باب وجوه الكفر

1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد، عن أبي عمر والزبيري، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عزوجل قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه.
فمنها كفر الجحود، والجحود على وجهين ; والكفر بترك ما أمر الله ; وكفر البراء‌ة ; وكفر النعم.
فأما كفر الجحود فهو الجحود بالربوبية وهو قول من يقول: لارب ولا جنة ولا نار وهو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم: الدهرية وهم الذين يقولون " وما يهلكنا إلا الدهر(1) وهو دين وضعوه لانفسهم بالاستحسان على غير تثبت منهم ولا تحقيق لشئ مما يقولون، قال الله عزوجل: " إن هم إلا يطنون(1) " أن ذلك كما يقولون وقال: " إن الذين كفروا سواء عليهم‌ء أنذرتهم أم لم تنذرهم لايؤمنون(2) " يعني بتوحيد الله تعالى فهذا أحد وجوه الكفر.
وأما الوجه الآخر من الجحود على معرفة(3) وهوأن يجحد الجاحد وهو يعلم أنه حق، قد استقر عنده وقد قال الله عزوجل: " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم

___________________________________
(1) الجاثية: 23.و " أن " بفتح الهمزة وتشديد النون مفعول " يظنون ".
(2) البقرة: 6.وخص نفى الايمان في الاية بتوحيد الله لان سائر ما يكفرون به من توابع التوحيد (في)(3) هكذا في النسخ التى رأيناها والصواب: واما الوجه الاخر من الجحود فهو الجحود على معرفة ولعله سقط من قلم النساخ وهذا الكفر هو كفر التهود (في).
[*]

[390]


ظلما وعلوا(1) " وقال الله عزوجل: " وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاء هم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين(2) " فهذا تفسير وجهي الجحود.
والوجه الثالث من الكفر كفر النعم وذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان عليه السلام " هذا من فضل ربي ليبلونئ أشكر أم أكفر ومن شكرفإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم(3) " وقال: " لئن شكر تم لازيد نكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد(4) " وقال: " فاذكروني أذكر كم واشكروالي ولا تكفرون(5) ".
والوجه الرابع من الكفر ترك ما أمر الله عز وجل به وهو قول الله عزوجل: " وإذا أخذنا ميثاقكم لاتسفكون دماء كم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون * ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم والعدوان وإن يأتو كم اسارى تفادوهم وهومحرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم(6) " فكفرهم بترك ما أمر الله عزوجل به ونسبهم إلى الايمان ولم يقبله منهم ولم ينفعهم عنده فقال: " فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلاخزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون(7) ".
والوجه الخامس من الكفر كفرالبراء‌ة وذلك قوله عزوجل يحكي قول إبراهيم عليه السلام: " كفر نابكم وبدا بيننا وبينكم العدواة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده(8) ".
يعني تبر أنامنكم، وقال يذكر إبليس وتبرئته من أوليائه من الانس يوم القيامة:

___________________________________
(1) النمل: 14.
(2) البقرة: 89.
(3) النمل: 40.
(4) إبراهيم: 7.
(5) البقرة: 2 15.
(6) البقرة: 84.وقوله: " ثم أقررتم " أى بالميثاق.وقوله: " تظاهرون " أى تعاونون.
(7) البقرة: 85.
(8) الممتحنة: 4.
[*]

[391]


" إني كفرت بما أشر كتموني من قبل(1) " وقال: " إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا(2) " يعني يتبرء بعضكم من بعض.

_____________________________
(1) ابراهيم: 2 2.
(2) العنكبوت: 25.