باب [خصال المؤمن]

1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل ابن صالح، عن عبدالملك بن غالب، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثماني خصال: وقورا عند الهزاهز(1)، صبورا عند البلاء، شكورا عندالرخاء، قانعا بمارزقه الله، ايظلم الاعداء ولا يتحامل للاصدقاء، بدنه منه في تعب والناس منه في راحة، إن العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل أمير جنوده، والرفق أخوه، والبر والده.
2 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: الايمان له أركان أربعة: التوكل على الله، وتفويض الامر إلى الله، والرضا بقضاء الله، والتسليم لامر الله عزوجل.
3 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه عمن ذكره، عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إنكم لاتكونون صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفون حتى تصد قوا ولا تصدقون حتى تسلموا أبوابا أربعة لا يصلح أولها إلا بآخرها، ضل أصحاب الثلاثة وتاهواتيها بعيد ا، إن الله تبارك وتعالى لايقبل إلا العمل الصالح، ولا يتقبل الله إلا بالوفاء بالشروط والعهود، ومن وفى الله بشروطه واستكمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل وعده، إن الله عزوجل أخبر العباد بطريق الهدى وشرع لهم فيها المنار، وأخبرهم كيف يسلكون، فقال: " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى(2) " وقال: " إنما يتقبل الله من المتقين(3) " فمن اتقى الله عزوجل فيما أمره لقي الله عزوجل مؤمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا(4) أنهم آمنوا، وأشركوا من حيث لا يعلمون إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ومن أخذ في غيرها سلك طريق الرى، وصل الله

___________________________________
(1) الهزاهز: الفتن التى يفتتن الناس بها.
(2) طه: 82.
(3) المائدة: 27.
(4) في بعض النسخ [فظنوا].
[*]

[48]


طاعة ولي أمره بطاعة رسوله صلى الله عليه وآله وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الامر لم يطع الله ولا رسوله وهو الاقرار بما نزل من عند الله: خذوا زينتكم عند كل مسجد والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فإنه قد خبركم أنهم رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله عزوجل وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار، إن الله قد استخلص الرسل لامره، ثم استخلصهم مصدقين لذلك في نذره، فقال: " وإن من امة إلا خلافيها نذير(1) "، تاه من جهل واهتدى من أبصر وعقل إن الله عزوجل يقول: " فإنها لا تعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور(2) " وكيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم ينذر؟ اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وأقروا بما نزل من عند الله واتبعوا آثار الهدى(3)، فإنهم علامات الامانة والتقى، واعلموا أنه لوأنكر رجل عيسى ابن مريم عليه السلام وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن، اقتصوا الطريق بالتماس المنار، والتمسوا من وراء الحجب الآثار، تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربكم.
4 عنه، عن أبيه، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه عليهما السلام قال: رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله(4) قوم في بعض غزواته فقال: من القوم(5)؟ فقالوا: مؤمنون يارسول الله، قال: وما بلغ من إيمانكم؟ قالوا: الصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء والرضا بالقضاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله حلماء(6) علماء كادوامن الفقه أن يكونوا أنبياء، إن كنتم كما تصفون، فلا تبنوا ما لاتسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون.

