الجبار: عبدي أبسط يمينك فيملا هامن رضوان الله العزيز الجبار ويملا شماله من رحمة الله، ثم يقال: هذه الجنة مباحة لك فاقرأ واصعد فإذا قرأ آية صعد درجة.
13 علي بن إبراهيم، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم ابن محمد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: قال علي ابن الحسين عليهما السلام: لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي.
وكان عليه السلام إذا قرأ " مالك يوم الدين " يكررها حتى كاد أن يموت.
14 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبدالحميد عن إسحاق بن غالب قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: إذا جمع الله عزو جل الاولين و الآخرين إذاهم بشخص قد أقبل لم يرقط أحسن صورة منه فإذا نظر إليه المؤمنون وهو القرآن قالوا: هذا منا، هذا أحسن شئ رأينا فإذا انتهى إليهم جازهم، ثم ينظر إليه الشهداء حتى إذا انتهى إلى آخرهم جازهم فيقولون: هذا القرآن، فيجوزهم كلهم حتى إذا انتهى إلى المرسلين فيقولون: هذا القرآن، فيجوزهم حتى ينتهي إلى الملائكة فيقولون: هذا القرآن فيجوزهم [ثم ينتهي] حتى يقف عن يمين العرش فيقول الجبار: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لاكرمن اليوم من أكرمك ولا هينن من أهانك.