باب الضلال

1 علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن هاشم صاحب البريد قال: كنت أنا ومحمد بن مسلم وأبوالخطاب مجتمعين فقال لنا أبو الخطاب: ما تقولون فيمن لم يعرف هذاالامر؟ فقلت: من لم يعرف هذا الامر فهو كافر، فقال أبوالخطاب: ليس بكافر حتى تقوم عليه الحجة، فاذا قامت عليه الحجة فلم يعرف فهو كافر، فقال له محمد بن مسلم: سبحان الله ماله إذا لم يعرف ولم يجحد يكفر؟ ! ليس بكافر إذا لم يجحد، قال: فلما حججت دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فأخبرته بذلك، فقال: إنك قد حضرت و غابا ولكن موعد كم الليلة، الجمرة الوسطى بمنى.
فلما كانت الليلة اجتمعنا عنده وأبو الخطاب ومحمد بن مسلم فتناول وسادة فوضعها في صدره ثم قال لنا: ما تقولون في خدمكم ونساء كم وأهليكم أليس يشهدون أن لاإله إلاالله؟ قلت: بلى، قال: أليس يشهدون أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قلت: بلى، قال: أليس يصلون ويصومون ويحجون؟ قلت: بلى، قال: فيعرفون ما أنتم عليه؟ قلت: لا، قال: فما هم عندكم؟ قلت: من لم يعرف
[هذا الامر] فهو كافر.
قال: سبحان الله أما رأيت أهل الطريق وأهل المياه؟ قلت: بلى، قال: أليس يصلون ويصومون ويحجون؟ اليس يشهدون أن لاإله إلاالله وأن محمدا رسول الله قلت: بلى، قال: فيعرفون ما أنتم عليه؟ قلت: لا، قال: فماهم عندكم؟ قلت: من لم يعرف [هذا الامر] فهو كافر.
قال: سبحان الله أما رأيت الكعبة والطواف وأهل اليمن وتعلقهم بأستار الكعبة ! قلت: بلى، قال: أليس يشهدون أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ويصلون ويصومون ويحجون؟ قلت: بلى، قال: فيعرفون ما أنتم عليه، قلت: لا قال: فما تقولون فيهم؟ قلت: من لم يعرف فهو كافر.
[*]

[402]


قال: سبحان الله هذا قول الخوارج، ثم قال: إن شئتم أخبرتكم، فقلت أنا: لا(1)، فقال: أما إنه شر عليكم أن تقولوا بشئ ما لم تسمعوه منا، قال: فظننت أنه يدير نا على قول محمد بن مسلم.
2 علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: فما تقول في مناكحة الناس فإني قد بلغني ما.
تراه وماتزوجت قط، فقال: وما يمنعك من ذلك؟ فقلت: ما يمنعني إلا أنني أخشى أن لا تحل لي مناكحتهم فما تأمرني؟ فقال: فكيف تصنع وأنت شاب، أتصبر؟ قلت: أتخذ الجواري قال: فهات الآن فبما تستحل الجواري؟ قلت: إن الامة ليست بمنزلة الحرة(2) إن رابتني بشئ بعتها واعتزلتها، قال: فحدثني بما استحللتها؟ قال: فلم يكن عندي جواب.
فقلت له: فما ترى أتزوج؟ فقال: ما ابالي أن تفعل، قلت: أرأيت قولك: ما ابالي أن تفعل، فإن ذلك على جهتين تقول: لست أبالي أن تأثم من غير أن آمرك، فما تأمرني أفعل ذلك بأمرك؟ فقال لي: قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج وقد كان من أمر امرأة نوح وامرأة لوط ما قد كان، إنهما قد كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله ليس في ذلك بمنزلتي إنما هي تحت يده وهي مقرة بحكمه، مقرة بدينه قال: فقال لي: ما ترى من الخيانة في قول الله عزوجل " فخانتاهما(3) " ما يعني بذلك إلا الفاحشة(4) وقد زوج رسول الله صلى الله عليه وآله فلانا، قال: قلت: أصلحك الله ما تأمرني أنطلق فأنزوج بأمرك؟ فقال لي: إن كنت فاعلا فعليك بالبلهاء من النساء قلت: وما البلهاء قال: ذوات الخدور العفائف.

