باب مجالسة أهل المعاصى

1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي زياد النهدي، عن عبدالله بن صالح(1)، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لاينبغي للمؤمن أن يجلس مجلسا يعصى الله فيه ولا يقدر على تغييره.
2 عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن محمد، عن الجعفري(2) قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: مالي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟ فقال:

___________________________________
(1) في بعض النسخ [عبيد الله بن صالح].
(2) الجعفرى هو أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري وهو من أجلة أصحابنا ويقال: إنه لقى الرضا إلى آخر الائمة عليهم السلام وأبوالحسن يحتمل الرضا والهادى عليهما السلام ويحتمل أن يكون سليمان بن جعفر الجعفري كما صرح به في مجالس المفيد.
و " يقول " أى الرجل و " فقال " أى ذلك الرجل وكونه كلام بكر والضمير للجعفرى بعيد وفى المجالس: " يقول لابي " وهو أظهر ويؤيد الاول.
[*]

[375]


إنه خالي، فقال: إنه يقول في الله قولا عظيما، يصف الله ولا يوصف، فإما جلست معه وتر كتنا وإما جلست معنا وتركته؟ فقلت: هو يقول ما شاء أي شئ علي منه إذا لم أقل ما يقول؟ فقال أبوالحسن عليه السلام: أما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعا أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى عليه السلام وكان أبوه من أصحاب فرعون فلما لحقت خيل فرعون موسى تخلف عنه ليعظ أباه فيلحقه بموسى فمضى أبوه وهو يراغمه(1) حتى بلغا طرفا من البحر فغرقا جميعا فاتي موسى عليه السلام الخبر، فقال: هو في رحمة الله ولكن النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمن قارب المذنب دفاع.
3 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن الرحمن بن أبي نجران عن عمر بن يزيد، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المرء على دين خليله وقرينه.
4 محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داود ابن سرحان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهر والبراء‌ة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة وباهتوهم(2) كيلا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذر هم الناس ولا يتعلمون من بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة.
5 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن محمد

___________________________________
(1) المراغمة: الهجران والتباعد والمغاضبة، اى يبالغ في ذكر مايبطل مذهبه ويذكر مايغضبه (آت).
(2) الوقيعة في الناس: الغيبة. والظاهر أن المراد بالمباهتة الزامهم بالحجج القاطعة وجعلهم متحيرين لايحيرون جوابا كما قال تعالى: " فبهت الذى كفر " ويحتمل أن يكون من البهتان للمصلحة فان كثيرا من المساوى يعدها الناس محاسن خصوصا العقائد الباطلة والاول أظهر (آت).
[*]

[376]


ابن يوسف، عن ميسر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لاينبغي للمسلم أن يواخي الفاجر ولا الاحمق ولا الكذاب.
6 عنه، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن سالم الكندي، عمن حدثه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذا صعد المنبر قال: ينبغي للمسلم أن يجتنب مواخاة ثلاثة: الماجن(1) والاحمق والكذاب، فأما الماجن فيزين لك فعله ويحب أن تكون مثله ولا يعينك على أمر دينك ومعادك ومقارنته جفاء و قسوة، ومدخله ومخرجه عليك عار، وأما الاحمق فإنه لايشير عليك بخير ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه وربما أراد منفعتك فضرك، فموته خير من حياته وسكوته خير من نطقه وبعده خير من قربه، وأما الكذاب فإنه لايهنئك معه عيش ينقل حديثك وينقل إليك الحديث، كلما أفنى احدوثة مطها باخرى(2) حتى أنه يحدث بالصدق فما يصدق ويغري بين الناس بالعداوة(3) فينبت السخائم في الصدور فاتقوا الله وانظروا لانفسكم.
7 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن عذافر عن بعض أصحابه، عن محمد بن مسلم أو أبي حمزة، عن أبي عبدالله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال لي علي بن الحسين صلوات الله عليهما: يابني انظر خمسة فلاتصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترا فقهم في طريق(4) فقلت: يا أبه من هم؟ قال: إياك ومصاحبة الكذاب فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ويباعد لك القريب وإياك ومصاحبة الفاسق

___________________________________
(1) الماجن من لا يبالى قولا وفعلا.
(2) الاحدوثة واحد الاحاديث وهو مايتحدث به وقوله: مطها باخرى اى مدها. وسيأتى هذا الخبر بعينه وفيه مطرها.
(3) في القاموس أغرى بينهم العداوة: ألقاها كانه الزقها بهم. والسخائم جمع سخيمة وهى الحقد. وفى بعض النسخ [الشحائن].
(4) في بعض النسخ [توافقهم].
[*]

[377]