___________________________________
(1) الفاطر 24.
(2) الحج: 46.
(3) في بعض النسخ [وابتغوا آثار الهدى].
(4) " رفع إلى رسول الله " كمنع على بناء المعلوم أى أسرعوا اليه. أو على بناء المجهول أى ظهروا فان الرفع ملزوم للظهور وقال في المصباح رفعته: أذعته. ومنه رفعت على العامل رفيعة ورفع البعير في سيره: أسرع ورفعته: أسرعت به يتعدى ولا يتعدى انتهى. وقال الكرمانى في شرح البخارى فيه فرفعت لن صخرة أى ظهرت لابصارنا. وفيه فرفع إلى البيت المعمور أى قرب وكشف انتهى. ويمكن أن يقرء بالدال ولكن قد عرفت إنه لاحاجة اليه، قال في المصباح: دفعت إلى كذا: بالناء للمفعول: انتهيت اليه (آت)
(5) أي من أن صنف أنتم.
(6) في بعض النسخ [حكماء].
باب(1)
1 علي بن إبراهيم، عن أبيه ; ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى ; و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام وبأسانيد مختلفة، عن الاصبغ بن نباتة قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام في داره أو قال: في القصر ونحن مجتمعون، ثم أمر صلوات الله عليه فكتب في كتاب وقرئ على الناس.
وروى غيره أن ابن الكواء(2) سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن صفة الاسلام والايمان والكفر والنفاق، فقال: أما بعد فإن الله تبارك و تعالى شرع الاسلام وسهل شرائعه لمن ورده، وأعز أركانه لمن حاربه(3) وجعله عزا لمن تولاه وسلما لمن دخله وهدى لمن ائتم به وزينة لمن تجلله وعذرالمن انتحله وعروة لمن اعتصم به وحبلا لمن استمسك به وبرهانا لمن تكلم به ونورالمن استضاء به وعونا لمن استغاث به وشاهدا لمن خاصم به وفلجا لمن حاج به وعلمالمن وعاه وحديثا لمن روى وحكما لمن قضا وحلما لمن جرب ولباسا لمن تدبر وفهما لمن تفطن ويقينا لمن عقل وبصيرة لمن عزم وآية لمن توسم وعبرة لمن اتعظ ونجاة لمن صدق وتؤدة لمن أصلح وزلفى لمن اقترب وثقة لمن توكل ورخاء(5) لمن فوض وسبقة لمن أحسن وخيرا لمن سارع وجنة لمن صبر ولباسا لمن اتقى وظهيرا لمن رشد وكهفا لمن آمن وأمنة لمن أسلم ورجاء(6) لمن
___________________________________
(1) انما لم يعنون الباب لانه من تتمة البابين السابقين وانما افرده لان فيه نسبد الايمان والاسلام معا اولان فيه مدح الاسلام وفضله لا صفاته (آت).
(2) عبدالله بن الكواء كان من الخوارج (آت).
(3) أى لمن أراد محاربته أى هدمه وتضييعه. وقيل محاربته كناية عن محاربة أهله. و في بعض النسخ [جأربه] كسأل بالجيم والهمزة أي استغاث به ولجأ اليه وفى النهج " على من غالبه " أى حاول أن يغلبه ولعله أظهر وفى تحف العقول " على من جانبه ".
(4) التؤدة: بفتح الهمزة وسكونها: الرزانة والتأنى.
(5) في بعض النسخ [رجاء].
(6) في بعض النسخ [وروحا] [*]

[50]


صدق وغنى لمن قنع، فذلك الحق، سبيله الهدى ومأثرته المجد(1) وصفته الحسنى فهو أبلج المنهاج(2) مشرق المنار، ذاكي المصباح، رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة(3)، سريع السبقة، أليم النقمة، كامل العدة، كريم الفرسان، فالايمان منهاجه، والصالحات مناره والفقه مصابيحه والدنيا مضماره والموت غايته والقيامة حلبته والجنة سبقته والنار نقمته والتقوى عدته والمحسنون فرسانه(4)، فبالايمان يستدل على الصالحات وبالصالحات يعمر الفقه وبالفقه يرهب الموت و بالموت تختم الدنيا وبالدنيا تجوز القيامة(5) وبالقيامة تزلف الجنة والجنة حسرة أهل النار والنار موعظة المتقين(6) والتقوى سنخ الايمان(7).

_____________________________
(1) المأثرة بفتح الميم وسكون الهمزة وضم الثاء وفتحها وفتح الراء واحدة المآثر وهى المكارم من الاثر وهو النقل والرواية لانها تؤثر وتروى والمجد نيل الكرم والشرف ورجل ماجد أى كريم شريف (آت).
(2) أي أوضح الطريق. وقوله: " ذاكى المصباح " من الذكاء بمعنى التوقد واشتداد اللهب.
(3) المضمار: الموضع الذى يضمر فيه الخيل. والحلبة بالفتح: خيل تجمع للسباق.
(4) في بعض النسخ [والمؤمنون فرسانه].
(5) في بعض النسخ [تحوز القيامة].
(6) في بعض النسخ [موعظة للمتقين].
(7) أي أصله وأساسه.