باب من أبطأت عليه الاجابة

1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لابي الحسن عليه السلام(1): جعلت فداك إنى قد سألت الله حاجة منذ كذا وكذا سنة وقد دخل قلبي من إبطائها شئ، فقال: يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيل حتى يقنطك، إن أبا جعفر صلوات الله عليه(2) كان يقول: إن المؤمن يسأل الله عزوجل حاجة فيؤخر عنه تعجيل إجابته حبا لصوته واستماع نحيبه(3) ثم قال: والله ما أخر الله عزوجل عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم مما عجل لهم فيها وأي شئ الدنيا، إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة، ليس إذا اعطي فتر، فلا تمل الدعاء فإنه من الله عزوجل بمكان(4) وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرحم وإياك ومكاشفة الناس فإنا أهل البيت نصل من قطعنا ونحسن إلى من أساء إلينا، فنرى والله في ذلك العاقبة الحسنة(5) إن صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل فاعطي طلب غير الذي سأل وصغرت النعمة في عينه فلا يشبع من شئ وإذا كثرت النعم كان المسلم من ذلك على خطر للحقوق التي تجب عليه وما يخاف من الفتنة فيها، أخبرني عنك لو أني قلت لك قولا أكنت تثق به مني؟ فقلت له: جعلت فداك إذا لم أثق بقولك فبمن أثق وأنت حجة الله على خلقه؟ قال: فكن بالله أوثق

___________________________________
(1) هو الرضا عليه السلام (آت).
(2) هو الباقر عليه السلام (آت).
(3) النحيب: أشد البكاء وكان حبه تعالى ذلك كناية عن كون ذلك أصلح للمؤمن وبين ذلك بقوله: " والله ماأخر الله " وكلمة " ما " في قوله: " ما أخر الله " مصدرية وفى " مايطلبونه " موصولة.
وفى " مما " اما موصولة أو مصدرية.
و " من " في قوله: " من هذه " بيانية أو تبعيضية (آت).
(4) " فانه " أى الدعاء من الله تعالى " بمكان " أى بمنزلة عظيمة رفيعة، يحب اشتغال عبده المؤمن في جميع النسخ: [العافية الحسنة].

[489]


فإنك على موعد من الله، أليس الله عزوجل يقول: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان(1) " وقال: " لاتقنطوا من رحمة الله(2) " وقال: " والله يعدكم مغفرة منه وفضلا(3) " فكن بالله عزوجل أوثق منك بغيره ولا تجعلوا في أنفسكم إلا خيرا فإنه مغفور لكم.
2 عنه، عن أحمد، عن علي بن الحكم، عن منصور الصيقل قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: ربما دعا الرجل بالدعاء فاستجيب له(4) ثم اخر ذلك إلى حين؟ قال: فقال: نعم، قلت: ولم ذاك، ليزداد من الدعاء؟ قال: نعم.
3 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن أبي هلال المدائني، عن حديد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن العبد ليدعو فيقول الله عزوجل للملكين: قد استجبت له ولكن احبسوه بحاجته، فإني احب أن أسمع صوته وإن العبد ليدعو فيقول الله تبارك وتعالى: عجلوا له حاجته فاني أبغض صوته.
4 ابن أبي عمير، عن سليمان صاحب السابري، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: يستجاب للرجل الدعاء ثم يؤخر قال: نعم عشرين سنة.
5 ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان بين قول الله عزوجل: " قد اجيبت دعوتكما(5) " وبين أخذ فرعون أربعين عاما.
6 ابن أبي عمير، عن إبراهيم، بن عبدالحميد، عن أبي بصير قال: سمعت

___________________________________
(1) البقرة: 186. تمثيل لكمال علمه بافعال العباد واطلاعه على أحوالهم من قرب مكانه منهم.
(2) الزمر: 53 أى لا تيأسوا من مغفرته.
(3) البقرة: 268.
(4) كأن المراد بالاستجابة تقديرها (آت).
(5) يونس: 89.
[*]

[490]


أباعبدالله عليه السلام يقول: إن المؤمن ليدعو فيؤخر إجابته إلى يوم الجمعة(1).
7 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: إن العبد الولي لله يدعو الله عزوجل في الامر ينوبه(2) فيقول للملك الموكل به: اقض لعبدي حاجته ولا تعجلها فإني أشتهي أن أسمع نداء ه وصوته وإن العبد العدو لله ليدعو الله عزوجل في الامر ينوبه فيقال للملك الموكل به: اقض [لعبدي] حاجته وعجلها فإني أكره أن أسمع نداء ه وصوته(3).
قال: فيقول الناس: ما اعطي هذا إلا لكرامته ولا منع هذا إلا لهوانه.
8 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لايزال المؤمن بخير ورجاء، رحمة من الله عزوجل ما لم يستعجل، فيقنط ويترك الدعاء، قلت له: كيف يستعجل؟ قال: يقول: قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرى الاجابة(4).
9 الحسين بن محمد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن إسحاق ابن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن المؤمن ليدعو الله عزوجل في حاجته فيقول الله عزوجل أخروا إجابته، شوقا إلى صوته ودعائه، فإذا كان يوم القيامة قال الله عزوجل: عبدي ! دعوتني فأخرت إجابتك وثوابك كذا وكذا ودعوتني

___________________________________
(1) في بعض النسخ [يوم القيامة].
(2) نابه الامر وانتابه أى أصابه. والنائبة: المصيبة وفى بعض النسخ [ينويه] في الموضعين
(3) " وعجلها " أى قد يكون التعجيل لذلك فلا يعجب المرء بتعجيل ظهور أثر دعائه و لا يقنط تأخيره والا فكثيرا ما يظهر أثر دعاء الانبياء والاوصياء والاولياء من غير تأخير لظهور كرامتهم ولكونه معجزا لهم (آت).
(4) مر مضمونه والحاصل انه ينبغى أن لايفتر عن الدعاء لبطوء الاجابة فانه انما يكون التأخير لعدم المصلحة في هذا الوقت فسيعطى ذلك في وقت متأخر في الدنيا أو سوف يعطى عوضه في الاخرة وعلى التقديرين فهو في خير لانه مشغول بالدعاء الذى هو أعظم العبادات ويترتب عليه اجزال المثوبات ورجاء رحمة في الدنيا والاخرة هذا أيضا من أشرف الحالات (آت).
[*]

[491]


في كذا وكذا فأخرت إجابتك وثوابك كذاو كذا، قال: فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا مما يرى من حسن الثواب.