فإنه بائعك باكلة أو أقل من ذلك وإياك ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه وإياك ومصاحبة الاحمق فانه يريد أن ينفعك فيضرك.
وإياك ومصاحبة القاطع لرحمه فإني وجدته ملعونا في كتاب الله عزوجل في ثلاث مواضع: قال الله عزوجل: " فهل عسيتم(1) إن توليتم أن تفسدوا في الارض و تقطعوا أرحامكم * اولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم(2) " وقال: " الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار(3) " وقال في البقرة: " الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اؤلئك هم الخاسرون(4) ".
8 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن شعيب العقرقوفي قال، سألت أبا عبدالله عليه السلام، عن قول الله عزوجل: " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزء بها.. إلى آخر الاية(5) " فقال: إنما عنى بهذا: [إذا سمعتم] الرجل [الذي] يجحد الحق ويكذب به ويقع في الائمة فقم من عنده ولا تقاعده كائنا من كان.
9 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن عبدالاعلى بن أعين، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس مجلسا ينتقص فيه إمام أويعاب فيه مؤمن.
10 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن

___________________________________
(1) أى فهل يتوقع منكم يامعشر المنافقين ان توليتم أى صرتم ولاة " أن تفسدوا " خبر " عسيتم " وقوله: " لعنهم الله " أى لافسادهم وقطعهم الارحام.
(2) محمد ص 23. وقوله: " فاصمهم " أى تركهم وما هم عليه من التصأم عن استماع الحق وسلوك طريقه.
(3) الرعد: 24. وقوله: " سوء الدار أى سوء عاقبة الدار أو عذاب جهنم.
(4) البقرة 27. وقوله " وينقضون " النقض فسخ التركيب واصله في طاقات الحبل واستعماله في ابطال العهد يستعار له الحبل لما فيه من ربط أحد المتعاهدين بالاخر.
(5) النساء: 137. وقوله: " يكفر بها " حال من الايات.
[*]

[378]


ابن القداح، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: من كان يؤمن بالله واليوم والآخر فلا يقوم مكان ريبة(1).
11 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة عن عبدالاعلى قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن في مجلس يعاب فيه إمام أو ينتقص فيه مؤمن.
12 الحسين بن محمد، عن علي بن محمد بن سعد، عن محمد بن مسلم، عن إسحاق ابن موسى قال: حدثني أخي وعمي(2)، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ثلاثة مجالس يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم: مجلسا فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه ; ومجلسا ذكر أعدائنا فيه جديد وذكرنا فيه رث،(3) ; ومجلسا فيه من يصدعنا وأنت تعلم ; قال: ثم تلا أبوعبدالله عليه السلام ثلاث آيات من كتاب الله كأنما كن في فيه أوقال [في] كفه: " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوالله عدوا بغير علم(4) ".
" وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره(5) ".
" ولا تقولوا لماتصف ألسنتم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب(6) ".

___________________________________
(1) أى مقام تهمة وشك وكأن المراد النهى عن حضور موضع يوجب التهمة بالفسق أو الكفر أو بذمائم الاخلاق أعم من أن يكون بالقيام أو المشى او القعود أو غيرها فانه يتهم بتلك الصفات ظاهرا عند الناس ويتلوث به باطنا (آت).
(2) كان المراد بالاخ الرضا عليه السلام لان الشيخ عد اسحاق من أصحابه عليه السلام و بالعم على بن جعفر وكانه كان [عن أبى، عن أبى عبدالله] وظن الرواة انه زائد فأسقطوه وان أمكن رواية على بن جعفر عن أبيه والرضا عليهما السلام لم يحتج إلى الواسطة في الرواية (آت).
(3) الرث: الشئ البالى.
(4) الانعام 108. وترتيب الايات على خلاف ترتيب المطالب فالاية الثالثة للكذب في الفتيا والاولى للثانى اذ قد ورد في الاخبار ان المراد بسب الله سب اولياء الله.
(5) الانعام: 68.
(6) النحل: 116. قوله " لما تصف " اى لوصف السنتكم.
[*]

[379]


13 وبهذا الاسناد، عن محمد بن مسلم، عن داود بن فرقد قال: حدثني محمد بن سعيد الجمحي قال: حدثني هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا ابتليت بأهل النصب ومجالستهم فكن كأنك على الرضف حتى تقوم(1) فإن الله يمقتهم ويلعنهم فإذا رأيتهم يخوضون في ذكر إمام من الائمة فقم فإن سخط الله ينزل هناك عليهم.
14 أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاح، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من قعد عند سباب لاولياء الله فقد عصى الله تعالى.
15 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن القاسم بن عروة، عن عبيد بن زرارة، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قعد في مجلس يسب فيه إمام من الائمة، يقدر على الانتصاب(2) فلم يفعل ألبسه الله الذل في الدنيا وعذ به في الآخرة وسلبه صالح ما من به عليه من معرفتنا.
16 الحسين بن محمد ; ومحمد بن يحيى، عن علي بن محمد بن سعد(3) عن محمد ابن مسلم، عن الحسن بن علي بن النعمان، قال: حدثني أبي: علي بن النعمان عن ابن مسكان، عن اليمان بن عبيدالله قال: رأيت يحيى بن ام الطويل وقف