___________________________________
(1) انما لم يرض الراوى باخباره عليه السلام بالحق لانه فهم منه انه يخبره بخلاف رأيه فيفضح عند خصميه ولعله في نفسه رجع إلى الحق ودان به (في).
(2) فرق بين الحرة والامة بان الحرة إذا لم توافقه ذهبت بصداقها مجانا مع ما في ذلك من الحزازة بخلاف الامة فانه يمكن بيعها وانتقاذ ثمنها.
وقوله: " رابتنى " من الريب ومعنى قوله عليه السلام: " بما استحللتها " أنك قبل ان تدخلهافى دينك وتكلمها في ذلك كيف جاز لك نكاحها على زعمك فعجز عن الجواب فاشار عليه السلام بعدم البأس بذلك (في).
(3) التحريم: 9.
(4) أى الشرك والكفر أوالذنب العظيم.
(5) البلهاء بالفتح مؤنث ابله.
[*]

[403]


فقلت: من هي(1) على دين سالم بن أبي حفصة؟ قال: لا، فقلت: من هي على دين ربيعة الرأي؟ فقال: لا ولكن العواتق اللواتي لاينصبن كفرا ولا يعرفن ما تعرفون، قلت: وهل تعدو أن تكون مؤمنة أو كافرة؟ فقال: تصوم وتصلي وتتقي الله ولا تدري ما أمركم؟ فقلت: قد قال الله عزوجل: " هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن " لا والله لايكون أحد من الناس ليس بمؤمن ولا كافر.
قال: فقال أبوجعفر عليه السلام: قول الله أصدق من قولك يا زرارة أرأيت قول الله عزوجل: " خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم(2) " فلما قال عسى؟ فقلت: ما هم إلا مؤمنين أو كافرين، قال: فقال: ما تقول في قوله عزوجل " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا " إلي الايمان، فقلت: ما هم إلا مؤمنين أو كافرين، فقال: والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين ثم أقبل علي فقال: ما تقول في أصحاب الاعراف؟ فقلت: ما هم إلا مؤمنين أو كافرين، إن دخلوا الجنة فهم مؤمنون وإن دخلوا النار فهم كافرون، فقال: والله ما هم بمؤمنين ولا كافرين ; ولو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة كما دخلها المؤمنون ولو كانوا كافرين لدخلوا النار كما دخلها الكافرون ولكنهم قوم قد استوت حسناتهم و سيئاتهم فقصرت بهم الاعمال وإنهم لكما قال الله عزوجل.
فقلت: أمن أهل الجنة هم أم من أهل النار؟ فقال: اتركهم حيث تركهم الله قلت: أفترجئهم؟ قال: نعم ارجئهم كما أرجأ هم الله، إن شاء أدخلهم الجنة برحمته وإن شاء ساقهم إلى النار بذنوبهم ولم يظلمهم، فقلت: هل يدخل الجنة كافر؟ قال: لا، قلت: [ف‍] هل يدخل النار إلا كافر؟ قال: فقال: لاإلا أن يشاء الله، يازرارة إنني أقول ما شاء الله وأنت لاتقول ما شاء الله، أما إنك إن كبرت رجعت وتحللت عنك عقدك(3).

___________________________________
(1) في بعض النسخ [هن].
(2) التوبة: 103.
(3) لا يخفى اشتمال هذا الخبر على قدح عظيم لزرارة ولم يجعله وأمثاله الاصحاب قادحة فيه لاجماع العصابة على عدالته وجلالته وفضله وثقته وورود الاخبار الكثيرة في فضله وعلو شانه وقد قدحوا في هذاالرواية بالارسال وبمحمد بن عيسى اليقطينى.
[*]