باب المعارين

1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: سمعته يقول: إن الله عزوجل خلق خلقا للايمان لازوال له، وخلق خلقا للكفر لازوال له، وخلق خلقا بين ذلك و استودع بعضهم الايمان، فإن يشأ أن يتمه لهم أتمه، وإن يشأ أن يسلبهم إياه سلبهم وكان فلان منهم معارا(2).

___________________________________
(2) لما علم الله سبحانه استعداداتهم وقابلياتهم وما يؤول إليه أمرهم ومراتب إيمانهم و كفرهم فمن علم أنهم يكونون راسخين في الايمان كاملين فيه وخلقهم فكانه خلقهم للايمان الكامل الراسخ وكذا الكفر ومن علم أنهم يكونون متزلزلين مترددين بين الايمان والكفر فكانه خلقهم كذلك فهم مستعدون لايمان ضعيف فمنهم من يختم له بالايمان ومنهم من يختم له بالكفر فهم المعارون و الظاهر أن المراد بفلان أبوالخطاب (محمد بن مقلاص الاسدى الكوفى) وكني عنه بفلان لمصلحة فان أصحابه كانوا جماعة كثيرة كان يحتمل ترتب مفسدة على التصريح باسمه (ات).
ويدل على أن المراد باحدهما الصادق عليه السلام لان ابا الخطاب لم يدرك أبا جعفر عليه السلام.
[*]

[418]


2 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب والقاسم بن محمد الجوهري، عن كليب بن معاوية الاسدي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن العبد يصبح مؤمنا ويمسي كافرا ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا وقوم يعارون الايمان ثم يسلوبنه ويسمون المعارين، ثم قال: فلان منهم.
3 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري و غيره، عن عيسى شلقان قال: كنت قاعدا فمر أبوالحسن موسى عليه السلام ومعه بهمة(1) قال: قلت يا غلام ما ترى ما يصنع أبوك؟ يأمر نا بالشئ ثم ينهانا عنه، أمرنا أن نتولى أبا الخطاب ثم أمرنا أن نلعنه ونتبرء منه؟ فقال أبوالحسن عليه السلام وهو غلام: إن الله خلق خلقا للايمان لازوال له وخلق خلقا للكفر لازوال له وخلق خلقا بين ذلك أعاره الايمان يسمون المعارين، إذا شاء سلبهم وكان أبوالخطاب ممن اعير الايمان.
قال: فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام فأخبرته ما قلت لابي الحسن عليه السلام وما قال لي، فقال أبوعبدالله عليه السلام: إنه نبعة نبوة(2).
4 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن صلوات الله عليه قال: إن الله خلق النبيين على النبوة فلا يكونون إلا أنبياء وخلق المؤمنين على الايمان فلا يكونون إلا مؤمنين، وأعار قوما إيمانا، فإن شاء تممه لهم وإن شاء سلبهم إياه، قال: وفيهم جرت: " فمستقر ومستودع(3) " وقال لي: إن فلانا كان مستودعا إيمانه، فلما كذب علينا سلب إيمانه ذلك(4)

___________________________________
(1) البهمة: ولد الضأن يطلق على الذكر والانثى.
(2) يعنى أنه نبع من ينبوع النبوة (في).
(3) اشارة إلى قوله تعالى في سورة الانعام 98.
" هو الذى أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الايات لقوم يفقهون "(4) سلب إيمانه ذلك " يدل على أن سلب الايمان عن المستودع ليس بظلم لانه مستنده إلى فعله، واتمامه أيضا مستنده إلى فعله بقرينة المقابلة (لح) [*]

[419]


5 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن حبيب، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله جبل النبيين على نبوتهم، فلا يرتدون أبدا، وجبل الاوصياء على وصاياهم فلا يرتدون أبدا وجبل بعض المؤمنين على الايمان فلا يرتدون أبدا ومنهم من اعير الايمان عارية، فإذا هو دعا وألح في الدعاء مات على الايمان(1).

_____________________________
(1) " فاذا هو دعا " فيه حث على الدعاء لحسن العاقبة وعدم الزيغ ودلالة أيضا على أن الايمان والسلب مسببان على فعل الانسان لانه يصير بذلك مستحقا للتوفيق والخذلان وجملة القول في ذلك أن كل واحد من الايمان والكفر قد يكون ثابتا وقد يكون متزلزلا يزول بحدوث ضده لان القلب إذا إشتد ضياؤه وكمل صفاؤه استقر الايمان وكل ماهو حق فيه واذااشتدت ظلمة و كلمت كدورته استقر الكفر وكل ما هو باطل فيه.
وإذا كان بين ذلك باختلاط الضياء والظلمة فيه كان مترددا بين الاقبال والادبار ومذبذبا بين الايمان والكفر فان غلب الاول دخل الايمان فيه من غير استقرار وإن غلب الثانى دخل الكفر فيه كذلك وربما يصير الغالب مغلوبا فيعود من الايمان إلى الكفر ومن الكفر إلى الايمان فلابد للعبد من مراعاة قلبه فان رآه مقبلا إلى الله عزوجل شكره وبذل جهده وطلب منه الزيادة لئلا يستدبر وينقلب ويزيغ عن الحق كما ذكر سبحانه عن قوم صالحين " ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا.. الاية " وإن رآه مدبرا زائغا عن الحق تاب واستدرك ما فرط فيه وتوكل على الله وتوسل إليه بالدعاء والتضرع لتدركه العناية الربانية فتخرجه من الظلمات إلى النور وإن لم يفعل ربما سلط عليه عدوه الشيطان واستحق من ربه الخذلان فيموت مسلوب الايمان كما قال سبحانه: " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " أعاذنا الله من ذلك وسائر أهل الايمان (آت) ملخصا).