___________________________________
(1) الرضف: الحجارة المحماة على النار.
(2) في بعض النسخ: [على الانصراف] وفى بعضها: [الانتصاف] والانتصاف: الانتقام.
وفى القاموس انتصف منه: استوفى حقه منه كاملا حتى صار كل على النصف سواء: وتناصفوا: أنصف بعضهم بعضا. انتهى. والانتصاف أن يقتله إذا لم يخف على نفسه أو عرضه أو ماله أو على مؤمن آخر. وإضافة صالح إلى الموصول بيانه، فيفيد سلب أصل المعرفة بناء على أن " من " للبيان.
ويحتمل التبعيض أى من أنواع معرفتنا، فيفيد سلب الكمال ويحتمل التعليل أى الاعمال الصالحة والاخلاق الحسنة التى أعطاه الله بسبب المعرفة ويحتمل أن تكون الاضافة لامية فيرجع إلى الاخر (آت).
(3) في بعض النسخ [سعيد].
[*]

[380]


بالكنساة(1) ثم نادى بأعلى صوته: معشرأولياء الله ! إنا براء مما تسمعون، من سب عليا عليه السلام فعليه لعنة الله ونحن براء من آل مروان وما يعبدون من دون الله، ثم بخفض صوته فيقول: من سب أولياء الله فلا تقاعدوه ومن شك فيما نحن عليه فلا تفاتحوه(2) ومن احتاج إلى مسألتكم من إخوانكم فقد خنتموه(3)، ثم يقرأ: " إنا أعتدنا للظالمين ناراأحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساء‌ت مرتفقا(4).

___________________________________
(1) يحيى بن أم الطويل المطعمى من أصحاب على بن الحسين عليهما السلام وقال الفضل بن شاذان لم يكن في زمن على بن الحسين عليهما السلام في أول أمره إلا خمسة أنفس وذكر من جملتهم يحيى بن أم الطويل.
وروى عن الصادق عليه السلام أنه قال: ارتد الناس بعد الحسين عليه السلام إلا ثلاثة: أبوخالد الكابلى ويحيى بن ام الطويل وجبير بن مطعم، ثم إن الناس لحقو وكثروا وفى رواية اخرى مثله وزاد فيها، جابر بن عبدالله الانصارى.
وروى عن أبى جعفر عليه السلام أن الحجاج طلبه وقال: تلعن أبا تراب وأمر بقطع يديه ورجليه وقتله، و أقول: كان هؤلاء الاجلاء من خواص أصحاب الائمة عليهم السلام كانو مأذونين من قبل الائمة عليهم السلام بترك التقية لمصلحة خاصة خفية.
أوانهم كانوا يعلمون أنه لاينفعهم التقية وأنهم يقتلون على كل حال باخبار المعصوم او غيره والتقية إنما تجب إذا نفعت مع أنه يظهر من بعض الاخبار أن التقية انما تجب ابقاء للدين وأهله فاذا بلغت الضلالة حدا توجب اضمحلال الدين بالكلية فلا تقية حينئذ وان أوجب القتل كما أن الحسين عليه السلام لما رأى انطماس آثار الحق رأسا ترك التقية والمسالمة (آت) والكناسة بالضم موضع بالكوفة.
(2) في النهاية الفتح: الحكم ومنه حديث ابن عباس: ما كنت أدرى ماقوله عزوجل: " ربنا افتح بيننا وبين قومنا " حتى سمعت بنت ذى يزن تقول لزوجها: تعال افاتحك أى أحاكمك ومنه الحديث " لا تفاتحوا أهل القدر " أى لاتحاكموهم وقيل: لا تبدؤوهم بالمجادلة والمناظرة.
(3) " فقد خنتموه " الغرض الحث على الاعطاء قبل سؤالهم حتى لا يحتاجوا إلى المسألة، فان العطية بعد السؤال جزاؤه
(4) التوبة: 18.والسرادق كلما أحاط الشئ من حائط أو مضرب أو خباء.وقوله: " كالمهل " أى كالجسد المذاب. و"مرتفقا " أى متكاء.أصل الارتفاق نصب المرفق تحت الخدو هو لمقابلة قوله: " وحسنت مرتفقا " والا فلا ارتفاق لاهل النار.(آت). [*]