باب اتباع الهوى

1 محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن أبي محمد الوابشي قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: احذروا أهواء كم كما تحذرون أعداء كم فليس شئ أعدى للرجال من اتباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم(1).
2 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبدالله بن القاسم، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لايؤثر عبد هواه على هواي إلاشتت عليه أمره(2) ولبست عليه دنياه وشغلت قلبه بها ولم اؤته منهاالا ما قدرت له، وعزتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لايؤثر عبد هواي على هواه إلا استحفظته ملائكتي وكفلت السماوات والارضين(3) رزقه و كنت له من وراء تجارة كل تاجر وأتته الدنيا وهي راغمة(4).
3 الحسين بن محمد عن معلى بن محمد، عن الوشاء عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة، عن يحيى بن عقيل قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنما أخاف عليكم اثنتين

___________________________________
(1) حصد الزرع: قطعه: حصائد ألسنتهم مايقطعونه من الكلام الذى لاخير فيه (في).
(2) تشتت أمره اما كناية عن تحيره في أمردينه، فان الذين يتبعون الاهواء الباطلة في سبل الضلالة يتهيون وفى طرق الغواية يهيمون أو كناية عن عدم انتظام امور دنياهم فان من اتبع الشهوات لا ينظر في العواقب فيختل عليه امور معاشه ويسلب الله البركة عما في يده او الاعم منهما وعلى الثانى الفقرة الثانية تأكيد وعلى الثالث تخصيص بعد التعميم وقوله: " لبست عليه دنياه " اى خلطتها أو اشكلتها وضيقت عليه المخرج منها.
وقوله: " شغلت قلبه بها " أى هو دائما في ذكرها وفكرها غافلا عن الاخرة وتحصيلها ولا يصل من الدنيا غاية مناة فيخسر الدنيا والاخرة وذلك هوالخسران المبين (آت).
(3) في بعض النسخ [والارض].
(4) أى أتته على كره منه أو أتته وهى ذليلة عنده.
من رغم أنفه من باب قتل وعلم إذا ذل كانه لصق بالرغام وهو بالفتح: التراب (لح).
[*]

[336]


اتباع الهوى وطول الامل أما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق وأما طول الامل فينسي الآخرة.
4 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبدالرحمن الاصم، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبوالحسن عليه السلام: اتق المرتقى السهل إذا كان منحدره وعرا(1).
قال: وكان أبوعبدالله عليه السلام يقول: لاتدع النفس وهواها فإن هواها [في] رداها(2) وترك النفس وما تهوى أذاها وكف النفس عما تهوى دواها.

_____________________________
(1) " اتق المرتقى " المرقى والمرتقى والمرقاة موضع الرقى والصعود من رقيت السلم والسطح والجبل: علوته. والمنحدر.: الموضع الذى ينحدر منه اى ينزل من الانحدار وهو النزول. والوعر ضد السهل ولعل المراد به النهى عن طلب الجاه والرئاسة وسائر شهوات الدنيا ومرتفعاتها فانها وإن كانت مواتية على اليسر والخفض إلا أن عاقبتها عاقبة سوء والتخلص من غوائلها وتبعاتها في غاية الصعوبة والحاصل أن متابعة النفس في أهوائها والترقى من بعضها إلى بعض وإن كانت كل واحدة منها في نظره حقيرة وتحصل له بسهولة لكن عند الموت يصعب عليه ترك جميعها والمحاسبة عليها، فهو كمن صعد جبلا بحيل شتى فاذا انتهى إلى ذروته يتحير في تدبير النزول عنها وأيضا تلك المنازل الدنية تحصل له في الدنيا بالتدريج وعند الموت لابد من تركها دفعة ولذا تشق عليه سكرات الموت بقطع تلك العلايق فهو كمن صعد سلما درجة درجة ثم سقط في آخر درجة منه دفعة، فكلما كانت الدرجات في الصعود أكثر كان السقوط منها أشد ضررا وأعظم خطرا فلابد للعاقل أن يتفكر عند الصعود على درجات الدنيا في شدة النزول عنها فلا يرقى كثيرا ويكتفى بقدر الضرورة والحاجة فهذا التشبيه البليغ على كل من الوجهين من أبلغ الاستعارات وأحسن التشبيهات (آت).
(2) أى هلاكها في الاخرة بالهلاك المعنوى. في القاموس ردى في البئر: سقط، كتردى وأرداه غيره وراده وردى كرضى ردى: هلك.