باب حقيقة الايمان واليقين

1 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن إسماعيل بن

[53]


بزيع، عن محمد بن عذافر، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض أسفاره إذ لقيه ركب، فقالوا: السلام عليك يا رسول الله، فقال: ماأنتم؟ فقالوا: نحن مؤمنون يا رسول الله، قال فما حقيقة إيمانكم؟ قالوا: الرضا بقضاء الله والتفويض إلى الله والتسليم لامر الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: علماء حكماء(1) كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فان كنتم صادقين فلا تبنوا مالا تسكنون ولا تجمعوا مالا تأكلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون
2 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ; وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن أبي محمد الوابشي وإبراهيم بن مهزم، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى بالناس الصبح، فنظر إلى شاب في المسجد وهو يخفق ويهوي(2) برأسه، مصفرالونه، قد نحف جسمه و غارت عيناه في رأسه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: كيف أصبحت يا فلان؟ قال: أصبحت يا رسول الله موقنا، فعجب رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله(3) وقال: إن لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك؟ فقال: إن يقيني يا رسول الله هو الذي أحزنني وأسهر ليلي وأظمأ هواجري فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها(4) حتى كأني أنظر إلى عرش ربي وقد نصب للحساب وحشر الخلائق لذلك وأنا فيهم وكأني أنظر إلى أهل الجنة، يتنعمون في الجنة ويتعارفون وعلى الارائك متكئون وكأني أنظر إلى أهل النار وهم فيها معذبون مصطرحون وكأني الآن أسمع زفير النار، يدور في مسامعي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه: هذا عبد نور الله قلبه بالايمان، ثم قال له: الزم ما أنت عليه، فقال الشاب: ادع الله لي يا رسول الله أن ارزق الشهادة معك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي صلى الله عليه وآله فاستشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر.

___________________________________
(1) في بعض النسخ [حلماء] والحلم بالكسر: العقل ومنه قوله تعالى: " أم تأمرهم أحلامهم "
(2) يقال خفق برأسه إذا أخذته سنة من النعاس فمال رأسه دون سائر جسده (لح)
(3) لانه أخبر بشئ نادر الوقوع موجب لحمده واستحسانه صلى الله عليه واله (لح).
(4) الهاجرد: نصف النهار عند زوال الشمس. وعزفت نفسى نه أى زهدت فيه [*]

[54]


3 محمد بن يحيى: عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله حارثة بن مالك بن النعمان الانصاري فقال له: كيف أنت يا حارثة بن مالك؟ فقال: يا رسول الله مؤمن حقا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لكل شئ حقيقة فما حقيقة قولك؟ فقال: يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت هو اجري وكأني أنظر إلى عرش ربي [و] قد وضع للحساب وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة وكأني أسمع عواء(1) أهل النار في النار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: عبد نور الله قلبه، أبصرت فاثبت، فقال: يا رسول الله ادع الله لي أن يرزقني الشهادة معك، فقال: اللهم ارزق حارثة الشهادة، فلم يلبث إلا أياما حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سرية فبعثه فيها، فقاتل فقتل تسعة أو ثمانية ثم قتل.
وفي رواية القاسم بن بريد، عن أبي بصير قال: استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر وكان هو العاشر.
4 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: إن على كل حق حقيقة و على كل صواب نورا.

_____________________________
(1) العواء. الصياح وكأنه بالذئب والكلب اخص.